Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الاثنين، 17 مارس 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات الأثنين 17-03-2008


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
العراق بعد عشر سنوات
جيمس ليونز
واشنطن تايمز
نعم لقد نجحت وبكل المقاييس استراتيجية زيادة القوات الأمريكية في العراق المعروفة باسم التجييش. لكن هذا لا يعني أنه بإمكاننا التراخي الآن. وبينما نجحنا في تحقيق إنجاز مهم، إلا أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود. فما زالت إيران تزود مختلف الميليشيات بالمعدات والأسلحة والقنابل والتدريب. وبينما انخفضت عمليات القاعدة بشكل كبير ، إلا أنها ما زالت تستطيع إثارة المزيد من المشاكل في مختلف أنحاء العراق.
ليس المهم الآن من الذي سيفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل، فالمهم معالجة قضية محورية مهمة وهي العراق. لا ينبغي أن نتحدث عن كيفية دخولنا إلى العراق، فالأهم الآن هو الحديث عن كيفية الخروج من هناك ومتى. أما السيناريو الأسوأ فهو القيام بانسحاب متعجل، كما فعلنا في الماضي. وهنا أعتقد أننا بحاجة إلى أخذ بعض العبر من حالتي فيتنام ولبنان.
قال الجنرال الراحل فو نجوين جياب الذي كان قائدا لجيش فيتنام الشمالية في مذكراته، «إن ما لا نستطيع أن نفهمه هو السبب الذي جعلكم أيها الأمريكيين تتوقفون عن قصف هانوي. لقد كنا على وشك الانهيار. إذا واصلتم الضغط بمزيد من القوة ليوم واحد أو يومين فقط، كنا على استعداد للاستسلام. ونفس الشيء حدث في معارك التيبت. لقد هزمتمونا. نحن نعرف ذلك، وكنا نعتقد أنكم تعرفون ذلك.
لكننا فرحنا عندما لاحظنا أن وسائل إعلامكم كانت تساعدنا، لأنها كانت تتسبب في حدوث الكثير من المشاكل في أمريكا أكثر مما كان يحدث في ميادين المعركة. لقد كنا على استعداد للاستسلام. أنتم انتصرتم«.
وفي لبنان، وبعد أن فشلنا في الرد على القصف الذي تعرضت له ثكنات قوات مشاة البحرية الأمريكية الذي أودى بحياة 241 من أفضل رجالنا، وبعد أن قررنا سحبنا قواتنا، كانت النتيجة تشجيع الإرهابيين. لقد كان عدم القيام بأي رد فعل قوي ثم سحب قوات مشاة البحرية الأمريكية بمثابة العنصر الحاسم في تشجيع أسامة بن لادن الذي قال عندما تكبدنا خسائر فادحة، «إنكم ستحزمون أمتعتكم وستنسحبون». وبينما نعرف نحن الأمريكيين أن هذا ليس هو الحال، إلا أن هذا هو المفهوم السائد عن الولايات المتحدة لدى الكثير من الأطراف.
أما بالنسبة للعراق، فلا ينبغي علينا أن نقتنص الهزيمة من بين فكي الانتصار. وينبغي علينا أن نتذكر أننا عندما نجحنا في هزيمة صدام حسين، فإننا أوقفنا أهداف إيران التوسعية في المنطقة. لقد ورثت الولايات المتحدة هذا الدور الآن، وستظل كذلك إلى أن يستطيع الجيش العراقي تولي هذه المسؤولية. بيد أن هذا الوضع سوف يستغرق عدة سنوات.
علاوة على ذلك، فلكي نحافظ على مستوى مقبول من الاستقرار الإقليمي، وفي نفس الوقت رفع مستوى الردع ضد إيران، ينبغي علينا أن نبقي على قواتنا في العراق وفي المنطقة. إن مستوى القوات والتزاماتها في العراق وتمركزها في المنطقة في المستقبل سوف تحدده الأحداث على الأرض. مما لا شك فيه أنه سوف يكون المطلوب من قواتنا البحرية ومن حلفائنا أن يضمنوا الوصول الحر وغير المقيد إلى البحار، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون ذلك عاملا مرئيا في معادلة الردع.
وبغض النظر عن نجاح عملية التجييش في العراق، ينبغي الإقرار بأن أحد العوامل المهمة في هذه الاستراتيجية هو الدعم المالي لزعماء القبائل في بغداد وفي مناطق أخرى. فكما علمنا في الأيام الأولى من الحرب ضد مقاتلي طالبان في أفغانستان، ينبغي علينا أن نواصل دعم زعماء القبائل خلال عملية سحب القوات وبعدها، وإلا فيمكن أن تحدث الفوضى مرة أخرى. كما ينبغي معالجة شواغل القبائل المحلية، لأن بعضها يعود لمئات السنين ولا يمكن حلها بمجرد دفع المزيد من الأموال.
أما على المدى الطويل، فنحن بحاجة إلى النظر في التوصل إلى ترتيب أمني للمنطقة يتضمن تشكيل تحالف من الدول الإقليمية يشبه الحلف المركزي المعروفة اختصارا باسم »سنتو«. لقد تم تشكيل حلف سنتو في عام ،1955 وكان يعرف أساسا باسم معاهدة حلف بغداد وكان الهدف منها منع التوسع السوفيتي في المنطقة.
الأعضاء المؤسسون للحلف المركزي «سنتو» هم تركيا وإيران والعراق وباكستان والمملكة المتحدة. وقد انسحبت العراق من الحلف بعد أن تمت الإطاحة بالملكية المعادية للاتحاد السوفييتي في العراق في عام .1958 ثم انتسبت الولايات المتحدة إلى الحلف. وبعد أن تمت الإطاحة بشاه إيران، انسحبت إيران من الحلف في عام ،1979 ثم انتهى وجود الحلف لاحقا.
إن أهداف أي تحالف جديد ينبغي أن تتمثل في تعزيز الاستقرار الإقليمي، والإبقاء على خطوط الاتصال البحرية مفتوحة، ودعم التنمية الاقتصادية، ودعم مبادئ الحرية والديمقراطية بالإضافة إلى احترام سيادة الدول الأعضاء.
ينبغي على الولايات المتحدة أن تأخذ الريادة في دعم هذا التحالف الذي ينبغي أن يكون مفتوحا لكافة الدول الإقليمية وحلفاء الولايات المتحدة. ويمكن تشكيل مجموعة صغيرة للتخطيط وإلحاقها بمقر الإسطول الأمريكي الخامس في البحرين.
كاتب المقال: جيمس ليونز أدميرال بحري أمريكي متقاعد، وكان قائدا لأسطول الباسيفيك الأمريكي، وكان كبير المندوبين العسكريين الأمريكيين لدى الأمم المتحدة، وكان نائبا لقائد العمليات البحرية حيث كان كبير المستشارين فيما يتعلق بكافة مسائل الأركان المشتركة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
عسكريون أمريكيون: القاعدة قادرة على التكيف والتأقلم وستبقى بالعراق
CNN
أجمع مسؤولون أمريكيون على أنه رغم تشرذم وإضعاف ودحر القاعدة في العراق، إلا أن التنظيم أبعد ما يكون عن اُجتثاثه من جذوره، وأنه مازال نشطاً وفتاكاً وأنه هناك ليبقى.
وقالت مصادر عسكرية وحكومية أمريكية للأسوشيتد برس إن الإستراتيجية العسكرية المنقحة التي ورثها قائد القوات الأمريكية في العراق، الجنرال ديفيد بتريوس، عند توليه المنصب منذ 13 شهراً، نجحت في تحقيق أهدافها الأساسية وهي تقليص قدرات التنظيم في إلهاب العنف الطائفي، الذي بلغ حداً دموياً في السابق.
إلا أن التنظيم أثبت قدراته على البقاء والاستمرار رغم ضغوط العمليات العسكرية الأمريكية الشديدة، وفق المصدر.
وقال قائد الكتيبة الأولى بفرقة المشاة الثالثة، الجنرال جون شارلتون: "يجب عدم الاستهانة بهم (عناصر القاعدة).. هذا ما خبرته على مر الوقت."
وأضاف شارلتون، الذي شاركت وحدته العسكرية في المعارك ضد التنظيم على مدى 14 شهراً في محافظة الأنبار: "تدهشني دائماً قدراتهم على التكيف وقابليتهم على التأقلم، يجيدون ذلك رغم أنهم فقدوا دعم السكان المحليين."
ومن جانبه شدد الجنرال ري أدرينوا، ثاني أعلى مسؤول عسكري أمريكي في العراق بعد انتهاء مهامه هناك في الرابع من مارس/آذار الجاري، على عزم المسؤولين الأمريكيين والعراقيين لاجتثاث التنظيم، إلا أنه أضاف منوهاً: "للأسف هذا التنظيم الإرهابي، سيبقى على مستوى ما هناك."
ومع استعداد التعزيزات العسكرية الإضافية الأمريكية للعودة، سيراقب بتريوس والإدارة الأمريكية عن كثب قدرات قوات الأمن العراقية على مواصلة الضغط على القاعدة.
وتقدر الاستخبارات الأمريكية أن قوى القاعدة، التي وفدت للعراق مع الغزو الأمريكي عام 2003، تراجعت من 10 آلاف عنصر، جراء الضربات المتتالية التي تلقاها التنظيم في معاقله الرئيسية في المناطق السنية، إلى أكثر من ستة آلاف عنصر، وفق المصدر.
ورغم عدم سيطرة التنظيم على مدن محددة، إلا أن ثمة جيوباً نشطة له في وسط وشمالي العراق.
وقال مصدران عسكريان، آثرا عدم الكشف عن هويتهما، إن معظم قيادات التنظيم، بجانب زعيمه أبو أيوب المصري، من الجنسيات العربية: السعودية وتونس واليمن وسوريا والمغرب وليبيا.
إلى ذلك، صرح قائد القوات الأمريكية في محافظ الأنبار، العميد جون كيلي، خلال موجز عبر الدوائر التلفزيونية مع البنتاغون بأن التنظيم يملك التمويل الكافي للتنقل من المناطق التي يتعرض فيها لضغوط عسكرية.
وأستطرد قائلاً: "نعتقد أنهم سيعودون إلى المنطقة التي يعرفونها أفضل من سواها"، في إشارة إلى محافظ الأنبار.
ومن جانبه قال برايان فيشمان، خبير القاعدة في "مركز مكافحة الإرهاب" بالأكاديمية العسكرية الأمريكية، إنه رغم افتقاد التنظيم لـ"تركيزه الإستراتيجي" عقب مقتل زعيمه أبو مصعب الزرقاوي، إلا أن القاعدة مازالت تشكل تهديداً.
وكان الزرقاوي قد لقي مصرعه خلال عملية عسكرية أمريكية في يونيو/حزيران عام 2006.
وأضاف فيشمان أن الوقت مازال مبكراً لإعلان انتهاء القاعدة هناك.
وجاء في تقرير رفع إلى الكونغرس الأسبوع الفائت أن عناصر القاعدة مازالت "فتاكة للغاية" في شمالي العاصمة بغداد ومحافظة نينوى، ورغم أنها أقل فعالية عن السابق إلا أنها تمتلك القدرات لشن ضربات في أنحاء العراق.
وعلى خط مواز، شكك تقرير أصدرته الأمم المتحدة السبت بسلامة الوضع الأمني في العراق، مشيراً إلى أن التراجع الحالي في معدلات العنف وأعداد القتلى يعود إلى التعزيزات العسكرية التي دفعت بها الولايات المتحدة مؤخراً الأمر الذي يقود - بحسب التقرير - إلى التساؤل حول طبيعة التطورات التي ستحصل على الأرض بعد انسحاب تلك التعزيزات.
ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى أن تراجع العنف في بغداد رافقه تزايد في الهجمات خارج العاصمة، وخاصة في محافظة ديالى ومنطقة الموصل، التي تعتبر آخر معاقل تنظيم القاعدة خارج الأرياف في العراق
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
فرقة عسكرية "إسرائيلية" والغزو الأمريكي للعراق
محمد خليفة
الخليج الامارات
في العراق تموت الأشياء ويراق الوجدان في طغيان الألم، وموت الأشجار وهي واقفة، والعصافير التي تبحث عن الأمان بين الدخان تترصدها أحزمة ناسفة، وسيارات مفخخة، وقذائف من أطراف مجهولة موصدة بوحشية الليل، وأصوات الرصاص في عشوائية الموت، بسبب هذه الحرب التي أرادت “إسرائيل” من خلالها أن تقتل الوطن وإنسانه وأشجاره في مشهد عبثي.
فقد نشرت صحيفة “يو أس إيه توداي” الأمريكية في تقرير لها بتاريخ 3/11/2002 بأن “إسرائيل” كانت تساعد الولايات المتحدة الأمريكية في التحضير للحرب ضد العراق عن طريق توفير التدريب للجنود وقوات المارينز على حرب المدن، وأن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” آنذاك شارون طالب بوضع استراتيجية عسكرية جديدة عام 2001 بالتعاون مع خبراء البنتاغون للحرب على العراق، وأنه ناشد الرئيس الأمريكي عدم تأجيل أمريكا عملها العسكري، وأن أي تأخير سوف يزيد من المخاطر ومن إمكانية تزوّد العراق بالأسلحة النووية.
ويؤكد ذلك ما نشرته صحيفة معاريف “الإسرائيلية” في عددها يوم 25/2/2008 عن مقتل جندي “إسرائيلي” في العاصمة العراقية بغداد بعد أن استهدف لغم أرضي السيارة الجيب التي وجد بداخلها، وذكرت الصحيفة أن الجندي عامي حاي بيتون تطوّع للخدمة في صفوف الجيش الأمريكي هناك.
في البداية لا بدّ من القول، إن حكاية أن هذا الجندي تطوّع في الجيش الأمريكي هي حكاية عمياء غشوم، لأن “لإسرائيل” فرقة عسكرية مؤلفة من نحو ثلاثة آلاف جندي تقاتل إلى جانب جيش الاحتلال الأمريكي.
وطبعاً يبقى وجود هذه الفرقة الصهيونية في العراق من الأسرار التي لا يباح بها خوفاً من ردّة فعل المستوى الرسمي العراقي المتعامل مع الاحتلال والذي قد يجرحه هذا الأمر كثيراً.
كما أن انكشاف أمر وجود هذه الفرقة الصهيونية، يشكّل إحراجاً أيضاً للدول العربية والإسلامية الحليفة للولايات المتحدة، ولذلك تحرص إدارة الاحتلال الأمريكي في العراق على التعمية على وجود هذه الفرقة “الإسرائيلية”، ويتم التعامل معها، ميدانياً، على أساس أنها جزء من الجيش الأمريكي وليس جزءاً من جيش دولة أخرى.
ولا يحمل أفراد هذه الفرقة شارات تميزهم عن أفراد الجيش الأمريكي باستثناء أنهم وشموا نجمة داؤد على زنودهم لكي يُعرفوا إذا قتلوا. لكنهم يسترون هذا الوشم الذي لا يمكن أن يُرى إلاّ في حالات استراحة هؤلاء الجنود. ويقوم هؤلاء الصهاينة بدور تخريبي على أعلى مستوى في العراق، فهم يشكلون فرق الموت المتنقلة، ويتخصصون بدرجة أولى في ملاحقة وقتل العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات والمثقفين العراقيين من أجل تصفية العراق من العقول.
كما يعملون على إشعال الفتنة الطائفية بين السُنّة والشيعة من خلال التفجيرات التي تحدث في مناطق السُنّة والشيعة على السواء.
وقد يقول قائل، أليس من المجحف تحميل هؤلاء الصهاينة وزر كل الإجرام الذي يحدث في العراق؟ ونقول، إن تدمير العراق كان قبل كل شيء مصلحة “إسرائيلية”، فقد ظل الصهاينة سنوات طويلة يحرّضون حكام الولايات المتحدة المتعاقبين على العدوان على العراق من منطلق أنه يشكّل خطراً على أمن ووجود “إسرائيل”. وعندما قامت الولايات المتحدة بالعدوان على العراق عام 2003 ودمّرت الدولة العراقية واجتاحت العراق، كانت سعادة الصهاينة لا توصف بعد أن تحقق حلمهم. وقد شارك هؤلاء بكل ما يملكون لنصرة ومساعدة الغزاة، ولأنهم لا يريدون للعراق أن يبقى بلداً واحداً، ولا أن يبقى فيه أحد، فإنهم أرسلوا أثناء الغزو وبعده، عناصر على مستوى عالٍ من الإجرام المنظم للقيام بهذه المهمة.
وقد عاثت هذه العناصر فساداً كبيراً في ربوع العراق، فقتلت الكثير من النخب المثقفة، والكثير من المواطنين الأبرياء بالسيارات المفخخة في الأسواق المزدحمة في أحياء السُنّة والشيعة، وفي مدن وقرى السُنّة والشيعة، وهم ما زالوا يمارسون الإجرام والقتل. وتدّعي حكومة العراق، أنها تبسط سيطرتها على مناطق العراق من خلال الشرطة العراقية والجيش الوطني العراقي. ولكنها في حقيقة الأمر، ربما لا تعلم سوى القليل عما يدور في العراق وعما تفعله الجيوش الغازية من قتل وإرهاب بحق العراقيين، ومن سرقة لثروات العراق ولحاضره ومستقبله. ولا شك في أن إيمان العراقيين بأن بلدهم محتل هو الذي يدفعهم نحو الاستمرار في المقاومة رغم كل محاولات الأمريكيين وحلفائهم لمنعهم من ذلك عن طريق الإرهاب والقتل والملاحقة والسجن والتجويع والتهجير. فهذا الشعب الذي أنتج أعظم العقول المفكرة في التاريخ العربي وخرج من أبنائه الفلاسفة والأدباء، قادر، بإذن الله، أن يحرر وطنه بشكل ناجز وأكيد. medkhalifa@maktoob.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
هؤلاء الحمقى النوكى
جمعة اللامي
الخليج الامارات
“قيل لعامر بن قيس، ما تقول في الانسان؟ قال: ما أقول فيمن إن جاع ضرع؛ وإن شبع طغى”(إبراهيم بن محمد البيهقي)
عامر بن قيس، أيها العرب الكرام، أحد حكماء العرب الكرام. فالعرب - مثل غيرهم من الأمم - فيهم الحكيم والجاهل، الكريم والبخيل. وهذي هي الأيام حاضرة، ولا نحتاج الى عدسات مكبرة لمعرفة عامر بن قيس من الرويبصة.وسمعنا رويبضة في بغداد هذه الأيام، تنكره بغداد وأهلها، يتزيّا بزي اهل العلم من بني العباس، وابن عباس منه براء، وأهل بيت الرسالة براء منه، لأنه وضع الأجنبي الغازي بمثابة ربه الذهبي الأعلى الذي يعبد.لا أب لكم، يا كسور الاعشار.وكان مثل هذا العتل الزنيم في بغداد، زمن الخليفة المطيع لله، حين كان جند الروم، واليوم يحيط بنا الروم كما يحيط السوار بالمعصم، يعيثون في بلاد العرب والمسلمين فساداً، كما سجل ذلك المستشرق الألماني: “آدم متز” في كتابه الذي سماه “الحضارة الإسلامية”، حيث استند الى مصادر عربية أصيلة، من بينها “ابن الأثير” و”أبو المحاسن بن تغري” وغيرهما.جاء في كتاب متز “ولما اغار الروم في سنة 362 ه/ 972 ميلادي على الرها ونواحيها، وساروا في ديار الجزيرة حتى بلغوا نصيبين، دخلوا ديار بكر، فغنموا، واستباحوا وقتلوا، وسبوا، وخربوا البلاد، قصد أهل بغداد من نجا من أهل تلك البلاد مستنفرين، واجتمع معهم أهل بغداد في الجوامع، وأصابهم جميعاً غضب اليائسين، فكسروا المنابر، ومنعوا الخطب، وقصدوا دار الخلافة، وخاطبوا الخليفة بالتعنيف، فرماهم الغلمان من الرواشن”.كتاب متز موجود اليوم في “جامعة ليدن” الهولندية، وقد تحدث اليّ أديب عراقي مقيم هناك بألم، لأن أحداً منا لا يريد إلافادة من خزانة جامعة ليدن، لا سيما من أرشيفها حول الخليج العربي في تلك الأيام من القرصنة الأوروبية في مياهنا.أقول: كان هذا في القرن الرابع الهجري، الذي ينبيك ان الخليفة العباسي تلكأ في جمع المال اللازم لرد الغزاة، وأن أجناد بغداد الذين كان جلهم من غير العرب، تحزبوا ما بين سنة وشيعة، فخلا الجو للروم، لأنهم تقاتلوا على أساس الطائفة والمذهب، كما يحدث في بغداد اليوم على مسمع ومرأى من المحتل الامريكي، وكذلك من ذلك الطامع التاريخي على حدود العراق الشرقية.في تلك الأيام ولد شاعر عربي في غربي العراق، في مدينة “عنه” العراقية تحديدا، ليجعل من المحبة والأخوة طريقاً الى الجهاد، وهو الذي سيكون بعد حين علامة كبرى في طريق من يريدون طرد النوكى والحمقى الذين حكموا بغداد حيناً من الدهر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
مشاريع محافظ البصرة الخرافية
داود البصري
السياسة الكويت
اذا كان للدجل من صورة او عنوان فهو انما يتجسد في ممارسات وتصريحات وحركات وسلوكيات محافظ البصرة المنتمي لحزب الفضيلة الديني الطائفي والوكيل الاقدم لامن النظام العراقي السابق واحد ( هوامير ) الفساد والافساد في اهم محافظة في العراق قاطبة , فهذا المحافظ المحاصر في نزاع طويل وعريض مع مجلس المحافظة المكون اصلا وايضا من مجموعة من المتخلفين من اتباع الاحزاب الطائفية المتخلفة والذين طالبوا في وقت سابق بخلعه من منصبه , ولقصة صراعه مع مجلس المحافظة حكاية يجب ان تروى لطرافتها ولكمية الخبث والخديعة التي تتضمنها فصولها السريعة , واليكم الحكاية
وعود المحافظ الخرافية للمتواطئين ?
بعد اندلاع الازمة العنيفة بين المحافظ ومجلس المحافظة الذي اصر على خلع المحافظ تحرك محمد مصبح الوائلي بذكاء ليتملص من مطاردة مجلس المحافظة وكان الطريق الى ذلك شراء الذمم وبذل الوعود والعطايا والمكرمات واستطاع فعلا عبر التفاهم مع عضوي مجلس المحافظة وهم كل من حامد الظالمي وسيد غالي وكلاهما من جماعة الوفاق اي من اتباع الرفيق المناضل اياد علاوي باقناعهم بالتقدم للمحكمة بادعاء مفاده انهم بصفتهم اعضاء في مجلس المحافظة قد فوجئوا بهجوم المجلس على المحافظ وانهم قد اجبروا على توقيع عريضة ومضبطة عزل المحافظ من دون ارادة منهم ولا رغبة وان المحافظ هو في النهاية ( خير من ركب المطايا , واندى العالمين بطون راح ) , وفعلا فقد رفضت المحكمة قرار مجلس المحافظة بعزل المحافظ, وكان الثمن الواجب دفعه من المحافظ للعضوين السابق ذكرهما هوضرورة دفع ( مكرمة ) قدرها ربع مليون دولار لكل منهم مع سفرة مريحة لجمهورية مصر العربية تبريدا للخواطر, ولكن ذلك لم يحصل ولم يعط المحافظ شيئا ولم يحقق اي وعد مطلقا, بل انه رفض حتى الرد على هواتف الموما اليهم, وكانت ( حفلة لطيفة للغاية على الخازوق ) وفرها المحافظ لمن ثبته في منصبه, والطريف ان هذا المحافظ نفسه وفي مؤتمر تنمية البصرة الذي انطلق قبل ايام في دولة الكويت قد عاد ورسم خارطة وردية عملاقة محملة بوعود خرافية لتغيير الحياة في البصرة وجلب الاستثمارات وبناء البنية التحتية المهدمة منذ قرون ومنذ ثورة الزنج تحديدا قبل اكثر من 1300 عام, كما وعد بازالة اثار ( معركة الجمل ) قبل 1500 عام, وتنشيط الدورة الاقتصادية والتخلص من الفقر المدقع ومحاربة التخلف الكارثي, وبناء المدن الرياضية رغم ان المشاية واهل ( مارثون اللطم الشامل ) لا يرغبون بتلك المدينة الرياضية ويفضلون الرياضة الطبيعية وهي الهرولة الحرة لمئات الكيلومترات ففيها الاجر والثواب!! وهي اكثر اجرا من الطواف حول بيت الله العتيق كما افتى مفتي جمهورية الحكيم الاسلامية الاغا صدر الدين القبانجي ( قدس سره ) , لذلك فلا معنى لبناء تلك المدينة الرياضية التي سيفتي البعض بحرمتها لا محالة? اما بناء المدن الساحلية والمجمعات التسويقية الكبرى والمدن الترفيهية فهي من النكات السوداء المرتسمة على خارطة البصرة النفطية, وهي وعود لن تتحقق لانه ببساطة لا توجد لا القيادات ولا الارادات ولا العقلية القادرة على تنفيذ تلك الوعود , فالصراعات الطائفية الساخنة بين اطراف الطائفة الواحدة لم تخمد بعد ? والفقر المدقع عبر بطاقة صدام التموينية لم يزل هو سيد الموقف , وهيمنة البرابرة من اتباع العشائر البربرية المتخلفة لم تزل هي الطاغية واي حديث عن تنمية حقيقية في ظل هيمنة الاحزاب الدينية والطائفية هونصب مطلق وضحك على الذقون وهلوسة مشعوذ , والطريف انه لوكانت هناك ذرة من المصداقية والصدق في وعود المحافظ اوكان يصدق حرف مما قاله لتم تنظيم مؤتمر التنمية وجلب المستثمرين في البصرة ذاتها وليس في الدول المجاورة, فهل كان المحافظ وحزبه اوبقية الاحزاب في الاخوة الاعداء قادرين على ضبط الامن وحماية المستثمرين من القتل والخطف والنهب والتسليب ? مشاريع المحافظ الخرافية تظل حبرا على الورق وكلاما في الهواء مشابها تماما للوعود والعهود التي اعطاها لمؤيديه الذين ذكرناهم ثم تركهم ( ياضنايا ) يندبون حظهم العاثر ويلعنون سنسفيل الساعة التي صدقوا فيها وعود المحافظ المعسولة والمغرية , والجميع يعلم ان الاحزاب الطائفية والدينية احزاب فاشية في الاصل فكيف اذا خضعت لهيمنة الاميين والبرابرة والمتخلفين الطائفيين لا تنمية حقيقية من دون رجال ارادة حقيقيين ومخلصون, واولئك عملة نادرة لم تكتشفهم العملية السياسية الطائفية في العراق بعد, اما تحويل البصرة لهونغ كونغ الخليج العربي فهو امر لن يحدث قبل ظهور المهدي, والهي احفظ لنا الوائلي وحزبه حتى ظهور المهدي
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
خيبة برلمانية عربية
وليد الزبيدي
الوطن عمان
توقعت ان يخرج مؤتمر اتحاد البرلمانيين العرب بموقف او مفأجاة، وهو الذي ينعقد في اطراف العراق، في مرحلة تتسم بالكثير من الترقب، واقصد تحديدا الواقع العراقي.
