Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 25 أغسطس 2007

صحيفة العراق الألكترونية ( المقالات والافتتاحيات) السبت 25 -8-2007

ثانيا فهرست المقالات والافتتاحيات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
التحذير السري معروف للجميع
افتتاحية
الشرق قطر
2
أبو نواس يفضح خديعة جنرال سبتمبر
محمد عيسي الشرقاوي
الاهرام مصر
3
عصر الوصاية
افتتاحية
صحيفة تشرين
سوريا
4
إلى متى تصمد حكومة المالكي؟
خليل العناني
الوطن عمان
5
الإمبراطور بوش في مواجهة العالم
محمد حامد الجمل
الوفد مصر
6
إدارة بوش.. خيارات متقلبة وكوابيس كثيرة
أيمن ياغي
الوفاق الايرانية
7
حكومة المالكي في مرحلة صعبة
افتتاحية
الدستور الاردن
8
اختبار آخر في العراق: مساعداتنا للاجئين
مايكل جيرسون
واشنطن بوست
9
بوش ضد التيار.. فيتنام أنموذجاً
رزان عمران
صحيفة تشرين اسوريا
10
من اقوالهم


الدستور الاردن
11
بوش يبورط المعلقين
حازم مبيضين
الراي الاردن
12
دعوة لقضاء شهر العسل فـي ربوع العراق
هاشم القضاة
الراي الاردن
13
من دون التغطية الأميركية... هل ستعيش حكومة الطوائف العراقية?
داود البصري
السياسة الكويت
14
تفكيك الدولة من لبنان إلى العراق.. إلى المنطقة!
طارق مصاروة
الراي الاردن
15
بوش والثنائية التبسيطية
حسن البراري

الغد الاردن
16
العراق وفيتنام
افتتاحية
الخليج الامارات
17
عن تقرير كروكر - بتريوس قبل الصدور *
عريب الرنتاوي
الدستور الاردن
18
الانسحاب هو القضية لا المالكي
خيرالله خيرالله
الغد الاردن
19
- هذا ما يواجهه الأميركيون في العراق بالصوت والصورة
بوب هيربرت
الوطن قطر
20
النوازع الامبراطورية إذ تؤذن بتصدع «الحلم الأميركي
محمد خالد الأزعر
الحياة
21
العراق وكبش الفداء
أمجد عرار
الخليج الامارات
22
المصالحة العراقية.. والاحتلال الأميركي.. لا يجتمعان
علي الطعيمات
الوطن قطر
23
المالكي وأصدقاؤه
طارق الحميد
الشرق الاوسط
24
تشبعوا بالأنانية الوطنية..واقفزوا من السفينة الجانحة للغرق

زين العابدين الركابي
الشرق الاوسط
25
الازمة العراقية والجهود الضائعة
مختار لماني
الشرق الاوسط
26
هل احترقت أوراق مشرّف.. والمالكي؟!

افتتاحية
الرياض السعودية
27
هاي تاليها.. يا «خوش زلمه»؟
سعد بن طفلة
الشرق الاوسط الا
28
ميليشيات وتوازن رعب طائفي
مصطفى زين
الحياة
29
من اجل العراق
افتتاحية
الجزيرة السعودية
30
الكلمة الثانية...الصدمة بالصدمة
أيمن عبوشي :
الراية قطر
31
أمريكاً في العراق.. مأزق المربع الأول!
افتتاحية
اليوم السعودية
32
العراق والمصير المجهول
افتتاحية
البيان الامارات
33
فضاء...أزمة ثقة!
أحمد ذيبان
الراية قطر
34
انتفاضة المالكي
علي حجيج
البيان الامارات
35
هل يمر حل المعضلة العراقية عبر طهران؟
د. عبدالله جمعة الحاج
الاتحاد الامارات
36
زيارة المالكي لسوريا.. أولها كآخرها
حسين العودات
البيان الامارات
37
لحظة انعدام القرار
صبحي غندور
الراي العام الكويت



رابعا نصوص المقالات والافتتاحيات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
التحذير السري معروف للجميع
افتتاحية
الشرق قطر
التحذير الذي ازيلت عنه السرية، والذي جاء في تقرير استخباراتي أمريكي جديد بأن حكومة نوري المالكي ستصبح "اقل ثباتا واستقرارا" في الاشهر المقبلة" ليس سوى تحصيل حاصل لما اصبح معروفاً على نطاق واسع في العراق من ان حكومة المالكي فشلت في تحقيق اي نجاح، بل واستحالة تحقيق اي تقدم مستقبلاً بموجب الوتيرة التي تسير بها حكومته. لقد وجد بوش نفسه بمأزق كبير بعد مراهنته على المالكي وعلى قدرته على ضبط الاوضاع المتردية في العراق. وهو في الحالة هذه بدأ بالاعلان عن خيبة امله به وبحكومته التي لم تفعل شيئاً سوى تكريس الطائفية وهيمنة الشيعة على مقاليد الامور في البلاد، مقابل إقصاء السنة ومحاولة خنق أي تمثيل لهم. ولعل مهاجمة الفوج الثالث لمقر جبهة التوافق العراقية التي انسحبت من الحكومة وتهديد عدنان الدليمي بالقتل وإطلاق الشتائم ذات المغزى الطائفي اكبر شاهد على ذلك.

فاذا كان المالكي يعلم بما تقوم به القوات الحكومية فذلك اكبر اثبات على التمييز الطائفي الذي ينتهجه وبعده كل البعد عن ذهنية المصالحة الوطنية. اما في حالة عدم علم الحكومة بما يقوم به قادة الجيش من اعمال تعسفية وتهديد بالقتل تجاه الاحزاب السنية فمصيبة حكومة المالكي اعظم! وهذا يثبت مستوى التخبط والفوضى والفلتان ويبرز الدور الذي تقوم به الحكومة الذي يقوم على اطلاق التصريحات والظهور امام الكاميرات والسكن في قصور المنطقة الخضراء ليس إلا. الانتقاد الذي وجهه الرئيس الامريكي للحكومة العراقية هو اعتراف بالفشل وليس محاولة للتقويم او التوجيه. النظام الحالي في العراق هو نظام تم تصميمه في امريكا وتشغيله في العراق. إلا انه مع الاسف نظام اثبت فشله في الاجواء الحارة على ما يبدو. ومحاولة ترقيعه او انتقاده او تغيير ركن من اركانه لن يفيد في شيء الآن. لقد اصبحت الميليشيات اقوى من قبل واكثر تنظيماً وباتت جزءاً لا يتجزأ من السلطة والحكومة ومحاولة القضاء عليها الآن هي محاولة الغاء الدولة. فلا بوش انصف المالكي ولا المالكي انصف بوش وتصريحات بعضهم ضد البعض الآخر هي مصيبة ومضيعة للشعب العراقي بعينها.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
أبو نواس يفضح خديعة جنرال سبتمبر
محمد عيسي الشرقاوي
الاهرام مصر
لم يكن قد تجاوز الخمسين من عمره‏,‏ الا قليلا‏,‏ حين وافته المنية‏..‏ فقد ألم به وهن شديد لم يبرأ منه‏..‏ وكان الشاعر العراقي أبو نواس‏,‏ وهو علي فراش مرضه يبتهل الي الله أن يصفح عنه‏,‏ ويعفو عن نزق وهفوات أيام لهوه‏..‏ وتباينت الروايات حول ملابسات موته‏..‏ فمن قائل انه قضي نحبه في السجن‏,‏ نظرا لأن حكام الدولة العباسية كانوا يتخذون منه نديما‏..‏ ثم يضيقون ذرعا من جنوح قصائده‏,‏ فيزجون به في السجن إعلانا للبراءة‏..‏ ومن قائل ان أحد كبراء القوم دس له السم ليتخلص منه‏!‏

لكن أبو نواس بقي شاعرا عظيما‏,‏ وظلت سيرته مثيرة للجدل منذ زمنه‏,‏ حتي داهمنا زمننا بكارثة الاحتلال الأمريكي للعراق منذ عام‏2003..‏ غير أن الطموحات الامبراطورية للرئيس جورج بوش الابن‏,‏ ارتطمت ارتطاما شديدا بصخرة المقاومة‏..‏ ولم يعد الانتصار العسكري الأمريكي ممكنا في موقعة العراق‏..‏ وظن الجنرال ديفيد بترايوس قائد قوات الاحتلال أن في وسعه أن يستدعي أبا نواس ليتخذ منه نديما‏,‏ في مضمار سعيه لإعداد تقرير يقدمه للكونجرس الأمريكي في منتصف سبتمبر المقبل حول سير الحرب في العراق‏!‏ أمر غريب‏..‏ أليس كذلك؟‏!..‏

لكن هذا ما يحدث في بغداد منذ ابريل الماضي‏..‏ لقد تفتق ذهن قادة الاحتلال عن خدعة يستدرجون بها أعضاء الكونجرس للاقتناع بأن فكرة بوش لتعزيز القوات في العراق كانت سديدة وصائبة‏,‏ وتحقق نجاحات ملموسة‏..‏ واتكأوا لتنفيذ خدعتهم المراوغة هذه علي الشاعر ابي نواس وشارعه الذي كان من أشهر شوارع بغداد وأكثرها تألقا ومرحا قبل زمن الاحتلال‏..‏ وقرر الجنرال ديفيد اعادة احياء الشارع‏..‏ ورصدت قوات الاحتلال لذلك خمسة ملايين دولار‏..‏ ومن المقرر افتتاحه يوم السبت المقبل‏,‏ حتي يتمكن الجنرال من ابراز هذا الانجاز في شهادته أمام الكونجرس‏.‏ لكن وكالة أنباء أمريكية شهيرة‏,‏ هي الاسوشيتد برس تثير الشكوك حول انجاز الجنرال‏..‏ وتقول ليس واضحا بعد‏,‏ ما اذا كان شارع أبي نواس سوف يكون له تأثير ايجابي‏..‏ وتشير الي أن الشارع لن يعود الي سيرة بهائه وتألقه الأولي الا بعد سنوات‏.‏

وأغلب الظن أن أبا نواس لن يمد يد العون للجنرال‏..‏ فقد تجاوزت أحداث بغداد العاصفة والدامية خدعة الجنرال‏..‏ فالتفجيرات صارت شرسة وضاربة‏,‏ وجنود بوش يقتلون زرافات ووحدانا‏..‏ بينما يتصدع المشهد السياسي اثر انسحاب‏17‏ وزيرا من حكومة المالكي احتجاجا علي تعثر اجراءات المصالحة الوطنية‏.‏ والمثير للدهشة‏,‏ أن طين الأمة العراقية ازداد بلة‏,‏ عندما شكل المالكي تحالفا بين الشيعة والاكراد لدعم حكومته وحكمه‏..‏ وهو ما يؤجج الاستقطاب الطائفي‏,‏ وينذر بتفاقم ويلاته‏..‏ وهو أمر يثير قلق بوش قبل موقعة منتصف سبتمبر وشهادة الجنرال أمام الكونجرس‏.‏ ومن المرجح الا يشفع لبوش افتتاح شارع أبي نواس‏..‏ فقد تواترت أنباء بأن الشاعر أصيب بحالة اكتئاب شديد منذ استدعاء الجنرال ليتخذ منه نديما‏..‏ ولم ينقذ الشاعر من اكتئابه تذكر أشعاره وخمرياته الشهيرة‏..‏ ولا بسمة من ثغر الفتاة جنان التي كان بها شغوفا‏..‏ معذرة ايها الشاعر الكبير‏..‏ في زمن الاحتلال اعتمر خوذة‏..‏ وارشق بقلمك أكاذيب الغزاة‏.‏ التي تتقافز في شارعك‏..‏ ووطنك‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
عصر الوصاية
افتتاحية
صحيفة تشرين
سوريا
مسكينة هي الإدارة الأميركية فقد أربكتها التدخلات السورية المتوالية في شؤون المنطقة وجعلتها لا تنام الليل، وهي التي تتفانى من أجل نشر الديمقراطية والحرية والسلام في العالم، وهي التي تسهر على مصلحة شعوب هذا العالم!

سورية هي التي تحتل العراق وتغذي الإرهاب فيه وتعرقل جهود الجيوش الأميركية التي تكبدت مشقة السفر على البوارج وحاملات الطائرات من أجل رفاه واستقرار العراق وشعبه. ‏

وسورية هي التي تحوّل حياة الشعب الفلسطيني إلى جحيم، تارة بفرض الحصار، وتارة بالتشجيع على قتل الأطفال والنساء والشيوخ وهي التي تغض الطرف عن وجود أكثر من عشرة آلاف فلسطيني في المعتقلات الإسرائيلية، وهي التي تبارك البرنامج النووي العسكري الإسرائيلي، وهي التي تضخ مليارات الدولارات لتتحول إلى أسلحة فتّاكة تستخدم في واحدة من أبشع جرائم إبادة الجنس التي عرفتها البشرية. ‏

وسورية أيضاً هي التي تتدخل في الشؤون اللبنانية وتقول: إنها تريد هذا الرئيس ولا تريد تلك الشخصية، وهي التي تراهن على فريق دون آخر، وتقوّي وتدعم هذا الفريق حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية جديدة بدأت الأوساط الغربية تتحدث عنها. ‏

سورية هي عقدة إدارة بوش ، ليس اليوم فقط، وإنما منذ أن سطا المحافظون الجدد على البيت الأبيض بخطأ الكتروني، واستولوا على مراكز اتخاذ القرار ورسم السياسات. ‏

بعيداً عن هذه الخزعبلات والسخافات التي أضحت سياسة رسمية لدولة عظمى نسأل: ماذا يحدث على أرض الواقع؟ ‏

لنقرأ بعض الأخبار بصياغة ولغة أميركية صرفة: ‏

ـ «يبشّر » جنرالات أميركيون العراقيين «برمضان دموي» استناداً إلى معطيات خاصة بقوات الاحتلال ومرسليها في واشنطن، في وقت تشير التقارير إلى أن عدد الضحايا العراقيين الذين سقطوا خلال العمليات العسكرية الأميركية قد ازداد منذ أن وصلت الأعداد الإضافية من القوات الأميركية إلى العراق، والتي تجاوزت العشرين ألفاً. ‏

ألا يحق لنا أن نسأل: من يقتل الشعب العراقي، دون تمييز بين دين وطائفة وعرق، وبين طفل وشيخ وامرأة ؟! وهل كان الإرهاب هو السائد في هذا البلد قبل احتلاله؟. ‏

ـ تناقلت وكالات الأنباء كلاماً منسوباً لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد «داوود» وولش يحدد فيه الشروط التي يجب أن تتوافر في أي شخصية لتكون «مقبولة» من الإدارة الأميركية كي تتسلم منصب رئيس الجمهورية اللبنانية: من هذه الشروط والمواصفات، أن يكون المرشح معادياً لسورية وحزب الله، وأن «يتوافق مع سياستنا في المنطقة وأن يعبّر صراحة عن استعداده للتعاون معنا ولا يواجه سياستنا في لبنان والمنطقة» استناداً إلى الكلام المنسوب لداوود الأميركي القريب من أولمرت وشارون وباراك وبن غوريون ومائير وبيريز وبقية «الشلّة» الإسرائيلية ـ الصهيونية. ‏

تصوروا أن مثل هذا الكلام لا يعتبر تدخلاً في الشأن اللبناني، وما يقوم به سعادة السفير جيفري فيلتمان في لبنان لا يعتبر أيضاً وصاية السفراء والقناصل وأصحاب النفوذ الأميركيين على هذا البلد الذي كانت إدارة بوش وموظفوها المخلصون في أربع جهات الأرض، وفي منطقتنا خصوصاً، يريدون أن يتخلص من «الوصاية السورية»!. ‏

ـ وما هو خطير فعلاً كذلك أن هناك حديثاً متعدد المصادر والجهات عن أن سكين التقسيم الأميركية ـ الإسرائيلية تعمل في العراق ولبنان وحتى ما بين الضفة والقطاع!. ‏

إنها مهزلة المهازل، لذا فإننا فعلاً نرثي لحال هذه الإدارة التي باتت عرضة لانتقادات الداخل الأميركي، وكراهية شعوب الأرض نتيجة سياساتها المبنية تارة على الأضاليل والأكاذيب وتارة على الأساطير والخرافات، والتي أضحت خلطة عجيبة تعبّر عن كل ما هو بشع ومتعجرف وعنصري وإرهابي في هذا العصر . ‏

مسكينة هي إدارة بوش لأنها تحاول إلقاء فشلها وإخفاقها على الآخرين، والآخرون هنا في هذه المنطقة يختصرون بسورية، والقوى المقاومة... وهذا فخر لنا ولكل مدافع عن قيم الحرية والسيادة والاستقلال والإنسانية. ‏


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
إلى متى تصمد حكومة المالكي؟
خليل العناني
الوطن عمان

ثمة مؤشرات كثيرة على أن عقارب الساعة تسير عكس إرادة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وهي مؤشرات عكستها بوضوح التصريحات الأميركية الأخيرة التي حملت كثيراً من الانتقادات لأداء حكومة المالكي.
والآن تتحدث وسائل الإعلام الأميركية عن "قبلة وداع" قريبة بين المالكي وجورج بوش، في إطار بحث الولايات المتحدة عن زعيم عراقي آخر يمتلك القدرة على الوصول لتسويات ومواءمات مع الكتل السياسية والطائفية الأخرى.
في الوقت الذي بدأ فيه تجمعاً أعضاء من الحزب الجمهوري الأميركي وثيقو الصلة بالبيت الأبيض بحملة علنية لإسقاط حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. ويبدو أن التصريحات السلبية التي أطلقها الرئيس بوش تجاه المالكي خلال الأيام الماضية وعبر فيها عن "إحباطه" من أداء حكومة المالكي، كانت بمثابة ضوء أخضر لبعض الجمهوريين لبدء حملة على حكومة المالكي، يقودها أكثر من عضو بارز داخل الحزب الجمهوري، من بينهم السيناتور كارل ليفين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. ولم يسلم المالكي من انتقادات السفير الأميركي في العراق رايان كروكر الذي انتقد بشدة برنامج المصالحة الذي وضعه المالكي ولم يثمر أية نتائج، على حد قول كروكر. بيد أن المالكي هاجم كلا من بوش وكروكر بشدة أثناء زيارته لسوريا، مشيراً إلى أنه قد يضطر للبحث عن أصدقاء جدد في المنطقة، وذلك في تصريح يحمل مسحة تهديدية للولايات المتحدة.
حقيقة الأمر أنه من الصعوبة بمكان توقع الإطاحة بنوري المالكي بسهولة، وذلك لعدة اعتبارات، أولها: أنه جاء من خلال انتخابات نيابية، رغم التشكيك في نزاهتها، وسيبدو إقدام الولايات المتحدة على استبعاده كما لو كان انقلاباً على النموذج "الديمقراطي" الذي ما فتئت الولايات المتحدة تروج له في المنطقة. وهي حقيقة يدركها المالكي جيداً لذا لم يكن غريباً أن يرد على تصريحات بوش وكروكر بالقول " إن حكومته منتخبة وغير مساءلة إلا أمام الشعب العراقي فقط".
ثانيها: أن المالكي يحظى بدعم سياسي واضح من الكتلة الكردية، التي تعد الكتلة الثانية الأكبر داخل البرلمان العراقي، ما يعطيه فرصة لإعاقة أية عملية قانونية لسحب الثقة من حكومته. لذا فهو لا يكترث كثيراً بانسحاب بعض الكتل السنية والشيعية من البرلمان والحكومة، على اعتبار أنه يستطيع تأمين الأغلبية البسيطة داخل مجلس النواب وبالتالي عدم طرح المجلس للثقة فيه.
ثالثها: أن البدائل المطروحة لتحل محل المالكي ليست أفضل حالاً، ولا يوجد إجماع عراقي عليها، وقد علق روجر هاردي محلل الشئون السياسية بالإذاعة البريطانية على هذا الوضع بقوله "يتداول الشارع العراقي أسماء عدد من الشخصيات التي يمكن لها أن تخلف المالكي ومن أهمها نائب رئيس الجمهورية وعضو المجلس الإسلامي الاعلى في العراق عادل عبدالمهدي ورئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي. ولكن مقتدى الصدر يعارض تولي عبدالمهدي رئاسة الوزارة بسبب المنافسة الشديدة بين تيار الصدر والمجلس الاعلى بزعامة الحكيم. بينما تعارض الأحزاب الشيعية وصول علاوي إلى رئاسة الحكومة" بل الأكثر من ذلك أنه ليس من المتوقع أن يكون أداء أي رئيس وزراء عراقي آخر أفضل مما هو عليه الآن في ظل الوضع الراهن، وستبدو الولايات المتحدة كما لو كانت تريد "تغيير الحصان" في منتصف السباق، على حد وصف هاردي.
رابعها: أن المالكي يحتفظ بعلاقات متوازنة، إلى حد ما، مع إيران، وقد يبدو أفضل من أي رئيس وزراء عراقي آخر يمكن أن يسعى لتعضيد هذه العلاقة وبالتالي التأثير على المصالح الأميركية هناك.
وبالتالي يمكن فهم الضغوط الأميركية على المالكي في سياق المحاولات المتكررة لتعديل سلوك المالكي وإجباره على اتخاذ خطوات حقيقية لإصلاح الأوضاع السياسية والطائفية مع الكتل الأخرى.
ثمة نقطة أخرى يرتكز عليها المالكي في الإبقاء على نفسه كرئيس للوزراء وهي إلمامه بالتجاذبات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، خصوصاً بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبالتالي فهو لا يعير اهتماما للتصريحات المتعددة بشأن إقالته من منصبه والبحث عن شخصية أخرى.
وحقيقة الأمر فإن المشكلة ليست في المالكي فحسب، وإنما في انعدام قدرة الولايات المتحدة على إيجاد بيئة سياسية صحية ومناسبة لإفراز مجتمع متعدد الطوائف يعتمد مبدأ المواطنة كمعيار وحيد للترقي السياسي. وإنما سعي لتأليب الطوائف المختلفة ضد بعضها البعض، ولا يزال يفعل ذلك في بعض المناطق القريبة من بغداد في الأنبار وديالى في إطار التصدي لتنظيم القاعدة. فضلاً عن انعدام قدرة الولايات المتحدة على الوصول إلى تسوية "جزئية" مع إيران تختص بتهدئة الوضع في العراق، من أجل تأمين انسحاب غير مكلف لقواتها من هناك.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
الإمبراطور بوش في مواجهة العالم
محمد حامد الجمل
الوفد مصر
وصف »بوتين« - بحق - منذ أيام السياسة العدوانية العسكرية الامبريالية لـ »بوش دبليو« التي لا تلتزم بميثاق الأمم المتحدة أو الشرعية الدولية، ومشروعاته بنشر الحائط الصاروخي الفضائي، بانها سياسة شبيهة بما اتبعه هتلر في الرايخ الثالث وأدي الي الحرب العالمية الثانية!!! وقد قال الرئيس الروسي ذلك وهو يشاهد مناورة عسكرية ضخمة مع قادة دول »مؤتمر شنغهاي«،

شاركت فيها هذه الدول وعلي رأسها الصين وروسيا بأكثر من عشرة آلاف جندي، وقد وصفت المناورة بانها للتدريب علي مقاومة الإرهاب!!، في ذات الوقت الذي انطلقت فيه الطائرات الروسية الاستراتيجية مجددا لحماية الحدود الروسية، وتم إيقاف تنفيذ اتفاقية الحد من الأسلحة التقليدية، وكتبت العلم الروسي في قاع المحيط المتجمد الشمالي!! ويؤكد كل ذلك انه قد سار »بوتين« وباقي دول المؤتمر في وسط آسيا في الطريق الصحيح لحماية روسيا والصين وباقي هذه الدول بوسط آسيا من الحصار الأمريكي والخلل الاستراتيجي المترتب علي الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق وأفغانستان وتهديد سوريا وإيران بالضرب المباغت!! بل تم حضور نجاد كمراقب للمؤتمر تمهيدا لضمها لعضويته!! وقد أعلن المؤتمر مجدداً وبوضوح - تعتم عليه الصحافة البوشارونية وعملاؤها - رفض قادته السيطرة الأمريكية الأحادية علي العالم، وحتمية إدارة الشئون الدولية وفقا لنظام متعدد الأقطاب لحماية السلم والأمن الدوليين، مع رفض دول المؤتمر وتصديهم للمشروع الأمريكي الامبريالي ولقد ظهرت مجددا بذلك مظاهر الحرب الباردة علانية وفعلا، والتي سبق ان تنبأت بحقيقتها بمقالي بالوفد منذ عدة شهور!!! واعتقد أن الزيارة التي قضاها الرئيس »بوتين« في الفيلا الصيفية لعائلة الرئيس »بوش دبليو« بشاطئ الأطلطني - وبعد صراحة وعمق الحوار الطويل بينهما علي حائط الصواريخ الفضائي البوشي، ورفض بوش دبليو إدارة محطة الرادار في كازاخستان بالمشاركة مع روسيا بدلا منه، واصراره علي وقف التعاون الروسي مع البرنامج النووي الإيراني السلمي، وكذلك مع سوريا في برنامجها التسليحي ولوقف دورهما بالعراق ولبنان - أنه قد كان لهذا الحوار الأثر الحاسم في تأكد »بوتين« من حتمية المواجهة، وضرورة تحريك عناصر الحرب الباردة علانية، دفاعا عن الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية لروسيا والصين وحلفائهما في إطار الشرعية الدولية التي داسها الغرور العدواني الأحمق للامبراطور »بوش الصغير« الذي يواجه عودة الحرب الباردة.

