نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الدرس المستفاد في ذكري سقوط بغداد
د. وحيد عبدالمجيد
الاهرام مصر
ومع ذلك لم يكن احد يتوقع سقوط بغداد في اليوم التالي9 ابريل وانهيار نظام صدام حسين, الذي اصبح تهاوي صنمه في ذلك اليوم حدثا تاريخيا يحمل الكثير من المعاني, وينطوي علي عبرة لمن يعتبر.
واليوم بعد5 سنوات علي ذلك المشهد المؤلم يثبت ان القرار بشن هذه الحرب كان خاطئا جملة وتفصيلا, بعكس ما يدعيه الرئيس الأمريكي جورج بوش ويكرره قائلا ان هذا القرار كان صائبا بالرغم من كل الخسائر.
وفي هذا التقييم خلط مقصود بهدف الهروب من المسئولية السياسية, وتجنب المساءلة القانونية لاحقا اذا اراد الأمريكيون اثبات انهم قادرون علي الارتفاع حقا إلي مستوي يليق بدولة تعطي نفسها الحق في مطالبة غيرها بأن تكون أكثر ديمقراطية, ويبدأ الخلط, الذي يلجأ إليه بوش والمحافظون الجدد عموما باختزال الأهداف المعلنة سابقا لتلك الحرب في اطاحة نظام صدام حسين.
وبغض النظر عن ان الهدف كان ثالث ثلاثة أهداف ثبت ان اثنين منها وهميان, فلنبق معه لنسبر اغواره.
وعندما يقال إن اطاحة صدام حسين تعتبر عملا صائبا يبرر الحرب, يصبح الخلط واضحا بين الهدف والوسيلة, فالخلاص من الرئيس العراقي السابق يكون صائبا اذا تحقق عبر عمل شعبي أو حتي نخبوي في صورة انقلاب قصر أو أي نوع من الانقلاب, ويجوز اعتباره صائبا كذلك, اذا حدث من خلال حرب مشروعة في إطار الشرعية الدولية من نوع حرب1991 ضد نظام صدام حسين ايضا, وقد كانت الاطاحة به ممكنة في نهاية تلك الحرب, ولو ان هذا حدث عام1991 لجاز البحث في مدي صواب ذلك وإدارة حوار جاء بشأنه.
اما حرب2003 فهي لاتحتمل اصلا البحث في امكان ان تكون صائبة, فاذا كان البحث العلمي يبدأ بافتراض أو أكثر, فلا يستطيع باحث جاد ان ينطلق من ان هذه الحرب صائبة حتي علي سبيل الافتراض الذي يصح أو يخطيء.
وكثيرة بالفعل هي الاسباب التي تدفع إلي هذا الاستنتاج الآن, ولكن تكفي الاشارة إلي انها حرب عمياء صدر قرار شنها بدون ادني دراسة أو معرفة بالبعد الاجتماعي لمسرح العمليات, وهذا البعد تزداد اهميته عندما يكون من أهداف الحرب تغيير المعادلة السياسية التي ترتبط حكما بمعادلات اجتماعية محددة.
لم يهتم متخذ قرار الحرب, ومنفذوه بمعرفة طبيعة المجتمع العراقي شديد التنوع, ولا نوع التغير الذي حدث فيه عندما انغمس معظم العراقيين في انتماءاتهم المذهبية الطائفية والعرقية والعشائرية, هربا من قسوة الدولة وبحثا عن ملاذات آمنة في احضان الطائفة أو الجماعة العرقية أو العشيرة.
وكان هذا خطأ يصل إلي مرتبة الخطيئة لانه ادي إلي اخطاء فادحة انتجت اختلالات بالغة العمق.
والارجح انه لو كان بوش واركان ادارته يعرفون شيئا عن المجتمع العراقي, ما تركوا مندوبهم السامي بول بريمر يعبث بمؤسسات الدولة واجهزتها فيدمرها تدميرا.
فعندما يكون المجتمع منغمسا في انتماءاته الأولية, لايمكن ان يؤدي تفكيك الدولة إلا إلي حرب الكل ضد الكل التي اندلعت حامية ولايبدو انها ستخمد قبل سنوات طويلة أخري.
ولكن في غياب أي معرفة بحالة المجتمع, بدأ بريمر بقرارين كانا كافيين لاثارة فوضي عارمة وفتح الباب امام عنف هائل من اتجاهات عدة, ومن ثم تحويل الانتصار العسكري الأمريكية إلي هزيمة استراتيجية نموذجية ادي قراره الأول إلي16 مايو2003 بشأن اجتثاث البعض إلي طرد عشرات الالاف من موظفي الدولة, وبالتالي انهيار معظم الوزارات والهيئات وشل الإدارة العامة تماما.
وجاء قراره الثاني بعد يومين بحل الجيش, فأدي إلي تسريح ما لايقل عن اربعمائة الف جندي وضابط باسلحتهم وانضمام عدد غير معروف منهم ولكنه ليس صغيرا بالقطع, إلي المقاومة.
غير انه لم تكن هذه الاخطاء ـ الخطايا هي التي حولت الحرب علي العراق إلي مغامرة قام بها عميان افتقدوا البصر والبصيرة, فقد كانت هذه الحرب مغامرة من حيث فكرتها وخلفيتها واطماع من قاموا بها وتطلعهم إلي تغيير منطقة الشرق الأوسط واعادة صوغها انطلاقا مما اسموه العراق الجديد.
فكانت نتيجة المغامرة العمياء بائسة لمن قاموا بها ولشعبهم ولدول المنطقة وشعوبها, باستثناء ايران التي فوجئت بهدية تكاد أن تبدو اسطورية, بينما هي حقيقية جدا, فقد انهارت الدولة التي تجرع الخوميني السم في نهاية الحرب معها, وتحولت إلي معبر للنفوذ الايراني بعد ان كانت حاجزا امامه.
وها هي إدارة بوش في شهورها الأخيرة عاجزة عن مواجهة هذا النفوذ الآخذ في التمدد من العراق ولبنان إلي فلسطين وخصوصا قطاع غزة والسودان والقرن الافريقي, فضلا عن بلوغه افغانستان ايضا, وقد اصاب وزير الخارجية الفرنسي السابق دوفيلبان عندما قال قبل أيام ان ايران هي المنتصر الأول في الحرب علي العراق, ولكنه يكون أكثر صوابا اذا قال انها المنتصر الوحيد تقريبا.
وهذا هو الدرس الذي نتمني ان تستوعبه الإدارة الأمريكية القادمة: ان سقوط بغداد فتح الباب واسعا امام طهران الراديكالية لتغيير المنطقة علي طريقتها بعد أن فشل من اسقطوا بغداد في اعادة ترتيبها ضمن شرق أوسط كبير.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
الاحتلال في حفلته التنكـُّرية
خيري منصور
الدستور الاردن
ما كتب حتى الآن عن الذكرى الخامسة لاحتلال العراق هو شبه جملة سياسية ، المبتدأ فيها منتوف وخبرها محذوف ، لأنه يفترض أن العالم العربي غير محتل ، وأن الأناشيد الوطنية سواء عزفت في الجرار أو في المذياع والتلفزيون تكفي لاستكمال نصاب الاستقلال..
في تلك الظهيرة العراقية السوداء ، كان النهار العربي من شفقه الى غسقه قد سقط من التقاويم ، لأن ما سقط أو بمعنى أدق أُسقط في بغداد لم يكن نظاماً بل دولة ، والعلم الذي غطي به رأس التمثال البرونزي كان أمريكياً بكامل نجومه ، وان كانت النجمةالسداسية قد لاحت في كل نجمة من تلك النجوم،
وعلينا أن نوسع ونعمق مفهوم الاحتلال والاستقلال قبل أن نفحص عيّنات من المشهد السياسي العربي بين الماءين ، بل بين الشاهدتين ، وكما قال سارتر قبل أكثر من نصف قرن فإن الاستعمار الجديد قد يرتدي البدلة السموكن وربطة العنق ، وأحياناً يرتدي الجينز ، لأنه مموه ، وله تجليات غير تلك التي كان يتمظهر بها في نهايات القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين،
ان احتلال بلد واحد من هذه الخريطة العربية سواء كان فلسطين أو العراق هو على المستوى التاريخي وليس الرمزي فقط احتلال الوطن العربي بأسره ، والجسد الذي يموت بسبب خلل في القلب أو الكبد قد تكون بقية أعضائه مؤهلة لمواصلة الحياة ، لكنها تموت أيضاً ، وما من تقرير يكتب عن ميت تسرد فيه قائمة بعدد الأعضاء الميتة بدءاً من الأصابع حتى خصلات الشعر،.
ان مفهوم الاستقلال يجب أن يغير في كل المعاجم اللغوية والسياسية كي يتاح لنا أن نصدق بأن الوطن العربي منقسم الى خطوط طول محتلة وخطوط عرض مستقلة ، تماماً كما أن مفهوم الاحتلال يجب أن يعدل وتجرى له عمليات تجميل جراحية كي يعني ما يعنيه اليوم ، خصوصاً بالنسبة لمن رأوا فيه تحريراً وتدشيناً لوطن جديد ، منزوع الدسم الوطني والحرية ويقف على ساقين من خشب،
الوطن العربي الذي تحول الى منفى قومي يعاني من جملة احتلالات تتدرج من الاحتلال بدبابة الى الاحتلال بالحنطة أو أي شيء كهذا،.
وقد يكون الاحتلال المتنكر وذو الأقنعة المزخرفة أسوأ من الاحتلال المباشر تماماً كما أن الديمقراطيات الزائفة والأشباه هي نقيض الديمقراطية الحقة وليس الديكتاتورية ، لأن هذه الحفلة التنكرية التي يموء فيها الحصان ويزأر الفأر ويحيض الذكور تخفي المشكلة ، وتصادر على ردود الأفعال.
ثمة اذن احتلال ناعم وآخر خشن ، احتلال عسكري وآخر ثقافي أو اقتصادي أو ايديولوجي ، والمطلوب من تلاميذ المدارس الابتدائية العرب أن ينشدوا كل صباح لحرية لا يعرفون حتى رائحتها.
وما كتب عن ذكرى احتلال العراق ، كان على الأغلب بعين واحدة ، وربما بأصابع القدمين لأن بقية العائلة العربية ليست خارج هذا المدار بدءاً من الانتداب الحديث حتى كولونيالية ما بعد الحداثة وما بعد العروبة وما بعد التاريخ،.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
أرادها لحظة فارقة بتاريخ العراق فبددت آماله
بسام الكساسبة
الراي الاردن
تمنى الرئيس الأمريكي بوش للعمليات العسكرية التي خاضتها القوات المشتركة العراقية البريطانية الأمريكية في منطقة جنوب العراق، أن تشكل لحظة فارقة في تاريخ العراق، لعلها تخرجه وتخرج بلاده من ورطتيهما في المستنقع العراقي.
ربما مر الرئيس الأمريكي إبان أحداث الجنوب العراقي، بغفوة وردية، داهم خياله فيها إمكانية انسحاب مشرف لقواته العسكرية من العراق، ومعيار مفهوم المشرف هنا، هو أن لا يقترن الانسحاب بهزيمة مدوية على غرار هزيمتها في فيتنام، بل بهزيمة مقبولة ولطيفة، بأن تكون نصف هزيمة، بدلا من هزيمة كاملة.
لقد خالجت الرئيس الأمريكي أماني عريضة، وأحلام وردية حول أحداث منطقة جنوب العراق الأخيرة، أو ما عرف بصولة الفرسان، منها رغبته بالرد على الديموقراطيين وعلى جميع منتقدي سياساته العسكرية والسياسية والأمنية الفاشلة في العراق، فأراد أن يظهر لهم بأن استراتيجياته المتعثرة أنما تسير بالاتجاه الصحيح، وهي ماضية قدما نحو تحقيق أهدافها بكل ثقة وسلاسة.
ولأن الولايات المتحدة مقبلة في أواخر هذا العام على انتخابات رئاسية، قد تأتي بخصومه السياسيين من الديموقراطيين، لذا فمن جملة ما أراده الرئيس من صولة الفرسان الفاشلة هو تعزيز موقف المرشح الجمهوري جون ماكين في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لعله بذلك يبعد عنه شبح وصول خصومه الديموقراطيين للبيت الأبيض، والذين يحملون أجندات عسكرية وسياسية واقتصادية إزاء العراق مغايرة لتوجهاته.
لقد أراد الرئيس الأمريكي من صولة الفرسان الفاشلة، أن يثبت لخصومه في الولايات المتحدة وخارجها، أن بمقدور الجيش العراقي الاعتماد على ذاته في مواجهته لحالة عدم الاستقرار في العراق دونما حاجة لدعم وحماية من القوات الأمريكية والبريطانية، مما يمكن الولايات المتحدة من المباشرة بسحب جزئي لقواتها العسكرية من مستنقع العراق،وبذلك فشل في تلبية بعض من توجهات الرأي العام الأمريكي نحو الانسحاب من العراق .
كانت حصيلة صولة الفرسان في جنوب العراق كارثة جديدة أضيفت إلى سجل كوارث العراق المتراكمة منذ عملية غزوه واحتلاله، فحصيلتها خسائر بشرية تزيد عن 800 قتيل عراقي وضعفهم من الجرحى إضافة إلى الخسائر في الممتلكات، كما أثبتت أن القوات العراقية غير قادرة على بسط سيطرتها على مسرح الأحداث في العراق، وما هو أهم من ذلك بكثير أن هذه الصولة العاثرة، قد كرست حالة الصراع الداخلي في العراق الذي تطور من صراع بين الأكراد والعرب إلى صراع بين الشيعة والسنة، ومن ثم صراع بين الشيعة والشيعة، فالمعروف أن السلطة والقوات العراقية والتي تهيمن عليها قيادات الأحزاب الحاكمة في العراق وهي(حزب الدعوة الإسلامي العراقي، وتيار المجلس الإسلامي الأعلى وذراعه قوات بدر) هي مكونات شيعية اصطدمت بمكون شيعي آخر، هو التيار الصدري وجناحه العسكري المسمى بجيش المهدي، ومعه حزب الفضيلة، وبالتالي فإن المجابهات الأخيرة عمقت من أزمة العراق وما يعتمل فيه من احتقان سياسي ومذهبي وعرقي وطائفي.
الأحداث الأخيرة أثبتت أن الوضع المضطرب في العراق يسير بالاتجاه المغاير لرغبات وأماني الرئيس الأمريكي بوش، فالنصر الأمريكي في العراق بعد خمس سنوات من غزوه لا يزال في عداد المستحيل، وأن تحقيقه كمن يلهث خلف سراب في صحراء قاحلة وجرداء.
