Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 2 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاحد 2-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
العراق 2009 وسيناريوهات ما بعد نهاية الاحتلال» *
خالد فلاح المدادحة
الدستور الاردن
منذ ان قدمت لجنة بيكر - هاملتون تقريرها وتوصياتها حول العراق ، فقد بدأت ادارة الرئيس بوش تتخبط بين مرين احدهما مر ، وكانت المصيبة الكبرى امام هذه الادارة ان تتبنى توصيات اللجنة التي كانت تدعو للحوار والتعايش السلمي والانساني بين الاديان والطوائف والاحزاب العراقية ، ووضع جدول زمني لانسحاب قوات الاحتلال.
اما المصيبة الاكبر امام الادارة الامريكية فقد كانت الخيار الاخر الذي يتبناه اليمين الامريكي والداعي لاستمرار الاحتلال مع ما فيه من نزيف للدماء العراقية والامريكية ، ونزيف للمال العراقي بدأت تمتد آثاره لتطال دول الجوار العربية كالاردن وسورية ، وقد كان هذا التخبط الامريكي واضحا اثناء زيارة الرئيس العراقي المالكي لسورية مؤخرا ، وما صاحبها من تصريحات للرئيس بوش خلال هذه الزيارة يهاجم فيها الرئيس المالكي ويتهمه بالفشل في تهدئة الاوضاع الامنية والقضاء على المقاومة العراقية واستدراج طائفة السنة للمشاركة في الحكومة مع الشيعة. وبعد مرور اقل من يومين على هذه التصريحات ، تراجع الرئيس الامريكي عنها ، وامتدح الرئيس العراقي واكد دعمه له ولحكومته ولمساعيه في احلال الامن والصلح الوطني العراقي.
وان معظم المؤشرات السياسية في العراق حاليا تبين ان قرار اعادة توزيع القوات الامريكية وانسحاب معظمها سيتم قريبا ، وان لم يكن قد تم فعلا بشكل سري. اذا تم هذا الانسحاب فسيكون هذا نتيجة عدد من المؤثرات والضغوط اهمها :
1 - ضغوط المقاومة العراقية التي احالت وجود الاحتلال الى جحيم لا يطاق بدأ يذكر الامريكيين بحرب فيتنام خاصة بالنسبة لارتفاع حجم الخسائر البشرية والمالية.
2 - تقرير لجنة بيكر - هاملتون ، وتقارير عدد من اللجان الاخرى التابعة للكونجرس او المخابرات.
3 - فشل الحملات العسكرية التي قامت بها قوات الاحتلال بما في ذلك زيادة عدد القوات الامريكية في العراق
4 - انسحاب معظم قوات التحالف التي كانت قد شاركت مع القوات الامريكية في بداية الحملة على العراق ، والتي كان اهمها على الاطلاق بدء انسحاب القوات البريطانية بعد خروج الرئيس السابق بلير من الحكم ونجاح الرئيس الحالي براون.
هناك تخوفات عراقية وعربية وامريكية بعضها حقيقي ومعظمها مفتعل ، من ان انسحاب القوات الامريكية قد يؤدي الى اشتعال حرب اهلية طائفية ودينية الامر الذي سيؤدي بالتالي الى تدهور اوضاع العراق والمنطقة باسرها سياسيا وامنيا واقتصاديا.. وربما ادت لتزايد النفوذ العسكري الايراني في العراق، في الحقيقة ان مثل هذا الاحتمال قائم لكنه يظل حتما اقل شرا وخطرا من الاحتمال الوحيد الاخر وهو استمرار الاحتلال الذي كان المسبب الرئيسي في الحرب المشتعلة فعلا في العراق حاليا.
بعد مرور حوالي اربع سنوات على الاحتلال وبروز مؤشرات قرب نهايته ، لا بد من ايضاح الحقائق التالية:
1 - ان استمرار الاحتلال هو استمرار لنزيف الدم والارواح والثروة العراقية ، اضافة لكارثة اللاجئين العراقيين والكوارث التي سببها الاحتلال للدول المجاورة للعراق.
2 - ان الحل الوحيد لاعادة الامن والنظام للعراق بعد رحيل الاحتلال ، هو الحل السلمي من خلال الحوار والتسامح والتعايش بين ابناء العراق على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ، وهو الامر الذي كان سائدا قبل الاحتلال.
3 - بعد رحيل قوات الاحتلال يمكن للامم المتحدة والجامعة العربية ان تساعدا في الاشراف على الاستفتاء والانتخابات التي ستتم ، بالاضافة لدورها كما اسلفت في تشكيل قوات حفظ سلام داخلية تحت اشراف الادارة والجيش العراقي.
4 - ان الفترة الحرجة الدقيقة في تاريخ العراق ستكون الفترة الزمنية التي تعقب خروج اخر جندي من عسكر الاحتلال ، وقيام سلطة تنفيذية مركزية ومنتخبة.. والى ان يتم ذلك فان خير من يقوم بدور حفظ الامن هو الجيش العراقي ورجال الامن العراقيون ، وان دعت الحاجة ايضا لقوات عربية ودولية تساند الجيش الذي يجب ان يعود ليتحمل المسؤولية الرئيسية في حفظ الامن العراقي.. ولا يمكن ان يتصور المرء خطأ جسيما يفوق خطأ قوات الاحتلال بتسريح افراد الجيش العراقي الذين انضموا بعدتهم وعتادهم للمقاومة العراقية.
5 - هناك مقولة شائعة عن الشعب العراقي بدأت تعود للاضواء من جديد مؤخرا .. وهي المقولة التي تدين الشعب العراقي بانه شعب لن ينجح في حكمه سوى الحكم الفردي او العسكري الدكتاتوري. وهذا قول فيه ظلم كبير للشعب العراقي.. اذ ان العراق سبق ان تمتع بديمقراطية قل نظيرها في المنطقة من حيث النظام الحزبي والبرلماني ابان الحكم الملكي في العراق قبل ثورة تموز 1958 . ان هذه الحقيقة لا تعني باي حال الدعوة للحكم الملكي او الدعاية له ، اذ ان هذا الامر ليس من اختصاصي او اختصاص اي انسان اخر غير عراقي. لكنها حقيقة كان لا بد من ايرادها لتصحيح خطأ شائع.
6 - هناك خطأ شائع اخر يتعلق بمساواة شيعة العراق بايران واتهامهم بانهم ادوات بيد الايرانيين. وهذا كلام مجحف بحق الشيعة وفيه جهل كبير بحقيقة ان معظم افراد الجيش العراقي الذين حاربوا ايران في حرب الثماني سنوات «1980 - 1988» هم من الشيعة ،
وبعد ، لقد ساهم العراق والعراقيون في الحضارة العربية وحضارة المنطقة والعالم ، وقدموا المساعدات الكريمة بالاموال والانفس لاخوانهم من العرب والمسلمين الذين طلبوا مساعدتهم.. وكانوا اساتذة في الحكم البرلماني والديمقراطي والحزبي ، وفي التسامح والتعايش الديني والطائفي. ويجب ان يتيح العالم لهم الفرصة للعودة للعب هذا الدور الحضاري من جديد.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
ليلى في العراق مريضة *
ماهر أبو طير
الدستور الاردن
شهداء الشعب العراقي ، بالمئات يوميا ، واذا كان الجهلة فقط يبتسمون عند سماع خبر عن تفجير مسجد يذهب اليه الشيعة ، او حسينية ، تحت ذريعة انهم "كفار" وسمحوا للاحتلال بدخول العراق ، فان هناك ، ايضا ، جهلة يبتسمون عندما يسمعون خبرا عن تفجير مسجد يذهب اليه السنة ، او في حي سكني يتواجد به السنة ، تحت ذريعة انهم "كفار" من نوع اخر ، وانهم يتسببون بقتل الشيعة ، وقد ابتلانا الله بالجهلة والرعاع على حد سواء.
وشهداء العراق من الابرياء ، ايا كان مذهبهم ، يوجعون القلب ، فالشعب العراقي ، تشتت في ارجاء الدنيا ، ولم يبق في العراق الا الفقير ، او غير القادر على الخروج لسبب او اخر ، واذا كان القتل اليومي الجاري يؤسس لعراق مدمر ، لالف عام مقبلة ، حتى لو خرج الاحتلال ، فاننا لا نسمع كلمة ذات قيمة من وجهاء العراق واثرياء العراق ورموز العراق ، الذين خرجوا منه ، وولوا وجوههم نحو قبلة جديدة ، بدلا من السعي لوقف هذه المذابح اليومية ، التي يسفك فيها القتلة ، دمنا ايضا.
الحلاج حين قال "لا" ذات يوم وخالف قومه ، قطعه الجلادون والمجتهدون ، بعد ان صلبوه ، وكان يصيح يومها قائلا "ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما الا بالدم" وقد ذهبت تلك نبوءة فسرتها العهود اللاحقة حتى يومنا هذا ، فالعراق الذي لم يدخل حظيرة العالم الحر الجديد ، تم اقتياده اليها اقتيادا ، والسكين فوق رأسه ، ليتم تقطيع اوصاله في الظلام ، ولتتردد صيحة الحلاج ، ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما الا بالدم ، والحلاج الذي بقي على صرخته لم يتوقف تحت وقع سكاكين القتلة ، بل غسل دمه جسده ، وتطهر ، لتبقى روحه مقيمة فوقنا منذ يومها.
العراق اليوم ، يقتلونه على ذات الطريقة ، هو قتل استثماري نحو المستقبل ، على اساس انه.. لو انسحب الاحتلال منه ، فانه قد يحتاج الف عام حتى تعود اليه لحمته الوطنية والاجتماعية ، وحتى نعود ونرى العراقي يزور مرقد موسى الكاظم ، والامام ابي حنيفة ، في ذات الساعة ، ولا يسأله احد عن مذهبه ، والعراق الذي يتفرج عليه العرب وهو يغتصب وينتهك ، هو ذات العراق الذي لم يقصر مع العرب يوما ما ، لكنها الخسة التاريخية ، حين يتركونه كجمل يذهب للذبح وحيدا ، دون ان يحميه احد ، بعد ان حملهم كل هذه المسافات واحتمل لاجلهم.
لا يكفي العراق منا ، الندب والبكاء ، على حد تعبير زميل عزيز ، قال ان البكائيات لم تعد تجلب نتيجة في الاعلام ، فالقارئ لديه ما يفيض من البكائيات الشخصية ، وهو غير قادر على استقبال بكائيات جديدة ، غير ان العراق يطلب اليوم من ابناء العراق اولا ، ان يسعوا الى جهد خلاق لوقف الفتنة الجارية بين العراقيين انفسهم ، والتخلص من الصراع المذهبي الذي اذكاه المحتل ، حتى ان الاحياء يحاربون اليوم باسم الاموات ، ويقتتلون على قبورهم ، ويتركون العراق ذاته يتم دفنه ، دون ان يرف لهم جفن.
العراق ، قلب الهلال الخصيب ، الذي ادمته السكاكين ، سبب لكل واحد منا ذبحة في عقله وضميره ووجدانه ، اذ لم تكفينا فلسطين التي سرقوها ذات ليلة ، حتى جاء لبنان والعراق ، لتقطيع اوصال الهلال الخصيب ، ولعلي اسأل ماذا يتبقى من العالم العربي اصلا اذا تمت استباحة هلاله الخصيب ، فيما مغربه العربي مشغول باتقان اللغة الفرنسية ، ودول الصحراء العربي مشغولة بنفطها والعقارات.
"يقولون ليلى في العراق مريضة" ولم يعرف القائلون ان كل العراق بات مريضا اليوم ، ففي كل بيت عراقي هناك "ليلى" وفي كل "ليلى" هناك عراق مذبوح...حتى باتت سماء الشهداء عراقية بامتياز ، وحتى ان لهجة اهل الجنة ستكون بغدادية ذات يوم ، فلا نسمع فيها على افتراض دخولها الا.. مردات الحزن العراقي الممتد من الارض الى السماء.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
الفيدرالية هي الحل في العراق
توماس فريدمان

الشبيبة عمان
عندما يحاول ضباط الجبش الامريكي توضيح تحديات إعادة إعمار العراق, فإنهم عادة يتكلمون عن ثلاث آلات مختلفة لقياس الزمن. فساعة واشنطون هي ساعة وقف (استوب ووتش), وأية دقيقة تمر على بقائنا في العراق هي مشكلة. وساعة الحكومة العراقية بقيادة الشيعة, تبدو دائما معطلة وعليك باستمرار أن تضرب عليها لتعمل. وساعة سنة العراق تريد دائما أن تسير في الإتجاه المعاكس, تريد العودة لأيام صدام, حيث كان السنة هم المسؤولون.
لقد تجولت للتو بين بعقوبة والبلد ووسط الاحياء السنية والشيعية في بغداد بصفتي مراسلا مرافقا للزائر وليام فالون, قائد القيادة الوسطى. ولا ادرى ما إذا كانت زيادة القوات تحقق نجاحا, فلا يزال الوقت مبكرا وزيارتي قصيرة. غير إنني رأيت بالفعل شيئا جديدا هنا, شيئ إذا لعب بصورة صحيحة, يمكن ان يساعد في استقرار العراق ويحسن من تواقيت بعض تلك الساعات.هو الآتي:
رغبة القبائل السنية وقادة الاحياء السنية الرئيسية في بغداد, في العمل جنبا لجنب مع الجنود الامريكان الذين ظلوا يطلقون عليهم النار على مدى اربع سنوات, وذلك بهدف استعادة المدن والمناطق السنية من ايدي سنيين عراقيين آخرين موالين للقاعدة ويشبهون الطالبان, والذين تولوا الامور في عام 2006 عندما انسحبت القوات الأمريكية التي كانت تعاني قلة عدد الجنود, وخرجت من العديد من المناطق وسلمت مسئولية الامن لوحدات الجيش العراقي التي لم تكن جاهزة.
من المفارقة, أن السبب الرئيسي لانخفاض مستوى العنف هنا, هو ان الزيادة التي شهدتها قوة القاعدة في 2006, ارعبت قادة القبائل السنية, التي هي أساس المجتمع السني هنا, للدرجة التي جعلتهم راغبين في العمل مع الامريكان في الوقت الذي انطلقت فيه زيادة القوة الأمريكية.
تحذير: هذا التحول الهام من قبل القبائل السنية, لن يتماسك ما لم تبدأ الحكومة ذات القيادة الشيعية في تقديم الخدمات الجكومية لهم, مثل توفير الماء والوقود والكهرباء, للمناطق السنية التي استعادتها القبلئل السنية.
وكان يمك ايضا ان ينهار هذا التحول ببساطة لأن هذا هو العراق. فكما قال لي أحد الجنرالات الأمريكان عن القبائل السنية: إنهم لا يزالون يكرهوننا. فقط إنهم الآن يكرهون القاعدة اكثر ويكرهون الإيرانيين أكثر من القاعدة. لكنهم يمكن ان يحولوا بنادقهم باتجاهننا في أي وقت.

وبعقوبة التي تقع في قلب محافظة ديالا شمال بغداد, صورة مصغرة لما يجري في العراق. ففي مارس الماضي, وبينما كان الجيش الامريكي يحاول إستعادة هذه المنطقة من أيدي المجاهدين العراقيين, والذين اعلنوها عاصمة (لدولة العراق الإسلامية), وفرضوا عهدا من الإرهاب بما في ذلك قطع الرؤوس لمخالفة السلوك الإسلامي وفرض القيود على أزياء النساء ومنع التدخين والكحول, تسببت طائرة بدون طيار تابعة للإستخبارات الامريكية في نشوب القتال بين فصيلين عراقيين داخل المدينة.
في اليوم التالي, طلب أحد الفصيلين ويمثل القبائل السنية المحلية, المساعدة من ضابط ميداني أمريكي لطرد المتطرفين الإسلاميين. وهكذا بدأ مجهود تعاوني ضم الآن جميع القبائل الخمسة والعشرين من السنة والشيعة في المنطقة وادى بالولايات المتحدة لأن تدفع لأبناء القبائل للقيام باعمال الدوريات في احياء مدنهم والقرى المجاورة.
ونتيجة لذلك, فإن سوق بعقوبة الذي أغلق قبل ثلاثة اشهر صار يشهد ازدحاما في أيام الآحاد من توافد النسوة لشراء الخيار والجذر والفجل والطماطم, والرجال الذين يقومون بتصوير الوثائق على آلات التصوير المنصوبة على جوانب الممرات.
وفي هذه الاثناء قامت القوات الامريكية أيضا بجلب الجيش العراقي الرسمي إلى داخل بعقوبة, لكنه فقط هذه المرة تحت إمرة قائد جديد, هو الميجور جنرال سالم كريم صالح الذي هو ضابط جيش سني متقاعد يتمتع بإحترام الجميع والذي كان في يوم من الايام احد جنرالات صدام المرموقين أثناء الحرب العراقية – الإيرانية وهو من ابناء المتطقة. وهو الآخر كان مستعدا للعمل مع الأريكان للتخلص من العراقيين الموالين للقاعدة.
قال لي الجنرال سالم: لقد طلب مني المواطنون أن أعود للجيش. إننا في حاجة لحل سياسي. لكن يجب ألا تكون السياسات جزئية وألا تميل إلى جانب واحد. نحن في حاجة للأفعال وليس للمزيد من الكلمات وهذا بمثابة إشارة للحكومة ذات القيادة الشيعية لترسل المال للمساعدة في صيانة إصلاح المدينة, وهذا ما شرعت فيه بالفعل. ويضيف حاكم محافظة ديالا, رعد التميمي: نحن في حالة كارثة الآن. ونأمل أن تتعامل الحكومة المركزية معنا بطريقة أفضل.
إنني أتفهم تحفظ الشيعة حول ما يجري. فقد قاوم السنة كل شيئ ولمدة اربعة أعوام, والآن يريدون الخدمات الحكومية. لكن هذا في مصلحتنا لأنه يزيد من فرص الحل الممكن الوحيد هنا. وهو قيام فيدرالية فضفاضة, تسيطر فيها كل طائفة على منطقتها وتبقى بغداد هي المركز الذي يوزع الثروة على الجميع.
هذه هي الطريقة الوحيدة التي تمكننا من الخروج من هنا دون أن ينفجر العراق. أو كما قال لي مسئول كردي: "إذا كنتم تريدون عراقا متحدا, فما كان لكم أبدا التخلص من صدام حسين, ذلك لأنه الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يحافظ على تماسك هذا البلد