مع انهيار شعبيته الحاد، وتعدد كوارث الطبيعة وآخرها إعصار دين في تكساس ولكن يصر علي تحدي الكونجرس والشعب الأمريكي، ويرفض وضع أي برنامج زمني للانسحاب من العراق، إلا بعد أن يرد السيد تقرير جنراله »دافيد ديمتر يوسي« في 15 سبتمبر القادم، ولا نعيا بالديمقراطيين الذين يتهمونه علنا بالضغط علي الجنررال لتزوير التقرير عن الأمن بالعراق، بينما طالبت جماعة »الصهيومسيحيين الأمريكيين« علي »شبكة الإنترنت« بوش دبليو بصفته القيصر القاهر العالمي، ان يملأ العراق بالأمريكيين عسكرا ومدنيين، وان يطرد منه العرب وخاصة السنة، للبلاد المجاورة ويبقي بالقوة الشيعية والأكراد فقط، كما حرضوه ان يستعين بالجيش الأمريكي، لاحداث انقلاب عسكري يعدل الدستور لإبقائه مدي الحياة »امبراطوراً«، ليستكمل بناء الأمبراطورية البوشارونية المقدسة، ويلقي الكونجرس واختصاصاته ويحوله الي مجلسين للتأييد والهتاف، للقيصر القاهر حاكم العالم!!!

ولعل هذا »الانقلاب المجنون«، هو حقيقة ما يدور في عقل ووجدان بوش الصغير بعد هزيمته وحزبه في الانتخابات، وبداية مرحلة العد التنازلي، لفترة رئاسته الثانية، ومواجهة الانهيار السريع لسلطته حتي علي إدارته، داخل البيت الأبيض، حيث بدأ الهرب من العديد من أبرز مساعديه بالاستقالة وآخرهم »كارل روت« مستشاره السياسي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
إدارة بوش.. خيارات متقلبة وكوابيس كثيرة
أيمن ياغي
الوفاق الايرانية
مع اقتراب موعد صدور التقرير «التقييمي» الذي سيقدمه منتصف سبتمبر المقبل قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بتراوس والسفير ريان كروكر.. يبدو ان الرئيس الأميركي جورج بوش وطاقمه المحافظ لا يملك خيارات كثيرة لإكمال فترته الرئاسية الثانية الى نهايتها.ولذلك فهو مضطر في خضم هذه المواجهة المفتوحة مع الديمقراطيون في الكونغرس، ومع الشارع الأميركي المعارض بشدة للحرب في العراق ان يكرر ذات الأساليب القديمة ويخترع حججا وذرائع متناقضة كي يواجه كل من يعترضون سبيله أو يسعون لاحباط خططه واستراتيجياته في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي العراق على وجه التحديد.
نقول.. لا خيارات منطقية يستعرضها الرئيس بوش سوى الأمور التالية:
- يقوم هو وبعض اتباعه من السياسيين والجنرالات بالترويج لأوهام تتعلق بالاشادة ب«المكاسب السياسية» غير المرئية لبعض المجموعات العراقية.
- مازال يدعو بلاده لإعطاء سياسته في العراق «فرصة جديدة» لمنع كابوس الهزيمة، وحماية أميركا من خطر الإرهاب.. واليوم نراه يحذر من حمام دم شبيه بالذي حدث في جنوب شرق آسيا بعد هزيمة القوات الأميركية في فيتنام.. فكابوس الهزيمة أصبح ينتقل من داخل الولايات المتحدة الى خارجها.
- يتبع سياسة قلقة ومتأرجحة مع الحكومة العراقية بين عتب ومطالبة بتحقيق انجازات سياسية وميدانية وبين انزعاج وغضب وخطط الاطاحة بحكومة نوري المالكي ثم التراجع والمباركة.
- التعامل مع الدول المؤثرة في الحالة العراقية ولا سيما ايران وسوريا بمزاجية حينا واستعلائية حينا آخر، يتقلب على خطي المواجهة أو المحاورة حسب مقتضيات الظرف، وحراجة الموقف في داخل العراق.
- يدفع مجلس الأمن الدولي الى الموافقة على توسيع دور بعثة الأمم المتحدة في العراق وذلك لزج هذه المنظمة الدولية الهاربة من الجحيم العراقي بعد تفجير عام ۲۰۰۳ الذي أودى بحياة ۲۲ من موظفيها.
- يزيد من توتير الملفات الأخرى المفتوحة في الشرق الاوسط «الأزمة الفلسطينية الداخلية، أزمة لبنان الداخلية، أزمة الغرب مع المشروع النووي الايراني»، حيث لا حوار بين فتح وحماس ولا بين الموالاة والمعارضة في لبنان، مع جهد دائب لتوقيع المزيد من العقوبات الدولية - الأميركية ضد ايران وسوريا. - يضع منطقة الشرق الاوسط أمام حرب «تسلح جديدة» عبر نفخ عضلات «الدول المعتدلة» عسكريا، وإعادة القوة التسليحية الرادعة لاسرائيل بعد اخفاقها في حربها الأخيرة مع حزب الله.
وإذا وضعنا هذه الخيارات العابثة والمتقلبة لإدارة بوش فإننا نشهد تشتتا غير مسبوق في ذهنية هذه الادارة وكأنها ذاهبة الى حبل المشنقة ولكن بدون تركيز، مع ان حسب الكاتب الأميركي الكبير صمويل جونسون يقول «عندما يعلم الانسان أنه سوف يتم تعليقه الليلة على حبل المشنقة يقوم بتركيز ذهنه بشكل مذهل للغاية». فهل يرى بوش نفسه على مسافة بعيدة من حبل المشنقة؟!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
حكومة المالكي في مرحلة صعبة
افتتاحية
الدستور الاردن
تشير معظم المعطيات السياسية إلى أن حكومة نوري المالكي تعيش ايامها الأخيرة في العراق ، وهذا متوقع بعد سلسلة من الأزمات السياسية والأمنية ذات البعد الطائفي والتي لم تستطع الحكومة أن تتعامل معها بطريقة توحي بأنها حكومة لكل العراقيين ، ويبدو الآن وكأن معظم القوى التي قدمت الدعم للحكومة تغسل أيديها منها في الأيام الأخيرة.
انسحاب القائمة العراقية الموحدة التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي من الحكومة يشكل ضربة قوية خاصة وأن قائمة علاوي ليست طائفية بقدر ما هي سياسية وقد قدمت قائمة من 14 مطلبا وطنيا للرئيس المالكي منذ شهر شباط الماضي منها إعادة النظر في قانون مكافحة الإرهاب وتطهير الجيش والشرطة من العناصر المندسة وتعليق العمل بقانون اجتثاث البعث حتى سن قانون جديد كما طالبت القائمة الحكومة بوقف المظاهر ذات الابعاد الطائفية والجهوية ومنها هيئة التوازن والعمل بجدية على المصالحة الوطنية ومنع تدخلات دول الجوار ووضع خطة لاعادة المهجرين قسرا داخل العراق وخارجه ولكن الحكومة لم تقم بأي تحرك إيجابي مما ساهم في إنهاء حالة الثقة بين القائمة والحكومة.
مقابل المشاكل الداخلية يبدو أن حكومة المالكي قد خسرت أيضا ثقة الطرف الأميركي ومنذ وقت طويل فعلا حيث يشير تقرير جديد للمخابرات الأميركية إلى أن مستقبل حكومة المالكي لن يكون مستقرا وسوف يستمر معدل العنف الطائفي وسط تزايد في مطالبة أعضاء من الكونغرس الأميركي بانسحاب القوات الأميركية وإيقاف الدعم لحكومة المالكي واتهامها بعدم القدرة على إدارة الشؤون الأمنية والسياسية والسماح بتدخل قوى خارجية وخاصة إيران في الشأن العراقي.
ويبقى الجميع في الولايات المتحدة بانتظار تقرير كروكر - بتريوس حول تقييم الوضع الأمني في العراق والذي سيقدم إلى الكونغرس الأميركي في الخامس عشر من ايلول ويتوقع له أن يتضمن نقدا حادا لقدرة حكومة المالكي على ضبط الأمن وأن يعطي الفضل في التحسن النسبي للوضع الأمني في بغداد إلى القوات الأميركية فقط. ولكن المشكلة الحقيقية في العراق تبقى في سيادة الفكر الطائفي الضيق على الفكر الوطني في إدارة الحكومة والشأن العام في العراق ولا مخرج من هذا النفق المظلم إلا في وضع المصلحة الوطنية فوق المصلحة الطائفية وارتقاء السياسيين فوق مستوى الخلافات الطائفية ، ورفع مستوى الثقة والتعاون مع الدول الأساسية المهتمة باستقرار ومصلحة العراق وخاصة الأردن والسعودية ومصر والإمارات والتي ستكون شريكة في أية ترتيبات تستهدف الخروج من حالة الطائفية وتصفية الحسابات السياسية في الأرض العراقية نحو حالة من البناء الوطني للمصلحة العراقية العامة.
المشكلة العراقية هي في الأساس من صنع الاحتلال الأميركي ، وملاحظات الرئيس بوش السلبية حول أداء الرئيس المالكي هي مؤشر آخر على عمق الأزمة المشتركة بين الإدارة الأميركية والحكومة العراقية وانسداد الآفاق في إيجاد حلول تتناسب مع الواقع المؤسف وترتقي فوق فلسفة المحاصصة الطائفية وترسيخ الاحتلال والتي ثبت فشلها في كل تطبيقاتها في السنوات الأربع الماضية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
اختبار آخر في العراق: مساعداتنا للاجئين
مايكل جيرسون
واشنطن بوست
تؤكد إدارة بوش بشكل صحيح أن الشرق الأوسط بأسره ، من القصور الملكية إلى المعسكرات الإرهابية ، يراقب النتائج النهائية في العراق ليحدد مدى التصميم الأميركي.
لكن المنطقة أيضا تتخذ إجراءات مباشرة أكثر للالتزام أميركا تجاه أصدقائها: ردة فعلنا تجاه أزمة اللاجئين العراقيين. وهذا الأمر أيضا هو مسألة مصداقية وأمانة وطنية.
شرد حوالي مليوني عراقي داخل العراق بسبب العنف الطائفي والخوف ، وهرب 2 مليون آخرين من البلاد إلى سوريا والأردن ولبنان ومصر.
ووفقا للأمم المتحدة ، ثمة تدفق ثابت متواصل من اللاجئين الجدد بمعدل 50 ألف لاجئ شهريا. والجزء المهم في الأمر أن هؤلاء العراقيين لا يتمركزون في مخيمات لاجئين إنما يتوزعون في المناطق المدنية في مدن مثل دمشق وعمان ، ما يجعل من الصعب على الوكالات الإنسانية تحديدهم والوصول إليهم.
يخلق الوصول المفاجئ لمئات الآلاف من العراقيين توترات - يرهق التعليم وخدمات الصحة ، ويرفع الأسعار ويثير الريبة.
وفقا لكريستل يونيز من منظمة شؤون اللاجئين الدولية ، بدأ لبنان بترحيل اللاجئين.
الخطر النهائي واضح: كما أثبت بعض الفلسطينيين ، يمكن للاجئين أن يغرقوا في احزانهم ، وأن يستسلموا للتطرف وأن يخوضوا نزاعا اوسع.
خلال الشهور العديدة الماضية ، تحسنت ردة الفعل الأميركية على هذه الأزمة من الصفر إلى القليل من الاهتمام. تمول الولايات المتحدة ما مقداره 30% من جهود الأمم المتحدة الموجهة للاجئين وتتعاون بشكل وثيق مع منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي.
لكن هذه المبادرات العالمية البالغة قيمتها عشرات الملايين من الدولارات المخصصة لمساعدة ملايين اللاجئين - لا توازي حجم الاحتياجات.
مخصصات مساعدة المشردين العراقيين عبر منظمة شؤون اللاجئين الدولية كانت أقل من مليون دولار العام الماضي ، التي وصفتها يونيز بأنها مثل"حبات الفستق".
وإذا لم تقدم أميركا وأصدقائها وحلفائها المساعدة الفعلية للاجئين ، فسوف يكون الإسلاميون المتشددون جاهزون لملء الفجوة.
يضغط بعض أعضاء الكونجرس بشكل واضح على هذه القضية لإرباك الرئيس ، نظريا يثبت التدفق الكبير للاجئين أن الجهود الأمنية في العراق قد فشلت. لكن مشكلة اللاجئين في الواقع تعزز حجة مختلفة تماما.
كما أوضح كين بولاك من معهد بروكينجز ، أن حربا أهلية عراقية شاملة يمكن أن تزيد بشكل دراماتيكي عدد اللاجئين العراقيين. وقد يجد الجيران مثل الكويت والسعودية أن من الصعب منع الطوفان. وقد ينقلب الميزان الطائفي الضعيف للعديد من دول الشرق الأوسط ، مسببا عدم استقرار خطير. والانسحاب الأميركي السريع من العراق قد يجعل هذه المشكلة التعسة أسوأ بكثير.
لكن قد تتعزز مصداقية إحدى الحجج المركزية لإدارة بوش - القائلة أنه يتعين على أميركا ألا تترك العراقيين للفوضى والمجازر الجماعية بالمغادرة قبل الآوان - إذا أظهرت أميركا إلتزاما بالعراقيين المشردين الآن.
مساعدة اللاجئين العراقيين على نطاق واسع ليست ضرورة مربكة. إنما هي فرصة لإظهار اهتمام إنساني بناء ومتماسك ، وارتباط طويل الأجل في الشرق الأوسط.
وبدلا من التنازل عن قيادة هذه القضية للكونجرس ، على الإدارة أن تطور نهجا متكاملا - زيادة تمويلها لمساعدة اللاجئين في الوقت الذي تضغط فيه على أصدقائها في الشرق الأوسط وأوروبا للقيام بالمزيد أيضا.
كي يكون الأمر مقنعا ، اوصت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمنح 8 آلاف عراقي تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة هذا العام لأنهم ساعدوا القوات الأميركية ويعيشون الآن تحت التهديد بالقتل ، أو الخطف أو المضايقة.
وقد سمح لهؤلاء العراقيين بالدخول على دفعات - حوالي 200 شخص في النصف الأول من هذا العام - بسبب مخاوف وزارة الأمن الداخلي من الارهاب. التدقيق في اللاجئين الذين سيسمح لهم الدخول أمر مهم - ومن الضروري القيام به باسلوب لائق والتوقف عن تعريض أميركا للاحتقار. إذا واصلنا معاملة أصدقاء أميركا بطريقة مهينة ، سنواجه عالما دون أصدقاء.
عندما يصل الأمر لقضية اللاجئين ، فالعراق ليس فيتنام. لم تتخلى أميركا عن الشعب العراقي ، وليس هناك حاجة إلى إعادة تسوية مؤقتة لأوضاع مئات الآلاف ، وما زلنا نأمل أن يعود العديد من اللاجئين طوعا عندما تتحسن الأوضاع الأمنية.
ويوضح يونيز قائلا "نحن لا نقول أن الجهود في العراق قد فشلت ، ولا نجادل بأنها ستنجح ، لكنك لا تستطيع انكار العواقب الإنسانية". مواجهة تلك العواقب قد تزيد احتمالات النجاح.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
بوش ضد التيار.. فيتنام أنموذجاً
رزان عمران
صحيفة تشرين اسوريا
حتى في استخلاص العبر من الماضي، يسير الرئيس الأميركي بعكس التيار، حرب فيتنام التي لم يتطرق إليها في خطاباته إلا مضطراً للرد على من يستحضرها في الحديث عن العراق، باتت الآن نقطة يبني عليها خطاباً كاملاً للدفاع عن حربه العراقية، مستعيناً بإيماءات وتصفيق المحاربين القدماء الذين يوجه إليهم الخطاب، معتقداً أنهم أفضل من سيفهمه رغم أنهم عايشوا الحرب في الميدان، بعكسه.

كثيراً ما بدا على بوش الامتعاض من دعوات مناهضي الحرب لأخذ العبرة من الهزيمة الأميركية في فيتنام وإسقاط ذلك على الواقع المزري على كل الصعد بسبب غزو العراق، لكن الآن، يبدو أن بوش وجد، أو ظن أنه وجد في درس فيتنام ما يصلح لوضعه حجة أمام هؤلاء: «لا تنسوا ما حل بالشعب الفيتنامي عندما انسحبنا»، ويسوق لدعم حجته ما حصل في فيتنام من اقتيادها حلفاء الولايات المتحدة إلى السجون أو باحات الإعدام. ‏

هذا فقط ما يريد بوش فهمه من الدرس الفيتنامي البغيض على قلبه، لم يكن ينقص إلا أن يدعوا إلى العودة إلى ذلك البلد لتصحيح «الخطأ» والاعتذار للفيتناميين، الذين ما زالوا يفخرون بتمكن مقاومتهم من زعزعة الجيش الأميركي الذي احتل أرضهم وسفك دماءهم. ‏

الكلام موجه للمحاربين القدماء سعياً وراء الإيماءات إليها التي لا تعني أنها موافقة بالضرورة، وموجه لمعارضي الحرب على العراق من منظرين ومشرعين، نقطة ضعفهم الوحيدة أنهم لا يعلمون الغيب الذي سيجره الانسحاب، وموجه إلى العراقيين لترهيبهم من فكرة سحب البساط من تحت أقدام الجيش الأميركي، خصوصاً وهو يوشك على الانتصار ­المزحة لبوش­ داعياً إياهم والأميركيين والعالم كله لمزيد من الانتظار قبل الحكم بضرورة الانسحاب. ‏

ضيع بوش ولايتيه انظاراً وانتظاراً ولم يثمر ذلك إلا إعطاء مزيد من الوقت للموت في العراق، وبحجته الفيتنامية الآن لكأنه يخير العراقيين بين الموت بوجود الاحتلال أو دونه، ويبدو أن «دونه» هذه تعني في المفهوم البديهي لبوش الفوضى، لا الحرية مثلاً، التي يرفض الإقرار بأن الفيتناميين استعادوها برحيل الاحتلال وأزلامه. ‏



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
من اقوالهم


الدستور الاردن
- "المُثل والمصالح التي قادت اميركا الى مساعدة اليابان على تحويل الهزيمة الى ديمقراطية هي نفسها التي تقودنا الى البقاء مشاركين في افغانستان والعراق."
الرئيس جورج بوش مقتطفات قالها مقدما يوم الاربعاء الماضي قبل القاء خطابه امام قدامى محاربي الحروب الاجنبية. (آيه بي سي نيوز)
- "يريدون مني ان أمجد الحرب وان اقول انها باردة للغاية."
الجندي الاميركي روبرت اكوستا ، ردا على اسئلة من اصدقاء واقارب وغرباء حول فترة خدمته في العراق ، حيث فقد احدى يديه في هجوم بالقنابل خارج مدينة بغداد. (نيويورك تايمز)
- "السياسة البريطانية بسحب القوات تخلق أزمة أمنية في جنوبي البلاد ، وتساعد على تحويل البصرة إلى مدينة حرب لعصابات الإجرام."
الجنرال جاك كين المقرب من البيت الابيض ومهندس الخطة الأمنية الهادفة إلى تطهير المناطق التي يسيطر عليها مسلحون في بغداد ، والذي يكشف بحديثه أن الوضع في البصرة قد تدهور إلى حد دفع القادة العسكريين لبحث تعزيز البريطانيين بقوات أميركية. (الاندبندنت)
- "عندما نرى كل هذا الدعم التشيكي لإسرائيل ، نشعر وكأن السياسة الخارجية للحكومات التشيكية المتعاقبة تجاه الشرق الأوسط تساهم في صياغتها السفارة الإسرائيلية في براغ".
ميروسلاف غربينيتسشيك رئيس الحزب الشيوعي التشيكي المورافي السابق. وكان موقع تشيكي قد نشر قائمة بأسماء 200 شخصية سياسية تشيكية يهودية او من اصول يهودية من ضمنها الرئيسان التشيكيان الحالي فاتسلاف كلاوس والسابق فاتسلاف هافل. (الجزيرة)
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
بوش يبورط المعلقين
حازم مبيضين
الراي الاردن
ورط الرئيس الاميركي جورج بوش الكثيرين من المعلقين السياسيين بتصريحين بدوا متناقضين إزاء الحكومة العراقية، فبعد يوم واحد من تعبيره عن خيبة الأمل مما يجري في عاصمة الرشيد عاد بوش ليؤكد مساندته لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي واصفا إياه بأنه رجل صالح يضطلع بمهمة صعبة، وأنه يسانده، مشيرا بان قرار تغييره لا يرجع إلى الساسة الاميركيين وإنما إلى الشعب العراقي.

والذين أخذوا التصريحات الاولى بجدية كبيرة استندوا إلى صدورها عن الرئيس الاميركي بعد ساعات فقط من تصريحات سفيره في بغداد الذي وصف التقدم السياسي في العراق بأنه مخيب للآمال إلى أبعد الحدود وتحذيره من أن الدعم الاميركي لحكومة المالكي لن يكون صكا على بياض إلى الابد.

كما أن التسرع في الاستنتاج بأن بوش تخلى كليا ونهائيا عن المالكي الذي وصفه ذات يوم انه الرجل الصحيح للعراقيين يستند خطأ إلى مجموعة التصريحات التي دأب مناهضو الحرب على إطلاقها مستغلين فرصة اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في اميركا وتعاطف الديمقراطيين معهم لاسباب انتخابية، لكنهم تجاهلوا أن كافة مسؤولي البيت الابيض رفضوا تفسير وسائل الاعلام العالمية لتعليقات بوش الاخيرة التي أشارت إلى الاحباط مصرين على أن واشنطن تواصل دعم المالكي.

حين يجرب واحدنا أن يجمع التصريحين الصادرين عن سيد البيت الابيض سيكتشف أن لا تناقض فهو يرى في الأول أن لا تقدم في العراق وأنه يشعر بخيبة أمل ويطالب رئيس الوزراء بالمزيد من الجهد للوصول إلى الأهداف المتوخاة وفي الثاني يقول إن المالكي يبذل جهده وأنه يتعاطف معه ويدعمه.

المالكي رد بعنف من دمشق معتقدا أن تصريحات بوش الاولى ناجمة عن عدم رضاه على زيارته إلى عاصمة الامويين والاتفاقات التي عقدها هناك ومعلنا أن بمقدوره البحث عن اصدقاء جدد معتمدا على ما سمعه من المسؤولين السوريين لكن المؤكد أن عقد الامال على تطبيق أي من تلك الاتفاقات يعتمد على توفر الإرادة السياسية السورية لتطبيقها والاهم من كل ذلك هو التغلّب على المشكلة الامنية الناجمة عن استمرار تسلل المقاتلين المناوئين للحكومة العراقية وعمليتها السياسية عبر الأراضي السورية ودخولهم إلى العراق لتفجير أنفسهم أو سياراتهم في أوساط المدنيين من العراقيين الابرياء.