أما ابتسامة الرئيس الصفراء المصطنعة التي يطالع بها الناس، والتي توحي بانتصارات مزعومة واستراتيجيات ناجحة في العراق، فتخفي خلفها حالة من الفشل الذريع، لا بل تخفي هزيمة مريرة ونكراء، أبى وأصر بعناد وتزمت إلا أن يجر بلاده إليها عنوة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
أول لوبي إسرائيلي فـي التاريخ كان فـي بلاط كسرى
حسني عايش
الراي الاردن
في مقال له في جريدة هيرالد تريبيون في العاشر من تشرين الثاني سنة 2005م، يعيد الأستاذ الإيراني المعارض عباس ميلاني - مدير الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد الأمريكية - إلى الأذهان الأساطير التوراتية التي تتحدث عن العلاقة الحميمة القديمة بين الفرس واليهود إبان السبي البابلي الكبير وما بعده، وكيف أعاد كسرى - ملك الفرس - اليهود السبايا آنذاك إلى القدس وبنى الهيكل ( الثاني ) ويتخذ من تلك الأساطير منطلقا للتحريض ضد حكومة إيران الإسلامية ورئيسها محمود أحمدي نجاد الذي يدعوإلى إزالة إسرائيل من الخارطة لأن العلاقة الحميمة بين إيران وإسرائيل لا بدَّ عائدة إلى نحوما كانت عليه إبان السبي البابلي.
ولإعطاء القارئ فكرة عن تلك العلاقة سأقتبس من التوراة بعض الفقرات أوالآيات المتعلقة بتلك القصة : وفي السنة الأولى لحكم كورش ملك فارس... حرّك الرّب قلب كورش ملك فارس، فأطلق نداء في كل المملكة قائلا : هذا ما يقوله كورش ملك فارس : الرّب إله السماء وهبني جميع ممالك الأرض، وأمرني أن أبني له هيكلا في أورشليم التي في يهوذا وعلى كل واحد من شعب الرّب أن يرجع إلى هناك. وليكن الرّب معكم . (سفر أوكتاب أخبار الأيام الثاني، الأصحاح الخامس والثلاثون، الايات : 22 23 - ).
وهكذا أصدر ( كورش ) أمرا ببناء هيكل الله هذا، وأمر برد آنيته الذهبية والفضية التي غنمها نبوخذ نصّر من هيكل أورشليم، ووضعها في هيكل بابل . (سفر / كتاب عزرا : الأصحاح الخامس، الآيات : 13- 14).
وهكذا تابع شيوخ اليهود البناء بنجاح... فاستكملوا البناء حسب أمر إله إسرائيل وأمر كورش وداريوس وارتحششتا ملوك فارس . ( سفر/ كتاب عزرا : الإصحاح السادس، الآية : 14).
وتتحدث التوراة في سفر أستير (وهواسم فارسي معناه النجمة أما اسمها الأصلي في العبرية فهوهداسا) عن كيفية نجاح أستير اليهودية - زوجة كسرى - في نيل إعجاب الملك الفارسي وإبطال مؤامرة وزيره هامان لإبادة اليهود وتحويله إلى حام لهم وبان لهيكلهم ومعيدهم إلى القدس : ... فأحب الملك أستير أكثر من سائر النساء، وحظيت برضاه وبإعجابه أكثر من بقية العذاري حتى أنه وضع تاج الملك على رأسها. وأقام الملك مأدبة عظيمة دعا إليها حميع قادته ورجاله إحتفاء بأستير، وأعفى البلاد من الجزية ووزّع الهدايا بسخاء ملكي . ( سفر / كتاب أستير، الإصحاح الثاني، الآيات : 16 .( 18 - وفي أثناء ذلك كشف مردخاي - الحاجب اليهودي في القصر الملكي - عن مؤامرة لبعض رجال القصر لقتل الملك فأبلغ أستير الملكة التي أخبرت الملك، فقضى على المؤامرة في مهدها على يد وزيره هامان . (سفر/ كتاب أستير، الإصحاح الثاني، الايتان : 22 23 - ).
وعلى أثر ذلك رفع الملك من مقام هامان وعظـّمه، وجعل مرتبته فوق مراتب الجميع الذين صاروا يسجدون. له بموجب أمر الملك. أما مردخاي الذي بلـّغ أستير عن المؤامرة فأبى أن ينحني لهامان ويسجد. وقد أصرّ على موقفه الرافض لأنه يهودي كما قال، وعلى الرّغم من إلحاح رجال القصر عليه ليفعل. وعندما تثبت هامان من ذلك استصغر أن يعاقبه وحده، فعزَم على إفناء جميع اليهود - شعب مردخاي - المقيمين في كل أرجاء مملكة أحشويروش . ( سفر / كتاب أستر، الإصححاح الثالث الآيات 6 .( 11 -
قال هامان للملك أحشويروش : هناك شعب متشتت ومتفرّق بين الشعوب في كلّ أرجاء مملكتك، تغاير شرائعهم شرائع جميع الأمم، وهم لا ينفذون سنن الملك، فلا يجدر بك إغفال أمرهم، فإن طاب للملك فليصدر (لي) أمرا بإبادتهم وأنا أدفع عشرة آلاف وزنة من الفضة للخزينة الملكية نفقات ذلك. فنزع الملك خاتمه من إصبعه وأعطاه لهامان... عدواليهود إعرابا عن موافقته وقال له : لقد وهبتك الفضة والشعب أيضا ، فافعل بهم ما يحلولك . ( سفر / كتاب أستير، الإصحاح الثالث، الآيات : 8 .( 11 -
ولما علم مردخاي بذلك جنّ حنونه واتصل بأستير، وتآمر الإثنان على هامان، وأفشلوا خطته وقلبوا الطاولة عليه، فأمر الملك بصلبه على الخشبة التي كان قد أعدها لصلب مردخاي عليها، وأمر الملك بإلغاء أمره بإبادة اليهود، إذ كيف أرى الشر يحيق بشعبي ؟ وكيف يمكن أن أشهد هلاك أبناء جنسي ؟ قالت أستير للملك، فقال الملك أحشويروش للملكة أستير ولمردخاي : لقد اعطيت ممتلكات هامان لأستير، وصلبته على خشبته، لأنه حاول أن يمس اليهود بسوء. فاكتبا أنتما إلى اليهود بكل ما تريانه مناسبا باسم الملك، واختماه بخاتمه، لأن المراسيم التي تسنّ باسم الملك وتختم بخاتمه لا تبطل .( سفر/ كتاب أستير،الإصحاح الثامن،الآيات:86.
وهكذا حرّك الرب قلب كورش ملك فارس وأمره ببناء الهيكل وإعادة اليهود إلى القدس كما جاء في بداية هذا المقال، وقد جعل اليهود من تلك الخرافة (التي يؤمنون بصحتها وقدسيتها) عيداً سنوياً يذكرهم بخلاصهم من الهولوكست الفارسي وهوعيد البوريم أوعيد المساخر والفرح والابتهاج والحفلات والمسرحيات والحفلات التنكرية الذي يصادف أواخر شباط وأوائل آذار من كل عام.
وإذا كان الأمر كذلك فإنه يمكن اعتبار أستير ومردخاي وغيرهم من اليهود الذين كانوا يعملون في قصر كسرى أول لوبي يهودي في التاريخ، وأن خبرات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن اليوم مستمدة من خبرات اللوبي الإسرائيلي في البلاط الفارسي في الأمس. وحتى وإن كانت تلك الخبرات مبنية على أساطير لم تثبت صحتها. ولعل لهذه الأسطورة الدينية ولأمل إسرائيل القوي بعودة العلاقات الحميمة مع إيران تغض إسرائيل (أو الموساد في العراق) الطرف عن سلوك إيران في العراق وسعيها لتغيير تركيبته وصياغته إيرانيا لأن ذلك يخدم إسرائيل في المدى الطويل في القضاء على أقوى دولة عربية آسيوية كانت تهدد وجودها بقدراتها وإمكانياتها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
لعنة الحرب
ماهر أبو طير
الدستور الاردن
تلك هي مدن العراق ، حين يشرب النخيل العراقي ، من الدم ، تنحني قامته ، في بغداد والبصرة ، تشرب الدم ، المسفوك ، فتنجب النخلة ، نخلة اخرى ، سقياها من دم العراقيين.
غدا ، ذكرى سقوط بغداد ، واذا سألت عراقيا عما قاله الرئيس صدام حسين ذات يوم ، حول ان الامريكيين سينتحرون عند اسوار بغداد ، وكيف ان العاصمة وكل العراق ، سقط خلال ايام ، ولم ينتحر الامريكيون امام اسوار بغداد ، يجيبك ذاك ان ديون الحرب وحدها التي تقدر بمئات المليارات ، ومعها مشاكل الدولار المتوالية ، ستؤدي الى انهيار الاقتصاد الامريكي ، جراء لعنة الحرب ، وعندها سيكون الامريكيون قد انتحروا على اسوار بغداد فعلا ، واذا سألته هل يعقل ان يستشهد مليون عراقي خلال خمس سنوات ، ولا يموت سوى ثلاثة الاف امريكي ، فأي مقاومة هي تقتل من العراقيين ، اضعافا مضاعفة ، من العدو المحتل ، يجيبك ذاك ايضا ، ان ارقام قتلى الولايات المتحدة غير حقيقية ، وان ذات واشنطن تمنع نشر الارقام الاصلية ، ثم ان الاحتلال اختلط بفتنة داخلية ، تغذيها جهات عديدة ، فالقصة لم تعد قصة الاحتلال لوحده ، وانما ما يساعد الاحتلال ، بشكل غير مباشر.
بالنسبة لي شخصيا ، لا اظن ان القوات الامريكية سوف تغادر العراق ، فالحديث هو عن عشر سنوات مقبلات يستمر فيها الاحتلال ، وعن معاهدة تشبه معاهدات الانتداب والوصاية ، سوف توقعها الحكومة العراقية الحالية ، او تلك التي تليها ، مع حكومة الولايات المتحدة ، وسواء بقيت القوات الامريكية ، او غادرت ، فان كل ما يهم واشنطن هو النفط ، الذي يقترب مخزونه العالمي من النفاذ ، وتحوي ارض العراق ، المخزون الاول ، في العالم ، وفقا لبعض القراءات ، التي تصر على وجود اكتشافات نفطية جديدة ، لم يتم الاعلان عنها ، وما دامت ارض العراق ، غنية بالنفط ، وتعوم على هذا الكنز فان واشنطن ستبقى في العراق ، بطريقة او اخرى ، وهو ذات الامر الذي تكرر مع دول عربية اخرى ، غنية بالنفط ، ما بين تلك التي اقيمت فيها قاعدة امريكية ، او تلك التي تحت الانتداب والوصاية ، دون اعلان ذلك رسميا ، فواشنطن تسيطر على كل النفط العربي ، ولا يهمها بعد ذلك لا عدد الجرحى ، ولا عدد القتلى.
مقابل كل برميل نفط ، تسبب الامريكيون ، بسفك برميل دم ، واللحديون العاملون مع الاحتلال في العراق ، سيحظون فقط بمخصصات للاكل والشرب وشراء المنازل ، غير انهم سيذكرون يوما ، انهم دعموا الاحتلال ، تحت ذرائع متعددة ، دينية وسياسية واقتصادية ، واذا كان المرء ، في ذكرى سقوط بغداد ، يعجب من احد ما ، فهو يعجب من النفسية العربية ، التي تنجب الجواسيس والعملاء والمرتزقة ، للاحتلال ، والمعلومات تشير الى ما يزيد عن مائة الف عراقي ، في العامين الاولين للاحتلال ، واذا كان البعض يبرر العمالة والتجسس بوجود فقر ، او طاقة ورغبة بالانتقام ، فالمؤكد ان من يعين الاحتلال ، ينتقم من نفسه اولا ، ولا يبرر فقره ، ان يكون سببا في قتل مزيد من العراقيين ، او مساعدة الاحتلال.
بغداد ، ليست بحاجة الى مزيد من العواطف والشعر والنثر ، ولا يحررها كل "الكلام العربي" الذي نسمعه ونقرأه من المحيط الى الخليج ، واذا كان العراقيون تحت الاحتلال اليوم ، فلماذا يقبل العرب ، ويسكتون على سقوط العراق ، تحت الاحتلال ، على الرغم ، من ان الدور سيأتي عليهم جميعا ، ولو بعد حين. m.tair@addustour.com.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الرهان على المالكي
افتتاحية
لوموند الفرنسية
المعارك عادت إلى عدد من المحافظات العراقية منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي بين الجيش العراقي ، الذي يشكل الشيعة فيه نحو %80 ، وبين الميليشات الشيعية التابعة لرجل الدين مقتدى الصدر. جيش المهدي ، الذي يتبع الصدر في النزول أو الانسحاب من الشارع العراقي ، يعتبر أقوى قوة عسكرية شعبية تملكها قوة سياسية في العراق والدليل الأزمة التي دخلتها قوات الأمن العراقية في محاولة إحتواء ما اسمتها الحكومة "العصابات الخارجة عن القانون".
القوات البريطانية هي المسئول الأول عما يجري هناك. لندن كانت قد قررت سحب 2500 جندي من أصل 4100 هم آخر من تبقى في البصرة ، علما بأن العدد الكلي مع بداية الحرب وصل إلى 46 ألف جندي ، ظنا منها بأن المعطيات الأمنية والاجتماعية تساعد على ذلك.
القرار سيعاد النظر فيه ، وهناك احتمال بأن يتم زيادة عديد القوات لتتمكن الحكومة العراقية من السيطرة على الأوضاع فيما لو ساءت مستقبلا.
في كانون الأول الماضي سلمت القوات البريطانية الملف الأمني لمحافظة البصرة ، مركز الاضطرابات الأمنية الأخيرة ، إلى الحكومة العراقية وعسكرت في مخيمات قرب المطار الدولي في المحافظة. البصرة ، المرفأ النفطي الأول في العراق وثاني أكبر مدنه ، تعتبر أحد أهم معاقل المرجعيات الشيعية في البلد والمركز الأهم في التحرك التجاري مع جيران العراق في الجنوب.
ومنذ ذلك التاريخ توقفت العمليات العسكرية للقوات البريطانية في المحافظة ولم تعد قواتها تمشط شوارع المدينة كما في السابق واختفت الدوريات التي كانت تجوب الأحياء حتى ساعات الصباح الأولى. لكن الطلب الذي تقدم به الحلفاء الأميركيون من إعادة الطائرات والمروحيات البريطانية بطواقمها إلى العمل في محافظة البصرة حتى مع وجود مؤشرات لاحتواء الأزمة ، سيعيد تشكيل الصورة التي أرادها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.
هذه المرة ، الفتنة تعصف بالشيعة فيما بينهم. 60 ألف مسلح من أتباع مقتدى الصدى يصطدمون بالحكومة العراقية وجيشها الذي يضم أفراد وضباطا شيعة. الجيش الأميركي هو المسئول الأول عن مجريات الاحداث مع أنه لا يبدو انه من يتحكم بها. كان واجب القوات الأميركية بقيادة بيترايوس في السابق ينحصر في مواجهة "الحركات الإسلامية المتطرفة" شمال العاصمة. الإنذار الجديد جاء من الجنوب ومن مدن الكوت والحلة والناصرية. ما يعني سقوط المزيد من الضحايا.
