Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 17 نوفمبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات السبت 17 -11 -2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
معالم المشروع الانفصالي لتأسيس دولة كردستان
طـــلال بركـــات


عندما تتبنى الحلقة الأضعف أفكاراً أيدلوجية يتم ترويجها، من اجل الحصول على مكاسب تتعدى حدود مطالبها، وتسعى لخلق صراعات مأساوية تنتج عنها خسائر غير محسوبة، لتقوم بتصوير مشاهد مأساوية وتضخيم وقائع مخالفة للواقع، يتم استخدامها كذرائع لنشر وسائل دعائية من اجل تضليل الحقائق وحجب المعلومات الحقيقية لأسباب تلك الصراعات لكسب ود وعطف الآخرين ليتسنى حشد اكبر عدد ممكن لجانبها لإكمال مستلزمات المواجهة. فقد استخدمت إسرائيل هذا الأسلوب في كسب ود وعطف العالم لسنين طويلة على اعتبار إنها كيان ضعيف مضطهد وسط عمالقة كبار يريدون رميها في البحر، ولحين أن بانت نواياها وظهرت مخالبها التي حولت العمالقة إلى أقزام لا حول لهم ولا قوة وباتت تنهش في بلدانهم وتفرض عليهم حلول استسلامية مهينة. وكذلك استخدمت القيادات الكردية في العراق هذا الأسلوب استنادا إلى أفكار أيدلوجية واستراتيجية تدعو لانفصال المحافظات الشمالية عن العراق لتكوين كيان عنصري على غرار الكيان الصهيوني وهنا المقصود القيادات الكردية وليس الشعب الكردي لاعتبارات تتعلق بارتباطات تلك القيادات بمصالح معينة سيأتي ذكرها لاحقا من خلال بيان تفاصيل المعالم الأساسية لتأسيس دولة كردستان وفق المحاور التالية في ضوء الخطوات العملية التي تتبعها تلك القيادات لتنفيذ ذلك مشروع وكما يلي :ـ
المحور الأول :ـ القضية الكردية وموقعها في المعادلة السياسية العراقية

لقد تبلورت القضية الكردية كمشكلة سياسية معقدة ومغلفة ببعد إنساني منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة واستمرت لسنين طويلة دون التوصل إلى حلول منصفة، وكثير ما تحصل اتفاقات قصيرة العمر بين الحكومات العراقية المتعاقبة والقيادات الكردية وغالبا ما تنتهي تلك الاتفاقات بالتمرد العسكري والسبب في ذلك يتجلى بضبابية مطالب القيادات الكردية وعدم تقديم أي مشروع واضح المعالم يحدد ثوابت ومشروعية تلك المطالب ليتسنى الاتفاق على حلها بشكل نهائي، وإنما يتم في كل مرة تقديم مطالب نسبية متحركة هي اقرب إلى المناورات حسب قوة وضعف الحكومات المفاوضة وفي ضوء مستجدات الأوضاع السياسية المحلية والإقليمية والدولية، وغالبا ما يتم التراجع عنها حينما تواجهها رياح لم تكن قادرة على صدها آتية من حكومات قوية أمينة على مصالح الوطن فتبقى المشكلة تراوح في مكانها في إطار الكر والفر فكلما يتم الاتفاق على شبر تطالب القيادات الكردية بذراع وعندما يحصلوا على الذراع يطالبون بباع وتعاملهم مع قانون الحكم الذاتي خير دليل على ذلك في الوقت الذي لم يحلم احد من أكراد المنطقة الحصول على مثيل له أو اقل منه. لقد عانت الحكومات العراقية السابقة من مراوغة القيادات الكردية خلال العهدين الملكي والجمهوري واستمرت سنين طويلة تتحين الفرص من اجل تحقيق حلم الانفصال بعد أن تيقنت من استحالة الوصول إليه إلا على أنقاض الدولة العراقية فقد انصبت الخيارات الاستراتيجية للقيادات الكردية على تحطيم الدولة العراقية من خلال التعاون مع جهات أجنبية تكن العداء للعراق لتتمكن من احتلاله ودماره من اجل قلب المعادلة السياسية لكي تتحول القوى الكردية إلى الحلقة الأقوى والدولة العراقية الحلقة الأضعف ليتسنى تحقيق الانفصال على أنقاض الدولة المهزومة، فقد لعبت القيادات الكردية دور فعال في تقديم الدعم العسكري والاستخباري لإيران خلال الحرب العراقية الإيرانية وكذلك الدعم اللوجستي والسوقي إلى الولايات المتحدة من اجل احتلال العراق والحصول على المكافأة المطلوبة لتحقيق الحلم المنشود الذي كان يراود عقول القيادات الكردية قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة ولم يعد خافيا على احد التنسيق والتعاون مع إسرائيل أيام المرحوم ملا مصطفى البرزاني الذي لم يكن في ذلك الحين أنفال ولا حلبجة وإنما لوضع حجر الأساس لمشروع إقامة وطن قومي للأكراد في شمال العراق على غرار مشروع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وقد قام الأبناء بتتويج دور الآباء بتقديم العراق قرباناً على عتبة الاحتلال الأمريكي لدمار الدولة العراقية والتخابر مع المخابرات الإسرائيلية لتحطيم بناها التحتية ليتسنى إقامة الدولة الكردية على أنقاض العراق بعد أن قدمت القيادات الكردية نفسها البديل لتنفيذ متطلبات المحتل أكثر مما كان مطلوباً قبل الاحتلال لتكون هي الأجدر بنيل الثقة لمرحلة ما بعد الاحتلال وفعلا تحقق ذلك وتمت السيطرة على مفاصل الدولة العراقية ومؤسساتها الوهمية بعد حل الجيش العراقي وتحجيم بناء الجيش الجديد من خلال سيطرة القياديين في الحزبين الكرديين على اغلب تشكيلاته والعمل على تحويل ميلشيات البيشمركة إلى جيش نظامي وإعداده بقدرات تفوق على قدرات الجيش الجديد بالإضافة إلى استغلال تخبط القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية الهزيلة حتى تم افتراس تلك العملية ووضع العراق بين فك رئيس جمهورية عنصري يتقن فن القفز على الحبال والتلاعب بالألفاظ وكان له دورا بارزا في احتلال العراق ويسعى إلى تقسيمه علاوة على كونه رئيس حزب عنصري يتبنى ثقافات وايدولوجيات إثنية وعرقية تدعوا إلى الانفصال وفك رئيس إقليم مزعوم حاقد على الشعب العراقي وهمه شرذمة العراق وتقسيمه، في الوقت الذي لم تكتفي القيادات الكردية من الاستحواذ على حصة الأسد للوزارات السيادية وخاصة وزارة الخارجية من اجل تكثيف الجهود الدبلوماسية لتهيئة أجواء سياسية دولية تدعم مشروعهم الانفصالي، بل أحكمت سيطرتها على أداء أي حكومة مركزية من خلال وضعها بين كماشتين هما الدستور والبرلمان. وبموجب الدستور المزعوم تم فرض إلغاء صفة العروبة عن العراق وتثبيت الفدرالية العرقية كأساس للنظام السياسي في الدولة العراقية علاوة على تثبيت حقوق دستورية مجحفة تصب في مصلحة الحزبين الكرديين على حساب مصالح وحقوق الشعب العراقي كالمادة 140 التي تم فرضها في الدستور المشؤوم لضم محافظة كركوك إلى إقليمهم المزعوم لما تتمتع به تلك المحافظة من خصوصية جغرافية وسكانية فضلا عن أهمية اقتصادية كبيرة لاحتوائها على اكبر حقول نفطية عراقية لذلك تصر القيادات الكردية على الإسراع بتطبيق هذه المادة التي تتضمن إجراء استفتاء عام في هذه المحافظة بعد قيام قوات البيشمركة بالتصفيات العرقية والتهجير القسري للمواطنين العرب والتركمان منها لتنفيذ صفقات جرت من وراء الأبواب المغلقة وفي ظروف استثنائية تحقق من خلالها الحصول على مكاسب في غفلة من الزمن على حساب الوطن الجريح تم إدراجها في قانون إدارة الدولة في حينه ومن ثم تم تثبيتها في الدستور المزعوم وقد حان وقت الإيفاء بها للاستحواذ على تلك المدينة الغنية بالنفط ليتسنى إيصاله مستقبلا إلى إسرائيل كما مخطط له عبر خط كركوك حيفا ومنها إلى أوربا لضمان التمويل المالي الكافي لميزانية الدولة المنشودة كما وان سبب هذا الإصرار من قبل القيادة الكردية للإسراع بتطبيق هذه المادة بالرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها تلك المحافظة هو من اجل فرض حل أحادي يخدم مصلحة القومية الكردية على حساب القوميات الأخرى ليتسنى ضمها إلى إقليمهم المزعوم قبل مباشرة لجنة مراجعة تعديل الدستور بأعمالها، لان تلك القيادات باتت تعلم بأن هناك إجماع عراقي وإقليمي ودولي لتغيير هذه المادة، وكذلك الإصرار على اعتبار كركوك خط احمر وإطلاق تصريحات مشحونة بالتهديد والوعيد لاستخدامها ورقة ضغط ليتسنى ضمها إلى الحدود الإدارية لإقليمهم المزعوم لتكون عاصمة دولتهم المنشودة لفض إشكالية اختيار العاصمة ما بين إربيل والسليمانية من جهة ومنها سيتم الزحف على المناطق العراقية الأخرى لإكمال مسيرة الأحلام التوسعية حسب الحدود المرسومة لدولة كردستان من جهة أخرى. أما فيما يتعلق بالقوانين التي أصدرتها حكومة الإقليم المزعوم فإن اغلبها يتعارض مع قوانين الدولة العراقية وبشكل يؤدي إلى استنزافها وحلب ثرواتها والدليل على ذلك قانون النفط والغاز الخاص بإقليم كردستان الذي بموجبه تم فرض مشاركة الأكراد في الواردات النفطية العراقية لجميع حقول الإنتاج في العراق بينما تنفرد حكومة الإقليم في إدارة واستثمار الحقول الجديدة في منطقة كردستان دون السماح للحكومة المركزية التدخل في عقود التنقيب والاستثمار والتصدير في الوقت الذي اشترط وضع جميع العائدات النفطية للعراق في حساب خاص خارج إطار خزينة الدولة العراقية وبعدها تخصم %17 من ميزانية الدولة حصة إقليم كردستان والمتبقي يذهب إلى الخزينة العراقية يعني (منين ما ملتي غرفتي) حسب قول المثل العراقي، علما أن هذه الفقرة المثبتة في قانون الإقليم هي نفسها فرضت في قانون النفط والغاز الجديد الخاص بالدولة الاتحادية حتى أصبح القانون الأخير بمثابة ذيل مكمل لقانون الإقليم، لهذا السبب تطالب القيادات الكردية البرلمان العراقي المصادقة على القانون الجديد دون المساس في أي بند من بنوده. إن الذي تقدم غيض من فيض بالنسبة إلى الثغرات الأخرى التي وضعها الأكراد وسلطات الاحتلال في الدستور المزيف ليتسنى تعميق الخلافات العرقية والطائفية وعرقلة محاولات إصلاح الأوضاع المتدنية في العراق. أما البرلمان الذي استحوذت فيه القيادات الكردية على خمسة وخمسون مقعدا وذلك بسبب الخلل المقصود في اللعبة الانتخابية حيث أدى هذا الخلل إلى سيطرة تلك القيادات على ما يسمى بالعملية السياسية برمتها وجعل مفاتيح تشكيل أي حكومة عراقية مزعومة بيد الكتلة البرلمانية الكردية وجعل مصير تعيين أي مرشح لمنصب قيادي بيد الكتلة البرلمانية الكردية ولا يمكن تحقيق ذلك ما لم يتم التنازل عن الكثير من الحقوق الوطنية وقبول املاءات مهينة تفرض عليه وعلى الكتلة البرلمانية التي رشحته أو المساومة على صفقات أو قبول تحالفات من اجل الوصول إلى النسبة المطلوبة في البرلمان حتى وان كانت الكتلة التي رشحته تمتلك أغلبية ساحقة لأنها غير قادرة على تثبيت ذلك الترشيح أو إصدار أي قرار سيادي إلا من خلال موافقة الكتلة البرلمانية الكردية، هذه هي أصول لعبة تحالف المحاصصات الطائفية والعرقية التي تمخضت عن مصيدة الانتخابات التي نصبتها سلطات الاحتلال. لقد بلغت تجاوزات تلك القيادات حد الاستهتار بمشاعر الشعب العراقي بعد تغيير كفة التوازن في المعادلة السياسية لصالح تلك القوى الكردية التي هيمنت على مفاصل الدولة العراقية الجديدة بسبب الاحتلال حتى ظهرت معالم المشروع الانفصالي لتأسيس دولة كردستان من خلال رفض رفع علم الدولة العراقية على البنايات والمؤسسات الحكومية في إقليم كردستان المزعوم واستبداله بالعلم الكردي وفرض كتابة اللغة الكردية على المباني والمؤسسات العراقية دون كتابة اللغة العربية على المباني والمؤسسات الحكومية في منطقة كردستان بل كتابة اللغة الانكليزية بدلا منها ويدّعون أنهم متمسكين بوحدة العراق فضلا عن بناء مؤسسات دولة في ذلك الإقليم كالوزارة والبرلمان ونشيد وطني خاص وأعياد ومناسبات خاصة والأجدر من ذلك السيطرة التامة على حدود الإقليم من قبل قوات البشمركة لإكمال متطلبات دولتهم المنشودة وعدم السماح لدخول المواطنين العراقيين من محافظات الوسط والجنوب إلى المحافظات الشمالية إلا بكفيل كردي ( فيزة دخول ) حتى بات الكثير من العراقيين يتمنون الانفصال لان الضرر الذي يصيبهم من جرائه اقل من ضرر بقاء الأكراد متوحدين مع العراق أو منية مشاركتهم في العملية السياسية المزعومة.
المحورالثاني:ـ المبررات القانونية والسياسية لمشروع الانفصال
لقد تيقنت القيادات الكردية من استحالة تحقيق حلم الانفصال إلا على أنقاض الدولة العراقية فقد انصبت الخيارات الاستراتيجية لتلك القيادات على تحطيم الدولة العراقية بعد أن لعبت دور مشبوه في تقديم الدعم اللوجستي والسوقي إلى الولايات المتحدة من اجل احتلال العراق ليتسنى الحصول على المكافئة المطلوبة بتحقيق ذلك الحلم المنشودة الذي كان يراود عقول القيادات الكردية قبل تأسيس الدولة العراقية. وأمست حقيقة بات يعرفها الجميع لو شعل العراقيون العشرة شمع كما يقول المثل العراقي لن ترضى القيادات الكردية بغير الانفصال عاجلا أم آجلا وقد تجلى ذلك واضحا من خلال الإجراءات العملية التي اتخذتها القيادات الكردية بشكل مفضوح بعد الاحتلال للإعداد للانفصال وفق ألأدبيات الفكرية والسياسية للحزبين الكرديين الرئيسيين التي كانت تقوم بترويج حجج قانونية يتم تكييفها للربط بين مفهوم ملكية الأرض وحق تقرير المصير لتبرير مشروع الانفصال بالإضافة إلى تبني مفاهيم سياسية تتعلق بالاضطهاد العرقي لتسويق ذلك المشروع. ولا بد من تسليط الضوء على تلك الحجج والمفاهيم التي يستند عليها الحزبين الكرديين في تثقيف الجماهير الكردية لتبرير مشروعهم الانفصالي، وسنبدأ بتفنيد حجة الرابطة القانونية بين ملكية الأرض وحق تقرير المصير باعتبار أنها الحجة الأقوى في أسانيد الحزبين المذكورين والتي تقوم على أساس ( إن الأكراد قد استوطنوا الشمال العراقي سنين طويلة بشكل يعطيهم أحقية الانفصال على أساس إن هؤلاء المستوطنين من قومية مضطهدة غير عربية ويشكلون ثقل سكاني في العراق لهم حق تقرير المصير). حيث نجد في هذه الحجة تبريرات تحتوي على مغالطات ترفضها كافة الأنظمة والقوانين المحلية والأجنبية لأنة ليس كل من يملك أرض وعاش عليها سنين طويلة يحق له أن يعلن الانفصال عن الدولة التي منحته حق ملكية الأرض لأن القواعد القانونية الواردة في كافة القوانين المدنية والدستورية والدولية تؤكد أن من يملك الأرض له حق الانتفاع بها وليس له حق السيادة عليها لان السيادة حق من حقوق الدولة التي منحت حق الملكية وبخلافه يعتبر تعدي على الحقوق السيادية للدولة، وإلا كان يحق للعراقيين في ولاية ديترويت الأمريكية الذين يملكون أكثر من نصف أراضيها والتي تبلغ مساحتها اكبر من كردستان العراق أن يطالبوا بالانفصال من اجل إعلان الدولة العراقية في ديترويت استنادا إلى هذه الحجة وأيضا لو صحت هذه الادعاءات لماذا لا يطالب الأكراد بمدينة مالمو السويدية وهامبورغ الألمانية لان كثافة استيطانهم في تلك المدن تفوق كثافة الأكراد في بقاع كثيرة من كردستان المفترضة، ومثلما لا تجيز القوانين في كافة دول العالم انفصال الأرض التي يقطنها مواطنيها عن الدولة الأم، فكذلك هو القانون العراقي أيضا لا يجيز المغالاة بحق الانتفاع بالأرض إلى حد الانفصال عن الدولة التي منحت هذا الحق بموجب سندات استملاك يتم صرفها على أساس الجنسية الصادرة من الدولة العراقية التي لا تجيز قوانينها حق الاستملاك لغير المواطن العراقي، فأن تعايش الشرائح السكانية للعيش في هذا الوطن نابع من الانصهار تحت خيمة الدولة العراقية وفق مفهوم المواطنة الذي تنظمه قواعد الحقوق والواجبات المعروفة في قوانين دول العالم كافة وليس وفق مفهوم الملكية لأنه ليس هناك علاقة بين ملكية الأرض وحق تقرير المصير الذي يحللونه لأنفسهم ويحرمونه على غيرهم لان هذا الحق تفرضه ظروف ووقائع سياسية معقدة تتعلق بأرض محتلة وشعبها يطالب بتقرير المصير كما هو الشعب الفلسطيني الذي أقرت الأمم المتحدة له هذا الحق وليس بترويج مغالطات قانونية لا علاقة لها بهذا الموضوع. ومثلما هي حقوق الاستملاك التي لا تجيز الانفصال تحت ذريعة حق الملكية وتقرير المصير كما مبين آنفا، كذلك هي المفاهيم السياسية التي تربط بين فكرة الاضطهاد العرقي وحق تقرير المصير هي الأخرى لا تجيز لهم الانفصال أو التهديد به تحت هذه الذريعة، لان هذا المفهوم يتعلق بالعلاقة بين قوميتين قد وصل التنافر بينهما إلى حد عدم القدرة على التعايش مع بعضهما البعض نتيجة بغي إحداهما على الأخرى واضطهاد أبنائها والتعدي على حرماتها أو القيام بممارسات عنصرية وتصفيات عرقية واثنيه وطائفية ودينية وسياسية أدت إلى انهيار أواصر العلاقات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية حتى أصبح التعايش بينهما أمراً مستحيلاً وحق للقومية المضطهدة تقرير مصيرها بطريقة أو بطرق يضمن لها القانون الدولي الأمن والسلام، بينما نجد أواصر تلك العلاقات وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية والدينية بين القوميتين العربية والكردية في العراق قائمة على المحبة والألفة والتزاوج والتعايش منذ سنين ولم تظهر أي خلافات تعكر أواصر تلك العلاقات إلا من بعد ظهور الحزبين الكرديين الرئيسيين على الساحة السياسية في العراق وقيامهما بنشر أفكار عنصرية شيفونية وإتباع سياسة القفز على التناقضات وتحين الفرص فضلا عن تنفيذ أجندات خارجية من اجل مصالح شخصية وعشائرية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الهمس في أذهان البسطاء من الناس وتحريض المغرر بهم على التمرد وإكراههم على العصيان الذي استمر سنين طويلة في الجبال والكهوف والوديان وراح ضحيته الآلاف من العراقيين العرب والأكراد وكل ذلك تم تحت غطاء تلك الذرائع والأفكار التي كانت ولا زالت تروجها قيادات تلك الأحزاب بعد تضخيمها وتوظيفها لمآرب وأغراض شخصية أوصلت مافيا الحروب إلى ما وصلوا إليه اليوم من مناصب وثروات وشركات وأرصدة في مختلف بنوك العالم وفلل وقصور وجوازات سفر وجنسيات متعددة حتى بات الحيف والظلم والابتزاز الذي أصاب الشعب الكردي من قبل قيادات تلك الأحزاب لا يقل عن الحيف الذي قامت به الحكومات العراقية السابقة كما يزعمون وكذلك لا يقل عن الحيف والابتزاز والانتقام الذي تمارسه تلك القيادات اليوم على العرب والطوائف الأخرى بعد أن تمكنوا من إحكام قبضتهم على العراق بسبب الاحتلال وضعف الدولة العراقية الجديدة، وإلا كيف يمكن تفسير ما يجري من ابتزاز وتهجير قسري في كركوك وتزوير هويات واضطهاد عنصري في المحافظات الأخرى وممارسات قتل وتصفيات لقادة الجيش العراقي والأطباء والمهندسين والعلماء ورجال التصنيع العسكري بالتعاون مع الموساد وأجهزة المخابرات الأمريكية والإيرانية في الوقت الذي لا زالت تلك القيادات تردد اسطوانة الاضطهاد الذي حصل على الأكراد وخصوصا في عقد الثمانينات، وإذا كان التمسك بقضية حلبجة المشهورة بتعرضها لمأساة كبرى فإنها حجة مقبولة لغرض نيل القصاص العادل بالطرق القانونية وليس اعتبارها مبرر للانفصال وأنها بالتأكيد جريمة لا يمكن السكوت عنها وليس للأكراد فقط حق الاقتصاص من الفاعل الحقيقي وإنما حق للعراقيين جميعا باعتبار أن الضحايا هم عراقيون بغض النظر عن انتماآتهم القومية شرط أن يتم كشف كل الحقائق عن الفاعل الأصلي من خلال تحقيق دولي يثبت إدانة الجهة الفاعلة لتلك المأساة لا من خلال محاكمات هزيلة الغرض منها الانتقام من قادة الجيش العراقي لإشفاء غليل حقد تحالف الأحزاب الكردية الانفصالية ومسؤولو التنظيمات والميليشيات الصفوية، وإذا كانت القوى الكردية تجسد ظروف مأساة حلبجة باعتبار أنها تمثل ذروة لأعتى حالات الاضطهاد العرقي لغرض توظيفها واستثمارها سياسيا لعزل المنطقة الشمالية عن العراق فقد تمكنت من ذلك فعلا بعد التنسيق مع المخابرات الأمريكية لإصدار قرارات أممية بإنشاء خطوط وهمية نتج عنها استقلال إداري بحماية أمريكية دام سنين طويلة قبل الاحتلال وبعده وكان الأكراد ينعمون في تلك المنطقة من غير حصار ولا دمار وعاشوا في عزلة بعيدة عن الارتباط الإداري بالوطن الأم كخطوة أولى في طريق تحقيق الحلم المنشود خصوصا بعد أن ذاقت القيادات الكردية حلاوة الحكم طيلة تلك المدة فقد حلى بعينهم الانفصال الذي أصبح اقرب للحقيقة من الحلم بعد الاحتلال، في الوقت الذي مرت على العراقيين بكل طوائفهم وقومياتهم ظروف عاتية لا يعلم بها إلا الله سبحانه وتعالى ولا تقل معاناتها عن ظروف ومعانات الأكراد وخصوصا خلال سنين الحصار ولم يفكر احد منهم بالانفصال أو العصيان بينما نجد القيادات الكردية تختلق الذرائع وتضخمها ثم توظفها لأغراض ومآرب سياسية معروفة حتى باتت تتعامل من خلالها مع الدولة العراقية بحجة عدم الثقة من تراكمات الماضي التي لا تعدو أن تكون كجبال من الأحقاد في صدور تلك القيادات وان بقاء غلها في قلوبهم بهذا الشكل يستحيل صنع وطنا ديمقراطيا موحدا تتعايش في ظله جميع أطياف الشعب.

المحور الثالث:ـ الانتقام من رموز المؤسسة العسكرية خيار كردي إيراني أمريكي صهيوني لغرض تقسيم العراق وإخراجه من دائرة الصراع العربي الصهيوني

لقد انصب خيار القيادات الكردية على الانتقام بعد تحالفهم مع عملاء إيران لإشفاء غليل حقد تحالف الأحزاب الكردية الانفصالية ومسؤولو التنظيمات والميليشيات الصفوية الذين التقت إراداتهم للانتقام من رموز المؤسسة العسكرية في العراق وتقديمهم قرابين على عتبة الحقد الفارسي الكردي الصهيوني لإذلال العراقيين وإهانة جيشهم الذي سطر بصموده اشرف ملاحم البطولة والفداء في الدفاع عن العراق والأمة العربية ولم يكتفوا بقتل الآلاف من الضباط والطيارين والعلماء ومهندسي التصنيع العسكري بمشاركة الموساد بل الإعلان عن فصل جديد من مسلسل محاكمات الانتقام السياسي التي ستشمل أكثر من 220 قائد عسكري من خيرة ضباط الجيش العراقي الغاية منها تصفية حسابات سياسية وإثنية وعرقية وطائفية للانتقام السياسي، أليس في محاكمة الفريق سلطان هاشم ورفاقه وقرار إعدامه والفريق حسين رشيد التكريتي مطلب كردي إيراني أمريكي إسرائيلي مشترك، أليس الغرض من هذه المحاكمات إشباع غرائز ورغبات انتقامية مبيتة ضد قادة الجيش العراقي الذين كانت لهم ادوار تاريخية مشهودة في الحرب العراقية الإيرانية وعاصفة الصحراء والغزو الأمريكي عام 2003 وقد أثبتوا مقدرة عالية في الدفاع عن وحدة العراق والذود عن سيادته. أما بالنسبة للتهمة التي نسبت إليهم عن أحداث حلبجة التي حدثت في ظروف حرب طاحنة بين دولتين كبيرتين في المنطقة لم يسلم من تأثيرها الكثير، وكانت تنسب اتهامات متبادلة في هذه القضية للطرفين المتحاربين خصوصا بعد أن ظهرت بوادر اتهام الطرف الآخر على يد الكثير من الخبراء الفنيين في أجهزت المخابرات العالمية والأمريكية ممن لديهم معلومات مؤكدة عن ملابسات تلك القضية وقدموا اعترافات مذهلة تشير إلى أن التعامل مع هذا الموضوع كان يتم التصرف فيه من وجهة نظر سياسية، وربما لا نبالغ أذا قلنا أن الحرب التي تشنها القوات الأمريكية المدعومة بالميليشيات الحكومية ضد محافظات عراقية ترفض الاحتلال وتقاومه هي أكثر ظلماً وخطورة من حملات الأنفال نفسها، من سيحاكم القيادات الكردية التي انصبت خياراتها الاستراتيجية على تحطيم الدولة العراقية من خلال التعاون مع جهات أجنبية تكن العداء للعراق ولعبت دور فعال في تقديم الدعم العسكري والاستخباري لإيران خلال الحرب العراقية الإيرانية وكذلك الدعم اللوجستي والسوقي إلى الولايات المتحدة من اجل احتلال العراق، من سيحاكم الذين اتخذوا من إقليم كردستان مركزاً لنشاط الموساد في العراق قبل الاحتلال وبعده ومساعدتهم للانتقام من خيرة رجال الدولة العراقية بتصفية العلماء والأطباء والمهندسين والأكاديميين لتدمير البنى التحتية لهذا البلد الذي تآمروا على تمزيقه سنين طويلة من اجل تقسيمه إلى كانتونات عرقية وإثنية وطائفية لإخراجه من دائرة الصراع العربي الصهيوني وليبنوا على أنقاضه دولتهم المزعومة على حساب المصالح العليا للعراق دون الاكتراث للأحداث المأساوية الجارية في هذا الوطن الجريح إن لم تكن بصماتهم منغمسة فيها ليتسنى استمرار مسلسل تصفية الحسابات التي لم تكن هذه المحاكمات بعيدة عنها.

المحور الرابع:ـ النفط والمياه سلاح لتثبيت أركان الدولة المنشودة
بعد أن تمكنت القيادات الكردية في العراق من إحكام هيمنتها على كل مفاصل الدولة العراقية بعد الاحتلال حتى باتت كافة فصائل الكتل النيابية المشاركة في العملية السياسية تتودد لتلك القيادات لنيل الرضا بعد أن تحول قادتها إلى مراسلين يتم إيفادهم لدول مجاورة وغير مجاورة للتباحث في أمور تتعلق بأجندتهم السياسية مثلما حصل بحشر قادة الدولة الجدد في مواجهة سياسية مع تركيا من اجل مصالح وأجندات حزبية كردية لا دخل للشأن العراقي بها، أو استدعاءهم إلى المنطقة الشمالية لفرض أملاءات مذلة بشكل مقصود لإثبات عضلات كانت خاوية قبل الاحتلال وقد تجلى ذلك واضحا من خلال زيارة ما يسمى رئيس وزراء العراق إلى السليمانية والتي سميت بالزيارة الرسمية وتمت المباحثات تحت علم كردستان وباللغة الكردية بعد أن رفضت القيادة الكردية إجراءها باللغة العربية والتي تمخض عنها صفقة مجحفة بحق الشعب والوطن يحصل عن طريقها الأكراد على كركوك، مقابل دعم الائتلاف الحاكم وتمرير قانون النفط والغاز، فضلا عن قيام تلك القيادات بتثبيت حصص مجحفة من عائدات النفط العراقي في قانون النفط والغاز الجديد حسب الصفقة المشار إليها آنفا والتي تمت بين رئيس الحكومة العراقية ممثلا عن الائتلاف الحاكم ورئيس الجمهورية ممثلا لإقليم كردستان لذلك تصر القيادات الكردية على عدم التغيير أو المساس في بنود ومواد القانون المذكور، بالإضافة إلى إقامة اتفاقيات نفطية واقتصادية مع دول وشركات أجنبية واستلام عروض لاستغلال أربعين بئرا نفطيا دون علم وموافقة الحكومة المركزية، والأخطر من ذلك الاجتماعات التي يديرها رئيس إقليم كردستان مع ممثلي شركات استشارية أجنبية وممثلي شركة ( ITSC ) الأمريكية لإنشاء ثلاثة سدود للتحكم في توزيع الموارد المائية وهي سد بخمة على نهر الزاب الكبير وسد منداوة ليحصر المياه المتدفقة من سد بخمة ليشكل حوض لخزن مياه نهر الزاب الكبير، وكذلك سد كومسبان المزمع إنشاءه على فرع باستورة والذي سيباشر العمل بتنفيذه العام المقبل بالإضافة إلى السدود الأخرى المقترح تشييدها في إقليمهم المزعوم كسد باسرمة وسد كولوس وسد طقطق وسد خيتونة وسد باوتشاوار، فضلا عن إحكام قبضتهم على إدارة أهم ثلاث سدود في العراق وهي سد دربنديخان وسد دهوك وسد دوكان الذي أشار ناطق باسم وزارة الموارد المائية أن الأسلوب الحالي لتشغيل سد دوكان لا يتفق مع السياسة المركزية لتشغيل منظومة الموارد المائية وتوزيعها على حوض نهر دجلة مما سبب شحة في انسيابية المياه إلى وسط وجنوب العراق وقلة التدفق الكافي لري المحاصيل الزراعية التابعة لقرى محافظة كركوك وكذلك الشحة لسد حاجة السكان في العاصمة بغداد، يا ترى أين هو موقف الحكومة من ذلك وبماذا يفسر صمتها من قيام القيادات الكردية اللعب على المكشوف بتنفيذ مشاريع عملاقة تتعلق باستثمار الموارد المائية والنفطية بالاتفاق مع شركات إسرائيلية وأجنبية وفق قانون الاستثمار في الإقليم المزعوم دون أدنى اعتبار لمصالح العراق الاقتصادية والاستراتيجية فضلا عن نية استخدامها ورقة سياسية تلوي بها ذراع كل من يحاول مواجهة تطلعاتهم الانفصالية..! إن الغاية من إنشاء هذه السدود في منطقة محدودة لغرض التحكم في تدفق المياه إلى الوسط والجنوب العراقي للسيطرة على عصب الحياة فيها ليتسنى الضغط مستقبلا على الحكومات المركزية ومساومتها في زيادة حصة النفط مقابل المياه فضلا عن إملاء شروط أخرى لا يعلم بها إلا الله. هذه التنازلات والصفقات المهينة على تقاسم الحصص والغنائم والسرقات خير دليل على الحالة الانقلابية في المعادلة السياسية التي أدت إلى هيمنة القوى الكردية وضعف الحكومة المركزية التي لا هم لها سوى البقاء في السلطة وسرقة المال العام دون أدنى اعتبار لنزف دماء العراقيين وحلب ثرواتهم، بينما نجد تلك القيادات تستثمر كافة نقاط الضعف التي أفرزتها العملية السياسية مستغلة تناقضاتها واللعب على ورقة خلافات الفصائل المشاركة في تلك العملية حتى تمكنت من إحكام هيمنتها على كل مفاصل الدولة العراقية وتفكيك مؤسساتها المدنية والعسكرية وتسخيرها لمصالح أحزاب باتت تغرف من خيرات العراق وتصبها في ما يسمى بإقليم كردستان على حساب المصالح العليا للعراق حتى غدت المحافظات الشمالية مدن أسطورية لان المطلوب هو اخذ كل شيء وعدم إعطاء أي شيء حتى بات زعماء الحزبين الكرديين يتذكرون أنهم عراقيون في وقت الأزمات بعد أن حشروا الدولة العراقية في مواجهة سياسية وعسكرية مع تركيا من اجل حسابات تتعلق بأجندة أحزابهم ولا دخل للشأن العراقي بها، وبعد أن اشتدت أزمتهم مع تركيا وتم رصهم في الزاوية الحرجة اخذ يطلقون تصريحات رفض الحلول العسكرية التي كان يلوحون بها في خلافاتهم مع حكومة بغداد المنصبة وخاصة في تعاملهم مع قضية كركوك.
لقد ضاق الشعب العراقي ذرعاً من تصرفات القيادة الكردية وغطرستها وشروطها التعجيزية التي تحاول من ورائها خلق حالة من اليأس في نفوس العراقيين لكي يصل بهم المطاف إلى رغبة في الانفصال للتخلص من ساطور الهيمنة الكردية على رقابهم. لعل هذه الأوهام المتعشعشة في عقول القيادات الكردية تكون القشة التي تقصم ظهر الانفصال لان هذا الشعب الذي افشل مخططات الاحتلال بمقاومته الباسلة قادر على التصدي لهيمنة القيادات الكردية وإفشال مشروعها الانفصالي.

