Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 26 أغسطس 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاحد 26 -8-2007

نصوص المقالات والافتتاحيات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
التفرقة.. سلاح الاحتلال
افتتااحية
الجمهورية مصر
اعترفت القيادة العسكرية الأمريكية في العراق مؤخراً بتسليح فرقة من السنة العراقيين لمقاتلة من تسميهم اعضاء "القاعدة" الذين وفر لهم الغزو الأمريكي مناخاً مناسباً للانتشار والنشاط في العراق.
ليس غريباً أن تلجأ سلطات الاحتلال إلي بعض العراقيين لكي يقاتلوا معها من يتصدون للغزاة. إذ استعانت في البداية بالشيعة لضرب السنة.. ثم بالأكراد لضرب الاثنين. وهاهي تشق الصف السني بتسليح بعضه لمقاتلة البعض الآخر.
هذه هي سياسة الاحتلال في كل زمان ومكان هو لايضمن استمرار وجوده إلا بتفرقة صفوف المقاومين عن طريق استمالة وخداع بعضهم حتي ينقلبوا علي اخوانهم في النضال هذا ماحدث ويحدث في العراق.. وأيضا في فلسطين.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
من سيدفع ثمن التقارب المرتقب بين عمان وبغداد؟

رنا الصباع
العرب اليوم
بعد أشهر من الأخذ والرد, اتفق الأردن والعراق على أهمية تسوية حزمة ملفات أمنية وسياسية عالقة ظلّت تعرقل تطويرالعلاقات الثنائية وتؤرق المملكة المرعوبة من تداعيات الوضع المأساوي في العراق وفشل المشروع الإمريكي في أقامة "الدولة الأنموذج" عبر المنطقة بعد الإطاحة بنظام صدام حسين.

خلال زيارة مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي إلى عمان منتصف الشهر الحالي, قرر البلدان تشكيل لجنة أمنية لتطوير العمل الاستخباري لمحاربة تنظيم القاعدة والجماعات التكفيرية التي تهدد أمنهما سيما وأن كلا منهما يشكل ساحة خلفية للآخر كما يتشاركان في التهديدات التي تنال أمنهما القومي.

إذ كان العراق وسيظل ركنا في منظمومة أمن الإقليم الذي يتأرجح الآن بين مطرقة الإرهاب التكفيري وسياسات أمريكا وإسرائيل العدوانية حيال القضايا العربية.

بيد أن مسألة تشديد الأمن عبر الحدود- الخاضعة الآن لحماية الجيش الأردني بعد انهيار منظومة الأمن العراقية, باقرار الربيعي نفسه, باتت الأهم على المستوى الثنائي.

كذلك يسعى البلدان لتنظيم تواجد بين 500.000 إلى 750.000 عراقي وفدوا إلى الأردن خلال السنوات الثلاث الماضية, غالبيتهم يقيمون بصورة غير مشروعة. من بين الآليات المقترحة لتسهيل سفر العراقيين منحهم تأشيرة دخول مسبقة قبل انطلاقهم من أراضيهم, فضلا عن توفير الرعاية الصحية والتعليم خلال إقامتهم التي يؤمل أن لا تطول.

سيزور الأردن وفد فني قريبا لتنظيم طريقة الحصول على التأشيرة, من خلال إرسال الطلبات إلى الأردن عبر شركة نقل بريدي, وإعادتها إلى العراق, سيما وأن السفارة الأردنية غير قادرة على العمل هناك لانعدام الأمن والتهديد الذي يطال حياة الدبلوماسيين والإداريين.

اللجنة الفنية ستراجع في اجتماعها المقبل لائحة مطلوبين عراقيين إلى حكومة بلادهم في حال تواجدهم هنا أو لدى مرورهم بالترانزيت. من بينهم رغد صدام حسين, الشيخ حارث الضاري وغيرهما من الشخصيات السياسية المعارضة فضلا عن عدد كبير من رجال الأعمال. هذه اللائحة أثارت مخاوف في أوساط الجالية العراقية من أن يدفعوا ثمن الانفراج السياسي والتنسيق الأمني بين عمان وبغداد. على أن مسؤولين أردنيين يؤكدون أنهم لم ولن يسمحوا لأحد بإرغام المملكة بالدخول في عمليات كيدية أو تصفية حسابات بين العراقيين, وبالتالي قد تسلم فقط من تنطبق عليهم الشروط القانونية التي تتماشى مع القانون الدولي المتعلق بتسليم المطلوبين. للتذكير فقط فإن بعض الأسماء التي وردت على اللائحة العراقية لأشخاص غادروا الحياة الدنيا منذ مدة أو هم معارضون سابقون لنظام صدام حسين.

تنظيم دخول العراقيين إلى الأردن بات ضرورة من أجل وضع حد لمعاناة إنسانية غير مقبولة لدى وصولهم إلى مطار الملكة علياء أو معبر الكرامة الحدودي بعد اجتياز مغامرة النجاة من احتمالات الموت المتفاقمة بسبب انعدام الأمن والأمان, في ظل حكومة نوري المالكي الطائفية وفشل سياسات الاحتلال الأمريكي. الحراك عند نقطة حدود الكرامة, المعبر البري الوحيد بين البلدين, شبه معدوم بسبب تشديد إجراءات الدخول والمخاطر التي يتعرض لها الركاب على ما تعرف " طريق الموت".

سدّت الأبواب في وجه غالبية المسافرين ولم يعد أمامهم إلا المغامرة بمحاولة الوصول جوا إلى عمان, إلا أن العديد منهم يواجهون احتمالات إبعادهم مع مهر جوازات سفرهم بأختام حمراء تمنعهم من المحاولة مرة أخرى.

لا يعقل أن تستمر شكوى العراقيين من تشديدات وتعقيدات إجراءات الأمن والهجرة المتبعة على المعابر الحدودية, وتحديدا في المطار منذ هبوط الطائرة التي تقلّهم من بغداد وغيرها من المطارات العراقية.

في المقابل, لا بد من قوننة عملية الدخول. فلا بد أن يعرف راكب الطائرة والمغادر برا أن امكانات دخوله ممكنة قبل أن يعد العدة لذلك.

هواجس وإجراءات

للأردن هواجس أمنية كثيرة. فهو يتعامل يوميا مع عشرات الحالات من ضيوف عراقيين يفدون وبحوزتهم جوازات سفر مزورة و/أو أوراق تسهيل مهمة مزورة لوفود رسمية. في خلفية المشهد الداخلي رعب مزمن بعد أن تحوّل العراق إلى مفرخة لتصدير الإرهاب إلى دول الجوار. يتزامن ذلك مع انتقادات مستمرة يوجهها وزراء عاملون وقادة مليشيات لسياسات الأردن غير الراضي أصلا عن مواقف المالكي الموالية لإيران وسياساته التي تؤجج الاحتراب الطائفي في أجواء انعدام الثقة والتأزم السياسي. وتقول مصادر رسمية إن الجهات الأمنية أحبطت دخول عناصر مليشيات مناوئة لسياسات الأردن, بعضهم كان يخطط للقيام بأعمال تخريبية وآخرون لتصفية خصومهم السياسيين أو الاقتصاديين في الأردن.

معاناة العراقيين في المطار يجب أن تتوقف لكي لا تفسد أجواء المودة والانسجام التقليدية بين شعبي البلدين المتداخلين بفعل التاريخ والجغرافيا, وصلات الرحم.

رحلة عذاب

فور هبوط الطائرة القادمة من بلاد الرافدين يطلب من الركاب الصعود إلى باصات تأخذهم إلى بوابة دخول منفصلة في المبنى الشمالي للمطار, بحسب روايات الركاب.

يتم استجوابهم لساعات قبل أن يسمح للنزر اليسير منهم بالدخول إلى الأردن. أما الأغلبية, بخاصة فئات الشباب, فيوضعون في غرف احتجاز مجاورة لتمضية الوقت قبل ترحيلهم إلى الوجهة التي أتوا منها على أول طائرة عائدة.

امكانيات التكييف والتهوية ضعيفة في هذه الغرف غير المعدة أصلا لهكذا إقامة مؤقتة بدأت منذ أكثر من ستة أشهر, باستثناء توفر بعض المقاعد والبطانيات. المرافق الصحية قليلة, وإمكانية التحرك مقيدة.

اغلب دول العالم عموما, ودول الجوار خصوصا - ما عدا سورية والأردن - باتت ترفض دخول العراقيين إذا لم تكن بحوزتهم الأوراق الرسمية المطلوبة خشية فتح الباب أمام هجرة عشرات الآلاف من العراقيين ينتظرون أول فرصة للهرب من جحيم المعارك.

هذه الدول لا تسمح إلا بدخول العراقيين القادرين على برهنة مشروعية أسباب الزيارة - من طبابة أو رؤية الأقارب أو أحيانا كثيرة مرور ترانزيت بهدف الحصول على تأشيرة سفر للدخول إلى الوجهة النهائية سيما أن اغلب العراقيين لا يستطيعون دخول المنطقة الخضراء التي تستضيف ما تبقى من بعثات دبلوماسية, لاستكمال إجراءات السفر هناك.

تنظيم دخول الزوار, إذا, حق سيادي لكل دولة.

صحيح انه وحتى (تشرين الثاني) 2005 أبدت كل من الحكومة والضابطة العدلية الأردنية تساهلا كبيرا في إنفاذ قوانين الهجرة, ولم تكن تعمد إلى ترحيل العراقيين إلا إذا خرقوا قوانين أخرى, لكن تسامح الأردنيين وحسن استقبالهم للعراقيين تراجع بعد العمليات الانتحارية التي نفذها ثلاثة عراقيين في ثلاثة فنادق في عمان أواخر 2005 لحساب تنظيم القاعدة.

منذ ذلك اليوم المشؤوم تغيرت الأمور وصار هناك تشديد على دخول العراقيين, لا سيما الرجال تحت سن الأربعين بينما تشدد الحكومة رقابتها على الشباب العراقيين الذين يعملون أو يقيمون على نحو غير شرعي في بلد بات عدد كبير من سكانه يلوم العراقيين باعتبارهم سببا في جملة واسعة من المشكلات الاجتماعية منها ارتفاع أسعار الشقق والعقارات والخدمات والأكل والبطالة المستشرية أصلا في صفوف الأردنيين.

كان العراقيون يمنحون إذن دخول أردني وإقامة صالحة لمدة شهر وقابلة للتجديد لشهرين آخرين. أما اليوم فتمنع غالبيتهم من الدخول. أما المحظوظون فيحصلون على إذن بالإقامة لعدة أيام.

تقنين الدخول من الشرق والغرب

لكن لعمان أسباب مقنعة لتشديد الدخول تفوق غيرها من العواصم العربية, لا سيما من العراق وفلسطين.

توجد في المملكة أكبر نسبة لاجئين في العالم بالمقارنة مع عدد السكان. إذ أن 35 بالمائة من سكان الأردن البالغ عددهم 5.8 مليون هم لاجئون فلسطينيون مسجلون لدى الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الاونروا). إضافة إلى كتلة اللاجئين أو النازحين المقيمين لفترة طويلة والذين جاءوا إلى الأردن من غرب النهر, ثمّة تدفق أكبر من العراق تحت بند "لاجئو الأمر الواقع" هربا من نظام صدام حسين الذي انهار عام 2003 وبعد ذلك من فوضى الأمن والعنف والاقتتال الطائفي منذ ذلك التاريخ.

في ظل الهجرة العراقية تضخم عدد سكان عمان بمقدار الثلث منذ بدء الحرب, وبالتالي تحتاج الدولة إلى مليارات الدنانير لتوسيع قواعد البنى التحتية والخدمات بعد أن وصلت طاقاتها إلى حد الإشباع.

حلّ معضلة حاضر ومستقبل العراقيين يعتمد على بدء عملية سياسية حقيقية تحافظ على وحدة العراق وتشرك مختلف مكونات المجتمع العراقي في تحديد مستقبل البلاد. لكن يتزايد الخوف من أن تفشل الحكومة الحالية في تحقيق ذلك, وأن تكتفي بعمليات تجميلية لتخفيف الضغط القادم من واشنطن قبل صدور تقرير جنرالات أمريكا حول سياسة العراق.

يبقى مفتاح الحل بيد قوة الاحتلال مع أن الرئيس جورج بوش يتشدق بالقول إن الشعب العراقي هو المرجعية لتحديد مستقبل حكومة المالكي بعد أن أعلن - متأخرا- الشعور بالإحباط حيال سياساتها.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
العرب وبركان تقسيم العراق

افتتاحية
الخليج الامارات

متى سيتخلى العرب عن سياسة البكاء على الأطلال، بالانتقال الى عمل جدي وفاعل يمنع انهيار بلد مثل العراق تتهدده أشباح التفتيت والتقسيم والتشظي، بفعل الاحتلال وفوضاه القاتلة التي استحضرها الى بلاد الرافدين؟

التحذير من تقسيم العراق يومي، وعلى أكثر من لسان، ومن أكثر من مصدر، وتركيا آخر المحذرين والرافضين من خلال المرشح الرئاسي عبدالله غول، ومع ذلك فإن العرب يتفرجون لكأن الأمر لا يعنيهم، والعراق ليس منهم، والخطر لا يطالهم، والتقسيم شيء ممتاز يزيد عدد دولهم في عالم اليوم المنفلت من عقاله، مع أنه البركان الذي قد يلهب المنطقة كلها.

هل يُتصور أن البحث في “غوغل”، عند كتابة عبارة تقسيم العراق، يوصل الى مليون و850 ألف موضوع تتناول هذه القضية الخطيرة، من مصادر مختلفة، وثمة من يتعامل مع الأمر كأنه قاب قوسين أو أدنى من أن يصير واقعاً، فيما الدول العربية لا تقرأ ولا ترى ولا تسمع، ويبدو أنها كذلك لا تحس بحجم الكارثة التي تعرض ويتعرض لها هذا البلد، وكذلك تداعياتها على الجوار وعلى المنطقة العربية كلها؟

التقارير والدراسات الأمريكية والغربية تتوزع بين التحذير من التقسيم والتحريض عليه، حتى إن البعض يرى إليه باعتباره “مخرجاً” من الحرب الأهلية، وتطرح القضية كأن لا مفر من الحرب الأهلية ولا مفر من التقسيم، ولا بد من اختيار أهون الشرَّيْن، وهذا هو زمن الاحتلال وزمن فوضاه، وأما الوعود التي سبقت الغزو ورافقته فقد دفنت في مقبرة المصالح الاستراتيجية الأمريكية، التي لا ترى الى المنطقة إلا بعيون الهيمنة والنفط و”إسرائيل”.

أين العرب مما يشهده العراق من تقتيل وتخريب وتشريد وتهجير وتفتيت لفسيفسائه الطائفية والمذهبية والعرقية، وهي التعددية التي كانت نعمة ويراد تحويلها الى نقمة، نقمة على العراق ونقمة على العرب، لأن نموذجها القاتل هو الذي يراد توسيع رقعته وتعميمه على المنطقة ليسهل على المحافظين الجدد إكمال مخططهم وإغراق العرب بكوارث تلتهم منطقتهم كلها؟

هل ينتظر العرب فلسطين أخرى تتكرر في العراق وغير العراق؟ هل ينتظرون خراب كل شيء لكي يقفوا وقفتهم المعهودة منذ القدم للبكاء على الأطلال؟



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4






ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
بوش وفيتنام والـ "Defeatocrats"
سعد محيو
الخليج الامارات

الكثير من المحللين، في الغرب والشرق على حد سواء، سيعتبرون مقارنة الرئيس جورج بوش حرب العراق بحرب فيتنام مغامرة خطرة وخاسرة سترتد سلباً عليه وعلى إدارته، وعلى كل السرب الجمهوري بمحافظيه الجدد والقدماء.

ففيتنام في العقل الجماعي الأمريكي عقدة كبرى. مجرد ذكرها يثير في الأذهان صور الهرولة المذلة للأمريكيين من على سطح السفارة الأمريكية في سايغون، ومناظر جثث نحو 60 ألف جندي شاب أمريكي قضوا نحبهم في الهند الصينية جنباً إلى جنب مع مئات آلاف الجرحى، والشعور بالإحباط لأن شعباً صغيراً كفيتنام استطاع تحدي أمة عظمى كأمريكا، برغم انها دفعت إلى ساح المعركة نصف مليون جندي تدعمهم مئات آلاف أخرى من السفن والقواعد الأمريكية في الدول المجاورة.

في لوحة الذكريات أيضاً (وهذه بالمناسبة تأتي عرضاً في الذاكرة الأمريكية)، ثمة حقيقة بأن أكثر من 3 إلى 4 ملايين فيتنامي وكمبودي ولاوسي قتلوا، حين ألقت أمريكا على بلادهم الصغيرة كميات قنابل تفوق بكثير كل ما استخدمته طيلة الحرب العالمية الثانية، وحين دمرت كل معطيات الحياة البشرية وتوازنات البيئة الطبيعية في كل أنحاء الهند الصينية.

الآن، وطالما الصورة على هذا النحو، لماذا قرر الرئيس الأمريكي استخدام التشبيه لتبرير ضرورة استمرار حربه في العراق حتى نهاية عهده؟

ليس حتماً لأنه قلق، كما قال، من أن الانسحاب الأمريكي المتعجل من العراق من جانب “أعظم قوة تحرر إنساني شهدها العالم في تاريخه” (كما وصف القوات الأمريكية) سيترك وراءه “حقول قتل، ولاجئي زوارق، ومخيمات إعادة تأهيل تطال ملايين البشر”. ولا بالتأكيد لأنه حريص على تمديد ثورة الديمقراطية والحرية إلى الربوع النفطية الشرق أوسطية. الأرجح أن ثمة اعتبارين اثنين يبدوان متلازمين:

الأول، إيمان بوش الحقيقي، ومعه كل صقور النخب الأمريكية، بأن أمريكا لم تنهزم لا عسكرياً ولا استراتيجياً في فيتنام. من تسبب بتحويل النصر الأمريكي إلى هزيمة كان الكونجرس بسبب حجبه المساعدات عن فيتنام الجنوبية.

أبرز من يعبّر عن هذه القناعة كان ميلفين ليرد، وزير الدفاع في عهد الرئيس نيكسون، الذي نشر في العام 2005 في “فورين أفيرز” دراسة مطولة (*) تمحورت أبرز نقاطها حول الآتي:

رؤيتي لحرب فيتنام ليست وردية، فأنا لا أنفي أنها بشعة، وخيضت بسوء إدارة، وشكّلت حقبة مأساوية في التاريخ الأمريكي مع خسائر كبيرة بالأرواح للجميع. لكن، ثمة ضرورة لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول هذه الحرب والتخلي عنها، في سبيل إعادة الثقة بقدرة الولايات المتحدة على بناء الأمم.

الحقيقة التي يتناساها مؤرخو حرب فيتنام هي أن الولايات المتحدة لم تخسرها حين غادرت قواتها هذا البلد العام ،1973 الواقع هو أننا انتزعنا الهزيمة من بين أنياب النصر بعدها بسنتين، حين أوقف الكونجرس التمويل الذي كان ضرورياً لفيتنام الجنوبية كي تواصل القتال.

لقد آمنت، وما زلت أؤمن، بأن فيتنام الجنوبية لو امتلكت الموارد الخارجية الكافية لكانت قادرة على الدفاع عن نفسها، تماماً كما أؤمن بأن العراق يستطيع أن يفعل ذلك الآن. فمن هجوم التيت في رأس السنة العام 1968 إلى حين سقوط سايغون العام ،1975 لم تخسر فيتنام الجنوبية معركة كبيرة واحدة. وهجوم التيت ذاته كان نصراً لفيتنام الجنوبية ودماراً لفيتنام الشمالية التي خسرت 289 ألف جندي العام 1968 وحده. بيد أن الإعلام صوّر الأمر على أنه كان هزيمة للولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية، تماماً كما يفعل هذا الإعلام الآن في الحرب العراقية.

ميلفين ليرد يكرر حرفياً قناعات الرئيس بوش نفسها عن حرب فيتنام: القوة العظمى العسكرية الأمريكية لم تخسر الحرب. من تسبب بخسارتها هم من يطلق عليهم المحافظون الجدد ال “هزيمقراطيين” (Defeatocrats) الذين تسرّعوا بإغلاق ملف الحرب في الهند الصينية، وقدموا هذه المنطقة على طبق من فضة للشيوعيين، وهذا بدوره ساهم إلى حد كبير في إضعاف وضعضعة هيبة الزعامة الأمريكية في كل أنحاء العالم.

