Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأربعاء، 24 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الأربعاء 24/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
عفاريت السيد والباشا والاغا والخانم والخاتون
جمال محمد تقي
دنيا الوطن فلسطين
ـ اذا كان رب البيت بالدف ناقر فشيمة اهل البيت الرقص ـ
الاخلاقيات الشخصية العامة والخاصة لاتنفصم الا عند المصابين بالانفصام ، فقوة المثل السلبي او الايجابي الذي يقدمه الاب اوالام في الاسرة له اكبر الاثر على سلوكيات افرادها ، ومن شب على شيء شاب عليه ، هذا في المنحى الشخصي للافراد والذي حتما سيكون متسقا مع المنحى العام لذوات شخصيات الافراد انفسهم !
ان فساد الذمة والنفاق والحسد المرضي والتزلف والخسة هي سلوكيات في النشئة غير السوية التي ستجد موضوعيا طريقها الى العمل الوظيفي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الثقافي منه واثناء اداء ذات الشخصية للعمل العام ، فالشخصية هي ذاتها صالحة او طالحة في اثناء اداء دورها العام والخاص ، اي العام والخاص هما وجهان لعملة واحدة هي الشخصية وميزاتها !
لاتوجد شخصية صالحة بالمطلق وشخصية طالحة بالمطلق ايضا ، او شخصية صالحة اوطالحة منذ تخصيب بيضتها وهي في رحم امها !
لكن التعلم منذ الصغر كالنقش على الحجر ، والافساد والاغواء والتدريب عوامل جد مؤثرة على طباع الشخصية وتأويل ماهو منزل فيها بالاصل ، وقد يتحقق هذا الافساد او ايقاض استعداداته الكامنة في الشخصية داخل الاسرة او خارجها او في اثناء العمل الخاص او العام !
بعيدا عن الاطناب في المقدمة نحاول تطبيق منطوقها على ظاهرة البيوتات والاسر العراقية المتصدرة للعمل السياسي والفساد الشامل ـ المالي والاجتماعي والثقافي ـ الذي تعيشه وعلى رؤوس الاشهاد داخل العراق وخارجه .
ان الفساد والافساد الذي يغزو المشهد العراقي بالتمام والكمال اصبح لا يطاق وصار متعمدا كسلوك يقابل انحدار الدولة والمجتمع الى درك هو غاية في الوضاعة ، وهنا نستطيع القول وبثقة ان هذه الحاشية الطفيلية ما كان لها ان تسود وتنتعش لولا الفوضى الاحتلالية في العراق ولولا ضعف الادارة المركزية ولولا غياب الرقابة والمحاسبة والقضاء الحقيقي الذي من اولى واجباته الحفاض على المال العام ، من خلال محاصرة الطبقة السياسية بسؤال ـ من اين لك هذا ؟ ـ اما اذا كان القاضي راضي ! ، واذا استطاع لصوص ومقاولي العملية السياسية توفير الحماية لانفسهم ولجرائمهم وفقا لما سننوه هم انفسهم وتحت اشراف المحتل صاحب الفوضى الشاملة ، وبالاقنعة الفدرالية القذرة والحكم المحلي السائب ، فأقرأ على النزاهة السلام !
تقول الحكمة الشعبية ان المال السائب يعلم السرقة ، فكيف الامر اذا كانت بلاد باكملها سائبة ، وقد تعمد فيها المحتل واعوانه الطائفيين والعنصريين التسيب بقصد السرقة ؟
المواطن العراقي المسكين من زاخو وحتى الفاو يعاني الامرين في معيشته وامنه وفي هجرته القسرية وهؤلاء اللصوص ـ امريكان وعراقيون ـ يسرقون قوته وقوت ابنائه ، لقد وصلت بهم الخسة لسرقة حتى مكونات بطاقته التموينية !
ان الصراعات البينية للاطراف الرئيسية في حاشية المحتلين من عناصر العملية السياسية وبيوتاتها ، تكشف عن جسامة وفداحة ما يجري حقيقة ، فهذا تقرير القاضي راضي حمزة الراضي رئيس لجنة النزاهة الذي ما كان له ان يخرج للعلن الا بعد انقطاع وصل المحبة بينه وبين حكومة المالكي يكشف النقاب عن جزء يسير من ـ اكبر عملية نهب منظم وغير منظم في التاريخ يشده بلد من بلدان العالم ـ حسب وصف تقرير منظمة النزاهة الدولية ، لقد حاول القاضي الراضي اخلاء طرفه بفضح عينات من الفساد الكارثي الذي عاشه العراق منذ حكومة علاوي حتى حكومة المالكي حيث اشار الى ثلاثة الاف حالة فساد كبرى ـ بالملايين والمليارات ـ لرجال الحكم وبيوتاتهم وحواشيهم ومقاوليهم ، واشار ايضا الى ان هناك 18 مليار دولار قد تم اهدارها الى جيوب الطبقة الطفيلية الجديدة وبالتعاون مع مافيات ومقاولات اجنبية ، ان ما قاله راضي الراضي هو جزء من الحقيقة ، فمازالت عائدات النفط والمقدار الحقيقي للكميات المصدرة مجهولة ، ومازالت بعض الجهات الفدرالية والحكومية تعمل لحسابها الخاص بعيدا عن اي نوع من الرقابة ، كبيعها للنفط المهرب ، او اخذها سمسرة لعقود ومشاريع وهمية في العراق ، او تستدرج بعض اشكال المنح الدولية لتقيم بعض الابنية والمشاريع الصغيرة ثم تعيد بيعها للجهات الرسمية تحت مسميات مختلفة !
رحم الله ايام زمان ، رحم الله الملك فيصل الاول والثاني ، ونوري السعيد ، وسعد صلح جبر ، وعبد الكريم قاسم ، وعبد السلام محمد عارف ، وعبد الرحمن محمد عارف ، واحمد حسن البكر ، ورحم الله صدام حسين وحكم حاشيته ، فكل هؤلاء لم يكونوا ومهما قيل بحقهم الا ملوكا بالنزاهة والحرص على العراق وشعبه بالمقارنة مع هذه الاسر والبيوتات الفاسدة والمهربة للعملة الصعبة العراقية والنفط ، وكل ما هو ليس لها الى مواطنها البديلة امريكا وبريطانيا وايران واوروبا !
سمعنا وعرفنا عن انواع من فصائل القطط السمان ، اوالفيلة السمينة ، ولكننا نرى اليوم في العراق ديناصورات سمينة تسير مضللة بحماية الشبح الامريكي ، علفها الرئيسي كل العملات الصعبة وكل انوع العقارات داخل العراق وخارجه !
السيد عمار سيد سادات بني الحكيم ووريثهم الشرعي وغير الشرعي ، يملك زمام الخموس والغموس ، وحصة الاسد من قسمة الطوائف ، هذا المتذاكي والمتشاطر والمتحذلق بطلعته الناعمة على معشر الروزخونية ، حريص كل الحرص على ان يكون اللغف والشفط واللفط مبني على طرق مؤسسية ، لا فرق فيها بين باب وشباك ومحراب ، اما شفط ما تحت الارض وما هو مرسل ببريد الحمام من هنا وهناك فانه يدور باسماء اخرى ولمكاتب اخرى بدول اخرى لتضيع حقيقة مصادره وحقيقة ملكيته ، لقد اشترت مؤسسات الحكيم اراضي شاسعة باسعار رمزية ، لتعيد المتاجرة بها باسعارها الحقيقية ، واشترت بعض مصالح القطاع العام الذي بيع بسعر الخردة وجرى تهريبها وبيعها الى تجار ايرانيين مرتبطين بالباسدار ، اما عقارات الدولة القصور ومراكز الاستراحة والاندية فتم وضع اليد عليها وترتيب اوراقها كاوراق ملكية مباعة من الدولة !
باشوات عراق اليوم ليسوا كباشوات زمان وايام زمان حيث كان جلهم من اصحاب المصالح والاطيان زراعية او خدمية او صناعية ، وبقيم مقيدة باعراف اجتماعية وسوقية ، من امثالة فتاح باشا ، وباشا اعيان باشا ، وعبد الهادي الجلبي باشا ، والاورفلي باشا ، وعبد الوهاب مرجان باشا ، او انهم كانوا موظفون مسلكيون بخلفيات اجتماعية متوسطة او ارستقراطية وتدرجوا بالسلم الوظيفي حتى خبروا كل دهاليزه ثم شاخوا عليه ، من امثال نوري سعيد باشا ، وتوفيق السويدي باشا ، وحمدي الباججي باشا ، وصالح جبر باشا !
باشوات اليوم ليس لديهم من مؤهلات غير قربهم من المشروع الامريكي وقدرتهم على ابتداع وسائل مبتكرة لسرقة الناس والمال العام ، وهم غير هيابين من تلوث سمعتهم لانهم اصلا لا ينوون البقاء في العراق الا وقت جني المحصول ومن ثم مغادرته ، وهكذا حال عائلاتهم التي تعيش في دول اخرى وبجنسيات اخرى ، وما يحصلوا عليه من العراق هو "حصتهم" المنتزعة !
احمد الجلبي امريكا ، اياد علاوي بريطانيا ، جلال الطالباني امريكا وبريطانيا ، مسعود البارزاني امريكا الجعفري بريطانيا ، المالكي بريطانيا ، حيدر العبادي بريطانيا ، موفق الربيعي بريطانيا ، برهم صالح بريطانيا ، هوشيار زيباري امريكا ، والبقية تتوزع ايضا على امريكا وبريطانيا ودول اوروبا الاخرى !
الاغوات هم عينة ريفية جبلية رعوية من عينات الباشوات ، فكل اغا يمكن ان يكون باشا لكن ليس لكل باشا ان يكون اغا ، وهذا الحال ينطبق تماما على السيدين جلال الطالباني ومسعود البارزاني ، فهما عندما يحلا على مناطقهم العشائرية يتعاملون مع الناس على انهم اغوات ، وعندما يحلون على مدن البلاد وسياسييها فانهم يتعاملون بمستوى الباشوات ! وفي كلتا الحالتين فهما من مزدوجي الدخل والحصة التي يصدر معظمها الى المواطن الجديدة في امريكا واوروبا والبقية توزع على اصحاب النصيب من الاقارب والاحباب والاتباع !
وللحكاية وجهها النسائي حتما ، فوراء كل باشا ضليع امراة ضليعة ، كيف الحال اذن اذا كانت هي ذاتها زوجة للباشا والاغا والرئيس الكلي للبلاد انها حتما ستكون الخانم والخاتون هيروخان سيدة العراق الاولى واغنى النساء وربما الرجال فيه ـ طبعا بعد مسعود البارزاني التي تقدر ملكيته وعائلته المقربة ، بناته وابن اخيه نيشروفان ، بحوالي 7 ـ 10 مليار دولار ـ هيروخان وضعت يدها على 2 ونصف مليار دولار وهي قيم لعقارات في بريطانيا وارصدة واموال سائلة مقايضة بها حزب زوجها العجوز بأما ان تكون هي من يرثه في مناصبه اذا قبض عزرائيل روحه الرهيفة او انها ستحرم الحزب من هذه الامول التي تملك هي وثائق ملكيتها ، فاذا كانت هيرو خان وحدها قد وضعت يدها على اكثر من ملياري دولار ، فكم ياترى قد اخذت يدا قباد الطالباني ابن الرئيس وممثل الحزب في امريكا من اموال هذا العراق المنهوب وشعبه المنكوب ؟ حاولوا معي تخمين كم هو صافي الثروة التي ستكون من نصيب حفيد جلال وهيروخان ، وهل ستكون بنفس نسب الفرق الحالي مع حفيد مسعود ، طبعا مع حساب اسعار الفوائد ؟ لك الله ياعراق .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
زرها أنت ..
عز الدين محمد
البديل العراقي
رئيس الوزراء يستقبل الجنرال دوغلاس ستون مسؤول عمليات المعتقلين في القوات المتعددة الجنسيات السبت 20/10/2007--- بيان صحفي ---- اكد رئيس الوزارء السيد نوري كامل المالكي ان الحكومة لا ترغب في ان يبقى احد في المعتقلات الا المنتمين لتنظيم القاعده الارهابي , جاء ذلك خلال استقبال سيادتة اليوم بمكتبة الرسمي الجنرال دوغلاس ستون مسؤول عمليات المعتقلين في القوات المتعددة الجنسيات . واضاف السيد رئيس الوزراء اننا لا نسمح بزيارة اي مسؤول في الدولة للمعتقلات بدوافع سياسية , مشيرا الى ان من يريد زيارة هذه المعتقلات يجب ان يكون هدفه اصلاحها وتحسين اوضاعها . وشدد سيادتة على رفض تصوير السجناء والمعتقلين بأعتباره يتعارض مع مبادئ حقوق الانسان . وقال سيادتة انه سيتم تكليف السيد وزير التربية القيام بزيارة السجناء والمعتقلين لمتابعة الذين يتطلعون الى مواصله تعليمهم وخصوصا الاحداث لما في ذلك من اهمية كبيرة لخدمة مستقبلهم . من جانبة دعا الجنرال دوغلاس ستون السيد رئيس الوزراء الى زيارة المعتقلات التابعه للقوات المتعددة الجنسيات للاطلاع عن كثب على واقعها واوضاعها
الموقع الرسمي للحكومة العراقية
تصريح صحفي صادر من المكتب الإعلامي للأستاذ طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية الهاشمي خلال زيارته الى سجن الاحداث
2007-10-21 06:11 p.m. في رده على ما أورده موقع الحكومة العراقية( مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي) والذي جاء فيه:
"إننا لا نسمح بزيارة أي مسؤول في الدولة للمعتقلات..." . علق الأستاذ طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية بما يلي:
"بالتأكيد فإن التصريح المنسوب إلى رئيس الوزراء يسري على الموظفين التابعين له والعاملين في مجلس الوزراء، أما مجلس الرئاسة فسيبقى يؤدي مهامه وفق الدستور وهو لا يحتاج في هذا المجال موافقة أحد.
إن مجلس الرئاسة هو أعلى جهة في الدولة العراقية مسؤولة عن مراقبة مدى التزام السلطات بالدستور، والمصلحة العامة تقتضي مواصلة زيارة السجون ومراكز الاحتجاز حتى يبرأ العراق من جرائم الخروقات في حقوق الإنسان التي يمارسها مع الأسف موظفون في الحكومة يُفترض فيهم التقيد بالدستور وكما ورد صراحة في الباب الثاني منه".
زرها أنت...
" ... اضاف السيد رئيس الوزراء اننا لا نسمح بزيارة اي مسؤول في الدولة للمعتقلات بدوافع سياسية... " !
أؤكد يا سيادة رئيس الوزراء أن زيارة نائب رئيس الجمهورية كانت بدوافع سياسية بل و" بخبث سياسي القصد منها " احراجكم " بل لنتكلم بلغة " غير سياسية " أنه يهدف الى فضح الحكومة التي تتزعمها بكل ما أوتيت من قوة جبارة ورهيبة والنيل من أهم داعم وحامي وحليف " للحكومة الحالية " وهم بلا شك " الشرطة " الذين يتقومون الآن باعتقال الاف الارهابيين ... الذين لا يستحقون الحياة فضلاً عن أنهم بالتأكيد لا يستحقون أي رعاية انسانية ... ولا يمكن التعامل معهم بغير طريقة التعذيب وتخليص المجتمع منهم بأي طريقة ...
نعم كانت تلك الزيارة " بدوافع سياسية " والغريب أن ذلك أيضاً هو هدف الصحافة التي تزعم أنها السلطة الرابعة ، انها أيضاً تتحرك بدوافع سياسية وكذلك القنوات الفضائية الأرهابية ومنظمات حقوق الانسان التكفيرية الارهابية هي أيضاً تتحرك بدوافع سياسية والبرلمان هو الآخر يتحرك بدوافع سياسية !؟ ( ولكنه على ما اتصور فانه غير ارهابي! ) هل يمكن تصور ذلك ؟ الجميع يتحركون بدوافع سياسية !!
هل هذا يعني أن الوحيد الذي لايعرف السياسة ولا يتحرك بدوافع سياسية والجميع يستغلون برائتكم وسذاجتكم هو سيادتكم ؟!
وما قلته عين الحق والصواب وهل هناك مصيبة أكبر من مصيبة السياسيين العراقيين الحاليين الذين بقحمون السياسة بكل شيء حتى تجاوزوا عصرهم بعبقريتهم السياسية ولم يفهمهم أحد ؟!
ولكن يا سيادة رئيس الوزراء اذا سمحتم لي أن أضيف جملة واحدة أقصد كلمتان أثنتان ... أبوحها لسيادتكم بكل خجل ملوه الخوف وأنا مثلك لا تحركني أي دافع سياسي كوني لم أنتمي في حياتي لأي حزب سياسي وليس لدي أي ثقة بأي حزب سياسي حالي ولم أؤمن " مثلك تماماً بالسياسة خصوصآ في الشرق الأوسط وليس في العراق فقط ...
لو سمحت وتكرمت وأقسم لك أنني هذه المرة بالذات أتكلم بوصفي " انسان " أن تسمح لي سيادتكم أن أضيف الى ما دعاكم اليه القائد الصديق المخلص " الذي لا تحركه السياسة " "الجنرال دغولاس ستون " بعد كلمة متعددة الجنسيات الكلمتان التاليتان ( والمعتقلات العراقية ) فقط لا غير فتصبح دعوته الرائعة المخلصة
[ زيارة المعتقلات التابعه للقوات المتعددة الجنسيات ( والمعتقلات العراقية ) للاطلاع عن كثب على واقعها واوضاعها ]
عندها ستكشف يا سيادة رئيس الوزراء زيف ادعاءات وجود تعذيب أو أي انتهاك لحقوق الانسان ... وأنهم مدلليين ... ولايوجد أي شئ " غير طبيعي " وغير اعتيادي في المعتقلات العراقية ... اكشف للناس ذلك وعبر شاشات التليفزيون أن كل ما عرض في الفضائيات الحاقدة " السياسية " لعنه الله على السياسة والسياسين أكاذيب في أكاذيب ... وأن ماعرض هو عبارة عن مكياج ومونتاج ومشاهد تمثيلية ... معدة بحقد ولأسباب ودوافع سياسية ....بل لعلك يا سيادة الرئيس ستكشف ونكتشف معك أنه لاوجود للمعتقلين في المعتقلات الحكومية ... وأنها تعاني من فراغ قاتل يهدد السجانين فيها بالتسريح والمعتقلات بالأغلاق لعدم وجود معتقلين أصلاً ...!
وفي الختام أدعو لضباط الشرطة وللمفوضين وأفراد الشرطة ولكل من تحول من ممرض الى لواء أو الى وكيل وزارة في الداخلية الذين يراد تشويه برائتهم والنيل من سمعتهم وخبرتهم المهنية العالية وبالخصوص فيما يتعلق بكرامة الانسان وحقوقه , كم هم يخدمون اخوانهم العراقيين وهم بلا شك لا يفهمون شيئاً لافي السياسة ولا بأي شئ آخر " المساكين " الأبرياء ...
ولكن يا سيادة رئيس الوزراء لم أفهم ( بوصفي غير سياسيي ) ما هي مقاصد الجنرال دغولاس في دعوتكم لزيارة المعتقلات الأمريكية ..!!؟ لعله يريد أن يؤكد لسيادتكم أنها لن تكون أفضل من المعتقلات العراقية التي تكال لها التهم أم أنه يريد القول أنها مفتوحة لزيارة المسؤولين العراقيين !؟
أم أنه يريد الغمز والنيل منكم ( بلأيحاء بأنه ما المانع من الزيارة اذا كانت الأمور عادية فالشمس لا تغطى بغربال ) ولعله استغل براءتكم وطلب درج تصريحه الخبيث هذا أو لعلكم بحسن نية أدرجتم هذا التصريح ؟!
وحسب علمي أن وزيرة حقوق الانسان " وهي أحد المسؤولين الحكوميين " وكذلك نائبكم المستقيل والكثير من المسؤولين السياسيين زاروا معتقلاتهم ...
لا تسمح لهم بعد الان بزيارة المعتقلات العراقية ( إن وجدت ) ولكن زرها أنت أن أستطعت ...! حتى تقطع على الخبثاء السياسيين خبثهم وأقحامهم للسياسة في كل شيء ! أو أياك ان تذهب اليها ففيها أرهابيون تكفيريون قتلة . . .الخ وأخشى عليك منهم ومن حقك تمامآ ان تخشى منهم ومن نظراتهم التي توحي بشيء لا تستطيع مواجهته ببرائتك المعهودة فيك
وما اروعها من فكرة ان ترسل السيد وزير التربية الى سجن الاحداث فقط واعتقد أن ذلك مفهوم فأن كنت لا تستطيع فعلها فكيف يستطيع المسكين فعلها !!!
والحمد لله ان السيد نائب رئيس الجمهورية لم يقل في رده عليك زرها أنت !
الحمد لله أن " الجنرال دوغلاس " ( الذي لم تجد غيره لتشتكي له مظلمتك من نائب رئيس الجمهورية " طبعآ العراقية وليس الأمريكية حسب ما اعتقد " ) غير سياسي وهو عسكري أيضاً لأن سياسيين خبثاء دائماً وعباقرة في بعض الأحيان لذلك خذ الحذر منهم ولا تثق بهم !!!...
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
ارفعوا أيديكم عن العالم!
الافتتاحية..
صحيفة تشرين
سوريا
تباهي إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بأن عدد قتلاها وشهداء الشعب العراقي تراجع خلال هذا الشهر والشهر الذي سبقه، وتعتبر ذلك إنجازاً بل نصراً مؤزراً.