المحور الخامس:ـ الخطوات العملية لتأسيس دولة كردستان



إن الدعوات الشهيرة التي كانت تمن بها قيادات الأحزاب الكردية على العراقيين من كونهم كانوا منفصلين ويصرون على العودة للالتحام بالوطن لم تكن حبا بالعراق ووفاء لشعبه وإنما مزايدات في أوقات لم تكتمل فيها متطلبات مشروع الانفصال خصوصا من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية ولم تكن قد تهيأت عوامل داخلية وإقليمية ودولية بعد. فقد تبخرت تلك الدعوات عندما اقتربت مقومات نجاح ذلك المشروع بعد أن تمكنت القيادات الكردية من السيطرة على اغلب مفاصل الدولة العراقية بعد الاحتلال والهيمنة على القوى السياسية التي تشاركها في العملية السياسية ودأبت تفرض عليها شروط تعجيزية وتهدد بالانفصال بين الحين والآخر وباتت تمارس نشاطات انفصالية على المكشوف على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي التي يمكن اعتبارها مؤشرات عملية لإقامة الدولة الكردية المنشودة ومن الأهمية بمكان استعراض تلك النشاطات.
1ـ نشاط القيادات الكردية على الصعيد المحلي:ـ
أن القيادات الكردية غير قادرة على تحقيق الدولة المنشودة إلا من خلال تدمير العراق وإقامة دولتهم المزعومة على أنقاضه، فقد لعبت تلك القيادات دور كبير في مساعدة الولايات المتحدة على احتلال العراق والتعاون مع المخابرات الإسرائيلية لدمار بناه التحتية من اجل قلب المعادلة السياسية لتكون القوى الكردية هي الأقوى والحكومة المركزية هي الأضعف حتى وان تم إعادة بناء مؤسساتها بمعايير جديدة فلم يختلف الأمر من شيء مادامت تلك المعايير من صنع الاحتلال، وبذلك تمكنت القيادات الكردية من إحكام هيمنتها على كل مفاصل الدولة العراقية بعد تفكيك مؤسساتها المدنية والعسكرية وتسخيرها لمصالح أحزاب انفتحت شهية قادتها للغرف من خيرات العراق وصبها في إقليمهم المزعوم دون الاكتراث للأحداث الدامية في هذا الوطن الجريح، فضلا عن إحكام السيطرة التامة على أداء أي حكومة مركزية من خلال وضعها بين كماشتين هما الدستور والبرلمان. فقد عملت من خلال الدستور المزعوم على إبعاد عنوان العروبة عن الدولة العراقية وتضليل الشعب العراقي بتسميات طائفية كالسنة والشيعة بدل العناوين العربية الحقيقية واعتبار الشعب العربي في العراق أقلية عرقية والعمل على إبعاد العراق عن محيطة العربي الذي يشكل العمق الاستراتيجي لأمنه القومي فضلا عن تنسيق الجهود مع الجهات المعادية للعروبة لضمان عدم إمكانية تفعيل الفكر القومي العربي بشكل منقى من أخطاء المراحل السابقة التي أساءت لهذا الفكر نتيجة ممارسات لا تمت له بصلة بالإضافة إلى تثبيت الفدرالية العرقية كأساس للنظام السياسي في الدولة العراقية علاوة على تثبيت حقوق دستورية مجحفة تصب في مصلحة الحزبين الكرديين على حساب مصالح الشعب العراقي مثلما تم فرض المادة 140 في الدستور كما مبين آنفاً. أما البرلمان الذي استحوذت القيادات الكردية فيه على خمسة وخمسون مقعدا مما أدى غالى سيطرة تلك القيادات على ما يسمى بالعملية السياسية برمتها كما مبين آنفاً فضلا عن مزاد المساومات مع الكتل النيابية الأخرى لمن يقدم تنازلات أكثر لتقطف من كل بستان وردة حتى بات التصرف مع الكتل السياسية الأخرى وكأنهم فوق العملية السياسية المزعومة حتى تم استقبال البرزاني في بغداد وكأنه رئيس دولة مجاورة جاء للتوسط من اجل فض نزاعات محلية لا تعنيه من شيء .



2- نشاط القيادات الكردية على الصعيد الإقليمي:ـنستعرض في البداية نشاط تلك القيادات على صعيد الدول غير العربية المجاورة للعراق ولنبدأ بإيران ثم تركيا. تعتبر إيران الحليف القوي للقيادات الكردية قبل الحرب العراقية الإيرانية وبعدها، وقد لعبت تلك القيادات دور تآمري كبير لمساعدة إيران في عدوانها على العراق بسبب التقاء إرادة الطرفين في اعتماد أسس طائفية وعرقية لتفتيت الدولة العراقية بينما نجد إيران تتبع سياسة التقيّة معهم حيث تقوم في بعض الأحيان بمسايرة تطلعاتهم الانفصالية لكي تدخرهم كخزين استراتيجي يضاف إلى تعزيز نفوذها في العراق وفي أحيان أخرى تقوم بكبح جماحهم للتحوط من عواقب تأثير تطلعاتهم الانفصالية على أكراد إيران التي لازالت في ذاكرتهم جمهورية مهاباد الكردية التي تأسست في عام 1946 بالرغم من القضاء عليها بعد عام من تأسيسها، وكذلك للحيلولة دون التمادي في إتباع مواقف سياسية خارج إطار الأجندة الإيرانية خصوصا بعدما ظهرت أنيابهم بعد الاحتلال. أما تركيا التي ترفض بشدة تحقيق هذا المشروع فان القيادات الكردية دائما تذكّر الأمريكان بعصيان الحليف التركي الذي رفض استخدام أراضيه والقواعد العسكرية لضرب العراق وغالبا ما تحاول تلك القيادات من إثارة الشكوك في كون هذا الحليف غير جدير بثقة الولايات المتحدة مستغلين الضرب على وتر تأثير الضغط الشعبي والإسلامي على الحكومة التركية خصوصا بعدما أفصحت إحصائيات موثوقة عن نسبة كراهية الشعب التركي للغول الأمريكي والتي بلغت أكثر من 82%، فضلا عن إلحاح تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوربي الذي سيجعل من سياساتها الخارجية تتماشى مع سياسات دول الاتحاد، فان من وجهة نظر القيادات الكردية إن دولتهم القادمة يمكن أن تعوض الولايات المتحدة عن كل ما هو مطلوب بدلا من منية تركيا التي ذاقت ذرعا بطلبات الحليف الأكبر لذلك تلح على الولايات المتحدة الاستعجال في بناء قواعد عسكرية في الشمال العراقي لحسم موضوع الرفض التركي لمشروع إقامة الدولة الكردية معتقدين عدم قدرة تركيا على تنفيذ تهديداتها المتكررة نحو تجاوزات الأحزاب الكردية التركية المدعومة من قبل سلطات إقليم كردستان بسبب التناقضات السياسية داخل المؤسسات التركية فضلا عن العامل الاقتصادي المتمثل في الكم الهائل من الشركات التركية العاملة في إقليم كردستان لان العمران الذي يتمتع به الإقليم المزعوم ما هو إلا من دعم وإسناد تلك الشركات، لذلك تعتقد القيادات الكردية انه ليس من الحكمة أن تقوم تركيا بهدم مصالحها مع العراق وأمريكا والاتحاد الأوربي في مغامرة ليست في محلها، هذه الحسابات الخاطئة جعلت تلك القيادات تتمادى في بسط مشروعها التوسعي أفقيا نحو تركيا بدعم مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المناطق الحدودية من شمال العراق لتنفيذ أجندة مشروع دولة كردستان الكبرى مستغلين ضعف حكومة العراق المركزية وتسخير إمكانات الدولة العراقية لتلك الأجندة محتمين بالدعم الأمريكي لإقليمهم المزعوم، لهذه الأسباب تعتبر تلك القيادات أن الفرصة الذهبية قد سنحت وحان موعد قطاف ثمرة خدمات العمالة التي قدمتها إلى صقور الإدارة الأمريكية لتعزيز طموحاتهم الانفصالية لذلك تسعى من اجل الحصول على موافقة أمريكية أشبه بوعد بلفور لإنشاء وطن قومي للأكراد في شمال العراق على غرار وعد بلفور البريطاني في فلسطين لكبح جماح كل من يريد تصفية حسابات معهم فيما يخص مشروعهم الانفصالي. أما على صعيد الدول العربية المجاورة وغير المجاورة للعراق ومن خلال البعد العنصري في توجهات القيادة الكردية نجدها قد لعب دورا عدائيا للعروبة وخصوصا ضد سوريا حيث تدخر تلك القيادات نسبة من الأكراد لا يستهان بها من سكان تلك الدولة يمكن استخدامهم ورقة ضغط على الحكومة السورية وتسخّيرهم كاحتياط استراتيجي لصالح الولايات المتحدة عندما ترغب الأخيرة في فرض ضغوط حقيقية على تلك الحكومة متى ما استجدت ظروف تتطلب ذلك ودائما ترمي اتهامات متكررة على حكومة دمشق وتحاول أن تحملها مسؤولية فشل المشروع الأمريكي في العراق من اجل إضعاف وتحييد الموقف السوري في مواجهة المشروع الانفصالي. أما على صعيد الدول العربية الأخرى تعمل تلك الفصائل على عزل العرب عن العراق تماشيا مع استراتيجية المشروع الأمريكي الصهيوني المعروف بالشرق الأوسط الكبير لإضعاف إمكانيات الأمة ومحاولة تأجيج الفرقة والخلاف بين الدول العربية وجعلها دويلات إقليمية متباعدة ومتناحرة تنفرد بها إسرائيل وتفرض عليها اتفاقيات استسلام مهينة كما يحلو لها، ومن وحي هذه الأفكار فرضت القيادات الكردية من خلال هيمنتها على وزارة الخارجية العراقية بجعل سياسة العراق الخارجية تتماشى مع توجهات المشروع الأمريكي الصهيوني الرامي لإضعاف البعد القومي العربي للعراق وذلك من خلال الفعاليات السياسية التي تقوم بها تلك الوزارة والقيادات العراقية الجديدة والتي غالبا ما تتوج بسيل من الاتهامات إلى الدول العربية ليتسنى عزلها عن العراق من جهة وإضعاف الموقف العربي في مواجهة المشروع الانفصالي من جهة أخرى. وفي ضمن هذا السياق من استعراض نشاط القيادات الكردية على الصعيد الإقليمي لابد من الإشارة إلى التعاون الاستراتيجي على كافة الأصعدة بين القيادات الكردية والدولة العبرية التي اتخذت من منطقة كردستان مركزاً لنشاط الموساد الإسرائيلي في العراق، حيث أن هذا التعاون يحمل في طياته مصالح وأهدافاً استراتيجية مشتركة نابعة من انسجام أجندة الطرفين الكردية والصهيونية الرامية إلى تقسيم العراق وتفتيته إلى دويلات إثنية وعرقية وطائفية وفق معتقدات قائمة على أسس دينية وتاريخية مهمة في أيدلوجية الفكر الصهيوني تتماشى مع المعتقدات الإثنية والعنصرية في أجندة الأحزاب الكردية وقد ترجم هذا التعاون بتعهد إسرائيلي يضمن حماية مستقبلية للأكراد تحسبا من احتمال أي فشل قد تمنى به الولايات المتحدة في حربها على العراق يمكن أن يؤدي إلى انسحاب أمريكي مفاجئ لذلك تتعشم القيادات الكردية من إسرائيل أن تكون الظهير القوي لدعم مشروع تأسيس الدولة الكردية المنشودة مقابل قيام تلك القيادات مساعدة الصهاينة التغلغل في العراق ومنه إلى منطقة الشرق الأوسط لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى وفق معتقداتها الدينية وليس بالضرورة أن يتم من خلال احتلال عسكري للمنطقة بل يكفي إسرائيل موطئ قدم تنطلق منه للهيمنة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا على دول المنطقة وفق أجندة المشروع الأمريكي الصهيوني المسمى بالشرق الأوسط الكبير وقد توج هذا التعاون بانفتاح إسرائيلي على منطقة كردستان بعد الاحتلال الأمريكي للعراق الذي تجلى بتواجد الشركات الصناعية والتجارية الإسرائيلية في شمال العراق فضلا عن غزو المنتوجات الصهيونية للأسواق العراقية بعد تغيير علاماتها التجارية في الإقليم المزعوم بالإضافة إلى تواجد رجال أعمال ومتعهدين ومقاولات لشركات استشارية واستثمارية عملاقة لإقامة مشاريع استراتيجية في مجال النفط والطاقة وكذلك في مجال استثمار الموارد المائية علاوة على إنشاء مراكز بحوث ومكاتب ثقافية وإعلامية وصحفية وعقود مع شركات أمن خاصة كان من ابرز أنشطتها تهريب الآثار التي تتعلق بالتاريخ اليهودي وتصفية الكوادر العلمية والعسكرية ناهيك عن التفجيرات والسيارات المفخخة التي تحصد أرواح المئات من العراقيين في كل يوم فضلا عن عمليات الابتزاز والخطف والقتل التي حولت حياة المواطن العراقي إلى جحيم، والملفت للانتباه أن من بين المئات من عمليات التفجير والقتل والخطف التي تحدث في بغداد لم نسمع عن وجود كردي واحد من بين الضحايا، يبدو أن بركات العناية الإلهية منزلة فقط لحفظ الأكراد من تلك العمليات أي أن الموت يطال كل الأجناس والطوائف إلا الأكراد. لقد بات الشعب العراقي على يقين من أن القيادات الكردية والمخابرات الإسرائيلية لهما اليد الطولى فيما يحصل في العراق.



3- نشاط القيادات الكردية على الصعيد الدولي:ـ لقد تجسد هذا النشاط من خلال تكريد السفارات العراقية وتسخير أنشطتها الدبلوماسية من اجل تهيئة أجواء سياسية دولية تدعم مشروعهم الانفصالي فضلا عن القيام بمنح جوازات سفر عراقية لأكراد تركيا وإيران وسوريا خصوصا المقيمين منهم في أوربا لتكون الغلبة العددية للأكراد في العراق عن بقية الدول المجاورة في الوقت الذي تقوم تلك السفارات بوضع العراقيل وإصدار القرارات التعجيزية لإقصاء العراقيين العرب من الحصول على وثائق تؤكد انتماآتهم الوطنية وهذه إجراءات عملية محسوبة من اجل تحقيق متغيرات جيوبولتيكية لها تأثيرات مستقبلية على الإحصائيات السكانية للمدن العراقية فضلا عن سياسة التهجير والتطهير العرقي التي تقوم بها قوات البيشمركة في مناطق متعددة من العراق، ناهيك عن الدور المشبوه الذي تلعبه المكاتب السياسية الكردية المعتمدة في دول مهمة من العالم لتمثيل إقليم كردستان ككيان سياسي مستقل على حساب سيادة العراق ووحدة أراضيه.



المحور السادس :ـ العقبات التي أدت الى تأخير إعلان الانفصال أما من حيث العقبات التي تمنع من إقامة الدولة الكردية في الوقت الحاضر على اقل تقدير، لابد من ذكرها بإسهاب وفق نفس الأبعاد والمؤشرات المذكورة أعلاه لان الكثير من أبناء العراق بات يتساءل عن أسباب تأخر إعلان الانفصال بالرغم من الشوط الذي قطع في هذا الاتجاه. فعلى الصعيد المحلي هناك مخاوف أمريكية من تقويض العملية السياسية في العراق حال حدوث الانفصال لان أمريكا ضمنت العراق من خلال الاحتلال والرموز التي جاءت بها واستعداد تلك الرموز إلى تنفيذ كل متطلبات ما مطلوب منها، والذي بيده الأصل لا يحتاج إلى الفرع والانفصال يعني هزة عنيفة للمشروع الأمريكي الذي جاء ببشائر الحرية والديمقراطية للعراقيين كما تروج له الإدارة الأمريكية في الوقت الحاضر على اقل تقدير وليس بالتجزئة والتقسيم، إلا أن عامل الزمن من وجهة نظر القيادات الكردية كفيل بتبديد تلك المخاوف لان التطورات السياسية في العراق تسير لصالح أجندة تلك القيادات خصوصا بعد انحسار هيمنة الولايات المتحدة على زمام الأمور لذلك نجدهم يتحينون الفرص المناسبة ويراهنون على الوضع الأمني وحالة الفوضى التي وصل إليها العراق كذريعة للتهديد بالانفصال إذا ما ساءت الأوضاع في بغداد وهذا ما أكده البرزاني بقوله ( في حال استمرار الفوضى والحرب الطائفية قد يجعلان استقلال كردستان أمراً مطلوباً) فضلا عن ظهور لاعبين كبار على الساحة العراقية أدى وجودهم إلى تحجيم دور الولايات المتحدة وفقدان سيطرة قواتها على الوضع الأمني والسياسي الذي بات ينذر بتعرض مشروعها في العراق إلى الفشل مما زاد من تعدد خيارات القيادات الكردية خصوصا بعد التغلغل الإيراني والتواجد الإسرائيلي الكثيف في الشمال العراقي الذي يمكن أن يعوضهم بدعم سياسي وعسكري عند احتمال أي انسحاب أمريكي مفاجئ لذلك نجد تلك القيادات تشجع نزعة الانفصال على مراحل تبدأ بانفصال السنة والشيعة جغرافيا مستغلة ازدياد حالة العنف الطائفي بين الطرفين والعمل على تغذيتها لتجعل من تقسيم العراق أمراً واقعاً على اعتبار أن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بالتقسيم وفي النهاية ستبدو المنطقة الشمالية في حالة عزلة من غير إبداء رغبة ظاهرية بالانفصال وان قرار مجلس الشيوخ الأمريكي قد جاء متناغما مع تلك الرغبة، لذلك ترى القيادات الكردية أن الظرف الحالي يقتضي استثمار عامل الزمن واستغلال ضعف الحكومة المركزية وانحسار قوة الموقف الأمريكي وتردي الأوضاع الداخلية للغرف من خيرات العراق وصبها في إقليم كردستان لبناء مقومات دولتهم المزعومة وتقوية دعائم بناها التحتية لان البقاء مع العراق في ظل أوضاعه الحالية قد يحقق فائدة اكبر من الانفصال الذي بات مضمونا بعدما عبّدت تلك القيادات الطريق بتشريع الفدرالية دستوريا ولم يبقَ إلا انتظار اللحظة الحاسمة ليقضي الله أمراً كان مفعولا. إما العقبات التي تواجه النشاط الانفصالي على الصعيد الإقليمي والدولي فإنه في حال تحقيق وعد بلفور أمريكي وإعطاء ضوء اخضر لإقامة دولة كردية في شمال العراق لا يزيد من حدة معارضة تركيا وسوريا له فحسب بل سيصعد من حدة الخلاف مع الولايات المتحدة التي بدورها لا تريد فتح ملفات جديدة تورطها أكثر من ما هي متورطة فيه وبالتالي سينعكس ذلك سلبا على مشروعها المسمى بالشرق الأوسط الكبير المطلوب تسويقه إلى دول المنطقة باعتباره مشروع أصلاح وليس مشروع تقسيم، وإذا ما حدث ذلك الانفصال حتما سينجم عنه تخلخلٌ كبيرُ في مصداقية أمريكا اتجاه القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية أكثر مما هي عليه اليوم، وبالتالي زيادة حالة الكره والعداء لها وربما سوف لن تكون بمنأى عن هستريا ضربات الجماعات المتطرفة. إلا إن القيادات الكردية تعتبر هذه العقبات معوقات مؤقتة يمكن تجاوزها بالرغم من التداعيات الإقليمية وتشابك المداخلات الدولية التي تحيط بالأزمة العراقية وذلك من خلال تواجد المستشارين الإسرائيليين في إربيل والسليمانية الذين يخططون للمنطقة وبيدهم خرائط مشروع الشرق الأوسط الكبير بالإضافة إلى أن تلك القيادات ليست بغافلة عن تلك التداعيات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط فإنها تضع في حساباتها ردود أفعال ومواقف دول المنطقة من الانفصال وفي مقدمتها تركيا وسوريا لذلك ترى القيادات الكردية أن بقاءهم مع العراق في الوقت الحاضر يحميهم من المواجهة مع تلك الجارتين وان الاحتماء بالعراق المحتل يعني الاحتماء بمظلة الاحتلال الأمريكي يعني الاستقواء بعضلات الأسياد، وبدلا من تحمل وزر تفجير قنبلة التقسيم يترك التنفيذ لأطراف اكبر ضمن ظروف أفضل خصوصا وأنهم يتمتعون بكل مميزات الانفصال باستثناء الإعلان عنه المهم في النهاية لهم الصافي لان دور تلك القيادات في المرحلة الحالية هو استغلال ضعف العراق للغرف من خيراته وتسخير قدراته من اجل تحقيق أهداف وأجندات حزبية ومصالح شخصية استغرق التحضير لها سنين طويلة، فأن المطلوب من وجهة نظرهم وقبل كل شيء هو إكمال مستلزمات بناء مؤسسات الدولة المنشودة وفي الوقت نفسه ممارسة نشاط إقليمي ودولي مكثف لإضعاف وتهميش الدور السياسي لتركيا وسوريا فيما يخص معارضتهما للانفصال ليتسنى الوصول إلى الهدف المنشود من سكات ومن غير إثارة ولا شوشرة تذكر وذلك من خلال السعي والتحضير لإبرام صفقة تطبخ على نار هادئة في منطقة كردستان بين أمريكا وإيران من جهة وإسرائيل وإيران من جهة أخرى الغاية منها تقسيم العراق إلى اقاليم باعتبار أن هذا التقسيم أصبح مطلب عراقي أمريكي إسرائيلي إيراني قبل أن يكون مطلب كردي خصوصا بعدما دفعت الولايات المتحدة ثمنا باهظا من جراء خطيئة الاحتلال وانحسار دورها السياسي والعسكري في العراق حتى باتت تفتش عن سيناريو يساعدها على الهروب ويرد لها ماء الوجه بعد هروب حلفائها من سفينتها الغارقة ولم يبق لها من خيار إلا الرضوخ للأمر الواقع والإذعان بقبول التقسيم خصوصا بعد أن ذاقت ذرعا من تصرفات عملائها في بغداد الذين بدورهم باتوا يباركون التقسيم بسبب عدم التمكن من الوصول إلى حلول توافقية لخلافاتهم، كما أن فشل المؤتمرات الإقليمية والدولية التي تعقد في كل زمان ومكان ولم يأتي ثمارها بحل رموز شفرة الأزمة العراقية وهذا ما يسعد القيادات الكردية باعتبار أن المشكلة العراقية أصبحت مستعصية على الجميع ولا فائدة ترجى منها غير التقسيم وبذلك يأخذ التقسيم مجراه برغبة إقليمية ودولية والطبخة جاهزة ومفاتيح الحل بيد اللاعبين الكبار المشار إليهم في أعلاه باعتبارهم الأطراف الرئيسيين في تلك الصفقة التي باتت تسير بخطى ثابتة ومدروسة وفق ما مرسوم لها وعلى مرام استراتيجية وأجندة القيادات الكردية وان تحذيرات الزيباري في مؤتمر بغداد الثاني بمثابة رسالة موجهة إلى الدول المجاورة الغير معنية في الصفقة المشار إليها آنفا والمقصود بها تركيا وسوريا وقسم من الدول العربية المصنفين كطرف خصم في القضية العراقية وينظر إليهم بعين الشك ودائما تثار ضدهم اتهامات مسلسل تسلل الإرهابيين من أراضيهم باستثناء إيران طبعا لان رئيس الوزراء العراقي أشاد بدورها في حفظ الأمن بالعراق على هامش المؤتمر المذكور باعتبار أن القادمين من إيران مستشارين في القتل والتعذيب وليسوا إرهابيين، وعلى هذا الأساس ستقف كل من تلك الدول عاجزة عن معارضتهم للتقسيم لان تركيا تعاني من ظروف سياسية واقتصادية لا يحسد عليها حسب اعتقاد تلك القيادات كما مبين في أعلاه لذلك تعمل القيادات الكردية على استثمار هذه الظروف للتعجيل في الاستحواذ على كركوك وضمها إلى إقليم كردستان قبل إعلان التقسيم لإسقاط ورقة التوت من جعبة الأتراك حتى لا تكون هناك حجة لتركيا تستوجب المواجهة لو تم التقسيم، أما سوريا التي سئمت من اسطوانة التدخل في الشؤون الداخلية للعراق فإنها محصورة بين فكي كماشة الضغوط الأمريكية من جهة والإسرائيلية من جهة أخرى لذلك فهي غير قادرة على مواجهة صفقة أمريكا وإسرائيل طرفين فيها وليس من المعقول نسيان ما حل بها في لبنان خصوصا وان حليفتها إيران لاعب رئيسي في تلك الصفقة لان تقسيم العراق بالنسبة لإيران حلم عجزت عن تحقيقه في حرب الثمان سنوات وبذلك سوف لن ينفع سوريا سياسة اللعب على الحبال والقفز على التناقضات مهما حاولت، وبالتأكيد سينسحب عجز هاتين الدولتين على الدول العربية لأنها غارقة في نومها وصامتة في خوفها من العصي الأمريكية، وعليه يمكن اعتبار جولات الحوار الأمريكي الإيراني في بغداد خطوة أولى باتجاه تلك الصفقة التي أعقبتها الخطوة الثانية المتمثلة بالتحالف الرباعي بين الحزبين الكرديين وحزب الدعوة والمجلس الأعلى لان من واجبات هذا التحالف تنفيذ الخيارات الأمريكية والصهيونية والإيرانية الرامية لتقسيم العراق والتي تتماشى مع خيارات تلك الأحزاب التي باتت تفصح عن تطلعاتها في إقامة دولة كردية في الشمال ودولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط وعندما يتحقق ذلك سوف ينأى الأكراد عن تحمل وزر جريمة التقسيم لوحدهم.



المحور السابع:ـ موقف الشعب الكردي من تصرفات قيادة الحزبين الكرديين لم يعد خافيا على احد معالم هذا المشروع العنصري الانفصالي الذي تروج له قيادات عملت على توريث الأحقاد من جيل إلى جيل من اجل مصالح شخصية وإثنية وعرقية لأحزاب ثبت حقدها على العراق وشعبه مما جعل القوى الخيرة في العالم تتصدى لهذا المشروع العنصري الانفصالي وأولها الشعب الكردي الذي بات يحس بالنار الذي تلعب به قيادات تلك الأحزاب من اجل بناء إمبراطوريات شخصية على حساب دماء آلاف من بسطاء الأكراد المغرر بهم الذين تم استغلال سذاجتهم وولائهم القبلي للمتاجرة بأرواحهم وزجهم في وديان الموت بين سلاسل الجبال سنين طويلة من التمرد والعصيان ليصل تجار الحروب إلى ما وصلوا إليه اليوم من مناصب وثروات وشركات وأرصدة في مختلف بنوك العالم وفلل وقصور وجوازات سفر وجنسيات متعددة، لذلك تيقنت القوى الكردية الشريفة بالزيف الذي تدعيه تلك القيادات وأعلنت مواجهتها وتصديها للمشروع الانفصالي وتضامنها مع الدول والشعوب والمنظمات الإقليمية والدولية والقوى الخيرة في العالم الرافضة لتقسيم العراق والعمل على وحدة أراضيه لان التطلعات الخارجة عن الاستحقاق حتما ستؤدي إلى عواقب وخيمة وسوف لن يدفع ثمنها العراق وحده بل ستعصف بالمنطقة كلها لان تصرفات وطموحات القيادة الكردية تعدت حدود العراق وأدت إلى فتح شهية تركيا وإيران للتدخل في الشأن العراقي والخاسر الأكبر سيكون العراق وشعبه. وأخيرا لابد من الوقوف على حقيقة يعترف بها الجميع إن الحيف والظلم والابتزاز الذي أصاب الشعب الكردي من قبل قيادات تلك الأحزاب لا يقل عن الحيف والابتزاز والانتقام الذي تمارسه تلك القيادات على العرب والطوائف الأخرى في مناطق شتى من العراق بسبب ضعف الدولة العراقية الجديدة، وقد ثبت للعالم اجمع أن تلاحم وحدة الشعبين العربي والكردي نابع من حليب الأرض التي أرضعتهم وحياتهم مرهونة بالقبضة الواحدة التي تحميهم من مخاطر الانزلاق وراء الفتن العنصرية والطائفية. كما ثبت للعالم اجمع إن شعلة حضارة وادي الرافدين لن يطفئها لصوص جاءوا مع المحتل للعبث في العراق والانتقام من شعبه ونهب ثرواته، وان عروبة العراق لن تمحيها خطوط صفراء على خرقة بيضاء يسمونها علم كردستان. فإذا كان الانفصال خيار سياسي للقوى الكردية، فإن وحدة ارض العراق خيار وطني وديني وأخلاقي في أعناق كل العراقيين وبالأخص العرب والأكراد لان الأكراد أهلنا وجزء من أنسابنا لهم ما لنا وعليهم ما علينا. alal_barakat1@hotmail.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
الدور الأميركي: الحاضر الغائب في الأزمة الكردية – التركية

نقولا ناصر
براعم التحرير

- لقد استبدل قادة كرد العراق عمقهم الإقليمي بحليف أميركي بعيد غريب استقدموه عبر المحيطات لمناصبة عمقهم الطبيعي العداء.

- وقعت القيادات الكردية العراقية في الفخ الأميركي الذي داعب الطموحات القومية للأكراد لأسباب تكتيكية لا علاقة لها بهذه الطموحات.

- الغازي الأميركي الذي يسعى إلى تقسيم العراق من أجل ضمان بقائه فيه لن يتردد في تقسيم الأكراد للهدف ذاته)

- لماذا يغمض الاحتلال الأميركي للعراق عينيه عن تواجد منظمات يصنفها القانون الأميركي نفسه إرهابية في منطقة عملياته ؟.






تكشف تطورات الأزمة الكردية التركية أن تحالف الكرد العراقيين مع الاحتلال الأميركي للعراق يقود تدريجيا إلى نتائج معاكسة للأهداف التي كانوا يتوخونها من هذا التحالف الذي يخير قادتهم الآن بين الموافقة على شق صفهم القومي بتقسيم واشنطن للتنظيمات الكردية القومية إلى "إرهابية" وغير إرهابية وبين الاختلاف معها على هذا التصنيف وبالتالي مواجهة المضاعفات الإقليمية والأميركية لرفض شق الصف الكردي بتصنيفات مماثلة . وتحاول الإدارة الأميركية حاليا المناورة للحيلولة دون وقوع حرب بين حلفائها الكرد العراقيين والأتراك ، حرب إن وقعت فإنها تهدد بفتح جبهة جديدة تزيد من المصاعب التي يواجهها مشروع الاحتلال الأميركي في العراق من جهة وتهدد من جهة أخرى ركنا أساسيا من أركان هذا المشروع في كردستان العراقية . ولكي تحمي النموذج الناجح لتقسيم العراق على أسس عرقية وطائفية ، المتمثل في "واحة الأمن والأمان" الكردية التي كانت واشنطن ترعاها منذ عام 1991 في كردستان العراقية ، من اجتياح عسكري تركي يتهدده ، وصلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى أنقرة يوم الجمعة الماضي لتسوق حلا "دبلوماسيا" يقوم على تقسيم الأكراد إلى "إرهابيين" تقف واشنطن إلى جانب أنقرة ضدهم و"غير إرهابيين" تطلب واشنطن من أنقرة الوقوف إلى جانبها في دعمهم من أجل نزع فتيل حرب كردية – تركية بين حلفائها في شمال العراق ، حل ينقذ كرد العراق من نتائج قرار وافق عليه البرلمان التركي بحسم عسكري ينهي مشكلة تحويل كردستان العراق إلى قاعدة لعمليات رجال العصابات الأكراد ضد تركيا . لكن زيارة رايس لأنقرة ثم مشاركتها في اجتماع إسطنبول تسلطان الأضواء أولا على الدور الأميركي في تفجير الأزمة الكردية التركية الراهنة وثانيا على مدى الأهمية التي توليها واشنطن لنزع فتيل هذه الأزمة . واستنفرت واشنطن أمين عام الأمم المتحدة بان كي-مون ومسئول السياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي خافير سولانا لحضور مؤتمر اسطنبول لدعم حلها "الدبلوماسي" ، مما يشي بمدى الخطر الذي تستشعره واشنطن على مشروع احتلالها للعراق من احتمال اندلاع حرب كردية – تركية . لقد أعلنت رايس في أنقرة أن حزب العمال الكردستاني التركي "بي كيه كيه" المصنف "منظمة إرهابية" في واشنطن هو "عدو مشترك" للولايات المتحدة وتركيا والعراق ، والغريب أن جلال طالباني ومسعود بارزاني وغيرهم من قادة الكرد العراقيين ، الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها احتجاجا على توجه مماثل لحكومة نوري المالكي في بغداد لأنه لم يستشرهم في هكذا توجه ولأنه بعث وزير داخليته إلى أنقرة ليوقع اتفاقا معها في هذا الإطار "من وراء ظهورهم" ، لم يجدوا ما يقولونه اعتراضا على تصريحات رايس أو تأييدا لها . قالت رايس إن "لدينا عدو مشترك ونحن بحاجة إلى مقاربة مشتركة" وأضافت: "لا ينبغي لأي كان أن يشك في التزام الولايات المتحدة بهذه القضية" . غير أن ثقة الأتراك في أدنى درجاتها في جدية واشنطن . فقد أظهر استطلاع أخير للرأي أجرته مؤسسة "صندوق مارشال الألماني" بأن 11 في المائة فقط من الأتراك لهم وجهات نظر "إيجابية" في الولايات المتحدة ، وكان أحد الأسباب الرئيسية التي أوردها الاستطلاع للعداء الواسع لأميركا في تركيا عدم استعداد واشنطن للضغط على "حليفها" مسعود البرزاني لكي يوقف الهجمات "الإرهابية" التي يشنها ال"بي كيه كيه" على تركيا انطلاقا من أراضي حكومة إقليم كردستان العراق . ويتهم الأتراك واشنطن ب"الازدواجية" في موقفها من الإرهاب . إن تطورات الأزمة الكردية – التركية قد أوصلت انعدام الثقة التركية في "جدية صدق الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب" إلى "نقطة افتراق" كما قال كاتب تركي (شينك سيدار في الثاني من الشهر الجاري) . ولا بد أن تكون ازدواجية واشنطن هذه على جدول أعمال اللقاء القريب في الخامس من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي جورج دبليو. بوش ، وكان أردوغان يوم الثلاثاء الماضي قد صرح بأن مستقبل العلاقات الثنائية سوف يتأثر سلبا أو إيجابا نتيجة لهذا اللقاء ، وبالتأكيد أن قرار الاجتياح العسكري التركي لقواعد البي كيه كيه في شمال العراق سوف يتحدد أيضا نتيجة للقاء .
إرهاب ترعاه أميركا في العراق

وفي معمعة الحرب الكلامية الدائرة حاليا بين الأتراك والأكراد ووسط لعلعة الرصاصات الأولى في القتال بين الطرفين تكاد تضيع حقيقة أن الصاعق الذي فجر الأزمة الراهنة كان أميركيا ويغيب عن طرفي الأزمة أن العامل الأميركي ، الذي يحرص على بقاء الأضواء بعيدة عنه ، هو الغائب الحاضر في هذه الأزمة . لقد اجتمعت دول الجوار العراقي في اسطنبول في الثاني من الشهر الجاري لتغرق في تفاصيل الأزمة الكردية التركية بينما كان ينبغي أن يكون على جدول أعمالها بند واحد فقط هو مسؤولية القوة الأميركية المحتلة للعراق عن الفوضى الإقليمية غير الخلاقة التي أعقبت احتلالها للجار العربي المسلم نتيجة لتحول الولايات المتحدة إلى أكبر دولة حاضنة للإرهاب داخل العراق في العالم .