كما توقع الكثيرون ان هذا الاجماع، لا بد ان يزيح شيئا من الغبار المتكدس امام الانظار في المشهد العراقي، والذي تشكل على هذه الصورة، بسبب موقف الدول العربية من الذي جرى للعراق، واقصد غزو هذا البلد العربي المسلم من قبل القوات الاميركية والبريطانية واليابانية والاسترالية والدنماركية والكورية والبولندية والايطالية وغيرها من الدول، وبينما تكثف جيوش هذه الدول المحتلة من حضورها على ارض العراق، ويزيدون من جرائمهم الوحشية ضد ابنائه، يقف العرب متفرجين على ما يجري من تدمير وتخريب واهانة واذلال للعراقيين على ايدي قوات الغزو والاحتلال الدولية، وتقف في مقدمتها قوات الاحتلال الاميركي.
اما توقع البعض ببروز موقف ما، فيأتي من النتائج الكارثية، التي جاء بها الاحتلال الى الشعب العراقي، وما يجري يوميا من مآس تتجول بين العراقيين.
كما ان الجميع يعلمون الان، ان المسوغات التي اعتمدتها الادارة الاميركية في غزو العراق واحتلاله، اتضح كذبها، واعترف بها الاميركيون قبل غيرهم، اقصد كذبة امتلاك العراق اسلحة الدمار الشامل، التي زعموا انها تهدد الامن العالمي، وعندما بسطوا سيطرتهم على العراق، اعترفوا بانهم لم يعثروا على الاسلحة المزعومة.
لكن احدا من العرب والمسلمين، لم يخرج من موقفه المؤيد للاحتلال الاميركي للعراق علنا او ضمنا، ويقول للادارة الاميركية، ما الذي يبقيكم في بلد تبين ان مسوغات غزوه واحتلاله لم تكن صحيحة.
كما ان العراق، بدأ يتدهور منذ اسابيع الاحتلال الاولى، حياة الناس في خطر يومي، وتصاعدت وتيرة الاحداث، لتجري انهار من الدماء في هذا البلد.
لقد تشعبت زوايا الدمار والفوضى والقتل والتهجير والتمزق، وضربت في كل مكان، وتفاصيل الفاجعة امام الجميع.
الا ان احدا، لم يقف بوجه الغزاة والمخربين لهذا البلد، ويطلب منهم الخروج منه، واخيرا يختتمون الموقف العربي من خلال اجتماع البرلمانيين في مدينة اربيل، لاعطاء زخم ودفع للعملية السياسية التي صنعها الاميركيون في العراق، بعد ان تآكلت هذه العملية واوشكت على لفظ انفاسها الاخيرة، وهي التي زرعوها على اسس تخريب وتمزيق العراق.
جلس البرلمانيون العرب، ليؤكدوا بقوة دعمهم للمصطلحات السياسية، التي تهدف الى تقسيم العراق، ولدعم الاحزاب والاطراف السياسية، التي سارت في دروب تخريب وتمزيق هذا البلد.
وجاؤوا لدعم الاحتلال الذي يعيش اصعب واسوأ ايامه، حيث يزداد ضغط المقاومة العراقية على قواته وتكبيده المزيد من الخسائر.
Wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
الولايات المتحدة.. والقمة
افتتاحية
الثورة السورية
خمسة أعوام على غزو العراق, هل تخشى أميركا أن يطالبها العرب بالاعتذار?! الاعتذار فقط عن أكبر مأساة, وأكبر جريمة, وأكبر كارثة عرفها العالم, كما ردد كثيرون من ساسة وقادة في وصفها... وإذا كانت جرائم الولايات المتحدة في حق الشعوب قد تعددت فإن جريمتها في العراق كانت الأفضح.
في العراق كانت الجريمة مباشرة.. بلا غطاء.. بلا تردد.. بلا دقة حساب لما يعنيه تدمير بلد, هو أحد معاقل الحضارة والتاريخ, وذبح شعب يصبو للتقدم والنمو.. ملايين المشردين والقتلى, وطوفان الدم لايتوقف.. استباحوا العراق حتى أصبح مادة دعائية انتخابية, وجد فيه المرشح الجمهوري (ماكين) مربعاً ليقول شعاراته ويطرح حساباته.‏
هل تنوي أميركا أن تعتذر?!‏
ليس الآن.. فمشروع الاستباحة للوطن العربي وشعبه لما تنته بعد!! لم يعد الأميركي يرى عند العرب مايحرجه استباحته, حتى مؤسسة القمة العربية.‏
الولايات المتحدة الأميركية, ليست من دول القمة.. ولاهي مدعوة إليها.. ولم تُستأذن بعقدها إن في دمشق أو غيرها.. ولم تطلب موافقتها على مايطرح في داخلها.. فمن أين تستمد دعوتها لمقاطعة قمة دمشق..?!.‏
هذه واحدة من القمم التي تأتي في الزمن الصعب, لبذل الجهد المستحيل, من أجل التضامن العربي, والعمل المشترك.‏
ودعوة الولايات المتحدة غير المعنية بالتأكيد بكل مجريات قمة دمشق لمقاطعتها ..تكشف بوضوح موقفها من التضامن ومن العمل العربي المشترك..وهي تريد من العرب أن يكونوا أدوات لهذه السياسة..هي ودون استئذان تستبيح كرامات الدول العربية,إذ تحاول أن تجعل منها أدوات علنية لسياستها, في مواجهة التضامن والعمل العربي المشترك.‏
هذه استباحة استفزازية فعلية لمؤسسة القمة, أومحاولة للاستباحة, يواجهها الرفض العربي المؤكد, إذ ليس بين العرب من يرضى أن يكون أداة لمواقف وسياسة الولايات المتحدة..ويواجهها الإصرار السوري, ليس على عقد القمة وحسب..بل على الطرح الجدي لقضايا العرب الأساسية دون غطاءات أو مجاملات..فلسطين الدم والاستيطان والتجويع..وعراق الاحتلال والقتل والتهجير..ولبنان الحقيقة..لبنان الشعب الواحد المتحدي للمسّ بسيادته واستقلاله, الذي تمارسه الولايات المتحدة حيث ترى نصف اللبنانيين أو أكثر إرهابيين, ونصفهم أو أقل يسودهم (قادة عظام) و(ايقونات براقة) وديموقراطيون بالجملة.. ويسكت على هذا التحدي للشعب اللبناني أبطال السيادة والاستقلال, المصنعين على الطريقة الأمريكية مع انعدام مسافة الأمان.. بين الطريقتين الأمريكية والإسرائيلية.‏
الولايات المتحدة غير مدعوة لحضور قمة دمشق, ودعوتها للمقاطعة ستشجع العرب على حضورها.. وإلا ماذا تظن..?! هل أصبحت أقرب إلى العواصم العربية من دمشق..?! إنها واهمة..?! هكذا نرى نحن في دمشق..‏
الولايات المتحدة لن تكون حاضرة في قمة دمشق.. إلا ممثلة بآثامها وجرائمها.. في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال.. وفي كل مكان.. وسيكون للعرب كلمتهم في كل ما تجنيه الأيدي الخفية والعلنية بالزيارات المتتالية, رايس.. سترفيلد.. وولش... ماكين.. ثم (طيب الذكر) تشيني, القادم على عشرة أيام لن تهز لا العالم ولا الشرق, إنما هي محاولة التماسك .. تماسك أميركا (العظيمة) المهزوزة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً .. وفي دعوتها عبر المحب للعرب (سترفيلد) لمقاطعة قمة دمشق إحدى الصور المهزوزة سياسياً..‏
أليس هو ساترفيلد نفسه الذي رفض الاعتراف بالمبادرة العربية للحل في لبنان..?!‏
هل سمع صوتاً عربياً يصرخ له: نحن معك..‏
ستكون القمة .. بخصوصية شرطي الزمان والمكان .. ولا نعتقد أن دعوة الولايات المتحدة لمقاطعتها ستدفع أحداً على هذا الطريق.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الأدميرال فالون يختار السلام
علي الصفدي
الدستور الاردن
يسجل ايجابيا للأدميرال (وليام فالون) قائد العمليات العسكرية الامريكية في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى والذي اشرف منذ العام الماضي على الحربين الامريكيتين في العراق وافغانستان أنه ادرك بحكم تلمسه لمجريات الواقع الميداني في البلدين المذكورين ان لا جدوى من تلك الحرب التي منيت فيها وما تزال الولايات المتحدة بخسائر مالية وبشرية هائلة لم تكن في حسبانها ، كما اهتزت صورتها المعنوية امام العديد من شعوب العالم ومنظماته الانسانية ، ونتيجة لادراكه هذا امتنع فالون عن الانحياز الى التوجهات المبيتة لكبار المسؤولين الامريكيين بالاعداد لشن حرب جديدة تستهدف ايران لمنعها من استكمال برنامجها النووي بالرغم من تعهدها لوكالة الطاقة الذرية انها مخصصة للاغراض السلمية دون سواها ، وكان صريحا في رفضه لخوض قوات بلاده حربا اضافية في الوقت الذي لم تحرز فيه رغم مرور عدة سنوات اي انجاز امني في افغانستان او العراق ، واي نصر سياسي يشجعها على الامتداد العسكري نحو بلدان اخرى ، وعبر فالون عن صراحته التي تتناقض كليا مع موقف قائده الاعلى في واشنطن عن طريق مقالة له نشرها في مجلة (اسكواير) الاسبوع الماضي اشار فيها الى معارضتة لسياسة الرئيس بوش حيال ايران وتحدث عن خلافات وقعت بينه وبين القائد الاعلى للقوات الامريكية في العراق الجنرال (ديفيد بترايوس) ، وذكرت صحيفة نيويوك تايمز في شباط الماضي ان الادميرال فالون أيد استئناف سحب القوات الامريكية من العراق لتخفيف الضغط الكبير الذي يتعرض له الجيش الامريكي ، وعارض خطة واشنطن لزيادة عدد قواتها واعتبرها غير ناضجة ، وعلى عكسها تماما دعا الى سحب ثلاثة ارباع القوات الامريكية من العراق بحلول العام (2010) بعد ان سبق له ان عبر عن معارضته الاستراتيجية هجوم بعيد المدى في العراق خشية ان يحول ذلك دون الاهتمام بافغانستان التي ارتفعت فيها وتيرة العنف مجددا ، وخشية انعكاسات الحرب في العراق على عملية تحديث الجيش الاميريكي وتعزيز قدرته على التفاعل مع الاحداث.
وحرصا من الادميرال فالون على مصلحة بلاده التي تتقدم على مصلحته الذاتية وموقعه القيادي العسكري حذر مرارا وتكرارا من مواصلة قرع طبول الحرب طوال الوقت واعتبرها لا تساعد ولا تغير بشيء ، واختلف من اجل ذلك مع قيادته السياسية فاتخذ قرار التنحي من تلقاء نفسه وفق ما اعلنه وزير الدفاع (روبرت غيتس) الذي اعترف بوجود سوء فهم بين فالون والبيت الابيض ، وضحى بمنصبه الرفيع بغية جعل حكومته تعيد النظر في سياستها الحربية ضد ايران ، واثبت بذلك انه رجل موقف يريد السلام وعلاقات التفاهم بين بلده والبلدان الاخرى ، ويريد ان ينأى بلده عن التورط في حروب جديدة غير مجدية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
البرلمانيون العرب في ضيافة كردية
حمادة فراعنة
الغد الاردن
سقط ضحايا ابرياء نتيجة تفجير سيارة مفخخة في مدينة السليمانية في كردستان العراق يوم الاثنين 11/اذار/2008، يوم وصول اغلبية الوفود البرلمانية العربية الى مطار اربيل على متن الطائرة الخاصة للرئيس العراقي من عمان، وقبل يوم واحد من افتتاح وانعقاد المؤتمر البرلماني العربي الثالث عشر. لم يكن الضحايا هم المستهدفون بالانفجار بل الذي كان مقصوداً هو المؤتمر نفسه، وتعبيراً عن رفض المخططين والمنفذين للانفجار وسخطهم على عقد المؤتمر في العراق اصلاً وفي كردستان بشكل خاص.
المخططون والمنفذون، نجحوا في اختيار الزمان والمكان المناسبين لاجراء التفجير الذي سقط بسببه شهيدان وعدد من الجرحى من المدنيين الابرياء، فاختاروا السليمانية والتسلل اليها نظراً لحالة الاسترخاء الامني هناك، بعيداً عن يقظة واستنفار أجهزة الأمن الكردية في اربيل, التي استضافت أرفع لقاء عربي يعقد في العراق منذ سقوط نظام حزب البعث، وأول لقاء عربي بهذا المستوى على ارض كردستان، فتطلب الحشد وتركيز الاهتمام الامني والسياسي لمنع ما يعكر أو يمنع انعقاد المؤتمر.
الرئيس العراقي جلال الطالباني، الذي واظب على متابعة اعمال المؤتمر وصف في كلمته الافتتاحية، المؤتمر بقوله "إنه حدث لا يكتسب اهمية استثنائية للعراقيين فحسب، بل انعطافة نوعية على مستوى العلاقات العربية العراقية"، ولادراك اعداء العراق اعداء الديمقراطية واعداء التعددية لهذا المعنى الذي قاله الرئيس الطالباني استقبلوا المؤتمر بهذا الانفجار المسبق، الذي حاول التركيز واعطاء رسالة على ان العراق ما يزال أسيراً للعنف والفوضى والارهاب.
الوفود البرلمانية العربية، كانت مترددة اصلاً في المجيء الى كردستان لأكثر من سبب، اولاً: لانعقاده في العراق غير مكتمل السيادة بسبب وجود القوات الاجنبية على أراضيه، وثانياً: غياب الاستقرار الامني وتواصل العمليات العسكرية والصدامات المسلحة والمقاومة والاغتيالات. وثالثاً: لانعقاده في منطقة كردستان حيث الانشقاق والانفصال والرغبة في الاستقلال عن المركز وفق الرؤية السائدة خطأً.. وهي انطباعات عربية مكشوفة لدى القيادة العراقية بشكل عام ولدى القيادة الكردية بشكل خاص، ولهذا لم يتوقف قادة الكرد امام عبارات ومفردات مقصودة ساقها رؤساء الوفود في خطاباتهم وقيلت من قبل النواب العرب في سياق مداخلاتهم في لجان المؤتمر وفي اللجنة السياسية بشكل خاص، ولولا حكمة ورزانة مندوب فلسطين الذي تم اختياره رئيساً للجنة السياسية لفجرت المداخلات المتباينة وقائع المؤتمر، ومع ذلك لم تستفز عبارات التأكيد المقصودة على أن "العراق عربي" لم تستفز القيادة الكردية لان هذا الاستخلاص يتعارض مع الواقع ومفاده ان العراق تعددي يقوم على القوميتين العربية والكردية، وقد كانت مضامين خطاب رئيس اقليم كردستان مسعود البرازاني المميزة العميقة في الجلسة الختامية واضحة الدلالة لتقديم الاجابة على التساؤلات والاستفسارات وكان وقعها دافئاً على نفوس البرلمانيين العرب، مما زاد من حالة الطمأنينة التي خرج بها البرلمانيون العرب وكان رهانهم صائباً في مواجهة البعض القليل الذي آثر السلامة ولم يشارك فخسر ما كان يجب ان يعرفه ويتعلمه من بلد يستحق الاسناد والتعاون والتعاضد لمصلحة العرب كما هي لمصلحة الكرد مثلما هي بالضبط لمصلحة العراقيين جميعاً وبلا استثناء.
نجح مؤتمر البرلمانيين العرب الثالث عشر، بامتياز، وشكل مكسباً للعراقيين الذين فازوا برئاسة الاتحاد البرلماني العربي للسنتين القادمتين، وكسروا حصاراً غير معلناً مفروضا عليهم، وفاز الكرد بانعقاد المؤتمر على أرضهم وفي ضيافتهم وكسبوا اصدقاء جددا لا شك انهم مؤثرون على مؤسسات صنع القرار في بلدانهم العربية، وفاز العرب أنهم سجلوا انحيازهم للعراق الفدرالي الديمقراطي الموحد, وان وحدة العراق سبب اساسي ورهان صحيح من جانبهم، فالعرب بحاجة لهذا الاستخلاص وإدراك هذه النتيجة والعمل على اساسها, فالتعددية وإقرارها يمكن أن تكون أداة وحدة وتكامل، بينما القفز عنها وتجاهلها سيؤدي الى التفجير والانزلاق في حروب أهلية مدمرة.
نجاح المؤتمر، ملك لكل المشاركين، الذين لبوا الاستحقاقات، ونظموا الإدارة وصاغوا الوثائق، إنه نجاح متعدد الرؤوس والمهام والوظائف ولهذا يمكن وصف نجاحه على أنه نجاح بامتياز.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
التمرد في العراق يعيش على النفط المنهوب
نيويورك تايمز
ذكر مسؤولون عسكريون امريكيون أن "التمرد" في العراق يتغذى على عائدات النفط المسروق.و إن بحر النفط الذي يرقد عليه العراق ويفترض أن يخصص لإعادة بناء الأمة، وتحقيق الرفاهية له، يذهب ما لا يقل عن ثلثه إلى السوق السوداء.و ما يجري في مصفاة بيجي التي تعد أكبر منطقة صناعية تقع ضمن المناطق السنية في العراق، حيث يتم خطف ناقلات النفظ ويرشى السائقون وتزور الأوراق، لتذهب المكاسب في نهاية المطاف إلى "المتمردين" الذين مازالوا يقتلون أكثر من مائة عراقي أسبوعيا النقيب الأميركي جودا سيلفا الذي يترأس مجموعة من الحراس المتمركزين في المحطة يقول "إنها حفرة من المال للمتمردين". إلى أن "التمرد" ما زال منذ خمس سنوات قوة قاتلة رغم أن زيادة القوات الأميركية وانتساب المتمردين السابقين للمليشيات التي تدعمها الولايات المتحدة الأميركية ساهم في خفض الهجمات إلى مستويات دنيا عام 2005، والسبب الرئيس هو التدفق المتواصل للأموال.
المال بات حافزا رئيسيا لدى أغلبية المتمردين أكثر من الفكر الجهادي، بحسب ضباط أميركيين في المناطق السنية، ومسؤولين عسكريين آخرين قاموا بمراجعة دراسات عن المعتقلين ومعلومات استخبارية بشأن التمرد. ولا يقتصر الفساد المدر للمال -كما تقول الصحيفة- على مصفاة بيجي، فقد لجأ المتمردون في الموصل إلى تحصيل الأموال من مصانع الصودا والإسمنت، فضلا عن عمليات الخطف من أجل الحصول على الفدية، ناهيك عن التمويل من خارج العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الحرب التي هزت أميركا..!!
محمد خير الجمالي
الثورة سوريا
خمس سنوات مرت على الحرب الدامية التي شنها المحافظون الجدد على العراق سعياً وراء مشروع طوباوي يقوم على تحويل أميركا إلى امبراطورية العصر من خلال التحكم بالقرار العالمي
عبر إعادة هيكلة الشرق الأوسط بما يلائم مصالحها الحيوية وخصوصاً منها التحكم بالموقع الاستراتيجي للمنطقة والسيطرة على نظمها وتنميط الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية لدولها وشعوبها وفق الأنموذج الأميركي على أمل أن يقود هذا التنميط القسري إلى إقصاء القوى الرافضة لسياسة التنمية الأميركية والدور الإسرائيلي الموظف في إطارها.‏
أثناء التخطيط لهذه الحرب ومع بدايتها كانت توقعات المخططين لها أن تكون حرباً نظيفة يسقط فيها العراق بسرعة قياسية وتحوله إدارة بوش إلى منصة انطلاق لتغيير شامل في المنطقة وأنموذج لهذا التغيير لكن المفاجأة غير المنتظرة لمهندسي الحرب كانت في خروج الحرب عن سيطرتهم ودخولها مرحلة الصراع الدامي وتحولها إلى ورطة فمأزق عسكري وسياسي واستراتيجي حاد للولايات المتحدة يفوق حجم وسعة المأزق الفيتنامي بكثير وهذا ناتج بالدرجة الأولى من جهل السياسة الأميركية بثقافة شعوب المنطقة التي ترفض السيطرة الأجنبية تحت أي ذريعة ومبرر وعن انكشاف الأكاذيب الكبرى التي جرى تسويغ الحرب بها كأكذوبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وأكذوبة الخطر العراقي على دول الجوار والمصالح الغربية والأمن الدولي وأكذوبة تحرير العراق ونشر الديمقراطية فيه .‏
والمأزق الحاد الذي انتهت إليه إدارة المحافظين بزعامة الرئيس بوش نتيجة لخطأ سياساتها وحساباتها وكان له تداعياته على الداخل الأميركي حيث تراجعت شعبية بوش إلى أقل مستوياتها وتحولت الحرب إلى موضوع خلافي واسع يكشف عن أن نتائج هذه الحرب الخاطئة كانت حصاداً مراً ليس لإدارة المحافظين الجدد التي باتت في عيون الشعب الأميركي أسوأ إدارة حكمت أميركا فقط بل أيضاً للشعب الأميركي الذي أدرك بنتيجة اهتزاز اقتصاده وتراجع عملته وضعف جيشه وفقدان دولته لهيبتها ومكانتها الدولية وسوء صورة سياستها في أذهان الرأي العام الدولي وارتكاب إدارته لأبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بقتل أكثر من مليون عراقي وتدمير حضارة العراق أن الحرب على العراق كانت حرباً خاطئة لأنها خيضت في المكان الصعب وبنيت على أسس من التغاضي والتضليل والكذب الفاضح الأمر الذي جعلها حرباً خاسرة بامتياز تهز أميركا وجعل المخرج منها يكمن حصراً في وقفها والانسحاب من العراق دون تأجيل إذا ما أرادت أميركا تحسين صورتها واستعادة مصداقية سياستها.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
صناعة الموت: مَن يحكم السجون الأمريكية في العراق؟
قناة العربية
معتقلون.. بلا تهمة أميركا تستعين بأيدي عراقية بعد أبو غريب أميركا لا تبالي بالاعتداءات على المعتقلين شبه إنسان يعود إلى المعتقل
اسم البرنامج: صناعة الموت مقدم البرنامج: ريما صالحة تاريخ الحلقة: الجمعة 14-3-2008
ضيف الحلقة: عماد الجبوري (معتقل سابق تعرض لإعتداء في سجن بوكا)
ريما صالحة: منذ بضعة أشهر تناولنا في برنامج صناعة الموت قضية من يحكم السجون الأميركية في العراق؟ نقلنا شهادات من مجهولين سابقين تعرضوا لإساءات داخل هذه السجون من جانب المتشددين المجهولين، نقلوا صورة قاتمةً عن السطوة التي يمارسها المتشددون على غيرهم من السجناء، وعن قيام القوات الأميركية بغض الطرف عما يحدث وعدم توفير الحماية اللازمة للمساجين، في هذه الحلقة نقدم حالة خاصة جداً لسجين عراقي تعرض لحادث اعتداء وحشي داخل سجن بوكا بجنوب العراق، اعتدى عليه مجهولون ملثمون قلعوا عينيه، قطع لسانه، حطموا ذراعيه وساقيه، تفاصيل الحادث مذهلة ودوافع الجناة غامضة ولكن الحادث يعيد السؤال مَن يحكم السجون الأميركية في العراق؟ حلقة جديدة من صناعة الموت أحييكم
مَن يحكم السجون الأمريكية في بغداد؟
عماد الجبوري هل يعرف أحدٌ هذا الاسم؟ هو مواطن عراقي من بين ملايين العراقيين وجد نفسه ذات صباحٍ معتقل من جانب قوات التحالف، وفي السجون الأميركية تغيرت حياته تماماً، اسمه بالكامل عماد منهل سلطان الجبوري من مواليد عام 1972، تخرج في كلية القانون عام 2005، الحالة الاجتماعية متزوج ولديه طفلتين، يسكن في مدينة كروك في العراق ورقم الاعتقال 320829، عماد الجبوري كان لاعباً في كرة القدم ضمن الفرق المحلية وكان عضواً في رابطة الصحفيين وعضواً في نقابة المحامين وزوجاً وأباً لطفلتين يبحث عن حياةٍ أفضل لأسرته، ولكن حياته تغيرت تماماً بعدما حدث له، دعونا نشاهد الحكاية، الحكاية من البداية، هذا المواطن العراقي كما رواها في لقاءٍ مع زميلنا فارس المهداوي من مكتب بغداد.
فارس المهداوي: مرحباً بكم أعزائي المشاهدين، اليوم ستكونون معنا لسماع قصة مواطن عراقي يدعى أبو سماء، قضى أكثر من مئة يوم في سجون ومعتقلات القوات الأميركية، فقد فيها القدرة على السير وجزءاً من لسانه وفقد فيها أيضاً بصره، لكنه احتفظ ببصيرته التي جاء بها إلينا ليروي حكايته مرحباً به أبو سماء.
عماد الجبوري: أهلاً وسهلاً.