نقر بأن عدد القتلى الأميركيين انخفض من مئة وسطياً إلى ثلاثين جندياً، وأن عدد الشهداء العراقيين انخفض كذلك من ألفي شهيد شهرياً إلى بضع مئات، لكن ذلك لا يعني أن الأمن في العراق وتحت ظل الاحتلال قد استتب، وأن الأمور على أحسن ما يرام. ‏
لماذا لا يتذكر السادة الأميركيون أكانوا في السلطة أم في الكونغرس، أن عدد الشهداء العراقيين في أربع سنوات تجاوز المليون وأن عدد القتلى الأميركيين وحسب الأرقام الرسمية ـ المشكوك فيها ـ قد اقترب من أربعة الآلاف؟ فهل هذا بربكم إنجاز يباهي به الأميركيون؟ ‏
من الواضح، بل من الثابت، أن المحافظين الجدد الذين وضعوا خطط غزو واحتلال العراق لم يفكروا يوماً، ولا هم يفكرون اليوم بعدد ضحاياهم من الشباب الذين أرسلوهم إلى ما وراء المحطيات ليدفعوا دمهم ثمناً لمغامرة يائسة ذات أغراض استعمارية خبيثة. ‏
كما لم يفكر هؤلاء بدافعي الضرائب الذين يدفعون من أموالهم التي كان يجب أن تذهب إلى تحسين الخدمات العامة، ضريبة حرب عبثية هدفها سرقة نفط العراق من جهة، وتقسيم هذا البلد العربي خدمة للمشروع الصهيوني من جهة ثانية. ‏
لم يفكر تجار الحروب والدماء والإرهاب، نعم الإرهاب، لم يفكروا بالشعب العراقي ولا بالديمقراطية والحرية التي وعدوا بها، بل ها هو الشعب العراقي يدفع الثمن يومياً على جبهتين: الأولى بنيران الإرهابيين الذين ترعرعوا في أجواء عدم الاستقرار وانتشار الفوضى التي وفرتها قوات الاحتلال وغذتها بقوة والثانية على أيدي السفاحين الأميركيين أكانوا جنوداً نظاميين متعطشين للدماء أم مرتزقة. والأمثلة أكثر من أن تحصى. ‏
هكذا سقط العراق صريعاً ضحية سايكس ـ بيكو جديدة خططها المحافظون الجدد المتصهينون في الولايات المتحدة وجرّوا إليها المحافظين الجدد في بعض الدول الأوروبية. ‏
وإذا كان الهدف غير المعلن من احتلال العراق هو النفط والموقع الاستراتيجي فإن الهدف بعيد المدى الآخر والأهم والأخطر هو إشعال حرب أهلية تؤدي إلى تقسيم العراق إلى دويلات قزمة تقوم على أساس طائفي أو عرقي، إذ لابد من مبرر لوجود «دولة» قائمة على أساس ديني صرف هي إسرائيل لا يجمع بين سكانها القادمين من أربع جهات الأرض إلا عامل الدين. ‏
ولأن معظم أعضاء الكونغرس الأميركي يجهلون الحقائق في المنطقة، وليس لهم دراية بأمور السياسة الخارجية، وأن بقية الأعضاء ينتمون إلى فريق المحافظين الجدد المؤمنين بأساطير بني صهيون، فقد جاء قرار هذا الكونغرس بتقسيم العراق وكأن الكونغرس ليس برلماناً للولايات المتحدة ، وإنما برلمان عالمي يعطي لنفسه الحق في احتلال الدول وتقسيمها ونهب ثرواتها والتنكيل بشعوبها وممارسة الإرهاب الذي يدّعون أنهم يحاربونه. ومع أن هناك أغلبية واسعة من المجتمع الأميركي وحتى في الأوساط السياسية والحزبية الأميركية تعارض احتلال العراق وتدعو عبر تقارير ودراسات ميدانية للانسحاب من العراق وفتح حوار جدي مع شعوب وحكومات المنطقة، على الرغم من ذلك، لا يزال المحافظون الجدد يصرون على المضي في خططهم ومؤامراتهم ضد العراق والعرب عموماً إلى نهاية المطاف ويعملون على تصدير الفوضى إلى دول المنطقة تباعاً من لبنان إلى شرق وغرب وشمال وجنوب وطننا العربي. ‏
لم يسمع المحافظون الجدد نصائح عقلاء العالم وأميركا.. بل ها هو الرئيس بوش الذي وضعوه في الواجهة ليبصم على قراراتهم واستراتيجياتهم، يطالب الكونغرس بموازنة إضافية ليواصل القتلة إجرامهم بحق العراقيين واللبنانيين والعرب أجمعين. ‏
فيا أيها المحافظون الجدد، يا من آليتم على أنفسكم تحقيق الحلم الصهيوني على جماجم العراقيين والعرب، ويا من تثيرون الفتن والحروب في العالم ، ارفعوا أيديكم عن العراق.. وعن لبنان والمنطقة بل ارفعوا أيديكم عن العالم فيصبح العالم بألف خير.. ‏
كم تذكروننا بنيرون.. لكن نيرون أحرق روما، أما أنتم فتشعلون النار في العالم أجمع. ‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم
الكاتب
مكان النشر
4
عقل في الكف.. شهداؤنا «قتلى»!
حسن م. يوسف
صحيفة تشرين سوريا
بات واضحاً أن وسائل الإعلام لا تغطي الأحداث وحسب بل باتت تصنعها، أو تشارك في صنعها على الأقل، وقد تم تأجيل قصف بغداد ساعة كاملة من قبل قوات الغزو الأميركي، ريثما تستكمل محطة «سي إن إن» استعداداتها لتغطية الحدث.
وبالرغم من حرص هيئة الإذاعة البريطانية على إظهار نزاهة صوتها الناطق بالعربية إلا أنها رغم ادعائها للموضوعية تسوق موقفها السياسي بدهاء لا يخفى فهي عندما تورد اسم حزب الله في نشراتها وبرامجها الإخبارية تحرص في كل مرة على أن تصفه بعبارة «المدعوم من قبل سورية وإيران» إلا أنها عندما تذكر أطرافاً لبنانية أخرى، لا تصفها بأنها مدعومة من أميركا وإسرائيل، رغم أن هذه باتت حقيقة واضحة أكثر من تلك. ‏
بعض المحطات الناطقة بالعربية تتعمد الخلط بين عمليات المقاومة الوطنية المشروعة في كل من فلسطين والعراق، وبين العمليات المشبوهة التي تنفذها أطراف غامضة في كلتا الساحتين، بهدف خلط الأوراق وتفجير الخلافات لإلهاء الأطراف الوطنية كل منها بالآخر، وهي تصف المواطنين العرب الذين يستشهدون في المواجهات مع العدو الصهيوني بأنهم «قتلى» كما لو أنهم سقطوا ضحايا الخناقات العائلية أو حوادث السير. وقد علمنا أن بعضاً من العاملين في تلك المحطات قد تحفظوا على صياغة الأخبار وفق المصطلحات الأميركية ـ الصهيونية، فكان أن وضعوا في البرادات ولم تعد صورهم ترى على الشاشات. ‏
من المعلوم علم اليقين أن بعض الدول العربية الغنية، تدفع مبالغ سنوية ضخمة لبعض الصحف الوطنية العربية الشهيرة، لا لكي تقوم تلك الصحف بمدح السياسات الحكيمة لتلك الدول، أوتسويق مشاريعها وسياساتها الإقليمية بل مقابل عدم قيام تلك الصحف بشتمها! السؤال: كم تدفع أميركا وأجهزتها الاستخبارية لصحيفة مثل السياسة الكويتية التي لا هم لها إلا تجميل الوجوه القبيحة ،وتسميم الأجواء بين الدول العربية وخدمة المشاريع المستوردة التي تسعى لتفتيت المفتت وتجزيء المجزأ وكسر ما لم يكسر بعد؟ ‏
المذهل حقاً، بالرغم من كل ما جرى في المنطقة، هو أن بعض الحكام العرب ما يزالون يضعون كل بيضهم في السلة الأميركية، وهم ينسون أن يتناسون أن أميركا ليس لها صداقات دائمة بل مصالح دائمة، فشاه إيران الذي كان أكبر خادم للمصالح الأميركية في تاريخ المنطقة تمت معاملته بطريقة شنيعة من قبلها حتى ليقال إن موقف أميركا منه ساعد السرطان في الإجهاز عليه، وقد كتب الرئيس جيمي كارتر في مذكراته فقرة مثيرة. فأثناء تنقل الشاه في المنافي، من مصر إلى المغرب ثم إلى جزر البهاما، في المكسيك ثم جزر كونتا دورا في بنما، قيل إن المخابرات الأميركية حاولت اغتياله هناك، وكان هذا سبب عودته إلى مصر. ‏
وكلام الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر الذي نقتبسه بحرفيته، يعني أن أميركا لم تخذل عميلها شاه إيران وحسب بعدم السماح له بالمجيء إليها للعلاج من داء السرطان بل حاولت اغتياله عندما تحول إلى عبء على سياساتها. ومن يقول هذا ليس صحفياً بسيطاً بل هو أحد أهم الرؤساء في تاريخ أميركا. ‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
تخريب التعليم في العراق -12-
وليد الزبيدي
الوطن عمان
ناشطة سياسية وأديبة عراقية معروفة ، وفي رسالة طويلة تعليقا على قضية تخريب التعليم في العراق ، وصلت إلى الكاتب عبر بريده الالكتروني ، تقول ان هذا الامر في غاية الخطورة ، وبينما تعبر عن سرورها لطرحه وتناول بعض جوانبه ، الا انها ترى أن هناك الكثير من الجوانب الخطيرة الاخرى ، التي يجب تناولها ومناقشتها والتطرق لعمليات التخريب والتدمير المتواصلة،التي يتعرض لها التعليم في العراق.
تقول الكاتبة العراقية ، ان عملية تغيير واستبدال للمناهج التربوية في العراق ، ويشمل ذلك الجوانب الوطنية ، وبطريقة تذهب بالنشء الجديد إلى مسارب ومتاهات ، بحيث يتم ابعاد الشباب العراقي عن جذورهم العروبية والوطنية ، وتقول ان ذات الشئ يجري في المناهج الدينية ، والهدف من ذلك تخريب المرتكزات التربوية التي يتربى عليها العراقيون جيل بعد آخر ، وان هذه المحاولات والافعال تجري على قدم وساق ، وبخطوات مدروسة والهدف منها تحويل الشخصية العراقية الى واحة للفوضى والعبث والتفسخ ، وان هذا احد اهم اهداف الاحتلال الاميركي وادواته التي جاءت لتدمير البنية الاجتماعية العراقية ، وتهيئة الاجواء لمزيد من الفرقة والتشتت،مايحقق لهم طموحاتهم، التي لاتقبل بأقل من تفتيت العراق وتشرذمه ورمي ابنائه في آتون الاقتتال الداخلي.
تنبه الرسالة إلى ضرورة اهتمام جميع الأصوات الوطنية بهذا الجانب،وعدم إهماله ،وأن يؤثر على مستويات كثيرة منها في الأوساط الثقافية والجامعية داخل العراق،وأن يتم إخطار المنظمات والهيئات العربية والدولية،بما فيها منظمة اليونسكو بخطورة مايحصل للتعليم في العراق منذ بداية الاحتلال،وان تكون هناك تحركات واسعة وفاعلة، تعمل على تفعيل هذه القضية وعدم تركها في داخل الإطار التخريبي الحالي.
وجدت في أفكار وطروحات الأديبة والناشطة السياسية العراقية العديد من الجوانب الهامة ، وأتمنى ان نجد من يتفاعل معها من العلماء والباحثين والتربويين والمثقفين العراقيين والعرب وفي بقية دول العالم ايضا.
إن الصورة الحالية لعمليات التخريب المنظم للتعليم في العراق،يجب أن تخضع للتفكيك،وعلى كل من يرى جانبا يحمل خطرا داهما يهدد هذا الميدان ان يطرحه بكل قوة وجرأة وصراحة ،لان الجدار المعرفي،يبقى الاهم لتجنب الاخطار والآفات التي يأتون بها لهذا البلد.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
(المتفدرلان) طالباني وبارزاني يجهلان الطريق إلى الناصرية
حسين الحسيني
اخبار العرب الامارات
كشفت التهديدات التركية باجتياح شمال العراق ’’إقليم كردستان’’، لمطاردة وتعقب حزب العمال الكردستاني الذي يشن عمليات عسكرية ضد القوات التركية ويتخذ من جبال كردستان ملاذاً اَمنا ومنطلقا لشن هجماته، كشفت تلك التهديدات التركية عن حقائق كثيرة بدت واضحة في أجلى صورها ومشوشة في أحيان أخرى، كما تلبست تلك الحقائق بأسئلة مجاب عليها سلفاً من قبل بديهة الفرد العراقي ووعيه تجاه الوضع الراهن! كان أولها ما صرح به مستشار رئيس الوزراء العراقي سامي العسكري، الذي اعتبر ’’أن الأكراد لا يتذكرون العراق إلا في وقت الأزمات والمصائب’’، وما أثاره هذا التصريح من ردود فعل حادة وقاسية من رجالات حكومة إقليم كردستان ورجالات الحكومة العراقية المركزية من الكورد، والتي صمت على إثرها سامي العسكري صمتاً مطبقاً غير نادم أو معتذر وفي الوقت نفسه غير مؤكد ومدافع عن وجهة نظره التي أبداها في تلك التصريحات، وكعادة الائتلاف ورجالات الشيعة تركوا الرجل يتحمل المواجهة لوحده بغض النظر عن ميلهم أو عدمه من تصريحات العسكري، وهذا ما ذكرنا بالجدل الذي ألجم لسان النائبة مريم الريس ومستشارة رئيس الوزراء المالكي، حين تجرأت لإبداء وجهة نظر قانونية مفسرة فيها مادة دستورية بشان صلاحيات رئيس الجمهورية أو مجلس الرئاسة العراقي وقالت إنها مجرد ’’صلاحيات تشريفية’’ حتى انبرت ضدها سيوف جميع ’’أشاوس الكلمة وجهابذة الفقه القانوني’’. وبعيداً عن مضمون ومدى صحة ادعاءات سامي العسكري بشان الأكراد، إلا انه أكد مرة أخرى على أنانية الرؤى وقلة حيلة وحرفة رجال ’’الدولة العراقية’’، فبتصريحه هذا أعطى إيحاء من حيث يدري ولا يدري بأنه مع دولة أجنبية ضد أبناء وطنه وأن وجهة نظر الحكومة المركزية قريبة من وجهة نظر الحكومة التركية أو في أحسن صورها فان حكومته المركزية متململة من تصرفات إقليم كردستان وشامتة على موقفها من تلك التهديدات، وهو ما يعزز روح الانفصال عند الجانب الكردي الذي انتقد بصراحة وعلى لسان رئيس إقليمه مسعود بارزاني حكومة بغداد بقيادة المالكي وذلك بقوله ’’إن حكومة الإقليم غير راضية على تعامل الحكومة المركزية مع التهديدات التركية الأخيرة’’. صحيح أن هناك تحركات حصلت لتطويق الأزمة من الجانب العربي العراقي، فقد توجه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي إلى تركيا لحلحلة الموضوع، لكن الزيارة كانت في قيمتها الحقيقية مكملة لسلسلة تحركات قام بها الهاشمي مؤخراً منها تفقده للسجون العراقية وطرحه مشاريع المصاهرة الوطنية ولقائه المرجع السيستاني وزيارته العربية السعودية ومن ثم تركيا، وفي الوقت نفسه مزايدة ومنافسة وتعزيزاً وتأكيدا لدوري التصفية والتسقيط الإعلامي بينه وبين رئيس الوزراء المالكي وعلاقة الشد والجذب التي أصبحت اللعبة المفضلة لديهما أمام استمرار مسلسل إراقة الدم العراقي الذي أصبح مملاً أكثر منه مؤلماً! كما أن ردود فعل رئيس الوزراء المالكي والناطق باسم الحكومة علي الدباغ كانت ردود فعل دبلوماسية أكثر منها ردود فعل جادة وحقيقية لتطويق الأزمة، والنتيجة باتت واضحة للكرد ’’لا يؤلم الجرح إلا من به الألم’’ فأنهم وحدهم من يشعرون بجرحهم وأنهم على يقين بان العرب من سنة وشيعة داخل العراق أبعد ما يكونون معاضدين لأخوتهم الكرد أبناء بلدهم ’’الواحد’’ وهذا ما أكدته الأزمة وراح القادة الكرد يتصرفون على أساسه من خلال مؤتمرات صحفية ولقاءات مع قادة الدول وتعبئة جماهيرية فكانوا وحدهم! على الرغم من إصدار قرار تنديد ضد التهديدات التركية من قبل مجلس النواب العراقي الذي فقد مصداقيته أمام الشعب بعد أن أدار معظم نوابه ظهورهم إلى معاناة الوطن واَلام أبنائه، وبات نفاقهم وكذبهم لا ينطلي على بائع ’’جنبر’’ وانطبق عليهم قول الشاعر ’’ثوب الرياء يشفّ عمّا تحته . . فإذا التحفت به، فانك عاري’’. وبعيداً عن إلقاء التهم أو الوقوف إلى جانب ضد اَخر، فالمقصود هو خيار القادة السياسيين الحاليين الذي بات واضحاً في أجلى صوره وهو الخيار الطائفي والعنصري والقومي وبعدهم عن حب ذرات تراب الوطن وعشق نخيله وجباله وصحرائه وعدم وجود رؤيا واضحة عن هؤلاء لزرع المحبة والارتقاء بهذا البلد الذي بات مرتعاً للحروب والجهل والموت والمرض . والسؤال: كم مرة زار طالباني وبارزاني الناصرية؟ كم مرة زارا البصرة أو العمارة أو الكوت أو الحلة أو الديوانية أو كربلاء أو النجف من غير لقاءات (المرجعية)، كم مرة زارا الانبار؟ انه سؤال غير موجه للعتب بقدر ما هو موجه لتقصي الحقائق، هل يتحجج القادة الكرد بالوضع الأمني المتردي، والجواب سؤال اَخر، فهل يعرف القادة الكرد بان رؤساء دول عظمى زاروا تلك المحافظات العراقية، فرئيس الوزراء الايطالي زار جنوده في الناصرية ورئيس الوزراء البريطاني زار جنوده في البصرة والرئيس الأميركي زار جنوده والعراقيين في الانبار واستدعى رؤسائنا وقادتنا للقائه هناك! معظم القادة السياسيين من سنة وشيعة زاروا كردستان وعاشوا فيها فترة النضال ضد الدكتاتورية ولحد الاَن يزورونها (مفاوضين، مستجمين، منفتحين، متاجرين. . . ) صحيح أن هذا ما فرضته عليهم ظروف القتال والتحالفات السياسية والمناطق الاَمنة لكنهم تفقدوا وعرفوا الطريق إلى كردستان، لكن زعماء كردستان لم يبادروا يوماً للتفقد والتعرف على بقية البلاد ’’المتفدرلين’’ معها!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
الواقعية في العراق
يوشكا فيشر
الجارديان
تمخض جبل واشنطن فولد أقل من فأر. لقد تحدث قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس وتحدث الرئيس جورج بوش، لكن سياسة الولايات المتحدة في العراق ظلت كما هي عليه دون تغيير. لقد قادت هذه السياسة الولايات المتحدة إلى الوقوع في مأزق كبير لدرجة أن أفضل الخيارات المتوفرة لدى أهم وأكبر قوة في العالم سيئ.
إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق مصلحتها القومية، فينبغي عليها الانسحاب من العراق في أسرع وقت ممكن، لأنه لم يعد ممكنا الانتصار في الحرب الحالية، كما أنها تضعف قوة الغرب في القيادة، وتزيد من قوة أعدائه، لكن الولايات المتحدة لا تستطيع الانسحاب بدون دفع المنطقة برمتها إلى الفوضى.
أرادت الولايات المتحدة الأمريكية إقامة عراق ديمقراطي. لكن، وبعد انسحاب الولايات المتحدة قد يتم تقسيم العراق، وربما يؤدي ذلك الى بلقنة الشرق الأوسط، وستكون لذلك عواقب خطيرة للغاية على المنطقة بأكملها.
أرادت الولايات المتحدة بالحرب في العراق أيضا أن تدشن عملية تحول ديمقراطي في كافة أرجاء منطقة الشرق الأوسط. لكنها ساعدت إيران في أن تتحول إلى قوة إقليمية على نحو ما كان يمكن لها أن تبلغه بمفردها. فإذا كان للولايات المتحدة أن تنسحب من العراق الآن، فإن الشرق الأوسط سوف يواجه حربا من الجميع ضد الجميع من أجل تحقيق الهيمنة الإقليمية بدلا من التحول الديمقراطي الذي أرادته أمريكا.
ليس هناك أي دليل على أن الرئيس جورج بوش يمكن أن يدرك هذه الحقيقة المرة خلال الأشهر المتبقية من فترة رئاسته الثانية. إذا كان لبوش أن يعترف بالهزيمة، فإنه يكون قد قضى على رئاسته. وبالتالي، فإنه سوف يواصل الضغط من أجل مواصلة الحرب ويمررها لخليفته. ربما يكون ذلك مفيدا لأغراض بوش الداخلية، لكن كسياسة خارجية لن يؤدي ذلك إلا إلى تصعيد مخاطر حدوث انفجار في الشرق الأوسط.
إن التحول الأمريكي الحالي نحو التعاون مع الميليشيات السنية يحمل في طياته خطورة تفتيت العراق في نهاية المطاف إلى ثلاثة أجزاء. والسؤال الهام هو ما إذا كان يمكن احتواء عواقب تفتيت العراق في نطاق الحدود الوطنية للدولة، أم أن أجزاء كبيرة من المنطقة بأكملها سوف تتأثر نتيجة لذلك. إن العراق المقسم يمكن أن يجر جيرانه وقوى أخرى في المنطقة إلى حرب غير معلنة على الخلافة. علاوة على ذلك، فإن الشرق الأوسط شأنه شأن الاتحاد الأوروبي يضم شبكة حماية مثل تلك التي ساعدت في إخراج البلقان من الهاوية.