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
تراتبية المراحل *
حياة الحويك عطية
الدستور الاردن
من المصالحة السياسية في العراق الى المصالحة السياسية في باكستان وربما غدا في في افغانستان.. ساحات قد يبدو للوهلة الاولى ان لا وجه شبه حقيقي بينها. ففي الساحة الاولى احتلال ومقاومة ، وفي الثانية حكم محلي ، وفي الثالثة احتلال مختلف. لكن نظرة عميقة الى الوضع تجعلنا نرى في الساحات الثلاث حالات اضطرار يلجا اليها الاميركيون ، ولكنهم يتمكنون من ادارتها بحيث يحمون بالسياسة انفسهم من الخسارة المؤكدة التي سيمنون بها عسكريا او شعبيا. فكلها مصالحات يريدها الاميركيون والاسرائيليون على نمط ما يريدونه للمصالحة الوطنية العراقية : أي التوصل الى ترضيات سياسية وحلول وسطى توقف عملية المقاومة للمشروع الاميركي ، وتسهل عليه ادارة احتلالاته المعلنة وغير المعلنة ، المباشرة والمهيمنة.
غير ان لاسرائيل حسابات اخرى قد تختلف هذه المرة عن الحسابات الاميركية ، فما يساعد العم سام على الخروج بماء الوجه بعد تهدئة الغضب الشعبي ضده ، لا يعفي اسرائيل من احتمالات وجود شرائح شعبية ذات وزن معادية لوجودها من اساسه وليس فقط لامكانية التطبيع والتعاون معها. لذا فانها تخاف ان تؤدي المصالحات يوما الى وصول هذه الشرائح من جديد الى السلطة ، خاصة في دولة تمتلك السلاح النووي كباكستان ، التي ما تزال واحدة من الدول النادرة التي لم تعترف رسميا بالدولة العبرية . وهذا ما تجلى بالقلق الذي عبر عنه المسؤولون الاسرائيليون من عودة من اسمتهم بالمتطرفين الى السلطة في باكستان ، بما يعيد الى الذهن نظرية بنيامين نتنياهو منذ التسعينات حول ما كان يسميه بالسلاح النووي السني والسلاح النووي الشيعي ، علما بانه كان يشمل الاثنين ضمن قائمة الارهاب.
واذا كان نتنياهو قد دعا الى تدمير المشروع الايراني قبل عام الفين كي لا يشكل خطرا على اسرائيل ، وذلك طبعا بعد القضاء على العراق ، بحسب خطته . فان احتلال العراق قد تأخر عن الخطة الاسرائيلية حتى عام 2003 ثم جاءت المقاومة العراقية بقوتها المفاجئة ، لتجعل من ضرب ايران مهمة شبه مستحيلة. وفي هذا الوقت كان الالتفاف على القوة الباكستانية اسهل بفضل الانقلاب الذي قاده برويز مشرف مدعوما من الاميركيين ، ومن ثم تعاون الحكم الباكستاني الجديد في موضوع افغانستان. غير ان مقاومة من نوع اخر قد عاكست خطط الاميركيين في الباكستان ، اذ لا يكفي القيام بانقلاب عسكري لتغيير المزاج الشعبي كله. واذا كان برويز مشرف قد نجح في تقديم خدمات لا تقدر بثمن لاسياده ، فانه وصل الى نقطة لم يعد فيها قادرا على تجاوز الشركاء الاخرين في البلد ، مما يعني اضطراره الى عقد مصالحات وتقديم تنازلات راينا بشائرها.
هل يعني ذلك ان تل ابيب ستعمل في خط يتناقض مع خط واشنطن ؟ لا بالتاكيد ، لان الخط الاميركي مرسوم بايادي الانتلجنسيا اليهودية الصهيونية سواء ظل الجمهوريون في الحكم ، ام جاء اليه الديمقراطيون . وربما يكون الديمقراطيون اكثر براعة في معالجة وتدوير الحلول السياسية من الجمهوريين ، بما يتوافق تماما مع طبيعة التراتبية المطلوبة : أي الاعتماد على السياسة بعد تحقيق الاحتلال العسكري .فالمرحلتان متلازمتان متكاملتان ، ولكل منهما رجالها . تكامل لا يجعل من انفراط عقد الصقور المحيطين بجورج بوش الا مقدمة لالتئام عقد الثعالب الذين سيحيطون بالرئيس القادم . دون ان ننسى ان هذا الاخير سيكون مرتهنا لمرحلة المعركة الرئاسية التي بدات بشائرها والكل يعرف دور اللوبي اليهودي فيها وقيمة التعهدات التي تعقد من تحت الطاولة كثمن ايجار المكتب البيضاوي لمدة اربع سنوات.
واقع يؤدي الى استنتاجات كثيرة ربما يكون من اهمها اثنان : الاول ان أي توجه لما يسمى مصالحة سياسية او عملية سياسية على ارض صراع مع الاميركيين لا يتم الا تحت المظلة الاسرائيلية ووفق كل المحاذير التي تضعها الاستراتيجية الصهيونية كخطوط حمراء ، مما يقتضي حذرا يفوق بكثير ذاك الذي تتطلبه المقاومة.دون ان يعني الامر رمي الطفل مع ماء الحمام . اما الثاني فهو تاكيد ان ابتكار الشرخ السني الشيعي على يد الاميركيين لم يكن الا تنفيذا متاخرا لافرازات العبقرية الصهيونية ، وذلك لتحقيق انقسام يشق العالم الاسلامي كله الى اثنين متضاربين ، بدلا من ان يكون جبهة واحدة في مواجهة المشروع الصهيوني ، وذلك بعد توسع اطار المواجهة مع اسرائيل من فلسطينية اسرائيلية الى عربية اسرائيلية فالى اسلامية اسرائيلية . فهل يدرك المسلمون ان عداء اسرائيل لهم لن يميز بين سنة وشيعة ، وان افضل خدمة لهذا العدو هي التدمير الذاتي الذي يوفر على العدو كلفة تدمير الاثنين؟

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
العراق إلى أين؟

افتتاحية
البيان الامارات
مكتب محاسبة الحكومة الأميركية، وضع النقاط على الحروف، وهو يكشف عما يجري في العراق. فالتقرير الذي نشره يشير إلى ان العراق لم يبلغ إلا ثلاثة أهداف من 18 هدفاً أمنياً وسياسياً حددها له الكونغرس الأميركي على صعيد إحراز تقدم في المجالين العسكري والسياسي. وتضمن، كما كشفت صحيفة الواشنطن بوست، تقييماً سلبياً للجهود الأميركية من أجل إرساء الأمن في بغداد.


ويقول ان الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش في يناير الماضي وتم بموجبها تعزيز عدد القوات الأميركية في العراق، لم تعط نتائج ايجابية واضحة. كما ان العراقيل السياسية في العراق قضت على جهود إعادة الإعمار ولم تسمح بوضع القوانين اللازمة، ولم يتم التصويت على قوانين أساسية. وبالطبع، كما قال التقرير، لا يزال العنف مرتفعاً. فالاعتداءات على المدنيين مستمرة بالوتيرة نفسها، والقوى الأمنية العراقية لم تتقدم على صعيد اكتساب الكفاءات.


هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه العراق الجريح. ويبدو أن الوضع في المستقبل القريب سيظل غامضاً، بل ان الأميركيين ليس في جعبتهم ما سيزيح عن العراق كابوس الفوضى والانفلات الأمني والعنف الدامي المتواصل.


فوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، أكد ان التقرير المرتقب الذي سيقدمه قائد القوات الأميركية في العراق ديفيد بترايوس والسفير الأميركي في بغداد ريان كروكر 11 سبتمبر الجاري، لا يقدم «حلولاً سحرية لأزمة العراق.. للمشكلات والتحديات للأزمة العراقية أو حتى إجابات فورية للمشكلات التي نمر بها».


ان الاستراتيجية الجديدة لبوش في العراق، ستخضع لاختبار قاس هذا الشهر الذي وصفه الناطق باسم البيت الأبيض توني سنو بأنه شهر أو «موسم التقارير»، حيث سيناقش الكونغرس تقييماً للوضع في العراق من خلال تقرير بترايوس وكروكر. ومن المتوقع ان يرسم هذا التقرير السياسة المستقبلية للرئيس بوش في العراق.


ان الدعوات داخل أروقة الكونغرس، تتصاعد مطالبة ببدء انسحاب القوات الأميركية من العراق، والرئيس جورج بوش كان على موعد أمس مع عدد من قادة الجيش الأميركي، بهدف تقييم الأوضاع المتدهورة في العراق منذ أكثر من أربع سنوات.


وفي الوقت نفسه، العراق ينزف يومياً، ولا تجف حمامات الدم على أرضه في ظل أشكال من العنف جعلت كل أسرة عراقية لا تعرف الأمن والأمان على أبنائها، بل وصار خلاصها الوحيد هو النزوح إلى خارج الديار. مأساة العراق، قد تتفاقم إلى الأسوأ إذا لم تتخذ قرارات وإجراءات تراعي مصلحة هذا البلد العربي الكبير وتحافظ على وحدة أراضيه. والأمل مازال معقوداً في المقام الأول على ضرورة تحقيق مصالحة وطنية شاملة وجادة تزيح عن أرض الرافدين شبح الفتن الطائفية التي تهدد كيان العراق.


لقد اتخذ التيار الصدري خطوة ايجابية بتجميد أنشطة ميليشيات جيش المهدي، وبالفعل اختفت تلك الميليشيات من شوارع مدينة الصدر. ويبقى أن تختفي باقي الميليشيات من مدن العراق بدافع الحفاظ على تماسك العراق وتحقيق مصالحة ووحدة وطنية متماسكة بين أبنائه.


ما يؤلمنا أن نرى العراق غارقاً في فوضى أمنية، ولا تضمد جراحه. والمؤسف أن تلك الجراح لم تعد قاصرة على أوضاعه الأمنية، بل امتدت إلى أحواله الصحية. فمن المفجع أن ينتشر وباء الكوليرا في شمال البلاد ويحصد أرواح ثمانية أشخاص، وبالتأكيد يرجع ذلك إلى سوء المرافق العامة، وبالتحديد تلوث مياه الشرب وتدهور نظام الصرف الصحي.


وكان تقرير أعدته جمعية اوكسفام البريطانية الخيرية بالاشتراك مع لجنة التنسيق العراقية غير الحكومية قد حذر من ان 70 في المئة من سكان العراق لا تتوفر لهم مياه شرب نظيفة، بينما لا تتوفر لعشرين في المئة منهم خدمات صرف صحي. هكذا ساءت الأوضاع في العراق، والعامل الأول لسوئها هو العجز عن تحقيق الأمن، الذي ان توافر لمضت مسيرة التعمير وإعادة البناء إلى الأمام.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الحزب الاسلامي وأطواق النجاة للمحتل

نجدت الطائي

منذ أن بدأ الاحتلال مشاريعه السياسية في العراق ،ظهر الحزب الاسلامي بدور من يمنح المحتل طوق النجاة كل مر هذا المحتل في مأزق سياسي .

فعند تأسيس مجلس الحكم الذي كان لابد لنجاحه أن يكون للسنة فيه مقاعد ،كان الساسة الذين شغلوا مقاعد السنة حينها غير مقنعين لاحد انهم يمثلون هذا المكون من الشعب العراقي ،لانهم شخصيات عاشت دهرها في الخارج، وغير معروفة لمعظم العراقيين ،لكن وجود الدكتور محسن عبد الحميد ،الداعية المعروف ،والدكتوراه في الشريعة الاسلامية ،اسبغ على مجلس الحكم الاحساس بان للسنة وجودا ،فكان هذا طوق النجاة الأول الذي قدمه الحزب الاسلامي للمحتل الامريكي ،في تمرير مشروعه السياسي.

ثم جاءت ا لانتخابات الأولى التي تصرف فيها الحزب للمرة الأولى والأخيرة بحكمة ،ولم يتورط في لعبتها،لأسباب ربما كانت خارجة على ارادته ،ومع ذلك فان ماأبداه الحزب من أسف على عدم المشاركة ،وماقام به من توظيف المقاطعة لدفع الجماهير من اجل المشاركة في العملية الانتخابية الثانية ،أفرغ مقاطعته من معناها الإيجابي .

وفي الانتخابات الثانية قدم الحزب الاسلامي طوق النجاة الثاني للمحتل الامريكي ،ومشروعه السياسي الى الحد الذي عد فيه سياسيون هذه الانتخابات نجاحا باهرا للرئيس الامريكي ،ولو تأبى الحزب الاسلامي على الدخول لأوقع المحتل في مأزق شديد ،ولكنه لم يفعل .

ثم جاء موضوع الدستور الذي تجلت فيه عملية الانقاذ واضحة ،فالحزب عبأ الجماهير لرفض الدستور ،ولقول أكبر (لا) في التاريخ ، كما اعربت عن ذلك شعاراته ،وتصريحاته ،وكان هذا الموقف محرجا للأمريكيين ايما احراج ،اذ لايمكن اقناع العالم بدستور يعلن رفضه مكون مهم من مكونات الشعب ،ولكن الحزب بين عشية وضحاها،دعا الشعب العراقي وانصاره خاصة الى الموافقة ،فكانت اكبر (نعم) في التاريخ !وكان هذا طوق النجاة الثالث ،الذي قدمه الحزب الاسلامي للمحتل.

اما في هذه المرحلة التي نمر بها الآن ،والتي تشكل فرصة مناسبة للإجهاز على المشروع الامريكي تماما لايبدو الحزب الاسلامي مستعدا لاستثمار هذه الفرصة من اجل شعبه وامته .

فعلى الرغم من انسحابه ومعه جبهة التوافق من الحكومة وعلى الرغم من خروج القائمة العراقية خروجا كاملا ،مما اربك من دون شك الوضع السياسي في العراق ،يبدو أن الحزب الاسلامي مصر على تقديم طوق النجاة الرابع للمشروع السياسي الأمريكي ،وهو الأكثر خطورة .

ففي الوقت الذي تدل كل المؤشرات على أن المشروع الامريكي في حال احتضار،وانه يتعرض لملامة شديدة من قبل شعبه ،واركان حزبه ،وبقية اعضاء الكونغرس ،يأتي الهاشمي ليجدد ولاءه للمشروع الامريكي والتزامه به على نحو مطلق ،من خلال التوقيع في تحالف خماسي على اتفاق يشيب له الولدان .

هذا الاتفاق ينص على اهمية وجود قوات الاحتلال الأمريكي في هذا الوقت ،وتسجيل التقدير العالي للتضحيات التي تقدمها هذه القوات لمساعدة العراق ،وضرورة الوصول مع الجانب الامريكي الى علاقة طويلة الامد تستند الى المصالح المشتركة وتغطي مختلف المجالات بين العراق والولايات المتحدة الامريكية ،كما يدعو الى التنسيق الجدي مع هذه القوات لمجابهة المجاميع المسلحة بدون تمييز.

ليس هذا فحسب ،بل لابد من حسم قضايا عالقة تم التقارب بشأنها ،مثل العلاقات الحصرية والمشتركة فيما يخص قانون الأقاليم ،وقانون النفط والغاز وغير ذلك .

إن الهاشمي ،انسلخ من وطنيته ايما انسلاخ عبر توقيعه على هذا الاتفاق،فهو من جهة يدوس على ارادة الشعب المتطلعة الى ساعة الخلاص من هذا الاحتلال البغيض ،الذي اذاقهم العلقم ،وقتل ابناءهم وهدم دولتهم ،واحال اوضاعها الى فوضى عارمة ،ولايكتفي الهاشمي بذلك بل يمجد هذا المحتل ،ويسجل له تقديره العالي ،على مذابحه الدموية في حق الشعب ،وملئه السجون من ابنائه ،وتميزه في عالم التعذيب في قهرهم واذلالهم ،وفوق ذلك كله يسعى الى ابقائه امدا طويلا على ارضهم ،تحت بند تشكيل علاقة طويلة الامد معه ،في مختلف مجالات الحياة عسكرية وثقافية واقتصادية وغير ذلك ،كما أن الهاشمي وقع ـ بصفاقة ـ على اعدام المقاومة العراقية ،وتبنى الاستعانة بالمحتل لمطاردة اشبالها في كل مكان،ويبدو أن مايشاع من أن للحزب ميليشيات تطارد المقاومة ،وتستبيح دماءها مستعينة بقوات الاحتلال من اجل ذلك ،له اصل من الصحة في ضوء هذا الاتفاق.

وهو من جهة أخرى يتعهد أن ينجز مشاريع المحتل ،ولاسيما مشروع الاقاليم الذي يحيل البلد الى نظام فدرالي متهريء لاشبيه له في العالم ،ومشروع قانون النفط والغاز

يأتي هذا الحماس في وقت اعرب فيه الشعب عن موقفه ازاء المشروعين ،وقال فيهما كلمته ،فمشروع الأقاليم رفضه ابناء الوسط والجنوب انفسهم ،اما ابناء الشمال ،فيخضعون تحت ظلم واستباد زعماء كرد لايسمحون له أن ينبسوا ببنت شفة ،لاسيما حول هذا المشروع .

واما مشروع النفط والغاز ،فقد ابدى الشعب العراقي حماسا لرفضه ،قل نظيره ،فلاتوجد فئة او حركة سياسية او هيئة دينية ،الا واعربت عن رفضها له جملة وتفصيلا ،واخرج خبراء النفط العراقيون المشهود لهم عالميا بالكفاءة بيانات رافضة له ،ومحذرة من التورط فيه ،بل وصل الامر إن عمال شركات النفط انفسهم يهددون بالاضراب عن العمل إن تم التوقيع على هذا القانون .

بعد كل ذلك يأتي السيد الهاشمي ليوقع اتفاقا يلزمه بانجاز هذه القوانين

لقد جن الرئيس بوش من الفرح ،وهو يطالع بنود هذا الاتفاق ،ولم يستطع أن يكتم مشاعره فبعث في الحال رسالة شكر وتقدير ،الى الساسة الخمسة ،لانهم طمأنوه انهم مازالوا على العهد ،ومصممون على تحقيق احلامه ،ويحق للرئيس بوش أن يصنع لهؤلاء الخمسة تماثيل ينصبها في قلب واشنطن،فلن يجد اكثر من هؤلاء حماسة لإنقاذه كلما وقع في مأزق .

المثير للدهشة تصريحات صدرت من عدة اشخاص تجمعهم دائرة جبهة التوافق ،يحار المرء في تفسيرها ،فالهاشمي يقول انه وقع بصفته نائب رئيس الجمهورية وليس رئيسا للحزب الاسلامي !!،وعدنان الدليمي يعد هذا الاتفاق المرعب علامة على بداية النجاح !!،اما السيد سليم الجبوري فيبدي عنادا ويقول إن هذا الاتفاق غير كاف لعودة الجبهة !!

وانا لاأدري أي التصريحات تثير دهشتي اكثر ،فأصحابها اما من السذاجة بمكان بحيث انهم لايعرفون ماذا يفعلون او إنهم وصلوا مرحلة لم تعد العمالة عندهم عارا.