وإذا كانت الدوائر المحيطة بالمالكي تعتقد أن زيارته إلى سوريا حققت نجاحا باهرا وأن ذلك لن يمنع استمرار الدعم الأميركي لها، فان على هؤلاء أن يتذكروا جيدا زيارته السابقة لطهران، وهي الموصوفة بالنجاح ايضا، وأن يتفهموا أن الزيارتين كانتا لعاصمتين مناوئتين لسياسات واشنطن، وأن من عدم الفطنة الاعتقاد أن الادارة الاميركية سترضى عنهما، خاصة وأن الكثيرين يؤمنون بأن سياسات إيران وسوريه تهدف بالدرجة الاولى إلى تحقيق مصالحهما بغض النظر عن الحاكم سعيدا في المنطقة الخضراء. وذلك اعتمادا على مواقف البلدين منذ سقوط نظام صدام حسين. الواضح انه من الناحية النظرية سيبدو صحيحا تماما القول إن مسالة استبدال المالكي بغيره هي قضية سياسية عراقية أولا ومرهونة بإرادة الكتل البرلمانية المختلفة المشاركة بالحكومة والعملية السياسية وأن من حق رئيس وزراء العراق - نظريا - سلوك السياسات التي يراها مناسبة وإلى حد الاعلان عن القدرة على إيجاد أصدقاء آخرين في أماكن أخرى، غير انه يبدو شديد الاهمية ملاحظة ما أعلنه رئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية نصير العاني إن المجلس السياسي للأمن الوطني وجه انتقادات للمالكي بسبب ما وصفه بالأداء غير المرضي للحكومة في المجالين الأمني والخدمي، وإن هذا المجلس دعا الحكومة إلى إيجاد معالجات سريعة للأوضاع في العراق، لافتا إلى أنه أي المجلس يشاطر الرئيس بوش انتقاده لأداء الحكومة، فهل يعني ذلك ان على المالكي التيقن من اوضاعه الداخلية قبل ان يلجأ إلى هكذا تصريحات، تصدر عن رجل دولة يعرف ان بلده ما زالت محتلة من الاميركيين وان العملية السياسية التي أمنت له مقعده الرئاسي تمت بإرادة اميركية أولا وثانيا وعاشرا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
دعوة لقضاء شهر العسل فـي ربوع العراق
هاشم القضاة
الراي الاردن
أيتها الجميلة التي حملت الينا الجرائد والمجلات صورتها من وراء البحار في الاسبوع الماضي لتجلو عيوننا بوجهها الصبيح وطلعتها البهية، ولتبدو الى جانب خطيبها الوسيم وكأنها شمس يكوكب حولها القمر، اطل الخطيبان السعيدان ليذكراني ببيت شعر نبطي رائع سبق وان خاطب به الشيخ عبدالله اللوزي ابنه قبلان عندما طلب منه ان ينهض للبحث عن محبوبة تسكن قلبه وتؤنس دربه، حتى لو كلفه ذلك العناء والتعب، ضاربا له المثل بعناء القمر وهو يلهث وراء الشمس ليستمد نوره منها، وفي ذلك يقول ابو قبلان:''ابوي يا قبلان قوم اطلب الحبُهَّ'' الى ان يقول :''حتى القمر عذّبه ربّه، يركض ورا الشمس وينادي'' ونقول اليوم لكلّ العذال: لماذا لا يلهث قمر فرجينيا وراء شمس واشنطن، اذا كانت هذه الشمس اقرب الى قلبه من حبل وريده، وكان ابوها شيخ امنع عشيرة فوق هذه الأرض؟!.

يا شمس واشنطن، ايتها الوردة المتفتحة في بستان ''العز والعزوه'' ترنو عيوننا اليك اليوم وأنت الأميز، ليس فقط في حُمرة الخد ورشاقة القدّ بل وفي طيب السيرة ونقاء السريرة، نرنو إليك لنبارك لك خطوبتك، ونعتذر منك لتغيبنا عن جاهتك، فالمسافة بيننا بعيدة، وخطانا الى ربوع أهلك وئيدة!.

ايتها الكاعب الحسناء، من حقك ان تهنئي وتبتهجي بخطبتك، وليس من الشهامة ولا من كريم الخُلق ان ينغص احد منا عليك هذه الخطبة، وليس فينا من يأخذك بجريرة غيرك، حتى لو كان هذا الغير اباك الذي انجبك وربّاك، يمنعنا من ذلك ديننا الذي يقول: ولا تزرُ وازرة وزر أخرى، ومثلنا الشعبي الذي يقول: كل شاةٍ معلقة بعرقوبها.

وقد يقول قائل ما دامت هذه الصبية الشقراء موضع تقديرك واحترامك فما عساك قائل لها؟! اجل، ليس هي وحدها موضع التقدير والاحترام ولكن ايضا الشعب العريق الذي تنتمي اليه والذي ما بدلنا يوما باحترامه واحترام مبادئه تبديلا، رغم ما فعله القائمون على امره بأهلنا في العراق، اما بشأن هذه الصبية الجميلة فقد جئت اليوم لأوجه لها ولخطيبها دعوة صادقة ليقضيا شهر عسلهما في عاصمة الرشيد لعلهما يقفان على آخر العلالة مما تبقى من سحر الشرق وأساطيره وليشهدا بعيونهما اللوحات الملونة بدماء الأطفال والجداريات المطرزة بأشلاء الصبايا، والشوارع المرصوفة بجثث العراقيين الذين طحنتهم جنازير الغزاة القادمين من وراء المحيط ليقلموا اظفار دجلة ويقصوا شاربي الفرات.

تعالي يا صافية النيّة وصادقة الضمير الى بغداد لتروي لأهلك الحقيقة عن بلد تفحّم قمره وانصهرت نجومه وصلبت شمسه على جذوع النخيل، لقد خدعوا أهلك ايتها الجميلة عندما أوهموهم بأن الحياة في العراق ''هيفٌ وريف''، وان الحرية ''حبطرش'' والديمقراطية ''على قفا من يشيل''، تعالي لتخبريهم كم هو ''طيب'' عسل العراق، فكل عسل الدنيا يقدم بكؤوس وقوارير، الا عسل العراق يقدم للراشفين بجماجم العراقيين.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
من دون التغطية الأميركية... هل ستعيش حكومة الطوائف العراقية?
داود البصري
السياسة الكويت
صراع الايام والاجندات والرؤى والتطلعات في العراق المريض بحكومته الطائفية المتخبطة بدا يفرض نفسه بقوة في المشهد العراقي مع اقتراب العد التنازلي للتقرير الحاسم الذي سيصدره قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال (ديفيد باتريوس) حول مدى نجاح الستراتيجية الاميركية في العراق وهو تقرير تعلم حكومة (حزب الدعوة) الفاشلة بقيادة المالكي بفحواه ونتائجه مقدما, لكونها تعلم جيدا وميدانيا بمدى الفشل الفظيع الذي تعانيه والذي جعل من العراق بمثابة كيان مشلول في ظل تردي الخدمات وحالات الهروب الشعبي الجماعية والشلل الفظيع في العملية السياسية الذي جعل من الحكومة ذاتها اشلاء ممزقة في ظل التجاذبات والانسحابات لجماعات التوافق والحوار والقائمة العراقية والصدريين والفضيلة, وفي ظل حالة التمزق الوطني التي فضحت مقدار وطبيعة الضعف العام في بنية حكومة حزب الدعوة وشركاه, وهي حقيقة بائسة لم تستطع الزيارات الديبلوماسية والمجاملة لتركيا وايران ونظام دمشق من اخفاء معالمها او التغطية على مثالبها, حكومة المالكي تعيش في (حيص بيص) حقيقي مع تراكم ملفات العجز والفشل والذي ادى في المحصلة لصدام واضح المعالم مع الراعي والحامي الحليف الاميركي والذي من دونه ومن دون حمايته لن تستطيع هذه الحكومة الاستمرار ل¯ 24 ساعة في عملها, وهذا الصدام الذي لم يزل اليوم مخبوءا تحت الرماد ولم يتبلور عن نتائج عملية بعد قد عجلت منه تحركات المالكي في طهران ودمشق وهذان النظامان هما الحليف والحاضن الاكبر لحزب المالكي (حزب الدعوة) ولهما تاثير كبير للغاية عليه, فليس سرا ان كل اوراق وافكار واسرار وتحركات حزب الدعوة هي ضمن المفاتيح المهمة التي تحتفظ بها اجهزة المخابرات الايرانية والسورية التي تعرف كل شاردة وواردة مهما كانت تافهة عن ذلك الحزب بقياداته وممارساته واساليبه وعقليته وانشقاقاته, وبما يعني في النهاية ان كل شيء في العراق اليوم هو تحت الانظار الايرانية والسورية, وهي حالة شاذة وغير مسبوقة في مسيرة الحكومات في العالم فالحزب الذي كان رافضا للتدخل الاميركي لاسقاط نظام صدام والبعث عاد بعد ان ذاق حلاوة السلطة وكعكتها وامتيازاتها ليتشبث بها ويعض عليها بالنواجذ وليؤكد على ان شرعيته مستمدة من الانتخابات التشريعية, وهي كما نعلم كانت انتخابات مسلوقة استخدمت فيها وسائل غير نظيفة واستعمل الدين والطائفية بشكل بشع في الدعاية الانتخابية ومع ذلك وبرغم حجة الشرعية الانتخابية فان تلك الحجة لا تقوى على الصمود في ظل فشل الحزب والائتلاف الطائفي الشيعي عموما في الايفاء بمستلزمات النجاح وحيث سيق العراق من كارثة لاخرى في ظل حكومة الجعفري السابقة والتي كانت مثالا للسوء والفشل وحكومة المالكي التي خلفتها قبل عام ونيف ولم تحقق شيئا بل تراكم الفشل في ظل شعارات المصالحة الوطنية والخطط الامنية الفاشلة وتصاعد الكوارث, ابراهيم الجعفري كان متمسكا بالسلطة رغم فشله الكارثي حتى النزع الاخير, وكان يعتقد ان رئاسة الوزارة هي بمثابة (قميص البسه الله اياه), ولا يستطيع احد منازعته عليه, ولولا (العين الاميركية الحمراء) ما تنازل لنائبه المالكي والذي يكرر اليوم لعب الدور نفسه عبر تحديه للارادة الاميركية بقوله انه يرفض ان يحدد الاميركان جدولا زمنيا لحكومته, وتهديده الاخر بانه يملك حلفاء اخرين في العالم يستطيع الاعتماد عليهم, وهو تهديد مثير للسخرية, لانه بصراحة ما بعدها ولا قبلها صراحة فانه ليس هنالك من طرف يمكن ان يحمي المالكي وحكومة حزب الدعوة اكثر من الطرف الاميركي الذي كان يغطي المالكي تغطية كاملة وغير مسبوقة, والمالكي يعلم هذه الحقيقة جيدا ولكنها التحديات الفارغة التي تتلبس كل من يجلس على كرسي الحكم في العراق, فالحكومة التي لا تستطيع فتح الطريق الامن للناس والتي لا توفر الطاقة الكهربائية وتعجز عن توفير المياه الصالحة للشرب او حتى البنزين والوقود هي حكومة فاشلة بالمطلق ولا تستحق الحياة ولا معنى لاي حديث بعد ذلك عن استحقاقات انتخابية? لان تلك الانتخابات ليست مقدسة ولا منزلة من السماء ولا قيمة لها امام ما يحل اليوم في العراق من فظائع وماس, التغطية الاميركية يبدو انها في طريقها للرفع من على ظهر حكومة المالكي وحزب الدعوة واختبار القوة الاميركي لم يتم حسمه بعد? والتلفع بالحلفاء الايرانيين والسوريين سيزيد المالكي وحكومته المتخلخلة عريا وانكشافا, والايام القادمة ستكون هي الاسخن وستحدد مصير العراق لا محالة, اما حكومة حزب الدعوة فيبدو انها في الصيف قد ضيعت اللبن, انه سباق الارادة بين واشنطن وطهران ودمشق, اما تحالف المعتدلين فهو من الكوميديا العراقية السوداء لانه يدخل بالفعل ضمن خانة (تحالف المفلسين), تحديات المالكي والغضب الاميركي الصامت والذي سيعلن لا محالة ستتمخض عنه جولات دموية مرعبة, والله يستر


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
تفكيك الدولة من لبنان إلى العراق.. إلى المنطقة!
طارق مصاروة
الراي الاردن
أخطر أنواع اللعب السياسي للقوى الكبرى هي لعبة ''تفكيك'' الدولة أو النظام السياسي المعادي!!.

وإذا كان العالم شهد مأساة تفكيك الدولة اليوغسلافية.. والحروب الدينية والعنصرية التي صاحبتها، فإن عالمنا العربي سبق وشهد ''تفكيك'' الدولة اللبنانية بداية من عام 1970، وقد اسماها هنري كيسنجر وقتها ''المختبر اللبناني''.. باعتباره نموذجاً قابلاً للتطبيق في أي دولة عربية فيها تعددية طائفية ودينية وعِرقية .. وهي صفة تشترك فيها دول كبيرة كالعراق وسورية وتركيا وإيران!!. وإذا كنا وقتها نرفض نموذجاً عراقياً مشابهاً للمختبر اللبناني.. فإننا كنا نراهن على المشروع القومي للدولة العربية.. مع أن التمرد الكردي كان ينخر فيها من الداخل.. ثم جاء النظام الخوميني، الذي أثار أحاسيس طائفية بالغة الخطورة لأنها فرضت على نظام ذكي ان يقوم بحرب استباقية استمرت ثماني سنوات ونرفض الآن نموذجاً سورياً مع أن أحداث القامشلي قرعت الجرس حين ''اكتشفنا'' أن الأكراد ليسوا جيباً صغيراً في أقصى الجزيرة أو حيّاً صغيراً في دمشق وانما هم ممتدون في حلب من المدينة الكبيرة غرباً إلى جارم.. وأنهم في تاريخنا السياسي الحديث من يوسف العظمة شهيد ميسلون، إلى إبراهيم هنانو إلى محمود الأيوبي أحد رؤساء وزارات البعث.. وقبله محسن البرزاني وحسني الزعيم!.

نحن نواجه تفكيك الدولة العراقية الآن، ويواجهها معنا صانعو التفكيك سواء بسواء. فالذين فككوا الدولة بداية من الجيش والأمن ووزارة الإعلام والخارجية والنفط، واوقفوا المحاكم وادارات الدولة.. لم يكونوا يصنعون خيراً للولايات المتحدة، لأن مخططي البنتاجون كانوا ينفذون هدفاً صهيونياً إسرائيلياً.. فالثقل في الصراع العربي الصهيوني انتقل من مصر إلى العراق!!.

ولأن الهدف كذلك فانه لا يعني إسرائيل اخراج العراق أو العرب أو الولايات المتحدة من المأزق العراقي!!. فهي مرتاحة لاستمراره لأسباب يعود بعضها إلى ثأر تاريخي يمتد إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام!!.

ان الذي لا يفهمه الذين شجعوا الغزوة الأميركية، والذين صفقوا لانهيار نظام كانوا يعادونه.. أن تفكيك الدولة العراقية لا يخلصهم من ''الطاغية صدام''.. لكنه يضرب في جذور النظام العربي، ولا ينفع استحضار الصفويين، وبني بويه، من التاريخ القديم لأن هناك ما هو أخطر الآن!!.

تفكيك الكيان اللبناني بداية من عام 1970، ما يزال مستمراً حتى الآن، وخطره يلتقي مع الخطر العراقي في سورية وفي فلسطين .. ويمكن أن يمتد أكثر إلى بلدنا إذا لم نفتح عيوننا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
بوش والثنائية التبسيطية
حسن البراري

الغد الاردن
عانى خطاب بوش الأخير، الذي ألقاه أمام حشد من قدامى المحاربين في مدينة كنساس يوم الاربعاء الماضي، من ثنائية تبسيطية في رؤية الامور. ويبدو أنه لم يستوعب بعد أن ثنائيات كتلك (أسود أو أبيض) أثبتت عدم جدواها في فهم ديناميكيات الامور في الشرق الأوسط.

تضمن خطاب بوش عدداً من المقارنات التاريخية أبرزها مقارنة هجوم اليابان المفاجئ على بير هاربر عام 1941 بالهجمات الارهابية في الحادي عشر من سبتمبر.

في مقارنته يرى بوش أن هجوم اليابان كان نتيجة محاولة اليابان فرض أجندة ذات طابع ايديولوجي على بقية العالم وليس بسبب توازنات القوة في قارة آسيا وانهيار النظام الدولي برمته الناتج عن فشل عصبة الامم. وبالتالي فإن الولايات المتحدة حاربت من أجل الانتصار على ايديولوجيا الشر، وبعد ذلك حاولت بنجاح تحويل اليابان من دولة تعتمد على الايديولوجيا في شؤونها الخارجية الى دولة ديمقراطية هي الآن من أوثق حلفاء أميركا! وقد قارن ذلك مع ايديولوجيا القاعدة التي تريد ان تفرض أجندة ايديولوجية على العالم. واستنادا إلى تجربة اليابان يستنتج بوش أن نشر الديموقراطية هو العامل الاهم لتحويل العالم إلى مكان أكثر أمنا وخاليا من الحركات الايديولوجية.

أظهر بوش موقفا استخفافيا بآراء النقاد في الماضي الذين جادلوا انه لا يمكن تحويل اليابان الى دولة ديمقراطية لأسباب متجذرة في الثقافة اليابانية. إذ حاول القول: ان كل الذين يجادلون بأن العراق بلد غير صالحة للديمقراطية عليهم ان ينظروا الى تجربة اليابان تحت الاحتلال الأميركي!

لكن بوش لا يقول لنا: لماذا هو انتقائي في موضوع قبوله ورفضه لنتائج الديمقراطية في الشرق الأوسط! وعليه فإنه يفقد الكثير من مصداقيته عندما ينادي من أجل الديمقراطية بينما تتحالف الولايات المتحدة مع أنظمة لا يعرف لها تاريخ بالديمقراطية.

الخطاب بمجمله، وإن كان موجها للمحاربين القدامى، فقد جاء في صياغته ونبرته في سياق محاولة بوش لحشد التأييد للوجود الاميركي في العراق، بخاصة في سياق التراشق الإعلامي بينه وبين الديمقراطيين الذين يطالبون بسحب القوات الأميركية في غضون أشهر قليلة.

كما عمد بوش إلى استدعاء تجربة فيتنام مبيناً أن انسحاب القوات الاميركية يعني السماح بمذابح ومجازر قد تطال مئات الألوف من العراقيين كما حدث في فيتنام. مع أن حالة العراق أكثر تعقيدا من فيتنام؛ فالمذابح اليومية تتم تحت أنوف القوات الاميركية التي لا يمكن لها أن تغير الوضع وذلك لعدم امتلاك بوش استراتيجية سياسية.

ويتناسى بوش، بسبب ثنائياته التبسيطية، ان وجود القوات الاميركية في فيتنام كان السبب الرئيس لوصول الشيوعيين في كمبوديا للحكم، وما نتج عن ذلك من مجازر تقشعر لها الأبدان.

وجود القوات الأميركية في العراق هو السبب الرئيسي الذي حوّل العراق لمكان وملاذ للقاعدة وايديولوجيتها التكفيرية والارهابية. وباعتماده على مقارنات ثنائية اقصائية يمكن القول أنّ بوش لم يتعلم أيّ درس من التاريخ
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
العراق وفيتنام
افتتاحية
الخليج الامارات

إذا كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يبرر رفض الخروج من العراق، بالخوف من حمام دم شبيه بما جرى في فيتنام، فما الذي يشهده العراق الآن إذاً؟ هل يعرف بوش ما يجري، أم أن هناك غيبوبة كاملة لا تُرى فيها دماء العراقيين ودمار العراق ونهب العراق، وملايين العراقيين المشردين داخل وطنهم والمهجرين خارجه؟

ثم، كيف أمكن للرئيس بوش الاستعانة بحرب فيتنام وهزيمة الولايات المتحدة، من أجل أن يلوي الحقائق ويقلب الصورة رأساً على عقب، وبدل أن يستفيد من “الفتنمة” للخروج المشرف، ووقف كوارث العراق، تراه يحولها إلى درس مضاد، يعزف على وتر البقاء وعدم الرحيل، وتوريث الاحتلال ومستنقع العراق لمن سيليه في البيت الأبيض، وربما لمن يلي الذي يليه؟

بعيداً من تخبط بوش وإدارته، المعبر عنه على الأقل في الموقف من نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، والتصريحات المتقلبة بين ليلة وضحاها تجاهه، فإن جوهر ما قاله الرئيس الأمريكي يتلخص في عبارة أن العراق يمثل مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة، وأن الخروج منه سيرتب نتائج وخيمة على مصالحها في الشرق الأوسط.

هذا هو لب الموضوع وجوهره، لا نظام ولا “قاعدة” ولا أسلحة دمار شامل، ولا حرية وديمقراطية، ولا نموذج لدول المنطقة، حتى لو حافظ بوش على تذويق خطاباته بمثل هذه العبارات والأوصاف والذرائع، التي أطاحت العراق، وتكاد تقضي على البقية الباقية منه.

والمصالح الاستراتيجية بالنسبة إلى إدارة المحافظين الجدد هي تفتيت العراق الاحتياط الاستراتيجي العربي، والنفط، و”اسرائيل”، واستخدام بلاد الرافدين منصة للهيمنة على المنطقة على الصعد كافة، وإعادة تشكيلها طائفياً ومذهبياً وعرقياً، على النسق الجاري في العراق منذ غزوه إلى الآن، لتنفيذ المخطط الصهيوني السابق المتمثل بالشرق الأوسط الجديد أو الكبير.

لقد نجح الاحتلال في تفتيت المجتمع العراقي، ونجح في صناعة حمام دم لا يتوقف، ونجح في تهجير وتشريد الملايين من العراقيين، ونجح في تدمير العراق، ونجح في جلب الفوضى القاتلة وعناصرها إليه، ونجح في إراحة “اسرائيل” من الثقل الذي كان يمثله العراق، وليس نظامه، ونجح في تكسير التضامن العربي، وفي تكسير الوحدة الفلسطينية، وفي تكسير لبنان، وما زال يطمح إلى تكسير ما تبقى من الدول العربية، دولة بعد دولة.