إن المخرج الوحيد من هذه المشكلة يتمثل في وضع هدف واقعي قابل للبلوغ. فبدلا من الانتصار ينبغي أن يكون الهدف هو تحقيق حد أدنى من الاستقرار- وهذا الهدف يبدو قابلا للتحقيق. في الواقع لا يمكن تنفيذ الانسحاب الأمريكي من العراق بدون حدوث كارثة إقليمية كبيرة إلا إذا استطاعت الولايات المتحدة تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار الإقليمي. وهذا يتطلب توفر توافق مستدام في الآراء يشترك فيه كافة الأطراف المعنية.
إن مستقبل العراق، إذا كان له مستقبل فعلا، سوف يعتمد أولا وقبل كل شيء على الشيعة العراقيين والسنة والأكراد، ويعتمد في المقام الثاني على جيران العراق ومصالحهم وعلى الحساب الدقيق للمخاطر المحتملة. وحتى إذا حدث تقسيم للعراق فعلا بعد الانسحاب الأمريكي فإن العراق كدولة ستكون له أهمية حيوية لاحتواء عواقب تفتته داخل الحدود العراقية فقط. وسوف يتطلب ذلك توافقا إقليميا لا يمكن أن يحققه إلا الولايات المتحدة.
من الصعب فهم السبب الذي يجعل الولايات المتحدة لا تبذل ما ينبغي من الجهود لدعم هدف تحقيق الاستقرار الإقليمي، لا سيما وإنها ما زالت تتمتع بنفوذ قوي في هذا الاتجاه. وحيث إنه لا توجد قوة إقليمية تتمتع بالقوة الكافية لكسب حرب الخلافة بشكل تام، فإن كافة القوى الإقليمية ستخسر إذا حدث صراع، بل أن كافة الأطراف سوف تكون معرضة لخطر حدوث حالة من عدم الاستقرار الداخلي كنتيجة مباشرة لمثل هذه المواجهة.
نعم إن المحادثات والمؤتمرات لا تعني شيئا بدون وجود سياسة متجانسة. بيد أنه يمكن التوصل إلى حل إقليمي بالإعداد المناسب للمحادثات. وهنا تجدر الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي أنه من بين كافة الأطراف المشاركة، تحتل سوريا موقعا فريدا يمكنها من المساعدة في التوصل إلى هذا الحل المنشود. فسوريا هي الدولة العربية الوحيدة المتحالفة مع إيران، كما أنها بصفتها جار العراق المباشر، تتمتع بأهمية كبيرة في تحقيق استقرار بلاد الرافدين.
علاوة على ذلك، فإن أمن لبنان واستقلاله يعتمدان اعتمادا كبيرا على سوريا، كما أن سوريا تعتبر من اللاعبين الرئيسيين في الصراع بين إسرائيل وجيرانها العرب. وأخيرا، فإن سوريا في موقف ضعيف من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، وبالتالي فإن مصالحها لا تتقابل مع مصالح إيران بأي حال من الأحوال.
وبناء عليه، ليس مفهوما لماذا ترفض الولايات المتحدة الأمريكية التي نجحت في التوصل إلى صفقة مع ليبيا، أي مبادرة نحو سوريا. إذا غيّرت سوريا مكانها أي إذا أنهت تحالفها مع إيران، فيمكن للوضع في المنطقة أن يشهد تحولا جوهريا. وهذا ينطبق على لبنان وعلى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وعلى الوضع في العراق وقبل هذا وذاك على إيران.
إن هذا التطور سوف يكون بمثابة السيناريو الأسوأ بالنسبة لإيران، لأنه سوف يؤدي إلى عزلها تماما. إذا كان هذا التصور قابل الحدوث، فإن اتباع نهج حاسم تجاه إيران سوف يكون ضروريا. وبالتالي، فإن الصفقة الكبيرة ينبغي أن تضع استقرار العراق، وبرنامج إيران النووي ودورها في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني في الاعتبار. وإذا نجحت هذه الصفقة فإنها ينبغي أن تهدف إلى تطبيع العلاقات بين إيران والولايات المتحدة.
وحتى اتباع استراتيجية إقليمية حاسمة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها الأوروبيين لن يمنع الإرهاب والعنف في العراق، أو في الشرق الأوسط بين عشية وضحاها. لكنها ستكون بمثابة خطوة أولى حاسمة نحو تغيير ميزان القوة الإقليمي الذي يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار في العراق وفي المنطقة برمتها.
هذا فقط هو الذي يمكن أن يجعل من انسحاب القوات الأمريكية من العراق تطورا واقعيا في المستقبل المنظور.
كاتب المقال يوشكا فيشر عمل وزيرا لخارجية ألمانيا في عهد المستشار الألماني جيرهارد شرويدر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
استراتيجية بوش . . تخبط أم مخطط؟
بلال داود
اخبار العرب
لعل أهم ما يفعله الرئيس الأمريكي المنتخب، في الفترة الممتدة بين يوم انتخابه ويوم دوامه في البيت الأبيض وتوليه السلطة بشكل رسمي، هو أن يعكف على قراءة الأكوام الضخمة المقدمة له من مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية، في جميع التخصصات الاقتصادية والمالية والحربية والاجتماعية والتعليمية والسياسية والقانونية و. . . و. . . مما يغطي جميع شؤون الدولة والأمة والشعب والأفراد، داخليا وخارجيا، التي ستقوم الادارة الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب بالتعامل معها بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن هذه المراكز ما هو رسمي كتلك التابعة للوزارات والادارات، أو شبه الرسمية التابعة للجامعات والمعاهد، أو تلك المقدمة من شخصيات مشهورة متخصصة بالكتابة الاستراتيجية، من أمثال صاموئيل هانتنجنون، صاحب نظرية (صدام الحضارات)، ولا تخلو الدراسات المقدمة من اقتراحات وتوصيات شخصيات سياسية سبق أن عايشت الأحداث والحروب والاتفاقيات،أو شاركت في صنعها، كوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر، أو هنري كيسنجر صاحب نظرية ال (خطوة. . خطوة) فيما يتعلق بفتح باب العلاقات العربية الاسرائيلية.
ومن الطبيعي أن الرئيس لا يملك الوقت الكافي لقراءة كل هذه الدراسات، ولذلك يقوم فريقه الخاص بالقراءة والتلخيص والترتيب حسب الأهمية، ومن ثم تعرض عليه المختصرات المهمة بوجود مستشاريه لمناقشتها وإعادة ترتيبها للاستفادة منها، وما ان يبدأ اليوم الأول لدوام الرئيس حتى ينهال عليه المزيد من التقارير والدراسات الاستخباراتية الخاصة التي لا يطلع عليها إلا عدد قليل من المقربين منه.
وأيا كانت الاستراتيجية التي سيعتمدها الرئيس في سياسته، سواء ما استخلصه من الدراسات المذكورة أو من غيرها أو كانت مقترحة من فريق العمل المحيط به، فإنه مضطر لتحويلها إلى برامج عملية قبل عرضها على الكونغرس الذي يتمتع أعضاؤه في الغالب بنفس ثقافة الرئيس أو أكثر، وقد يكونون أكثر اطلاعا ودراية منه بالدراسات والتوصيات التي سبق أن قدمت إليه.
وأكثر من هذا ما نسمعه من وجود محططات معدة مسبقا لتنفيذ ما قد يخطر في ذهن الساسة من أفكار وبرامج وقرارات، وذلك ما يطلق عيه (مخططات في الدرج)،جاهزة في الغالب للتطبيق الفوري، خصوصا أن الولايات المتحدة، ليست دولة من العالم الثالث، يفصلها الرئيس الحالي على مقاسه ثم يأتي الرئيس التالي على ظهر دبابة لينقض ما غزله سلفه، ولذلك وجدنا الادارات المتعاقبة على الرئاسة من جمهوريين وديموقراطيين، لم يتغير موقفها من معظم القضايا وخصوصا الخارجية منها، مثل الموقف من دولة اسرائيل المؤيد والداعم على طول الخط، وكذلك الموقف من المعسكر الشرقي، قبل انهيار الشيوعية، ومثلها معظم السياسات الخارجية.
من هنا يصعب على البعض التصديق بسهولة، أن استرتيجية الرئيس الأمريكي، يمكن أن تمر بيسر وسهولة من غير تمحيص وتدقيق ونقاش ودراسة الاحتمالات كلها، وما يمكن أن ينتج عن الأخطاء، وانعكاسات ذلك كله على الولايات المتحدة وسمعتها وهيبتها ومكانتها الدولية، وخصوصا بعد ان انفردت بقيادة العالم كدولة عظمى وحيدة، وبالتالي فإن ما نراه مخطط دقيق، وليس تخبطا.
على النقيض من ذلك يرى البعض أن استراتيجية بوش ليست إلا تخبطا، بدليل أن استراتيجيته في العراق قد أنتجت مستنقعا تزداد فيه القوات الأمريكية غرقا يوما بعد يوم، وتتزايد خسائرها البشرية والمالية والاقتصادية بشكل مضطرد، وهاهو الدولار الأمريكي قد انخفضت قيمته إلى أدنى مستوى منذ أكثر من ثلاثين عاما، مقارنة بالعملات الأخرى،كنتيجة طبيعية لأخطاء هذه الاستراتيجية التي أرهقت الاقتصاد الامريكي بزيادة المخصصات العسكرية من الميزانية الأمريكية، بالاضافة إلى أن الرئيس الأمريكي ليس نبيا لا يخطئ. سواء كانت نظرية المؤامرة صحيحة، أم كانت هي المؤامرة كما يقول معارضوها، فإن الواقع يقول لنا أن استراتيجية بوش في المنطقة قد أنتجت حتى الاَن دولة محتلة (العراق) على وشك الانقسام إلى ثلاث دويلات، (حسب توصيات الكونغرس )، دويلة العراق الكردية ودويلة العراق السنية ودويلة العراق الشيعية، وكل من هذه الدويلات يحمل في طياته عوامل الانقسام التالي كدويولة (تصغير دويلة) العراق الكردية البرزانية، ودويولة العراق الكردية الطالبانية، كذلك الدويلة السنية قابلة للانقسام الداخلي إلى دويولة إسلامية ودويولة بعثية، وبدورها الدويلة الشيعية قابلة للانشطار الداخلي إلى دويولة الشيعة العربية، ودويولة الشيعة الفارسية. ليس بعيدا عن العراق نرى أن لبنان على وشك أن ينقسم إلى لبنانين وكل قسم يحمل مؤهلات الانقسام الداخلي كذلك.
وبعيدا عن التوقعات المستقبلية فها هو المتبقي من مشروع الدويلة الفلسطينية، قد انشطر فعليا إلى قزمين (بالزاي)، قزم دويولة الضفة وقزم دويولة غزة.
المتتبع للشأن السوري يعرف أن النظام السوري الذي يستمد مقومات وجوده من مفرزات استراتيجية بوش يعمل جاهدا على تنفيذ مشروع التغيير الديموغرافي السكاني، لتكون سوريا جاهزة للانشطار الداخلي عند أول نفخة ريح ساخنة تأتيها من الجوار أو من الداخل المتأجج بنيران الظلم والاستبداد. سيان الأمر إن كانت استراتيجية بوش مخططا متخبطا، أو كانت تخبطا مخططا، طالما أنتجت واقعا مرا، وملامح مستقبل أكثر مرارة، ما لم تتدارك الأنظمة والزعامات والقوى المحلية وشعوب المنطقة هذا الواقع وإفرازاته المستقبلية، وتعمل بإخلاص على تغييره.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
الاتراك والارمن والامريكيون
كارو قيومجيان
القبس الكويت
لا يموت حق وراءه مطالب. كلام جميل وصحيح لا شك. ولكن متى يعود الحق! وبأي ثمن؟
بمناسبة اعتماد القرار 106 من قبل لجنة الشؤون الخارجية للكونغرس الاميركي والداعي الى اعتماد وصف ما تعرض له الارمن اثناء الحرب العالمية الاولى من قبل الاتراك بانه بمنزلة مجزرة، وان الضجة والاستنكار المصاحبين له من قبل بعض الفرقاء والزعماء الاتراك بوجه خاص يوجبان تبيان بعض التوضيحات لحدث فرض نفسه وما كنت راغبا في تكراره؟
منذ 90 عاما الارمن كضحايا والعالم الحر بأجمعه كشهود يطالبون جاهدين باعتراف الاتراك وقبول واقعة الابادة العرقية التي تعرضوا لها والتي بدأت في زمن نظام السلطان عبدالحميد العثماني واكتملت على ايدي نظام تركيا الفتاة الانقلابي والذي خلال اقل من 10 سنوات من حكمه وقبل وصول مصطفى كمال اتاتورك للحكم قضى على الشعب الارمني في شرق تركيا وهم اصحاب الارض الاصليون منذ 3 آلاف سنة قبل مجيء الاتراك بالفي سنة محاولا تحقيق الرغبة التي كانت تراود العثمانيين في العقود الاخيرة من حكمهم وهي القضاء على الشعب الارمني الذي كان يستوطن في الحدود الشرقية من الدولة العثمانية مشكلا حاجزا جغرافيا لتحقيق الحلم العثماني التوسعي لربط تركيا ببقية الدول ذات الاصول التركية في الشرق ولغاية حدود الصين شاملا بحر قزوين وتأسيس الامبراطورية الطورانية بعد انقطاع السبل عليهم من حيث التوسع باتجاه الغرب.
العالم كله يستغرب من الحكام الاتراك عدم اعترافهم بالقتل الجماعي الذي حدث في خضم الحرب العالمية الاولى تحديدا في سنة 1915 على الرغم من اعتراف اكثر من 23 دولة من دول العالم بالواقعة، ويتساءل عن الاسباب ومنها هل عدد 1.5 مليون نسمة رقم ضئيل لا يستاهل بنظرهم كل هذه الضجة؟
العالم ضاق صدره وفاض قائلا وهو خائف من تكرار الواقعة اذا نجا الفاعل بفعلته! الى متى سوف يحجب ضوء شمس الحق من سماء العدالة الانسانية المتمدنة وتتجمد العدالة.. أما آن الأوان لصحوة الضمير؟
ماذا جرى للمسؤولين الاتراك وهم يتلاطمون من جهة الى أخرى في المنابر الدولية هذه الايام مرة بالتهديد والوعيد لمصالح الدول الراغبة في الاعتراف بمجازر الارمن ومرة بمحاولة ثني الدول في دوائر صانعي القرار عن التصويت لمصلحة الاعتراف اينما كان. مرة بنشر دعايات ليس لها اصل ومنطق ولا يصدقها احد عن عدم حدوث المجزرة والحجج الواهية المصاحبة لها. هذا واني اطلعت من احد مصادر الاخبار التي نشرت أخيرا على أن تركيا تصرف الملايين منذ سنوات للتأثير في مواقف المشرعين الاميركيين، مبالغ طائلة ذهبت ادراج الرياح بعد التصويت الاخير للجنة الخارجية للكونغرس الاميركي مشكورة جزيل الشكر وذلك في يوم 10 اكتوبر 2007 بان ما حدث للارمن يصل مرتبة المجزرة وقريبا كامل اعضاء الكونغرس (مشكورين سلفا) سوف يصوتون للقرار نفسه ويظهر الحق مرة اخرى ان شاء الله وكل هذا رغم تدخلات المسؤولين الشخصية على مختلف المستويات للسبب نفسه، ناهيك عن دفعهم الرئيس الاميركي جورج بوش ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه للتدخل شخصيا وهذا ما حصل فعلا قبل ساعات من موعد التصويت لمنع اعضاء الكونغرس من التصويت باستماتة وتهديدات ووعيد للمصالح الاميركية في المنطقة لا سابقة لها والتي نخشى ان تأتي بمفعولها ويجعل المشروع الاميركي يميل غصبا عنه مع الاسف باتجاه ما يتناسب مع الوضع العسكري الاميركي الحساس في العراق هذه الايام، ومن الممكن ايضا الا يطرح المشروع للتصويت اصلا.(يتبع)
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
تركيا بين التدخل والثوابت
خالد السرجاني
البيان الامارات
تعيش منطقة شمال العراق في الوقت الراهن في ظل تهديدات بأن تهاجم تركيا المنطقة للقيام بعملية عسكرية واسعة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني بعدما تكررت حوادث الاعتداءات التي ينفذها عناصر الحزب ضد عناصر من الجيش التركي . وأيضاً بعض المدنيين. وقد اتخذت الحكومة قراراً بالموافقة على العملية العسكرية بعدما كانت تتحفظ عليها في السابق، وان العملية الشاملة أصبحت الآن متوقفة على التوقيت الذي على قيادة الجيش التركي أن تحدده لكن العملية العسكرية أصبحت سيفاً مسلطاً على القيادات الكردية في شمال العراق الأمر الذي دفع هذه الأخيرة إلى الطلب من الولايات المتحدة أن تساعدها في عملية التصدي للهجوم التركي في حال حدوثه. والذي أكد التوقعات هو ما صرح به رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عندما قال إن حكومته مستعدة لمواجهة الانتقادات الدولية أن هي توغلت في شمال العراق لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني الذين يقصفون أهدافا داخل تركيا. وبالطبع لا يمكن استبعاد أن يكون تسريب المعلومات الخاصة بالعملية العسكرية ما هو إلا نوع من الحرب الباردة التي تمارسها تركيا على القيادات الكردية في شمال العراق من أجل الضغط عليها حتى تقلل من دعمها ومساعدتها لحزب العمال الكردستاني أو على الأقل أن تجبر الحزب على ألا تنفذ عناصره عمليات ضد تركيا انطلاقا من الأراضي العراقية.
وعلى الرغم من منطقية طرح الحرب الباردة إلا أن هناك مؤشرات أخرى حول جدية تركيا في تنفيذ العملية بما يجعل حزب العدالة والتنمية يتخلى عن ثوابت له خاصة بالعلاقة مع دول الجوار وأيضاً فيما يتعلق برؤيته حول كيفية التعاطي مع المسالة الكردية.
فالمعروف أن حزب العدالة والتنمية يتبنى سياسة حسن جوار إزاء الدول المحيطة بالعراق ومنذ أن وصل إلى الحكم لم يطبق ولا مرة واحدة اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بين تركيا والعراق وتسمح لبلاده بمطاردة كوادر حزب العمال الكردستاني داخل العراق وهى الاتفاقيات التي طبقتها كل الحكومات التي سبقته في حكم تركيا.
إضافة إلى ذلك فإن سياسة الحزب إزاء المسالة الكردية تقوم على التعاطي معها وفقا لمعايير الاتحاد الأوروبي وهى معايير تحافظ على الحقوق السياسية والثقافية للأقليات من هنا فإن الكثيرين توقعوا أن تكون سيطرة الحزب على الحكومة ستحدث اختراقا في المسالة الكردية في تركيا خاصة وأن هناك مقدمات كثيرة لهذا التوجه بدأت تظهر في السنوات الخمس التي تولى فيها الحزب الحكم تؤكد أن اختراقا سوف يحدث على صعيد التعامل مع المسألة الكردية في تركيا ذلك أن الحزب يدرك أن هذا الأمر مطلوب للتكيف مع معايير الاتحاد الأوروبي.
وهنا لابد من الإشارة إلى أمرين مهمين الأول أن الضغوط تصاعدت على حكومة (حزب العدالة والتنمية) من اجل حثه على القيام بالعملية العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في معاقل هذا الحزب في شمال العراق وتمارس هذه الضغوط من قبل الجيش والمعارضة والشعب خصوصا بعد الهجوم الأخير الذي قام به عناصر الكردستاني على موقع عسكري تركي بغرب شمال العراق.
أما الأمر الثاني فهو أن معظم المحللين المهتمين سواء بالشأن العراقي أم التركي يرون أن أي عملية في شمال العراق ستؤدي إلى اضطراب كبير في المنطقة الوحيدة التي تتمتع بالاستقرار وازدهار في العراق على عكس باقي مناطق العراق. كما ان هذه العملية ستمثل ضربة كبيرة لأهم حليف استراتيجي لتركيا وهي الولايات المتحدة، كما أن فشل هذه العملية من الناحية العسكرية سيعرض القوات التركية لمزيد من الهجمات أكثر من الوقت الراهن لأنها ستكون في منطقة مكشوفة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني ولأن عملية كهذه ستؤدي إلى وحدة جميع القوى الكردية للتصدي للقوات التركية. ولكننا يجب أن نضع في حسباننا الآن الأزمة في العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة على خلفية قرار مجلس الشيوخ بشأن المسألة الأرمينية وهو ما يعني أن تركيا لن تضع في حسبانها بصورة جدية مصالح الولايات المتحدة من دون أن تتوصل معها إلى تسوية بشأن هذا القرار وهناك رأى يرى أن التهديد بالدخول إلى شمال العراق يعد بمثابة ضغط من تركيا على الولايات المتحدة من اجل دفع الإدارة الأميركية للضغط على مجلس النواب قبل أن يصوت على القرار الصادر من مجلس الشيوخ وبما يحول اعتبار ما حدث للأرمن مذبحة من ثوابت السياسة الأميركية. وبالطبع لا يمكن أن نتجاهل أن حزب العدالة والتنمية برضوخه لضغط الرأي العام والجيش يسعى إلى نفي الاتهامات التي يتعرض لها بالضعف وتجاهل المصالح العليا للبلاد ولكنه بما أقدم عليه قد يسعى إلى الإجهاز على معاقل التمرد العسكري من اجل تهيئة المجال أمام حل سياسي يشارك فيه الرافضون للخيار العسكري من بين أكراد العراق. وإذا كانت الاحتمالات المطروحة كلها تسير وفق منطق المناورة السياسية إلا أننا لابد من أن ندرك أن طرح الأمر في الوقت الراهن جاء في وقت يصوت فيه سكان المناطق العراقية حول خيار الفيدرالية ونعتقد أن تركيا تهدف إلى المساهمة في الجدل العراقي حول المستقبل لأنه يعرض أمنها للخطر. وهى قد تكون تسعى إلى فرض خيار على القيادات الكردية يقوم على اتفاق أمنى حول عدم إيواء عناصر حزب العمال نظير ان تسمح لهم تركيا بالعيش في سلام . وفى كل الأحوال فإن عودة التوتر مرة أخرى إلى المنطقة هو دليل جديد على فشل السياسة الأميركية فيها وان خيار الفوضى مازال مطروحاً بها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
تحالف الفصائل العراقية.. والأمل المنتظر
ناصر اليحمدي
الشبيبة عمان
لا شك أن إعلان فصائل المقاومة العراقية المختلفة تشكيل تحالف مسلح لمواصلة مهمة التحرير أثار نفاؤلا واسعا في الأوساط العراقية بل في صفوف الأمة العربية ككل فالمقاومة الفاعلة لا بد أن تختار الوحدة لتحقيق المهمة الصعبة وهي تحرير العراق من وطأة الاستعمار كما ان المقاومة الوطنية توحدت تحت لواء البعث بزعامة عزت إبراهيم الدوري وهو رجل ذو تاريخ ناصع وقريب من مختلف الأطياف العراقية.