ولن اجدني بعد ذلك مضطرا للتعليق على هذه التصريحات ،لكنني اوجه سؤالا واحدا الى السيد الجبوري فأقول له:مالذي بقي لتعود من اجله جبهة التوافق الى الحكومة بعد كل هذه التنازلات التي تضمنها الاتفاق ،اهي مناصب أكثر ،ام مشاركة أكبر في تنفيذ طامات الاتفاق!! ،لايبدو في الافق غير ذلك ،اللهم سوى قضية الافراج عن المعتقلين الذي بدا بعد التوقيع على الاتفاق المشؤوم انها لاتعدو إن تكون غطاء للحصول على مكاسب ذاتية ،لان الذي يقلقه شأن المعتقلين ،لابد أن يقلقه شأن من اعتقلهم أكثر،والاتفاق الذي ابرم ،لايبدو أن اطرافه يقلقهم ذلك !!

لقد سمعنا كثيرا دفاعات اعضاء في الحزب الاسلامي عن حزبهم انه لم يشارك في مؤتمر لندن ،ومع تواتر الانباء أن زلماي زاده التقاهم حتما في ذلك المؤتمر،الا إن هذا الدفاع بعد التوقيع على اتفاق الخماسي هذا لاقيمة له ،فما تضمنه هذا الاتفاق من فجور يربو على مؤتمر لندن اضعافا مضاعفة

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
أمريكا والتنصل من تكريس الفتنة الطائفية بالعراق

افتتاحية
الاهرام مصر

أنباء العاصمة الأمريكية واشنطن تشير منذ فترة إلي محاولة التنصل من جحيم الفتنة الطائفية التي يصطلي العراقيون في نيرانها‏,‏ بيد أن الحقائق الثابتة تؤكد أن سياسات الاحتلال الأمريكي للعراق هي التي صنعت هذه الفتنة الطائفية‏,‏ وكرستها وأججتها‏,‏ وكانت أبرز هذه الحقائق أن سلطات الاحتلال شجعت علي استبعاد السنة من المعادلة السياسية الجديدة في العراق لمصالح الشيعة‏.‏

والأخطر من ذلك أن سلطات الاحتلال الأمريكي كانت تتجاهل التقارير التي تحذر من عواقب تهميش السنة‏,‏ وما هو أشد خطرا أن واشنطن كانت لا تهتم كثيرا بأنباء فرق الموت الشيعية التي تعيث قتلا في العراقيين السنة‏,‏ ورصدت تقارير ودراسات أوروبية وأمريكية أن فرق الموت هذه تتغلغل في أجهزة الداخلية العراقية‏,‏ وأن ولاءها الطائفي يطغي علي أي اعتبارات وطنية‏.‏

وكان الظن أن سلطات الاحتلال عندما بدأت في تطبيق الخطة الأمنية الجديدة في بغداد وضواحيها في فبراير الماضي سوف تفرض القانون وتقر الأمن‏,‏ وتحد من العنف‏,‏ وتوقف إراقة الدماء في شوارع العراق‏,‏ غير أن هذه الخطة تعثرت‏,‏ ثم فشلت في تحقيق الهدف المنشود‏,‏ وهذا ما يعترف به ويدلل عليه بالحقائق والوقائع مراقبون محايدون‏,‏ بل وتقارير أمريكية‏.‏

وهنا قد يمكن القول إن فشل هذه الخطة الأمريكية ـ العراقية الأمنية قد أدي إلي مراجعة واشنطن مواقفها تجاه المسألة الطائفية في العراق‏,‏ ولعل روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي قد أعطي إشارة البدء في هذه المراجعة عندما أعلن خلال إحدي زياراته لبغداد أنه علينا أن نمد يد العون للسنة‏,‏ وألح جيتس مرارا وتكرارا علي ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية في العراق‏.‏

غير أن هذه المصالحة لم تتحقق‏,‏ بل ما حدث كان عكس ذلك تماما‏,‏ فقد تعرضت حكومة نوري المالكي لأزمة سياسية حادة‏,‏ بسبب انسحاب وزراء كتل سياسية وبرلمانية من عضويتها احتجاجا علي فشل برنامجها في تحقيق المصالحة‏.‏

وكانت جبهة التوافق السنية أكبر الكتل السياسية والبرلمانية هي أبرز من انسحب وزراؤها من حكومة المالكي‏,‏ وكان آخر من انسحبوا وزراء حزب رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي‏,‏ وجاء هذا الانسحاب الأخير وسط دعوة أصوات مؤثرة وأعضاء في الكونجرس الأمريكي لتشكيل حكومة عراقية جديدة أقل طائفية من حكومة المالكي‏.‏

وبينما لاتزال الأزمة السياسية قائمة في العراق‏,‏ كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أمس الأول النقاب عن أن لجنة مستقلة في الكونجرس الأمريكي ستوصي بإجراء إعادة هيكلة كبري في صفوف الشرطة العراقية لتطهيرها من الضباط الشيعة المشتبه في تورطهم بارتكاب جرائم قتل طائفية‏.‏

وأشارت الصحيفة إلي أن اللجنة التي يرأسها الجنرال جيمس جونز ستؤكد في تقريرها المقرر نشره خلال أيام أن الطائفية المنتشرة في الشرطة العراقية يجب التخلص منها بسرعة‏.‏

وقال متحدث باسم وزير الدفاع روبرت جيتس‏:‏ إن هناك جهودا تبذل بالفعل لإعادة تدريب الشرطة العراقية‏,‏ وإن المسئولين في وزارة الدفاع‏(‏ البنتاجون‏)‏ يرون أن العملية سوف تقتلع الطائفية من صفوف الشرطة العراقية‏.‏

ما معني هذا؟ إن الجنرال جيمس جونز كبير القادة الأمريكيين السابق في أوروبا يجيب عن هذا السؤال بقوله‏:‏ إن علينا أن نبدأ من جديد‏!!‏

ألا تعني هذه الإجابة صدق الآراء التي أكدت من قبل‏,‏ ولاتزال تؤكد‏,‏ فشل استراتيجية حرب بوش علي العراق‏.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الأمل وحده .. لا يكفي
افتتاحية
الشرق قطر
مع استمرار الاضطرابات والمجازر الدموية في العراق، تواصل إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش سياسة الهروب إلى الامام عبر مناوراتها المكشوفة لتفويت الوقت وتجاهل الحقائق التي تكشفها التقارير المتتالية عن فشل استراتيجيتها للسيطرة على الاوضاع المتردية في ارض الرافدين، وعجز حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن تحقيق اهداف تلك الاستراتيجية، كما اشار إلى ذلك احدث تقارير الكونجرس الذي رسم صورة قاتمة للوضع حيث أكد التقرير فشل بوش والمالكي في تحقيق 15 من أصل 18 هدفا تضمنتها تلك الاستراتيجية.

وفي الشأن الداخلي، لا تزال حكومة المالكي تتهرب أيضا من تسمية الأشياء بمسمياتها وتتردد في البحث عن حلول ناجعة للأزمة المستفحلة، وتكتفي بمجرد الحديث عن «أملها في ان تجمد باقي الميليشيات التابعة لأحزاب مختلفة انشطتها على غرار دعوة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي أعلن تجميد انشطة جيش المهدي عقب اشتباكات كربلاء»، فيما تستمر الاتهامات للحكومة وقياداتها الأمنية بالمسؤولية عن العنف الطائفي، وآخر تلك الاتهامات ما ورد على لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الكبير آية الله علي السيستاني الذي اتهم القيادات الأمنية «بالتقاعس عن أداء الواجب». كما اعتبر الشيخ صلاح العبيدي ممثل مقتدى الصدر أمس «ان احداث كربلاء نتيجة «فقدان ثقة الشعب بالحكومة».

الحكومة العراقية مطالبة بتجاوز مرحلة السلبية وعدم الاكتفاء بمجرد الأمل، والدخول في عملية مصالحة وطنية حقيقية اكثر جدية وجرأة تؤسس على تجميد ميليشيات الصدر وتستثمر الترحيب الذي لاقته تلك الخطوة من الأطياف السياسية المختلفة وخاصة ممثلي العرب السنة الذين عبروا عن تفاؤلهم بتجميد نشاط تلك الميليشيات «آملين ان يقلل ذلك من الهجمات التي تتعرض لها طائفتهم ويوقف بشكل كلي ممارسات القتل والتهجير الطائفي المستمرة ضد الأبرياء».


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
هل سيضغط الرئيس بوش على الزر النووي مثلما فعلها هاري ترومان فالمؤشرات والتشابه بينهما يؤكدان ذلك!
:د. سمير عبيد
دنيا الوطن فلسطين
أعترف رئيس المخابرات المركزية (سي أي أيه) السابق ـ جورج تينت ـ في كتابه الأخير، بأن الحرب على العراق كانت مقرّرة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، وحتى أن الولايات المتحدة كانت تدفع إلى الدكتور أحمد الجلبي ( 350 ألف دولار) شهريا من أجل مساعدة الولايات المتحدة بتضخيم موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وتضخيم ديكتاتورية الرئيس العراقي الراحل، والمشاركة في الإشاعة، والتضليل ضد النظام العراقي ، حسب شهادة جورج تينت.

أي بمعنى أن العدوان على العراق كانت أمنيّة لدى آل بوش، ومعهم مجموعة المحافظون الجُدد، والذين هم ـ تحالف بين اليهود المتشددين، والبروتستانت المتشددين أيضا ــ ومن أجل السيطرة على النفط العراقي الذي يمتاز بالوفرة والديمومة وقلّة التكاليف، ومن ثم جعل العراق قاعدة أميركية متقدمة، مثلما وصفها الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر عندما قال ( إن غاية الحرب هي جعل العراق قاعدة أميركية متقدمة وثابتة).

ولكن الأهم من هذا كله ،هو تحقيق الحلم التوراتي بالنصر على ملك بابل وتدمير عرشه، ومن ثم قتله واستباحة دماء شعبه، ثم تحقيق المشروع الصهيوني القديم الذي ينص على تفتيت بابل، والدول المجاورة لها لتكون على شكل دويلات وكيانات متناحرة، كي تتحقق أمنية إسرائيل الكبرى.

وبهذا استطاعت إسرائيل من تحقيق معظم أحلامها التوراتية والدينية والسياسية والإستراتيجية، وبدون أن تهدر قطرة دم يهودية وإسرائيلية واحدة، أي حاربت العراق والعالم العربي والإسلامي من خلال الولايات المتحدة ،و من خلال توريطها للولايات المتحدة في العراق.

أي أن الولايات المتحدة ضحت بجيشها وسمعتها كدولة عظمى من أجل تحقيق المصالح الإسرائيلية، عندما نجح اللوبي اليهودي من إحاطة الرئيس الأميركي جورج بوش بالمجموعة اليهودية المتشددة، والمؤمنة بتحقيق الحلم اليهودي ،فأصبح الرئيس بوش أداة طيّعة بأياديهم، أو لعبة إلكترونية يوجهونها حيثما يريدون، وضمن غسيل مخ له أعتمد على جميع نقاط ضعفه، وكان الخاسر هي الولايات المتحدة وسمعتها ومستقبلها، أي أصبحت الولايات المتحدة رمز الشر العالمي بنظر شعوب العالم، وهذه حقيقة وليست فريّة منّا.

لهذا... فعندما قال الرئيس بوش ،وبُعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر مباشرة ( أنها لحرب صليبية!!!) فلم تكن زلة لسان مثلما قالوا، بل هي إستراتيجية معقدّة ومتشعبة بدأت بالحرب النفسية ضد العرب والمسلمين من خلال الحملات ضد الإسلام والعروبة، ثم الحرب الإعلامية والثقافية ضد ثقافتهم ومناهجهم التربوية، ثم الحرب العسكرية باحتلال قسما من بلدانهم ، ثم بوادر الحرب الدينية والحضارية التي يُروجون لها هذه الأيام ، والتي قطعت شوطا كبيرا ،ثم جاء الرئيس بوش وقبل أيام قليلة إلى التلويح بالحرب النووية ،عندما قال سيكون هناك ( هلوكوست نووي).

ولمن عرف الرئيس بوش، فأنه يعني ما يقول تماما ،خصوصا وأنه أراد استخدام السلاح النووي ضد العاصمة بغداد في حالة عصيانها في آذار عام 2003، ولقد نبّه الجانب الروسي، وبطلب من الإدارة الأميركية القيادة العراقية بذلك، حيث كانت هناك (7 قنابل نووية) مصغّرة، وكانت في القاعدة الأميركية في قطر، وأهدافها العاصمة بغداد ومقرات القيادة العراقية حسب المعلومات التي سربها بعض القادة العراقيين، وحتى بعض القادة الروس وشاركهم بهذا بعض المصادر المهمة في دول الخليج العربي.

وبما أن القاعدة الأميركية لازالت في قطر، بل تطورت كثيرا، وأصبح لها فروع جديدة في العراق وأفغانستان وجورجيا وأذربيجان وباكستان وغيرها، وفي مياه الخليج واليمن، وهكذا في مياه البحر المتوسط قرب الشواطئ اللبنانية، وقرب سواحل الدول المغاربية صعودا نحو أفريقيا ،والتي تريد الولايات المتحدة تعزيزها بقواعد الرادار والصواريخ في بولندا ودولة الجيك .

فهذا يعني أن استخدام السلاح النووي أصبح وشيكا في المعركة القادمة ضد إيران، وضد الذين لديهم علاقات قوية معها، خصوصا بعد أن حُيّد السلاح النووي الباكستاني ( النووي السنّي) من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بحجة أن لا يقع بيد المنظمات والحركات الإسلامية المتشدّدة هناك، فلم يبق إلا السلاح النووي الإيراني ( النووي الشيعي) فيريدها الرئيس بوش مدخلا لبسط سيطرته تماما على المنطقة من خلال إسقاط النظام الإيراني، والإتيان بنظام يوالي الولايات المتحدة، ليتم تطويق روسيا والصين، والسيطرة على منابع النفط ،وعلى فم العالم الاقتصادي و الغذائي والطاقوي وهو مضيق هرمز الإستراتيجي، ليبدأ مشروع الاستعباد الأميركي لدول العالم والمنطقة، وفي مقدمتها دول الإتحاد الأوربي، وذلك من خلال الطاقة وفواتير التسعيرة الأميركية
التشابه بين محطات الرئيس ترومان والرئيس جورج بوش الابن

ولكن قبل تحليل تداعيات التصريح النووي للرئيس بوش أخيرا، يجب علينا أن ننتبه إلى موضوع مهم، ويبدو أنه فيه رائحة الاستنساخ ( الإستنسال) وهو سر التشابه الكبير بين الرئيس الأميركي الحالي جورج دبليو بوش والرئيس الأميركي السابق هاري ترومان، فهل جاء هذا التشابه ،وهذا الولاء الأعمى لإسرائيل مجرد صدفة، فنحن تحت وقع الصدمة ،ومن هذه النقاط المتشابهة هي:

أولا:
فالرقم 34 ومقلوبه 43 يوحي بعلاقة ما بين الرئيس الرابع والثلاثون وهو هاري ترومان ( 1945 ـ 1953) وبين الرئيس الثالث والأربعون وهو الرئيس بوش ( 2001 ـ 2008)... وكلاهما بقي لفترتين متتاليتين، وكأنها هدية من اللوبي اليهودي، والذي هو صانع وداعم الرؤساء في الولايات المتحدة.

ثانيا:
الرئيس ترومان هو من أمر باستخدام القنبلة الذرية ولأول مرة في التاريخ ضد اليابان، فمات نتيجة ذلك مالا يقل عن 200000 ألف نسمة، وأصبحت أرواح الآلاف معرضة للموت البطيء، بسبب التأثيرات الإشعاعية على سكان مدينتي هيروشيما وناغازاكي يومي 6 ،9 أغسطس /أب 1945.... وهكذا الرئيس جورج دبليو بوش فلقد استخدم الأسلحة المحرمة دوليا، والأسلحة الذرية المخففة ومنها اليورانيوم ضد المدن العراقية ( ومنذ عام 1991 وعلى مراحل ـ حتى يومنا هذا ....؟ ) ولقد هلك نتيجة ذلك عشرات الآلاف من الناس الأبرياء، وأصبحت التربة والأجواء مليئة بالإشعاعات القاتلة ولمئات السنين القادمة، وهاهو يلوّح بالسلاح النووي والذي أراد استخدامه بالعدوان على العراق في آذار / مارس 2003 .

ثالثا:
أسس الرئيس ترومان بداية الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي، وها هو الرئيس جورج بوش يؤسس لحرب باردة جديدة من خلال سعيه لتطويق روسيا الاتحادية والصين من خلال نصب الرادارات وقواعد الصواريخ واحتلال البلدان المهمة والقريبة من الدولتين، وفتح القواعد في دول الإتحاد السوفيتي السابق، ناهيك عن دعم الإتقلابات تحت شعارات الديمقراطية المبطنة ، وبهذا حفزت لدى الروس روح التحدي والشروع في الحرب الباردة الجديدة، وهاهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُصعّد من تصريحاته وزياراته للمصانع والمنشآت الحربية والصاروخية والنووية، ومن الجانب الآخر هناك إيران هي الأخرى تسابق الزمن من أجل الوصول لأهدافها النووية والصاروخية.

رابعا:
دعم الرئيس الأميركي ترومان تأسيس جدار برلين في 24/حزيران/ يونيو 1948 والذي هُدم في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989 ، وهكذا دعم الرئيس جورج بوش الجدار العازل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في عهد أريل شارون ، ودعم الجدار العازل وفروعه في الأعظمية وفي الأحياء العراقية المذهبية داخل العاصمة بغداد ، وهناك فكرة للرئيس بوش بدعم بناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، وبين العراق والمملكة السعودية.

خامسا:
في عهد الرئيس ترومان اندلعت الحرب الكورية التي بدأت في يونيو/ حزيران 1950 وانتهت في يوليو/ تموز 1953، وهاهو الرئيس جورج بوش يتمنى اندلاع الحرب العربية العربية بين سوريا ولبنان، وبين المغرب والجزائر، ويؤسس لاندلاع الحرب بين المملكة السعودية وإيران، وبين جورجيا وروسيا، وبين سوريا وإسرائيل بعد أن فشل في حرب تموز/ يوليو عام 2006 عندما دعم العدوان الإسرائيلي على لبنان.