هل هناك مبالغة؟



لنلجأ إذن إلى تفصيل موجز للمنظمات التي تمارس الإرهاب تحت مظلة الاحتلال الأميركي في العراق . فقد استدرجت واشنطن إلى داخل العراق منظمة القاعدة التي يصنفها القانون الأميركي نفسه بأنها إرهابية ، كي تتخذ منها قميص عثمان يسوغ للإدارة الأميركية أمام شعبها المعارض للحرب على العراق استمرار إبقاء قواتها فيه من ناحية ولكي تشوه صورة المقاومة الوطنية العراقية بالخلط المدروس بينها وبين القاعدة من ناحية أخرى . كما احتضنت واشنطن منظمات يصنفها القانون الأميركي أيضا بأنها إرهابية لكنها كانت موجودة قبل الاحتلال إما بحكم الأمر الواقع مثل حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) التركي أو بموافقة رسمية مثل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ، دون أن يفسر الاحتلال الأميركي للعراق لماذا يغمض عينيه عن تواجدهما في منطقة عملياته ولماذا لا يطبق القانون الأميركي بحقهما ولا يوجد أي تفسير لذلك سوى قرار براغماتي باستخدامهما لهذا الغرض أو ذاك ضد الجوار العراقي . وحولت واشنطن احتلالها العسكري إلى حاضنة لمنظمات طائفية تكاثرت كالفطر في البيئة الأميركية المواتية لكي تمارس الإرهاب والتطهير المذهبي لكن بدل أن تدرجها الإدارة الأميركية في قائمتها للجماعات الإرهابية كافأت قياداتها السياسية بتسليمها مقاليد الحكم المحمي بقوات احتلالها في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية . ثم أنشأت واشنطن منظمات إرهابية للعمل ضد إيران مستغلة العامل القومي داخل العراق لدى الأكراد والعرب على حد سواء ومستغلة أيضا العامل ذاته في أوساط العرب والأكراد الإيرانيين إضافة إلى ما لدى هؤلاء من تظلمات ومآخذ على النظام الإيراني ، وهكذا لجأت واشنطن إلى خلط الأوراق في أوساطهم لتشوه كذلك نضالهم من أجل إزالة هذه التظلمات ، فبات المراقب يسمع عن عمليات إرهابية داخل إيران تنسب إلى حركات وطنية أصيلة بين عرب إيران وأكرادها . يقول ريس إيرليش الصحفي والمنتج الإذاعي المستقل ومؤلف كتاب سيصدر قريبا بعنوان "أجندة إيران: القصة الحقيقية لسياسة الولايات المتحدة وأزمة الشرق الأوسط" في تقرير له نشره في "موذر جونز" مؤخرا إن مصادر كردية وأميركية أكدت له أن الولايات المتحدة تدعم غارات يشنها "رجال عصابات ضد إيران ، وتمدهم بالمال عبر منظمات داخل كردستان العراقية" ، ويضيف ، كما نقلت عنه "تيركيشويكلي. نيت" في 28 الشهر الماضي: "عندما كنت في شمال العراق تأكدت بأن ذلك النوع من النشاط مستمر من الأراضي العراقية الخاضعة للسيطرة الكردية" . وفي تعليق له على نفي حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الأميركية لوجود رجال عصابات كهؤلاء قال إيرليش إن مكالمتين بالهاتف النقال والذهاب بالسيارة إلى الجبال تكفي لدحض نفي علم الحكومتين بوجودهم . وتحقق إيرليش بنفسه من وجود معسكرات لل"بي كيه كيه" ول"حزب الحياة الحرة لكردستان" (بي جيه إيه كيه) التابع له للعمل في إيران . وأضاف أن ال"بي كيه كيه" قبل حوالي سنتين انقسم إلى أربعة أحزاب يعمل كل منها في العراق وتركيا وإيران وسوريا لكن الأحزاب الأربعة هي في الأساس جزء من التنظيم الأم ، لكن الولايات المتحدة لا تعترف بالفرع التركي بسبب علاقات واشنطن الإستراتيجية مع أنقرة ، ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي "الناتو" ، غير أنها تدعم الفرع الإيراني لل"بي كيه كيه" . ولا بد أن تكون ازدواجية واشنطن هذه على جدول أعمال اللقاء القريب في الخامس من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي جورج دبليو. بوش ، وكان أردوغان يوم الثلاثاء الماضي قد صرح بأن العلاقات الثنائية سوف تتأثر سلبا أو إيجابا نتيجة لهذا اللقاء ، وبالتأكيد أن قرار الاجتياح العسكري التركي لقواعد البي كيه كيه في شمال العراق سوف يتحدد أيضا نتيجة للقاء . والجدير بالذكر أنه لم يكن في العراق من الإرهاب قبل الاحتلال عام 2003 إلا الإرهاب الأميركي وسوى عمليات متفرقة لا قيمة لها كانت تقوم بها فصائل "المعارضة" العراقية التي تمولها وتدربها السي آي إيه .
صدمة لمعارضي الحرب الأميركان
إن عشرات الآلاف من الأميركيين الذين خرجوا إلى شوارع مدن سان فرنسيسكو ولوس انجيلوس ونيويورك وشيكاغو وبوسطن وفبلادلفيا وسياتل وعشرات أخرى من المدن الأميركية للتظاهر في الأسبوع الماضي ضد استمرار الحرب التي تشنها حكومتهم على العراق ولمنع وقوع الحرب التي تعد إدارتهم لها على إيران لا بد وأن يفاجئوا بحرب لم تكن في حسبانهم يتم الحشد لها حاليا بين حلفاء أميركا الأتراك والأكراد فوق الأرض العراقية نفسها التي تحتلها القوات الأميركية ، نتيجة للمغامرات العسكرية والحسابات الخاطئة والسياسات الخرقاء لإدارة رئيسهم جورج دبليو. بوش التي تدفع شعوب الشرق الأوسط أولا ثم الشعب الأميركي ثمنها من دماء أبنائهم . وربما سوف يصاب بعضهم بالصدمة لمدى اتساع العداء لبلادهم حتى لدى شعوب تربطها بها علاقات تاريخية وإستراتيجية عريقة وتاريخية ، كما هو الحال في تركيا . صحيح أن لحوالي ثلاثين مليون كردي موزعين على دول المنطقة -- التي انبثقت عن هزيمة الدولة الإسلامية العثمانية أمام الحلفاء الغربيين في الحرب العالمية الأولى -- مشاكلهم السياسية مع هذه الدول التي كانت تنفجر عنفا ودما بين وقت وآخر بسبب طموح الأكراد إلى إنشاء دولة قومية لهم لأول مرة في التاريخ وبسبب معارضة الدول التي يتوزعون مواطنين فبها لهذا الطموح . لكن صحيح أيضا أن واشنطن -- التي تثقف مواطنيها لكي يفخروا ب"بوتقة الصهر" الأميركية التي تذيب الفوارق بين شتات القوميات والجنسيات والأعراق واللغات للمهاجرين إليها من أصقاع الكرة الأرضية الأربع – قد سعت عامدة متعمدة إلى تدمير المصهر العربي الإسلامي الذي كان يوحد العراقيين ، الذين لم يهاجروا إلى العراق بل كانوا أهله الأصلاء طيلة آلاف من السنين ، عربا وكردا ، شيعة وسنة ، مسيحيين ومسلمين ، علمانيين ومتدينين ، في سعيها لإسقاط النظام الوطني ذي الطموح القومي الذي كان يقوده الرئيس الراحل صدام حسين .



ولأن المصهر العربي الإسلامي الموحد للعراقيين كان الهوية الأعرق والأقدم من أي نظام سياسي أو حاكم في بغداد ، لم يجد الغزو فالاحتلال الأميركي مناصا من تدمير الدولة العراقية وتفتيتها إلى دول ، "فدرالية" أم غير فدرالية لا فرق ، تمهيدا لتفتيت كل منها إلى أقليات قومية أو دينية أو طائفية تتنازع على النفوذ والثروات وتستقوي على بعضها البعض بطلب الدعم الأجنبي الطامع فيها جميعا ، لأن هذه هي البيئة السياسية الوحيدة التي تتيح لأي قوة أجنبية غازية أو محتلة ممارسة سياسة "فرق تسد" لضمان استمرار وجودها ، ولأن الوحدة الوطنية هي النقيض الأكيد لأي وجود كهذا . ووجد الاحتلال الأميركي للعراق سابقة له في الاحتلال الإسرائيلي الذي يصف الشتات القومي والعرقي واللغوي للمستوطنين الغزاة بصفة "اليهودي" بهدف توحيد هذا الشتات -- تماما كما يحظر القانون الأميركي وصف أي متجنس من المهاجرين المستوطنين بغير كونه أميركيا للهدف ذاته -- بينما "يعدد" هوية الشعب الخاضع للاحتلال إلى "مسلم" و"مسيحي" و"درزي" و"بدوي" وإن كان في المصطلحات الوصفية العامة يصفهم جميعا بأنهم "عرب إسرائيل" ليس لأنه حريص على هويتهم القومية العربية بل لأنه يريد استخدام "عروبتهم" لينزع عنهم هويتهم الوطنية الفلسطينية تمهيدا لإبعاد من تبقى منهم نحو "أشقائهم" العرب حين تسنح الفرص لتبقى فلسطين خالصة للشتات الموحد في هويته "اليهودية" . وكان "الخيار الكردي" هو المدخل الأميركي الأسهل ، لأسباب غنية عن البيان ، لقلب "المصهر" العربي الإسلامي على رؤوس كل المستفيدين منه والمستظلين بثقافته التعددية الأصيلة المجربة عبر قرون طويلة من الزمن والتي جاء الإسلام ليرسخ هذه التعددية بالنص في القرآن الكريم على التعددية الدينية في عقيدة الإسلام نفسه في زمن امبراطوريات كانت تقيم "محاكم التفتيش" لمن يختلفون معها في المذهب ، ناهيك عمن اختلفوا معها في الديانة . ومنذ فرض سلاح الجو الأميركي منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه عام 1991 زرعت واشنطن بذرة الأزمة ، بل الأزمات ، ليس بين كردستان العراق وبين تركيا فقط بل بين أكراد العراق وبين مواطنيهم العراقيين الآخرين أولا ثم بينهم وبين جيرانهم الآخرين في إيران وسوريا ، البلدين اللذين كان كرد العراق يجدون فيهما ملجأ ومنهما دعما طوال نزاعهم مع السلطة المركزية في بغداد ، بغض النظر عن النظام الحاكم في العاصمة العراقية .



فخ أميركي



لقد وقعت القيادات الكردية في الفخ الأميركي الذي داعب الطموحات القومية للأكراد لأسباب تكتيكية لا علاقة لها بهذه الطموحات ، واهمة في قدرتها على استغلال "الورقة الأميركية" ، كما حاول أسلافها استغلال "الورقة الإسرائيلية" ، للاستقواء بها ولو إلى حين ضد مواطنيها العراقيين كما ضد الدول الإقليمية المعارضة لحق القومية الكردية في تقرير المصير ، وغابت عن هذه القيادات الأهداف الحقيقية لهذه "المداعبة" الأميركية . لقد لعبت القوى الإقليمية ب"الورقة الكردية" في صراعاتها ومنازعاتها لفترة طويلة كان ينبغي أن تكون كافية لكي تتعلم القيادات الكردية بعامة والكردية العراقية بخاصة الدرس لكي لا تزج شعبها مرة أخرى في أتون هذه الصراعات والمنازعات ، لكنها بدلا من ذلك اختارت أن تقحم شعبها في مغامرة تاريخية لم يعد من الممكن فيها التفريق بين مصير القوات الأميركية الغازية وبين مصير أكراد العراق ، لأن الصراع الدائر في العراق هو صراع وجود بين الشعب العراقي وبين قوات الغزو ، ولأن دروس التاريخ تقول بوضوح أن كل احتلال أجنبي إلى زوال ومع ذلك اختارت القيادات الكردية العراقية الرهان على الحصان الأميركي الخاسر بصورة مؤكدة طال الزمن أم قصر . وسوف يكتشف الأكراد العراقيون ، عاجلا لا آجلا ، الفخ القاتل الذي أوقعهم قادتهم فيه بدعوة الغازي الأميركي إلى احتلال بلدهم وشعبهم وبتحويل موطنهم إلى قاعدة ارتكاز لهذا الغزو وبتقديم أبنائهم وقودا متطوعا لخدمة الغزو والاحتلال بينما جنود الغزو أنفسهم وما يقل قليلا عن تعدادهم من "المتعاقدين الأمنيين" إنما يلتحقون بالقوات الغازية على أساس "الارتزاق" لا على أساس "الخدمة العسكرية الوطنية" في جيش بلادهم ، لكن بعد أن يدفعوا الثمن فادحا من دماء أبنائهم . لقد استهدف الأميركيون تحقيق عدة أهداف من مداعبة الطموح القومي للأكراد . فهم أولا أرادوا استخدام كردستان العراق قاعدة عسكرية للحشد والتعبئة والتجسس لغزو العراق فاحتلاله ، وهو ما حدث فعلا ، وأرادوا ثانيا طابورا خامسا عراقيا يسهل مهمتهم ، وقد وجدوا للأسف في "البشمركة" قوة جاهزة "تحت الطلب" لخدمتهم وخدمة النظام الموالي لهم الذي ما زالوا يحاولون إخراجه من حصاره في المنطقة الخضراء في بغداد ، دون نجاح بعد أكثر من أربع سنوات دموية من الاحتلال. ومثلما يحاولون فعله الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، حيث يسعون إلى ترويض المقاومة الشعبية للاحتلال الإسرائيلي بتعميق الفرقة بين أبناء الشعب الواحد عن طريق دعم منطقة تكون مثالا للأمن والاستقرار والازدهار لمن يسعون إلى السلام مع الاحتلال في الضفة الغربية بينما يفرضون حصارا خانقا وعقوبات جماعية على منطقة أخرى في قطاع غزة تكون مثالا وعبرة لمن يرفض السلام بشروط الاحتلال ، ومثلما يفعلون على نطاق أوسع بالطريقة نفسها مع الأنظمة العربية المتساوقة أو المعارضة لمخططاتهم الإستراتيجية للهيمنة الإقليمية ، سعى المحتلون الأميركيون ثالثا ، حتى قبل الغزو ، إلى تأهيل كردستان العراق لكي تكون مثالا للأمن والاستقرار والازدهار لمن يتعاونون مع الاحتلال تشجع الأقليات العرقية أو الطائفية العراقية الأخرى على الاقتداء بها .



فشجعوها على قطع صلاتها الإدارية والسياسية والوطنية وحتى اللغوية مع المركز العراقي ومع بقية أطراف هذا المركز على حد سواء ، "مداعبين" الطموح القومي الكردي ، حد أن توهم قادة أكراد العراق أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من حلمهم في الانفصال فالاستقلال ، وحد أن تأخذهم العزة بالإثم الوطني العراقي إلى البدء في تنفيذ أطماع إقليمية تقتطع من الوطن الأم مناطق يضمونها إلى كردستان "المستقلة" بحكم الأمر الواقع الأميركي حاليا بانتظار الفرصة السانحة لإضفاء صفة قانونية وشرعية دولية على هذا الاستقلال المرجو . ورابعا استهدف الغازي الأميركي استغلال الوضع الناجم عن مداعبته لطموحات كرد العراق القومية كاحتياطي استراتيجي يستخدمه ضد دول الجوار التي لا تتساوق مع مخططات الهيمنة الإقليمية الأميركية . لقد نجح الإعلام الأميركي وتواطؤ قادة كرد العراق معه في حجب الأسباب "الأميركية" الكامنة وراء قيام إيران أواخر شهر أيلول / سبتمبر الماضي بإغلاق معابرها الحدودية الخمسة مع كردستان العراقية بعد فترة شهدت قصفا مدفعيا إيرانيا لقرى كردية عراقية حدودية . إن التصريحات الأميركية الرسمية عن اعتقال ضابط في فيلق القدس الإيراني في محافظة السليمانية وقبل ذلك اعتقال دبلوماسيين إيرانيين في المنطقة الكردية ، بتهمة التجسس أو دعم "الإرهاب" ، قد ضللت المراقبين بعيدا عن تسليط أضواء الإعلام على الأسباب الحقيقية للإجراء الإيراني ، تماما مثلما يجري حاليا التعتيم على الأسباب "الأميركية" للأزمة الكردية – التركية . وكان الدعم الأميركي خارجيا و"الفدرالية" ، التي يحاول الغزاة إنجاحها كنظام في العراق ، داخليا هما ركيزتا "الوهم" الذي يراود قادة كرد العراق ، وهم لم يخفف من سرابه تعثر مشروع الاحتلال بفضل المقاومة المتنامية له والمعارضة الوطنية الواسعة للفدرالية بفضل الوعي الوطني العراقي الذي أدرك منذ البدء أن الفدرالية هي المدخل لتقسيم الوطن .



تآخي القوميتين ثابت وطني



وكان لا بد للعامل الإقليمي أن يتفاعل كي تغلق إيران مؤخرا حدودها مع كردستان العراق وكي تحشد تركيا عسكريا لاجتياح هذه الحدود لكي يبدأ قادة كرد العراق في ترشيد الوهم الذي يحاولون بيعه لشعبهم . إن استغاثاتهم للوطن الأم -- من أجل أن يهب لنجدتهم ، وحثهم شعبهم العراقي على هذه النجدة ، ويا للمفارقة ، باسم الدفاع عن الوطن ، وهو الوطن نفسه الذي يسعون إلى الاقتطاع منه والذي استقدموا الغازي الأميركي علنا لتقطيعه -- قد بدأت تعيد شعبهم إلى وعيه الوطني أمام الخطر المحدق عبر الحدود مع الجيران الإيرانيين والأتراك والسوريين ، هؤلاء الجيران الذين طالما ناور أولئك القادة على المنازعات بينهم في صراعهم مع الحكم المركزي في بغداد . إن غرق قوات الاحتلال الأميركي في مستنقع المقاومة الوطنية وعجزها عن السيطرة حتى على بغداد حتى الآن يجعلها أعجز من أن تخصص ولو بعض جهدها العسكري لطمأنة حليفها التركي على حدوده المشتركة مع العراق . أما "وعد" رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بضبط هذه الحدود فإنه لا يعدو كونه جعجعة دون طحن فحكومته التي تعلن حاجتها لبقاء قوات الاحتلال من أجل حمايتها حتى يشتد عودها هي حكومة بلا أسنان عاجزة حتى عن ضبط أمن المنطقة الخضراء المحاصرة فيها . وبالتأكيد ليس للإيرانيين أي مصلحة في المغامرة بمصالحهم المتنامية مع جارهم التركي من أجل حماية قادة أكراد حولوا مناطقهم إلى قاعدة أميركية للتآمر على إيران . وكانت تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد بعد زيارته الأخيرة لأنقرة كافية لكي لا يتوقع قادة كرد العراق أي نجدة تأتيهم من جارهم السوري . لقد عزل قادة كرد العراق شعبهم عن عمقه الجيوبوليتيكي الذي كان تاريخيا عونا لهم وملجأ على قاعدة التآخي العربي الكردي والتآخي الكردي الإسلامي واستبدلوه بحليف بعيد غريب استقدموه عبر المحيطات والبحار لمناصبة عمقهم الطبيعي العداء بينما الجوار الأميركي الجنوبي المباشر لهذا الحليف تعلم بعد تجارب مريرة ألا يثق في التحالف مع جاره الأميركي الشمالي . وها هي السياسة الخارجية ألأميركية الخرقاء في الشرق الوسط بعامة وفي العراق بخاصة تحاصر الأكراد العراقيين بخطر محدق يأتيهم من الشمال التركي دون أي معين وطني أو إقليمي لهم ودون أن يكون الحليف الأميركي قادرا على نجدتهم .
والمفارقة أن الخطر المحدق عبر الحدود الشمالية قد بدأ يعيد إلى وعي الكرد العراقيين بعضا من ذاكرتهم الوطنية التي كاد يغيبها "غسيل الدماغ" الأميركي والأوهام التي يحاول قادتهم بيعها لهم ، لكي يتذكروا الآن ، على سبيل المثال ، بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين هو الذي أنقذ الرئيس الحالي ل"إقليم كردستان العراق" مسعود البرزاني من تحالف خصمه جلال طالباني ، الرئيس الحالي للعراق ، مع إيران قبل سنوات للإطاحة به وبحكمه العائلي المتوارث ، ولكي يتذكروا كذلك بأن بيان 11 آذار / مارس 1970 التاريخي كان أول اعتراف على الإطلاق بالقومية الكردية وحقها في الحكم الذاتي وممارسة حياتها وثقافتها بلغتها في مواطنها داخل الوطن العراقي ، اعتراف ما زالت كل الدول الإقليمية التي تتواجد فيها هذه القومية عاجزة حتى عن الوعد بمثله في أي وقت منظور ، اعتراف قدمته قيادة قومية عربية من مركز قوة وثقة بالأخوة والمصير العربي الكردي التاريخي المشترك الذي رسخه الإسلام حد أن يتحول صلاح الدين الأيوبي الكردي في الوعي القومي العربي رمزا قوميا عربيا .إن القيادات القومية العربية في العراق ، وفي مقدمتها البعثيون ، ظلت وفية لهذه الأخوة التاريخية بالرغم من دور قادة كرد العراق المتواصل في محاولات تجريد الوطنية العراقية من عمقها العربي الإسلامي ، لأن المصير المشترك للقوميتين المتآخيتين من الثوابت الوطنية بينما كل الأنظمة وقادتها إلى زوال ، وكذلك كل احتلال إلى زوال ، والاحتلال الأميركي للعراق ليس استثناء . أما الغازي الأميركي الذي يسعى إلى تقسيم العراق من أجل ضمان بقائه فيه لن يتردد في تقسيم الأكراد للهدف ذاته . فها هي رايس تفرق بينهم فتصنف بعضهم إرهابيين يمثلون "عدوا مشتركا" لبلادها وتركيا كما قالت في أنقرة و"غير إرهابيين" ، ومما لاشك فيه أن الرئيس الكردي للعراق جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني لا يتفقان معها في هذا التصنيف لأنهم إن فعلوا سيكون كمن يطلق النار على قدميه . إن رايس تحاصرهما بين الموافقة على تصنيفها وبالتالي فقدان مصداقيتهما "القومية" أمام أبناء جلدتهما وبين الوقوف مع الوحدة "القومية" للأكراد وبالتالي مواجهة القرار التركي بالحسم العسكري للأزمة . وفي الحالتين الخاسر الوحيد الرئيسي هم الأكراد العراقيون .

nicolanasser@yahoo.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
المطالبة بنقل ملفَّات العراق إلى مجلس الأمن... دعوات منحرفة وعقيمة
سعد داود رياقوس

براعم التحرر

العلاقة بين مجلس الأمن وشعب العراق لا تختلف في طبيعتها عن تلك التي تربط السفَّاح بضحيَّته بكلِّ ما تحمله من عناصر الجريمة والظلم والاستغلال. قائمة الجرائم التي شارك المجلس في ارتكابها بحقِّ شعبنا طويلة ومتنوِّعة. وتفاصيل تواطئه مع واشنطن على خلق مسوِّغات لشنِّ حروب الإبادة على شعب العراق، وتوفير الغطاء القانوني لها موثَّقة ومشَّخصة. لكن وضوح تفاصيل التاريخ الدموي للمجلس ومساهمته في تدمير لم هياكل العراق السياسيَّة والاجتماعيَّة لم يمنع بروز دعوات "عراقيَّة " لمنحه دورًا حيويًّا في تصفية حسابات الاحتلال ووضع أسس النظام السياسي لعراق مرحلة ما بعد الاحتلال.

فلا غرابة إذًا في تباين المواقف من دور مجلس الأمن وأهمِّيَّته. ولا غرابة في رفض غالبيَّة القوى والشخصيَّات الوطنيَّة العراقيَّة المناهضة للاحتلال منح المجلس دورًا في الشأن العراقي بصرف النظر عن حجم هذا الدور وشكله. هذا التباين، يتجاوز حدود الاختلاف التقليدي في الاجتهادات السياسية ليشكِّل أحد أهمِّ معايير الالتزام بثوابت العراق الوطنيَّة، وبرنامج المقاومة والتحرير، وأحد خطوط فرز موقف المدافعين عن مشروع تحرير شعب العراق واستعادة حقوقه وسيادته عبر خيار المقاومة، ومواقف أصحاب مبادرات المساومة، ومشاريع التفريط بسيادة العراق ومصالح أجياله القادمة.

الجدل الدائر في الدور المستقبلي لمجلس الأمن في العراق وأهمِّيَّته ينحصر في محورين أساسيَّين ومتعاكسين. المحور الرافض بشدَّة لدعوات منح المجلس دورًا في إنهاء الاحتلال وتحديد أطر الدولة العراقيَّة وتركيبتها إثر انسحاب القوَّات الأمريكيَّة أو الوصول إلى ترتيبات تفاوضيَّة مع الإدارة الأمريكيَّة لإنهاء الاحتلال. هذا الرفض معبَّر عنه في برامج القوى والأحزاب ومواقف الشخصيَّات السياسيَّة العراقيَّة الملتزمة بثوابت المقاومة، والمتمسَّكة بشرعيَّة تمثيلها شعب العراق، ويستند على معطيات تجربة شعب العراق التاريخيَّة مع مجلس الأمن، ولا سيَّما شرعنته للاحتلال، بالإضافة إلى قناعتهم باستحالة تبنَّي المجلس قرارات تُفضي إلى استرداد شعب العراق كرامته وسيادته الكاملة، وتحصيل استحقاقاته الوطنيَّة في ظل السيطرة الأمريكيَّة المطلقة على مجلس الأمن، وتسخيرها آليَّات النظام الدولي لتأمين مستلزمات نجاح مشروعها الكوني، وانفرادها في اتِّخاذ القرارات الدوليَّة.

مقابل الموقف الرافض لدور مجلس الأمن في العراق، قدَّمت بعض التجمُّعات العراقيَّة برامج سياسيَّة لإنهاء الاحتلال يحتلُّ فيها مجلس الأمن موقعًا محوريًّا. أصحاب هذا الموقف، يراهنون على قدرة المجلس على إيجاد حلٍّ متوازن لأزمة الاحتلال، وإنهاء مأساة شعب العراق بأقلِّ الكلف. وعليه، فهم يقترحون نقل ملفَّات العراق من سيطرة الإدارة الأمريكية إلى مسؤوليَّة مجلس الأمن، وتخويله صلاحيَّة تحديد سمات النظام السياسي لعراق ما بعد انحسار السيطرة العسكريَّة الأمريكيَّة المباشرة. هذه الآليَّة "الواقعيَّة" و"المتوازنة" كما يؤمن أصحابها، تكفل استعادة شعب العراق لسيادته، وتضمن قيام حكومة عراقيَّة فعَّالة تتوفَّر فيها عناصر الكفاءة والديمقراطيَّة.

أين يكمن الخلل في دعوات منح مجلس الأمن دورًا مركزيَّا في حلِّ الكارثة العراقيَّة، وفي تحديد قواعد النظام السياسي للمرحلة اللاحقة لانتهاء الاحتلال الأمريكي؟ وما هي دوافع إطلاق مثل هذه الدعوات؟

الخلل الأساس في دعوات منح مجلس الأمن دورًا حيويًّا في العراق، يكمن في استحالة تبنِّيه قرارًا يتضمَّن حلاًّ جذريًّا يؤمِّن لشعب العراق استعادة سيادته وحصوله على التعويضات الكاملة عن كلِّ ما ترتَّب عن الاحتلال من خسائر مادِّيَّة وبشريَّة. فمجلس أمن تسيطر الإدارة الأمريكيَّة على آليَّات صنع قراراته لن ينتج إلاَّ قرارًا ناقصًا والتفافيًّا على مشروع المقاومة والتحرير، يتيح للإدارة الأمريكيَّة ترتيب انسحاب عسكريٍّ جزئيٍّ وصوريٍّ من الأراضي العراقيَّة يقلِّل من خسائرها المادِّيَّة والبشريَّة، ويساعدها على التملُّص من التبعات الأخلاقية والقانونيَّة لجريمة استباحة شعب العراق دون فقدان هيمنتها على قرارات بغداد السياسيَّة والنفطيَّة، أو خسارة نفوذها السياسي ومصالحها الاقتصاديَّة في المنطقة.

إنَّ تبنَّي المجلس قرارًا مضادًّا لموقف الإدارة الأمريكيَّة افتراض لا يمكن قبوله في ظلِّ الخصخصة الأمريكيَّة لمجلس الأمن، وتحكُّمها في مواقف أعضائه الدائمين والمؤقَّتين. فالهيمنة الأمريكيَّة على المجلس وقراراته لن تسمح بإصدار قرار يخدم مصالح شعب العراق، بل أقصى ما يمكن للمجلس الخروج به قرار يؤدِّي إلى خروج رمزيٍّ للقوَّات الأمريكيَّة من أبواب العراق، وإعادتهم من نوافذه أكثر سطوة وقوَّة.

قد يدَّعي نفرٌ بأنَّ الهيمنة الأمريكية على قرارات مجلس الأمن، وتأثيرها على مواقف الأعضاء الآخرين مسألة تنطوي على المبالغة وعدم الموضوعيَّة. سنقبل جدلاً صواب هذا الاعتراض، ونفترض استعداد الأعضاء الدائمين الثلاثة المنافسين للتحالف الأمريكي-البريطاني للتضحية بمصالحهم الاقتصاديَّة الهائلة مع الولايات المتَّحدة من أجل الدفاع عن حقوق شعب العراق. ونفترض أيضًا قدرتهم على تقديم مشروع قرار يلبِّي طموحات شعب العراق، ويستجيب لشروط مقاومته الوطنيَّة بعيدًا عن تأثيرات الإدارة الأمريكيَّة وسطوتها على مسارات الهيئة وقرارات مجلس الأمن. فهل بإمكان الأعضاء الدائمين الثلاثة دفع المجلس لتبنِّي صيغة هكذا قرار؟

من البديهي أنَّ قرارًا ملبِّـِيـاً لطموحات شعب العراق سيكون بالضرورة منافياً لمشروع الاحتلال ومصالح الولايات المتَّحدة، وبالتالي لن يحظى بموافقة الإدارة الأمريكيَّة التي تستطيع استغلال نظام التصويت المعتمَد في المجلس واستخدام حقِّ النقض "الفيتو" لمنع صدور ما يتعارض مع مصالحها أو مصالح حلفائها من قرارات.

إزاء استحالة تبنَّي مجلس الأمن قرارًا يحقِّق شروط شعب العراق، ومطالبه العادلة في الحرِّيَّة واستعادة السيادة الوطنيَّة، فإنَّ إحالة ملفِّ العراق إلى مجلس الأمن لن يغيِّر من معادلة الاحتلال، بل سيبقيها مختلَّة لصالح القوَّة المحتلَّة. هذه الخطوة إذا ما تحقَّقت فإنَّها ستشكِّل التفافًا خطرًا على مشروع شعب العراق المتمِّثل في خيار المقاومة الوطنيَّة، ومحاولة صارخة لإجهاضها، ومصادرة حقِّ شعب العراق المشروع في تحديد سمات نظامه السياسي، وتركيبة حكومة عراق ما بعد هزيمة القوَّات المحتلَّة أو انسحابها، وتجيير هذا الحقِّ لأعضاء مجلس الأمن. نقل ملفَّات العراق إلى مجلس الأمن يقدِّم للإدارة الأمريكيَّة خيارًا يمكِّنها من تجاوز مأزقها السياسي والعسكري في العراق دون فقدان هيمنتها على العراق، واحتكارها ثروته، وتجنُّب دفع تكاليف ما سبَّبته لشعب العراق من قتل وتدمير.

هذه الحقائق ليست غائبة عن ذهن المتحمِّسين إلى منح مجلس الأمن دورًا حيويَّا في تحديد شروط إنهاء الاحتلال ورسم خريطة النظام السياسي في العراق لما بعد انتهاء الاحتلال بعيدًا عن رأي شعب العراق وقراراته. فهم على دراية تامَّة بعقم المجلس واستحالة تبنِّيه قرارًا عادلاً وملبِّيًا حقوق شعب العراق. فلماذا إذًا الإصرار على رهن مقدَّرات شعب العراق بقرارات مؤسَّسة غير قادرة على إنهاء معاناته؟

إنَّ التعامل مع دعوات إشراك مجلس الأمن بحسن نيَّة، أو تفسيرها كاجتهادات منطلقة من حرص أصحابها على حلِّ أزمة شعب العراق بأقلِّ قدر من الخسائر المادِّيَّة والبشريَّة، تصرُّف يحمل قدرًا كبيرًا من السذاجة. تلك الدعوات تشكِّل حلقة مهمَّة من مشروع سياسي ساهمت الإدارة الأمريكيَّة في بلورته خلال العامين المنصرمين كخيار يمكن تبنِّيه في حالة فشل خياراتها الأخرى. ما يستحقُّ الملاحظة، أنَّ معظم المطالبين بنقل ملفَّات العراق إلى مجلس الأمن، وتفويضه حقَّ تشكيل الحكومة العراقيَّة هم في الوقت نفسه من أكثر المتحمِّسين لفكرة تشكيل حكومة "تكنوقراط" مؤقَّتة، وأكثر مَن سعوا لتأسيس تجمُّعات سياسيَّة قدَّمت نفسها بديلاً عن فصائل المقاومة، وأكثر مَن نشطوا في عرض مبادرات تضمَّنت فقراتها تفريطًا بمصالح شعب العراق وسيادته. دوافع هذه الجهود واضحة، ونوايا أصحابها جليَّة. فإلى جانب الالتفاف على برنامج المقاومة الوطنيَّة العراقيَّة، ومصادرة جهود المقاومين وسرقة انتصارهم، هناك الطموحات الماليَّة والأحلام السياسيَّة وسراب حكم العراق بأيِّ ثمن، وإن كان بالاتِّفاق مع الدول مستبيحة شعبه، وعلى حساب مصالح أجياله القادمة. إنَّ المطالبة بإحالة ملفِّ العراق إلى مجلس الأمن تشكِّل خرقًا لثابت وطنيٍّ مهمٍّ، دعوات منحرفة لا يمكن التغافل عنها.