فارس المهداوي: أبو سماء ما هي في البداية ظروف اعتقالك؟ وكيف تمت؟ ومتى؟
عماد الجبوري: في يوم 30/8/2007 قامت القوات الأميركية بمداهمة بيتي واعتقالي وأنا نائم على سطح الدار بسبب انقطاع التيار الكهربائي كما تعرفون، فقاموا باعتقالي من بين أسرتي، ومن ثم تقييد يدي وقاموا بشد عيوني وأخذوني إلى مطار كركوك في كركوك طبعاً، فبعدها أودعوني زنزانة انفرادية وبعدها بيوم بدأ التحقيق معي، فكان التحقيق عبارة عن يعني اتهام بلا مبرر وبلا دليل وبلا أي شيء، ومن الأسئلة الطريفة التي أتذكرها وقد سألني إياها المحقق، وقال لي: أين أسامة بن لادن؟ فضحكت، فقلت له: وما أدراني أين أسامة بن لادن! أنا الذي أعرف أم أنتم؟ فترك هذا السؤال، واتهمني اتهام غريب وهو طريف في نفس الوقت عندما سألني إني أتهمك بأنك ذكي، فقلت له: وهل الذكاء جريمة في زمننا؟ فقال: أنا مكتوب أمامي بأن أحذرك وأنك شخص ذكي، فقلت له: فأنا أتهمك أيضاً بأنك شخص ذكي فسكت، فسألني سؤال آخر استغربت منه وقال لي: من أين لك هذا؟ وكأن لي ثروة كبيرة وسألني هذا السؤال بسبب أن لي دار مكون من مئة متر، عبارة عن صالة ومطبخ وغرفة نوم، فقلت له: يا ريت يفعّل هذا القانون من أين لك هذا؟ ولكن ليس على المواطن البسيط ولكن على مَن لديهم ثروات طائلة داخل البلاد وخارج البلاد.
فارس المهداوي: أبو سماء يعني هل مَن يملك داراً إذاً هو يصبح موضع تهمة؟
عماد الجبوري: والله هو ليس دار وإنما هو نصف دار يعني بمعنى أصح، ولكن شاؤوا أن يعتبروا هذا اتهام فهم أحرار فقد اتهموني اتهامات لو تكلمت بها لن تصدقوها، اتهموني بأني أي عمل يحدث في العراق بأني أنا القائد الميداني له، وأنا القائد والمفكر والمدبر..
فارس المهداوي: شنو هي التهمة المباشرة اللي وجهوا لك إياها؟
عماد الجبوري: التهم المباشرة تفخيخ سيارات، إطلاق صواريخ، عضو خلية إرهابية، معرفة إرهابيين، تمويل إرهاب، أي قضية أي اتهام موجود في العراق اتهموني إياه.
فارس المهداوي: زين أنت شنو كان شغلك قبل الاعتقال؟
عماد الجبوري: أنا خريج قانون بكالوريوس قانون أحصل على شهادة بكالوريوس قانون خريج 2005 وكنت أمارسها بين الحين والآخر، ولكن عملي كنت أعمل في السوق بسبب ظروف صعبة وطويلة.
فارس المهداوي: زين بعد ما تم اعتقالك يعني ذهبوا بك إلى المعتقل الأميركي في كركوك.
عماد الجبوري: نعم في مطار كركوك.
فارس المهداوي: وهناك تم التحقيق.
عماد الجبوري: نعم.
فارس المهداوي: بعدها وين تم؟
عماد الجبوري: بعد التحقيق وأيضاً قبل التحقيق أخبرني المحقق بأني ذاهب إلى بوكا من قبل أن يحقق لأنه مقتنع بما يتهمني به، فبعد أربعة عشر يوماً قاموا بنقلي من مطار كركوك إلى مطار بغداد الدولي، وبقيت هناك ما يقارب الخمسة وعشرين يوم ما يقارب شهر تقريباً خمسة وعشرين يوم أو ستة وعشرون في هذه الحدود وكان هذا الكلام في شهر رمضان، وفي اليوم الثامن والعشرين قاموا بتقييدنا بسلاسل أيدينا وأرجلنا وشدوا عيوننا وقاموا بنقلنا من مطار بغداد إلى سجن بوكا أو معتقل بوكا كما يسمى، ولكن الصعوبة في الانتقال من مكان إلى آخر هو معاناتنا في الطائرة، فكان الذي ينقلنا تسمى الفرقة القذرة وحقاً إنها قذرة، لأنها كانت تعاملنا معاملة سيئة فكانت تربط أيدينا وأرجلنا ولا تسمح لنا بالأكل أو الشراب ولمدة أربعة وعشرين ساعة منكسين الرؤوس لا نرفع رأسنا وعندما نقوم يتخبط الواحد بالآخر حتى نقع ويضحكون علينا، بعد أن وصلنا معتقل بوكا..
فارس المهداوي: إيش قد كان عدد المعتقلين اللي تم نقلهم بالطائرة إلى بوكا؟
عماد الجبوري: أسبوعياً يتم نقل وجبتين تقريباً كل وجبة من ثلاثمئة شخص إلى أربعمئة في هذه الحدود في الأسبوع وجبتين يتم نقلها، وفي نفس الأسبوع وفي يومين مختلفين يقومون بإرجاع من بوكا إلى مطار بغداد الدولي.
معتقلون.. بلا تهمة
فارس المهداوي: هدول كلهم نفس التهم موجهة إلهم؟
عماد الجبوري: لا هو لا بد أن يكون اتهام لكي يبرروا موقفهم أمام العالم ولكن بدون دليل، فالذي ليس عليه دليل يتركونه يعتقلونه لمدة أشهر أو سنوات حسب مزاجهم، أما الذي عليه دليل فيذهبون به إلى المحكمة فإذا حكمت عليه محكمة الساعة طبعاً في بغداد إذا حكمت عليه المحكمة بالإفراج لا يطبق القرار ويبقى حاله حال المعتقلين الذين ليس عليهم دليل، أما إذا حكمته المحكمة بثلاثون سنة أو عشرون سنة مؤبد أو أقل أو أكثر فينفذ عندما تقول لماذا لا تطلق سراحي؟ يقول أنه المحكمة العراقية فيطبقها حسب مزاجه، إذا حُكم على الشخص يطبقه أما إذا لم يُحكم عليه فحاله حال المعتقلين وأنا أعرف أشخاص عديدين مكثوا سنة أو سنتين حسب نفس مصير المعتقلين الذين لم تثبت عليهم أي إدانة.
فارس المهداوي: إذاً تم نقلكم إلى بوكا بالطائرة، هذه بعد شو قد من اعتقالك؟
عماد الجبوري: أنا حسب ما قلت 14 يوم في مطار كركوك وما يقارب الشهر في مطار بغداد الدولي، ولم يحققوا معي للعلم لم يحققوا معي في مطار بغداد إلا استدعاني محقق فقط سألني عن الاسم وسألني سؤال بسيط ومحدد وقال لي: هل أنت مسؤول عن إطلاق الصواريخ؟ فقلت له: لا، فقال: خذوه، هذا السؤال هذا التحقيق بكامله عبارة عن سؤال.
فارس المهداوي: إذاً بكركوك إيش قد بقيت وبالمطار أديش بقيت؟
عماد الجبوري: حسب ما قلت 14 يوم وفي مطار بغداد الدولي ما يقارب الشهر.
فارس المهداوي: زين خلال هي الفترة تعرضت إلى التعذيب، إلى الإكراه، إلى ضغط من نوع معين من أجل مثلاً أن تعطي إفادة قد يبحثون عنها هم الجانب الأميركي؟
عماد الجبوري: لأ هم كانت معاملتهم معاملة نفسية، يعني يحاربون الشخص محاربة نفسية بحيث يجعلونك تكره نفسك وتتمنى الموت على البقاء في هذا المعتقل أو البقاء عندهم، هذه المعاملة الوحيدة وإنما معاملة ضرب أو تعذيب لا لم يكن هناك أي معاملة من هذا النوع.
أميركا تستعين بأيدي عراقية بعد أبو غريب
فارس المهداوي: يعني ربما أنت مثلاً ما تعرضت إلى هذا النوع ما سمعت إنه أكو حالات أو أشخاص آخرين قد تعرضوا إلى مثل تعذيب يعني ربما؟
عماد الجبوري: أستاذي الأميركان أذكى من ذلك، بعد فضيحة أبو غريب كانوا كانوا أذكى من أن يقعوا في نفس الخطأ فقاموا إذا يريدون إيذاء شخص معين فلا يؤذونه بأيديهم وإنما عن طريق أشخاص غيرهم أشخاص أقصد عراقيين، لأن السجن عبارة عن عراقيين، فيؤذون شخص مقابل شخص كما يحدث في الشارع العراقي.
فارس المهداوي: زين، إذاً تم نقلك إلى بوكا حتى تبقى في بوكا يعني فترة معينة من الزمان وأنت لم يصدر بحقك قرار قضائي.
عماد الجبوري: حالي كحال آلاف المعتقلين.
فارس المهداوي: وصلت إلى بوكا، كلمنا عن اللي حصل.
عماد الجبوري: عند وصولي إلى بوكا قاموا بالكتابة على قمصاننا الصفر وطبعاً هو اللون الأصفر للمعتقلين، فأتذكر كتبوا عليّ رقم ثلاثون بالإنجليزي يعني كم ثلاثون، والباقين كتبوا حسب الأشخاص الكم الذي يذهبون إليه.
فارس المهداوي: كم كم في بوكا؟
عماد الجبوري: ما يقارب أنا حسب علمي ثلاثة وثلاثون كم، ويبنون يعني ما يقارب سيصل العدد إضافة ما يقارب يعني سيصل إلى أربعين أو خمسة وأربعين خلال سنة أو أقل.
فارس المهداوي: أنت في الكم الثلاثين كنت.
عماد الجبوري: في الكم ثلاثين، في الكم ثلاثون وصلت في يوم 29 رمضان وكنا نحن ما يقارب ثلاثون شخصاً وصلنا إلى هذا المعتقل، وعند وصولنا تفاجئنا بأن استقبلنا المعتقلون الباقون وقالوا لأول مرة من عدة أشهر يصلنا معتقلين جدد، فقلنا لهم لماذا؟ فقالوا بسبب أن هذا المعتقل فيه مشاكل كثيرة وكنا معاقبين من قبل الأميركان، فأنتم أول وجبة تصلون إلينا، ومعنى ذلك بأن سيطلق سراحنا أو ستكون معاملتنا كباقي المعتقلات، المهم بقيت في هذا اليوم وكان يوم 29 رمضان وهو اليوم الأخير من رمضان.
فارس المهداوي: كنت صائم أنت؟
عماد الجبوري: الحمد لله كنت صائم وأفطرت اليوم الأخير، بينما الباقين نصف فطروا ونصف لا بقوا صائمين، الحمد لله أنا أتممت صيامي اليوم 29، ففي الليل أخبروني بأن غداً هو يوم عيد ففرحنا بالعيد وبكينا بنفس الوقت، فكان صباح العيد فذهبنا وصلينا صلاة العيد طبعاً لكل معتقل يسمى مسجد هناك مسجد عبارة عن خيمة يخصص للصلاة، فصلينا صلاة العيد وسمعنا خطبة خطبها أحدهم فبعد أداء صلاة العيد تعايدنا الكل يعايد الشخص الذي يعرفه ولا يعرفه لأننا في المصيبة سواء، وكلنا في نفس الهم ونفس القهر، ولكن الحمد لله كنا نحمد الله ونعرف أن هذا قدرنا ومصير شعب بأكمله، فبعد هذا جاء الليل وكانت الساعة الحادية عشرة ونصف ليلاً وكان وقت صيف لأن كان التاريخ بالتحديد 12/10 بمعنى أدق 12/10/2007، فكنت أتمشى ولكن هناك في بوكا ليس هناك ظلام لأن كان إضاءة قوية جداً بحيث تشعر بأن الشمس طالعة فكنت أتمشى، للعلم فاتتني نقطة مهمة في الجامع أو في المسجد كان شخص اسمه أحمد وكانت لديه لحية بسيطة والشاب لا يتجاوز عمره اثنين وعشرين سنة في هذه الحدود، فسألني وسأل الباقين عن أسمائنا، وعن هل أنتم متزوجون، ماذا تعملون، أسئلة عامة جداً، بس هذا الشخص الذي تعرفت عليه اسمه أحمد وأعرف شخص آخر كان معي في المعتقل من الأعظمية وكان صديقٍ لي هذين الشخصين الوحيدين الذين أعرفهما، فبعد أن كنت أتمشى في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً تقريباً الأكثرية لم يناموا بعد فإذا أنا أصل خيمة الطعام وهي عبارة عن خيمة فارغة فقاموا بدفعي أشخاص، فحين التفتت فإذا أرى أشخاصاً ملثمين معتقلين نعرفهم من لباسهم الأصفر ويتكلمون العراقية فقد رأيت شخص واحد لم يكن ملثم وهو أحمد الذي سألني في المسجد، فمباشرةً بدون سؤال أو جواب شعرت بهجومه مباشرةً على عيني فقام بقلعهم قلعاً كاملاً.
فارس المهداوي: هو أحمد؟
عماد الجبوري: اسمه أحمد.
فارس المهداوي: اللي قام بقلع عيونك.
عماد الجبوري: بقلع عيوني الاثنتين.
فارس المهداوي: إيش قد عدد الأشخاص اللي قاموا بالهجوم عليك؟
عماد الجبوري: أنا اللي أمسكوني أربعة حسب إحساسي بهم، ولكن عندما التفتت ما يقارب 12 أو 15 شخص، يعني لا يقلون عن عشرة أشخاص فبعد أن قلع عيوني فقاموا محاولين فتح فمي لكي يقطعوا لساني كاملاً، فقاومت بعض الشيء وكم ستدوم مقاومتي إذا هم أكثر من عشرة أشخاص؟ المهم سمعت أحمد يقول لهم اكسروا فكه الأسفل فاضربوه على هذه الجهة وهذه الجهة فيقع فكه الأسفل كاملاً وقوموا بقص لسانه بأكمله لا تتروكوا له شيء، فأنا ارتعبت فارتخى فمي قليلاً فقاموا بقطع ما يقارب 40% من لساني حسب سؤالي للدكتور فأجابني قطع لسانك ما يقارب 40%، فبعد أن هذا الهجوم طبعاً لم يدوم أكثر من أربع أو خمس دقائق في أحسن الأحوال.
فارس المهداوي: هجوم خاطف.
عماد الجبوري: هجوم خاطف، ولسألتني كيف هذا الهجوم الرهيب دام لهذه الفترة القصيرة؟ أخبرك بأنه محترفين يحترفون هذه المهنة، يعني أنا على يقين بأنه أنا الشخص يمكن العشرون أو الثلاثون أو الأربعون على يد هذا الخصم.
فارس المهداوي: اللي تعروضوا لهكذا نوع من..
عماد الجبوري: لأ هذا بس اللي تعرضنا على يد هذا هذا الشخص حسب اعتقادي فبعدها قاموا بدفعي دفعة قوية.
فارس المهداوي: زين أبو سماء أنت بالبداية لما قلعوا عيونك أنت ما قاومتهم؟
عماد الجبوري: أي مقاومة! أربعة أشخاص قاموا بالإمساك بي.
فارس المهداوي: زين هل استخدموا آلة أو شيء معين لقلع العين؟
عماد الجبوري: حسب آخر بصر لي أو آخر ما رأيته عبارة عن حديدة ويسمونها المغرز وهي عبارة عن حديدة يقومون بحدها حتى تصبح حادة.
فارس المهداوي: هذه يضعوها داخل العين ثم يقومون بإخراجها؟
عماد الجبوري: صراحةً أنا لم أشعر من شدة الهول يعني موقف موقف رهيب مرعب جداً لم أشعر به من شدة الرهبة، ولكن عندهم طريقتين يعني حسب ما سمعت أنا طريقة على طريقة المغرز الذي أخرجوا عيني بها، يضربون هكذا فيخرجونها كاملةً، أما الطريقة الأخرى فهي عبارة أن يجلبوا قدح فيضعونه في عينك ويقومون بضرب القدح فتقع عينك مباشرة بالقدح كاملةً، هذه طريقتان يسخدموها في بوكا لقلع العيون، فأنا الطريقة الأولى استخدموها معي فبعد أن قطعوا لساني قاموا بدفعي دفعة قوية فوقعت على الأرض، فعندما وقعت شعرت بضربة قوية على يدي اليمنى ومن ثم على اليد اليسرى فانكسر المرفق المرفقان انكسرا، فشعرت بألم يعني ألم رهيب لا يتحمله إنسان أبداً ألم فوق طاقة الإنسان.
فارس المهداوي: ألم مضاف إلى ألم قطع اللسان وألم قلع العين.
عماد الجبوري: عندما ضربت هنا لم أشعر بهذا الألم وإنما كان الألم في عظامي، فمباشرةً وأنا قلت لك يعني خلال دقيقة قاموا أيضاً بمهاجمة رجلي اليمنى واليسرى في آن واحد، فقاموا بتحطيمها تحطيماً كاملاً فقاموا بتحطيم الساق تحطيم كسروه تكسير بحيث لم يتركوا قطعة كبيرة.
فارس المهداوي: شنو الآلة اللي يستخدموها بطحن العظم وكسره بهذا الشكل؟
عماد الجبوري: الطحن يتم عبارة عن خلينا نقول عمود الخيمة يسحبون عمود الخيمة ويقومون بضربك، وعمود الخيمة عبارة عن عمود بهذا الحجم من الحديد فقاموا بضربي، وأيضاً قاموا بضرب المشط مشط رجلي اليمنى واليسرى ولكن لم ينكسر بتقدير من الله الرحيم، فقاموا بضربي مظنين أنهم ضربوا جهاز الذكري ولكن الضربة جاءت في فخذي وهي عبارة عن عملية وعن آثار جرح موجود هناك، ولكن الحمد لله الله سلّم فلم يدركوا بأنهم لم يضربوا هنا ظنوا أن الضربة جاءت على الجهاز الذكري.
فارس المهداوي: أبو سماء هو الغرض من الهجوم هل هو لقتلك أو لتعذيبك؟
عماد الجبوري: والله أنا عندما وقعت وبدأت بالصياح صرخت عليهم وقلت لهم اذبحوني اذبحوني يعني الألم كان شديداً، ولكني سمعتهم يقولون هيا بسرعة استعجلوا باللهجة العراقية، استعجلوا يالله لا تتأخرون.. ما عندنا وقت، يعني كان مرتبكين يعني شي يعني حسب ما أذكر حسب ما أذكر، فبعد أن كسروا قاموا بضربي ضربتين على رأسي وهي موجودة الآن في رأسي ضربتين أيضاً، ولا أعتقد أن شخص ينجو من هذه الأفعال، ولا يظنون بأن شخص ينجو من هذه الأفعال، ولكن قدرة الله والله قادر على كل شيء، وقاموا بضربي هنا أستاذ لو تسمحلي بضربي على هذه الشفة لا أعرف ماذا يقصدون، هل هم يحاربون الله في قوله تعالى: (وجعلنا له عينين ولساناً وشفتين)؟ فكان المقصود منها أن يحاربوا كلام الله والذي هو عندما وصف هذا الوصف كان يعني يباهي به الخلق بأن جعل للإنسان هذه يعني حتى نحترم النعمة التي أنعم الله علينا بها.
ريما صالحة: إذاً تفاصيل مذهلة وبشعة تنقل لنا صورةً مخيفة عما يحدث داخل السجون الأميركية في العراق، ولكن أين كان السجانون الأميركيون أثناء هذا الاعتداء؟ هل تدخلوا في الأمر؟ هل أنقذوا حياته؟ دعونا نتابع بعد هذا الفاصل.
[فاصل إعلاني]
أميركا لا تبالي بالاعتداءات على المعتقلين
فارس المهداوي: بعد هذا الهجوم هل أنت فقدت الوعي ولا كنت تشعر باللي يدور حولك؟
عماد الجبوري: أستاذ بعد هذا كنت أشعر بهذه اللحظات الأخيرة من وعيي فقاوموا بوضعي ببطانية وقاموا يصيحون مريض مريض وهذه آخر كلمة سمعتها، فشعرت ينقلوني ما يقارب مئة متر أو مئتي متر ويركضون باتجاه الباب لأني سمعت صوت الأميركان، فألقوني على الأرض ففقدت الوعي وبقيت..
فارس المهداوي: هنا أكو أسئلة كثيرة أبو سماء أنت شو اللي خلاك تتجول بهيك وقت متأخر من الليل وحدك؟
عماد الجبوري: أولاً لم يكن وقت متأخراً لأن المعتقلين لم يكونوا يعني ناموا، جميع المعتقلين..
فارس المهداوي: بس أنت حتماً كنت في ساحة وحدك والدليل إنه ما في أحد كان يساعدك أو ينجدك؟
عماد الجبوري: لا بل كانوا الجميع موجودين، ولكن لا يستطيع أحد أن يساند الآخر.
فارس المهداوي: زين الإدارة وين كانت؟ الأميركان وين كانوا؟
عماد الجبوري: الأميركان قلت لك يبعدون ثلاثمئة متر.
فارس المهداوي: ما شافوا حركة غريبة؟ ما سمعوا صوت صياح أنت حتماً يعني كنت تصرخ من الألم؟
عماد الجبوري: وإن يسمعوا وإن يسمعوا..
فارس المهداوي: يعني لا يبالون؟
عماد الجبوري: أبداً لا يبالون ولا يهتمون بالأمر.
فارس المهداوي: زين أبو سماء شنو السبب اللي دفع هذه المجموعة أن تختارك أنت حتى تكون الضحية أو الهدف؟
عماد الجبوري: أنا في اعتقادي أنا الشخص الوحيد من كركوك لأن الباقين كانوا عبارة عن مجموعات أربعة أشخاص أو خمسة أشخاص أو عشرة أشخاص من باقي المناطق، أما أنا فكنت الشخص الوحيد من كركوك ولكن أنا لست الحادث الوحيد الذي تعرضت له، ولكن في نفس الوقت وبعد ساعات تعرض له شخص آخر واسمه حسن من حديثة، هذاك الشخص لم يكونوا في ظرفه مستعجلين ماذا فعلوا له؟ قعطوا أذنيه الاثنتين، وقاموا بكسر فكه، وقاموا بقطع لسانه، وقاموا بتكسير يديه ورجليه، وقاموا بقص ذكره كاملاً مما أدى إلى وفاته.
فارس المهداوي: في نفس اليوم؟
عماد الجبوري: في نفس اليوم بعد ساعات، فمما أدى إلى هروب باقي المعتقلين الجدد بعد أن رأوا هذه الحالتين وسمعوا بها وقاموا بالهرولة إلى منطقة تسمى سيليدور وهي منطقة محاذية للحرس الأميركي، فالحرس الأميركي أمرهم بالرجوع إلى المعتقل فأبوا أن يرجعوا، فقاموا برشهم بخراطيم المياه لإجبراهم على أن يرجعوا، ولكن لم يرجعوا وبقوا ثلاثة أيام في هذه المنطقة التي تسمى سيليدور وبعدها تم نقلهم إلى مكان آخر، هذا الكلام طبعاً سمعته من أحد المعتقلين الذي جاء إلى مطار بغداد الدولي وهو أبو فهد تكلم لي عن هذا الكلام وأخبرني عن حسن.
فارس المهداوي: هو روى لك ما جرى يعني من بعدك.
عماد الجبوري: نعم.
فارس المهداوي: زين أنت عرفت الجماعة اللي هاجموك من هم؟ وليش؟
عماد الجبوري: أولاً أنا فقدت الوعي..
فارس المهداوي: شنو انتماءهم أبو سماء؟
عماد الجبوري: سؤال جيد أنا بقيت أنا لم أذكر كم بقيت في الغيبوبة بقيت ما يقارب 18 يوم واليوم التاسع عشر جلست في يوم 31/10/2007 بالتحديد رجع وعيي، الأشخاص هم عراقيين ولكن أعتقد بإعانة من أميركا، أما انتماءهم بالضبط بالضبط لا أعلم لأني بقيت لم أمكث أكثر من أربعة وعشرين ساعة من يكونوا، ومن أوصل إليهم إيعاز معين حتى يقوموا بما قاموا..
فارس المهداوي: هل هم كانوا متدينين؟
عماد الجبوري: لا أعرف أربعة وعشرين ساعة، الكل يصلي في الجامع الأربعمئة شخص الكل يصلي لا يوجد أحد لا يصلي.
فارس المهداوي: هل أنت كنت متدين؟ يعني أنت كنت تقيم الفرائض..
عماد الجبوري: نعم أنا أصلي.
فارس المهداوي: تصلون كمجموعة كلكم؟
عماد الجبوري: نعم كلنا.
فارس المهداوي: يعني هل انتبهت إلهم إنه ربما يكونون من المتشددين؟
عماد الجبوري: ربما لكن لست على يقين من ذلك، ولكن الذي أعرفه أن المسؤول عن هذا الحدث كله هو جيش الاحتلال الأميركي لأنه هو المسؤول عن المعتقل وهو الذي جلبني إلى هذا المكان الخطير، فهو يتحمل المسؤولية كاملة ولا يتحمل مسؤولة هذا الحدث إلا هم وقادتهم.
فارس المهداوي: زين الاعتداء ليش تم عليك بهذه الطريقة أبو سماء؟ ليش بهي الطريقة يعني كان من الممكن يا إما أن يقتلوك فوراً بهذه الآلة اللي قلعوا بها عينك كان ممكن أن يقتلوك ويا أما كان إنه كان يكون الهجوم عليك تأديبي مثلاً لغرض إيصال فكرة ما أو خطاب ما، ليش كان الهجوم بهذه الطريقة يعني شنو؟
عماد الجبوري: حقيقة أوصلوا الفكرة يعني بس فكرة عبارة عن تمثيل وعن قلع العيون..
فارس المهداوي: شو هي الفكرة اللي أوصلوها؟
عماد الجبوري: يهددون الناس بها، لا أعرف ماذا يقصد بها الجانب الأميركي، لأن أنا قلت أنا أحمل الجانب الأميركي مَن هم حتى يعتدون عليّ في معتقل أميركي؟ من هم أياً كان أياً كانت قوتهم أي,,
فارس المهداوي: بس أنت تقول إنه أشخاص عراقيين أبو سماء؟
عماد الجبوري: نعم عراقيين.