ولإكمال هذا المخطط، يريد المحافظون الجدد البقاء في العراق، بعيداً عن دعاوى الحرية والديمقراطية والاستقرار والسلام، وألاعيب التسوية ومؤتمراتها، حتى لو تعمق مأزقهم الدموي في العراق وتحول إلى فيتنام أخرى، في انتظار عهد أمريكي آخر يعاين الواقع ويقدم مصالح الولايات المتحدة وصدقيتها المفترضة على مصالح “إسرائيل”.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
عن تقرير كروكر - بتريوس قبل الصدور *
عريب الرنتاوي
الدستور الاردن
وفقا للخبراء والمراقبين ، فإن أقرب موعد لانسحاب القوات الأمريكية من العراق لن يأتي قبل العام 2011 ، وذلك بفرض أن قرارا من هذا النوع لن يصدر في عهد الإدارة الأمريكية الحالية ، وإنه إن صدر في اليوم الأول لاستلام الإدارة الجديدة مقاليد الحكم والسيطرة على البيت الأبيض ، فإن الانسحاب سيستغرق ثلاث سنوات على أقل تقدير ، قياسا على تجارب سابقة ، وتفاديا لـ"سيناريو سايغون".
على أن الولايات المتحدة اليوم باتت في أجواء الانسحاب من العراق ، والمسألة الآن برمتها تدور حول الكيفية والجدول الزمني وماء الوجه والعلاقة مع الحلفاء والأصدقاء وغير ذلك من تفاصيل.
وقبل أن تنتهي المهلة الممنوحة لاختبار الإستراتيجية الأمريكية القائمة على نشر المزيد من القوات في العراق ، فإن التقرير الذي صدر بإجماع 16 جهازا أمنيا واستخباريا أمريكيا ، بشر بفشل حكومة المالكي وإفلاس القيادات السياسية العراقية وتراجع فرص المصالحة الوطنية ، في الوقت الذي كان فيه الجهاز العسكري الأمريكي العامل في العراق يتنبأ بخريف ساخن ينتظر العراق والعراقيين والقوات الأمريكية العاملة هناك ، خصوصا مع إطلالة شهر رمضان المبارك.
وبقراءة سريعة لفحوى التقارير الأمريكية ، الأمنية والعسكرية ، يمكن أن نستشف فحوى التقرير المنتظر لكروكر - بتريوس ، فالتقرير سيشير إلى بعض التقدم المتحقق في إثر الإستراتيجية الأمنية الأخيرة ، بيد أنه تقدم غير كاف ، والتقرير سيشكو للإدارة الأمريكية إفلاس النخبة السياسية العراقية وعجز حكومة المالكي ومذهبيتها ، وسيبث توقعاته باستمرار اصطراعها ، وسيتحدث عن استمرار التدخلات الأجنبية (السورية - الإيرانية) في الشؤون العراقية الداخلية بما في ذلك تهريب الرجال والسلاح ، وسيتحدث عن التقسيم الفعلي القائم بين مكونات الديمغرافيا العراقية وبصورة تكاد تتماهى مع "جغرافيا المذاهب والأقوام" العراقية المقتتلة ، وربما بصورة تتيح الأخذ بـ"سيناريو التقسيم السلس" للعراق ، إلى جانب سيناريو إعادة نشر القوات وفقا لقواعد الانتشار العسكري لا الأمني ، وحث الدول الصديقة على لعب دور أكبر في العراق ، سواء تحت مظلة الأمم المتحدة التي دفع القرار 1770 بضرورة توسيع دورها ، أم بصورة ثنائية مباشرة.
وسيأخذ التقرير بنظر الاعتبار نوايا وتوجهات دول حليفة عدة لسحب قواتها من العراق ، ولعل أهمها الحليفة الأقرب بريطانيا - غير العظمى - التي تتجه للخروج من البصرة والجنوب ، وتخشى أن يكون انسحاب قواتها مذلا ومأساويا ولا يليق أبدا بشرف العسكرية البريطانية وماضيها الاستعماري العريق.
والخلاصة أن الولايات المتحدة هزمت شر هزيمة في العراق باعتراف العالم بأسره وقناعته باستثناء الرئيس جورج بوش الذي ما زالت لديه القدرة على الحديث عن "الديمقراطية الناشئة في العراق" وهي قدرة مصدرها الجهل والمكابرة والانفصال عن الواقع كليا ، وليس الإرادة الصلبة والتصميم الشجاع.
لكن هزيمة واشنطن لا تعني أن العرب انتصروا في هذه الحرب ، فالعراق ما عاد أرض الرافدين التي نعرف ، وهو لن يعود إلى سابق عهده أبدا ، خسر وحدته الجغرافية وهويته الوطنية الجامعة ودوره الإقليمي الفاعل ، وبات الصراع عليه بديلا عن الصراعات معه على تخوم الجبهة الشرقية للأمة ، بل أن هذه الصراعات نجحت في مصادرته واقتسامه وتحويله إلى مناطق نفوذ إقليمية ودولية ، وقبل أن نكثر من مظاهر الابتهاج بفشل أمريكا وهزيمتها ، علينا أن نعدد أسماء الرابحين في هذه الحرب: إيران والقاعدة.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
الانسحاب هو القضية لا المالكي
خيرالله خيرالله
الغد الاردن
يفترض بالرئيس جورج بوش الابن أن يستقر على رأي فيما إذا كان الشعب العراقي هو الذي يقرر حقّا من هو رئيس وزرائه، وذلك بعيداً عما يقوله رئيس الوزراء العراقي السيد عدنان المالكي عن العلاقة بين واشنطن وبغداد، وبعيداً - كذلك- عن الرأي الشخصي للرئيس الأميركي فيه.

يفترض أن يكون بوش قد استقر على رأي لأن الأخذ والرد مع المالكي لا يقدم ولا يؤخر. لم يعد مطروحا الرأي الأميركي في رئيس الوزراء العراقي: فيما إذا كان "رجلا طيبا" أم لا. لقد تجاوزت الأحداث المتسارعة قضية شكل الحكومة العراقية ومن هو رئيسها، فقد بات علينا أن نتوقع انسحابا أميركيا، ولو تدريجيا، من العراق في غضون سنة.

صار مبدأ الانسحاب واقعا لا مفر منه. السؤال المطروح متى يحصل ذلك وهل تنسحب القوات الأميركية إلى قواعد محددة بعيدا عن المناطق الآهلة بالسكان في الوسط والجنوب، خصوصا إلى الشمال الكردي، أم يكون هناك انسحاب شامل وكامل على غرار ذلك الذي تنوي بريطانيا تنفيذه من جنوب العراق ومن البصرة تحديدا "من دون أي تأخير" على حد تعبير كبار ضباط الجيش؟

على الرغم من تشديد الرئيس الأميركي، حديثاً، على ضرورة "عدم التسرع" في اتخاذ قرار بالانسحاب من العراق، لن يكون باستطاعة بوش الابن تفادي المباشرة في الانسحاب قبل انتهاء ولايته، لا لشيء سوى لأن الجمهوريين يدركون منذ الآن أن من دون بدء بالانسحاب لا أمل لمرشحهم في منافسة المرشح الديموقراطي في انتخابات الرئاسة المقبلة، كما لن يكون باستطاعة مرشحي الحزب تحقيق أي نتائج معقولة في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في غياب قرارٍ بالانسحاب.

كان مجرد وصول المالكي إلى موقع رئيس الوزراء خلفا للدكتور إبراهيم الجعفري تكريسا لفشل السياسة الأميركية في العراق. الموضوع ليس موضوع شخص معيّن فيما إذا كان المالكي أفضل من الجعفري أم أسوأ، إنه مرتبط بموضوع ما يصلح وما لا يصلح لأن يكون حجر الزاوية لبناء دولة حديثة في بلد غني ومتنوع مثل العراق.

بكلامٍ أوضح؛ لا يصلح شخص ينتمي إلى "حزب مذهبي" لأن يكون رئيسا للوزراء، أي رمزاً للسلطة التنفيذية في العراق خصوصا في حال كانت لدى هذا الحزب ميليشيات خاصة به.

على رئيس الوزراء أن يكون حرا في خياراته، خصوصا عندما يتعلق الأمر ببناء مؤسسات الدولة. فالميليشيات لا تبني دولا ومؤسسات أمنية اللهم إلا إذا كان الأمر متعلقا باستيلاء حزب معين على الدولة واتخاذه قرارا بالسيطرة على مؤسساتها وتطبيق أيديولوجية خاصة به تصير هي أيديولوجية الدولة. هل هذا ممكن في العراق حيث الشيعة والسنة والعرب والأكراد والأقليات الأخرى التي صارت مضطهدة بدليل ما تعرضت له الطائفة الأزيدية أخيرا على يد عناصر من "القاعدة" وعملية التهجير المبرمجة التي تمارسها الميليشيات التابعة لأحزاب شيعية كبيرة في حق مسيحيي العراق الذين لم تبق منهم سوى أقلية؟ هل من يريد أن يتذكر أن من اصل مائة ألف مسيحي في البصرة - التي تسيطر عليها الميليشيات التابعة للأحزاب الشيعية- لم يبق سوى ست عائلات؟

في أقل من أربع وعشرين ساعة، انتقد الرئيس الأميركي رئيس الوزراء العراقي وأشاد به! وأعطى بذلك دليلا على حال من الضياع تسود في واشنطن التي تبدو وكأنها تكتشف الآن من هو المالكي وما هي السياسة التي يؤمن بها. المالكي هو المالكي. إنه ينتمي إلى حزب مذهبي كبير هو "حزب الدعوة"، لديه أجندة خاصة به تستند إلى أيدولوجية معروفة ذات توجه مذهبي محض. أكثر من ذلك، هناك كوادر عسكرية وسياسية في الحزب يقدر عددها بالآلاف تدرّبت في إيران وعاشت فيها سنوات طويلة وقد دخلت إلى العراق مع دخول القوات الأميركية واستحوذت على مواقع حساسة في الحكومة والأجهزة الأمنية وغير الأمنية بما في ذلك الإعلام.

في حال كان الرئيس بوش الابن يريد بالفعل الخروج من ورطة العراق، عليه قبل كل شيء ألاّ يلوم رئيس الوزراء في شيء. عليه أن يلوم نفسه وإدارته أولا. ها هم البريطانيون قد اتخذوا قرارا بالانسحاب أبلغه رئيس الوزراء غوردون براون إلى الرئيس الأميركي في لقائهما الأخير الشهر الماضي. اتخذ غوردون براون قراره بناء على طلب كبار العسكريين البريطانيين الذين توصلوا إلى نتيجة فحواها أنه "لم يعد لدى القوات البريطانية ما تستطيع عمله" في العراق وأن عليها الانسحاب في أقرب فرصة ومن دون أي تأخير.

وجد البريطانيون بكل بساطة أن قواتهم صارت تتعرض لقصف مركز بشكل يومي، تبخر الحلم الذي جاء بهم إلى العراق وهو حلم إسقاط نظام صدّام حسين العائلي- البعثي وإقامة دولة ديموقراطية مزدهرة مكانه.

تبين بكل بساطة أن البريطانيين لا يعرفون شيئا عن جنوب العراق وعما أصاب النسيج الاجتماعي في البلد كله جراء سنوات طويلة من القهر والظلم بدأت بالانقلاب على الأسرة الهاشمية، في ذلك اليوم المشؤوم في الرابع عشر من تموز – يوليو 1958، وبلغت ذروتها بتولي صدّام السلطة في العام 1979.

بريطانيا ستنسحب بعدما فقدت الأمل بدورٍ في العراق. متى ستعلن الإدارة الأميركية أنها وجدت مخرجا وأن الانسحاب صار استراتجيتها. المسألة مسألة توقيت فقط إذ سيأتي يوم لن يعود فيه مجال للمكابرة.

سينسحب الأميركيون، لكن السؤال في أي حال سيتركون العراق؟ هل من خيار آخر غير الاعتراف بأن كل ما فعلوه كان إثارة كل أنواع الغرائز في هذا البلد العربي سابقا وأنهم لم يوفروا جهدا إلا وبذلوه من أجل تقسيم العراق إلى ثلاث دول على الأقل.

في كل الأحوال، يخرج البريطانيون من البصرة وهم يدركون أن هناك قتالا بين الميليشيات الشيعية يدور منذ أشهر عدة في الجنوب. وقد أدى القتال قبل أيام إلى اغتيال اثنين من المحافظين ينتميان إلى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. هذا القتال ليس سوى مؤشر لما يمكن أن يكون عليه الوضع في المناطق العراقية الأخرى عندما يبدأ الأميركيون بالانسحاب.

الاستثناء الوحيد المنطقة الكردية، في حال اتعظ الأكراد من حروبهم الداخلية السابقة طبعا! وإلى إشعار آخر، تصرف الأكراد بحكمة، علما بأن ما يغلب على كلام زعمائهم في المجالس الخاصة هو مقدار كبير من التشاؤم بإمكان المحافظة على وحدة العراق!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
- هذا ما يواجهه الأميركيون في العراق بالصوت والصورة
بوب هيربرت
الوطن قطر

قام رايان أندرسون البالغ من العمر 25 عاما والذي كان يعمل رقيبا في الجيش الأميركي يشرح أمام الكاميرا ما حدث له فورا بعد اصابته بانفجار قنبلة وضعت على جانب الطريق وأصابت سيارة الهامفي التي كان يقودها، «حصل الانفجار وصرخت يا إلهي لقد أصبنا وجدت أن وجهي كان مغطى بالدم وبدأ الذباب يقع عليه وبكثافة، حاولت مسح وجهي لأتخلص من الذباب، عندها لاحظت أن عددا من اصابع يدي قد اختفى، فقلت في نفسي هذا لا يهم، يمكنني العيش دون تلك الاصابع، بعدها بدأت بتقييم وضعي العام بعد الاصابة، قلبت يدي اليمنى ووجدت أن جزءا منها لم يعد مكانه، فقلت يمكنني العيش دون هذا الجزء، حاولت أن أهش الذباب بعيدا عن وجهي باستخدام يدي اليسرى فلم أجد أي يد بل طارت كاملة عن باقي جسدي، نظرت الى قدمي فلم أجد شيئا هناك، عندها وضعت رأسي المثقل بالهموم على التراب وتمنيت لو أنني لم أر أي شيء» هذا القول ورد في فيلم وثائقي جديد يتحدث عن بعض المآسي التي تعرض لها الجنود الأميركيون واسمه «ذكريات يوم على قيد الحياة: العودة من العراق» ويعكس هذا الفيلم بأمانة حقائق الاوضاع المأساوية التي يعيشها الجنود الأميركيون في العراق.

الفيلم يروي مأساة عشرة جنود من الجيش ومن المارينز الذين نجوا من الموت بأعجوبة.

هذه المقابلات كانت قوية وتثير في النفس القشعريرة حيث تصور لنا المعارك التي تخاض وما يتلوها من اصابات ومآس وهي لا تقتصر على حرب العراق فقط بل الحروب عموما ويعود السبب فيها على الأغلب للقرارات الخاطئة التي يرتكبها السياسيون.

دون هلفاكر جندية تبلغ من العمر 28 عاما وكانت تشغل رتبة نقيب وهي ضمن الجنود العشرة الذين ظهروا في الفيلم، خسرت هذه الجندية يدها اليمنى وكتفها في العراق اضافة للأوهام التي كانت قد سيطرت عليها بشأن الامجاد المتصلة بالحروب.

تقول دون «لقد كنت ساذجة بسبب الافكار التي كنت أحملها عن الحروب. عندما تكون في فترة التدريب لا يمكن أن تتخيل مجيء الوقت الذي ستشهد فيه أحد زملائك وهو يموت بين يديك. لا أحد يشعر أن الموت يكون قريبا منه على هذا النحو».

وتضيف دونا «لا يوجد هناك بطولات حول الحرب إنها مأساوية ومليئة بالاحزان وندفع ثمنها الكثير من إحساساتنا وعواطفنا». وتعلق على الفيلم قائلة «لا أحد في الفيلم يطلب الشفقة من أحد إننا فقط نتحدث عن تجربتنا التي غيرت حياتنا ونحن نعمل الآن جاهدين للتعايش معها».

أدى التقدم الحاصل في مجالات طب الطوارئ والاتصالات والنقل الى إنقاذ حوالي 90% من الاصابات المسجلة في أوساط الجنود الأميركيين في العراق ومعنى ذلك أنهم لا يعودوا كما كانوا أناس أصحاء يتمتعون بالعافية بل يعيشون حياة مليئة بالمعاناة والصعاب.

أصبح شيئا عاديا أن نتحدث عن شجاعة الجنود وهم يحاولون التغلب على جروحهم الجسدية والنفسية، فالكثيرون منهم يتوجب عليهم الاستمرار في حياتهم دون أرجل أو أيد أو حتى بصر.

في العام الماضي أنتج أحدهم فيلما وثائقيا يدعى «بغداد: غرفة الطوارئ» حيث كانت الكاميرا داخل غرفة الطوارئ وسجلت ذلك السيل الذي لا ينتهي من الاصابات التي كانت تصل من أرض المعارك لجنود شباب أصبح جزء منهم في خبر كان وجزء آخر مشوها وجزء منهم مصدوما لم يصدق أنه لا يزال على قيد الحياة، الفيلمان ليس لهما علاقة بالسياسة وهما لا يصنفان على أنهما ضد الحرب أو معها وكل ما يظهرانه هو الجانب الإنساني لجنود ومجندات أميركيين دفعوا إلى مستنقع العراق ولحقت بهم إصابات بالغة وهو شيء يدعونا لأن نكون أكثر إحساسا وأكثر حذرا وأكثر آدمية عندما نتحدث عن الحرب والسلام.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
النوازع الامبراطورية إذ تؤذن بتصدع «الحلم الأميركي»
محمد خالد الأزعر
الحياة
معظم فلاسفة التاريخ وشراح الحضارات وفقهاء العلاقات الدولية المعاصرين، لا يختلفون على أن الولايات المتحدة الأميركية ربما كانت الأوفر حظاً من حيث الاستحواذ على مقدرات القوة بمعناها الشامل، قياساً بكل الكيانات السياسية التي عرفها الاجتماع الإنساني. بيد أن التوافق العام على هذا الرأي لا يبقى على حالة عندما يستطرد أصحابه الى الاساليب التي وظفت بها النخب الاميركية الحاكمة هذه المقدرات تجاه عوالم الآخرين. هنا تتعارض التقييمات ويثور التنازع بين من يعتقدون أن العالم بصدد دولة ملائكية ساقتها الأقدار الى خدمة البشرية وإعمار الكون بالحرية والتقدم الاقتصادي والتقني وسيادة القانون ومحاربة الاستبداد. وبين من يرون العكس على طول الخط تقريباً وصولاً الى القول بأن «العالم قبل تبلور هذا الكيان وإندياح سلوكه الشيطاني في الجهات الأربع كان أفضل بكثير».للوهلة الأولى، يظهر هذا التناظر وكأنه لا ينطوي على جديد، فالحالة الأميركية ظلت منذ إطلالتها الأولى، وبسبب استثنائيتها الواضحة، محلاً للإعجاب والنفور، للإقبال والترحيب والخوف والرهبة. وفي غمرة هذه المشاعر الحدية المتعاكسة، كان هناك من يفضلون مقاربة هذه الحالة بعقل حيادي بارد، يأخذ في الاعتبار سُنن وخبرات صعود القوى الدولية وهبوطها وتصرفاتها الداخلية والخارجية القائمة على منطق المصلحة المغموس بالأنانية وإيثار الذات. وغالباً ما انتهى هؤلاء الأخيرون الى أن مسار النموذج الاميركي ومصيره ليس بدعاً من هذه السنن والخبرات. ذاهبين الى أن تصارع المنظورات بشأن أدوار الامبراطوريات والدول الكبرى أمر شائع في البحوث التاريخية والحضارية، بل وربما كان هذا الامر دليلاً على تميز هذه الأدوار، تماماً كما هو الحال مع الافراد والرموز القيادية من خاصة الأقوام.لكننا نتصور أن ثمة جديدا لافتا بالفعل على صعيد متابعة حاضر الدور الاميركي «الامبراطوري» ومصيره، خلاصته انحياز المعنيين أكثر فأكثر الى توقع الاسوأ والميل الى أصحاب الرؤية السلبية، سواء كان هؤلاء من المحتدين المتحاملين على السياسة الأميركية أم من المعتدلين الملتزمين بالمعالجة الموضوعية. اللافت أيضاً أن شواهد وأمارات الطعن في حال ومآل المثل الاميركي ما عادت تصدر فقط عن المشحونين ايديولوجياً أو سياسياً ضده، لا سيما في عالم الجنوب، وإنما باتت تتسلل بوتيرة متسارعة وبكثافة متزايدة بين يدي مقاربات بعض أهل الذكر في الغرب من دون استثناء الرحاب الاميركية ذاتها، لنتأمل بعض هذه الشواهد: فقد قيل في أوج الحرب الباردة إن ثمة معادلة صفرية تحكم أنماط التحالفات والاصطفافات الدولية وراء قطبي النظام العالمي، وكان المقصود بذلك أن كل طرف أو حليف يخسره الاتحاد السوفياتي زعيم المنظومة الاشتراكية في الشرق، يضيف محازباً أو نصيراً إلى المعسكر الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة في الغرب والعكس بالعكس. وقتذاك، كان لهذه المقولة رواجاً، حتى أن قلائل فقط هم الذين اقتنعوا بموقف عدم الانحياز الذي اشتقته بعض دول ما سمي بالعالم الثالث أو الجنوب. وكان مما دفع به المشككون في صرامة هذا الموقف، صعوبة الحياد الكامل بين ندين يتصارعان على استقطاب قوى ومساحات سياسية واقتصادية تعزز نفوذهما وأوضاعهما اللوجستية والجيوستراتيجية على امتداد المعمورة. والحق أن القطب الاميركي كان مشدوداً أكثر إلى منطق الاستقطاب ومراكمة الاتباع ومعاكسة مفهوم الحياد سلبياً كان أم إيجابياً. يدرك ذلك كل من طالع العقيدة الاميركية في مواجهة المد الشيوعي وتعجيز موسكو، التيب عملت تحت عناوين مختلفة كالاحتواء وبناء الأحلاف وسباق التسلح في الخارج، والمكارثية في الداخل، ما يعني أن فكرة «من ليس معنا فهو ضدنا» التي تنسب الى ممارسات إدارة جورج بوش الابن لها جذور في تقاليد السياسة الاميركية قبل الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) بكثير.اليوم، مضى على أفول الاتحاد السوفياتي ومعسكره بالكامل عقد ونصف. بل وأضحت موسكو مشغولة بصيانة ما تبقى لها من فوذ وسطوة في دائرتها الاتحادية الروسية المعروفة قبل ثورة 1917. ولا يعتبرها غالبية الخلق نداً ولا حتى طرفاً موازياً لواشنطن على قمة النظام الدولي. هذا علاوة على تعرض الايديولوجية الشيوعية وتوابعها الاشتراكية لأنماط من التجريح وأحياناً للإدانة والتجريم. ومع ذلك، لا يصح الزعم بأن المتغيرات أدت بمرور الوقت الى تعاظم إعجاب دول الجنوب بالنموذج الاميركي وسياساته أو انها أشعلت الأشواق للإنضواء الطوعي تحت عباءته.بكلمات أخرى، فإن أهل الجنوب وقطاعات تتزايد من ابناء الشمال، على المضمار الشعبي بالذات، لا يرون في المثل الاميركي بمختلف تجلياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، القدوة التي تستحق الاحتذاء والمحاكاة بشكل تلقائي بعد غياب المنافس السوفياتي (الاشتراكي أو الشيوعي) من حيث النظرية والتطبيق.قد يجادل البعض في صحة هذا الطرح على اعتبار أنه لا يستقيم مع ما هو مؤكد بالوقائع حول انتشار النفوذ الاميركي وتغلغله في مناطق وعواصم عالمثالثية وشمالية لم يطأها من قبل، وبعضها كان عصياً على الاختراق، إما الاندراجة تحت الملاءة السوفياتية او لاستعصامه حقيقة لا تمويها بمبدأ عدم الانحياز. لهؤلاء تتعين ضرورة التمييز بين الجاذبية الطبيعية التي تنساب بلا عوائق للنموذج الاميركي، وبين محاولة فرضه أو حتى النجاح في فرضه قسراً، بديبلوماسية الاملاءات والتهديدات والحروب الوقائية ومناورات حاملات الموت براً وبحراً وجواً والضغوط الاقتصادية والمالية والحملات الاعلامية الدعائية، وذلك كله بمعزل عن أية اعتبارات قانونية أو أخلاقية رادعة. والقصد، أنه اذا ما خصمنا عناصر القوة والإكراه المستخدمة اميركياً بكثافة في المحيط الدولي، فلربما لن نجد المثل الاميركي يستقبل بالخطوة او الحفاوة التي طمع فيها منظروه ومعتنقوه طويلاً.ترى هل يعني ذلك أن فقهاء النظام الدولي زمن الحرب الباردة عليهم إعادة النظر في معادلتهم الصفرية المومأ إليها أعلاه بأثر رجعي؟ ربما كان هذا صحيحاً، لأن زوال القطب الشيوعي لم يؤد إلى وقوع شعوب جنوبية (وشمالية) كثيرة في غواية القدوة الاميركية بصورة ودية أو عن قناعة واستلطاف. توحي بهذا التعميم، الممانعة القوية التي تلقاها سياسات واشنطن ومساعيها التعبوية في «الشرق الاوسط»، على رغم حضورها المكثف والخارق للأعين بكل المعاني وأشكال الضغوط المادية والمعنوية. ثم إن النموذج الاميركي يكاد يواجه بالقدر ذاته وزيادة من الامتعاض والتأفف في جواره القريب، أميركا اللاتينية. يحدث هذا الى الدرك الذي استفز محللين اميركيين عدول الى التحذير من أن «الولايات المتحدة على وشك أن تخسر هذه القارة بأكملها»، هكذا دفعة واحدة!.إبان الحرب الباردة، كان بوسع الإدارات الأميركية إحالة النفور والسخط من سياساتها الى التحريض السوفياتي المتعامد مع عداء «الجيوب الشيوعية العميلة» لموسكو. ولعل اجواء التنافس الاستراتيجي المحموم آنذاك قد مكنتها من تبرير الابعاد العدوانية من سلوكها تجاه العالم الثالثة. والظاهر أن زوال المنافسة والمنافس كشفا حقيقة الاجندة الاميركية، بحيث صار من السهل الحديث عن الهيمنة وتطويع الاخرين كخصائص أصيلة غير طارئة في هذه الاجندة.اسوأ ما يستبطنه التعامل الاميركي الحالي مع شعوب الجنوب وبعض حلفاء الشمال، هو أن الغضب (وربما وُصِفَ بالعداء) لسياسات واشنطن ونخبها الحاكمة، أضحى ينال من صورة «الحلم الاميركي» التقليدية. مصدر الخطورة هنا، صعوبة ان لم تكن استحالة، تصحيح أو تحسين هذه الصورة الجمعية النمطية إذا ما ترسخت في الوجدانات والاذهان، فبالنسبة لقطاعات واسعة من الشعوب، تمتد من مناطق قبائل الحدود الباكستانية الافغانية مروراً بقلب «الشرق الأوسط» وصولاً الى اميركا الجنوبية، لم تعد الولايات المتحدة «مدينة على جبل»، يتحرق الناس للاستظلال بقيمها في القانون والنظام والعدل الاجتماعي والديموقراطية السياسية والحريات المدنية وطلاقة فرص الترقي الاقتصادي والفكري والعلمي. وإذا جاز ايكال هذا التصور البائس في الشرق الاوسط وضفافه الى ساسات واشنطن الاستقوائية والاحتلالية بالأصالة أو بالإنابة من خلال اسرائيل، فما مسوغات التصور ذاته لدى اميركا الجنوبية؟! لقد تأكد اخيراً أن 86 في المئة من فقراء هذه القارة واغنيائها يمقتون ادعاءات واشنطن حول حقوق الانسان والديموقراطية ودولة القانون. وان معظم حكومات القارة يستحسنون شعارات الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، الذي يصب اللعنات على واشنطن وسلوكياتها وقيمها مع قهوة كل صباح.هناك، والحال كذلك، ما يؤشر الى تصدع اشياء منظورة وغير منظورة في المثل الاميركي، اشياء ستتداعى وتستطرق الى الدور والنفوذ العالمي لواشنطن. وربما تكمن بارقة الامل لاستدراك هذه الوضعية في الممانعة الخارجية للسلوك الاميركي من جهة، وفي السخط المتنامي ضد حماقات الادارة داخل الولايات المتحدة ذاتها من جهة أخرى.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
العراق وكبش الفداء
أمجد عرار
الخليج الامارات
يبدو أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سينضم إلى قائمة أكباش الفداء الذين تقدمهم الإدارة الأمريكية لتغطية عجزها المزمن في التعاطي مع القضايا الدولية، والأزمات التي تصنعها بيديها. أكثر من مسؤول أمريكي بمن فيهم الرئيس جورج بوش نفسه، بدأوا يتحدثون بلهجة إقصاء محتمل للمالكي للبحث عن حل سحري جديد ربما يكون عبر “دكتاتور ديمقراطي”. وعبثا حاول بوش تجميل المسعى بكلمات منمقة عن أن قرارا بهذا الشأن لا يأتي من المسؤولين الأمريكيين وإنما من الشعب العراقي، رغم أن هذا الشعب لم يعطَ الحق في التعاطي مع النظام السابق. كما أن بوش وأعوانه يتناسون أن الشعب العراقي مهموم بالدفن الجماعي لجثث الأطفال والنساء المعروفين ومجهولي الهوية والمقتولين على الهوية، أكثر مما هو مهموم بالوجوه المتعددة لعملة الاحتلال الواحدة. الشعب العراقي بقواه الواعية وناسه الطيبين، مهموم في مواجهة أحقر فتنة عرفها التاريخ، يراد لها أن تجزّئ العراق ودولاً أخرى، إلى طوائف ومذاهب ومناطق جغرافية، مهموم بحماية مستقبله من الجهل والتعصب المذهبي والعرقي وأدوات التخريب الداخلي.