أوساط سياسية دولية صنفت ما جرى على أنه بداية لحرب أهلية يحاول الأطراف جميعا تجنبها. والحل ، بحسب بترايوس ، يكمن في الإبقاء على 140 ألف جندي أميركي في العراق ، وفق التقرير الذي قدمه الجنرال إلى الكونغرس. نتيجة غير مضمونة بالنظر إلى الحقائق التي سجلت في السابق بوجود نحو 168 ألف جندي أميركي.
الرئيس الاميركي ، الذي يراقب ما تقوم به حكومة المالكي عن كثب ، اعتبر تلك الاوضاع بمثابة الاختبار الحقيقي لرئيس الوزراء في مواجهة "العصابات الخارجة على القانون". رهان صعب يقوم به بوش بثقته في حكومة غير متماسكة في مواجهة جيش المهدي ، الذي تمتد جذوره إلى طبقات الشعب المعدمة والتي لم تتحسن اوضاعها في ظل حكومة المالكي.
الرهان على المالكي في مواجهة التداعيات الأمنية الأخيرة في العاصمة العراقية وفي جنوب البلاد لا يدعو إلى التفاؤل. الرهان ذاته كان على نفس الحكومة لخلق أجواء ملائمة للمصالحة الوطنية وتشكيل حكومة توافق ، ويبدو أن الإخفاق السياسي أدى إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
المسألة لم تعد تتعلق بالأوضاع الأمنية وبالمليشيات المسلحة والقدرة على مواجهتها فحسب ، التصريحات التي صدرت عن الجهات المتحدثة باسم الصدر تتعدى كونها مجرد مطالب من الحكومة ، ووصلت إلى حد اعتبارها تهديدا مباشرا للجيش وبناءه أولا وللعملية السياسية في العراق عموما.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
ابادة منهجية للثروة العلمية.. الأكاديمية العراقية
نواف الزرو
الدستور الاردن
- العقل العراقي مستهدف...، - الثروة العلمية العراقية مستهدفة...، - التراث العلمي ـ التعليمي العراقي مستهدف...، - القدرات العلمية والتكنولوجية العراقية مستهدفة...، - مقومات البقاء والتواصل الحضاري العصري العراقي مستهدفة...، كل هذه وغيرها الكثير من العناوين تكثف لنا حقيقة ما يجري على ارض العراق العربي من حرب ابادة منهجية شاملة ضد العقل و العلم والثقافة والحضارة وقدرات البقاء العراقية ، فهناك تجري على مدار الساعة عمليات القتل الممنهج للمتميزين من علماء العراق: أساتذة جامعات ، أطباء ، طيارين ، مهندسين..وقد باتت هذه حالة معروفة وموثقة ولم تعد تثير أحدا من العرب رغم أهميتها وخطورتها ورعبها..،.
فحينما تكتب صحيفة" ذي غارديان" تقريرا تحت عنوان "استنزاف العقول العراقية" تقول فيه "إن مئات العراقيين من الأطباء وأساتذة الجامعات والمدرسين يستهدفون بالقتل والخطف ضمن حملة يعتقد أنها مقصودة" ، فان هذه تعد وثيقة بالغة الاهمية تبين لنا تلك الاجندة الخبيثة وراء الاغتيالات المنهجية للعلماء...،
وحينما يعزز هاشم الجزائري عميد كلية القانون السابق في جامعة البصرة ذلك بتاكيده:"ان يد الاغتيال طالت حتى الآن ما يزيد عن سبعمائة أستاذ وعالم عراقي من أصحاب الكفاءات العليا والتخصصات المميزة" مشيرا إلى "أن عام 2003 فقط شهد وحده تصفية منظمة لأكثر من مئة أستاذ جامعي معظمهم من رتبة أستاذ مشارك فاعلي" ، فان لهذه الشهادة العراقية مصداقية لا مجال للتشكيك فيها...،
وحينما يلحق به العالم العراقي الدكتور نور الدين الربيعي - الامين العام لاتحاد المجالس النوعية للابحاث العلمية ، ورئيس اكاديمية البحث ، وأحد ابرز العلماء العراقيين في مجال التكنولوجيا النووية مؤكدا بدوره:"ان الغزو الامريكي للعراق يهدف الى تدمير مستقبل العراق باغتيال وتصفية العلماء وحرق المجلدات العلمية في مراكز الابحاث التي تشكل خلاصة الابحاث العلمية" ، موضحا :"أن نسبة %80 من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات ويحمل اكثر من نصف القتلى لقب استاذ واستاذ مساعد ، واكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد ، تلتها البصرة ، ثم الموصل ، والجامعة المستنصرية ، وأن %62 من العلماء المغتالين يحملون شهادات الدكتوراه ، وثلثهم مختص بالعلوم والطب ـ 17 ـ 03 ـ 2008"، فان لشهاد الدكتور الربيعي كذلك من المصداقية الموثقة التي ربما تكون من ادمغ الشهادات التي تتحدث عن حرب التصحيرالمنهجية التي تشن على العراق...،
ونقتبس هنا في هذا السياق شهادات عراقية اصيلة تتحدث عن تلك الحرب الابادية المنهجية للثروة العلمية العراقية ..،.
يقول عميد كلية القانون السابق في جامعة البصرة هاشم الجزائري "إن دوافع المئات من العلماء الذين هاجروا أو هجّروا من العراق بعد الغزو الأميركي ، هو النجاة بأرواحهم خصوصا وأن أعمال القتل طالت ما يزيد عن 700 عالم وأكاديمي عراقي ـ عن الجزيرة - نت 9 ـ 8 ـ 2007".
ويضيف الجزائري"ان يد الاغتيال طالت حتى الآن ما يزيد عن سبعمائة أستاذ وعالم عراقي من أصحاب الكفاءات العليا والتخصصات المميزة" وأشار إلى أن عام 2003 شهد وحده تصفية منظمة لأكثر من مئة أستاذ جامعي معظمهم من رتبة أستاذ مشارك فاعلي".
أما عصام الراوي رئيس جمعية المدرسين العراقيين فيشير إلى "أن أكثر من 217 أستاذا عراقيا اغتيلوا لأسباب ودوافع مجهولة خلال عام 2003 وأوائل عام 2004 فقط" ، ويتابع الراوي "إذا أضفنا إلى هذه الكفاءات حملة شهادتي الماجستير والدكتوراه الذين تم اغتيالهم في الفترة نفسها فان العدد سيتجاوز خمسمائة قتيل".
اما لعالم العراقي الدكتور نور الدين الربيعي - الامين العام لاتحاد المجالس النوعية للابحاث العلمية ، ورئيس اكاديمية البحث ، وأحد ابرز العلماء العراقيين في مجال التكنولوجيا النووية فيقول بدوره :"ان الغزو الامريكي للعراق يهدف الى تدمير مستقبل العراق باغتيال وتصفية العلماء وحرق المجلدات العلمية في مراكز الابحاث التي تشكل خلاصة الابحاث العلمية التي انفقت عليها اكثر من 10 مليارات دولار" ، مضيفا :"أن نسبة %80 من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات ويحمل اكثر من نصف القتلى لقب استاذ واستاذ مساعد ، واكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد ، تلتها البصرة ، ثم الموصل ، والجامعة المستنصرية ، وأن %62 من العلماء المغتالين يحملون شهادات الدكتوراه ، وثلثهم مختص بالعلوم والطب ـ 17 ـ 03 ـ 2008".
ويردف الربيعي:"حينما جاءت جيوش امريكا وبريطانيا كان اول شيء قامت به هو ضرب المؤسسات العلمية والبحثية والمدارس والجامعات واحراق المكتبات والتراث العراقي الذي اصابه النهب والسلب ، ويكفي ان ندلل على ذلك ان العراق فقد 5500 عالم عراقي منذ الغزو الانجلو امريكي في نيسان 2003 معظمهم هاجروا الى أوروبا وشرقي آسيا ودول عربية ، والباقون تم اغتيال معظمهم.. والعلماء العراقيون استوعبوا الدرس جيدا ، فبعد اختطاف الدكتور "علي مهاوش" عميد كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية والعثور على جثته ، ادركوا انهم يعيشون اجواء لم يعيشوها منذ سقوط بغداد على يد المغول عام 1258 ".
ويختتم الربيعي مؤكدا حقيقة اخرى:"لقد تحقق فعلا ذلك التهديد والوعيد الذي اطلقه جيمس بيكر بـ "إعادة العراق إلى عصور ما قبل الثورة الصناعية ، أي العصور الوسطى،،".. وكان المقصود قطعا الوعيد بتدميره وتقويض شتى سبل الممانعة والمقاومة كما فعل "هولاكو" في غزوه الهمجي لبغداد حين تحول لون مياه نهر دجلة إلى الأحمر والأسود ، لون دم القتلى المرمية جثثهم في النهر ، ولون مداد الكتب التي ألقيت في النهر من قبل الغزاة..،،
وهكذا تتضح وتتكامل صورة حروب "اسرائيل" و"الموساد" الإسرائيلي في أقذر حرب إسرائيلية تخوضها الدولة الصهيونية على أرض العراق وتستهدف تصفية وتنظيف العراق من نخب المثقفين والمفكرين والعلماء العراقيين ، في استهداف صريح للدولة العراقية ، وفي محاولة بائسة لإعادة العراق إلى القرون الوسطى او الى العصر الحجري كما يريدون.
ويتبين لنا هنا في هذا السياق أن هناك قراراً استراتيجياً أمريكياً - إسرائيلياً مشتركاً بتدمير العراق وتصحيره وتقسيمه وتفتيته وتحويله إلى دويلات طائفية تسهل عملية السيطرة عليها ، لصالح الحفاظ على التفوق الإستراتيجي الإسرائيلي على المنطقة كلها في نهاية الامر. nawafzaru@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
بعد خمس سنوات... العراق خراب
حمزة الشمخي
السياسة الكويت
لا أريد أن أتحدث عن ما فعلته الدكتاتورية المنهارة , والتركة الثقيلة التي تركتها بعد هزيمتها في التاسع من ابريل العام 2003 , لأن كل هذه الأمور وغيرها أصبحت معروفة للجميع , ولا تحتاج الى تكرارها في كل مرة نكتب بها عن أوضاع العراق والعراقيين .
ومن المهم جدا الآن , علينا تسليط الأضواء على ما بعد الدكتاتورية , وماذا قدمت الحكومة العراقية بكل وزاراتها ومؤسساتها للشعب العراقي الذي عانى من الويل والظلم والجوع والقمع عشرات السنين , وهو بحاجة ماسة لكل ما يحتاجه الإنسان من ضروريات يومية في حياته .
لكن للأسف الشديد , مازال الحال على حاله , إن لم يكن أسوأ أحيانا في جميع المجالات , من عملية البناء والإعمار الى الأمن المفقود , والخدمات المحدودة جدا , وإزدياد البطالة والنهب المتواصل , والفساد المنتشر والفوضى العارمة , وظاهرة التهجير داخل الوطن , وحكم المنظمات والجيوش والميليشيات بدلا من حكم الدولة والقانون .
من حقنا أن نسأل أصحاب القرار والسلطة , ماذا قدمتم للشعب العراقي خلال الخمس سنوات المنصرمة , وأنتم تحكمون بلدا يصنف ثاني إحتياطي نفطي في العالم وغني بالثروات الطبيعية والبشرية ? .
حتما سنسمع الجواب نفسه , الذي يتردد في كل مناسبة على لسان أغلب القادة والمسؤولين , وهو أن الظروف الأمنية الصعبة والعمليات الإرهابية , حالت دون تحقيق وتنفيذ البرنامج الحكومي , ومشاريع البناء والتنمية والعمران , وتوفير العمل للعاطلين , ومساعدة المحتاجين وخاصة الأرامل والأيتام , وعودة المهجرين الى ديارهم ومناطقهم , وإسترجاع حقوق المظلومين والمغبونين , ومكافحة الفساد الإداري والرشوة ونبذ الطائفية والمناطقية , وحل الميليشيات المسلحة ومحاربة زمر التهريب والسلب .
خمس سنوات مضت وشعب العراق لازال يعاني من عدم توفير أبسط مقومات الحياة , حيث مازالت مدارس الطين منتشرة في مدن العراق , والشوارع المخربة والساحات المهملة والمستنقعات والنفايات تغطي الكثير منها حتى في العاصمة بغداد , حيث تغرق بعض شوارع المدن في الشتاء نتيجة للأمطار , وكذلك انعدام الخدمات الصحية في الكثير من المناطق العراقية, وانتشار ظاهرة التشرد والتسول وخاصة بين الأطفال , والبطالة في ازدياد .... والقائمة تطول .