سادسا:
في عهد الرئيس ترومان تأسست إسرائيل، وقد اعترف بها بعد إعلانها بعشرة دقائق في 14 مايو/ أيار 1948، وكان ميالا لإنشاء دولة خاصة باليهود، ولقد بلغ نفوذ اللوبي اليهودي عهده مبلغا كبيرا...... وفي عهد الرئيس بوش تم القضاء على العمليّة السلمية بين إسرائيل والعرب، وتعزز الدور الإسرائيلي كثيرا، ويحلم بتأسيس دولة خاصة باليهود، ومن ثم أصبح اللوبي اليهودي في عهد الرئيس بوش يحكم الولايات المتحدة والعالم ومن خلال الولايات المتحدة والإدارة الأميركية، وبطريقة البلطجة الدولية والتمهيد للحرب الدينية، وبعه الرئيس بوش دخل الصهاينة وأصحاب المشاريع التوراتية إلى أرض بابل ( العراق) وأصبحت حركاتهم ومجموعاتهم ووفودهم تصول وتجول فيها وفي البلدان العربية.

سابعا:
لهذا لم يبق من التشابه العميق إلا استخدام السلاح النووي، وهاهو الرئيس جورج بوش يلوّح به خيارا إستراتيجيا ضد إيران، وينوي المبالغة به ليكون ( هلوكوست نووي) حسب تعيره ، خصوصا عندما أعطى الرئيس بوش مقدمات لهذا الخيار عندما قال في خطابه بتاريخ 22/8/2007 أمثلة من حروب القوات الأميركية وتدخلاتها في مناطق مختلفة من العالم في القرنين الماضي والحالي استعمالا حاول به أن يدعم إصراره على مواصلة الحرب في العراق.

ولقد أورد مثال الحرب الأميركية في فيتنام ، وأستخدم مثال اليابان التي هزمتها أميركا في الحرب العالمية الثانية هزيمة ساحقة كان حدثها الأهم هو ضرب مدينتي هيروشيما وناغازاكي بقنبلتين ذريتيين، وذلك في أول استخدام للأسلحة الذرية في التاريخ البشري..... وهي إشارات واضحة بأن الرئيس بوش بات مقتنعا باستخدام السلاح النووي هذه المرة ليدخل التاريخ أسوة بالرئيس ترومان، ولكن من بابه الدموي والبلطجي .

وعلى ما يبدو أن هذا الخيار هو الذي جعل العرب يقبلون على عجل بالصفقات الأميركية العملاقة ( بالمليارات) كي تنتعش شركات السلاح الأميركية، مقابل حمايتهم من السلاح النووي الأميركي وتداعياته، وكذلك من ردة الفعل الإيرانية ومن معها.....
فهل سيفعلها الرئيس بوش ليتساوى مع ترومان أم سيتفوق عليه!!!!!!!!!!!!!!!!!؟.

ولكن من سيحمي شعوب المنطقة من الكارثة التي يلوح بها الرئيس بوش، والتي عشعشت في مخيلته كخيار إستراتيجي؟




قسم من المؤشرات والاستعدادات التي تؤكد أن الخيار النووي بات قريبا ؟

فالمؤشرات والاستعدادات لمعركة الفصل التي لوّح بأدواتها الرئيس بوش، وهي من خلال السلاح النووي وحرب الصواريخ في تسارع مستمر، وخصوصا في البلدان المهمة في المنطقة، وهي إسرائيل وإيران ومصر والسعودية وسوريا ومن هناك روسيا والصين ودول منظمة شنغهاي.

ففي العراق عكفت الولايات المتحدة على:

بناء 14 قاعدة أميركية مقاومة للضربات النووية، ناهيك عن بناء السفارة الأميركية وملحقاتها ،والتي تعتبر المشروع الأميركي الأول في العال،م والذي يكون بهذه الضخامة، وبهذا العدد من الدبلوماسيين والإداريين والذي يقدر عددهم المرصود هو ( 3000) دبلوماسي وموظف، ولقد تم الإيعاز بالبناء على مواصفات خارقة ومقاومة لجميع الضربات النووية والصاروخية وكل هذا من أموال وخزائن العراق ، وهكذا شرعوا بنفس الترتيبات ( الحماية من الضربات النووية) في القواعد الخاصة في دول الخليج العربي ،وفي مقدمتها قاعدة العديد في دولة قطر.

ولقد شرعت دولة قطر:

بعقد اتفاقية خاصة وغريبة مع فرنسا، وهي حماية الأجواء والسماء القطرية بعقود سنوية قابلة للتجديد، ومعها صفقات من الأسلحة والتكنولوجيا من فرنسا ،وإن هذه الصفقة لم تتم لو لم يتوفر الضوء الأخضر من الجانب الأميركي، والذي أراد من خلال ذلك استدراج فرنسا لتكون حليفا جديدا للولايات المتحدة من حيث تدري أو لا تدري، ومن الجانب الآخر رطبت قطر العلاقات مع الجانب الإيراني والسوري ومع حزب الله والمنظمات المهمة الأخرى ومنها منظمة حماس.

فسوريا هي الأخرى:
فلقد حصنت نفسها باتفاقيات مع الجانب الروسي والصيني، وكذلك مع الجانب الإيراني، فعقدت الاتفاقيات لشراء أجيالا من الصواريخ المهمة ،والطائرات والأعتدة والرادارات المتطورة، والهدف هو حماية شعبها وأرضها من العدوان القادم نحوها، والذي أصبح بمسارات جديدة قد تصل للخيارات النووية.

أما من جانب المملكة السعودية:

فشرعت هي الأخرى في حماية نفسها من خلال التفاهم مع الولايات المتحدة، وبعض الدول الأوربية حول المفاعلات النووية الخاصة بالأغراض السلمية، والتي توجتها بصفقة أسلحة ضخمة للغاية من الولايات المتحدة وتتعلق بالصواريخ والطائرات والأعتدة الخاصة، وبأكثر من 20 مليار دولار، والتي كلها توحي بأن الخيار النووي وحرب الصواريخ هما الخياران المرشحان للحرب التي باتت قريبة جدا ،والتي من أجلها يرفض الرئيس الأميركي جورج بوش الانسحاب من العراق، ويعد بنصر ساحق في العراق.


أما الجانب المصري:
هو الآخر أستشعر الخطر فعقدت الحكومة المصرية الصفقات العسكرية مع الجانب الأميركي لشراء الصواريخ الخاصة ،وبصفقة من مئات الملايين من الدولارات،ناهيك عن شراء مصر لدبابات حديثة من الولايات المتحدة والتي يقدر عددها بـ 125 دبابة ( إبرامز) بقيمة 847 مليون دولار، وسوف يتوجه خبراء ( دينامكس) إلى مصر من أجل تجميعها، وبهذا سيرتفع المخزون المصري من الدبابات ( إبرامز) إلى 1005 دبابات، وهي صفقة مخططة قبل التوقيع على اتفاقية المساعدات الأمنية مع إسرائيل، والتي قيمتها 30 مليار دولار.

لكن الجانب الإسرائيلي:
حصل على حصة الأسد عندما تم تعويض إسرائيل باتفاقية أمنية وعسكرية بقيمة 30 مليار دولار من أجل سكوتها عن صفقات الأسلحة مع السعودية والعرب، ولكنها لم تكتف بهذا ،وخصوصا بعد أن عرفت بأن المعركة القادمة هي ( نووية + صواريخ جوية وبحرية) فذهبت الحكومة الإسرائيلية فوقعت عقدا مع الولايات المتحدة لشراء صواريخ جوية بحرية حديثة في صفقة تبلغ قيمتها 650 مليون دولار، ولقد أكدت على ذلك صحيفة ( معاريف) الإسرائيلية في عددها الصادر في 27/8/2007 ... وتتكون من 200 صاروخ جو ـجو متوسط المدى من طراز ( إمرام) من إنتاج شركة ( ريتاون) و500 صاروخ جو ـجو قصير المدى من طراز ( سايدو إيندر) وهو أيضا من شركة ( ريتاون) ، و30 صاروخا بحريا من طراز ( هارفورم) من إنتاج ( بوينج) وهي صواريخ تطلق من البوارج التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية ... كما طلبت وزارة الأمن الإسرائيلي 90 مليون برميل وقود طائرات، و42 مليون برميل سولار بتكلفة إجمالية تبلغ 308 مليون دولار.

ولم يكتف الجانب الإسرائيلي بهذا ، بل ذهب ليستعد إلى المعركة النووية ويجعلها بذلك خيارا بعلم الشعب الإسرائيلي، فلقد نشرت صحيفة ( يديعوت إحرانوت) ومن معلومات نقلها لها أعضاء في الكنيسيت ورئيس الوزراء إيهود أولمرت ( بأن إسرائيل بدأت الاستعدادات لإقامة ما أسمته ــ ملجأ يوم الحساب ــ والذي يفترض أن يحمي قادة الدولة من أية هجمات يمكن أن تتعرض لها بما فيها الأسلحة النووية) ولقد عبروا عنها الذين وردت أسمائهم أعلاه عندما زاروا موقع البناء في جبال القدس فقالوا ( إن ما يحدث يبدو كنهاية العالم، وقالوا: إن مثل هذه الأمور لا تُرى إلا في الأفلام والتلفزيون)، ولقد عبروا عن رهبتهم من المكان، حيث أن هذا المكان هو الذي ستدار من داخله دولة مشتعلة على حد وصفهم .

ولقد قالت الصحيفة عن الملجأ ( أنه خندقا هائلا ، سيضم كل من قيادة الجيش ، ومكاتب قيادة الدولة ومنتخبيها ، ومكانا لكبار القيادات العسكرية ، ويفترض سيفر إليه رئيس الوزراء ومنتخبي الشعب مع قدوم يوم الحساب في إشارة لاستخدام الأسلحة النووية ، ومن أجل إدارة الدولة بعد وقوع القنبلة الذرية)... علما أن فكرة الملجأ تعود إلى حكومة إيهود باراك والذي هو وزيرا للدفاع الآن ويشرف على المشروع.

فلا يوجد للعرب غير الله وحده وليس غيره بعد أن أهملوا من قبل قياداتهم الرسميّة ليكونوا فريسة للمجهول!.
الساسة الأميركيون يبشّرون بحروب الإبادة التي يحركها الحقد الديني والحضاري

لذا فيبدو أن الخيار الحاسم قد أقترب وأصبح الحديث حوله ليس مقتصرا على الرئيس الأميركي جورج بوش، بل هناك قسما من المسئولين الأميركان الذين تناولوا التلويح بالخيارات الإستراتيجية والروحانية والدينية، وأن أخر هؤلاء هو مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة السفير خليل زاد، فلقد قال كلاما خطيرا، ولا يختلف عن كلام رئيسه بوش، ومن خلال صحيفة ( دي بريسه) وأن أول الأمور التي حسمها زاد هي ( القوات الأميركية في العراق ستبقى 20 سنة) وهذا ما يؤكده موضوع الاستثمار المثير للجدل حول استثمار الشركات الأميركية في مجال النفط والغاز في العراق ولمدة خمسين عاما .

ولقد نوه السفير زاد إلى الصدام الحضاري بين الشرق والغرب، وبين الولايات المتحدة ومنطقتنا، ونوه بأن ما يحدث الآن هو يشبه الأحداث والأيام التي سبقت الحرب العالمية الثانية، وبهذا يؤشر للخيار الذري ( النووي) الذي حسم الجدل وحسم التقهقر الأميركي ليكون نصرا وهيمنة للولايات المتحدة.

فلقد قال ( أن الاضطرابات في الشرق الأوسط والحضارة الإسلامية قد تتسبب في حرب عالمية أخرى) وهذا يعني بأن هناك حربا دينية لا محال، أو حشر الشرق الأوسط بالحرب الدينية كي يتم الشروع باستخدام السلاح النووي من أجل تركيع إيران و العرب والمسلمين على طريقة التركيع الياباني، وفرض الهيمنة والوصاية الأميركية عليهم.

ولقد قال زاد أيضا ( إن الشرق الأوسط يعيش الآن حالة من الفوضى يمكن أن تشعل العالم بأسره مثلما فعلت أوربا خلال النصف الأول من القرن العشرين ) وهنا يقفز السفير زاده على الحقائق، ويريد الناس وشعوب الشرق الأوسط والعالم بقبول النظرية الأميركية، فلم يعط أسباب ومسبّب هذه الفوضى في الشرق الأوسط، والتي هي الولايات المتحدة وحروبها العبثية وسياساتها البلطجية ، ومن ثم يريد السفير زاده من شعوب الشرق الأوسط قبول مشروع قتل 60 مليون إنسان مثلما حصل في الحرب العالمية الثانية ،أو قبول قتل 200 ألف إنسان مثلما حصل في مدينتي هيروشيما وناغزاكي اليابانيتين .


فالسفير زاد يبشر وبخبث متفق عليه مع الإدارة، فيقول ( يمكن الآن لمشاكل الشرق الأوسط والحضارة الإسلامية أن تكون لها نفس القدرة على ابتلاع العالم مثلما حصل مع أوربا عندما تحولت حروبها إلى حروب عالمية) ولكن السفير زاده يبشر بخسارة المسلمين والإسلام لهذه المعركة إستباقيا ، وكأنها مصير محتوم عندما قال ( أن العالم الإسلامي سينضم في نهاية المطاف إلى التيار الدولي السائد، ولكن سيستغرق وقتا) وهو يعني بالتيار الدولي هو المشروع الأميركي العالمي بزعامة الولايات المتحدة، وكأنه يقول أن قدركم محتوم ولن تفلتوا من الولايات المتحدة وهيمنتها عليكم....

ولقد تم اختيار السفير زاد تحديدا ليقوم بالتبشير بهذا القدر المكتوب من وجهة نظر الإدارة الأميركية كونه مسلما ،ومن دول العالم الثالث لأنه من أصول أفغانية، وكونه مارس العمل في المشروع الأميركي وعدوان أميركا على أفغانستان والعراق، ويحمل الثقافة والخلفية الأفغانية والفارسية.

ومن أجل الإصرار على المضي قدما في مشروع الصراع الديني العالمي، فلقد انتهى الرئيس الأميركي جورج بوش من كتابة طلب موجه إلى الكونغرس الأميركي، يطلب من خلاله مبلغ ( 50 مليار) دولار إضافي لتمويل الحرب في العراق، ولقد ذكرت ذلك صحيفة ( واشنطن بوست) في 29/8/2007 ، وأن هذه الأموال ستضاف إلى حوالي ( 460 مليار) دولار في ميزانية الدفاع للسنة المالية 2008 ، وسوف يتم الطلب حال وصول تقرير الجنرال اليهودي ديفيد بتريوس وهو قائد القوات الأميركية في العراق والسفير ريان كروكر إلى الكونغرس والذي بات واضحا بأنهما لن يخذلا الرئيس بوش، وسوف يطلبان زيادة القوات والتمويل من أجل المضي قدما نحو تحقيق أحلام الرئيس بوش الدينية والطوباوية والفنتازية، والتي هي خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة.

فالخلاصة:

نحن أمام فصل جديد من الخراب والدمار الشامل، فسوف تكون له حجج وأدوات وأساليب جديدة، وسيكون له ومن أجله حلفاء أشرار جُدد، ولكن لو جئنا للحقيقة، فأن قادة المنطقة الذين إعتدموا على الولايات المتحدة قبل الله وقبل شعوبهم وإمكانياتهم يتحملون مسؤولية كبيرة بما حصل وسيحصل ، لأنهم فتحوا أوطانهم وخزائن بلدانهم وعماد مستقبل أجيالهم، وقالوا لأميركا تفضلي اقتلي وشردّي ودمري واطمري وانهبي، والنتيجة سوف تلتفت أميركا في آخر المطاف لهم، وسوف تسقطهم واحدا تلو الآخر، ومثلما هو حاصل في باكستان الآن، فها هو الجنرال برويز مشرّف الذي خدم أميركا ليل نهار يجلس على كف عفريت، وسوف يُجبر على قبول خصميه الشيعية بنازير والسني نواز، ومن هناك عليه قبول الأحزاب الإسلامية المتشدّدة والمعتدلة، وهكذا سيحدث مع القادة العرب الذين باعوا عروبتهم ودينهم وثقافتهم وشعوبهم وخزائن بلدانهم من أجل عيون أميركا ،لذا فالذي يُربي الذئب عليه الاستعداد أن يكون فريسة له في أي لحظة يختارها الذئب.

فالمنطقة مقبلة على بركان هائل، وسيحرق الكثير، وسيُشرّد الكثير، وستطمر ويقتل الكثير، وإن إيران وصلت إلى المربع الذي وصل له صدام حسين من قبل، أي مهما فعلت إيران فسوف لن تقبل الولايات المتحدة، وإن تطوعت إيران وقبلت لوحدها بالطلبات الأميركية والغربية، فسوف تستعد إلى المشروع الذي طبق ضد العراق منذ عام 1991 حتى عام 2003 أي ستنكفئ إيران نحو الداخل، ولكن لن تتركها الولايات المتحدة بل ستلاحقها بحزمة متنوعة من القرارات الدولية، والهدف تركيعها ونخرها على طريقة تركيع ونخر العراق، حتى إسقاط النظام واحتلال إيران.
وقد يسأل بهذه الحالة أحدهم:
وما الحل إذن.. فهل تستمر إيران في تعنتها والقبول بالمواجهة، وحينها لكل حادث حديث؟

الجواب على هذا السؤال:

إن التعنت مرفوض في أجواء مشحونة كهذه ، فالأعزل لا يتعنت وهناك من يمسك مسدسا ويده على الزناد ويوجهه نحو الطرف الأعزل، ولكن لو كان لدى الأعزل سلاحا مخبأ فعليه أن يستعمل جميع السبل الحوارية والإقناعية من أجل لعبة الوقت مع من يمسك الزناد ومفاجأته بضربة ما، أو بإطلاق نار باتجاه جسم المُهيمن الأول، وحينها لا يمكننا تحديد الطرف الفائز، فيحتمل أن صاحب المسدس كان يرتدي الدرع الواقي للرصاص، أو يحتمل يكون يقضا فيغلب الطرف الأول، أو يكون قويا ويتحمل الإصابة ويباغت الطرف الثاني بضربة قاتلة أو مؤذية، وهو تشبيه بين من يحمل مسدسا وهي الولايات المتحدة، وبين الطرف الذي لا يمكننا تميز قوته فهو ( بين الأعزل واللا أعزل) وهي إيران.

لهذا فالقضية تحتاج إلى طرف ثالث يرعب الطرف صاحب المسدس ( أميركا) ويخيفه كي ينسحب أو يقبل التفاوض ويمنع الطرف الثاني ( إيران) من مباغتة الطرف صاحب المسدس ، ولكن من هو هذا الطرف، فمن الجانب العربي لا يوجد هذا الطرف، ومن الجانب الإقليمي لا يوجد هذا الطرف أيضا ،إذن لم يبق إلا روسيا فهل هي قادرة على ذلك ، فالجواب عند الرئيس بوتين.