فارس المهداوي: بتقول أشخاص عراقيين.
عماد الجبوري: المعتقل لا يحتوي إلا على الأشخاص عراقيين.
فارس المهداوي: نعم وأنت تقول إنه هذول ارتكبوا جرائم يعني قبلها وبعدها.
عماد الجبوري: لكن لماذا لم يحاسبوا؟
فارس المهداوي: شو يحاسب؟ هو بالسجن يعني شلون يحاسب؟ هو بالسجن هو معتقل.
عماد الجبوري: يعني عندما يعني عندما..
فارس المهداوي: إذاً أنا أسألك سؤال آخر أنا أسألك سؤال آخر أبو سماء الكم اللي كنت أنت بيه هل هو هذا مثلاً بالأصوليين بالمتشددين بالمجرمين الخطرين بالإرهابيين باللي جرائمهم بسيطة؟ شنو هذا كان يحوي؟
عماد الجبوري: لكي أكون دقيق معك أنا ذهبت ليوم واحد فكيف لي أن أعرف هذه التفاصيل؟ ولكن نسمع يوجد كم جيد وكم غير جيد، ولكن لا نعرف فيه متشددين أو غير ذلك بالضبط لا نعرف.
فارس المهداوي: يعني ما سمعت إنه هذا الكم جيد أو غير جيد؟ ما عرفت بالبداية من وصلت؟
عماد الجبوري: والله يمكن يسمعوني اللي كانوا وياي بالمعتقل قال لنا الأكو والأكو هو عبارة عن الجندي العراقي الذي يوجد مع الأميركان، وهو عبارة عن شخص أو شخصين موجود في المعتقل فأخبرنا بأنه أحسن مكان قال لنا باللهجة العراقية أحسن مكان تروحون إليه ترتاحون أخبرنا إحنا الكم الثلاثين.
ريما صالحة: فاصلٌ قصير نتابع بعده المزيد من قصة المعتقل العراقي عماد الجبوري، ماذا حدث له بعد ذلك؟ وما أسباب هذا الهجوم الوحشي عليه؟ هل تم اكتشاف الفاعلين ومعاقبتهم أم أنهم ما زالوا يمتلكون هذه السطوة داخل سجن بوكا؟ نتابع بعد الفاصل.
[فاصل إعلاني]
قوات الاحتلال تغض الطرف عن جرائم السجون
فارس المهداوي: زين ظروف المعتقلين الآخرين كيف كانت؟
عماد الجبوري: بالضبط يعني في بوكا لا أعرفها، ولكن أعرف حسب ما سمعت في مطار بغداد قد رووا لي بعض الحكايات فقد قاموا وجدوا في كم واحد ستة عشر جثة مدفونة في الرمال وحادثة أخرى..
فارس المهداوي: هذا في أي سجن؟
عماد الجبوري: في بوكا.
فارس المهداوي: في بوكا.
عماد الجبوري: الجرائم الكبيرة في بوكا، أما الجرائم الصغيرة في مطار بغداد الدولي، وسمعت عن شخص قاموا بتقطيعه تقطيعاً كاملاً وقاموا بحمله إلى التعداد لمدة ثلاث أيام وعندما قد تسأل تقول لماذا لم يلاحظوا الأميركان اختفاءه أو اختفاء الستة عشر؟ فعندما يقولون لهم هربوا يصمتون، ماذا معنى الصمت؟ أيستطيع أحد أن يهرب من معتقل بوكا؟
فارس المهداوي: إذاً هم يعرفون مصيرهم؟
عماد الجبوري: نعم والدليل على ذلك بعد أن يخرجوهم بعد فترة بسيطة يأتون بالكلاب تقوم بالبحث فيخرجونهم ولا يوجد حساب أو عقاب، ولكن حسب ما سمعت بعد ضربي والاعتداء عليّ خرج شخصان من المعتقل الذي كنت فيه فاعترف على الأشخاص الذين قاموا بضربي وضرب حسن من حديثه.
فارس المهداوي: عرفتوهم الأشخاص؟
عماد الجبوري: أنا لم أعرفهم، ولكن قام الأميركان والعراقيين محكمة الساعة بقراءة أسماء لي، ولكن كان من ضمن الأسماء اسم أحمد، فكان الشهود رووا ما رويته بالضبط وبالتفصيل.
فارس المهداوي: مصيرهم وين الآن؟
عماد الجبوري: لا أعرف، ولن أستطيع السؤال لأن كنت أخشى السؤال لأن الأميركان إذا تستحق أن تبقى يوم بالمعتقل يبقونك لمدة ستة أشهر أو سنة فلا يهمهم أن تخرج أو تمارس حياتك العادية هذا ليس بشأنهم.
فارس المهداوي: إذاً حملوك بالبطانية وقاموا يصيحون مريض مريض وبعدين..
عماد الجبوري: هذا آخر كلام سمعته.
فارس المهداوي: آخر كلام بعدين شنو اللي حسيت فيه شنو اللي صار؟
عماد الجبوري: في يوم 31/10 صحوت من الغيبوبة فإذا سمعت الدكتور الأميركي طبعاً مستشفى أميركي في مطار بغداد الدولي بعد أن سألت أين أنا؟ قالوا أنت في مستشفى في مطار بغداد الدولي، فقلت له إيمتى أرى؟ فقال لي: no more يعني لا مزيد لن ترى بعد ذلك، قلت هل يوجد أمل؟ طبعاً قال يوجد أمل والأمل بالله أن يعمل لك عملية الحاسة السابعة أو أشياء لم أفهم كلامه بالضبط، ولكن عندما جلست وجدت عيوني أنا لم أعلم بأني فاقد البصر أو ما شابه ذلك، ولكن عندما جلست شعرت بأن جفوني مخيطة ولساني مخيط أيضاً وهنا عملية وسيقاني عملية وكانت يدي أيضاً المكسورتان عبارة عن بلاتين خارجي، أما رجلي فهي عبارة عبارة عن بلاتين بدل عظم الساق، فبقيت في المستشفى لمدة أربعين يوماً..
فارس المهداوي: أول ما عاد لك الوعي تذكرت شنو اللي صار لك؟
عماد الجبوري: عندما صحوت؟
فارس المهداوي: نعم.
عماد الجبوري: أبداً.
فارس المهداوي: ما عرفت إنه أنت تعرضت إلى هجوم؟
عماد الجبوري: أبداً أبداً، ولا أعرف ماذا جرى، ولكن بعد يومين أو ثلاثة أيام قمت أستذكر ماذا حصل وماذا جرى، وبعدها جائني عقيد المستشفى فقال لي هل تريد أن تقيم دعوى على الذين اعتدوا عليك لأننا قمنا بإلقاء القبض عليهم؟ فأخبرته نعم، كيف لا؟ كيف لا وهم قاموا بارتكاب جريمة مع سبق الإصرار والترصد؟ فأخذني في بادئ الأمر قال لقاضي عراقي يريد رؤيتك، فعندما ذهبت تفاجئت بأنهم أميركان، فبدؤوا بسؤالي عما حدث فرويت لهم كما رويت لك الآن، فكتبوا وقرؤوا عليّ نفس الأسماء التي قرأها عليّ الجانب العراقي، فقال هل تعرفهم؟ فقلت لهم لا، قلت بس أعرف اسمه أحمد وكان أحمد ضمن القائمة، ولكن لا أعرف اسمه الثلاثي، وما هي أين يسكن لا أعرف أي شيء عن هذا.
شبه إنسان يعود إلى المعتقل
وبعد رجوعي إلى المستشفى في اليوم الأربعين بالتحديد في مكوثي في المستشفى، قام قاضي عراقي بزيارتي وأيضاً قدمت شكوى وطلبت التعويض المادي والمعنوي، ولكن لا أحد يسمع طبعاً، وبعدها قاموا بتحويلي إلى المعتقل وأنا بحال يرثى لها عبارة كنت عبارة.. لم أكن إنسان كما أنا الآن، كنت عبارة عن هيكل عظمي يخيف.
فارس المهداوي: شبه إنسان.
عماد الجبوري: شبه إنسان أو أقل من هذا نقول شبه إنسان لكي..
فارس المهداوي: يعني لا تزال آثار العمليات والخياط والبلاتين من أيديك ورجلك وتم نقلك إلى المعتقل.
عماد الجبوري: نعم وعبارة عن جلد وعظم.
فارس المهداوي: زين ليش ما بقوك في المستشفى حتى تحتاج إلى رعاية؟
عماد الجبوري: أنا رفضت البقاء في المستشفى.
فارس المهداوي: السبب؟
عماد الجبوري: السبب لأني أنا في هذه الحالة يقومون بربط رجلك وبشد يدك وممنوع أن تتكلم كلمة واحدة، وإذا تفوهت بكلمة يقومون بسد فمك فلماذا البقاء هناك؟
فارس المهداوي: يعني أنت رغم اللي حصل لك ورغم اللي أنت تعاني من عنده يقومون بهذه الأشياء؟
عماد الجبوري: نعم والدليل على ذلك بعد أن طلبت أن أخرج وافق فذهبوا بي إلى صالة الاستقبال أو الراحة في المستشفى عبارة عن قاعة تقريباً خمسة في أربعة أو ستة في أربعة يعني حسب تصوري لأنها كانت باردة، فبقيت هناك يومين وأنا على الكرسي المتحرك لم يعطوني بطانية أو فراش أو أي شيء ما عدا الماء، فكنت أضرب الباب واطلب منهم أن يخرجوني فلم يكونوا يسقوني وبقيت لمدة يومين، يومين كاملين وأنا على الكرسي المتحرك وتجمدت أطرافي من البرد، وبعدها نقلوني إلى المعتقل الثاني في مطار بغداد الدولي فذهبت إلى المطار ووجدت أناس يرحبون بي والكل يتنافس من أجل أن يعاونني.
فارس المهداوي: من المعتقلين.
عماد الجبوري: نعم من المعتقلين، هؤلاء العراقيين الشرفاء من كل نوع ومن كل جنس، فكان لي صديق سالمون وهو مسيحي فكان شخصاً طيباً وقد قام بمساعدتي كثيراً وكانوا أهل الحويجة هم أهلي بالفعل فقد قاموا بمساعدتي لأن أحتاج أكثر من شخص في إعانتي وكان هناك ثلاثة أشخاص من كركوك من..
فارس المهداوي: وأنت كنت بهذا الحال لا تتحرك لا تمشي.
عماد الجبوري: أبداً أبداً.
فارس المهداوي: زين شلون تتناول الطعام ولسانك مقطوع وعملية؟
عماد الجبوري: جيد عندي شخصان قلت لك من كركوك ومن أهل الحويجة.. ثلاثة أشخاص من كركوك فكانوا يساعدوني في تناول طعامي وكان يشربوني الماء، وكانوا يذهبون بي إلى التواليت فكانوا يساعدوني يتعاونون كل شخصين عليه نصف يوم، فكانوا يساعدوني مساعدة كبيرة إلى أن بقيت ما يقارب الشهر فجاني الhappy pass يعني إطلاق سراحي وقاموا بنقلي من مطار بغداد الدولي إلى مطار كركوك.
فارس المهداوي: إلى المكان الأول اللي تم اعتقالك بيه.
عماد الجبوري: نعم لماذا إلى المكان الذي تم اعتقالي به؟ لا يطلق سراح المعتقل إلا من المكان اللي اعتقل به.
فارس المهداوي: زين هذا اللي تقول عليه happy pass إجاك يعني إنه قرروا الإفراج عنك، هل بسبب الاعتداء اللي تعرضت إله ولا ما كان لك أي تهمة، ما عندهم أي دليل على التهم الموجهة إلك؟
عماد الجبوري: من خلال هذا البرنامج أتحدى بوش وأتحدى قادته وأتحدى جيشه وأتحدى من يلف لفهم أن يثبت عليّ ربع دليل ولو ثبت عليّ ربع دليل أنا أستحق ما جرى لي، أتحداهم ولكن أطلقوا سراحي بسبب هذه الحالة..
فارس المهداوي: بسبب حالتك الصحية.
عماد الجبوري: نعم لأني كنت سأبقى في المعتقل لمدة سنتين أكثر أقل حسب مزاجهم وحسب رأيهم وحسب قناعتهم التي تبنى على ماذا؟ لا نعرف.
فارس المهداوي: بعدها عدت إلى كركوك.
عماد الجبوري: إلى مطار كركوك.
فارس المهداوي: نعم وتم الإفراج عنك في كركوك.
عماد الجبوري: إي بعد ثلاثة أيام تم الإفراج عني لأنهم حاولوا مساعدتي مساعدة طبية فأنا رفضت، رفضت أن يساعدوني مساعدة طبية قلت لهم فقط أخرجوني إن أهلي يساعدوني.
فارس المهداوي: حالتك الصحية شلون كانت لما خرجت من المعتقل؟
عماد الجبوري: سيئة جداً، والدليل على ذلك كل ما رآني زارني لم أكن أبالغ المئات الكل كان يبكي، فأنا أمري شائع في كركوك فقط، لم يزرني الجهة الوحيدة التي لم تزرني هي الحكومة التي هي الحكومة في نظري لا تدري ولا تدري أنها لا تدري وهذا كلام كافي وبالغ.
فارس المهداوي: أبو سماء لمن تحمل مسؤولية ما جرى لك؟
عماد الجبوري: قبل قليل أجبتك بأني أحمل بوش شخصياً لأنني جعلني نموذجاً من نماذج الشرق الأوسط الكبيرة كما وعد به، فأنا أحد النماذج أحمّله شخصياً وأحمّل قادته وجيشه أحملهم أنا أحمل جيش الاحتلال.
فارس المهداوي: هل حاولوا أن يتصلون بك أو أن يعوضوك أو أن يقدموا لك أشياء معينة؟
عماد الجبوري: اتصل بي عقيد من مطار كركوك وأراد..
فارس المهداوي: عقيد عراقي أم أميركي؟
عماد الجبوري: أميركي واسمه عقيد مراوغ، لأنه هم يأخذون معلومات كاملة رقم هاتفك ومنزلك معلومات كاملة يأخذون حتى أسماء أهلك كاملاً، فأراد أن يزورني فأنا رفضت طبعاً، أنا رفضت أن يزورني فقال تحتاج أي مساعدة طبية؟ فقلت له لا لن أحتاج منكم أي شيء فقط ابتعدوا عني.
فارس المهداوي: كيف تمضي بك الحياة الآن؟ شلون تمشي أمورك؟ شو تشتغل؟
عماد الجبوري: الحمد لله أنا أيماني بالله قوي، وأنا أشعر بأني أرى وأني أبصر أكثر من الذين يبصرون بسبب الإيمان بالله، وأعرف أن هذا قدري، ولكن الحمد لله لي أهل، لكن إذا تسألني كيف أعيل عائلتي أقول الله أعلم، لا أعرف ماذا أفعل، أنا متزوج وأمي ساكنة معي ولي طفلتان ولكن لا أعرف ماذا أفعل، ماذا أعمل كيف أعيلهم أنا أتركها لله.
ريما صالحة: إذاً انتهت إفادة المعتقل العراقي السابق عماد الجبوري عن الاعتداء الذي تعرض له داخل سجن بوكا، وتبقى العديد من الأسئلة المعلقة أهمها السؤال الذي بدأنا به الحلقة وفجرناه في حلقةٍ سابقة مَن يحكم السجون الأميركية في العراق؟ هل يمتلك المتشددون هذه القوة الخارقة التي تجعلهم يمارسون سطوتهم على غيرهم من المساجين؟ وما مسؤولية قوات التحالف والحكومة العراقية عن حماية المعتقلين داخل السجون من مثل هذه الاعتداءات؟ ويبقى الجواب طبعاً معلقاً، إلى هنا تنتهي هذه الحلقة من صناعة الموت أشكركم على المتابعة لكم تحيتي وتحية الفريق العامل معي ودائماً في صناعة الموت من هنا من العربية معاً نصنع الحياة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
ما زالت اللعبة في بدايتها
زهير ماجد
الوطن عمان
لم يبق من دولة صدام حسين العراقية اي مظهر او حتى تركيبة او معلومة، فبعد خمس سنوات من بدء الاجتياح الاميركي للعراق تكبر نياشين الحرب عند بعض القادة الاميركيين فيما البعض يخرج بهدوء من لعبة دائمة الحذر لكنها لم تسجل حتى الآن نهاية لها وسط الكلام المتطاير احيانا عن امكانية تخفيض القوات الاميركية والتي لا تعني في مطلق الاحوال انهاء الاحتلال بكل تفاصيله.
مئات الالاف تظاهروا في الولايات المتحدة في ذكرى احتلال العراق وغيرهم في بعض العواصم الاوروبية، اما الشارع العربي فينام على حرير ملغز (اي فيه لغز ) من عدم الاكتراث او التذكر لهذه المناسبة التي تعتبر الافظع في تاريخ الامة .. صحيح ان الاميركي لم يأت كقوة استيطانية كما هو الحال مع فلسطين، الا ان ما حصل من هجرات داخلية وخارجية بات مقنعا انه في حجم مرارة اقامة اسرائيل في المنطقة .. ومن يعلم كيف ستصل الامور في العراق بناء على التحليلات المكثفة التي تستبق حصول ما يمكن حصوله فيه، هل يبقى موحدا ليخرج سليما معافى أم يتشظى إلى كيانات مذهبية واثنية وعرقية ليكون كل جزء فيه فلسطين جديدة.
لا نريد للتظاهرات تلك ان تتحدد في يوم واحد هو ذكرى احتلال بلد عزيز على قلوب جميع العرب، بل نريده أن يستمر لأيام واسابيع وشهور وان يشارك العرب فيها كي لا يطمئن اي من المتلبسين ابقاء الجيش الاميركي بقاء الرغبة الشعبية الاميركية في ما آلت اليه واقع أمور ابنائهم الذين يقتلون كل يوم ووصل عداد قتلاهم الى ما يفوق الاربعة آلاف فيما عدد الجرحى اكثر من ثلاثين ألفا وبين القتلى من انتحروا لاسباب نفسية بعدما اذاقهم الشعب العراقي الويل، وكانوا قد حسبوا كما زينت لهم الادارة الاميركية ان العراقيين سيرمون عليهم الورود تعبيرا عن خلاصهم من صدام حسين.
بعد خمس سنوات ما زال المكان العراقي في مكانه لكن روح الزمان العراقي قد ولت وهي تبدو اليوم في كامل بحثها عن وجه جديد يرفع عنها غمامة الماضي والحاضر معا. اذ ليس امام العراقي بعد سنوات الاحتلال سوى التفكر بالرحلة الطويلة لمشروع الدولة العراقية ولكيفية ملاءمتها مع وجود احتلال .. كيف تقام دولة في ظل ظروف غير شرعية وهو المؤتمنة على حياة شعب يريد ان يطمئن الى قداسة استقلاله وحريته وعالمه القائم على عدم التبعية.
اما الاميركي الذي كلفته حربه في العراق بلايين البلايين من الدولارات فهو لن يبخل بالمزيد منها اذا كان ما يحققه من نفط ذلك البلد الكثير، اضافة الى الابعاد السياسية المتوخاة من بقائه في بلاد الرافدين كتلاعب بالقدر العراقي وملامسة لمحيطه واقتراب مدروس من مشاريع اسرائيل في المنطقة عموما بل مشاركة تبدو مصيرية بين هذا وذاك.
خمس سنوات من العذاب العراقي ذاق فيه العراقيون كل انواع الاضطهاد والاحساس بأنهم يعيشون في لا دولة حيث لا أمان ولا اطمئنان على مستقبلهم ومستقبل اولادهم. فإذا اكثر من ثلاثة ملايين هم في المنافى واذا القتلى تجاوزوا المليون واما المستقبل فعلى كف عفريت وهو غارق في المجهول الذي يظل مجولا كلما سعى العراقيون لترميم احلامهم في اقامة وطن يصعب قيامته في ظل احتلال.
لا يستطيع الاميركي الاحتفال بمرور السنوات الخمس على بدء حربه في العراق ، كما لا يستطيع العراقيون الا التأمل في هذه الذكرى سوى اضاءة شموع الغفران مما يحصل في بلدهم ومما يخطط لهم. العراق اسير تلك السنوات العجاف، لكن جرس الانذار ما زال معلقا في سمائه ان اللعبة ما زالت في بدايتها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
العراق بعد 5 سنوات من الاحتلال
خميس التوبي
الوطن عمان
بعد يومين تحل الذكرى الخامسة على احتلال العراق وإزاحته من معادلة التوازن الإقليمي، وإزالته كآخر ثقل من الكفة العربية في ميزان القوى بالمنطقة، لتبقى تلك الكفة متأرجحة كما أريد لها ولصالح الكفة الأخرى المائلة لإسرائيل كونها مقدمة الرمح في حماية المصالح الغربية.
واستتبع اختلال الميزان هذا بروز إيران كقوة إقليمية تطمح إلى لعب دور إقليمي فاعل، يخول لها ذلك نجاحها في تحقيق مكاسب على الصعيد العسكري والاقتصادي وفي مجال الطاقة النووية، وقدرتها على تحريك دفة الأمور في أكثر من جانب، حيث أعطى تخلخل الوضع في العراق وانهياره التام لطهران الفرصة لأن تكون لاعبًا مؤثرًا على الساحة العراقية، وبالمثل في لبنان وأفغانستان وعلاقتها القائمة على الدعم مع حزب الله الذي شكل انتصاره على الجيش الإسرائيلي في صيف عام 2006 دفعة معنوية لإيران باتجاه ذلك، وكذلك ما يتردد عن علاقتها بالمسلحين في أفغانستان، وقد كشف هذا الظهور الإيراني قصور النظر في السياسة الأميركية الذي تسبب فيه مجيء اليمين المتطرف الممالئ والمنحاز لإسرائيل، والذي يتكئ على عصا القوة العسكرية الغاشمة التي يجب أن تكسر وتدمر كل من يقف أمام إسرائيل أو يهدد أمنها، وكيف أن ضيق الأفق وغياب النهج الدبلوماسي الأميركي المعهود جعل من إيران شوكة في حلق إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة؛ فلا هما قادرتان على بلعها ولا على لفظها، بل ذهبت طهران إلى أبعد من ذلك عندما دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى مسح إسرائيل من الخارطة ووصفها بأقذع الصفات.
بعد خمس سنوات من الاحتلال الأميركي للعراق ما الذي تحقق للمواطن العراقي من الوعود الأميركية بالحرية والديمقراطية وإعادة الإعمار؟ لا شيء، بل على النقيض حيث يتهدده شبح الموت في عملية انتحارية أو قصف أميركي أو استهداف من ميليشيا مسلحة، فضلاً عن حرمانه من أبسط حقوقه الأساسية من طعام وماء صحي وكهرباء، أما ما يسمى الديمقراطية فقد قضمتها الطائفية بأنيابها وأصبحت كل فئة تتربص بالأخرى، والحال بالنسبة لإعادة الإعمار وتوفير فرص عمل لملايين العراقيين ليس أقل مأساوية، وما الملايين من اللاجئين خارج العراق إلا دليل على قتامة الوضع في بلادهم وزيف شعارات المحتل الذي ظل في المقابل ينهب ثروتهم.
إن من شأن أي احتلال جاء يسرق ويستولي على مقدرات الشعوب لا بد أن يزرع بذور الفتنة والشقاق بين أبناء البلد المحتل، وقد تجلى ذلك في العراق في التفريق بين عراقي شيعي وعراقي سني، وحي شيعي وحي سني وما تبع ذلك من عمليات تهجير، وبالتالي لا يستسيغ الاحتلال أحاديث ما يسمى بالمصالحة الوطنية ولا يستأنس بمضامينها ومفهومها إلا بما يمكنه من استمراره وإرساء مخططاته وتحقيق أهدافه، لأن المصالحة الوطنية الحقة يترتب عليها وحدة الصف والكلمة وتعني فيما تعنيه طرد المحتل، ولذلك جاءت مبادرة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على استحياء تقدم رِجلاً وتؤخر أخرى، مما جعلت بعض الأطراف العراقية تنظر إليها بعين الريبة والشك. أما الطرب الأميركي حول الهدوء في العراق الآن فجاء ليكشف النقاب عن إمكانية استتباب الأمن في السنوات التي تلت الغزو مباشرة، إذ كان من الممكن أن يتم احتضان الجماعات المسلحة والمحافظات السنية منذ البدء، غير أن ارتباط الوضع الأمني في العراق بالعامل الانتخابي في الولايات المتحدة حدا إدارة بوش إلى مساندة أهل الأنبار وإغرائهم بالعمل على إعطائهم حصة واسعة في الحكومة وتقديم المال مقابل أن يتعاونوا مع الجيش الأميركي في طرد القاعدة، هذا التعاون الذي تمثل بتشكيل مجالس صحوة الأنبار وقوة مسلحة تابعة لها قوامها ثمانون ألف مقاتل، أدى ـ كما يبدو ـ إلى إعلان مقتدى الصدر تجميد نشاط جيش المهدي، وربما بطلب إيراني، عندما رأى أن الكفة بدأت تميل إلى الجانب السني، لضمان بقاء السلطة بيد الشيعة من ناحية، ومن ناحية أخرى تخفيف الضغوط على طهران ـ المتهمة أميركيًّا بدعم الميليشيات الشيعية في العراق ضد الجيش الأميركي ـ فيما يخص برنامجها النووي.
على أي حال بعد افتضاح كل الأكاذيب التي سُوِّقت قبل الغزو من أسلحة دمار وتهديد للجيران وعلاقة صدام بالقاعدة، فإن الصورة التي سيكون عليها مستقبل العراق ستتضح أكثر بعد مجيء الرئيس الأميركي الجديد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
سكّة المصالحة في العراق!
د. محمد ناجي عمايره
الوطن عمان
عشية الذكرى الخامسة للاحتلال الاميركي ـ البريطاني للعراق، تبدو الصورة أكثر قتامة وسوداوية، من اليوم الأول للاحتلال، إذ يؤكد المحللون والمراقبون فشل قوات الاحتلال في احلال الامن والاستقرار في العراق، مثلما فشلت المساعي المقنعة بالعملية السياسية الديموقراطية في إقناع الناس بان ما تم جاء لمصلحة الشعب العراقي وكرامته وحريته واستقراره وسيادته على أرضه ناهيك عن وحدة العراق التي تشظت الى ما يشبه الكانتونات الطائفية والعرقية.