واللافت أكثر أن واشنطن لا تريد في مناطق احتلالها ونفوذها مسؤولين يقبلون بلعب دور الأدوات بصورة مموهة، ناهيكم عن طموح بعضهم للحصول على استقلالية قرار، وإن بالمعنى النسبي، بل تريد أدوات تتعامل مع نفسها وتتصرف على نحو فاضح كأدوات. لماذا هذا الأسلوب؟ ألا تدرك أن حرق من تعينهم أو تريدهم قيادات لا يخدم هدفها؟ لا يبدو أن أمريكا تفكر على هذا النحو، ولنا في غير مكان شاهد على أدوات حكم حرقهم سفور التلاعب الأمريكي وتكرار عبارات الإشادة والدعم والتأييد، بالتوازي مع التهديد والوعيد بحق خصومهم، وأحيانا بتدخل سافر فاضح في شؤون أكثر من داخلية.

لكنه غرور يفترض أن على الآخرين أن يحنوا رؤوسهم بكفين على الجبين، وأن يمسحوا آذانهم جيدا وهم يستمعون لتعليمات رئيس أمريكا ووزراء خارجيتها ودفاعها وخزنتها وسفرائها ورئيس أركان جيوشها الغازية، وأخطبوط منظماتها المنتشرة عبر القارات لشراء الذمم وإفساد من يمكن إفساده وتحييد من يمكن تحييده وتهيئة أنصاف المثقفين والمنبوذين ليصبحوا متحدثين ووزراء وناطقين زورا أو كفرا.

وبات واضحا أن أمريكا التي لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، تمارس السفور الابتزازي بأقصى درجاته وأقصر دروبه استغلالا لفترة القطبية الواحدة التي تدرك أمريكا أو باتت تدرك أنها لن تدوم، بل إنها غيمة صيف عابرة، وأن رياحا “قطبية” بدأت تشتد وتنبئ بعودة التوازن للسياسة الدولية. ولن يكون مصير الاحتلال أي احتلال والاستعمار أي استعمار، أفضل من مصير الاستعمار القديم الذي دحرته شعوب عرفت المقاومة أكثر مما عرفت كتابة أسمائها، وحققت استقلالها وكسرة خبز لأطفالها تشتريها بغير الدولار. لذلك على المالكي أن لا يأسف على الانقلاب الأمريكي ضده، لأن العراق كله حولته أمريكا الى كبش فداء.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
المصالحة العراقية.. والاحتلال الأميركي.. لا يجتمعان
علي الطعيمات
الوطن قطر

قبل أيام قليلة من تقديمه التقرير التقييمي للأوضاع في العراق مع قائد القوات الأميركية المحتلة ديفيد بترايوس الى الكونغرس الأميركي يقول السفير الأميركي (الحاكم الفعلي للعراق) رايان كروكر ان التقدم السياسي في القضايا الاساسية في العراق «مخيب جدا للآمال»، ويقترح حتى تكون «مصالحة» ذات معنى ان تصل الى ابناء المجتمع العادي وألا تنحصر فقط بالقادة السياسيين، مشيرا الى ان ذلك «يحتاج الى وقت».. وكل ما تعلق بالعراق من انسحاب الاحتلال الأميركي وهو اساس كل المآسي العراقية الى مسألة الوحدة الوطنية العراقية ارضا وشعبا وطموحات وانتماء، يبقى على الدوام «يحتاج الى وقت»، وما دون ذلك فالوقت ضيق ويحتاج الى تنفيذ فوري حسب العرف والارادة الأميركية.. أي ان كل مصلحة عراقية مرهونة بنزع دسمها وعندها يكون الوقت قد حان. والمصالحة التي يتحدث عنها كروكر بين السياسيين غير متوافرة فالاوضاع بين القادة السياسيين لهذه المرحلة من تاريخ العراق الذي يتعرض لأبشع المؤامرات بعد المؤامرة الدولية على فلسطين والتي تمثل القضية العراقية واحدة من تداعياتها وحلقة في الترس الأمني الاسرائيلي الذي تقوم بتصنيعه الادارة الأميركية راعية الارهاب الاسرائيلي والاجندة الصهيونية ومشروعها الاستيطاني الاستعماري الشرير.

ويتجاهل كروكر الذي يعبر عن خيبة أمله تجاه التقدم السياسي في القضايا السياسية الاساسية في العراق، والذي يقترح مصالحة شعبية أو ما شابه، ان الاحتلال الأميركي هو السبب الاساسي ويمكن القول انه هو الذي فتح الابواب امام المخططات العدائية للعراق وانه المثير الرئيسي للنعرات الطائفية والعرقية والتمزيقية وللفتن بأنواعها واصنافها بين ابناء الشعب العراقي تنفيذ متغطرس وغبي للقاعدة الاستعمارية، «فرق تسد» وهو الذي حمل مع احتلاله كل ما يعاني منه العراق وشعبه من طائفية حاقدة وقومية عنصرية مقيتة تحت شعارات انتهازية كريهة افرزت مذابح واحقادا وكراهية رعتها العصابات الطائفية المدعومة من اعداء العراق العربي، وتصفية حسابات يدفع المواطن العراقي من امنه ودمه ومستقبله ثمنا لها دون ذنب اقترفه، بدعم مباشر وغير مباشر وبصور متعددة. فالقتل الطائفي والعرقي ليس كما يقول كروكر المتحصن وسط المنطقة الخضراء الحديدية انه انخفض في نفس الوقت الذي يعترف فيه ان الهجمات بالسيارات المفخخة مازالت مستمرة ومتوقعة والتي هي في الاساس صناعة أميركية تلعب في ساحتها وعلى جبالها المخابرات الغربية والاسرائيلية وبخاصة الأميركية والبريطانية لجر الشعب العراقي بعيدا عن قضية الاحتلال الأميركي وتحويل الانتماء الى طائفية والمذهبية او القومية وهو الواقع الحالي في هذا البلد المقاوم والذي يسطر ابناء المقاومة فيه بطولات ويعيدون كتابة التاريخ لدفن كل المؤامرات والقتل وكسر المحتل ومشاريعه الاستعمارية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
المالكي وأصدقاؤه
طارق الحميد
الشرق الاوسط
من يتأمل تصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في ختام زيارته إلى سورية، ردا على الرئيس الأميركي، يعتقد للوهلة الأولى بأن المالكي هو من ينتظر تقرير السفير رايان كروكر والجنرال ديفيد بترايوس عن أداء الإدارة الأميركية في سبتمبر المقبل، لا الكونغرس الأميركي الذي سينظر في فشل الحكومة العراقية بإرساء العمل السياسي في العراق، وتحقيق المصالحة الوطنية!

بالطبع سيخرج السيد المالكي لاحقا، كما فعل من قبل، ويقول إن تصريحه الأخير حرِّف عن سياقه، وهذا عذر مكرر، يبدو أنه أعجب السوريين مؤخرا. رئيس الوزراء العراقي، الذي يعاني من أزمة حقيقية على كافة المستويات، وأولها فشله الحقيقي في التواصل مع ألوان الطيف العراقي، ولا أقول توحيدهم، سيذكر له التاريخ، للأسف، ومن هم خلفه، انهم جعلوا العراقيين يتحدثون عن أيام الأمن في عهد الدكتاتور صدام حسين. ففي أيام النظام البعثي الغابر، كان الضحية كل من ينتقد النظام، أما الآن فقد بات الكل ضحايا الطائفية.

العراق ينحر من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه، طائفيا، على مرأى من السيد المالكي الذي قيد نفسه في مربع واحد، بدلا من أن يكون للعراق كله، وعلى الرغم من ذلك يريد رئيس الوزراء العراقي الهروب إلى الأمام، بالاعتقاد أن الانتقادات الأميركية ما هي إلا بسبب زيارته لسورية، كما أنها، أي الانتقادات، جزء من معركة الانتخابات الأميركية.

وهذا يعني أن الحكومة العراقية غير قادرة على إدراك الانتقادات والتحفظات التي تحيط بها، ليس من واشنطن وحسب، بل من داخل العراق، ومن العالم العربي.

والغريب أن المالكي اندفع في انتقاد واشنطن من دون أن يرى ما الذي تفعله إيران، وليس ما تقوله. ففي الوقت الذي رفعت فيه طهران عقيرة الصوت مهددة بإحراق الخليج إنْ تعرضت لهجوم أميركي، أطلقت سراح الأكاديمية الأميركية التي كانت تتهمها بالتجسس.

وعندما يلوّح المالكي لواشنطن بمقدرته على توفير أصدقاء يدعمونه، بدلا من أميركا، فبالطبع يقصد إيران وسورية. طهران التي تطمع بالعراق، وتريد أن تجعله حديقتها الخلفية للسيطرة على المنطقة، وإكمال مشروع الثورة الإسلامية، ودمشق التي تريد لبنان بأي ثمن وتبدو حريصة على احتلال بيروت، أكثر من حرصها على تحرير الجولان.

ومع كل هذه المعطيات يتجاهل المالكي ومن هم خلفه أن أكثر ما يقلق العالم العربي، وكثيرا من مواطني العراق، حتى الشيعة منهم، هو عدم حرص رئيس الوزراء وجماعته على عروبة العراق.

لا أحد، بالطبع، يريد عراقا غربيا، ومن المؤكد أن أحدا لن يقبل أن يرى العراق فارسيا أيضا.

وهنا لا بد من تذكير السيد المالكي، وهو يفاخر بأصدقائه الجدد، بالمثل الغربي الذي يقول «مع أصدقاء مثل هؤلاء من يحتاج إلى أعداء»!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
تشبعوا بالأنانية الوطنية..واقفزوا من السفينة الجانحة للغرق

زين العابدين الركابي
الشرق الاوسط

«بالتأكيد هناك مصير بائس ينتظرك إذا أنت اقترفت من الأخطاء القدر الكافي لدفعك إلى ذلك المصير»... حكمة أمريكية.

وتمثلا ناجزا لهذه الحكمة الأمريكية نقول: إنهم يتعجبون ويندهشون مما يجري في العراق!!.. ونحن نتعجب من عجبهم!!.. ماذا ينتظر من يقترف من الأخطاء الوبيلة هذا القدر الهائل غير هذا المصير البائس؟.. هل تتغير سنن الكون والحياة من أجل حفنة سياسية في واشنطن: لا تسمع ولا ترى ولا تعقل؟!. ماذا كانوا يتوقعون من آثار ونتائج لغزوٍ انبنى على كذبة.. ولإدارة للحرب وما بعدها: دمرت بلدا كاملا: دمرته بتفكيك جيشه، وهدم مؤسساته كافة وسحق بنيته التحتية والفوقية ونهب نفطه وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وقتل أكثر من مليون من أبنائه، وتشريد أكثر من أربعة ملايين عراقي، وزيادة أعداد العاطلين عن العمل بنسبة 890%، وتهيئة المسرح ـ دستوريا وواقعيا ـ لتفتيت وحدته الجغرافية... شاهت الوجوه!!.. ماذا كانوا يتوقعون غير هذا الذي يجري، بعد أن صنعوا بأيديهم، وعن عمد: أسباب ما يجري ومقدماته ومناخاته؟.. ألم يقل الحكيم الأمريكي: «بالتأكيد هناك مصير بائس ينتظرك إذا أنت اقترفت من الأخطاء القدر الكافي لدفعك الى ذلك المصير»؟.. انها حكمة تنطبق على أفعال الادارة الامريكية الحالية التي اقترفت من الاخطاء ما أوردها هذا المصير.. وما أورد غيرها أيضا من العميان الذين مشوا خلفها ـ هنا وهناك وهنالك ـ في ذات الطريق المؤدي الى المصير البائس، فارتكبوا بذلك خطايا ثلاثا مركبة: خطيئة الجبن عن النصح الواجب بادئ ذي بدء.. وخطيئة الاستمرار في المداهنة.. وخطيئة المشي أو الهرولة وراء عميان.

ومما يزيد المشهد تفجعا وأسى: أن قائد هذه القافلة التائهة لا يزال يصر على أن قافلته تمشي في الطريق الصحيح الموصل الى الغايات المنشودة.. ففي خطاب له أمام المحاربين القدماء ـ يوم الاربعاء الماضي ـ: دان الانسحاب الامريكي من فيتنام «!!!» على حين ان هناك اجماعا امريكيا على ان ذلك الانسحاب وفر للولايات المتحدة (عمرا جديدا) إذ أنقذها من مستنقع مميت ـ بالمعنى البيولوجي والاستراتيجي للتعبير ـ .. كما نوه بالتجربة الامريكية في اليابان، وكأن الطريق الى جلب الديمقراطية هو (القصف النووي) لمدن يابانية. ولكنه تورط في هذه المفارقة المتوحشة بسبب اسقاط ظل تجربة أمريكا في اليابان على تجربة ادارته في العراق. بمعنى انه يريد أن يقول: لقد دمرنا العراق.. نعم.. لكن هذا الدمار يهون بجانب (انتصار الديمقراطية)، واستدعوا النموذج الياباني لتفهموا يا .... وفي السياق ضرب مثلاً بأن المرأة اليابانية كانت مكبلة فأصبحت اليوم وزيرة للدفاع.. والتهافت الفكري واضح في المثل. ففي بلاد كثيرة منها سيرلانكا ـ مثلا ـ أصبحت المرأة أكثر من وزيرة دفاع. ولكنه أراد بالمثل: العالم العربي الاسلامي. فكما حررت امريكا المرأة اليابانية من الاغلال، فهي اليوم تعمل على تحرير المرأة في العالم الاسلامي من الأغلال ايضا، ولا سيما انه عقد مشابهة بين ايدلوجية اليابان التي كانت، والايدلوجيات السائدة في العالم العربي الاسلامي اليوم (وكثيرا ما يطلق مصطلح ايدلوجيا على العقائد والمصادر الدينية).. ثم قال ـ في الخطاب ذاته ـ: «بعد أحداث 11 سبتمبر وصفت الأحداث بأنها صراع حضارات.. وأنا أقول صراع: من أجل الحضارات».. وهذا كلام جد خطير من حيث انه يقر بـ (صراع الحضارات) ويزيده تأصيلا بمفهوم بأنه صراع من أجل الحضارات.. وهذا مفهوم ينقل مصطلح صراع الحضارات من الدائرة الفكرية أو الفلسفية الى دائرة (التبني الغائي)، أي الصراع من أجل النموذج الحضاري، أو (الجهاد في سبيل قيم الحضارة الغربية ضد أعدائها): وفق المقولة المكررة دوماً.

ومما يدخل في سياق الركض في (التيه) ـ كذلك ـ: المواظبة على (التخبط) في كل شيء: في التفاصيل.. والتكتيك.. والترقيع.. وعلى نحو يجر مزيدا من الكوارث على امريكا وعلى الاخرين.. مثال ذلك: وجه الرجل نقدا شديدا ـ يشبه النعي ـ للحكومة العراقية الراهنة ولرئيسها ـ بوجه خاص ـ.. ولم تمض ساعات حتى جدد ثقته بها.. ولم تمض ساعات على تجديد الثقة بها حتى اصدرت 16 وكالة استخبارات امريكية تقريرا يؤكد ان هذه الحكومة لن تنجح، وان الفشل مصيرها.. وقبيل ذلك صدرت دراسات (موحى بها في الغالب) تقول: «ان المخرج من الازمة العراقية يكمن ـ فحسب ـ في العثور على (دكتاتور جديد) يضبط الاحوال السائبة في العراق، ويضمن مصالح الولايات المتحدة».. في الوقت نفسه كانت هذه الادارة نفسها (تلح) على دول المنطقة لأجل دعم الحكومة العراقية بكل وسيلة! (العبرة العاجلة هاهنا هي: التروي الطويل قبل الاستجابة لأي رغبة امريكية فهي رغبات المتخبط العجل التائه التي لا تصدر عن حساب صحيح ولا تقدير عقلاني واقعي).

والخبط في التيه يستمر على الرغم من النذر المتوالية التي تشير الى مخاطر ضروس تتعرض لها الولايات المتحدة على كل مستوى تقريبا:

1 ـ اطلق كبير مفتشي الحكومة الامريكية نذيرا يكفي ـ وحده ـ للانخراط الجاد في اصلاح المسيرة. لقد قال المفتش ديفيد وركر (الممسك بالملف الوطني كله)..: «ان الولايات المتحدة تقف الآن على حافة الهاوية وذلك في صورة سياسات وممارسات لا تطيقها البلاد وهي سياسات وممارسات تسببت في العجز الشديد في الميزانية، والنقص الحاد في الرعاية الصحية او تزايد الالتزامات العسكرية الخارجية مما يهدد باندلاع ازمة طاحنة.. ان وضع البلاد يشبه وضع روما القديمة قبل احتراقها وانهيارها.. ومن أوجه التشابه والعوامل المشتركة: انحدار القيم الاخلاقية.. وفساد النشاط السياسي. والثقة المفرطة بالنفس الى درجة الغرور.. والمبالغة في نشر القوات في الاراضي الاجنبية.. والتبذير في انفاق المال العام من قبل الحكومة المركزية».. ثم قال: «ان هناك سياسات خاطئة تمارسها الحكومة في مجالات التعليم والطاقة والبيئة والعراق ولذا فان الولايات المتحدة تحتاج الى مئات المليارات من الدولارات لاعادة تأهيل وتحديث بنيتها التحتية: من الطرقات والمطارات الى المياه وانظمة الصرف الصحي والجسور، واني اعتبر انهيار الجسر في مينيا بولس جرس انذار. ولقد سلطت الضوء من قبل على عدد من هذه القضايا وأريد الآن رفع الصوت عاليا لخطورة الموقف وشدة الحساسية ولارتباط هذه القضايا باسماء في الحكومة».

2 ـ أجرت مؤسسة (أيبسوس) استطلاعا موسعا في تسع دول اوروبية وغير اوروبية هي: بريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة ذاتها.. وكان موضوع الاستطلاع هو (أهلية الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية في العالم).. فماذا كانت نتيجة الاستطلاع؟.. في فرنسا رفض 84% ان تكون الادارة الامريكية مؤهلة لنشر الحرية والديمقراطية في العالم.. وفي المانيا نفى 80% الاهلية ذاتها.. وفي بريطانيا قال 70%: ان الولايات المتحدة غير قادرة على القيام بذلك لاسباب عديدة.. وفي الولايات المتحدة نفسها أكد 53% ان قيادة بلادهم غير مؤهلة لذلك.

3 ـ في دراسة علمية نوعية (شريحتها خبراء في مكافحة الإرهاب):

ثبت أن 84% من هؤلاء الخبراء يقطعون بأن خطط إدارة جورج دبليو بوش في مكافحة الإرهاب قد باءت بالفشل التام. وان أكثر من 90% من هؤلاء الخبراء ـ يجزمون بأن العالم قد أصبح أضعف أمنا، وأكثر خطرا في ظل هذه الخطط.

4 ـ برنت سكوكروفت جمهوري مخضرم ومفكر استراتيجي يُعتد برؤيته وحساباته، وقد كان مستشارا للأمن القومي للرئيس جورج بوش الأب.. هذا الرجل: غير المشكوك في وطنيته وعقله، أصدر نذرا صاعقة فقال: «إن مأساتنا في العراق دليل على العمى الاستراتيجي الذي تتمتع به هذه الإدارة. ها نحن اليوم في العراق، ونمتلك العراق، ولكن يجري صيدنا فيه. لقد نصحناهم قبل الحرب وقلنا لهم: سيُنظر إلينا كقوة محتلة في بلاد معادية، ولكنهم لم يسمعوا.. كيف يريد المحافظون الجدد جلب الديمقراطية إلى العراق عن طريق الغزو والضغط والقهر؟. لقد قيل: إن هذا جزء من الحرب على الإرهاب، إلا أن العراق أصبح بيئة واسعة تغذي الإرهاب وتدعمه».

ما هذا الركض المجنون نحو المصائر البائسة؟.. ان الوقت ليس وقت الفرحة بأحزان الآخرين (وهذا هو التعريف المختصر لكلمة الشماتة). فالحال والضمير لا يتسعان لهذه الصغائر.. وأن ينصلح حال أمريكا أحب إلينا من أن يفسد.. بيد ان الله جل ثناؤه أخبرنا بأن المسالك والمصائر مرتبطة بـ(الأعمال)، لا بالأماني: «ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به».