هذا عن الاعتبار الأول لربط حرب العراق بتاريخ فيتنام. ماذا الآن عن الاعتبار الثاني الذي قد لا يقل أهمية، كما سنرى، عن الأول؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
أثر العدوان العراقي على الاضطرابات النفسية الجسمية
د عويد سلطان
الوطن الكويت
تعرضت الكويت للعدوان العراقي الآثم وما نجم عنه من اساليب وحشية بشعة من تعذيب وتدمير واغتصاب وقتل، فكان من الطبيعي ان تظهر صدمة الحرب جلية. وأخطر آثارها تدمير النفس البشرية. وكأي حرب فإن لها من نتائج وتوابع. وردود افعال عديدة منها ارتفاع معدلات الاضطرابات الانفعالية والمعرفية والسلوكية والنفسية الجسمية. ويشير علماء النفس الى ان الافراد الذين يعايشون الحروب والكوارث والازمات يكونون غالبا أكثر عرضة للاصابات بالاضطرابات النفسية وعلى رأسها الاكتئاب والقلق، من الافراد الذين لا يعايشون مثل هذه الحروب، كما ان ردود الافعال للكوارث والازمات تختلف من فرد الى آخر، فبعض الافراد ينهارون بسرعة او يعانون كثيرا من الاضطرابات النفسية والجسمية، وبعضهم يتوافق ويصمد أمام هذه الازمات، ويرجع هذا الى ان هناك افرادا يملكون من القدرات النفسية والعقلية ما يجعلهم اشداء في مواجهة الازمات، وهناك آخرون لا يستطيون تحمل الازمات النفسية ومواجهة المحن والشدائد فينهارون عند اول مواجهة لها. فالضغوط النفسية والازمات والمواقف المحبطة والخبرات المؤلمة التي يمر بها الافراد تؤدي الى ارتفاع معدلات الاصابة بالاضطرابات النفسية والمعرفية والسلوكية النفسية الجسمية.
ولا شك ان الضغوط النفسية والمواقف المحبطة والخبرات المؤلمة التي تعرض لها الكويتيون وغيرهم تقود الى عديد من الاضطرابات الانفعالية والمعرفية والسلوكية والجسمية النفسية (السيكوسوماتية) التي يمكن ان تجعل الفرد غير قادر على العطاء والانتاجية وخصوصا في مجال العمل، وكذلك غير قادر على القيام بدوره وواجباته ومسؤولياته في المجال الاسري. وبالرغم من ان الجوانب السياسية والاقتصادية للازمة على المستوى الوطني او الخليجي أو العربي او العالمي قد لقيت نصيبها من الاهتمام والدراسة، فإن الاثار النفسية والاجتماعية التي لحقت بالمواطن الكويتي ممن كانوا هدف هذه الازمة ومحورها وعانوا من مراراتها ما زالت تمثل جوانب كامنة في حاجة الى الجهود العلمية لرصد مظاهرها، وتحديد ابعادها، وتتبع نماذجها، ووضع الاساليب والاستراتيجيات الملائمة لمواجهتها.
وتركت الضغوط النفسية الناجمة عن الصدمة آثارا سلبية على الانسان الكويتي، وبخاصة على الجوانب الانفعالية والمعرفية والسلوكية والنفسية الجسمية (السيكوسوماتية). ويؤكد »باول« وزملاؤه (Powell et al, 1990) اننا اصبحنا في قرن الضغوط النفسية والازمات، حيث تشير الاحصائيات الحديثة الى ان %80 من امراض العصر مثل النوبات القلبية، وارتفاع ضغط الدم، والصداع، وقرحة المعدة، والقولون بدايتها الضغوط النفسية.
وقد ورد في معجم علم النفس والتحليل النفسي ان الضغوط النفسية تعني وجود عوامل خارجية ضاغطة على الفرد كله أو على جزء منه، وبدرجة تحدث لديه احساسا بالتوتر أو تشويها في تكامل شخصيته، وحينما تزداد حدة هذه الضغوط فإن ذلك قد يفقد الفرد قدرته على التوازن ويغير من نمط سلوكه الى نمط جديد، مما يحدث اثرا على الجهاز البدني والنفسي للفرد.
ومن الممكن ان تسبب ضغوط العمل للانسان كثيرا من الامراض والاضطرابات النفسية الجسمية Psychosomatic disorders، مثل زيادة الشعور بالقلق والاحباط، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الكوليسترول، وآلام الظهر، والتهاب المفاصل، والصداع، والقرحة، والسرطان، والسكري، وتليفا للكبد، وامراض الرئة وتصلب الشرايين، وامراض القلب التي تودي سنويا بحياة ما يربو على نصف مليون امريكي. ويشير عدد من الدراسات المنشورة اخيرا الى ان ارتفاع ضغوط العمل قد يضعف جهاز المناعة عند الانسان، ويقلل من قدرته على مقاومة كثير من الامراض الخطرة، فضلا عن ذلك اصبحت الاضطرابات النفسية الجسمية منتشرة في هذه الايام وشائعة جدا في العيادات الطبية، وتبلغ نسبتها بين المرضى نحو %40. ويقدر مدير احدى شركات التأمين في الولايات المتحدة ان هناك ما بين 70 ـ %90 من المترددين يوميا على عيادات الاطباء يعانون من امراض اسبابها الضغوط.
وتلحق ضغوط العمل خسائر جسيمة بالافراد ومنظمات الأعمال، ويكشف تقرير لإحدى شركات التأمين صدر في الولايات المتحدة عام 1948، ان هناك مليون عامل يتغيبون يوميا بسبب الضغوط، وبتكلفة تقدر سنويا بـ150 بليون دولار، ويشمل هذا الرقم تكاليف الغياب، وترك العمل وانخفاض مستوى الانتاجية، وطلبات التعويض والتأمين ونفقات العلاج الصحي.
وتؤكد الدراساتـ منذ الحرب العالمية الثانيةـ ان الحرب ـبأشكالها المختلفةـ تترك وراءها مشكلات لدى الافراد ولقد اثبتت الدراسات التشخيصية الاكلينيكية التي اجريت على الملايين من الافراد بعد الحرب العالمية الثانية في معظم الدول المتقدمة كبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسويد والولايات المتحدة الامريكية ان الغالبية العظمى من هؤلاء الافراد الذين شملتهم الدراسة قد اصيبوا باضطرابات نفسية واجتماعية واسرية وسلوكية وقد اختلفت نوعية الاصابة المرضية باختلاف نوعية الكوارث، وباختلاف الشعوب والشخصيات والحضارات والثقافات، فنجد ان الارتجاف الهستيري كان منتشرا بين الجنود الالمان أثناء الحرب العالمية الأولى، وأن الاصابة بقرحة المعدة قد ازدادت بنسبة %40 بين الشعب الانجليزي اثناء الغارات الالمانية ولقد اجمع كثير من الباحثين على ان معايشة خبرات الحرب تترك آثارا نفسية لا تزول بانتهاء الحرب، بل تظل كامنة وتتراكم لتفرز كثيرا من الاضطرابات النفسية والسيكوسوماتية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
سلام لبناة وحدة العراق وحماتها
فيصل حسون
القبس الكويت
لم يكن جديدا ولا غريبا على الساحة العراقية وعلى العراقيين وعلى ايتام الدولة العراقية الموؤودة منذ 9 ابريل 2003 وعلى الفور حل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش العراقي الذي تأسس في السادس من يناير 1921، حتى قبل اعلان قيام الدولة العراقية الحديثة التي اختير لتولي عرشها وتتويج ملك عليها هو الامير فيصل ابن شريف مكة وملك الحجاز الحسين بن علي، والذي عرف فيما بعد بالملك فيصل الأول.
اقول لم يكن غريبا ولا جديدا ان يعلن تحالفان لحزبين من خلال ممثليهما، انخراطهما في تحالف جديد قديم لا يقاس عمره بالايام والاسابيع بل هو ما تجاوز عمره العقود من السنين. وكان طبيعيا ان يستقبلة المراقبون بالاندهاش، لان من اعلنوه لم يأتوا بجديد، والكل في العراق وفي دول الجوار وحتى الام الرؤوم التي تحتضن وتدعم وترعى المتحالفين ومعروف انها دولة الاحتلال التي عوضت العراقيين عن دولتهم الموؤودة بهذا المسخ الذي اسموه ديموقراطية والذي عوضهم عن حرمانهم من ضرورات الحياة والعيش الآمن المستقر، بنعمة القتل على الهوية وهجر السكن المستقر، للضياع والاغتراب والتحاف السماء خارج محيط المدن او في ديار قرب دول الجوار.
وكيف يصف معلنو هذا التحالف بأنه تحالف جديد، وانه ولد على مائدة غدائه الحافلة بالاطايب، وبخاصة بعد ان لوح السيد جلال الطالباني بالورقة التي دونت عليها بنود وثيقة التحالف، واتبع الطالباني تلك الحركة ب'تعظيم سلام' لمن يلتحق بالموافقة عليها!؟
ولم يعدم المراقبون الواعون ادراك او التذكير بان المتحالفين الذين يمثلون حزب الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى، جلسوا وتداولوا وابرموا وثائق تحالف مع الحزبين الكرديين والاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني برعاية وفي عواصم عربية واميركية منذ عقود من السنين وعندما عادوا في ركاب الاحتلال لم ينسوا ان ترافقهم ميليشياتهم كما كانت تحرس ملاذ حلفائهم من الكرد الآمن ميليشيا 'البشمركة' التي استعان بها المحتلون لمقاتلة افراد المقاومة في الفلوجة وبغداد والنجف'.
وكانت بركة قرارات المندوب السامي الاميركي بول بريمر قد كرست الديموقراطية الاميركية في العراق على قاعدة المحاصصة الطائفية التي جسدها مجلس الحكم المزعوم، ثم وطدها وارسى قواعدها ما سمي بقانون ادارة الحكم في العراق وهو الذي اعلن ورسخ انفصال اقليم الشمال العراقي عن السلطة المركزية في بغداد، ربما لتحقيق فدرالية استقلال الاقليم الجنوبي العراقي بدوره عن سلطة بغداد.. وبذلك تتحقق المؤامرة التاريخية على وحدة العراق بتقسيمه والغاء دوره او واجبه التاريخي الذي فرضه القدر عليه ازاء محيطه العربي.
لماذا اذا، هذه الخطوة المسرحية الاستعراضية للاحزاب الاربعة التي يعقد الاحتلال الآمال عليها، وهي المهددة بالضياع منه، الاهداف والمصالح الاستراتيجية لسياسته ولحربه في العراق؟!
وهل حقا تستطيع هذه الاحزاب الاربعة ان تستقل بالقرار استنادا الى قاعدة اغلبيتها المزعومة في البرلمان- الدمية- ومع هذه التجاذبات بين اطراف السلطة في بغداد من الرئاسات وصلاحياتها وقدرتها على اداء واجباتها بنجاح في تحقيق مطامح وخدمة مصالح وبلوغ اهداف لخير الشعب وتوفير مستلزمات الامن والحياة الكريمة والاستقرار للعراقيين الذين حل ببلدهم الويل والثبور، وكأن قيامة الآخرة الموعودة قد بدأت على ارضه، كما كانت بداية الحياة مع هبوط ادم عند ملتقى دجلة والفرات في 'القرعة' حيث خلف عليها ومنها شجرته التي مازالت تعيش على هذه الارض؟
تحالف الاحزاب الاربعة
ماذا تريد هذه الاحزاب الاربعة بتحالفها الجديد؟
انهم الحاكمون بأمرهم، او بأمر من جاؤوا بهم، ووسدوهم مراكز السلطة والتحكم بأقدار المواطنين ومصالحهم. فما الجديد الذي تسعى اليه هذه الاحزاب؟ وما الاستحقاقات المطلوبة التي دفعتها الى اتخاذ خطوتها التحالفية الجديدة؟
يقال - ولا نضيف والعهدة على الراوي - إن احزاب الإئتلاف الجديد الاربعة، وهي الحاكمة - تحت مظلة وبحماية الاحتلال- مطلوب منها ان تنجز خطوات وتحقق مصالح للاحتلال اولا، ولبعضها على حساب بعضها الآخر، مع مراعاة علاقات وروابط اقليمية متناقضة الى حد التلاحم بين الاحزاب المؤتلفة الاربعة!
واول ما يعني الاحتلال ان ينجز له التحالف ذلك القانون الذي سيمر من هوية العراق صفته بأنه صاحب ثاني اكبر احتياطي نفط في العالم، عندما تسلم ثروة العراق النفطية الى الشركات الاميركية التي تتصدق عندئذ على العراقيين بما نسبته اثني عشر في المائة من عوائد ثروة العراق النفطية.. وللكرم الحاتمي من ارباب الديموقراطية ودعائم الحرية وحقوق الانسان!
ومع إغضاء التحالفين الطرف عن ممارسات كل حزب بما يفعله لخدمة مصالحه ومنفعة اشخاصه، فقد يتواطأ قادة الأحزاب الاربعة على تمرير الخطط التي تستهدف ترسيخ تقسيم العراق وتقطيع اوصال وحدة ارضه ولحمة شعبه عندما تنفذ خطط التقسيم باسم الفدرالية المزعومة، ليدعم كل اقليم استقلاليته في التصرف بموارده الطبيعية، وكما بدأت التجربة بتعاقد شركات نفط اجنبية مع سلطة اقليم الشمال العراقي لاستثمار نفط الاقليم باستقلال عن السلطة المركزية للكيان العراقي الموحد!
ولم تكن مصادفة اعلان ابرام سلطة الاقليم الشمالي اتفاقيات وعقود نفط لاستخراج مليون برميل يوميا من النفط بعد بضع سنين ليوعد اهل الشمال بالمن والسلوى وطيب العيش والرفاه وحقيقة الاستقلال وحلم الدولة القادرة على الحياة!
وتعود بنا الاسطوانة الى مستقبل ومصير كركوك وقيام السفارات العراقية في يينا وبعض العواصم الاوروبية بترغيب الاكراد اللاجئين من ايران وربما سوريا الى البلدان الاوروبية ليمنحوا جوازات سفر عراقية بوصفهم كردا من مواليد كركوك وليحضروا الاستفتاء الذي نصت على إجرائه المادة 140 من دستور الاحتلال، لالحاق كركوك بإقليم كردستان العراق، ليس لأن غالبية سكانها من الكرد فعلا، وإنما لأن كركوك كانت ومنذ البداية وستظل فيها أغزر حقول ومنابع النفط، ومن أرضها منذ القديم تنطلق شعلة النار الخالدة. ولا ينسى العراقيون ان كركوك وتقرير مصيرها كانت وراء نسف اتفاق صدام حسين والملا مصطفى البرزاني المعروف ببيان 11 آذار/مارس 1970 لأن قانون الحكم الذاتي الذي صدر في مثل ذلك اليوم من عام 1974 لم يحظ بقبول البرزاني لأنه لم يعتبر كركوك جزءا من إقليم كردستان. فالإلحاح الكردي على ضم كركوك إلى الإقليم الكردي هدفه الحقيقي ليس توكيد قومية المدينة بمقدار ما يهدف إليه من توسيع رقعة الإقليم ليتحول إلى نواة لدولة كردستان الكبرى التي يقع الإقليم الكردي العراقي في قلبها وتتمتع بالثروة النفطية التي توفر الاستغلال لهذه الدولة!
ومع أننا وكل القوميين العرب في العراق نضمر بالغ الود والتقدير والاحترام للشعب الكردي ونتعاطف بكل الحماس مع مطالبه القومية وحقوقه الإنسانية، فاننا نربأ بهذ الشعب النبيل أن تعبث بمصالحه وتتلاعب بقضاياه أيدي تجار المغامرات وأطماع المتآمرين مع قوى الاستعمار الجديد والصهيونية المتربصة بوحدة المنطقة العربية وبمستقبل العالم الإسلامي وفي صميمه الكرد الذين يعضون بالنواجذ على عقيدتهم الإسلامية ولم يكن غريبا أن يسجل التاريخ ان غالبية القضاة الشرعيين وأعمدة الجيش في عهود الدولة العراقية الحديثة التي قامت في عام 1921 كانوا من الكرد وكانوا يؤدون واجباتهم في مواقع عملهم كأحسن وأجمل ما يكون الأداء في خدمة الدين والوطن.

مغامرات سرابية

إننا لم نستكثر يوما على كرد العراق طموحهم القومي في أن تكون لهم دولتهم التي تجمعهم ببني جلدتهم في أنحاء العالم الأخرى. ولكننا لا نريد لهم أن يركضوا وراء السراب عندما يتورطون في مغامرات تنتهي بهم إلى ما انتهت إليه بأكراد جمهورية مهاباد تجربتهم المرة.. ولعل مسامع كرد الشمال العراقي لم ينقطع عنها دوي قذائف وصواريخ ونيران المدافع المنطلقة من الشرق والشمال، وما تنزله هذه القنابل من خسائر واذى بأهلنا وشعبنا من اهل الشمال العراقي. ولا نريد ان يتضامن اهلنا الكرد لوجود وحماية من ساندوهم حتى الآن من المحتلين وحلفائهم الاقربين والابعدين، وليتذكروا جيدا ما كان من مواقف قبل اتفاقية الجزائر وبعدها، وما انتهت اليه تلك التحالفات مع شاه ايران المخلوع وعصابات الموساد وقيادات اسرائيل.. حينما كانت السياسة الاميركية تلقي بثقلها في السلة الاخرى!
وحين نعود الى طرف التحالف الجديد الآخر ونعني به حزبي الدعوة والمجلس الاسلامي الاعلى، فإننا لا نرى مبررا لانغماسهما في التحالف العتيد غير الحرص على المكاسب التي حققها الحزبان على حساب الوطن العراقي ما خلا الثمن الباهظ الذي دفعه لحزبي الاقليم الشمالي بالتواطؤ معهما لتمرير الخروقات التي اقترفت بنسيج وحدة الكيان العراقي شعبا وارضا وتاريخا ومصالح.
ولعل ما صدر عن الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش وسفير حكومته كروكر في بغداد وتصريحات مسؤولين آخرين في الادارة الاميركية عن اخفاق حكومة المالكي في اداء مهامها، وبخاصة بعد تفكك اوصالها، بعد انسحاب بعض القوى مما وصفته بحكومة الوحدة الوطنية، دفع المالكي للقيام بزياراته المتلاحقة والمتتابعة لتركيا وايران ثم سوريا ليغطي بذلك اخفاقات اكثر من ستة عشر شهرا في توفير اهم ما يعني كل عراقي وهو الامن على حياته وحياة اسرته، بينما لم يسفر عهد المالكي وخططه الامنية والاقتصادية والاجتماعية الا عن وصول عدد المهجرين من بيوتهم واللاجئين الى دول الجوار وغيرها من الجهات الى اربعة ملايين عراقي، بمن فيهم بعض اعضاء مجلس النواب الذي صوتت اكثريته لقيام حكومة المالكي.

التحالف المقدس

والمهم في النهاية ومن دون الاسترسال في الكلام عن هذا التحالف العقيم، ان نلفت انظار من مهروا ورقته بتواقيعهم الى تحالف مقدس قام بين ابناء العراق منذ البدء وحتى الأزل وتجلت ابهى مظاهره في تلك المهرجانات الشعبية من اقصى شمال العراق حتى اقصى جنوبه حين توج فريق كرة القدم بطلا لدورة امم آسيا. وقد حقق هذا الفريق العراقي ذلك النصر بدم ودموع افراده من شباب العراق ليقدموه برهانا على وحدة العراق شعبا وارضا ومستقبلا ابديا.
ان ما قرأته على صفحات 'القبس' الغراء غداة يوم مباراة البطولة لكأس امم آسيا كان اسطع برهان على ان العراق صاحب هذا التاريخ الحضاري الذي امتد لأكثر من سبعة آلاف عام، لا بد انه خارج من هذا النفق المظلم الطويل الذي حشره فيه الاحتلال البغيض ومحازبوه الى نور الحياة بفضل ايمان وسواعد شبابه وفتيانه وصباياه الذين لن يرتضوا المحاصصة العرقية او الدينية او الطائفية والذين سيعيدون بناء وطنهم بفضل ايمانهم الراسخ بعراقيتهم التي يرفضون مسخها ويصرون على استمراريتها ولن يرتضوا لها بديلا.
وسلام على العراق الواحد وسلام لسواعد بناة العراق وحماة وحدته.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
حكومة المالكي على شفا الهاوية
افتتاحية
الشرق قطر
القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوى «5 مقاعد وزارية و24 نائباً في البرلمان»، رسميا انسحابها النهائي من الحكومة الحالية التي يرأسها نورى المالكي، يضع مصيرها في مهب الريح، خاصة بعد انسحاب الكتلة الصدرية وجبهة التوافق.

إذن الأوضاع السياسية في العراق باتت على شفا الهاوية، خاصة اذا ما وضعنا هذا التدهور إلى جانب الانتقادات الأمريكية لحكومة المالكي التي عبر عنها مؤخرا الرئيس بوش بخيبة الامل من انجازات حكومته، أي المالكي، فهل تصريحات الرئيس الأمريكي كانت الضوء الاخضر لبعض القوى السياسية في العراق للانقضاض على حكومة المالكي المتهمة أساسا بالفشل في تحقيق المصالحة الوطنية ووضع حد لأعمال العنف العصابي والإرهابي والاصرار على سياسة المحاصصة الطائفية التي تنتهجها منذ تشكيلها؟

خيبة أمل القيادات السياسية العراقية والكتل النيابية من حكومة المالكي، لم تكن الوحيدة التي دقت المسمار الأخير في نعش الحكومة الحالية، فحالة اليأس التي أصابت الإدارة الأمريكية من مجمل العملية السياسية في العراق في عهد المالكي، وعجزها عن معالجة المشكلات الأمنية، والفشل في امكانية تحقيق أي هدف او مصلحة لها في العراق، هي الأخرى ساهمت في زعزعة الثقة بهذه الحكومة والتشكيك في قدرتها على مواصلة عملها حتى نهاية عمرها الافتراضي.

من الواضح للقاصي والداني -انهم اي الأمريكان- يمثلون العنصر الرئيسي في الأزمات المتلاحقة الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يعانيها العراق منذ الاحتلال عام 2003 ، لكن الحدث الأبرز الآن كان الانسحابات المتلاحقة في غضون اقل من شهر للمكونات السياسية لحكومة المالكي وجاء ليجعل الصورة أكثر سوادا، وربما ليفضي إلى انهيار الحكومة.

والسؤال الآن: هل مرحلة التحالفات السياسية في العراق مجدية بعد تجارب الحكومات المتعاقبة من الغزو الأمريكي للعراق وحتى اللحظة؟... نقول بكل وضوح: انها لم تثبت جدواها ولم تتمكن من تحقيق غاياتها لعدة أسباب، ليس أولها النزوع نحو الطائفية، وليس آخرها إغفالها عنصراً مهماً، وهو غياب استراتيجية مواجهة مرحلة ما بعد الاحتلال.

اللافت بعد هذه السنين ان التخبط هو سمة السياسات التي لازمت حكومات العراق بعد اجتثاث نظام الرئيس صدام حسين، لا سيما في ظل غياب الثقة بين الساسة العراقيين، ونعتقد أن العراق لن تتحسن أحواله فى وجود المالكي أو غيره مادام هناك احتلال وهناك في البيت الأبيض من يملي ويخطط للعراقيين كيف يعالجون سياساتهم وأوضاعهم الداخلية.