أو تحتاج إلى تطويق صاحب المسدس ( أميركا) من الخلف كي يمتنع من إطلاق النار على الطرف الثاني ( إيران) وإجباره على التفاوض وهذا ما تحاول إيران فعله..... وبهذا نحن على أبواب المجهول والمفاجآت!!!.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
مهزلة الأمن القومي والوطني في العراق

داود البصري
السياسة الكويت
الحالة الكئيبة والفاشلة والمثيرة للاحباط في العراق وتصاعد عمليات القتل والخطف والتناحر الدموي بين الاحزاب والطوائف وحالة التشظي والشلل الشامل, لا تثير التامل فقط, بل تثير الجزع وكل معاني الاسى والحيرة على مصير شعب ووطن وواقع سياسي مريض, لم نكن نتوقع ان يصل لهذه الدرجة من الرداءة وسط بحار الامنيات التي عشناها اكثر من عقدين من الكفاح ضد الفاشية البعثية المازومة الكريهة الفاسدة, فاذا بالنتائج الميدانية الجاثمة على الارض تنبا اليوم بحجم هائل من الكوارث التي مبعثها الفشل الواضح في ادارة السلطة بعد ان تسلطت عليها باسم الديمقراطية احزاب فاشية دينية وطائفية تمارس اليوم كل معاني الارهاب الذي لا يختلف عن الارهاب البعثي في شيء فالفاشية ذات طبيعة واحدة مهما كانت خلفياتها قومية ام دينية وطائفية وهذه الاحزاب الفاشية بنسختها الدينية المتخلفة فشلت في كيفية التعامل مع الكثير من الملفات الوطنية الحساسة والحاسمة, مما ادى في المحصلة لفشل شبه شامل للنخب والاحزاب السياسية العراقية جميعا من دون استثناء في ان تكون على مستوى الاحداث الكبرى التي حدثت في العراق والتي عبرت خير تعبير عن فشل الدولة العراقية المترسخ, وعن ضعف فظيع في الولاء الوطني, وعن كل ذلك الحجم الهائل من التخلف الفكري والسياسي والاجتماعي, وعن حجم التدمير المنهجي والمنظم الذي تعرض له المجتمع العراقي طيلة سنوات التسلط الفاشي البعثي وقبله العسكري الممتد والموروث منذ انقلاب 14 يوليو 1958 ووفقا للصورة التي اظهرتها مرحلة ما قبل وما بعد الانتخابات النيابية الاخيرة والتي انجبت واقعا سياسيا كان امينا جدا لحالة التخلف العام التي تضرب العراق, والتي بدلا من ان تكون عنصرا توحيديا للمسيرة الوطنية اضحت احدى اهم نقاط الخلاف والصراع والتنافس والشقاق والتي ارتفعت بسببها لغة (يا لثارات قريش), وتهديدات اللجوء للسلاح والحرب الاهلية, لا بل ان (سقيفة بني ساعدة) جديدة عادت للحياة اليوم لتنصب اوتادها في الوسط الطائفي العراقي المهلهل المريض ووسط شعار (منا امير ومنكم امير), وسجالات لها بداية وليس لها نهاية, ورؤوس متنطعة للزعامة والقيادة والسلطة وشهوة الحكم, واتهامات متطايرة من هذا الطرف او ذاك جعلت المواطن العراقي العادي المفتقد للخدمات الضرورية والانسانية يكفر بكل ذلك (الترف الديمقراطي) وبكل ذلك الجدال (البيزنطي) السقيم بعد ان تحول الانسان العراقي اليوم لابخس راسمال, وبعد ان اصبحت المجازر البشرية وحفلات القتل الجماعية وحملات الرعب اليومية من مفردات الحياة العراقية ليتحول العراق بكل ثرواته المنهوبة او التي في طريقها للنهب لواحد من اكثر الاقاليم في العالم طردا لسكانه واهله , بعد ان تمكن الارهابيون من مختلف الملل والنحل من فرض سطوتهم على الشارع العراقي وتمكن (الاخوة المؤمنون) من فرض (دويلات اللطم والكابة والسلفية السقيمة), وبعد ان تراجع المثقف العراقي لاخر الصفوف حسرة وخوفا من بنادق الرعاع والمؤمنين التي لا تفرق بين الحق والباطل وتحول العراق باسره لمسرح قتل شامل في ظل غياب كامل للسلطة (المنتخبة) عن تفاصيل الحياة اليومية فالكل مشغول بحماية نفسه من موت محتمل, والجميع في حالة تدافع بالمناكب للحصول على المناصب والامتيازات والمصالح وكوبونات النفط المهرب المسروق.
ولعل من اعجب الامور واكثرها اثارة للحيرة والاسى والتامل فقدان السلطة العراقية لزمام المبادرة الميدانية في متابعة الجماعات الارهابية وخصوصا الارهابيين الحقيقيين الذين باتوا يحظون اليوم برعاية من دول تدين لها الاحزاب الطائفية الحاكمة في العراق حاليا بعلاقات عمل تخادمية مشبوهة كنظامي دمشق وطهران الحاضرين بقوة في المشهد العراقي سواء من خلال افعال جماعاتهم الارهابية ام من خلال تعاون الحكومة الطائفية العتيدة معهم والتي تمثلت بسلسلة الزيارات الرسمية وما انبثق عنها من اتفاقات سياسية واقتصادية تعبر عن خطوات مستقبلية لا تثير الراحة بل تشعل وتستحضر كل مخاوف الماضي القريب, خصوصا وان الجميع يعلم بان منشا الارهاب في العراق وحواضنه الرئيسية تتمثل في نظامي دمشق وطهران تحديدا اللذين يملكان خيوط ورؤوس رئيسية للارهاب في الشارع العراقي تبدا من الجماعات المنفلتة وتنتهي في السلطة ومحاورها الرئيسية, فتصاعد الاعمال الارهابية ضد المدنيين العراقيين قد تزايد بشكل ملحوظ بعد المحادثات الايرانية - الاميركية حول امن العراق, ما يؤكد بشكل واضح من ان ملف الجماعات الارهابية وحواضنهم الاساسية لم يعد مسيطرا عليه من قبل وزارات الامن الوطني او الداخلية او حتى مستشارية الامن القومي, لصاحبها ووكيلها ومتعهد اعمالها سماحة العلامة الجهبذ (موفق الربيعي) قدس الله سره المبارك الشريف, والذي بدلا من ان يضع الحلول الناجعة والحقيقية لضمان امن الدم والشعب العراقي نراه يلهث وهو يحمل اسفاره لمطاردة عراقيين ابرياء ومساكين ومسالمين كالسيد الصحافي والقاص الاخ علي السوداني, ويوجه لهم تهم الارهاب ويتغاضى عن اولياء امره في طهران ودمشق وهنا اعجب اشد العجب من الادارة الاميركية التي تدعي مناهضة النظام الايراني بينما تتعاقد مع عملاء ذلك النظام لتسيير عجلة الامن في العراق, في واحدة من اعجب المفارقات الغريبة في تاريخ السياسة الدولية فوزير الامن الوطني السابق سماحة الملا (عبدالكريم العنزي) وهو عميل ايراني عريق ومعروف يبدو انه في حفلة شواء سعيدة على الخازوق, ولا علاقة له ولا لوزارته التي لا نعلم مهامها بالضبط بما يدور من امور, اما خلفه وهو (شيروان الوائلي) فبعد ان كان يعمل في قسم التصنيع العسكري مع المقبور حسين كامل المجيد تحول ولاؤه لجماعة ايران (المجلس الاعلى للثورة الايرانية في العراق) وليستلم منصبا امنيا خطيرا لا فاعلية له ولكنه يضع كل الملفات العراقية على الطاولة الايرانية, ليكون الامن العراقي مكشوفا بالكامل امام مماليك وانكشارية الحرس الثوري الايراني, اما (مستشارية) الامن القومي فلا شيء متميز بها وبنشاطها سوى ابتسامة المستشار الساحرة واسنانه التي لم ينخرها التسوس بعد, ونهنئه اصدق التهنئة لتمكنه من الحفاظ على اسنانه رغم عنف التفجيرات ودقتها, وملفاته واسفاره التافهة التي يطوف بها على دول المنطقة تحت حماية الشركات الامنية, اما وزير الداخلية (البولاني) وهو من احزاب ايران ايضا فهو في حيص بيص وصل حد المهزلة وحيث بات المواطن والطالب العراقي البريء يتعرض للموت اليومي المجاني على ايدي الجبناء البعثيين والسلفيين والعملاء الايرانيين المتحالفين معهم من الذين يفتقدون الحد الادنى من الشرف والكرامة والانسانية ليعرضوا عضلاتهم على النساء والمستضعفين, من دون ان ننكر تقصيره الواضح بشان فرق الموت الرسمية التي تجوب شوارع بغداد. وبعد ان ذهبت تعهدات المالكي بتصفية الميليشيات ادراج الرياح بل ان ملفها يهدد بتصفية حكومته ذاتها بعد الانذار الاميركي الاخير على لسان الرئيس الاميركي ذاته.
اما السيد الاميركي وهو راس الخيط ومربط الفرس فيبدو ان لغزله وغرامه مع البعثيين المجرمين منهم والاتقياء(ان وجدوا اصلا) مخططات وسيناريوهات مستقبلية قد نراها مرتسمة قريبا على جلود مستضعفي العراق, فهل يعترف اخواننا في المعارضة العراقية السابقة وحكامنا حاليا بحجم ودرجة الثقوب الامنية ويكشفون الحقائق للتاريخ ويضعون النقاط على الحروف, ام ان شهوة الحكم والسلطة وهيلمانها ستكرر حكاية (اننا قتلنا خير الناس اما وابا), اغلب الظن ان العراقيين جميعا باتوا يعيشون اليوم في حفلة على الخازوق.
اما جنوب العراق ومصدر ثروته الجغرافية والطبيعية فيعيش في غابة الصراعات والتناحرات بين فرق مختلفة من اللصوص العقائديين والطائفيين الذين صادروا العراق ويهددون بتمزيق الامن الاقليمي للخليج العربي خدمة لاسيادهم في طهران, انها معضلة الفشل الشامل لقوى العمالة والتخلف.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
مجرم الحرب في غرفة المعيشة

شوقي حافظ

الو طن عمان

تحت هذا العنوان كتب بول كريغ روبرتس مقالا يوم الجمعة الماضي يقول فيه: أجهزة الاعلام صامتة، والكونغرس غائب، والأميركيون مغيّبون بينما جورج دبليو بوش يجهز لشن عدوان على ايران باستعدادات عسكرية واضحة، وباطلاق سيل من الأكاذيب استخدمها من قبل لتبرير العدوان على العراق، مثل قوله إن طهران تمثل تهديدا لأمن العالم كله، رغم أن هذا العالم يدرك الآن تماما حقيقة أن الولايات المتحدة واسرائيل تمثلان التهديد الأكثر خطورة للسلام العالمي.. لقد خرق بوش جميع المواثيق والاتفاقات الدولية، ووصم المعارضين بأنهم اعداء للولايات المتحدة، وتسبب في قتل أكثر من مليون شخص في أفغانستان والعراق معظمهم من المدنيين، وهذا يؤهله لتصدر قائمة القتلة في كل زمان.
ويواصل الكاتب قوله: بوش يريد قتل المزيد في قوله: علينا أن نقتل الايرانيين هناك قبل أن يصلوا إلى هنا، والمؤكد أنه لا ايران ولا أي شعب مسلم يستطيع تهديد الولايات المتحدة لأنهم لا يمتلكون قدرة عسكرية تمكنهم من ذلك، ولا توجد أي مؤشرات على مجرد رغبتهم في شن حرب على الأراضي الأميركية، اضافة إلى أن انقساماتهم وصراعاتهم الداخلية تحول دون تحولهم إلى قوة قادرة، وهذا ما جعلهم عرضة للاستعمار طوال قرون، ولو كانوا متوحدين، فالنتيجة المؤكدة هي فقدان كل قواتنا في العراق، بل أصلا لم يكن باستطاعتنا أن نرسل جيشا إلى هناك، وبينما وسائل الاعلام الأميركية غارقة في الفضيحة الجنسية للسناتور الجمهوري لاري كريغ، لم تستطع ملكة جمال جنوب كارولينا الاجابة على سؤال بسيط هو: لماذا لا يستطيع أبناء جيلها التعرف على موقع الولايات المتحدة على الخارطة؟
ويقول الكاتب: لم يستطع العالم كله وقف تأييد بوش لقتل المدنيين اللبنانيين وتدمير بنيتهم الأساسية، فالشرق الأوسط كله ـ باستثناء اسرائيل ـ أصبح أرضا محروقة طبقا لسياسة بوش، التي أعدت لحربها الجديدة ضد ايران دون موافقة مسبقة من الكونغرس، ذلك الذي يبدو أنه لا دور له في ممارسة صلاحياته بإبداء رأيه في قرارات الادارة بشأن شن الحرب التي يصر بوش على خوضها باختلاقات كاذبة حول نوايا ايران التحول إلى قوة نووية رغم نفي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لذلك الاحتمال .. كل هذا وما زال مجرم الحرب يجلس في غرفة المعيشة!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
بين بوش العراقي... ونيكسون الفيتنامي !

عبداللطيف مهنا

الوطن عمان

حذر السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة ، الداخل أروقتها بعد عودته من سفارة بلاده في بغداد ، وقبلها كابل ، زلماي خليل زاد، العالم بأسره من خطر يراه داهماً، يتمثل في كون الحضارة الإسلامية قد تتسبب في إشعال حرب عالمية ضروس لا تبقي ولا تذر لقد توصل السفير ، الذي هو في غنى عن التعريف، بالنظر إلى سجله أو مهامه العراقية بعد الأفغانية ، إلى هذا الاستنتاج الذي بناه على ملاحظته لأمرين هما : أن "الشرق الأوسط يمر بمرحلة انتقالية صعبة ، الأمر الذي عزز التشدد ووفر أرضاً خصبة للإرهاب"، وعبر مقارنته بين حال هذا الشرق الراهن ، وسابق حال أوروبا ، التي تحولت بعض حروبها إلى حروب كونية، فقال لصحيفة نمساوية:
"يمكن لمشاكل الشرق الأوسط، والحضارة الإسلامية أن تكون لها القدرة نفسها على ابتلاع العالم"!
زلماي خليل زاد، الأميركي جداً من أصل أفغاني خالص، لا ينطق عن الهوى، عندما يقول : إنه يخشى على العالم ابتلاعاً مزعوماً من قبل الحضارة الإسلامية، ومما دعاه مشاكل الشرق الأوسط ، التي هي عنده ما كانت إلا بسبب من بلوى التشدد، أو لكونه غدا بيئة خصبة للإرهاب ، والتي هي بدورها ، أي المشاكل، تعزز كليهما، وإنما ينطق انسجاماً منه مع ارتفاع محموم هذه الأيام في منسوب الأيديولوجيا التي درجت الإدارة الأميركية على ضخها في خطابها عادةً ، وذلك على وقع تسارع دقات ساعة اقتراب تقديم الجنرال وليام بتراوس القائد الأعلى لجيش الاحتلال الأميركي في العراق والسفير إيان كروكر في بغداد ، تقريرهما المهم المنتظر، هذا الذي لا تفصلنا عنه إلا أياماً معدودات لعل هذا ما لمسناه ونلمسه هذه الأيام في كل ما يبدر عن مسؤولي الإدارة والمتحدثين باسمها، وفيما يتعلق منه بهذه المنطقة من العالم ، أو سياسات الإدارة الأميركية حيالها، لاسيما فيما يطلقه بوش نفسه من التصريحات ذات العلاقة .
كان هذا واضحاً، مثلاً، في خطابه مؤخراً أمام جمعية "أهلية" أميركية موصوفة بالتشدد، ويعتبرها البعض من أكثر هذه الجمعيات تطرفاً ، مثل "جمعية المحاربين القدماء"، حيث قال :
"إننا نحارب من أجل أن نمكن الرجال والنساء المحترمين في الشرق الأوسط من تحديد مصيرهم ، والنهوض بمجتمعاتهم على أساس الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية طالما أنني قائد للقوات المسلحة فإننا سنواصل القتال حتى النصر، وأنا على ثقة من أننا سنفوز ، لأننا نمتلك أعظم قوة لتحرير الإنسانية عرفها العالم"!
بوش هنا يستل من جعبته جملة من شعارات نظرية درج ، أو درج الأميركان، على وصفها بالقيم الأميركية ، لكي يوظفها ، وبغض النظر عن تهافت مصداقيتها ، لابتزاز معارضي جموحه الأيديولوجي من الأميركان ، أو منتقدي إخفاقاته التي تتراكم طيلة مواصلته لحروبه الاستباقية ضد عدوه الكوني اللامرئي المسمى بالإرهاب الذي يطارده في أربع جهات الكون .
لكنه هنا ، وقبل أسبوعين فقط من موعد تقديمه ، يستهدف بشكل رئيس محاولة التأثير على تقرير بتراوس - كروكر أو توجيهه سلفاً ، بما يخدم ، أو على الأقل، لا يلحق ضرراً باستراتيجياته المعبرة عن ذلك الجموح ، لاسيما والشارع الأميركي يشهد مع الأيام ، ومع تزايد كلفة حروبه الكونية المادية والبشرية والمعنوية، تزايداً في تبني مطلب في سبيله لأن يغدو شعبياً يدعو للانسحاب من العراق .
بوش الذي لا يزال يتحدث عن "تقدم" في العراق، وبالتالي تردد هذا إدارته، يعزفان للأميركان ، دونما إلقاء ذات بال لمن يسمعهما خارج الولايات المتحدة، سواء هنا بالمنطقة أو العالم ، أو هذين اللذين يدركان زيف ما يقوله الرئيس والإدارة ويستهجنان استخفافهما بعقل من يسمعهما، بحيث لا يكادان يصدقان ما يسمعانه، على وتر بال ، مثل التحذير من "تحولات خطيرة ستصيب المنطقة بشكل قد يعرض العالم المتحضر للخطر" إذا ما انسحبت جيوش الاحتلال من العراق وعليه، لابد والحالة هذه، بل هو من واجب بلاده، باعتبارها قاضي العالم المقتدرة على تقرير مصيره ، من تحمل مسؤولياتها الكونية بلغة أخرى، يرى أنه لا مناص من تذكير مواطنيه بأنه لابد له ، ومن موقع مسؤوليته الأخلاقية، من أن يقرر باسمهم ، ما أعلنه ، وهو "سوف نواجه هذا الخطر قبل فوات الأوان"!
هنا نحن لسنا في حاجة لأن نسأله عما هو مصدر هذا الخطر عنده ، وقد درج على توصيفه دائماً ، وكرر الناطقون باسم إدارته ذلك، إنه يتمثل عنده فيما يدعوه الراديكالية الإسلامية العنيفة ، هذه التي قال مؤخراًُ : إن لها "وترين: سنيا متطرف يتجسد في القاعدة ، وشيعيا متطرفا يتمثل في الحكومة الإيرانية"!
وإذا ما عدنا لتوصيفات خليل زاد فإن في هذين الوترين يمكن اختصار مجمل الأخطار التي تعنيها الحضارة الإسلامية التي تتهدد راهناً العالم الحر !
وعليه، فقد أخبر الرئيس جورج بوش الابن شعبه بأن "الطريقة الأهم الأكثر مباشرة للرد على طموحات القاعدة وإيران وغيرهما من قوى عدم الاستقرار والإرهاب، تكمن في الفوز بالحرب في العراق " !
هنا، لا يهم ، جرياً على طريقة الإدارة في مخاطبة الشعب الأميركي المطمئنة إلى تصديقه لها وإن كذبها كل العالم ، من أن يؤكد الرئيس الأميركي أن "إيران ترسل أسلحة إلى طالبان في أفغانستان بحيث تستخدم في الهجوم على القوات الأميركية والأطلسية"، في حين أن القاصي والداني يعلم أن منسوب العداء بين المرسل المزعوم للأسلحة وهذا المرسل إليه ربما هو أكثر بكثير منه بين الولايات المتحدة وهذين الطرفين العدوين بالنسبة لها !
مشكلة الرئيس الأميركي ، الذي تقترب المدة المتبقية من ولايته الثانية إلى أفول، وما يعمق مأزق إدارة المحافظين الجدد التي يتساقط رموزها الواحد تلو الآخر حتى قبل أوان رحيله عن البيت الأبيض ، أن هناك تقريراً سيصدره "مكتب محاسبة الحكومة" في الكونغرس ، سوف يسبق تقديمه موعد تقرير بتراوس
- كروكر بأسبوع واحد ، وصفته صحيفة "الواشنطن بوست" بأنه "سلبي بدرجة مذهلة"، يقول : إن إستراتيجية غزو العراق لم تحقق سوى ثلاثة أهداف من بين ثمانية عشر هدفاً كانت لها ... كان تقرير سابق للبيت الأبيض، يقول : إنه حقق ثمانية أهداف من هذه الثمانية عشرة !!!
ومع ذلك، الرئيس المؤمن بحتمية النصر ، يوالي مقاربة ذات المنطق ويرفع ذات الشعارات ، وحيث هو لا يطالب أحداً بتصديقه في العالم أو هو قد لا يعنيه عدم ذلك، يوجه ما في جعبته بإصرار لا يصدق للأميركان لكي يواصلوا تصديقه، دون مجرد الالتفات المفترض إلى تضاؤل شعبيته وتزايد المعارضة الأميركية لسياساته الموسومة أميركياً بالحماقة وحروبه الكونية المدمرة التي أرعبت العالم.
هو ، لا يحارب إلا من أجل تمكين "الرجال والنساء المحترمين في الشرق الأوسط" من تقرير مصيرهم... إذاً هو محارب في مهمة خيرية ليست إلا من أجل أن تتمكن الشعوب من تقرير مصيرها لا أكثر ولا أقل وهو يقاتل انتصاراً لهؤلاء المحترمين من أجل "النهوض بمجتمعاتهم"، أي أنه لم يأت بلادنا العربية إلا من أجل إطلاق رياح النهضة العربية والإسلامية التي طال ركودها وكل ذلك على أساس ومن أجل سواد عيون الحرية ، التي لا تعني أبداً عنده نهاية الغزو وجلاء المحتلين ، وابتغاء بسط العدالة التي تتجلى في أبهى صورها في فلسطين المغتصبة ، وصون الكرامة البشرية التي تجلت في أبهى وأشهر رموزها الأميركية "أبو غريب" الذي اتسع ليشمل راهناً العراق بأسره ، ولازالت تتجلى كونياً في "غوانتانامو" كشاهد على مثل هذا النوع من الكرامة التي تفقأ أعين الإنسانية بأسرها.
وهو لن ينسحب من العراق ويصر على ما يدعوه الانتصار هناك ، لا لشيء إلا تفادياً للمذابح الطائفية التي قد تعقب هذا الانسحاب وكأنما هي ليست دائرة اليوم وعلى مدار الساعة ، وكأنما ليس الاحتلال وحده هو المسؤول عن إدارتها ورعايتها !
والمهم أنه يباهي بأنه يمتلك القوة الأعظم التي بوساطة ترسانتها الهائجة المنفلتة سوف يحرر العالم على طريقته !
... وأخيراً، إنها تقريباً ذات الذرائع المتسلحة بذات "القيم الأميركية" المزعومة، والحجج المتلطية وراء ذات التبريرات الزائفة، التي ذهبوا تحت يافطاتها ليغوصوا ذات يوم في مستنقع الدم الفيتنامي، مع فارق:
أن نيكسون الفيتنامي استخدمها أكثر للتستر على الهزيمة الماحقة التي تعيش بلاده تداعياتها أو عُقدها حتى اليوم ، أما بوش العراقي فيرفعها لمواصلة الحرب بزعم تفادي تكرار ذات الهزيمة!
نيكسون كان يدّعي واجب محاولة منع عملية ابتلاع العالم من قبل دواهي الشيوعية المتوحشة، وزلماي خليل زاد، وبالنيابة عن رئيسه بوش، يزعم ضرورة تحمل مسؤولية الحؤول دون ابتلاعه من قبل غوائل "الحضارة الإسلامية" الداهمة !!!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
عقارب ساعة الحرب في العراق توقفت
كيلي تيمي
الوطن عمان