من المسلَّم به أنَّ تحرير شعب العراق لن يتحقَّق إلاَّ عبر تصعيد الجهد المقاوم واتِّساعه، ومن خلال تسخير كلِّ الجهود البشريَّة والماليَّة والسياسيَّة لتحقيق وحدة فصائل المقاومة، وإنشاء المرجعيَّة الوطنيَّة الشاملة وصولا إلى موقف وطنيٍّ موحَّد لمجابهة الاحتلال. كما أنَّ المستقبل السياسي للعراق وتركيبة حكومته المستقبليَّة لن تحدِّدها إلاَّ إرادة أبناء شعب العراق الصابرين المضحِّين بعيدًا عن هيمنة واشنطن ولندن ومجلس الأمن ووكلائهم. هذه مسلَّمات وثوابت وطنيَّة سيقاتل شعبنا أجيالاً لتحقيقها بصرف النظر عن ثمنَّ التحرير وتضحياته.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
الســــمراء... بالأحمـــروالبيضـــاء مع العـراق
بـاديـــة ربـيـــع
براعم التحرر

كما لرأس المال آليات إبداع جرائمه في الاحتلال والاستيطان والنهب والتسويق وحقن الناس بالاستهلاكية، وتصوير الجهل علماً والغباء وعياً، فالإنسانية قادرة على إبداع أساليب المقاومة. وبالطبع، رغم رقي الكفاح المسلح وأممية هذا الكفاح، فإن كل نضال في مجاله ولحظته وموضعه هو نضال حقيقي. فاللحظة هامة والكلمة في وقتها قذيفة.



هذا ما شدَّني بعنف إلى سيدة أميركية بيضاء بالطبع ضمخت يديها بلون الدم، وهي تواجه كونداليزا رايس (السمراء – بالطبع أيضاً) قائلة لها "مجرمة حرب". وكما تبدو رايس في الصورة، فهي مغتاظة إلى درجة الإغماء، وإن زعمت وكالة رويترز، التي باعت الصورة، أن رايس لم تتأثر. ويبدو أن محرر رويترز لم يقرأ الملامح ولم يفهمها هذه المرة. وربما يعود ذلك إلى ظاهرة جديدة في عالم السياسة حيث يتسم السلوك إما بالصراخ أو القتل. وعلى أية حال، هذه إحدى سمات بربرية العولمة.



لو كان لنا عقد مقارنة بين موقف هذه السيدة وبين موقف وزيرات عربيات وممثلات مسلسل لم أفهمه حتى اللحظة "المجتمع المدني والجندر وتمكين النساء..."، ومواقف نساء "الأنجزة" العربية، والأكاديميا اللائي يتمنين التمسح بالدمية السمراء كما لو كانت الحجر الأسود! هذا مع العلم أن السيدة رايس هي أخطر وأشد النساء عداوة للمرأة العربية. فهي ممثلة سياسة ومصالح طبقة حاكمة في أميركا، وهي طبقة تحكم الغرب بأجمعه، وضمن هذه السياسة تدعم وتوجه وتقوي هذه السيدة تلك الأنظمة الذكورية في الوطن العربي. أنظمة تابعة وحريصة على التبعية، أنظمة تعتبر المرأة شيئاً ما لمتعة الرجل بالاغتصاب المسمى شرعاً. فالمرأة في الوطن العربي لا تملك حق اختيار التصرف بجسدها، والمشكلة لا تتوقف عند الجسد، فهو كما يقولون فانٍ. المشكلة هي في الوعي والمشاعر والقرار ، فالاغتصاب هو أساساً في الوعي والمشاعر وليس في الجسد!!
ما موقف هاتيك النسوة المرسومات رسماً من برجوازيات وطننا اللائي يعرفن جيداً أن من يملكوهنَّ ويتصرفون بهنً كالمتاع، وأحياناً يستبدلوهن بالغلمان، ناهيك عن الجواري، وتعدد الزوجات والخليلات، ما موقفهن حينما يرين أزواجهن أو "أسيادهن" ينحنون بذلٍ بادٍ، وليس بنمط انحناء البرجوازي الغربي لنساء المجتمع الأرستقراطي وهو انحناء مثابة فخٍ، أو دجل أو دعاية انتخابية، لا احتراماً، لهذه السيدة التي حقاً ترشح دماً من هذا الوطن وغيره!
فالسياسة الأميركية في المنطقة تقوم على ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: تثبيت وتوسيع وتأبيد النهب "التفشيط" الأميركي للوطن العربي، والذي تأدباً ودجلاً يسمونه "مصالح".
الدرجة الثانية: تمكين الكيان الصهيوني من مواصلة ابتلاع بقايا فلسطين والعربدة في الوطن العربي والشرق الأوسط بأسره.

والدرجة الثالثة: تمكين الأنظمة العربية من البقاء على صدر الأمة، وبالتالي تمكين الرجل العربي من البقاء على عنق المرأة.
لقد زارت رايس الأرض المحتلة، ومعظم الأقطار العربية، فهل رمتها النسائيات بالبيض الفاسد؟ هل خرجت مظاهرة واحدة تندد بزيارتها، هل كتب أحد منهم/منهن مجرد مقالة تكشف عمق جريمتها؟
وبعد هذا، يتحذلق كتاب ومثقفون عربً، بأن "كل" الغرب عنصري، يكره العرب والمسلمين، ويؤيد الصهيونية.

كلا، أيها السيدات والسادة، الغرب متنوع ككل الدنيا. كما أن الغرب وغير الغرب، لا يحترم من لا يحترم نفسه. كان الأجدر أن تقف سيدة مخملية عربية لتطلي وجه السيدة رايس بالأحمر، لأن الدماء العربية التي أسالتها الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة أكثر بكثير من دماء الأميركيين الجهلة والضالين والمضللين الذين ذهبوا إلى مختلف بلدان العالم لمهمة واحدة ووحيدة هي القتل. لذلك، قُتلوا وديسوا. ذات مرة، قالت السيدة حنان عشراوي لجريدة صهيونية: "حينما أرى صورة صدام حسين، أُصاب بالغثيان". لا بأس أيتها السيدة المتقدمة في الحسِّ، ولكن لماذا "تلهطين" هذه السيدة الممعنة في القتل حتى الثمالة! لقد احتجزت الشرطة الأميركية تلك السيدة ربما لساعات وربما أكثر، ولكن من المؤكد أن الـ أف بي آي ستتابعها حتى آخر عمرها، فهل فكرت لجان حقوق الإنسان العربية في كتابة رسالة احتجاج على اعتقالها، أو توجيه سلسلة من الرسائل عبر الإنترنيت، أم أن هذا الشكل الحضاري لمَّا نستخدمه بعد، وإنما نستخدمه "للدردشة"، والمجاملات، والنميمة...والتطبيع بالطبع. توم لانتوس، من كاليفورنيا، وهو رئيس لجنة الخارجية في كونجرس روما، صرخ قائلاً للشرطة "إلى الخارج" ولا شك أن جلاوزة الشرطة قد حملوها كما لو كانت قشَّة، فالولايات المتحدة تختار الشرطة من أجسام رياضية كما لو كانت مهمتهم هي تأديب الناس وليس تهذيبهم. وهم رجال ونساء تحرك عضلاتهم عقولهم...أحلام العصافير وشعور بالعبقرية! توم لانتوس، لم يأبه بثلاثة ملايين عربي وعشرات الملايين من بلدان العالم الثالث الذين "يحملون" الجنسية الأميركية، ولا تحملهم هي! فلو كان لهؤلاء وزناً لما تجرَّأ لانتوس على هذا الموقف وغيره، ولما تجرأت السيدة السمراء التي لوت وزمَّت شفتيها كما لو كانت أفعى احتفظت "مرغمة" على حصر السم في نابيها. وطالب بتفريق المحتجين. وهذا شديد الأهمية للعرب الذين لا يقرأون ما يدور في العالم، بمعنى أن الاحتجاج ضد سياسة روما المعاصرة والمعولمة حالة تتسع في المركز رغم القمع "الديمقراطي" هناك! قمع بدراية، وتقنية، لكنه قمع مديد، قادر على خصي الثورة. ومع ذلك شكراً لهن/م فهم يحتجون.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
ونسأل السيدين مسعود البرازاني وجلال الطالباني

العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
براعم التحرر

وعلى ما يبدوا للعيان, فالقيادة التركية حزمت أمرها على حسم الموضوع مع السادة مسعود وجلال.

وقررت انتهاج الخيار العسكري رغم الأجواء المكفهرة , لمعالجة الموضوع بالكي, باعتباره آخر الدواء.

وكأني بها تصرخ: طاب الموت أيها الأتراك, لتبقى تركيا طليقة اليد في كل ما يضمن لها الأمن والاستقرار. فلو تركنا هؤلاء يعبثون بالقضايا المصيرية فسيصيب تركيا والشعب التركي ما أصاب العراق وشعب العراق.

والحقيقة أن القيادة التركية استخدمت ما بحوزتها من أوراق بكل ذكاء, مستغلة أخطاء و تجاوزات خصومها, وسخرتهم بمنتهى الحكمة مع عنجهية مسعود وجلال, لطي ما طال أمده من أحزان لهذا الصراع والسجال.

وحزب العمال الكردستاني ذو الـ3 ربيعا,وكأنه يريد هو الآخر أن تسقط الأقفال التي تحجب الكثير من الأسرار.

والسيد مسعود البرازني الذي يريد من أن يحقق وينجز حلمه ومبتغاه. لم يفطن بعد أن أوراق تركيا رابحة, وأوراقه, وأوراق الرئيس جلال والحكومة العراقية, ودول التحالف المحتلة للعراق محروقة أو ممزقة وبالية.

ولكي لا يكون هذا الكلام مجرد أحاجي والغاز.علينا التذكر أن كثير من الرؤساء الأمريكيين تصرفوا بشكل منفرد,وخارج إطار الأمم المتحدة,وبشكل مناقض ومخالف للقانون الدولي والشرعية الدولية. وكثيرا ما أغتصبوا مهام مجلس الأمن الدولي. من خلال إنزال فاشل في صحراء لوط من قبل كارتر,وقصف للجبل والبقاع في لبنان بالطائرات والمدمرة نيوجرسي بأوامر من ريغان, وقصف جوي لمعاقل القاعدة في أفغانستان, ومعمل دواء في السودان بأوامر من كلينتون, واحتلال أفغانستان والعراق بأوامر الرئيس جورج بوش. بذرائع متعددة, كمحاربة الإرهاب, وتخليص الرهائن, والانتقام لضحايا تفجير السفارة الأمريكية في بيروت, وتفجير المدمرة كول في ميناء عدن,وضمان الأمن الأمريكي, ومحاربة الإرهاب وكسب ود خليلتهم الستينية إسرائيل.

وهذه التصرفات مع تحالف مسعود وجلال مع الإدارة الأمريكية في حربها على الإرهاب يسقط مشروعية حزب العمال الكردستاني,ويحرمه من أي غطاء.ويعطي كامل الحق لتركيا أن تفعل مع حزب العمال الكردستاني الموصف من أمريكا ودول الغرب ومجلس الأمن على انه منظمة إرهابية والمؤيد لهم في هذا الموقف جلال ومسعود. وهي بذلك لا تفعل سوى جزء زهيد مما فعلوه ويفعلونه.ويعطيها الحق بغزو واجتياح إقليم كردستان وإسقاط نظامه, وحتى محاكمتهم مع الحكام الحاليين للعراق. وهي بذلك لم تكن تفعل سوى بعض مما فعلته إدارة الرئيس جورج بوش ومسعود وجلال وحلفائها في العراق وأفغانستان.والذي شرعه وأقره مسعود وغيره أثناء مؤتمرهم في أربيل برعاية أمريكية من سفيرها زلماي خليل زاد. واعتبروه قانون ملزم ليجيزوا لأنفسهم التحالف الكامل مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل, ومشاركتهم التامة من خلال وضع أنفسهم وميلشياتهم بإمرة القوات الأمريكية في محاربة الإرهاب والمنظمات الإرهابية واحتلال العراق وإسقاط النظام بذرائع كاذبة ومفبركة عديدة. منها صلاته بالإرهاب, وتوفيره الحماية لهم,وتهديد أمن دول الجوار, وتركيا من دول الجوار.وتركيا بإعلانها الحرب على منظمة أقر جميع هؤلاء على أنها إرهابية, وقواعدها موجودة في إقليم كردستان.تتطابق بموقفها مع مواقفهم. وهذا يفرض على مسعود وجلال وعملاء العراق وحكومة نوري المالكي وجورج بوش والدول الأوروبية المتحالفة مع بوش الانضواء بإمرة القيادة التركية وبجهودها في هذا المجال, ومساعدتها في الاجتياح.وخاصة أنهم من أقروا هذا الأسلوب, وتعاونوا لانجازه لأبعد الحدود بكل مجال. كما يتحالفون حاليا مع الإدارة الأميركية في احتلالها للعراق وأفغانستان. والحكومة التركية تكون قد حصرتهم في الزاوية عراة حفاة لا قدرة لهم على الحركة, ولا حول لهم ولا قوة. مما منحها حرية الحركة والقرار, والمناورة لأبعد الحدود في كل الاتجاهات. للدفاع عن أمنها ووحدة ترابها. وحتى محاسبة الآخرين على فعل اقترفوه وحاسبوا غيرهم عليه, رغم أنه لم يقترفوه, أو ثبتت مسئوليتهم عنه. ومصيبة هؤلاء أنهم خائفين ومرعوبين لأن الرئيس صدام حسين ومعاونيه حظوا باحترام الجميع حين راحوا يحاكمونهم, وينفذون فيهم حكم الإعدام. في حين لو حاكمتهم تركيا فستعتبرهم الشعوب أنهم تصرفوا كإرهابيين,وأساءا للأكراد وباقي الطوائف ووطنهم العراق وشعوب العالم ودول الجوار, فاستحقوا العقاب ونالوا جزائهم العادل على ما اقترفوه. وهذا ما أعطى الحكومة التركية لوحدها فقط حق ركلات ترجيحية لانهائية في مباراة انتهى وقتها بالتعادل السلبي, والمشاهدون مصرون على حسمها وتحديد الفائز,والتلذذ بخصم مشاغب ليس له الحق بمثل هذه الركلات, وأختصر بحارس مرمى عليه أن يتصدى بيديه لكل الركلات. وحزب العمال الكردستاني يبدو هو الآخر بأنه يشكك بموقف وسلوك كل من مسعود وجلال منه, وغير مطمئن لسلوكهم ومواقفهم ,وقرر وضعهم على المحك, ودفعهم بعنف إلى حرف الهاوية ليتحرر من ضغوطهم , ويختبر صدق ظنونه وشكوكه. ويتأكد مما يبيت من نوايا تجاهه. ليهتدي الحزب للحقيقة كي لا يخدع ويضل. ومنها على سبيل المثال:

1. هل يوظف مسعود وجلال الأكراد في تركيا وكل مكان ليكونوا بمثابة عمق الاستراتيجي وقوى إسناد ودعم وتأييد وصوت إعلامي لمساعيه في إحكام قبضته على إقليم كردستان لا أقل ولا أكثر؟

2. وهل كل ما يريده مسعود فقط, هو إنهاك تركيا بعمليات حزب العمال الكردستاني كي لا تعيق مشروعه الانفصالي في العراق أولا,وتجبرها على الرضوخ لمطالبه فيما يختص بكركوك والتركمان؟

3. وهل ما يسعى إليه كل من مسعود وجلال إنما يتلخص بإلهاء وإنهاك حزب العمال الكردستاني في عملياته ضد تركيا.بحيث يخطفون النصر ويسجلونه في صحائفهم لفرض مسعود البرازني زعيما عليهم أيضا بذريعة ما قدمه من دعم للحزب. و يجيرون الهزيمة ويسجلونها في صحيفة حزب العمال وأكراد تركيا فقط. بحيث يخرج مسعود وجلال بريئين من دم الأكراد, ويحملون الحزب والأكراد في تركيا مسئولية الفشل, والتقاعس في ثورتهم,برفضهم التعاون مع إسرائيل وأعداء العروبة والإسلام ضد وطنهم التركي.ويجبرونهم إلى اللجؤ لمسعود وجلال للتفاوض نيابة عنهم مع الأتراك؟

4. وهل مسعود البرزاني على نفس خطى أجداده حين فاوضوا الدولة العثمانية, وحصلوا منها على كثير من الامتيازات والأعطيات. وراحوا يبدلوا ولائهم من تركيا إلى إيران وبالعكس. ويوظفوا علاقاتهم مع طرف ضد طرف وحتى مع الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل.متاجرين بالقضية الكردية لتحقيق مكاسبهم الذاتية,وضمان ديمومة حكمهم لإقليم كردستان؟

5. وهل أن مسعود وجلال مستعدان أن يسلما زعماء الحزب لتركيا لو فاوضتهم تركيا سرا, ليرتاحوا منهم. ويبرروا فعلتهم على أن تركيا هي من خطفتهم ليسيئوا للإسلام والعرب والأتراك. ولكن تركيا حرمتهم هذا الهدف والغطاء, وقررت أن تنزع القناع عن وجوههم وتفضحهم على أعين الملأ؟

6. وهل حقق تحالف جلال ومسعود مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل والعملاء, وتوطيد صداقتهم, معهم سوى الإساءة للأكراد,وبث بذور الشقاق والشكوك فيما بينهم وبين محيطهم من الدول؟

7. وكيف تتطابق دعوات كل من مسعود وجلال في إقامة دولة كردية وتحالفهم مع الإدارة الأمريكية, التي تسعى لنشر الفوضى الخلاقة. بحيث تتقزم وتتشرذم وتقسم وتشتت الدول والقوميات والمجتمعات, بحيث يصبح لكل قومية ودين وطائفة عدة دول تتنازع وتتقاتل فيما بينها ومع محيطها إلى الأبد؟

8. وهل كل من مسعود وجلال متواطئين بالتآمر على الأكراد, كما تآمرا على العراق والإسلام والعرب, وما سر صراعهم الدموي وتحالفاتهم المريبة, ومواقفهم الحمراء والسوداء والرمادية؟

9. وهل من سبب لتهرب مسعود البرازاني من طلب الغالبية لترشيحه لرئاسة العراق, والتنازل عن هذا الترشيح لجلال ,سوى تشويه سمعة جلال بمجرى محاكمة وإعدام الرئيس صدام حسين. بحيث يخلصه من الرئيس صدام الذي قدم له العون في نزاعه الدموي معه,ويتخلص من جلال بتشويه صورته لدى العرب والعراقيين والأكراد والأمريكيين والأوروبيين.وبذلك يكون تخلص من الاثنين؟

10. وهل من هدف لمسعود وجلال من خلال إصرارهم على بقاء قوات الاحتلال في العراق, وتشجيع كل من الإدارة الأمريكية وإسرائيل على بناء قواعد عسكرية في إقليم كردستان سوى جعل الإقليم على شكل إمارة محمية من هؤلاء, يسترق ويستعبد فيها الأكراد ويستزلمون لصالح كل من مسعود أو جلال. وقاعدة متقدمة تهدد روسيا والهند وتركيا وإيران والعرب والصين ودول الجوار, وتتيح للثنائي التفرد بسرقة نفط العراق مع عائداته, وتوزيعها على أسرهم ومحاسيبهم وأزلامهم فقط وبمزاجية؟

11. ثم لمصلحة من يشارك كل من مسعود وجلال في إذكاء نار الفتنة بين العراقيين وحمام الدم العراقي؟

12. وهل من سبب لتحالف مسعود وجلال مع إسرائيل,وكل من يحارب العرب والمسلمين ,سوى فك لعرى تحالف وثيق وقديم,والإساءة لتاريخ الأكراد الذين تصدوا لدحر الغزاة والصليبيين والمعتدين؟

حتى الآن مازال يتهرب كل من مسعود وجلال من تبديد هذه الظنون والشكوك. فمسعود البرازاني يأسف لتأييد الرئيس بشار الأسد تركيا في موقفها ورغم نفي وزير الإعلام السوري, ورغم اعتراف المترجم بأنه اخطأ الترجمة. معتبرا أن الرئيس بشار يقف مع أجنبي ضد قطر عربي.وينسى انه وقف ضد وطنه وضد من حماه من أنياب ومخالب خصمه سابقا وحليفيه حاليا جلال, ومع كل مغتصب لأرض العرب وعدو للعروبة والإسلام. ويتهم سوريا بأنها هي من أوت عبد الله أوجلان, ويتجاهل أن حليفه جلال وحتى المقربين منه, ومن يتعاون معهم في حكم العراق هربوا إلى سوريا ليظفروا بالأمان,وكما هو حاصل الآن. نتيجة إجرام قوات الاحتلال والمليشيات وفساد الحاكمين في العراق والأقاليم العراقية. وكأن مسعود كان يتمنى لو سلمتهم سوريا للعراق ليقتلوا, وكأنه يعشق السباحة في بحار وأنهار الدم كما يفهم من كلامه. ومتى يتعلم مسعود أن سوريا دائما أبوابها مفتوحة لكل عربي مهدد في وطنه,أو فارا من جحيم لا يطاق؟ ونذكر مسعود بأن الأتراك حين أحبطت ثورتهم في العشرينيات من القرن الماضي بزعامة الشيخ سعيد في تركيا فروا إلى سوريا ولم يجرؤ جده ووالده حتى على تقديم المعونات الغذائية الملحة لهم وهم في طريق هروبهم إلى سوريا وإيران والعراق. وأنهم عاشوا معززين مكرمين في هذه الدول, حتى صدر العفو العام في نهاية الستينيات من القرن الماضي, وعاد كثير منهم إلى موطنهم تركيا. وهو يعرف تمام المعرفة أن من حصل على الجنسية السورية أو العراقية أو الإيرانية وآثر البقاء, يعاملون بكل محبة وتقدير واحترام في هذه الدول. وهذه لم ولن يفقه كنها مسعود,لأنه يحصر تعامله بقوى الاستعمار والهيمنة.وليدقق هذا الكلام بسؤال أبناء وأحفاد هؤلاء الكرام البررة, ومنهم كثير من العلماء.

ويتفاخر مسعود بأنه مسلم.ويتناسى أنه لا الإسلام ولا المسيحية ولا حتى أي شرع ودين يقر أو يرضى بما تقوم به المليشيات وقوات الاحتلال وأجهزة الأمن في العراق. من قتل وإرهاب وخطف وتعذيب. وهو يعرف أن الأديان جميعها تحرم ما تعانيه المرأة العراقية,التي تفتقد الزوج أو الأهل أو الأبناء أو الوطن. بسبب هذه الأعمال الإجرامية والإرهابية,أو نتيجة الهرب طلبا للنجاة. وكيف يسكت مسعود على هذا الإذلال والمهانة والاستغلال الذي تعانيه المرأة العراقية.وهو يعتبر نفسه أحد أعمدة الحرية والديمقراطية في العراق وإقليم كردستان.والذي يفاخر ببناه الديمقراطية.والتي بظنه يجب أن يقتدي بها البقية من دول العرب والجوار, ويتناسى أن مليون عراقي قتلوا بوحشية.وستة ملايين عراقي فروا خارج العراق,ومئات الألوف من المعتقلين والمخطوفين في أمكنة مجهولة,وربما يعرفها مسعود.وما من أحد إلا والقناعة لديه أن مسعود يحكم إقليم كردستان مع أبنائه وعمومه وأخواله, وباقي أسرته.وهم الحكام والوزراء والنواب والمتنفذين ,وطواقم كاملة لبعض السفارات العراقية, والقنصليات والدوائر المحلية والمركزية وقيادات قوى الأمن والجيش. ويؤكد لنا أنه يحترم القضاء ويحترم أحكامه ولا يتدخل بشؤونه, وهو من يصمت على الضغوط التي تمارس على القضاة, وعلى عملية إبدال قاض شريف من إقليمه بقاض من أزلامه فاسد كرءوف رشيد. ولم يحرك ساكنا وكثير منهم يفر خارج العراق وإقليم كردستان. وفرار الراضي ليس ببعيد. وهذا الاحترام الذي يظهره للسلطة القضائية لا يشمل به السلطتين التشريعية والتنفيذية. فهو من ينتقد موقف رئيسي الجمهورية والوزراء وحتى النواب والضباط والوزراء. وينتقد إيران وكان الحليف الوثيق للشاه. ويعلن أنه لن يسلم كردي لأي دولة ونظام وجيش. مبررا سلوكه ورفضه على أن فعل التسليم . فعل لا يليق بأخلاق وطباع وعادات الأكراد. ويتجاهل أنه من سلم طه ياسين رمضان للأمريكيين. وينفي أي إعمال تعذيب في إقليم كردستان. ووجه وجسد كل من ألقت عليه القبض ميلشياته وسلموه للأمريكان محفورة وبادية عليه آثار التعذيب الوحشية وكل صفحات الإهانة والإذلال. وينفي مسعود علاقاته بإسرائيل وإسرائيل تنفي نفيه وتؤكد على علاقاته الوطيدة معه ومع أبيه.والشكوك تلاحق الثنائي مسعود وجلال في زرع الفتنة, وتأجيج الأحقاد, ولا من جواب.والفتنة وإثارة الأحقاد سلوك نفس أمارة بالسوء, يأباهم الأكراد والمسيحية والإسلام وباقي الشعوب والأديان على السواء.

ورغم أن كل من مسعود وجلال يرون بأم أعينهم تراجع كثير من حلفائهم عن خطأهم, وندمهم على تعاونهم مع أعداء وطنهم , أو وقوفهم لفترة في صف العملاء, إلا أن مسعود وجلال مصرين على هذا العمل وهذا الخطأ, واقتراف الخطأ رغم خسارتهم لمحبة وتعاطف واحترام وتقدير ودعم الكثير من الشعوب والعرب والأكراد.

وينهمك مسعود بتسجيل مواقف و نقاط وأهداف على جلال طالباني, برفض ونقض ما يطرحه جلال. وينسى انه بتصريحاته وتصرفاته أنما يتمرد على الحكومة العراقية.التي من المفروض أن يكون لها تبعا. وربما ينسى انه بذلك يقطع كثير من الخيوط التي تربطه بإدارة الرئيس جورج بوش, لأنه يعرض الكثير من تحالفات الإدارات الأمريكية,ومعها القوات الأمريكية لكثير من الأخطار التي لا طاقة للرئيس بوش وإدارته عليها.كما أن تصريحاته وتصرفاته ترى فيها الكثير من دول الجوار وباقي الدول الكبرى تصرفات تمس بمصالحها وأمنها. وينسى مسعود وجلال أن عبد الله أوجلان مازال حيا في سجنه, وأن تركيا لو سمحت له بكشف بعض المستور لربما زلزل الأرض من تحت أقدامهما,حين ينطق بما لا يسرهم, وعندها لا حل إلا بالهرب طلبا للنجاة.

وللسيدين الرئيسين مسعود البرازاني وجلال الطالباني نقول , ونلفت انتباههم لبعض الأمور:

• فأنا ممن أحب ويحب كثيرا وحتى زائدا عن الحد الأخوة الأكراد.وحبي لهم كحبي لآبائي وأخوتي. لأنني ترعرعت فيما بينهم ,وتربطني بالبعض الأخوة بالرضاعة,وبالبعض الآخر أواصر الصداقة. وحبي لهم يتفوق على حبهم لهم بعشرات المرات, وحب غيري يتفوق على حبي لهم بمئات المرات.

• وانتقاد الرئيس بشار حافظ الأسد أو سوريا شعبا أو قيادة,أو بعض القلة من القادة والزعماء, سيرد عليه ردا قاسيا ومؤلما.لأنه مجرد انتقادهم يجرح شعور من يحبونهم. ومن يحبونهم مؤمنين وشرفاء ووطنيين ونظيفي الكف واللسان.وهؤلاء أحرار بحبهم للرئيس بشار وسوريا وغيرهم, لأن هؤلاء يستحقون الحب والمحبة لإخلاصهم ووطنيتهم وإيمانهم بالله ودفاعهم عن قضايا الإنسانية وحقوق الشعوب . كما هو حر بحبه وهيامه بإدارة بوش وصقورها الذين يمارسون الإجرام والإرهاب.

• ونذكر مسعود بان سوريا كانت ومازالت مدرسة الوطنية والوفاء والتعاون والتسامح والإخاء.وجهل المرء بهذه المدرسة يلزمه السكوت, والتعلم قبل أن يترك العنان للسانه ليكون طليقا ويقول ما يشاء.

• ونذكره أيضا أن الأخوة الأكراد في ظل الخلافة الإسلامية والأمويين والعباسيين وغيرهم وحتى أثناء الحكم العثماني, كان منهم أئمة وقادة سياسيين وعسكريين, وحكاما على كثير من الأقطار العربية والأقاليم, وكان العرب في هذه الأقطار يحترمونهم ويجلونهم ويقدرونهم ويحترمونهم , ولم يكن هنالك أية خلافات فيما بينهم.وتمت ومازالت تتم فيما بينهم الكثير من أواصر القربى والنسب والحسب, وأوطد أواصر الأخوة والصداقة والشراكة في الوطن. وأنهم كانوا ممن هزم الصليبيين دفاعا عن العرب والمسلمين. والذي يفعل مسعود وجلال الآن عكس ما فعله القائد البطل صلاح الدين الأيوبي.

• ويتجاهل مسعود أن من مزق الوطن العربي هو الاستعمار الذي يتحالف معه هو وجلال.وان هذا التمزيق للوطن العربي.تم باتفاقية سايكس بيكوا, التي مزقت حتى العشائر والقبائل والقوميات وباقي الأثينيات والطوائف وحتى الأسر , بحيث جعل الجميع مشتتين في أكثر من قطر ودولة. ولو كان صادقا في حبه للأكراد وإقامة دولة لهم لحاسب الجلاد بدل أن يحاسب الضحايا من العرب والأكراد والأتراك.ومع ذلك يقف معهم من جديد لتحقيق مشروعهم الشرق أوسطي الجديد.لتفتيت وتجزئة المجزأ. وهذا دليل على انه لا يريد دولة كردية. وإنما يلهث خلفهم ليتسول أن يعطوه إمارة كردية صغيرة, تختصر بإقليم كردستان فقط, لتكون مزرعة ملكيتها وسلطتها له ولأولاده وأحفاده من بعده.

• وربما يجهل مسعود الكثير عن الأتراك. ولا يعلم أن الدولة العثمانية حين هزمت في الحرب العالمية الأولى وانسحبت إلى حدودها, تابع الفرنسيين والبريطانيين عملياتهم العسكرية بهدف احتلالها. وحاولوا مساومة بعض الضباط بدعمه ليكون حاكما ويرضخ لمطالبهم. ويتخلص من السلطان العثماني بتحميله مسئولية الهزيمة. ولكنهم رفضوا العروض أو العمالة والخيانة لوطنهم , وبايعوا حتى مع السلطان مصطفى كمال للدفاع عن وطنهم. وتصدى مصطفى كمال للمحتلين من قيادته في أنقرة يحترم السلطان المقيم في استانبول, ولا يسمح أن يمس بسوء. وفعلا هزم المحتلين وأجبرهم على الجلاء والفرار, وحتى فرض عليهم الحدود الحالية ومن بعدها ألغى السلطنة. ولذلك سماه الشعب التركي كمال أتاتورك أو أبو الأتراك. ومازال الفرنسيين والأمريكيين والبريطانيين يأخذون ما فعله كمال أتاتورك بعين الاعتبار, ولم يحاولوا تكراره مع تركيا,حتى وإن كان بالضغط أو التهديد.بل سعوا للتعاون معها. وشتان بين ما فعله كمال أتاتورك من مواقف بطولة وإباء, وما فعله ويفعله مسعود وجلال ومحمود عباس وعملاء العراق,بالتآمر على رؤسائهم والمشاركة في قتلهم ,والتذلل للأعداء.

• ونذكره بما كتب برايمر في مذكراته بأن أعضاء مجلس الحكم الذي شكله في العراق والسيد ين مسعود وجلال من أعضائه, لم يطرحوا عليه شيئا مفيدا للعراق وشعب العراق والأقليات.وإنما شغلوه وصدعوا رأسه برواتبهم وامتيازاتهم ومكاسبهم الشخصية. ولم يجرأ احد منهم بالرد على برايمر.

• وأخيرا نسأل مسعود: ما هو سر هذا الهيام والحب الفجائي بينه وبين بعض زعماء الأكثرية في لبنان وأنهم باتوا ضيوفه,وبأنه يمول ويدرب ويسلح بعض مليشيات أحزابهم من جديد؟

ثم إلا متى سيستمر هذا الحال من التلاعب بقضايا العراقيين والأكراد, وهدر الوقت, وهل منه من خلاص؟

وكيف سيتغلبان على الأزمة الحالية وينزعان فتيلها بسلام, ويوفقان بين ما فعلوه ويفعلون ضده ونقيضه الآن؟

burhank45@yahoo.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
خارطة الوجود الفعلي لقوات القدس الإيرانية في العراق

أحمد الجاسم
شبكة البصرة

قال حسين شريعتمداري (رئيس تحرير صحيفة كيهان الإيرانية، ومستشار المرشد الأعلى علي خامنئي) في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الفرنسية يوم الخميس الماضي : إن تقييمنا هو أن الولايات المتحدة لن تهاجم إيران. ليس بسبب (الرئيس الأميركي) جورج بوش بل لأنه ما زال هناك في الولايات المتحدة بعض العقلاء الذين سيمنعون بوش من الإقدام على ذلك. وتابع إننا نسيطر كليا على الوضع في الشرق الأوسط وفي العراق.
والرجل معروف بأنه مستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد علي الحسيني الخامنئي (1939-) وهو قائد الثورة الشيعية في الجمهورية الإيرانية وأحد المرجعيات الدينية الشيعية في إيران و لدى الشيعة في العالم الإسلامي على العموم.
بعد هذه المقدمة البسيطة نعود إلى تصريحات شريعتمداري التي تداولتها وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية الماضي، والتي أكد فيها على إن إيران تسيطر كلياً على الوضع في العراق، والجميع يعرف حجم التدخل الإيراني الواضح في الشأن العراقي وبالذات في جنوب البلاد، وذلك من خلال عناصر الاطلاعات الإيرانية وفيلق حرس الثورة الإيراني.