وهذا الانطباع العام لا يقلل من الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية المشكلة في ظل وجود قوات الاحتلال وهيمنتها على المشهد السياسي العراقي، من أجل تحقيق ما يسمى بـ (المصالحة الوطنية) بين القوى السياسية كافة.
فأسس هذه المصالحة غير واضحة، وإن كانت الحاجة إليها ماثلة للعيان، غير أن الأهم أنها مصالحة غير واقعية في ظل استمرار الاحتلال وممارساته وفي ظل الدعم الذي تحظى به الميليشيات الطائفية المسلحة، وفي إطار التصعيد الأمني الذي تمارسه تنظيمات إرهابية متعددة الاسماء والاشكال ومن بينها تنظيم (القاعدة) وكلها تستند إلى الطائفة او العرق وتستقوي بروابط وتوجيهات أجنبية ظاهرة او خفية.
والقوى السياسية التي يفترض ان تجتمع غدا من اجل الاتفاق على (المصالحة) فيما بينها، لا تملك القدرة على ترسيخ هذه المصالحة او إقامتها على أسس ومبادئ واضحة تضمن ديمومتها واستمرارها.
وطرح فكرة المصالحة ـ في حد ذاتها ـ لا يجد من يعارضه، لكن السؤال هو: مصالحة مع من؟! ومن اجل من ؟! وعلى ماذا؟!
ولسنا في وارد الاشارة الى معوقات المصالحة الكثيرة، فالأسس ـ وحدها ـ تكفي للتقليل من فرصة الاتفاق عليها، الامر الذي يجعلها مجرد فكرة ملقاة في هواء التجاذبات السياسية المختلفة. كما أن السياسيين انفسهم غير قادرين ـ أبدا ـ على تسويق الفكرة للميليشيات القائمة، مع ان بعضهم ينتمون اليها. فالفوضى غير البناءة التي استطاع الاميركيون نشرها باحتلالهم وممارساتهم التي تلته، وانعدام قدرتهم على فرض الامن والاستقرار، ناهيك عن غياب الحياة الآمنة والطبيعية، وتردّي حالة المؤسسات الوطنية، وتفكك القوى الاجتماعية إثر القوى السياسية .. ذلك كله، ما يؤشر على النتائج التي اسفر عنها الاحتلال ومشروعه الديموقراطي المزعوم، الامر الذي يفضح طبيعة النموذج الذي يريدونه للمنطقة، والذي ارادوا ان يكون العراق بتكوينه الهش الحالي بداية له.
نستطيع ان نجزم ان العراقيين يسعون إلى المصالحة الوطنية، ولكنهم لا يمكن ان يجعلوا من ادوات الاحتلال الرافعة التي تتأسس عليها هذه المصالحة المنشودة.
فثمة سؤال اساس حول مفهوم (المصالحة) وصفة (الوطنية) التي تتبعه، ليسير قطار العراق على السكة الصحيحة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
العراق .. معضلة ازدواج الجنسية والولاء
محمد الدعمي
الوطن عمان
يناقش البرلمان العراقي هذه الأيام قراراً مقترحاً يفيد بتحريم تسنم العراقيين من حملة أكثر من جنسية واحدة المناصب السيادية. وإذا كان هذا القرار مهماً للغاية ، إن لم نقل مفيداً للغاية كذلك، إلاّ أن المتوقع ان يواجه صعوبات وعقبات عدة، ليس فقط بسبب طبيعة المجتمع العراقي الذي مرت به أنواع الغزوات الأجنبية والأقوام عبر تاريخ مخضب بالدماء، ولكن كذلك بسبب طموحات بعض قادة المعارضة السابقين والمتنفذين الحاليين، إذ إن العمل السياسي ضد النظام السابق قد أفرز ظاهرة هجرة أعداد هائلة من المعارضين إلى الدول الغربية التي كانت تحتضنهم وتخصهم بالرعاية و"العناية المركزة" بناء على ما كانت تعقده عليهم من مأمول الأدوار السياسية المستقبلية.
هذا ما حدث بالفعل، إذ بقي المعارضون في الدول الغربية، الطامحة لمصالحها في العراق وفي الشرق الأوسط، عقوداً هناك حتى اكتسبوا جنسيات الدول المضيفة، ومنها الجنسيات البريطانية والأميركية. لقد كان هذا الاكتساب شيئاً طبيعياً بعد مضي عدد من السنين في هذه الدول التي، حسب قوانينها، تمنح جنسيتها للمقيمين على أرضها بشروط معروفة. وكان من بين هؤلاء المقيمين أعداد من الناشطين سياسياً والناشطين "عائلياً"، حيث أثمر بقاؤهم في الدول الغربية عقوداً طوال عن إنجاب الأولاد والبنات الذين كانوا يكتسبون الجنسية الأجنبية تلقائياً، والذين (للأسف) لا يفهمون شيئاً من اللغة العربية ولا يفقهون ما يكفي عن ظروف بلدهم الأصل، وربما يخصونه ويخصون المتحدثين بالعربية أو الكردية بنظرة دونية! وهكذا توطدت أعمدة بقائهم في الدول الغربية، الأمر الذي تتوج بكسب الجنسية الأجنبية وكسب الولاء للدول التي يحملون جنسياتها.
لقد كان الانهيار الدرامي للنظام السابق في بغداد، وراء اندفاع المعارضين السابقين عبر عملية الإبدال والاستبدال، نحو المناصب المهمة أو السيادية: فقد تسنم بعض هؤلاء مناصباً لا تقل أهمية عن أعلى السلطات، كما قفز آخرون نحو مناصب "الثأر" والانتقام في الأجهزة الأمنية كي يصفوا حساباتهم مع من كان يضطهدهم ويعذبهم على سنوات النظام السابق، بينما جرت عمليات الاندفاع إلى الوظائف التي كان معارضو الأمس يحلمون بها.
وهكذا كانت النتائج غريبة ومثيرة للشكوك حيث بدأت التساؤلات تتزايد عن أهلية مزدوجي الجنسية لتسنم المناصب المهمة، خاصة عندما يأتي الأمر إلى محك الخيار بين الولاء للوطن الأصلي، العراق، وبين الولاء للوطن المضيف الجديد، كالولايات المتحدة أو بريطانيا. مثل هذه الخيارات والمحكات الصعبة لا محال من ظهورها ولا يمكن تجنبها، خاصة في الحقول التجارية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، من بين حقول أخرى: فإذا كنت عراقياً/بريطانياً وكنت وزيراً مخيراً بين منح العقد أو المناقصة الفلانية لشركة بريطانية تنافسها شركة فرنسية، فلمن ستنحاز؟ بغض النظر عن مصلحة العراق الأم.
لقد كانت هذه الظاهرة مثيرة للاستغراب، وللتندر أحياناً، إذ قرر بعض معارضي الأمس الإفادة من فائض الوظائف المتاحة بأن يكافئوا أنفسهم أولاً، فكانت النتيجة هي أن امتلأت سفارات العراق في العالم بسفراء يحملون جنسيات الدول المضيفة. وقد برزت هذه الظاهرة على نحو لا يقبل الشك عندما خيرت الخارجية الأميركية سفيرتنا المعينة بواشنطن بين الاحتفاظ بجنسيتها الأميركية أو التنازل عنها مقابل منصب سفيرة. وكان خيارها الاحتفاظ بالجنسية الأميركية بدلاً عن سفارة بغداد. ولكن مع هذا لم تفعل وزارات الخارجية في دول كبريطانيا والدانمارك، السويد وهولندا من بين دول أخرى، مثل هذا الإجراء الأميركي، الأمر الذي أدى إلى امتلاء سفاراتنا بأصحاب الجنسيات المزدوجة، ولكن بشيء من الكتمان. وكان من عجائب الأمور أن يظهر سفير العراق بلندن، بين الفينة والأخرى، على شاشات الفضائيات وهو يضع العلامة الحمراء لحزب العمال البريطاني على صدره، كناية عن تأييده لهذا الحزب بدلاً عن حزب المحافظين: فهل هذا الرجل سفير عراقي ام بريطاني يعمل في لندن بالنيابة عن حكومته؟
وإذا كانت وظائف وزارة الخارجية هي الأكثر وضوحاً، فإن على المرء أن يلاحظ أن المناصب المهمة الأدنى أهمية من مرتبة سفير قد امتلأت بأبناء المعارضين السابقين المولودين خارج العراق والذين لا يعرفون العربية ولا الكردية. وهكذا كانت مناصب السكرتير الأول والثاني والقنصل والملحق في سفاراتنا في الخارج، من بين المناصب الأخرى لممثليات العراق في المنظمات الدولية، من حصة أولاد وبنات المسؤولين الجدد ممن قد لا يحملون حتى الجنسية العراقية، خاصة من اخواننا الكرد! وهذا ما يفسر الاعتراض الذي عبر عنه عضو البرلمان العراقي، سامي العسكري، على ما يجري في وزارة الخارجية.
لهذه الأسباب راحت الأصوات تتعالى ضد شغل المناصب المهمة والسيادية من قبل أفراد يحملون جنسيات أخرى غير الجنسيات العراقية. وهي ظاهرة مبررة خاصة في العراق حيث كانت المناصب المهمة والمدرة، على سنوات النظام السابق محتكرة من قبل فئة صغيرة معينة، بينما كان سواد الناس لا يحلمون بتبوئها. أما اليوم، فقد انقلبت الأمور، ولكن بطريقة أخرى.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
أين تذهب أموال الشعب العراقي؟
كاظم الموسوي
الوطن عمان
ثروات أي بلد ملك شعبه، قاعدة عامة معترف بها مثلما تعترف القوانين الدولية والنظم الديمقراطية التي تعلن أن الحكم للشعب وتحترم الإرادة الشعبية صاحبة المصلحة في إدارة دفة الحكم وتحقيق مصالح البلاد والعباد بان تضع عمليات نهب الثروات وتخريب الاقتصاد وتدمير مؤسسات الدولة وهدر المصادر والقوى العاملة، في باب الجرائم الكبرى وتحاسب عليها بأشد العقوبات الجنائية. فلماذا تُقرُ مثل هذه القواعد القانونية والأخلاقية والسياسية في العالم وتحجب في العراق اليوم؟.
في خمس سنوات من الاحتلال الأميركي ومن حالفه للعراق تتكشف فضائح يومية، من بينها ما يتعلق بالتصرف بأموال الشعب العراقي، والسؤال عنها مشروع لأن الأوضاع التي يعاني منها الشعب اليوم يرثى لها وتثير اكثر من سؤال استفهام وقضية. العراق بلد غني بكل المعايير والمستويات والمجالات ولا أحد يقول العكس ولكن الشعب العراقي اليوم يكابد قسوة عيش تتصاعد فيها أرقام ونسب الذين يعيشون تحت خط الفقر فيه، وتتزايد أعداد الباحثين عن العمل وحجم الفساد وانعدام الخدمات العامة وغيرها من المسائل التي ترتبط بها. وكل يوم تنشر قضايا جديدة وليس آخرها ما كشفه تقرير أميركي لمكتب المحاسبة عن أن الحكومة العراقية لم تصرف سوى مبلغ هزيل لم يتجاوز 4.5 بالمائة من ميزانية سنة 2007 لإعادة الاعمار حتى شهر أغسطس الماضي. ويُقدر إنفاق الحكومة العراقية علي المشاريع الخدمية العامة، بما لا يتجاوز 22 في المائة فقط من موارد النفط التي خصصت لمشاريع إعادة الاعمار لسنة 2006. ومثلها تجري عمليات الصرف والتحضير لما يسمى بالاعمار ومؤتمراته والمانحين والمخططين والمشرعين لها. وكلها تظل في دائرة الأرقام والتقارير الأميركية للداخل الأميركي، مثلها مثل ما تنشره وسائل الإعلام الأميركية يوميا عن مضاعفات الخسائر المادية للاقتصاد الأميركي من جراء الاحتلال والحروب العدوانية والتي يكتبها خبراء أميركان حريصون على بلادهم وعلاقاتها بالعالم، وليس ما يخطط له من سموا بالمحافظين الجدد واللوبيات المتنوعة من مشاريع وخطط حربية عدوانية للهيمنة الامبراطورية وإعادة إنتاج الاستعمار من جديد.
هذه بعض أرقام تخص ميزانية ومحدودة بمجالها وقد أشارت تقارير سابقة لتصرفات كثيرة هدرت فيها أموال كبيرة في مجالات غير إنتاجية وتسربت أموال وسرقت أخرى وتفاعلت معها ضخامة فرص الإفساد والفساد الإداري والمالي إلى درجة اعتبار العراق من بين ابرز الدول في هذا المضمار.
التقرير يأتي بعد تقارير سابقة لنفس المجلس ولغيره عن الهدر المقصود والسرقات الكبيرة التي تتجاوز المليارات سواء عبر أفراد أو مؤسسات وشركات، بدءاً من الحاكم الاميركي بول بريمر ووصولا إلى شركة هولبرتون ومديرها السابق نائب الرئيس ديك تشيني. ولما تزل هذه القضايا طي الكتمان المقصود ولم تكشف حساباتها وتدقق مصاريفها وأوجه التبذير فيها ولخدمة من وضعت الأموال هذه ومن استفاد منها ومن المسؤول المباشر عنها؟.
ومن الغريب هنا تشكيل هيئة باسم النزاهة في العراق تمنع من نشر أوراقها بل وتحارب على أساس الشفافية التي يحاول بعض مسؤوليها تبنيها والانطلاق من حفظ ما يمكن من نزاهة أخلاقية. وتمر مثل هذه القضايا مرورا سريعا في وسائل الإعلام بينما يعاني العراقيون من اشد الأوضاع مأساوية، وهم في بلد اسمه العراق، ثرواته تحولت عليه من نعمة إلى نقمة، سال عليها لعاب الشركات والمؤسسات الاحتكارية الغربية ونهشته أساطيل المستعمرين القدماء والجدد، ووفرت مناخات لعصابات المحافظين الجدد في التسلل إليه.
بين فترة وأخرى يعترف من ساهم بكل ما حصل بسوء التخطيط والإدارة لما بعد الغزو وان الإدارة الأميركية وحلفاءها وخاصة البريطانيين لم يقدروا بدقة حجم الخراب والدمار في العراق، ويصل الأمر أحيانا إلى إحصاء تلك الخسائر وتحميل الشعب العراقي المسؤولية عنها وكأنه هو الذي استدعاها وطلبها، كما تحاول الآن بعد أزماتها وتورطها في العراق أن تكبله بقيود وأغلال جديدة في اتفاقيات أمنية ترهق كاهله بديون بليونية لكلفة ما تقوم به وعلى حسابه تحت دعوى طلب الحكومة العراقية لها.
يأتي كشف هذا التقرير إلى ضرورة المطالبة بإجراء تحقيقات واسعة في الأسباب والنتائج، في انعدام الشفافية وتبذير المال العام والنقص المتواصل في تحقيق ابسط متطلبات وحاجات الشعب العراقي اليومية وفسح المجال أمام عمليات الهدر والاختلاس والتهرب من تحمل المسؤوليات المباشرة عنها. ولابد من الاعتبار من فترة بول بريمر ومقاضاته ومن خلفه من بعد في تحمل هذه المسؤوليات وإعادة ما نهب وسرق وتكليف الإدارة الأميركية ومن حالفها بتحمل تكاليف إعادة الاعمار والإسراع في الخروج من العراق وكشف كل الملفات التي لم تزل مغلقة وضائعة في سراديب الاحتلال وحلفائه. إذ لا يمكن مقارنة هذا التقرير وغيره من التقارير الأميركية أو الدولية الأخرى دون الاستمرار في المحاسبة والكشف وإعادة الاعتبار للقانون ومحاكمة المقصرين والمسؤولين المباشرين عن أي إخلال في هذه الأمور التي تهم الشعب العراقي وثرواته ومستقبل أجياله. وما يشير إلى المشاركة الجماعية في ما آل إليه الوضع في العراق اليوم، حسب التقرير المذكور، بأن كل هذه الإجراءات تهتم فقط بما يقلل من تحملها المسؤولية المباشرة ويخرجها من دائرة الاتهام، بينما تتحدث ديباجات كل التقارير والقرارات الدولية التي صدرت من الأمم المتحدة عن ضرورة تلبية احتياجات ومصالح الشعب العراقي واحترام سيادته واستقلاله ولم نجد في الحقيقة أية مصداقية لمثل هذه الأمور، لا في هذا التقرير ولا على ارض الواقع / الكارثة.
فضيلة هذا التقرير الممكنة، وغيره طبعا، استصراخ الضمائر، أين تذهب أموال الشعب العراقي؟.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
الذكرى الخامسة لشن الحرب على العراق
منصور الجمري
الوسط البحرين
تمرّ علينا الذكرى الخامسة للحرب على العراق، ولعلّ الاحتجاجات على هذه الحرب تنطلق حالياً في أميركا وبريطانيا أكثر من غيرها، وذلك لأنهما تصدتا لشن الحرب على العراق رغم كلّ المخاوف ورغم عدم وجود شرعية دولية تدعمهما آنذاك. ولقد نتج عن الاحتجاجات إزالة رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، الذي فقد شعبيته بسبب موافقته على كلّ السياسات الأميركية. ويوم السبت الماضي انطلق الآلاف من البريطانيين في مظاهرات في الذكرى الخامسة من بدء الحرب فى العراق، ودعا خلالها المتظاهرون الى سحب القوات البريطانية من العراق وأفغانستان. وقال متحدّث باسم المتظاهرين إنّ الحرب على العراق «جعلت العالم مكاناً أكثر خطورة من ذي قبل»، بينما قال متحدّث باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي (ثالث حزب في بريطانيا) «إنّ الحرب على العراق كانت عملاً غير مشروع واستخدمت وثائق وتبريرات ثبت أنها كاذبة». كما دعا المتظاهرون إلى عدم الدخول في مجازفة خاطئة وغير مشروعة عبر شن أي هجمة على إيران.
الاحتجاجات الأميركية تقودها نخبة من ألمع ممثلي هوليوود عبر سلسلة من الأفلام الناقدة التي توضح المآسي الناتجة عن الحرب على العراق، وآخر هذه الأفلام In the Valley of Elah يعرض حالياً في البحرين من بطولة أحد أشهر ممثلي السينما الأميركية «تومي لي جونز»، الذي أبدع في تصوير دور الأب الأميركي المؤمن بالقيم الديمقراطية وبالدفاع عن الحرية وبالولاء للعلم الأميركي، وهو الذي أرسل اثنين من أبنائه إلى الجيش، أحدهما قتل، والثاني عاد إلى أميركا من الحرب في العراق، ولكنه يُقتل ويُقطع ويحرق وترمى عظامه للكلاب، كل ذلك على أيدي أصدقائه الجنود الذين عادوا معه من العراق الى أميركا... وقصة الفيلم تحكي كيف تحوّل دعاة الديمقراطية إلى وحوش تتلذذ بتعذيب الآخرين، بل وتقتل بعضها بعضاً.
تومي لي جونز يبدأ فيلمه بلقطات مؤثرة جداً، فهو يتسلّم مكالمة هاتفية من إحدى القواعد الأميركية التي تخبره بأن ابنه اختفى من القاعدة وإذا لم يعد فسوف يحسب فاراً ويُحاكم في محاكمة عسكرية، فينطلق بسيارته نحو القاعدة، وفي طريقه نحو تلك القاعدة يُشاهد علماً أميركياً مرفوعاً بالمقلوب، فيقف ليعدله وليخبر العامل المهاجر المسئول عن رفع العلم (مهاجر من السلفادور) بأن وضع العلم مقلوباً يعني أنّ مَنْ رفعه يقول إنه يمر في أزمة كارثية لايُمكن حلها... يعتذر السلفادوري عن فعلته الخاطئة، ولكن آخر الفيلم، عندما ينتهي الممثل المُبدع من التحقيق في سبب وظروف قتل ابنه، يعود إلى العلم الأميركي ذاته ويأمر العامل المهاجر بأنْ يرفع العلم بالمقلوب للإعلان عن وقع الأزمة الكارثية التي لايمكن حلها، وهي المتمثلة في غزو أميركا للعراق. الفيلم وهو يعتمد على قصص حقيقية جمعت في قصة سينمائية واحدة، وتحكي كيف يتحوّل الشبان الأميركان إلى وحوش بسبب الحرب في العراق، وكيف أن حالاتهم النفسية حوّلت عدداً منهم الى معذبين، إلى الدرجة أن ابنه كان يلقبه أصدقاؤه بـ «الدكتور» لأنه كان يتلذذ بتعذيب الجرحى العراقيين الذين يُلقى القبض عليهم بدلاً من معالجتهم... الجندي الأميركي يعود إلى أميركا، لكنه ولمجرد اختلاف بسيط جداً مع زملائه يقومون بقتله وتقطيعه وحرقه وثم استخدام بطاقته التأمينية لشراء وجبة دجاج مشوي، وكأنهم لم يفعلوا شيئاً!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
جذور المحافظين الجدُد: من الثورة الدائمة إلى الغزو الدائم
اسكندر منصور
الاخبار لبنان
أدّى الإخفاق الأميركي، العسكري والسياسي في العراق، إلى تراجع حضور المحافظين الجدد وانحسارهم في الحلقات الضيقة التي تخطّط السياسة الأميركيّة وترسمها. وتُرجِمَ هذا التراجع في أفول بعض الأدوار التي كانت موكَلَة لأنصار هذا التيار في الإدارة الأميركيّة الحاليّة وخارجها. فكان لإزاحة كل من بول وولفتز وريتشارد بيرل ودوغلاس فايث من مراكز القوة والأضواء، إلى الخطوط الخلفيّة، واعتلاء كوندوليزا رايس وزارة الخارجيّة، وتراجع حضور ديك شيني النسبي، أول تلك المؤشّرات. أمّا على الصعيد الفكري والثقافي، فبدأت أصوات بعض المنشقّين تخرج من خلف الكواليس إلى وسائل الإعلام. فعلى سبيل المثال، صرّح فرنسيس فوكوياما بأنّ حركة المحافظين الجدد «تطوّرت في اتجاه لا أقدر أن أؤيّده بعد الآن»، كما أنه أصبح من أهم الأصوات المحافظة المنتقدة للحرب على العراق، فكتب في العدد ما قبل الأخير من «أميركان أنترست» «إنّ المغالاة في مستوى التهديد الناشئ من القاعدة والدول المارقة، كان بهدف تسويق الحرب على العراق».
لقد فُهمت هذه التطوّرات على أنها ضربة للمحافظين الجدد وتأثيرهم على الأحداث المستقبلية على الساحة الدوليّة. ما درجة هذا الانحسار في دور المحافظين الجدد في ظلّ التهديدات الأميركيّة المستمرّة ضدّ إيران والاستعداد لغزوها؟ من هم المحافظون الجدد وما هي جذورهم الفكريّة؟ وكيف أثّرت التحوّلات السياسية والاجتماعيّة والثقافيّة في الحياة الأميركيّة على بروز تيّار المحافظين الجدد كتيّار فاعل ومؤثّر في السياسة الأميركيّة، وخاصة في السياسة الخارجيّة؟
ما بعد الفشل
بدأ المحافظون الجدد في ترتيب بيتهم وأوضاعهم الداخلية، حالمين بمستقبل قريب ربما يعيد إليهم هيبتهم وتأثيرهم في رسم سياسة الولايات المتحدة الخارجيّة من دون منازع. فها هو نورمن بدورتز، مستشار السياسة الخارجيّة في حملة رودي جولياني للانتخابات الرئاسيّة، يفقد أمله في العودة إلى مركز القرار بعد النكسة الانتخابيّة التي تعرّض لها جولياني، التي أدّت به إلى سحب ترشيحه للانتخابات. كان بدورتز راديكالياً في ستينيات القرن الماضي، وها هو يمهّد الطريق لابنه جان، ليحلّ محلّه في رئاسة تحرير مجلة «كومنتري»، المجلّة الفكريّة للمحافظين الجدد طيلة الثلاثين سنة الماضية، في ظل رئاسة تحرير نورمن بدورتز بين عامي1930 و1995.
لقد لعبت هذه المجلّة في ظلّ رئاسة بدورتز الأب دوراً فاعلاً ومؤثراً في صياغة خطاب المحافطين الجدد وبلورته في الوسط الثقافي والسياسي الأميركيّين.
أمّا وليم كريستول، رئيس تحرير مجلة «ويكلي ستاندرد»، المعروفة أيضاً بتوجّهاتها اليمينيّة المحافظة، وبكونها منبراً للمحافظين الجدد إلى جانب مجلّة «كومنتري»، فخلَفَ والده إيرفين كريستول اليساري التروتسكي في أربعينيات القرن الماضي، وهو الذي تحوّل ليصبح أحد أعمدة المحافطين الجدد. لقد اتّجه كريستول الأب للتحرير والنشر، فكان أحد مؤسّسي ومحرّري مجلة «إنكونتر» البريطانيّة من سنة 1953 إلى 1958، كما أسّس مجلة «بابلك إنترست» وكان أحد محرّريها، وكان أيضاً المؤسّس والناشر لـ«ذا ناشيونال إنترست». وعلى العكس من بودورتز، مثّّل كريستول الأب نظرة المحافظين الجدد في السياسة الداخليّة، في حين وجّه بدورتز اهتمامه نحو السياسة الخارجيّة.