في مطلع 2005 كان لا يزال يبدو على الأميركيين أنهم مهتمون بالحرب في العراق فعندما كنت أشرت إلى أنني كنت جنديا هناك فإنهم كانوا يريدون معرفة المزيد عن البلد وماذا عن أوضاع قواتنا هناك بحلول نهاية 2005 وفي الوقت الذي استمرت فيه وتيرة العنف في التصاعد بدأوا يبدون اهتماما اقل وبحلول منتصف 2006 لم يكن هناك احد يريد الحديث عن الحرب .
بغض النظر عن مشاعرهم حيال القوات او القضية التي من اجلها ذهبوا الى الحرب فإن الأميركيين الذين تحدثت معهم العام الماضي إما أنهم يريدون تجاهل العراق أو يعتقدون أن الحرب تمت خسارتها ويبدو أن هذا هو الشعور السائد اليوم وهو الشئ الذي يحاول استغلاله بشكل كبير الحزب الديمقراطي وذلك باننا خسرنا الحرب وبالتالي علينا الانسحاب .
ومع ذلك وفي الوقت الذي ينتظر فيه بعض المواطنين على الأقل- وأعضاء الكونغرس وأفراد من وسائل الإعلام - تقرير الجنرال ديفيد بتريوس للكونغرس هذا الشهر بشأن العراق فإنه من المهم التذكير بأن الحرب معركة مدركات وتصورات بقدر ما هي معركة نفسية ضد وبين الجماعات المسلحة وفي هذه المعركة فإن الظهور بمظهر القوة أو الضعف في الغالب يكون أهم من القوة أو الضعف الفعليين .
لقد تم ارتكاب أخطاء في الفترة من 2003 إلى 2006 سواء كان ذلك سوء تقدير للمقاومة العراقية أو تنفيذ سياسات غير سديدة وهو ما جعل القوات الأميركية تبدو ضعيفة بشكل متزايد في الوقت الذي بدت فيه المقاومة والميليشيات أكثر قوة وما يمكن أن تفهمه هو أن كثيرا من الأميركيين تحرروا من الوهم وكذلك الحال بالنسبة لكثير من العراقيين .
كان كثير من العنف في العراق العام الماضي هو بيان صريح على إدراك العراقيين أن الولايات المتحدة لم تعد قوة معنية بهم بشكل متزايد فبعد وقت قصير من الغزو في 2003 أظهرت القوات الأميركية عدم قدرة على حماية أي أحد بالشكل المناسب وشاهد العراقيون كيف صارت اميركا منقسمة حول الحرب واستحقاقاتها وهو الانقسام الذي بلغ ذروته بانتصار الديمقراطيين في الكونغرس في نوفمبر الماضي وبات واضحا للعراقيين بشكل تدريجي ان الولايات المتحدة سوف تغادر العراق وهو بحر من الدم ولم تبدو حكومته قادرة على توفير الأمن ومن ثم رأى كثير من العراقيين بأن عليهم الاختيار من أجل البقاء .
ومن ثم أصبح الانضمام إلى الميليشيات اختيارا منطقيا وظهر الاقتتال الطائفي والعنف ضد السنة وضد الشيعة الذي بلغ أوجه العام الماضي لأن الجماعات المسلحة المختلفة كانت قد أعدت نفسها لتولي السلطة ويتدافع العراقيون من أجل إيجاد سبل لحماية أنفسهم .
في الوقت الذي يعد فيه الجدل حول استحقاقات الحرب- وعلى الانسحاب- بمثابة إشارة على ديمقراطية صحية فإن العراق لسوء الحظ تسلط الضوء على كثير من الصعاب التي تواجه الديمقراطية في التصدي للمقاومة على المدى البعيد أو في حملة بناء أمة مثل هذا الجدل يمكن أن يقوض معركة المدركات الحسية والتصورات وقد أبلغ الكونغرس الديمقراطي الذي ربط مستقبله بموقف مناهض للحرب بالفعل العراقيين أنه من الأفضل لهم الانضمام للميليشيات لأن تفتيت العراق سوف يتم الإسراع به .
ربما تكون سوء الإدارة من قبل إدارة بوش والكونغرس الجمهوري الموافق على طول الخط قد أعدا المسرح للعنف الطائفي في 2006غير أن المحاولات الديمقراطية لسحب القوات أو خفض الدعم أو ربط الدعم بمؤشرات ومقاييس من الصعب تحقيقها تضر بشكل مساو لمحاولات حمل الميليشيات وعناصر المقاومة على تسليم أسلحتهم .
على المدى البعيد فإنه لن يستفيد إلا الأميركيون ولا العراقيون من انسحاب متسرع للقوات الاميركية ومع ذلك وبسبب أن العراق قد أصبح عبئا سياسيا على الجمهوريين ولأن الديمقراطيين ينظرون بشكل متزايد ويتعاطون مع ذلك على أنه فرصة فإن التوقيت المرتبط بمراكز سياسات العراق لدى الحزبين في تقويم حملة 2008 لا يسير وفق وقائع وحقائق الحرب وأوضح ذلك الجنرال بتريوس في أبريل الماضي بقوله"عقرب ساعة واشنطن يتحرك بشكل أسرع من عقرب ساعة بغداد "بمعنى أن سياسة الحزب أهم بكثير من نتائج حرب بعيدة وعلى الرغم من أن تهدئة كثير من غرب العراق يقدم دليلا على مكاسب حقيقية في الأشهر الست الماضية فإن معركة المدركات الحسية والتصورات تمت خسارتها تماما وبذلك تكون الساعة السياسة قد توقفت .
اليوم لا تحتاج عناصر المقاومة العراقية سوى لانتظار فرصتها الملائمة. وسوف تستمر في القيام بأعمال عنف مثل تفجير الشاحنات في 14 أغسطس الماضي في مناطق الطائفة اليزيدية غير المحمية من أجل تأكيد الاعتقاد أنه لا يمكن لأحد أن يوقفها وسوف تجوب الجماعات المسلحة الشوارع والأحياء وذلك استغلالا لنقص تواجد قوات التحالف وإذا لم تتمكن الحكومة العراقية من فرض نفسها فإن الحرب الأهلية سوف تزداد سوءا مع انسحاب القوات الأميركية.
ليس أمام المرء إلى أن يأمل بأن يكون الزعماء في كلا الحزبين عاقلين بشكل يكفي لإدراك مخاطر انسحاب متسرع واتخاذ الخطوات لضمان أن العراق لن ينزلق إلى فوضى- وأن آلاف العراقيين الذين وقفوا معنا كحلفاء شجعان لن يتم تركهم يقتلون في هذه الفوضى .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
السياسة الأميركية أطلقت العنان للنفوذ الإيراني في العراق
تد غالين كاربنتر

الوطن عمان


في حديث له أما الجمعية الوطنية لرابطة المحاربين القدامى الأميركية في 28 أغسطس حذر الرئيس بوش من ان فشل الولايات المتحدة في العراق سوف يؤدي إلى تزايد التهديد الإيراني في المنطقة وخارجها والواقع فإن مثل هذا القول ينطوي على قدر كبير من الغرابة وعدم الدقة فبقدر المدى الذي بات يمثله التهديد الإيراني نجد انه صناعة سياسات إدارة بوش ومحصلة لها .
ومن غير الواضح على الإطلاق ما يتردد عن أن إلحاق الهزيمة بالمقاتلين الموجودين في العراق بأغلبية سنية يمكن أن يكون له مردود سيئ على إيران. والواقع فإننا يمكنا إعادة صياغة هذا القول بشكل أكثر دقة أن تزايد إضعاف السنة سوف يقوي من قبضة طهران والخاسر الأكبر جراء ذلك ربما تكون السعودية التي قامت بتزويد الفصائل السنية المختلفة في العراق بالأسلحة والمستلزمات العسكرية.
والواجهة الرئيسية للنفوذ الإيراني في العراق هي تلك القوى التي تؤيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي ساندته واشنطن بقوة بعد أن اختاره البرلمان العراقي وهذه القوى تضم الميليشيا المتحالفة مع حزب الدعوة والمجلس الإسلامي الأعلى في العراق والروابط القائمة بين طهران وتلك الفصائل تفوق قوتها إلى حد بعيد تلك الروابط بين هذه الفصائل وجيش المهدي الذي يتزعمه مقتدى الصدر .
والحقيقة الموجعة أنه ومنذ اليوم الأول من إطاحة القوات الأميركية بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان واضحا بما لا يدع مجالا للشك أن إيران سوف تكون هي المستفيد الأول وراء ذلك فصدام كان هو العدو اللدود للنظام الديني الحاكم في طهران على مدى قرابة ربع قرن وقد دخلت الدولتان في حرب دموية طاحنة خلال عقد الثمانينيات وظل نظام النخبة السنية الحاكمة في العراق يمثل العدو الأول لإيران كما أن النظام السني الحاكم في العراق كان يمثل الثقل الاستراتيجي الرئيسي الموازي والمكافئ للجانب الإيراني.
وقد أسدت الولايات المتحدة إلى إيران خدمة جليلة وصنيعا عظيما بإزالتها لتلك النخبة السياسية كما انها مهدت الطريق أمام التحالف الكردي الشيعي الذي يفرض هيمنته على مسرح السياسة العراقية في الوقت الراهن .
ومع إقدامها على تلك الخطوة لم تقدم السياسة الأميركية شيئا جيدا يذكر لنحيب وصياح الرئيس بوش حول توسع النفوذ الإيراني وتمدده ولم يكن من العسير على الإطلاق التنبؤ بكل تلك النتائج حتى أن ما يحدث الآن قد سبق وقال به العديد من منتقدي الحرب من أن الشيعة في العراق سوف يمدون جسور التواصل مع طهران بل ويرمون أنفسهم في أحضانها.
وذلك هو الخطر الذي كان يتوجب على المسؤولين في الإدارة الأميركية أن يفكروا فيه بشكل أكثر جدية إلى حد بعيد ومغاير لما تم بالفعل وذلك قبل إقدامهم على غزو العراق .
والمشكلة الأخرى التي تمثلها إيران هي سعيها وراء تملك قدرات نووية والواضح أن هذا الأمر أيضا لن يتأثر بمحصلة أنشطة المقاتلين في العراق وما قد تسفر عنه فالبرنامج النووي الإيراني يسبق بفترة طويلة ذلك النزاع الدائر على أرض جارتها على الحدود الغربية والواقع أن الطموحات النووية الإيرانية تعود إلى أواخر الستينيات عندما كان شاه إيران الحليف القوي للولايات المتحدة في السلطة .
ويمثل سعي إيران الحثيث وراء تملك سلاح نووي قضية شائكة للغاية ولا يبدو أن هناك حلا سهلا لها غير أن شيئا واحدا يظل واضحا وهو أن إلحاق الهزيمة بالمقاتلين في العراق لن يكون له أي تأثير يذكر على تلك القضية والرئيس بوش يحاول بشكل متزايد التعلق بأي قشة لتبرير الإخفاقات المتتالية لسياسته في العراق ويبدو أن إدعاءه أن تحقيق الانتصار في العراق ـ وهو ادعاء من غير المحتمل تحقيقه على أرض الواقع ـ سوف يمثل اختبارا لقوة الموقف الإيراني في المنطقة هو أقل مزاعمه التي خرج بها حتى اليوم مصداقية وأبعدها عن التصديق.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
من الذي يُلام في بلاء العراق.. المالكي أم بوش؟
هارولد ميرسون