ويبقى السؤال مطروحا: متى يدرك ساسة العراق أنهم بهذه الممارسات غير المحسوبة العواقب يضعون بلدهم أمام المصير المجهول؟!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
ما يخبئه سبتمبرلأمريكا والعراق
جورج ويل

واشنطن بوست

عندما يأتي سبتمبر قد تنزلق أمريكا برمتها نحو لحظة ويمار. قد تكون هذه المرحلة أقل حدة من المرحلة الأصلية لكنها ستكون غير مواتية ومثار جدل كبير وهام.
بعد الحرب العالمية الأولى، تسممت الحياة السياسية في جمهورية ويمار الألمانية الجديدة باعتقاد مفاده أن الجيش كان على وشك الانتصار في عام ،1918 وأن عملية زيادة واحدة أو أكثر في القوات الألمانية كانت يمكن أن تحول مجرى الأمور. ثم استنتج كثيرون من الألمان أن القادة السياسيين استسلموا بعد أن فقدوا أعصابهم وتخلوا عن إرادة النصر. الحقيقة هنا هي أن التحليل الخيالي غير الدقيق عزز هذا الشعور لكن قوته لم تتضاءل أو تتلاشى.
لقد كانت جمهورية ويمار ضعيفة، لكن الهدوء الداخلي في أمريكا ليس بذات الضعف. لكن لنذكر المرارة التي سببها ذلك السؤال الذي ينطوي على الكثير من الاتهامات. «من الذي فقد الصين»؟ وكانت هناك شكوك مزعجة بأن ثمار الانتصار في أوروبا أضاعها أمريكيون من ذوي الشخصيات السيئة أو أصحاب الدوافع الرديئة في يالطا.
إذن لنفكر فيما يلي: عندما يقدم قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس تقريره عن الحرب خلال الشهر المقبل، فإن جمهور المستمعين في واشنطن سوف يتضمن طرفين متشددين.
ربما لا يستطيع بترايوس أن يقول شيئا من شأنه أن يستميل هذا الطرف أو ذلك. لذلك، يمكن أن يأتي سبتمبر ليذكي العداوات.
أحد الطرفين وبخاصة الديمقراطيون في الكونجرس، غارقون بشدة في اعتقاد تشاركهم فيه قاعدة عريضة من المانحين والنشطاء، وهو أن منافع زيادة أمد الوجود الأمريكي في العراق لن تساوي التكلفة. يقول هذا الطرف لقد خسرنا هذه الحرب لأن هدفها المتكرر والذي يجري تعديله ومراجعته باستمرار هو تحقيق الاستقرار في المجتمع العراقي في ظل نظام متسامح، لكن تحقيق هذا الهدف هو بكل تأكيد خارج قدرة أمريكا العسكرية وقدرتها في بناء الدولة، كما أن هذا الهدف يستحيل تحقيقه سياسيا لأن للصبر الأمريكي حدودا.
أما أعضاء الطرف الآخر الذين يشعرون بنفس الغضب، والثقة، فهم يقولون وليس لأول مرة أن الدفة قد تحولت (تذكروا عملية نقل السلطة إلى العراق، وأصابع الناخبين العراقيين المغطاة بالحبر الأرجواني بعد إدلائهم بأصواتهم، الدستور العراقي، مصرع نجلي صدام حسين، اعتقال صدام حسين، مقتل الزرقاوي)، تخيلوا مدى سخونة هذا الطرف الذي ازداد شعوره بالانتصار عندما نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لأستاذين من معهد بروكنجز قالا فيه ما يلي:
لقد وصلنا في نهاية المطاف إلى نتيجة ما (على الأقل من الناحية العسكرية)، لقد ارتفعت معنويات القوات الأمريكية، وقد انخفض معدل الوفيات فيما بين المدنيين إلى الثلث منذ بدء عملية زيادة عدد القوات الامريكية في العراق المعروفة بالتجييش، كما أن هناك إمكانية لتحقيق ليس النصر بالضرورة بل نوع من الاستقرار المستدام».
لكنهما قالا أيضا: «لكن الوضع في العراق مازال خطيرا، وما زال معدل القتلى مرتفعا، كما أن الاعتماد على قوات الأمن العراقية على المدى الطويل ما زال محل نقاش وما زالت هناك علامات استفهام كبيرة حول ذلك. وما زالت قوات الشرطة العراقية تشكل كارثة في معظمها، كما أن رجال السياسة العراقيين ما زالوا يضيعون الوقت، ويناورون من أجل المواقف، وليس واضحا إلى أي مدى يمكننا أن نواصل إنهاك قواتنا في هذه المهمة، أو إلى أي مدى يمكن للأمريكيين مواصلة القتال وتكبد الضحايا لبناء عراق جديد بينما نجد أن القادة العراقيين لا يقومون بواجبهم، وبمجرد ما نبدأ خفض القوات الأمريكية، ربما لا تشعر طوائف ومجتمعات مهمة بالالتزام بالوضع الراهن، وقد تتشتت قوات الأمن العراقية على خطوط عرقية ودينية».
إن استقبال أحد الطرفين الأمريكيين لهذا المقال بنوع من الانتصار كان دليلا على شيء واحد يشترك فيه الطرفان، وهو إرادة قوية على الاعتقاد أو عدم الاعتقاد حسب رؤية كل طرف. لنفكر فيما يلي من الطرف الذي يقول بأن الحرب يتعذر إصلاحها:
قال النائب جيمس كليبرن من كارولينا الجنوبية مؤخرا إنه قد تكون هناك مشكلة كبيرة بالنسبة لنا نحن الديمقراطيين إذا تحدث الجنرال بترايوس عن حدوث تقدم جوهري في العراق. وقالت النائبة نانسي بويدا من كانساس إنها لا تستطيع تحمل أي تقارير تقول بإحراز تقدم في العراق. وكانت قد غادرت جلسة استماع في لجنة الخدمات المسلحة لأن الجنرال المتقاعد جاك كين كان يقول أشياء رأت بويدا أنها ربما تسبب المزيد من الانقسام في الولايات المتحدة. من هذه الأشياء أن مدارس العراق مفتوحة، وأن الأسواق تعج بالمواطنين.
أما الطرف الآخر فما زالت لديه شخصيات ممن يشيرون إلى سوريا بأنها «ثكرو متدلية وقريبة.» لكن هذه الكنايات تسحر العقول. إن الفاكهة المتدلية تقتلع ثم تؤكل. ما الذي تفعله دولة عندما تقتلع دولة أخرى؟ إن أمريكا دخلت عامها الخامس في العراق لكي تعرف الإجابة على هذا السؤال.
إن معايير النجاح التي سيقدمها الجنرال بترايوس قد تثير مناقشات وجدلا .
ففي أمريكا، أحيانا ما تذكر شرطة المخدرات بعض معايير النجاح، لكن تجار المخدرات غالبا ما يغيرون أماكن عملياتهم. إذا أصبحت قوات الأمن العراقية أكثر كفاءة، سيقول بعض الأمريكيين إنه بإمكان القوات الأمريكية مغادرة العراق، أما إذا لم تتحسن قوات الأمن العراقية بشكل كبير، فنفس الأمريكيين سيقولون إنه ينبغي على القوات الأمريكية مغادرة العراق.
علاوة على ذلك، هل قدرات قوات الأمن العراقية ستخدم الدولة العراقية أم أنها ستخدم طائفة بعينها؟
سوف يستقبل الأمريكيون تقرير الجنرال بترايوس في إطار تعريفه المعتدل والمبسط للمهمة الأمريكية: «شراء الوقت للعراقيين لكي يحققوا المصالحة». لكن جهود المصالحة سوف تستأنف عندما يعود النواب العراقيون من إجازاتهم التي تستغرق شهرا كاملا، ليأتي سبتمبر لنر
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
المالكي وخباثة الشيطان
حيدر الاسدي
الوفاق الايرانية
العراق مهد الحضارات ومشعل نور طريق الإنسانية للتحضر وجعل البشرية أكثر تطور ورقي وبعد تكالب المحن والحروب وحمامات الدم التي لم تنتهي والتي جعلت منه ساحة لتصفية الحسابات بين قوى العالم على أرضه على مدى السنين الطوال حاولت ان توقف فيه عجلة التقدم وزرع الخوف في قلوب أبنائه من المستقبل الذي أصبح غامض في كل تفاصيله ليكون الحلم الأوحد لدى أبنائه إن يعيشوا ولو ليوم واحد بسلام ومع كل ذلك لم يستسلم العراقيين لمنطق الحرب أو يخلدوا لسياسة الطاغوت ويا أكثر الطواغيت في العراق، واليوم يخرج «سيادة» الرئيس بوش ليحدد ملامح العراق الجيد عراق الديمقراطية على الطريقة الاميركية طريقة زرع التفرقة وقتل الإخوان واتهام الآخرين، فبوش يقول: المالكي يكسب قوته من شعبه وتارتاً أخرى يقول الحكومة لا تلبي الطموح وأخرى المالكي رجل قوي .....الخ.
طيّب، يا ترى من هو المالكي ومن جاء به إلى الحكم؟ هل العراقيون من جاء به عن طريق الانتخابات المليونية والتي تحدى بها المفخخات والقنابل البشرية التي لا تفرق بين شيخ وامرأة وطفل؟ أم قوة بوش العسكرية التي عيّنت المالكي كرئيس لوزراء العراق؟، إنا أقول: إن المالكي وبحكم كل العراقيين جاء لرئاسة الوزراء من قبل الشعب وبصناديق الانتخابات التي حددت ملامح القوى السياسية في العراق، الا ان السبب في أعطاء الحق لاميركا ولبريطانيا في التدخل في تحديد ملامح حكومات العراق هو نحن أبناء العراق، فليس لدينا الرأي والقراءة الصحيحة لنوايا أعداء العراق لان اميركا ليست ذلك الملاك الرقيق الوديع الذي ينشر البهجة والسلام في ربوع الأرض، إنما هي شيطان من شياطين الأرض يحاول حرق كل شيء جميل، فبوش يتلاعب في خطاباته ويوجه الرسائل على حساب استقرار العراق وحكومته، فلو كان للسياسيين رأيهم وقوتهم في مواجهة اميركا أولا، وكان للعراقيين فعلهم ثانياً، في وضع الحد للتدخل، ولعل أكثر المطلعين على هذا المقال سوف يقول إن الكاتب يحلم فكيف لاميركا إن لا تتدخل في العراق وهي من يقدم كل يوم قتلى في سبيل بقائها فيه فالمنطق يقول هذا!
فأن كان للمنطق رأي يفرضه، فعلى اميركا ان تفي بوعودها في ان تجعل العراق دولة ذات سيادة وان تعطي الحكومة الحق في التصرف على كل شبر في ارضه وان لا تتدخل في العلاقات الدولية بين العراق وباقي دول العالم وان كان المخطط غير المعلن في العراق يراد له التطبيق فعلى كل العراق السلام.
وعلى رئيس الوزراء العراقي إن يعلن للشعب، ذلك الشعب الذي وضع الحكومة في مكانها، حقيقة ما يجري لان الشعب هو حصنه الحصين من أي قوى في العالم، وعلى السياسيين ان كانوا يحملون شرف حماية العراق ان يتحدوا ولا ينجروا الى صراعات بدأت تظهر للعيان وخصوصاً ما مر على العراق من حالات انسحاب شهدتها في الاونة الاخيرة فكانت امريكا تقف متفرجه عليها دون تقديم أي حلول ان لم تكن هي المسببة في افتعالها والسياسيون أدرى بحقائق الأمور.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
عبد العزيز الدوري
ياسر أبو هلالة
الغد الاردن
يتمنى شيخ المؤرخين العرب عبد العزيز الدوري أن ينام على سطح منزله مستمتعا بهواء بغداد العليل. كم تبدو أمنيته -التي ختم بها حديثه مع سامي كليب في برنامج زيارة خاصة الذي بثته الجزيرة- صعبة! لكن المؤرخ يعرف أكثر من غيره أن الأيام دول، وأن ما تشهده بغداد اليوم ليس جديدا عليها، وسيتحول إلى سطور في كتاب التاريخ يؤمل ألا تتكرر.

عندما شاهدت الدوري استحضرت ظاهرة التخويف من العراقيين التي بدأت تغزو نفوس العامة. فمن عالِم بحجم الدوري إلى حمّال في سوق الخضار ما كانوا ليستبدلوا بوطنهم عمان أو دمشق أو دبي، وحتى عواصم الغرب. لا يجوز التعامل مع العراقيين باعتبارهم رجال أعمال يرحب بهم أو منكوبين ندير لهم ظهورنا. لنتعامل مع العراق كما هو، بخيره وشره تماما كما نريد أن يتعامل معنا.

في مقابلة الدوري بدا جلالُ العالِم واضحاً. فالدوري لم يستخدم ذخائره العلمية في التحريض والبغضاء، وفي التاريخ كثير متفجرات لا تزال مستخدمة إلى اليوم. استخرج أجمل ما في التاريخ للتأكيد على قيم الشراكة. الفرس شركاء في الحضارة وقوة الحضارة العربية والإسلامية في تعدديتها. ذكّر بقامات سامقة تختفي دونها الأقزام المستحدثة. أبو حنيفة أقوى رمز لأهل السنة في العراق فارسي، الزمخشري صاحب الكشّاف كذلك، وأبو نواس وابن المقفع وغيرهم.

هذه الروحية المستندة إلى المعرفة هي ما يحتاجه الجميع لتجاوز كارثة الحاضر. فما بين بغداد وعمّان من إشكالات لا يقارن في ما بينها وبين طهران، واللحظة الراهنة لا تلغي شراكة التاريخ ولا مستقبل الأجيال المقبلة.

في تهذيبه كانت أقسى عبارة يقولها الدوري عن كلامٍ متهافتٍ هذا كلام "غير تاريخي". وأسطورة التخويف من العراقيين في الأردن وسائر مهاجرهم "غير تاريخية". فالشعب المنكوب لم ينزل من الفضاء وإنّما شرّدته عوامل خارجية وداخلية لم يكن له علاقة بها.

لم يشاوره صدام عندما خاض حروبه ولم يشاوره الأميركيون ووكلاؤهم عندما خاضوا حروبهم، وخده يتلقى اللطمات من القريب والبعيد.

بُعَيدَ الاحتلال كان وكلاؤه يشيعون في بغداد ظاهرة التخويف من العرب بعامة والأردنيين بخاصة. وكنت تقرأ لافتات تهدد من سرقوا الشعب العراقي. اليوم تجد روحية مقلقة تنتشر في العالم العربي تجاه العراقيين وكأنهم جاءوا لنهب خيرات الشعوب التي لجأوا إليها.

صحيح أن ثمة أعباء اقتصادية تترتب على الدول المضيفة (الأردن وسورية تحديدا) لكن ذلك يتطلب الضغط على الحكومة العراقية والاحتلال الأميركي والمجتمع الدولي لتحمل مسؤوليتهم، لا التعامل مع اللاجئين بجفوة وقسوة. وبمعزلٍ عن الجانب الإنساني والمبدئي والأخلاقي فإنّ المصالح مع العراق تقتضي تسليفه موقفا في لحظة المحنة.

في الأردن علينا أن نفكر بشكل "تاريخي" فنحن بحاجة إلى العراق والعراق بحاجة لنا. وجود الكوادر العراقية في الأردن مكسب كبير، هل نعرف ماذا يعني وجود عالم بوزن الدكتور عبدالعزيز الدوري في الجامعة الأردنية؟