وإنه لعجب يقفوه عجب يتلوه عجب: هل يمكن لرئيس أو إدارة سياسية ان تدمر بلادها ـ ماديا ومعنويا ـ بهذه الطريقة؟.. على الرغم من كل شيء، فإننا نستبعد تعمد ذلك، وهو استبعاد ينشئ سؤالا عاجلا وطبيعيا: ما السبب.. ما العلة فيما يجري؟.. الغالب أو الراجح: أن السبب هو: تسليم شؤون الولايات المتحدة ومصائرها لمجموعات صهيونية أو متصهينة.. ولعله من حسن حظ الأميركيين ان هذه الحقيقة المرة بدأت تتكشف ويتكثف الضوء عليها.. مثال ذلك: كتاب ومقال.. اما الكتاب فهو (اللوبي الصهيوني والسياسة الخارجية الامريكية) لمؤلفيه: البروفيسور ستيفن وولت.. والبروفيسور جون مير شايمر. يقول الكتاب: «إن جماعات الضغط الصهيونية تصب أجندتها الخاصة في السياسة الخارجية الاميركية ومن ثم تصبح السياسة الخارجية للولايات المتحدة في خدمة سياسات وأهداف هذه الجماعات، الأمر الذي انزل اضرارا فادحة بالمصالح القومية للولايات المتحدة. والغريب أن هذه الجماعات تعمل على كبت كل صوت أميركي يجهر بهذه الحقيقة».. وأما المقال فهو بعنوان (آن الأوان لإعلان الاستقلال عن إسرائيل) للكاتب الامريكي: كريس هيدجز.. يقول الكاتب: «ان المستقبل لا يبشر بخير، ليس فقط لأن السياسة الخارجية الاسرائيلية لا تتوافق مع المصالح الأمريكية. بل لانها تلحق بها أضرارا بالغة.. إن اشعال حرب اقليمية ليس من مصلحة الولايات المتحدة، وربما ليس في مصلحة إسرائيل نفسها على المدى الطويل، ولكن الذين يمسكون بزمام الأمور مصممون على إشعالها باسم الحرية والديمقراطية لدفع سفينة الدولة الأمريكية نحو الانحدار. والسبب ان السياسة الخارجية الاميركية أصبحت ـ في ظل إدارة بوش ـ أكثر من امتداد للسياسة الخارجية لاسرائيل. ولذلك يجب ان يتم استقلال أمريكا عن إسرائيل».

قد لا يستطيع حكام المنطقة تغيير هذا (الواقع الأمريكي) المثقل بالمتاعب والمصائب، ولكنهم يستطيعون (ولو بضغط غريزة الانانية في البقاء): ان ينجوا بأنفسهم من هذه المحرقة أو المهلكة.. والنجاة مشروطة ـ عقلا ومصلحة وغريزة وأمنا ـ بالابتعاد الضروري عن هذه السفينة الأمريكية التي قرر أصحابها أنفسهم عدم إنقاذها.. ويكفي الاعتبار ـ مثلاً ـ بالأزمات الحادة التي يواجهها: برويز مشرف، ونوري المالكي.. أم أن الاعتبار ممنوع إلى أن ينشب الحريق داخل البيت أو في غرفة النوم؟!.

وهل من المناسب ان ندعو إلى مؤتمر اقليمي أو عالمي: تحمل اجندته بندا واحدا فحسب وهو: التحرر الشجاع والناجز من فكرة أو أسطورة: ان كل ما تراه أمريكا صحيح وصائب.. ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست (إلها). بل هي بشر من البشر الذين كتب عليهم الخطأ والصواب والاستقامة والانحراف.. واستحضار وقائع هذا المقال ومفاهيمه يصلح برهانا على حقيقة: ان هذه الجمهورية ترتكب اليوم من الأخطاء قدرا: يتعسها ويتعس من يمشي وراءها بغباوة وعمى وتصمم!!.. ولتنشيط الذاكرة يمكن استعادة الحكمة الأمريكية التي تصدرت هذه السطور.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
الازمة العراقية والجهود الضائعة
مختار لماني
الشرق الاوسط
في مواجهة الوضع بالغ القتامة الذي يسود العراق الآن، أطلق البعض فكرة المؤتمر الدولي، هذا على الرغم من اعتماد مجلس الأمن في العاشر من آب/ أغسطس 2007 قرارا قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا لتوسيع ولاية بعثة الأمم المتحدة في العراق. حيث أن هذا القرار غير مقنع ولا يوفر أية إمكانية لتحقيق تغييرات حقيقية في العراق.

وهنا لا بد من التذكير بأن الرئيس الأمريكي بوش لم ينفك خلال السنوات الأربع الأخيرة من تكرار القول بضرورة المثابرة لإكمال المسيرة في العراق، هذا بينما يواصل العراق المعاناة من أزماته المتعددة، بل وينغمس فيها أكثر فاكثر.

إن قرار مجلس الأمن الأخير لم يفعل، في الحقيقة، غير أن وضع قائمة بمهمات الاستشارة والمساعدة للحكومة العراقية في المجالات الدستورية والسياسية والانتخابية والقضائية والاقتصادية والإنسانية وحقوق الإنسان واللاجئين، وهذه المهمات سبق وأن ساهمت بها بعثة الأمم المتحدة في العراق منذ عودتها للعراق في عام 2004 من دون أن يكون لها أي أثر يذكر وبما أضعف مصداقيتها ومصداقية العمل متعدد الأطراف في منطقة بالغة الهشاشة.

كما أن هذا القرار اعتمد في أجواء ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهي اجواء يسودها التوتر والضراوة، وفيها عوملت الأزمة العراقية، لسوء الحظ، كقضية داخلية تستخدم لأغراض الكسب الانتخابي. ولربما كان العنصر الوحيد الجديد في هذا القرار هو تكليف الأمم المتحدة بتسهيل جهود المصالحة الوطنية، ولكن القرار اشترط أن يتم ذلك بالتنسيق مع حكومة المالكي، وهي تبدو الآن حكومة مفككة أكثر من أي وقت مضى. هذه الحكومة سعت منذ أكثر من سنة لأن تكون حكومة وحدة وطنية وحكومة مصالحة وطنية، لكنها ببرنامجها وممارساتها لم تستطع، للأسف، أن تقنع أي عراقي، من الذين رفضوا المشاركة السياسية في ظل الاحتلال الأجنبي، بالانضمام الى هذه العملية. ليس هذا فحسب، بل إن المالكي فقد خلال هذه السنة الكثير من حلفائه من داخل العملية السياسية، وبدا غير قادر، إن لم يكن غير مؤهل، على تحقيق أي من أهداف حكومته.

واستنادا الى ما ورد أعلاه، يصعب على المرء أن يفهم كيف ستستطيع بعثة الأمم المتحدة أن تتفاوض مع العراقيين من كل الأطياف إذا كان عليها أن تنسق جميع جهودها مع رئيس وزراء قيادته موضع نزاع ليس مع المجموعات المسلحة فحسب بل وأيضا نصف الذين يشكلون حكومته.

إن المهمات التي كلفت بها الأمم المتحدة في قرار مجلس الأمن الجديد سوف تخلق كثيرا من علامات الاستفهام حول مدى ملائمتها وقدرتها على النجاح بل وحتى إمكانية تطبيقها. وهنا يبرز السؤال: هل أن الهدف النهائي للأمم المتحدة هو مساعدة شعب العراق على تجاوز محنته الطويلة القاسية وفق ما تمليه عليها صلاحياتها بحفظ السلم والأمن الدولي بموجب ميثاق الأمم المتحدة، أم أن عليها مساعدة الإدارة الأمريكية الحالية على معالجة نتائج أخطاء حربها التي ازدرت منذ البداية بأهمّ قواعد النظام الدولي المتمثلة بالعمل متعدد الأطراف، والتي كانت تعتبر، حتى ذلك الوقت، الضمان الوحيد لتعزيز المسؤولية الجماعية في حفظ السلم والأمن الدوليين !

ومما فاقم الوضع أكثر هي الوقائع الجديدة على الأرض داخليا وإقليميا، أن تجديد دور الأمم المتحدة جاء بعد أربع سنوات من الحرب التي شنتها الولايات المتحدة عام 2003 وما تلاها من فوضى كان من نتائجها المتسارعة تمزيق المجتمع العراقي وظهور قوى ظلامية وطائفية هي في النهاية قوى إقصائية ومعادية للديمقراطية.

كيف يبدو الوضع في العراق الآن:

أولا : على المستوى الإنساني :1 ـ بسبب أعمال التطهير الطائفي والعرقي أصبح ثلث العراقيين لاجئين اليوم، ونصف هؤلاء مهجّرين داخليا. وأبعاد هذه المشكلة شديدة الخطورة كونها تشكل البيئة المناسبة ليس لحرب أهلية، فهي موجودة فعلا ، بل لسلسلة من الحروب الأهلية نتيجة المزيج المتنوع لهذا البلد وتاريخه وتاريخ المنطقة بشكل عام.

2 ـ إن الإحصائيات الأكثر تواضعا تقول ان عدد الضحايا من المدنيين العراقيين بلغ نصف مليون لحد الآن.

ثانيا: على المستوى السياسي والإدارة المحليّة:

1 ـ أصبح التطرف الديني والسياسي في العراق والمنطقة أقوى مما كان عليه في أي وقت مضى. وأصبحت أيديولوجية القاعدة هي القاسم المشترك لمجموعات ما فتئت تتشكل، حتى من دون أن تكون هناك اية علاقة تنظيمية بينها. (لنتذكر انه في عام 2003 عندما تقرر شن الحرب كان أحد الأسباب المعلنة لهذا القرار هو الفرضية الخاطئة القائلة بأن خلايا للقاعدة تعمل في العراق. والآن وبعد أربع سنوات من الأخطاء والتخبط أصبحت هذه الخلايا موجودة فعلا في العراق، بل وامتلكت ترف إدارة شؤون القرى، مثلما حصل قبل عدة أشهر في محافظتي ديالى ونينوى).

2 ـ وصل المأزق الدستوري في العراق مداه، ويبدو أنه بلا مخرج. إن ثلاثة قوانين طلب الدستور إنجازها وهي قانون النفط والغاز وشكل النظام الفيدرالي وموضوع كركوك تبدو غير قابلة للتحقيق. كما أنّ جميع المقترحات التي طرحت لحلّ هذه المواضيع خلقت مشاكل جديدة بدلا من حلّ المشاكل السابقة، وذلك بسبب اجواء الشك وعدم الثقة المفرطة بين الأطراف المعنية. الشيء الوحيد الذي اتفق عليه العراقيون هو الهروب الى الأمام ولكن باتجاهات مختلفة ومتعاكسة.

3 ـ لم يعد المشهد السياسي يشهد قيام تحالفات جديدة والتحالفات القائمة آخذة بالانفراط : لقد غادر الصدريون الحكومة كما غادرتها جبهة التوافق وحركة الوفاق الوطني وخرجت كتلة الفضيلة من الائتلاف الشيعي وهناك صدامات دامية بين مجموعات من المقاومة والقاعدة .. الخ.

4 ـ إن التخمينات الأكثر واقعية تشير الى أن عشرين مليار دولار سرقت من موارد الدولة منذ عام 2003. كثير من المسؤولين العراقيين، الذين أصبحوا معتادين على قضاء وقتهم في الخارج أكثر مما في العراق، لا يعرفون من العراق غير المنطقة الخضراء التي تعزلهم جسديا بقواطعها الكونكريتية العالية ليس فقط عن المشهد الدموي في البلد، بل وتعزلهم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا أيضا.

5 ـ تفاقم الطائفية والتهجير القسري للسكان

لو قررت الإدارة الأمريكية إعطاء الأطراف الإقليمية والدولية مؤشرات بأنها اقتنعت أخيرا بعدم إمكانية الحل الأمريكي المنفرد للأزمة العراقية، فإنها تحتاج في هذه الحالة الى أكثر من قرار مجلس الأمن الأخير. فهي تحتاج أولا الى الإقرار بأن أفعالها عمقت التمزق والتوتر في منطقة تعاني أصلا من الهشاشة والتعقيدات. بعد ذلك عليها إعادة قراءة الوضع برمته، بضمن ذلك الحلول التي طرحت لحد الآن، والتي كانت إمّا غير مناسبة أو أنها جاءت متأخرة كثيرا. ثم عليها أن تصل في النهاية الى قناعة بأن انطلاقة جديدة وجذرية هي القادرة على أن ترسل رسالة واضحة للشعب العراقي ولقواه الحيّة ولبلدان المنطقة وللمجتمع الدولي بأن عصرا جديدا سيبدأ، وأن نقطة انطلاق هذا العصر الجديد هي قطع الصلة بكل ما جرى بناؤه في العراق لحد الآن على أساس زائف.

ولعل بريق الأمل يكمن في تلك الفكرة القديمة القائلة بعقد مؤتمر دولي تدعى له كل الأطراف العراقية بوصفها أطراف في نزاع ، ويدعى له جميع اجيران العراق والأطراف الدولية المعنية.

بدون الدعم الضروري الكامل من اللاعبين الإقليميين والدوليين سيكون صعبا على العراقيين إنجاز المصالحة فيما بينهم. أمّا خيار الحسم العسكري فلا يجب التفكير فيه، وشعوب المنطقة تعتبره إهانة واستفزازا وظلما إضافيا يضاف الى أشكال الظلم الأخرى التي تعانيها.

في الختام، يجب إقناع العراقيين بأن عليهم أن يفهموا أن المصالحة هي لصالح شعبهم الذي عانى الكثير وله كامل الحق أن يأمل بمستقبل أفضل. وعلى دول المنطقة أن تفهم أن استقرار العراق وأمنه يصب في مصلحتها. وعلى المجتمع الدولي أن يسعى لإطفاء النيران في العراق قبل أن تمتد الى المنطقة ذات الأهمية البالغة بفعل تاريخها وكذلك لأهمية استقرارها للاقتصاد العالمي.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، ومع افتراض اجتماع النوايا الحميدة محليا وإقليميا ودوليا بطريقة سحرية، فسنحتاج الى المزيد من الوقت والتضحيات .. قد تبقى بعض الجروح الغائرة وقد تبقى بعض الأجندات متناقضة، ولكن سيبقى العراق وليس غير العراق. لا بد أن نصل في نهاية المطاف الى جوهر الحقيقة وعند ذلك يتوقف هروب اللاعبين الى الأمام ويبدأون التعلّم من جديد على العيش سوية. وإذا لم يحصل كل هذا فإن تعبير (العراق) قد يصبح مثل تعبير (بلاد ما بين النهرين)، جزءا من التاريخ.

* باحث أساسي في مركز الابحاث والتنمية الدولية ومركز الابداع للحكم الدولي ـ كندا.

الممثل الخاص السابق للأمين العام لجامعة الدول العربية في العراق
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
هل احترقت أوراق مشرّف.. والمالكي؟!

افتتاحية
الرياض السعودية
هناك "بروفة" جديدة يعدها الرئيس بوش، وهذه المرة بدأت تقفز من حالة التغييرات في الأطر السياسية والعسكرية المحدودة، على جبهات الحروب الأمريكية في مناطق التوتر، إلى تغيير الرؤوس الفاعلة، وخاصة في العراق، وباكستان، لكن مثل هذه الإجراءات هل تؤدي دورها لتسقط عوامل الفشل بسياسة الرئيس الأمريكي؟..
لقد حامت شكوك كبيرة حول سقوط طائرة الرئيس الباكستاني السابق، ضياء الحق والذي رافقه بالطائرة السفير الأمريكي، ان التخلص من الرئيس جاء بقتل على الطريقة الأمريكية، لكن ما يحدث مع مشرف، ربما جاء من خلال قناعات أن وجوده لا يهدد السياسة الأمريكية لكنه لا ينسجم معها، وأن تهماً تقول إنه يرى بعض فصائل التطرف كرصيد مساومة لأي انقلاب آخر في التوجهات الأمريكية، في الوقت الذي يجد الرئيس بوش أن تنامي عناصر للقاعدة أو طالبان يخالف مشاريعه بالتخلص من الإرهابيين وقواعدهم، ولعل عودة نواز شريف، الرئيس السابق، حتى لو جاء بقرار صادر من المحكمة العليا الباكستانية، فهو مؤشر لنوايا أمريكية بضرورة، إما اعتدال الرئيس الباكستاني الراهن، أو تغييره بضغط مختلف القوى الداخلية، والتي ترى فيه عنصر احتكار لسلطة الدولة والجيش، لكن مثل هذا التغيير، لو حدث، ألا يفجر أزمات جديدة لأن باكستان لم تصلح بالنظامين الدكتاتوري، ولا البرلماني الديموقراطي، لأن المشكلة بعجز الوحدة الداخلية، أن تنتظم بتفاهم يجمع القبيلة، والتعددات المذهبية والدينية بشراكة واحدة، أسوة بسلوك الدمج، الناجح في الهند التي تتعدد قومياتها وأعراقها وأديانها.

باكستان لا يمكن قصر أهميتها على واقع ناشئ، أو حدث طارئ، وقد جربت أمريكا محاولة استبدالها بالهند، وتقليص دورها، لكن بعد أحداث 11سبتمبر وجدت أنها الرصيد الوحيد في تحجيم مصادر الإرهاب، وإن لم تقضِ عليه..

السيناريو الآخر، جاء بتوجيه لوم حاد للسيد المالكي رئيس وزراء العراق وحتى مع ضعف أدائه أو المطالبة بإقصائه بسبب التقصير الحاد في تشكيل وحدة وطنية في الفوضى العراقية، وتوجيه الاتهام له من قبل بعض أعضاء الكونجرس والأحزاب الأمريكية، إلا أن تراجع بوش وتخفيف حدة المواجهة مع المالكي ربما جاءت بتأجيل الإزاحة، إلى إعطاء الفرصة له، لربما تتجه البوصلة العراقية لوجهتها الصحيحة..

لا أحد يعرف قابلية إيجاد البدائل في رئاسة البلدين باكستان والعراق إلا أن إيقاع الحرب، ونمو الإرهاب في كل من العراق وأفغانستان، وبروز عناصر باكستانية، ربما تندفع بشكل علني لتأييد طالبان، هي مواجهات ساخنة لبوش تحديداً، وهنا يأتي السبب الجوهري في محاولة إزاحة الواجهات الرئيسية من حلفاء الرئيس، غير أن التلامس مع المشكلة الأساسية، وهو طغيان النفور من أمريكا وتوجهاتها والأخطاء الفادحة التي جعلت خصومها من خارج العراق، وأفغانستان لاعبين رئيسيين هو ما خلط الأوراق، وبالتالي لن يأتي التغيير بنجاح البدائل لأمريكا أو غيرها..

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
هاي تاليها.. يا «خوش زلمه»؟
سعد بن طفلة
الشرق الاوسط الا


هناك قناعة تزداد رسوخا كل يوم في واشنطن بأن الوضع العراقي لم يجر وفق هوى متخذ القرار في واشنطن، وقناعة أكثر رسوخا بأن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، عاجز وفاشل في تحقيق تلك الأهداف، حتى وإن قال الرئيس بوش عن المالكي في خطابه الأربعاء الماضي بأنه «خوش زلمه» (كأقرب ترجمة لـGOOD GUY).

الوضع الأمني في العراق متدهور، ودولاب الدم لم يتوقف، والخدمات الأساسية غير متوفرة، حيث الوزارات الخدماتية تتوزعها الميليشيات، فالصحة في يد ميليشيا، والتعليم في يد أخرى، والنفط يتم تقاسمه حسب الحصص الحزبية، وهكذا.

وعليه فإن العراق الذي وعدت به إدارة بوش لم يتحقق: الأمن والاستقرار والحرية والرخاء تعد أضغاث أحلام بالنسبة للإنسان العراقي المنكوب. فالحكومة التي لا توفر الأساسيات للإنسان، والنظام الذي لا يوفر الأمن، والديمقراطية التي لا تضمن العدالة، تصبح شعارات كلام وهراء محضا. وعليه فإن تفكيرا جديا بدأ في واشنطن للبحث عن استراتيجية جديدة لتعديل مسار الأمور في بغداد. المالكي يدرك ذلك، وقد انتقد من دمشق أثناء زيارته لها الأصوات الأمريكية التي تلمح إلى تغيير المالكي، وكررعباراته المتكررة بأنه رئيس حكومة منتخبة ديمقراطيا من الشعب. ولكن أية حكومة ديمقراطية يقاطع سبعة عشر وزيرا من أصل سبعة وثلاثين فيها، جلسات مجلس الوزراء منذ شهور؟ وأي حكومة استقال نواب رئيسها، وبرلمانها لا يجتمع ويعطل في الصيف هربا من قيظ بغداد، والشعب يعيش بلا كهرباء في بلد يقبع فوق ربع احتياطي البترول في العالم؟ وأية حكومة وعدت بحل الميليشيات، فازدادت سطوة وعددا؟ وأية حكومة وعدت بالتحقيق في جرائم وزير الداخلية السابق بيان صولاغ ـ الذي أصبح وزيرا حاليا للمالية ـ ولم تخرج نتائج للتحقيق بعد؟ وأية حكومة لم تحقق الوفاق الوطني وإشراك جميع القوى المختلفة؟

قد يجادل من يجادل: لا يهم أمريكا مدى الديمقراطية في العراق، ما دام النظام يراعي مصالحها. لكن حكومة المالكي ليست في صف الولايات المتحدة قدر ما هي قريبة من إيران، وهذا ما يردده بعض جنرالات الجيش الأمريكي علنا هذه الأيام: نسفح دمنا، لتزداد إيران سطوة ونفوذا من أجل حكومة لا تسيطر على شيء خارج المنطقة الخضراء، ولا تمتلك ميليشيا، فالميليشيا الوحيدة التي يمتلكها المالكي هي جيشنا الأمريكي وقوات التحالف، وهؤلاء تسيل دماؤهم من أجل إيران، وبقاء المالكي.

ولعل الطرف الآخر المستفيد من بقاء المالكي هم الصداميون والتكفيريون، الذين يرون في حكومة المالكي تجسيدا لفشل الاحتلال وتكريسا للطائفية الدموية. فما «بني على باطل، يأتي بالباطل حتما»، وحكومة المالكي وانتخابه كان طائفيا حتى النخاع، ومن يظن أن حكم الطائفة الأخرى هو الحل واهم، فالطائفية تجر مزيدا من الطائفية، ولا تحقق التعايش بأية حال.

لقد جاءت المطالبة بتسليم رغد صدام حسين للحكومة العراقية كواحد من مؤشرات كثيرة على عجز الحكومة الذريع. ذريعة مذكرة اعتقال رغد هي الحصول على شريط تسجيل تحث فيه الإرهابيين على الاستمرار في الدمار. مفجوعة تسعى للثأر لأبيها وأخويها وعزها المفقود بشريط، «هذي آخرتها» كما يقال في الخليج؟ «وهاي تاليها» كما يقول العراقيون؟ المشكلة في العراق سببها أرملة ثكلى تندب حظها العاثر في عمان، هكذا اختزلت حكومة نوري المالكي الفشل الذريع، والقتل المريع الذي تسبب به الصداميون والتكفيريون من الفريقين بابنة صدام حسين، المقيمة في عمان منذ سقوط نظام والدها عام 2003.

الاتهامات ضد رغد بمساندة الإرهاب تعكس عجزا لحكومة المالكي إن صدقت، وتعكس إفلاسا ويأسا للحكومة، إن لم تصدق، وكلتا الحالتين تؤكدان أن حكومة المالكي لم تعد قادرة على تحقيق شيء.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
ميليشيات وتوازن رعب طائفي
مصطفى زين
الحياة
أصبح فشل استراتيجية بوش الجديدة في العراق، وربما في الشرق الأوسط كله، واقعاً يثقل على إدارته وحزبه في الداخل، ويشكل خطراً مقيماً في المنطقة، يعادل خطر استراتيجيته القديمة لو قيض لها النجاح. ولا بأس من مراجعة سريعة لثوابت هاتين الاستراتيجيتين وتحولاتهما.

بدأ بوش والمحافظون الجدد الحملة على نظام صدام حسين بذريعة أنه يشكل خطراً على شعبه وجيرانه. والدليل أنه شن حربين متتاليتين على إيران والكويت، وقتل مئات الآلاف من العراقيين، ويملك أسلحة دمار شامل تطاول إسرائيل، وتهدد السلام العالمي... إلى آخر الحجج المعروفة لتغطية الهدف الأساسي: احتلال العراق والسيطرة الكاملة على المنطقة، حتى وإن اقتضى الأمر نشر الفوضى الخلاقة.

ولخص منظرو الحرب هذه «الرؤيا» التي هبطت على رئيسهم بعبارة تختصرها، على رغم اتساعها، مفادها أن استراتيجية دعم الأنظمة المستبدة انقضى زمنها، والآن زمن نشر الديموقراطية انطلاقاً من واحتها الجديدة أي من العراق، ولبنان لاحقاً، بمساعدة إسرائيل، الديموقراطية الوحيدة، على ما يردد أركان الإدارة والليبرو - طائفيون العرب.