الوطن عمان


لا أحد يحب نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي.. فهو, في بلده, يرأس حكومة من ولصالح الشيعة, يحمل ضدها السنة الغاضبون- مع غيرهم- السلاح. وفي بلدنا ( أميركا ), الذي يبقيه في السلطة, يدعو كل من الديمقراطيين الليبراليين والجمهوريين المحافظين للإطاحة به. ويجد تقرير تقييم الاستخبارات الوطنية الأميركية أن إدارة المالكي عاجزة بوضوح عن تسوية الخلافات التي تفكك بلدها.
إن قائمة الصفات غير المستحبة بحق المالكي طويلة ومقنعة, ولكنها كلها ترتكز على هذا : أن رئيس الوزراء العراقي لم يفعل شيئا للمصالحة بين جموع العراقيين المتناحرين, وهو, على العكس, يبدو إما قانعا أو مذعنا لرئاسة حكومة تدعم صعود نجم الشيعة في العراق فوزاراته يتحكم فيها شيعة طائفيون ويخشى السنة من قوة الشرطة الحكومية, ويخافون من الذهاب إلى المستشفيات الحكومية ويتخلون حتى عن قيام الحكومة بجمع القمامة والمخلفات في أحيائهم السكنية أو توفير أي خدمات أو سبل راحة عادية توفرها الحكومة طبيعيا.
وعلى مدى الشهور القليلة الماضية, ومما لا يدعو للدهشة, أن الأحزاب السنية وغير الطائفية قد انسحبت من وزارة المالكي وقاطعت البرلمان كما أن التنافسات والصراعات داخل طائفة المالكي نفسها قد أضعفته , وهو ( أي المالكي), على العكس من القادة الشيعة من أمثال عبد العزيز الحكيم أو مقتدى الصدر, تعوزه الفيالق العسكرية الطائفية كي يدعوها.
هناك جيوب للسلام النسبي في العراق , ولكنها ليست في أماكن بارزة تسمح لها بالقيام بعميلة مصالحة. ففي المحافظات التي يحكم فيها الشيعة الشيعة أو يحكم فيها السنة السنة ( أو بالأخص التي يحكم فيها الأكراد الأكراد ), لا تكون التنافسات والصراعات فيما بين الطوائف عارمة صاخبة ولا تكون " القاعدة " في العراق متحاربة ضد الجميع, ولا يتخلل الحياة موت من جراء العنف وعلى العكس من القادة الأميركيين من كلا الحزبين ( الجمهوري والديمقراطي ), فإن عددا متزايدا من العراقيين يعادلون السلام ليس بالمصالحة ولكن بالانفصال والسيطرة المحلية الطائفية وفي مثل تلك المحافظات, يعد المالكي والحكومة في بغداد غير ذي صلة , وتبدو فكرة المصالحة نفسها مزعزعة للاستقرار أو خطرة أو مهلكة بكل معنى الكلمة.
وأنا لا أؤيد أو أدافع عن المالكي , ولكن من العدل الإشارة إلى أننا نطلب منه مصالحة بلد لا يرغب - بأي مؤشر تقريبا - في المصالحة إن سوء فهمنا العميق والمستمر للطموحات الطائفية في العراق متجذرا في عدم قدرتنا على رؤية العراق كما هو.
والأميركيون - ولنأخذ مثالا واحدا فحسب- احتفلوا بالانتخابات البرلمانية في ديسمبر عام 2005, مشيرين باستحسان إلى كم عدد العراقيين الذين صوتوا في منطقة لم ترسخ فيه الديمقراطية جذورا كثيرة لها وما فشلوا في ملاحظته هو أن عملية التصويت جرت بالكامل على انقسامات طائفية- أي أن السنة صوتوا لصالح الأحزاب السنية, والشيعة صوتوا لصالح الشيعة, والأكراد لصالح الأكراد. وقد فازت اللائحة غير الطائفية الوحيدة - بقيادة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي - بنسبة 8 % فقط من التصويت.
وباختصار, نحن نطلب من المالكي تحويل العراق إلى دولة يريدها قليل من العراقيين فعليا : إنها مهمة يمكن أن ينجزها ديكتاتور لا يرحم باحتكار القوة المسلحة - ولنقل مثل صدام حسين - ولكن لا ينجزها قائد سياسي مقيد بالرأي العام.
إن التخلص من المالكي والإطاحة به لن يفعل شيئا لتغيير الواقع الأساسي في العراق الجديد, وهو أن حربا أهلية بين الطوائف - انطلقت من عقالها ربما بفعل الغزو الأميركي للعراق وتدميره للمؤسسات الوطنية العراقية - قد حطمت العراق تحطيما.
تخلصوا من المالكي وسينتهي بنا المطاف إلى أن يكون لدينا شخص ما مثله بشكل أساسي فطائفيته الشيعية هو ما تريده الأغلبية الشيعية المقموعة طويلا في العراق في رأس الحكومة فطائفيته هي طائفية خادم أمين مخلص لشعبه - أو على الأقل , لقاعدته السياسية .
وفي الواقع, من الأسهل الدفاع عن طائفية المالكي والدفاع عن الزعيم الذي حطم بلد المالكي تحطيما وقسمه تقسيما: إنه جورج بوش.
لقد ورث المالكي فصائل متحاربة؛ وهذا هو السبب في أن الأمر أخذ خمسة اشهر لتوحيد وجمع شتات حكومته معا قبل أن يتقلد حتى السلطة.
على أن بوش - بدعمه لكارل روف - حكم بالنظرية الجديدة التي مفادها أن ما كانت تحتاجه أميركا هو الاستقطاب السياسي. فهو لم يتواصل مع الديمقراطيين في أعقاب أحداث 11/9 لترسيخ إجماع أمني وطني جديد؛ وفي الواقع, هو استخدم حرب العراق - بدءا من صيف عام 2002 فصاعدا - لتطليخ ووصم الديمقراطيين بأنهم متهاونون في أمر الأمن القومي.
فلو لم يكن المالكي قد أصبح رئيسا للوزراء, فهل يعتقد أي امرئ حقيقةً أن انقسامات العراق الأساسية كان سيتم تقليلها والحد منها عمليا, وأن التطهير الطائفي كان سيتم وضع حد له وأن الحرب الأهلية كانت ستوضع لها نهاية ؟ إنه بوش, وليس المالكي, هو الذي يجب أن تنتهي ولايته قبل أن يمكننا أن نتخلص من بلوتنا ومحنتنا في العراق.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
افعل او اخرس
جهاد الخازن
الحياة

لو ترك جورج دبليو بوش وحده داخل مزرعته في كروفورد لضلّ الطريق، ثم يطلب منه أن يعرف طريقه حول العالم كله.

لا أتهم الرئيس الأميركي بأكثر من الجهل، وهو جهل يمكّن عصابة الحرب في مكتب نائب الرئيس من قلب الحقائق على رأسها، وتزوير معلومات الاستخبارات، لتنفيذ أحلام الامبراطورية والهيمنة الأميركية – الاسرائيلية في الشرق الأوسط، على حساب العرب والمسلمين في كل مكان.

الرئيس بوش قرأ خطاباً كتب له في الفيلق الأميركي، أي قدامى المحاربين، في رينو، بولاية نيفادا في 28/8/2007، جمع بين الخطأ والخطر ما سأشرح بعد ملاحظة سريعة عن خطاب له في 10/7/2007 في كليفلاند، بولاية أوهايو، وردوده على أسئلة الجمهور بعد الخطاب، فهو في كليفلاند أيضاً تحدث بشكل انتقائي عن ارهاب القاعدة، من دون أن يذكر أسبابه وعلاقة بلاده بالجذور التي طلع منها.

جورج بوش الذي تجنب الخدمة العسكرية في فيتنام وبقي في تكساس اختار المكان الخطأ لخطابه، فقد خاطب محاربين غامروا بأرواحهم دفاعاً عن بلادهم، كما لم يفعل هو.

هو قال بسرعة إن «أميركا تخوض نضالاً ايديولوجياً عظيماً، تقاتل التطرف الاسلامي حول العالم». وأقول إن الولايات المتحدة غذّت هذا التطرّف أولاً بتشجيع الجماعات الإسلامية المتطرفة وتمويلها وتدريبها لمقاتلة الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، وثانياً بالتزام اسرائيل التزاماً كاملاً والوقوف ضد مصالح العرب والمسلمين في كل مكان.

الرئيس أعلن بعد ذلك «مرة أخرى، أميركا تجد انها أمة في حالة حرب. مرة أخرى، ندعى لحمل لواء الزعامة العالمية؟»، أسأل من دعا أميركا أو دعاه؟ حتماً ليس العرب والمسلمون، وليس الروس أو الصينيون. بل حتماً ليس الأوروبيون من دعا، فهم يقولون إن أميركا خطر أكبر على السلام من ايران أو كوريا الشمالية.

هي أحلام امبراطورية مسجلة في كتابات المحافظين الجدد، والرئيس بوش يقول بعد ذلك: «أطحنا نظامين في افغانستان والعراق يؤويان الارهابيين، ويتحديان الأسرة الدولية ويهددان أمن بلادنا».

هذا نصف صحيح، فالحرب على طالبان في افغانستان كانت مبررة، وقد أيدتها شخصياً مع العالم كله أملاً بالقضاء على القاعدة الارهابية، إلا أن ادارة بوش خاضت نصف حرب في افغانستان وتركت طالبان والقاعدة تنجوان لتعودا الآن بقوة وتهددا نظام حميد كرزاي في كابول. أما الحرب على العراق فكانت على أساس أسباب كاذبة مئة في المئة، وبدل أن يعترف جورج بوش ويحاسب، يواصل الترويج لعلاقة القاعدة بنظام صدام حسين، بل يربط بين القاعدة في افغانستان والقاعدة في بلاد الرافدين التي لم تكن موجودة قبل احتلال العراق، ويستحيل أن تكون لها علاقة بارهاب 11/9/2001.

بعد ذلك يدخل الرئيس بوش في التفاصيل ويتحدث عن التطرف السنّي، وعن التطرف الشيعي، وخطرهما على العالم كله، بما فيه بلاده. ومرة أخرى يتجاهل مسؤولية بلاده عن تغذية الجماعات المتطرفة في الحرب الباردة، ثم مسؤوليتها عن تشجيع الارهاب بالوقوف مع اسرائيل ضد العرب والمسلمين كافة. وحتماً فالارهابيون الذين يتحدث عنهم لم يكونوا موجودين في العراق قبل احتلاله.

الرئيـــس يقول: «على المدى الطويل، نحن نروّج للحرية كبديل لأيديولوجيات الكره والقمع». وأقــــول إننا على المدى الطويل سنموت جميعاً، ولن نعود الى خطابه لنحاسبه، أما على المدى القصير أو الحالي، فالثمن مليون ضحية من العراقيين، ولا حرية ولا أمن أو أمان، ولا أمل بالمستقبل.

يلي هذا الكلام اعلان حرب والرئيس يقول إنه فوّض «قادتنا العسكريين في مواجهة نشاطات إيران الاجرامية». وأقول له ما يقول الأميركيون في مثل هذه الحال: إفعل أو اخرس، ثم أحذره من أنه سيخسر أيضاً الحرب على ايران.

الرئيس يقول: «تحالفنا حقق أشياء عظيمة في العراق، والعالم أفضل من دون صدام حسين في الحكم». وأقول إن صدام حسين رجل ونظامه ينتهي به، فهـــو نظـــام رصاصـــة واحـــدة، وما فعلت الحرب الأميركية هي انها أوجدت وضعاً أسوأ من نظام صدام حسين على رغم ما يبدو من استحالة ذلك. هناك مليون قتيل، وعدد الضحايا يزداد كل يوم، مع دمار مستمر وحرب أهلية. هل هذه أشياء عظيمة؟

ولكن جورج بوش يتجاوز ما جنت يداه ليقول إنه في كانون الثاني (يناير) وضع استراتيجية، مع انه في الواقع نفذ استراتيجية فردريك كاغان الذي دعا الى زيادة القوات، وتجاهل تقرير بيكر – هاملتون الذي دعا الى خفضها، مع أن كاغان من معهد أميركان انتربرايز الذي ورطه في الحرب أصلاً، وجيمس بيكر ولي هاملتون من أفضل العقول السياسية الأميركية المستقلة.

الرئيس يتحدث عن نتائج ايجابية لاستراتيجيته وأفضل شخصياً أن انتظر تقرير منتصف هذا الشهر لأنني لا أصدق شيئاً يكتب له، وهو في افلاسه الفكري يستشهد بالسناتور جو ليبرمان، وهذا داعية حرب يمثل اسرائيل في مجلس الشيوخ، وكل مواقفه ضد العرب والمسلمين.

وينتهي الرئيس بالحديث عن «نجاح» في بغداد والأنبار، ولا نجاح هناك، فكل ما حدث ان المقاومة والارهابيين انسحبوا بعد زيادة القوات الأميركية وسيعودون عندما تنسحب لأنها لا يمكن أن تبقى هناك.

الخطاب في رينو، وقبله خطاب كليفلاند، يجعلانني أتوقع الأسوأ، فنحن أمام رئيس يضيع في مصعد، ثم يراد منه أن يقود العالم.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
التكامل الاقتصادي العربي: حقيقة أم خيال؟

د. ناصر المعلم
اخبار الخليج البحرين


يعاني العمل الإقليمي العربي مشكلات خطرة تهدد الأمن القومي وتجعل العمل الإقليمي مستحيلا من دون أخذها بالاعتبار، ومن أهم هذه القضايا: التفوق الإسرائيلي عسكريا وتقنيا في ظل رفض إسرائيلي مبطن أو علني أيا كان لأن يمتلك أحد السلاح النووي غيره حتى يبقى حكرا عليه، وأيضا الهيمنة الأمريكية ووجودها العسكري الكثيف في المنطقة واستمرار تدمير الاقتصاد العراقي بأيد عابثة أمريكية وبريطانية ضمن مخطط تخريبي منظم، كل ذلك يتم في ظل العجز الرسمي العربي مع تهديد السيادة الوطنية للدول العربية في العراق والسودان ولبنان والصومال وقبل كل ذلك فلسطين .

لماذا يعجز العرب عن الوحدة أو التكامل أو التعاون أو العمل الإقليمي على الأقل؟ هل هو مخطط خارجي مفروض أم هي المصالح القطرية الضيقة الآنية التي تعجز عن رؤية المصالح الاستراتيجية الكبرى؟ لقد كشف التفرد الأمريكي بقيادة العالم حدة الانكشاف الذي يلازم الدولة القطرية وضاعف من جسامة الخطر الصهيوني تصاعد العجز في قدرات الدولة القطرية وخاصة في مجال الأمن، ورغم الاختلاف والانقسام بين العرب حول الموقف من الصراع العربي الصهيوني فقد بقي هذا الصراع أهم حافز ومنبه لقيام نظام عربي يواجه هذا التحدي، ولكن الصراع العربي الإسرائيلي رغم قوة تأثيره ودافعيته لم يكن كافيا لعمل دفاعي وإقليمي أو توحيد البرامج والخطط وتنسيقها إلى مستوى فاعل ومؤثر، إلا أنه يبقى مع ذلك من المسائل الإيجابية التي تدفع العرب إلى محاولة التنسيق واللقاء، على أن القضية المهمة والضرورية لحياة الأمة العربية واخراجها من براثن التخلف الاقتصادي التي وقعت فيها طوال نصف القرن الأخير، هي قضية استرداد الأموال العربية من الخارج البالغة قيمتها حسب تقديرات المؤسسات الدولية ما يقرب من تريليون دولار، وحسب تقديرات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ما يقرب من أربعة تريليونات دولار، وفي تقديرات أخرى تبلغ حوالي تريليوني دولار، وهي مستثمرة بالخارج على هيئة ودائع وأوراق مالية وشركات صناعية وعقارات سكنية ومحال تجارية ومطاعم وملاه وفنادق. لقد واجهت هذه الأموال صعوبات كبيرة في الخارج، تفوق الصعاب التي واجهتها عندما كانت مستثمرة في المنطقة العربية في الستينيات التي أدت إلى تحويلها إلى الخارج على مدى الأربعين سنة الأخيرة أي منذ أن بدأ النفط يتدفق بوفرة في المنطقة العربية، ذهبت هذه الأموال للاستثمار في الخارج تنشد المزايا العديدة التي كانت تتوافر لها قبل التحديات المؤلمة التي واجهتها هناك خلال العشرين سنة الأخيرة، وبالتحديد بعد اتساع النزاع العربي الإسرائيلي وغزو العراق للكويت وما تبع ذلك من عوامل سلبية أدت إلى تجميد جزء كبير من هذه الأموال وفرض الحراسة على جزء آخر منها بدعوى مراقبة غسل الأموال واستخدامها في الإرهاب. لا أحد ينكر أن مظاهر أزمتنا العربية الراهنة تكمن في غياب الحرية والديمقراطية خاصة في النصف الثاني من القرن الماضي، هل عصر الثورات العربية مازال مستمرا حتى الآن أم هو جزء من الماضي؟ هل تستحق الثورات أن تكون لها الأولوية على باقي الأزمات بعد أن تم تأجيلها إلى ما بعد التحرر من الاستعمار والصهيونية؟ النتيجة أن الاستعمار كان مضاعفا، بدل أن كان في فلسطين وحدها أضيف اليها العراق. وأصبح العرب في حاجة إلى حركة تحرر عربي ثانية ضد الاستعمار والصهيونية يجب أن تكون أقوى من السابقة، ومادام العرب قد قبلوا بطريقة أو بأخرى بديمقراطية الاحتلال في العراق كنموذج سابق، فنرجو ألا يكون الدور قادما على دول أخرى متهمة زورا بـتفريخ الإرهاب، ثم يأتي الدور على إيران وتفجيرها من الداخل بإشعال الفتنة بين الإصلاحيين والمحافظين، ويدفع الجنوب في السودان ثمنا باهظا، واشعال النار بين الحركات الإسلامية تحت مسميات مثيرة كالصراع بين السلفية والعلمانية أو بين الإيمان والكفر وتهميش الدور المصري حتى لا يقوم بواجبه المنوط به في قضايا العرب المصيرية. كل هذه التمزقات السياسية أجهضت أي تكامل اقتصادي، بل وأدت أي حديث عن التعاون الاقتصادي العربي، ورغم أن الجامعة العربية اتخذت قرارا بإنشاء سوق عربية مشتركة منذ عام 1970 فإن هذه السوق مازالت فكرة تناقش في كل اجتماع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، وقد اتخذت القمة العربية عام 1996 قرارا بإنشاء منطقة تجارة عربية حرة وفق برنامج تنفيذي يمتد عشر سنوات تكون هذه السوق قد بدأت فعليا وهيئت لها التشريعات والإجراءات والبنى والاتفاقيات اللازمة، ولكن لا يبدو حتى الآن أن ثمة خطوات ملموسة تتحقق في هذا الاتجاه في ظل الشكوك التي تحوم حول آلية جامعة الدول العربية للوقاية من النزاعات وإدارتها وتسويتها، حيث كلف المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة باتخاذ ما يلزم لإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وفق برنامج عمل وجدول زمني يتفق عليهما، ولكن مجلس الجامعة العربية قرر إحالة المشروعات الثلاثة إلى اللجان السياسية والقانونية. من ناحية أخرى أرجو أن تتخذ الاجراءات اللازمة لاسترداد الأموال العربية من الخارج التي أخفق في استردادها حتى الآن على الرغم من تعددها حيث كانت تتمثل المطالبة بها في اجتماعات شكلية وتوصيات غير عملية ومؤتمرات واتصالات واتفاقيات نظرية فقط . تشير الدراسات الاكاديمية التي تبحث في أهمية العمل العربي المشترك باعتباره الطريق الى التكامل الاقتصادي العربي والى اندماج الاقتصادات العربية وايجاد الوحدة الاقتصادية العربية في نهاية المطاف، ذلك لأن الوطن العربي يحتل موقعا استراتيجيا بين دول العالم وينتج 20.5 مليون برميل نفط خام يوميا. الاحتلال الأمريكي الجديد للعراق أصبح عبئا جديدا على الأمة العربية وعائقا أمام أي عمل اقتصادي عربي، حيث لم يستح الحاكم العام من أن يسكن في القصور الرئاسية بينما تحتل قوات الغزو أماكن السيطرة في جهاز الدولة نفسها: الجيش والشرطة والحزب والوزارات والهيئات العامة. وكما جرّد العراق من حاضره جرد أيضا من ماضيه بنهب المتاحف وقضي على مستقبله بسلب الجامعات ومراكز البحث العلمي ودور الحكمة حتى كاد أن يصبح العراق بلا هوية تذكر سياسية كانت أو اقتصادية فهو مجرد فضاء فارغ لقوى الهيمنة الجديدة، في حين بحث اليهود العراقيون الذين هاجروا إلى فلسطين بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 عن ممتلكاتهم وأموالهم في العراق من دون أن يكون للفلسطينيين الذين اضطروا إلى الفرار من مذابح العصابات الصهيونية الحق نفسه في العودة إلى الوطن واسترداد الممتلكات والأموال، وتم الاستحواذ على ثروات العراق بأكملها والتحكم فيها وتحصيل الأموال العراقية بدعوى الإعمار وتوزيع الغنائم والامتيازات والعقود على الشركات الأمريكية بهدف إنعاش الاقتصاد الأمريكي، والبعض منها على دول قوات التحالف التي ساهمت في الغزو المباشر أو التي أيدته معنويا مكافأة على العون القديم وإغراء على التعاون الجديد من أجل تحميلها جزءا من المسؤولية عن إراقة دم مواطنيها بديلا عن إراقة الدم الأمريكي بفعل مقاومة الشعب العراقي الباسل نفسه، لكن الجيش والشرطة والموظفين محرومون من مرتباتهم ومن ثرواتهم الوطنية. لم يبق من التجمعات الاقليمية العربية المتماسكة سوى تجربة مجلس التعاون الخليجي وهي الأكثر نجاحا في شبه الجزيرة العربية وقدرة على الاستمرار، فمنذ قيامه عام 1981 واجتماعاته على جميع المستويات التي تنعقد بانتظام في ظل قدرة ادارية مشهود لها في حل القضايا بين الدول الأعضاء، بل تحويل هذه المشكلات أو الخلافات الى نجاحات حقيقية، وأبرز مثال على ذلك احتواء الخلاف البحريني القطري وتحويله الى مكسب لهما بعد أن أعلنت الدولتان وضع دراسة للربط البري بينهما عبر جسر معلق، وأمكن أيضا إنهاء عدد من النزاعات الحدودية بين الدول الخليجية، والحديث آت عن التكامل الاقتصادي الخليجي والوحدة النقدية الخليجية والتعريفات الجمركية وتسهيل حركة التنقل وغير ذلك