هو واحد من زهاء سبعمائة ألف عراقي وجودهم في الأردن اضطرار لا خيار.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
آفاق الاستقرار في العراق ،
* رسمي حمزة
الدستور الاردن
هذا هو عنوان التقرير الذي أصدرته الأجهزة الاستخباراية الأمريكية مؤخراً ، وتضمن حصيلة متشائمة جداً من الاستنتاجات التي تتطابق مع الحقائق على الأرض العراقية ، وأهمها أن "أن آفاق الاستقرار في العراق ما تزال بعيدة المنال ، في ظل حكومة المالكي التي لم تقدم مساهمة عملية في هذا الاتجاه ، ويبدو أنها لن تتمكن من تحقيق الأمن في المدى المنظور ، وأن رئيسها المالكي غير قادر على دفع الإصلاحات التشريعية إلى الأمام".
عملياً ، حكومة المالكي في طريقها إلى الانهيار ، فهي كانت حكومة طائفية بامتياز ، ومعدلات جرائم الانتقام الطائفي تضاعفت عشرات المرات في عهدها ، بل أن المليشيات نالت رعاية خاصة تحت عباءة الجيش ، فمعظم جرائم الاختطاف ومن ثم الإعدامات فيما يعرف "بالجثث المجهولة" تتم من قبل أفراد ميليشيات يرتدون الزي العسكري الرسمي ويستخدمون سيارات الشرطة العراقية ، حتى أن وزراء الداخلية أنفسهم افتتحوا سجوناً طائفية خاصة داخل الوزارة ، بهدف التعذيب والتنكيل ومن ثم القتل ، وهي القضايا التي كشفتها القوات الأمريكية ولم تفعل حيالها الحكومة حيالها أي إجراء.
وحقائق الأرض على الساحة العراقية تشير بما لا يدع مجالاً للشك ، أن حكومة عراقية يكون قادة تحالفها وصانعو قراراتها فريق الحكيم والصدر والقوى الأخرى التابعة لإيران ، لن تحقق خطوة واحدة في إتجاه المصالحة بين فئات الشعب العراقي ، وظهر ذلك منذ أن تم إعدام صدام حسين انتقاماً على الطريقة الشيعية صبيحة عيد الأضحى ، فهذه الفرق السياسية تسعى لخلق واقع ديمغرافي يتم على أساسه تقسيم البلد ، وما يتم من جرائم تصفية على شاكلة الجثث المجهولة داخل أحياء بغداد ، يأتي ضمن سياق خلق فرز جغرافي واضح في هذه المدينة من خلال تهجير السنة من الأحياء الشيعية ، وبالأخص خارج بغداد ، حتى يتم تقسيم العراق ضمن أقاليم تهيمن عليها هذه القوى ، وتتقاسم حصص ثرواتها.
هذه الحقائق أصبحت معروفة من قبل الأمريكان ، وتقرير دوائر الاستخبارات الأمريكية يذهب إلى تأكيد هذا الأمر ، ولجعل الرئيس بوش يعترف بهذا الواقع المؤلم ، خاصة وهو مطلوب منه أن يقدم تقريراً عملياً في منتصف سبتمبر القادم عن مدى التقدم الذي حدث بعد تنفيذ إستراتيجيته في زيادة القوات.
التقرير الاستخباري جاء ليقول للرئيس بوش ، أن الحل في العراق ليس عسكريا بالتأكيد ، فزيادة القوات لم تحقق شيئاً ، سوى زيادة عدد الرهائن من الجنود الأمريكيين في هذه الفوضى العراقية ، وهذا ما قاله علانية رئيس مجلس الشيوخ ، بأن "جنودنا رهائن" ، بل أن واقع بغداد الأمني والعسكري أصبح يشبه واقع "سايغون" ، وهي عنوان هام في هزيمة الحرب الفيتنامية.
لكن ، بالمالكي أو بدونه ، هل هنالك بالفعل آفاق منظورة للاستقرار في بلاد الرافدين؟ هل لهذه النار أن تنطفىء؟ وهل للدماء العراقية التي تسيل في شوارع بغداد أن تجف؟ كيف للعراق أن يخرج من هذه الدوامه؟
الأكيد أن لا حل عسكرياً منظوراً يمكن أن ينهي مأساة العراقيين ، فالبلد اليوم مقسم تحت هيمنة قوى شيعية ، الكثير منها تؤمن بالدم كوسيلة لتحقيق مصالحها ، وفي ظل فسفساء العراق الطائفية ، يبدو أن لا أحد يمكن له أن ينتصر ، وهو ما يعيدنا للتساؤل: كيف حكم صدام حسين هذا البلد لأكثر من أربعة عقود؟ يبقى القول ، أنه إذا ما تمكن رئيس الوزراء السابق إياد علاوي من العودة كرئيس للوزراء بعد المالكي ، فربما سيخلق ذلك أملاً بحدوث اختراق في جدار هذا الوضع الماساي والصعب ، وإلا فعلينا انتظار دكتاتور عراقي عسكري آخر ليعيد لحمة هذا البلد.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
اخرجونا من العراق»
* د. كمال رشيد
الدستور الاردن
الحمد لله الذي انطق الجنود البريطانيين ليقولوا لحكومتهم الجديدة «اخرجونا من العراق».
وقبلهم قال الجنود الامريكان ذلك ، كما قاله الاستراليون والايطاليون ، وأغلب الظن أننا لو استطلعنا آراء كل من يقاتل في العراق قادة وجنوداً لقالوا الشيء نفسه ، فهم جميعاً في ورطة ، وهم في الجحيم ، وهم لا يعلمون متى سيكون الخلاص ، وقد بات في خلد بعضهم انه لن يعود لأحبائه ووطنه.
نعم ، قتلى البريطانيين نسبياً أقل من الامريكان ، ولعل الخطر المحيط بهم في منطقة البصرة أقل من الامريكان الاكثر عدداً وانتشاراً والتصاقاً بهم في الجيش والأمن العراقيين ، ولكنهم أصابهم قدر كبير من القتل والأذى ، وهم يجدون انفسهم محاصرين في البصرة.
والبريطانيون اكثر قدرة على القتال ، واكثر دراية هم وأجدادهم بأرض العراق وشعب العراق ، فقد استعمروا العراق ذات يوم ، وقامت في وجوههم ثورة اخرجتهم من العراق.
والسياسة البريطانية اكثر اتزانا وفهما للاشياء ، وان كانوا قد تورطوا في الحرب ، كما تورطوا في كثير من السلوكيات الاجرامية في حق العراقيين.
وهم على صبرهم واحتمالهم وعنادهم فانهم يرفعون عقيرتهم للقادة العسكريين والسياسيين ان «اخرجونا من العراق».
الكل يجأر بالشكوى ، من طول المقام وسوء المآل في العراق ، ومجيء براون للحكم بعد بلير التبيع لبوش ، ساعد تلك الاصوات على ان ترتفع وتطلب الخروج من العراق ، وقد يكون تغيير الحكم مخرجاً لطيفاً لهم.
أما في الولايات المتحدة ، أما الجيش الامريكي في العراق فانه باق ما بقي بوش في الحكم ، على أقل تقدير ، على الرغم من الرفض الشعبي والحزبي لسياسة بوش الخرقاء في العراق.
البريطانيون خاطبوا حكومتهم مباشرة ، وأعلنوا سخطهم ونفاد صبرهم ، وليس مستهجناً ان تكون استجابة حكومة براون قريبة ، وبخاصة ان المشاركة البريطانية في حرب العراق أصبحت من مخلفات عهد بلير ، ولا بد لبراون من ان يستغل الموقف ، ويتقرب للشعب البريطاني بهذا الانسحاب.
أما بوش فانه يكابر ، ويبحث عن مخرج من العراق ، مع حفظ ماء الوجه ، وكأنه - وادارته - وجدوا ذلك في مجلس الامن ، فطلبوا من مجلس الامن ان يأخذ موقعه من القضية العراقية ، وان يكون طرفا في الحل.
ولقد كانت القضية العراقية في مجلس الامن ، ولكن الامريكان سحبوها ، ولما لم تجر الرياح كما يشاؤون أرادوا ان يعيدوها لمجلس الامن.
هكذا تتسارع العساكر الاحتلالية المرابطة في العراق شمالا وجنوبا ووسطا لمحاولة الخروج من الجحيم ، من المأزق ، من الورطة.
انها حرب تستنزف المال والرجال والوقت وسمعة تلك الدول وعلى رأسها امريكا ثم بريطانيا.
وما كان لهؤلاء الغزاة ان يخرجوا او ان يطلبوا الخروج لولا ما أنزلت بهم المقاومة العراقية من فتك وايذاء نكالا ودفاعا عن النفس والوطن.
لولا المقاومة ما فكر اولئك بالخروج من بلاد فيها البترول بكميات مغرية ، ولها الموقع الاستراتيجي المؤثر ، ولها ارادة شعب ابي مشاكس يجب تأديبه.
فالمقاومة الوطنية الشعبية لأي وطن محتل ، ليست نزوة ، ولا تجربة فاشلة ، ولا مزاج مجموعة او فئة او حزب ، ولكنها السلاح الوحيد الكفيل بحرمان المحتل من الاستقرار والاطمئنان واطالة البقاء.
وكما يشكو الجنود البريطانيون في العراق ويطلبون الخلاص ، فكذلك الحال في افغانستان ، ولقد خسروا في افغانستان اكثر من العراق ، ولكنهم قد يؤمنون بجدوى وجودهم في افغانستان اكثر من العراق.
يبقى ان يستجيب براون لمطالب قادة الجيش البريطاني ، وهو بذلك يخدم مرحلة حكمه ، ويحقق مطالبة شعبه ، ويخفف عن بلاده عار المشاركة في هذه الحرب غير الأخ
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
القدرة على إنهاء الحرب
تشارلز أ. ستيفنسون
بوسطن غلوب
النقاش حول ما إذا كنا سننهي الحرب في العراق وكيف سننهيها اصبح يغوص في أوحال النزاعات القانونية حول سلطة الفروع المختلفة للحكومة الفيدرالية. المؤيدون لرئاسة قوية يمكن أن يشيروا لقرارات المحكمة التي تدعم مراجعة أشمل لسلطات القادة. المخلصون للدستور ، الذين يؤمنون بسلطة الكونغرس لإقرار الحرب ، يمكن أن يستشهدوا بالإصلاحيين والرؤساء الأوائل لدعم وجهة نظرهم.
ما جرى تجاهله إلى حد كبير في هذا النقاش هو ما قام به الكونغرس فعلا في الأزمات السابقة. فهناك العديد من السوابق لتحرك الكونغرس للحد من سلطة الرئاسة ، أو قدرتها على شن الحرب. والسؤال هو ما إذا كان باستطاعة الكونغرس أن يجند الأغلبية لسن القوانين الضرورية.
مثلا ، كم عدد الناس الذين انتبهوا أن الكونغرس قد سمح رسميا باستخدام القوة على الأقل 15 مرة بالإضافة إلى الخمس مرات التي صوت فيها لإعلان الحرب؟ كم عدد الذين انتبهوا إلى أن هناك سبع مناسبات على الأقل قام الكونغرس فيها برفض طلبات رئاسية محددة لمنحه التفويض ، أو الامكانيات ، لدخول الحرب كما كان يتمنى؟ كم عدد الذين لاحظوا أن الكونغرس صوت لتقييد أيدي ستة رؤساء على الأقل استنادا على القانون ومنعهم من القيام بنشاطات عسكرية - وأن الرؤساء أذعنوا لذلك؟
السجلات التاريخية تظهر أيضا أوقات عديدة فشل فيها الكونغرس في التحرك على قضية صلاحيات الحرب - عندما كان مجلسي النواب أو الشيوخ ، أو كلاهما يمرر تشريعا للموافقة على ، أو معارضة ، أو الحد من استعمال القوة - لكن الكونغرس ككل لم يتجاوز الحاجز القانوني برفض مشروع قانون بأكمله للرئيس. وإذا كان صانعوا القانون يهتمون بدستورهم - ويهتمون أيضا بمجرى الحرب في العراق وبالجنود الأميركيين الذين يقاتلون هناك - فإن عليهم القيام بالتحرك الذي يمكن الأغلبية أن تدعمه ، حتى لو كان مجرد إجراءات استشارية أكثر منها قوانين ملزمة. كما يمكنهم فرض قيود في فقرة واحدة. وحتى هذا ، يظل أفضل من منح الرئيس توجها بلا قيود.
يمكن لنا أن نلقي نظرة على بعض هذه القيود. الرئيس ماكنلي منع بموجب القانون من الاستيلاء على كوبا وضمها. وكان هناك العديد من القوانين التي تحد من قدرة الرئيس فرانكلين روزفلت على إرسال الجيوش إلى الدول التي كانت مهددة من جانب هتلر حتى فترة قصيرة سبقت الهجوم على بيرل هاربر ، وهكذا كان على الرئيس الانتظار حتى يتغير القانون. وكان على الرئيس روزفلت أن يعيد تحديد مايعنيه مصطلح نصف الكرة الأرضية الغربي باعتباره يشمل آيسلند كي يظل مذعنا لمسودة قانون الضوابط المتعلقة بإرسال مجندين إلى خارج النصف الغربي للكرة الأرضية. وقد استبدل المنع بعد فترة قصيرة بعد إعلان الحرب.
خلال حرب فيتنام وافق الرئيس نيكسون على الإذعان للضوابط التي وضعها الكونغرس على العمليات العسكرية: المنع الذي حدث في العام 1969 على إرسال قوات مشاة إلى لاوس أو ثايلاند: الحظر الذي حصل في العام 1970 على إعادة دخول القوات العسكرية إلى كمبوديا: والحظر الذي فرضه الكونغرس في العام 1973 بمنع الولايات المتحدة من القيام بعمليات عسكرية في أي مكان من جنوب شرق آسيا. وفي العام 1967 وافق الرئيس فورد على مضض على ما فرضه الكونغرس من منع العمليات العسكرية في أنغولا.
الرئيس ريغان قبل التقييد الذي فرضه الكونغرس على إرسال قوات أميركية إلى لبنان في العام 1983 ، وسمح لهم باستخدام القوات فقط في الدفاع عن النفس. وقد قبل الرئيس كلينتون الحظر الذي فرضه الكونغرس على عمليات الجيش الأميركي في الصومال بعد 31 آذار من العام 1994 ، وفي راوندا بعد السابع من تشرين الأول من العام نفسه - والرئيس بوش نفسه أذعن لتحديد الكونغرس لعدد الجنود الأميركيين والمتعاقدين الأمنيين الذين كان يجب إرسالهم لكولومبيا.
كل هذه كانت سوابق ، ويمكن أن تصبح خيارات الآن... إذا ما كان لدى الكونغرس الرغبة في التحرك. وأسوأ حصيلة بالنسبة للعراق يمكن أن تكون تحركا غير حاسم ، وتشريعا غير مكتمل وخلافات لم تحل بين مجلسي النواب والشيوخ. هذه المحصلة يمكن أن تضعف إلى حد كبير ادعاءات الكونغرس وتعطيه سلطة واسعة في وقت الحرب ، ويمكن أن توحي بأن هناك جهدا لتجنب المسؤولية تجاه الأزمة.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
دور الأمم المتحدة في العراق
كارلوس باسكال وبراين كولين `
واشنطن بوست
عندما يقدم الجنرال ديفيد بتيريوس والسفير ريان كروكر تقريرهما الشهر المقبل حول نتائج استراتيجيتنا المتعلقة بـ "زيادة عدد الجنود" في العراق ، فإن الجزء الأكثر أهمية ، المتعلق بالتقدم السياسي ، يجب أن يحصل على علامة متدنية جدا. حتى لو أحرزت قواتنا العسكرية تقدما حقيقيا بعد الزيادة ، فإن تضحياتهم تذهب هباء لأن استراتيجيتنا الدبلوماسية ضعيفة وغير فعالة.
أهمية الدبلوماسية عميقة جدا في حرب العراق الأهلية الطائفية. فالحرب في العراق ليست حرب الولايات المتحدة ضد عدو واحد ، فالولايات المتحدة اقحمت نفسها بين عدد كبير من الأعداء الذين يقاتلون بعضهم البعض. وهي حرب لا يمكن إيجاد حل لها بالوسائل العسكرية. وحتى لو كانت الولايات المتحدة قادرة على إخماد العنف على المدى القصير ، فإن القتال يمكن أن ينفجر مرة أخرى مع الانسحاب الأميركي.
وإلى أن يصبح هناك اتفاق سياسي بين مختلف الاحزاب العراقية ، تصادق عليه دول الجوار والمجتمع الدولي ، فليس هناك إي منظور لإحلال السلام في العراق. حتى الآن ليس هناك جهود جدية في هذا الاتجاه. ولم ينتج عن اللقاءات التي عقدت على مستوى المنطقة في بغداد وفي شرم الشيخ ، مصر ، أجندات عمل فاعلة. والزيارات الإقليمية التي قامت بها كل من وزيرة الخارجية ووزير الدفاع كانت تحركا أقل فاعلية طالما ينظر إلى "الدعم" باعتباره تحركا يؤازر السيطرة الشيعية. ملاحظات الرئيس بوش قبل أيام حول الترويج للديمقراطية تؤكد مجددا على افتقار إدارته للواقعية حيال تعقيد المصالحة السياسية ، وما هو ضروري لتحقيق ذلك.
وإقرار مجلس الأمن للقرار 1770 هذا الشهر ربما يعطي فرصة لمخرج جذري. والقرار يجدد تفويض بعثة مساندة العراق التابعة للأمم المتحدة ويدعو الامم المتحدة لتعزيز المصالحة - مهمة محبطة ، لكنها مهمة حاسمة لأي تسوية نهائية.
للوصول إلى تلك النهاية ، تحتاج الأمم المتحدة إلى فريق ذو قيادة تتمتع بمؤهلات عالية واحترام كبير. ولا يمكن أن يكون عملا كالمعتاد. ويجب على المفاوض الرئيسي أن يقدم تقارير للأمين العام ، كما يجب ان يُدعم لينخرط في العمل مع اللاعبين الدوليين والإقليميين بشكل مباشر. ولا يجب ان يكون لدي أي كان اوهام بأن الأمم المتحدة ستلعب الدور الذي يلعبه الجيش الأميركي في العراق. دورها يجب أن يكون سياسيا. والاعتبارات الاستراتيجية حاسمة لمثل هذه المهمة ، وتتضمن ما يلي:
عناصر رئيسية ، فعلى الأغلب أن أي اتفاقية سوف تتمحور حول أجندة "خمسة زائد واحد": العلاقات الفيدرالية الإقليمية ، وتقاسم عائدات النفط ، الضمانات السياسية (إعادة النظر في قانون اجتثاث البعث) ، ونزع السلاح ، حل المليشيات وإعادة تنظيمها من جديد ، وحقوق الأقليات. "الأمر الإضافي" هو توقيت الاستفتاء حول كركوك ، الذي يضمنه الدستور لكنه قد يفجر ضغطا حول استقلال الأكراد ويجر تركيا إلى النزاع. يجب التفاوض على كل تلك القضايا كرزمة واحدة لمضاعفة الخيارات أمام تسوية قابلة للحياة.
= هدنة لمدة خمس سنوات ، يجب أن يكون التركيز على شروط يمكنها خلق ثقة كافية لوقف القتال - مع خيار تمديد الجدول الزمني سنويا. في الوقت الراهن ، العداءات حادة جدا ومن الصعب توقع أن تتمكن الأحزاب من التفاوض على حلول دائمة للأجندة الرئيسية.
الموقف العراقي ، على الأحزاب السياسية العراقية وقادة المليشيات شجب دور القاعدة في العراق والموافقة على التعاون للعمل ضدها كشرط للمشاركة في المفاوضات. ويجب أن يلتقي المفاوض الرئيسي مع الممثلين العراقيين كل على حده ، وأن يوضحوا موقفهم من الأجندة الرئيسية لتحديد ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق.
اللاعبون الإقليميون ، يجب أن تشارك دول الجوار وتحدد موقفها من الأجندة الرئيسية. سيحتاج المفاوض الرئيسي إلى أن يقرر أي من الممثلين يمتلك النفوذ ، ومع من ، وما هي القضايا التي يجب أن يعزل فيها المفسد.
الدعم ، على الأمم المتحدة ان تعد فريقا من الخبراء في قضايا مثل النفط والقانون الدستوري لدعم المفاوضات. وسيكون من المهم تفعيل استراتيجيات المعلومات العامة ، باستخدام تلفزيونات وإذاعات محلية وإقليمية ، لتوضيح دور الأمم المتحدة وتخفيف محاولات القاعدة وغيرها نشر معلومات خاطئة.
اخيرا يجب اصدار حكم حول ما إذا كان علينا محاولة عقد لقاء رئيسي للتوسط في اتفاق - مثل اتفاق دايتون في البوسنة. ومثل هذا اللقاء يجب أن ينسق المفاوضات بين الدوائر الداخلية للعراقيين الرئيسين وفي الوقت ذاته إشراك مجموعة أوسع من دول الجوار. ستحتاج الولايات المتحدة إلى دبلوماسية مساندة بشكل مستمر خلال هذه العملية ، والتنسيق في كل خطوة مع مفاوض الأمم المتحدة.
إن الرغبة بعقد اتفاقية سياسية يجب أن لا تؤدي للقبول بأي تسوية. ذلك أن فريق التفاوض يجب أن يقرر ما إذا كانت الالتزامات العراقية والإقليمية حقيقة وملائمة وتشمل كافة لللاعبين الرئيسيين لتكون قادرة على الصمود.
على الولايات المتحدة أيضا أن تتوقف عن خداع نفسها حيال التقدم العسكري السريع وسط فشل العراق السياسي الواسع.
كما يجب عليها أن توضح للعراقيين أنهم إذا لم يستفيدوا من التقدم المعقول والمتعدد الجوانب للتوصل إلى تسوية سياسية ، فإن القوات الأميركية لن تتمكن من إحداث إي فرق جوهري وستقوم بالانسحاب.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
اقوالهم

الدستور الاردن
"أومن بشدة ان الحكومة العراقية تحت قيادة رئيس الوزراء المالكي ، قد خذلت قواتنا".
السيناتور الجمهوري جون وارنر ، داعيا الرئيس بوش الى البدء بسحب القوات الاميركية من العراق بعد جولة له في المنطقة استمرت اربعة ايام. (واشنطن بوست)

= "لقد اتخذنا قرارا: توني بلير وانا سنغزو اوروبا".
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد مقابلة توني بلير في 10 داوننغ ستريت. وقد ظهر الاقتباس في كتاب نشر يوم امس الجمعة لمؤلفته ياسمين رضا ، التي قضت عاما كاملا في تتبع اثار الزعيم الفرنسي. (الغارديان)

= "علينا التوقف عن لعب دور الحكم في هذه الحرب الاهلية ، وان نبدأ في الخروج الآن"
السيناتور هيلاري كلينتون ، الطامحة للترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري. بعد نشر تقرير لوكالات الاستخبارات الاميركية يعطي تقييما متشائما للوضع في العراق وأن استراتيجية الرئيس بوش بزيادة عدد القوات في العراق قد فشلت وان الحكومة العراقية لن تستطيع الحكم بشكل فعال. (نيويورك تايمز)

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
أمريكا تبحث عن استراتيجية للنصر في العراق *
حسن نافعة
الدستور الاردن
يوجد إجماع على أن الولايات المتحدة تواجه "ورطة" حقيقية في العراق. ولا خلاف داخل الولايات المتحدة أو خارجها حول طبيعة هذه "الورطة" والأسباب التي أدت إليها. ومع ذلك تختلف الاجتهادات حول حدود هذه الورطة وسبل الخروج منها وتتباين من النقيض إلى النقيض. فالأمر بالنسبة للبعض لا يخرج عن كونه مجموعة "أخطاء" قابلة للتصحيح وقعت فيها إدارة أمريكية حمقاء ، أما بالنسبة للبعض الآخر فقد وصل إلى "مأزق" لا فكاك منه وقد يؤدي إلى "هزيمة" يصعب على الولايات المتحدة تجنبها. وبينما نجد أن البحث عن "مخرج مشرف ينقذ ماء الوجه" هو أقصى ما يطمح إليه البعض في الوقت الراهن ، يرى آخرون أنه ما زال بإمكان الدولة الأعظم في العالم تحقيق "نصر استراتيجي" في العراق.
وأيا كان الأمر ، فقد ظلت الإدارة الأمريكية الحالية تكابر لفترة طويلة وتنكر حتى مجرد ارتكابها لأخطاء في العراق وتصر على أن النصر آت لا محالة ، ولم تبدأ في الاعتراف بوجود مشكلة حقيقية وبارتكاب أخطاء إلا متأخرة جدا وبعد نشر تقرير لجنة بيكر - هاملتون الشهير. غير أن الاعتراف بوجود هذه "المشكلة" ثم بارتكاب تلك "أخطاء" جاء في البداية على نحو خجول جدا ولم يغير من عناد الإدارة الحالية التي استمرت ماضية في طريقها لا تلوي على شيء مؤكدة أن ما تواجهه في العراق لا يعدو أن يكون "عثرة" على الطريق بسبب "أخطاء تكتيكية" قابلة للتصحيح ولا تمس بسلامة الاستراتيجية التي تسير عليها والتي ستفضي إن آجلا أو عاجلا إلى تحقيق نصر كامل لا شبهة فيه.
وتأسيسا على هذه الرؤية تم رفض تشخيص الحالة كما ورد في تقرير لجنة بيكر - هاملتون والسير في عكس الاتجاه الذي أوصى به. ومن المعروف أن تقرير بيكر - هاملتون كان قد أكد على أن الوضع في العراق سيىء جدا ومرشح للازدياد سوءا إذا استمرت السياسات الحالية على ما هي عليه ، وأن الخروج من المأزق الراهن يتطلب تغييرا جذريا في السياسات.
واستعرض التقرير عددا من الخيارات قام باختبارها لكنه استبعدها جميعا بسبب تأثيراتها السلبية المحتملة على مكانة وسمعة ومصالح الولايات المتحدة وعلى مستقبل الاستقرار في العراق وفي المنطقة. من هذه الخيارات: الانسحاب السريع من العراق ، الاحتفاظ بالسياسات المتبعة دون تغيير ، زيادة عدد القوات ، أو تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم. وبعد استبعادها اقترح نهجا جديدا يقوم على دعامتين إحداهما خارجية ، تستهدف بناء توافق دولي جديد وتشكيل آلية دولية جديدة لدعم العراق من خلال ما يسميه التقرير بالهجوم الدبلوماسي الكبير ، والأخرى داخلية: تستهدف مساعدة العراق على مساعدة نفسه. واقترح التقرير ، ضمن توصياته الثماني والسبعين ، أن تقوم الولايات المتحدة بإطلاق "هجمة دبلوماسية" تؤكد من خلالها للعالم أنها ليست طامعة في نفط العراق ، وليس في نيتها إقامة أي قواعد عسكرية دائمة ضد رغبة الشعب العراقي ، وخلص إلى استنتاجين رئيسيين ، الأول: أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الخروج من الوحل العراقي منفردة وأنها تحتاج إلى عون آخرين لإنقاذها مما هي فيه، والثاني: أن أزمات الشرق الأوسط مترابطة وبالتالي فلن يكون بوسع الولايات المتحدة العثور على مخرج مشرف من أزمة العراق بأقل الخسائر الممكنة ما لم تقدم على معالجتها جميعا بشكل متزامن.
من هنا حث الإدارة الحالية على الانفتاح على كل من سوريا وإيران ، وبذل جهد أكبر لتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي. غير أن الإدارة الأمريكية ركبت رأسها وقررت السير في الاتجاه المعاكس. وبدلا من التخفيض التدريجي لقواتها المقاتلة وإعادة انتشارها وتمركزها خارج المدن العراقية الثائرة ، قررت زيادة القوات وتكليفها بخوض المزيد من المعارك داخل المدن الثائرة أملا في إخماد المقاومة أو إضعافها على الأقل. وبدلا من الانفتاح على كل من إيران وسورية قررت تشديد العقوبات عليهما والعمل على عزلهما ومحاصرتهما دوليا. وبدلا من بذل المزيد من الجهود لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي ، والذي تطلب ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل وتشجيع الجهود الرامية لتليين موقف حماس والعمل على إنجاح الجهود الرامية لتوحيد الموقف الفلسطيني ، قررت فرض المزيد من الضغوط على حماس ومزيد من الحصار على الشعب الفلسطيني وراحت تعرقل كل المحاولات الرامية لتوحيد الفصائل الفلسطينية وتشجيع إسرائيل على التمادي في سياستها المتصلبة والعدوانية.
وصبت هذه السياسات مجتمعة في اتجاه تهيئة الأجواء لحرب دامية جديدة خلال صيف العام الماضي كانت الساحة اللبناية هي مسرحها. وبدا واضحا أن الولايات المتحدة أصبحت هي الطرف الأكثر تحريضا على الحرب وحرصا على استمرارها أملا في أن تنتهي بتدمير حزب الله ومن ثم بإضعاف وتهميش ، أو حتى تقويض ، النظامين السوري واللبناني إن أمكن. والواقع أن هذا التوجه ، والذي يعد امتدادا لذات النهج القديم ، ضاعف من مأزق الإدارة الأمريكية بدلا من تخفيف حدته. فلم يتحسن الوضع العسكري والأمني في العراق وإنما ازداد سوءا وتدهورا. ولم تؤد حرب الصيف الماضي إلى إضعاف "محور المتطرفين" في المنطقة وإنما ، على العكس ، خرجت منها إيران وسوريا وحزب الله وحماس والجهاد أشد بأسا وأكثر قوة ، وخرجت منها القوى الموالية للسياسة الأمريكية في المنطقة أكثر ضعفا وهزالا.
أما إسرائيل فقد منيت فيها بهزيمة كبرى. ولم يكن لذلك سوى معنى واحد وهو أن الإدارة الأمريكية الحالية أصبحت في وضع أضعف مما كانت عليه عند صدور تقرير بيكر - هاملتون منذ حوالي عامين ، وأنها لم تفعل سوى إهدار الكثير من الوقت والمال دون طائل. ولأن هذه الإدارة تدرك أن الوقت المتاح أمامها بات محدودا جدا ، فلم يعد أمامها سوى الاختيار بين بديلين: فإما التسليم بالهزيمة والانسحاب الفوري ، وهو أمر لا يبدو واردا بالنظر إلى مخاطره الكبرى على هيبة ومكانة ومستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى ، وإما الهروب إلى الأمام بتوجيه ضربة عسكرية شاملة إلى "محور المتطرفين" ، وهو أمر ليس مستبعدا من حيث المبدأ من إدارة يمينية متطرفة تفكر بطريقة أيديولوجية بعيدا عن العقلانية أو البراجماتية ويقف على رأسها شخص محدود الذكاء ومغامر إلى حد المقامرة.
المشكلة هنا أن هذا البديل يبدو محفوفا بالمخاطر إلى درجة مرعبة فضلا عن أن احتمالات تحقيق نصر حاسم فيه على المدى الطويل تبدو ضئيلة إلى درجة العدم. لذا تبدو بعض شرائح النخبة الأمريكية المرتبطة باليمين المحافظ ، والتي لم تيأس بعد من كسب الحرب في العراق ، منغمسة حتى أذنيها في البحث عن بديل ثالث. صحيح أن اجتهاداتها كثيرة ومتعددة ، إلا أن الاجتهاد الذي طرحه وليم لند مدير مركز حفظ التراث الثقافي التابع لمؤسسة "الكونجرس الحر" ، في مقال بعنوان "كيف نكسب في العراق" نشر في 30 يوليو الماضي في "الأميركان كونسرفيتور" ، يبدو لنا الأكثر تعبيرا عما يدور في عقل هذه الشرائح. فليند يقر ، ابتداء ، باستحالة تحقيق أي من الأهداف القصوى التي حددتها الإدارة الأمركية الحالية لنفسها والتي تمثلت في: تحويل العراق إلى دولة تابعة للولايات المتحدة ، وصديقة لإسرائيل ، ومستعدة لمنح كميات لا تنتهي من النفط والموافقة على قواعد عسكرية ضخمة لتمكين الولايات المتحدة من الهيمنة على المنطقة والتحكم في مصيرها ، ويرى أن السياسات الرامية لقمع التمرد في المدن بنيت على افتراضات حاطئة من الأساس.
ويعتقد ليند أنه ما زال بالإمكان كسب الحرب على المستوى الاستراتيجي ، ولكن ليس من خلال العمل على تراكم وجمع "مكاسب تكتيكية صغيرة". لذا يطالب ليند أولا بالاتفاق على مفهوم ومعنى "التهديد" ويقترح أدوات للتعامل معه مستمدة من نظرية ليدل هارت في "الاقتراب غير المباشر". ولأن ليند يرى أن التهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة ليس نابعا من أي دولة وإنما من مجموعة متنوعة من منظمات تستخدم أساليب غير تقليدية تسميها "الإرهاب" ، كما يرى أن هذه المنظمات تقوى ويشتد عودها كلما ضعفت الدول القائمة في المنطقة ، فإنه يطالب باستراتيجة بديلة تقوم على عناصر ثلاثة لكسب الحرب:
العنصر الأول: الاقتراب من إيران بطريقة مشابهة للطريقة التي سبق للولايات المتحدة أن اقتربت بها من "الصين" في بداية السبعينات.
فكما كانت الصين تسعى لخلق أكثر من "فيتنام" لاستنزاف الولايات المتحدة في السبعينات ، فكذلك تسعى "المنظمات المعادية" للولايات المتحدة لخلق أكثر من "عراق" لتحقيق ذات الهدف في المرحلة الحالية. ولأن لند يعتقد بصعوبة إجهاض استراتيجية هذه المنظمات إلا في إطار عملية ناجحة لإعادة بناء دولة عراقية قوية ومتماسكة ، فهو يقترح الاقتراب من إيران بطريقة معينة تساعد في هذا الاتجاه.
صحيح أنه يعترف بأن العناصر الشيعية الموالية لإيران ربما تكون لها الغلبة في أي حكومة فعالة قادرة على ضبط الأمور في العراق ، غير أنه يعتقد أنه لا ضرر من هذه الغلبة طالما أن ذلك يسهم في بناء دولة عراقية قادرة تحقيق الاستقرار والحيلولة دون انتشار التنظيمات التي تعمل على "عرقنة المنطقة".
العنصر الثاني: إفساح الفضاء السياسي داخل أمام التيار الصدري لشغل حيز يتناسب مع حجمه الطبيعي في الشارع ، نظرا لتمتعه بجذور شعبية حقيقية يمكن أن تسهم في تشكيل حكومة قوية مرتبطة بالجماهير ، حتى لو اضطرت الولايات المتحدة في مقابل ذلك التخلي كليا عن هدف أقامة قواعد عسكرية في العراق لأن ذلك قد يكون الثمن الذي يتعين عليها دفعه في هذه المرحلة.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة كانت قد سعت لتحجيم التيار الصدري لصالح تيارات وفصائل أخرى أكثر موالاة للولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها لا تتمتع بقبول شعبي أو جماهيري ، وهو عامل يرى ليند أنه ساهم في إضعاف الحكومات المتعاقبة وقلل من قدرتها من السيطرة على الأوضاع على الأرض.
صحيح أن ليند يعترف بعدم وجود ضمان على قدرة الصدر على تشكيل حكومة عراقية قوية ، لكنه يرى ضرورة المخاطرة وإفساح المجال للصدر أو لغيره ممن يستطيع.
العنصر الثالث: سحب جميع القوات الأمريكية بأقصى سرعة ممكنة وخلال فترة زمنية تتراوح بين 18و12 شهرا على أكثر تقدير. ويرى ليند أن هذه الفترة ضرورية لتهيئة الفضاء السياسي الذي يسمح للصدر أو لغيره بالتمدد والانتشار في اتجاه تشكيل حكومة قوية وإعادة بناء الدولة العراقية. وهو لا ينظر إلى هذا الانسحاب كما لو كان انسحابا لجيش مهزوم ، وإنما يرى فيه انسحابا استراتيجيا أو حلقة مهمة في استراتيجة النصر وكسب المعركة في العراق ، وأنه سيكون صحيا ومفيدا بالنسبة للجيش الأمريكي وكذا بالنسبة للسياسة الداخلية الأمريكية.
ولا جدال في أن تأمل هذه العناصر الثلاثة يشير إلى أنها تصب جميعها في اتجاه تعميق التناقضات بين السنة والشيعة ليس على مستوى العراق فقط ، ولكن على مستوى الإقليم أيضا ، وهو أمر لا يقلق ليند أبدا بل يرى فيه صراحة وبوضوح تام شرطا جوهريا لنجاح الاستراتيجية الجديدة التي يطالب الولايات المتحدة بتبنيها والتي يعتقد أنها كفيلة بكسب الحرب وتحقيق النصر في العراق. وهنا مكمن الخطر.
فهل بوسع العالم العربي وإيران أن ينتبها إلى ما يحاك لهما في المرحلة القادمة وأن كلاهما مستهدف. قد تفرح إيران مرحليا بحكومة موالية لها في العراق ، لكن الثمن الذي ستدفعه استراتجيا سيكون باهظا ، لأن الولايات المتحدة ستستخدم ذلك كذريعة لدفع الدول العربية السنة للدخول في حرب مفتوحة ضد الإيران. أما المستفيد السياسي فسيكون إسرائيل والولايات المتحدة لأن المطلوب إنهاك العالم الإسلامي كله بسنته وشيعته. ويبدو أن الولايات المتحدة تتجه لسياسة احتواء مزدوج ولكن لكل من الأصولية الشيعية والوهابية السنية وبوسائل وأدوات وأليات جديدة. لذلك لا حل إلا بحوار شيعي - سني ، وحوار عربي - إيراني.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
خيارات الانسحاب المطروحة امام بوش