جذور المحافطين الجدد
يقول نورمن بدورتز «كنّا جدداً في تبني الفكر المحافظ. لقد أتينا من خلفيّات يساريّة وليبراليّة، وحملنا جديداً للفكر المحافظ في ما يتعلّق بالصراع الأميركي ـــ السوفياتي الذي أصبح في فكر المحافظين الجدد صراعاً بين الخير والشرّ». ما هي الشروط التاريخيّة التي أدّت بفريق من اليساريّين الرديكاليين إلى تحوّلهم نحو «الدين» الجديد؟ وثانياً، ما دور يهوديّتهم، نظراً إلى انتماء أكثريتهم إلى اليهودية، في تحوّلهم من الخطّ اليساري والليبرالي إلى صياغة خطاب المحافظين الجدد وبلورته؟
يشدّد بودرتز على أنّ حركة المحافظين الجدد هي أقرب إلى «النزعة منها إلى الحركة». لقد تمثلت هذه النزعة في اكتشاف القيم الأميركيّة وإعادة الاعتبار إليها، بعد أن أظهر المثقّفون اليساريون ازدراءهم لهذه القيم والعداء لها. لقد وقع المحافظون الجدد في حبّ كل ما هو أميركي وتقديره. إنّهم القوميّون الأميركيّون الجدد الذين يرون جمالاً وصواباً في كلّ ما هو أميركي. لو قُدّر لبدورتز، لاختار اسم «القوميّون الجدد» بدل «المحافظون الجدد». أميركا دائماً على حقّ. هذا ما أراد المحافظون الجدد أن يقولوه في وجه «الجاحدين» والذين لا يرون إلا الخطأ في مواقف أميركا. هذا ما «اكتشفه» كريستوفر هيتشن الذي عمل طيلة عشرين سنة في مجلة «ذا نايشن» المعروفة بميولها الليبراليّة واليساريّة، ليصبح من أوائل الأصوات الأميركيّة الداعية إلى غزو العراق، وربّما أيضاً من أوائل الأصوات في الساحة الثقافيّة الأميركيّة الذي استخدم تعبير «الإسلام الفاشي» أو «الفاشيّة الإسلاميّة»، حيث تقاطعت مواقفه مع مواقف المحافظين الجدد دون أن ينتمي انتماءً كليّاً إلى
فكرهم.
إنّها «النازيّة ـــ القوميّة الاشتراكيّة» بثياب جديدة. لقد حذّرت النازيّة من النزعة اليسارية ودعتها باللا ألمانيّة، لأنها تقسّم الأمّة إلى قسمين، وترى خلافاً مريراً، جذوره طبقيّة، بين أبناء الأمّة الواحدة. ولهذا أصبح اليساريّون خطراً قومياً على الأمّة ووحدتها ورسالتها. وهكذا أصبحت الحرب الباردة في نظر «المحافظين الجدد»، حرباً بين الاتحاد السوفياتي واليساريّين، بمن فيهم الأميركيّون من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، أو قلْ بين الخير والشرّ.
في زمن المواجهة بين أميركا من جهة، والاتحاد السوفياتي واليساريين الأميركيّين من جهة أخرى، أصبح اليساريّون في نظر «المحافظين الجدد»، «أصدقاء سابقين» (و هذا عنوان كتاب كتبه بدورتز سنة 1999) ومعادين لأميركا، وأصبح المحافظون الجدد، «القوميّين الجدد».
كان لاعتلاء رونالد ريغان سدّة الرئاسة، الأثر في التقارب ما بين المحافظين الجدد ومحافظي الحزب الجمهوري التقليديّين. لقد تمثّل المحافظون الجدد في إدارة ريغان بكلّ من جين كاباتريك وريتشارد بيرل وإليوت أبرامز الذين كان أثرهم واضحاً في السياسة الخارجيّة التي اتّبعها ريغان، وخاصة في العلاقة مع الاتحاد السوفياتي الذي قال عنه ريغان تحت تأثير المحافظين الجدد «امبراطوريّة الشرّ».
كانوا يمثّلون المعارضة لنهج «ريل بوليتيك» (الواقعيّة السياسية)، التي اتّبعها هنري كيسنجر في عهد نيكسون، كما كانوا يمثّلون معارضة لنهج جيمي كارتر في السياسة الخارجيّة التي أدت إلى ترك كثيرين من المحافظين الجدد الحزب الديموقراطي، وانتقلوا في عهد ريغان إلى الحزب الجمهوري.
أثر اليهوديّة والتروتسكيّة
كثير من المثقفين الراديكاليين ممّن تحوّلوا إلى الفكر المحافظ، أتوا كما ذكرنا من أصول يهوديّة ويساريّة، ولهذا التحوّل تفسيرات عدّة.
أولاً، حالة الاستلاب والاغتراب التي كانت تمثّل جزءاً من حياة المثقّفين اليهود الأميركيّين. كانت الجامعات الأميركيّة في الثلاثينيات والأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، تقبل عدداً محدّداً من الطلبة اليهود، وبصعوبة بالغة بدأت تقبل بعض الأساتذة من أصول يهودية في صفوفها. طبعاً حالة الاغتراب عند المثقّفين لم تكن حصراً في صفوف اليهود، بل تعدّت إلى طبقة المثقّفين من المسيحيّين أيضاً، لأنّ المثقّفين بصورة عامة كانوا «غرباء» في أميركا، حيث كانت ثقافة / طبقة رجال الأعمال والتجّار والمستثمرين هي المهيمنة، ما جعل تأقلم المثقّفين في الحياة الأميركيّة على درجة من الصعوبة. ولقد أدّى عدم «تأقلم» هؤلاء، وخاصة اليهود منهم، إلى انخراطهم في الفكر والممارسة اليسارية منذ مطلع الأربعينيات من القرن الماضي، لأن اليساريّة كانت تعني «الآخر» اللاأميركي.
ثانياً، هذه الشروط لم تعد موجودة في منتصف الخمسينيات، ما أدّى إلى تحوّل في حياة المثقّفين اليهود الفكريّة الذين بدأوا يرون في أميركا موضع آمال، ومكاناً تتحدّد فيه هويتهم النهائية. الانتماء إلى أميركا وثقافتها يصبح قريباً موضع فخر واعتزاز. ففي عام 1952، تبنّت مجلة «بارتيزان»، ورشة عمل بعنوان «بلدنا وثقافتنا». لقد حمل هذا العنوان أكثر من رسالة عن التحوّلات التي جرت في صفوف المثقّفين الأميركيّين على حدّ تعبير نورمن بودورتز، الأب الفعلي لحركة المحافظين الجدد، والذي كتب عن الحياة الثقافيّة في أميركا في تلك المرحلة من خلال سيرته الذاتيّة الفكريّة وعلاقته بأحداث تلك المرحلة الثقافيّة والفكريّة.
ثالثاً، وضع المثقّف بشكل عام، تحوّل من مشكوك حياله إلى ثقة في دوره في بناء المجتمع. وهذا ما بدا بوضوح تام بعد أن أطلق الاتحاد السوفياتي القمر الصناعي «سبوتنيك»، حيث اكتشفت أميركا أهمية المثقف والأستاذ في إعداد الجيل الجديد الذي حمل على عاتقه مهمة جعل أميركا ليست فقط مساوية للاتحاد السوفياتي، بل متفوّقة عليه. وهكذا بدأ المثقّفون والأكاديميّون يشقّون طريقهم إلى عالم النخبة المعوَّل عليه ردع التحدّي السوفياتي.
رابعاً، العداء الذي كان أصلاً مستحكماً بين الراديكاليين واليساريين والتروتسكيين إزاء الاتحاد السوفياتي «الستاليني»، وما يمثّله في الفكر الشيوعي. بكلمة أخرى، رأى اليساريّون التروتسكيّون واليساريّون المناهضون للاتحاد السوفياتي، في صراع واشنطن مع موسكو، صراعهم مع «الستالينيّة» السوفياتيّة، وهكذا «تبنّوا» مقولة «عدوّ عدوي صديقي». خامساً، كان لولادة إسرائيل كدولة يهودية وبدء علاقتها مع الولايات المتحدة، الأثر البارز والمسكوت عنه في تحوّل بعض المثقّفين اليهود اليساريين من اليسار إلى الليبراليّة، ومن ثم إلى قوميّين أميركيّين من خلال حركة المحافظين الجدد، وخاصة بعد حرب 1967، حيث أصبحت العلاقة الإسرائيليّة الأميركيّة أشدّ متانة وضرورة من العلاقات الأوروبيّة ـــ الإسرائيليّة. فعلاقة الولايات المتّحدة بما يجري وراء المحيط، والدور المتردّد بين أداء دور فاعل مؤثّر ومتأثّر في ما يجري في العالم الخارجي من جهة، أو الالتفاف والانحسار نحو الداخل وترك العالم الخارجي وشأنه من جهة أخرى، كان مدار نقاش وصراع بين القوى السياسيّة والثقافيّة المختلفة منذ بداية القرن العشرين. إنّ التأييد الأميركي المستمرّ لإسرائيل يتطلّب حضوراً أميركياً فاعلاً ومستمرّاً في الساحة الدوليّة، وأيّ انحسار للدور الأميركي على الساحة الدوليّة سيكون له أثر سلبي على مدى التزام الولايات المتحدة في تأييد إسرائيل وتغطيتها ومساعدتها، لأنها تمثّل جزءاً من الاستراتيجية الأميركيّة الكبرى في الشرق الأوسط.
إذاً، كان الحضور الأميركي العالمي ببعد من أبعاده، ضرورة لإسرائيل. كان لا بدّ من أن يكون للمثقّفين اليهود ذوي الميول الصهيونية، دور ثقافي وفكري فاعل في هذا التوجّه. وهذا ما ساهم في تحوّل البعض من يساريّة غامضة إلى «قوميّين أميركيّين»، من خلال حركة المحافظين الجدد التي ترى أنّ لأميركا وقيمها دوراً مهمّاً على المسرح العالمي.
وهنا يصحّ القول إنّه بالرغم من أهميّة الجذور التاريخيّة من خلال العودة إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، فإنّ ظاهرة المحافظين الجدد تبقى ثمرة السبعينيات من القرن الماضي.
سادساً، من الثورة الدائمة إلى الغزو الدائم. هكذا كانت المسيرة الفكريّة لأبرز «المحافظين الجدد». كان لانتماء بعضهم إلى التيار التروتسكي والتيارات الراديكاليّة في بدايتهم الفكرية أثناء حياتهم الجامعيّة، أثر بالغ في تطوّرهم الفكري، ومن ثمّ تحوّلهم إلى فكر المحافظين الجدد. كانت «اليساريّة» بالنسبة إليهم تمثّل حالة اغتراب عن ذاتهم الأميركيّة الصافية، فحجبت عنهم أهمية الإنجازات الأميركيّة في كل الحقول، وخصوصا الحقل السياسي، حيث بدا لاحقاً النظام السياسي الأميركي بالنسبة إلى بدورتز ورفاقة، «أفضل ما أنتجته الحضارة الإنسانيّة حتى الآن». و«بعكس الماركسيّين»، كتب بدورتز: «لا أعتقد أنّ الاقتصاد يحدّد مسيرة التاريخ والأحداث، بل الفكر هو الذي يحدّد التاريخ وما يجري من أحداث». وهكذا بدا في نظر المحافظين الجدد، «المحافظون الواقعيّون»، كهنري كسينجر وجايمس بيكر وسكوكرف وغيرهم يمثلون الواقعيّة «الستالينيّة» (اشتراكيّة في بلد واحد). بينما كانوا (المحافظون الجدد)، يمثّلون عكس الستالينيّة، أي التروتسكيّة والثورة الدائمة. فبالرغم من تحوّلهم من اليسار، فقد «حافظوا على راديكاليتهم وطبائعم وأسلوبهم» على حدّ تعبير جاكوب هالبرن الذي كتب أخيراً عن التاريخ الفكري للمحافظين الجدد، أو كما قال أحدهم: لقد انتقلوا من الثورة الدائمة إلى الغزو الدائم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
المصالحة.. لو تحققت
افتتاحية
البيان الامارات
إعلان الحكومة العراقية عن مؤتمر مصالحة وطنية، ينعقد غداً الثلاثاء؛ كان له وقع المفاجأة السارة، التي طال انتظارها. أهم ما فيه، أن جميع الفصائل السياسية تزمع المشاركة فيه. ولا يقل أهمية أن المداولات تقرر أن تدور، على مدى يومين، حول الأساسيات اللازمة، لإعادة بناء البلد من جديد وإخراجه من نفق أزمته واحتلاله.
وبالتحديد حول المطلوب، لإقامة «دولة المؤسسات والقانون» وبما يعزز العملية السياسية والمسيرة الأمنية؛ من خلال «إشاعة روح المساواة بين حقوق هذه القوى»؛ الأمر الذي يصب في تبريد الأجواء الطائفية؛ وبالنهاية في «تعزيز المصالحة الوطنية».
جدول أعمال واعد؛ وحدث يدعو إلى الاستبشار؛ إذا ما انعقد المؤتمر، بمثل هذه المشاركة الواسعة؛ وفي إطار هذا التوجه. و«إذا»، هنا، تبررها بل تفرضها السوابق. أكثر من مرة، في السابق جرت محاولات وأعلن عن مؤتمرات مصالحة؛ بقيت إما حبراً على ورق؛ وإما أنها لم تر النور.
الجامعة العربية، بادرت وجربت حظها؛ لكن على غير طائل. وكذلك دول عربية، حاولت جمع القوى، تحت راية المصالحة؛ لكن أيضاً من دون جدوى. ثم جرت محاولات داخلية، لم تقو هي الأخرى على الإقلاع.
الحكومة الحالية، كانت قد دعت في يونيو 2006 إلى عقد مؤتمر كهذا. بيد أنه لم يلتئم وجرى تأجيله لمرتين. وعندما حصل الاجتماع، فشل في إنتاج قرارات ذات شأن. قوى وجهات وتكتلات، قاطعته. وكان منها من هو مشارك في الحكومة. التعقيدات الشديدة وحالات النزف الهائل، كانت ربما أقوى وأعمق من أن تسمح حتى بلقاءات بين الأطراف المعنية. ناهيك بالتوصل ولو إلى حدّ أدنى من التلاقي أو التوافق.
اليوم، ثمة معطيات وظروف مختلفة. باعتراف كافة الجهات المعنية، هناك درجة ملحوظة من التحسن الأمني. خاصة على الصعيد الطائفي. العمليات هبط منسوبها، مقارنة بما كانت عليه؛ قبل أشهر. وذلك بالرغم من استمرار العنف اليومي، في أكثر من مكان. عودة أعداد ملحوظة من النازحين والمهجرين.
ولو أنها لا تزال في بداياتها. والملاحظ أيضاً أن هناك ساحات، كانت من البؤر الملتهبة؛ عادت إلى قدر ملفت من الحياة شبه العادية. يضاف إلى ذلك ويعزز من المؤشرات المشجعة،أن الدعوات، حسب الإعلان الرسمي، قد وجّهت إلى 250 شخصية، في الداخل والخارج؛ وأن أكثر من مئتين منها قد استجابت وقررت المشاركة.
على هذه الأرضية، تبرز فرصة أخرى وربما أفضل من ذي قبل، لتحقيق الخطوة الأولى في عملية نقل العراق إلى الطريق الطويل ولكن المؤدي بالنهاية، إلى الخلاص.
المصالحة الوطنية كانت، من الأساس المفتاح الذي لا بديل عنه لولوج باب السلامة. دارت الأحداث دورتها، لتعود في النهاية إلى المدخل المحتوم عبوره. المحك الآن في حصول المؤتمر، بأوسع مشاركة وخروجه بالمقررات المطلوبة؛ لانتشال العراق والعراقيين من جحيم الاحتلال ونزيفه الداخلي القاتل. وهذه أولاً وأخيراً مسؤولية عراقية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
حدث في أربيل
عائشة المري
الاتحاد الامارات
تحفظ خالد العطية، النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي، والذي ترأس وفد الحكومة العراقية في الاتحاد البرلماني العربي خلال دورته الثالثة عشرة التي انعقدت بأربيل شمال العراق في الفترة مابين 11 إلى 13 مارس الجاري، على فقرة في مشروع البيان الختامي تُطالب إيران بإنهاء احتلالها لجزر الإمارات الثلاث المحتلة طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى. وخالد العطية، كما هو معروف، قيادي شيعي بالمجلس الأعلى، الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم. أثار موقف العطية استياء واستغراب الوفود المشاركة لاسيما وفد دولة الإمارات العربية المتحدة، وظهرت بلبلة داخلية بين أعضاء الوفد البرلماني العراقي المشارك، إذ عبر عضو الوفد عبدالكريم السامرائي عن استيائه لتحفظ الوفد العراقي على مشروع دعم الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران، قائلاً: "نحن فوجئنا بهذا الموقف، ونحن كوفد عراقي قد اتفقنا أن نبين موقفاً واحداً، ولكن للأسف الشديد صودر قرار الوفد من قبل بعض الأطراف"، وشدد على "أننا جزء من الوفد العراقي نرفض هذا التحفظ، ونؤيد هذا المشروع الذي يدعم هذه الجزر العربية، أننا نؤيد كافة الطرق السلمية لاسترداد هذه الجزر حتى لو تطلب هذا الأمر محكمة دولية لإقرار هذا الحق".
ومن جهته، حاول الرئيس العراقي جلال طالباني التخفيف من وقع الفضيحة العراقية قائلاً:"أرجو أن يتأكد الجميع بأن القرارات، بما فيها المتعلقة بالجزر الإماراتية، هي قرارات جماعية، وموقف العراق معروف من القضايا العربية، حيث لم يتخلف العراق في يوم من الأيام عن أداء واجبه القومي والتأكيد على ارتباطه بمحيطه العربي والإسلامي".
حملت الرسالة العراقية المتناقضة بخصوص الجزر الإماراتية المحتلة تحذيراً للدول العربية بأن تبعات ما يجري بالساحة العراقية، ستنعكس عاجلاً أم آجلاً على المحيط العربي والإقليمي.
رسائل سياسية متناقضة صادرة من الحكومة العراقية، لذا فإن السلوك العراقي هذا يحتاج إلى تحليل، لكن لا يتطلب الأمر ذكاء حاداً لمعرفة واستنتاج أسباب التحفظ العراقي، ولعل أوضح رسالة للدول العربية حَمَلتها رسالة أربيل العراقية، هي في تجسيدها لتناقضات الواقع العراقي التائه فعلياً بين متطلبات الداخل السياسي العراقي والبعد العربي المحرك للسياسات العراقية وواقع الانقسام الطائفي العراقي. لكن يظل السؤال: متى كانت مواقف الدول تخضع لاعتبارات شخصية أو مصالح طائفية مذهبية ضيقة؟
اليوم يحتاج سياسيو العراق، وبعض ممثلي البرلمان العراقي تعلم بعض أبجديات السياسة والكثير من لغة الولاء للوطن وتلك أكبر من إشكالية.
منذ متى أصبح العراق لا يدعم مواقف الدول العربية؟ إن مبتدئي العمل السياسي الصاعدين على أكتاف عروبة العراق ذوي الذاكرة المحدودة والرؤية التي لا تتعدى كتف جارتهم الشرقية، أو لنقل حاضنتهم إيران، لن ولم يخضعوا حساباتهم السياسية لمنطق المصلحة، فهل أصبح بعض العراقيين أكثر إيرانية من إيران؟ لا نعمم على مواقف شيعة العراق، ولا نشكك في الولاء للعروبة، فتلك قصة أخرى، لكن عندما يصبح الولاء للوطن نقطة خلاف، فهنا تكن المصيبة العراقية.
ما حدث بأربيل في دلالاته أعمق بكثير من مواقف شخصية لبعض العراقيين، فالتصرفات الفردية لم تستند الى المواقف العراقية، إذ أشار سعادة عبد العزيز الغرير رئيس المجلس الوطني الاتحادي ورئيس الوفد الإماراتي إلى أن وزير الخارجية العراقي "هوشيار زيباري" كان حاضراً ومشاركاً في اجتماع لمجلس وزراء خارجية الدول العربية، والذي انعقد في السادس من مارس الجاري، والذي أكد بيانه على حق الإمارات في سيادتها على جزرها الثلاث المحتلة. ما حدث في أربيل يحتاج إلى وقفة عربية عاجلة، إذ حملت رسالة الحكومة العراقية المتناقضة بخصوص الجزر الإماراتية المحتلة تحذيراً للدول العربية بأن تبعات ما يجري على الساحة العراقية الداخلية، ستنعكس عاجلاً أم آجلاً على المحيط العربي والإقليمي للعراق.
لم يؤثر الموقف العراقي في موقف الدول العربية الثماني عشرة، التي شاركت في الاجتماع، وساندت ودعمت الموقف الإماراتي في حقه في سيادته على جزره المحتلة ورغم تحفظ الوفد العراقي، فقد جاء البيان الختامي للمؤتمر مؤكداً على حق دولة الإمارات العربية المتحدة الكامل في جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى المحتلة من قبل الجمهورية الإيرانية، كما تضمن مطالبة طهران بترجمة ما تعلنه عن رغبتها في تحسين العلاقات مع الدول العربية إلى خطوات عملية وملموسة قولاً وفعلاً بالاستجابة للدعوات الصادقة والجادة من دولة الإمارات العربية المتحدة الداعية إلى حل النزاع حول الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة بالطرق السلمية، سواء بالمفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. كما طالب البيان جميع المجالس البرلمانية العربية بالالتزام في اتصالاتها أو أثناء مشاركتها البرلمانية مع إيران بإثارة قضية احتلال إيران للجزر الثلاث، والتأكيد على ضرورة إنهائها انطلاقاً من أن هذه الجزر الثلاث هي أراض عربية محتلة. وأدان قيام الحكومة الإيرانية ببناء منشآت سكنية لتوطين الإيرانيين في الجزر الإماراتية الثلاث بما يهدف إلى تغيير تركيبتها السكانية والديموغرافية التي تعد أعمالاً منافية لأحكام القانون الدولي واتفاقية جنيف لعام 1949. وندد البيان بالمناورات العسكرية الإيرانية التي تشمل جزر دولة الإمارات العربية المحتلة والمياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولة الإمارات العربية المتحدة وطالبها بالكف عن هذه الانتهاكات التي لا تساعد على بناء الثقة وتهدد الأمن والاستقرار في المنطقة مما يؤدي إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين.
اليوم يواجه العراقيون أكثر من أي يوم بسؤال الهوية والولاء، وكيف لا ونحن نشهد تشكل عراق جديد مقسم إلى دويلات حزبية، والمذهبية انعكست ظلالها على حكومة ترسل إشارات متضادة حول مواقفها الإقليمية وثوابت سياساتها مبينه بما لا يجعل للشك مكانا بأنها لا تعمل لمصلحة العراق، بل من أجل إيران التي تربطها اليوم بالحكومة العراقية ارتباطات مذهبية وعقائدية وسياسية، وهي بلا شك أولى نتائج سياسات الاحتلال الأميركي للعراق ومشروع عراق ما بعد صدام عراقاً طائفياً إثنياً، لقد بدأ الزمن الإيراني في العراق والقادم أعظم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
من يحاسب من؟
احمد عمرابي
الاتحاد الامارات
ماذا يعني إقرار الحكومة الأميركية الآن وبعد خمس سنوات من التدمير المنهجي للعراق بأن أحد المبررين لشن الحرب ليس صحيحاً.
في الأسبوع الماضي نشرت وزارة الدفاع الأميركية للمرة الأولى دراسة رسمية أكدت فيها عدم وجود صلة بين نظام الرئيس صدام حسين وتنظيم «القاعدة».
كتبرير لقراره الرسمي بغزو العراق استند الرئيس بوش أولاً إلى إدعاء بأن عراق صدام كان يمتلك أسلحة دمار شامل جاهزة للتشغيل مما يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة..
واستند لاحقاً إلى إدعاء آخر بأن نظام صدام كان متورطاً مع تنظيم «القاعدة» وأسامة بن لادن في علاقة عمل وتنسيق مشترك، وخلال وقت قصير بعد عملية الغزو التي تحولت إلى احتلال يبقى حتى يومنا هذا اضطر الرئيس الأميركي إلى الاعتراف بأن القوات الأميركية لم تعثر على أي شيء ذي علاقة بأسلحة نووية أو كيماوية أو جرثومية، والآن تعترف إدارة بوش بأن الإدعاء الثاني لتبرير الغزو كان أيضاً كذبة.
والسؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: ماذا يعني هذان الإقراران الخطيران للشعب العراقي والشعب الأميركي؟ بناء على كذبتين ملفقتين بنسبة مئة في المئة أدى الغزو الأميركي إلى مقتل ما يقدر بنحو مليون عراقي وتشريد خمسة ملايين عراقي آخرين ما بين نازحين داخل الأراضي العراقية ولاجئين في الخارج.. بالإضافة إلى تدمير واسع النطاق لكافة البنى التحتية العراقية ـ باختصار انتهى العراق كدولة بعد أن ارتد إلى العصر الحجري.
أما على الجانب الأميركي فقد تمثلت الكلفة البشرية في مقتل نحو أربعة آلاف جندي.. مع كلفة مالية أسطورية لم يعرف لها التاريخ البشري مثيلاً.. فقد ناهزت نحو ثلاثة آلاف مليار دولار.
إنها دون شك جريمة حرب عظمى، ولكن أين المساءلة؟.. الحرب الأميركية على العراق امتدت زمنياً على الجزء الأكبر من ولاية الرئيس بوش المزدوجة. فقد استغرقت الآن خمسة أعوام ابتداء من السنة الثانية لهذه الولاية ولا نعرف متى تنتهي. فهل يغادر الرئيس بوش مسرح السلطة مع انتهاء ولايته بنهاية العام الجاري دون أن يخضع لأي محاسبة؟
لا يلوح في الأفق الأميركي مجرد احتمال إجراء تحقيق جنائي أو حتى استقصاء توثيقي للحقائق، وعلى الصعيد الإعلامي يدعي الرئيس أن الوكالات الاستخباراتية ضللت الإدارة بتقديم معلومات ملفقة إلى البيت الأبيض، وفي المقابل يقول رجال الاستخبارات إن الإدارة كانت تتخذ قراراً مبدئياً ثم تطلب بعد ذلك من الأجهزة الاستخبارية «طبخ» معلومات لتبرير القرار بصورة مفتعلة، وأغلب الظن أن العلاقة بين البيت الأبيض والأجهزة الاستخبارية قائمة على حالة تواطؤ.