إن التحالف الوطني الموسع للمقاومة يعطي انطباعا للشارع العراقي بجدية المقاومة وشعبيتها وقدرتها على أن تكون في مستوى مهمة التحرير ومما لا شك فيه ان هذا سيزيد من أعداد المنتسبين لها بغض النظر عن انتمائهم الطائفي أو الديني وتكون المقاومة بهذه الخطوة الوطنية الواسعة قطعت الطريق أمام المحاولات الأمريكية لتوسيع التأثير الطائفي على الشعب الذي يرسي شروخا كبيرة في الانتماء الوطني ويسهل مهمة الحرب الأهلية التي لهثوا طويلا من أجل إشعالها ولكن عمق الانتماء الشعبي الوطني والقومي أفسد مخططاتهم.
إن الخطوة التوحيدية للجهود الوطنية العراقية في مواجهة المحتلين والمتآمرين أعادت الصراع في العراق الى أرضيته الحقيقية ووضعت القوات الغازية في أزمة خانقة خاصة مع الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة وبريطانيا والدعوات المتتالية للانسحاب.
لا شك ان هذا التحالف أسعد ملايين العرب وأعاد الأمل للأمة في وجود وحدة تعبر عن تحضرها وقدرتها على النهوض لتدافع عن كرامتها مهما كانت شراسة العدو فالعراق سينتصر وهذه حقيقة لا شك في حدوثها.
لكن كل ما نخشاه هو الالتفاف الذي يمكن أن يقوم به الاحتلال على هذا النصر من خلال تصعيد عملاء جدد لتحتوي الثورة الوليدة التي تريد أن تؤكد عمقها القومي بالانفتاح باتجاه الأشقاء.. وهذا هو دور المثقفين العرب والإعلاميين ورجال السياسة الذين ما زالوا يؤمنون بقدرة هذه الأمة على النهوض وبحتمية انتصار الشعوب فهم مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى أن يمارسوا التبشير بالحياة الجديدة ويزرعوا الأمل في القلوب ويقربوا المسافات التي يباعدها المتشائمون والمرتهنون للخارج ويحضوا على الوحدة والعمل والأخذ بأسباب الحضارة الحديثة....
إن بشائر النصر في العراق تحتاج الى توظيف إيجابي يحولها الى منعطف قومي شامل يعيد إطلاق ما تبدد من طاقات ويطلق العيون باتجاه المستقبل بعد أن انغرست في الأرض وارتهنت الى الماضي البعيد فهذه الأمة تحتاج الى حوار واسع بين مختلف مكوناتها السياسية والثقافية والانفتاح على الأقليات التي تنتمي إليها لنصنع أمة متجانسة في تعددها واضحة الأهداف والوسائل وتوحيد الجهود في البناء والتأسيس بدل المواجهات التي لم تصل بنا إلا الى الفوضى وزرعت بيننا التطرف وصرنا نصدر للعالم تشكيلات إرهابية تقتل الناس في تناقض صارخ مع ثقافتنا وديننا وإرثنا الحضاري.
ولعل البداية كانت من اجتماع الشيعي عمار الحكيم والسني أحمد أبو ريشة في العراق وهو يعد الأول من نوعه بين شخصيتين تتمتعان بثقل لدى الطائفتين.... فهذا الاجتماع يعبر عن السعي الجاد لوقف أعمال العنف الطائفية وتناسي النزاعات فأرض العراق ملك للجميع شيعة وسنة وأكرادا.
إن هذه الجهود وإن كانت بسيطة وبطئية إلا أنها تدفع لإنجاح الحوار بين القوميين العرب بحثا عن المشترك الذي يساعد على تقدم الأمة ويؤجل الخلاف ويطفىء كل الحرائق التي يشعلها التعصب والتطرف وتمنع إن عاجلا أو آجلا مظاهر تآكل الأمة من الداخل وتأجيل محاولاتها للتطور كما يحدث مع التفجيرات الإرهابية في الجزائر والمغرب والأردن ولبنان وغيرها فتلك تفجيرات تريد أن تقتل الأبرياء وتعطل نجاحات الأمة بدل أن توظف تلك الجهود في البناء.
نتمنى أن يسعى العراقيون بل كل العرب الى توحيد الصفوف حتى يكونوا كالبنيان المرصوص الذي لا يستطيع العدو اختراقه وتفتيته.
* جائزة آل جور بين السلام والتغير المناخي
يعتبر منح جائزة نوبل للسلام لهذا العام لآل جور النائب السابق للرئيس الأمريكي مناصفة مع راجيندرا باشوري رئيس اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ يرتبط ارتباطا وثيقا بين تعريف السلام والتغير المناخي كما أنه سيزيد من الضغوط على العالم كي يتوصل لاتفاق جديد لمكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض قبل أن يخرج التغير المناخي عن سيطرة الإنسان.
لا شك أن هناك بالفعل علاقة بين السلام والأمن وبين الكوارث الطبيعية لأنه قد يكون هناك خطر متزايد للصراعات العنيفة والحروب بسبب التوترات الناشئة من موارد تتزايد ندرتها بسبب وقوع المزيد من الفيضانات والجفاف والتصحر وارتفاع مناسيب مياه البحار وخير دليل على ذلك التصحر الزاحف المرتبط بتغير المناخ سبب أساسي للصراع في دارفور بالسودان.
إن منح جائزة نوبل للسلام هذا العام لآل جور واللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغيرات المناخ التابعة للأمم المتحدة والتي أصدرت تقارير هذا العام توضح مخاطر ارتفاع درجة حرارة الأرض يستهدف في جانب منه وزراء البيئة في العالم الذين سيجتمعون في بالي في الفترة من الثالث من ديسمبر القادم وحتى الرابع عشر منه حيث تطالبهم الأمم المتحدة ومجموعة الدول الصناعية الثماني الكبار بأن يتفقوا على تفويض يسمح بالتفاوض لمدة عامين لتوسيع نطاق اتفاق كيوتو وهو الخطة الرئيسية للحد من ارتفاع درجة الحرارة الأرض ليشمل دولا لم تنضم له كالولايات المتحدة والصين حيث قرر الرئيس الأمريكي جورج بوش في عام 2001 عدم تنفيذ اتفاق كيوتو بحجة ان القيود التي يضعها الاتفاق ستكلف الولايات المتحدة خسائر فادحة غافلا بطريقة غير عادلة أهداف عام 2012 بالنسبة للدول النامية مفضلا بدلا من ذلك وضع أهداف طوعية للحد من هذه الانبعاثات.
الطريف ان آل جور الذي شن حملة من أجل مزيد من التحرك لحماية البيئة ومواجهة خطر ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض اعتبر جائزة نوبل للسلام بمثابة الثأر له من هزيمته أمام بوش بفارق ضئيل في انتخابات الرئاسة عام 2000 وحملت له قدرا من التعويض فهذه الجائزة ضربة للرئيس الأمريكي جورج بوش وسياسته البيئية التي توجه إليها انتقادات على نطاق واسع والذي جاء متأخرا الى المعركة ضد تغير المناخ.
كما ان الجائزة قد تفسر أيضا بأنها جزء من رد فعل دولي عكسي ليس فحسب ضد سبع سنوات يرى كثيرون أنها شهدت انحدارا بيئيا في عهد بوش ولكن أيضا ضد سياسة الحرب في العراق وعجرفة ملموسة في الشؤون العالمية وأن اختيار جورج بوش كرئيس قد عرض السلام والرخاء على الكوكب كله للخطر... كما أنها الجائزة الثانية التي تمنح لديمقراطي بارز من منتقدي بوش خلال إدارته فقد منحت عام 2002 الجائزة للرئيس السابق جيمي كارتر في خطوة قال رئيس لجنة نوبل وقتها إنها مؤشر على استنكار استعدادات بوش لغزو العراق.
لقد ارتفعت مكانة آل جور الدولية منذ خسارته بفارق ضئيل في الانتخابات في الوقت الذي تضررت فيه مصداقية بوش في الداخل والخارج بسبب حرب العراق ومتاعب السياسة الخارجية الأخرى لذا فإن آل جور يعامل كما لو كان نجما غنائيا من قبل الديمقراطيين الذين يريدونه أن ينضم إلى سباق انتخابات الرئاسة في عام 2008 لكي يحصلوا على المنصب الذي يرون أنهم حرموا منه ظلما خاصة وأن دائرة بوش الداخلية تتآكل باطراد حيث يتركه أسبوعيا مساعدون ومستشاورن بارزون لدرجة انه في استطلاعات للرأي عن تأييد الشعب لبوش بعد أن كان 90% عقب هجمات 11 سبتمبر هبطت مقتربة من مستويات قياسية لدرجة تصل الى أقل من 30%.
ان الوقت ينفد بسرعة لاتخاذ التحرك المناسب لحل مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض وعلى جميع دول العالم التكاتف للحد من تغير المناخ الذي يحدث بالتأكيد نتيجة لأنشطة الإنسان الصناعية التي لن يجني من ورائها سوى الخراب والدمار للأرض بأكملها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
الحدود مشكلة العراق والعالم
أروين براون
كرستيان ساينس مونتر
من الناحية العملية فإن جميع مشاكل العراق الحالية تعود إلى شيء واحد هو المساطر ، نعم المساطر تلك الأدوات المتواضعة التي يستخدمها تلاميذ المدارس والرسامين ومن المثير للدهشة أن القتال المستمرفي العراق لا علاقة له بالصراع بين الشرق والغرب أو الصراع بين الأسلام والمسيحية أو حتى بين السنة والشيعة، لكن له كل العلاقة بالمساطر.
وهذا هو بالتحديد السبب وراء الدعوة لترك العراق لينقسم إلى ثلاث دول مختلفة، سنية وشيعية وكردية، والسبب خلف كل ذلك هو مساطر المستعمرين فقبل ما يقارب قرن كامل، إستلت المساطر تلك الأدوات المتواضعة التي تبدو غير مؤذية وشحذت كالسيوف من قبل راسمي الخرائط من المستعمرين الأوروبيين الذين راحوا يقطعون الحدود ليرسموا الحدود الراهنة، ليس للعراق فحسب، بل كامل الشرق الأوسط ، فبضربات قليلة أوجد هذا السلاح المتواضع والخطير في نفس الوقت، ليس الدول فحسب ، بل مجموعة من المشاكل الصحية أيضاً.
إذا أردت أن تكتشف النقاط الساخنة على الكرة الأرضية، فأبحث عن الحدود الممتدة في خطوط مستقيمة وستجد هذه الخطوط في كل من الشرق الأوسط وإفريقيا وحدود العراق المستقيمة التي تقطع المناطق الأثنية واللغوية والدينية، هي حدود خاصة، فلا توجد دول قطعية بصفة قومية ذات تطور طبيعي ولها مثل تلك الحدود المستقيمة ما عدا الولايات المتحدة وكندا، غير أن ذلك كان عملية تاريخية مختلفة بالكامل شملت المستوطنين الأوروبيين ذوي العقليات المتشابهة الذين قاموا بطريقة عقلانية بحتة، بتقسيم مساحة من الأرض بعد أن جرى تدمير سكانها الأصلين.
عادة تحدد الدول ذات التطور العضوي بالصحاري والأنهار والبحيرات والبحار والسلاسل الجبلية أو حتى الغابات، فهي تحدد بخطوط متعرجة غريبة الشكل، أنظروا لحدود فيتنام والنمسا مثلاً، ومثل هذه الحدود استقرت عبر مئات الأعوام من الاستيطان والحروب ولدت ترابطاً قوياً داخل المجموعة المتماثلة عرقياً ولغوياً وثقافياً ودينياً بسبب عامل رئيسي واحد، وهو أن الناس يرغبون في العيش مع أنفسهم ومنفردين بمجرد أن ينظموا شؤونهم الداخلية والخارجية فأنه يمكنهم العيش بأنسجام وسط الأمم الأخرى أو يختارون شن الحروب لأسبابه القومية الخاصة.
ولم تكن بلاد ما بين النهرين كما كان يسمى الإقليم الذي يضم العراق حتى وقت قريب، لم يكن يوما ً بلداً أو دولة بالمعنى الحديث لهذه الكلمات وقد تبقى مهام الأمبراطورية العثمانية الحكماء المعروفين بالكرم والعطف، والذين حكموا هذه الأرض لقرون، وتيقنوا من أنه لا يمكن لقوة خارجية أبداً أن تحكم هذه المنطقة عن طريق دس أفكار مسبقة حول ماهية الدولة وفرضها على السكان الذين يرتبط ولاؤهم بالأسرة والقبيلة والمجموعة اللغوية والتوجه الديني والأمر الأكثر أهمية من ذلك، أن العثمانيين فهموا أن هذه المجموعات لا ترغب ببساطة في العيش مع بعضها البعض.
ومع ذلك، وبعد الحرب العالمية الاولى حصلت بلاد ما بين النهرين على سيد جديد فقد انتشق البريطانيون مساطرهم لرسم دولة جديدة أسموها (العراق)، وكانت النتيجة هي الثورات القبلية والعرقية والدينية العتيدة والعنف.
تاريخياً عاشت المجموعات المختلفة دينياً وعرقياً معاً وفي سلام عندما سحقت معاً بواسطة قبضة حديدية لحكام شموليين، وتبقى يوغسلافيا السابقة مثالا واضحا لهذا فقد ضمت يوغسلافيا شعوبا مختلفة مثل الكروات والصرب والارمن وأهل الجبل الاسود والبوسنيين والألبان الذين ارتبطوا معا عن طريق قبضة تيتو الحديدية وقد انفرط عقد هذا الخليط غير المتجانس عنند وفاة تيتو وسقوط الاتحاد السوفييتي وفورا بدأت المجموعات تحارب بعضها البعض لاعادة ترسيم الحدود بينها.
ولسوء الحظ هذا الامر يعني أن لا مناص من خوض الحروب العنيفة القاسية والدامية ويمكن رؤية نتيجة هذه الحروب في شكل الخريطة الجديدة للمنطقة فقد صار للبلدان الجديدة، مثل كرواتيا، ذلك الشكل الشاذ وتلك الخطوط المتعرجة كحدود مؤسسة ومستقرة، لقد ذهبت الى غير رجعة تنلك الحدود المصطفة، تلك الخطوط غير الحقيقة لاتحاد ما كان له أن يقوم وذهبت بذهابها ايضا ذلك الغضب الانفجاري الذي يوجد عندما توضع المجموعات العرقية المختلفة معا رغما عن رغبتها ورغم ان الصرب والكروات والمجموعات الاخرى لا تحب إحداها الاخرى، إلا انها تستطيع الآن أن تعيش بجانب بعضها البعض في انسجام نسبي، وحيث يختلف الامر عن ذلك كما في كوسوفو، فإن التوترات العراقية لا تزال تتفاعل.
ورغم وجود الولايات المتحدة وحلفائها في العراق فلن يكون هناك سلام في المنطقة إلا عندما يسمح للقوى التاريخية أن تلعب دورها الحتمي وفي الحقيقة، فإن هذه العملية بدأت بالفعل في المناطق الكردية الشمالية التي خلت لحد كبير من التفجيرات الانتحارية والقطع الطائفي للرؤوس لان الاكراد هناك بدأوا بالفعل بمحاربة الاخطاء الاستعمارية.
وحدود الدولة الكردستانية التي لم تولد بعد غير مرسومة بمسطرة مستقيمة وبما لا يقل أهمية فإن شعبها مترابط لغويا وثقافيا ودينيا وعرقيا وعليه فليس لديهم ما يقاتلون عليه سوى ضمان استقلالهم الخاص.
والحل طويل الاجل لانهاء الحرب في العراق، وهو كف الاجانب عن التدخل رغم أنه من المستحيل عمليا حدوث ذلك يجب ترك العراقيين يصححون أخطاء الحكام الاجانب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
العمليات العسكرية لن تحل المشكلة
افتتاحية
الأهرام‏ مصر
مازال الموقف علي الحدود العراقية ـ التركية متفجرا‏,‏ وينذر بالخطر في أية لحظة خصوصا بعد سقوط عدد من القتلي والجرحي من الجانبين التركي والكردي خلال الهجمات المتبادلة بينهما خلال الفترة الأخيرة‏.‏
وعلي الرغم من اتفاق الرئيس الأمريكي جورج بوش والرئيس العراقي جلال طالباني علي العمل من أجل وقف نشاط حزب العمال الكردستاني بشمال العراق‏,‏ وعلي الرغم من أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس طالبت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بمهلة بضعة أيام قبل اتخاذ خطوات مؤثرة ضد الأكراد‏,‏ فإن الحشود العسكرية التركية تتواصل علي الحدود مع العراق في انتظار الأوامر بتوجيه ضربة للمتمردين الأكراد‏.‏ كما أن أردوغان هدد بإطلاق يد الجيش التركي في شمال العراق بأي ثمن دون انتظار إذن من أي طرف‏.‏
ووسط هذا الجو المشحون بالتوتر يبرز موقف مصر الداعي إلي السلام ودعوة الرئيس مبارك للطرفين العراقي والتركي للجلوس معا للبحث عن أسلوب لحل مشكلة الأكراد‏,‏ موضحا أنه لا يستطيع أن يقول إن مصر مع تركيا في مسألة ضرب العراق‏,‏ أو مع الأكراد لضرب تركيا‏.‏
وإذا كان من حق تركيا أن تدافع عن أرضها وسيادتها ومواطنيها‏,‏ ومن حق العراق أن يبذل جهده من أجل منع الاجتياح التركي ومن حق الأكراد الحصول علي حقوقهم‏,‏ فإنه يجب علي الأتراك احترام السيادة العراقية‏,‏ وعلي العراق منع الجماعات المسلحة غير الشرعية التي تتخذ من الأراضي العراقية مكانا للإغارة علي دولة مجاورة‏,‏ وعلي الأكراد ألا يستغلوا الظروف الراهنة لخوض حروب دون الرجوع إلي حكومة العراق المركزية وحل المشاكل بالطرق السلمية‏,‏ والمفاوضات‏,‏ والحوار السياسي‏.‏
وعلي الأطراف الثلاثة الأتراك‏,‏ والأكراد والعراقيين أن يدركوا أن العمليات العسكرية لن تحل المشكلة الكردية‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
الأمن العربي في حوار ولي العهد مع قادة الكويت..
افتتاحية
الرياض السعودية
الخليج ليس واجهة بحرية تحيط به مدن حديثة، وليس نفطاً، وعوائد مالية، وحلم كل عامل التوجه إليه، وإنما هو خط نار ساخن على مدى عقود طويلة، عرفت الغزوات الأجنبية، وأهمية السيطرة على هذا الممر الحساس، وهو الآن يعيش حالة عدم استقرار، والخوف من تعطل تدفق النفط أو سهولة مروره هوهاجس عالمي، وهذه الحساسية في أمنه وأهميته، تجعله في مركز الحدث إن كان سلباً أو إيجاباً..
من هذه القضايا وغيرها نجد أن زيارة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز للكويت تنطلق من هذه الأهمية، ومثل هذه الزيارات لا تقوم على عوامل المجاملات لأن ما يربط البلدين أكبر من "البروتوكولات" التي تتميز بالرسميات، وهذه السمة الأخوية تضع هموم أمن الخليج واستقراره البند الأول في المباحثات..
فالعراق المنقسم على نفسه والمضطرب، والمتسبب في إشعال الحروب متداخل تاريخياً وأمنياً مع البلدان المجاورة له، وأي انزلاق خطر نحو حرب أهلية، أو تقسيمه، أو وضعه على لائحة التدويل، والتدخل في شؤونه من بلدان القوى الإقليمية المجاورة له، لا تعطيه المرونة والاستقلال في حل تناقضاته، وحتى الدول المحتلة التي اعتقدت أنها تحمل بناء الديموقراطية وتعايش المجتمع في إطار وطني، وجدت أنها فتحت منافذ كبرى للاحتقان المذهبي والقومي والقبلي، والتقاتل باسمها..
أما إيران فهي جار كبير لكن لا نعرف مدى إدراكها لأهمية أمن الدول دون حسابات خاطئة لا تقدر التفاعلات الإقليمية والدولية، ودون اعتبارات لدولة كبرى أو صغرى في كيان دقيق وحساس أمنياً واستراتيجياً ويهم العالم بأسره..