الدستور الاردن
مع اقتراب الخامس عشر من شهر سبتمبر المقبل وهو موعد تقديم الجنرال ديفيد بتراوس قائد القوات الاميركية في العراق والسفير ريان كروكر تقريرهما الى الكونغرس بشأن وضع تلك القوات وانسحاباتها ، احتدم النقاش في واشنطن وبغداد حول حجم وموعد المباشرة بالانسحاب.
وفيما تفكر ادارة الرئيس جورج بوش بالخيارات المطروحة امامها بخصوص قضية الانسحاب ، بدأت الخلافات تدب بين القادة العسكريين في الميدان الذين يفضلون الانسحاب التدريجي والبطيء وجنرالات البنتاغون الذين يدفعون عن انسحابات جذرية وسريعة.
وعلى سبيل المثال يدعو الجنرال بيتر بيس قائد القوات الاميركية والجنرال جورج كيسي رئيس الاركان الى اجراء خفض حاد في نهاية عام 2008 يصل الى سحب نصف القوات الاميركية من العراق ، لكن الجنرال بتراوس الذي يترقب العالم تقريره ، سيدعو على الارجح الى انسحابات متواضعة لا تبدأ هذا العام وانما في الربيع المقبل من خلال التخلص التدريجي من القوة الاضافية ذات الثلاثين الف جندي التي اضيفت الى القوات الاميركية هذه السنة.
وقد دخل على خط النقاش في الايام الاخيرة رأيان مؤيدان لرؤية الرئيس جورج بوش ، حيث اكد تقرير للوكالات الاستخبارية الست عشرة العاملة في الولايات المتحدة ان الجيش الاميركي حقق تقدماً في كبح جماح العنف في الاسابيع الاخيرة ، فيما حذر الجنرال ريك لينش قائد القوات الاميركية في بغداد من ان اي انسحابات سريعة للقوات ستبدد النجاحات الامنية المتواضعة التي حققتها تلك القوات ، وان الاصغاء الى السناتور جون وارنر الذي يدعو الى سحب خمسة آلاف جندي على الاقل ابتداء من هذه السنة ، بهدف الضغط على الحكومة العراقية لتحقيق المصالحة الوطنية ، من شأنه ان يؤدي الى فقدان ما تحقق حتى الان من انجازات على الصعيد الامني.
صحيح ان الوكالات الاستخبارية تشكك في قدرة رئيس الوزراء نوري المالكي على تحقيق مصالحة وطنية وترسم مستقبلاً قاتماً للوضع السياسي العراقي ، ولكن الصحيح ايضاً ان التعجل في الانسحاب الاميركي سيزيد من التعقيدات والعقبات السياسية التي تعرقل عمل الحكومة والتي كان آخرها اعلان وزراء كتلة اياد علاوي الخمسة انسحابهم النهائي من الحكومة بعد ان كانوا قد علقوا مشاركتهم في اجتماعاتها خلال الاسابيع الاخيرة.
ومعروف ان تحسن الامن واحراز تقدم على المستوى السياسي والسير في طريق التنمية الاقتصادية تبدو مستبعدة جميعها ما لم تتغير الاسس التي تقوم عليها العملية السياسية الهشة في العراق ، بما يؤدي الى التفاهم والمصالحة على مستوى الوطن ، لذلك فان بدء الانسحاب الاميركي الان او قبل نهاية العام سيضاعف الضغوط على نوري المالكي وقد يؤدي الى حدوث فوضى لم يعرف العراق مثيلها.
ولا يعني ذلك بطبيعة الحال انه يجب غض النظر عن الانسحاب الاميركي ، لكنه يعني ان لقضية الانسحاب تأثيراً لا يمكن إنكاره على الحالتين الامنية والسياسية في العراق ، ورغم انه معروف منذ الربيع بان البيت الابيض يفكر بخفض القوات الاميركية الى حوالي النصف عام 2008 مما يوصل عددها الى تحت المائة الف ، فان جورج بوش لن يصل في اي قرارات انسحابية الى هذا الحد.
على بوش ان يقرر بعد تقرير بتراوس الذي بقيت على صدوره ثلاثة اسابيع ، ماذا سيفعل بالضبط ، وما اذا كانت مقترحات الخفض الحاد للقوات تهدد فعلاً بالقضاء على المنجزات الامنية القليلة التي تحققت بعد زيادة القوات.
يدرك الرئيس الامريكي ان بعض التخفيض في القوات يجب ان يجري العام القادم وان عليه ان يخرج من النقاش الذي سيشتعل الشهر المقبل ، بخطة حول الانسحابات التدريجية ، لكنه لم يتوصل حتى اللحظة ، كما يؤكد مساعدوه الى اي جدول زمني ، ولا الى اي قرار بالانسحاب يتجاوز اعادة الثلاثين الف جندي الاضافيين الى الولايات المتحدة خلال العام المقبل.
ومع توقع ان يستمر الوضع الامني متدهوراً للغاية في عام «2008» ، فمن المستحيل ان تستجيب الادارة الاميركية الى نصائح الجنرالين بيس وكيسي الداعية الى سحب نصف القوات الاميركية في غضون عام ، خاصة وان القوات العراقية ليست جاهزة لتعبئة الفراغ الذي سيتركه رحيل عدد كبير من الاميركيين.
سيأخذ بوش على الارجح بآراء القادة الميدانيين في العراق وسيميل الى اراء جنرالات مثل ريك لينش الذين يحذرون من انهيار سريع للمكاسب الامنية التي تجمع وكالات الاستخبارات على انها تحققت في الاونة الاخيرة رغم ان مستوى التفجيرات وانتاج الجثث ما زالا على حاليهما.
المسألة اذن لا تتعلق بمبدأ الانسحاب ، لكنها تدور حول سرعته وموعد بدئه ومدى تأثير ذلك على الاوضاع الامنية على الارض مع ضرورة التذكير بان جورج بوش يخشى بشدة ان يفسر اي انسحاب مهما بدا متواضعاً ، هروباً او بداية هروب من شأنه ان يقوي اعداء اميركا ويزيدهم جرأة عليها داخل العراق وخارجه
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ما يحتاجه العراق.. قيادة عراقية
رياض حميد الشمري
الدستور الاردن
بعد ان ضاقت كل السبل امام امريكا للخروج من ورطتها باحتلال العراق حسب ما يروج لها الاعلام خرجت علينا حكومة بوش باقتراح البحث عن زعيم ديكتاتوري قوي لتولي السلطة بعد انسحاب القوات الامريكية عام 2010 بحجة ضبط الامن وتوفير الاستقرار اي بمعنى آخر استمرارية الاحتلال الامريكي لكن بوجه عراقي ولا نعرف عن كيفية وصول هذا الديكتاتور لقيادة السلطة في العراق هل سيأتي حسب الطريقة الامريكية المعروفة بالتمهيد له بانقلاب عسكري خاصة وان امريكا قد ذكرت اسمه حيث كان احد قادة سلاح البحرية العراقية في عهد النظام السابق ولم تخف امريكا ايضا مخاوفها من هذا الزعيم بالذات كونه شيعي المذهب من احتمال ولائه الى ايران وثم اثارة تحفظات السعودية منه ام ان هذا الزعيم الديكتاتوري المنقذ لامن واستقرار العراقي سيأتي حسب المواصفات الاسرائيلية خاصة وان اسرائيل تعتبر الشعب العراق هو عدوها الحقيقي وتحكم دائما بازالة العراق من الخارطة فعن موضوع التورط الامريكي في العراق فليس من الصحيح القول بأن امريكا قد تورطت في العراق وانها كانت ضحية اكذوبة من بعض عناصر المعارضة العراقية لان الاحتلال الامريكي للعراق جاء بعد دراسة مسبقة وخطة مبيتة دون حسبان التورط في حساباتها ولا اعتماد اكذوبة احد في تنفيذها فما دامت امريكا هي عدوة الشعوب فلا بد من ان تقوم سياساتها الخارجية على تدمير الشعوب ونهب ثرواتها من اجل تأمين احتياجاتها الداخلية وهذا الذي حصل فعلا باحتلالها العراق اما التورط الامريكي في العراق فهو نتيجة طبيعية لرفض الشعب العراقي لهذا الاحتلال الامريكي البغيض وما دام الاحتلال الامريكي هو عمل باطل حسب كل الاعراف والقوانين البشرية فلا يحق لهذا الباطل ان يرسم مستقبل الشعب العراقي لان هذا الامر متروك فقط للشعب العراقي وحده وبدون اية وصاية من اي احد فهو شعب عظيم يملك كل المقومات والقدرات الاساسية الكاملة بشرية كانت ام مادية لبناء مستقبله بنفسه فكل ما يحتاجه الآن شعبنا العراقي هو قيادة عراقية ونعني بالعراقية ليست من تحمل الجنسية العراقية فحسب وانما من تحمل الوفاء والاخلاص للوطن والشعب وليس للعرقية او المذهبية او الدينية او الحزبية وبعيدة تماما عن كل اشكال الديكتاتورية وترفض الانصياع الى اوامر الاجنبي ولا تستجيب لمصالح دول الجوار على حساب مصلحة الوطن والشعب وان الرحم العراقي مشهود له في انجاب هذه القيادة العراقية لتحرير الوطن بطرد الاحتلال واعادة العراق الى وضعه الطبيعي ومكانته المرموقة وطنيا وعربيا وعالميا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
الخراب السياسي في العراق.. مسؤولية من؟ *
نواف ابو الهيجاء
الدساور الاردن
بعد الخراب الشامل الذي يعم العراق من اقصاه الى اقصاه ، يصر الرئيس الامريكي على الاستمرار بالتمسك بالخيار العسكري ، كما انه يمحض السلطة الطافية على السطح تـأييده ، مع اعترافه الدائم بأن الوضع في العراق مرشح لمزيد من (العنف) ويحاول بشتى السبل دحض واقع الخراب السياسي ، مع الخراب الامني ، والحياتي لشعب العراق كله. واذا كانت حكومة المالكي قد تقلصت الى الحد الذي اقتصرت فيه على المحاصصة الطائفية والعرقية بين مكونين اثنين - طائفيا وعرقيا - فان الادارة الامريكية ما زالت تراهن على امكانية (احياء العظام وهي رميم) - مع ان مثل هذه القدرة محصورة بالخالق المصور سبحانه.
وواضح ان الانسحابات تترى من تلك التشكيلة التي قيل انها (حكومة وحدة وطنية) فاحزاب وهيئات وكتل قيل انها تمثل شرائح من مختلف الاثنيات في العراق ، كالحزب الاسلامي وتيار الصدر ، وغيرهما من مثل مجموعات اياد علاوي ، تسحب اي امكانية لمواصلة الزعم بأن الحكومة (نتاج انتخابات) شعبية (نزيهة) مع ان النزاهة في ظل الاحتلال مستحيلة. الخراب السياسي والخراب الامني والخراب المجتمعي وسيادة الفوضى والقتل والتدمير وفقدان الماء ، في وادي الرافدين ، وفقدان الكهرباء والمحروقات - في بلد النفط ، ليست مسؤولية القادمين مع الاحتلال حسب ، وهي ليست مسؤولية الارهاب والتكفير حسب ، بل هي بالدرجة الاساس مسؤولية من غزا العراق واحتله وفق اجندة محددة وواضحة ضمن المشروع الكوني الامريكي لجعل القرن الحادي والعشرين قرنا امريكيا بامتياز.
اللاعبون على السطح - في حقيقة الامر - لا يملكون من امرهم شيئا او قدرة على الفعل والتنفيذ ، فهم في الاصل جيء بهم لشرعنة الاحتلال ، من جهة ، ولتغطية الاهداف الفعلية للاحتلال ، من جهة اخرى ، وفي المقدمة من الاهداف الرئيسة ان يتم تقسيم العراق ، اذا لم يكن كله مواليا للادارة المحتلة ، او ان لم يكن كله مهادنا للاحتلال الصهيوني لفلسطين.
وما يجرى حاليا ، خلف الكواليس ، سعي امريكي - صهيوني ، بمساندة من بعض الرموز اللاوطنية العراقية لتكريس التقسيم . ولم يصدر التحذير التركي من مغبة تقسيم العراق جزافا او نتاج وهم ، بل لان تركيا تدري ان هناك ، خلف الاكمة ، محاولة تقسيم العراق الى ثلاث دويلات عرقية وطائفية متصارعة - تماما كما كان المخطط المبدئي لاتفاقية سايكس بيكو مندمجة مع وعد بلفور.
حتى ان تم التصريح الامريكي بنفي التوجه الى التقسيم ، فان اصرار الادارة الامريكية ومن يواليها على دفن الرؤوس في الرمال والمضي قدما في قلب العاصفة من ناحية والمكابرة برفض الاقرار بفشل الاحتلال واهدافه المعلنة وغير المعلنة من ناحية اخرى ، فان ما يجري على الطبيعة يؤكد السعي الى تمزيق الوطن العراقي ، واستباحة ما لم تتم استباحته حتى اليوم منذ التاسع من نيسان عام 2003.
وعليه فان من يساير الاحتلال لا بد ان يتحمل معه نتائج ما سيحل بالعراق كله . كما ان ادارة الظهر للاحتلال عملية تنم عن التخلي عن المسؤولية الوطنية والقومية ، واذكر هنا بضرورة دور عربي جماعي فاعل لاحباط التخطيط الصهيو - امريكي الذي يريد ان ينسف الكيان الوطني العراقي ويحرم الامة من عراقها ويعمم التجربة المريرة الى حيث ارض العرب من المحيط الى الخليج.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
بنازير العراق
حبشي رشدي
الوطن قطر

هل إن تعميم الانتربول طلباً لتوقيف السيدة رغدة صدام، بناء على طلب الحكومة العراقية، إجراء صائب؟.. أم أن الذين اتخذوه لا يدركون جيداً ابعاداً يمكن ان تترتب عليه؟ ومنها انه يضع هذه السيدة في طريق تحديهم ومناوأتهم، والافادة من جزء لا يستهان به في الشارع العربي، نجح صدام حسين ـ والدها ـ وهو على حبل المشنقة في اكتسابه، بل ومحو بعض ماضيه، واكتساب تعاطف كثيرين حتى أن هذا الرجل كان يصنع التاريخ، حتى وهو على قيد لحظات من الرحيل؟

أليس هذا الإجراء يصنع من رغد صدام حسين بنازير بوتو أخرى ويستدعيها إلى تحدي محاولي الاضرار بها، والذين استكثروا عليها ـ وهي الابنة ـ ألا تفعل شيئا لأجل أبيها، وهو في محبسه، ينتظر بين وقت وآخر اعدامه؟

لقد اعدم صدام وقتل ابناؤه وحفيده، واعدم أيضا شقيقه وعدد من أقاربه بأحكام، تاركاً العراقيين حالياً يفضلون ديكتاتوريته ورعونته وقسوته على براح ديمقراطية الأميركيين، ورموزها التي لا توفر لهم لا أمناً ولا سلاماً ولا رخاء، ولا أي اضافة تذكر يتلمسون معها ان الحياة في العراق تطورت إلى الأفضل.

اليس هذا الاجراء من شأنه تعميق الشروخ وزيادة فداحة الصدوع التي يعانيها عراق اليوم، وهو يتعثر في الطريق إلى مصالحة وطنية رغم ان كل فرقائها تجمعهم الخصومة مع صدام؟

وأليس هذا من اخطر تداعياته، المساعدة في إعادة نهج صدام إلى الوجهة وتغذية ثأر لن تتوقف ممارساته. لانه ـ الاجراء ـ يحول صدام من جلاد إلى ضحية، ومن طاغية إلى زعيم، ومن رجل اساء إلى بلده كثيراً إلى جاذب للتعاطف؟

أما كان لفرقاء العراق حالياً، البحث عن مشترك وطني، وليس الصراع على سلطات أو عن نفوذ أو منهج، بدلاً من الهروب إلى محاكمة ابنة صدام، وكأن هذه المحاكمة هي التي ستنقذ العراق من إرهاب، بينما الإرهاب والارهابيون كتل وشراذم وجماعات، تمرح في أرض العراق وفي كل بقعة فيه، حتى انه لا يمر يوم واحد بلا حصيلة دامية من القتلى والمصابين.

فهل استعداء الانتربول على رغد صدام هو الذي سيجلب الأمن للعراق، فيما العابثون بأمنه كثر، وأيضا الناهبون لثرواته أكثر.

إنه لا يوجد عاقل واحد، لا يقتنع بأن صدام كان كارثة على بلده وجيرانه والمنطقة، وايضا كارثة على التاريخ العربي برمته، ولكن توضيح والكشف عن جرائم واخطاء صدام، ما كان يمكن ان تكون بإعدامه ولا بمحاكمته ولا بملاحقة ابنته.

إن أحداً لم يستوعب ان تجريم صدام ما كان يمكن ان يكون بالسيناريو الذي تم، ذلك لأن القانعين بأخطائه لا يفتقدون إلى معلومات ولا حقائق، ولكن ما حدث ويحدث، ولفرط العجلة بالقصاص الطائفي، يجعل من صدام رجلا يدير شأن العراق من قبره، ومثلما ان التهافت على ملاحقة ابنته أيضاً من شأنه ان يحولها إلى زعيمة، وهي قد تستحق هذه الزعامة، وقد تكون على غير أبيها، وقد تكون قد وعت اخطاء والدها ، وقد تساعدها مثل هذه الملاحقة، ومن ثم المحاكمة للتحول إلى زعيمة تلهب حماسة جماهير، لا في العراق وحده، بل خارج العراق أيضاً.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق.. من الذي يملك البديل؟!
نشأت الحلبي:

الوطن قطر

كثر الحديث مؤخرا عن الانسحاب الأميركي من العراق وعلى الصعيد الأميركي الداخلي اصبحت قصة الانسحاب العسكري الأميركي من العراق الشغل الشاغل للساسة والإعلام، فلا تخلو صحيفة أميركية من مقال أو تقرير وأحيانا تحقيقات واسعة للانسحاب من العراق، ويجهد ساسة الديمقراطيين على وجه التحديد في التنظير على الجمهوريين وعلى الرئيس جورج بوش تحديدا، في وضع استراتيجيات للانسحاب من العراق وحساب الخسارة التي تتكبدها الولايات المتحدة الأميركية جراء بقائها في العراق لا سيما الخسارة الانسانية التي تجسدت في كل تلك النعوش التي تحمل أولاد أميركا الذين سقطوا إما بنيران صديقة أو بنيران عدوة.