ويبقى السؤال الكبير والمدوي: متى يبنى ويعمر العراق ? .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
عروبة التيار الصدري... كذبة سمجة
داود البصري
السياسة الكويت
لعل حرب الشعارات والادعاءات وحملات التلفيق والتزوير من اهم سمات المرحلة السياسية الراهنة في العراق بكل تعقيداتها وتشابكاتها الدموية المعقدة , وضمن اطار الهوجة الدموية القائمة حاليا في العراق او حرب تصفية الميليشيات الاجرامية او اعداد الساحة الداخلية لمرحلة جديدة من ادارة الصراع الداخلي تبرز الدعايات الاعلامية المؤيدة لهذا الطرف او ذاك ولعل ابرز الدعايات التي تحاول التفريق بين الجماعتين الطائفيتين المتنافستين وهما جماعة الحكيم عبر فيلق ( بدر والتوابين السابقين ) وجماعة الصدر عبر ( جيش المهدي ) هي ادعاء اهل الجماعة الاخيرة بانهم يمثلون التيار العروبي الشيعي في العراق, وهو ما تعزف على اوتاره بعض قوى المعارضة العراقية الاخرى وحتى الجماعات البعثية التي اثبتت تطورات الاحداث من ان لها وجود فاعل في العديد من الدوائر والحلقات وذلك موضوع اخر , فهنالك تسويق اعلامي هائل يعتمد على ترويج اسطورة ان الصدريين يمثلون الخط العربي الشيعي العراقي في مواجهة الخط الفارسي الايراني الذي تمثله زعامة الحكيم وحتى المرجعية الشيعية العليا في النجف? وهو ادعاء واه يفتقد للمنطق والمصداقية فضلا عن مجافاته للواقع الميداني , لكون مرجعية مقتدى الصدر ذاته هي مرجعية ايرانية فالسيد كاظم الحائري المقيم في قم والذي يدين له مقتدى بالولاء هو ايراني فارسي لم يقل يوما انه من المؤمنين بالوحدة العربية او الداعين لها, وهي كذبة سمجة وبائسة تعبر عن صورة بائسة من صور محاولات الاستقطاب وحشد الاتباع , ولعل الكيفية والالية وطبيعة المفاهيم والمسوغات الطائفية التي تؤسس لتسويق تاسيس جيش المهدي لا علاقة لها باي منطلقات قومية , فالمجازر وحملات التطهير التي قام بها هذا الجيش ضد مخالفيه من الشيعة او ضد بعض اهل السنة لا تدعم ابدا تلك الدعايات , ولعل المصداقية الوحيدة في الموضوع برمته هي كون التيار الصدري وخلايا جيش المهدي الارهابية قد اضحت ملاذا للبعثيين السابقين وللقتلة المحترفين في الاجهزة الامنية السابقة الذين استغلوا سذاجة مقتدى وغبائه المطلق والهالة الشعبية التي يتمتع بها بين اوساط السذج والفقراء ليلوذوا تحت عباءته وليهربوا من استحقاقات جرائمهم السابقة التي وفرتها لهم غابات السلاح المتبقي من الجيش العراقي السابق او شحنات الاسلحة القادمة من النظام الايراني الذي يجد في جماعة مقتدى المعادل الموضوعي لضمان استمرار هيمنته المطلقة على جماعة الحكيم, فجهاز المخابرات الايراني ( اطلاعات) وكذلك مخابرات الحرس الثوري الايراني (قراركاه قدس) يرى في تمزق الساحة الشيعية في العراق مجالا حيويا للعب والهيمنة ومناكفة الاميركان وتنفيذ الاجندات الخفية للنظام الايراني في العراق ضمن حالة الحرب غير المعلنة رسميا بين الطرفين وحالة التعاون في مجالات اخرى ضمن اغرب صيغة للعلاقات الايرانية ¯ الاميركية غير المفهومة والتي تسيرها مصالح براغماتية صرفة , فالمجال الحيوي والميداني الرئيسي للتيار الصدري هي ايران التي حركت خيوط وتحولات المواجهة العسكرية الاخيرة في البصرة والمستمرة فصولها في بغداد في مدينة الثورة حاليا, كما ان ايران هي قطب الرحى في كل عمليات التفاوض بين الصدريين وخصومهم البدريين , وايران تحاول عبر تقوية وتسليح جيش المهدي اقامة حالة عراقية شبيهة بحالة (حزب الله) في الساحة اللبنانية حينما يتم الحديث عن رفض جيش المهدي تسليم السلاح للدولة التي يحكمها الشيعة ذاتهم وليس النواصب السنة كما يقولون فلماذا يرفض الشيعي تسليم سلاحه لاخيه الشيعي ويفضل بدلا منه التحالف مع حماس ( عدوة الشيعة ) مثلا والتي ما زالت تتباكى على صدام ونظامه حتى الان لا بل يفضل الصدريون قتل الجرحى من عناصر الشرطة والجيش العراقي وهم من ( الشيعة ) بينما كانوا يساندون بعض القوى العسكرية في الفلوجة ايام معركتها سلسلة من التناقضات الغريبة والتصرفات الفوضوية لا تستقيم ابدا مع الادعاءات السائدة في الساحة الطائفية والاعلامية الملغومة في العراق ! فجيش المهدي لا يلقي السلاح كما يقول الا بعد انسحاب المحتل ? وهي قضية معقدة لا تتم بين يوم وليلة ما يعني ان التسلح سيستمر والقتل سيتواصل وحملات الانتقام وتصفية الحسابات ستستمر, ثم من يضمن كيف سيتصرف جيش المهدي بعد انسحاب الاميركان (بعد عمر طويل) فكل الشواهد تؤكد ان الاميركان لم يحتلوا العراق لكي ينسحبوا منه بسهولة ? بل ان الاحتلال باق لاماد غير منظورة حسب التصريحات العلنية والتلميحات السرية , والطريقة الوحيدة لاجباره على الانسحاب هي تحقيق حالة من التوافق الوطني والنهضة الوطنية السلمية التوافقية التي من شانها تعديل الموقف الداخلي ولجم التوتر الطائفي والعرقي وتشكيل خلايا ضغط قد تحقق المرجو وتساهم في تكويتن جديد وصحيح لمشروع الدولة العراقية المهشم , اما عروبة جيش المهدي بشعاراته الطائفية الزاعقة والخرافية فهي من المستحيلات وتتشابه تماما وحكاية, الغول والعنقاء والخل الوفي, والعمامة النظيفة?.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
الاستخدام المفرط للقوة
وليد الزبيدي
الوطن عمان
منذ أكثر من سنتين والاميركيون يخططون ويعملون جاهدين ويبذلون قصارى جهدهم، ليصلوا إلى ما وصلوا إليه مؤخرا، والذي يتثمل بدفع الاجهزة الحكومية العراقية من شرطة وجيش وقوات خاصة ، لتقف في بداية القوة ، التي تشن الهجمات ضد المواطنين العراقيين ، وتدهم المناطق والأحياء السكنية، وتدمر البيوت وتقتل الناس وتعتقل المئات في كل هجوم.
لقد تجلى ذلك بكل وضوح في الهجمات الاخيرة على مدينة البصرة والصدر والمناطق الاخرى، فقد وقفت القوات الاميركية في الخط الثاني، بينما دفعت بالشباب العراقيين من المنتسبين إلى الشرطة والجيش، إلى واجهة القوات التي تهاجم العراقيين، وان يكون المشهد دقيقا، فهذا الجمع من العسكر العراقي يقتلون الناس في بيوتهم وفي الشوارع، وعندما يرد مسلحون او مدافعون عن انفسهم، فإن القتلى من العراقيين، الذين يرتدون الزي العسكري، وينفذون الخطط التي رسمها القادة الاميركيون في المنطقة الخضراء، ومهما سالت الدماء، فإن ذلك يزيد من غبطة وسرور الاميركيين الذين يتابعون المشهد لخطة بلحظة، ويقولون في اجتماعاتهم ولقاءاتهم، ان هذه الدماء العراقية قللت من دماء الجنود الاميركيين، الذين كانوا في السابق يقومون بهذه المهمة في شن الهجمات ضد بيوت العراقيين، فيسقطون قتلى وجرحى بنيران المسلحين.
لقد قالها الاميركيون مرارا، انهم يبذلون قصارى جهدهم لتدريب القوات الامنية العراقية من شرطة وجيش وتربيتهم على اقتحام بيوت العراقيين وفتح نيران رشاشاتهم على كل من يصادفهم، وتوجيه اقوى الاهانات والاذلال لمن يتم اعتقاله، وزرع الرعب والهلع في قلوب الاطفال والنساء.
وللأسف الشديد فإن جحافل من اجهزة الشرطة والجيش تحقق هذه الاهداف، وتنفذ ما يريده المحتل، ولا يتردد هؤلاء في اطاعة اوامر قادة الاحتلال، ويصبحون اداة قتل واذلال وتدمير لبيوت العراقيين.
ان المشهد الذي تجلى بأوضح صورة، هو مشاركة الطائرات الاميركية والبريطانية في دعم قوات الجيش والشرطة وشنها الهجمات العنيفة ضد المدن والاحياء في البصرة وغيرها من مدن العراق، بهدف تأمين الحماية للقوات الامنية العراقية، وتشجيعها على ارتكاب ابشع الجرائم بحق العراقيين، ومما يؤسف له، ان يصل الحال بالبعض إلى هذه الدرجة من السوء، اذ يطلقون الاهازيج ابتهاجا بعمليات القصف الجوي، الذي يقتل الابرياء ويهدم البيوت.
ان هذا المخطط الاميركي يتحقق وادواته كل من يشارك في قتل العراقيين الابرياء وبأية وسيلة وطريقة كانت.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الفوضى البنّاءة في العراق
عوض بن سعيد باقوير
عمان العمانية
المصطلح الأمريكي العجيب حول الفوضى الخلّاقة أو البنّاءة في الشرق الأوسط هو الوصف الدقيق للأحداث في العراق مع اختلاف جوهري وهو ان تلك الفوضى تحولت من فوضى بنّاءة الى فوضى عارمة خاصة وان المصطلح الذي روجت له وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس يثير الغرابة حول مفهوم الفوضى والتي تبقى في النهاية معبّرة عن نفسها ولا يمكن ان تكون في نهاية المطاف سوى بعثرة للتماسك والوحدة الوطنية التي كانت تعيشها العراق قبل الغزو الامريكي.
الذي يحدث في العراق من مشهد مأساوي هو نتيجة تلك الفوضى البنّاءة والتي اختلط فيها الحابل بالنابل وتحولت بلاد الرافدين الى مستنقع دموي تزهق فيه ارواح العراقيين بالعشرات كل يوم في حين تتخبط السياسة الأمريكية ليس في العراق فقط ولكن على صعيد المنطقة ويبدو ان إدارة الرئيس بوش وهي تعيش أشهرها الأخيرة تلهث لتحقيق أي شيء يحسب لها من خلال العديد من الجولات للمنطقة التي يقوم بها كل من الرئيس ونائبه تشيني ورايس.
لقد سجلت ادارة بوش خلال السنوات السبع الماضية فشلا واضحا ليس فقط على صعيد السياسة الخارجية علي مستوى الشرق الأوسط ولكن على صعيد الداخل الأمريكي حيث هوى الدولار الى مستويات قياسية مما ادخل الاقتصاد الامريكي الى مرحلة الركود والكساد كما ان مشكلة الرهون العقارية سببت أزمة مالية كبيرة جعلت واشنطن تستنجد بالصناديق السيادية العربية والدولية.
ان الخسائر المالية الضخمة في العراق التي تكبدها الاقتصاد الامريكي والتي تقدرها بعض المصادر بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار تعد كارثة بكل المقاييس، كما ان العلاقات مع العديد من دول أمريكا اللاتينية قد شهدت تدهورا واضحا وكذلك الحال مع روسيا والخلاف المحتدم حول الدرع الصاروخية في أوروبا ومسألة انضمام اوكرانيا الى حلف الاطلسي.
الاقتصاد الأمريكي يعاني والسبب هو الغزو الأمريكي للعراق غير الشرعي مما سبب كل تلك الكوارث بسبب انانية اليمين المحافظ وأطماعه في ثروات الشعوب من خلال اطلاق عملية الحروب الاستباقية في العراق وأفغانستان وأيضا الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان والتي هزم فيها الجيش الإسرائيلي من قبل المقاومة اللبنانية.
لقد سببت سياسة الفوضى البنّاءة كل الذي يحدث في العراق وأصبح العراق مهددا بالتقسيم وضياع وحدته الوطنية في ظل تناحر الطوائف والمليشيات والعنف المفتوح وعدم قدرة الحكومة العراقية على انهاء المشكلات في العراق.
ان مستقبل العراق على ضوء ما يحدث غامض ومن الصعب الحديث عن شكل العراق في ظل حزمة من المصاعب والتعقيدات السياسية والتي لا يعرف أحد كيفية الخروج منها حتى الولايات المتحدة والتي اصبح جيشها يعيش مأزقا نفسيا واستراتيجيا واضحا.
لقد دخل العراق مرحلة النفق المظلم ويبدو ان الأوضاع تتجه الى الاسوأ وسوف تأتي الإدارة الجديدة في واشنطن مطلع العام القادم وتجد الملف العراقي على رأس الملفات والتي لا بد من معالجته والخروج من العراق بأقل الخسائر في ظل تدهور الاقتصاد الأمريكي وتزايد الخسائر البشرية والتي تعدت الأربعة آلاف جندي وعشرات الآلاف من الجرحى والفارين من جحيم العراق.
العملية السياسية كان المأمول ان تنجح وتعطي شيئا من الأمل للعراقيين للعيش بسلام وإنهاء الصراعات في العراق إلا ان المشهد اليومي لا يعطي مثل هذا الانطباع في ظل عجز عربي ودولي يشابه العجز الأمريكي والذي وصل الى حد الافلاس السياسي.
وفي ظل ما يحدث في العراق من مآس يومية وفي ظل اشتعال الساحة العراقية فإن الولايات المتحدة اصبحت في حيرة من امرها وقد تضطر الإدارة الجديدة الى سحب القوات من العراق وترك البلد الى مصيره وهنا سوف تكون الخطورة واضحة.
وعلى ضوء ذلك يبقى الأمل في ان يجتمع أهل العراق على كلمة سواء لانقاذ العراق ووحدته الوطنية وقطع الطريق على كل المتربصين بمقدرات الشعب العراقي وبدون ذلك تبقى كل الاحتمالات مفتوحة في ظل تدخلات اقليمية لم تعد خافية على احد لقد أدت سياسة الفوضى البناءة الى كوارث في العراق وفلسطين المحتلة وأفغانستان وحتى على صعيد افريقيا وسوف ترحل الإدارة الأمريكية ويبقى التندر بالمصطلح الأمريكي الذي اغرق جزءا من العالم بالمشكلات والتناحر المسلح حتى لبنان وصل به الحال الى فوضى بناءة نتج عنها عدم وجود رئيس للبنان.
الفوضى في المجمل النهائي تبقى فوضى ولا مجال للبناء على الفوضى ولكن البناء يكون على أسس واضحة ومعايير وقوانين محددة وذات ثوابت تنسجم مع روح ومصالح الشعوب وبما ينسجم مع أسس الاستقرار والسلم الاجتماعي والحرص على عدم تقويض اركان الدول.
لقد أدت غطرسة القوة الى تبني سياسات متطرفة وغير واقعية مما أدى الى مشكلات كبيرة وهذا بالطبع يفتح المجال الى التساؤل حول حدود القوة ومسؤولية القوى الكبرى في كبح جماح المتشددين فيها وان تحترم القناعات لدى كل دولة وشعبها.
الحوار هو الاساس في حل كل القضايا والخلافات اما الخيار العسكري فهو اعتداء غير مبرر واهدار لمقدرات الشعوب كما يحدث في العراق الآن وغيرها من الدول فهل تعي الولايات المتحدة والادارة القادمة تبعات الاخطاء الفادحة التي ارتكبت وإيجاد مسار آخر للعلاقات الدولية يقوم على ايجاد نهج جديد مبني على الواقعية السياسية والمصالح المشتركة بعيدا عن القوة والتي اثبتت فشلها في أكثر من مناسبة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
الصدر.. بين المقاومة والسياسة والدور الديني
سامح راشد
عمان العمانية
«إن احتواء الصدر واستيعابه سلمياً لن يتم سوإلا بالتعامل المباشر معه، والتباحث الموضوعي حول مطالبه ومواقفه، ليس فقط بما يتسق مع ما وصل إليه من قوة وثقل حالياً، لكن أيضاً بما يراعي ويتحسب لما ينتظره من قوة ومكانة أكبر في المستقبل القريب».
بعد معارك عنيفة استمرت أكثر من أسبوعين، هدأت الأوضاع في البصرة جنوبي العراق بين قوات جيش المهدي الذراع المسلح للتيار الصدري، والقوات الحكومية العراقية مدعومة من القوات الأمريكية و البريطانية.