فعلى جانب التقنية النووية، وامتلاك إيران لها، يبقى ذلك حقاً مشروعاً إذا ماتمت (عقلنة) تلك الأهداف، لكن أن يصاحبها إنذارات وتهديدات بإشعال المنطقة كلها في حالة تعرضها لأي ضربة من أمريكا أو إسرائيل، فقرار الحرب لا تقرره دول المنطقة، وإنما المصالح الكبرى للدول التي لها مواقف لا تريد أن ترتهن لأي مؤثر على أمنها أو طموحاتها الخاصة، وقد كان صدام يأخذ بنفس التفكير، وإن كان العراق أقل من حجم إيران مساحة وتعداداً للسكان، إلا أنه غرق في أوهامه وانتهى ضحية فعله، وجرّ معه أمن العراق كله، وإيران حتى لو وازنت بين حقوقها، ورفض من يحاول عرقلة وصولها إلى تلك التقنيات، فخصومتها ليست مع دول الخليج، وإنما مع دولة عظمى، قد تكون سياساتها تعسفية تصل إلى حد التهور، وهو شأن أي قوة في العالم تنفرد بهذا الامتياز، إلا أن الدبلوماسية الواقعية قد تكون الأهم والأكثر قابلية لفتح الأبواب المغلقة، ولعل إيران تدرك أن دول الخليج ترفض أي عدوان عليها، ليس من باب الخوف، ولكن لأن أضرار الحروب غالباً ما تبيد عمل سنوات طويلة، وحتى الاحتجاج بوجود القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج، فهذا الوجود قديم وقد كان باتفاق مع هذه الدول، وقبل أن تصل القيادات الإسلامية الإيرانية إلى الحكم..
زيارة سمو الأمير سلطان ستبحث هذه الملفات وغيرها، وقد رأينا أن الحدث العربي وحتى الإقليمي، بما في ذلك الوعود حول السلام مع إسرائيل، وقضايا لبنان، والسودان، والصومال، ومسائل الطاقة، والتنافس عليها، وأوضاع الاقتصاد العالمي، تؤثر فيها سياسة الدول الخليجية، ومن هنا يأتي بحث هذه الأمور في إطارها المهم والأخوي، جزءاً من حلقات لا تنقطع في استمرار الحوارات والمشاورات لأنها قيمة بذاتها، وعنوان لتعامل صحيح مع واقع مضطرب..
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
القاعدة هي الرابح الأكبر من الأزمة التركية- الكردية
جون بيرشيا
الوطن عمان
هل ستغزو تركيا العراق؟أأمل ألاَ يحدث ذلك وعلى الرغم من ذلك فإن السؤال يثور بشكل كبير جراء الوضع المتدهور على طول الحدود بين البلدين.ففي الأيام الأخيرة أسفرت المصادمات بين القوات التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني عن مقتل العشرات من الأتراك والمسلحين.كما تم اتخاذ عدد من الجنود الاتراك رهائن.
وعلى الرغم من هذا الوضع السييء الا ان القيام بعمل عسكري كبير من قبل انقرة لن يحل الأزمة.حيث ان الحل يكمن في عمل جماعي للقضاء على جيل من الإرهاب والعنف الذي يثيره حزب العمال الكردستاني.
لو تدخل الأتراك في العراق فإن الخاسرين سوف يكونوا هم: تركيا واقليم كردستان العراق والعراق نفسه والاستقرار الاقليمي والولايات المتحدة التي تعتبر انقرة وبغداد حليفتين لها.
وسوف يكون الرابح الأكبر هو تنظيم القاعدة وأنصارها.وربما يحقق حزب العمال الكردستاني بعض المكاسب قصيرة الاجل من خلال توسيع الصراع لكنه في النهاية سوف يفشل.
ما هو دخل القاعدة في هذه القضية؟ أشم رائحة أن زعماءها قد باتوا متحمسين تماما للمشاكل الحدودية التركية-العراقية.فبشكل عام فإن اقليم كردستان العراق-وهو الاقليم الوحيد الذي يعمل بشكل جيد-قد ظهر على انه محصن بشكل كبير من الفوضى التي تعم اجزاء اخرى من العراق.ومن دأب القاعدة أن ترحب باية اضافة للفوضى والاضطراب في العراق ولا سيما إذا كان هذا التطور ربما لا يكلفها شيء.
حيث إن آخرين يعززون هذا الاتجاه بمواردهم.ففي الأسبوع الماضي اقر البرلمان التركي بشكل غير مفاجئ القيام بحملة عسكرية في شمال العراق مثيرا في ذلك تكهنات لا حد لها-يشجعه في ذلك الاحتجاجات الجماهيرية الاخيرة في تركيا والتي تطالب بالقيام بعمل ضد عناصر حزب العمال الكردستاني-بشأن القيام بعمل وشيك.لكن على العكس ماذا لو تم السماح للعقول الرزينة الهادئة بأن تسود وتقطع الطريق على حلم القاعدة؟
بداية من الضروري التعرض إلى لعبة إلقاء اللوم على وصول الوضع الى ما وصل إليه مؤخرا.حيث يشير البعض بأصابع الاتهام في ذلك لتركيا.ويحتجون في الأساس بأن أنقرة قد اتبعت طريق المصلحة الشخصية وذلك بالتعامي عن ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني داخل العراق وخلق أعذار ترحب بمنطقة كردستان المتمتعة بحكم شبه ذاتي والتي لا تثق فيها.فضلا عن ذلك يستطرد المنتقدون بأن هذا التصرف هو جزء من سياسة اكبر في التحدي الانتقائئ للولايات المتحدة حيث تعمق تركيا في هذا الاتجاه ايضا علاقاتها الاقتصادية مع ايران وروسيا وتسعي من الناحية السياسية إلى أرضية مشتركة مع سوريا وحركة المقاومة الاسلامية (حماس).
آخرون يلومون العراق-على الرغم من انهماكه في حرب اهلية وبناء الدولة والارهاب الذي تقوم به القاعدة وعناصر اخرى- على عدم قمع حزب العمال الكردستاني.ويذكرون بانه كان يجب ان يكون الرئيس جلال طالباني وهو كردي اكثر صرامة ويتحدث بشكل اقوى ويعمل باحساس اكبر بالوضع الملح.
مع ذلك فان اخرون يلومون على واشنطن مصرين بانه كان عليها ان تتخذ زمام المبادرة قبل وقت طويل من الان لمنع المواجهة بين شريكين رئيسيين.
ربما كان الامر كذلك غير ان المشكلة الحقيقية تكمن مع حزب العمال الكردستاني الذي يثير عدم الاستقرار في المنطقة برمتها من خلال تجاوزاته.ولماذا-كما اقترح طالباني- لا يتوقف الحزب عن عمليات القتل وينزع سلاحه ويحول نفسه الى منظمة سياسية؟
في غضون ذلك فان العراق اعلن انه يتخذ خطوات لحل مشكلة حزب العمال الكردستاني على الرغم من ان الطبيعة المحددة لهذه الخطوات غير واضحة.
بصراحة تامة يجب على بغداد ان تشدد قبضتها وتكرس الموارد اللازمة لاجبار حزب العمال الكردستاني على ان يختار بين:التصرف بشكل مسئول او الخروج من العراق.ويتضمن ذلك تفكيك معسكراته واعتقال قادته.ويجب على الولايات المتحدة ان تدعم وتساعد هذه الجهود.وغني عن القول ان الوقت محدود.وانه اذا استمر الحزب في تجاهل الدعاوي لوقف اطلاق النار والكف عن القيام باعماله الاستفزازية فان ضبط النفس لدى تركيا البالغ الاهمية سوف ينهار.
مع ذلك فلو ان تركيا تحكمت في أعصابها ولو تصرف العراق بشكل حاسم واختار حزب العمال الكردستاني النهج السلمي فان الامور يمكن ان تسير في الطريق الصحيح بالنسبة للكل وسوف يكون الخاسر في ذلك هو تنظيم القاعدة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
أهلاً تركيا
د. علي بن حسن التواتي
عكاظ السعودية
رغم ما يشاع إعلامياً عن تشكيل تحالف شرق أوسطي معتدل برعاية أمريكية يضم تركيا وإسرائيل إضافة إلى بعض الدول العربية بهدف مواجهة أو تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، إلا أن الشواهد المستقاة من تسارع الأحداث السياسية وانعكاساتها الأمنية الخطيرة على جانبي الحدود التركية العراقية تنبئ بغير ذلك، وقد تأخذ منحى غريباً ومخالفاً لكافة التوقعات. ويمكن تتبع تلك الشواهد التي أشير إليها منذ أمد ليس بالقصير، حيث لم يمنع التحالف التركي مع إسرائيل والولايات المتحدة الطرفين الآخرين من تشكيل تحالف موازٍ قوي آخر مع القيادات الانفصالية الكردية في كل من تركيا والعراق وإيران. ثم أنه لا يخفى على أحد أن القوات الأمريكية عملت منذ أن وطأت أقدامها أرض العراق على تقوية الجيب الكردي في الشمال بإضفاء صبغة الاستقلالية عليه وتحجيم نفوذ الحكومة المركزية فيه بتعيين رئيس كردي على رأسها، ثم تطورت الأمور ليتحول ذلك الجيب الكردي إلى مخلب قط في خاصرة الدولة التركية أشبه ما يكون بإسرائيل في خواصر الدول العربية المحيطة، وذلك بالسماح لمقاتلي حزب العمّال الكردي بتكثيف هجماتهم العسكريّة ضد القوات التركية انطلاقاً من شمال العراق اعتباراً من عام (2004م) أي بعد مرور أقل من عام على الاحتلال الأمريكي، وذلك بعد أن فقدت تلك الهجمات كثيراً من زخمها منذ 1999م، سنة اعتقال زعيم الحزب عبدالله أوجلان في نيروبي من قبل الموساد الإسرائيلي بموافقة أمريكية وتسليمه لتركيا حيث مازال يقبع في سجونها حتى اليوم، والذي كان اعتقاله وتسليمه بمثابة المكافأة لجونتا جنرالات الجيش التركي العلمانية على إطاحتها سنة 1997م بحكومة الائتلاف الحاكم الذي كان يغلب عليه حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أرابكان ذي التوجه الإسلامي الذي نجح نجاحاً اقتصادياً كبيراً أشبه ما يكون بالنجاح الذي تحققه الحكومة الحالية مع ميل واضح حينها نحو تغيير ثوابت السياسة الخارجية التركية المؤيدة لإسرائيل مما استوجب التدخل بالقوة لإنهاء تلك التجربة التي لم تكن الأولى، فقد تدخل الجيش قبلها لإسقاط حكومة سليمان ديميريل الموالية للغرب سنة 1980م عندما عجزت عن الضرب بيد من حديد لإيقاف المد الإسلامي الذي كان يقوده أرابكان أيضاً في ذلك الوقت. وبعد استيلاء الجنرال كنعان إفيريل على السلطة في أنقرة أبلغ مستشار الأمن الأمريكي لدى الحكومة التركية بول هينز رئيس بلاده جيمي كارتر حينها بنبأ الانقلاب بقوله ( لقد فعلها أولادنا في أنقرة..). فما الذي حدث ليتغير الموقف الأمريكي من تركيا حتى تدعم الثوار الأكراد ضدّ تركيا أو حتى تسمح لهم بمجرّد التواجد في شمال العراق واتخاذه منطلقاً لهجماتهم على الجيش التركي؟
يبدو أن تركيا التي كانت تعتبر نفسها أو يعتبرها الغرب نموذجا فريداً للديمقراطية العلمانية في منطقة إسلامية وحزاماً جنوبياً لحماية أوربا من المـدّ الصحوي الإسلامي المتنامي بمختلف توجهاته في المنطقة قد بدأت تفقد مركزها ذاك لأسباب عديدة من أهمها إصرار الأغلبية الساحقة من الشعب التركي على تثبيت مكاسب القوى الإسلامية في السلطة حتى نجحت أخيراً في إيصال رئيس معروف بتوجهاته الإسلامية إلى سدة الرئاسة لأول مرة في التاريخ التركي الحديث، ولم تتمكن جونتا الجيش التركي هذه المرة من التدخل لأن الشق أصبح أكبر من الرقعة والولايات المتحدة مازالت تتخبّط في المستنقع العراقي ولن تتمكّن من المسارعة لمساندتهم في حال انفجار الشارع التركي في هذا الوقت الدقيق، فكان لا بد من البحث عن وسائل أخرى غير الانقلاب العسكري الصريح. ثم أن تركيا تصر منذ أمد بعيد على الانضمام للاتحاد الأوربي كعضو كامل العضوية يُخشى أن يُغرق أوربا بالمنتجات والعمالة الرخيصة ويمكّن أكثر من سبعين مليون تركي مسلم من التحرّك بحريّة بين دول الاتحاد في الوقت الذي تحتل فيه بلادهم شمال قبرص الذي تميل فيه الدول الأوربية (عاطفياً) نحو إعادة توحيدها تحت الهيمنة اليونانية. وبملاحظة مدى صلابة رفض الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي لانضمام تركيا للاتحاد الأوربي وتحالفه الجديد المكمّل أو البديل للتحالف البريطاني مع الرئيس بوش قد يكون تصويت الكونجرس الأمريكي على اعتبار مذبحة الأرمن في ظل الدولة العثمانية سنة 1915م عمليّة (إبادة جماعيّة) عربون صداقة ومباركة للتحالف الجديد خاصة أن أركان الإدارة الأمريكية الحالية يحملون الضغينة للقيادة التركية بسبب عدم سماحها لهم باستخدام قواعدها لضرب العراق، إضافة إلى دافع أكثر أهمية من مجرد تصفية الحسابات يتمثل في رغبة أمريكية/ أوربية واضحة في توريط تركيا (الإسلامية) في مستنقع الصراعات في المنطقة وذلك لإلهائها عن دورها الإقليمي التوازني وعن طموحاتها في التطلّع غرباً نحو الانضمام للاتحاد الأوربي بضرب عملتها والتأثير في نموها الاقتصادي تمهيداً لإضعافها والتأثير في مستقبلها السياسي بتحريك (الفوضى الخلاقة) لتفعل فعلها فيها تمهيداً لإعادة رسم خريطتها السياسية حتى لا تشكل في المستقبل المنظور خطراً كبيراً على إسرائيل، الزعيمة المنتظرة للشرق الوسط الجديد.
وما يبعث على الحزن والأسى في مجمل القضية أن (الكتائب الحميديّة) – نسبة للسلطان عبد الحميد - التي اتُهمت بتنفيذ مذابح الأرمن كانت في معظمها من (الأكراد) وها هو الغرب الذي عاقبهم على فعلتهم بعدم السماح لهم بإقامة وطن قومي مستقل على مدى عقود من الزمان يعود ليعترف لهم بهذا الحق لا من منطلق الرأفة بهم ولكن للاستفادة منهم في تشكيل (كتائب بوشّية) يتم تسخيرها للانتقام من تركيا بذات اليد التي نفذت المذابح التركية المزعومة بحق الأرمن المسيحيين . والأمل أن يتنبه الطرفان التركي والكردي لهذه الحقيقة ويحاولا التوصل إلى حلول عادلة تحفظ حقوق الجميع ولا ينجرفا إلى الأفعال العنيفة وردود الأفعال، وعلى القادة الأكراد على وجه التحديد أن يتنبهوا أيضاً إلى أن شمال العراق ليس ملكاً خالصاً لهم وأنه مازال جزءاً من دولة موحدة وإن كانت منقوصة السيادة، ولا يحق لهم بالتالي اتخاذ قرارات أو تطبيق إجراءات مصيرية في الإقليم قد تورّط العراق كله والمنطقة في صراع جانبي جديد.altawati@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
صعوبة الخيار التركي في شمال العراق
ميدل ايست اونلاين
د. عبد الله تركماني
لم يكن الأتراك قد أفاقوا من صدمة أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، عندما قتل حزب العمال الكردستاني التركي اثني عشر مدنيا كانوا يستقلون إحدى الحافلات في منطقة جنوب شرق تركيا، حتى صُدموا مرة أخرى بحادثة «شيرناق» يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عندما هاجم مسلحو الحزب قافلة عسكرية أدت إلى مقتل 13 جنديا وضابطا تركيا على مقربة من الحدود التركية - العراقية. وكرد فعل على الصدمتين جاءت التهديدات التركية باجتياح شمال العراق لمطاردة أنصار حزب العمال لتضيف أزمة جديدة للعراق، الذي مزقته الحروب والفوضى والاحتلال، في وقت هو في أمس الحاجة للهدوء والتقاط الأنفاس. وتثير هذه التهديدات مجموعة تساؤلات: هل يكون الخيار العسكري هو الحل الأنسب؟ وهل ستتحول المواجهة في شمال العراق إلى مواجهة تركية – أميركية؟ وهل تركيا جاهزة للدخول في مثل هذه المغامرة التي ستعني مراجعة ملف الشراكة الاستراتيجية الأميركية - التركية؟
لقد كرر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده واستعدادها لشن هجوم عسكري على معاقل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، ومن جانب آخر كشفت مصادر عسكرية تركية أنّ هيئة الأركان قد أعدت خططا عسكرية، لهجوم جوي على معسكرات حزب العمال الكردستاني، وقصف مدفعي، يتبعهما إنزال عسكري محدود في تلك المناطق، بهدف إقامة شريط عازل في شمال العراق بعمق 20 كيلومترا، بهدف التصدي لتسلل عناصر الحزب من شمال العراق إلى تركيا.
ولا شك أنّ أي تدخل عسكري تركي في شمال العراق لن يكون نزهة، بل سيغرق تركيا والأكراد في مستنقع لا يدري أحد نتائجه. فإذا أخذنا الأمور من الزاوية الاقتصادية البحتة، فإنّ كردستان العراق تعتمد اقتصاديا على تركيا، إذ أنّ الصادرات التركية لشمال العراق، وبالذات المواد الغذائية ومواد البناء، ستصل مع نهاية هذا العام، حسب معطيات غرفة تجارة ديار بكر، إلى حوالي 5 مليارات دولار. ومنذ عام 2003 وقّعت شركات البناء التركية عقودا بقيمة ملياري دولار، ومن المتوقع أن تنال الشركات التركية حصة معتبرة من المشاريع التي ستقام في كردستان العراق، خلال السنوات الثلاث المقبلة، والتي تبلغ قيمتها 15 مليار دولار.
ومن جهة أخرى، فإنّ الولايات المتحدة، الحاضنة للتطلعات الكردية، لا تريد تخريب هذا النموذج الكردستاني في الاستقرار من خلال اجتياحات عسكرية تركية، لأنّ هذا العمل من شأنه أن يضعف القيادات الكردية العراقية، وفوق هذا وذاك فتح الأبواب على مصراعيها لانتقال الفوضى إلى الشمال العراقي، الذي ظل مضرب المثل في الأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي.
ومن المرجح أنّ الحكومة التركية ستستمع إلى التحذيرات الأميركية: أي هجوم تركي على شمال العراق سيوجه ضربة قاصمة للعلاقات التركية - الأميركية المتوترة أصلا. إنّ جوهر المشكلة تكمن في وجود شعب محروم من حقوقه الأساسية، ولذلك فإنّ تواجد حزب العمال الكردستاني التركي لا يمكن أن يُحل بالقوة، فالقوة التي استعملتها القوات التركية، طوال ثلاثة عقود، لم تستطع القضاء على الحزب، ولم تجلب الأمن ولا الاستقرار للمنطقة. ولعل أقوم خيار هو أن تقوم الحكومة التركية بإصدار عفو عام عن جميع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، بهدف ضم الحزب المذكور إلى العملية السياسية في تركيا، مع ضرورة الاعتراف بحقوق الشعب الكردي ونبذ سياسة التمييز ضدهم. خاصة أنّ أوساطا ثقافية وسياسية كردية واسعة مقتنعة بأنّ تحالفا مع تركيا قد يشكل الحجر الأساس لأي حل جذري للقضية الكردية في الشرق الأوسط. وفي المنحى ذاته، دأب الأكراد، بمن فيهم أكراد حزب العمال الكردستاني، على إطلاق دعوات متكررة للسلام والتفاوض والحوارات السياسية مع الحكومة التركية.
إنّ تركيا في حاجة إلى تجاوز إرثها العثماني والكمالي في التعامل مع الشعب الكردي، وفي حاجة إلى إدراك حقيقة مفادها أنّ سياستها إزاءه، بل إزاء الديموقراطية في الشرق الأوسط برمته، ستظل متعثرة وناقصة وغير مؤثرة إذا ما واصلت سياسة الشكوك والاحتقان النفسي والتهديدات الفجة حيال الأكراد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
مفهوم «حدود القوة» كما يتجلى في الأزمة التركية- العراقية
د. توفيق السيف
عكاظ السعودية
يعرف الاتراك ان دخول العراق ليس كالخروج منه. وهذه احدى مفارقات السياسة. دول مدججة بالسلاح تعجز عن حماية اراضيها، ودول بحكومات مهلهلة تعيد الغازي الى بلاده مجللا بالهزيمة والعار. في نهاية 1991 ارسلت واشنطن قوات المارينز لفرض السلام على الميليشيات المتقاتلة في الصومال بعد سقوط حكومته. لكن هذه الميليشيات نفسها الحقت الهزيمة بقوات الدولة العظمى واخرجتها. وفي 2006 اجتاحت القوات الاسرائيلية جنوب لبنان الذي تقوده حكومة مهلهلة، ونعرف ماذا جرى بعد تلك الغزوة. ونعرف ايضا ان الجيش السوفيتي قد اجبر في 1989على الخروج من افغانستان على يد ميليشيات بسيطة التسليح والتدريب. وعلى العكس من ذلك فان الجيش التركي قام في عقد التسعينات اي في ظل صدام حسين وحكومته الجبارة باربع عمليات كبيرة في شمال العراق وخرج منها منتصرا، دون ان ينتظر موافقة احد.