وفي دراستنا المختصرة هذه سنتناول ما يعرف بـ(قوة القدس) التابعة لحرس الثورة الإيرانية، والذي يمارس واجباته المختلفة في العراق، وهنا ينبغي أن نتعرف على واجبات وهيكلية الحرس الثوري الإيراني :

واجبات حرس الثورة الإيراني
يعتبر فيلق حرس الثورة الذراع الرئيس لحفظ نظام الثورة والواجب الرئيس له حسب ما جاء في ميثاقه التنظيمي هو كالآتي:
1- حفظ نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية
2- تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية
3- دعم وإسناد الحركات والتيارات الإسلامية التي تؤمن بهذه الثورة.


القوات المنضوية تحت مسمى فيلق بدر :
يتضمن فيلق حرس الثورة الإيرانية (5) قوات تابعة له وهي
1- القوة الجوية
2- القوة البرية
3- القوة البحرية
4- قوة المقاومة التي تسمى البسيج
5- وأخيراً قوة القدس.

واجبات قوة القدس
قوة القدس تكون مسئولة عن تصدير الثورة الإسلامية إلى البلدان الأخرى وهي قد توسعت خلال(20)عاماً مضى بصورة مستمرة وقامت قوة القدس بتوسيعها في كثير من البلدان الإسلامية وغيرها في العالم كله.
ويعود تاريخ تأسيس هذه القوة عام 1981 أي بعد عامين من الثورة الإسلامية في إيران، قام فيلق حرس الثورة آنذاك بتأسيس وحدة تسمى وحدة الحركات التحررية لغرض التأثير على القوة المسلمة في بلدان المنطقة، متزامنا مع بدء الحرب العراقية - الإيرانية وبدء الحرب الأهلية في لبنان قامت وحدة الحركات التحررية بتوسيع عملها وتطوير ذراعها العسكري. وكانت نتيجة هذا التوسع إنشاء معسكرات مختلفة كمعسكر رمضان الخاص للعراق وفيلق لبنان أيضاً.
قامت الوحدة بتنفيذ عمليات تخريبية في هذه البلدان، وفي عام 1990 قامت إيران بحشد جميع الجهات والمنظمات الاستخبارية خارج البلد، وبذلك وشكل قوة تحت عنوان قوة القدس.
ونظرا لاحتياج إيران إلى تصدير الثورة وتنفيذ الأعمال التخريبية خارج البلاد والفعاليات الإرهابية. وكان احمد وحيدي أول قائد قوة القدس الذي كان يشغل منصب معاون الاستخبارات في فيلق الحرس آنذاك. وبعد إشغاله المنصب الجديد قال أحمد وحيدي :
إن الغرض من تشكيل هذه القوة هو خلق (تصدير الثورة) وفي عام 1997 تغير منصب وحيدي وجاء الحرس قاسم سليماني في مكانه وهو أقدم قادة فيلق الحرس.
وعقب بدء الحرب الأخيرة في العراق قامت إيران بحل لجنة قيادة الأمور في العراق والتي تعرف بـ (لجنة نصر) وهي إحدى الجهات التي تم تشكيلها لغرض التدخل في شؤون العراق الداخلية حيث نظمتها ضمن قوة القدس. وبهذه الصورة أخذت قوة القدس جميع الأمور التي تخص العراق بيدها حيث يتوجب على الخارجية الإيرانية والوزارات الأخرى أن تنسق أمورها التي تجري في العراق مع قوة القدس.

واجبات قوة القدس العامة
إن الواجبات العامة لقوة القدس حسبما جاء في نص ميثاقها الداخلي والمندرج في وثائقها السرية هي :
1- جمع المعلومات العسكرية والإستراتيجية عن دول الجوار.
2- دعم الحركات التحررية في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية.
3- مكافحة وتصفية معارضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية

4-تدريب وقيادة التيارات المتطرفة وتنظيمها وإعلانها في البلدان الإسلامية لغرض إقامة نظام يرتبط بالنظام الحالي في إيران

واجبات قوة القدس الخاصة
نظرا لأهمية العراق في الجهات العسكرية في النظام الإيراني تتعهد قوة القدس بمسؤولية خاصة تجاه العراق وهي :
1- تشكيل قيادة فصائل للتدخل في شؤون العراق وبهدف تنشيطها لفعاليات استخبارية وإرهابية وسياسية واجتماعية، تشمل هذه الفصائل حركة حزب الله وحركة 15 شعبان وحركة سيد الشهداء ومنظمة المجتمع الإسلامي وحركة ثار الله والخ.
2- قيادة وتقديم الإسناد الكامل للأحزاب والمنظمات السياسية المنتمية إلى النظام الإيراني عن طريق معسكر رمضان لغرض تنشيطها في خدمة أهداف النظام. وتشمل هذه الأحزاب والمنظمات التي عاشت خالا الفترة الماضية قبل الغزو في إيران
3-تنفيذ فعاليات تخريبية في العراق عن طريق الإسناد المباشر وغير المباشر للمنظمات التخريبية الإرهابية المتطرفة في العراق وما شابه لغرض استمرار وضعية الانفلات الأمني في العراق. ويتضمن هذا الأمر تدريب وتأمين القواعد والدعم المالي والإسناد اللوجستي الذي يشمل السلاح والتجهيزات وتأمين إمكانيات السفر ونقل البضائع الخ لهذه المنظمات.

4- تمرير الخطوط السياسية للنظام الإيراني في العراق لغرض إقامة حكومة متطرفة له.
5- دس العناصر العميلة إلى الجهات الأمنية والشرطة والدوائر الحكومية والدوائر الحساسة الأخرى العراقية.
6- تنفيذ الفعاليات الاستخبارية والإرهابية ضد معارضي النظام الإيراني في العراق.
7- إقامة العلاقة مع الحكومة العراقية والأحزاب والمنظمات العراقية لغرض طرح المطالب للنظام ويتم هذا العمل عن طريق إجراء لقاء غير رسمي وبصورة فردية مع الشخصيات الحكومية
8-جمع المعلومات العسكرية عن القوات الأمريكية.
9- تنفيذ الفعاليات التطرفية في العراق عن طريق تشكيل (لجنة مبين) الثقافية وإقامة معارض الكتاب وتشكيل شبكات إذاعية وتلفازية.
10- إقامة العلاقة مع الشيوخ والعشائر وطبقات المجتمع العراقي ومن ثم تنظيم سفرات لهم إلى إيران لغرض توجيههم وتعليمهم لأجل ترويج التطرف والاستفادة منهم في العراق لتنظيم المظاهرات الاجتماعية ضد قوات الائتلاف والمعارضين.

11- تنفذ فعاليات الإسناد لغرض استقطاب طبقات المجتمع، والتي تشمل تشكيل (لجنة كوثر) وشركات النقل وتأسيس المحال التجارية وفعاليات لجنة الإغاثة وشركات تجارية.
12- رصد كافة السفرات إلى العراق عن طريق (مركز بعثت) للإرسال.
13- السيطرة على الجرائد ووسائل الإعلام العراقية عن طريق شراء الذم والإغراء أو تهديد رؤساء التحرير أو الهيئة التحريرية للجرائد العراقية.

التنظيم
تتكون قوة القدس التابعة لفيلق حرس الثورة أكثر من 21/ ألف شخص وتتألف من عدة فيالق وشبكة واسعة من ضباط الاستخبارات وعناصر لتنفيذ العمليات. وتقوم قوة القدس بجمع المعلومات وتنفيذ العمليات التخريبية في كثير من بلدان العالم. تقود قوة القدس الفعاليات التخريبية والاستخبارية في لبنان وأفغانستان والعراق والبحرين والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والبوسنة وغيرها من دول. وتم تأسيس أربعة معسكرات قيادية لقوة القدس في المناطق الحدودية لغرض قيادة الفعاليات الإرهابية والعملياتية في دول الجوار العراق وأفغانستان وبلدان آسيا الوسطى. المعسكر القيادي المخصص للعراق يسمى معسكر رمضان ومن الجدير بالذكر أن قوة القدس لها ممثل في كل سفارة من سفارات النظام الإيراني في الخارج ويعمل ممثلو قوة القدس في السفارة تحت عنوان الكادر الدبلوماسي.

في ما يلي تفاصيل تنظيم قوة القدس :
المديريات والوحدات
تنظيم معسكر رمضان :
معسكر رمضان التابع لقوة القدس مسئول عن الأمور في العراق. آمر معسكر رمضان عميد الحرس (ايرج مسجدي) ويكون عميد الحرس (أحمد فروزندة) معاونا له. ويتكون معسكر رمضان من 6 معاونيات و3 مديريات و 4 معسكرات فرعية في الحدود.
وفي ما يلي المعسكرات الفرعية :
1- معسكر نصر :
ويقع معسكر نصر ومقره في مدينة نقده وهو مسئول عن منطقة شمال كردستان والتدخل في منطقة كردستان العراقية. ولمعسكر نصر عدة مقرات داخل منطقة كردستان العراقية وهي مقر السليمانية ومقر مصيف صلاح الدين ومقر دهوك ومقر حلبجة. وهناك مقر تعبوي لهذا المعسكر وهو في مدينة (مريوان) الحدودية في محافظة كردستان. وتم نقل مقر معسكر نصر إلى مدينة مريوان في شهر تشرين الأول ـ أكتوبر عام 2003.
وعقب احتلال العراق قام معسكر رمضان بتحول مقراته التي تعرف باسم مقرات معسكر رمضان إلى مقرات رسمية وتحت عنوان القنصلية أو مكاتب تجارية أو ثقافية ولكن هذه المقرات كانت تتابع مسؤولياتها السابقة وهي الفعاليات الاستخبارية والتخريبية ويكون العميد الحرس(حرمتي) من قادة معسكر رمضان مسئولاً عن ممثلية الحكومة الإيرانية في السليمانية والأعضاء الآخرين في المكتب هم أيضاً من أفراد قوة القدس.
2- معسكر رعد :
يقع مقر المعسكر في مدينة مريوان. وتشمل مسؤوليات المعسكر اللقاء والتنسيق والجماعات المتطرفة وتضم منطقة مسؤولية معسكر رعد المناطق الجنوبية لكردستان العراقية. آمر معسكر رعد العميد الحرس (مجيد).
3- معسكر ظفر:
آمر المعسكر العميد الحرس (مسكريان) ويعمل محمود فرهادي معاونا له. وينفذ معسكر ظفر واجبات في المناطق الغربية لايران والتي حدود محافظه كرمنشاه ومحافظة إيلام الإيرانيتين وأيضاً محافظات ديالى وصلاح الدين وبغداد وفي قسم من كردستان العراقية مثل مدن دربنديخان وكلار. احد ضباط معسكر ظفر وهو العميد الحرس فرهادي يتردد إلى محافظة ديالى وبعض الأحيان يبات في بعض مدنها. (فرهادي)و(مسكرسان) هما مسئولان عن منظمة الرفاه للشعب العراقي وتستخدم هذه المنظمة كمواجهة لفعاليات معسكر ظفر في العراق.
4- معسكر فجر :
آمر معسكر فجر العميد الحرس (عبيداوي) والذي يكنى بـ (أبو يوسف) يقع معسكر فجر في مدينة أهواز الإيرانية ويغطي جميع المحافظات الشيعية في العراق. وعلى هذا الأساس يعتبر معسكر(فجر) الأنشط والأكثر تأثيراً بين المعسكرات التابعة لمعسكر رمضان. ويقوم معسكر فجر بتنفيذ وقيادة القسم الأكبر من واجبات قوة القدس في المناطق الجنوبية في العراق.
ويدير معسكر فجر ثلاثة مقرات تعبوية في مدن خرمشهر الحدودية وتسمى هذه المقرات بأسماء المدن التي فيه. تحول المقر الرئيس لمعسكر فجر من مدينة أهواز إلى شلامجة في تشرين الأول – أكتوبر 2003 ويعتبر مقر المعسكر في أهواز مقر الإسناد له.
وتخضع الأغلبية المنظمات المتطرفة الفعالة في جنوب العراق تحت سيطرة معسكر فجر.

محاور تسلل معسكر رمضان إلى العراق:
قام معسكر رمضان بتحديد محاور جديدة للتسلل إلى العراق كما يلي :
1- المحور الجنوبي
آمر المحور العميد الحرس أحمد فروزند هو يشمل المحور الجنوبي مناطق البصرة والناصرية والنجف وكربلاء والحلة. وتسند المحور الجنوبي المقرات الموجودة في مدن شلامجة وبستان.


وبعد أن عرفنا حقيقة التدخل الإيراني في العراق هنالك سؤال يطرح نفسه الآن وبقوة، هل إيران وعملائها قادرون على البقاء في العراق بعد الانسحاب الأمريكي المرتقب من العراق؟؟
السؤال سبق لي أن أعطيت وجهة نظري فيه وهو إن العراقيين الذين آذوا الأمريكان في العراق قادرون بلا شك على إيذاء إيران وعملائها ؛ وان إيران وعملائها - حقيقة - واهمون بان يتحقق لهم شيء من المطامع الإيرانية في العراق.

jjmm67@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
عن الصعود التركي
خليل العناني
الوطن عمان
قبل خمس سنوات كانت تركيا أقرب لبلد شرق أوسطي هزيل ، لا ينعم بقدرات "القطب" الإقليمي ، فى حين كان اقتصادها يرزح تحت أعباء ديون خارجية دفعت البنك الدولي إلى اعتبارها بلداً منكوباً اقتصادياً أواخر التسعينات من القرن المنصرم .
أما الآن فالصورة قد تغيرت تماماً ، ولن أخوض فى الأبعاد الاقتصادية التي ترسم قسمات المشهد التركي حالياً، والذي فاق كل التوقعات ، وإنما أركز هنا على السياسة الخارجية التركية التي تبرهن على حقيقة واحدة وهي أننا نشهد بروز قطب إقليمي جديد هو "القطب التركي" الذي يسعي لإثبات وجوده بشكل لا يمكن تجاهله .
فمن جهة أولى باتت تركيا ، عنصراً رئيسياً وفاعلاً فى السياسات العربية المختلفة ، ولم تعد ضفتي المتوسط مجرد جسر جغرافي بين أنقرة وبلدان المنطقة ، وإنما باتت رافعة حقيقية للتطلعات التركية فى منطقتنا والتي تتخطي حاجز الدور السلبي كي تصبح فاعلاً إيجابياً فى معظم القضايا العربية ، بشكل واقعي وموزون .
ومن جهة ثانية تجاوزت تركيا نمط الدولة "المتدخلة" إلى نمط الدولة "المتضامنة"، فطريقة التعاون التركي مع العالم العربي لا يغلب عليها الطابع الصراعي ، وهو ما قد يميز تركيا عن غيرها من الدول الإقليمية الأخري التي تسعي للعب دور فى الساحة العربية ولكن عبر استغلال الصراعات القائمة لتعظيم مكاسبها .
ومن جهة ثالثة، نجحت تركيا إلى حد بعيد فى إعادة توصيف نفسها فى الإطار الغربي، فلم تعد هي تلك الدولة التابعة للمعسكر الغربي والممسوخة الإرادة دون قدرة على إقامة توازن مصلحي فى علاقتها مع الغرب، وإنما باتت دولة واعية بمصالحها من جهة، وبدورها وإمكاناتها الاستراتيجية والسياسية من جهة أخري لذا لم تتعرض للابتزاز الغربي فى العديد من الملفات وكان آخرها الحرب على العراق قبل أكثر من أربع سنوات حين رفضت السماح للقوات الأميركية باستخدام أراضيها لإسقاط النظام العراقي السابق .
ومن جهة رابعة، لم تعد تركيا تلك الدولة "المتسولة" التي تستجدي إقامة علاقات مع الآخر للحصول على امتيازات أو مساعدات مادية واقتصادية، وإنما باتت الدولة "المتوازنة" التي تسعي لإقامة علاقات شراكة اقتصادية متكافئة بما يحقق استقلالاً واعياً فى قرارها السياسي.
لكل هذه العوامل شهدت منطقة الشرق الأوسط نسخة جديدة للدولة التركية، تختلف كلياً عن تلك التي سادت فى الأذهان قبل 2002، أي ما قبل وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة.
والآن تلعب تركيا دوراً مهماً فى مختلف ملفات الشرق الأوسط فمن جهة تبرز تركيا كفاعل محوري فى الملف العراقي ، وهو وإن لم يكن أمراً جديداً عليها ، إلا أنه اكتسب زخماً مذهلاً عقب الغزو الأميركي للعراق ، بحيث باتت تركيا تواجه تهديدات مباشرة لأمنها الوطني، إما بسبب الفوضي المنتشرة فى العراق والتي فشل الأميركيون فى السيطرة عليها ، وإما للنزعات القومية الكردية التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى ، وإما للتهديد المباشر الذي يمثله حزب العمال الكردستاني على الدولة التركية .
ومن هنا تبدو علاقة تركيا بالملف العراقي علاقة استراتيجية مفروضة بحكم الواقع الجغرافي والاستراتيجي بيد أن المدهش هو القدرة البارعة لتركيا على إدارة هذا الملف بشكل براجماتي حقق لها العديد من المصالح فى وقت واحد ولنأخذ أزمتها الراهنة مع حزب العمال الكردستاني، والتي أدارها رجب طيب أردوغان ببراعة يُحسد عليها، فقد ضرب عدة عصافير بحجر واحد، أولها تعبئة الداخل التركي تجاه خطر العمال الكردستاني واستغلال ذلك فى إذابة الجليد فى علاقته بالجيش ، وهو ما أبرز صلابة الموقف التركي الداخلي.
وثانيها استغلال الأزمة فى تحقيق تعاون استراتيجي مع الولايات المتحدة ، التي تسعى بكل جد لإعادة بناء العلاقة مع الحليف التركي ، خاصة فى ظل الاستقطاب مع القطب الإقليمي الآخر (إيران) وثالثها ، قدرة تركيا على تحييد العالم العربي فى صراعها مع حزب العمال الكردستاني .
من جهة ثانية، لا يمكن لأحد إغفال الدور التركي فى ملف الصراع العربي الإسرائيلي بأجنحته المختلفة فعلى الجناح السوري ، لعبت تركيا ، ولا تزال ، دوراً مهما فى تخفيف التوتر السوري - الإسرائيلي والسوري - الأميركي، وهناك حديث عن دور تركي مهم فى إنجاز تسوية سورية - إسرائيلية قد تحدث فى المستقبل كما أن هناك حديثا عن إقناع تركيا للولايات المتحدة بضرورة دعوة دمشق لحضور مؤتمر أنابوليس المفترض عقده أواخر الشهر الجاري بالولايات المتحدة أما على الجناح اللبناني ، فقد لعبت تركيا طيلة الأسابيع الماضية دوراً مهما، من خلال المظلة الأوروبية ، للوصول إلى حل لأزمة انتخاب الرئيس اللبناني القادم وعلى الجناح الفلسطيني، تسعي تركيا لتهدئة التوتر بين إسرائيل وعباس، ويكفي للتدليل على ذلك ما حدث مؤخراً حين استقبلت أنقرة كلاً من الرئيسين الإسرائيلي شيمون بيريز والفلسطيني محمود عباس فى وقت واحد كما استضافت أنقرة مؤخراً أضخم مؤتمر إقليمي لمناصرة قضية القدس الشريف الذي عقد قبل يومين .
كل هذه المؤشرات تؤكد حقيقة واحدة وهي أن تركيا تعيش تجربة جديدة ملمحها الأساسي هو الصعود والرغبة فى لعب دور بارز فى الشرق الأوسط ، يساعدها فى ذلك الفراغ الموحش الذي تعيشه المنطقة والذي يدفع كل ذي إرادة للعمل على ملئه.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
اللاجئون العراقيون وشرط ( الخدمة العسكرية) !!
مهند البراك
الحوار المتمدن
برز العراق بكونه احد ابرز دول العالم ثراءاً، وبمواصفاته الجيوبوليتيكية والتاريخية المعروفة . . . كأحد اشهر البلدان التي يهرب منها ابنائها رجالاً ونساءاً واطفالاً، من مختلف الأطياف وعلى طيلة مراحل لم تنفك عن الأزدياد والشمولية . . حيث يهرب ابنائه ويغادروه وهم ممتلئين الماً وحسرة على وطنهم الذي تعلّقوا واعتزّوا به وخسروه وأُجبروا على مفارقته، وهم يقدمون على آفاق المجهول .
وفيما كانت الأسباب تتمحور على الأضطهاد السياسي والقومي والديني بداية . . اخذت الأسباب تتزايد وتتسع شمولية وصارت لاتتعلق بموقف او بصراع مع حزب ما او بموقف من نظام بعينه . . بقدر ماصارت هرباً مبكياً من حياة جميلة تشبثوا بها وعملوا ويعملون مابوسعهم على احيائها في بلادهم هم، في ظروف تزداد وحشية وشراسة بسبب الأحتلال، الأرهاب المنفلت المتفاقم الذي فاق كلّ التصورات والذي اخذ يؤدي باوساط واسعة الى ان ترتعب حتى من فكرة انسحاب القوات الأميركية .
في معادلات متداخلة غير واضحة المعالم ولم يعلن عن حقيقتها، اخذت تلعب فيها دول الجوار بمباركات اعلى او بدونها، ادواراً هائلة منظورة وغير منظورة، لاتهدد الاّ باحتمالات اندلاع حروب وحروب جديدة يستمر فيها شعب العراق وقوداً لأدامتها وسط جدران معتمة تحول دون النظر الى كيفية استمرار تدفق النفط سبب الأسباب . . الى الغرب، رغم كل المصائب.
حروب صارت مخاطرها النووية شبحاً وحشياً قائماً يثير الرعب والخوف، في وقت تعاني البلاد فيه وتئنّ من نتائج تأثيرات الأسلحة الكيمياوية واسلحة اليورانيوم والمواد المشعة المتنوعة وغيرها التي استعملت في فترات ماضية متنوعة ومن اطراف متنوعة، لم تعرف في صراعها والى الآن حقوق العراقيين ابناء البلاد ولم تبالِ بمصائرهم كبشر . .
ورغم انهيار الدكتاتورية والبدء بانشاء دولة المؤسسات على اساس نتائج انتخابات جرى اجراؤها، وعلى اساس القيام بعمليات لأكتساب الخِبَر، باعتبار ان (العملية الديمقراطية) لاتتم بضربة واحدة، ورغم معوقات عودة القسم الأكبر وعودة قسم آخر ورغم الفساد الأداري والسرقات الخيالية ورغم ورغم . . يتواصل النزيف مرعباً مدمراً مهما تهادى احياناً حتى صار يشمل كل المكونات والأطياف العراقية لأسباب كثيرة التنوع والمصادر لاتدفع باهله والشباب منهم على الأخص الاّ الى ترك البلاد باي ثمن . . والى حيث القت !!
ان الضغوط والوجوه العابسة ـ دع عنك السجون والصوندات والجزمات ـ والرفض (القانوني) الذي تواجهه عشرات آلاف العوائل العراقية الهاربة من (جحيم الوطن) في دول العالم، الذي اخذ يزداد تعقيداً بسبب انتمائها العربي والأسلامي . . يطرح عشرات الأسئلة عن مسؤولية الأدارة الأميركية، باعتبارها هي التي اشعلت الحرب من جهة وباعتبارها المسؤولة الأولى عن الحالة العراقية سواء بواجباتها التي نصّت وتنص عليها اللوائح والأتفاقات والعقود الدولية كـ " دولة تمارس الأحتلال" من جهة ولكونها صاحبة القوة الأولى عسكرياً وسياسياً في عالم اليوم .
وفيما تسدّ الأبواب امام العراقيين في كل انحاء العالم وتُجَمّد قوانين اللجوء المعمول بها تأريخياً بوجههم، محوّلة ايّاهم الى تجمعات بلا وثائق معمول بها وبلا هوية وبلا سماح بممارسة عمل، كي يعملوا وفق مشيئة ربّ ايّ عمل من الأعمال التي يأنف منها المجتمع المعني . . كتجمعات تتركّز في دول الجوار بشكل اخصّ بحكم سهولة الوصول اليها حتى على القدمين . . وفيما تنتظر الوف العوائل العراقية فيها قرارات دوائر الهجرة بلا طائل، متحوّلة بذلك الى حالة اضخم بما لايقاس من حالة اللاجئين الفلسطينيين الذين اجبروا على ترك مرابعهم عام 1948 وبنفس آلية الخطى التي رمتهم متناثرين في بلدان جوارهم في الأردن، سوريا، مصر وجنوب لبنان (*) . .
بدأت دوائر الهجرة تشترط على العراقيين المتقدمين للهجرة الى الولايات المتحدة ( بعد ان فرضت عليهم الهجرة اليها) ، التوقيع على تعهد يوافقون فيه على ان يخدم ابنائهم في الجيش الأميركي !! كي تتم الموافقة على هجرتهم الى هناك ! حيث تتم الأجابة على طلباتهم ايجاباً بعد ثلاثة شهور من تأريخ تقديم الطلب، والاّ فأن انتظارهم سيكون لانهائياً .
رغم انه من المعروف ان الخدمة بالجيش الأميركي تطوعية وعلى اساس عقود عمل يجري تحديدها اوتجديدها . . الأمر الذي ان كان يذكّر بموافقة الأدارة الأميركية على منح ملايين المكسيكيين والبورتوريكيين واللاتينيين العائشين في الولايات المتحدة الأميركية، الذين جرى التغاضي عنهم بعد ان أُجبروا على العمل في مجالات التنظيفات واعمال العضلات ومهن الليل وبأية اجور يفرضها ربّ العمل . . . حين وافقت ادارة الرئيس بوش على منحهم الكارت الأميركي الأخضر بشرط التطوّع في الجيش الأميركي الذاهب الى حرب العراق .
فأنه يلقي اضواءاً ساطعة على ماهية حقيقة توجهات ادارة الرئيس بوش ووجهتها في اشعال الحرب من جهة، وعلى ما ستكون عليه حالة الشرق الأوسط القادمة ان استمر السير على هذا المنوال المتلاطم، الذي قد تكون ملامحه بدأت بالظهور . . بمخاطر تعشعش وانتشار الأرهاب، تصاعد العنف والصدام في عموم المنطقة ومشاكل الضفة والقطاع، اضافة الى وجود اعداد العراقيين الهائلة الهائمة بهذا الشكل في دول الجوار التي اخذت تلعب دورا لايمكن اخفاؤه وبشكل خاص رؤوس الأموال الفلكية والكبيرة التي حملتها وتحملها اوساط منها، اضافة الى تكوينها الواسع للأيدي العاملة الماهرة رخيصة تاتي وتجبر على المغادرة عند الطلب، او دورها في تصريف المنتجات المحلية واستهلاكها، واستصلاح المناطق النائية باجبار اللاجئين على السكن فيها، وغيرها، اضافة الى حرف الصراعات الأجتماعية والطبقية الجارية في المنطقة . . الى صراعات عرقية وطائفية، جهوية ودولتية، ثقافية ودينية وسايكولوجية اجتماعية. . اخذت تتصدّرها اقطاب اقليمية ومن الجوار.
في وقت تزداد فيه نداءات العلماء والمفكرين وتتزايد فيه الفعاليات الشعبية في دول العالم، التي تدعو الى تخفيف سياسات الحروب والمواجهة وتصعيد وافتعال الصراعات العرقية والدينية والطائفية، ومن اجل السلم والصداقة بين شعوب العالم لمواجهة التحديات الخطيرة التي يواجهها عالم اليوم ابتداءاً من كارثة سونامي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) تقدّر دوائر الأمم المتحدة ودوائر الهجرة بان هجرة العراقيين اليوم، هي اضخم هجرة في الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الأولى .

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
العراق في زمن الكوليرا
عبدالوهاب حميد رشيد
الحوار المتمدن


"إن تفشي الوباء هو مجرد حالة من حالات الطوارئ الصحة العامة والتي تُغطي البلاد والخدمات الاجتماعية."
وهذا نوع من الأخبار التي تُفزع كل شخص. ذلك أن تفشي الكوليرا في العراق الذي بدأ في محافظتين من المحافظات الشمالية، وصل بغداد وصار منتشراً في البلاد مؤخراً. وهذه "الحالة المخيفة والخطرة"، كما صرّح بختيار أحمد- القائم على مساعدة صحة طوارئ اليونيسيف- تُعمق من مخاطر تهديد حياة الناس في ظروف مُعاناتهم أصلاً من نظامهم الصحي المُدمَّرْ.
وحسب جرمي هوبس مدير اوكسفام الدولية: "إن العنف الفظيع في العراق منع استمرار المساعدات لمواجهة الأزمة الإنسانية. تصاعدَ سوء التغذية بين الأطفال بشكل مثير، كما أن الخدمات الأساسية التي دُمِّرتْ بفعل سنوات الحروب والمقاطعة، أصبحت غير قادرة على مواجهة حاجات شعب العراق. أُجبر ملايين العراقيين على الهرب من العنف إلى أجزاء أخرى من البلاد أو إلى الخارج. ويعيش الكثيرون منهم في فقر مدقع."
تكشف الإحصاءات أن 28% من أطفال العراق يُعانون من سوء التغذية مقارنة بـ 19% قبل الغزو/ الاحتلال 2003. ولِدَ أكثر من 19% من مجموع الولادات الحية دون الوزن الاعتيادي في العام 2006 مقارنة بـ 4% العام 2003.
يؤدي سوء التغذية إلى الموت نتيجة الظروف الأخرى المحيطة وتسهيل الإصابة بأمراض المعدة والجهاز التنفسي. كذلك يؤثر نقص الغذاء ليس في الأطفال فحسب. وتشير التقديرات إلى أن أربعة ملايين عراقي- 15% من مجمل سكان العراق- غير قادرين على شراء كفايتهم من الطعام بانتظام، ويعتمدون على المساعدة الغذائية.
لا تنتهي معاناة أطفال العراق إلى هذا الحد. أصدرت رابطة الأطباء النفسانيين في العراق العام الماضي تقريراً تضمّن أن الولايات المتحدة التي قادت غزو/ احتلال العراق تسببت بشكل ضخم في انتشار الأمراض النفسية بين أطفال العراق. أعلن المتحدث باسم الرابطة- مروان عبدالله: "إنه لأمر مثير كم كان الضرر النفسي كبيراً. الشيء الوحيد المتركز في عقول الأطفال هو السلاح، الطلقات النارية، الموت والخوف من الاحتلال الأمريكي. ماذا يستطيع المرء أن يقول لهؤلاء ممن تسببوا في تدمير حياة أطفال العراق وآمالهم!؟"
اضطر الضعفاء غير القادرين على مواجهة و/ أو تحمل الحالة المضطربة القائمة، الهروب إلى داخل وخارج البلاد. ولوحظ كيف أن هذه التدفقات المليونية من المهاجرين فرضت ضغوطاً قاهرة على الخدمات الاجتماعية في المحطات الجديدة للمهاجرين.
يُعاني حالياً 70% من سكان العراق من نقص إمدادات مياه الشرب و80% يُعانون من نقص خدمات الصحة العامة sanitation. حذّر الدكتور عبدالرحمن عادل علي- مديرية صحة بغداد- من العواقب الخطيرة لخلل وتسرب مياه البلاليع. وحسب قوله: "في بعض الضواحي الفقيرة من بغداد، الناس يشربون الماء المختلط بمياه البلاليع."
المستشفيات العراقية عاجزة عن الاستجابة للحاجات الصحية للناس. تذكر الإحصاءات أن 90% منها (المستشفيات) تُعاني من نقص الموارد الحيوية مثل الأدوية الأساسية ومتطلبات العمليات الجراحية. من جهة أخرى تركتْ العراق أغلبية المنظمات الدولية للمساعدة. وتفاقمت الحالة الصحية بهجرة الكوادر الطبية المتخصصة، بخاصة الأطباء. من مجموع 34 ألف طبيب تواجدوا في البلاد العام 2003، هاجر 12 ألف طبيب إلى الخارج، وقُتل أكثر من 2000 طبيب.
لا تقتصر آثار الحرب على العراقيين ودول الجوار المضيفة فقط. أصدر مكتب الميزانية غير الحزبي في الكونغرس تقريراً للمشرّعين في الولايات المتحدة تضمّن أن التكاليف الكلية لهذه الحرب على الحكومة الأمريكية سوف تتجاوز الترليون دولار (ألف بليون/ مليار دولار)، على الأقل ضعف ما أُنفق أصلاً. وهذه التكاليف ستتحقق حتى في ظلّ أفضل الظروف- إنقاص كبير وفوري للقوات- وسيُعاني من ثقلها دافعوا الضرائب الأمريكان لعقد قادم، على الأقل.
كما وأُصيب الجنود الأمريكان بجروح نفسية عميقة سوف تستمر معهم طيلة الحياة. في دراسة أُجريت العام 2004 لعينة من 1300 من الجنود المظليين لـ Fort Bragg الذين اشتركوا في الحرب، أظهرت أن 17.4% منهم يُعانون من اضطرابات عقلية. يُضاف إلى ذلك، فقد عانى، ولا زال، كثرة من جنود القوة المحتلة من جروح عديدة إلى درجة أن لفظة الاضطراب المفرط polytrauma أصحبت تُستخدم بشكل متزايد من قبل الأطباء العسكريين الأمريكان.
بُغية الاستجابة بشكل كاف لهذه الحالة الطارئة التي تواجه العراقيين، من المهم والحيوي جداً تحسين آلية توزيع الغذاء والدواء، ودعم جهود المنظمات غير الحكومية المستمرة في العمل بالبلاد. استحثت رابطة الأطباء النفسانيين العراقيين المجتمع الدولي للمساعدة على إنشاء مركز للصحة العقلية في العراق، باعتباره الحاجة الأكثر إلحاحاً.
كذلك أنه لأمر ملح العمل على تخفيض جو الكراهية وعدم الثقة الذي يسود في العراق. إن تحسين الأوضاع الغذائية والصحية للعراقيين، وعلى مختلف المستويات، سيخلق لديهم الإحساس بأنهم غير منسيين و/ أو محل تجاهل. كما أن شهرة كل من اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية في مجال العمل على تحسين صحة الناس في مختلف مناطق العالم، يدعو إلى بناء قوة فعالة تضم الرسميين والمنظمات الإنسانية لتوفير الحاجات الأساسية للعراقيين، وتخطيط الفعل للمستقبل. إن تحسين صحة الناس يمكن أن يشكل المفتاح لكسر الحلقة المفرغة للسلبية وعدم الثقة. وهذا يخلق لدى العراقيين شعوراً جديداً نحو الأمل.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
فصل جديد في «الفتنة
افتتاحية
الشرق قطر
التطورات الأخيرة في العراق تنذر بما هو أسوأ في فصول الفتنة الطائفية فيه، فبعد اغلاق مقر «هيئة علماء المسلمين» واذاعتها في بغداد، خرج رئيس ديوان الوقف السني احمد عبد الغفور السامرائي باتهامات خطيرة للهيئة بأنها «أصل الفتنة في العراق»، ولعل أخطر مافي هذا الاتهام هو التأكيد على أن قرارا بتصفية الهيئة دخل حيز التنفيذ، وهو القرار الذي لقي معارضة ورفضا في صفوف العديد من العراقيين، مما يعني أن مواجهة سنية - سنية، وتصفيات متبادلة ستذكي عنفا جديدا في العراق، وستلهب مشاعر وعداوات تسيل بسببها دماء جديدة بين أنصار «الهيئة» ومؤيدي «الوقف».