لربما نفهم على الصعيد الأميركي الداخلي الدوافع والاسباب التي تقود الى هذه المعركة الطاحنة، ونعلم بل ونعي تماما أن الديمقراطيين لا يملكون من ورقة ضاغطة على الجمهوريين لإلحاق الهزيمة السياسية بهم سوى ورقة العراق، ولعل هذه الورقة هي التي رجحت كفة الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ وحتى في انتخابات رؤساء الاحياء في المدن والقرى الأميركية الصغيرة، وصدفت انني كنت في نيويورك قبل ما يقارب عشرة اشهر وشهدت بأم عيني ذلك الاندفاع الشعبي الأميركي نحو البرنامج الخدمي قبل السياسي للديمقراطيين، فحظي هؤلاء بمقاعد البلدية والقضاة التي تنتخب عندهم انتخابا وليس تعيينا، والتقطت هناك بأن كارثة أميركا في العراق هي المحرك الأساس للناخب الأميركي في هذا الوقت على وجه التحديد الذي بات فيه الأميركيون يهتمون بما يجري في بلد غزاه جيشهم على غفلة منهم لم يصحوا منها الا وهم يودعون ابناءهم في المقابر.

من كل ذلك فهمنا ان ارتفاع سقف الضغوط في الولايات المتحدة الأميركية كانت جراء المعركة السياسية الطاحنة لا سيما وان آخر فصولها في انتخاب الرئيس الأميركي لم تعد بعيدة اذا لا تزيد على سنة سوى ببعض الشهور، لكن ما هو غير مفهوم هو طرح بعض العرب بالقول بضرورة الانسحاب الأميركي من العراق، فهؤلاء يقفون عاجزين أمام شعوبهم المندفعة بحكم العاطفة مع المقاومة في العراق، وهي الشعوب التي تحزن لكل مشاهد الدماء تلك، وبحكم تراكم الانكسارات في نفسها لا تفعل شيئا سوى تنفيس غضبها وحزنها بالضغط لاخراج أميركا من العراق، والساسة ازاء هذه المشاعر الجياشة التي ترى مجرد استقبال أميركي بات «خيانة» لا حول لهم ولا قوة سوى ترديد هتاف الجماهير حتى لا تصب جام غضبها داخل أوطانها، لكن من يتجرأ ويقول ما هو البديل الحقيقي للوجود العسكري الأميركي في العراق، وهل من الممكن مثلا ان يشكل العرب قوات عربية مشتركة لفرض السلام في العراق، مع العلم بأن هناك اتفاقا للدفاع العربي المشترك أقرته قمم عربية متتالية، وما هو ضمان ان يحقنوا دماء العراقيين، وما هو ضمان ألا «تفرخ» جبهة العراق جبهات في كل بقعة عربية؟

هذه اسئلة وغيرها الكثير برسم اجابة من يحاولون ان يتخطوا الواقع لمجرد حفظ ماء الوجه أمام شعوبهم ومغازلتهم لا أكثر!



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
.. المشهد العراقي المتأزم
افتتاحية
الراية قطر
مما لاشك فيه أن تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية بالعراق سيرسم صورة قاتمة لمستقبل حكومة نوري المالكي والتي أصبحت تواجه معضلة صعبة بعد التقرير المتشائم الذي رسمته وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأنها ولذلك فلا مجال أمامها إلا التصالح مع الشعب العراقي بالدعوة الي مؤتمر مصالحة وطنية حقيقية تشارك فيه جميع الطوائف والأحزاب لإنقاذ العراق من هذه المحنة.

ان مشكلة الحكومة العراقية الحالية أنها تراهن علي الدعم الأمريكي بدلا من رهانها علي مكونات شعبها وطوائفه المختلفة من سنة وشيعة وكرد ولكن هذا الرهان قد تبدد بعد الشكوك التي أثارتها أجهزة الاستخبارات الامريكية وبعد التصريحات المتناقضة للرئيس بوش حول حكومة المالكي والذي يبدو أنه سيأخذ تقرير الاستخبارات مأخذ الجد وأن اتخاذ القرار بهذا الشأن مسألة وقت ليس إلا.

من الواضح أن الأمريكان يبحثون عن بديل للمالكي يحقق لهم بعض المصداقية خاصة بعد الفشل الذريع الذي حصدوه بالعراق أمنيا وسياسيا ولذلك فإن دخول واشنطن في مشاورات مع الجامعة العربية وبعض الدول النافذة لعقد مؤتمر جديد حول العراق يمثل سيناريو مقبولاً بمشاركة العرب والذي يجب أن يكون دورهم واضحا لصالح العراق كدولة موحدة لا لصالح حكومة تدخل العراق في أزمات ومشاكل قد تقود في نهاية الامر الي تفتيت العراق وتمزيقه.

فالأوضاع بالعراق وصلت حدا من السوء بحيث لايمكن لأي عراقي أو عربي السكوت عليها ورغم ذلك يصر المالكي علي المضي قدما في السياسة ذاتها التي قادت الي هذه الأوضاع المأساوية بتشكيل تحالفات طائفية تبعد كتلاً سياسية وطوائف نافذة عن لعب أي دور في حاضر ومستقبل بلادهم وهو أمر مرفوض باعتبار أنه سيقود الأوضاع الي مزيد من التدهور الذي قد يوصل العراق مرحلة اللادولة.

إن المطلوب عراقيا عدم الرهان علي التناقض الأمريكي أو دعم بوش لان الإدارة الامريكية نفسها تعيش في ورطة وأزمة بسبب المستنقع العراقي وتبحث عن وسيلة للخروج من هذه الورطة والتي أكدت تقارير الاستخبارات الامريكية مدي تأثرها سلبا بأداء حكومة المالكي، الأمر الذي جعل بعض النافذين الأمريكان يطالبون صراحة بضرورة اسقاط هذه الحكومة.

ان انسحاب أكثر من 17وزيرا من أي حكومة ليس بالأمر السهل كما ان ما حدث بالعراق أمر لا يجب التقليل من شأنه خاصة وان انسحاب كتلة علاوي وجبهة التوافق والتيار الصدري من الحكومة جاء بسبب عدم تنفيذ البرنامج المتفق عليه من قبل جميع الكتل والقوائم ولذلك فليس من المقبول تجاهل مطالب هذه الكتل خاصة بعد إعلانها قيام تحالف معارض يضم أكثر من 275 نائبا بالبرلمان.

الجميع يدركون خطورة الأوضاع الراهنة بالعراق، فالإدارة الأمريكية بصدد مراجعة موقفها بتقرير مفصل وسط دعوات لسحب القوات أو تخفيضها، بينما تعاني حكومة المالكي من اضطراب سياسي بينما يصر هو علي عدم التراجع عن مواقفه وهو امر قد يقود واشنطن في النهاية الي التخلص منه رغم ان قضية العراق ليست في من يحكمه وانما في إخراجه من وهدته الحالية وأن ذلك لن يتم إلا باعتراف واشنطن بالفشل والسماح للعراقيين بتكوين حكومة جديدة عبر مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحدا.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
صباح جديد .. رؤساء أحياء أموات (1 - 2)

طه خليفة
الراية قطر
أن كثيرين كانوا يعرفون حتي فجر أمس الأول الجمعة أنه كان هناك رئيس سابق للعراق ما زال علي قيد الحياة هو عبدالرحمن عارف.

بالنسبة لي علي الأقل فقد علمت بهذا الأمر من النبأ الذي بثته وكالات الأنباء عن وفاة عارف في عمان. هل أمزح وأقول إن وجود هذا الرئيس السابق علي قيد الحياة طوال هذه الفترة كان ميزة تحسب للرئيس الراحل صدام حسين؟.

فالقاعدة أنه لا يبقي رئيس عربي سابق علي قيد الحياة في ظل وجود رئيس يحكم ويقبض علي السلطة بيديه. لكن الحمد لله أنه ظهر لهذه القاعدة استثناءات ممثلة بالمرحوم عارف وبالرئيسين الباقيين علي قيد الحياة - متعهما الله بالصحة - سوار الذهب في السودان وأعلي ولد فال في موريتانيا.

والأمنية الغالية هنا أن نشهد في البلدان العربية ذات النظام الرئاسي رؤساء سابقين يعيشون في بلدانهم ويتمتعون بكافة حقوقهم القانونية والسياسية والدستورية مثلما يحدث في الغرب، فلا يخرج الرئيس من قصر الحكم الي السجن أو النفي أو العزل في بيته أو لا يغادر هذا البيت إلا الي القبر مثلما حدث مع الرئيس المصري الأول بعد ثورة يوليو اللواء محمد نجيب. نعم إنه أول رئيس لمصر وليس جمال عبدالناصر كما يفهم أغلب المصريين.

وقد حدث عندما تقدمت بأوراق قيدي لنقابة الصحفيين عام 1994 وكانت النقابة قد ابتدأت ولأول مرة إخضاع المتقدمين لاختبار في المعلومات العامة وكان نصيبي سؤال من الراحل الأستاذ جلال عيسي عن أول رئيس لمصر، فقلت دون تردد إنه محمد نجيب، وكان عيسي يغمزني بهذا السؤال حيث كنت أعمل في الأحرار التي يرأس تحريرها مصطفي بكري، وربما كان ظن السائل أنني سأزيف التاريخ لأجل إرضاء رئيس التحرير صاحب الاتجاه الناصري.

عندما غضب عبدالناصر علي نجيب وأطاح به من الرئاسة ومن مجلس قيادة الثورة فإنه نقله للعيش في فيللا في المرج وهي كانت حياة أقسي من السجن حيث كان يعامل بجلافة وشدة ولم يكن مسموحاً له بالخروج أو بالزيارة أو بلقاء أي كان.

إنه إذلال ما بعده إذلال وسحق للكرامة الإنسانية لرجل كان وجوده علي رأس مجموعة الضباط الأحرار الشبان آنذاك سبباً مهماً في نجاح حركتهم وفي تقبل الناس لها. ولن يغفر التاريخ لعبدالناصر هذا القهر والإهانة والإذلال والديكتاتورية تجاه نجيب.

أظن أن الرئيسين الحاليين سوار الذهب واعلي ولد فال مقدران في بلديهما وفي خارجهما ولا تمسهما السلطة الحاكمة وهذا جيد وتطور في عقلية الاستبداد والتفرد العربية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
العراق.. هل هنالك بداية لتحول أميركي؟
ناصيف حتي
البيان الامارات
تقول إحصاءات المفوضية العليا للاجئين إن هنالك لاجئا أو نازحا بين كل 7 مواطنين عراقيين. وظروف النزيف البشري مازالت قائمة بل تزداد قوة كل يوم. وتقول إحصاءات شهر يوليو إن القتلى قد زاد عددهم على ألف وستمئة مواطن. وتصف النيوزويك العراق بأنه قد عاد أو أعيد إلى ما قبل العصر الصناعي.
والأخطر من ذلك أن العراق يتجه بسرعة نحو هاوية الانتحار الجماعي: سقوط الدولة وتمزق المجتمع، وان المشهد المأساوي العراقي، مشهد التقتيل والتهجير صار مشهدا مألوفا استقر في اللوحة السياسية السوداء في الشرق الأوسط. واشنطن التي تزداد غرقا في الرمال العراقية المتحركة، غير قادرة على اعتماد خيار شمشوم أو الانسحاب الكلي والسريع من العراق ولو أن بعض الأصوات تلوح أحيانا بذلك .. وبشكل خافت ولكن دون أي قناعة أو مصداقية بسبب التداعيات الخطيرة لانسحاب من هذا النوع على مصالح واشنطن وصورتها ومصداقيتها ليس فقط في العراق أو في الشرق الأوسط بل في العالم، وحتى ألد خصومها يعتبرون أن هذا الخيار غير واقعي ومليء بالمخاطر على مصالح الجميع ولو في أوقات قد تكون متفاوتة وبأشكال مختلفة. واشنطن غير القادرة أيضا على إحداث تقدم فعلي يؤدي إلى تغيير أساسي في السياق العام للحالة العراقية رغم استراتيجيتها الجديدة التي جاء التقرير التمهيدي التقويمي لها في منتصف الشهر الفائت ليصفها بأنها غير مرضية على المستوى السياسي بانتظار التقرير النهائي الشهر المقبل، واشنطن واقعة بين انسحاب يؤدي إلى الفوضى وانتشار الحرب الأهلية وتعميق الانهيار الكلي وبين الاستمرار في السياسة الجديدة القديمة التي لن تمنع أيضاً ما يجري التحذير منه: واشنطن تجد نفسها كليا عالقة في الفخ العراقي. في ظل هذا الوضع تأتي دعوة سفيرها في نيويورك وسفيرها السابق في العراق زلماي خليل زاد لدور أكثر نشاطا للأمم المتحدة «للمساعدة في تدويل الجهود لفرض الاستقرار» عبر تعيين موفد خاص وعقد نوع من المنتدى الإقليمي لدول الجوار ومشاركة الأطراف العراقية لإخراج العراق من النفق المظلم الذي دخل فيه. والجدير بالذكر ان هنري كيسنجر كان قد سبق زلماي زاد في الدعوة لمنتدى متعدد الأطراف على نمط مؤتمر شرم الشيخ «العراقي» كإطار للبحث عن تسوية سياسية تؤدي إلى الانسحاب الأميركي وتسهل حصولها باعتبار أن التسوية السياسية هي وحدها التي تسمح بخروج مشرف للقوات الأميركية.
أسباب عدة أحدثت هذا التغيير الذي يبقي التساؤل قائما حول مداه وفيما إذا كان قد يؤدي ولو بشكل تدريجي إلى قطيعة مع السياسة السابقة المستمرة للولايات المتحدة وما إذا كان يشكل عودة ولو متأخرة ومحدودة وخجولة وصامتة نحو اعتماد مقترحات تقرير بيكر هاملتون. من أسباب هذا التغير تبلور القناعة بوصول سياسة واشنطن إلى حائط مسدود فيما تزداد تكلفة هذه السياسة كل يوم وأيا كانت التأويلات والتعليلات التي تعطى لتبرير هذا الفشل، ووصول المعارضة الشعبية والسياسية لسياسة الإدارة الأميركية إلى أعلى مستوياتها، وازدياد الحوار حدة بين المحافظين الجدد والمتشددين بقيادة نائب الرئيس ديك تشيني من جهة وجماعة الواقعية الجديدة حول وزارة الخارجية وفي أوساط الحزب الجمهوري والمؤسسة الاستراتيجية من جهة أخرى. واهتزاز سياسة الأحادية الحادة على مستوى «التنظير» الفكري والسياسي بعد ظهور نتائجها في العراق وغيره وبالطبع تحول العراق إلى عنوان أساسي في معركة الرئاسة الأميركية وازدياد القناعة بأن المعالجات الأمنية المتغيرة ومحاولات التوصل إلى تفاهمات أمنية مع إيران عبر عزل الملف العراقي عن ملفات أخرى وبواسطة صيغة اللقاء الثلاثي الذي يضم العراق بقيت ذات نتائج محدودة جدا ولا تغير أو تبطئ في مسار الانهيار.


لكن هل تريد واشنطن دورا ناشطا للأمم المتحدة، يرعى منتدى إقليميا ذا طابع إقليمي بشكل أو بآخر ولكن في إطار تدعيم سياستها وتحت سقف هذه السياسة وبغية مدها بالأكسجين الضروري للاستمرار والانتعاش، بمعنى آخر هل تريد واشنطن «سيارة» أممية لتقودها بالسرعة والاتجاه الذي تريده على طريق بغداد بعد أن تعطلت «سيارتها» في العراق، أم أن واشنطن قد تتحول تدريجيا ضمن أفق زمني يبقى غير معروف بعد، إلى قطيعة مع سياستها الماضية المستمرة نحو القبول «لجرع كأس» تدويل التسوية بعد الفشل المتكرر في أمركتها. وقد تبدأ واشنطن بهذا التحول البطيء والمتعثر في العام الأخير من إدارة بوش ليأخذ هذا التحول زخمه ويستقر كسياسة جديدة مع الإدارة القادمة التي من شبه المؤكد أنها ستكون إدارة ديمقراطية. الزيارة المفاجأة لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى بغداد والتي تعلن بداية عودة فرنسا إلى العراق والتي تندرج في المقاربة الدبلوماسية النشطة نحو بؤر التوتر كما بدت في المئة يوم الأولى للرئيس ساركوزي من دارفور إلى لبنان إلى العراق، تعكس عودة الحرارة إلى العلاقات الفرنسية الأميركية دون أن يعني ذلك تطابق المواقف أو التراجع عن موقف الأمس فيما خص العراق كما ذكر كوشنير مع التأكيد مجددا على قلب الصفحة التي سبق . وقال بها الرئيس شيراك ولكن مع الاستعداد هذه المرة للمشاركة في كتابة صفحة جديدة في العراق، تبدو الفرصة متاحة بل ضرورية لها مع حاجة واشنطن الماسة للمساعدة للخروج من المستنقع العراقي. وقد ذكر كوشنير بعناصر هامة تدعم هذه الفرصة وهي انه لا يوجد حل عسكري، وانه من الضروري إشراك فعلي وبالتالي فعال لكافة مكونات الشعب العراقي إلى جانب تعزيز دور الأمم المتحدة والانفتاح القوي على فكرة عقد مؤتمر دولي حول العراق مع التأكيد على الحفاظ على الوحدة الترابية له. المؤتمر أو المنتدى الإقليمي الدولي الذي قد يعقد نهاية الشهر القادم وربما في نيويورك والدينامية السياسية التي ستتبلور حوله ستشكل الامتحان الأساسي لاستكشاف مدى هذا التحول، وللأوروبيين في هذا الخصوص دور أساسي لدفع واشنطن باتجاه التغيير، تغيير المقاربة السياسية، فاستفحال الأزمة له تداعيات سلبية ليس على واشنطن فحسب وللأوروبيين مصلحة بعدم هزيمة حليفهم الاستراتيجي في المنطقة إلى جانب مصلحتهم المباشرة بالطبع لإطفاء الحريق العراقي الذي قد ينتشر في الشرق الأوسط.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
ماذا يعنى هذا؟
ممدوح طه
البيان الامارات
في ظل ما تشهده المنطقة من احتمالات مجهولة ومعلومة بفعل التخبط الأميركي السياسي والعسكري في العراق، ومن تهديدات عسكرية متباينة ضد سوريا ولبنان، وضغوط وحصار واعتداءات على غزة ومحاولات أميركية وإسرائيلية فجة لمنع المصالحة الوطنية الفلسطينية بين فتح وحماس لتكريس القطيعة بين الضفة والقطاع، ودفع للأوضاع في لبنان نحو مزيد من التأزيم القابل للتفجير والسعي المتعمد لإفشال الدور العربي لاحتواء الأزمة..


فإن الإصرار المتعمد على تقسيم الصف العربي وتعلية الجدار العازل بين العرب والعرب، وبين المسلمين والمسلمين، وزرع الفتنة وافتعال المعارك السياسية والإعلامية المؤسفة بين المعتدلين والممانعين خصوصا بين الرياض ودمشق، لابد أن يلقى بآثاره السلبية على كل المحاولات الإيجابية لتقوية الموقف العربي التضامني أو التفاوضي لحل الأزمات الكبرى في المنطقة.


وخصوصاً في الملفات الرئيسية الثلاثة الفلسطينية والعراقية واللبنانية، حيث يبدو واضحا استمرار محاولات تعميق الهوة بين الأطراف العربية من كل مواقع الاصطفاف السياسية، وعرقلة كل الجهود لجسر الهوة بين الأطراف الوطنية أو العربية أو الإقليمية سواء بالوعي أو باللاوعي، أو بما هو مبرر من تباين في الرؤى أو بما هو مدبر ومقرر لهذه المنطقة من مشاريع صهيونية أميركية مشبوهة..


مما يجعل حضور الأطراف العربية لأي مؤتمر إقليمي أو دولي ـ بهذه الصورة المؤسفة ـ سواء بالاقتراح الأميركي حول فلسطين أو بالاقتراح الفرنسي حول لبنان، أو حول العراق بمشاركة الأطراف الإقليمية المعنية كافة وبرعاية الأطراف الدولية الفاعلة كافة هو أشبه بالكارثة. فكيف يمكن مثلا أن يذهب بعض العرب وبعض الفلسطينيين إلى مؤتمر دولي لحل قضية كل العرب بغياب البعض الآخر أو بالقطيعة معه؟!


.. وهل يمكن أن يجري التفاوض بين المحتلين للأرض وبين من لا أراض محتلة لهم دون كل أصحاب الأرض المحتلة أنفسهم؟


وهل يمكن واقعيا أو منطقيا أن ينجح تطبيق اتفاق ما على الأرض لإسرائيل مع فتح دون حماس في فلسطين، أو مع حكومة السنيورة السنية دون الوزراء الشيعة في لبنان، أو مع حكومة المالكي الشيعية الكردية دون الوزراء السنة في العراق، أو مع السعودية صاحبة المبادرة السلامية دون سوريا صاحبة القضية الأصلية للجولان المحتل ؟!.


. ثم ماذا يعني تضخيم وتعميق الخلاف عن سابق إصرار بين الرياض ودمشق بعد زيارة رايس وبعد صفقة السلاح وقبل المؤتمر.. وهل يعني الإعلان عن الصفقة تزامنا مع الإعلان عن المؤتمر تمكين إسرائيل بالسلاح الأكبر من فرض سلامها على العرب، وبالسلاح الأصغر زرع الفتنة بين العرب والعرب ودفع العرب المعتدلين للمواجهة مع العرب الممانعين للسلام الأميركي الإسرائيلي؟!.


و..هل يمكن للعرب الذهاب بهذه المعطيات السلبية إلى مؤتمر الخريف للسلام أو إلى أي مؤتمر إقليمي أو دولي آخر في ظل أحادية الهيمنة الأميركية وفى ظل وصاية أميركا على ملف الصراع العربي الإسرائيلي، وفى ضوء ما أعادت الإدارة الأميركية إعلانه في العام 2007 بضمان أمن إسرائيل والتزامها بتسليحها بما يضمن تفوقها الكمي والنوعي عسكريا على الجيوش العربية مجتمعة، بما يعيد إلى الأذهان «التصريح الثلاثي» الذي أعلنته أميركا وبريطانيا وفرنسا عام 1950 الذي يحظر تزويد المنطقة بالسلاح إلا في إطار سياسة هذه الدول تجاه المنطقة؟


وإذا كان التصريح الثلاثي عام 50 ترتب عليه استمرار التفوق الكمي والنوعي الإسرائيلي، بما ضمن استمرار إسرائيل في احتلال78% من أرض فلسطين بعد حرب عام 48 بالمخالفة للقرار الدولي بتقسيم فلسطين عام 1947، فماذا يا ترى سيترتب على «التصريح الأحادي» الأميركي الجديد هذا العام من ضمانات لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية بعد حرب عام 67 بالمخالفة للقرارات الدولية القاضية بالانسحاب الإسرائيلي.