الواضح ان الحكومة التركية مترددة اليوم في اتخاذ قرار نهائي باجتياح كردستان العراق، او انها على الاقل لا تعتبر الاجتياح خيارا فوريا، رغم التفويض القوي من قبل البرلمان وضغط الشارع. خلال الاسبوع الجاري تحدث المراقبون عن عملية محدودة تتمثل في قصف مدفعي وضربات جوية، خلافا لما كان متصورا في اواخر رمضان حين حشدت ثلاث فرق قتالية قرب الحدود العراقية. والمفهوم ان القصف الجوي والمدفعي يستهدف في المقام الاول الضغط على حكومة اقليم كردستان ولا يحقق الهدف المعلن اي استئصال ميليشيات حزب العمال. عملية كهذه لن تكون جراحة على الساخن كما يقال، بل جزء من عملية تفاوض سياسي مع اكراد العراق.
رغم الوضع السياسي والامني الضعيف في العراق، الا ان جميع الاطراف تخشى جديا من انفراط كامل في المنطقة الشمالية. تستطيع حكومة اقليم كردستان تقديم ضمانات بالتعاون الكامل في تجميد حزب العمل ومنع مقاتليه من اتخاذ اراضيها كمنطلق لعملياتهم ضد تركيا، وربما تحصل على دعم القوات الامريكية والحكومة الايرانية التي تواجه نفس المشكلة على حدودها الغربية. لكنها لا تستطيع الدخول في معركة شاملة مع ذلك الحزب. لان معركة كهذه سوف تضعف شرعيتها السياسية كممثل للطموحات القومية للشعب الكردي. طيلة القرن الماضي تعرض الاكراد لقمع منظم على يد الحكومات المجاورة، فتضاءلت الهوية الوطنية وتعززت الرابطة العرقية-القومية كجوهر لهوية الفرد الكردي. القمع المزمن حول الهوية الكردية الى تضامن اجتماعي داخلي وارتباط بارض كردستان وليس بالدولة الوطنية القائمة، وهذا هو السبب الذي يجعل اكراد العراق حريصين على استقلالية اقليمهم رغم انزعاج العرب، وهو نفسه السبب وراء استمرار حزب العمال في محاربة تركيا رغم اعلان زعيمه عبد الله اوجلان في 1999 عن انهاء العمليات المسلحة.
اذا دخل الجيش التركي فسوف تضطر حكومة كردستان العراق الى مقاومته او غض النظر عن مقاومة شعبية له. وعندئذ فان هذا الجيش سيضطر الى خوض عمليات غير تلك التي اعتادها في ظل حكومة صدام حسين. واذا طال امد الحرب فربما تنتشر الى الجنوب التركي، الامر الذي يحبط كثيرا من انجازات الحكومات التركية المتعاقبة، التي اثمرت حتى الان عن تخفيف ملموس للتوتر في هذه المنطقة.
الى ذلك فان الامريكيين يخشون جديا من انهيار التنظيم السياسي – الامني القائم في شمال العراق، لانهم سيضطرون حينها الى نشر قوات اضافية هناك، في الوقت الذي تتصاعد الضغوط لسحب جزء من القوات المرابطة في الوسط والجنوب. على صعيد الداخل العراقي فان تهديد تركيا بعمليات عسكرية سوف يؤثر جديا على الجدل الدائر حول مصير مدينة كركوك، التي ينظر اليها الاتراك كمركز للتركمان العراقيين، حلفائهم الطبيعيين في مواجهة الاكراد، بينما يريد هؤلاء ضمها الى كردستان. وثمة اتفاق سابق بان يحسم مصير المدينة قبل نهاية العام الجاري. وبالطبع فانه لا يمكن للاكراد تجاهل الانعكاسات السياسية للتهديد التركي على وضع كركوك.
المشهد الحالي يكشف بجلاء عما يسمى في علم السياسة بحدود القوة. الاتراك يريدون الحرب لكن الامر ليس بيدهم تماما، الاكراد يريدون كركوك، لكنهم يخشون من رد فعل تركي، الامريكيون يريدون تأمين كردستان لكن الضغوط السياسية الداخلية تمنعهم من ارسال قوات كبيرة اليها. اي ان الاقوياء جميعا غير قادرين على الحسم. مفهوم «حدود القوة» هذا هو الذي يجبر الناس على اللجوء الى المفاوضات والوساطات والبحث عن صفقات متوازنة، باعتبارها المخرج الوحيد الممكن من الازمة.
talsaif@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
العراق وجدلية الوحدة والتجزئة
نصر شمالي-
العرب اليوم
اندلعت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بناء على مشروع وحدوي, ولو ان ذلك المشروع تحقق بعد الحرب العالمية الاولى لكنا ربما نعيش اليوم في دولة ديمقراطية تضم الحجاز وبلاد الشام والعراق, هذا ان لم تلتحق بها اقطار اخرى! غير ان تحقيق المشروع كان شبه مستحيل, فمصلحة النظام الدولي الموحد, الناهض بقوة حينئذ, كانت في تجزئة البلاد العربية, ولا توحيدها, بل ان وحدته كانت تشترط تجزئة مستعمراته واضعافها, اي انها تجزئة اقليمية جاءت في معرض الوحدة الدولية!لقد سهل ضعف العرب الشديد مهمة الحلفاء, فاندفعوا يحكمون سيطرتهم على منطقة جنوب/ شرق المتوسط, التي لا تقوم للامبراطوريات العالمية والانظمة الدولية قائمة من دون السيطرة عليها, كما هو ملاحظ في جميع العصور البشرية! وهكذا كان بدهياً ان لا يتوقف الحلفاء عند الوعود التي قطعوها للعرب, فالمصالح الدولية اكبر واخطر بما لا يقاس من الاعتبارات الاخلاقية, وانه ليجدر الانتباه الى ان الدول الاستعمارية كانت تسيطر حينئذ على حوالي ثلثي مساحة الارض وعلى حوالي ثلثي سكانها, بالادارة المباشرة او شبه المباشرة, اي ان المأساة لم تكن مأساة العرب وحدهم, فالدول الاستعمارية المتحالفة كانت صاعدة بقوة لا تقاوم, وعلى وشك التوحد اكثر بقيادة واشنطن, وهذا ما تحقق فعلا بعد الحرب العالمية الثانية!نقول هذا ونحن نتابع اليوم ردود الأفعال على مشروع الكونغرس الامريكي القاضي بتقسيم العراق, وهي ردود افعال تتسم عموما بكثير من العاطفية وقليل من العقلانية! والحال اننا سواء تحدثنا عن الوحدة ام عن التجزئة فإن السؤال الذي يتوجب طرحه هو: ما هي الوظائف التاريخية الضرورية للوحدة وما هي الوظائف التاريخية الضرورية للتجزئة؟ هل نحن نريد الوحدة فقط لأننا عرب, ولأننا كنا موحدين ذات قرن؟ هل نريدها فقط كي نكون أقوياء؟ ولكن لماذا نريد ان نكون اقوياء؟ ها هنا نرى البعض يستحضر ارواح الاجداد القوية ويهمل استحضار جوهر وظائفهم الانسانية, مع ان هذا الجوهر كان سر قوتهم الايجابية وسر نجاح تجربتهم التاريخية المبدعة, فإذا كانت الامة قد بقيت موحدة حتى القرن الخامس عشر, وفي موقع السيادة الدولية على الرغم من من تعدد دولها, فإن الفضل في ذلك يعود الى جوهر وضرورة وظائفها الانسانية التاريخية الضرورية, فهذه الوظائف هي التي تعطي ظهور الحدود او زوالها تلك القيمة الخطيرة! وبتحديد اكثر فإن مزايا وخصائص المدن اليوم داخل الدولة لا تنفي وحدة الدولة المتجسدة في وظائفها الوطنية الانسانية, لكن وحدة الدولة تصبح عبئا ثقيلا لا يطاق, وقد تتحول الحدود الادارية الى سياسية, اذا كانت وظائف الدولة غير وطنية وغير انسانية, ومتناقضة مع متطلبات الحياة العميقة, ومع خصوصيات المدن والجماعات والافراد ابناء الوطن الواحد..! وهكذا فقد كانت للتجزئة القائمة وظيفتها وضرورتها دوليا بالدرجة الاولى, باعتبارنا امة مغلوبة, غير ان الاوساط القيادية العربية لم تعرض ذلك بصورة كافية من الوضوح, ولم تفسر الاسباب التي تجعل الحدود المصطنعة اقوى من عناصر الوحدة الراسخة في ضمير كل فرد, كذلك لم تشرح كيف حدث ان قوى وحدوية وصلت الى مواقع السلطة في عدد من الدويلات لكنها لم تنزع باتجاه توحيد الدويلات التي حكمتها على الاقل! وقد اعتقد الكثيرون ان الامر مرهون بارادة الحكومة الوحدوية, غير ان المسألة كانت حقا اخطر واعقد من ذلك بكثير, وكانت تستدعي التمعن في الوظائف الضرورية للتجزئة, وفي طبيعة القوى السائدة التي صنعت التجزئة, وفي حال التمعن سوف نرى ان التصدي للتجزئة لا يمكن ان يكون في جوهره ومحصلته الا تصديا لوظائف النظام العالمي, ونيلا من وحدته في احد اهم اركانها, في المنطقة العربية!ولكن, لقد تغيرت الظروف والشروط الدولية التاريخية اليوم تغيرا يكاد يكون جذريا قياسا بما كانت عليه قبل تسعين عاما, اي منذ عام ,1917 وقبل ثمانية وثلاثين عاما, اي منذ عام ,1969 حين تحولت الولايات المتحدة علنا من دولة مصدرة الى دولة مستوردة ومن دائنة الى مدينة!لقد كانت الدول الاستعمارية, قبل تسعين عاما, مندفعة كالسيل الجارف على طريق استكمال جبروتها سياسيا وعسكريا, واستكمال انتشارها وهيمنتها عالميا, وحينئذ كان مفهوما ان تقدم باريس ولندن, في ذروة انتصارهما في الحرب العالمية الاولى, على ابرام اتفاقية سايكس/بيكو, وان تقدم لندن وواشنطن على اصدار وعد بلفور (1916-1917) اما اليوم فان قرار الكونغرس الامريكي يأتي في سياق انحدار معلن بدأ منذ عام ,1969 ويأتي في معمعان اندحار القوات الامريكية والاسرائـيلية في العراق ولبنان, وهي الاحداث التي تشير الى انكفاء تاريخي للنظام العالمي الصهيوني بمجمله عبر انكفاء قيادته الامريكية الاخيرة, وهذا ما تؤكده ايضا الوقائع في اكثر من اقليم عالمي, ولذلك لا يجوز اليوم ضم قرار الكونغرس الامريكي الى اتفاقية سايكس/بيكو ووعد بلفور, فهذا القرار ليس قابلا للتنفيذ مثلهما!غير ان تغير الظروف التاريخية الدولية, وضعف النظام الدولي وانكفاء قيادته رغم جبروتها, وتخبط وتقهقر قوات الاحتلال في العراق ولبنان وافغانستان وغيرها, لا يكفي جميعه لحماية العراق او غير العراق من التقسيم بفعل عوامل اخرى, ولا يكفي لنهوض اشكال معقولة من الوحدة بين الدويلات العربية, لان ما يمنع التقسيم ويدفع نحو الوحدة هو المشروع الحضاري الذي يلغي ضرورة التقسيم ويعطي الوحدة قيمتها وضرورتها, وذلك بتحديده لوظائفها الايجابية الانسانية المرغوبة عربيا واسلاميا وامميا, كذلك فان ما يمنع التقسيم ويدفع نحو الوحدة هو الخطاب السياسي التاريخي الجامع الموحد, المتعالي على العنعنات الجاهلية البغيضة, وعلى الصغائر والثانويات مهما بدت مهمة! لكننا, للاسف الشديد, لا نلحظ في الخطاب السياسي المقاوم, العراقي خاصة, ما يتضمن بصورة كافية تلك الضرورات التي اشرنا اليها, وانه لنقص فادح يبعث على القلق حقا وان كان لا يدعو الى اليأس, حيث الجولة التاريخية الانتقالية لا تزال في بداياتها, وهي صارت تمتلك الكثير من شروط النجاح.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
أمن الخليج ومتطلباته
افتتاحية
الجزيرة السعودية
مع استمرار تأزم الأوضاع الأمنية في العراق بسبب الاحتلال الأمريكي له تتزايد المخاطر المحدقة بأمن الخليج، الأمر الذي يحتم على دول مجلس التعاون الخليج اتخاذ إجراءات وقائية تمنع أو تحد من هذه المخاطر، ولاسيما وأن الملف النووي الإيراني ينذر بحرب وشيكة تزيد الأوضاع الأمنية سوءاً، حتى باتت منطقة الخليج من أكثر المناطق اشتعالاً في العالم، وبخاصة أنها عانت من ثلاث حروب في فترة زمنية قصيرة، كما أن الرابعة على الأبواب.
ولذلك فإن تحديد مكامن الخطر واتخاذ التدابير العلاجية والوقائية تتطلب جهداً جماعياً من قبل دول المجلس، ولاسيما وأن المجلس لم يؤسس إلا من أجل تكوين جبهة واحدة تحمي أمن شعوبه ومقدراته، وهو المطلب الأول الذي يجب تحقيقه، إذ إنه بدون الأمن لا يمكن تحقيق أي تقدم ملموس في المجالات الأخرى.
إن الاجتماعات المعقودة في الكويت التي تشمل الاجتماع الرابع لوزراء داخلية دول جوار العراق والاجتماع الأول لرؤساء أجهزة الأمن الوطني في دول مجلس التعاون في غاية الأهمية، كونها ستتعامل مع تدهور الأوضاع الأمنية في العراق من جهة وبحث ظاهرة الإرهاب ودحض العناصر التي تحاول زعزعة أمن واستقرار منطقة الخليج.
وحتى يسود الشعور بالأمن فإنه لابد لدول الخليج من إيجاد آلية رادعة كافية لصد أي خطر محتمل، وخاصة وكما قال أمين عام مجلس التعاون ان الأزمات التي تتالت على المنطقة علمت شعوبها بأن جميع من حولهم ليسوا بالضرورة أصدقاء وأنه لا أمان ولا اطمئنان بعد أمان الله العلي القدير إلا بتعزيز الجهد الأمني المشترك.
وعلى الرغم من تقلص ظاهرة الإرهاب في منطقة الخليج في الآونة الأخيرة بفضل الله ثم بفضل الجهود الأمنية والعمليات الاستباقية التي نجحت في إدارتها الأجهزة الأمنية وبخاصة في المملكة إلا أنه لا يمكن الركون إلى هذه النجاحات بسبب استمرار الحرب في العراق ولاسيما مع اشتعال الجبهة الحدودية العراقية التركية بسبب الاقتتال بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، هذه الحرب جعلت من العراق مفرخة للإرهابيين، يرسم صورة أمنية قاتمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
النفاق السياسي وتقسيم العراق
يوسغ مكي
الوطن السعودية
ارتفعت الأصوات، داخل العراق، في أوساط القوى التي تضامنت مع الاحتلال الأمريكي لهذا البلد الشقيق، منادية بالويل والثبور بعد قرار الحكومة وتصويت البرلمان التركي على اقتحام المناطق الكردية في شمال العراق، لمطاردة ميليشيات حزب العمال الكردستاني، منددة بهذه الخطوة، باعتبارها اعتداء على وحدة العراق. وشارك في هذا التنديد كبار المسؤولين في الحكومة العراقية الموالية للاحتلال، ولم يتخلف عن ركب الشاجبين قيادات الميليشيات والأحزاب السياسية الطائفية المتعاونة مع المحتل. واجتمع البرلمان العراقي وأصدر احتجاجا على هذه الخطوة، واتخذت حكومة المالكي خطوة مماثلة.
من اللافت للانتباه، أن الذين نددوا وشجبوا، وتباكوا على سلامة ووحدة الأراضي العراقية، قد صمتوا دهرا، على الاحتلال الأمريكي لبلاد ما بين النهرين، ولم يحركوا ساكنا، بل ساهموا مع سبق الإصرار، في تدمير العراق، وتفتيت وحدة أراضيه، في مسلسل طويل، بدأ منذ أوائل التسعينيات، وتأكد بعد الاحتلال، وتواصل إلى يومنا هذا. وحتى القانون (غير الملزم) الذي أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي، قبل ثلاثة أسابيع، والذي أوصى بتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات، كردية وشيعية وسنية، والذي أعاد الاعتبار للنعرات الطائفية والعرقية لم يحرك ساكنا، لدى الساخطين على القرار التركي. لم يحرك قانون التقسيم الخطير، الذي هو خط أحمر بكل المعايير الوطنية، والذي يؤسس لاشتعال حروب طائفية وإثنية مستقبلية في العراق، ولكيانية سياسية طائفية وعرقية غير معهودة بالمجتمع العربي، تكون أنموذجا لمثيلات لها بالدول المجاورة، ردة الفعل التي يستحقها، لدى المتباكين والمدعين الحرص على وحدة الأراضي العراقية.
الشرفاء هم وحدهم الذين أعلنوا موقفا واضحا وصريحا، منذ البداية من الاحتلال الأمريكي وإفرازاته، وأخطرها قانون تقسيم العراق، الذي يمثل خطوة شريرة على طريق تفتيت، وإعادة صياغة الخارطة السياسية، للمنطقة العربية وفقا للاستراتيجية الأمريكية، بما يخدم أهداف السيطرة على مقدراتها، وتهيئة المناخ لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد.
تقسيم العراق، هو الأخطر على الإطلاق، ضمن كل ما واجهه حديثا هذا البلد الجريح، ومخاطره تمتد إلى ما هو أبعد من العراق، لتشمل البلدان العربية، التي تتطلع الصهيونية لتفتيتها إلى كيانات مجهرية تدور في فلكها. وسيكون من نتائجه إضعاف العربية الإسلامية، ليتلازم التفتيت الجغرافي بالتفكيك الثقافي. إضافة لذلك، يقف قانون التقسيم على الضد من حق تقرير المصير، ويخرق بشكل واضح وصريح ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، ويعتدي على الأمن القومي العربي الجماعي، والمواثيق الدولية التي تؤكد على عدم جواز المساس بوحدة الأراضي، وقوانين البلدان التي يتم احتلالها بالقوة العسكرية. وهو أيضا مخالف للقرار رقم 1483 (2003) في 22/5/2003 الذي صدر بعد احتلال العراق، واتفاقيات جنيف عام 1949 وقواعد لاهاي عام 1907، التي لا تجيز لإدارة الاحتلال إجراء أية تغييرات دستورية أو قانونية، أو هيكلية بالبلد المحتل، أو العبث بوحدة أراضيه.
إن الذين لم يعترضوا على قانون التقسيم الأمريكي، والذين يتباكون الآن على سلامة الأراضي العراقية، هم موضع شبهة واتهام. فهذا القانون، والقوانين واللوائح التي نشأت بعد احتلال العراق، قد أسست لاستباحته، وجعلته في موضع يصعب معه الدفاع عن سلامته الإقليمية ووحدة أراضيه. وشأن هذا القانون لا يختلف في روحه ونصوصه عن قرار البرلمان التركي من حيث مخالفته للمواثيق الدولية، والتي تحرم العدوان على الدول.
من المؤكد أن الحكومة التركية، قد مارست خرقا واضحا للقوانين والمواثيق الدولية، ينبغي في أوضاع طبيعية أن تدفع ثمنه، حين منحت نفسها حق تقرير اجتياح العراق. لكن ذلك لم يكن ليحدث لو لم تتعامل مختلف القوى الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، مع العراق باعتباره ساحة مستباحة يحق لأي دولة أن تفعل بها ما تشاء، وأن تقرر لها ما تشاء.
إن رصد النزعات الإنفصالية، التي أصبحت القيادات العشائرية الكردية العراقية تفصح عنها بوضوح، وممارساتها في كركوك والموصل، تجعل الحريصين على وحدة العراق، يميلون لاعتبار القرار التركي، موقفا إيجابيا، يتجانس مع الرغبة المشتركة للأتراك والعرب في عدم السماح بقيام كيان كردي منفصل، فوق أراضيهما، يهدد ويضاعف من المخاطر على أمنهما القومي. وبإمكان المراقب أيضا أن يتفهم الأسباب التي دفعت الحكومة التركية لاتخاذ قرار الاجتياح، والذي رأت فيه ممارسة لحق الدفاع عن النفس، ذلك أن وجود مقاتلين من حزب العمال الكردي في شمال العراق، ليس موضع شك، بل هو واقع متحقق على الأرض باعتراف القيادات الكردية نفسها، فلماذا إذاً هذا النفاق السياسي، والتباكي على مصير العراق، من قبل الذين شاركوا في تدميره ونحروا وحدته وعملوا على تقسيمه؟!
ولماذا يختلف موقف حكومة المالكي، تجاه قرار الحكومة التركية اجتياح جيشها لشمال العراق، والذي يجد مبرره في وجود مقاتلين أكراد خارجين على القانون، يهددون أمن تركيا وسلامتها الإقليمية، عن موقف آخر غير مبرر تمارسه القوات الإيرانية، التي قصفت عدة مرات، بالمدفعية الثقيلة، المناطق الشمالية؟ أو ليس ما تقوم به القوات الإيرانية من قصف في الشمال العراقي، كحاج عمران وقنديل وزاويته، هو عدوان أيضا على السلامة الإقليمية للعراق؟ أم أن وراء الأكمة شيء آخر؟!
لم تصدر أيضا أية ردة فعل غاضبة من هذه الحكومة تجاه ما يجري في منطقة البصرة، ولا أي تصد لعصابات النفط والمخدرات وتهريب السلاح التي تتشابك مع عصابات القتل الطائفي المدعومة من إيران، والهادفة إلى تأسيس إقليم شيعي يكون إسفينا في خاصرة العراق، وليحول دون أي تطلع لمشروع نحو قيام دولته العربية الحرة المستقلة، وليشكل لبنة في وهم إعادة بعث الأطماع الكسروية القديمة في العراق ومنطقة الخليج العربي.