«الحرب على القاعدة»، كانت دائما عنوان الحملات الأمريكية على المقاومة العراقية دون تمييز بين «القاعديين» فعلا، والذين هم في حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة ورأوا في العراق المرتع السانح لخوضها، والمكان الملائم لحسمها، وبين الوطنيين العراقيين الرافضين للاحتلال، وجميع المراقبين لايزالون يتذكرون اليوم الذي تمت فيه ازاحة رئيس الوقف السني آنذاك، ورئيس جبهة التوافق السنية حاليا عدنان الدليمي بقرار من حكومة بغداد بحجة تأييد «القاعدة» والتحريض على «العنف الطائفي». فهل بدأت الحكومة اليوم جني ثمار حربها الباردة على «الهيئة» عن طريق «الوقف»؟.

هناك اتهامات كثيرة لهيئة علماء المسلمين بأنها سقطت في «فخ القاعدة» من منطلق «تطرفها في المقاومة»، وعدم إدانتها للعمليات التي ترتكب باسم التنظيم في مختلف مناطق العراق، وبالذات «المثلث السني»، وإذا كان الأمر كذلك، فلايمكن تصنيف هذا «الإنزلاق» إلا من باب «الخطأ السياسي»، والخطأ السياسي يتم تصحيحه بالحوار، والتفاهم، لا بالتحريض والتهديد، وهذا ماينبغي للأطراف السنية في «الهيئة» و«الوقف» تفهمه واللجوء إليه حرصا على وحدة العراق وإعادة بناء لحمته الوطنية بين أبنائه دون تفريق بين سني وشيعي أو كردي، وإعلان جبهتهم الموحدة على أعداء وحدته في الداخل والخارج.


ت
عنوان ا لمقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
.إيران تفرض نموذجها على المنطقة ... من تصدير الثورة إلى تصدير الأمر الواقع ومن القومي إلى الديني
بهاء أبو كروم
الحياة
أظهرت مناقشات المؤتمر الوزاري الدولي الموسّع حول العراق المنعقد في اسطنبول الكثير من الوقائع وكشفت جزءاً كبيراً من النوايا الحقيقية التي تحكم الرؤية الإيرانية ومنهج تعاطي إيران مع الواقع العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص. وإذا أردنا اختصار وتبيان ما حصل خلال المؤتمر يمكن أن نشير إلى عدة وقائع.

فقد انتقد وزراء خليجيون السياسة الإيرانية في العراق ووصفوها بأنها تساهم في زرع الفتنة المذهبية وتــساعــد على تــقسيم العراق، واقترح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي خطة تتضمن انسحاباً فورياً لـ«القوات المتعددة الجنسية» ونشر قوات من إيران والسعودية وباقي دول الجوار بدلاً منها، يأتي هذا وكأنه يستكمل ما سمي باقتراح سد الفراغ الذي تقدمت به إيران منذ فترة.

إضافة إلى ذلك فقد تضمنت مناقشات مسودة البيان الختامي اقتـراحيـن لافـتـيـن تـقـدمت بهما إيران، فـقـد طـالب رئيـس الوفد الإيراني بحذف المقـطع المتـعلق بـتـشجيـع التـقدم في إقرار تشريعات لإصلاح قانـون اجتـثـاث البعث بـحسب ما تعمل على ذلك الحكومـة العـراقيـة بـعدما كان هذا القانون سبباً في ازدياد الشحن المذهبي والتوتر بين العراقيين إضافة إلى أنه كان السبب الرئيسي في تخلف أداء المؤسسات الوطنية العراقية، وطالب الوفد الإيراني بإضافة عبارة تدعو لدمج بعض الميليـشيـات بالجيـش العراقي وإدخال ذلك في أساس النص الذي يقول بضرورة نزع سلاح الميليشيات وتفكيكها.

بالمعنى العام يمكن الاستنتاج بأن إيران تريد الاستفادة من الاحتلال الأميركي في العراق إلى أقصى الحدود. فبعد أن ارتاحت من صدام حسين ومن عراق قوي تدفع اليوم إلى تقوية احتمالات قيام الفيدرالية في العراق وذلك عبر معاقبة الاتجاهات القومية واستبدالها بالاتجاهات الدينية والمذهبية وبالتالي استبدال الاحتلال الغربي الدولي بآخر إقليمي إسلامي عن طريق اقتراح إدخال السعودية إلى المناطق السنية وإدخال إيران إلى مناطق الشيعة فتبدو إيران وكأنها تريد شيعة العراق وأرضهم وثرواتهم وتريد في الوقت نفسه من سنّة العراق بأن يكونوا سنّة فقط وليس عرباً.

إن طبيعة النظام الإيراني المُركّب من مزيج سياسي عقائدي يدفع وبكل ثقة إلى التعاطي معه من زاوية مُركبة أيضاً. إذ ذاك يمكن القول إن ما يريده الإيرانيون من العراق والمنطقة العربية لا يقتصر على المستوى السياسي إنما يتخطاه إلى المستوى العقائدي أيضاً.

لذلك يبدو أن تراكم المفهوم الإيراني واشتداد وقعه على الحالة العربية أو الواقع العربي يؤشر إلى كثير من الأشياء وأهمها أن هناك إعادة صياغة وإعادة إنتاج لمفهوم تصدير الثورة، وإن لم يكن يتم ذلك بــشكل مبــاشر إنما عن طــريق الــواقــع الذي استطاعت إيران فرضه من خلال الميليشيات والقوى التي تدعمها وتموّلها في كل أرجاء ودول المنطقة، على قاعدة انتزاع الصراع العربي الإسرائيلي من أيدي العرب ووضعه في الأيدي الإيرانية بالدرجة الأولى وبالتالي تحويله من صراع قومي إلى صراع ديني أو حضاري، ومؤخراً تعمل إيـران على نـقـل المؤتمر المناهض لأنابوليس من سورية إلى إيران.

وهذا إن كان يؤشر إلى شيء فهو أن ليس هناك من حدود للطموح الإيراني وليس هناك من موانع أو حواجز دينية أو مذهبية لذلك، فإيران أمسكت بورقة المنطقة كلها وحولت حكوماتها إما مرمى لتهديدات قادة حرسها الثوري إذا ما نشبت الحرب مع الولايات المتحدة وإما أسيرة ميليشيات الأمر الواقع والتسلح الذي يتجاوز احترام حصانات الدول في المنطقة وسيادتها.

لقد نجحت المنهجية الإيرانية التي تعمل في المنطقة مستخـدمة الآلة العقــائـديـة والماليــة في «عسكرة» مجتمعـات بـأكملها في بـعـض الأحيـان، أو أجـزاء من مجتمعات في أحيان أخرى، ثم أعادت بعث أحلام بعض الشرائـح في الفـدراليــة وربـطت مصير المنطقة بمصيرها، وربطت الاستقرار الأمني بالمنطقة بحتمية قبول دورها الإقليمي المُتمدّد، وهذا النجاح يُحـتـسب لصـالح التـيـار الذي لا تـقـف طموحـاتـه أمـام هذا الحد.

وثمة وضعية مثالية تحوزها إيران اليوم إذا ما تمت مقارنتها مع نهاية السبعينات عندما تبنت فكرة تصدير الثورة، ويمكن أن نلاحظ بأن السطوة الإيرانية على المنطقة اليوم أشد بكثير من ذلك الحين، لذلك يمكن طرح بعض الأسئلة. ألا تنتهج الإدارة الإيرانية سياسة تصدير الثورة؟ وهل تحقق كل ذلك من دون ماكينة عقائدية ترمي إلى الوصول لأهداف محددة؟ وهل هذا النجاح الإيراني يعود فقط إلى سقوط الحاجز العراقي من أمامها؟

لا شك في أن التصدير يتم عبر تكريس مفاهيم جديدة باتت تشكل ألف باء ما يسمى منظومة المقاومة في المنطقة مثل الإقرار بوجود قوى مسلحة داخل المجتمعات، قوى تستطيع من خلالها إيران تطوير حضورها والحفاظ عليه في الدول الأساسية مثل لبنان وفلسطين والعراق إذ يتحول عبرها الدور الإقليمي لإيران إلى نفوذ إقليمي غير قابل للصرف إلا في إطار عدم الاستقرار العام وشق المجتمعات وعسكرتها وإسقاط نموذج الدولة ومفهوم السيادة الوطنية.

ولا يـــظهر الإيرانيون أي بــادرة الى أنهم يفهمون العـــلاقـــات الدوليـــة كما يجب أو كما تــشرحها القوانين الدوليـــة، خـــاصة في ما يتعلق بأدائهم مع العالم العربي والإسلامي المحيط، فخلال محطات كثيرة من تاريـــخهم لم يظهروا احتــــراماً كافيـــاً لحصانات الدول وغالباً ما تجاوزت اتصالاتهم وعلاقاتهم القنوات الرسمية المحددة، إذ تـُسقط إيران ما تتمتع به هي من حضور لمستويين في نظامها السياسي أو إدارتين مكتملتين تشتركان في دائرة القرار (الميليشيا الثورية و المؤسسات الرسمية) اللذين يعودان ليجتمعا عند الولي الفقيه، تسقط ذلك على طريقة تعاطيها مع الآخرين فعلى هذا الأساس يُقيم رسميو إيران علاقات مع رسميي الدول ويقيم ثوريوها علاقــات مع ثوريي وميليشيات الدول.

فتـَسقط أمام هذا الواقع حصانة الدول العربية وبالتالي يَسقط الحاجز العربي المعنوي والعملاني أمام طموح إيران وامتدادها، وعلى هذا الأساس يمكن التساؤل عما إذا كانت إيران تريد أو تسمح بقيام دولة عربية قوية على حدودها أو قريبة منها أو عما إذا كانت إيران تفترض في أي دولة عربية قوية مشروع دولة عدوة تنافس إسلامها أو إمساكها بقضية العرب والمسلمين.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم
الكاتب
مكان النشر
12
مشهد لم يعد مقنعاً
شارل كاملة
صحيفة تشرين دمشق
لمرات عديدة صعّد الديمقراطيون في الكونغرس الأميركي هجومهم على الرئيس بوش، واليوم وبنسخة طبق الأصل لما سبق، يصعّد الديمقراطيون الهجوم مع تبني الكونغرس مشروع قانون حول تمويل جزئي يبلغ 50 مليار دولار للعمليات العسكرية في العراق وأفغانستان يربط الموافقة على الصرف بانسحاب القوات، وهو مشهد مكرر دون نتائج.

الجديد في تصعيد الديمقراطيين هو وصفهم لبوش بالمستبد بشأن العراق في تذكير بما يحمله بوش من صلاحيات و«فيتو» على رأسها يبطل أي قرار من الكونغرس في حال تعارض قرار الأخير مع القرار الرئاسي، وزادوا على هذا الوصف بعض ملامح هجومين سابقين على شاكلة أن بوش غير مؤهل لتسلم هذا المبلغ مع شيك على بياض وأن الأميركيين يحتاجون إلى شخص يناضل من أجلهم ويستطيع التصدي لهذا المستبد في البيت الأبيض . ‏

هذا المشهد لم يكن استثنائياً على الساحة الأميركية وهي على أبواب انتخابات رئاسية وصفت بأنها الأكثر شراسة وهجومية في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية بالنظر إلى هول التجاوزات الأخلاقية والسياسية التي أوصلت أميركا بوش إلى الحضيض في مصداقيتها وأهدرت صورة أميركا إلى درجة غير مدركة وغير مسبوقة في تاريخها الأمر الذي اقتضى معه هذا التصعيد والهجوم من قبل النصف الآخر من مشهد اللعبة الديمقراطية لتكتمل المسرحية وتنطلي على المشاهد والسامع، ويصدق مع هذا الخداع أن أميركا ليست كلها في هذه المرحلة مع كونها الإمبريالية ذات الهيمنة العسكرية المدمرة والمستبدة، وأن مواطني الولايات المتحدة بأغلبيتهم العظمى متضررون من السياسة الحمقاء لإدارتهم ، ولا مصلحة البتة في الإبقاء على هذه السياسات ولسوف يغيرونها فوراً وقبل دخول البيت الأبيض حتى . ‏

ويتناسى الديمقراطيون اليوم أنهم شركاء حقيقيون بما يقدم عليه بوش من تطويع القوانين ووسائل الإعلام والمدارس ووسائل التغيير الأخرى عبر التحيز المنهجي والقمع المباشر وتعميم الجهل ونشر ثقافة الخوف وشراء الانتخابات أوالسكوت عن شرائها وإن اقتضى الأمر تزويرها، وهذا مسبوق وخاصة في عمليتي الانتخابات الأخيرتين، وبات معروفاً ومشهوداً أن الأميركيين عاجزون عن التغيير في حين أنهم لا يخفون توقهم له. ‏

المشهد اليوم يؤشر في المباشر منه، على أن مأزق بوش لا يقتصر على ما يواجهه من اخفاق في العراق ومحاولة استجرار المزيد من الأموال للتغطية بل في مواجهة الديمقراطيين المتربصين لتجاوزاته وابتعاد معظم الجمهوريين عنه وعدم تعاطفهم معه هذا مشهد يبدو حقيقياً لمن لا يعرف خفايا السياسة الأميركية المخادعة فالمفترض في بلد يزعم أنه ديمقراطي أن يكون الرئيس الذي يملك هذا السجل الحافل والمليء بالتجاوزات والاستبداد والأخطاء التي جعلت صدقية بلاده في الحضيض، وزعزع قدرتها على التأثير العالمي، موضع مساءلة عاجلة ومحاكمة أكثر سرعة والأكثر إلحاحاً وسرعة التنحية بدل الاستجابة لمطالبة بذرائع هي أقبح من ذنوبه كلها، وعدم إجراء كهذا يعني مشاركة في كل الذنوب ولن نشهد تغييراً يعوّل عليه. ‏


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
شعار العروبة الجديدة... «ما تفهموناش غلط»!!
فواد الهاشم
الوطن الكويتية
... في فيلم عربي قديم للكوميديان الكبير «سعيد صالح» يظهر في لقطة وهو يخون زوجته «إسعاد يونس» مع جارته الجميلة والمغرية «فريدة سيف النصر» وعندما تضبطهما الزوجة وهما معاً على السرير و «بلابيص».. يركض «سعيد صالح» خلف «أم عياله» قائلا وبخفة دمه المعهودة!! «أرجوكي يا حبيبتي... ما تفهمنيش غلط»!!
يرقد مع امرأة شبه عارية وعلى السرير وبمفردهما في الشقة ثم يقول لزوجته... «ما تفهمنيش غلط»!! هذا الوضع تكرر، ولكن ليس مع «سعيد صالح» بل مع الرئيس اليمني «علي عبدالله صالح» وحكومته أثناء الغزو العراقي، فبعد أن وقفوا مع القاتل ضد المقتول، وخرجت المظاهرات في صنعاء ترفع صور «المشنوق» وتهتف له ، وبعد أن قام «الأشطل» ـ مندوب اليمن في الأمم المتحدةـ بالتصويت ضد قرار تحرير الكويت بالقوة العسكرية، صرح أكثر من مسؤول يمني ـ عقب تحرير الكويت وإلى يومنا هذاـ قائلين .. «الكويتيون وحكومتهم فهمونا.. غلط»!! الفلسطينيون ـ أيضاـ كانوا «ألعن» في موقفهم المعروف ضد الكويت وشعبها ومنذ اللحظة الأولى لاحتلال الكويت وعقب التحرير بسنوات سمعنا العديد من «الأبوات» يقولون.. «فيه سوء تفاهم يا جماعة، ما فهمتونا...منيح»!! مساء أمس الأول، اتصل بي الأخ العزيز النائب « أحمد باقر» وأسمعني ـ على الهاتف النقالـ شريطا مسجلا للمدعو «وجدي غنيم» والذي يسمي نفسه «داعية» وهو يقول في خطبة له أمام مجموعة من مريديه و«المغيبين عن الوجود» ـ وخلال شهور الاحتلال العراقي ـ «الكوايتة بطروا وربنا وراّنا فيهم.. يوم، الاسرة الحاكمة في الكويت بتأخذ نص دخل البترول، والاسرة المالكة في السعودية بتأخذ نص البترول، بيركبوا عربيات مرسيدس فيها مقابض من الذهب، الكوايتة ادوا الروس الكفرة اللي دستورهم بيقول مافيش ربنا والحياة مادة تلتمية مليون دولار، ما تدونا احنا الغلابا في مصر.. حاجة»!! ثم يكمل «قصيدته» التي بدأها بالكفر وتوسطها بالكفر وختمها بالكفر.. «الكوايتة قاعدين بالفنادق الفخمة مستنيين الامريكان يحرروا بلدهم، ولما حصل، طلعت عندهم مظاهرة لجماعة اسمها الجنس الثالث، يعني رجالة عايزين يتجوزوا.. رجالة تطالب بحقوقهم»!! هذا غيض من فيض لما جاء به طويل الذقن قصير الادراك فاقد العقل، ليعلن ـ يوم امس ـ ان .. «الكوايتة فهموني.. غلط»!! كل هذا الكفر البواح الذي سمعته على الشريط ثم يقول.. «ما تفهمونيش غلط»، اما ما هو الصح؟! فعلم ذلك عند ربي وعند «غنيم» الذي «غنم» الدنيا وخسر الاخرة وتبعه.. الغنم»!! و.. اتمنى ـ انا ايضا ـ ان هذا الدعي.. «ما يفهمنيش غلط»!!
***
.. خالص الشكر والتقدير والامتنان لصاحب الجلالة ملك البحرين المفدى على قراره الغاء اقامة هذا الدعي، وعدم شمول ذلك بقية اسرته التي اثق تماما بأنها لن ترحل معه وستبقى على ارض «المنامة» العزيزة! انها «البحرين» الغالية على قلوب كل الكويتيين!
***
.. استكمالا لمقال يوم امس الاول «اجنحة البعث في قطر» حول شركة «الاجنحة الذهبية» التي توسطت لشراء طائرات بوينج للخطوط القطرية وتضم في عضويتها ثلاثة بعثيين عراقيين من بينهم «ناجي صبري الحديثي» وزير خارجية السابق، فقد وردتنا معلومات جديدة من مصادرنا الاوروبية تقول ان الحصة الاكبر في هذه الشركة ـ التي قبضت ثلاثمائة مليون دولار كعمولةـ مملوكة للشيخ «جبر بن يوسف بن جاسم» والمولود سنة 1967، وقد حصل ـ ايضا على توكيل من شركة اسرائيلية متخصصة بتصميم وصناعة معدات خاصة بالطرق السريعة توضع على الجانبين لمنع اصوات سير السيارات المسرعة من الوصول الى سكان المباني المطلة عليها! وتشاء الصدف ـ كما تقول هذه المصادر ـ ان الشيخ «جبر» يعمل كمدير مكتب وزير الخارجية الذي هو رئيس الوزراء ايضا الشيخ «حمد بن جاسم»!

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
مثقفو الاحتلال وجيش راقصي الباليه الامريكي
القدس العربي
هيفاء زنكنة
كان من بين البنود المهمة في برامج دعاة الاحتلال الانكلو ـ امريكي ـ الصهيوني للعراق المعلنة من مقراتهم ومؤتمراتهم في لندن وواشنطن، في أعقاب حرب الخليج الثانية، وجوب حل الجيش العراقي بحجة التخلص من آلته العسكرية التي تهدد العراق ودول الجوار وسلام العالم وأمنه،
وكان من بين الدعاة الناشطين عدد من (المثقفين) الذين كتبوا العرائض الي الادارة الامريكية ملتمسين تحريرهم وكان ابرزهم ( المثقف) كنعان مكية المعروف بأنه الذي زرع أبصال الزهور وأعد الحلوي لينثرها علي جنود (التحرير والديمقراطية)، عند غزوهم العراق، وفاء بوعده الشخصي للرئيس بوش بأن العراقيين سيستقبلون الجنود الامريكيين بالزهور والحلويات. والمعروف، ايضا، أن كنعان مكية (كنيته العراقية الشائعة هي أبو الحلوي والزهور) الذي شنفت قنابل الغزاة الملقاة علي عاصمتنا بغداد أذنيه، وكان لها وقع الموسيقي علي روحه، قد انسحب من نشاطه السياسي العام في العراق، ليجتر من مكتبه في احدي الجامعات الامريكية أحزان خيبته في (الشعب العراقي الذي لم يكن مهيئا للديمقراطية) حسب الوصفة الامريكية.
ولم يكن أبو الحلوي والزهور وحيدا في تأييد الغزاة ضد الشعب العراقي ومحاولة صب الشعب في قالب امريكي جاهز، الا انني اذكره هنا كنموذج يمثل ظاهرة ضمت العديد من (المثقفين) الاسلاميين والعلمانيين وبالاخص الشيوعيين. وقد تذكرت النموذج وبرامج (الديمقراطية والسلام ونزع السلاح)، منذ أيام، وأنا اقرأ خبرا أعلن فيه مسؤولون أمريكيون أن وزارة الدفاع الامريكية طلبت من الكونغرس تخصيص حوالي 88 مليون دولار لتطوير قنبلة ضخمة توجه بالقمر الصناعي تبلغ زنتها 13 طنا و600 كيلوغرام.
وقالت متحدثة باسم سلاح الجو الأمريكي إن الوزارة ستعمل علي إدخال تعديلات علي قاذفة القنابل من طراز B-2 حتي تتمكن من نقل تلك القنبلة وإلقائها علي الهدف المطلوب، وان هذه القنبلة ستسمي (الكبيرة الزرقاء).
وقد بلغ ما صرفته الادارة الامريكية 455 مليار دولار للبند العسكري المخصص لاحتلال العراق وافغانستان حتي الآن، حسب تقرير البنتاغون بتاريخ 25 تشرين الاول (اكتوبر) 2007. وطالب بوش بتخصيص 46 مليار دولار اضافي للعراق وافغانستان بعد ان تقدم بطلب سابق مقداره 150 مليار للبلدين، ولسنا بحاجة الي التوضيح بان هذه المبالغ الضخمة لن تصرف لصالح مواطني البلدين ولا للاعمار او تحسين الخدمات المعيشية والصحية والتعليمية أو اعادة المهجرين قسرا الي بيوتهم، بل ستذهب كلها الي جيوب الامريكيين انفسهم في مجالس ادارة شركات الاسلحة والتجهيزات العسكرية والامنية وعملائهم وميليشياتهم. وأفضل مثال علي ذلك هو وجود 180 الف مرتزق من شركات الحماية في العراق حاليا، وهو عدد تجاوز عدد قوات جيش الاحتلال الامريكي. ولشركة كي بي آر المتفرعة من شركة هاليبرتون ذات العلاقة الوطيدة بوزارة الدفاع الامريكية 50 الف مستخدم في العراق وافغانستان، وقد حصلت حتي الان علي مبلغ 20 مليار دولار من الميزانية العسكرية حسب صحيفة سياتل الامريكية. وانعكست رغبة كارتيلات انتاج الاسلحة بشكل كبير علي مجال البحوث العلمية فسخرت لتطوير الاسلحة القاتلة للانسان والمبيدة لكل اشكال الحياة، بدلا من صرف الاموال الطائلة علي تطوير نوعية الحياة الانسانية، والقضاء علي الاوبئة مثل مرض الايدز والسرطان بأنواعه.
ومن بين البحوث التي تصرف عليها ملايين الدولارات رغبة وزارة الدفاع الامريكية علي تطوير القنبلة الكهرطيسية HPM والأسلحة المضادة للأشعة تحت الحمراء والمنظار خارق القدرات مثل المنظار النيوترينوي ومنظار الفوتون ومسدس المستقبل الذي سيكون بامكان الجندي حمله بخفة اثناء المعارك في المناطق المأهولة بالسكان، وقد بوشر فعلاً بتحقيقه منذ عام 2000، حيث تم الشروع بتصنيع مسدس سيكون قادراً علي إطلاق الرصاص وأشعة الليزر والموجات الضوئية في وقت واحد، أي تضمينه قدرات عمل القاذف المضاد للتحصينات والدروع، وبشكل يجعل المقاتل يستغني في المرحلة الأولي عن حمل القاذف المستعمل حالياً بوزنه الثقيل.
خطر في ذهني، وانا أقرأ هذه الاخبار المخيفة، أن سعادة كنعان مكية، وغيره من مثقفي الاحتلال، بموسيقي القصف والخراب كانت ستتضاعف حتما في عام 2003 والسنوات التالية، لو أن الغزاة استخدموا في قصفهم لبغداد القنبلة الكبيرة الزرقاء وباقي الاسلحة المتطورة، ولم يكتفوا باليورانيوم المنضب والقنابل العنقودية والفسفورية والأي كي 77 أو النابالم المتطور، حيث كان بامكان هذه القنبلة ان تكون ذات فاعلية أعم وأشمل، وان تسبب زيادة كبيرة في عدد القتلي والمصابين وبالتالي أن يبلغ أنين المصابين وصرخات القتلي الأخيرة، نوتات موسيقية عالية كانت ستضيف الي روح مكية، المولع بموسيقي الاوبرا الكلاسيكية، متعة حداثية جديدة، وهي سماع نغمة الموت حية مباشرة صادرة من افواه الضحايا أنفسهم. ومثل مكية، المصاب بخيبة أمل في العراقيين وليس سادته الامريكيين، سكت كثيرون من دعاة (ان العنف طبيعة عراقية) وان الجيش العراقي هو جيش ابادة وقتل بينما يرون ان الجيش الامريكي بعدته وعتاده وحملات ابادته الجماعية ماهو الا فرقة راقصي باليه ارسلتها الادارة الامريكية الي العراق لتسلية المواطنين، وربما شعر بعضهم بأن من العار مواصلة الحديث عن نزع السلاح بعد ان رأوا بأم أعينهم زيف ادعاءات الدولة التي تبنوا (ديمقراطيتها) وكيف حولت ارض العراق واهله الي حقل تجارب لاكثر الاسلحة فتكا. أو لعلهم سرقوا واختلسوا ما فيه الكفاية من صفقات الأسلحة والعمولات والمنح والمساعدات فآثروا الانسحاب ليعيشوا في بحبوحة ما نهبوا ماديا ومعنويا. فكم من مركز للدراسات الاستراتيجية ومعهد للسلام وبناء الديمقراطية قد افتتح خارج العراق وداخله مدعوما من الدول الغازية باسم العراق، وكم مؤتمر انعقد، وايفاد دبر، وعقود وقعت باسم العراقيين وهم لايرون غير المصائب والكوارث ويعيشون شظف العيش وامتهان الكرامة. وتبقي مسألة حل الجيش العراقي ونزع سلاحه مهزلة مضحكة مبكية ازاء ازدواجية معايير دعاة الغزو، اذ لم نقرأ، منذ فترة التسعينات وحتي اليوم، أية عريضة مكتوبة من قبل مكية أو غيره من (المثقفين) يطالبون فيها الادارة الامريكية، صاحبة أكبر قوة عسكرية في العالم، والتي تملك لوحدها 44 بالمئة من مجموع القوة العسكرية لكل العالم، بنزع سلاحها وحل جيشها وايقاف حملات عدوانها علي عشرات الدول في العالم منذ اعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعضها ذو انظمة ديمقراطية منتخبة من قبل شعوبها.
ويعيش دعاة البراغماتية أو القبول بالأمر الواقع سياسيا، من مثقفي الاحتلال، تحت غطاء الذرائعية المبررة للاحتلال بجرائمه وانتهاكاته اما بشكل مباشرأي عن طريق تكرار شعارات الاحتلال المزيفة بحجة الحرب علي الارهاب، أو بشكل غير مباشر عن طريق الترويج لشعار القبول بالامر الواقع ووهم تقاطع المصالح.
ان مكية وغيره من مثقفي الاحتلال ومن بينهم مثقفو الحزب الشيوعي ـ الاسلامي، يتميزون بانهم صم بكم وفاقدو بصيرة، عندما تتعلق برامجهم وتصريحاتهم وكتاباتهم بطبيعة المحتل، وجرائمه البشعة، وانتهاكاته لحقوق الانسان، وقتله لأية مبادرة نابعة من صميم الشعب العراقي. انهم، لفرط دونيتهم الثقافية واستقرار روح العبودية في دواخلهم، لايتجرأون علي الوقوف بجانب المواطن العراقي وهو يدافع عن حقه في التمتع بروح الوطنية العراقية بينما يستميتون دفاعا عن حق المواطن الامريكي في الدفاع عن أمنه، وزيادة ميزانية التسلح، واقفين وراء مجرم الحرب جورج بوش الذي يعتبر ان (الدفاع عن امن امريكا واجب مقدس وان علي القوات المسلحة الامريكية والادارة الامريكية محاربة الارهابيين في الاراضي البعيدة لئلا يحاربونهم في امريكا نفسها)، حسب آخر تصريح له في الاول من تشرين الثاني من هذا العام، مطالبا الكونغرس الامريكي بزيادة ميزانية الدفاع الأمريكي لبرامج التسلح العسكري التي تجاوزت منذ الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001، أقصي معدلاتها، وباتت السياسة التوسعية للامبراطورية بحجة محاربة الارهاب مسوغا مقبولا لانتاج اشد الاسلحة فتكا بالبشرية.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
الكويت وايران
عماد السيف
القبس الكويت
لا مصلحة للكويت على الاطلاق في هذا التصعيد الاعلامي والتحشيد السياسي الدولي ضد ايران، وكما قال وزير الخارجية الدكتور الشيخ محمد صباح السالم في واحد من تصريحاته الثمينة دبلوماسيا والبعيدة النظر استراتيجيا 'لا مصلحة لا للكويت وايران في هذا التراشق الاعلامي'.
ايران دولة صديقة وجارة مهمة في المنطقة ومن الممكن ان تضطلع بدور محوري في تحقيق الاستقرار والامان في منطقة الخليج العربي، ومن الممكن بشيء من التفاهم وترسيخ اجواء الثقة المتبادلة بين ايران ودول منظومة مجلس التعاون الخليجي الوصول الى تفاهمات امنية وسياسية وحتى اقتصادية مهمة تعود بالنفع على شعوب المنطقة.
ايران اليوم، على خلاف مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي والضغط الدولي المستمر عليها، سواء أكان ضغطا سياسيا أم اقتصاديا يدفعها في بعض الاحيان الى اطلاق بعض التصريحات غير المسؤولة!! والتي غالبا ما تعود عنها وتنكرها! وحتى اطلاق بعض النواب الايرانيين او مسؤولين سياسيين من الدرجة الثانية لتصريحات استفزازية ضد الكويت ودول المنطقة يجب ان نضعه في اطاره السليم وهو ان هذه التصريحات هي تنفيس عن احساس عميق بالضغط والحصار الدولي ومحاكاة للرأي العام الداخلي!
عموما للكويت تجربة رائدة في التعامل مع هكذا مواقف دولية مضطربة، وتجربتنا في التعامل مع المجتمع العربي والدولي في حرب تحرير العراق من براثن النظام الصدامي تصلح لأن تكون نموذجا في التعامل بحكمة وذكاء مع الملف النووي الايراني وخلاف المجتمع الدولي مع طهران وتداعيات هذا الخلاف والتي من اهمها رواجا هو الحديث عن توجيه ضربة عسكرية لايران في الأشهر القليلة المقبلة.
المطلوب من الكويت كدولة عضو في المجتمع الدولي احترام القرارات الصادرة فقط عن هيئة الامم المتحدة وهي ملزمة بحكم واجباتها الدولية باحترام تنفيذ مثل هذه القرارات الدولية وليس من مصلحة الكويت الدخول في احلاف وتكتلات خارج رحم الشرعية الدولية لحساب هذا الطرف او ذاك، ومن باب اولى ألا ننجر كحكومة او شعب لاي مخططات تستهدف جر الكويت الى ساحة معركة سياسية ليست مستعدة لخوضها ولا هي قادرة على اعبائها، ولا شك ان الاعلام الكويتي المكتوب يتحمل مسؤولية كبيرة في تحصين الجبهة الداخلية الكويتية، وعليه فان لم يكن من الحكمة الانجرار نحو الرد على اخبار صحفية غير موثوق بها وان ندخل في سجال اعلامي يؤدي الى توتير العلاقات مع جيراننا من دون وجود مصلحة حقيقية، وعليه فان ما نشر عن وجود مخططات استخباراتية للتجسس على الكويت ودخول الاخ وزير الداخلية وهو رجل استخبارات من الطراز الاول على خط الرد على هذه الاخبار لم يكن ابدا من الحكمة والحصافة في شيء ولا يخدم بالتأكيد مصلحة الكويت العليا!!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني
ملا بخــتيار
الاهرام مصر
يعد حزب العمال الكردستاني من تلك الأحزاب التي أنتجتها الحركة السياسية التحررية في شمال كردستان‏,‏ حيث يقارب تأسسيه‏30‏ عاما‏,‏ ومارس الكفاح المسلح إبان الحرب الباردة‏23‏ عاما‏,‏ معلنا عن تنظيمه وكفاحه المسلح في تركيا وكردستان تركيا‏.‏ ومنذ أن بدأ مقاتلو الحزب كفاحهم المسلح‏,‏ فإنه وكجميع الأحزاب التي انبثقت عبر تاريخ النضال‏,‏ بعد الحرب العالمية الثانية والتي جعلت من الكفاح المسلح منهجا تحرريا‏,‏ دخل المعادلات السياسية الداخلية في تركيا والأجزاء الكردستانية الأخري والدول الإقليمية‏.‏