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
واخبرا عطل الصدر مليشياته 2-2
عبد الرحمن الراشد
الشرق الاوسط

وأخيرا، استيقظت العاصمة بغداد على جرائم كربلاء. اكتشفت ان الفتنة لن تبقى فقط مذهبية، وان جيش المهدي لم يعد مخلب قط ضد خصومه من مسلحي السنة، بل تحول الى مجاميع خطرة في المنتصف الشيعي. وهنا يحاول السياسيون توحيد الصف الطائفي، بتفسير الظاهرة على انها مؤامرة وبنادق مهدية مستأجرة لتخريب الصف الشيعي، رافضين ان يعوا الحقيقة المتكررة تاريخيا في العالم، لا في العراق وحده، وهو الصراع الداخلي لكل الدوائر الدموية المسلحة.

نحن مع رئيس الوزراء في دعوته، بوضع كل القوى العراقية تحت سيطرة الدولة، من دون استثناء المتحالفين معها او المستأجرين من أجلها. وهنا على المالكي ان يكون شفافا بقدر ما هو واقعي. فمحاولة إلقاء اللوم على الغير هي اول خطوة خاطئة في التعامل مع الأزمة. عليه ان يواجه الحقائق كما هي لا كما يتمناها البعض ممن هم حوله. ميلشيات جيش المهدي منذ اول يوم وهي غير شرعية، وضد المشروع العراقي الجديد. تريد الحكم وستقاتل السنة والشيعة من اجل السيطرة. سبق ان تقلبت مواقفها فتحالفت مع جماعات سنية متطرفة، ثم جماعات حكومية متطرفة ايضا، وأخيرا مع الايرانيين. لا بد من مواجهتها وإخضاعها لسلطة الدولة، ويجب اخضاع كل القوى المسلحة الشيعية والسنية الأخرى، بما فيها العشائر التي يتم تسليحها ضد تنظيم القاعدة في المناطق السنية.

باختصار على الحكومة ان تدعم وجود دولة بقوة مركزية واحدة، ونظام سياسي يمثل كل العراقيين، لا فئة ضد أخرى. هذا المشروع السياسي لصالح كل العراقيين، لصالح الشيعة لأنهم يمثلون اغلبية العراقيين العرب، ولصالح السنة حتى لا يعيشوا الخمسين سنة المقبلة على الهامش العراقي، ولصالح البقية حتى تنتمي الى دولة كبيرة راسخة ذات نظام يحميهم كأقليات لا مجرد ميلشيات.

يمكن ان توقظ صدمة كربلاء التي راح فيها العشرات القيادة العراقية، التي تجد نفسها بين حجري الرحى الاميركي والإيراني، وستتكسر اضلاعها ما لم تنشط وتعجل في تحقيق المشروع العراقي المركزي الذي يمثل كل العراقيين.

معركة كربلاء بداية في سلسلة ازمات امنية خطيرة ستعمم الحرائق في كل انحاء العراق، لا مجرد الاحياء السنية. فإيران تملك مشروعا لا علاقة له بمشروع رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، او من سبقه. هم ضد عراق مستقر، مهما قال الايرانيون له في طهران. وليس من صالح بغداد ان تكون طرفا في حرب اقليمية او اجنبية، لأنها بالتأكيد ستتورط في أزمة أمنية دائمة، تغذيها الدول، وتخريب العراق سهل بسبب وضعه المتأزم.

ولا بد أن نقول إن المالكي خطا خطوات شجاعة وجيدة، بإصلاح الوضع الحكومي وتقديم تنازلات للخصوم السياسيين، كان آخرها الاتفاق المفاجئ بإعادة البعثيين المطرودين للحكومة، والجيش وإقناع الميلشيات بوضع السلاح، والدخول في العملية السلمية. بمثل هذه المرونة، لا بد كذلك من الحزم ضد الجماعات المسلحة سنية وشيعية، من قاعدة وبعثيين وصدريين وبدريين وغيرهم. على الفرق الحزبية المنخرطة في الحكومة ان تحل ميلشياتها قبل ان تطلب ذلك من خصومها، ان كانت تريد ان توجه رسالة صادقة، ببناء عراق واحد. فلا يعقل ان يكون رئيس الحكومة رئيسا للأمن والجيش وفي نفس الوقت ينتمي الى حزب مسلح خارج سلطة الدولة. لا يعقل ان يكون لحزب الصدريين ثلاثون عضوا في البرلمان، وفي نفس الوقت جيش من عشرة الاف مقاتل. إنه أمر خارج المعقول، ويبرر للمعارضة شكها في النظام ورفضها تسليم سلاحها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
بارقة أمل

افتتاحية
المدينة السعودية
رغم ما كشفته المصادر العراقية الموثوقة، بأن أعداد القتلى المدنيين الذين قضوا في أعمال عنف في العراق خلال شهر أغسطس المنصرم ارتفع بمعدل 7% مقارنة بالشهر الماضي ، ورغم غياب الأحزاب السنيّة عن التحالف الرباعي الذي جمع الأحزاب الشيعية والكردية الرئيسية تحت لواء حلف جديد ، ورغم ترجيح تعامل الرئيس الأمريكي جورج بوش مع تقرير بتريوس – كروكر الذي سيتناول مدى التقدم الذي تم إحرازه بعد قرابة ثلاثة أشهر من الموعد الذي دخلت فيه الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق حيّز التنفيذ بنفس الطريقة التي سبق وأن تعامل بها مع تقرير بيكر هاملتون ، خاصة فيما يتعلق بدرجة التفاعل مع التوصيات التي من المحتمل أن يحملها التقرير عند صدوره أواسط هذا الشهر ، والتباطؤ في تنفيذها أو الاقتصار على تنفيذ البعض من تلك التوصيات دون غيرها .. رغم ذلك كله ، فإن ثمة ما يدعو إلى التفاؤل بأن قرار زعيم التيار الصدري بتجميد الأنشطة العسكرية لميليشيات جيش المهدي ستة أشهر ، بما فيها النشاط ضد القوات الأمريكية ، من شأنه مساعدة القوات العراقية والأمريكية في التركيز على عملياتهما ضد عناصر شبكة القاعدة في العراق ، إلى جانب اعتباره خطوة مهمة على صعيد مساعدة السلطات العراقية على التركير أكثر في العمل على تحقيق حلول اقتصادية وسياسية ضرورية للتقدم ، والتفرغ بشكل أفضل للتعامل مع الأنشطة الإجرامية والعابثين بأمن العراق واستقراره .

وسواء أكان قرار مقتدى الصدر لهدف إعادة هيكلة جيش المهدي ، أو لهدف حقن الدماء ، فإن مثل هذا القرار ، حتى ولو اعتبره البعض بأنه جاء متأخرًا عن سياقه التاريخي المفترض ، يعتبر قرارًا حكيمًا ، يمكن أن يسهم في الدفع في اتجاه تهدئة الأوضاع في العراق ، وتهيئة المناخ المواتي لتحقيق المصالحة الوطنية المنشودة ، لا سيما في ظل ما يأمله ، وما يتوقعه البعض من توخّي العديد من الأحزاب والميليشيات العراقية الأخرى الاقتداء بقرار الصدر ، وبما يشكّل بارقة أمل جديدة على طريق الخروج من الأزمة .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
قواتنا في البصرة لم تفشل
ديز براون وديفيد ميليباند
وزيرا الدفاع والخارجية البريطانيان
واشنطن بوست»


ظهر في الأسابيع الأخيرة الكثير من الانتقادات التي ليست في محلها لدور المملكة المتحدة في جنوب العراق، وقد حان الوقت لتوضيح الأمر.

والسؤال الذي سأله بعض الناس هو: هل فشلت القوات البريطانية في البصرة؟ والرد هو لا.

ففي أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، اعترف المجتمع الدولي عبر سلسلة من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالحاجة الى مساعدة الشعب العراقي على تشكيل مستقبل افضل لنفسه. ويعرف شعوب كل دول التحالف التضحيات المتعلقة بدور قواتنا المسلحة الشجاعة.

والتزمت الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول التي شكلت القوات المتعددة الجنسيات المفوضة من الامم المتحدة في العراق، بالمساعدة في توفير الأمن في الوقت الذي جرى فيه انتخاب حكومة وطنية، في ظل دستور ديمقراطي جديد. لقد تعهدنا بمساعدة العراقيين على تطوير دولة فعالة، بقوات مسلحة وشرطة وغيرها من المؤسسات القادرة على توفير الأمن للناس.

كما تعهدنا ايضا، عندما ننتهى من ذلك، بتسليم المسؤولية الكاملة بخصوص الأمن الى السلطات العراقية الشرعية المنتخبة.

وقد كتب الكثير في الاسابيع الاخيرة بشأن الاوضاع في الجنوب ولا سيما اهمية التحديات التي تواجهها البصرة. وهذه التحديات حقيقية وواسعة النطاق ومتأصلة.

وقد استمرت القوات البريطانية في توفير امن شامل والحفاظ على القدرة على ضرب المليشيات. ونستمر في القيام بدور اساسي في جنوب العراق، ونساهم في ضمان خطوط الامدادات الى بغداد وتدريب ومراقبة قوات الامن العراقية، وتعزيز قدرة قوات الحدود العراقية. وقد دربنا، بصفة خاصة فرقة من الجيش العراقي (اكثر من 13 الف جندي) تتزايد قدراتها ونجحت هذا العام في تقديم مساهمة هامة في اطار حملة تحسين الأمن.

لقد ساعد فريق اعادة التعمير الاقليمي الذي تقوده المملكة المتحدة في البصرة على تشكيل قدرة المجلس الاقليمي على الحكم بفاعلية. وقد ساهمنا في اصلاح البنية الاساسية الضرورية وخلق وظائف، بما في ذلك تجديد القطاع الزراعي التاريخي المعتمد على النخيل.

ويتوقع القادة في الميدان ان تنجح محافظة البصرة، خلال شهور، وليس سنوات، في الحكم عليها بأنها حققت ظروف الانتقال الى السيطرة الكاملة للامن العراقي. وكما هو الامر في المحافظات العراقية السبع التي تم تحويلها ـ 4 في مناطق كانت خاضعة من قبل للقوات التي تقودها الولايات المتحدة، 3 في المناطق التي تقود فيها المملكة المتحدة العمليات ـ فإن القرار النهائي ستتخذه الحكومة العراقية بعد مشاورات مع القائد الاميركي للقوات متعددة الجنسيات، طبقا للظروف في الواقع.

لقد ادت عقود من سوء الحكم والإهمال المتعمد والقهر المتسم بالعنف في عهد صدام حسين الى ترك ارث من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية سيحتاج الى سنوات من الجهود الصبورة للتغلب عليه.

ولا يوجد تمرد ضد الحكومة، وهناك أدلة قليلة للغاية على وجود للقاعدة في جنوب العراق، حيث 90 في المائة من السكان من الشيعة. ولكن هناك تنافس سياسي حاد بين حركات شيعية متنافسة، تتحول عادة الى عنف.

والاعتراف بوجود مثل هذه التحديات لا يعني القبول بأن مهمتنا في جنوب العراق فشلت. هدفنا هو ايصال القوات والمؤسسات العراقية الى مستوى يسمح لهم بتحمل مسؤولية مجتمعاتهم. ولا يمكن، في اربع سنوات في العراق، صنع الديمقراطية والحكم والأمن الذي احتاج من بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الى العديد من القرون لتأسيسه. وهي مهمة طويلة المدى للمجتمع الدولي بأكمله.

وفي المحافظات الجنوبية التي انتقلت للسيطرة العراقية، فإن السلطات السياسية والأمنية ردت بقوة على اعمال التخويف والعنف. وقد زادت ثقتها بطريقة كانت مستحيلة خلال سيطرتنا.

ونعتقد اننا على الطريق الصحيح لإعادة السيادة الكاملة للشعب العراقي كما هو مخطط. وتلتزم المملكة المتحدة بالمهمة التي بدأتها قبل اربع سنوات. ولكن التزامنا بالعراق لن ينتهي عندما نستكمل تحركات قواتنا ونقل السيطرة الامنية في البصرة. ان المجتمع الدولي في حاجة الى استمرار دعمه للعراق لفترة طويلة، حتى لو كان شكل الدعم سيتغير مع مرور الوقت. لقد ذكر رئيس الوزراء غوردون براون اننا سنستكمل التزامتانا للشعب العراقي وللمجتمع الدولي.

ان وجود قيادة عراقية شجاعة امر ضروري، وهي مطلوبة الان لدعم الانجازات التي تم تحقيقها بصعوبة في السنوات الاربع الماضية. والمكاسب التي تم ضمانها بتضحيات هائلة من الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من قوات التحالف، وبصفة خاصة، من شعب العراق، ستتعرض للخطر اذا لم تتبلور مثل تلك القيادة. ونحث القيادات السياسية على اتخاذ الخطوات المناسبة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
بوابة الدستور العراقي
خيري منصور
الخليج الامارات

السطور الثلاثة الأولى التي استهل بها من أنيطت بهم صياغة الدستور العراقي في الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول عام ،2005 تحمل العراقيين جميعاً ومن مختلف الطوائف والأعراق عبئاً من المسؤولية التاريخية تقشعر له الأبدان. إذ نادراً ما تستهل الدساتير بمثل هذه المقدمة الأيقونية، التي تضع النشيد في الصميم من القانون.. ولكي لا نستطرد أكثر خارج هذا المدار، تعالوا نقرأ معاً تلك السطور.

“نحن أبناء وادي الرافدين، موطن الرسل والأنبياء ومثوى الأئمة الأطهار، ومهد الحضارة وصناع الكتابة ورواد الزراعة ووضاع الترقيم على أرضنا سُنّ أول قانون وضعه الإنسان وفوق ترابنا صلى الصحابة والأولياء ونظّر الفلاسفة والعلماء وأبدع الأدباء والشعراء...”.

فما الذي صنعه الأحفاد بموروث الأجداد؟ وكيف تراكم الصدأ على السيف والقلم، وأصبح العراقي هدفاً لرصاص عراقي آخر بينما هناك من الأهداف ما يكفي لخلق حد أدنى من الالتئام؟

لقد حظي الدستور العراقي بسجال لا مثيل له منذ إعلانه، لكن تلك السطور هي التي بقيت خارج النص، وخارج السياق، رغم أنها تشبه القسم الغليظ بالحفاظ على ذلك التراب المقدس الذي تدنس بالاحتلال مثلما هو الحال في كل هذه الجغرافيا الحزينة والرسولية التي يعيش عليها ربع مليار عربي.

كان أولى بمن سن أول قانون وكان أول من كتب على الطين، وأول من أنشد وغنّى، أن يصون العراق العريق من هذا المصير الذي لم يستطع أن يتخيله حتى الأعداء.. فالعراق الآن، لا يقرأ إلا ما يأتيه من أنباء عن عدد قتلاه، وعن الأمراض الوبائية التي استوطنت ترابه وماءه وهواءه بسبب تجريب الأسلحة القذرة والمحظورة، والعراق الذي علّم الإنسان الكتابة لا يكتب الآن إلا في منفاه.

أما القانوني الأول في تاريخ البشرية حمورابي فهو الآن مطعون في عينيه وثمة من يستهدفون قلع أسنانه.

لا أظن أن عربياً، مهما كانت وجهة نظره السياسية في الأحداث العراقية، والدراما التي تقترب من ذروتها، لا يصاب بالقشعريرة وهو يقرأ تلك السطور التي طرزت بوابة الدستور، إنها هي ذاتها الدستور لو شئنا التحول من الوقائع اليومية الى الواقع التاريخي.

إن ما ألمّ بهذا البلد الذي تعترف له البشرية بالفضل، يصبح مضاعفاً إذا قيس بمعيار آخر، فالعدوان أحياناً يتجدد بشكل مزدوج الى الماضي والمستقبل، بقدر ما يشمل الحاضر، والعدوان على العراق استهدف مقدسات وأطلالاً، ومخطوطات وتكويناً نفسياً واجتماعياً عمره آلاف السنين.

لهذا تبدو تلك السطور التي أراد لها من صاغوها ونقشوها على غلاف الدستور، كما لو أنها الملاذ الوطني الجمعي لمن تفرقوا وانتحروا وهم لا يعلمون.

إن لدى العراقييين من أسباب ومقدمات الالتفاف حول تاريخ وجغرافيا عزّ مثيلهما ما يكفي للحدّ من هذا النزيف، الذي حول العراق الى الخاسر الأكبر من كل الطوائف والمذاهب والأعراق.