وهكذا تشن دولة عظمى حرباً واسعة النطاق بناء على أكاذيب.. وتتواصل الحرب لمدى خمس سنوات قابلة للزيادة دون محاسبة من يتحكمون في عملية صنع القرار، فأي ديمقراطية هذه؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
النفط وحرب العراق... الشكل الأخرق
ستيفن مافسن
واشنطن بوست
بعد خمس سنوات على غزو الولايات المتحدة للعراق، يعتقد كثير من الناس أن الحرب إنما شُنت في المقام الأول من أجل تأمين الإمدادات النفطية الأميركية وجعل العراق مكاناً آمنا ومربحاً لصناعة النفط الأميركية. والواقع أننا ربما لن نعرف الدوافع الحقيقية التي كانت وراء حرب العراق إلا بعد سنوات، غير أنه يبقى من الصعب فصل أو استبعاد النفط عن جميع الاحتمالات. وذلك لأن مجتمعنا واقتصادنا نشآ على النفط الرخيص، ولأن الفكرة القائلة بأن الأمن النفطي حقٌّ وضرورة، أصبحت جزءاً من الحامض النووي لسياستنا الخارجية منذ أيام روزفلت. والحقيقة أن حرب العراق نفخت خزائن شركات النفط الكبيرة في العالم. بيد أنها لم تجرِ وفق ما كان يتوقعه أي أحد. فبدلاً من جعل العراق اقتصاداً مفتوحاً يستفيد من قطاعٍ نفطي مزدهر، أخفقت أميركا في تأمين تدفق النفط من حقول العراق العملاقة. وبفضل تخريب المتمردين لأنابيب النفط ومحطات الضخ، ومخاوف الشركات الأجنبية، فإن البلد مازال يكافح من أجل رفع إنتاج النفط إلى مستويات ما قبل الحرب، وهي 2.5 مليون برميل يومياً! وكما يتضح، فقد بقي النفط العراقي بعيداً عن السوق العالمية في وقت أصبح فيه العالم بأمس الحاجة إلى الإمدادات قصد خفض الأسعار. هذا في وقت ازداد فيه الإقبال الصيني على الذهب الأسود، وتسبب الصراع السياسي في نيجيريا وفنزويلا في الحد من إنتاج النفط هناك. في غياب الإمدادات النفطية العراقية، تضاعفت الأسعار ثلاث مرات منذ الغزو الأميركي للعراق في مارس 2003، فقفزت أرباح الشركات النفطية الغربية الأكبر في العالم من 40 مليار دولار إلى 121 مليار دولار سنوياً. وبالتالي، فلئن كانت الولايات المتحدة قد تخلصت من صدام حسين ومن أي تهديد كان يمثله، فإن عائدات النفط ملأت خزائن الأنظمة الأوتوقراطية، مثلما هو الحال في إيران وفنزويلا وروسيا، مما قوى هذه الأنظمة وعقَّد مهمة الدبلوماسية الأميركية. جميع الأميركيين جزء من مؤامرة الحرب على العراق؛ فقد أنشأوا مجتمعاً مسرفاً في استهلاك الطاقة، بينما يوجد النفط في منطقة مضطربة!
والنتيجة هي أن المستهلكين الأميركيين يدفعون الثمن باهظاً في محطات الوقود. وفي هذا الصدد يقول "أنثوني كورزمان"، خبير الاستراتيجية الأميركية في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية"، والذي يعارض الافتراض القائل بأن الحرب شُنت دفاعاً عن مصالح الشركات النفطية: "إذا خضنا الحرب من أجل النفط، فإننا خضناها بشكل أخرق. ثم إننا أنفقنا على الحرب أكثر مما كان يمكن أن نحصل عليه من حقول النفط العراقية، حتى وإن كانت لنا عليها سيطرة ما".بيد أن ذلك لا يعني أنه لا توجد أي علاقة بين النفط والغزو. يقول كوردزمان: "أن نقول إننا كنا سنتخذ نفس الخطوات التي اتخذناها في العراق ضد ديكتاتور في أفريقيا أو بورما، إنما يمثل جهلاً بالحقائق الاستراتيجية التي حركت التصرف الأميركي".
والواقع أنه توجد أكثر من صيغة واحدة لنظرية المؤامرة حول أسباب شن إدارة بوش "حرب النفط" هذه. وفي ما يلي اثنتان منها:
الرواية الأولى: الرئيس بوش، رجل النفط السابق في تكساس، ونائبه تشيني، المدير التنفيذي السابق لشركة "هاليبرتون"، أرادا مساعدة أصدقائهما في عالم النفط، فسعيا إلى تنصيب حكومة موالية للغرب تدعو الشركات النفطية الكبيرة للعودة إلى العراق. ومما يقوله موقع منظمة تدعى "مستهلكون من أجل السلام" على شبكة الإنترنت، "إن "شركة إيكسون كانت في المطبخ مع تشيني عندما كان يتم طبخ حرب العراق". الرواية الثانية: ومثلما أورد مقال رأي في عدد أبريل 2003 من دورية "لوموند ديبلوماتيك"؛ فإن "الحرب ضد صدام هي حول ضمان الهيمنة الأميركية، وليس حول زيادة أرباح "إيكسون"". كاتب المقال "يحيى سداوسكي"، وهو أستاذ في الجامعة الأميركية ببيروت، يجادل قائلاً: "لقد وضعت زمرة من المحافظين الجدد مخططا كبيرا لزيادة الإنتاج العراقي، وإغراق السوق العالمية بالنفط العراقي، بهدف خفض السعر إلى 15 دولارا للبرميل، وهو ما من شأنه تنشيط الاقتصاد الأميركي، وتدمير أوبيك أخيراً، وتوجيه ضربة للدول المارقة، مثل إيران وفنزويلا، وخلق مزيد من الفرص لتغيير الأنظمة". أما "برِنت سكوكروفت"، مستشار الأمن القومي في عهد جورج بوش الأب وأحد منتقدي قرار الغزو، فيقول: "عندما اتخذنا قرارنا بشأن الحرب، لا أذكر أنه كان للنفط دور كبير". لكن الأمر كذلك لأن القلق بشأن الإمدادات النفطية هو جزء من هندسة السياسة الخارجية الأميركية. إذ يشير سكوكروفت إلى أنه لا يمكن استبعاد عامل النفط لأن العراق وجيرانه يجلسون على ثلثي احتياطيات النفط العالمية. والواقع أن جميع الأميركيين جزء من تلك المؤامرة، فقد أنشأنا مجتمعاً يسرف في استهلاك الطاقة ويعتمد على النفط الذي صادف أنه بيد أنظمة غير مستقرة أو غير صديقة. فبذرنا مصادر الطاقة بدون الانتباه إلى العواقب الاستراتيجية لذلك، وبات صعباً ومكلفاً تغيير طرقنا وعاداتنا اليوم. مستشار تجاري ومسؤول سابق في ا"لمؤتمر الوطني العراقي"، يقول إنه حضر عدة اجتماعات في البنتاجون ووزارة الخارجية الأميركية، وإنه لم تتم في أي منها مناقشة السياسة النفطية لمرحلة ما بعد الحرب، ثم يضيف ذلك السياسي العراقي: "ينبغي ألا نضحك على أنفسنا. فالعراق يجلس على جزء كبير جداً من النفط، ويقع في منطقة مهمة جداً من العالم، وهو ما يجعله مهماً بالنسبة لمصلحة الأمن الأميركي... إن المعارضة العراقية... أدركت أن رواندا لن تحظى باهتمام القوة العظمى..."، إلى أن تكتشف رواندا النفط!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
في عامها السادس.. انعكاسات حرب العراق أميركياً
عبدالجليل النعيمي
البيان الامارات
منذ وقت طويل قبل شن الولايات المتحدة حربها على العراق حدد كثير من المتابعين أن أهدافها اقتصادية في الأساس. وفي الوقت الذي كانت المناقشات جارية في مجلس أمن الأمم المتحدة حول إمكانية منع وقوع الحرب كانت واشنطن منهمكة في طرح المناقصات أمام الشركات الأميركية حول مشاريع إعادة إعمار عراق ما بعد الحرب. وقد تركزت العروض في مجال الصناعة النفطية التي تقادمت منشآتها كثيرا بسبب 12 عاماً من الحصار الاقتصادي المحكم، وأصبحت تتطلب استثمارات ضخمة.
كان واضحاً أن الولايات المتحدة لن تتمكن من استعادة ما ينفق على الحرب في زمن قصير. لكن خطط واشنطن كانت تحمل طابعا استراتيجيا لوضع كامل المنطقة الغنية بالنفط تحت سيطرتها. فالمعطيات كانت تشير إلى أن هذا البلد لا يمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط بعد السعودية فقط، بل وان هذه الاحتياطات تكفي لقرابة 130 سنة.
وللمقارنة فإن احتياطات روسيا الهائلة من النفط المثبتة حتى ذلك الوقت (قبل وضع يد روسيا على قاع بحر بارنيز في المنطقة القطبية الشمالية) لن تكفي لأكثر من عشرين عاما. وبالرغم من أنه كان قد قدر لنفقات الحرب عشرات المليارات من الدولارات، إلا أنه في اليوم السادس فقط على بدئها تقدم الرئيس بوش للكونغرس الأميركي بطلب 75 مليار دولار إضافية.
لكن مراجعة لمسار تطور الأمور قبل أن تدخل الحرب عامها السادس يوم الأربعاء القادم تؤهل السنوات الخمس الماضية لتحمل اسم «سنوات بغداد الضائعة»، وهو عنوان المقال المهم الذي كتبه توماس أفيناريوس الجمعة الماضية في صحيفة «زيوديتشه تسايتونغ» البافارية الألمانية الشهيرة. لكنها أيضا صارت سنوات ضائعة وموجعة بالنسبة للمواطن الأميركي أيضا.
في منتصف أكتوبر الماضي تحدثت «الواشنطن بوست» عن تقرير قدمه النواب الديمقراطيون في الكونغرس الأميركي حول «القيمة غير المنظورة للنفقات على حربي العراق وأفغانستان» التي كلفت أميركا قرابة 5,1 تريليون دولار. وقد شملت «القيمة الخفية» ارتفاع أسعار النفط التي ارتفعت حتى صدور التقرير أكثر من 3 أضعاف ما كانت عليه في مارس 2003.
كما شملت نفقات علاج جرحى الحرب وفوائد قروض تمويل الحروب. وهذا المبلغ يعادل ضعف مبلغ الـ 804 مليارات دولار من التي أنفقها البيت الأبيض وتلك التي يطلبها حتى نهاية عام 2008. وقال التقرير إن حربي العراق وأفغانستان قد كلفتا العائلة الأميركية الواحدة (بمتوسط إحصائي 4 أشخاص) 20 ألف دولار.
ولا يبدو أن لما لهاتين الحربين من آثار سلبية على الاقتصاد الأميركي والأميركيين من نهاية. فالأمر لا يتعلق بالماضي فحسب. فقبل أيام فقط نشر الاقتصادي الأميركي المعروف والحائز على جائزة نوبل للاقتصاد جوزيف ستيجليتس ومساعدته ليندا بيلمس دراسة بحثا فيها عدة سيناريوهات لتطور حربي أفغانستان والعراق، أهمها «النموذج الأفضل» و«الواقعي المعتدل».
وأفضت حساباتهما إلى أن السنة القادمة، السادسة، من الحرب في العراق ستكلف الأميركيين 12 مليار دولار في الشهر. وهذا يفوق بثلاث مرات ما كانت تنفقه الإدارة الأميركية على الحرب في العراق منذ بدايتها.
أكثر من ذلك بين ستيجليتس أنه حتى عام 2017 ستكلف حروب مكافحة الإرهاب في أفغانستان والعراق دافعي الضرائب الأميركيين قرابة 3 تريليونات دولار.
لكي نتصور حجم هذا المبلغ الفلكي فلو اعتبرناه مكونا من أوراق نقدية من فئة المئة دولار وصففناها فوق بعضها فستشكل عمودا غائصا في أعماق السماء بارتفاع 3300 كيلومترا، وعلى الأرض، يقول أفيناريوس، أن طولها يزيد على المسافة بين أقصى نقطتين في شمال وجنوب ألمانيا. أما لو صففناها على طول الشريط الساحلي لمملكة البحرين فستطوقه لأكثر من عشرين دورة!
وعندما تشير التقارير إلى أن عدد القتلى الأميركيين في العراق يقترب بسرعة من أربعة آلاف شخص (انظر «الوقت»، 15 / 03 /2008) فيمكن القول إنه بجميع المعاني العسكرية والمالية والبشرية أصبح جدوى الاستمرار في هذه الحرب موضع تساؤل الأميركيين ابتداء من المواطن العادي وانتهاء بالأدميرال وليم فالون، قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية الذي قدم استقالته معلنا اختلافه مع الرئيس بوش ومع قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس. وانطلاقا من التجربة الأميركية في العراق وقف فالون ضد نوايا شن الحرب على إيران.
والحقيقة أن المشكلة ليست فقط فيما إذا كان لدى أميركا خطط لضرب إيران في القريب العاجل، بل في أن واشنطن لا تنظر إلى العراق كمشكلة معزولة.
فالأحداث في منطقة الشرق الأوسط من قطاع غزة مرورا بلبنان وحتى إيران وأفغانستان وباكستان تشكل عقدا مترابطة بشكل عضوي وقابلة للانفجار.
وبالمقابل فإن كلا من خصوم الولايات المتحدة من دول أو تنظيمات قتالية، يعتبر بدوره المنطقة بكاملها ساحة مفتوحة للمواجهة مع أميركا، بما في ذلك على الساحة العراقية.
بكلمات أخرى المشكلة هي في أن جنرالات الحرب ضيعوا أموال الأميركيين منذ البداية ليس في الوجهة الصحيحة لحل الأزمة. فلقد كان يجب البدء بما يجري العمل به الآن بإعادة بناء الجيش العراقي بدلا من تسريحه.
وكذلك الاستثمار في البنية التحتية ودعم المزارعين وصغار المنتجين ورجال الأعمال. بهذه المقاييس يمكننا اعتبار أن الخمس سنوات الماضية كانت ضائعة حقا. وإذا كانت أميركا قد فهمت الدرس وشرعت متأخرة في تصحيح هذا الوضع فهذا جيد بلا شك. لكن مجمل الاستراتيجية الأميركية ذاتها لا تفسح مجالا لهذا التدارك.
ويبين استبيان أجرته وكالة غالوب في الفترة بين 8 و10 فبراير الماضي أن أكثر ما يقلق المواطنين العاديين هو قدرة رئيسهم القادم على معالجة المشاكل المرتبطة بالحرب في العراق والحلول الفعالة للمشاكل الاقتصادية المستفحلة.
تصدرت هاتان القضيتان من بين 14 قضية، هي : الحرب في العراق، الوضع الاقتصادي، التعليم، فساد الحكومة، الصحة، الطاقة، الإرهاب، الضمان الاجتماعي، عجز الميزانية الأميركية، قضايا الأخلاق والقيم، السياسة الضريبية، البيئة والهجرة غير الشرعية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
رسالة العراق إلي مكين
أنور صالح الخطيب
الراية قطر
.في نفس اليوم الذي وصل فيه المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية جون مكين المناهض لانسحاب القوات الأمريكية إلي العراق أفاد استطلاع للرأي أجراه معهد بريطاني أن سبعة عراقيين من أصل عشرة يرغبون في رحيل القوات الأجنبية عن بلادهم لكنهم يريدون في الوقت نفسه إسهاما أكبر من الولايات المتحدة وبريطانيا في إعادة اعمار العراق. حيث عبر نحو 70% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع في العراق عن رغبتهم في رحيل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي اجتاحت بلادهم في 20 مارس 2003، مقابل 23% فقط يرون أن التدخل العسكري سيكون في مصلحة البلاد علي المدي الطويل.
هذه الأرقام تعد رسالة موجهة إلي المرشح الجمهوري مكين مفادها أن العراقيين الذين يعدون العدة لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في بلاهم خلال ساعات باتوا اليوم أكثر من أي وقت مضي متفقين علي ضرورة انسحاب قوات الاحتلال من بلادهم وان مواصلته لدعم إستراتيجية الرئيس جورج بوش المتضمنة" إرسال قوات إضافية للمساعدة في إحلال الأمن" لا تلقي قبولا أو تأييدا لدي المواطن العراقي الذي يريد بعد خمس سنوات من الاحتلال أن يشهد رحيل القوات الأجنبية عن بلاده. استطلاع الرأي هذا يجب أن تتمعن به الحكومة العراقية أيضا والأحزاب والقوي السياسية المختلفة التي تستعد لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية بحيث يكون حافزا لها بعدم استثناء أية جهة سياسية من هذا المؤتمر الذي يجب أن يكون احد أهم أهدافه الرئيسة تحقيق مطلب الشعب العراقي برحيل الاحتلال عن بلادهم وهو المطلب الذي ان جري الاتفاق عليه سيسهل بالضرورة تحقيق الهدف المتمثل بالمصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي بكل آلامها وأحزانها .أما المطلب الآخر المتضمن رغبة40% من العراقيين في أن تلعب الولايات المتحدة وبريطانيا دورا اكبر في إعادة اعمار البلاد فهو مطلب أقل ما يقال انه عادل فالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عبر احتلالها للعراق أعادت هذا البلد مئات السنين إلي الوراء ودمرت بنيته التحتية حيث يحتاج الآن العراق إلي مئات المليارات من الدولارات للوقوف علي قدميه مجددا وهي مسؤولية مشتركة لواشنطن ولندن عليهما الإيفاء بها دون أن يمس ذلك من سيادة أو استقلال العراق .
بقاء الجنود الأمريكيين في العراق أصبح غير مرغوب به شعبيا وعلي المرشح الجمهوري مكين أن يسمع صوت الشارع العراقي ويعيد النظر في مواقفه فاخر ما يريده العراقيون أن يجدوا في البيت الأبيض بوش آخر يعيد احتلال بلادهم لأربع سنوات مقبلة علي الأقل.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
الرابحون والخاسرون في الهجوم التركي
:خالد السرجاني
البيان الامارات
بعد أن سحبت تركيا جيوشها فجأة من شمال العراق يحق لنا أن نجري عملية تقييم لهذه العملية خاصة فيما يتعلق بمن ربح منها ومن خسر.
فعلى الأرض لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نقول ان العملية انتهت إلى القضاء النهائي على حزب العمال الكردستاني، بل يمكن القول انها انتهت إلى تعزيز مكانته لدى أكراد تركيا، لأن لجوء الحكومة إلى الخيار العسكري عادة ما يؤدي إلى تعزيز الأطراف التي تقاوم بالسلاح وفى تركيا يقوم حزب العمال الكردستاني بهذا الأمر.
وهناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن حزب العمال على الرغم من الوهن الذي أصابه في السنوات الأخيرة ومنذ إلقاء القبض على زعيمه عبدالله أوجلان يكتسب شعبية لدى الشباب الأكراد سواء في مناطق شمال شرق الأناضول أم في المدن التركية التي يعيش فيها الأكراد.
من هنا نستطيع القول انه إذا كان حزب العمال خسر لوجستياً وعسكرياً في هذه العملية فهناك مكاسب معنوية ورمزية قد حققها بسببها وعلى رأس هذه المكاسب أنها أعطت شرعية للتوجه الإيديولوجي الخاص بمواجهة الدولة عن طريق العمل العسكري ومن خلال حرب العصابات التي يلجأ إليها منذ عام 1987 عندما بدأ الحلقة الأخيرة له من مواجهة الدولة عن طريق السلاح.
وفى مقدمة الرابحين في العملية أكراد العراق، فعلى الرغم من أن معظم المعلومات أشارت إلى أن العملية الأخيرة جرت بالتنسيق بين الحكومة التركية والحكومة العراقية وعلى الأخص الرئيس جلال طالباني وهو كردي، إلا أننا نؤكد من خلال مؤشرات كثيرة أن ذلك جرى من دون رضاء المسؤولين في منطقة شمال العراق وهى المنطقة الوحيدة المستقرة أمنياً في العراق.
حيث توقع مراقبون كثيرون أن العملية سوف تحدث حالة من عدم الاستقرار في شمال العراق أيضاً. ونستطيع القول ان نتائج العملية التي لم تقض نهائياً على حزب العمال سوف تؤدي إلى أن تبحث تركيا عن بديل آخر قد يكون هو التنسيق مع المسؤولين في منطقة شمال العراق من أجل القضاء على خطورة حزب العمال الكردستاني وهو ما يزيد من سلطات هؤلاء المسؤولين من جهة ويحافظ على استقرار منطقتهم من جهة أخرى.
وثاني الأطراف الرابحة من هذه العملية هي الحكومة التركية التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية، فكلنا يعرف أن هذه الحكومة تريد اعتماد أسلوب جديد للتعاطي مع حزب العمال الكردستاني ومع المسألة الكردية في تركيا، والأسلوب الجديد كما يبدو من مؤشرات كثيرة هو إعطاء الأكراد بعض الحقوق الثقافية والسياسية وتنمية المناطق التي يعيشون فيها.
وفى رأى مسؤولين حكوميين كثيرين أن هذا الأسلوب سوف يؤدي إلى تهميش حزب العمال الكردستاني، وتجفيف منابعه. ولكن هناك قوى داخل تركيا لا تريد تجربة هذا الأسلوب وفى مقدمتها الأحزاب القومية المتواجدة في البرلمان وأيضاً المؤسسة العسكرية، ولكن ملابسات العملية العسكرية الأخيرة لابد وان تعطى شرعية لأسلوب الحكومة في التعاطي مع المسألة الكردية برمتها وأيضاً مع حزب العمال الكردستاني.
خاصة وان تصريحات متعددة صدرت عن مسؤولين أميركيين وموقف الاتحاد الأوروبي من المسألة يمكن أن يعززا من موقف الحكومة ويضعفا من موقف كل من التيار القومي التركي والمؤسسة العسكرية وبما يدفع تركيا إلى البحث عن أسلوب جديد للتعامل مع المسألة الكردية.
وإذا كان هؤلاء هم الرابحون من العملية العسكرية التركية الأخيرة في شمال العراق، فإننا نستطيع ان نقول ان هناك خاسراً وحيداً من نفس العملية هي المؤسسة العسكرية التركية، وبعيداً عن ملابسات سحب القوات التركية فجأة من شمال العراق وبعيداً عن الخسائر التركية في هذه العملية، نستطيع القول ان العملية جاءت نتائجها بالنسبة للمؤسسة العسكرية على عكس ما كانت تسعى إليه المؤسسة العسكرية نفسها.
فمن المعروف أن هذه المؤسسة كانت تريد أن تستعيد دورها المركزي في السياسة التركية والذي بدأ يتناقص ويتضاءل منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا، وكانت المؤسسة تريد أن تبرهن للمواطن التركي أن دورها مهم في حفظ ثوابت الدولة وعلى رأسها وحدة التراب وهى مهددة من قبل حزب العمال الذي تتعامل معه المؤسسة العسكرية باعتباره حزباً انفصالياً.
فقد جاءت النتائج لتؤكد أن أسلوب المواجهة العسكرية الذي تريد المؤسسة العسكرية أن تعتمده ليس هو الأسلوب الأمثل لعلاج المسألة الكردية، بل جاءت النتائج أيضاً لتبرهن على أن المؤسسة العسكرية لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها في السابق خاصة، فيما يتعلق بالتجهيز والمواجهة العسكرية والقدرة على مواجهة أسلوب حرب العصابات.
من هنا نستطيع القول ان هذه العملية قد يكون أحد نتائجها المباشرة في تركيا هو تراجع الدور السياسي للمؤسسة العسكرية، بما لا تعد معه هذه المؤسسة بنفس القوة التي كانت عليها في السابق، بل يمكن القول ان هذه العملية قد تكون تدشيناً للحكم المدني الحقيقي في تركيا بعد سنوات طويلة كان الجيش يحكم فيها من وراء ستار.
وهناك من يرى أن إسرائيل هي الأخرى طرف خاسر من العملية التركية الأخيرة في شمال العراق، سواء فيما يتعلق بما قدمته لها من دعم من أجل إقناع الجانب الأميركي بالموافقة على العملية أو ما قدمته لها من مساعدة استخباراتية، وقد ثبت فيما بعد عدم جدوى كل هذه المساعدات.
وهناك من رأى أن موقف إسرائيل هدف بالأساس إلى دفع تركيا لأن يكون لها دور في العراق لكي توازن ذلك مع الدور الإيراني الذي تناصبه إسرائيل العداء، ومهما كانت الأسباب فان نتائج العملية تؤكد أن إسرائيل مهما كان هدفها فهي لم تحققه وهو ما يعني أنها لم تكن من الأطراف الرابحة .
خصوصاً وان الخاسر الأكبر وهو المؤسسة العسكرية التركية تربطها علاقات قوية بإسرائيل، وتراجع هذا الطرف في السياسة الداخلية التركية يعنى ضمناً تراجع الدور الإسرائيلي في تركيا بما يؤكد أنها كانت من الأطراف الخاسرة في العملية العسكرية التي لم تحقق نجاحاً في شمال العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
العراق ينتظر التقارب الأمريكي- الإيراني
عبدالوهاب بدرخان
الراية قطر
بعدما حقق الأمريكيون كل النجاحات التي يستطيعونها في العراق، ها هم بعد خمسة أعوام علي الاحتلال يلومون العراقيين لأنهم فاشلون.
هذا علي الأقل ما تفضل به الجنرال ديفيد بيترايوس، القائد العسكري لسلطة الاحتلال، وهو في الوقت نفسه مرشح محتمل لمنصب نائب الرئيس مع المرشح الرئاسي جون ماكين. ويجدر عدم نسيان أن هذا المرشح الجمهوري هو صاحب عبارة سنبقي مائة سنة( في العراق) إذا اقتضي الأمر .
وفي العام الخامس للاحتلال كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد هو من جاء إلي بغداد ليعلن، ولو بشكل غير مباشر، من انتصر فعلاً في العراق. لا العراقيون ولا الأمريكيون وإنما الإيرانيون، فهم يتحكمون بالتصعيد النسبي أو الانخفاض النسبي لما يسمي العنف ، وهم يمسكون بمقاليد حكومة نوري المالكي ويتقاسمون عملياً اللعبة مع الأمريكيين لكن بكلفة أقل وخصوصاً بنتائج أكثر ثباتاً.
وإذا كان الهدف الأبعد للغزو والاحتلال الأمريكيين فرض الهيمنة علي المنطقة ومباشرة مشروع الامبراطورية الواسعة فإن الإيراني فرض نفسه شريكاً يمكن أن يكون مضارباً ومزعجاً إذا لم يعترف بشراكته.