ورغم أنها ليست المرة الأولى التي تجري فيها معارك أو مواجهات مسلحة بين قوات التيار الصدري والقوات العراقية الرسمية أو مع قوات الاحتلال، إلا أن المواجهات الأخيرة تكتسب أهمية متزايدة بالنسبة للوضع السياسي والأمني في العراق بشكل عام، وأهمية أكثر لجهة وزن وربما مستقبل الحكومة العراقية الحالية برئاسة نوري المالكي.. بالإضافة إلى ذلك فإن الأزمة كشفت جوانب أخرى في دور ومكانة التيار الصدري في الساحة العراقية حالياً، بما يتجاوز البعد العسكري المتمثل في جيش المهدي وعملياته ضد الحكومة العراقية والاحتلال.
وبدءا بتلك النقطة الأخيرة، تجدر الإشارة إلى أن قدرة التيار الصدري على العمل المسلح بواسطة جيش المهدي قد ثبتت قبل ثلاث سنوات عندما دخلت عناصر «المهدي» في مواجهة عنيفة ضد الاحتلال عرفت باسم «مواجهات النجف» فرغم الخسائر البشرية الكبيرة التي نجمت عن تلك المعارك (أكثر من 350 قتيلا ومصابا)، لكنها أكدت وجود قوة عسكرية مسلحة لا يستهان بها أصبحت رقماً صعباً في المعادلة الأمنية والعسكرية في العراق. وبالتالي فليس جديداً بروز قوة الصدر العسكرية وامتلاك قواته ناصية المبادرة وتمكنها من الصمود أمام القوات الحكومية العراقية مدعومة بغطاء جوي أمريكي ـــ بريطاني.
الجديد في المواجهات الأخيرة ومجمل الأزمة الحكومية ـــ الصدرية، هو قدرة الصدر على إدارة الأزمة بأبعادها السياسية ربما بمهارة أكبر من أبعادها العسكرية.
كان الزعيم الشاب مقتدى الصدر قد بدأ تمرس السياسية مع دخول قوات الاحتلال العراق وبعد فشل محاولات متكررة للحصول على حصة ملائمة ــــ من وجهة نظره ــــ في الكعكة السياسية العراقية بعد الاحتلال، وخروجه من مواجهات النجف بطلاً شعبياً ورمزاً للمقاومة ضد الاحتلال مقارنة بقادة الشيعة الآخرين خصوصاً الذين تعاونوا بكثافة مع الاحتلال.
وظهرت إشارات ذلك التمرس واكتسابه خبرة نسبية عندما أعلن في أغسطس من العام الماضي تجميد العمل المسلح في هدنة مدتها ستة أشهر، بينما مارس ضغوطه على المالكي وحكومته بسحب الوزراء الصدريين الستة منها.
ويُفهم من هذا السلوك من جانب الصدر أنه أصبح يلعب «اللعبة السياسية» أكثر مما يتمسك بالمقاومة المسلحة، ويؤكد ذلك حرصه على عدم الانسحاب من البرلمان، إذ لا يزال نوابه الثلاثون التابعون للتيار يمارسون عضويتهم ويضغطون على الحكومة من خلال البرلمان.
بيد أن التاريخ الحديث للصدر لا يكفي وحده لتفسير تحركاته وفهم دوافعه وطبيعة دوره في الساحة العراقية حالياً، ذلك أن خلفية نشأة الصدر من جانب، والتوازنات الحاكمة للمنظومة الداخلية العراقية من منظار طائفي، ربما كانا العاملين الأكثر تأثيراً في توجهات الصدر ومعالجته للتطورات المحيطة به.
نشأ الصدر في عائلة تضم مرجعيات دينية وقيادات سياسية شيعية، وعرف عملياً معنى الاستشهاد والتضحية السياسية والميدانية، كما أن تركيبته الشخصية تتسم بدرجة عالية من الحماس الذي يصل أحياناً إلى الاندفاع، فضلاً عن وجود حافز داخلي مستمر نحو استعواض ما لم ينجح أبوه وعمه في تحقيقه. في ضوء تلك الخلفية، يمكن تفسير تحرك الصدر في الأٍسابيع الأخيرة وطريقة إدارته للحملة الأمنية العسكرية التي شنتها ضد قواته الحكومة العراقية بدعم أمريكي عسكري صريح. فقد أدار الصدر المعركة بثقة في قدرة قواته على مواجهة القوات الحكومية، وهو ما ثبت بالفعل، حيث انزلت قوات جيش المهدي بالقوات الحكومية خسائر كبيرة اضطرت معها إلى رفع مستوى العمليات لتشمل مداهمات وتصفيات راح ضحيتها مدنيون عراقيون.
الأمر الذي وضع حكومة المالكي في حرج بالغ إذ لم يحقق ما كان يتمناه بالخروج من المواجهات أكثر قوة وامتلاكاً لزمام الأمور أمنياً وبالتالي سياسياً.
ثم جاءت أوامر الصدر لأتباعه بوقف مظاهر العمل المسلح، لتزيد من حرج المالكي حيث برز الصدر كشخصية قيادية قادرة على اتخاذ قرارات مهمة في أوقات صعبة. والأهم من ذلك أن المواجهات بدأت وتوقفت دون أن تتحقق الهزيمة التي كان يتمناها المالكي لجيش المهدي.
والمعنى، أن المحاولات المستمرة لتحجيم قدرات التيار الصدري وتقليص دوره السياسي والميداني في الساحة العراقية، منيت بفشل شبه كامل، بل كانت تلك المحاولة الأخيرة من جانب رئيس الوزراء نوري المالكي بمثابة ورطة من غير الواضح بدقة سبب انزلاقه إليها.
ربما كان السبب وراءها رغبة المالكي في تحقيق أي انتصار داخلي يحسب لحكومته أمام الولايات المتحدة، بيد أن التوازنات الداخلية في النسيج الشيعي ربما كان لها اليد الطولى في مبادرة المالكي إلى «استعداء» الصدر.
فمع الجدل الدائر حول قانون النفط وكذلك المحليات وإنشاء أقاليم، تزايد الخلاف بين الفصائل الشيعية حول اقتسام الغنائم وتوزيع الثروات، وبرزت هذه النزعات مع اقتراب موعد انسحاب القوات البريطانية من الجنوب، فخرجت على السطح الاختلافات والخلافات حول من يمسك زمام الأمور بعد البريطانيين.
وفي ضوء انتماء المالكي لحزب الدعوة، وعلاقته الوثيقة بالمجلس الإسلامي الأعلى، فإن الحملة الحكومية الأخيرة ضد الصدريين يمكن وضعها في سياق تلك التباينات الشيعية ـــــ الشيعية، وتوافق مصالح (الدعوة) و(المجلس) مع رغبة المالكي في الظهور بمظهر المنتصر في أي معركة أو أزمة منذ تشكيل حكومته التي تقترب من إكمال عامها الثاني.
ومقابل هذا الدعم لصالح المالكي من بقية الفصائل الشيعية، فإن للصدر شعبية كبرى بين المواطنين الشيعة بمن فيهم كثير من أتباع (الدعوة) و(المجلس)، إضافة إلى ذلك يتمتع الصدر بدرجة من الاحترام أو على الأقل عدم العداء في نظرة العرب السنة له انطلاقاً من مواقفه المعلنة والصريحة ضد الاحتلال، فضلاً عن أن المسافة بينه وبين السنة أقرب كثيراً مما هي بينهم وبين بقية الفصائل الشيعية المرتبطة عضوياً بإيران والأكثر مهادنة وتوافقاً مع الاحتلال.
لكن الأهم هو المستقبل، فقد بدأ الصدر قبل أشهر تلقي دروس فقهية في مدينة قم حتى يتمكن من الحصول على درجة مرجع ديني، وهي خطوة لها مغزى شديد الأهمية وبالغ الدلالة لجهة نوايا الصدر وأهدافه المستقبلية، حيث يعني حصوله على درجة المرجعية أن آية الله علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى سيفقد تفرده بامتلاك الهيمنة الدينية على شيعة العراق.
صحيح أن الصدر لن يتمتع بأهمية وثقل السيستاني، لكنه على الأقل سينافسه وسينتزع منه قدراً من حق توجيه الشيعة بفتاوى وقرارات لها حجية دينية.
وفي ضوء كاريزما الصدر، وازدياد خبرته السياسية، والأرضية التي يكتسبها تدريجياً بعد كل مواجهة سواء مع الاحتلال مباشرة أو مع المؤسسات الرسمية العراقية، فإن اكتسابه صفة المرجعية كفيل بفتح الطريق أمامه كي يصبح زعيماً وقائداً متعدد الأبعاد. وسواء اكتمل تحقق التصور أو حيل بين الصدر وبينه، فإن ما وصل إليه الصدر حالياً يجعل من الصعوبة بمكان سواء على المالكي أو من سيخلفه، أن يتخلص من الصدر أو يقضي على قوته سواء السياسية أو العسكرية، خصوصاً إذا ما دعمهما بقوة وقدسية دينية.
وبالتالي فعلى الحكومة العراقية الحالية، وعلى الاحتلال وإدارته التعامل مع الصدر كرقم أساسي في المعادلة العراقية، والتخلي عن التمسك بحذف هذا الرقم.
وإذا كانت الاتصالات التي تمت مع إيران وأدت إلى إنهاء الأزمة ووقف المواجهات المسلحة بين الصدريين والحكومة تكشف عن بوادر هذا التوجه، إلا أن احتواء الصدر واستيعابه سلمياً لن يتم سو إلا بالتعامل المباشر معه والتباحث الموضوعي حول مطالبه ومواقفه، ليس فقط بما يتسق مع ما وصل إليه من قوة وثقل حالياً، لكن أيضاً بما يراعي ويتحسب لما ينتظره من قوة ومكانة أكبر في المستقبل القريب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
الاستثمار )... في الدم العراقي
علي قاسم
الثورة سوريا
(151) عضواً في الكونغرس الأميركي لهم استثمارات في العراق من أصل (535) من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وهو ما يشكل أكثر من ربع أعضاء الكونغرس.. !
رقم ربما لا يحتاج للكثير من التعليق لفهم أبعاد ومعطيات طالما شكلت على مدى السنوات الخمس الماضية موضع تجاذب في الأسئلة التي طرحت حول الأهداف الحقيقية للاحتلال الأميركي , في وقت تثار فيه الكثير من إشارات الاستفهام حول الأرقام التي تنفق على هذا الاحتلال .
فإذا كان المستثمرون للاحتلال هم أصحاب القرار في تمويل هذه الحرب ,فإن الإجابات لا تبدو لغزا كما اعتقد البعض, حين تحدثوا عن تلك الأرقام الفلكية التي تضاعفت عشرات المرات عما كان مقدراً لها .
المسألة ليست في السكوت , والتواطؤ الذي يحكم ذلك السكوت , بل في الاستثمار الذي يمارسه أولئك على حساب الدم العراقي وحياة شعبه , حيث هناك أكثر من مليون ضحية , وضعفها من المصابين والمشوهين , فيما يقف أكثر من أربعة ملايين عراقي عاجزين عن تأمين لقمة عيشهم .
وهذا ليس سوى غيض من فيض لا يتوقف عند المعاناة التي يتكبدها العراقيون اليوم , إنما في المأساة التي سيضطر لمعايشتها أجيال العراق القادمون ,بعد أن تحول العراق إلى مسرح لكارثة تمتد فصولها عميقاً في الوعي والذاكرة إلى أن تصل حدود ملامسة الوجود والكيان والهوية
وفيما الاختلاف الذي يقايض من أجله أعضاء الكونغرس الأميركي يدور في الأروقة الخلفية حول المحاصصات بينهم وتقاسم الاستثمار في الدم العراقي تفتح الأبواب على مأساة جديدة في الجشع المرعب الذي تسجله الاحتكارات على مستقبل البشرية , والعراق فيه ليس أكثر من رقم , رغم هول وفظاعة هذا الرقم .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
وقفة مع الحليف الإيراني: فلنسمع أصوات شيعة العراق
ناهض حتر
الاخبار لبنان
إذا نجحت الترتيبات للمسيرة المليونية العراقية، فإنّ الأربعاء 9 نيسان سيكون يوماً فاصلاً في التطورات السياسية المتسارعة في العراق. فقد دعا مقتدى الصدر العراقيين من كل الطوائف إلى السير نحو النجف، بمناسبة الذكرى الخامسة للاحتلال الأميركي لبغداد، لكي يقول الشعب كلمته ضدّ المحتلين، مطالباً برحيلهم فوراً.
الترتيبات الأمنية المضادّة، الأميركية والحكومية، بدأت مبكراً لمواجهة المسيرة، لإفشالها أو حتى إغراقها بالدم. غير أنه، مهما حدث، فإن الدعوة بحدّ ذاتها، وثقة الصدر بإمكان استجابة مليون عراقي للتظاهر، يمثّلان تحدياً قاسياً لحكومة نوري المالكي التي كانت لأيام خلت، تتوعد بالإجهاز على المنتفضين في البصرة.
لقد فشلت «صولة» المالكي في المدينة التي تنتج معظم النفط العراقي. ويظهر أن تلك «الصولة» لم تكن محسوبة النتائج، ولا كانت التصريحات الحامية لصاحبها في مكانها، بينما كانت قوّاته تتقهقر في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب أمام جحافل الانتفاضة. وهو ما يدعو للتساؤل عن واقعية تقديرات الحكومة العراقية لموازين القوى في البلاد.
لا نعرف ما إذا كان المالكي هو الذي غرّر بالرئيس الأميركي جورج بوش لكي يعلن الأخير اقتراب ساعة «نصره» في العراق، أم أنّ هوس بوش بتحقيق إنجاز مستحيل في ذلك البلد هو المسؤول عن لا واقعية المالكي؟
تقف حكومة الدمى العراقية على شعرة، بل العملية السياسية الأميركية كلها في العراق المحتل تقف على تلك الشعرة من تذبذب مقتدى الصدر السياسي، إلى تذبذب الإمدادات بالذخائر اللازمة لمقاتلي الانتفاضة الشعبية العراقية. لقد تجاوز زخم الانتفاضة قيادة مقتدى والعناصر المذهبية والمشاركة في الهيئات الحكومية من تلك القيادة، بحيث أصبح الكلام عن التيار الصدري و«جيش المهدي» ليس مطابقاً للحركة الجماهيرية والمسلَّحة في وسط العراق وجنوبه. يمكننا أن نتحدّث الآن عن حركة الانتفاضة. وهكذا، فإنّ الشعرة السياسية التي تحمل حكومة المالكي أصبحت من الماضي، بينما تصرّ الانتفاضة على المضيّ حتى النهاية في القتال ضدّ العملية السياسية وأحزابها وميليشياتها. وما يعوقها حتى الآن هو النقص في الإمدادات. والسبب الرئيسي في هذا النقص هو أنّنا بصدد حركة شعبية مستقلّة لا تتلقّى دعماً مالياً أو تسليحاً من أي جهة. فالانتفاضة تخوض في الآن نفسه ثلاث معارك: ضدّ المحتلّين الأميركيّين، وضدّ التدخّل الإيراني، وضدّ جيش حكومة المحاصصة وميليشياتها من منظمة بدر إلى البشمركة إلى عصابات الصحوة.