حيث لا يجوز ضم أراضي الغير بالقوة وبعدم مكافئة المعتدى على عدوانه؟!.و أخيرا هل يمكن للعرب والمسلمين دون إعادة تضامنهم مواجهة هذا التحدي الأميركي الجديد.. وهل هي رسالة أميركية صهيونية جديدة للعرب وللمسلمين في هذا «الشرق الجديد» بالاستسلام التام أو الموت الزؤام؟!


ربما.. ولكن هل يكون افتعال الخلافات وتعميق المواجهات هو استجابة بعض الحكماء المسلمين لهذا التحدي؟.. أم يحسب بعض العقلاء العرب أن هذا هو الرد المطلوب لهذه الرسالة؟.. لا أظن.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
العراقْ بينَ دمشق والخليج.. أين الطريق
مهنا الحبيل
الشرق قطر
خلالَ الأسابيع الماضية تزايد الاحتقان واشتد على الساحة العربية الإقليمية مع تداخلات معقدة عديدة على عدة أصعدة وكان العراق فيها كالمعتاد محورْ هذا الاحتقان والمواجهة سواءً كانَ ذلكَ من حيث مآلاتْ مستقبله الذاتي بينَ الوحدة والتحرير والإنقاذ الوطني الذي تقوده المقاومة الإسلامية الوطنية في العراق ومعها القاعدة الصلبة الحقيقية للقوى المناهضة للاحتلال منذ التاسع من أبريل والاحتلال المقصود هنا بمعناه الحقيقي القائم على الأرض الممتزج بينَ الأعمال العسكرية العدوانية للاحتلال والعملية السياسية الصادرة عنه والمندمجة معَ مشروعه وهذا يعني أن طرفي الاحتلال هُما في ذاتِ المسؤولية بغضّ النظر عن تعدد أدوارهما وصورهما في واشنطن وطهرانْ.

هذا الاحتلال المزدوج بلا شك كانَ ولا يزالْ مسؤولا عن تقسيمِ المجتمع واحتقانه واستزراع ميلشياتٍ أثارت الفوضى وأراقت الدماء وقتلت العراق إنساناً وأرضاً وبالتاليْ فإن مسؤوليتها قائمة في استقدامْ مجموعاتِ العنف والفوضى الوحشية أكانَ ذلك قائماً على يديّ مخابراتها أو اختراقاتها أو تقاطعاتها الأمنية أو كان انطلاقاً ذاتياً من تلك المجموعات هيأ لها المحتلون هذا الواقع المروع الذي استقدمهم واستفز فيهم روحاً لا تعقلْ ولا تعيْ ولا تُقدرُ مصلحةً ولا تحترمُ النفس التي حرَّمَ اللهُ قتلها.

وطريقتي في صياغة الرؤية التحليلية لمستجدات المنطقة أحرصُ فيها دائماً على الابتعاد عن الضجيج والحرب الإعلامية بين هذه الأطراف العربية المتداخلة في صراعها مع المحور الإقليمي والدولي خاصةً وأن الضجيج قد يُخفيْ وراءه حقائق أمنية وسياسية على الأرض تُقدم الصورة الحقيقية للحدث ومدى تورط هذا الطرف أو ذاك فيه.

دمشق في عين الحدث مرة أخرى
لقد انصبت الأنظار مجدداً إلى دمشق وكنتُ قد توقعتُ ذلك حينَ ذكرت بأن دمشق اللاعب الرئيسي في بغداد " 3 " وذلك قبل تصريحات نائب الرئيس السوري بغض النظر عن دوافعها أو ردود الأفعال عليها.

لكن الحراك السياسيْ الذي شهدته دمشق وبغداد وطهران تتابعَ وفقْ نفسِ المسار الذي حددتهُ في تحليلي للموقف السوري الإيراني ومهمة دمشق القائمة الآن على شراكة اندماجية حقيقية معَ حكومة الاحتلال التي يقودها نوري المالكي لتحقيق ثمرة وحدة الموقف بينها وبين طهران وبالتالي تأمين إعادة ولادة العملية السياسية لنفس التيار والأحزاب التي رعاها الاحتلال ونفذ من خلالها إلى العراق وتثبيت هذه النتيجة حكماً طائفياً على العراقْ لمصلحة هذا المحور.

وهذه عملية دقيقة جداً للغاية فيها من الصراع والتحالف بينَ المحورين مساراتٌ حساسة غيرَ أنَّ محور طهران لا يزالُ هوَ المتغلب على الأرض بغض النظر عن تزايد التوقعات بالعمل العسكري المتوقع أن تُوجهه واشنطن لإيرانْ وسنفردُ ذلك في بحثٍ مستقل وإن كنتُ سابقاً قد تعرضتُ لذلك وذكرت أنه ليسَ من مصلحة الخليج وأمنه العربي واستقراره السياسي اندلاعُ هذه الحرب.

أبرز حدثين رئيسيين يدخل في دراسة هذا المسار المعقد هوَ تعزيز الموقف السوري في مواجهة مشروع المقاومة الإسلامية الوطنية في العراق وذلك من خلال زيارة نوري المالكي لدمشق وإعلان الجانبين بشكل واضح وصريح تأييد دمشق للعملية السياسية القائمة والنص على تأييدها للعمليات الأمنية التي تقوم بها القوات الدولية وقوات حكومة الاحتلال في العراق وتزامن ذلك مع زيارة للسيد نجاد الرئيس الإيراني إلى كابلْ أعلنَ فيها دعمهُ للحكومة الأفغانية التي عينها الأمريكيون بقيادة كرزاي مما أعاد الحديثَ مجدداً لتقرير بيكر هاملتون والذي أثنى فيه التقرير على موقف طهران خلال الحربين على بغداد وكابلْ ونصَّ التقريرُ في حينه على نصحه للإدارة الأمريكية بحثّ طهران على استئناف هذا الدور.

ولسنا هُنا نطرح هذه السياقات على أنها رهنٌ لاتفاقٍ محدد المعالم بحثته طهران وواشنطن في مفاوضاتهما الأمنية الأخيرة ولكنها قطعاً ستبقى لعباً بالبطاقات الأخيرة للطرفين سواءً وقعت المواجهةُ أو أُجلتْ ولعلَّ ما يُسندُ هذه الصورة المؤتمر الأمني الذي عُقدَ قي دمشق وحضرته واشنطن وقاطعتهُ السعودية وهو ما تلاه الهجوم المباشر على المملكة.

الهجوم السوري على الرياض.. قراءةٌ أخرى
رغمَ التنديد الأمريكي الموسمي الدائم بدمشق فإنَّ تسلسل الهجوم على السعودية من كلا الطرفين المحور الأمريكي والمحور الإيراني خاصة في تحميلها مسؤولية ما أفرزه الاحتلال من اضطرابٍ أمنيْ قد تزايدَ بشكلٍ مُنظم منذ تصريح الملك عبدالله حينَ وصف العراق بأنهُ ضحية احتلالٍ ظالم وطائفية بغيضة غيرَ أن التصريحات المتتابعة مؤخراً لتحميل الرياض المسؤولية الأمنية رغمَ ما يظهرُ جلياً من أن عمليات العنف العشوائية التي يرتكبها شبابٌ سعوديون تُوظفهم حالةُ الفوضى القائمة منذ الاحتلال في العراقْ هوَ عملٌ فردي مستقلْ ينشأ من فكرةٍ يتلقاها هذا الشاب ثم تصل إلى عبوره للحدود واستيعابه من قبل هذه المجموعات الحقيقية في انتمائها للقاعدة أو الوهمية والتي تُدار من قبلْ العملية الأمنية المشتركة لطهران وواشنطن هذا التسرب لا يمكن أن يقارن بميليشيات عسكرية وأجهزة أمنية ضخمة تدار مباشرة من طهران ومن هنا يبدوا جليا حجم التلاعب الإعلامي بالقضية.

وأعقبَ هجوم خليل زاده المشهور تصريحاتٍ عنيفة متتالية من أطرافٍ في الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق ضد السعودية ثم تلاهُ تصريح علي الأحمد رئيس معهد الخليج للدراسات وهوَ أحدْ مناضلي أيدلوجية الثورة الإيرانية التي تحولت مهمته إلى واشنطن تحتَ المظلة الحقوقية والمعروف بدعمْ أعضاء الكونغرس الموالين لإسرائيل له وقد شُوهدَ في مناسباتٍ عدة عبرَ شهاداتٍ ألقاها في المؤسسات الأمريكية محاولاً إثبات أن المجتمع السعودي مجتمعٌ إرهابي بانتمائه الديني المجرد من خلال استشهاده بحديث صحيح مسلم المشهور ( لتقاتلنّ اليهود وتقتلونهم... الحديث ) باعتبار أن المجتمع السعودي يؤمن بهذا الحديث.. أما تصريح علي الأحمد فهـــو :" ان السعودية ستدفع ثمن دعمها للإرهاب في العراق " وأعقبَ ذلك ما ورد في خطاب السيد نصر الله من " تحذير " حسب تعبيره من تقسيم السعودية وهوَ ما ينتقلُ إلى مفهوم التهديد أحياناً لأن الجماعة الفكرية العقائدية الوحيدة التي تتناغم معَ مشروع التقسيم هيَ ذات بناء أيدلوجي إيراني مشترك بينها وبين فرع الثورة في لبنان وسيتضح ذلكَ أكثر في السياق القادمْ ثمّ اختتمت سلسلة هذه الهجمات بهجوم الشرع الأخير وما يهمُّني هنا القسم الذي يخدم المشروع الإيراني في الهجوم بغض النظر عن أجواء الصراعْ الإعلامي والسياسي بين الطرفين.

تطورات الوضع العراقي ومعسكرات البقاع.. أين المشترك
المعروف تماماً لدى المحللين السياسيين في المنطقة أن بناء أذرعة الثورة الإيرانية في الخليج كانَ يمرُّ عبرَ دمشق وذلك من خلال عبور الآلاف من مناضلي أيدلوجية الثورة الإيرانية إلى إيرانْ عبرَ البطاقات المرفقة بجوازاتهم فتختم البطاقة في الدخول والخروج دون الجواز والتي كانت تُرفقها المعابر السورية فيعبرُ أولئك الشباب من دول الخليج سواءً للتدريب العسكري في البقاع اللبناني أو التلقي الفكري والعقائدي وهوَ ما كانَ لهُ أثرٌ كبيرٌ في تأزمُ العلاقات الطائفية في المجتمع العربي في الخليج وبروز خطاب المحاصصة الطائفية الذي تبنته واشنطن في المنطقة ثمَّ حصلَ انكسارٌ تاريخي في هذه الحركة الثقافية توجه بها للشراكة السياسية والإعلامية مع واشنطن تحت اللافتات الحقوقية وتكثفتْ هذه الاتصالات وصولاً إلى التلاعبْ بالتركيبة الديموغرافية للمنطقة والاستثمار السياسي لها كلٌ بحسبِ مصالحه الإستراتيجية الكبرى.

ومعَ تبين قدرة دمشق وتفوقها في اختراقْ مجموعات الشباب السعودي وتشكيلها من خلال مشائخ يتبنون المظهر والخطاب السلفي فيعيدون توظيف أولئك الشباب لأهداف لا يُمكن تقديرُ مداها الأمني إلا أن ذلك يُعطينا دلالةً واحدةً هي التي ترتكزُ عليها مفاصل هذه الخطة الأمنية وهي رسالة ومشروع في آن واحد بأن دمشق ستفعل هاتين البطاقتين في معركة العراق الدائرة أو انعكاساتها عليها والتلويح ببطاقة تهديد للطرف العربي الذي قد يُفشلْ ثمرة وخلاصة التعاون الأمريكي الإيراني في احتلال العراق لكي يقوم كيان مسلوب الإرادة يخضعُ لإستراتيجية طهران ودمشق ويبقى تفاوضهما مع الأمريكيين عند بدء الانسحاب هو المحدد الأكبر لهذه القضية وليسَ قوى المقاومة الوطنية العراقية والقوى السياسية المناهضة للاحتلال إلا بالقدر الذي تتحكمُ فيه دمشق بهذه القوى فتحول هذا الحضور والإنجاز العسكري التاريخي الكبير إلى إحدى بطاقاتها التفاوضية مع واشنطن.

وإدراك هذه الرسالة من قبل القيادة السعودية هو ما يُفسر ردة الفعل القوية من الرياض بصورة مفاجئة لم تعتد عليها دمشق التي كانت تُراهن دائماً على أن التهديدات الضمنية تُعطيها مساحة أكبر للحراك لكن التغير الذي طرأ على السياسة الخارجية السعودية بعد تولي الملك عبدالله فاجأ دمشق بهذا الموقف.

التفوق سيكون حليفاً للقويّ والمستقلْ
هذه الوضعية المتقدمة تتداخلُ بلا شك معَ الموقف الأمريكي المضطرب من نتائج انسحابه النسبي وإعادة توزيع قواته في العراق والجامح في آنٍ واحد إلى تصحيح وإنقاذ وضعه الاستراتيجي في نفس الوقت الذي يسعى فيه لتأمين حالة سياسية تستغرقها وتستهلكها أحلامُ السلامْ مدةً من الزمنْ يُؤمنُ خلالها مرحلياً الكيانُ الصهيوني بسياجٍ أمنيٍ آخر عبرَ السياسة الداخلية التي يُديرها محمود عباس أو السياقات الأمنية الموازية.

ولكن الحالة في العراق مختلفة إذا أدركَ الطرف العربي المستقل عن واشنطن وطهران ولو كانَ هذا الاستقلال عن الإرادة الدولية قائماً وحسب على حماية مصالحه الأمنية ومستقبل استقراره وهويته في المنطقة والطرف هُنا بالطبع سيكونْ المملكة العربية السعودية ودول الخليج.

إن استثمار التقاطعات الناجحة والحضور الفاعل والمؤثر هي التي تكفلُ النجاح للسياسة الخارجية للعمق العربي الإسلامي في الخليج الذي بالضرورة تتقاطع مصلحته مع استقرار العراق المستقل والعربي والموحد وهوَ بالضبط نقيض ما ذكرهُ العاهل السعودي من السبب الحقيقي لتدمير العراق احتلالٌ ظالم وحكمٌ طائفي بغيض وعلى ذلك فأمامَ المملكة فرصة كبيرة بأن يتحول هذا الموقف إلى خيار رادعْ ليسَ لمصلحة وحدة العراق وإنقاذه فحسب ولكن لحماية الأمن القومي السعودي وذلك عبر استضافة مؤتمر القوى المناهضة للاحتلال بما فيها الممثلون السياسيون لفصائل المقاومة الوطنية العراقية للخروج بميثاقٍ وطنيٍ عراقيْ يكفلُ الانتقال الأكثر سلامة وأمناً للمنطقة من خلال حكومة العراق الحر الانتقالي والتي ستعملُ على توحيد نسيجه الاجتماعي واستعادة رباطه العربي خاصةً أن هذه المقاومة هي القوة الأولى الفاعلة على الأرض من الأطراف العراقية وذلك في تحديد مسارات مستقبلْ العراق ووحدتـــه.

وأما الطرف الأمريكي فلا بدَّ من أن يتحملَ مسؤولية عدوانه التاريخي ولكن ذلك أيضاً لن يمنعه من أن يستفيد من انسحابْ مؤمن له في حال قبلَ التعامل مع نتائج هذا المؤتمر.
إن المدارات الدقيقة والحالة الحرجة التي يعيشها العراق والخليج تجعل من الضرورة لمن يُريد أن يُؤمّن استقلاله واستقراره أن يكون حراكه ومشروعه مستقلٌ بإرادته الوطنية فالحالة الأمريكية المضطربة للغاية في الداخل الأمريكي وعلى الساحة العراقية لا يمكن أن يُعتمد عليها أو يُوثقَ بها فضلاً عن مبادئ أي انتماءٍ عربي إسلامي ولذا فإن لم تكنْ للدولة العربية الإسلامية المحورية في المنطقة مشاريعُ مستقبلية تتواصلُ بها مع الأطراف الوطنية على الساحة العراقية فلن ترحم الأحداث هذا الخليج وسيلجأ الأمريكيون حينها للتعامل مع هذا الطرف الإقليمي القوي الذي بسط سيطرتهُ على الأرض وسيُطرح حينها ماذا بعدَ العراق.

والمراهنة على تفوق الأمريكيين في الضربة العسكرية ووضع كل البيض في سلتهم مرَّة أخرى سيكونُ هذه المرَّة التضحية بحزامِ السلامة الأخيــــر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
.. قتل بدم بارد
أيمن عبوشي ..
الراية قطر
هناك في العراق أكثر من أربعة آلاف رجل آلي، يخدمون في القوات المسلحة الأمريكية، ويؤدون دورا كبيرا خاصة إذا عرفنا أن الكونغرس صادق علي مشروع برنامج عسكري يقضي بأن يتشكل ثلث الجيش الأمريكي من مركبات عسكرية بدون متحكم بشري، بغضون عام 2015، بغية تقليل التكاليف المادية، والخسائر البشرية.

لكن هذه الآلات القاتلة لديها أوامر مباشرة، بإطلاق النار، والإجهاز علي العدو بمجرد الاشتباه.. وهو ما يفقد الحرب البشرية بعدها الإنساني، ويجعل من الجميع عرضة للموت بسبب سوء تقدير الآلة، أو التزامها الأعمي بالإرشادات.

والاستعانة بالرجال الآليين في المعارك لا يعد سابقة أمريكية، فكل من إسرائيل وبريطانيا، وكوريا الجنوبية والصين وسنغافورة تستخدم الرجال الآليين في حراسة الحدود، أو تفجير المفخخات، أو الاستطلاع. وبقدر ما يمكن اعتبار الاستعانة بالآلة في الحروب، مرحلة متقدمة، وحفظا للدماء، فإننا نجد أن المعركة أصبحت عمياء، وأن الأخطاء غير المحسوبة من الأجهزة الإليكترونية قد تقتل المدنيين والعزل، ولا مجال بعد ذلك لمحاكمة عسكرية أو رادع أخلاقي.. علي الرغم من أن هذه الآلات يجري التحكم بها عن بعد بنظام الريموت كونترول المعروف.

بيد أن الأخطر علي الإطلاق، ما تسعي إليه الولايات المتحدة الأمريكية، من إيجاد رجال آليين قادرين علي اتخاذ قرار إطلاق النار بصورة فردية، ومن دون الرجوع لأوامر مباشرة من المتحكم البشري. ويستطيع الرجال الآليون القيام بأعمال الإغارة البرية والجوية علي أهداف محددة، وإطلاق النار بصورة مبرمجة، الأمر الذي قد يترك الحرب من دون أطر أخلاقية.

علي النقيض، قد يقترف البشر جرائم أبشع، ومذابح، عن قصد، لكن يظل ثمة خيط إنساني يحكم اللعبة العسكرية بكل تداعياتها المميتة.. علي عكس الرجال الآليين الذين تم إنتاجهم بهدف القتل بدم بارد، ولا مجال لأن يشعروا بخصومهم.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
هل يعقل خلاف بوش ـ المالكي؟
عبد الرحمن الراشد
الشرق الاوسط
رئيس وزراء العراق يعرف، أكثر من غيره، ان الولايات المتحدة اذا لم تكن راغبة في بقائه بالمنصب، لن يُكْمِلَ النهار في كرسيه. أعني إن كانت الرغبة جادة، وليست مجرد ضغوط كلامية تحاول إقناعه باتخاذ مسار سياسي آخر، او القبول بحل تصالحي مع الاطراف العراقية المعارضة له.

من المؤكد ان الاميركيين لم ينفقوا ثلاثمائة مليار دولار، ويضحوا بثلاثة آلاف من ابنائهم فقط من أجل التفرج على المسرح السياسي العراقي. فإن كانت واشنطن تعتقد، بشكل عميق، أن المالكي صار ضمن المعسكر الايراني ـ السوري، فإنها لن تكتفيَّ بالفرجة. الرئيس جورج بوش في كلمته الأخيرة نبه الى انه سيترك مصيره للشعب العراقي، في تلميح إلى انه قد لا يساند استمرار المالكي.

السؤال البديهي كيف يثق بوش بأن الشعب العراقي سيغير المالكي إن كان لا يريده رئيسا للوزراء؟

كلمة الشعب هنا لها معنى مختلف. المقصود أنه سيترك شأنه للبرلمانيين الذين سيعودون من اجازة الصيف بعد اسبوع، على اعتبار أن البرلمانيين هم ممثلو الشعب الذي انتخبهم، وهم الذين صوتوا على تعيين المالكي رئيسا للوزراء فقط قبل 17 شهراً مضت، ويستطيعون اخراجه من الحكم إن وجدت الأغلبية الكافية.

هل سيقنع بوش حزب المالكي بأن يتخلى عنه، ويأتي ببديل؟ هذا احتمال وارد. هل سيضغط على الاحزاب المقربة الأخرى، مثل الاكراد، والتي لديها وحدها 22 في المائة من البرلمان، وتتآلف مع الاحزاب الكثيرة التي تجمعت لتصوت ضد المالكي في البرلمان؟ ربما هذا أقرب الحلول المتوقعة إن بلغت الأمور مرحلة الحاجة الى التغيير.

المؤكد ان الشعب العراقي لن يتخلص من رئيس وزرائه على طريقة أيام زمان، من خلال عمليات القتل والسحل التي انهى بها كل الزعماء العراقيين السابقين، باستثناء رئيس واحد، بل من خلال آليات دستورية جاءت بالمالكي شخصيا الى الحكم، وهو سيقبل بتنحيته إن كانت الاغلبية ضده.

وبالتالي نحن نشهد تاريخاً مهماً في العراق نرى فيه كيف يحسم العراقيون خلافاتهم بدون الحاجة الى التآمر والاغتيال. ولو نجح التصالح السياسي وبقي المالكي، او جرى تغييره عبر البرلمان فانه انتصار للجميع، بمن فيه للمالكي نفسه. بوش قال ان الشعب العراقي هو الذي سيقرر رغم انه يملك اكبر ترسانة في العالم موجودة في العراق، تحرس أيضا دور الحكومة وكبار مسؤوليها.

ولا أظن ان واشنطن تعجز عن إسقاطه برلمانياً لو شاءت. الحقيقة أن واشنطن هي التي ساندته كل الفترة الماضية، وربما باتت الآن تفكر في اعطاء فرصة لرئيس وزراء آخر. فالمالكي يتهم بأنه عاجز عن التواصل مع الاحزاب التي تزايد خلافها معه الى درجة شبه عطلت المصالحة الوطنية. والمصالحة الوطنية مشروع ضروري، لأنها مفتاح السلام في العراق، ومفتاح الاستقرار، ومفتاح المستقبل، وتستحق التضحية بكل الافراد من اجل الجماعة، هذا إذا كان البديل قادرا على تحقيق المصالحة الوطنية المنتظرة.