سلطة الاحتلال الأمريكي التي قضت على الدولة العراقية، وحلت جيشها، وأضعفت بلاد ما بين النهرين وجعلته غير قادر على الدفاع عن نفسه أمام العدوان، تتحمل بموجب القانون الدولي، المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري بالعراق، فهي التي أوصلته إلى هذا الحال وجعلت منه ساحة مستباحة للطامعين، وهي التي تستخدمه ورقة لمساومات وضغوطات تجريها على الساحة الدولية. ومع كل ما قيل عن رفضها للقرار التركي، فإنها لم تفعل شيئا للحيلولة دون تطبيقه، غير مناشدة الحكومة التركية ضبط النفس. بل إن البعض رأى في القرار التركي، مواجهة، من نوع آخر مع الحكومة الأمريكية، احتجاجا على قرار لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأمريكي المتعلق بالأرمن، مستثمرا الأوضاع البائسة لإدارة بوش، الغارقة بالمستنقع العراقي والأفغاني، والعالقة في مشاكل دولية كثيرة مع عدد كبير من دول العالم في مقدمتها روسيا والصين وكوريا وفنزويلا وإيران..
ولا جدال في أن جميع القوى التي تتربص بالعراق الآن، لم يكن لها أن تفكر في ذلك، لولا هشاشة وضعف النظام العربي الرسمي، الذي يقف عاجزا عن فعل أي شيء، تجاه التحديات والتهديدات والمخاطر التي تتعرض لها الأمة العربية. لقد وضعت القيادات العربية نفسها خارج دائرة الفعل، ولم يعد لمواقفها أي وزن أو تأثير، بعد أن علقت إلى أجل غير مسمى معاهدة الدفاع العربي المشترك، وميثاق الأمن القومي العربي الجماعي، واكتفى أمين عام جامعة الدول العربية، بتكليف رئيس دائرة العلاقات العامة بالجامعة، بالبوح نيابة عنه، فيما يتعلق بالشأن العراقي، وقانون التقسيم.
لقد دعمت القيادات الكردية في شمال العراق، ميليشيات حزب العمال الكردستاني، ظنا منها أن ذلك سيمكنها من مساومة تركيا حول إقامة دولة كردية في الشمال العراقي، وغض الطرف عن استيلائها على كركوك. وحسب تصريحات هوشيار زيباري، فإن عدد أفراد هذه الميليشيات، في الشمال العراقي، قد تجاوز الأربعة آلاف مقاتل. سيشكلون، من وجهة نظرنا، خطرا إضافيا مستقبليا على العراق، العربي الموحد، بعد تحريره من الاحتلال الأمريكي.
واضح أن المواجهة بين حزب العمال الكردي، والجيش التركي قد تصاعدت بالأسابيع الأخيرة، حيث قتل الانفصاليون، منطلقين في هجومهم من شمال العراق، 15 جنديا من أفراد الجيش التركي. وهكذا وبقوة الأمر الواقع، أصبح الشمال العراقي، قاعدة للإرهاب ضد القوات التركية، خاصة بعد أن تأكد وجود القائد العسكري لحزب العمال ياهوز آردال، بمدينة أربيل العراقية، الذي بثت قناة الجزيرة الفضائية لقاء معه أجراه مراسلها أحمد الزاويتي من تلك المدينة، تحدث فيه بصراحة أنه اتخذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة الاجتياح التركي المقبل.
إننا إذاً إزاء نوع من النفاق السياسي، يتعامل بدون مبالاة أو اكتراث تجاه جرائم التفتيت في العراق، ويشارك بالعدوان عليه، ويرفع عقيرته، استنكارا وغضبا، باسم الدفاع عن وحدة الأراضي العراقية حين لا تنسجم المواقف والقرارات مع استراتيجياته وتكتيكاته.
أمن العراق وسلامة وحدة أراضيه لن يحميه الذين ارتدوا عليه وناصروا قوى الاحتلال، وشاركوا في مصادرته كيانا وتاريخا وهوية من خلال مساهمتهم في العملية السياسية، وقيادتهم لفرق الموت التي هدفت لتفتيته. أمن العراق ووحدة أراضيه يحققه الذين تصدوا بصدورهم للمحتل، والذين عملوا خلال السنوات المنصرمة على دحر مشاريعه.. وهو مسؤولية عراقية وعربية جماعية، يقود ركبها، ويتقدم صفوفها فرسان المقاومة، وليس أولئك الذين يجرون خلف أذيال الخيبة والهزيمة...
سيعود للعراق بإذن الله ألقه العربي، وتعود بغداد مدينة للسلام...
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
تركيا والتعاطي مع الزلزال العراقي
خيرالله خيرالله
الراية قطر
..تبدو تركيا كأنها ليست تركيا، البلد العضو في الحلف الأطلسي الواثق من نفسه وسياساته والقادر علي أن يكون قوة إقليمية تلعب دورا في ايجاد توازن ما في الشرق الأوسط.
ما يمكن قوله في ضوء التطور السلبي الذي طرأ في العلاقات الأمريكية - التركية، إنه تطور مرتبط مباشرة بالوضع داخل العراق الذي أثر تأثيرا قويا علي دول الجوار وبينها تركيا.
أدي الاحتلال الأمريكي للعراق الي اختلال في العلاقات بين دول المنطقة لم تشف منه تركيا الي الآن. ويبدو أن شفاءها منه ليس قريبا في ضوء الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة والتي لا تشبه سوي ظروف إعادة تكوينها إثر انهيار الدولة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولي بين 1914 و1918 من القرن الماضي.
وجدت تركيا نفسها بعد حرب العراق الأخيرة التي اعترضت عليها منذ البداية أمام معطيات مختلفة. علي سبيل المثال، ليس سهلا علي تركيا البقاء مكتوفة في حال استمرت العمليات التي يشنها حزب العمال الكردستاني داخل أراضيها انطلاقا من كردستان العراق.
كذلك ليس سهلا علي تركيا أن تقف موقف المتفرج من الكونغرس الأمريكي الساعي الي اتخاذ موقف يدين المجزرة التي تعرض لها الأرمن مطلع القرن الماضي في تركيا. والمرجح أن تفشل نانسي بيلوزي رئيسة مجلس النواب الأمريكي في جر الكونغرس الي موقف معاد من تركيا بسبب الأرمن وقضيتهم، علي الرغم من أن احدي اللجان صوتت مع إدانة تركيا بسبب مجازر الأرمن.
وليس سهلا علي تركيا أن تكتشف أن إيران هي المنتصر الأول والوحيد من الاحتلال الأمريكي للعراق وأنها صارت لاعبا إقليميا لا يمكن تجاهله بعدما صارت تمسك بمعظم الأوراق في العراق وتتحكم بقرارات الأحزاب الشيعية الكبيرة التي ليست سوي امتداد لأجهزتها. وليس سهلا علي تركيا أن تكتشف أيضا أن كل الأحداث التي يشهدها العراق تصب في اتجاه تهميش دورها علي الصعيد الإقليمي بما في ذلك استمرار حرمانها من النفط العراقي الذي بعض آباره قريبة من حدودها.
لا شك أن أكثر ما يقلق المسؤولين الأتراك ذلك الكيان الكردي الذي نشأ نتيجة حرب العراق والذي يمكن أن يتحول الي دولة مستقلة متي تهيّأت الظروف المناسبة لذلك. لا تستطيع تركيا تحمّل دولة كردية مستقلة علي حدودها، هي التي تضم بين مواطنيها ملايين الأكراد الذين يعتبرون أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية ويعتبرون الدولة الكردية المستقلة طموحا طبيعيا لهم.
هناك بكل بساطة ألف سبب وسبب لتشعر تركيا أنها خاسر كبير من الحرب الأمريكية علي العراق الذي كان حتي مطلع العشرينيات من القرن الماضي جزءا من الدولة العثمانية. وتتمثل الخسارة الأكبر لتركيا في وجود شبه دولة كردية في كردستان العراق غير قادرة علي وضع حدّ للنشاط الإرهابي الذي يمارسه حزب العمال الكردستاني الذي نشأ وترعرع أواخر السبعينيات من القرن الماضي وحصل في مرحلة لاحقة علي حماية سورية له بهدف واضح كل الوضوح يتمثل في استخدامه ورقة ضغط سورية علي تركيا في إطار الحرب الباردة.
وما لبثت سوريا في أواخر التسعينيات وقبل أن يخلف بشّار الأسد والده في العام 2000، أن تخلت عن الحزب الكردي وعن زعيمه عبدالله أوجلان في ظل تهديدات تركية مباشرة لها بلغت حد التلويح باجتياح للأراضي السورية. وكان القرار السوري بالرضوخ للمطالب التركية في غاية الحكمة وقد لعب بشّار الأسد دورا أساسيا في اتخاذه علي الرغم من أنه لم يكن خلف والده بعد.
المفارقة الآن أن الرئيس السوري يزور أنقرة لتأكيد دعم بلاده لتدخل عسكري تركي داخل الأراضي العراقية من أجل مواجهة حزب العمّال الكردستاني الذي كانت لديه قواعد في مرحلة ما في أراضيها وفي الأراضي اللبنانية التي كانت خاضعة للوصاية السورية، خصوصا في سهل البقاع!
ما يفترض ألا يغيب عن البال أن الولايات المتحدة غيّرت خريطة الشرق الأوسط في اللحظة التي قرّرت فيها اجتياح العراق. غيّر الأمريكيون النظام الإقليمي والتوازنات في الشرق الأوسط كله واستبدلوه بنظام جديد لم تتحدد معالمه بعد باستثناء أن إيران باتت الطرف الأقوي في العراق وفي الإقليم كله نظرا الي أنها تمتلك أوراقا مهمة تمتد من بغداد الي دمشق الي بيروت... الي غزة.
ولذلك تبدو تركيا حاليا في وضع من يبحث عن دور في ظل التوازنات الجديدة التي جعلت العراق يتحدث بأكثر من لسان واحد لدي سعيه الي معالجة ذيول العمليات الإرهابية التي استهدفت الجيش التركي انطلاقا من شماله. بدا واضحا أن هناك قرارا سياسيا مستقلا في شمال العراق لا يأخذ في الاعتبار سوي مصلحة الأكراد!.
ستتمكن الإدارة الأمريكية، علي الأرجح، من معالجة ذيول التصويت في احدي لجان الكونغرس علي إدانة المجازر التي ارتكبت في حق الشعب الأرمني في العام 1915 من القرن الماضي. لكن مشكلة كردستان العراق التي خلفها الاحتلال الأمريكي للعراق ستظل تراوح مكانها لفترة طويلة.
لن يكون في استطاعة الجيش التركي شن عمليات بالطريقة ذاتها التي كان يفعلها في عهد صدّام حسين الذي أعطي الجيش التركي حرية ملاحقة المسلحين الأكراد داخل الأراضي العراقية.
لم يعد دخول شمال العراق نزهة بالنسبة الي تركيا. هناك واقع جديد علي الأرض لا مفر من معالجته بطرق ووسائل مختلفة تتجاوز العمليات العسكرية المحدودة. هناك كيان تركي شبه مستقل شمال العراق، كيان يبدو علي استعداد لغض النظر عن حزب العمال الكردستاني التركي الذي يتطلع بدوره الي إقامة كيان مستقل لأكراد تركيا يكون امتدادا لكردستان العراق.
أي دور لتركيا في الشرق الأوسط الجديد الذي هو في صدد التكوين حاليا؟ ليس في الإمكان الإجابة عن هذا السؤال بعد. لكن الأكيد أن تركيا لا يمكن أن تسمح بإعادة تركيب العراق، او علي الأصح بتقسيمه علي حسابها، لأن عراقا مقسما لا نفوذ لتركيا فيه سيعني تهديدا مباشرا لوحدة تركيا في المدي البعيد وهو أمر لا يمكن أن تقبل به المؤسسة العسكرية التركية ولا الطبقة السياسية بغض النظر عن الشخص الذي في موقع رئيس الوزراء أو رئيس الدولة وانتمائه الي هذا الحزب الاسلامي أو العلماني أو ذاك.
ستستغرق عملية إعادة تكوين الشرق الأوسط سنوات عدة. الشيء الوحيد الثابت الآن في ضوء ما فعله الأمريكيون في العراق أن البلد صار مقسما. هذا واقع لا مجال لتجاوزه. أما الواقع الآخر الذي لا بدّ من التعامل معه، فإنه يتمثل في الخلفية المذهبية للنزاعات الإقليمية خصوصا تلك التي ساحتها العراق ولبنان. عاجلا أم آجلا سيتوجب علي تركيا اتخاذ قرارات كبيرة في حال كانت لا تريد أن تتبلور صيغة الشرق الأوسط الجديد علي حسابها.
ربما تنتظر تركيا في المرحلة الراهنة ما ستؤول إليه المواجهة القائمة بين الولايات والمتحدة وإيران لتقرر ما هي خطوتها المقبلة. لكن الانتظار لن يمنعها من التذكير بأن جيشها كبير وأنها ستلجأ الي القوة لمنع استمرار العمليات التي تستهدف جنودها انطلاقا من كردستان العراق من جهة وأن هناك اقلية تركمانية في العراق باتت في حاجة الي حماية من جهة أخري.
ستفعل ذلك مستندة الي سياسة ثابتة اتبعتها كل الحكومات التركية في السنوات الأخيرة ولكن في ظروف كان وضع العراق فيها مختلفا بشكل جذري عما هو عليه الآن. يبقي السؤال الكبير هل تصلح السياسة الثابتة لتركيا للتعاطي مع التطورات ذات الطابع المصيري التي تشهدها المنطقة، أم ثمة حاجة الي سياسة جديدة تأخذ في الاعتبار أن الشرق الأوسط يتغير وأن الخريطة الإقليمية يعاد رسمها انطلاقا من الزلزال العراقي؟.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
المنطقة بين "المغول" الأمريكي والتوغل التركي
... أحمد إبراهيم
الخليج الامارات
المنطقة عصفت بها الرياح، وراشقتها الرماح، لنتلقى الجراح تلو الجراح، فنحن أبناء المنطقة منذ سيل المغول والتتار وقدرنا يحتم علينا إما أن نخرج في وجه العاصفة أو نجلس على البارود. والبرق والرعد فوق رؤوسنا يوماً، والحمم والبراكين تحت أقدامنا أياماً أخر، فما إن خرج بوتين من المنطقة قبل أيام على قدميه داعياً للسلام، حتى دخلها بوش داعياً لحرب عالمية ثالثة في المنطقة.
وبين هذا وذاك، برز الملف الكردي ليزيد المنطقة اشتعالاً، ويضعها في أتون حرب جديدة قد تؤدي إلى مزيد من التدخل الدولي في شؤون المنطقة، وبما يجدد المخاطر التي تهددها بالتقسيم والتفتيت. وعلى وقع طبول الحرب، أعلن في طهران قبول استقالة علي لاريجاني الممسك بالملف النووي الإيراني ليحل محله سعيد جليلي في خطوة اعتبرها بعض المراقبين أنها محاولة من الرئيس نجاد لضبط إيقاع المفاوضات النووية وفقاً لرؤيته، وذلك في حين ارتفعت وتيرة التهديدات الإيرانية باستخدام آلاف الصواريخ، إذا ما تعرضت المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية لاعتداءات أمريكية و”إسرائيلية”، ما يعني أن الصراع الأمريكي - الإيراني إذا ما فلت من عقاله سوف يضع منطقة الخليج بين السندان الإيراني والمطرقة الأمريكية، ويعرضها لمخاطر لا يعرف مداها إلا الله.
بوتين انتقد استمرار الاحتلال الامريكي للعراق، لأنه يستهدف السيطرة على الثروات النفطية في المنطقة، كما شدد على ضرورة الحوار مع ايران حول برنامجها النووي، وكان واضحاً في معرض رده على عشرات الاسئلة في برنامج تلفزيوني بث في موسكو، أن الوجود العسكري الأمريكي في العراق “لم يعد مجدياً”، وهذه هي المرة السادسة لبوتين التي يظهر فيها بهذا البرنامج الحي منذ توليه السلطة في البلاد عام ،2000 حيث بثته وسائل الإعلام الروسية الحكومية المرئية والمسموعة على الهواء، وأوضح بوتين أن العراق “بلد صغير يصعب عليه الدفاع عن نفسه، وهو يملك احتياطيات ضخمة من النفط، ونحن نرى الاحتلال يتعلم الرماية بوضع بنادقه على أكتاف العراقيين من دون تصويب الهدف من أعداء العراق والعراقيين”.
والتقى بوتين بزعماء دول حوض بحر قزوين في قمة خاصة عقدت في طهران ضمت روسيا وإيران وأذربيجان وكازاخستان وتركمانستان، ومن أبرز نتائج هذه الزيارة، التي تعتبر الأولى لزعيم روسي منذ عام ،1948 ما نقلته وكالات الاعلام الروسية عن بيان روسي - إيراني مشترك أنه “سيتم بناء محطة بوشهر وتشغيلها وفقاً للجدول الزمني المتفق عليه”، إضافة الى تأكيد بوتين استمرار دعم بلاده لبرنامج إيران النووي “السلمي”، كما وجه الرئيس الروسي خلال لقائه أحمدي نجاد دعوة للرئيس الإيراني لزيارة موسكو لإجراء محادثات هناك، واتفق الطرفان على تحديد موعد تلك الزيارة من خلال القنوات الدبلوماسية.
قبل دخول بوتين الأخير الى المنطقة وخروجه منها سبقته مكوكيات وأعقبته برمجيات، فهو كان قد التقى قبل الدخول بكل من الرئيس الأمريكي بوش والمستشارة الألمانية ميركل ووزير خارجية فرنسا كوشنير، كما عاد والتقى مباشرة بعد الخروج منها بايهود أولمرت رئيس الحكومة “الإسرائيلية”، الذي لاحقه الى موسكو من دون أي مرافقة صحافية، وقد جاءت قفزات أولمرت هذه تجاه موسكو بعيد تصريحات الرئيس الروسي بأن روسيا لن تقبل أي عمل عسكري ضد إيران ينطلق من أراضي دول حوض بحر قزوين، ولو افترضنا أن كل تحركات تل أبيب في المنطقة أو بعضها كانت بإشارة مباشرة من واشنطن، فيا ترى ما هي الإشارة التي أرسلها البيت الأبيض الى أنقرة لتتخذ قراراً بالتوغل العسكري في شمال العراق؟
الذين قرأوا تاريخ العرب وحضاراتهم عرفوا جيداً أن المنطقة العربية لم تكن شقة مفروشة يتناوبها كل عابر سبيل أو طامع وطامح، إنها منطقة مستقلة بتراثها وتاريخها لم تكن مستعمرة لبوش أو بوتين أو من كان قبلهما، ولن تقبل المنطقة شروط وإملاءات ولن تقبل أي توغل في أي شبر من أراضيها العربية العراقية التي يجب أن تحكّمها سيادة الدستور وقوة القانون ويسودها الأمن والأمان. أرض العراق ليست مجرد المنطقة الخضراء إنها كل الأرض الممتدة من الجنوب حتى آخر شبر عند الحدود في الشمال مع تركيا، وفي الشرق مع إيران.
إن كل يوم تبقى فيه جيوش الاحتلال الأمريكي في المنطقة لن يزيدها إلا مقاومة وممانعة ورفضاً لكل شروط الهيمنة والسيطرة التي تريد أن تضعنا أمام الأمر الواقع المفبرك أمريكياً والمدبلج “إسرائيلياً” من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية التي تفتت دولنا وتدخلنا في صراعات لن يستفيد منها إلا الاحتلال وتقويه في المنطقة.
على أبناء المنطقة وحدهم أن يضعوا حداً لهذه المناورات اذا أجمعوا رأيهم على أن المنطقة لأبنائها فقط، وليست لفريق دون آخر أو لطائفة دون أخرى، أو لمذهب دون آخر، واذا أجمعوا على أن الجلاء المطلوب هو جلاء كامل وفوري لكل جيش محتل، وأن تعلن الدول العربية بالإجماع أن منطقة الشرق الأوسط هي منطقة عربية، لا وجود فيها لمحتل أو غاصب، وأن السلام فيها يقوم عندما تعاد الحقوق لأصحابها، وتتحرر من الاستغلال والهيمنة، وتعود فلسطين.
ui@eim.ae www. unipex.org
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
العراق... التقسيم بدلاً من الحرب الأهلية
بيتر جالبريث
الاتحاد الامارات
في نوبة من نوبات الواقعية صوت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 75 صوتا مقابل 23 على قرار غير ملزم يعترف بأن العراق قد تفكك وغدا من الصعب تجميعه مرة أخرى. وهذا القرار الذي تمت رعايته من قبل "جوزيف بايدن" المرشح "الديمقراطي" للرئاسة و"سام براون باك" عضو الكونجرس "الجمهوري" عن ولاية"كانساس" يدعم بدوره خطة لإقامة كونفدرالية فضفاضة مكونة من ثلاث مناطق في العراق: منطقة كردية في الشمال، ومنطقة شيعية في الجنوب، ومنطقة سُنية محصورة بين المنطقتين في الوسط. ولا تتمتع الحكومة المركزية في بغداد بموجب هذا القرار سوى بصلاحيات محدودة بخلاف صلاحيتها الرئيسية المتمثلة في ضمان التوزيع العادل لعائدات النفط.
وعلى الرغم من أن هذا القرار قد حرك ردود فعل قوية في العراق بل ومن إدارة بوش ذاتها، فإنه في الحقيقة قد دعا إلى الشيء الذي ينص عليه الدستور العراقي كما أنه يأتي تعبيراً عن واقع تجسد على الأرض وغدا من الصعب تغييره.