المحتلّون الأميركيّون ما زالوا حتى الآن في حالة دهشة من تطوّر الأحداث، هم الذين كانوا يظنّون، كالمالكي، أنّ مشكلة البصرة تكمن في وجود بؤر خارج السيطرة الأمنية، يمكن معالجتها بـ «صولة» وقعت على رأس أصحابها هزيمة مريرة. وقد تراجعوا، تكتيكيّاً، في محاولة لفهمها والتعامل معها.
أمّا الإيرانيون الذين كانوا يتوهّمون أن جنوب العراق أصبح تحت سيطرتهم، فقد فاجأهم المدّ العروبي الشعبي المعادي لنفوذهم وحلفائهم. وحين طالبهم الأميركيون بالتدخّل لكبح جماح الانتفاضة، سقط في أيديهم. فقوى الانتفاضة هي قوى جديدة صاعدة من صفوف الشعب، انفجر حضورها كالبركان تحت جملة من الضغوط السياسية والأمنية والمعيشية، وخصوصاً إزاء خطر التوقيع على اتفاقية الانتداب الأميركي على العراق، وفصل الجنوب العراقي في محمية ــ إمارة لآل الحكيم.
ظهّرت انتفاضة الربيع الشيعيّة في العراق، صورة كانت مضلّلة وملتبسة حتى الأمس القريب. ونرى، في الصورة، الآتي:
ــ أوّلاً، انفضاض القسم الرئيسي من جماهير الشيعة العراقيين عن العملية السياسية الاحتلالية، والتحوّل نحو الصدام العنيف معها، سياسياً وعسكرياً. ويُعَدّ هذا بحدّ ذاته حدثاً مفصلياً في مسيرة المقاومة العراقية. ذلك أنّ كلّ دعاوى المشروع الأميركي في العراق تقوم على التأييد المفترَض والغامض للأغلبية الشيعية التي اتضح أنها انتقلت نهائياً إلى المقاومة والمعارضة.
ــ ثانياً، نشوء تيار جماهيري عريض في جنوب العراق ووسطه، مناهض للاحتلال الأميركي وحكومة المحاصصة الطائفية وأحزابها، ولا سيما «حزب الدعوة» و«المجلس الإسلامي الأعلى ــ قوات بدر»، ما يمثّل انشقاقاً بالغ الأهمية يكسر صدفة «الائتلاف الشيعي» المذهبية، ويفرز القوى داخل الطائفة على أساس وطني.
ــ ثالثاً، تراجع النفوذ الإيراني في الأوساط الشيعية العراقية، وانحصاره في أحزاب وشخصيات وأجهزة الحكومة الموالية للمحتلّين. فالتيار الجماهيري الشيعي العريض يتراوح بين موقف الغضب من الوصاية الإيرانية، وموقف مقتدى الصدر الذي يقول بـ «الأخوّة» بين البلدين ولكنه يرفض صراحة «الامتداد الإيراني، السياسي أو العسكري، داخل العراق».
وهكذا، لم يعد مسموحاً به بعد اليوم، حَمْل الشيعة العراقيّين على مَحْمَل إيران، أو احتسابهم ببساطة عندها أو عند قرارها. وهو ما يرتّب على كلّ مَن تعزّ عليه عروبة العراق ووحدته وحريته، الكفّ نهائياً عن اتخاذ أي موقف تُشتَمّ منه رائحة المذهبية البغيضة نحو الشيعة العراقيّين، والسعي الدؤوب إلى إنشاء علاقات متعدّدة الأشكال، رسمية وشعبية، مع الهيئات والشخصيات الشيعية العراقية الوطنية، وتصليب مواقفها العروبية، ومساعدتها بكلّ الوسائل على تعزيز استقلالها السياسي عن تأثير القوى المرتبطة بطهران و / أو بالاحتلال الأميركي.
لا أحد يصغي حتى الآن إلى الشيعة العراقيّين. فإلى الاحتلال الذي يضطهدهم بعنف، تقعد ميليشيات الدعوة ــ بدر، المدعومة من إيران، على صدورهم، تنكيلاً وقهراً ونهباً، وتخوض التيارات الوهابية والبن لادنية في صفوف السنة العراقيين حرباً ضروساً ضدّهم. ويحسبهم العرب المعادون لإيران عليها، بينما يصمت العرب المتحالفون معها عن الاضطهاد الواقع على حياة جماهير الجنوب العراقي وعروبتهم وكرامتهم.
لقد آن الأوان، لكي نصغي إلى أصوات شيعة العراق، من دون مستبقات مذهبية معادية، أو ــ على العكس ــ من دون طمس قضيتهم بحجّة التحالف مع طهران. ومن هذه الأصوات الشجاعة، علينا أن نتوقّف أمام صوت المرجع العراقي آية الله فاضل المالكي ــ المقيم في قم «غريباً» لأنّه «مهدّد في بلده» و«لا يجد بلداً عربياً يستقبله». يقول آية الله المالكي: «أفتي بأنه لا يجوز لمرجع غير عراقي الأصل أن يتدخّل في الشأن السياسي العراقي، سواء أكان مقيماً في قم أم في النجف، فوجوده في النجف لا يعني أنه عراقي». ويتساءل: «هل من الإنصاف أن يسمح لعلماء غير عراقيين في النجف بأن يتصرّفوا في الشأن السياسي والفتوى، بينما لا يُسمَح للعراقي الأصيل بأن يعلن رأيه وصوته. هؤلاء المراجع من أصل إيراني يصولون ويجولون في بلادنا، والسبب أنهم جزء من معادلة جرى التفاهم عليها وفق أجندة إقليمية ودولية، أن يكون هؤلاء الغطاء الشرعي لهذه العملية السياسية الخاطئة».
وعلى هذه الخلفية، تتّضح مهمّات عربية عاجلة من أجل تأمين انتصار حركة التحرّر العراقية، وهي:
ــ أولاً، الانفتاح على القوى والشخصيات الوطنية الشيعية العراقية، وتعضيدها سياسياً وإعلامياً ومادياً، وفتح العواصم العربية أمامها، بما يخلق التواصل الفعال بين شيعة العراق وعمقهم العربي.
ــ ثانياً، القيام بمبادرات ملحاحة ــ ليس للمصالحة بين الطائفيّين المؤيّدين للاحتلال وعمليته السياسية في الجانبين ــ وإنما لتوحيد قوى المقاومة والوحدة والعروبة في المناطق السنية والشيعية.
ــ ثالثاً، نبذ وفضح كلّ أشكال وأفكار وممارسات الانشقاق المذهبي الطائفي والاثني والتعصب والنزعات الانفصالية،
ــ رابعاً، اعتبار تجربة نظام الرئيس صدام حسين والقوى المرتبطة بها من الماضي، والبحث مع العراقيين، وفي إطار عربي، عن صيغة حديثة عراقية للدولة الوطنية الشعبية الجديدة، لمرحلة ما بعد الاحتلال الذي يتهاوى. وهنا سوف نصغي، مرة أخرى، إلى آية الله فاضل المالكي، حين يؤكد أن العراق «لا تصلح له حكومة دينية طائفية أبداً، ولا حكومة علمانية مضادّة للدين، وإنما حكومة مدنية تقوم على معايير الأصالة العراقية والاعتدال».
ــ خامساً، لا بدّ من وقفة لم تعد تقبل التأجيل مع الحليف الإيراني حول العراق: فالسياسة الإيرانية الحالية في بلاد الرافدين هي سياسة وصاية ونفوذ ليسا ممكنين من دون التقاطع مع مصالح الاحتلال الأميركي. وهذه السياسة سوف تلحق أشدّ الضرر بالعلاقة المستقبلية بين البلدين الجارين، وتخلق تياراً عراقياً جارفاً معادياً لإيران. وهو تطوّر بدأ فعلاً، ومن شأنه أن يكرّس الصراع العربي ــ الفارسي على حساب الصراع الرئيسي مع الولايات المتحدة، ويحرج القوى العربية الحليفة لطهران.
إنّ تكتيك استخدام العراق بوصفه «ورقة» للتوصّل إلى تفاهم مع الأميركيين بشأن الملف النووي الإيراني، أو حتى لإجبار واشنطن على الاعتراف بالقوة الإقليمية الإيرانية، هو تكتيك انتهازي ساذج وقصير النظر إزاء صراع تناحري لن يُحَلّ بالتسويات، وسوف ينتهي ذلك التكتيك إلى الفشل الذريع في تحقيق أي هدف استراتيجي، سواء على مستوى المساومة أو على مستوى الأطماع.
لدى طهران فرصة جدية لإنهاك الاحتلال الأميركي في العراق، وطرد «الإمبراطورية» السوداء من المنطقة، وتحقيق إنجازات في كل الميادين، لكن استقبال تلك الفرصة يتطلّب من الإيرانيين اتّباع سياسة مبدئية في العراق، تقوم على نبذ الأطماع والوصاية، وسحب الاعتراف بالعملية السياسية الاحتلالية، وبأحزابها وقواها، وتقديم دعم نزيه ومثابر للمقاومة العراقية التي سيؤدّي انتصارها إلى تغيير عميق في موازين القوى على المستوى الإقليمي والدولي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
المقاومة العراقية وخسائر جيش الاحتلال
د. محمد ناجي عمايرة
الوطن عمان
تقول الاحصائيات الرسمية الاميركية ان عدد قتلى الجيش الاميركي المحتل في العراق بلغ (4) آلاف جندي بينما تشير معلومات اخرى مستقاة من مصادر قريبة من المقاومة الوطنية العراقية ان اجمالي الخسائر الاميركية قد وصل الى (38) الف قتيل و(50) الف جريح (صلاح المختار ـ أخبار الخليج البحرينية 7 ابريل 2008).
والفرق بين الرقمين هائل ويدعو للاستغراب، ولكننا بالطبع نرجح ان يكون جيش الاحتلال الاميركي قد مني بخسائر كبيرة جدا قد تقع بين الرقمين : الأدنى والأعلى.
ان مصادر المقاومة الوطنية العراقية لا تبالغ في ارقامها لكنها تحسب الخسائر بطريقة مختلفة، فهناك قوات جيش الاحتلال الاميركي، وهناك قوات مرتزقة جندتها شركة (بلاك ووتر) وغيرها من شركات الامن والحماية الخاصة، وبلغت اعداد مجندي الشركة المذكورة وحدها (120) الفا من المرتزقة حسب مصادر اميركية ، غير ان هؤلاء لا تعترف بهم السلطات الاميركية لانهم ليسوا اميركيي الجنسية بل حصلوا على (البطاقة الخضراء) ووعدوا بالجنسية بعد انتهاء الحرب على العراق، ولهذا لا تحسب خسائرهم في الاحصاءات الرسمية.
لا نريد ان نجعل من ارقام قتلى وجرحى الاميركيين نقطة مركزية، فالأصل ان تكون هناك مقاومة للاحتلال، وهم يتوقعون المزيد من الخسائر، على الرغم من ان المحتلين ظنوا ابتداء ان الشعب العراقي سوف يستقبلهم بباقات الورود، فلم يجدوا احدا غير بعض تابعيهم ومرتزقتهم في استقبالهم اضافة الى اولئك الذين جاءوا معهم على ظهور الدبابات والمدرعات الاميركية الغازية.
مسألة المقاومة وشرعيتها ليست موضع خلاف ، فهي حق طبيعي لكل شعب تقع ارضه تحت الاحتلال الاجنبي ـ أيا كان ـ. لكن الاختلاف حول طبيعة هذه المقاومة في العراق، ومدى فاعليتها وتشكيلاتها ومواقعها واساليبها القتالية.
ولا شك ان المقاومة الوطنية العراقية ، كما يقول الاستاذ صلاح المختار، تتعرض للتعتيم الاعلامي في الصحافة ووسائل الاعلام الاميركية والأوروبية وهي التي تستأثر بمصادر الاخبار، في غياب دور الصحافة العراقية والعربية، وتغاضي بعضها المتعمد عن نشر اخبار صحيحة وموضوعية عن المقاومة.
ووفقا لمصادر محايدة فان المقاومة الوطنية العراقية موجودة، وذات تأثير فاعل وواضح، ولكن المصادر الاخبارية الاميركية والاوروبية تتعمد تشويهها وتلحقها بالارهاب، وتماهي بينها وبين عمليات الميليشيات الطائفية وتنظيمات القاعدة ضد المدنيين والابرياء مما يساهم في اشمئزاز الناس منها، ويضعف حضورها الاعلامي.
وقد تكون نشاطات تنظيمات المقاومة ذات الانتماء العروبي (القومي) والاسلامي والوطني العام، أوضح من خلال محاولتها النأي بنفسها عن الفتنة الطائفية واستخدام المفخخات والعمليات الاستشهادية ضد قوات الاحتلال والقوات الحليفة لها فقط.
وبياناتها المتاحة على بعض مواقع الانترنت تشير الى انها تخوض حربا شرسة ضد الاحتلال من جهة وضد اتباعه وحلفائه من جهة اخرى، وضد الميليشيات الطائفية والتنظيمات الارهابية المتصلة بالقاعدة من جهة ثانية.
هناك خلط متعمد للاوراق، بين المقاومة والارهاب، بين انصار الاحتلال ومعارضيه ومقاوميه بشتى الوسائل، والمقاومة تواجه المشرع الاميركي التقسيمي الطائفي، مثلما تنشط ضد العمليات الارهابية التي تثير الفتنة وتستهدف المدنيين والتجمعات السكانية واغتيال الشخصيات الوطنية والعلماء واساتذة الجامعات والمثقفين المستنيرين.
المقاومة الوطنية العراقية تستهدف التحرير وتعزيز السيادة واستعادة الدولة العراقية، ولهذا فهي ترفض الاحتلال والتقسيم والمحاصصة الطائفية، والديموقراطية الزائفة وتقاوم ذلك كله بالسلاح وبالعمل السياسي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
فوضى النفوذ في العراق
افتتاحية
اخبار العرب الامارات
بجانب قوات الاحتلال التي لها السطوة والقوة والقرار في العراق، هناك مراكز عديدة داخل الحكومة الواحدة تملك نفوذاً وصلاحيات تتناقض فيما بينها إلى حد المصادمة. وربما كان قرار تجديد عقد عمل شركة ’’بلاكووتر’’ الأمنية مثالا واحدا من مئات الأمثلة والنماذج التي توضح أسلوب إدارة العراق.
و(بلاكووتر) لها سمعة سيئة في العراق وغير العراق، ولها تاريخ غير مشرف مع الأهالي العراقيين خاصة عندما أطلقت النار على جمع بينهم نساء وأطفال وقتلت أكثر من 17 عراقياً، من دون أي ذريعة أو سبب معقول.
وقد أثارت الحادثة التي جرت في سبتمبر الماضي غضباً عارماً في العراق والمنطقة العربية، حيث لم يعد هناك حق للعراقي والعربي في أن يقاضي مجرماً ارتكب جريمة قتل مهما كان الدواعي لذلك. فأصبح المواطن العراقي مكشوفا حتى النخاع أمام الاعتداءات المتكررة من قوات الاحتلال وهو يعلم أنه أكثر ضعفاً وقلة حيلة في أن يقاضي الجناة الذين ارتكبوا جريمة القتل والتدمير العشوائي والتعذيب المتعمد.