نرى في المشهد العراقي اليوم منظرا غير مألوف، قادة خرجوا من الحكم واستمروا في العمل السياسي بدون خوف او وجل، نرى الدكتور اياد علاوي، والدكتور ابراهيم الجعفري، وربما الدكتور نوري المالكي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
إلى بوش.. العراق وفيتنام وضعان مختلفان تماماً
جيم هوغلاند
الشرق الاوسط

عندما يجد الرؤساء انفسهم في أوضاع صعبة، فإنهم يلجأون الى استخدام لهجة وخطاب يعكسان هذه الأوضاع، ويلفتون من ثم الاهتمام اليها. انضم الرئيس جورج بوش الى هذا الركب عندما أشار الى فشل الولايات المتحدة في فيتنام لتبرير بقاء القوات الاميركية في العراق.

مقارنة بوش بين النزاعين تذكّر بتعليق الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون عندما قال «أنا لست محتالا» خلال فضيحة ووترغيت، وبيل كلينتون عندما علق قائلا «لم تكن لي أية علاقات جنسية مع هذه المرأة، مونيكا لوينسكي»، وهما من شاكلة التعليقات التي تسفر عن نتائج غير مقصودة لها أثار ضارة للغاية بأي رئيس في الحكم.

فالأمر لا يقتصر فقط على ان حديث الرئيس بوش أمام الجنود والضباط الاميركيين السابقين الذين شاركوا في حروب خارجية عَكَس معرفته غير الدقيقة بالتاريخ وسلط الضوء مجددا على قراره بعدم المشاركة في حرب فيتنام وصب أيضا في مصلحة الحجج ضده وضد الحزب الجمهوري. الأمر الأكثر أهمية يتلخص في أن الأمر بالنسبة للاميركيين يتخلص في ان العراق يجسد فشلا اميركيا، مثلما كان عليه الحال في فيتنام، إلا ان هذا الفشل له ظروفه الخاصة به، بصرف النظر عن ماهية هذه الظروف في أي مرحلة.

بمعنى آخر، يرى الاميركيون ان ادارة بوش ظلت تغير باستمرار اهدافها في العراق بغرض تفادي الاعتراف بالفشل والمسؤولية، إلا ان الواقع يثبت في كل مرة ان هذه الأهداف غير ممكنة التحقيق. تحرير العراقيين اصبح احتلالا اميركيا، كما ان الديمقراطية اصبحت حكومة «وحدة وطنية» مركزية مستحيلة التحقيق، فضلا عن ان زيادة عدد القوات الاميركية في العراق هذا العام قد اصبحت أداة لتحقيق مصالحة سياسية بين جماعات لا ترغب في المصالحة.

مخاطبة بوش للاميركيين سعياً لصرف اهتمامهم عن التفكير حول خيار التراجع من العراق تركزت حول الإشارة الى العواقب الوخيمة على سكان فيتنام وكمبوديا نتيجة هزيمة عام 1975. إلا ان المقارنة تعيد الى الأذهان الواقع التاريخي المتمثل في ان تدخل الولايات المتحدة في الهند الصينية لا يمكن الدفاع عنه عندما اصبح تدخلا يشكل تهديدا للنسيج الاجتماعي الاميركي والانسجام الوطني، فضلا عن التهديد الذي بات يشكله ذلك التدخل على المؤسسات المسؤولة عن الحرب والجيش والاستخبارات ومؤسستي الرئاسة والكونغرس ايضا.

لحسن الحظ مستوى الخسائر في العراق لم يكن بنفس مستوى الخسائر والنزاعات المحلية في الولايات المتحدة التي تسببت فيها حرب فيتنام. يضاف الى ذلك ان النزاعين يختلفان بصورة كبيرة في الجانب المتعلق بالنتائج المحتملة على الصعيد الاقليمي. ولعل بوش على صواب حتى الآن في تفادي الدخول في القياس والتشبيه في هذه الجوانب.

إلا ان كلمات بوش تحث على النظر في الأضرار المتزايدة التي تسبب فيها نهجه فيما يتعلق بالحرب في العراق والأمن القومي بصورة عامة على المؤسسات الاميركية في مجتمع اميركي شهد تغيرات كبيرة منذ عام 1975.

بعض القادة العسكريين وضباط وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) وأعضاء الكونغرس عن الحزب الجمهوري والدبلوماسيين بوزارة الخارجية وغيرهم جعلوا الآن حماية سمعتهم ووظائفهم ومؤسساتهم أولوية خلال فترة ما بعد بوش، التي لم تعد بعيدة.

الحاجة الى حماية البيت الأبيض والبنتاغون والحزبين الجمهوري والديمقراطي من النتائج المترتبة على الفشل في العراق توضح جزءاً كبيراً من اللوم الذي القي على عاتق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في هذا الوقت المتأخر، على الرغم من ان عيوبه وصلاته الوثيقة مع ايران وسورية كانت واضحة تماما عندما ساعدت الادارة الاميركية على وصوله الى رئاسة الحكومة عام 2006.

فرص رئيس الوزراء العراقي في الوصول الى تشكيل حكومة «الوحدة الوطنية» التي طالب بها بوش ولم يكن المالكي يؤمن بها، تضاءلت الآن بفعل المناورات بغرض السعي الى تعزيز الموقف وتحقيق مكاسب خلال الشهور الأخيرة من ولاية بوش.

يعمل الجيش الاميركي على مساعدة المسلمين السنّة في العراق على تنظيم انفسهم في ميليشيات مسلحة تدين بالولاء، الى جانب العشيرة، لقادة اميركيين. كما ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية شكّلت جهاز استخبارات عراقيا لا تنفق عليه الحكومة العراقية. ومن المحتمل بالتالي ان تكون الوكالة هي التي تنفق عليه. إحجام الوكالة عن اتخاذ خطوة ضد المتمردين الأكراد الذين يعملون ضد ايران وتركيا ربما يكون ايضا جزءا من رؤية منفصلة تجاه الدور المستقبلي لوكالة الاستخبارات المركزية في العراق.

هذه المناورات ستنتهي الى الفشل في نهاية الأمر، تماما مثل محاولة بوش اليائسة في حديثه الاسبوع الماضي حول مخاوف المعارك السياسية ذات الصلة بفيتنام.

العراق وفيتنام وضعان مختلفان تمام الاختلاف. إلا ان المؤسسات الاميركية ومسؤوليها سيستمرون في الانصياع لقوانين واشنطن الخاصة بالحفاظ على الذات عندما تبدأ الحملات في الخارج في تهديد وجودهم.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
على أعتاب تقرير باتريوس: هل حقا فشلت استراتيجية الاندفاع؟
جابر حبيب جابر
الشرق الاوسط
قبل بضعة اشهر من اليوم، كتبت على هذا العمود مقالة حول الاستراتيجية الجديدة للرئيس بوش، التي اطلق عليها استراتيجية الاندفاع Surge وقلت فيها إن «الاندفاع.. يفترض ضرورة التعاطي بهجومية غير مسبوقة مع القضايا المؤجلة» وأن «أمريكا مع «الاندفاع» اقرب الى استعادة المبادرة، لأنها أخذت تفعل ما تفعله اي قوة عظمى، ان تدير تناقضات الآخرين، لا أن تكون جزءا منها»، واليوم نقترب من النقطة التي لا بد وأن يتم عندها تقويم تلك الاستراتيجية، وإعلان شهادة نجاحها أو وفاتها من قبل المسؤول المباشر عنها: الجنرال باتريوس.

الإدارة الأمريكية سبقت الحدث بمساع لجعل قراءة التقرير غير علنية، ربما لمنحها فرصة الاستعداد لردود الفعل او للبدء بمبادرة ما تمتص أي ضغوط ينتجها التقرير، لذا سيبدي باتريوس من الحكمة، بحيث انه لن يحرق مضامين تقريره بشكل عاجل، وبحيث انه يحافظ على مسافة واحدة تجاه البيت الابيض والكونغرس، تضفي على ما سيقوله احتراما كافيا لمنع بعض المنزعجين من الطعن في مصداقية تقريره، أو من ان يكون لطعنهم مصداقية عالية. وبعد كل شيء فإن تأكيد الرئيس بوش المتكرر بأنه يترك مسؤولية تقرير وضع القوات الامريكية في العراق الى العسكريين يمنح هذا التقريرأهمية كبيرة حتى مع تصريحات حكومية من هنا او هناك قد تحاول التقليل من شأنه، وحتى مع كون السفير كروكر المقرب من الادارة سيسهم في صياغة التقويم الأمريكي للوضع العراقي.

وهناك ميل لدى البعض من المحللين والكتاب والمواطنين العرب الى تبسيط الاشياء، والى فهمها مجردة من تعقيداتها ومنسجمة مع المنطق الثنائي الذي تتبناه الذهنية العربية، حيث المساحة الرمادية بين الأبيض والأسود تضيق الى حد التلاشي. غير ان حقيقة الاشياء تبرهن ان اللون الطاغي على خريطة العالم هو الرمادي، وان احداث العالم اكثر استعصاء على التصنيف الحاد، وان باتريوس ربما لن يشبع نهم الجائعين الى اعلان صريح بالفشل، كما لن يروي ظمأ الادارة الامريكية المترقبة لشهادة نجاح بعد زمن من الاخفاقات التي تراكمت على بعضها لتخلق مشهد الرئيس الحالي، وكأنه الرئيس الامريكي الأكثر عزلة عن رأيه العام.

من الصعب الحديث بيقينية عن ما سيقوله باتريوس، لكن الشيء المؤكد انه لن يعلن نصرا ساحقا، ولن يعلن هزيمة مدوية، سيقول الى حد ما الحقيقة لكنه لن يجردها من قراءته لما يمكن ان يحصل في قادمات الايام، ومن نظرته كعسكري امريكي لأهمية الحفاظ على هيبة امريكا، ولذلك فإن ما سيقوله سيبدو رماديا الى حد كبير، وتلك هي الحقيقة. فمن الواضح ان بغداد لم تصبح بعد ستة اشهر من بدء «الاندفاع»، مدينة آمنة، الا انها بالطبع ليست نفس بغداد قبل ستة اشهر، لم يحصل تغير استراتيجي، لكن سلسلة من التغيرات التكتيكية تراكمت لتصبح ربما ذات قيمة استراتيجية.

ما يعرف بالمناطق الساخنة في بغداد غدت اكثر هدوءا بعد ان نجح الامريكيون في قلب ولاء البيئة الحاضنة لمقاتلي القاعدة وتسليم الزعامة الأمنية لجماعات سنية خلعت عن نفسها ثياب المقاومة، وأخذت تندرج تدريجيا في اللعبة السياسية، على الاقل من حيث فرض نفسها قوة على الارض. في مناسبات سابقة تم خلالها تأمين مناطق ساخنة كان القاعديون وحلفاؤهم ينسحبون الى مناطق غرب العراق، وتحديدا محافظة الانبار حيث تقع قواعدهم الرئيسية والبيئة الديموغرافية والجغرافية الاكثر انسجاما معهم، اما الجديد اليوم فهو حقيقتان: الاولى أن القاعديين باتوا يفتقرون للحلفاء، وثانيا ان الانبار وعموم المنطقة الغربية لم تعد مستقرا آمنا لهم.

ربما حصل الاختراق الاهم في الانبار، خاصرة بغداد الغربية التي كان رسل الموت يفدون منها محملين بآلة القتل وعقيدة الافناء والشغف بالجنة الموعودة، واليوم توجد في الانبار قوة عشائرية سنية تقاتل القاعدة، وتفرض نفسها رقما جديدا وفاعلا في المعادلة السنية، وربما بديلا ذا مصداقية للاحتكار الذي مارسته بعض القوى على الصوت السني.

لقد نجحت الاستراتيجية الامريكية في انطاق الخزين المجتمعي السني بعد زمن من المصادرة المدمرة من قبل القاعدة وحلفائها، ولذلك فإن المراهنة على استغلال الايام المقبلة قبل إعلان التقرير للقيام بعمليات تفجيرية جديدة وضخمة في بغداد، لكي تعزز الانطباع بأن الأمن لم يتحقق هناك وتؤثر في صدى التقرير أو طريقة تلقيه تبدو مراهنة اضعف من قبل، ذلك ان القاعدة المنشغلة بقتال حلفائها السابقين أو المطاردة في مستقراتها التقليدية لم تعد تجد مشاركا سنيا كبيرا لهدفها الاستراتيجي بإخراج الامريكيين من العراق.

الذي يطوف بغداد اليوم يجدها مدينة من الحواجز والإجراءات الأمنية الصارمة التي تجعل الانتقال بين أحيائها وشوارعها عسيرة، وذلك يوحي باستعداد أمني لاحتمال وجود استراتيجية تصعيدية لدى القاعدة، قبل صدور التقرير المنتظر، في الوقت الذي يوجه ضغط كبير على الميليشيات الشيعية الداخلة في قتال مسلح مع الأمريكيين يوازيه ضغط اعلامي على ايران ودورها في العراق في عين الوقت الذي تتشكل فيه لجنة مشتركة لإدارة شكل من التعاون الأمني معها في العراق، وكل ذلك ينصب في مسعى تعطيل الجهد الايراني لإحراج الادارة قبل صدور التقرير.

سياسيا، يبدو الأمريكيون ضالعين بالدور الذي يرغبونه، أي الموازنة بين الأطراف العراقية، حيث نجحوا الى حد كبير في كسب الموقف السني من دون ان يخسروا تماما الموقف الشيعي، وهم يطرحون انفسهم كصديق لجميع الفرقاء وكجزء من الحل لصراعاتهم وليس جزءا من المشكلة. اليوم يمكن القول بسقوط الاسطورة القائلة بأن الشيعة تحالفوا مع الامريكيين ضد السنة، مما يبرر قتال الامريكيين كجزء من معركة السنة، انقلبت المعادلة لصالح الامريكيين، ولم يعد قتالهم جزءا من المعادلة الرئيسية لأحد، سوى بعض الجماعات السنية والشيعية الأكثر راديكالية، وهي في راديكاليتها وبمفارقة تخدم الهدف الأمريكي بالبقاء لمواجهة خطر القاعدة «التطرف السني» وخطر ايران «التطرف الشيعي».

الحقائق على الأرض بدأت تتغير بشكل قد لا يخدم هدف الديمقراطيين بانسحاب سريع وشامل، ومن دون أن تخدم هدف الجمهوريين ببقاء طويل ومفتوح، ولذلك سيجد بوش طريقا يجمع بين خفض القوات وبقائها.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
32
كرامر ضد كرامر.. في بغداد ورام الله
افتتاحية
اليوم السعودية
ما الفرق بين حكومة سلام فياض في الضفة الغربية، وحكومة نوري المالكي في العراق؟ وهل يتشابه عراق ما بعد الاحتلال مع وضع فلسطين ما بعد غزة؟
القراءة الأولية تقول إن الوضعين يتشابهان في كل شيء، إجماع دولي ناقص، وسيادة داخلية منقوصة، ومحاصصة تختلف ما بين طائفية في المنطقة الخضراء وفصائلية في رام الله.. الشريك الوحيد هو ذلك الدم النازف، بكل فجور في العراق، وعلى استحياء في الأرض المحتلة، وإن اتفقا على أن ذلك الدم يسيل على طريقة بيدي لا بيد الاحتلال، في العراق باسم العنف أو الإرهاب أو المقاومة أو القاعدة، وفي فلسطين باسم التناحر على موضع قدم في سفينة توشك على الغرق.
لا جديد إذاً، سوى الكلمات، والبرقيات والأمنيات التي يواسي بها مسؤولو السلطة أطفال غزة، وماذا تجدي «عبارات اشتياق» أمام الظلام وأمام توزيع الرواتب، وأمام البطالة وأمام الحصار، وعلى بعد خطوات ينفرط عقد الحكومة في بغداد رويداً رويداً، بينما يدفع رئيس الوزراء المالكي ثمن التصفيات من الجميع وعلى الجميع، وكما في الفيلم الشهير «كرامر.. ضد كرامر».. لتثبت خطأ نظرية الاحتلال وتابعيه، من أن بناء العراق لن يكون صحيحاً أبداً إذا كان على أساس طائفي، وأن النموذج اللبناني غير قابل للتدويل أو التطبيق، لاختلاف الفكر السياسي، ولتغير المناخ الجيواجتماعي برمته.
مفهوم أن تكون هناك أزمة وقود في غزة، لكن من غير المعقول أن تكون نفس الأزمة في العراق، ومفهوم أن تعتمد حكومة رام الله على دعم في مواجهة حكومة غزة، إلا أنه غير مفهوم على الإطلاق أن يتكرر نفس السيناريو الانشطاري لأن العراق لا يزال مهدداً بيد بعض أبنائه بتقسيم فعلي لثلاث دويلات على الأرض رغم النفي المتكرر، والاستعاضة عن التقسيم بفيديرالية هي بذرة التقسيم أساساً، بينما وبنفس اليد، انشطرت السلطة الضعيفة نصفين في غزة ورام الله ليزداد الوضع تعقيداً.
مأساة بعض السياسيين أنهم يستهينون بالأشياء ويتلاعبون بالمسميات، متناسين أنهم يرسخون واقعاً جديداً، ومؤسفاً، ولا تزال قصة المفاوض العربي الذي أقنعه نظيره الإسرائيلي بأن لا قيمة لهذا السنتيمتر الواحد على الخريطة، ليكتشف بعدها أنه شرب أكبر مقلب في تاريخه بتناوله عن كيلومترات لا تنتهي،. أليست 99.9 بالمائة من أوراق اللعبة بيد أمريكا؟



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
33
الكيمياويون الجدد
غسان شربل
الحياة
لم يستحق «علي الكيماوي» لقبه نتيجة تخصصه في الكيمياء. ولم ينفق عمره في الجامعات او المختبرات. استحقه بفعل موقعه المميز في آلة القتل التي لا ترحم. وكان ابن عم الرئيس الذي لا يرحم. غرف الاثنان من قناعة راسخة مفادها ان افضل علاج للمشككين والمعارضين والمعترضين هو اقتلاعهم من جذورهم. كان دائماً من أنصار الضربة القاضية و «الحل النهائي». وعلاوة على فداحة ممارساته اليومية ارتبط اسمه بمجزرتين كبيرتين في تاريخ العراق هما حملة الانفال وقصف حلبجة وقمع انتفاضة الجنوب.

كان يمكن لمحاكمة رجل من هذه القماشة ان تستقطب اهتمام العراقيين وغير العراقيين. وان تؤكد مبدأ المحاسبة والعدالة وقيام دولة القانون. وان تكشف بعض أسرار التواريخ المؤلمة لتدفعها بعد احقاق العدالة الى التاريخ فيتفرغ العراقيون لمعارك المستقبل بدلاً من الوقوع تحت وطأة الماضي بمآسيه وثاراته. كان يمكن لسلسلة المحاكمات التي يخضع لها أن تؤشر الى ولادة العراق الجديد. للأسف لم يحدث ذلك.

لا تكفي كل مساحيق الأرض لخفض وحشية صورة هذا المرتكب الكبير. كان عميد الجلادين في جمهورية البطش الكبير. لكنني اتساءل لماذا لم تثر محاكمته ما يفترض ان تثيره من اهتمام. ربما يتعلق الأمر بالشعور بأنه يستحق العقوبة القصوى وانها آتية بلا ريب. لكنني اعتقد ان جزءاً من عدم الاهتمام يعود الى ان المرحلة التي تبعت سقوط نظام صدام حسين شهدت ممارسات كشفت وجود من يمكن اعتبارهم كيماويين وإن لم يستخدموا السلاح الكيماوي.

يستطيع اي متابع لليوميات العراقية وضع لائحة بالممارسات الكيماوية. التفجير الانتحاري الذي يستهدف عرساً او مأتماً او أي تجمع لمدنيين يندرج في هذا السياق. استهداف المقرات الدينية لإثارة الفتنة. عمليات القتل على الهوية. تغيير طبيعة بغداد وعمليات التطهير المذهبي. التنكر بثياب الشرطة لاصطياد العابرين ثم توزيع الجثث المجهولة الهوية في شوارع بغداد. اختراق الميليشيات لأجهزة الأمن الرسمية. ممارسة التعذيب وانتزاع الاعترافات والتلاعب بالوقائع وتدبيج روايات كاذبة لتبرير عمليات القتل. رفع راية الوحدة الوطنية لاخفاء سياسات عنصرية أو مذهبية غرضها تفكيك العراق وتحويله مجرد ملعب تدور على أرضه المواجهات الاقليمية الدولية. لا مبالغة في هذا الكلام. فعملية التفجير التي استهدفت الطائفة الأيزيدية أسفرت وحدها عن سقوط 500 قتيل وبدت الأحياء كأنها تعرضت لزلزال. ثم ان مليون مهجر عراقي يعيشون في سورية ومثلهم تقريبا في الاردن فضلا عن المبددين في دول قريبة او اصقاع بعيدة. هذا من دون أن ننسى عملية نهب غير مسبوقة استهدفت المال العام في وقت يتسول عراقيون في شوارع عمّان أو دمشق.

أمام هذا المشهد المروع لا يمكن تناسي مسؤولية الاحتلال. ارتكبت الادارة الاميركية جريمة مروعة حين بادرت الى اسقاط النظام العراقي ودفعت بلاداً بكاملها نحو المجهول. لكن الواجب يقضي القول ان مغامرة «المحافظين الجدد» ما كانت لتؤدي الى هذه المأساة لولا ارتكابات «الكيماويين الجدد» سواء كانوا وافدين أو محليين. والغريب ان موضوع «المحافظين الجدد» تحول شماعة يستخدمها البعض للتنصل من المسؤولية او لتغطية بعض الارتكابات. جريمة «المحافظين الجدد» واضحة للعيان لكن لا يمكن إنكار ان من يفجر ويقتل ويغتال ويهجر انما يفعل ذلك وهو يدّعي العداء للمحتل ومن هندسوا له مشروع غزو العراق.

«المحافظون الجدد». «الفوضى الخلاقة». كل يوم نسمع هذا الكلام ونقرأه. هذا صحيح لكن ماذا عن مسؤولية المرتكبين المحليين. لا يستطيع احتلال ان ينزل ببلد هذا القدر من الأوجاع لو لم يندفع بعض أبنائه في ممارسات من قماشة الارتكابات التي أشرنا اليها. ان اطلاق الفتنة المذهبية في العراق والمنطقة هو عمل كيماوي بامتياز. لقد قتل علي حسن المجيد آلاف العراقيين لكنّ الكيماويين الجدد يتجهون الى قتل العراق برمته. والانصاف يقضي أن نقول إن ظاهرة «الكيماويين الجدد» لا تقتصر على العراق فكل تفكيك للدول ومؤسساتها لإنضاج ظروف الحرب الاهلية يعتبر ممارسة كيماوية لا يغفرها القانون ان تيسر له ان يتكلم ولا ينساها التاريخ إذا سمح له أن يتذكر.