فما من حزب أو دولة‏,‏ سواء في تركيا أو في الإقليم أو في المنطقة ككل‏,‏ إلا وله علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع حزب العمال الكردستاني‏,(‏ وليس ببعيد أن توجد في هذه الدول عناصر لها علاقة سرية مع هذا الحزب حتي الآن أيضا‏),‏ وكانت للأحزاب في تلك الدول‏,‏ وخاصة أحزاب المعارضة‏,‏ علاقاتها مع الحزب ومازالت مستمرة في ذلك حتي الآن وهذا الأمر ينطبق علي الغرب أيضا‏,‏ حيث يوجد حزب العمال الكردستاني في معظم الدول الغربية‏,‏ بشكل علني أو بأسماء مئات المنظمات الجماهيرية والثقافية الكبيرة والصغيرة‏.‏ ولكن علي الرغم من ذلك لاتزال الولايات المتحدة الامريكية وحتي دول الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأخري‏,‏ يعتبرون وجوده وحركته المسلحة في تركيا والمنطقة أيضا‏,‏ مسألة سياسية ومشكلة كبري‏.‏

وخلال ربع قرن من الكفاح المسلح الذي قام به مقاتلوه فإن تركيا وجيشها الجرار بسلاحه المتطور وطائراته‏,‏ لم تترك طريقا إلا وسلكته للقضاء علي هذا الحزب ومقاتليه‏(‏ الكريلا‏),‏ وقامت من أجل ذلك بتوقيع أكبر اتفاقية أمنية عسكرية مع حكومة حزب البعث العراقي‏,‏ بحيث يحق للجيش التركي بموجب تلك الاتفاقية إرسال جنوده إلي داخل أراضي كردستان مسافة عشرات الكيلومترات لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني‏,‏ وبالفعل فقد قامت تركيا بزج جيوشها‏24‏ مرة حتي الآن‏,‏ إلا أن الحزب ومقاتليه‏,‏ إن لم يكونوا أكثر قوة من العقدين الماضيين فإنهم ليسوا بأضعف‏.‏ كما أن إلقاء القبض علي رئيس الحزب‏(‏ عبد الله أوجلان‏)‏ وممارسة الشدة عليه في المعتقل وإصداره للبيانات مرغما‏,‏ لم تكن لها تلك الفائدة المرجوة لتركيا‏.‏

ومنذ أن تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في البلاد‏,‏ فإن جبهة الحرب مع حزب العمال الكردستاني كانت هادئة‏,‏ لكن وبعد شهرين من تحقيق الحزب المذكور لنجاح باهر في الانتخابات وحصوله علي ماكان يبغيه في انتخابات رئيس الجمهورية التركية أيضا‏,‏ وبعد هذه النجاحات وتأثير حزب العدالة علي الأحداث وتلك الفروقات التي يتميز بها حزب العدالة عن الكماليين والقوميين المتشددين‏,‏ فإن القوميين والمحافظين علي السياسة الكمالية‏,‏ يشعرون بخطورة كبيرة علي مصيرهم ومصير ذلك التيار السياسي‏,‏ الذي يسيطر علي زمام الأمور في تركيا خلال القرن المنصرم‏.‏

وبين تلك الأحداث‏,‏ وبدون شك‏,‏ فإن وجود الحزب ومسلحيه‏(‏ الكريلا‏)‏ مازال الشغل الشاغل للجيش التركي والقوميين الأتراك‏,‏ ليستخدموا ماتبقي من اللعب السياسية والعسكرية ضدهم‏.‏

وتظهر خلف الستارة وعبر انعكاس المرآة الداخلية لتركيا‏,‏ تلك الخلافات بين الاتجاهات في تركيا التي هي في حالة غليان‏,‏ وناهيك عن مسألة الإرهاب وخطر الانفصال فإن الجيش التركي لم يعد يمتلك أي ذريعة يتذرع بها‏,‏ سواء أمام الحكومة التركية أو حكومة الكردستان أو الحكومة العراقية‏.‏

وبالمقابل فإن الحزب قد حافظ علي قوامه العسكري‏,‏ وبالحقيقة فإنه أحدث تغيرات في منهجه الأيديولوجي إذا ما قورن بفترة الثمانينيات‏,‏ وقد فعلوا حسنا‏,‏ عندما قاموا لعدة مرات بإيقاف الحرب من جانب واحد‏,‏ لكن‏,‏ ومن ناحية أخري فإن هذا الحزب لايزال غير مدرك لتغيرات العصر والتطورات التي طرأت في تركيا والمنطقة‏,‏ لذا فإنه لم يجعل سياساته تنسجم مع التغيير والتغيرات في العالم والمنطقة وفي الداخل أيضا‏,‏ حيث هناك خلط كبير بين الشعارات والمواقف التي يتخذونها‏,‏ ولايمتلكون استراتيجية واضحة لتحويل النضال في الجبال إلي نضال داخل المدن‏,‏ كما ولايزال يحتفظ بالإكراه السياسي والأيديولوجي غير المحدود في جميع الميادين النضالية في شمال كوردستان‏,‏ وفي جباله ومدنه‏,‏ بل وفي الغرب أيضا‏,‏ بدءا من مجموعة ثقافية صغيرة وحتي المشاريع السياسية الكبيرة‏,‏ حيث لايسمحون لها أن تخرج عن سيطرتهم وتحكمهم‏,‏ إنه حزب غير ديمقراطي ومستبد في الحياة الحزبية وتجاه الأحزاب الأخري في شمال الكردستان بل في الأجزاء الأخري ايضا‏.‏

حزب كهذا‏,‏ في عصر كهذا‏,‏ لاشك أنه يواجه مشاكل كثيرة‏,‏ ولا يستطيع الاستفادة من التطورات إلا القليل‏,‏ ولهذا‏,‏ فإن المواقف والقرارات العسكرية للحزب تصب في ساقية مخططات الجيش التركي‏.‏

والآن قد ظهرت أزمة سياسية ـ عسكرية‏.‏ حيث يتعرض الحزب وجنوب الكردستان لهجمة‏,‏ وفي تركيا‏,‏ يتخذ حزب العدالة ورئيس الوزراء الحالي مواقف ذكية محنكة‏,‏ في حين أن سياسة الحزب وتحركات مقاتليه‏(‏ الكريلا‏)‏ تزيد الجيش التركي هيجانا‏,‏ وتغلق نوافذ الأمل‏.‏ هذا في حين‏,‏ يتم الحديث عن الحل السياسي هذا العام بشكل أفضل من العام الماضي‏,‏ حيث أن نجاح‏23‏ مرشحا كرديا مستقلا وأكثر من‏71‏ مرشحا كرديا آخر من قائمة حزب العدالة والتنمية جعلت للمسائل السياسية الكردية تأثيرها ووقعها الأكبر والأحدث علي ساحة السياسة العالمية والداخلية‏,‏ مع أن المدة التي انقضت علي نجاح المرشحين الكرد في الانتخابات البرلمانية التركية قليلة‏,‏ وفي وقت تشعر فيه بأن الجيش التركي يريد أن تصبح الحدود ساحة معركة فإن الحزب‏,‏ في مقابل ذلك‏,‏ لا يتحرك بهدوء وتيقظ‏,‏ وإن كانت الشدة العسكرية سابقا أدت بـ‏(‏ ليلي زانا‏)‏ ـ ناشطة كردية بارزة تنادي بالمصالحة بين تركيا والأكراد ـ ورفاقها إلي الزنزانة فيما مضي‏,‏

فإن أي مخطط عسكري غير المنطقي الآن من شأنه أن يضر بأكبر المشاريع السياسية وعمل وكد العشرات من برلمانيي كردستان‏,‏ بالإضافة إلي الأضرار بسياسات تلك الدول المؤيدة لإيجاد حل سياسي للمشكلة الكردية في شمال كردستان‏,‏ فضلا عن جميع المآسي التي ستطول التجربة الفيدرالية في كردستان العراق‏,‏ وفي مقدمتها الخراب والدمار والضحايا في القري الحدودية ومن ثم الأضرار الاقتصادية والنتائج الكارثية للحرب‏.‏ و في النهاية نتساءل أي الطرق هي الأمثل؟‏!‏

ـ طريق تعميق الحرب والبقاء في عصر الحرب الباردة لتبقي المسائل محصورة بالحل العسكري؟ أم‏,‏ الحل السياسي‏,‏ حتي تتوحد السياسة المتغيرة لحزب العدالة والتنمية والسياسات الدولية المؤيدة لكردستان والسياسات العقلانية لحزب العمال الكردستاني في هذا العام؟أيهما؟‏..‏ حرب تدمير السياسة الجيدة‏..‏ أم سياسة معالجة الحرب السيئة؟‏!.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
آفاق التعاون الروسي ـ العراقي
د. جانا بوريسوفنا
البيان الامارات

نشرت الصحافة الأميركية تصريحات لوزير النفط العراقي حسين شهرستاني أعلن فيها أن الحكومة العراقية تعتبر عقود شركة لوك أويل الروسية والخاصة باستثمار حقول قرنة الغربية ـ 2 لاغية، وان العراق ينوي طرحها في مناقصة عالمية العام القادم.


ومما لاشك فيه أن ما جاء في تصريحات الوزير العراقي، قد سبق وأعلن عنه الشهرستاني في موسكو عقب لقائه مع وزير الطاقة فيكتور خريستينكو، ودعا آنذاك شركة (لوك اويل) للمشاركة في المناقصات التي تعلن عنها الحكومة العراقية لاستثمار حقول النفط العراقية، ولاكتشاف منابع نفط جديدة في العراق،على أساس اللوائح والأنظمة العراقية التي ينص عليها قانون النفط الجديد، وضمن إطار منافسة حرة مع بقية شركات النفط العالمية.


ومن المعروف أن شركة (لوك اويل) قد وقعت خلال فترة حكم صدام عقدا لاستثمار حقل قرنة الغربية. وقد وقع عقد استخراج واستثمار المرحلة الثانية لحقل «القرنة الغربية-2» في العراق مارس عام 1997 بين وزارة النفط العراقية و«لوكويل» وشركتي «زاروبيج نفط» و«ماشين امبورت» الروسيتين الأخريين وتبلغ فترة صلاحية العقد 23 سنة ويمكن أن تمدد لمدة خمس سنوات أخرى.
وتبلغ حصة «لوكويل» في المشروع 5 .52 بالمائة، والجانب العراقي 25 بالمائة، و«زاروبيج نفط» و«ماشين امبورت» 25 .11 بالمائة لكل منهما. ويقدر احتياطي النفط في هذا الحقل بحوالي 10 مليارات طن. ومن الممكن أن يبلغ حجم النفط المستخرج خلال فترة سريان مفعول العقد 8 .4 مليارات برميل، و4 .56 مليار متر مكعب للغاز الطبيعي. وتقدر الاستثمارات الأساسية التي يجب توظيفها لدى إنجاز المشروع بحوالي 4 مليارات دولار. وعندما أوقفت الشركة أعمال التنقيب والاستخراج في الحقل بسبب قرار الحصار الاقتصادي الذي أصدره مجلس الأمن ضد العراق، وطالبت حكومة بغداد الشركة بتنفيذ التزاماتها وفق العقد الموقع، رفضت الشركة تنفيذ أعمال استخراج النفط التزاما بقرار مجلس الأمن. ما دفع صدام حسين لاتخاذ قرار بإلغاء العقد، إلا أن موسكو عبر مفاوضات جرت بين ايجور ايفانوف وزير الخارجية السابق وطارق عزيز أقنعت الجانب العراقي بالتراجع عن هذا القرار. وبقي هذا العقد ساري المفعول إلى أن تفجرت الحرب ضد العراق عام 2003، وتمت الإطاحة بنظام صدام. ومنذ تولي المعارضة زمام الأمور في العراق بدأت الشركة تطالب السلطات العراقية باحترام العقود الموقعة في عهد صدام، إلا ان بغداد ـ عقب إسقاط صدام ـ حاولت بشتى الطرق التملص من كافة الاتفاقات الموقعة في عهد صدام.
وتفجرت آنذاك فضيحة الرشاوى النفطية المزعومة، والتي اتهمت فيها موسكو وعددا من السياسيين الروس والغربيين بالحصول على رشاوى نفطية من صدام لدعمه سياسيا في المحافل الدولية، إلا أن هذه التحقيقات الدولية انتهت دون أن تتوصل إلى أدلة لهذه الاتهامات، وأكدت عدم صحتها. ومع بدء العمل على إصدار قانون النفط الجديد أكد المسؤولون العراقيون مرارا أن عقود لوك اويل في حقل قرنة الغربية قد ألغيت خلال عهد صدام، متجاهلين أسباب الخلاف بين شركة (لوك اويل) ووزارة النفط العراقية آنذاك، وقرار الحكومة بسريان مفعول العقد واتفاقية جدولة تنفيذ بنود العقد التي وقعتها (لوك اويل) مع وزارة النفط العراقية.
وأعلنت الحكومة الحالية أن السوق العراقي مفتوح أمام الشركات الروسية والشركات الأخرى وفق أحكام قانون النفط الجديد (الذي مازال موضع خلاف وجدل في العراق). ولعل الجميع يعلم أن الشركات الروسية قد لعبت الدور الأساسي في تشييد البنية التحتية للعديد من الصناعات الاستخراجية العراقية، وبناء العديد من الصناعات العراقية في قطاع الطاقة وفي قطاعات أخرى وفق التقنيات وأنظمة الإنتاج الروسية، وان تجاهل الشركات الروسية يتطلب تغييرا كاملا للبنية التحتية في العراق ما يعني ميزانيات ضخمة لإعادة البناء.
أو الإبقاء على دور للشركات الروسية في إعادة إعمار العراق، وهو ما يبدو انه غير مطروح بشكل جدي للبحث.
ويبدو أن الحكومة العراقية الحالية تتجاهل الدور الذي لعبته روسيا ليس فقط في بناء الاقتصاد العراقي على مدار سنوات طويلة، وبصرف النظر عن من كان يحكم، لأن هذا البناء يبقى لمصلحة العراق. بل ان الشركات الروسية قدمت الكثير في فترة الحصار. ولا يمكن القول إن هذا تم بشكل مجاني أو كمعونات، وإنما مجرد الحرص على القيام بذلك في ظل التعقيدات التي يمر بها العراق.
ومساعي روسيا لتجنيب شعبه ويلات الحرب هي لم تكن مسألة تجارية، بل ان الشركات الروسية كادت أن تواجه خسائر فادحة تزيد على 8 مليارات دولار، إذ أنها بدأت في تنفيذ عقود أقرت من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء.
إلا أن بداية العمليات العسكرية الأميركية ضد العراق، وإسقاط نظام صدام، أدى لرفع العقوبات المفروضة على العراق وإنهاء برنامج النفط مقابل الغذاء، ما هدد بأن يتم إلغاء هذه العقود أيضاً التي أصبحت سلعها جاهزة للتوريد. وأصبح الموقف متشعبا، لأن موسكو قررت شطب أكثر من 80% من الديون العراقية، في الوقت الذي تم إيقاف عقود برنامج النفط مقابل الغذاء، بعد أن تم تجهيز شحنات السلع الروسية وفق العقود المذكورة، والتي تقدر بحوالي 8 مليارات دولار.


ويترافق هذا مع قرار الحكومة بعدم صحة عقود شركة (لوك اويل) في استثمار حقل قرنة الغربية، وهذا الوضع يثير تساؤلات جادة حول ما إذا كانت الحكومة في بغداد تتعمد الاضرار بالمصالح الروسية؟ إن تاريخ العلاقات الروسية ـ العراقية حافل بالانجازات في مسيرة بناء العراق واقتصاده، فقد جلبت هذه العلاقات الخير والفائدة للشعب العراقي، ولم تجره إلى الحرب والدمار كما يحدث الآن.
وهو ما دفع العديد من الخبراء العراقيين للإعراب عن قلقهم من دور الولايات المتحدة في العراق بعد أن فشلت بكافة المعايير في النهوض بهذا البلد، ما يعني أنها كانت تسعى إلى السيطرة على ثروات العراق النفطية.
وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن العراق الذي يعتبر من أغنى دول العالم في مجال النفط، يعاني من أزمة خانقة في مجال الطاقة في نفس الوقت الذي بلغ حجم صادراته النفطية خلال الأعوام الثلاثة الماضية أكثر من 125 مليار دولار

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
المبعوثان يعود بقوة: تركيا: اعادة الالتحام بالتراث العثماني جعلت الانتصار علي حزب العمال الكردستاني ممكنا
ربيع الحافظ
القدس العربي

مناقشة البرلمان التركي للورقة الأمنية حول إرهاب حزب العمال بدت عزفاً في غير زمانه. اللحن ودعته الأذن منذ حين، المعاني ارتحلت عن هذا المكان من العالم، النبرة قد شيّعها عالم القطب الواحد، إلا اللهم في أمريكا اللاتينية الباحثة عن هويتها، والتي تحولت إلي كتلة يحسب لها حسابها. جلسة البرلمان كانت فعالية جمعت عروض السيادة، والاستقلال، والإرادة، والعزة، والوحدة الوطنية.

المشهد
الحزب الحاكم الذي دعا إلي عقد الجلسة الاستثنائية جاء مصطحباً فوزاً ثميناً صنعه علي الساحة الداخلية، في المنطقة الكردية الساخنة علي وجه الخصوص، ومندفعاً في اتجاه برنامج إصلاحي سياسي، ومفعماً بقناعة الطيف السياسي التركي بطروحاته الجديدة التي تجمع بين الجذور الإسلامية والمصلحة الوطنية.
البرلمان الذي التأم بحضور نواب حزب المجتمع الديمقراطي الكردي الرافض للورقة الأمنية، والذراع السياسية لحزب العمال الكردي، كان مؤشراً علي الشوط الذي قطعه مسار الإصلاح السياسي، لكن حضور الـ 19 نائبا كان في الوقت ذاته صورة فوتوغرافية لأرض المعركة الآيديولوجية التي خاضها حزب الحكومة مع حزب العمال تظهر حجم خسارته وفلوله.
إصلاحات الحكومة وتعديلاتها الدستورية وعبورها لخطوط حمراء ثقافية وقانونية في اتجاه مجتمع الفرص المتساوية الذي يضمن لفسيفسائه حقوقها أمام القانون، بدت أشبه بخطوة إلي الوراء لإعادة الالتحام بمفاهيم من الميراث العثماني الذي أحدث إقصاؤه في الفترة السابقة خروقاً في نسيج المجتمع ليس من السهل رتقها.
البرلمان بدا مذكراً ببرلمان سابق علي هذه الأرض أدار مشهداً فسيفسائياً أوسع، ضم أكثر من 80 قومية ومذهبا ودينا هو المبعوثان العثماني، ويقترب في إصلاحاته السياسية والدستورية وحقوق الأقليات بخطيً حذرة من نظام الملل الذي ابتكره المبعوثان ثم طورته أوروبا المعاصرة ليكون أساساً لتعدديتها الثقافية.

رسائل إلي الجوار
المبعوثان الجديد بتكوينه وأدائه وإدارة حكومته، كان رسالة ضمنية تطمينية إلي المنطقة القلقة من حوله، التي أنهكها الفراغ السياسي والهشاشة الأمنية، وتهددها المشاريع الانقسامية العرقية والطائفية، ويغيب عنها دور اللاعب الكبير، وباتت توقن أن صراعاً إقليمياً وإعادة رسم للخريطة السياسية هي الأكبر منذ مطلع القرن الماضي قادمة لا محالة، رسالة المبعوثان المطمئنة كانت قد سبقتها رسائل مطمئنة متفرقة بعثت بها تركيا ولامست مواطن القلق في المنطقة، منها: اقتصاد تركيا الضخم، قوتها العسكرية، مكانتها علي المسرح الدولي، الجمع بين نظم الاتحاد الأوروبي الحديثة وبين الجذور الإسلامية الشرقية، سجلها الطويل في احترام الجوار، ومواقفها الاستراتيجية في صالح الشأن الإقليمي، وغيرها من المقومات الاستراتيجية.
لكن جلسة البرلمان كانت بمثابة الستار الذي يزاح عن مبنيً اكتمل بناؤه منذ حين في حفل مؤجل في مناسبة يحضرها الملايين وعدسات الإعلام، وقد كانت مناقشة الورقة الأمنية مناسبة محلية وإقليمية وعالمية في آن واحد انشدت إليها أعين العالم الذي شهد إزاحة الستار عن مقومات مجتمعة.

بين أنموذجين
الأهم، أن المشهد هو لأحد ثلاثة برلمانات فاعلة في المنطقة، إلي جانب برلمان ولاية الفقيه والكنيست الإسرائيلي. وإذا كان الحديث عن الأخير تحصيل حاصل، فإن المنطقة الباحثة عن ضالتها ومظلتها السياسية والأمنية تقف أمام أنموذجين سياسيين إقليميين:
الأول: ولاية الفقيه الذي قاد مشروعاً طائفياً داخل إيران وخارجها، ومزق مجتمعات المنطقة بجيوب طائفية كما بلاد الشام ولبنان تحديداً والخليج وشمال إفريقيا، وجلب الحروب.
الثاني: الأنموذج التركي الجديد الذي لم يخفض لافتة العلمانية (لن يقدر وإن أراد) لكنه يدأب علي إعادة الالتحام بمفاهيم أرستها وتميزت بها النظم السياسية السنية، وأنجبت بها من عقم الفسيفسائيات العرقية سبائك اجتماعية متماسكة، وحضارة خصبة هي علي الجملة أعظم ما عرفته مجتمعات الإنسانية.
أي أن المنطقة تتجاذبها قوي إقليمية متعاكسة بنسبة 2:1وفي الاتجاه المضاد لمصالح الشعوب، وأن البرلمان التركي هو الـ 1 في هذه النسبة. بذلك يكون المبعوثان الجديد قد حسم معركة آيديولوجية أخري، ليست محلية هذه المرة، وبرهن لشعوب المبعوثان القديم العائد إليها في الوقت الضائع، أي الأنموذجين أقدر علي الإدارة والأولي بالمصداقية. المبعوثان ليس مرجعية ثقافية أو فكرية، ولكن مظلة استراتيحية في صراع تكون فيه المنطقة بتركيبتها وهويتها التاريخية أو لا تكون.
وإذا اعتبرنا أن إيران خلعت جلدها العلماني في عام 1979 بمجيء آية الله الخميني، وأن تركيا ارتدَت ثوبها الجديد بمجيء حزب العدالة والتنمية في عام 2001، فإن السنوات الست الأخيرة كانت حرباً باردة بين أمتين عائدتين إلي انتمائهما الحقيقي: إيران الساسانية المتوشحة بالتشيع، وتركيا الباحثة عن ضالتها في ميراثها العثماني.
العناوين التي ترسلها هذه الحرب إلي دواوين التاريخ ومعاجم السياسة هي:
* ستة أعوام من أنموذج سياسي، مقيد الأيدي، جزئي الحلول في مهد آخر النظم السياسية السنية، تكفي لإزاحة ثلاثة عقود عن القلوب والعقول من نظام المذهب الواحد والحزب الواحد والعرق الواحد الذي قادته ولاية الفقيه . العنصر الفاعل في هذا السياق هو أن السلوك العام للجماعة أو الفرد هو أهم عامل حسم عند الرأي العام عند تقرير علاقته مع الطيف السياسيي، وأن شريحة رجل الشارع التي هي الأغلبية في كل مجتمع، تبني قناعاتها علي المشاهدة وليس القراءة. مثال ذلك دخول شعوب شرق آسيا في الإسلام علي يد تجار كانت ذخيرتهم الدعائية الوحيدة هي الأخلاق، وتغير كل شيء في المجتمع واستمر دون سلطان سياسي أو حراسة أمنية. المثال المعاكس هو الإيراني، الذي تغير فيه مذهب المجتمع في انقلاب دموي قاده الصفويون، وتقوم الدولة منذ ذلك الحين بحراسة بوليسية للمذهب الجديد.
* آيديولوجية الأقلية تفشل في أن تكون مظلة اجتماعية . الأقلية التي تختلف مع محيطها الكبير بالفكر وليس بالعرق. وتعيش بموازاة المجتمع بطقوس وأدبيات قامت أساساً لإدارة مجتمع منغلق، واللمز من الأغلبية والندية مع الأقليات الأخري، فهي تجيد فن المعارضة وتتآكل في الحكم، ولكونها أقلية عددية فإن وسائلها للتغير غير ذاتية علي الدوام، وما سعت إلي إبدال الواقع من حولها إلا وجدت نفسها في حلف مع قوة خارجية تلتقي معها في المصلحة، فتتحول فترة تمكنها السياسي ـ القصيرة ـ إلي صدام تلقائي مع المجتمع الكبير.
* مفهوم المذهب يتجاوز البعد الفقهي ويحمل نظريات اجتماعية يحمل المذهب الفقهي ـ في كل دين ـ البصمة الوراثية للبيئة السياسية والاجتماعية التي تأسس فيها، التي تنعكس علي سلوك الفرد والجماعة في محيط المذهب، ونظرتهم إلي المجتمع وطريقة التعامل مع الغير. وعندما تتحدث أوروبا العلمانية عن البروتستانتية اليوم فإنما تتحدث عن جانب فيها كان مسؤولاً عن تأسيس العالم الجديد في الأمس وصناعة العولمة اليوم مقابل الجمود الكاثوليكي. وبالتالي فإن انحسار مفهوم المذهب عندنا نحن المسلمين ووقوفه عند البعد الفقهي حرم المجتمع المسلم من الخريطة الاجتماعية والقوانين التي أقامت وأدارت النظم السياسية السنية علي أساسها مجتمعات هي أفضل ما عرفته الإنسانية.
* لكل حضارة مدرسة أغلبية هي التي تتوسط الطيف العقدي والسياسي وهي صمام أمان المجتمع . ليس مصادفة أن تبقي الأقليات المذهبية أو الفكرية أقليات في أي مجتمع، فهي أينما وجدت عكست غلواً تنأي عنه فطرة الأغلبية، وتبقي الأقليات بارومتر يؤشر علي الحالة الصحية الثقافية للمجتمع صعوداً ونزولاً وفي اتجاه معاكس.
* الأغلبية في مفهوم الحضارات نمط تفكير وليس إحصاءً سكانياً . مفهوم الأقلية والأكثرية ثابت في مفهوم الحضارات لا يتغير كلما تغيرت الخرائط الجغرافية كما في سايكس بيكو أو في كانتونات الشرق الأوسط الجديد القادم. والحضارات لا تقودها الأقليات، وإنما تتسع هي للأقليات وخصوصياتها وأنماط حياتها، وفي المقابل فحق الأغلبيات علي الأقليات أن تحترم مفاهيمها، وتكون بذلك جزءاً من نسيجها العام.
هذه النتيجة هي الأهم في تاريخ السجالات بين الأنموذجين، فقد حسم المبعوثان القديم سجالاته مع خصمه حسماً عسكرياً في ساحات الحرب بعيداً عن أعين المجتمع، وهذه هي المرة الأولي التي يتواجه الأنموذجان فيها داخل أسوار المجتمع في ميادين القضاء والسياسة والاجتماع والحقوق والمصداقية وغيرها، وأمام أعين الناس الذين عاينوا المشهد عن كثب ووجدوا في طرفيه مدرسة لبناء وصون المجتمعات، وأخري للمعارضة والمشاكسة السياسية تقوي في طور المعارضة وتتآكل عند وصولها إلي الحكم.
ليس من طباع إيران أن تدع سجالاتها السياسية ومقوماتها الاستراتيجية لوسائل التنافس الحر، وما فعلته مع أمريكا في إسقاط طالبان وصدام حي في الأذهان. ما صار بعيداً عن الأذهان هو سجالها مع العثمانيين الذي كسرته بحلف مع أوروبا، يوم كتب سفير النمسا في استانبول إلي ملوك أوروبا ناصحاً: لن ينقذنا من الطاعون الأسود (الفتوح العثمانية) سوي الصفويين. والبعيد عن الأذهان كذلك هو احتفال إيران في كل مرة كانت تسقط فيها أرض عثمانية في يد روسيا في حرب البلقان.

بصمات إقليمية
صورة تركيا الظافرة، سياسياً واقتصادياً، محلياً وإقليمياً، لم تعجب أحداً من الذين طال وقوفهم في طابور تقاسم المنطقة. هي لم تعجب حزب العمال الذي قاد نزاعاً مسلحاً منذ عشرين عاماً ضد تركيا لكنه اليوم يخسر معركة لا يملك أسلحتها ففتح النار علي تجربتها. ولم تعجب زعماء الأحزاب الكردية في شمال العراق الذين لم يرق لهم مشهد أكراد تركيا وهم يرقصون في شوارع ديار بكر ابتهاجاً بدخولهم البرلمان التركي واندماجهم في العملية السياسية، ولسان حالهم ـ الزعماء الأكراد ـ يقول: رقص في ديار بكر اليوم وغداً في أربيل، مدركين أن التجربة التركية نسفت من الأساس شعارهم: لا صيغة تعايش بين الأكراد وشعوب المنطقة إلا بالإنفصال.
من حق تركيا التي أصلحت واستدركت وطورت وشقت طرقاً جديدة للتعايش بين مكونات شعبها، من حقها الدفاع علي تجربتها وملاحقة الذين فتحوا النار علي نجاحها. النار تفتح علي تركيا من أرض عراقية، بأسلحة أمريكية، وألغام أرضية إيطالية، وتفرج أوربي، وتعاطف أرمني، ولوبي يهودي أمريكي داعم للملف الأرمني، فالحرب إقليمية إذا، ويصبح من حقها تفعيل أدواتها الإقليمية وزجها في الدفاع عن نفسها.
ومن حق المنطقة التي أفزعتها المشاريع الانشطارية، والشذوذات السياسية والفكرية التي تتحدي لغتها وثقافتها وتراثها، من حقها رؤية دور قيادي إقليمي يضع حداً للفوضي التي استطار شررها ويعيد للمنطقة هيبتها الأمنية، ومن حقها علي نفسها أن توفر لهذا الدور الأدوات.

ثقة دون ثقة
الثقة التي أبداها المبعوثان الجديد عند مناقشته الورقة الأمنية بدت عند التنفيذ أدني حداً وأقل حيلة. كانت المبالغة في طمأنة الجوار العربي والتأكيد علي حسن نوايا تركيا ونفي أطماعها بأرض ونفط العراق، كانت تعويضاً واضحاً عن قنوات إيصال الثقة إلي الجوار التي لم تجدها في حوزتها.
كان واضحاً أن تركيا تهاونت بأرصدتها الأخلاقية في المنطقة. فبعد أربعة أعوام علي قبضها أكبر صك معنوي برفض برلمانها نزول الجيش الأمريكي علي أرضها لغزو العراق، لا زال الصك مجمداً في حسابات مصرفية من دون استثمار. الحكومة التركية تحظي اليوم بشعبية في الشارع العربي لم تعرف منذ قرار السلطان عبد الحميد رفض مبادلة فلسطين بديون الدولة العثمانية، وقرارها لا يقل ثمناً مادياً عن ديون الدولة العثمانية، أما ثمنه السياسي فلا يقل عن قرارت الأنفة الديغولية التي أدخلت العلاقة بين فرنسا وأمريكا في فتور لا مخرج منه. ومع ذلك لم يرقَ القرار إلي مصاف القرار الأول.
شعبية اليوم أهم من شعبية الأمس، فهي ليست علي رقعة تمارس الحكومة عليها نفوذها ودعايتها، وإنما تشاغف العقول والقلوب من وراء الحدود. لكن هذه الشعبية لا قناة لها توصلها إلي رقعتها الواسعة تنقلها من دائرة العواطف التي تأتي وتذهب إلي دائرة الحقائق والأرقام التي تدوم. فالإعلام التركي الموجه إلي العالم العربي لا يتناسب كماً ونوعاً مع حجم التحديات، فمقابل 20 قناة عربية تملكها أو تمولها إيران، لا توجد قناة فضائية تركية واحدة تبث باللغة العربية ولم يوظف الإعلام التركي أبسط الحقائق التي في حوزته لتصويب ركام من المفاهيم الخاطئة.
سياسية الفوضي الخلاقة التي اختارتها أمريكا لهذه المنطقة يعني أن المزيد من الفوضي الإقليمية وضعف الحكومات المركزية لا زال في الطريق. وقد أظهرت فوضي العراق أن الشارع هو من يؤول إليه القرار في لحظة الحسم، وأن من يملك ثقة الشارع هو الذي يمسك بالورقة الرابحة. وقد عارض الشارع العراقي في بداية الاحتلال دخول الجيش التركي إلي المدن العراقية، وهو نفسه اليوم الذي يتمني لو أنه رأي جندياً تركياً بباب منزله حين غلقه في المساء وفتحه في الصباح، وليس ذئباً من ذئاب لواء الذئب التابع لوزارة الداخلية أو جيش المهدي، ولكنها أمنية بعد ضياع الكثير من الوقت. إيران هي خير من وعي الدرس، التي انتزعت ثقة من قطاع من الشارع العراقي وجلست تنتظر وقوع الفوضي التي أتي بها الاحتلال.
سياسية الانكفاء الداخلي التي اختارتها لنفسها تركيا الحديثة كانت نهجاً تبنته الدول التي خسرت مواقعها كقوي عظمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية وهي ألمانيا واليابان إلي جانب الدولة العثمانية. ما أرادته هذه الدول هو أجندة للاتجاه بشكل كامل للجبهة الداخلية وإعادة البناء. قسم رئيسي من النجاح الذي حققته ألمانيا واليابان بعد الحرب يعزي إلي هذه السياسة، في حين تعاني تركيا من مضاعفات جانبية لسياسية طبقت في محيط فسيفسائي غير مستقر، كان النفوذ العثماني فيه علي الدوام ضرورة لاستقراره. هذا المحيط يغرق اليوم في فراغ وفوضي ثبت أن التدخلات العسكرية ليست بديلاً.