والغريب أن وزارة الخارجية العراقية هي التي قررت تجديد العقد لشركة ’’بلاكووتر’’ في حين وصف سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء القرار بأنه ’’ نبأ سيء’’، مما يكشف مدى التصادم والتناقض في السياسات تجاه قوات الاحتلال الأمريكية التي تملك نفوذاً فوق نفوذ الرئاسة في مختلف مستوياتها، وتملك سطوة على كل الأجهزة والمؤسسات، وتملك قراراً سياديا يعلو على كل القرارات السيادية التي تدّعيها المؤسسات السيادية في الدولة العراقية ’’ المحتلة ’’ بالقوة العسكرية.
لم تكن قوات الاحتلال الأمريكي محتاجة لتعيين وتكليف شركة بلاكووتر مرة أخرى للقيام بالمهام الأمنية التي يمكن أن تقوم بها أي أجهزة عراقية أخرى، خاصة بعد اتهامها بقتل أبرياء بينهم نساء وأطفال، وبعد إثارة هيجان وغضب وثورة العراقيين الذين طالبوا بحظر التعامل مع مثل هذه الشركات المفروضة عليهم فرضاً وكرهاً وجبراً.
ليس في يد العراقيين أن يرفضوا أو يقبلوا ما دامت أرضهم محتلة، وقرارهم الوطني مُصادراً، وسيادتهم مُغتصبة، واستقلالهم ضائعاً. وحتى وزارة الخارجية لا تملك أن تدلي برأي، بل حتى رئيس الوزراء (نوري المالكي) كان قد تراجع عن قراره بوقف نشاط تلك الشركة، وعندما احتجوا بأن عقد الشركة كاد أن ينتهي، فتبلور اتجاه عام بأن لا يجدد لها عقدها عندما يحل الوقت للتجديد. ولكن جرى تجديد العقد من وزارة الخارجية كأن هذه الوزارة دولة مستقلة لا علاقة لها بالحكومة أو بالعراق.
والدليل على ذلك أن مستشار رئيس الوزراء انتقد قرار التجديد واعتبره نبأسيئ، بل دعا إلى عدم التصديق عليه.
وقضية بلاكووتر ليست هي الوحيدة، فهناك عشرات القضايا التي تتمتع قوات الاحتلال بصلاحيات واسعة في التعامل معها ومعالجتها بعيدا عن الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها. فالصلاحيات الأمريكية لا تحدها حدود السيادة العراقية المسلوبة، ولا تضبطها قوانين مهضومة، ولا تقيدها تقاليد أهل البلاد. . وكل تلك المظاهر تؤكد أن العراق ليس محتلاً فقط ولكنه معتل الأول والاَخر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
سلاح المليشيات. . والعملية السياسية
حاكم كريم عطية
اخبار العرب الامارات
يتعرض العراق حاليا لأزمة خطيرة نتيجة أستمرار النزاع المسلح بين الأجهزة الحكومية وبين أنصار جيش المهدي الذي أنبرى للدفاع عن ما أسمتهم الحكومة بالخارجين على القانون وعصابات النهب والسلب والتهريب وسرقة موارد البلد النفطية ومصادر ترويع الناس وحملة الأغتيالات التي طالت مختلف شرائح المجتمع البصري الأدبية والعلمية والمهنية والمليشيات التي حولت حياة المرأة البصرية ألى جحيم تحت مسميات شتى وأغطية دينية لا تمت بصلة للدين وشرائعه وتعاليمه والأجراءات التي أتخذت من الحكومة لمعالجة مظاهر العنف في البصرة ومن يقف ورائها تحولت ألى مصادمات مع قوة لها وزنها في الشارع العراقي كان يجب التعامل معها بحذر شديد لكي لا تتحول الى مواجهة نحن في غنى عنها في هذا الظرف العصيب.
وبدلا من أن نعالج مظاهر البصرة والعنف وأنعدام وغياب القانون وسلطة الدولة هناك، خرجنا بنتجة المواجهات العنيفة بين قوى وأنصار جيش المهدي التابعة للتيار الصدري في عموم مناطق العراق ورغم تشديد السيد المالكي على أن القوى الأمنية والجيش لا تستهدف أية قوة سياسية أو دينية حشر التيار الصدري نفسه للتصدي لهذه الحملة وجرى تصويرها على أنها أستهداف للتيار وأتباعه ورغم مرور عدة أيام على مجريات الصراع التي أمتدت الى محافظات ومناطق كثيرة من العراق والتي أدت الى سقوط المئات من القتلى والجرحى من الجانبين ومن المواطنين العزل الذين غالبا ما يكونوا هم الضحية الأولى في مثل هكذا أزمات.
ونتيجة عدم لجوء الحكومة والتيار ألى لغة الحوار والأحتكام ألى الدستور والقانون وممثلي الشعب لحل الأزمة راح الجميع يحتكم ألى لغة السلاح اللغة التقليدية في حل الأزمات في العراق حاليا و هو نتيجة الأزمة التي تعاني منها كتلة الأتلاف العراقي الموحد والأصطفافات الجديدة التي ظهرت بين ثناياها زاد من حدة الصراع وأخذ مديات خطيرة وأجراءات لم يراعى فيها أي أعتبار لحياة الناس ومعاناتهم التي طالت لسنين طويلة لتضيف حملا اَخر على هموم المواطن ومعاناته خصوصا من الفئات والطبقات الفقيرة في المجتمع العراقي حيث يعتبر الدخل والمورد اليومي هو ديمومة الحياة وأستمرارها . ومما تجلى من هذه الأزمة أن جميع المتصارعين على الساحة السياسية في البلد سرعان ما يركنون القانون والدستور أو يشار لهما وقت الضرورة بعد حصول كل التجاوزات والأنتكاسات في الوضع الأمني والعملية السياسية وهذه دلالات خطيرة في العملية السياسية في العراق كونها يغلب عليها طابع العنف ولغة السلاح الطريق الأسهل على كل من يفتقد ألى البرامج السياسية والأقتصادية والأجتماعية لبناء المجتمع العراقي وتخليصه من أثار الدكتاتورية وتشوهاتها بل تحول قسم من هذه القوى والكتل ألى ملاذ اَمن لعناصر التخريب والمناهظين للعملية السياسية والتغير الحاصل في العراق ولم تدرك خطورة ذلك رغم تحذيرات القوى السياسية في العراق نتيجة عدم أمتلاكها الخبرة السياسية والأمنية والغرور الذي أصاب الكثير من الكتل السياسية والدينية نتيجة أتساع وتضاعف عدد المنتمين لها في فترة قصيرة رغم خواء هذا الأنتماء وغاياته، ورغم أدراك الكثير من الكتل وبعد فوات الأوان حيث جاء تجميد نشاط جيش المهدي كطريق وأسلوب لمعالجة هذه المظاهر ألا أن ذلك يبدوا مستحيلا في وقت أصبح لمظاهر الكتل البشرية والتحشيد لأعداد كبيرة وأهمية المظهر الوهمي في ظل تخلف ظاهر في المجتمع العراقي يجعل من الصعوبة للتيار الصدري التخلي عن هذه الأعداد من المنتسبين حتى ولو كانوا من الخارجين عن القانون، ناهيك عن أن الكثير من هؤلاء وصل ألى مراكز قيادية في التيار ويلعب دورا في مركز القرار ونشاطات جيش المهدي وبالمقابل كانت معالجة الحكومة متسرعة وأهملت وتجاوزت الكثير من المراجع المهمة في البلاد كالبرلمان والقضاء مثلا والكتل السياسية و مجلس الرئاسة.
صحيح أن الحكومة تتعامل مع وضع أمني ألا أن ذلك جلي للعيان أن هذا التصدي يجلب أحتمالات أنجرار تيارات معينة في هذا الوضع المتأزم وكان حريا بالحكومة أن تدرس هذا الأحتمال وتضع الحلول له وذلك بوضع التيار الصدري أمام ألتزاماته في قضية تجميد نشاط جيش المهدي وأعطاء ضمانات قبل الشروع في هذه الحملة للتيار الصدري بأن هذه الحملة ليست موجهة لا ضد التيار ولا ضد أي طرف اَخر لا أن يعلن ذلك بعد أن أنجر التيار، وأصبح طرفا في المعارك وتصدى لقوات الأمن والجيش لتنقلب عملية تنظيف البصرة من هذه المجاميع المجرمة الى مواجهات لا لزوم لها والى تضحيات كبيرة اللشعب العراقي أحوج ما يكون لها في هذا الظرف العصيب لمواجهة فلول القاعدة والصداميين زاد في ذلك التوصيفات التي خرجت من عبقري السياسة الأمريكية لرئيس الوزراء والتلميح على أنه سيضع العراق على الطريق الصحيح في ضرب التيار الصدري والقضاء على المظاهر المسلحة لدى هذا التيار، وربط ذلك بنشاط أيران لتتوج بتصريح المالكي بلقائه مع رؤساء العشائر بأن عناصر جيش المهدي أكثر أجراما من فلول القاعدة في العراق وهو تصريح متسرع لم يأخذ بالأعتبار وزن هذا التيار في ظل الظروف التي يمر فيها البلد مما زاد من تعنت قادة هذا التيار وقراراتهم المتشنجة والتي غلب عليها طابع المظهر والفوضوية الصبيانية والتطرف لا الأحتكام الى العقل ومصلحة الوطن ليعلن التيار على لسان مقتدى الصدر بأمر أتباعه بعدم التعرض للقوى الأمنية والعسكرية العراقية ولكن دون أمرهم بالقاء السلاح وتسليمه للدولة حيث أعتبر تسليم السلاح هو بمثابة أنتهاء التيار الصدري ويعني بذلك ألغاء جزء مهم من أجزاء المقاومة للأحتلال حيث لم يدرك السيد أي الطرق تؤدي ألى أنهاء الأحتلال في ظل موازين القوى والأحتلال وضع قائم في العراق كفلته قرارات المجتمع الدولي وقضية أنهائه لم تعد قضية حمل سلاح فقط وأنما الطريق الذي غاب عن ذهنية السيد مقتدى الصدر طريق بناء عملية سياسية وطنية تتخلص من شوائب عملية المحاصصة والفرز الطائفي والمنافسة غير الشريفة وذات الغايات والمنافع الشخصية في ظل أشرس هجمة فساد أداري ومالي يتعرض لها مجتمع بشري في العالم طريق البناء الذي يفضي ألى أن تصبح العملية السياسية هي الكيان الضاغط على المحتل للخروج من العراق .
أن قرار المالكي بنزع السلاح من مجاميع دون أخرى جعل القوى المطالبة بنزع سلاحها تشعر بأستهدافها دون غيرها فقضية نزع السلاح في العراق وحصره بالدولة يجب أن يكون في كل الأحوال قرار ينطبق على الجميع فمن غير المعقول الطلب من التيار الصدري نزع سلاحه وترك قوات بدر وحزب الله والدعوة والفضيلة والقدس والحزب الأسلامي و العشائر والصحوة وغيرها الكثير من المجاميع التي ما زالت تحتفظ بأسلحتها صحيح هو مصدر البلاء في المجتمع العراقي والقنابل الموقوتة بوجه العملية السياسية في العراق فمتى ما نزع السلاح وحصر بيد الدولة يمكن ان نقول أننا بدأنا نعود لبداية تغليب لغة العقل بدل لغة السلاح ولكن يجب أن يكون القرار ملزما لكل من يحمل السلاح خارج أطار الدولة وأجهزتها الأمنية.
إن هذه التجربة هي من التجارب الكثيرة التي تعرضت وتتعرض لها العملية السياسية في العراق يجب أن نتعلم منها الكثير وليس عيبا في الأنسان أن يتعلم من أخطائه خصوصا أذا كان هذا التعلم هو لمصلحة الوطن والحفاظ على حياة المواطنين وعدم أهدار المزيد من دماء العراقيين ولعل أول درس هو عدم الأعتماد على ردود الأفعال في رسم سياسة البلد ومصيره والأحتكام ألى بدايات العملية السياسية وبناء مرتكزاتها من دستور وبرلمان و مؤسسات المجتمع المدني لبناء ورسم سياسة البلد والألتزام بما يخرج من مقررات تجتمع عليها الكتل السياسية بما يخدم بناء وتطوير العملية السياسية في العراق للخروج بالعراق من أزمته والوقوف على قاعدة صلبة لمواجهة الأخطار والتحديات من أعدائه الكثيرين ولعل مراجعة تشكيل القوى الأمنية والجيش والأسس التي تتبع في بنائها ضمان أكيد لعدم أنحيازها لهذا الطرف أو ذاك في ظل الأزمات والمحن وضمان أن لا تتحول هذه الأجهزة ألى سلاح بيد المعادين للعملية السياسية وأن تكون فقط لحماية ما ينجزه الشعب العراقي وقواه الوطنية.
وأخيرا أقول أن من السهولة بمكان أن ندفع بأي قوة في هذا المجتمع لأن تتحول ألى حضن معارضي العملية السياسية أذا ما غابت السبل الكفيلة لأحتوائها وجعلها تشعر أنها جزء من االعملية السياسية ويجب أن تتحمل مسؤليتها الوطنية في بناء هذا المجتمع ويكفينا ما لدينا من أعداء خارجيين وداخليين لندفع بمن هم في العملية السياسية رغم الأخطاء التي يقعون فيها ألى صفوف أعداء العملية السياسية في ظل وجود وفرة من السلاح تجعله اللغة الخطيرة في الحوار في ثنايا المجتمع العراقي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
ذكرى سقوط بغداد
جعفر محمد أحمد
الخليج الامارات
5 سنوات مرت على غزو العراق، وغداً 9 إبريل/ نيسان تمر الذكرى الخامسة لسقوط بغداد في أيدي قوات الاحتلال الأمريكي. منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم سنوات من الدماء والقتل والتشريد والنزوح واستنزاف الثروات عاشها المواطن العراقي وتأثرت بها دول الجوار والمنطقة ككل، 5 سنوات من الكذب والافتراءات التي كانت سبباً في غزو العراق، سنوات عجاف تغيرت فيها ملامح أرض الرافدين ودخلت في مستنقع ودوامة الطائفية وصراع الأقليات حيث تعالت الاصوات من أجل تقسيم العراق وتحويله إلى كانتونات بدلاً من “الحرية والديمقراطية” التي تذرع بها الاحتلال وخدع بها العراقيين وكل محبي الحرية والسلام.