لم يمضِ وقت طويل حتى اصطدمت «رؤيا» بوش بالواقع العراقي الذي تحول الى مستنقع غرقت فيه الاستراتيجية الطموحة، وغرق معها المنظرون، واحداً بعد الآخر. وتحول الانتصار العسكري السريع الى كابوس سياسي في الداخل والخارج. وأصبحت الحرب على الإرهاب التي لا مكان ولا زمان لها، حرباً على أشباح، أكد الرئيس الأميركي نفسه أنها «حرب أفكار»، ستنتصر فيها المدنية على البربرية، وما جاء في العهد القديم على «نظريات» ابن لادن. لكن السلاح الفكري التوراتي والسلاح «المتجدد» أعملا تقطيعاً بالعراق ومحيطه، فانتشرت المناهج السياسية القائمة على أساس ديني وطائفي، من المحيط إلى الخليج. وتراجعت المفاهيم الوطنية والقومية، ومعها الحلم بالديموقراطية والتقدم.

لم تكن خطة بوش لـ «حرب الأفكار» أفضل من خطته للحرب على الإرهاب. واتضح أن «رؤاه» مجرد تكرار لأخطاء الاستعمار القديم واستراتيجياته وأكاذيبه بلكنة أميركية. وكأن التجارب الماضية وما رافقها من حروب وأهوال لا تعني شيئاً. أو كأن التاريخ بدأ من لحظة وصوله الى البيت الأبيض. والثقافة بدأت من قراءته التوراة وكتاب شارنسكي في الديموقراطية.

بدأت «حرب الأفكار» بالرد على اطروحات بن لادن بالسلاح والإعلام، وبدأ تحسين صورة الولايات المتحدة لدى شعوب المنطقة بتكثيف الدعاوة لها، على طريقة مساحيق الغسيل والكوكاكولا.

تحت ضغط داخلي كبير تغذيه خسائر قواته في العراق وفشلها في بسط سيطرتها، حتى في المنطقة الخضراء الحصينة، اضطر بوش الى تعديل استراتيجيته. فبعدما فشلت خطته في تمكين الشيعة من الوصول إلى السلطة في بغداد، أملاً في تعاونهم معه ضد إيران وسورية، هدفه الثاني بعد العراق، بدأت قواته في دعم السنّة بتشكيل ميليشيات من أعدائها القدامى مقابل الميليشيات الشيعية التي أصبحت العدو الجديد وفي مواجهة تنظيم «القاعدة». ويعتقد العسكريون الأميركيون أن هذه الميليشيات دليل أكيد على نجاح الاستراتيجية الجديدة، وسيسعون إلى تعميمها في سائر المحافظات والمناطق السنّية، لإحداث توازن في الرعب بين السنّة والشيعة.

لكن هذا النجاح سيدفع ثمنه العراقيون، جميعهم، فالهدف الحقيقي للتعديل الاستراتيجي الأميركي هو الخروج بأقل خسائر ممكنة، وترك العراقيين غارقين في حربهم الأهلية. بوش نفسه بدأ يتحدث عن فوضى عارمة تشبه الفوضى التي ضربت فيتنام بعد انسحاب القوات الأميركية السريع منها.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
من اجل العراق
افتتاحية
الجزيرة السعودية
ما يعصف بالعراق من تقتيل وتدمير للإنسان والحرث والنسل، وأتون حرب شعواء أكلت الأخصر واليابس في جسد الدولة, يجعلنا أمام تساؤل مهم وجوهري في سياق هذه الأحداث: هل الديمقراطية الموعودة من واشنطن للعراقيين كانت تستحق كل ذلك؟ وهل كان العراقيون أسوأ منهم الآن في عهد النظام السياسي السابق؟ وهل فهم الدرس الأمريكيون وغيرهم من صقور الحكومات الغربية الداعين إلى استخدام القوة من أجل إسقاط ما يصفونه (بالدكتاتوريات) وبث موجات الديمقراطية في الدول، بحسب تعبيرهم وادعاءتهم؟ (رزمة) من الأسئلة والاستفهامات ينضح بها إناء المأساة العراقية، ويصرخ لها الضمير الإنساني بعد هذه الفوضى التي عاثت بالشعب، وأنهكت كاهل المجتمع بالقتل والتفجير.

والآن، وبعد أن أفلت الجنون من عقاله، والتهب الجرح العراقي، ودفق الصديد والدم، وأصبح علاجه يحتاج إلى مراحل من العناية المركزة، خرج تصريح الرئيس الأمريكي الذي تطرق فيه إلى حكومة رئيس الوزراء العراقي، معرباً عن خيبة أمله من أداء الحكومة العراقية، وتطور سير خطة المصالحة الوطنية، وهو ما سبق أن ألحق أيضاً بتصريحات ساسة أمريكيين أعربوا عن عدم ثقتهم بحكومة المالكي، ووصل بهم الأمر إلى حدّ دعوة الناخبين العراقيين إلى إسقاطها. الرئيس الأمريكي تدارك ما خرج منه من تصريح الخيبة والإحباط، وحاول ترميمه بالعودة إلى القول إن المالكي رجل (صالح)، وهو يسانده في محاولة لتدارك الموقف. ولكيلا نشخص الأمور والقضايا دعونا نقفز من تعبير (الرجل الصالح) إلى مصطلح ومفهوم النظام الصالح الذي أصبح العراق بأشد الحاجة إليه للخروج من مأزقه وورطته التاريخية.

النظام الصالح الذي نحن بصدد الحديث عنه في العراق ليس بعسير المنال أو صعب التحقيق إذا تضافرت الجهود المخلصة من أبنائه، ورفعت عنه يد التدخل الأجنبي، وصفيت ساحته من أحصنة طروادة العميلة التي تجري على أرضه في خدمة مصالح استراتيجية لدول مجاورة ساهم الاحتلال في تقديم البلاد لها على طبق من ذهب، من خلالها استغلالها للتمذهب السياسي، وإطلاق المدّ المذهبي القادم من الخارج, كما أن ذاك النظام المرجو والمنشود يحتاج إلى وقفة صادقة مع الذات تتجاوز وتتعدى قضية تهميش المقاومة وإنكارها ووصفها بالإرهاب، واستغلال ما يجري في الميدان من تجاوزات لشطب مفهوم المقاومة الذي يعتبر إفرازاً طبيعياً ومعلوماً للوجود الأجنبي في كل مكان وزمان. ولعل في فتح قنوات اتصال مع هذه المجموعات المقاومة ومحاولة إدخالها للعملية السياسية الخير الكثير بدلاً من استخدام لغة السلاح والعسكرة للواقع والإصرار على الحلول الأمنية التي لم يفلح منها الكثير حتى الآن.

وفي السياق أيضاً كان على الحكومة أن تقف وقفتها الحازمة مع ميليشيات المذهب التي أضحت قوقعتها الطائفية هي الأولى والمقدمة لديها قبل الدولة والوطن والجميع؛ مما حول المجتمع إلى مجموعات طائفية ينهش بعضها بعضاً، وزاد نفوذها إلى حدّ تهديد بقاء الحكومة وديمومتها السياسية.

ما نرمي إليه هنا لا يعني المطالبة بإلغاء الطائفية من العراق، والتي يعلم الجميع أن فسيفساء المجتمع العراقي مبنية عليها، بل إن المطلوب هو خلق مناخ سياسي جامع يصهر في بوتقته جميع الطوائف تحت غطاء دستوري شامل وفاعل بعيد عن قناعات التهميش والإقصاء والتحالفات المذهبية التي لم يجنِ منها العراقيون إلا نظاماً سياسياً يعرقله الشلل وواقع أمني مهترئ ممتلئ بالقتل والاغتيال ونزعات فئوية تجنح إلى اقتطاع أجزاء من العراق والاستقلال بها وبثرواتها لتحقيق طموحات تاريخية طالما غازلت من خلالها بعض الجهات الخارجية مَن يعلنون لها الولاء في الداخل العراقي.

إن الاستقرار المرجو في العراق لا يتحقق من خلال رجل صالح واحد فقط بل من خلال نطام سياسي شامل يستحق أن تُطلق عليه صفة الصلاح ويتمتع بصفاته ومكوناته السياسية والاجتماعية؛ ليكون درعاً للديمومة السياسية، وغطاءً شاملاً لجميع مكونات الشعب في حاضره ومستقبله من الأيام تحكمه المأسسة ويحميه الدستور وتنتشر فيه ثقافة المواطنة بدلاً من الميليشيا والمذهب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
الكلمة الثانية...الصدمة بالصدمة
أيمن عبوشي :
الراية قطر
بالصدمة والترويع، بدأت الحرب علي العراق، وانفجرت علي إثرها تداعيات الرعب الطائفي، والواضح أن هذا البلد لن يخرج من مأساته، إلا بالصدمة نفسها.. فقد تطلب تفجير الأوضاع في العراق، كما هائلا من التغيير، الذي عمل علي نخر البنية المجتمعية، وشيئا فشيئا صار التعايش استحالة تبتعد بالعراق كل يوم عن الوضع السابق. وحتي يدخل في فصل جديد يحتاج العراق إلي تحول جذري مماثل، وردة فعل توازي الفعل الأول. وإلا فإن مدة زمنية طويلة من الهدوء والاستقرار هي وحدها المطلوبة كي يتعافي البلد، وينسي العراقيون ما اقترفه البعض في حقهم.. وربما تكون الحالة حين إذن مشوهة، وتحمل ظلما في توزيع حصص السلطة، ما ينبيء بعودة الفوضي والحرب الأهلية.

فلم يشهد التاريخ بلدا واجه هذا الضغط الإقليمي والداخلي الهائل، بغية تفتيته.. وقد كان قبل أربع سنوات، مجتمعا متناغما، إلا من بعض الفروقات التي لا تبرح أي تجمع سكاني مهما صغر حجمه. واليوم ترسخت في شوارعه وأرصفته لغة جديدة تضع الحدود والفواصل كرها بين مكونات المجتمع العراقي.

وإن كانت الصدمة تكتيكا عسكريا في باديء الأمر، إلا أنها تحولت إلي صدمة مجتمعية، وسياسية، إلي أن أحدثت الدوي الذي صير الكل المتجانس قطعا متناثرة.

وحتي تعود الأشياء إلي سابق أصلها، يجب أن يدخل العراق في صدمة موازية، يتعرض خلالها لخطر من طرف ثالث، يدرك العراقيون بواسطته العلاقة الوطنية التي تجمع مكوانتهم.. وإذا كان الاحتلال الأمريكي لا يزال شريكا لأحد الأطراف، فإن حربا علي إيران، أو حربا سورية إسرائيلية، قد توجد مناخ اللحمة، الذي يضع المنطقة علي محك التجربة، ويعيدها إلي حقيقة المصير المشترك.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
أمريكاً في العراق.. مأزق المربع الأول!
افتتاحية
اليوم السعودية
أمريكا في مأزق حرج.. ولا يبدو أن خبرتها الاستعمارية ستفيدها في التعامل مع ورطة الاحتلال في العراق، لأنها تتعامل بغرور القوة، لا فلسفة المحتل، الإنجليز مثلاً كانوا من البراعة بمكان في قبول البقاء في المربع الجنوبي، وعدم الانجرار وراء سهولة السيطرة باتجاه الشمال، خبراتهم السابقة كمستعمر عتيد أفادتهم في التعامل مع الشغب المحدود في البصرة وغيرها، وبالتالي كانوا أكثر سيطرة على أعصابهم، ولم تتجاوز خسائرهم 160 قتيلاً في أربع سنوات.
الأمريكيون الذين خدعوا العالم بمبررات الحرب، ما لبثوا أن انخدعوا وانجروا في المستنقع، ولم يستفيدوا من غلطة هتلر في الحرب العالمية الثانية، وبالذات في غزوه للاتحاد السوفييتي السابق، فكلما تعمق الألمان في الدخول، اتسعت الجبهة ولم يكن بمقدور قواته لملمتها أو الحفاظ عليها.. وحتى لم يستفيدوا من وهم القوة التي مارسوها بوحشية على هيروشيما وناجازاكي، واستمرأوا ضيق الأفق في حالات التعذيب في أبو غريب وغيرها، ما أدى لتشويه صورتهم، دون أن يفلحوا حتى في تقليل الحد المعلن من التوابيت الطائرة إلى واشنطن.
تناقض العقلية الأمريكية في إدارة الحرب، يدل على تشويش الذهنية الإدارية ومن أعلى الهرم السياسي، نقصد الرئيس ومستشاريه، الذين ربما اندفعوا وراء أوهام اليمين المتطرف الذي رسخ فكرة «كليم الله» ليكتشفوا في النهاية حجم التناقض والأكاذيب الكبيرة، رغم أن التقرير السري الأخير يتحدث عما سماها «بوادر مشجعة» سرعان ما تنقلب إلى إدانة لحكومة رئيس الوزراء العراقي، ثم إشادة بها!.
التخبط السياسي، ينقلب إلى تخبط على الأرض، فالأمريكيون فشلوا في التعامل مع عناصر القاعدة في العراق رغم الضربات المتتالية، ومن ثم لجأوا لفكرة أن تكون المواجهة بأيد عراقية في الوسط بعد تسليحها، لكن من يضمن ألا يثأر هؤلاء الأخيرون لحالة التهميش ومحاولة أن يكونوا وقوداً في حرب ليست لهم، ومن يضمن ألا يحاول المتحالفون الكبار الزج بهم كنوع من الثأر المضاد، لتتحول العملية في النهاية إلى قنبلة موقوتة، فلا الأمريكيون خرجوا، ولا القاعدة انتهت، ولا المهمشون أصبحوا سلبيين، ولا النافذون حالياً آمنون على كراسيهم.. وبالتالي يعود الجميع للمربع الأول.. ألم نقل إنها ورطة!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
32
العراق والمصير المجهول
افتتاحية
البيان الامارات
الأيام الماضية امتلأت بتصريحات وتقارير مخيفة عن مستقبل العراق. تقييمات أميركية للأوضاع تثير الأسى وتبعث على التشاؤم، وتجعلنا ننظر إلى المستقبل بقلق وخوف. تقييمات يستنتج منها أن مصير هذا البلد العربي الكبير غامض، ولا ندري ماذا تحمل الأيام لشعب العراق الصامد الذي حرم الأمن والاستقرار وبات يعيش كل ساعة مع شبح الموت الذي يطارد الكبير والصغير بلا هوادة.
التقارير المتشائمة، تتحدث مثلا عن مخاوف الولايات المتحدة من أن تتعرض قواتها في العراق إلى هجوم مباغت مشابه للهجوم الذي شنته القوات الفيتنامية عام 1968 على قواتها هناك وهدد بإلحاق هزيمة بالقوات الأميركية آنذاك.


فصحيفة «الغارديان» البريطانية نقلت عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية قوله إنه يتوقع تكثيف الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية بهدف زيادة الضغط السياسي على الرئيس الأميركي جورج بوش قبل تسليم قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بتراوس تقريره إلى الكونغرس بحلول 11 سبتمبر المقبل بشأن مدى التقدم الحاصل على المستوى الأمني في العراق.


وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية تتحدث أيضاً الآن عن تلقي استراتيجية الرئيس الأميركي بزيادة عدد القوات الأميركية في العراق ضربة موجعة تتمثل في التقرير المشترك الذي أعدته أجهزة الاستخبارات الأميركية الـ 16 بشأن الوضع في العراق. فقد قال إن الحكومة العراقية غير قادرة على الحكم بشكل فعال وإنها ستصبح أكثر اهتزازاً خلال الشهور الستة أو الاثني عشر المقبلة.


التقرير الاستخباراتي يشير أيضاً إلى أن الجماعات الطائفية في العراق لم تحقق بعد المصالحة فيما بينها ومستوى العنف لا يزال عاليا. ورغم أنه يقول إن أداء قوات الأمن العراقية وإن كان «مرضيا» إلا أنها لم تبد تحسناً يجعلها تتصرف بشكل مستقل عن القوات الأميركية. وأضاف ان المكاسب التي تم تحقيقها منذ بدء إرسال قوات أميركية إضافية إلى العراق هذا العام يمكن أن تضيع إذا ما تم تحويل مهمة القوات الأميركية من قتال المسلحين إلى تدريب القوات العراقية.


أليس ما جاء في التقرير ـ الموثق استخباراتياً ـ ينذر بأوضاع أصعب وأشق على أرض الرافدين؟


إن التقرير إذا كان يكشف عن عدم قدرة الحكومة العراقية في مواجهة الأوضاع المتردية، فإنه يمكن القول إن الإدارة الأميركية هي التي تعاني من مأزق، التقرير يؤكد ـ بين سطوره ـ هذه الحقيقة، وأمس نقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء ما أسمته نكسة أخرى للإدارة الأميركية.


فإلى جانب ضغوط ودعوات الديمقراطيين بانسحاب القوات الأميركية من العراق، انضم الآن حشد من الجمهوريين الذين ينتمي إليهم الرئيس بوش في الدعوة إلى الخروج من العراق. فالسناتور الجمهوري البارز جون وارنر دعا إلى البدء بسحب القوات.


وأضاف ان الولايات المتحدة يجب أن «تظهر إننا نتحدث بجدية» عندما تقول ان التزامها تجاه العراق ليس بلا نهاية. وكان وارنر اقترح في مايو الماضي تعديلا يحدد المعايير التي يتعين على الحكومة العراقية احترامها للحصول على بقاء القوات الأميركية في البلاد. وقد رفض هذا التعديل لكنه اعتبر مؤشرا إلى استياء في صفوف الجمهوريين من استراتيجية بوش في العراق.


إن الصورة قاتمة، ولابد أن تتوحد الصفوف العراقية لتدرك أن الوطن في خطر، وأنه إذا استمر التناحر الطائفي، سواء مع وجود أو عدم وجود القوات الأجنبية، فالمصير سيظل غامضاً.. ومخيفاً أيضاً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
33
فضاء...أزمة ثقة!
أحمد ذيبان
الراية قطر
يبدو ان تصريحات المسؤولين والسياسيين الامريكيين، بدءا من الرئيس أخذت تعكس جديا ازمة ثقة مع حكومة المالكي، فهناك تصريحات متسارعة حول إحباط واشنطن من عدم تحقيق تقدم في تحقيق شروط واهداف وضعتها الإدارة الامريكية والكونغرس، وفي يوم واحد امس الاول اكد عضوان في مجلس الشيوخ ديمقراطي وجمهوري بعد زيارتهما إلي بغداد فشل الاستراتيجية الامريكية في العراق وعجز حكومة نوري المالكي عن تحقيق الاهداف المطلوبة وطالبا باقالة هذه الحكومة، وبعد ذلك بساعات جدد الرئيس بوش شعوره بالاحباط من حكومة المالكي، واطلق اشارة مهمة، قال فيها ان تغيير الحكومة بيد الشعب العراقي، لكنه يدرك بالتأكيد ان القوة الرئيسية الفاعلة في شؤون العراق هو الاحتلال الامريكي الذي جاء بالمالكي وكل الطبقة السياسية التي تولت ادارة الفوضي الكارثية التي حلت بالعراق، اما السفير الامريكي في بغداد كروكر فاكد ان التقدم في العراق محبط جدا للامال، وكذلك يكرر الجنرالات نفس وجهة النظر بين فترة واخري، فيما يقترب موعد تقديم السفير وقائد قوات الاحتلال تقريرا عما تحقق من تقدم في العراق!

صحيح ان الفضل للاحتلال الامريكي في وصول المالكي إلي رئاسة الوزراء، وهيمنة الاحزاب الشيعية الطائفية والكردية والميليشيات التابعة لها علي مقدرات البلاد، لكن الصحيح اكثر من ذلك ان المالكي والاحزاب الطائفية هي صنيعة ايرانية، وولاء هؤلاء الحقيقي هو لنظام الملالي في طهران، وهنا المفارقة العجيبة، التي تعكس غباء وحماقة السياسة الامريكية، حيث قدم الاحتلال الامريكي العراق لايران علي طبق من ذهب، عبر الاحزاب والميليشيات الموالية لها،

ومما يلفت الانتباه ان الضغوط الامريكية علي حكومة المالكي، عبر تصريحات تؤكد عجزها في تحقيق اهداف ما يسمي بالعملية السياسية، تصاعدت خلال زيارة المالكي إلي طهران قبل اسبوعين وزيارته إلي سوريا خلال الايام الماضية، لتعزيز العلاقات وحل المشاكل العالقة مع هذين الجارين اللذين يرتبطان ايضا بعلاقة تحالف استراتيجي ، وثمة مواجهة مفتوحة بين واشنطن وكل من طهران ودمشق، واتهامات متكررة لهما بزعزعة استقرار العراق، لكن واقع الحال يشير إلي ان الامور تسير وكأنها ترسم محور طهران- بغداد-دمشق رغم انف ادارة بوش، التي تحصد نتائج غبائها السياسي وغطرستها العسكرية، فالمسألة اصبحت فعلا اكثر تعقيدا وخارج السيطرة، رغم قدرة قوات الاحتلال علي اقصاء المالكي والاحزاب والميليشيات خلال ساعات!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
34
انتفاضة المالكي
علي حجيج
البيان الامارات
أخيراً وصل نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية إلى دمشق التي مكث فيها أكثر من ربع قرن كامل باسم حركي مستعار هرباً من بطش النظام السابق، رغم اعتراض الإدارة الأميركية على هذه الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها للرجل الذي يملك فيها ذكريات حميمة وصداقات كثيرة.


المالكي ليس المسؤول العراقي الأول الذي زار دمشق فقد سبقه إليها سلفه إياد علاوي من دون اعتراض من الحليف الأميركي والطالباني الذي ذهب إليها رئيساً تتملكه نوستا لجيا الوفاء لهذا البلد الذي آواه واحتضنه أوقات الشدة، حيث ذهب إلى منزله الذي يملكه في العاصمة السورية معلناً أنه ابن دمشق وليس زائراً رسمياً عابراً منذ أشهر قليلة.


كما أصرّ على زيارة ضريح الرئيس الراحل حافظ الأسد في القرداحة لقراءة الفاتحة، والاعتراف بفضل الرجل الذي حمى المعارضة العراقية ووقف إلى جانبها ووفر لها كل الدعم المطلوب، ولم يبخل عليها بشيء، ولهذا فإن زيارة المالكي تأتي في هذا السياق، وإن كان الظرف السياسي مختلفاً كلياً في دمشق وفي كل المنطقة.


يقول الشاعر العربي: عرف الحبيب مكانه فتدلل، ولهذا فإن نوري المالكي الذي يعرف مكانته عند الأميركيين العاجزين عن تغييره حاليا قد تغزلوا به كثيراً، وأمنوا له كل الدعم لنجاحه في الماضي لم يعد حبيبهم المفضل الذي لم يأبه لاعتراضات البيت الأبيض على زيارته لدمشق بل كان يعرف على ما يبدو في قرارة نفسه أن الرئيس بوش سيغير موقفه المتشدد من هذه الزيارة التي صوّب عليها بلهجة شديدة لقناعته بأن المالكي هو الرجل الأصلح للمرحلة.


والوقت يجري حالياً بسرعة ضد المصالح الأميركية ولا مجال في هذه الآونة للتغيير بالرغم من أنه ذهب إلى حد القول إن تغيير حكومة المالكي هي من صلاحية الشعب العراقي وكان بوش بذلك يرفع الغطاء السياسي عن هذه الحكومة، وبالمنطق السائد في العراق حالياً فإنه يدعو إلى قتلها أو في أسهل الأمور السماح بالانقلاب عليها من خصومها وأعدائها ضمن التحالف الواحد.


وبالمقابل فإن «انتفاضة» المالكي التي تأتي انسجاماً مع نظرية «الحبيب المدلل» لم يسكت طويلاً على مواقف بوش المستفزة حيث رد بلهجة عنيفة ومن دمشق بالذات لما يحمل المكان من رمزية ملفتة واعتبر أنه ليس أداة في يد أحد بل يفعل ما تمليه عليه إرادته وقناعته وللتذكير فقط فإن «انتفاضة المالكي» ضد الأميركيين ليست الأولى، فقد سبق أن رد الصاع صاعين للرئيس بوش منذ بضعة أشهر وبلهجة ساخرة ومتهكمة بأن الذي نجح بأصوات هزيلة لا يحق له توجيه النقد.. ولكن مصادر المالكي سارعت بعد فترة وجيزة إلى نفي هذا الكلام.


يبدو أن السيد المالكي هو كسائر العراقيين من ذوي الدم الحار الذي لا يتحمل الاستفزازات البليدة، ولا يستطيع تقبل الإملاءات الخارجية المجانية، لذلك فإن الرجل سمع منذ أسابيع قليلة اتهاماً من بعض مسؤولي الإدارة الأميركية بأنه رجل مصاب بجنون العظمة.