غيرنا أعاد الاصطفاف
ليس من الصدف أن ينجح تكتل سياسي قائم علي فسيفساء كأوربا وبين شعوب لم تعرف سلاماً متواصلاً أكثر من ستين عاماً ويفشل غيرهم. لقد أعاد الأوربيون لأنفسهم تعريف المفاهيم وبالغوا في ذلك، وجعلوا الضرورات العامة مسوغاً لتجاوز المحظورات الخاصة، حتي وإن اصطدمت بثوابت الديمقراطية والسيادة. وقد كان حصار الاتحاد الأوربي للنمسا بعد فوز حزبها اليميني بزعامة رئيسه ذو الجذور النازية في الانتخابات العامة، وإرغامه علي التنحي عن منصبه والتواري السياسي، كان امتحاناً للمفاهيم الجديدة، إذ لا حرية خاصة مطلقة لشعب أو دولة ضمن كتلة إقليمية إذا ما تعارضت تلك الحرية مع المصالح العليا للكتلة، مثلما أنه لا حرية مطلقة للفرد ضمن الوطن.
شعوب منطقتنا بحاجة إلي إعادة تعريف مفاهيمها تجاه بعضها: السيادة، المواطنة، والاستقلال، بما يتيح لها اصطفافاً جديداً ولاعباً كبيراً وفرصاً أفضل لحماية أنفسها، حتي وإن بدت التعريفات الجديدة وكأنها تمر علي معاني الكبرياء الوطني، فليس كل ما في الاتحاد الأوربي يعجب أو يداري الكبرياء الألماني، والإمبراطوري الفرنسي، والإرث الإنكليزي، لكنها الضرورات والمصالح الإقليمية العليا.
ليست هذه تبعية أحد لأحد، ولكن ما من جغرافية سياسية اليوم تخلو من لاعب كبير تلتقي عنده المصالح الكبري لشعوب المنطقة. هذا اللاعب نجده في أمريكا اللاتينية حيث البرازيل، وفي الاتحاد الأوربي حيث ألمانيا، وفي إفريقيا حيث جنوب إفريقيا، وفي شرق آسيا حيث الصين، وعند الشعوب السلافية الشمالية حيث روسيا.
وفي الوطن العربي حاولت دول عربية القيام بهذا الدور، مصر في حكم جمال عبد الناصر، والعراق في حكم صدام حسين والجزائر في منطقة المغرب العربي في حكم هواري بومدين، وتوفرت لهذه الأنظمة من الظروف السياسية والاقتصادية والدولية ما لا يتكرر بسهولة، لكن الدور استأثر به أشخاص وليس مؤسسات، واصطدم بهوية الشعوب فتعطلت المهمة وبقي الدور شاغراً، وهو تطمح إيران لملئه اليوم.
دور اللاعب الكبير هذا رسخناه في أدبيات حضارتنا نحن العرب، سواد هذه الأمة وحملة مشعل الرسالة الأول إلي أمم الأرض، وقبلنا أن يحمل اللواء غيرنا من الشعوب الإسلامية لأكثر من 12 قرناً من مجموع القرون الـ 14 من تاريخ حضارتنا، ومع ذلك فلا زال عنوان الحضارة هو العربية الإسلامية ، فالعبرة بمضمون الرسالة لا بحاملها، ولا نظير لهذا المفهوم الإداري المتقدم سوي نظام الـ Franchise الإداري التي تدار به الشركات المتعددة الجنسيات، التي تجعل شعار الشركة حقاً يرفعه كل من أعطي البضاعة حقها، فانتشرت هذه الشركات كالأخطبوط وغطت أنحاء المعمورة.

نكون أو لا نكون
مهمة تركيا والمنطقة لن تكون سهلة ولكن الخيارات ليست متعددة. فالخريطة السكانية التاريخية للمنطقة تتغير تحت عناوين مختلفة بأدوات متقدمة (اقتصاد، سياحة دينية، تهجير، اغتيالات، هدم المعالم التراثية للمدن، مهور عالية تدفع للعربيات لزيجات مختلطة)، والجيوب الطائفية والعرقية تمزق المجتمعات المدنية. هذا بالنسبة للعرب.
أما تركيا، دولة المؤسسات والقانون الوحيدة المتبقية في المنطقة بعد زوال الدولة المدنية العربية، فهذه هي المرة الأولي التي يدافع فيها الأتراك عن عمق أمنهم القومي من مواقع دفاعية متأخرة، بل من وراء حدودهم التي يحتشد قبالتها الخصوم.
وإذا كانت أمريكا قد عجزت عن وقف عبور الفقر المحتشد علي حدودها مع المكسيك الطامع إلي الوصول إلي قلبها ونهش اقتصادها، فلن تكون تركيا أقدر علي وقف عبور الفوضي الطائفية والعرقية المحتشدة علي حدودها تتوق ونهش مؤسساتها. أمريكا باتت مقتنعة أن الجدار الخرساني والقناصة علي طول الحدود لن يعصما اقتصادها من البطون الجائعة ولابد من مواجهة هذه البطون علي أرضها بمشاريع إقتصادية، ومثلها فعل الاتحاد الأوربي مع إفريقيا رغم الفاصل البحري فشطب الديون واسثمر في الاقتصاديات المحلية.
الدرس في المثالين الأمريكي والأوربي هو: أن دول المؤسسات والقانون بأنظمتها المتطورة كالساعة السويسرية إعطابها سهل، ولا يسعها أن تحيط بحزام ناري من الفوضي. من غير الواضح كيف ستطمئن تركيا حين تتجه غرباً للبناء وهي تدير ظهرها للفوضي المنظمة؟
سواء دخلت تركيا الاتحاد الأوربي أم لا فإن مسارها الأوربي المهم لاقتصادها واصلاحاتها السياسية سيستمر، وسيستمر نزيف حزب العمال الذي قد تخثر المبادرات الديبلوماسية دماءه لكنها لن تجففه، ثم تعود نفسها لنكئه في ظرف مختلف. وبذلك يتجاذب تركيا مشروعان متعاكسان: مشروع بناء وتنمية علي جبهتها الغربية ببرنامج راسخ ورؤية واضحة، ومشروع استنزاف علي جبهتها الجنوبية الشرقية بتردد وحيرة.
يقول الكاتب التركي سايغي أوزتورك في كتابه الجنرال : إننا نتعامل مع إرهاب حزب العمال علي أنه قضية أمنية محضة، ونسلك طرقاً مختصرة، والمؤسسة العسكرية تتعامل مع الأزمة بمعزل عن باقي مؤسسات الدولة . تتمة هذا الكلام هو أن تركيا تتعامل مع أزمة إقليمية بأدوات محلية محضة، وبمعزل عن باقي شعوب المنطقة، ولو لم تزج حكومة العدالة والتنمية في معركتها مع حزب العمال سلاحاً جديداً لا يملكه، والتفّت عليه ببني جلدته لما رقص الأكراد.
الحديث عن الآيديولوجية الإقليمية إن بدا غريباً اليوم فلا ينبغي أن يكون باعثاً علي التشنج في الأوساط الفكرية، فالمشهد الفكري العربي عشية تقسيم المنطقة العربية في القرن الماضي كان سجالاً بين معسكرين: معسكر نادي بفك الارتباط الكامل مع العثمانيين، وآخر نادي بالإبقاء علي النظام السياسي الإقليمي العثماني مع منح العرب حقوقاً سياسية أكبر، امتد من المغرب العربي إلي العراق مروراً بمصر وبلاد الشام، ومن أكبر رموزه عبد العزيز الثعالبي (تونس)، رشيد رضا، محمد عبده (مصر)، وجمال الدين القاسمي (سوريا)، ومحمود الآلوسي (العراق).
تم حسم ذاك السجال لصالح المعسكر الأول، لكنه لم يكن حسماً فكرياً، وإنما كان حسماً أمنياً في ظل الاحتلال الانكليزي، مثلما تحسم قضايا الدستور والنفط والفدرالية في العراق اليوم في ظل الاحتلال الأمريكي.
تسعون عاماً من تبعات ذلك الحسم، ومن الواقع الذي انتهينا إليه، هي فرصة كافية لإعادة تسوية ذلك السجال بطريقة مختلفة.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
البرلمان العراقي.. الانشقاق سيد الموقف

د.رنا خالد
البيان الامارات
هو واحد من أهم انجازات الديمقراطية، هكذا اعتبرت الولايات المتحدة البرلمان العراقي الذي تشكل بعد انتخابات 2005 ولطالما تباهى الرئيس بوش وإدارته بهذه الانجازات وكأن العراق يعرف يوما أسس الدولة ومعنى السياسة والحكم وان فضله لا يمكن ان ينساه العراقيون فلولاه وجيشه العرمرم لما كتب للعراقيين ان يروا نعمة الديمقراطية الأميركية ومؤسساتها المهمة والذي كان أشهرها البرلمان العراقي.


في عام 2005 جرت الانتخابات العراقية وهي واحدة من ثلاث خطوات لإنشاء الدولة العراقية الديمقراطية الحرة المستقلة الراعية المرعية أميركيا.


فالخطوات كانت انتخابات عامة ينبثق عنها برلمان منتخب يختار رئيسا للوزراء ليشكل حكومة بعد ان يجري الاستفتاء العام على الدستور الدائم.. وفعلا تمت الانتخابات وسط أجواء خيم عليها التوتر والعنف والتهديد وانسحاب كتل أساسية وتحالف كتل أخرى بشكل طائفي مخيف وظهور شخصيات لم تكن معروفة من قبل مقابل اختفاء وضمور شخصيات مهمة كان لها تاريخها وثقلها.


المهم وفي وسط تفاصيل كثيرة حسمت الانتخابات لصالح كتلة الائتلاف العراقي الموحد وهي الكتلة التي ضمت الكتل والأحزاب الشيعية الأساسية.. والتي ائتلفت بدورها مع الكتلة الكردية لتستطيع ان تشكل الحكومة..


النسب المتقاربة بين الكتل الثلاث الكبرى وعدم وجود أساس متفق عليه مسبقا لتشكيل الحكومة العراقية أدى إلى أن تتشكل حكومة هشة غير متفق عليها كان الهدف هو إنهاء أزمة تشكيل الحكومة التي صارت تتعقد دون حل وبعد مخاض دام أكثر من 6 أشهر شكل أول انتهاك للدستور الذي يمنع ان تتجاوز مدة التشكيل ال 30 يوما وبعدها ولدت حكومة مصابة بعيب خلقي خطير هو عدم التوافق والانسجام بين أعضائها.


هذا الداء سرعان ما انتقل إلى الكتل النيابية الممثلة في البرلمان مما أدى إلى أن يصير البرلمان ساحة لطرح التناقضات والمعارضة والنقض وعلى كل المسائل والقضايا بسيطة كانت أم جوهرية الانشقاق صار عنوان هذا البرلمان من يومه الاول وحتى ساعتنا هذه.


التناقضات والمعارضات كثيرا ما تطورت إلى مناوشات بالأيدي والألسن بين من يوصفون بقادة الكتل النيابية وتطاول لم يسلم منه حتى رئاسة البرلمان بقلة خبرتها وحداثة درايتها بأصول وقوانين إدارة السلطة التشريعية ساهمت أيضاً بزيادة حدة الانشقاق والخلاف داخل البرلمان.


ثم تعرض مجلس النواب العراقي إلى هزات عميقة ومزلزلة وفقد البرلمان بعض ذلك الامل وكثيرا من المصداقية التي امل العراقيون بها انفسهم بان يكون لهم ممثلون حقيقيون ونواب برلمانيون يلبون طموحاتهم وليس طموحات كتل واحزاب بحثت دائما عن نفوذ واهم وقوة موهومة وشعارات كاذبة وطموحات سوداوية مدمرة.


الا ان مهزلة الدستور تلتها مهازل كثيرة منها تعرض رئيس البرلمان لمحاولة اغتيال اتهم بتدبيرها اعضاء من داخل البرلمان. ثم تعرض مبنى البرلمان إلى انفجار عبوة ناسفة قتل على اثرها احد النواب واصابة نواب آخرين، ثم محاولة إقالة رئيس البرلمان محمود المشهداني وسحب ثقة الاعضاء منه... الخ من المشاكل التي صارت ساحة البرلمان ساحة لها بدل ان تكون الساحة الآمنة لمناقشة وحل مشاكل العراقيين.


الانشقاق والخلاف صار أساسيا بين كتل البرلمان كلما اثيرت قضايا مثل قانون النفط وقانون اجتثاث البعث وقانون المحافظات فهذه القضايا بالذات تحظى بموافقة كتلة دون أخرى بل وهي تمثل جوانب حيوية لكتل دون أخرى وبالتالي فان الصراع يحتدم إلى حد التهديد والوعيد بالقتل والاقصاء متى ما تم نقاش هذه القضايا بعرقلتها أو تمريرها وهذا الجدل والتناقض قائم منذ اشهر حول هذه القوانين الامر الذي صارت الكتل النيابية تنسحب بالتدريج كتلة اثر أخرى أفراداً وجماعات.


مؤخرا أعضاء برلمانيون بدأوا يطالبون الحكومة بحل البرلمان وتزعم هذا التيار بهاء الاعرجي القيادي في الكتلة الصدرية ورئيس اللجنة القانونية في البرلمان وهو من المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي، الأعرجي دعا الحكومة العراقية إلى حل البرلمان العراقي.


وقال ما نصه «أطالب رئيس الجمهورية واعضاء المجلس بتعديل قانون الانتخابات واعتماد القوائم المفتوحة والمنفردة ثم حل المجلس واجراء انتخابات وفقا لهذه الآليات».


وأضاف «هذا المجلس اصبح في بعض الاحيان مصدر قلق للشعب العراقي الصراعات الطائفية بين شخصياته يدفع ثمنها الشعب». وأضاف «أصبح المجلس مؤسسة تابعة للحكومة بينما العكس هو الصحيح أي ان الكثير من القوانين تأخذها الحكومة لأنها تتضارب مع مصلحتها» مضيفا «أنا القي اللوم على الحكومة لكن هذا بسبب ضعف المجلس».


وتابع «هناك آليات قد اختيرت في المجلس أدت إلى تعقيد الأمور وكذلك لا تمثل طموحات الشعب» ويعد قانون النفط والغاز من القوانين المثيرة للجدل بين الكتل السياسية وقد واجه معارضة شديدة من جبهة التوافق العراقية، ولم يتم عرضه على البرلمان منذ المصادقة عليه قبل اشهر في مجلس الوزراء..


اياد جمال الدين القيادي في القائمة العراقية ونديم الجابري القيادي في حزب الفضيلة المنشق عن الائتلاف الشيعي طالبا بحل البرلمان على اعتبار انه عجز عن حل أزمة الحكومة العراقية التي صارت جثة هامدة لا تقوى على الحراك. المطالبة بحل البرلمان العراقي هي بداية النهاية لمسيرة متعثرة لبرلمان لم يعرف نوابه للتوافق مدخلا وللاتفاق بدا فصار الاختلاف هواية أو ضرورة لم تنأ اي من الأطراف عنها..


النواب العراقيون برعوا في دور الاشقاء الاعداء وتمسكوا للرمق الاخير بانتماءاتهم الطائفية واعلنوا بايديهم وأصواتهم انهم لا يمثلون العراق لانهم لايعرفونه وليسوا ممثلين الا لشخوصهم ومصالحهم ولم يستطيعوا يوما ان يثبتوا لملايين المهجرين في داخل العراق أو خارجه بأنهم عراقيون بل فشل هؤلاء المغلقون في قوائمهم ومقراتهم داخل المنطقة الخضراء أو خارج لعراق.


حتى في ان يكونوا قادرين على تمثيل طوائفهم التي يدعون تمثيلها بالرغم من كون لعبة الطائفية بالنسبة لهم تعد الخيط الوحيد الذي يحميهم مؤقتا من السقوط بسرعة بايدي العراقيين تباعا مثل اوراق التوت.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
العراقيون في الأردن
د. ابراهيم سيف
الدستور الاردن
خلصت الدراسة التي أعدتها دائرة الإحصاءات العامة بالتعاون مع مؤسسة الأبحاث النرويجية (فافو) الى أن عدد العراقيين المقيمين في الأردن والذي تم تقديره في شهر أيار الماضي يتراوح ما بين 450( - )500 عراقي.

هذا الرقم الذي تم تقديره يعتبر أقل من الرقم الذي كان يتداول والذي قدر عد العراقيين بحوالي 750 ألفا ، بل ذهب البعض الذي يحب المبالغة إلى تقدير ذلك الرقم بحوالي المليون عراقي. ولعل أهم ما خلصت اليه الدراسة صفات العراقيين المقيمين في الأردن ، فهم بمعظمهم يقيمون في العاصمة عمان ، ومعظمهم من الفئة المتعلمة ، ووفقا لتقديرات المسح فإن حوالي 70 في المائة من إجمالي العدد يعتبر في سن العمل 15( سنة فأكثر) وتبين أن نحو 30 في المائة منهم يشاركون في سوق العمل بين عامل لحسابه أو يعمل لدى الغير ، وهذه البيانات تشير الى أن حوالي 10 الاف عراقي يشاركون في سوق العمل ، وعلى الغالب فإن تلك المشاركة تأتي في القطاعات غير الرسمية كون تصاريح العمل الممنوحة للعراقيين من خلال وزارة العمل لا تتجاوز الألفي تصريح ، وهذا العدد الكبير يستوجب البحث والتمحيص في القطاعات التي يعملون بها.

البقية التي لا تعمل تعيش على مدخراتها أو على تحويلات تأتي من الخارج ، كذلك أقر غالبية الذين تم استطلاع ارائهم بأنهم لا ينوون الاستقرار في الأردن بل يعتبرون وجودهم مؤقتا في الأردن الى حين تحسن الأوضاع ، لكنهم في الوقت نفسه لا ينوون العودة الى العراق إلا اذا تحسنت الأوضاع بشكل ملموس ، وهذا يعني ضمنا أن علينا الاستعداد لاستضافة المقيمين في الأردن إلى أمد غير واضح المعالم. كذلك لاحظ التقرير أن معظم الوافدين الى الأردن يهربون من المناطق الأكثر تعرضا للهجمات والتي يسود فيها العنف ، وهم يتشكلون من عائلات كاملة وليس افرادا مما يسهل عليهم البقاء خارج العراق لمدد أطول.

المسح أظهر أيضا أن عددا كبيرا من العراقيات أنجبن أطفالا في الأردن أي أنهن استخدمن مرافق البنية التحتية في القطاع الصحي ، و هناك ما يقدر بحوالي 20 ألف طالب يدرسون في المدارس الحكومية هذا إلى جانب استخدام المنافع العامة من كهرباء وماء في المراكز الحضرية التي يقيمون فيها إضافة الى المحروقات المدعومة.

الخلاصة أن على المجتمع الدولي وبخاصة الولايات المتحدة التي تنفق المليارات في العراق على آلتها العسكرية الالتفات الى أوضاع العراقيين المقيمين في الدول المستضيفة للعراقيين الهاربين من جحيم العنف ، كذلك على من يهولون من خطر التواجد العراقي في الأردن قراءة بيانات التقرير بشيء من الموضوعية التي لا تعني على الإطلاق عدم تحميل الاحتلال الأميركي للعراق نتائج ما يحصل من مأساة إنسانية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
أجراس ... الألم العراقي

أنور صالح الخطيب
الراية قطر
كنا ثلة من الصحفيين ظهر الخميس الماضي في ضيافة نائب الرئيس العراقي الدكتور طارق الهاشمي وكان الألم العراقي حاضرا علي مساحة اللقاء الذي رتبه القائم بالأعمال العراقي في الدوحة السيد عبد الإله الفكيكي مشكورا.

لم يضق صدر الهاشمي عن أسئلة الصحفيين المتلاحقة فالرجل يتمتع بأسلوب دمث يستوعب الرأي الأخر كما يؤمن بحق الاختلاف يحاول أن يقدم رؤيته للعراق الذي يحلم به وطنا حرا مستقلا ناجز السيادة كما وصفه أكثر من مرة.

قراءة الهاشمي لسير الأحداث في العراق يمكن وصفها - رغم الاختلاف في بعض تفاصيلها - أنها قراءة واعية متأنية تستند علي فن الممكن ولا تخاطب المستحيل.

الهاشمي يعتبر نفسه صاحب مشروع وطني للعراق كله لا لطائفة من طوائفه مشروع قائم علي أساس تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة مصالحة تتسع للجميع وتشمل الجميع وتستند أيضا علي مبدأ اذهبوا فانتم الطلقاء وعفا الله عما سلف وهو المبدأ الذي تعترض عليه بعض الأطراف في الشعب العراقي مما يؤخر تحقيق المصالحة والاتفاق علي البرنامج الوطني ويؤخر بالتالي - حسب الهاشمي - رحيل الاحتلال.

أخطر ما في حديث الهاشمي المنشور في الراية اليوم رده علي سؤال الراية حول القواعد العسكرية الأمريكية التي يجري إنشاؤها في العراق والتي لم ينف كثرتها لكنه كما قال لا يعرف عددها - وهي القواعد التي نظن أنها تمهد لوجود أمريكي طويل في العراق - ويعتقد نائب الرئيس العراقي أن العراقيين سيستعيدون السيطرة عليها حالما يتم رحيل الاحتلال أو ستقوم الحكومة العراقية بتأجيرها فترة من الزمن للقوات الأمريكية بحكم التطورات السياسية في المنطقة والظروف التي تستجد.

ما خرجت به من لقاء نائب الرئيس العراقي الذي قلت له في ختام اللقاء معه أنني أتمني أن نراه مستقبلا والعراق يتمتع بحريته واستقلاله وسيادته انطباع أرجو أن أكون مخطئا فيه أن ليل العراق مازال طويلا وان ثمة الآم في الجسد العراقي لابد أن تلتئم أن نحلم باسترداد العراق لسيادته واستقلاله.

لعل في تأكيدات نائب الرئيس العراقي أن ليس من طائفية في العراق فالشعب العراق موحد وعشائره متماسكة واحتمالات اشتعال حرب أهلية تضاءلت ما يثلج الصدر لكن ما يقلق أن ثمة مشاريع طائفية وثمة طائفيين في العراق أيضا وثمة من هم أجندتهم ليست في صالح العراق يعيثون فيها خرابا وفي هؤلاء يكمن الخطر.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
الحرب الطاحنة في العراق
نور محمد
السيسة الكويتية
أربع سنوات مرت من سقوط النظام العراقي السابق وما زال العراق يعتبر خطيرا ومرعبا ولكن من نوع آخر فهو ساحة لتفريخ وتصدير الإرهابيين وبتعبير آخر هو وكر وملجأ للقاعدة والميليشيات العنصرية والطائفية. هذا بالاضافة الى انه ساحة للنزال بين الفارس الأميركي والفارس الايراني وبعبارة أخرى أصبح ساحة تصفية الحسابات بين طهران والشيطان الأكبر حسب وصف إيران للولايات المتحدة الأميركية.
رحى الحرب تدور في المنطقة مع تصاعد نجم الملف النووي الإيراني ولعب إيران دورا رئيسيا وعلنيا في السياسه العراقية كما لا يمكننا أن نعزل العراق عن ذلك ففشل الستراتيجية الأميركية التي أعلنها الرئيس بوش جعلت هيبة الولايات المتحدة تتأرجح. وبما أن الشرق الأوسط كان خير شاهد على فشل الستراتيجية الأميركية في العراق . ففي أحد الخطب للرئيس بوش قال فيها: " سيغدو الشرق الأوسط إما مكانا للتقدم والسلام, أو مصدرا للعنف والإرهاب يزهق المزيد من الأرواح في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الحرة " والرئيس بوش الآن يفهم ماذا يحصل بالعراق وماهي نتيجة ستراتيجيته .

هذا كله مع وجوب فهم التهديد الإيرانية السافر بين الحين والحين وتحذير مرشد الثورة الإيراني آية الله علي خامنئي من إن اصطفاف دول مجلس التعاون الخليجي مع الأميركيين لمناقشة برنامج ايران النووي سيكون خطأ سياسيا من قبلهم وكأنه لا يحق لدول مجلس التعاون الخليجي مناقشة خوفها أو حتى التخوف.

وفي حديث نشر في مجلة الصور المصرية في مارس 2007 لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح يقول فيه :" إن أي عمل عسكري ضد إيران ستكون له عواقب وخيمة ومفجعة على الأمن والاقتصاد والبيئة في المنطقة وبما سيؤدي الى تفاقم التوترات الاقليمية والعالمية بشكل أكبر مما هي عليه الآن ".
هذا التصريح من مسؤول خليجي عربي رفيع المستوى يعكس تخوفا حقيقيا للأحداث الجارية نتيجة التمرد الإيراني السافر لدول الخليج العربية .
ونتيجة لذلك فإن دول الخليج العربية وجدت نفسها دوما مضطرة لاستيراد الأمن عن طريق الاعتماد على القوات الأجنبية وتحديدا القوات الأميركية. فدول الخليج العربية تعاني كونها الحلقة الأضعف بين أسدي المنطقة فإيران مستأسدة علينا نحن دول الخليج العربية والعراق أضحى أسدا من دون أنياب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
المفسدون في ضاحية الاحتلال س(1-2)
عبدالزهرة الركابي
الراية قطر
يبدو أن كلمة النزاهة في العراق المحتل أصبحت مادة للتندر والفكاهة تلوكها ألسنة العراقيين بأسي ومرارة، فمن يصدق أن يسطو لصوص الاحتلال من العراقيين علي خيرات العراق المتعب جهارا ونهارا الي حد تحطيم الأرقام القياسية في موسوعة غينس في مجال السرقة ونهب الثروات خلال بضعة سنين هي عمر الاحتلال، الي درجة ان مصادر اللصوص أنفسهم وبغض النظر عن الأدوار التي تؤديها راحت تتسابق في الكشف عن أوجه هذا الفساد التي هي ضالعة فيه أصلا؟.

وهذه المصادر أتحفتنا أخيرا من خلال ماتفوه به نائب رئيس هيئة النزاهة سامي الشبك الذي كشف، وهو ليس الكشف الأول بالطبع ولن يكون الأخير، عن فقدان عدد كبير من ملفات الفساد المالي والاداري دون تقديمها الي القضاء خلال الفترة الماضية وان الهيئة تعمل علي متابعة عمليات تهريب النفط في المحافظات الجنوبية وتبييض الاموال، وقال الشبك في تصريح لوسائل الإعلام خلال مشاركته في ورقة العمل عن الفساد المالي والاداري في بيروت ، ان الهيئة تسعي حالياً لتفعيل الملفات المفقودة وتقديمها الي القضاء وفق استراتيجية جديدة تضعها لآلية عملها، مشيرا الي ان الآلية المتبعة سابقا" كانت خاطئة جدا إذ كانوا في السابق يتمسكون بالقضايا الصغيرة والمخالفات الادارية دون الاهتمام بمخالفات عقود كثيرة في العديد من الوزارات وعدم النظر فيها، واضاف ان الشغل الشاغل لهيئة النزاهة حاليا هو متابعة عمليات تهريب النفط لأنه امر يخص الرأي العام بصورة كبيرة، منوها بامتلاك الهيئة معلومات خطيرة عن هذا الامر وهي عاكفة علي متابعته لاسيما في المحافظات الجنوبية، وافاد الشبك ان الهيئة تتابع ايضا عملية تبييض الاموال كونها لاتقل خطورة عن تهريب النفط.

وكي يطلع القاريء علي الأساليب التي يتبعها أفراد ضاحية الاحتلال العراقية من المفيد أن نتطرق الي وزير المالية الحالي ووزير الداخلية السابق باقر صولاغ أو بيان جبر سابقا" والذي أسماه حسن العلوي ب زرقاوي الشيعة مع العلم أن العلوي هو من أراجوزات ضاحية الاحتلال العراقية، لكنه لم يقنع بمنصب السفير في وزارة الخارجية إذ كان يطمع بمنصب أكبر علي الرغم من شكلية هذه المناصب لكنها مناصب توكل دهب وفقا للمثل المصري الشائع، مما حدا به الي شتم زملائه في ضاحية الاحتلال، والذين هم يطلقون عليه اسم حسن عليّوي في دلالة علي أنه ينتحل النسب العلوي، وهو موضوع لسنا بوارد تناوله في هذه الكتابة.

المهم ان صولاغ وحسب ماكشفته وسائل الإعلام العراقية التي تقول، يوما" بعد اخر تتكشف أسرار إلغاء قرار إيقاف استيراد العراق السيارات من موديل ما دون 2000 من قبل وزير المالية باقر أو بيان جبر صولاغ، فقد كشفت مصادر مطلعة ان صولاغ أسس شركة لتصدير السيارات الي العراق يديرها احد أفراد عائلته، وقد قام صولاغ اولا" بتهيئة آلاف السيارات من موديل ماقبل 2000 ثم أقدم بشكل سري علي إلغاء القرار والايعاز الي شركته بتصدير السيارات الي العراق اذ وجد العراقيون فجأة امامهم في الاسواق موديلات سيارات كانت ممنوعة من الدخول!.

هذا وقد قدرت هذه المصادر أرباح شركة صولاغ من هذه الخدعة الصولاغية ب 70 مليون دولار في خبطة واحدة وفي مدة زمنية قصيرة ، وفي هذا السياق ذكرت وسائل الإعلام العراقية ان صولاغ قام أخيرا بشراء شقة في لندن وبقيمة تسعة ملايين دولار، وأوساط ضاحية الاحتلال العراقية لايخفي عليها ان صولاغ هو الذي كان عراب صفقة عقود الهاتف الجوال التي خطفتها شركة اتصالات يملكها جلال الطالباني، وقد استطاع صولاغ ابعاد كافة العقود الاخري بحكم كونه رئيس لجنة العقود، ونجح في حصول شركة الطالباني علي العقد ولمدة 15 سنة، وهذا أغرب عقد في التاريخ حيث المعروف ان مدة أي عقد لايتجاوز 3 سنوات فقط نظرا" لتبدل الظروف وارتفاع الاسعار، ولكن يبدو ان صولاغ حصل علي رشوة دسمة جعلته يهب الامير بما لايملك ويتلاعب بالاقتصاد العراقي! حسب تعبير وسائل الإعلام.

وبحكم المعرفة الشخصية لكاتب السطور بصولاغ حجي باقر لفترة تقارب العقدين من الزمن في دمشق عندما كان ممثل المجلس الأعلي في سوريا ولبنان، فإن صولاغ مشهور ببخله الشديد، وكان همه ينصب علي إنشاء مصانع الذهب.

في لبنان وكذلك شراء العقارات في العراق مستغلا في ذلك هبوط الدينار العراقي الي أدني مستوياته ومن خلال أقاربه و مجاهدي المجلس الأعلي ، وكانت ذريعته ان شراء العقارات بأموال المعارضة هو أسلوب من الجهاد ضد النظام العراقي السابق، والواضح واعتمادا علي السالف، فإن جهاد صولاغ مازال مستمرا، لكنه هذه المرة بأسلوب الاحتيال والخداع والحصول علي الرشي، بعدما أصبح حاميها حراميها، فيالبؤس الحامي ويا لسماجة الحرامي.

في الفترة الأخيرة كُشف النقاب عن فضيحة الشاي الفاسد في محافظة الحلة بابل وكان أبطالها تجار يعملون في دكاكين ضاحية الاحتلال، وتتلخص هذه الفضيحة في أن سكان الحلة وجدوا ان الشاي المخصص لهم في البطاقة التموينية غير صالح للاستهلاك البشري فثارت ثائرتهم علي مسؤولي المحافظة الذين اضطروا أمام هذه الثورة الي توقيف التجار الذين كانوا وراء تزويد المحافظة بكمية الشاي هذه، ولكن سكان الحلة فوجئوا بعد ايام قلائل بأمر صادر من سلطة ضاحية الاحتلال العراقية في بغداد علي شكل طلب عاجل بنقل المتهمين الي بغداد بغرض محاكمتهم، الأمر الذي جعل سكان الحلة يتظاهرون أمام مبني المحافظة مطالبين بعدم نقل المتهمين الي بغداد ومحاكمتهم في الحلة، حيث يعتقد هؤلاء السكان ان عملية النقل هذه تهدف الي تمييع القضية ولفلفتها في بغداد لاسيما وأن هؤلاء المتهمين قريبون من سلطة ضاحية الاحتلال العراقية أو هم بالأحري يعملون شركاء ووكلاء للعديد من المسؤولين في هذه السلطة.

وإذا كانت فضيحة الشاي في الحلة أخذت شيوعا واسعا بين الأهالي في المحافظة المذكورة، فإن أهالي محافظة كربلاءعانوا أيضا من فضيحة الحليب المجفف وغير الصالح للاستهلاك البشري، وفي هذا الصدد يقول مشرق الغزالي مدير هيئة النزاهة في كربلاء إن مادة الحليب المجفف التي تم توزيعها علي الأهالي ضمن مفردات البطاقة التموينية للشهر الأخير ليست صالحة للاستهلاك البشري ، وأضاف في حديث مع راديو سوا إن الفحوصات الأخيرة التي أجرتها هيئة النزاهة علي مادة الحليب المجفف التي وزعت في هذا الشهر أثبتت أنها غير صالحة للاستهلاك البشري من الناحية الكيماوية، وغير قابلة للذوبان وتتميز بنسبة حموضة عالية، وأكد الغزالي أن الهيئة جادة في متابعة التحقيق في هذه القضية في مختلف المحافظات، بما فيها محافظتا تكريت صلاح الدين والحلة بابل اللتان وجدت فيهما المخالفات ذاتها لمعرفة ملابسات الموضوع .

وعن شبكة الحماية الاجتماعية المختصة بمساعدة الفقراء في محافظة كربلاء قال مدير الهيئة، وجدنا الكثير من الثغرات، حيث هناك بعض الأغنياء وبعض الموظفين والأفراد غير مشمولين بالشبكة يستلمون رواتب منها، وخلال الأسبوعين القادمين سيتم حجب هذه الرواتب عن نحو ألف شخص.

يُذكر أن القانون المتعلق بشبكة الحماية الإجتماعية للفقراء اشترط أن يكون المستفيد من الأسر الفقيرة التي يقل دخلها اليومي عن دولار واحد أو من الأرامل والمطلقات والعاجزين من كبار السن رجالا ونساء والمصابين بالشلل الرباعي وذوي الاحتياجات الخاصة العاجزين عن العمل كليا وذوي السجناء والطالب المتزوج المستمر في دراسته الجامعية، وبالتالي فإن تسلل ألف فرد من غير المستحقين للهذه الشبكة، يكشف حجم الفساد المستشري في هذه المحافظة أسوة بمحافظات الفرات الأوسط والجنوب، وهي المحافظات التي تهيمن عليها قائمة الإئتلاف الموحد من خلال حكومة المالكي أو حكومة ضاحية الاحتلال العراقية.

لاشك أن الفساد في الإدارة العراقية لضاحية الاحتلال العراقية بلغ حجما" فاق حجوم الفساد المعروفة في العالم، حتي أن أربعة نواب من الحزب الديمقراطي الأمريكي وجهوا رسالة الي وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يحتجون فيها علي ما أسموه محاولات ادارة بوش لتغطية الفساد في العراق، وقال هؤلاء النواب في رسالتهم: نوجه هذه الرسالة كي نعرب عن خشيتنا من أن يكون الفساد المستشري في العراق مصدراً لتغذية التمرد وتعريض قواتنا للخطر وإجهاض فرص النجاح، وأضاف النواب الأربعة الذين صاغوا الرسالة علمنا بأن وزارة الخارجية الامريكية أمرت في 25 أيلول سبتمبر عام 2007 المسؤولين فيها بعدم الرد في جلسات عامة علي الاسئلة المتعلقة بمدي انتشار الفساد في الحكومة العراقية