علاوة على ذلك نجد أن الدستور العراقي يعترف بالمنطقة الكردية في الشمال باعتبارها منطقة فيدرالية قائمة بالفعل، وأن المناطق الأخرى قد تنحو إلى خيار تكوين مناطقها الخاصة. ويُسمح للمناطق العراقية وفقاً لذلك القرار بإنشاء برلماناتها الخاصة، وبأن يكون لكل منها رئيس مستقل، بل ويجوز لها تكوين جيشها الخاص. الجيش الوطني والسياسة الخارجية سيكونان ضمن مسؤولية الحكومة الفيدرالية حصرياً،إلا أن القانون المناطقي ستكون له الأولوية على القانون الوطني في كافة الأمور المتبقية تقريباً، لدرجة أن الحكومة الاتحادية لن تكون لها حتى صلاحية فرض الضرائب.
بيتر جالبريث السفير الأميركي السابق لدى كرواتيا ومؤلف كتاب" نهاية العراق" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"
والحقيقة إن محدودية صلاحيات الدستور العراقي تعد انعكاساً لدولة لا تتمتع بشخصية مشتركة. فالشيعة يرون أن أغلبيتهم تعطيهم الحق في الحكم، كما أن أغلبية عريضة منهم تدعم الأحزاب الدينية التي ستُعرف العراق. والسُنة العرب من ناحيتهم لا يمكن أن يقبلوا بأن يتم تعريفهم بواسطة فصيل مذهبي منافس، أو أن يتم حكمهم بواسطة أحزاب مصطفة مع إيران. أما الأكراد فإن رؤيتهم للعراق تستند الى أنها دولة لا تشملهم.
وغياب الهوية المشتركة، هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى فشل إدارة بوش في بناء مؤسسات وطنية قادرة على العمل في العراق. وعلى الرغم من أن المدربين الأميركيين، يستطيعون جعل قوات الأمن ذات الأغلبية الشيعية أكثر فعالية، إلا أنهم لا يستطيعون تحويل جنودها إلى ضامنين محايدين للأمن يمكن للسنة أن يثقوا بهم. أما الأكراد فإنهم يحظرون تواجد الجيش الوطني وقوات الشرطة الوطنية في منطقتهم ويحتفظون بقواتهم الخاصة "البشمركة" التي يماثل تعدادها تعداد قوات الجيش النظامي وتفوقه من حيث المقدرة.
وفي تعبير عن الانقسامات العنيفة السائدة في العراق شجب رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي وزعماء الأحزاب السُنية الرئيسية تصويت مجلس الشيوخ الأميركي، واعتبروه مؤامرة لتقسيم العراق، في حين تبنى الزعماء الأكراد وحزب شيعي رئيس القرار لأنهم يأملون أن يؤدي في النهاية إلى تقسيم العراق.
والسيناتور "بايدن" الذي يُرجح أن يكون أكثر أعضاء الكونجرس إطلاعاً على حقائق الأوضاع في العراق، يصر على أن الفيدرالية الفضفاضة، وليس التقسيم هو الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه. و"بايدن" يشبه العراق بالبوسنة حيث أدت اتفاقية "دايتون" إلى الحفاظ على البلد قائماً، من خلال نقل معظم الوظائف إلى كيانات محددة على أساس عرقي. وهو على حق في ذلك خصوصاً إذا ما عرفنا أن الزعماء الأكراد يريدون أن يظلوا جزءاً من العراق في الوقت الحالي، لأن كردستان تتوافر فيها كافة سمات الدولة باستثناء الاعتراف الدولي.
على مدى أطول قد تكون المشابهة بين العراق وبين يوغسلافيا السابقة بل والاتحاد السوفييتي أكثر ملاءمة من المشابهة مع البوسنة. فالديمقراطية دمرت هذين البلدين لأنه- وكما هو الحال الآن في العراق- لم تكن هناك أبداً هوية وطنية مشتركة، كما أن جزءاً كبيراً من السكان لم يكن يريد أن يظل في إطار دولة واحدة.
لذلك يجب أن نكف عن الجدل حول ما إذا كنا نريد" تقسيماً" أو "فيدرالية" في العراق، وأن نبدأ بدلاً من ذلك في التفكير في الكيفية التي يمكننا بها تخفيف الآثار التي ستترتب على التفكك الحتمي لذلك البلد. وستكون هناك حاجة في هذا السياق بالطبع إلى عقد استفتاءات، كما يستلزم الدستور العراقي، من أجل تعيين الحدود النهائية للمناطق الثلاث. وسيستلزم الأمر أيضاً التوصل إلى صفقة بشأن تقاسم أموال النفط ترضي الشيعة والأكراد وتضمن للسُنة في نفس الوقت تدفقاً ثابتاً من العائدات، إلى أن يتم تطوير موارد النفط غير المستغلة حتى الآن والواقعة في مناطقهم. كما سيستلزم الأمر كذلك التوصل إلى صيغة لتقسيم بغداد. وعلى المستوى الإقليمي فسيتحتم إقناع جيران العراق بالقبول بجغرافيا سياسية جديدة. والأنباء الطيبة في هذا الصدد، هي أن التقسيم سيكون له أثر سياسي يحد من النفوذ الإيراني سواء في جنوب العراق أو في بغداد. أما تركيا، فعلى الرغم من التطورات الأخيرة على الحدود مع إقليم كردستان، فإنها تبنت حتى الآن موقفاً براجماتياً نحو ظهور كيان كردي مستقل، وهو ما يتبين جزئياً من خلال دعمها للشركات التركية التي تمثل استثماراتها 80 في المئة من الاستثمارات الخارجية في الإقليم. دعونا إذن نواجه حقيقة المسألة وجها لوجه، وهي أن التقسيم أفضل من حرب أهلية بين الشيعة والسنة، وأن هناك خيارات محدودة متاحة في الواقع تغني عن خيار التقسيم، وأن العراق لا يمكن إعادة تجميعه مرة ثانية أبداً في صورة دولة موحدة، وأننا كلما عجلنا بمواجهة هذه الحقيقة كلما كان ذلك أفضل.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
رسالة بن لادن تكشف أزمة القاعدة!
محمد أبو رمان
الغد الاردن
الرسالة الصوتية التي وجهها مؤخراً زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، إلى "أهل العراق"، وبصورة خاصة إلى الفصائل السنية المسلّحة، تعكس في جوهرها الأزمة الشديدة التي يعاني منها تنظيم القاعدة في العراق اليوم، سواء على مستوى الانحسار والتراجع، أو على مستوى العلاقة مع فصائل المقاومة والمجتمع السني أو على مستوى الحالة الداخلية للتنظيم.
ففي رسالة بن لادن، إضافة إلى الاعتراف لأول مرّة بالأخطاء التي يرتكبها أتباع التنظيم في العراق، دلالات سياسية مهمة في التوقيت والمضمون. إذ شهدت الفترة الأخيرة تراجعاً ملموساً في نشاط التنظيم وضَعفاً في قدراته، وتمكنت التحالفات العشائرية والفصائل السنية المسلحة -التي دخلت معه في صراع مسلح مؤخراً- من تحجيمه وإضعافه في مناطق متعددة، في مقدمتها الأنبار وبعض أحياء بغداد والرمادي والفلوجة وأبو غريب، وحدثت بمثابة "إزاحة جغرافية" واضحة للتنظيم، فأصبح تمركزه الرئيس في محافظة الموصل وبعض المناطق في بغداد، بعد أن كان يسيطر على مساحات شاسعة من المناطق السنية.
تراجع تنظيم القاعدة يأتي بعد شهور ذهبية عاشها في العراق، بخاصة آواخر العام المنصرم 2006، وبداية 2007 وقد أغرته هذه القوة بمحاولة فرض سيطرته على المناطق السنية والفصائل المسلحة الأخرى وشكّل ما يعرف بـ"دولة العراق الإسلامية"، مطالباً الفصائل المسلحة الأخرى بمبايعة أميره (أبو عمر البغدادي)، ما أدى إلى صراعات سياسية وإعلامية حادة بين المجتمع السني وفصائله وبين القاعدة، تطورت إلى معارك مسلحة أدّت إلى أعداد من القتلى والجرحى.
المفارقة اللافتة أنّ الفصائل المسلحة آنذاك لجأت إلى تنظيم القاعدة العالمي ليضع حدّاً لهذه الأحداث، إلاّ أنه اصطف بصورة واضحة مع قرينه العراقي، ووجه عطية الله، أحد قادة التنظيم ويعتقد أن له دوراً كبيراً فيما يجري في العراق، رسالة توبيخ للجيش الإسلامي، فجّرت الخلافات بصورة أكبر وأخطر.
أزمة تنظيم القاعدة، تتمثل أيضاً في عزلته السياسية، إذ بقي خارج التحالفات والاصطفافات بين الفصائل المسلحة، التي كان آخرها التحام "جبهة الجهاد والإصلاح" (عمودها الفقري الجيش الإسلامي) بحركتي حماس- العراق وحركة جامع من خلال "المجلس السياسي للمقاومة العراقية"، فيما بقيت جبهة "الجهاد والتغيير"، المقرّبة من هيئة العلماء المسلمين، (وعمودها الفقري كتائب ثورة العشرين وجيش الراشدين) خارج هذا المجلس إلى الآن، إلاّ أنّ علاقة هذه الجبهة بالقاعدة سيئة أيضاً، وقد وقعت صدامات مسلحة بينهما سابقاً.
كما حظي المجلس السياسي للمقاومة بمباركة جبهة التوافق والحزب الإسلامي اللذين دعيا إلى ضرورة الاعتراف به. ما يعني أنّ القاعدة، التي كانت في ذروتها الحقيقية سابقاً، باتت منحسرة ومتراجعة عسكرياً وسياسياً، بعد أن فقدت شروط قوتها ومنعتها، أي الحاضنة السنية، وهي القضية التي لم تدركها القاعدة فـ"نقضت غزلها بيدها"!
تبدو الأزمة الأخطر لقاعدة العراق، والتي ألمح لها بن لادن، في الوضع الداخلي؛ إذ تتكوّن القاعدة من مجموعات متفرقة من الأفراد في العديد من المناطق، والذين لم يتشربوا حتى التنشئة الدينية والفكرية والسياسية التي تقوم عليها القاعدة ذاتها.
فقد ساهمت الشروط الموضوعية في تعبئة وتجنيد عدد كبير من أفراد القاعدة، دون أن ننفي الماكنة المالية والإعلامية للقاعدة سابقاً، فأصبحوا أعضاء في التنظيم، و"قفزوا" على مراحل أساسية من الإعداد والتأهيل، مما انعكس على صورة التنظيم وبنيته الداخلية، وقدرة القيادة في السيطرة على الأعضاء، أو التأكد من ولائهم، وأنهم لا يمثلون اختراقاً لجهات إقليمية أو محلية أخرى.
فالعامل الرئيس في طبيعة التكوين الحالي لقاعدة العراق: أنّها تمثل "أقصى التطرف السني" المقابل للتطرف الشيعي ولجرائم الاحتلال. إلاّ أنّ ذلك ينعكس سلباً على مدى إدراك الأعضاء الجدد لأصول فكر القاعدة وطبيعة أهدافها، فحدثت حالة من الخلط الكبير لدى عدد كبير من أعضاء التنظيم، وأصاب الحالة الداخلية بأسرها بالخلل، وأثّر على صورة القاعدة، إذ تعتبر قاعدة العراق اليوم بمثابة "الجناح اليميني المتطرف" حتى داخل شبكة القاعدة الممتدة في العديد من المناطق.
ما سبق لا ينفي أنّ رسالة بن لادن تحمل في باطنها هاجس استعادة التجربة الأفغانية (الصراع بين الأخوة) والجزائرية (استسهال قتل الناس والاعتداء على المخالفين). لكن الهدف الرئيس هو إنقاذ تنظيم القاعدة العراقي من حالة التدهور والعزلة والانحسار التي وصل إليها.
الظروف الحالية لا تدفع إلى الاعتقاد أنّ رسالة بن لادن ستؤدي مهمتها بنجاح، فقد جاءت متأخرة كثيراً عن لحظتها المناسبة، بالتحديد عندما لجأت المقاومة إلى قاعدته في باكستان وأفغانستان، فعادت بـ"جواب عطية الله" وخيبة أمل كبيرة!
m.aburumman@alghad.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
الازمة الكردية التركية
حسن أبو نعمة
الغد الاردن
المشكلة على الحدود العراقية- التركية،بين قوات حزب العمل الكردستاني والأتراك،ليست جديدة. فقد نشأ حزب العمال الكردستاني في اواخر سبعينيات القرن الماضي،وباشر مسلحوه اعمالا مسلحة ضد تركيا منذ منتصف الثمانينيات.
قُتل ما يقارب 37 الف شخص ودمرت آلاف القرى الكردية في جنوب شرقي وشرقي تركيا في الصراع المستمر منذ ذلك الوقت بين المتمردين الاكراد وقوات الجيش التركي التي اخترقت الحدود العراقية لمطاردتهم ومهاجمتهم اكثر من مرة.
كان حزب العمال يطالب في الاصل باستقلال المناطق الكردية،ثم تراجع إلى المطالبة في الحصول على حكم ذاتي فقط.وقد بلغ الصراع الكردي- التركي ذروته في منتصف التسعينيات لكن لا الردع العسكري التركي ولا اعتقال زعيم الحزب عبدالله اوجلان عام 1999 قد نجحا في انهاء نشاط المتمردين الاكراد المحصنين في جبال وعرة شاهقة، وهم الخبراء في طرقها ومخابئها العصية على الجيوش النظامية ومعداتها الحديثة.
تعرض الحزب لانقسامات داخلية،وارتباك يتعلق بسياساته وعمله وحتى تسميته،وعرض مطلع القرن هدنة لمدة خمس سنوات، وظل الصراع يخبو ويشتد الى ان استؤنف بشدة خلال العامين الماضيين، بالرغم من محاولات تهدئة احادية من قبل الحزب وعروض هدنة لمدد قصيرة.
اذن المشكلة تطل برأسها من جديد لتشكل معضلة هامة للحكومة التركية، التي لا تستطيع بالطبع ان تصمت على الاعتداءات المتكررة والبالغة الاثر على سيادة ارضها وجنودها ومواطنيها، ومن هنا ارتفعت وتيرة التهديد التركي بعمل عسكري واسع للقضاء على مقاتلي حزب العمال الكردستاني،لكن وسط ظروف حساسة وجديدة ومختلفة عما كان عليه الوضع في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
حكومة رجب طيب اردوغان تتصرف بدبلوماسية هادئة وحكمة مسؤولة في ادارة الازمة، على الرغم من انها حكومة منتخبة حديثا وشرعيتها ما تزال طازجة،الا انها قررت العودة للبرلمان لتأكيد شرعية قرارها باستخدام القوة العسكرية وحصلت على هذا التفويض.
يبدو ان هذه الخطوات المدروسة الهادئة قد ساهمت بقدر كبير في امتصاص غضب الشعب والجيش ضد المتمردين الاكراد، كما ساهمت في تمكين الحكومة من تهدئة اثر الضغط الشعبي والعسكري عليها للتحرك بحزم وصرامة وسرعة.
ليس من المنتظر ان تسكت الحكومة التركية على الاستفزازات والاعتداءات المستمرة، بخاصة وان خسائر جيشها خلال هذا الشهر كانت باهظة ومؤلمة. ولا مجال للاعتقاد بأن تركيا وجيشها القوي الذي يبلغ تعداد منتسبيه ما يقارب الاربعمائة الف عسكري، ينقصها الحزم والارادة لبذل كل ما هو ممكن للدفاع عن حقوقها، ولذلك لا يمكن ان يفسر العمل الهادئ والتريث المدروس على انه تردد وضعف،بقدر ما سينظر اليه على انه المسؤولية تجاه ما قد يترتب على عمل عسكري متسرع من مضاعفات على اوضاع المنطقة الملتهبة بمجملها.
فالمنطقة التي تعاني من حرب في عامها الخامس في العراق، وبدون امل ملحوظ في نهاية قريبة لتلك الحرب, ومن صراعات خامدة او متفجرة في فلسطين ولبنان وافغانستان وباكستان والصومال وغير تلك المواقع، لا تتحمل حربا جديدة على الحدود العراقية التركية، لأنها ستكون كالحريق الجديد الذي سيتصل بالحريق المدمر القائم.
منذ اللحظات الأولى للأزمة زاد سعر برميل النفط عن90 دولارا،ولا ضمان لعدم مواصلة الارتفاع سواء وقع العمل العسكري او لم يقع.كما انه لا ضمان، ولا حدود معروفة، لمضاعفات واخطار مغامرة عسكرية جديدة على امن واستقرار منطقة غير مستقرة اصلا. بالاضافة الى ان ضمان النجاح في تحقيق المرجو من العمل العسكري هو في عالم الغيب ايضا، واذا جاز القياس على التجارب السابقة المعروفة فإن حركات التمرد لا تقمع بالعمل العسكري فقط.
لذلك انطلقت اصوات من عواصم العالم الرئيسية والاقليمية في المنطقة ومن كبار قادة العالم والمنطقة ايضا، تدعو الى ضبط النفس والى اللجوء للأساليب والطرق الدبلوماسية لتهدئة الوضع، ويبدو ان الحكومة التركية تستجيب لذلك, كما يبدو ان حزب العمال الذي صعد من استفزازاته واعتداءاته قد عاد لإعلان وقف لإطلاق النار، والمرجو ان يؤدي كل هذا للتهدئة المنشودة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
عن أية ديمقراطية يتحدّث مسعود البرزاني؟
محمد العماري
شبكة البصرة
في آخر تصريح له قال العميل مسعود البرزاني, بعد أن نفخ صدره ونفش ريشه, إن إقليم كردستان مستعد للدفاع عن نفسه ضد أي إعتداء خارجي, وإن الشعب الكردي سوف يدافع عن "تجربته الديمقراطية". ومن حق الأكراد كبقية الشعوب الأرض, والقول لي, أن يدافعوا عن أنفسهم, ولكن ليس من حق العميل البرزاني, من أجل الحفاظ على عرشه العائلي, أن يُعرّض حياة شعبنا الكردي في شمال العراق الى الخطر ويسبب له المصائب في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل ولا حتى بغل. كما إن حديث البرزاني عن "تجربته الديمقراطية" يثيرالضحك والسخرية والشفقة معا. لأن كل ما قامت به وفعلته عائلة البرزاني ومنذعشرات السنين ينتاقض تماما مع أبسط أنواع الديمقراطية. بدليل أنهم يتوارثون, أبا عن جد, قيادة الحزب المسمى زورا وبهتانا بالديمقراطي وبالنتيجة يستولون على رئاسة الأقليم.
وديمقراطية مسعود البرزاني, مثل الفدرالية التي يطالبون بها, فريدة من نوعها ولا يوجد لها شبيه لا في الدول المتحضرة ولا في الدول المتخلفة. وهاكم مثالا بسيطا. مسعود البرزاني رئيس للاقليم, إبن شقيقه نيجرفان البرزاني رئيس لوزراء الأقليم, وإبن مسعود, وإسمه مسرورأو شيء من هذا القبيل, يترأس جميع أجهزة المخابرات في إقليم برزانستان)كردستان سابقا (وهوشيار زيباري, خال مسعود البرزاني, هو وزير خارجية العراق العربي. ومن المؤكد أن ثمة أفراد آخرين من عائلة البرزاني يحتلون مناصب حساسة سواء في حكومة المنطقة الخضراء في بغداد أم في حكومة الاقليم الكردي في شمال العراق. فأية ديمقراطية هذه يا أبناء الأفاعي السّامة؟
لقد تجاوزت القيادات الكردية في شمال العراق, البرزاني والطلباني على وجه الخصوص, جميع الخطوط الحمراء. وبالغوا في تطرّفهم والتأكيد على"خصوصيتهم" ومطالبتهم التي لا تنتهي بالمزيد من الحقوق على حساب الشعب العراقي والشعوب الأخرى, وكأنهم ملائكة منزّلون. وإنتهجوا, وهذه هو سبب كره وإحتقارالآخرين لهم, نفس السبل والطرق اليهودية العنصرية في الابتزاز والتضليل والخداع والاستقواء بالأجنبي. وما كلامهم عن الدفاع عن شعبهم وقدسية أرضه, كما يقول العميل البرزاني, الاّ نفاق وهراء وضحك على ذقون أتباعهم. فلا يُعرف عن هؤلاء العملاء أنهم دافعوا عن الشعب الكردي, في أية مرحلة من تاريخه, دون اللجوء الى القوى الأقليمية والدولية المعادية للعراق, وتقبيل بساطيل جيوشها والارتهان لأوامرها.
إن كلّ ما يهمّ العميلين البرزاني والطلباني هو أن تستمرهذه الاقطاعيات السياسية التابعة لهما, والمسماة أحزابا, في الهيمنة والتسلّط على البسطاء من إخوتنا الأكراد, وأن تكون يدهم طليقة في النهب والسلب والاثراء الفاحش دون رقيب أو حسيب بحجّة الحفاظ على تجربتهم الديمقراطية المزعومة
وعندما يطالب رئيس العراق المعيّن العميل جلال الطلباني حزب العمال الكردستاني التركي بمغادرة الأراضي العراقية فهذا يعني أنهم ضالعون مع هذا الحزب في كل نشاطاته وتحركاته وخططه. بل أنهم وفّروا له كل مستلزمات العمل السياسي والعسكري والاعلامي في شمال العراق, من مقرات الى معسكرات تدريب, وكأنه حزب عراقي. ومع كلّ هذا يخرج علينا الديمقراطي جدا مسعود البرزاني ويقول نحن لسنا طرفا في الحرب بين تركيا وحزب العمال الكردي التركي. وهو صادق في كلامه.هذا. لأنه, أي البرزاني, لا يُحارب الاّ على الفضائيات. وإذا إقتضت الحال فأنه سوف يلجأ, كما أسلفنا سابقا,الى أحدى الدول ويتحالف معها لتحارب نيابة عنه بعد أن يقوم هو بدورالخادم المطيع وماسح الأحذية. وهذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها بشكل جيد على مدى تاريخه "النضالي" العريق.