كذلك فإن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس كان واضحاً على الطريقة الأميركية عندما أبدى ملاحظات للمالكي ووجه اللوم القاسي إلى مجلس النواب العراقي الذي أصر على الذهاب في إجازة صيفية بينما تقاتل القوات الأميركية في لهيب حرارة صيف بغداد والعراق، واعتبر الوزير الأميركي أن أوضاع العراق مخيبة للآمال لعدم إحراز الحكومة العراقية تقدماً كبيراً، محذراً بأن الإدارة الأميركية ستعيد النظر في استراتيجيتها في العراق مع حلول منتصف شهر سبتمبر المقبل.


إذن المالكي يقف على هامش سياسي دقيق فحكومته الناقصة للتمثيل السني والمقاطعة المتذبذبة من بعض القوى الحليفة له تجعل مزاجه أكثر حدة في وقت يحاول التحالف الرباعي داخل العراق المؤلف من الحزبين الكرديين التابعين للطالباني والبرازاني والحزبين الشيعيين التابعين للحكيم والمالكي دفعه للقيام بهذه الجولة بين طهران ودمشق التي لم تحظ بالرضا الأميركي.


فيما غريمه أو سلفه الجعفري يحاول استنهاض تجمع وطني يجمع كل القوى والأطراف المعترضة على الحكومة الحالية، ويتوقع أن يكون لهذا التجمع تأثير كبير في الحياة السياسية في المرحلة المقبلة لأنه سيضم إليه قوى كانت دائماً في موقع المعارضة منذ بداية العملية السياسية في العراق.


المالكي يسير على حبل مشدود، ويبدو أن المشي على هذا الحبل يحتاج إلى مهارة فائقة في ظل الأوضاع التي يعتبرها البعض «فترة سماح» قبل هبوب العواصف التي يبشر بها الكثير من المراقبين والمسؤولين وصناع القرار.. وحتى المنجمين، بأن فترة ما قبل الخامس عشر من سبتمبر المقبل هي غيرها تماماً بعد هذا التاريخ.


ولكن كذب المنجمون ولو صدقوا..!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
35
هل يمر حل المعضلة العراقية عبر طهران؟
د. عبدالله جمعة الحاج
الاتحاد الامارات
بالتأكيد، إن العراق يريد الاستقرار، ويريد أن يعامل بتساوٍ من قبل جيرانه الإقليميين الذين ينظرون بعدم ارتياح إلى بروز شيعة العراق المتنامي سياسياً مقابل الأطياف الأخرى خاصة العرب السُّنة. ومن قراءة مواقف وتصرفات وتوجهات الحكومة العراقية الحالية، يُلاحظ أنها قلقة من أن هؤلاء الجيران، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وإيران، يحاولون أن يجعلوا من أرض العراق ساحة حرب يديرون عليها المعارك الخاصة بخلافاتهم بعيداً عن مصالح العراق وتطلعاته، لذلك فإنها حريصة بل ومتلهفة بأن ترى جميع الفرقاء وقد جلسوا مع بعضهم بعضاً للحديث والتفاوض في سبيل نزع فتيل الأزمة المتفاقمة.
ونستشف مما تقوم به الولايات المتحدة من تحركات سياسية في هذه المرحلة، بأنها مستعدة للجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة مع الأطراف التي تعتقد بأن لها تأثيراتٍ على ما يدور في العراق، خاصة إيران، وقد أرسلت إشارات عدة بهذا المعنى إلى كل من إيران وسوريا، متخلية بذلك عما كانت تصر عليه في السابق بأنها لن تتفاوض مع أي طرف مباشرة بشأن العراق، فهي الآن تبدو وكأنها تريد الحديث مع إيران دون أن تضع شروطاً مسبقة. وفي سياق ذلك قامت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بالجلوس على طاولة مفاوضات ضمت ممثلين عن عشرين دولة، بما في ذلك دولتان تعتبرهما واشنطن مثيرتين للشغب، هما إيران وسوريا. ورغم أنه لم يتمخض عن تلك الاجتماعات نتائج ملموسة، فإن الأحاديث والمفاوضات التي دارت فيها تركزت بشكل مكثف على هدف وحيد، هو العمل على إيجاد الأرضية المناسبة لتحقيق الاستقرار في العراق. وبهذا الشكل يمكن القول إن مشاركة الإدارة الأميركية في اجتماعات من ذلك القبيل، تدل على أن المواقف المتشددة التي وقفتها الولايات المتحدة قد انتهت وربما إلى غير رجعة، ولكن طبيعة المفاوضات في المنطقة التي تتسم دائماً بكونها مطاطية، تعني أنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تتفهم جيداً ما الذي يريده الفرقاء الرئيسيون في المنطقة خاصة إيران، لكي تستطيع أن تحقق تقدماً ملموساً في جميع المفاوضات التي دخلتها أو ستدخلها في المستقبل بشأن العراق.
إن حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، يؤكدون أنها تريد التفاوض بشأن العراق لكي تحل أزمته، ولكن مسؤولين إيرانيين كباراً- كعلي لاريجاني رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني مثلاً- يقولون إن بلادهم تريد التفاوض في حالة واحدة هي عندما تكون المفاوضات نافعة. ونحن كمراقبين ومحللين نرى أن إيران لا يمكن لها أن تفوِّت فرصة الجلوس المباشر على طاولة مفاوضات مع الولايات المتحدة، وذلك عندما يكون العقل والتعقل هما الحكم والمقياس. ورغم أن إيران غاضبة جداً من مواقف الولايات المتحدة تجاه برامجها النووية، ومن اتهاماتها لها بأنها تسعى إلى امتلاك السلاح النووي وبأنها تدير برامج سرية لتحقيق ذلك، فإنها لابد أن تكون مستعدة أيضاً للتفاوض معها حول كافة القضايا بما في ذلك الدور الإيراني في العراق.
إن إيران ما فتئت تسعى إلى التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة لسنوات عدة، ولكن تم صدها بثبات، فالولايات المتحدة تضع شروطاً مسبقة أمام إيران إذا أرادت التفاوض المباشر، فهي تطلب منها مثلاً التخلي التام عن برامجها الخاصة بتخصيب اليورانيوم أولاً، ثم بعد ذلك التحدث عن مفاوضات مباشرة. ولو أن الولايات المتحدة دعت إيران إلى التفاوض المباشر، فإنها ستجد في ذلك فرصة لا تعوّض في إطار رغبتها الجانحة في إعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية، والإيرانيون مستمرون في إرسال الإشارة تلو الأخرى إلى الولايات المتحدة بأنهم راغبون في التفاوض في أية لحظة وفي أي مكان تختاره الدولة العظمى. إن الهدف الإيراني الأول من وراء ذلك، والذي لا يعلو عليه أي هدف آخر، هو إشباع رغبتهم الجانحة في الجلوس مع الولايات المتحدة على طاولة مفاوضات يكون فيها الفرقاء متساوين الندّ بالندّ، وهذا هدف لا تريد الولايات المتحدة أن تحققه لإيران بالسهولة التي يتخيلها الإيرانيون.

إن الولايات المتحدة والأطراف الخليجية الأخرى يعتقدون بأن حل المشكلة العراقية، في إحدى جزئياتها على الأقل، يمر عبر طهران، ولكن هذا الاعتقاد يقابله أن الولايات المتحدة تعلم أن قيام إيران بتهدئة الأوضاع في العراق، لابد أن يكون له ثمن ستطلبه، وهذا الثمن باهظ جداً بالنسبة للولايات المتحدة ولا تريد أن تدفعه لإيران. إن الأميركيين يعتقدون بأن إيران ستطلب منهم تخفيف الضغط الشديد الحاصل حالياً تجاه برامجها النووية، وهو أمر لا تريد الولايات المتحدة ولا حلفاؤها تحقيقه لإيران. ومن جانب آخر فإن الإيرانيين يريدون أيضاً التوضيح بأن مصالحهم المشتركة مع العراق حول النفط ومياه شط العرب وتدفق الحجاج عبر الحدود، تجعل من العلاقات مع العراق أمراً ضرورياً، لذلك فإنهم مستعدون للمساهمة في حل المشكلة العراقية، ولكن وفقاً لشروطهم الخاصة.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
36
زيارة المالكي لسوريا.. أولها كآخرها
حسين العودات
البيان الامارات
أعطت تصريحات الناطقين باسم كل من الحكومتين السورية والعراقية أهمية كبيرة لزيارة السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق إلى دمشق في الأسبوع الماضي قبل حدوثها.


وعلّق كل من الطرفين أملاً كبيراً في أن تكون الزيارة بداية لمرحلة جديدة في العلاقات بينهما، والحق أن هذه العلاقات كانت غير مستقرة خلال نصف القرن الأخير، ولم تكن طبيعية لا مع النظام السياسي العراقي السابق ولا مع الحالي باستثناء سنوات قليلة جداً، وازدادت توتراً واضطراباً منذ الاحتلال الأميركي للعراق ومازالت كذلك حتى الآن.


ولم تكن هذه العلاقات عادية ولا مستقرة منذ غزو العراق، وهي مبنية على الشك وعدم الثقة المتبادلة فضلاً عن أنها معقدة ومتداخلة مع آراء ومصالح وتأثيرات ومواقف قوى أخرى داخل المنطقة وخارجها وعلى رأسها النفوذان الأميركي والإيراني الضاغطان على بغداد وعلى سوريا، فهل حققت زيارة المالكي الأخيرة تغييراً نوعياً في العلاقات بين البلدين؟ وهل توصلت لوضع الأسس لسياسة جديدة من شأنها إقامة علاقات متماسكة صلبة استراتيجية كما يجب أن تكون عليه العلاقات بين أي بلدين عربيين متجاورين؟.


من المهم أن نتذكر أن هذه ليست أول زيارة لرئيس وزراء عراقي لسوريا بعد الاحتلال الأميركي، فقد زارها عام (2004) إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي آنذاك، والمفارقة أن جدول أعمال المحادثات في تلك الزيارة لم يختلف عنه في هذه إلا بأمر واحد هو وجود أكثر من مليون ونصف المليون مهجر عراقي إلى سوريا.


أما بقية المواضيع فهي نفسها: من الجانب العراقي أمن الحدود، قضية المتسللين، العلاقات الاقتصادية المأمولة، مشكلة اللاجئين السياسيين، ومن الجانب السوري وجود الاحتلال الأميركي وبرمجة انسحابه، وحدة أراضي العراق والوحدة الوطنية أو على الأقل التوافق بين المكونات السياسية العراقية، جدولة الانسحاب، تفادي الحرب الأهلية، إقامة علاقات اقتصادية وتجارية بين البلدين.


ورغم توصل علاوي في ذلك الوقت إلى اتفاقات بشأن الأمن ومكافحة الإرهاب مع السوريين إلا أن وضع هذه الاتفاقات موضع التنفيذ مازال متواضعاً وغير مرض بنظر العراقيين الذين يطالبون هم ومن ورائهم الأميركيون بمزيد من الجهد السوري في المجال الأمني ولا يرون أساساً من علاقات التعاون سوى هذا الجانب، مع أن السلطات السورية المعنية أعلنت أكثر من مرة أنها نفذت كل ما التزمت به في هذه الاتفاقات.


فأقامت حوالي ألف نقطة مراقبة على الحدود، ونشرت جيشها لمنع التسلل، واعتقلت مئات من المتسللين وأعادت بعضهم إلى بلدانهم، ووقعت مجدداً قبل أسبوعين اتفاقية أمنية جديدة مع العراق تضمنت مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات والتنسيق في مجالات المراقبة وغير ذلك، إلا أن هذا كله غير كافٍ بنظر العراقيين والأميركيين وليست مسألة منع التسلل جديدة على العلاقات منذ أيام الاحتلال الأولى ولا تنقصها في الواقع لا اتفاقات جديدة ولا جهود جديدة.


لأنه يتعذر على الجانبين ضبط الحدود ضبطاً مطلقاً لأسباب موضوعية ولكن السيد المالكي أصر على تجديد البحث في هذا الموضوع الذي سماه (مسائل أمنية) استجابة للضغوط الأميركية التي تلح على الاستمرار باتهام سوريا بالتقصير ويتعذر على المالكي رد طلباتها ورفض توصياتها.


أدرج رئيس الوزراء العراقي بين طلباته تسليم السياسيين العراقيين من مناصري العهد السابق المتواجدين في سوريا (وهل هذه أولوية؟) وتناسى أنه نفسه ومعظم الحاكمين في العراق الآن كانوا لاجئين سياسيين في سوريا أيام العهد السابق وأن سوريا رفضت تسليمهم للسلطات العراقية، فكيف بها تسلم اللاجئين السياسيين العراقيين الآن وتخرق تقليداً سورياً عمره عدة عقود؟


والملاحظ من جهة ثانية أن رئيس الوزراء العراقي وضع قضية المهجرين العراقيين إلى سوريا في ذيل جدول الأعمال وهي من أهم المعضلات، وربما لو استطاع لما أدرجها أبداً، فحكومته لا تهتم بشؤون المهجرين العراقيين ولا تريد أن تهتم أو تسأل عن هذه الشؤون وقد تركت مسؤولية مشاكل معيشتهم على عاتق السلطات السورية.


وحمّلتها الأعباء الاستثنائية التي تنوء بحملها الحكومة السورية من سكن وخدمات تعليمية وصحية ومواصلات والسماح لهم بشراء المواد الغذائية المدعومة كالسوريين، وما زالت أفواجهم تدخل إلى سوريا يومياً ويزداد عددهم، وتتجاهل الحكومة العراقية مواطنيها وعيشهم ومصالحهم بل وتنتقد السلطات السورية إذا طبقت إجراءات تنظيمية تضبط وجودهم.


على أية حال ليست هذه القضايا على أهميتها هي المؤثر المباشر على الرغبة في الوصول إلى علاقات متينة ومتوازنة بين البلدين، وإنما المشكلة تقع في أن الحكومة العراقية ما زالت تستجيب لضغوط سياسة الإدارة الأميركية تجاه سورية وخاصة إصرارها على أن سوريا تسهل مرور (الإرهابيين) من حدودها وأنها تشجعهم وتدعمهم، ويبدو أن هذا الضغط الأميركي هو العامل الأساس الذي كان دافعاً للزيارة.


زار المالكي سوريا وحكومته تشهد ضعفاً غير مسبوق ولم تعد ـ كما كان يزعم قبلاً ـ حكومة (وحدة وطنية) بعد أن غادرها الوزراء السنّة وبعض الوزراء الشيعة، وبعد أن تعذر الوصول إلى أي نوع من أنواع التوافق بين القوى السياسية العراقية، وتنامي عمليات القتل والتفجير والعنف والتهجير حتى أصبحت إرهاصات الحرب الأهلية تسيطر على المناخ العراقي العام.


وترى سوريا في هذا كله تهديداً حاضراً ومقبلاً لأمنها ولأمن المنطقة لا يمكن القضاء عليه لا بمراقبة الحدود ولا بالإجراءات الأمنية، وإنما بجدولة انسحاب المحتلين وتشكيل حكومة وحدة وطنية والوصول للوفاق الوطني، وإيجاد الظروف الملائمة لعودة المهجرين العراقيين، وإعادة النظر بالقوانين المخلة بذلك وببعض مواد الدستور العراقي التي تشكل قنابل موقوتة من شأنها أن تنفجر وتفجر معها كل مناحي الحياة العراقية وهو ما نشهده اليوم.


يفاوض المالكي السوريين وعينه على السياسة الأميركية الضاغطة ويفاوضه السوريون وشاغلهم الضغوط الأميركية عليهم والتواجد الأميركي في العراق، ولذلك خرج من سوريا كما دخل دون أن يحقق شيئاً جدياً من الرغبات الأميركية أو المصالح العراقية أو تمتين العلاقات بين البلدين، باستثناء تصريحات تتضمن من تعابير المجاملة أكثر مما تتضمن من النجاحات.


أما الجوانب الاقتصادية كمرور النفط العراقي من سوريا أو قضايا المياه العالقة بين البلدين وبينهما وبين تركيا، أو زيادة حجم العلاقات التجارية، فهي أمور رغم أهميتها فإن الجانب العراقي يقول بها ولا ينفذها وهي في الواقع ذر للرماد في العيون، وقد تم توقيع عدة اتفاقات بشأنها في الأعوام الثلاثة السابقة دون أن ينفذ منها شيء جدي، وعلى أية حال فهذه ليست من مشاغل الحكومة العراقية الأساسية ولا تلاقي رضا من الأميركيين.


لأن المالكي عاجز عن الوعد بتحديد مراحل انسحاب المحتلين أو تشكيل حكومة وطنية أو تعديل وإلغاء بعض القوانين والمواد الدستورية أو ضبط الحدود من الجانب العراقي أو مساعدة المهجرين العراقيين في سوريا للعودة أو الخروج عن الإملاءات الأميركية أو حتى منع تداعي حكومته، فهو لم يكن يملك شيئاً يقدمه لسوريا، وما دام حاله كذلك فماذا كان ينتظر من السوريين؟ إن أهم ما نطق به بعد انتهاء الزيارة هو أن السوريين كانوا متفهمين وجهات نظره، والتفهم لا يعني القبول بأية حال
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
37
لحظة انعدام القرار
صبحي غندور
الراي العام الكويت
كثير من الأزمات المحلية العربية يعيش الآن لحظة انعدام القرار حيث الترابط ملحوظ بين هذه الأزمات وبين تأثيرات القوى الإقليمية والدولية المؤثّرة على صُنَّاع القرارات المحلّية. فالأوضاع السياسية المتأزّمة في كلٍّ من لبنان وفلسطين هي انعكاس لحال الصراع والتأزّم القائم حالياً بين أطراف عربية وإقليمية ودولية، وبالتالي فإنّ المراهنة على حلول سياسية محلّية فقط هي مراهنة خاسرة ليس المعنيّون بهذه الأزمات بغافلين عنها.
كذلك هو الحال بالنسبة للعراق وما هو عليه من أوضاع أمنية متفجّرة ومخاطر تحدق بمستقبل الوطن ووحدته.
إن المشكلة تكمن الآن في الطرف الأكبر المعنيّ بكلِّ هذه الأزمات، وهو الطرف الأميركي الذي راهنت إدارته على مشاريع كثيرة في عموم منطقة الشرق الأوسط لكنها لم تنجح في أي منها، وهاهي الآن تقف أمام خيارات صعبة تحاول تجنبها من خلال انتظار تفاعلات سلبية في جانب الخصوم وعلى ساحاتهم.
وقد ظهرت فرصة أمام إدارة بوش في نهاية العام الماضي لو أنّها أخذت بتوصيات مجموعة بيكر - هاملتون. وجاءت هذه الفرصة عقب انتخابات أميركية أوصلت «الديموقراطيين» إلى غالبية الكونغرس، إلا أن الإدارة الأميركية امتنعت عن ذلك واستمرّت بصلف في خط سيرها المحكوم بالفشل، غير آبهة بالمتغيرات السياسية التي حدثت وتحدث على أرضها الأميركية وفي مواقع الصراع بالشرق الأوسط.
إذاً، هي الآن فترة انتظار تحيط بشريط من الأزمات يمتدّ من طهران إلى غزّة مروراً بالعراق ولبنان والموقف من سورية. لكن «الحقبة الانتظارية» محكومة أيضاً بسقف زمني وباستحقاقات متعدّدة لا يمكن الوصول إليها من دون حسم في المواقف والخيارات. فهناك استحقاق زمني أميركي في الشهر المقبل يفرض على إدارة بوش إبلاغ الكونغرس والأميركيين بمصير سياسته الراهنة في العراق ومستقبل الوجود العسكري الأميركي فيه.
وهناك استحقاق الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأميركية في نوفمبر من العام المقبل، والذي عادةً ما يشل قدرة الإدارات الأميركية على القيام بمبادرات دولية هامّة حتى لا تؤثّر سلباً على مجرى الانتخابات وعلى الحزب المؤيد للإدارة. كذلك هي الأزمات القائمة في الشرق الأوسط، فإن أمامها استحقاقات تنتظر «لحظة القرار الأميركي» وخيارات إدارة بوش السلمية أو العسكرية. وتحاول كل من إيران وسورية تحديداً تجنّب الانزلاق إلى أفخاخ أمنية وسياسية قبل لحظة اتخاذ القرار الأميركي الحاسم. وقد عملت إدارة بوش، ومعها الكثير من «الحلفاء»، على استخدام الضغوطات السياسية والاقتصادية على كلٍّ من طهران ودمشق بعدما فشلت تجربة الضغط العسكري غير المباشر عليهما من خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في الصيف الماضي، وما رافق هذه الحرب أيضاً من تصعيد أمني وسياسي ضدّ الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
فقد كانت مراهنة إدارة بوش بأن هذه الحروب العسكرية على الأراضي اللبنانية والفلسطينية ستطيح برموز المقاومة في الساحتين، وبنفوذ طهران ودمشق في عموم المنطقة، مما يسهل إطلاق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تحدّثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان.
ثمّ اتجهت إدارة بوش، مرةً أخرى، نحو خيارات فاشلة من خلال المراهنة على صراعات داخلية وحروب أهلية في بعض بلدان المنطقة لتحقيق الأهداف التي عجزت عن تحقيقها في العام 2006 بالوسائل العسكرية.
وقد كان «اتفاق مكة» ثمّ «قمّة الرياض» عاملين مهمين في لجم الصراعات المحلية وأبعادها الإقليمية الخطيرة.
كذلك كان ولا يزال أسلوب إدارة الصراع من قبل المعارضة اللبنانية ومن «حزب الله» تحديداً، مسؤولاً عن عدم تفجر الأوضاع الأمنية في لبنان والحفاظ على الطابع السلمي للأزمة السياسية، إضافةً طبعاً إلى الدور الأمني المهم الذي يقوم به الجيش اللبناني تحت قيادة وطنية واعية للمخاطر والتحدّيات. وهناك استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية في الخريف المقبل، والذي تحاول إدارة بوش أن تسبقه بأشكال الدعم والتأييد كافة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة والقوى المشاركة فيها من أجل إيصال مرشح من داخل القوى السياسية الحاكمة الآن في بيروت. ولأن إدارة بوش جرّبت الخيار العسكري غير المباشر ضد طهران ودمشق في العام الماضي على أرض لبنان وفلسطين، ولم تنجح مع هذا الخيار، فإنّها واصلت هذا العام الضغط السياسي والاقتصادي على إيران وسورية وحلفائهما لكن في ظل حملة إعلامية وتسريبات مقصودة عن إمكانات شنّ حرب أميركية ضد إيران وأخرى إسرائيلية ضد سورية.
ومازلت أعتقد بما كتبته هنا أواخر العام الماضي حول كون العام 2007 عام الحسم لأزمات المنطقة، لكن دون حروب جديدة وفي ظل سياسة «عضّ الأصابع» التي تأمل ببدء الصراخ والتراجع من الطرف الآخر، فهكذا هو الحال الآن: انتظار أميركي لتراجع إيراني - سوري، يقابله انتظار طهران ودمشق لاضطرار إدارة بوش للتراجع عن سياستها تجاههما والتعامل معهما بروحية توصيات مجموعة بيكر - هاملتون، وبأنهما شركاء في حلول أزمات العراق وفلسطين ولبنان.
إن النظرة الموضوعية لواقع الصراع الآن وظروف أطرافه تؤكد أن إدارة بوش هي المعنية أولاً في إعادة النظر بسياسة حمقاء أضرت بشعوب المنطقة وبالمصالح الأميركية وزادت في إضرام شعلة نار قوى التطرف والإرهاب أينما ظهرت. وهذا الأمر قد أدركه الأميركيون الذين لا يوافقون بغالبيتهم الآن على نهج الإدارة وسياستها في العراق والشؤون الخارجية عموماً.
إن الأطراف المحلّية والإقليمية في المنطقة قادرة على الانتظار أكثر وعلى ترك الأمور تتفاعل كما هي عليه الآن من دون اضطرار للتراجع أو للمغامرة في خيارات جديدة. بينما لا تستطيع ذلك إدارة بوش وهي مقبلة على خيارات صعبة وقرارات حاسمة في فترة أصبح الزمن فيها عاملاً سلبياً ضدها. لقد سقطت رموز مهمة في إدارة بوش منذ الانتخابات التشريعية الماضية في نوفمبر، لكن لم تسقط بعد كل المشاريع التي كانت أعمدة أجندة هذه الرموز. عسى أن تدرك المنطقة العربية خطورة استمرارها في وضعية «ساحات صراع» لسياسات محكوم عليها زمنياً بالفشل.