أين يقف العراق الآن؟ وفي أي اتجاه يسير؟ أحداث كثيرة توالت بعد الغزو وسقوط بغداد، إدارات تعاقبت وتغيرت ولم تتغير الصورة المأساوية التي يعيشها العراق، قتل بلا رحمة وتفجيرات يومية وصراعات طائفية، مع انعدام الأمن والأمان. لقد تسببت حرب احتلال العراق بأكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخه وتاريخ الجيش الأمريكي في عقود. الكل تكبد خسائر فادحة خلال السنوات الخمس الماضية، لقد تجاوز عدد قتلى الاحتلال الأمريكي من العسكريين عتبة الأربعة آلاف وهو المعترف به وما خفي أعظم.
لقد حول الغزو العراق إلى “أحد أخطر الأماكن في العالم”، ونتائج الجريمة واضحة في عمليات قتل الآلاف، وتهجير وتشريد الملايين داخل العراق وخارجه. صحيح لقد خرج الوضع عن السيطرة وحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي أصبحت عاجزة، فالعراق بعد هذه السنوات الخمس لا يزال من دون مؤسسات دولة والميليشيات موجودة داخل أجهزة الحكومة وخارجها والمحاصصة الطائفية السياسية لا تزال هي الحوار الاساسي في العمل. إن دعوة المالكي مؤخراً العراقيين إلى تحمل المسؤولية في ظل الظروف الراهنة وقوله إن العراق على حافة الهاوية، هو اعتراف بفشل حكومته على الصعيد السياسي واعتراف أيضا بفشل الاستراتيجية الأمريكية. أخيراً إن فشل الرئيس الامريكي جورج بوش الذريع في العراق واصراره على المضي قدماً في النفق المظلم إلى النهاية لتوريث خليفته المقبل تركته الثقيلة بكل اخطائها ومصائبها، بعد أن عجز عن الخروج من مستنقع العراق، وكذلك فشل السياسيين العراقيين في تحقيق المصالحة الوطنية، اضافة إلى تنافرهم من دون أي مؤشر في الأفق المنظور يوحي بإمكانية حدوث تقاربهم، تجعل العراق يدور في داومة صراع دامٍ وطويل قد يمتد لسنوات عديدة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ما تكشفه معركة البصرة
خيرالله خيرالله
الراي العام الكويت
ما الذي يحدث في العراق؟ هل صحيح أن الإدارة الأميركية استطاعت تحسين أوضاعها أو أوضاع البلد بعد مرور خمسة أعوام على إسقاط النظام العائلي- البعثي الذي أقامه صدّام حسين؟ هل يمكن القول أن العراق في ظل حكومة نوري المالكي في وضع أفضل مما كان عليه في ظل نظام المقابر الجماعية؟
من الواضح، أن ما حصل في البصرة أخيرا يعطي فكرة عما ينتظر العراق. ما ينتظر العراق حروب داخلية جديدة ستطول... مؤدية إلى مزيد من الشرذمة وذلك في ظل حكومة ضعيفة تشكو من تجاذبات وانقسامات ذات طابع مذهبي ومناطقي يصعب التخلص منها. كانت «معركة البصرة» التي خاضها المالكي شخصيا مؤشرا إلى فشله الشخصي من جهة، والفشل الأميركي في إقامة جيش قوي يكون بديلا عن الجيش العراقي السابق، الذي اتخذ الحاكم المدني للعراق بول بريمر قرارا بحله في ظروف أقل ما يمكن أن توصف به أنها غامضة، من جهة أخرى. إلى الآن، لا يزال هناك في الولايات المتحدة نفسها من يبحث عن تفسير للقرار الذي اتخذه بريمر وأبلغه إلى الرئيس بوش الابن وكبار مساعديه في الثاني والعشرين من مايو في العام 2003. كان وزير الخارجية كولن باول غائبا عن اللقاء، الذي تم عبر الأقمار الاصطناعية، بين كبار المسؤولين في واشنطن من جهة وبول بريمر الذي كان في بغداد من جهة أخرى. ولما عاد باول من رحلة إلى باريس، سأل كوندوليزا رايس، التي كانت مستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي، عن القرار القاضي بحل الجيش، فأجابت أنها لا تعرف عنه شيئا. كل ما فعلته رايس أنها وافقت على القرار من دون مناقشته. ويشير تقرير طويل، نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أخيرا حول هذا القرار، إلى أن بريمر وضع كبار المسؤولين الأميركيين أمام الأمر الواقع. فوجئ هؤلاء جميعا بإتخاذه القرار وطرحه في الإجتماع الذي تم برئاسة بوش الابن. لم يستطع أي من المسؤولين عرض وجهة نظر مختلفة، خصوصا أن الصيغة، التي استخدمها من كان في حينه صاحب القرار الأول والأخير في العراق، حظيت بموافقة بوش الابن وذلك تحت شعار عام كان ينادي به أحمد الجلبي وهو «استئصال البعث».
إلى اليوم، لا يزال العراق يعاني من قرار بريمر الذي لا تفسير له سوى أنه كانت للرجل أجندة خاصة به لا علاقة لها بتلك المقررة في مرحلة الإعداد لاجتياح العراق. وهذا ما كشفته وثائق نشرت أخيرا. قبل أسابيع قليلة من بدء العمليات العسكرية التي قادت الجيش الأميركي إلى بغداد فدخلها في التاسع من أبريل 2003، كان كبار المسؤولين في وزارة الدفاع، بمن فيهم دوغلاس فيث المحسوب على المحافظين الجدد، يعرضون خططا ترتكز على المحافظة على الجيش العراقي بعد تنظيفه من آثار البعث. وفي هذا المجال، قدّم فيث بنفسه، مستعينا بشاشة ورسوم، عرضا يشرح فيه أن الخطة الأميركية التي اعتمدت تقوم على فكرة الإبقاء على ما بين ثلاث وخمس فرق من الجيش القديم لتشكل نواة لجيش جديد مهمته محصورة في حماية البلد.
جاءت «معركة البصرة» التي أوقفها اتفاق لوقف النار توصلت إليه الحكومة العراقية مع ممثلين لمقتدى الصدر في مدينة قم الإيرانية، بإشراف قائد كبير في «الحرس الثوري» الإيراني ورعايته، لتكرس الفشل في إعادة بناء جيش جديد. اضطرت حكومة المالكي إلى الإستعانة بالإيرانيين لتغطية الهزيمة التي لحقت بها في البصرة. لم ينفع الدعم العسكري الذي طلبته من الأميركيين والبريطانيين. كل ما أدّى إليه الدعم هو تأمين تغطية لانسحاب شبه منظم لقوات الجيش والشرطة من البصرة وتركها لـ «جيش المهدي» التابع لمقتدى الصدر والميليشيات الأخرى التي تدور في فلكه وعددها نحو ثماني عشرة ميليشيا. لم يستطع الجيش والشرطة السيطرة على أي حي من أحياء البصرة. كانت حسابات المالكي، الذي تقدم بنفسه في اتجاه البصرة لإنهاء ظاهرة «جيش المهدي» المدعوم من إيران، خاطئة. بدا واضحا أن الإيرانيين يراهنون حاليا على اعتراف أميركي كامل من دون مواربة بدورهم في العراق، وبأنهم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة في البلد. والأهم من ذلك أنهم يريدون القول لكل من يهمه الأمر أن حكومة المالكي موالية لهم ومخترقة منهم كليا، لكن هذه الحكومة، المدعومة أيضا من «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» بزعامة عبد العزيز الحكيم الذي ينادي بإقليم جنوبي، لا تستطيع أن تفعل شيئا من دون العودة إلى طهران.
لم يفشل الجيش العراقي الجديد ومعه القوات الخاصة التابعة للشرطة في مواجهة «جيش المهدي» في البصرة فحسب، بل فوجئ أيضا بامتداد المواجهات إلى مناطق أخرى في العراق، بما في ذلك بغداد نفسها. ولعل أخطر ما في الأمر أن جنودا ورجال شرطة انضموا بالمئات إلى «جيش المهدي»، أو رفضوا إطلاق النار في اتجاه عناصره. وكانت النتيجة عودة المالكي إلى بغداد خائبا!
بعد خمسة أعوام على سقوط صدام حسين وفراره من بغداد ثم توقيفه في حفرة وتنفيذ حكم الإعدام به بطريقة مشينة للمالكي وغيره، لا يزال العراق من دون جيش ولا تزال الإدارة الأميركية تبحث عن سياسة، اللهم إلاّ إذا كان تقديم البلد على طبق من فضة إلى الإيرانيين وتفتيته هو الهدف النهائي للغزو الأميركي للعراق. لا يمكن بأي شكل الترحم على نظام المقابر الجماعية الذي أقامه صدّام، الذي فتك بشعبه وأراد إزالة دولة عربية مسالمة اسمها الكويت من الوجود، لكن السؤال- اللغز الذي لا يزال من دون جواب: من وضع لبول بريمر أجندته؟ من دفعه إلى اتخاذ القرار بحل الجيش في العام 2003. إنه القرارالذي دفعت حكومة المالكي ثمنه في البصرة في 2008. في الختام، من يريد شرذمة المنطقة وإثارة كل أنواع الغرائز البدائية فيها؟ من يحل هذا اللغز الكبير الذي لا تفسير له سوى الرغبة في قيام شرق أوسط جديد على حساب كل ما هو عربي في المنطقة!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
احتلال العراق.. وبداية نهاية إسرائيل
عبدالله العباسي
الوطن البحرين
كنت في طريقي إلى مجلس عزاء بعض الأقارب إثر وفاة والدهم -رحمه الله-، والمسافة بين منزلي في الرفاع الشرقي وبين موقع الخلف في مسجد ''أبو ذر الغفاري'' في مدينة عيسى قصيرة في الحقيقة لكنها تكفي لأن يفكر المرء في سؤال يطرحه العقل الباطن خلال قيادته السيارة، ويفكر في الإجابة عليها.
وعلى رغم أنها عادة سيئة أن ينشغل الفكر في مثل هذه الحال، فإن المشكلة تكمن في أن بعض الأسئلة تقفز إلى الذهن دون استئذان ورغماً عن إرادتك.
هذا السؤال هو: هل الاحتلال الأمريكي للعراق سينتهي لصالح إسرائيل أم ضدها على المدى البعيد؟
الجواب لدى الكثير سيكون بالطبع: لصالح إسرائيل. ولكني أختلف معهم وأجزم بأن الاحتلال سينتهي ضد إسرائيل حتماً، على رغم خططها التي رسمتها، ودفع اللوبي الصهيوني رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جورج بوش ليغرق بلاده في مستنقع يصعب الخروج منه بعد أن زجت بمئات الآلاف من جنودها ومئات المليارات التي دفعتها الولايات المتحدة وتدهور اقتصادها وموت أكثر من 40 ألف من الجيش الأمريكي حسب تصريحات المقاومة العراقية وأربعة آلاف حسب تصريحات القيادة الأمريكية، وهو عدد بالنسبة لهم ليس بالقليل.
ولا أود أن أسأل هل أتت كل هذه التكاليف أُكُلها للشعب الأمريكي والقيادة الأمريكية؟ وهل تحققت دولة ديمقراطية في العراق على أنقاض النظام الدكتاتوري السابق؟ ولا أود أن أسأل عما خسره الشعب العراقي، ولكن أعود لسؤالي الذي تبادر إلى ذهني: هل ينتهي التغيير لصالح إسرائيل فيخرج العراق من دائرة خوفها كأقوى دولة عربية لم ترتبط بعد مع إسرائيل باتفاق سلام، على غرار مصر والأردن؟
إن هناك شبه إجماع على أن البلدان التي استفادت من سقوط صدام هي إيران والكويت، لكن المستفيد على المستوى البعيد هو إيران، و''إيران الملالي'' لم ولن تكون على وفاق مع إسرائيل. إن المحللين السياسيين يرون أنه لو استخدمت القيادة الإيرانية ذكاءها وأقامت علاقة متوازنة بينها وبين العراق واكتفت بعلاقة التعاون وحسن الجوار ومن خلال نية حسنة وسحبت عملاءها واستخباراتها من العراق لكانت علاقتها أقوى وأفضل ولم ينقسم الشعب العراقي في الإجماع على الترحيب بها، ومعه كل شعوب الخليج بين شيعة يريدون الارتباط بها مذهبياً وسنة يرفضون الارتباط بها، مع جانب كبير من الشيعة العرب ومعهم القوى الشيوعية والبعثية بالطبع، فلا مفر في النهاية من إقامة علاقة حسن جوار وتعاون وثيق يُعيد ثقة الشعب العراقي بها.
وهذا ما يُحقق أكبر أمانيها إن كانت صادقة فيها وليست ضمن أجندة ''تُقْيتها''، بأن تكون صواريخها على مرمى حجر من إسرائيل، ومن دولتين بدل دولة واحدة هي العراق وإيران معاً ولو أضيف إليهما التعاون بين هذين البلدين الجارين مع سوريا وحزب الله اللبناني، ففي هذه الحال ستكون إسرائيل بين كماشة حقيقية. إن إسرائيل بدفعها الولايات المتحدة لاحتلال العراق للتخلص من القوة العربية الباقية خارج منطقة البيعة أخطأت بالفعل حين جعلت الطريق ممهدة أمام العدو الأقوى والأكثر تشبثا بأيدلوجيته للوصول إليها بكل اختراعاته من صواريخ ودبابات وقوارب سريعة وبملايينها السبعين، تضاف إليها قوة العراق بعد هدوء الوضع فيه، ساعتها تكون إسرائيل قد حفرت قبرها بيدها.
إن إسرائيل بفعلها هذا وإيصالها الشعب الفلسطيني إلى درجة الانفجار بما يعاني من عذابات الحصار وبناء الجدران المعرقلة لحياته اليومية، تجعله على أهبة الاستعداد ليموت في مواجهة مع العدو الإسرائيلي الذي نَغّصَ عليه حياته وعيشه، فبدل أن يموت من الجوع والعطش والمرض، يُفضل أن يموت دفاعاً عن كرامته على أن يستمر في هذا الوضع.
إن إسرائيل إن لم تبادر سريعاً إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني فهذا يعني أنها بإصرارها تضع نهاية لها، وبأسرع مما كانت تتصور، فقط بعد أن تنجلي هذه الغُمة ويعود العراقيون إلى رشدهم وينهون ما بينهم من اقتتال وتتضح صورة الدولة التي يريدونها، وتستقر الأوضاع. وهذا وارد بالطبع خصوصاً بعد الانسحاب الأمريكي، وبعد أن تعود القيادة الإيرانية إلى رشدها بسحب يدها من التدخل في الشؤون العراقية وتقيم علاقة من نوع جديد تتسم باحترام خصوصية هذا الشعب، ساعتها فإن على إسرائيل أن تبحث لها عن دولة قرب غانا كما كان مقرراً لها في السابق.
إن عذابات وآهات الشعب الفلسطيني لن تذهب هدراً (وإن غداً لناظره قريب). وسيتضح لإسرائيل ما اتضح للموظف المتقاعد في مسرحية ''عبده غلط في الحساب''
الأربعاء، 9 أبريل 2008
صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات 08-04-2008
صحيفة العراق الالكترونية الاخبار والتقارير 08-04-2008
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)