مثل هذا الاعتراف قد يحصل. قد يتأخر، وقد يصح ما يعتقده البعض من أنه سيأتي بعد ضربة محدودة لإيران، لكن قد يخطيء هذا الاعتقاد، فالسياسة الأمريكية افتقدت الوضوح منذ لم تعد الأحداث تلبي توقعاتها، ومنذ لم تعد النار الكثيفة تحقق لها الأهداف لتجني المكاسب.
والمؤكد أن التقارب المرتقب بين الولايات المتحدة وإيران لن يصبح حقيقة فاعلة إلا متي تيقنت واشنطن بأنها ماضية في سياق تطبيق استراتيجياتها حتي لو تطلب ذلك تفاهماً مع طهران.
بين هذه القوة الاقليمية وتلك القوة الدولية كيف يمكن لعراقيي النظام الجديد في بغداد أن ينجحوا وفي ماذا يفترض بهم أن ينجحوا؟ يبدو أن المعيار الوحيد ل النجاح لن يكون هو أيضاً عراقياً. فإذا كان مؤشر النجاح أن يكون هناك استقرار أمني فإن العراقيين المعنيين، القابعين في المنطقة الخضراء ، باتوا مستسلمين لفكرة مفادها أن العراق الجديد سينشأ ثمرة وفاق أمريكي- إيراني، وهناك من يوسع الإطار ليضم البعد التركي، أو يوسعه أكثر ليضيف البعد العربي. وطبعاً هناك من يعتبر أن الوضع الذي نشأ غداة الاحتلال كان أمريكياً في الظاهر، لكنه أمريكي- إسرائيلي في الواقع.
وبالمنظور الاستراتيجي البعيد المدي لن يسمح للكيان العراقي بأن يكون بعد اليوم واحداً وموحداً، حتي لو ظل منضوياً شكلياً ورمزياً في دولة واحدة ذات حكومة مركزية. وبالتالي فإن استقراره يكون خلاصة توافق الأطراف الدولية والإقليمية هذه أو لا يكون، ويتطلب الأمر تذليل العقبة الإيرانية لتشكيل مثل هذا التوافق.
لكن، في الأساس، لا يحق للأمريكيين أن يدعوا بأنهم فعلوا كل ما يلزم من أجل تأمين الاستقرار، إلا أن عجز حلفائهم العراقيين هو ما حال ويحول دون تطبيع الوضع والشروع في بناء الدولة وتوطيد الأمن وإعادة الإعمار وتفعيل الخدمات.
لا يحق للأمريكيين أن يتخففوا هكذا، وببساطة، من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبوها ويحاولون الآن معالجتها بحلول مصطنعة وترقيعية. كل ما في الأمر أنهم لم يدركوا أن حلفاءهم دخلوا بغداد معهم وهم يحملون أجندات مختلفة وأحياناً متعارضة، وأن هؤلاء لم يسبق لهم في معظمهم أن مارسوا المسؤولية ولم يكسبوا خبرة الإدارة وحس الدولة، فمن هم من الشيعة عاشوا فترة طويلة تحت الإرادة الإيرانية، ومن هم من الأكراد عاشوا تجربة إنشاء الكيان الكردي بذهنية منفردة وشبه انفصالية، ومن هم من السنة إما كانوا في كنف النظام السابق وتحت وطأته وامرته أو كانوا منفيين في عواصم عربية لم تعطهم أية فرصة لتطوير أنفسهم للمشاركة في حكم ديمقراطي تعددي.
كانت المعارضة السابقة عبارة عن مجموعات متنافرة ومتنابذة ضمنياً، يوحدها ظاهرياً العداء للنظام السابق وتفرقها عملياً مآربها بالنسبة إلي مستقبل العراق. كل ذلك انعكس علي أداء مجلس الحكم والحكومات التي تلته وانتج نهجاً فئوياً وتناحرياً لم تحاول الحكمة الأمريكية تصويبه ولا نجحت في استدراج مساهمات عربية أو غير عربية- الأمم المتحدة مثلاً- للمساعدة في ترشيده.
من هنا إن الحديث عن مصالحة وطنية بات الأمريكيون يريدونها بإلحاح هو حديث مخاتل، فهم لا يستطيعون أن يطلبوا من الأطراف العراقية أكثر مما تستطيعه. هذه الأطراف بنت نجاحاتها وانجازاتها الفئوية بمباركة أمريكية، بل ظنت- ولعلها لم تخطيء- إن ما تفعله هو تحديداً ما تريده سلطة الاحتلال التي دخلت وهي مصممة علي إنزال هزيمة واضحة بالطرف ا لسني، وها هي تحاول الآن استعادة هذا الطرف بطريقة تعتقد أنها صحيحة ومجدية، لكن من يعرفون العراق جدياً يستبعدون إمكان نجاح هذه الطريقة في المدي المنظور. إنها محاولة لتغيير الجسم السياسي السني بخلق كيان جديد يدين بوجوده وصيرورته لسلطة الاحتلال ويفترض أن يصبح جاهزاً لدخول العملية السياسية مع اقتراب وموعد الانتخابات المقبلة.
ولو نظرنا إلي الطوائف الأخري لوجدنا أن هناك مخاضات مماثلة حضت عليها سلطة الاحتلال من قبيل فرز القوي وإبراز تلك التي ستكون مستعدة للمشاركة في اللعبة التي يحدد الاحتلال شروطها وأهدافها.
لعل المصالحة المطلوبة هي تلك التي تساعد الرئيس جورج بوش الآن علي تحسين صورته، بل التي تمكنه من توديع الأمريكيين في نهاية ولايته بقوله إن الأهداف الأمريكية في العراق تتحقق شيئاً فشيئاً لكنها تتطلب وقتاً أطول. ولاشك أن السنة السادسة للاحتلال ستشهد مطالبة حكومية عراقية، معلنة وموثقة، ببقاء القوات الأمريكية في البلاد.
لا لأن هذا ما ترغب فيه الإدارة الأمريكية وإنما لأن هذا ما تتطلبه المواجهة مع إيران. وبما يشبه التطابق في المصالح فإن هذه هي أيضاً الرغبة الإيرانية، إذ أن العراق الأمريكي وفر للإيرانيين ساحة مناسبة للصراع مع الامريكيين، بشيء من التكافؤ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
شيعة العراق وحكم التاريخ
زهير المخ
الراية قطر
بسبب الضبابية الكثيفة التي تكتنف قلب الأحداث الجارية في العراق، لا بد من قلب الوقائع للوصول إلي قراءة أوضح، من خلال استشراف ما سُطر في صفحات التاريخ عن الأداء السياسي للشيعة العراقيين، ليس هرباً من الواقع الراهن وملابساته بحثاً عن "فردوس" مفقود أو سباحة في "اليوتوبيا"، بل انه، بالفعل، محصلة ما يمكن استشرافه، منذ الآن، وحتي ذلك التاريخ.
مما لا شك فيه أن القراءات السياسية سوف تتباين، فثمة من سيعتبر أن المكون الشيعي حقق إنجازا وصنع إعجازا، حين استطاع انتزاع السلطة في بلد يكون له فيه الدور الأساس، وبهذا لم يعد الشيعة في أرضهم مواطنين من الدرجة الثانية. ولا ننسي أن هذا الإنجاز الضخم تحقق في فترة من أحلك فترات المنطقة، بعد حرب أعادت ترتيب الدولة العراقية وتشكيل موازين قوي داخلية جديدة، كما شهدت هذه الفترة نمو دور الدول الإقليمية المحيطة بالعراق.
وسيري الباحثون من هذا الجانب ، أيضاً أن الشيعة نجحوا بالتعاون مع القوة الدولية الأعظم في خدمة وجودهم علي قمة هرم السلطة. وفي خضم التدخل العسكري الأمريكي والتدخلات الإقليمية المضادة، استطاع المكون الشيعي مواجهة أطماع وضغوطات، فأبقي علي صيغة فريدة من التحالفات.
وعلي النقيض من هذا، فان فريقاً آخر من المحللين سوف يذهب إلي أن الشيعة قد كسبوا الرهان علي تحقيق حلمهم المنشود في القبض علي مركز القرار السياسي، ولكنهم سرعان ما أضاعوه، وبرهنوا في ذلك علي أنهم لم يكونوا سوي مراهقين حلموا مرة ولما تحقق الحلم دمروه، فهم غالباً لم يحسنوا التصرف ولم يكن عندهم حس كاف من المسؤولية ولا امتلكوا المطلوب من الحكمة والرشد للحفاظ علي فرصة قلما يجود الزمان بمثلها، فتماحكوا وتناكفوا وتخاصموا وتقاتلوا حتي أرهقوا وانتهي بهم الأمر وقوفاً علي الطلل يبكون كالنساء مجداً أعطي لهم، فلم يحفظوه كالرجال. وسيُسجل في هذا الجانب أن المكون الشيعي الذي عاني التهميش لقرون، أسكرته نشوة السلطة وأفقدته توازنه، فكان كالصبي المحروم الذي أسقط عليه الدهر ثروة، فلم يقوَ علي المحافظة عليها.
وإنه لمن الإنصاف أن نقول إن في كلتا القراءتين تطرّفاً وغلوا، ولعل الحقيقة كامنة في مكان ما بينهما، والوصول إليها يتطلب نظرة أكثر تأنياً وعمقاً، لتقديم مقاربة أكثر موضوعية ودقة للأداء الشيعي خلال هذه المرحلة.
ولننطلق من هذه النظرة لنطرح الأسئلة التالية ونحاول الإجابة عليها :ما هو وضع المكون الشيعي في الحاضر من الأيام؟ وهل تعلم الشيعة من تجارب الماضي المكلفة؟ وهل كان من الممكن أن يكون الوضع أفضل؟ والي أين تتجه الأمور بحسب مجريات الأحداث؟
ظلت الكلمات الأكثر تداولاً علي الألسن في الثقافة السياسية الشيعية: التهميش، الحقوق المسلوبة، المظلومية، المواطنة من الدرجة الثانية، ما يدل بوضوح علي أن ثمة نفسية يائسة، خائفة وقلقة تقبع خلف الخطاب وهي تعتمد أسلوب الندب واللطم علي الرموز بدلاً من مواجهة ذكية وفعالة للتحديات الحقيقية. كما أن الكثير من الطاقات التي يتمتع بها الكيان الشيعي هدرت علي مذبح صراع سلطوي داخلي علي وجود يتقهقر، كورثة يقتتلون من اجل السيطرة علي شركة سائرة نحو الإفلاس بدلاً من أن يتعاونوا علي استنقاذها.
ويبدو أن الشيعة، إجمالاً،، لم يستفيدوا كثيراً من تجارب الماضي ولم يستلهموا منها ما يزيحون به الأخطار المحدقة، فدرجة الوعي لديهم تدنت، ونضوجهم قلّ، ومستوي التخاطب بينهم انحدر، فيما تخلي المكون الشيعي عن بعض السمات الأساسية في ديناميكية الاستمرار. لقد أثقل تاريخ الاضطهاد وسنون الخوف الطوال وعقدة المظلومية ذاكرة الشيعة ووعيهم، كما أرهقتهم الصراعات المريرة المتواصلة منذ التأسيس الأول للدولة العراقية، ولكن إلي أي حد يمكن أن تبرر مصاعب الماضي أخطاء الحاضر؟
صحيح أن صيغة الحكم الجديدة في العراق قد منحت الشيعة، علي الصعيد السياسي، صلاحيات رئاسة الحكومة، وعلي الصعيد الديموغرافي فهم يشكلون أكثرية عددية مطلقة بالمقارنة مع المكونات العراقية الأخري، كما يمتلك عدد من الشيعة إمكانات عالية، لكنهم فشلوا حتي الآن في إنقاذ وطنهم.
في هذا الخصوص، ظلت قواعد التوافق الهش لكتلة الائتلاف الشيعي العراقي الحاكم هي اللعبة السائدة في الوقت الذي يتصاعد الحديث عن أطياف يتنافس كل منها علي مواقع النفوذ ويتسابق كذلك علي اختزال التمثيل الشيعي قسراً.
ولا شك فإن أي متابع للحرد السياسي للتيار الصدري وحزب الفضيلة يعرف بما فيه الكفاية صحة الاستنتاج أعلاه، حتي يخيّل للمرء أن الائتلاف وكأنه مجموعة من الكتل غير المتجانسة تختلط فيها المغامرة بالحماسة والشعار بالإيديولوجيا، فيما يغيب الفكر السياسي عن كونه ضابطاً لإيقاعات التحرك الآني أو المستقبلي لهذا الائتلاف.
وربما تصح هنا إشارة العديد من المطلعين علي الملف الشيعي العراقي إلي أن ثمة صراعاً خفياً يدور بين أطراف الائتلاف لعب دوراً ملموساً في تصعيد حدة الاستقطاب والتجييش داخله.
لكن الافتراق بين خيارات المكون الشيعي هو الآخر أبعد وأعمق من اللحظة السياسية الراهنة، بل انه يضرب جذوره عميقاً في تاريخ الشيعة الذي لم يكن، حتي يومنا هذا، سوي تاريخ تنافس علي المواقع، مما يشير إلي حقيقة أن حدة التنافس الشيعي - الشيعي لا يمكن أن تغيب عن المسرح السياسي الشيعي فجأة لكي يصبح الانصهار علي أنغام "وحدة الموقف" ممكناً وسريعاًً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
مظاهرات واعتصامات بالدانمارك في ذكرى غزو العراق
ناصر السهلي-
الجزيرة
انطلقت في عدد من العواصم والمدن الأوروبية فعاليات لإحياء الذكرى الخامسة لغزو العراق التي تستمر من 15 حتى 22 مارس/آذار الجاري. وفي هذا الإطار شهد عدد من كبريات المدن في الدانمارك أمس مظاهرات واعتصامات في ساحات المجالس البلدية، وذلك بمبادرة من الحملة الأوروبية لمناهضة الحرب على العراق وبمشاركة عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية الدانماركية. وشملت الفعاليات العاصمة كوبنهاغن -التي دعت فيها اللجنة المنظمة إلى اعتصام لنشطاء السلام أمام السفارة الأميركية- مرورا بآرهوس حتى أُلبورغ في الشمال حيث خرجت مظاهرات ترفع لافتات منددة بمواصلة احتلال العراق.
وفي مدينة آرهوس لاحظ مراسل الجزيرة نت مشاركة دانماركية تفوق مشاركة العرب، حيث ألقت الأحزاب والمبادرة الأوروبية كلمات نددت بالغزو الذي قام "على الكذب والغش" حسب وصف المتحدث باسم الأحزاب المشاركة.
جرائم حرب
واعتبر المتحدث أن رئيس وزراء الدانمارك أندرس فوغ راسموسن "مجرم حرب وكاذب لأنه لعب دورا في تدمير العراق ودعم بوش في أفغانستان"، وهو ما كرره ملصق وُزِّعت منه آلاف النسخ في المظاهرة.
وقد ركزت الأحزاب المشاركة على المآسي الناتجة عن هذا الغزو "الذي أنتج حربا طائفية وملايين اللاجئين في داخل العراق ومحيطه في سوريا والأردن وغيرها من الدول" حسبما قال كارستن أندرسن من اللجنة المنظمة لهذه التحركات. وصرح أندرسن للجزيرة نت بأن الجهود القادمة هي لسحب القوات الدانماركية من أفغانستان. تأتي هذه التحركات بعد أن اتفق 1200 ممثل لـ26 دولة في مؤتمر السلام الذي عُقد بلندن في ديسمبر/كانون الأول الماضي تحت عنوان "عالم ضد الحرب" على إحياء فعاليات في الذكرى الخامسة لغزو العراق ومطالبة الحكومات الغربية بـ"أن لا تشارك في حرب على إيران"، و"الانسحاب من العراق وأفغانستان".
أحد المتحدثين من الشبيبة المناهضة للعولمة ذكر في كلمته أنه يتفهم ما يجري من غضب في العالم العربي والإسلامي وقال "ماذا تتوقعون منهم حين نغزوهم ونقوم بالاستهزاء بنبيهم؟".وربط المتحدث أيضا بين ما يجري في العراق وما يجري في فلسطين داعيا الحكومات الغربية إلى "الإقلاع عن سياسة ازدواجية المعايير ووقف مهزلة الحرب على الإرهاب التي باتت تحول دولنا إلى دول بوليسية".وأدت فرقة موسيقية بمشاركة شاب عراقي، بعض الأغاني التي تمجد الشعب العراقي وتطالب بانسحاب قوات الاحتلال منه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
كلاب بغداد تهاجم الناس بعد استطعامها لحوم الجثث المجهولة
شبكة الوليد للاعلان
لم يعرف المواطن رعد حبيب , ان الكلب الذي هاجمه بوحشية واطلق انيابه لتنهش ساقه ,هو من الكلاب التي غيرت نمطها الغذائي , وبدأت تبحث عن لحوم البشر , التي اعتادت على اكلها بشراهة من تلك الجثث المجهولة الهوية , التي ترمى يوميا في الشوارع والمزابل , ويبدو ان هذه الجثث تحولت الى وجبة مفضلة للكلاب السائبة , وكان رعد حبيب , الذي يقطن احد احياء العاصمة العراقية, قد فوجئ بأحد الكلاب السائبة , وهو ينقض عليه قافزا بقوة من الرصيف الذي كان يجلس بجانبه , وخلال لحظات كانت انياب الكلب السائب تنغرز في ساقه , وحاول رعد حبيب ضرب الكلب ورفسه ,الا ان الكلب السائب جابهه بالكثير من الشراسة والاصرار على اخذ نهشه من لحمه .
تمكن رعد بصعوبة ان يتخلص من ذلك الكلب السائب , ويروي ل(شبكة الوليد للاعلام) تفاصيل تلك اللحظات وصراعه مع ذلك الكلب , وبعد ان تمكن من التخلص من انيابه ,سارع بالذهاب الى بيته الذي لايبعد كثيرا عن مكان الهجوم الوحشي , وما ان رأت زوجته بنطاله الممزق ودمه الذي ينزف ,حتى اصابها الذعر , وما ان عرفت بتفاصيل القصة , حتى سارعت الى مساعدته بأستبدال بنطاله , وأخذه الى المستشفى ونبضات قلبها تتسارع ,خشية من ان هذا الكلب المتوحش مصاب ب (داء الكلب) وأن عضته ليست بألامر الهين، ولابد من معالجتها بسرعة وأخذ المصل المضاد لمثل هذه العضة .
دخل قسم الطوارىء في المستشفى وساقه مازالت تنزف، وبدأ بسرد القصة بحياء عن الكلب الذي هاجمه بغته، وعن البنطال الذي تمزق وعن الدماء الغزيرة التي نزفها, فما كان من الموظف الصحي الذي يعقم جروحه الا ان قال له ، احمد ربك , كان من الممكن ان يقطع قطعه لحم كبيره من ساقك , ويبدو ان سمك البنطال ساعدك كثيرا" في تحاشي ذلك .
سأل رعد كيف ، فأخذ الموظف الصحي يحكي له العديد من قصص اطفال ونساء ورجال زاروا المستشفى , بعد أن تعرضوا الى عضات كلاب ، مضيفا" ان المخاوف كانت بالدرجة الاساس عن احتمال ان تكون تلك الكلاب مصابة بداء الكلب, وهكذا أجريت التحليلات اللازمة ومثلها اجري التحليل للمصاب رعد الحبيب, وتبين بما لا يقبل الشك، ان الكلب الذي عضه ليس مصابا" بداء الكلب, وان كل ما في الامر أن العديد من كلاب بغداد غيرت نمطها الغذائي العام، من خلال الاعتياش على جثت العديد من القتلى, الذين يتم رميهم على قارعة الطرق او في الحدائق والزوايا المظلمة وكذلك في مواقع النفايا ، وان هذه الجثت أصبحت ولائم يوميه للكلاب السائبه, الى ان تاتي الشرطة او البلديه لنقلها باتجاه الطب العدلي .
وطبقا" لمعلومات طبيب بيطري فأن الكلاب تعتاد على نوع من اللحوم ذات النكهة الخاصه, وهكذا فأنها مع أستمرار الحالة تتشبع غريزيا" بتلك النكهة ويبدو ان ما أعتادت عليه في نهش الكثير من الجثث صارت لا تطيق طعاما" الا اللحم البشري وعندما انخفض معدل عدد الجثث المجهولة الهويه في الاشهر القليله الماضيه ، اخذت الكلاب تتجه الى مهاجمة الاشخاص, وكأنها مخدرة برائحة اللحم البشري .
وعند سؤال الطبيب البيطري في كيفية مواجهة هذه الظاهرة الغريبة والخطيرة قال ل(شبكة الوليد للاعلام) لا حل لمواجهة هذا الخطر الا بتنظيم حملة ابادة للكلاب السائبة، التي تكاثرت في السنوات الاخيرة, وان العشرات منها اتخذ اماكن له في الاحياء الشعبيه بصورة لافته ، فضلا" عن تواجد قطعان منها في مقالع النفايات خارج المدينة ، ولم يستبعد الطبيب البيطري ان تتفاقم الظاهرة ويهاجم هذا النوع من القطعان الاطفال الصغار, الذين لا يستطيعون الدفاع عن انفسهم .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
عزوف المعلقين العراقيين عن الشأن العربي
شبكة الوليد
بأستثناء الأخبار العربية التي تتعلق بالشأن العراقي فانك من النادر جدا" ان تجد موضوعا" لكاتب او محلل سياسي عراقي يتناول قضايا عربيه خالصه، لا تتعلق بهذا الموضوع ، واذا كانت بعض الصحف قد حاولت اكثر من مرة اصدار صفحات في الشأن العربي، فأنها صفحات تؤخذ من الانترنيت واغلبها تاخذ بنظر الاعتبار وجهة النظر الاعلامية الاميركيه او الاوربيه ازاء هذا الشأن او ذاك
واللافت ايضا" ان وسائل الاعلام العراقيه عندما تركز على تلك القضايا فانها لا تجد ما تملأ به هذه المساحة القليله المخصصه للشأن العربي الا القضايا التي يمكن ان تلاحظ عليها النزعة المقطوعة عن الحدث ، ولم يحصل اية مرة ان تبنت وسيلة اعلام عراقيه حدثا" عربيا" بالتحليل والمتابعه
يقول الدكتور حميد السعدون الاكاديمي والباحث المعروف ل(شبكة الوليد): اذا اردت توصيفها كظاهرة فأنك ينبغي ان تأخذ الموضوع من زاوية ظاهرة القطيعة، وان اغلب الكتاب والمحللين العراقيين ولا اقول جميعهم يجدون في الشأن العراقي اليومي مادة مُيسره للكتابة والاجتهاد فيها ولأنه ايضا" يخاطب رأي عام عراقي وهذا بحد ذاته يعطي زخما" من القدرة على الامتداد والتحليق اكثر، خاصة مع الاعتداد الواضح بهذا الأنتماء الضيق ، وكأنه يقول لنفسه لماذا العوم في المجاهل الاخرى ما دام الاستحمام في الشأن العراقي يعطيك الحضور الذي تريده .
ويرى الدكتور حسين حافظ ، انه هناك لبساً في دائرة التفكير العراقي اذا اخذنا بالاعتبار ان امام المحلل الكثير من ملوثات الرؤيه وعدم الوضوح والتواتر والخلط في العلاقه بين العراق والعرب ، وتكاد تكون المسؤوليه متساوية في هذه القطيعة ، بسبب ان اغلب الكتاب العرب الذين يتناولون الشأن العراقي يأخذون بنتائجه وبما تضخه الفضائيات العربيه من مواضيع يغلب عليها طابع السرقه والاثارة .
وبالمقابل ايضا" فأن الكتاب والمحللين العراقيين لا يجدون في الشأن العربي مادة مغريه للكتابه تحت وطأة اغراء القطيعه او حتى وطأة ان العرب بعيدين عن الشأن العراقي في الرؤيه التي يتناولها فلماذا نخوض نحن في الشأن العراقي ، والقضيه ليست بحاجة الى تبادل ادوار وانما الى اعادة ومراجعة اخلاقيه تعيد العراق الى الفضاء العربي وتعيد الفضاء العربي الى الرؤيه العراقيه .
ويطالب الكاتب عادل سعد بأعادة ترتيب السؤال على الوجه الاتي ، لماذا لا يهتم الكتاب العراقيون بالشأنين العربي والدولي ؟ وكأن السؤال (( هل يهتم )) ان هناك من يهتم. وهذه الصيغه الاستفسارية قد تفرض وجود مهتمين وغير مهتمين، لكن الواقع ان هناك مشكلة بنيويه بدأت نواتها منذ الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 وأستمرت حتى اصبحت ظاهرة تحكم النخبه الاعلامية والثقافيه، واذا اردت الاسباب الى ذلك فأنه يمكن تلخيصها بما يأتي :
اولا": المساعي المعروفه والتي تشارك فيه الماكنه الاعلاميه الاميركيه ومروجو الثقافة الطائفيه والعرقيه، بهدف تفكيك ارتباط الواقع العراقي باطار الفضاء السياسي العربي
ثانيا": موقف النخب العربيه، فهذه النخب بدلاً من ان يستمر خطابها الموحد ازاء العراق، راحت تخاطب بأكثر من اتجاه فضلا" عن ان الاهمال والقصور واللامبالاة التي اعتمدتها مؤسسة الجامعة العربيه في التعامل مع الشأن العراقي بطريقة ساذجه اوجد ما اعطى البعض احتكار عروبة العراق، في حين ان ذلك هو ما يريده الاميركيون للقول ان ليس كل العراقين العرب هم عرب يتحسسون عروبتهم ، ولنا في محنة السفير العربي مختار لماني ما يعزز هذا التشخيص عندما قال انه طيلة المدة التي بقي فيها في بغداد لم يكلف الامين العام لجامعة الدول نفسه بالسؤال عنه، ليس في السؤال الشخصي وانما في السؤال ماذا يمكن ان تقوم به الجامعة للشأن العراقي، وعودة على بدء لا يُنتظر ان يكون هناك اهتمام عراقي بالشأنين العربي والدولي الا اذا ضمنا تطهير العراق من المواقف المروجة لظاهرة التفكيك التي اشرنا اليه .

ليست هناك تعليقات: