Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 16 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاحد 16-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
بوش يَتْرُك "الراية البيضاء" لخليفته! (1-2)
جواد البشيتي
العرب اليوم الاردن
لو لم يَزُرْ الرئيس بوش "العراق" لظلَّ محتفظا بقدرة أكبر على إقناع معارضي "استراتيجية زيادة عدد الجنود" من المواطنين, وفي الكونغرس, بأنَّ هذه الاستراتيجية قد أحرزت بعض النجاح, ويمكنها أن تحرز مزيدا منه حتى مغادرته البيت الأبيض, فالزيارة كانت في معانيها إضعافا لكثير من حججه ومنطقه.

لقد أرسل الرئيس بوش نحو 30 ألف جندي إلى بغداد لجعلها آمنة أو أكثر أمنا, ولتمكين حكومة المالكي, بالتالي, من أن تحقق أكثر بكثير من الـ "9" أهداف التي حققتها, على ما زُعِم, من أصل الـ "18" هدفا التي حدَّدها لها الكونغرس لقياس النجاح الذي أحرزته, وتحرزه, توصُّلا إلى تغيير البيئة الأمنية والسياسية في العراق, وفي عاصمته على وجه الخصوص, بما يسمح بتقليص حجم الوجود العسكري للولايات المتحدة هناك.

الرئيس بوش لم يَزُرْ بغداد, وكان ينبغي له زيارتها, وعلى نحو يُظْهِر ويؤكِّد لكل معارضي استراتيجيته الجديدة أنَّ الزيادة في عدد الجنود قد جعلت بغداد أمنة بما يكفي لقيامه بزيارتها وعلى نحو يفي بالغرض الذي هو إظهار وتأكيد أن منسوب الأمن في العاصمة العراقية قد ارتفع ويرتفع.

لقد ذهب إلى محافظة الأنبار التي نجح تحالفه مع قبائلها وعشائرها السنية (العربية) في أن يُضْعِف نفوذ "القاعدة" فيها, وأن يؤسِّس, بالتالي, لأمنٍ من النمط وفي الحجم الذي يريد, والذي تعذَّر عليه أن يؤسِّس لمثله في بغداد, فجُلُّ ما أحرزته إدارة الرئيس بوش من نجاح, بعد "استراتيجيتها الجديدة", وعلى ضآلة وزنه إذا ما قسناه بميزان الواقع الموضوعي, إنَّما أحرزته ميليشيا القبائل والعشائر في الأنبار, وكأنَّ زيادة عدد الجنود في بغداد لم تُعْطِ من النتائج ما يوافِق التوقُّع الذي زيَّن للرئيس بوش إعلان "استراتيجيته الجديدة". ثمَّ جاء اغتيال زعيم ميليشيا قبائل وعشائر الأنبار عبد الستار أبو ريشة, والذي صافحه الرئيس بوش وشدَّ على يديه, ليؤكِّد أنَّ أمن الأنبار يمكن أن يغدو كريشة في مهبِّ الريح. إضافة إلى ذلك ليس ثمَّة ما قد يمنع, مستقبلا, من أن يتمخَّض تسليح تلك القبائل والعشائر عن مزيد من الحرب أو الحروب الأهلية, فبَعْد هذا الذي تحقق, بالحديد والنار, من فرز طائفي (بين الشيعة والسنة من عرب العراق) على الصعيدين الجغرافي والديمغرافي, ليس ثمَّة ما يمنع من مزيد من الحرب أو الحروب الأهلية; ولكن بين دويلات.

الرئيس بوش, على ما أعتقد, كان يتوقَّع أيضا أن تفشل "استراتيجيته الجديدة" في أن تؤسِّس لبيئة أمنية ـ سياسية جديدة في العراق, بدءاً من بغداد, وفيها على وجه الخصوص, وأن يؤدِّي هذا الفشل (الذي هو الآن حقيقة واقعة لا ينكرها إلا كل من له مصلحة في سياسة تجانب الواقع وتجافيه) إلى زيادة ثِقَل المعارضة لاستمرار الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق, فأرسل الـ "30" ألف جندي إلى هناك حتى يُظْهِر إعادتهم التامة إلى الوطن, في تموز ,2008 على أنَّها تلبية (واقعية) لمطلب المعارضة إنهاء هذا الوجود, الذي في استمراره ترجح أكثر كفَّة الهزيمة والفشل على كفَّة الانتصار والنجاح, ويَفْقِد العراق وشعبه مزيداً من الأمن والاستقرار, أو ممَّا بقي له من أمن واستقرار.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
مصطلحات الانسحاب الأميركي
وليد الزبيدي
الوطن عمان
مالذي تغير ومالذي جرى، بحيث بدأت السنة الأميركيين تتعامل مع موضوع الانسحاب بطلاقة تامة، وتردده دون تردد أو تخوف، وأقصد بذلك كبارالمسؤولين الاميركيين، والمسؤولين في الحكومة الحالية واعضاء جبهة التوافق والمشاركين في العملية السياسية، وجمهرة من السياسيين والمحللين، الذين يسيرون في هذه الدائرة.
قبل أشهر قليلة، كان الحديث يجري باتجاه آخر، يقول: إن انسحاب القوات الاميركية والكثير منهم يسميها القوات الصديقة أو قوات متعددة الجنسيات، يقولون: إن خروجها من العراق يسبب كارثة، وورد هذا الكلام على لسان جلال الطالباني ونوري المالكي وقادة جبهة التوافق ، وطالبوا جميعا ببقاء القوات الأميركية في العراق، وربطوا ذلك البقاء بجاهزية القوات الامنية العراقية، وذهب البعض الى ما هو أبعد من ذلك، عندما قالوا: إن خروج هذه القوات سيتسبب بحرب داخلية وقال هوشيار زيباري وزير خارجية حكومة المالكي: إن انسحاب أميركا سيتسبب بتقسيم العراق.
مسؤولون كبار قالوا: إن وجود القوات الأميركية أساس الحل في العراق، وانها صمام الامن والامان في العراق، ولا يأتي أصحاب هذا القول بتفسيرات مقنعة لكنهم لا يترددون في اطلاق مثل هذه الدعوات التي تتمسك ببقاء قوات الاحتلال الاميركي في العراق.ويقول هؤلاء إن هذه القوات موجودة بناء على طلب ورغبة أبناء الشعب العراقي، وان خروجها لن يتم الا بطلب من العراقيين، وان كل ما تقوم به القوات متعددة الجنسيات لخدمة العراق والعراقيين. لكننا نتابع النقاشات الجارية بسخونة داخل المؤسسات الاميركية حول سحب هذه القوات، ولم نسمع أي استشارة او انصات لاحد من المتمسكين بهذه القوات.
اما القوى العراقية الوطنية الرافضة والمقاومة للاحتلال، فقد تمسكت بخطاب واحد وخط ثابت لم تتزحزح عنه منذ بداية الاحتلال وحتى اليوم، وهو المطالبة بالانسحاب التام والكامل للقوات المحتلة، منطلقة من رؤية دقيقة وثابتة تقول إن جميع انواع واشكال الشر والخراب في العراق بسبب قوات الاحتلال، وان لا حل حقيقي في هذا البلد دون خروجها والتخلص التام من رأس البلاء، ورفضت هذه القوى أي نوع من التواجد لها على الارض العراقية او في مؤسسات الدولة العراقية تحت أي مسمى أو عنوان.
في الرصد السريع لما يجري تجد ان الخطاب المتمسك بقوات الاحتلال الذي يبغي بقاءها في غاية الارتباك والفوضى، تذهب به الريح شمالا وجنوبا،وانه يتابع ما يجري من نقاشات داخل المؤسسات الاميركية حول مسألة الانسحاب ويردد صدى تلك النقاشات، لانه سرعان ما تحول من القناعة ببقاء تلك القوات الى الخوف من خروجها او هزيمتها بصورة مفاجأة، ومن الواضح ان حالة من الضبابية والارتباك تسود الاوساط التي طالما تمسكت ببقاء القوات الاميركية وتوهمت ان هذه القوات تتمسك بهم الى الابد وتدافع عن اشخاص أو أحزاب وتكتلات،ولم يدرك هؤلاء أن الاميركيين لا يدافعون ولا يخسروا جنودهم الا لمصالحهم الخاصة وعندما ادركوا انهم مجبرين على اغلاق دكانهم في العراق اتجهوا بسرعة للبحث عن المفتاح الذي يسهل لهم الخروج.
كاتب عراقيwzbidy@yahoo.com

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
سقوط حجج غزو العراق‏!‏
افتتاحية
الاهرام مصر
ربما تكون الجملة المهمة التي وردت في تصريحات الرئيس الأمريكي بوش أمس الأول هي المفتاح الكاشف لما تعانيه القوات الأمريكية في العراق الآن‏,‏و قال بوش‏:‏ كلما نجحنا في العراق‏..‏ زاد عدد جنودنا الذين سيعودون من هناك إلي وطنهم‏.‏ ولأن عدد الجنود الأمريكيين يزيد الآن علي‏150‏ ألف جندي بينما كان عددهم في ديسمبر العام الماضي نحو‏130‏ ألفا فقط فإن المعني البسيط الواضح من ذلك هو أن القوات الأمريكية لم تنجح حتي الآن في تنفيذ مهمتها‏..‏ بل ولا توجد مؤشرات علي قرب تحقيق هذا النجاح‏.‏

إن الرئيس بوش وعد بسحب‏5700‏ جندي بحلول ديسمبر المقبل‏,‏ وبإمكانية زيادة هذا العدد ليصل إلي‏21500‏ جندي حتي منتصف عام‏2008,‏ وبذلك يعود عدد القوات ليصبح‏130‏ ألفا مرة أخري‏..‏ وهنا يبرز السؤال البديهي والذي يوجهه الديمقراطيون في الكونجرس إلي الادارة الأمريكية‏,‏ ولماذا لا تسحب قواتك كلها من هناك؟ طبعا لا يستطيع بوش اتخاذ مثل هذا القرار لأنه سيعتبر حينئذ اعترافا صريحا من جانبه بفشل غزوه العراق‏,‏ وبدلا من أن يدخل بوش تاريخ أمريكا باعتباره محرر العراق‏..‏ من الديكتاتورية ـ كما يحلو له أن يقول دائما ـ سيدخله باعتباره صاحب أكبر فشل عسكري أمريكي في العصر الحديث‏!‏

وبالإضافة إلي ذلك فإن التقرير السنوي الصادر عن معهد لندن للدراسات الاستراتيجية أمس الأول جاء ليدحض الحجة الأساسية الثانية لبوش في غزوه العراق‏,‏ وهي القضاء علي تنظيم القاعدة ومكافحة الإرهاب‏.‏ لقد ذكر التقرير أن تنظيم القاعدة أصبح الآن أقوي مما كان عليه عندما وقعت تفجيرات‏11‏ سبتمبر منذ‏6‏ سنوات‏,‏ وقال التقرير إن التنظيم استعاد عافيته وأعاد إحياء نفسه ونشر نفوذه في العديد من دول العالم أكثر من الأول‏,‏ وأن الولايات المتحدة وحلفاءها فشلوا في توجيه ضربة قاضية للتنظيم حتي الآن‏..‏ وهو ما يعني أن حجة القضاء علي الإرهاب التي تحتج بها الولايات المتحدة لم تنجح هي الأخري وهكذا تتهاوي حجج أمريكا في غزو العراق حجة وراء حجة‏,‏ ولن تفيد كثيرا وعود بوش بسحب المزيد من القوات‏!‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
هزيمة بريطانيا في العراق
أحمد منصور
الاسبوع مصر
تبدو المسافة بين أبريل 2003 وسبتمبر 2007 في عمر الأمم والشعوب مسافة بسيطة غير بعيدة إلا أنها لم تكن كذلك بالنسبة للقوات البريطانية التي كانت تسيطر علي مدينة البصرة وجنوب العراق في تلك الفترة ، فالفارق شاسع بين مشهد أبريل 2004 حينما نجحت القوات الأمريكية والبريطانية في السيطرة علي قصر صدام حسين في المدينة ، ومن ثم التوجه شمالا إلي بغداد وإنهاء صدام حسين بها في 9 أبريل 2003 ، وبين مشهد الجنود البريطانيين وهم ينسحبون من قصر صدام حسين في البصرة إلي المطار آخر معقل لهم ، بعدما تحولت إقامتهم وسط المدينة إلي جحيم حيث كانوا يتعرضون لأكثر من ستين قذيفة وصاروخا كل يوم

وقد وصف مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية في العراق الصحفي البريطاني باتريك كوكبورن الإنسحاب البريطاني من البصرة ومن ثم الاستعداد للانسحاب النهائي من العراق بأنه يعتبر 'إحدي المهمات الأكثر فشلا في تاريخ الجيش البريطاني'، وأضاف كوكبورن في تقريره الذي نشره في 3 سبتمبر الماضي تحت عنوان 'نهاية مخزية لعملية عسكرية أودت بحياة 168 بريطانيا' نقلا عن مجموعة الأزمات الدولية في بروكسيل: 'إن سكان البصرة ورجال الميليشيا لا ينظرون إلي هذا الانسحاب علي أنه انسحاب منظم وإنما علي أنه فشل مخز. فالمدينة اليوم خاضعة لسيطرة الميليشيا والتي يبدو أنها صارت أكثر قوة وانفلاتا مقارنة بما كان عليه وضعها فيما مضي'.
وهكذا تحولت المهمة التي أعلنت بريطانيا وأمريكا أنها من أجل نشر الديمقراطية في العراق واستبدال النظام الديكتاتوري في العراق بنظام يلتزم بالمواصفات الأمريكية والبريطانية إلي واحدة من أكثر العمليات فشلا وفوضي في التاريخ المعاصر ، وسيطرت علي البريطانيين روح 'سايغون' عاصمة فيتنام حينما انسحبوا من آخر معقل لهم داخل المدينة إلي المطار تمهيدا للهروب الكبير من مطار البصرة في الشهر القادم ، مخلفين وراءهم فوضي عارمة لا يعلم أحد إلا الله إلي أين يمكن أن يصل مداها ، وكانت صحيفة صنداي تايمز البريطانية قد نشرت تقريرا في عددها الصادر في 19 أغسطس نقلت فيه عن ستيفن بيدل أحد المستشارين العسكريين لدي الرئيس الأمريكي جورج بوش حذر فيه من أن القوات البريطانية في العراق سوف تجبر علي الانسحاب 'بطريقة بشعة ومحرجة'، وربما هذا ما تم جانب منه في الأسبوع الماضي، غير أن الجميع يترقب الفصل الأخير من عملية الانسحاب الكاملة المتوقعة في الشهر القادم لخمسة آلاف وخمسمائة جندي بريطاني يعيشون الآن بين الخوف والأمل في مطار البصرة ، ويصطحبون وكل ينظر إلي وجه الآخر ويفكر من الذي سيعود علي قدميه ومن الذي سيعود في نعش ملفوف بالعلم البريطاني ، وقد أشار بعض العسكريين البريطانيين إلي النهاية المخزية للجيش البريطاني في العراق في عدد 19 أغسطس من صحيفة 'صنداي تايمز' قائلا : 'إن التاريخ العسكري سوف يحكم علي ما يجري في البصرة علي أنه خطأ فادح إذ ستؤدي هجمات المسلحين إلي طرد البريطانيين من جنوب العراق' أما أحد الضباط الآخرين فقد قال ل'بي بي سي' في استطلاع نشرته في 24 أغسطس: لا أظن أننا نستطيع أن نحقق الكثير ، إنه مأزق أخلاقي صعب' ، أما غلاف صحيفة الاندبندنت في 3 سبتمبر فقد كان لجنود بريطانيين منبطحين أرضا وهم في وضع قتالي وفوقهم عنوان كبير يتساءل: 'قضينا أربع سنوات في البصرة .. فماذا حققنا'؟
هذا التساؤل يعود بنا إلي الوراء إلي نهاية مارس 2003 ونضع صور الجنود البريطانيين الذين كانوا يتحدثون عن النصر المؤزر إلي جوار تلك الصورة للجنود البريطانيين المذعورين المهزومين بعد أقل من خمس سنوات. قد تبدو الخمس سنوات طويلة في عمر الناس لكنها ليست كذلك في عمر الأمم كما أنها العلامة الفارقة بين النصر والهزيمة ، إنه الصبر .. صبر ساعة في عمر الزمن يمثل الفارق الكبير بين النصر المزيف والهزيمة الحقيقية .
الأثنين : 3 سبتمبر:
صحيفة الإندبندنت تنشر علي صفحتها الأولي صورة لجنود بريطانيين منبطحين أرضا وهم في وضع قتالي وتساؤلا يقول


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
اغتيال الشيخ ابو ريشة
جميل النمري
الغد الاردن

هناك تحولات تطرأ في العراق، لكن يبدو أن الرئيس بوش عاجز عن مواكبتها، بتحول ديناميكي في السياسات. فإدارته تخشى من مواجهة جدّية تؤدّي إلى فك ارتباط القوى الشيعية المهيمنة على الحكومة، كما تخشى تقديم دعم حقيقي واسع للقوى السنّية، وهي لا تضمن ولاءها في المستقبل، هذا التردد في التضحية بحلفاء حاليين من أجل حلفاء جدد غير موثوقين، سببه الجوهري الرغبة الدفينة في البقاء في العراق إلى أمد غير محدد، وإدامة وصاية استعمارية ووجود قواعد عسكرية هي الأكبر خارج الولايات المتحدّة.

يستعيد الرئيس الأميركي وفي وجه المطالبين بالانسحاب، سيناريو فيتنام والانسحاب غير المشرّف، كما يستعيد المجازر الكمبودية وصورا أخرى، ومآسيَ يفترض أنها نتجت عن الهروب السريع للقوات الأميركية تحت ضغط الرأي العام والمعارضة. في المقابل، يطرح الرئيس الاميركي الصورة الزاهية للتجربتين اليابانية والألمانية وتطورهما الديمقراطي وازدهارهما تحت وصاية القوات الأميركية.

يغنينا الرد، الذي قدمته أصوات كثيرة في الولايات المتحدّة على هذه الاسقاطات التاريخية، عن مناقشتها، والحاصل أن الرغبة الأساسية ببقاء عسكري وسياسي بعيد الأمد تمنع إحداث تغيير في السياسات يفضي الى نتائج حاسمة. وهذه المراوحة مسؤولة إلى حدّ كبير عن إدامة الجحيم العراقي الراهن. وعلى سبيل المثال هناك ما يكفي من التقارير التي تؤكّد أن قوات الشرطة العراقية ليست صالحة أبدا لممارسة دور أمني وطني، فالوحدات المختلفة هي أقرب لميلشيات ترتبط مباشرة بمرجعيات حزبية وطائفية تقرر سلوكها، وحظّ السكان يتقرر بانتماء القادة الميدانيين وأعضاء هذه الوحدات إلى الطائفة نفسها، وقد أمكن إنجاز عمليات تطهير طائفي تحت سمع وبصر قوات الشرطة هذه، ولم تلق آذانا صاغية تلك الدعوات المطالبة بحلّ قوات الشرطة بالكامل، وإعادة بنائها على أسس جديدة واستدعاء الضباط المحترفين من الجيش والشرطة في الزمن السابق، وينطبق الأمر نفسه بدرجة معينة على الجيش، حيث يكمن الحلّ في عودة واسعة لضبّاط الجيش القديم، كما يقترح علاّوي وآخرون.

ليس للأميركان فضل كبير في انتفاضة الأنبار التي تمخضت عن تشكيل مجلس عشائري بذراع عسكرية، تمكن من محاربة القاعدة وتحرير الأنبار وبناء أمن ذاتي من أبناء المنطقة ذات التكوين العشائري العربي السنّي والتي عانت من ارهاب القاعدة، لكن اغتيال الشيخ ستار أبو ريشة رئيس مجلس صحوة الأنبار وجّه لهم ضربة مؤلمة - وقد دارت شكوك حول وقوف معسكر المالكي وراء مقتله- علما أن الاغتيال جاء بعد عشرة أيام فقط من المصافحة الشهيرة بين ابو ريشة وبوش، لكن القاعدة – إذا صحّ بيانها- بددت الشكوك بإعلانها رسميا تبنّي العملية.

التحول الواضح في موقف القوى السنّية، أكان من جمهور المدن أو مجموعات المقاومة، أو العشائر نضج على نار وعي جديد بمصالحهم، بعد تضحيات وخسائر كارثية. فقد كانت القاعدة تقوم بالتفجيرات الانتحارية الوحشية التي تستهدف الشيعة، ثم تتركهم نهبا للانتقام من الميليشات حتى كادت بغداد تخلو من مناطق تعايش بين الطائفتين. ورغم خطابها الطائفي الأرعن كانت القاعدة تتواطأ بتلقي الدعم الإيراني الذي يهدف بصورة مزدوجة إلى ضرب الأميركان وتعميق صدامهم مع السنّة من جهة، وتبرير سياسة التطهير الطائفي من جهة أخرى.

مع تصاعد احتمالات المواجهة بين الأميركان وإيران، بدأ السنّة يشعرون أنهم عمليا يقاتلون فقط نيابة عن إيران، بينما الخطر الداهم والمباشر عليهم يأتي منها، ومن أتباعها، فنشأ لديهم تفكير جديد باتباع تكتيكات تترجم مصالحهم في ضوء الواقع القائم، وعلى ذلك تحددت لهم أولويات جديدة أولها: إخراج القاعدة وإنهاء هيمنتها وتحقيق الأمن الذاتي، وثانيها: الدخول في مفاوضات مع الأميركان على قاعدة تغيير العملية السياسية مقابل وقف المقاومة، وثالثها: الامتناع عن أسلوب الثأر الطائفي والاستعداد للمشاركة، شرط إعادة التوازن إلى مؤسسات الدولة وضمان وحدة العراق وعروبته.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الجنرالات والسفراء يكذبون أيضا
روبرت شير
ذي نيشن
بالطبع ، تنبأ الجنرال ديفيد بترايوس بالنجاح في حرب العراق. ما هي المعجزات التي لن يتمكن الجنرالات من تحقيقها بمزيد من الجنود والوقت؟ دائما تسير المعركة بشكل جيد إلى أن تصبح خاسرة ، وعندها يلقون بالمسؤولية على السياسيين والرأي العام.
ليس هناك نقص في الجنرالات المتقاعدين الذين يمكن لأن يخبروكم أنه كان بوسعنا أن نربح الحرب في فيتنام لو أننا فقط قمنا بإرسال المزيد من القوات: أو قصفنا الخنادق في الشمال: أو كنا راغبين بقتل مزيد من الفيتناميين ، إضافة إلى ما يزيد على 3,4 مليون فيتنامي ممن قتلوا ، بالإضافة إلى 59 ألف جندي أميركي.
بدلا من ذلك ، فإن السياسيين والرأي العام ، بقيادة الرئيس ريتشارد نيكسون الذي كان يتعاطف مع الجميع ، فقدوا الرغبة في الانتصار. وهكذا ، سقطت أحجار الدومينو في أحضان الشيوعية ، وحكمت كل من الصين الشيوعية وفيتنام الشيوعية العالم بالقوة العسكرية... هل ذهبت إلى محلات وول - مارت مؤخرا؟ انتصار الشيوعية هناك شامل تماما.
مرة أخرى ، لدينا جنرال يعد تكرارا بالحفاظ على الحضارة الغربية بمحاولة تحسين الوضع السيء بشن حرب خارجية غير ضرورية. بالعودة إلى السادس والعشرين من أيلول عام 2004 ، في الأسابيع التي سبقت انتخابات الكونغرس لنصف الفترة ، كتب بترايوس في صفحات الآراء في صحيفة واشنطن بوست ليتأكد أن المقترعين لن يصوتوا بشكل خاطئ. وعلى الرغم من كل المظاهر ، ادعى أن الحرب في العراق كانت تسير بشكل جيد جدا ، وقد كتب يقول: "إنني أرى تقدما ملموسا. قوات الامن العراقية أعيد بناؤها من الصفر. والمؤسسات التي تشرف على هذه القوات أعيد تأسيسها من القمة حتى القاعدة. والزعماء العراقيون يخطون قدما ، يقودون بلادهم وقواتهم الأمنية بشجاعة... هناك تقدم في الجهود لجعل العراقيين قادرون على تحمل المزيد من عبء أمنهم ، وهو شيء نراهم متحمسين جدا للقيام به".
متحمسون جدا ، أمر يجعل قلب المرء يرقص طربا. متحمسون إلى حد أنه بعد ثلاث سنوات ، وبعد انفاق 450 بليون دولار أغلبها من أموال دافعي الضرائب ، وزيادة عدد الجنود الأميركيين ، لتتناسب مع عدد سكان العراق ، عدد أكبر مما كان لدينا في اوج الحرب في فيتنام ، ما زال الجنرال يصر أن التفكير بإعادة أي جندي أميركي إلى البلاد قبل الصيف المقبل قد يكون أمرا كارثيا.
هذا يعني 150 بليون دولار آخرى على الأقل وخسارة العديد من أرواح العراقيين والأميركيين. لكن مهلا - ريان كروكر ، السفير الأميركي في العراق ، أدلى أيضا بشهادته أمام الكونغرس هذا الاسبوع ، ولديه المزيد من الأخبار الجيدة حول أمر ما زال يحتفل به باعتباره "تحرير العراق". هل تذكرون ما وعدت به إدارة بوش من أن العراقيين الأغنياء بنفطهم سيدفعون تكلفة تحريرهم؟ حسنا ، كروكر متفائل في هذا الجانب: تبعا لشهادته فإن الاقتصاد العراقي مبرمج لينمو 6%. ربما كان يشير للاموال الاضافية التي تضخ في الاقتصاد العراقي من أموال دافعي الضرائب الأميركيين التي خصصت من أجل "الزيادة".
من المؤكد أنه لم يعتمد في تقديراته على أي تحسن في انتاج النفط العراقي أو أي عنصر اقتصادي اساسي آخر. فقد ورد في تقرير صندوق النقد الدولي الشهر الفائت ، في مراجعته السنوية لاقتصاد العراق أن "النمو الاقتصادي كان أبطأ من المتوقع منذ المراجعة الأخيرة ، بشكل رئيسي لأن الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط قد فشلت على أرض الواقع". في حال لم تلاحظوا ، النفط هو عصب الاقتصاد العراقي ، رغم أن تقريرا صدر مؤخرا عن مكتب المسائلة الحكومي أكد أن هناك حاجة لحوالي 57 بليون دولار إضافية من دولارات دافع الضرائب الأميركي ليصل إنتاج النفط والكهرباء إلى مستوى يمكن أن يلبي الحاجات المحلية العراقية بحلول العام 2015.
في الواقع أنه كان لدى السفير كروكر الجرأة لمقارنة القتل الديني الدموي في العراق ، الذي أطلقه الاجتياح التافه الذي قمنا به ، بمعركة أميركا حول حقوق الولايات ، مختزلا تعقيدات تاريخ العالم إلى مثال أسهل فهما لكنه لا يمت بأي صلة للتجربة الاميركية. في هذه الحالة ، قد تقدم الحروب الهندية الأميركية قياسا أفضل ، نظرا لأن الشيء الوحيد الذي كانت الولايات المتحدة قادرة على القيام به بشكل فعال في العراق هو استخدام قوة عسكرية غير عادية. وتبعا للمعدل الحالي ، فإن العراق سيكون قد تحرر عندما لا يعود هناك عراقيين.
ربما لهذا السبب يظهر استطلاع للرأي ، أجرته محطة أي. بي. سي مع بي. بي. سي ، أن 70% من العراقيين يعتقدون أن الأمن قد تدهور منذ أن بدأت استراتيجية زيادة عدد الجنود ، 60% يعتقدون أن الهجمات على القوات الاميركية مبررة. 93% من السنة ، الذي يدعي الجنرال والسفير أنهم إلى جانبنا ، يريدون أن يرونا قتلى.
أما بالنسبة للمتفائلين ، فإن 29% فقط من العراقيين يعتقدون الآن أن الوضع سيتحسن ، مقارنة بـ 64% ممن كانوا يشاركون في هذا التفاؤل قبل الزيادة - التي يعتقد 70% من العراقيين أنها كانت "عاملا معيقا للحوار السياسي ، ولإعادة البناء والتطور الاقتصادي".
كما ترون ، السفراء والجنرالات يكذبون. عليكم أن تعتادوا ذلك.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
علماء العراق بين الأطماع الغربية والإهمال العربي

عماد رجب
السياسة الكويت
لفت انتباهي خبر نشر في جريدة اخبار مونتريال بتاريخ 26 اغسطس 2007 عن نقل 150 باحثا وعالما من العراق ممن يواجهون تهديدا يعرض حياتهم واسرهم للخطر, على ان يعودوا لبلادهم فور استتباب الوضع الامني والذي تتبناه مؤسسة بيل ومليندا غيتس الخيرية في محاولة منها للحفاظ على التراث العلمي والاكاديمي للعراق, او للاستفادة من الخبرات العراقية في اماكن اخرى, وفي كلا الحالتين الوضع افضل من ان يقتلوا كما حدث مع علماء جامعة المستنصرية الخبر بقدر ما به من جوانب جيدة, الا انه يحمل في طياته المرارة, ففي الوقت الذى يسعى فيه الغرب للحفاظ او استثمار الكفاءات العلمية العربية لمصلحتهم, نجد ان هدفنا الاكبر الحفاظ على اقدام لاعبي الكرة او خصور الرقصات, وحناجر المغنيات, اليست هذه مزحة سمجة, اليس هذا استهزاءا بالعقول العربية الخبيرة, واهدارا للطاقات العملاقة التي يستفيد بها اعداؤنا ونهينها نحن? يقول الخبر ان المؤسسة لجأت لذلك بعد ان دفع الوضع الاقتصادي, والامني العلماء الى العمل في مهن تتعارض جملة وتفصيلا مع خبراتهم المتميزة, بعضهم لجأ الى العمل كسائق تاكسي ليفي بمتطلبات منزله, بعد ان اقعد من العمل لانتماءات مذهبية او فكرية او باوامر الاحتلال, الذي باتت الفوضي سمته المميزة اينما حل. قمة الذل.. ان يعيش العلماء في عالمنا العربي, الذى بات لا يعرف غير النهود والارداف, ولا يهمه الا رضاها, ولا مكان للعلم ولا العلماء وقمة اللامبالاة.. ان نرى احد اغنياء العرب ينفق مئات الملايين على قناة فضائية غنائية, هدفها الرئيسي نشر ثقافة هز الوسط بين الشباب, وتدمير امة بأكملها, بمساعدة شيخ كنت احسبه جليلا, صور قناة اسلامية تبثها المجموعة المالكة لقنوات الهلس, على انها الحسنة التي تذهب سيئات القنوات الاستفزازية " الغنائية " في الوقت الذي تخلى ذلك العالم عن العلماء, وراح يهتم لراتبة الذى يحصل عليه من عوائد قنوات هز الوسط الاعلانية . عشرات الالاف من علماء العراق, ممن يعانون اقتصاديا واجتماعيا, وتعرض حياتهم واسرهم للخطر, ونحن نتبنى المغنيات والساقطات فننفق عليهم الملايين, حتى يؤنسوا وحدتنا, ويتركوا لاجسادهم العنان كي يمتعوا ابصارنا, بهز الخصر او الوسط او اشياء اخرى الكل يعرفها, والقليل يتجرأ فيتحدث فيها, ونترك العلماء فريسة للجوع, والفقر, والمرض, والقتل بلا ادنى مسؤوليه واو انسانية . اعتقد انه قد ان الاوان للتعامل بقوة وحزم مع هؤلاء الناس, ويكون لنا في الغرب قدوة حسنة, فهناك ما ينفق على البحث العلمي يخصم من الضرائب المستحقة على الشركات الراعية, ويفيد في تطور المؤسسات الصناعية, وتقدمها, واستحداث وظائف, وشركات, وموارد, ومستقبل لهذا البلد . وهناك يعرفون قدر العلماء الذين يبنون المستقبل, فيضعونهم في أماكنهم الحقيقية, وبدلا من هز الوسط نحول جزءا منه الى العلم والمستقبل الذى اصبح لا مكان لنا فيه الا باتخاذ هذه الاجراءات .

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
المقاومة وحدها
طارق مصاروة
الراي الاردن
حين يعلن الفقيه الايراني خمينئي في خطبة الجمعة فشل السياسة الاميركية في المنطقة، فإنه عملياً يشير الى انتصار ايران وانتصار نظامه على هذه السياسة.. الامر الذي يشكل اختطافاً فظاً لنضال العراقيين وتضحياتهم الهائلة.. ويجيره لصالحه وصالح ايران!!.

والحقيقة، ان الحلفاء الحقيقيين للاحتلال الاميركي هم حزب الدعوة، وحزب المجلس الاعلى والتيار الصدري والجماعات الطالبانية والبرزانية في الشمال. وهم الذين يضعون النظام الجديد للعراق باشراف السفارة الاميركية وقيادة الجيش الاميركي.. وهؤلاء هم الذين خرجوا من تحت العباءة الايرانية!!.

الذي أفشل السياسة الاميركية في المنطقة، هو الذي افشلها في العراق.. وهو المقاومة العراقية وحدها. لا ايران خامينئي، ولا سوريا، ولا حزب الله ولا حماس. وحين ندخل التفاصيل فإن الجماعات الموالية لايران من فيلق بدر وجيش المهدي وحزب الفضيلة، والباشمرجة هم الذين يمثلون بالجثث المجهولة الهوية. وهم الذين يحتلون مساجد السنّة لاثارة النعرات الطائفية، وهم الذين ينهبون الدولة ويوزعون الفقر، والجوع، والمرض على شعب العراق، وهم الذين يستدرجون القاعدة الى قتل المزيد من العراقيين لصنع المخرج الوحيد لورطة الولايات المتحدة: الحرب الاهلية!.

يختطف الخامينئي ونظام الملاّت في طهران مقاومة العراقيين ويجيرونها لحسابهم في البنوك السياسية الاميركية، ويختطف النظام السوري مقاومة حزب الله في جنوب لبنان. مع ان العراق اتاح لنظام طهران مقاتلة اميركا منذ عام 1991، ومع ان حزب الله اتاح لنظام دمشق مقاتلة اسرائيل منذ الثمانينات. واذا كان الدعم ينوب عن القتال فإن السؤال سيبقى اذا بقي كل شيء في حدود الدعم .. فمن يقاتل؟؟.

ان انتصارات الانظمة ذات الصوت العالي على اميركا واسرائيل، لا تغير ابداً من اوضاعها الداخلية التعيسة، ومن حاجتها الحقيقية الى الرضى الاميركي والغربي عبر المساومة سواء في لبنان او في فلسطين او العراق: اعطوني وإلا فجرت اوضاعها!!.

وهذا النمط من الابتزاز لم يعد مقبولاً حتى حين تفلس السياسات الاميركية والاسرائيلية.. او حتى حين يفلس النظام العربي كله!!.

سياسة الملاّت لم تفشل السياسة الاميركية وانما افلستها المقاومة العراقية. هذه هي الحقيقة الثابتة التي لا تغيرها البروبوغندا!!.





ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
تغيير المالكي!

نجاح محمد علي
السياسة الكويتية
رئيس الوزراء العراقي صدق كذبة »ديمقراطية العراق الجديد« وها هو يتعلم ماذا يعني تصديق مثل هذه الكذبة.
قبل أن يسقط النظام العراقي السابق يوم 9 أبريل 2003, راجت كذبة كبيرة صدقها المشاركون في تلك العملية عن »الديمقراطية« في العراق الجديد, عندما كان وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول يبشِّر بديمقراطية فريدة في الشرق الأوسط, سيكون العراق نموذجها رئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي, القادِم للسلطة مُختزلا نظام المرحلية الذي أقره حزبه حزب الدعوة الإسلامية كحقيقة تاريخية, صدق هو الآخر هذه الكذبة عن "ديمقراطية العراق الجديد".
وها هو المالكي يطالب الاميركيين والفرنسيين الذين انتقدوه ودعوا إلى تغييره, باحترام أصول "الديمقراطية" التي جاؤوا بها للعراق و"للمنطقة".. متحدِّثا باستمرار عن صميم العملية الديمقراطية.
ليس غربيا أن يلجَأ رئيس الوزراء العراقي, الذي يمُر بوضع حرِج جدا, إلى توجيه سِهامه للأميركيين الذين كانوا وراء تسلمه منصبه في عملية "ديمقراطية", بعد سقوط نظام صدام غير الديمقراطي, بعملية عسكرية لم تحصل على تأييد إقليمي ولا دولي ولا حتى من الأمم المتحدة, التي هي في الواقع صنيعة غير ديمقراطية للقوى الكبرى, وهو يرى استضافة الاميركيين غير المسبوقة لمعارضين له, شمَّروا عن سواعدهم وكونوا جبهة "غير معلنة", هدفها الإطاحة به.
والمالكي, وهو يمارس السُّلطة بالمقاس الاميركي, خلافا لكل نظريات حِزب الدعوة, صدق بالفعل (أو هكذا يبدو), أنه يعيش في عصر الديمقراطية الفريدة في المنطقة والعالم, وأنه انتُخب من قِبل مجلس النواب, الذي وافق على تعيينه وِفق نظام المحاصصة الطائفية والعرقية.
وها هو "أبو إسراء", وهي الكنية التي يُفضل المالكي مُناداته بها, لأنها تذكِّره بأيامٍ خلَت من النِّضال الحزبي العقائدي ضد نظام حزب البعث, يرضخ, ربما مُكرها, لإرادة قِوى الاحتلال الأجنبي وقِوى إقليمية تلاعبت بما بعدَ بنتائج الاستحقاق الانتخابي, وفرضت عليه القبول بضمِّ البعثيين إلى السلطة, تحت غطاء وَقف أعمال العنف, بل ويشارك مُمَثلوه في اجتماعات ترْعاها واشنطن وعواصِم غربية وعربية, مع البعثيين في جناحي محمد يونس الأحمد وعزت الدوري, بالمستوى نفسه الذي يقوم به إياد علاوي, زعيم القائمة العراقية, وآخرون ممَّن يتسابَق على خُطب ود الادارة الاميركية ركْضا وراء السلطة.

غطاء الديمقراطية

وبغضِّ النظر عن صواب أو خطأ قانون اجتثاث البعث, الذي تحول بفعل هذه الإرادة الدولية والإقليمية إلى ما سُمي ب"قانون المساءلة والعدالة", فإن الواضح تماما أن الشعب العراقي الذي كان ضحية جرائم البعثيين (من شارك بالفعل أم بالقوة), لم يُؤخذ رأيه في هذا التحوُّل السريع في الموقِف من حزب البعث ومن بعثيين ساهموا في إيصال العراق إلى ما هو عليه الآن.
وبحسب هذا القانون, الذي صادق عليه زُعماء القِوى الخمس التي تزعَم أنها تُدير العملية السياسية حاليا بعملية ديمقراطية, فسيُنقل العاملون في الأجهزة الأمنية (الأمن العام وجهاز الأمن الخاص والأمن القومي وفدائِيو صدام والأمن العسكري), ممَّن لعبوا دوْرا مفصليا في كل ما شهِده العراق من مآس "حتى الآن", إلى مناصب مُوازية لدرجاتهم في الجيش والشرطة والقِطاع المدني العام, ويُحال إلى التقاعد من لا يتوافَر بدرجتهم في القِطاعات المُشار إليها, ويستثنى من ذلك العامِلون في جِهازيْ المخابرات والاستخبارات العسكرية, لعدم ارتباط طبيعة عملهم بحياة المواطنين العادية.
ولأن كذبة الديمقراطية في العراق الجديد مضمونها أن هذا العراق يعيش "عرسا ديمقراطيا" منذ التاسع من أبريل 2003 - أو هكذا يَعتقد المالكي - فسيتِم عرض هذا القانون على البرلمان ليصوِّت عليه - قريبا - بأسلوب ديمقراطي فريد جدا في عالم الديمقراطيات. إذ أن ضباط الأمن والمخابرات في نظام صدام, سيعُودون ليحكموا قَبضتهم على الشعب العراقي المغلوب على أمره, وهذه المرة بغِطاء قوي اسمه "الديمقراطية".

كشف المستور!

صحيح أن "قانون المُساءلة والعدالة" لن يُكتب له النجاح, على الأقل في المناطق الشيعية التي تجري فيها تصفية كِبار البعثيين, من دون اهتمام بما يتَّفق عليه "القادة", إلا أن مُجرد رُضوخ المالكي لإرادة تغيير مُعادلة الصِّراع, ليُصبح الضحية جلادا والجلاد ضحية, يُسجل علامة سلبية في تاريخ "أبو أسراء", المعادي لحزب البعث, ويثير عليه بالتأكيد نِقمة وغضَب ضحايا البعثيين, خصوصا أبناء وأسَر "شهداء" حزب الدعوة الإسلامية.
وما يثير الدهشة, أن المالكي, الذي جرب تقديم التنازلات خلال تشكيل حكومته قبل عام ونصف ليضم بعثيين سابقين ورأى بِأمِّ عينه أن مَن يرتكبون الجريمة المنظمة وغير المنظمة ويمارسون الفساد بكل أشكاله, هم من يستنشِق على الدوام أنفاس الشيطان وهم يخطِّطون لعزله, وربما محاكمته فيما بعد, كما يردد بعض أنصاره هذه الأيام.
وعلى أي حال, فإن "قانون المساءلة والعدالة" يمهِّد, كما يقول المصفِّقون له, محليا ودوليا, إلى "المصالحة", فهو يُعيد النظر بقانون اجتِثاث البعث ويجري تطبيقه بعد الإفراج عن آلاف المعتقلين (معظمهم من البعثيين), لكن الأخطر فيه, أنه يؤدي لتمرير قانون النفط والغاز, الذي ألحَّت عليه الإدارة الاميركية كثيرا ورأت أن المالكي فشِل في تمريره وفي المصالحة, بما يُشير إلى أن صلاحية المالكي كرئيس وزراء - بنظر الاميركيين - تنتهي بتحقيق هذين الهدفين.
وما من شك, فإن زيارة وفدٍ يضم كلا من علاوي وعدنان الدليمي وخلف العليان وصالح المطلك (اغلبهم بعثيون سابقون, وإن اختلفت واجهاتهم السياسية) إلى واشنطن وحضورهم المتوقع في الكونغرس ودعوة علاوي إلى إسقاط المالكي, تصُب في هذا السِياق, رغم أن الطريق نحو إسقاط المالكي لن يكون مفروشا بالزهور.
المعارضون ل»قانون المُساءلة والعدالة«, خصوصا ضحايا النظام السابق, يعتقدون جازِمِين أن البعثيين لم يستسلِموا للتغيير الذي حصل في العراق الجديد, وأنهم على العكس, قاتلوا هذا الشعب من خلال عملياتهم والتغلغل في كل الجماعات المسلحة التي تقتل العراقيين, وهو ما اعترف به غزوان الكبيسي, نائب أمين عام حزب البعث جناح يونس الأحمد.
وفي هذا الواقع, جاء اتِّفاق القوى السياسية في البصرة حول أن يكون السِّلاح بيد الدولة فقط, وقرار السيد مُقتدى الصدر تجميد جيش المهدي التابع له, ليُعزِّزا مكانة المالكي, في مسعى يرمي إلى إفشال مخطَّط إسقاط حكومة نوري المالكي, على الرغم من كل تحفُّظات البصريين والصدر على أدائه.
وفي هذا الواقع أيضا, يأتي إلقاء رئيس الوزراء العراقي تبِعات "معركة كربلاء" منتصف شهر شعبان وقتل العشرات من زوار الإمام الحسين في المدينة المقدسة أثناء الاحتفال بذكرى ولادة المهدي المنتظر, على من وصفهم بالصدامين والتكفيريين, حتى قبل قراره تشكيل لجنة تحقيق, ليُعطي انطباعا أنه يُراهن على لملمة أطراف البيت الشيعي.
وربما يفسر كل ذلك زيارة المالكي, المهدد بالتغيير, إلى المرجع الأعلى علي السيستاني ليحصُل على تأييده في كل خُطواته, خصوصا ما يتعلق بتعزيز سلطة الدولة في مقابل الجماعات الشيعية المسلحة, التي تتحمل قبل أي أحد, مسؤولية ما جرى من اقتِتال وفوضى وهتك للمقدسات.. في كربلاء.. أليس كذلك?



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
العراق عبر عدسة الصين
توماس فريدمان
نيويورك تايمز
من الجيد أن تكون في بلد لا يأتي فيه ذكر العراق ابدا. لكن الأمر يكون محبطا قليلا حين يكون هذا البلد أكبر منافس جيوسياسي للولايات المتحدة في الوقت الراهن: الصين. لقد سمعت رئيس الوزراء الصيني ، وين جيابو ، يعلن في مؤتمر دولي هنا في داليان ، مدى التقدم الاقتصادي الذي أحرزته الصين في العقدين الأخيرين ، والتحديات الاقتصادية والسياسية والبيئية التي ما زال عليها مواجهتها. فكرت ، لا بد أنه أمر رائع أن تكون قوة عظمى وأن تركز تماما على مشاكلك الداخلية؟ لا، لم اصبح انعزاليا. أميركا لديها أعداء حقيقيين والصين ليست كذلك ، وتبعا لذلك علينا أن نوازن بين دورنا في أمن العالم ، في أماكن مثل الشرق الأوسط ، والمتطلبات الداخلية.
لكن هناك شيئا غير متوازن في اميركا اليوم. عندما أنظر للعالم من هنا ، من الصعب الا تشعر بان الصين قد أمضت السنوات الست الأخيرة وهي تتدرب من أجل الألعاب الأولمبية ، فيما استهلكنا انفسنا في جدل حول القاعدة. بعد 11 أيلول ، حاولنا أن نقوم بتغيير في قلب العالم العربي المسلم ، بمحاولة تعزيز حكومة تقدمية في بغداد. آنذاك ، كنت مقتنعا أن هناك منطقا استراتيجيا وأخلاقيا وراء ذلك. لكن تلك الاستراتيجية فشلت ،
وحان وقت الاعتراف بذلك ، والتركيز على كيفية عزل انفسنا بعيدا عن عدم استقرار ذلك العالم - بالحصول على سياسة طاقة حقيقية كبداية - وكيف نحمي مصالحنا الأمنية هناك بطرق قابلة للبقاء ، وكيف نعود لتطوير بلدنا. الآن يجب أن يكون واضحا أن العراق سيكون ما هو عليه. ببساطة ، لن نتمكن من مواصلة المراهنة بالكثير من الجنود الأميركيين والمصادر حتى يتعلم العراقيون ذات يوم كيف يعيشون معا - دون أن يكونوا تحت رحمة صدام ومن دون حمايتنا لهم.
لذا إما أن نحصل على مساعدة أو ننسحب. إذا كان الرئيس بوش مقتنع بأن بقاءنا في العراق ما زال يمكن ان يحدث أي فرق ، فإن عليه أن يحشد بعض الحلفاء لأن الشعب الأميركي لن يكون قادرا وحده - ولا يجب عليه أيضا - على تحمل الرهان على المدى الطويل بأن هناك شيئا مقبولا ما زال يمكن بناؤه في بغداد.
وإذا كان الرئيس غير قادر على الحصول على مساعدة ، فإن عليه الانسحاب على مراحل: الآن. فتكلفة هذه الحرب تبتز بلدنا وتنتزع منها القدرة على تحقيق ما هو افضل مما سنحققه ببقائنا في العراق ، مع أقل القليل من القوات وأقل القليل من الأصدقاء.
ويمكن للعراقيين القول بأن زيادة القوات جلبت المزيد من الهدوء للعراق ، وسبب ذلك إلى حد كبير هو أن التيار الرئيسي من السنة العراقيين أجروا حساباتهم أخيرا وعرفوا أن السنة العراقيين المؤيدين للقاعدة والشيعة المتطرفين ، يشكلون ضدهم تهديدا أكبر من الأميركيين الذين كانوا يطلقون عليهم النار.
في اللحظة التي نبدأ فيها بالانسحاب فإن كل العراقيون سيعيدون حساب مصالحهم بشكل دقيق. ربما يقررون إنهم يريدون المزيد من حمامات الدم ، لكن هناك احتمالا موازيا بأن يتمكنوا أخيرا من اكتشاف التوازن. جينبينغ أو ، رئيس جامعة داليان للتكنولوجيا ، قال لي إنه يركز حاليا على أبحاث الطاقة وان هناك 100 طالب يحضرون لدرجة الدكتوراه في مختلف مشاكل الطاقة ، وأن الحكومة الصينية قررت للتو فتح مركز جديد لأبحاث الطاقة هناك. وأنا استمع إليه ، ذهب فكري إلى العراق ، حيث كنت قبل اسبوعين وسمعت ضابطا أميركيا في بغداد يروي هذه القصة: كانت وحدته في دورية في ضاحية سنية عندما تعرض أفرادها لانفجار قنبلة مزروعة على جانب الطريق. لحسن الحظ انفجرت القنبلة بشكل مبكر جدا ولم يصب أحد. قفز رجاله وتعقبوا سلك التفجير. كانت هناك مروحية أميركية من نوع بلاك هوك تحلق في المنطقة وحذرت الجنود الأميركيين من رجل يفر من المكان على دراجة. وطلب الجنود المساعدة من الطائرة ، وهكذا حلقت الطائرة على ارتفاع منخفض واستخدمت شفراتها الدوارة في إسقاط المتمرد عن دراجته ، وقبض عليه الجنود.
صورة طائرة من أعلى أنواع التكنولوجيا مع طيار مدرب تدريبا عاليا تلاحق متمردا لتسقطه من على دراجته تجسد مدى سخافة وضعنا في العراق. ولعل المؤرخ اللبناني الكبير كمال صليبي وضعها بصيغة أفضل حينما قال "يجب ألا تتورط القوى العظمى في سياسات القبائل الصغيرة". هذا هو وضعنا في العراق.
إننا نهدر عقولنا. ونهدر شعبنا ومستقبلنا... الصين لا تفعل ذلك.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
ضياع استراتيجية بوش
في كومة التكتيكات
نواف ابو الهيجاء
ما اعلن عنه الرئيس الامريكي بشأن قراراته حول العراق ، وبالتحديد ما سمي بالاستراتيجية الجديدة ، القاضية بخفض نحو ثلاثين الفا من قواته في العراق بحدود الصيف القادم ، ليست خطوة ( ضمن استراتيجيته ) الكونية المبنية اساسا على احتلال العراق كخطوة اولى ليكون القرن الحادي والعشرون امريكيا بالتمام والكمال.
الرئيس الامريكي لم يخرج رأسه من الرمال ، بل ربما عمقه اكثر في الداخل ، متحدثا عن ( هزة ) قادمة تخرج ربما جزءا من ( ذيل القوات الامريكية الغاطسة في المستنقع العراقي ). والطريف ان الرئيس الامريكي حاول ارضاء غلاة المحافظين الجدد في ادارته بالحديث عن ( وجود عسكري امريكي قوي ولمدة طويلة ) في وادي الرافدين.
الواضح ان مناقشات الكونغرس للتقريرين العسكري والسياسي للقادة العسكريين والسياسيين الامريكيين في العراق المحتل هو المقدمة لاعلان قرارات الرئيس التي اطلق عليها تعبير ( الاستراتيجية الجديدة ) في العراق . قبل تسعة اشهر ايضا ، حين قرر الرئيس زيادة عديد قواته في العراق قيل انها (استراتيجية ) الرئيس القائمة على المزيد من القوة .
والواضح ان الحالتين ليستا سوى خطوتين تكتيكيتين لانقاذ ما يمكن انقاذه من استراتيجية باءت بالفشل الذريع في اولى خطواتها بفضل المقاومة العراقية الباسلة بالدرجة الاساس.
الخلط بين التكتيك والاستراتيجية متعمد هذه المرة . وهو ليس نتاج ضعف في فهم الكلمتين ومدلول كل منهما .
بل الحقيقة ان الادارة الامريكية المحافظة تواجه الفشل في الاتجاهات جميعها بما يخص سياساتها في المنطقة العربية . حتى دعوة الرئيس الامريكي لمؤتمر دولي لـ( السلام ) في المنطقة ، ليست سوى عملية يراد منها انقاذ ما يمكن انقاذه من السياسة الامريكية المتهاوية في المنطقة كلها . وضمن ذلك تواجه ارادة بوش بشن حرب جديدة في المنطقة بكثير من الرفض ، من اهل المنطقة ، ومن غير اهل المنطقة على السواء ، وحتى في الداخل الامريكي المثخن بجراح ما يجري في العراق منذ اربع سنوات ونصف.
التكتيكات تتغلب لدى ادارة الرئيس الامريكي على الاستراتيجية ، وتغرقها بدلا من انقاذها . والديمقراطيون الذين اراد الرئيس احراجهم بما اعلنه بشأن خفض قواته التدريجي في العراق خلال تسعة اشهر لم يحرجوا ، بل بالعكس وجدوا ان الرئيس يتجنب الحقيقة ويلف ويدور من حولها ، انها نتاج المكابرة الرافضة للاقرار بهزيمة استراتيجية كبرى تعادل هزيمة الولايات المتحدة الامريكية في فييتنام . والفارق اليوم يكمن فقط في اعلان الرئيس بوش عزمه على بقاء عسكري طويل الامد وقوي في العراق . كيف له ان يضمن هذه الرغبة او الخطوة المفترضة ؟ ماذا لو ارغمت القوات الامريكية المحتلة على الانسحاب ( هروبا ) مما هو ابشع وافظع ؟ وماذا ان انقلب السحر على الساحر وفاز الديمقراطيون في انتخابات الرئاسة وقرروا فورا الغاء تكتيكات بوش وبالتالي استراتيجيته التي تسببت في شيوع الكراهية لسياسة الولايات المتحدة في العالمين العربي والاسلامي خصوصا ، وفي القارات جميعها عموما؟
خطاب الرئيس بوش وقراراته سبقت اغتيال زعيم ( صحوة الانبار ) بساعات لاتتعدى الاربع والعشرين ، وكانت كلماته قوية جدا تتسم بنوع من الرضى عما يجري في الانبار ، فكانت النتيجة انه اثبت انه ليس هناك أي ( ثابت ) في الوضع في العراق ، وان كل شيئ يمكن ان ينقلب بين عشية وضحاها . هذا لا يعني بالتحديد شماتة بما جرى بل تقرير امر واقع . فاذا كنا ندين ( القاعدة ) واعمالها ضد الانسان العراقي ، فاننا نؤكد ان المقاومة العراقية ليست هي ( القاعدة ) بل ان القاعدة هي الاستثناء ، والمقاومة الباسلة هي الثابت الوحيد القائم في العراق المحتل. الامريكيون مرغمون على ابتلاع كل خطوات الرئيس بوش التكتيكية وخلطة التكتيك بالاستراتيج ، الى نهاية عام 2008 حيث سيكون لهم رئيس جديد ، ربما حاول بنجاح انقاذ ماء الوجه الامريكي الذي اريق كثيرا جدا في ظل سياسة الرئيس بوش العمياء الا عن استخدام القوة الغاشمة.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
الديمقراطيون وما باتوا عليه
مها سلطان

صحيفة تشرين سوريا

اقتراح جديد للديمقراطيين الأميركيين على طريق تغيير السياسات في العراق الاقتراح كسوابقه لا يخص العراق إلا بالعنوان فقط.

فيما التفاصيل كبيرها وصغيرها يركز على وضع الجنود الأميركيين هناك، وكيفية تحسين أوضاعهم ، أو بالأصح إجبار إدارة بوش على رؤية حالهم البائسة بحسب ما يقول الديمقراطيون.. هذا البؤس الذي يحرص الجنود الأميركيون على إخفائه كلما حضر الرئيس، فلا يفكروا عندها إلا بالتسابق لإلتقاط الصور معه ، وتوزيع الابتسامات على عدسات الكاميرات. ‏

بكل الأحوال وبعيداً عن العراق البعيد عن استراتيجيات التغيير المطروحة «ديمقراطياً» فإن الاقتراح الجديد يثير سخرية مرّة لدينا في المنطقة، ويبعث على الإبتسام بشماتة في أروقة البيت الأبيض، حيث يبدو أن الديمقراطيين وصلوا الى الدرك الأسفل في التنازل امام فريق بوش، لدرجة باتوا يطالبون بأقل القليل مع إرفاقه بتمني القبول حفظاً لماء وجهه، لقد تبادلوا اليوم الأدوار مع جمهوريي بوش، باتوا يبحثون عن أي فوز لو بحده الأدنى ، ليقولوا للرأي العام الأميركي إنهم استطاعوا إحداث تغيير في المشهد العراقي، وإنهم قادرون على إدارة الدفة وليس كما يتهمهم الجمهوريون بالعجز عن قيادة البلاد والدفاع عنها. ‏

وكما هو معروف فهذه الأشهر حاسمة لتعزير الرصيد الشعبي تمهيداً للانتخابات الرئاسية. ‏

أما الإقتراح فيقوم على السماح للجنود العائدين من العراق بقضاء فترة تساوي للفترة التي قضوها هناك، بعدها لاضير من إعادتهم، هذا بحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الصادرة أمس.. والديمقراطيون متفائلون جداً بموافقة الجمهوريين على الاقتراح ويقولون بثقة أنه سيحدث التغيير المطلوب باستراتيجية الحرب على العراق.. كيف ذلك والاقتراح يبدو لفرط سذاجته وكأنه كلام عام قيل في مناسبة عامة بتوجه «انساني» هدفه أميركي وليس عراقياً طبعاً، وعليه يستطيع الجمهوريون القبول بكل سرور، فهذا الاقتراح يزيد من رصيدهم الانتخابي اكثر مما يفعل بالنسبة للديمقراطيين. ‏

هذا ما بات عليه حال الديمقراطيين، فليبشر الجمهوريون بطول البقاء وطيب المقام. ‏


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
الأهداف لم تتحقق بعد
افتتاحية
الخليج الامارات


الرئيس الأمريكي جورج بوش مصرّ على استمرار مسيرة الاحتلال والحرب في العراق، والتخفيضات في عدد القوات التي أعلنها، هي إجراءات تجميلية لا تغير شيئاً في الواقع، لذلك فإنه عندما تتزايد عليه الضغوط الداخلية المطالبة بالانسحاب والخروج من المستنقع العراقي، يتعمد إطلاق الذرائع والتبريرات للإبقاء على هذه القوات، أو أنه يطلق كلاماً يجافي الحقيقة حول إنجازات تحققت لا بد من استكمالها “لبلوغ أهدافنا”، كما يقول.

لكن أية أهداف هذه التي يصر على بلوغها؟ لقد استند الغزو في الأساس الى اتهام العراق بامتلاك أسلحة دمار شامل، وإلى علاقة له بتنظيم “القاعدة”، ثم تبين أنه لا يمتلك هذه الأسلحة ولا وجود لمثل هذه العلاقة. وعندما انكشف بطلان هذه الأهداف استدارت الإدارة الأمريكية نحو البحث عن تبريرات أخرى، فوجدت ضالتها بأن النظام العراقي كان ديكتاتورياً وأن الشعب العراقي يستحق تخليصه من هذا النظام عبر احتلاله كي ينعم بالديمقراطية والحرية.

وإذا بهذه الأهداف تتهاوى هي الأخرى، فقد كان ثمن إسقاط النظام، تدمير العراق وبنيته وتفكيكه وإطلاق حمى الانقسام والطائفية والمذهبية، والفوضى التي أكلت الأخضر واليابس، والإرهاب الذي تسلل من كل حد وصوب تحت مظلة “الجهاد” لمقاتلة الاحتلال.

هذا هو العراق الآن في ظل “الحرية والديمقراطية”، وهذا هو العراق الذي يصرّ الرئيس بوش على أنه حقق فيه إنجازات لا بد من استكمالها “لبلوغ أهدافنا”.

بوش يريد حرباً بلا نهاية، أو حرباً كارثية طويلة المدى، لأنه لم يحقق من أهدافه الحقيقية شيئاً، فلا أسلحة الدمار الشامل أو العلاقة بتنظيم القاعدة كانت هدفاً حقيقياً للاحتلال، ولا نشر الحرية والديمقراطية كان هدفاً هو الآخر.

الرئيس الأمريكي لم يبلغ أهدافه الحقيقية حتى الآن، وهي تقسيم العراق الى كيانات مذهبية وإثنية، والسيطرة على النفط العراقي، وإقامة قواعد عسكرية ثابتة تكون منصة لتهديد الجوار، كل الجوار، ومواصلة الجهد من أجل خلخلة النظام العربي القائم لتفكيكه وتذريره. وطالما أن هذه الأهداف لم تتحقق فالاحتلال الأمريكي قائم مهما بلغت خسائر قوات الاحتلال، أو بلغت درجة فشلها.

الرئيس بوش ملتزم بأجندة المحافظين الجدد. ورغم غياب معظمهم عن المسرح، أو اختفائهم من الإدارة الأمريكية، لكن تأثيرهم لا يزال قائماً وفاعلاً ويصب في خدمة “إسرائيل” في نهاية المطاف.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
علامة تعجب
فؤاد الهاشم
الوطن الكويت
.. بدأت الأعمال الإنشائية في طهران لإقامة.. »مجمع ثقافي ورياضي« خاص بالجالية اليهودية الموجودة هناك والبالغ عددها حوالي »20 ألف« شخص، وقال وزير التنمية الاسكانية المدنية الايراني إن المشروع سيكلف ثلاثة ملايين دولار وينتهي خلال.. سنتين!! وأضاف الوزير قائلاً.. »إن لأتباع ـ الديانات السماوية الأخرى في إيران ـ كل الحرية في ممارسة عقائدهم حسب الأعراف والقوانين التي يعرفونها«!!.. »يا بخت اليهود، وعقبال سكان اقليم الأهواز« الذين يشنقون على الرافعات و»الأوناش«، علماً بأن اليهود العشرة الذين أدينو بالتجسس لصالح اسرائيل قبل سنتين قد أفرج عنهم بعد صدور »عفو خاص« وها هو المجمع الثقافي يبنى لهم.. »علشان ما يضيق خلقهم«!!
ــــ
.. تم العثور على جثة ضابط مخابرات إيراني داخل منزل قصفته طائرات أمريكية وكان بمعيته عدد من الإرهابيين السنة في تنظيم »القاعدة« في مدينة »سامراء«، ووجد بين طيات ملابس جثته جواز سفر ايراني وأوراق ثبوتية تؤكد شخصيته و.. مهنته!! لولا ان تنظيم »القاعدة« يقاتل الجيش الأمريكي، ولولا أن اسرائيل حليفة لواشنطن لكان مجانين بن لادن يتلقون دعماً من.. تل أبيب! المسألة ليست دينية ولا مذهبية، إنها سياسية خالصة، ومع ذلك، ما زال هؤلاء المخابيل الذين يفجرون أنفسهم يعتقدون انهم سيذهبون الى.. الجنة!!

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
صحوة .. الأنبار

راشد الردعان
الوطن الكويت
منذ أن بثت المحطات الفضائية مشهدا للرئيس الامريكي بوش وهو يصافح رئيس مؤتمر صحوة الأنبار عبدالستار بوريشة قلت لمن يجلس بجانبي ان العراقيين سيعتبرون هذا الشخص خائنا وسوف يلقى جزاءه وماهي الا ايام معدودة حتى اعلن رسميا مقتله بعبوة ناسفة قرب منزله او مضيفه.
لسنا ممن يضرب الودع او يعلم مالم يعرفه الآخرون ففي العراق توقع مالا يتوقع .. كل شيء جائز وممكن لا أحد يعرف بالضبط من هم الاعداء ومن هم الاصدقاء كل الامور تنقلب في يوم وليلة، فبالأمس إياد علاوي البعثي السابق واليوم نوري المالكي من حزب الدعوة وعاش العراق مهد الحضارات.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
قضية العراق سياسية وليست عسكرية
برونوين مادوكس
التايمز
بادر الكونجرس الاثنين الماضي ووضع امام الجنرال بيترايوس نقطة الضعف الرئيسية في قضيته التي طرحها امامه بشأن الاوضاع في العراق. فقد تحدى السناتور الديمقراطي جو بايدن المتشكك أصلا في جدوى الحرب وفي نجاح محاولات الولايات المتحدة لم شمل العراق تحدى كلا من الجنرال بيترايوس قائد القوات الامريكية في العراق وريان كروكر السفير الامريكي هناك طالبا منهما ان يوضحا لماذا هما يعتقدان أن النجاح العسكري الحالي يعني تحسنا سياسا مستداما في العراق. وقد حاجج السناتور بانه حتى في حالة نجاح التكتيكات العسكرية فان العراق سيتداعى ويتمزق اشلاء عندما تعود القوات الامريكية إلى بلادها ما دام يفتقر إلى حكومة تحتضن الجميع. ومن الصعب ان يعترض المرء على هذه الحجة. ولم يفعل ذلك بيترايوس وكروكر. وفي تحليلهما للوضع في العراق فانهما مالا إلى جانب التفاؤل ولكن ليس إلى حد اللامعقول. ولكنهما كانا كلاهما مصيبا فيما يتعلق بوضع السياسة في العراق. فالحكومة التي يقودها الشيعة فهمت الديمقراطية على انها تعني ان يحصل الفائز على كل شيء. وحتى الان فشلت الولايات المتحدة في اقناعها (اي الحكومة العراقية) في الاكتفاء بالاقل وذلك من اجل خدمة لقضية الوحدة الوطنية.
لقد أكدت لجنتا مجلس الشيوخ على هاتين النقطتين يوم الثلاثاء». وذلك شيء كانت لجنة مجلس النواب واسعة العضوية قد فشلت في الايماء إليه الاثنين الفائت يوم أن فقدت بوصلتها بسبب انغماسها في امطار بيترايوس بالاطراءات. وعلى الرغم مما انطوى عليه ذلك المديح من مقارنات بين بيترايوس والجنرال دوايت ايزنهاور(وهو ما يوحي بان بيترايوس قد يمنح في آخر المطاف منصبا سياسيا) فإنه سيكون من الصعب ان يحقق المرء مكاسب من خلال ارتباطه بتطورات العراق.
وفي المقابل فإن لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (واللتين تتكدس عضويتهما دائما بالطامحين إلى منصب رئاسة امريكا، سواء اولئك الذين سبق لهم ان ترشحوا أو من سيفعلون ذلك في المستقبل مثل جون مكين وهيلارى كلنتون) قامتا بتحد بيترايوس على نحو مباشر فيما يتعلق بتفاؤله وخططه بشأن اعداد القوات. لقد قاوم بيترايوس في تحليله تسييس مشاكل العراق الرئيسية. وعلى الرغم من انه دفع إلى المسرح من قبل البيت الابيض يوم 11 سبتمبر الا انه تجنب لغة الرئيس بوش عن (حرب الارهاب). واقر بالتهديدات التي مصدرها ايران والقاعدة. ولكنه أكد وهو محق في ذلك أن المصدر الاساس للصراع في العراق هو التنافس بين كياناته الاثنية والطائفية من اجل السلطة والموارد.
وكان الحق مع كروكر حين قال ان الصراع يعكس الكراهية الطائفية التي اوجدها الاضطهاد السني للاغلبية الشيعية تحت حكم صدام حسين. وقال ان العراق يمر بثورة (وليس فقط تغيير نظام).
وعلى الرغم من ان تلك العبارة تفوح منها رائحة نقد للطريقة التي تفهم بها الولايات المتحدة العراق الا ان ذلك النقد ليس واضحا وجليا.. وقد مر كل من بيترايوس وكروكر على الاعوام الاربعة من الاحتلال الامريكي للعراق مرور الكرام.ولم يشيرا من قريب او بعيد ان كان من شأن اتخاذ قرارات مختلفة عن تلك التي اتخذت فعلا الحيلولة دون حمام الدم هناك. لقد تناولا الاسئلة التكتيكية، فقط من تاريخ ارتباطهما هما بموضوع العراق.
لقد كان زعم بيترايوس الرئيسي هو ان إضافة 30000 جندي إلى القوات في العراق بحيث وصل عددها الكلى إلى 160000 جندي أدت إلى القضاء على بعض العنف. ليس هناك حاجة للتشكك في هذه المسألة كما يصر البعض على ذلك. لماذا؟ لأن افضل خط للهجوم (على زعم بيترايوس) كما اظهر مجلس الشيوخ هو التساؤل ان كان هذا الوضع مستداما؟ (اي وضع تقليل مستوى العنف في العراق).
ثمة نقطة ضعف في موقفه وهي ان اعمال القتل ربما قلت جزئيا لحدوث فصل بين تجمعات السنة والشيعة الان. نقطة ضعف اخرى تتمثل في القيمة التي أضفاها على الدعم الذي جاء مؤخرا من قبل القبائل السنية التي كانت معادية في السابق ولكنها الآن تتوجع من وحشية القاعدة. وليس من باب السخرية ان يشكك المرء في ان هذا السند يمثل دعما حقيقيا للولايات المتحدة او لحكومة يقودها الشيعة. وعلى نحو مماثل لا يمكن قبول وجهة نظره القائلة بان الجيش العراقي صار أكثر موثوقية. ولكن ذلك يعيد السؤال إلى المجال السياسي بحيث يصبح تساؤلا فيما إذا كانت الحكومة العراقية تسعى إلى تحقيق الرؤية الامريكية حول عراق موحد او بسط حكم الاغلبية المتوحش. لقد كان كروكر يقوم بأشق مهمة وهو يحاول ان يبدي تفاؤلا بامكانية النفاذ من هذا الدرب المسدود. وكان في اقل حالات اقناعه حين قال ان القادة العراقيين (لديهم الارادة) لان يفعلوا ذلك. وعندما اكد بيترايوس ان القوات المعززة(30000 جندي) يمكن ان تغادر العراق بحلول الصيف القادم اصبح عرضة للاوضاع عرضا سياسيا صريحا. ان الافتقار للقوات البديلة يعني ان الزيادة في اعداد القوات لا يمكن ان تكون مستدامة. ولم يفعل بترايوس اكثر من اعادة تقرير هذه الحقيقة مع إضافة رسوم بيانية. وفي الجوانب الاخرى كان يبدو متهربا في اجاباته على الرغم من ان ذلك شيء مبرر بالنسبة له كقائد عسكري وليس كسياسي.وآخر شريحة عرض استخدمها والتي كانت عبارة عن صفحة بيضاء اعدت في شكل رسم بياني اظهرت اعداد القوات الامريكية الباقية في العراق ولكن لم تظهر اية تواريخ( عودة). ولا يوجد من سيعترض على ذلك. ان الذي يتوجب عليه وضع التواريخ على ذلك الرسم البياني هو بوش أو الكونجرس او الرئيس القادم. لقد فشلت محاولة بوش دفع بيترايوس لملء فراغات (تواريخ انسحاب القوات).وكان لزاما ان تفشل تلك المحاولة. فاصعب القرارات ليست عسكرية ولكن سياسية ، في الولايات المتحدة كما في العراق.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
لا أمن ولا استقرار إلا بعد الانسحاب من العراق

عيسى بن محمد الزدجالي
عمان اليوم عمان
العالم كله من مشرقه الى مغربه يطالب بانسحاب القوات الأجنبية من العراق وتسليم مقاليد الأمور لأبناء العراق لان وجود هذه القوات الأجنبية على الآراضي العراقية لم يجد نفعا ولم يحقق الأهداف التي جاءت من أجلها بل حدث العكس تماما فقد اصبح الموت حاضرا كل يوم في العراق والأمن مصطلح لم يعد له وجود لدى المواطن العراقي الذي يحاصره الموت من كل الزوايا.
القوات الأجنبية جاءت الى العراق تحمل الكثير من الوعود وترسم للعراقيين مستقبلا كله رخاء وأمن وأمان لكن كل ذلك لم يتحقق منه ولو جزء يسير على أرض الواقع، بل حدث ما لم يكن يتوقعه أحد فالقوات الأجنبية التي جاءت لتوفر الأمن للعراقيين وتحرسهم وتحرص على سلامتهم صارت تحرس نفسها وسببا للعديد من الأحداث لأنها أضحت هدفا للهجمات المتكررة مما جعلها تفقد الكثير من جنودها وعتادها.
كان العراق قبل دخول القوات الاجنبية إليه واحة للأمن والأمان واسم محلق في سماء الحضارة الانسانية وشواهد في كل شبر من أرض العراق تجسد حضارة عريقة ومتاحف ومكتبات تحكي بالكلمة والصورة اسطورة ابداع الفكر العراقي لكن دخول القوات الأجنبية الى العراق دمر كل شيء ونسف كل معالم الحضارة والثقافة والعلم التي كانت خير شاهد واصدق برهان على المساهمة الفعاله للعرب والمسلمين في الحضارة العالمية لكن كل ذلك تحول الى رماد وأشلاء وعادت البلاد الى الصفر.
بعد اكثر من 4 سنوات من تواجد القوات الأجنبية في العراق ظل الفشل الذريع ملازما لها وبقيت الوعود الوردية التي أطلقتها قبل غزوها للعراق مجرد حبر على ورق لأن المواطن العراقي يريد شيئاً ملموسا و يطالب بمظلة الأمن ليتحرك في هدوء ويمارس حياته اليومية بكل إطمئنان وليس الخوف والموت والتفكير في الهجرة والهروب من السيارات المفخخة والتفجيرات والإغتيالات والفوضى العارمة.
تواجد القوات الأجنبية في العراق لم يجد نفعا بل كانت وراء مقتل العديد من المواطنين العراقيين الذين ساقهم حظهم العاثر الى التواجد قرب القوات الأجنبية أثناء تعرضها للهجمات كما يسجل التاريخ للقوات الأجنبية أيضا فظائع مدوية مثل قيام بعض عناصرها بجرائم قتل بعض المواطنين الأبرياء و ستبقى فضيحة سجن أبو غريب وصمة عار في جبين القوات الأجنبية.
الكثير من الدول قامت بسحب قواتها من العراق منها بريطانيا التي اتخذت خطوات ميدانية لسحب جزء من قواتها من العراق في خطة للانسحاب الكامل كما أعلنت الإدارة الأمريكية عن نيتها في الانسحاب التدريجي من العراق اضافة الى الحكومة الألمانية التي رسمت خطة انسحاب قواتها من العراق لتبدأ في تطبيقها قريبا كما اظهرت معظم استطلاعات الرأي التي اجريت في الدول التي تتواجد قواتها في العراق رغبة مواطني هذه الدول في عودة هذه القوات من العراق في أقرب الاجال وذلك بنسب تجاوزت 90% وهي خطوات لاقت صدى طيبا لدى المجتمع الدولي الذي ينتظر انسحابا شاملا وكاملا لكل القوات الأجنبية من العراق حتى يتسلم العراقيون زمام الأمور فهم الأدرى والأجدر بقياده سفينة البلاد نحو بر الأمان خاصة أن العراق أكد على مر العصور انه بلد عظيم أنجب العظماء ويملك عقولا مبدعة وسواعد بناءة بامكانها أن تعيد بناء الوطن بعزيمة فولاذية.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
المالكي وهجوم الرمق الأخير
عبدالزهرة الركابي
الخليج الامارات
ما أن غادر الرئيس الأمريكي بوش العراق المحتل في زيارته المفاجئة، التي عدت محاولة استعراضية لرفع معنويات جنوده المنهارة على أثر إنسحاب القوات البريطانية من البصرة وانكفائها إلى قاعدتها الأخيرة مطار البصرة، أعلن موفق الربيعي (مستشار الأمن القومي) عن خطة أمنية جديدة سماها (العراق أولاً)، وقد رأي المراقبون في هذا الإعلان نوعاً يائساً من هجمات الرمق الأخير التي باشرها المالكي في تصريحاته الأخيرة.

والمالكي، لم يكن يحلم يوماً أن يتسيد الحكم في العراق حتى لو كان شكلياً، مثلما هو حاصل الآن، بل إن حزبه (الدعوة) وعلى صعيد قياداته (التاريخية) لم يرد في خطابه الاستيلاء على الحكم أو الوصول إلى الحكم عن طريق الديمقراطية، مثلما ان المالكي لم يحلم يوماً بزعامة الحزب حتى ولو في ظل احتلال العراق وبظروفه السائدة.

فالمالكي الذي هرب من العراق في الثمانينات إلى إيران التي لم يجد ضالته فيها، أو هو بالأحرى لم يتعايش مع الأجواء التي كانت تخيم على قيادة الحزب هناك، انتقل إلى سوريا ومكث فيها مايقارب الثلاثة عقود كممثل لحزبه، وباعتباره عضواً في المكتب السياسي، واللافت ان حقبة المعارضة العراقية السابقة قد شهدت خطاباً متشدداً ومعادياً لأمريكا من قبل “حزب الدعوة”، ولم يتغير هذا الخطاب إلا بعد أن شارك الحزب المذكور في مؤتمر لندن للمعارضة، الذي تبنته أمريكا والذي عُقد قبل بضعة شهور من احتلال العراق.

ويبدو ان مؤتمر لندن السالف الذكر قد أحدث هزة تغييرية في توجهات الحزب وقياداته الحالية، لاسيما بعدما تيقنت هذه القيادات أن الحزب لم يعد يملك قاعدة شعبية، وأن كل ماتبقى له هو شريحة نخبوية تتمثل في كوادر الحزب، من واقع أن مثل هذه القاعدة تحولت إلى التيار الصدري وفق ما أفصحت عنه مراحل الاحتلال السائدة بفعل ظروف وعوامل شتى.

وإذا كان “حزب الدعوة” قبل الاحتلال كان يتوزع على ثلاثة أجنحة في إيران وسوريا ولندن، فإن هذا الحزب بات الآن يتوزع على مراكز قوى منذ أن انتزع المالكي زعامة الحزب من ابراهيم الجعفري على أثر تحالف جناح علي الأديب مع جناح المالكي، الأمر الذي أدى إلى إبعاد الجعفري عن الزعامة وحلول المالكي محله، على الرغم من أن الاثنين لايشكلان (زعامة تأريخية) للحزب.

من هنا استغل المالكي ظروف حزبه واضمحلال وانحسار قاعدته الشعبية، لينطلق من الفئوية (قائمة الائتلاف الموحد)، متناسياً ان أكبر تجمع أو تيار في هذه الفئوية، وهو التيار الصدري، لايمكن تجاوزه وهو الذي أوصله أساساً لهذا المنصب، فما بالك في حالة الاستعداء التي وصلتها علاقة الطرفين بعدما وجه المالكي انتقادات مباشرة لهذا التيار مطلقاً على عناصره (عناصر جيش المهدي) توصيفات إجرامية تزامنت مع قيام الجيش الأمريكي بعمليات مفاجئة على معقل هذه الميليشيا في مناطق الثورة والشعلة ببغداد وبعض محافظات الفرات الأوسط مثل مدينة الديوانية. ومن الواضح ان حالة الاستعداء هذه سوف تفعل فعلها السلبي في مستقبل المالكي على صعيد الفئوية أو قائمة الائتلاف.

والواضح أن المالكي يعيش في حالة إيهام شخصي عندما راح يدعي في تصريحاته انه يمثل حكومة بلد مستقل وجاءت عبر ممارسة ديمقراطية، وان هؤلاء المطالبين بتغيير حكومته وإقصائه عن الحكم انعدمت عندهم اللياقة الدبلوماسية. ومن هنا يحاول المالكي التغطية على ضعفه من خلال القفز إلى الشأن الخارجي من خلال جولته في الدول المجاورة للعراق (تركيا وإيران وسوريا)، وكذلك من خلال افتعاله معارك دبلوماسية مع بلدان العالم وفقاً لطلبه من فرنسا تقديم اعتذار رسمي، بينما الداخل العراق يشهد معارك سياسية وطائفية وإرهابية وعشائرية، وحتى معارك بين الفئة الواحدة، بعدما تم اغتيال محافظي الديوانية والسماوة، اللذين هما من أتباع جماعة المجلس الأعلى، وقد جاءت أحداث كربلاء الأخيرة لترفع ورقة التوت عن تستر الميليشيات الفئوية في قائمة الائتلاف الموحد بعدما أحدثت قتلاً ونهباً وحرقاً في مزارات كربلاء.

وهكذا أصبح المالكي مكشوفاً جراء امتعاض الأمريكيين منه وبغض النظر عن أسباب هذا الامتعاض أولاً، وثانياً انحسار تأييده ودعمه في ما تبقى من قائمة الائتلاف بعد ابتعاده عن التيار الصدري، مع العلم ان المجلس الأعلى لم يكن في يوم ما على علاقة ود مع حزب الدعوة حتى لو تحالف أخيراً مع هذا الحزب ضمن مايسمى التحالف الرباعي، من واقع أن مرشح المجلس الأعلى عادل عبدالمهدي كان منافساً لمرشحي حزب الدعوة ابراهيم الجعفري نوري المالكي. وثالثاً وصول المالكي بعلاقته مع جبهة التوافق العراقية إلى حد القطيعة، مع العلم ان هذه الجبهة تشكل عنواناً فئوياً كبيراً، وهو مايعني افتقاره إلى الحنكة السياسية في منصب حتى لو كان شكلياً في ظل الاحتلال، ورابعاً علاقته السيئة مع الجماعات العلمانية التي تشارك في العملية السياسية مثل جماعة اياد علاوي (القائمة العراقية) والتي هي الأخرى سحبت وزراءها من حكومته، وخامساً وأخيراً عقده صفقة مع الأكراد ثمنها كركوك وذلك مقابل انضمامهم للتحالف الرباعي، وقد اتضح هذا الأمر جلياً في أحد بنود هذا التحالف والذي أكد على الإسراع في إنجاز مراحل تطبيق المادة 140 من الدستور.

وعليه، لم يعد المالكي في نظر الاحتلال والجماعات المشاركة في العملية السياسية رجل المرحلة المطلوب، خصوصاً في ظل فشل وإخفاق خطط الأمن التي نُفذت منذ تسلمه لمنصبه، ولهذا فليس من المستغرب أن يعمد إلى شن الهجمات الكلامية بفعل يأسه وإحباطه، وهو من هذا الواقع يحاول الإمساك بمقولة: الهجوم خير وسيلة للدفاع!.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ما وراء خفض القوات الامريكية في العراق!
مايكل غوردون
نيويورك تايمز
بموجب الجدول الزمني الذي وافق عليه يوم الإثنين الماضي الجنرال ديفيد بترايوس, فإن عدد الوحدات الأمريكية المقاتلة سوف ينخفض بمقدار الربع في الصيف المقبل, مع احتمال خفض أكبر, وإن لم يحدد موعده بعد.
لكن مثل هذه الخطوة قد تثير مسألة كيفية تجنب الولايات المتحدة إزديادا العنف في العراق أثناء قيامها بتنفيذ إنسحاب تدريجي للقوات. هناك مقاربة لقيت تاييد العديد من المشرعين الأمريكان, وهي تعديل المهمة الأمريكية عن طريق التركيز على التدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية حتى يتم الدفع بالعراقيين إلى المقدمة وحتى يمكن لأغلبية القوات الأمريكية المقاتلة ان تنسحب بسرعة.
هذا الإقتراح الذي قدم في العام الماضي من قبل مجموعة دراسة العراق, تلك اللجنة المكونة من الحزبين بقيادة لي هاملتون, عضو الكونجرس السابق, ووزير الخارجية الأسبق, جيمس بيكر الثالث, هذا الإقتراح راق للعديد من الديموقراطيين وبعض الجمهوريين الذين يريدون تحقيق قدر من الإستقرار في العراق أثناء تقليص دور الجيش الامريكي.
لكن, وفي شهادته يوم الإثنين, قدم الجنرال بيرايوس رؤية شديدة الإختلاف. لقد اقترح وجودا أمريكيا, ليس فقط أطول وأكبر مما نادى به العديد من الديموقراطيين, بل ايضا يمهد لدور قتالي أمريكي أكبر لحماية السكان العراقيين.
قال الجنرال بيرايوس, أن إعادة تعريف المهمة الأمريكية بالتركيز على تدريب القوات العراقية بصورة رئيسية مع القيام بغارات للكوماندوز ضد الإرهابيين, سوف تكون أمرا فجا. وأضاف: "لقد تعلمنا من قبل بأن هنا خطرا حقيقيا في تسليم المهام لقوات الأمن العراقية قبل ان نضمن مقدراتهم وظروفهم المحلية".
ولم يكن القائد الامريكي يرفض فقط المطالبة بجدول زمني صلب لسحب الجزء الاكبر من القوات الأمريكية, ولكنه كان ايضا يشعر المنتقدين, بأنه حتى عندما يحين وقت التخفيض, فإن لديه رؤية مختلفة للطريقة التي ستستخدم بها القوات المتبقية.
وليس الجنرال بترايوس هو الوحيد الذي أظهر مثل هذا الحذر. فالتقديرات التي أصدرتها الإستخبارات القومية الامريكية في الشهر الماضي أوردت حجة مشابهة. وقد اقتطف الجنرال بترايوس من ذلك التقييم أثناء الإدلاء بشهادته. فقد جاء في التقييم: "إننا نقدر أن تغيير مهمة قوات التحالف من محاربة التمرد وتحقيق الإستقرار إلى دور قتالي مساند للقوات العراقية مع القيام بعمليات مضادة للإرهاب لمنع قاعدة بلاد ما بين الرافدين من تأسيس جنة آمنة, سوف يمحو المكاسب الامنية التي تحققت حتى الآن".
وقدم الجنرال بترايوس في شهادته جداول حول وضع التفجيرات الإنتحارية والقتل الطائفي والموتى المدنيين والقنابل المزروعة في جوانب الطرق والاسلحة التي عثر عليها. ورغم اعترافه بأن الطريق الذي أمامه سوف يكون صعبا, إلا انه أكد أن الولايات المتحدة حققت, حتى الآن, أهدافها العسكرية في تهدئة العنف الطائفي, لحد كبير.
ومع ذلك, فإن نظرة دقيقة لتلك الجداول توضح التحديات التي يواجهها الجيش الأمريكي. فالجدول الملون حول وضع الهجمات يوضح أن هناك علاقة بين إنفخاض الهجمات الأسبوعية وبين زيادة العمليات التي تشنها القوات الأمريكية والتي مكنتها من نشر خمس وحدات قتالية إضافية.
ويوضح الجدول الخاص بقدرات قوات الأمن العراقية خلال العام الماضي, تغييرا طفيفا نسبيا في أعداد الجيش والشرطة العراقيين وفي عدد وحدات قوات العمليات الخاصة التي تقاتل جنبا لجنب مع الأمريكان.
وكان القرار السابق لإدارة الرئيس بوش بعدم تمديد فترة إبقاء جندي الجيش الامريكي في مناطق القتال لأكثر من 15 شهرا, قصد منه أن مستوى القوات الأريكية في العراق في طريقه للزيادة. وقد جعل الجنرال بتراوس التخفيض المتوقع بصورة واسعة رسميا عن طريق الإعلان بأن القوات الامريكية سوف تكون في مستوى ما قبل الزيادة بحلول منتصف يوليو 2008.
ورفض الجنرال بتراوس أن يقول ما هي التخفيضات الإضافية التي ستنفذ بعد الوصول لذلك المستوى متحججا بانه سيعاود مناقشة الموضوع في مارس القادم. ومع ذلك فهو يوضح بانه متلزم بتخفيضات إضافية. إذن, كيف يتسنى للقائد ان يأمل أن يوفر أمنا أفضل بقوات أقل؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
وأين التقرير العربي؟
السيد زهره
اخبار الخليج البحرين عدد السبت
الجنرال بترايوس والسفير كروكر قدما الى الكونجرس تقريرهما الذي طال انتظاره من جانب الأمريكيين. تقرير عن ماذا بالضبط هذا الذي قدماه؟ لم يقدما تقريرا عن العراق والعراقيين. قدما تقريرا عن حال امريكا وقوات احتلالها في العراق.

وهذا أمر بديهي. ما يهم الأمريكيين هو ان يعرفوا.. متى سيعود جنودهم من العراق؟.. وماذا بمقدور أمريكا أن تفعل لحماية مصالحها في العراق؟.. وماذا ستفعل في صراعها مع إيران على النفوذ في العراق؟.. وما هي بشكل عام السيناريوهات المطروحة أمامهم للتعامل مع التطورات المحتملة في العراق؟.. وهكذا. لكن ماذا عن العراقيين؟.. لا كلمة واحدة تقريبا وردت في تقرير بترايوس كروكر عنهم. لا كلمة عن الذي حل بهم من قتل ودمار وتشريد.. لا كلمة عن مصيرهم ومستقبلهم ومستقبل بلادهم في ظل السيناريوهات المختلفة المطروحة. هذا أمر هو آخر ما يهم الأمريكيين. إيران بالمقابل، لديها «تقريرها« عن العراق.. ليس مهما ما تعلنه وما لا تعلنه.. هي تعرف ماذا تريد.. وماذا ستفعل في حال انسحب الأمريكيون أم لم ينسحبوا. وهي تستخدم كل هذا كأوراق ضغط ومساومة في صراعها العام مع أمريكا. وحين يقول الرئيس الإيراني إن إيران جاهزة لملء الفراغ في العراق بعد انسحاب الأمريكيين، فهو يعني أن إيران تعرف تماما ماذا ستفعل في حال الانسحاب. وحين يقول رئيس الحرس الثوري اننا نعرف بالدقة كل نقاط ضعف الأمريكيين في العراق، فهو يعني ان إيران تعرف ماذا ستفعل بالضبط إذا بقي الأمريكيون واذا أرادوا التصعيد مع إيران. لكن ماذا عن العرب؟.. ماذا عن «التقرير العربي«؟.. أين هو؟ إزاء «التقارير« الأمريكية والإيرانية، من المفترض نظريا ان يكون للعرب «تقريرهم« أيضا. من المفترض أن يكون لدى الحكومات العربية تصوراتها لأربعة امور كبرى: أولا: تقدير عربي لحقيقة ما حل بالعراق والعراقيين. وتحديد عربي صريح لمن المسئول بالضبط عن الخراب والدمار الذي حل بالعراق والعراقيين. ثانيا: تصور عربي لاحتمالات المستقبل في العراق. تصور لما يمكن أن يحل بالعراق والعراقيين في ظل السيناريوهات المطروحة من جانب القوى المختلفة وفي مقدمتها طبعا أمريكا وإيران. ثالثا: موقف عربي يعرفه الجميع بما يجب ان يحدث في العراق من وجهة النظر العربية حفاظا على وحدته وعروبته ومصالح شعبه. رابعا: تصور واضح لما سوف أو يجب أن تفعله الحكومات العربية، إزاء مختلف السيناريوهات المطروحة في العراق. بمعنى أن يكون معلوما للجميع انه إذا حدث كذا في العراق، فإن هذا ما سوف يفعله العرب. هل سمعنا أن هناك «تقريرا« عربيا يتضمن هذه الجوانب؟ طبعا لا. هل نعرف نحن أي تصور عربي لهذه القضايا الحاسمة التي تتعلق بمستقبل العراق ومستقبلنا؟ طبعا لا. ولماذا؟ لأنه لا يوجد.. لأن حكوماتنا العربية هي حكومات لا تفكر في المستقبل ولا تخطط له.. لأن حكوماتنا العربية عاجزة عن المبادرة في أي شيء وكل مواقفها هي مجرد ردود أفعال سريعة عابرة على ما يفعله الآخرون. لأن حكوماتنا العربية تنشغل بأمور كثيرة جدا جدا، لكن ليس من بينها مستقبل دولنا وشعوبنا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
هل تعيد أمريكا نظام التجنيد الإجباري ؟
محمد عبد الله كرام
الشبيبة عمان
أعادت إلى الأذهان أجواء حرب فيتنام، تصريحات أدلى بها أحد المستشارين العسكريين للرئيس الأمريكي جورج بوش، عن دراسة إمكانية استئناف العمل بنظام التجنيد الإجباري في الجيش الأمريكي. وكان الجنرال داغلاس ليوت Douglas E. Lute قد أعرب في تصريح لإذاعة "أن بي أر" NPR): All Things Considered, (8/ 10/ 2007 أن مسألة إعادة العمل بالتجنيد هي أمر جدير بالتفكير وخيار قائم، نظرا لعدم توافر قوات كافية تحت نظام التجنيد الاختياري أو التطوعي لحشدها بشكل مستمر في الجبهات القتالية في العراق وأفغانستان.
وقد كانت أرقام التجنيد خلال سنة 2005 قد أظهرت أن الجيش الأمريكي أخفق في تجنيد الأعداد العسكرية المطلوبة، وأعزي هذا الإخفاق إلى أسباب عدة من بينها عزوف الكثيرين عن تأدية الخدمة العسكرية في العراق، خصوصا وأن حربا من هذا النوع يصعب الحسم فيها عسكريا وقد خلفت حتى الآن ما يقرب من 4 ألاف قتيل وما يقرب من 30 ألف جريح في صفوف الجيش الأمريكي منذ اجتياح العراق في مارس 2003، حسب مصادر وزارة الدفاع والمنشورة على الانترنت في موقع: (http://icasualties.org/oif/default.aspx) ، هذا الموقع الذي يتولى تعداد ضحايا الحرب.
وحدا ذلك بالبنتاجون إلى خفض معايير الانضمام إلى الجيش، وذلك برفع السن القانونية للتجنيد إلى 39 سنة بدل 35 سنة سابقا، قصد فسح مجال أوسع لانخراط فئات عمرية جديدة في الجيش وتحقيق الأرقام المستهدفة، يضاف إلى ذلك دفع حوافز مالية وعلاوات للمنضمين الجدد قد تصل إلى$25000 دولار، فضلا عن منح الجنسية للمقيمين الشرعيين المتطوعين للخدمة العسكرية. وكذلك نشر الإعلانات للترويج والدعاية للخدمة، حتى أن دور السينما باتت تعرض وصلات اشهارية لاستقطاب المجندين. وقد وصل الأمر إلى أبعد من ذلك إذ تم قبول مجندين ذوي سوابق إجرامية وآخرين دون المستوى التعليمي المفروض سابقا أي المستوى الثانوي.
وقد أثمرت هذه الإجراءات، إذ بينت المعطيات هذه السنة أن أرقام البنتاجون تفيد أن معدل تجنيد القوات عاد إلى المستوى المستهدف خلال هذه منتصف هذه السنة 2007:
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد نشر هذه البيانات في موقعها على الانترنت في العاشر من هذا الشهر، مشيرة إلى أن جميع فروع القوات العاملة في الجيش الأمريكي قد حققت أهدافها أو تجاوزتها خلال شهر يوليو من هذه السنة، كما أن قوات الاحتياط أيضا حققت أهدافها أو فاقتها، والاستثناء الوحيد كان في القوات الجوية في الحرس الوطني التي ضمت 787 مجندا وهو أقل من العدد المستهدف 907.
نظام التجنيد الإجباري في الجيش الأمريكي وكيفية إقراره
أن تاريخ التجنيد الإجباري في الولايات المتحدة يمتد إلى بداية نشأتها، إلا أن أول مبادرة رسمية لإقرار هذا النظام عرفتها فترة حكم الرئيس الأمريكي فرانلكين روزفلت الذي وقع القانون الانتقائي للتسجيل في قوائم الخدمة العسكرية، وأحدث أول وكالة فيدرالية مستقلة
تعنى بشئون نظام التجنيد سنة 1940 . وخلال الفترة ما بين السنوات 1948 حتى 1973 تم تفعيل نظام التجنيد الإجباري في أوقات السلم والحرب على السواء، إلى أن ألغاه الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون عام 1973 اثر حرب فيتنام، وتم استعادة نظام التجنيد على قاعدة التطوع المعمول بها حتى اليوم.
يتطلب تفعيل نظام التجنيد الإجباري في الولايات المتحدة إصدار قانون من الكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ، بعد أن يتبين أن الجيش الأمريكي يواجه أزمة شح في موارده البشرية لتلبية الاحتياجات السنوية التي أخفق النظام التطوعي في جلبها، وبعد ذلك يعرض القانون على الرئيس الأمريكي ليوقعه ويصبح ساري المفعول.
يلي ذلك إجراء القرعة لتجنيد الإفراد المسجلين في القوائم الانتقائية والذين تتراوح
أعمارهم إجمالا بين21 و25 سنة، بعد ذلك يمر الأشخاص الذين تم انتقائهم بفحوص طبية ونفسية دقيقة تحدد أهليتهم لولوج الخدمة العسكرية أو اعفائهم لأسباب مدرجة في القانون الذي يسنه الكونجرس مبدئيا. وللإشارة هنا، فالنظام المعمول به يفرض على المجندين الجدد الالتحاق بالجيش رسميا بعد انتهاء تدريباتهم خلال مدة لا تتجاوز 193 يوما من تاريخ اشعار التجنيد الإجباري.
استطلاعات الرأي وتأثير مسألة التجنيد على موقف الأمريكيين من الحرب أجرت مجموعة من المؤسسات الإعلامية الأمريكية من بينها شبكه الأخبار أي بي سي ABC، وجريدة واشنطن بوست، إضافة إلى بعض الوكالات المتخصصة في استطلاعات الرأي، كمؤسسة غالوب Gallup وأل بي أس أووسLpsos التابعة لوكالة اسوشيتد برس استطلاعات رأي الشعب الأمريكي فيما يتعلق بهذه القضية. وقد تمحورت الأسئلة الموجهة إلى المشاركين حول الإقبال على الخدمة العسكرية وموقفهم من التجنيد الإجباري. وأبرزت نتائج هذه الاستطلاعات أن الغالبية تعارض مسألة إعادة العمل بالتجنيد، ففي معرض إجابتهم على سؤال بهذا الخصوص أعرب 70 بالمائة عن رفضهم، مقابل 27 بالمائة لصالحه، و4 بالمائة بدون رأي. وفي سؤال أخر، هل تنصح أي فرد من عائلتك بالانضمام للجيش؟ كانت الإجابة 52 بالمائة بلا، 41 بالمائة بالإيجاب وبالباقي بالمائة بدون رأي. وعن هل الحرب في العراق ساهمت في الزيادة من صعوبة استقطاب المجندين؟ أفادت إجابة 73 بالمائة بالتأكيد،بينما رأى 25 بالمائة أنها لم تؤثر على استقطاب المجندين للالتحاق بالجيش، والباقي 2 بالمائة بدون رأي.
في استقراء لهذه المعطيات، يمكن أن نستخلص أن الحرب القائمة في العراق قد أثرت بشكل جلي على الشارع الأمريكي ونظرته للخدمة العسكرية. مما يعيد إلى الأذهان أجواء حرب فيتنام، والذاكرة المريرة التي خلفتها هذه الحرب في نفوس الأمريكيين، بسقوط ألاف الضحايا وفرار العديد من المطلوبين للتجنيد إلى كندا وأوروبا لتفادي حشدهم في جبهات القتال والزج بهم في حرب لم يقتنعو بمشروعيتها.
وقد بات بقاء القوات الأمريكية في "المستنقع العراقي" الخطر مدة قد تطول أمرا واردا، فالمتطوعين من الشباب الأمريكي وحتى ما يدعى "المرتزقة" الذين كانت تغريهم الحوافز والأموال الإضافية، صاروا يمعنون التفكير قبل الإقدام على خطوة الانضمام للجيش. إضافة إلى أن الكثير من العائلات الأمريكية تتمنع من انضمام أبنائها إلى الخدمة العسكرية.
كما أن تعالي بعض الأصوات في الكونجرس بضرورة تعميم عبء الحرب التي تخوضها القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان على عامة الشعب الأمريكي، ولتحقيق هذه الغاية كان النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك تشارلز رانجلCharles Rangel, D-NY
، قد حاول مزار تمرير قانون تفعيل نظام التجنيد، اخر مبادرة له كانت في اقتراح قانون H.R. 393 (2007) Bill، الذي رفض الجمهوريون مناقشته.
وبالنظر إلى وضع الجيش الأمريكي المنهك بسبب عمليات نشر القوات الهائلة وإعادة النشر التي تندرج في إطار ما يسمى بمسئوليات الولايات المتحدة الدولية (اليابان وشبه الجزيرة الكورية وجنوب أسيا وأوروبا).


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
أمريكا وسياسة القاضي والجلاد
افتتاحية
الشرق قطر
كشف تقرير للحكومة الامريكية امس ان الحريات الدينية هي ضحية اخرى للحرب في العراق حيث يتعرض اتباع العقائد المختلفة الى مضايقات او خطف او حتى القتل هذه الحقيقة التي جاءت «أمريكية» هذه المرة انما تعكس ما تحاول الادارة الامريكية تجاهله وهي تتزامن مع اصرار الرئيس الامريكي جورج بوش ودون يأس أو ملل في تكرار دعوته للكونغرس لدعم خططه في العراق ويراهن هو ومستشاروه وسفيره في العراق وقائد قواته هناك على تفجر الاقتتال الطائفي والفصائلي بين مختلف الفرقاء نتيجة لسياسة التفرقة المتبعة حيث ظهرت بوادر ذلك في ضجيج التهديدات المتبادلة التي بدأت تعلن ومنها تعهد مجلس صحوة الأنبار امس بالثأر من تنظيم القاعدة لحجة مقتل رئيسه الشيخ عبد الستار أبو ريشة وهو الرجل الذي جمع عشائر منطقة الانبار تحت لوائه لمحاربة القوات الامريكية التي غزت العراق بداية ثم استطاعت أساليب التفرقة ان تزرع الخلافات بين الفصائل ولتعتبر واشنطن الرجل أحد حلفائها في العراق من خلال تغذيتها للعنف الطائفي وزرع المفاهيم الطائفية والاثنية إلا أن هذه السياسة الفاضحة زادت الأوضاع سوءا في العراق الأمر الذي أدى الى اغتيال هذا الرجل بسبب سياسة واشنطن التي جعلت العراق يغوص في حرب متعددة الهويات بعد ان كانت هويتها هوية المقاومة ضد الاحتلال وبذلك يعتقد بوش انه نجح في سياسته بتمزيق المقاومة وتعدد اهدافها ليبدو ان الرابح الاكبر هو واشنطن ولتكون القوات الامريكية بحق قوات تعمل - كما كشف التقرير الامريكي - على استخدام الحريات الدينية كوقود للحرب بين فصائل المقاومة مع ممارسة التضييق على الحريات الدينية واليوم ربما تحتفل ادارة بوش بتحقيق نجاح للسياسة الامريكية حيث يتبادل الفرقاء في العراق الاتهامات والتهديدات بمقتل زعيم الانبار او الوقوف وراء مقتله. فالرهان الامريكي اشعال الفتنة وعلى اقحام العشائر العراقية في الاقتتال الدائر رحاه بشكل اعمى بين الاخوة العراقيين انفسهم اول الخيط الامريكي الذي يكشف معالم السياسة الجديدة التي تريد واشنطن من خلالها تخفيف الضغوط العسكرية على قواتها والسياسية على ادارتها من الكونغرس بينما يبقى العراق يغوص في المزيد من عمليات قتل الأبرياء والعصابات واللصوصية بينما تواصل واشنطن خلط الاوراق والحسابات في الخفاء ودون ضجيج تمهيدا لتقسيم وتفتيت العراق وتمزيق اوصاله مع استمرار توسيع الفوضى وعدم الاستقرار. وبين حين واخر تنصب الحكومة الامريكية نفسها قاضيا وحكما على العالم حيث تطلع على العالم بتقارير توزع فيها شهادات عن مستوى الحريات والديمقراطيات لتعمي الابصار عما تقوم به قواتها في العراق وافغانستان وغيرهما فهل يصدق احد في العالم اجمع ان واشنطن «قاضيا» في شؤون الحريات والديمقراطية ام ان الجميع يعرف انها "الجلاد" الاول للحريات والديمقراطية؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
اشبعو به
لؤي قدومي
الوطن قطر

إذا ما كانت ثمة حسنة للتدخل العسكري الأميركي في العراق وأفغانستان، فهي تكمن في ان الدولة الاقوى في العالم أفسحت المجال لدول أخرى خبا نجمها حينا لملء فراغ تركته واشنطن رغما عنها وهي تصارع لإدارة معركتها الخاسرة فوق رمال بلاد الرافدين.

لم تتعلم الولايات المتحدة شيئا من دروس الامبراطوريات العظمى التي طالما وقعت في نفس الخطأ التاريخي فوضعت كل بيضها في سلة العراق، وأفغانستان الى حد ما وضحت بنفوذها في باقي دول العالم لمصلحة قوى راغبة في استعادة دورها الدولي كروسيا والصين.

محللون أميركيون كثر باتوا يعبرون عن استيائهم من انتقال دول كانت محسوبة حتى وقت قريب على واشنطن الى عهدة بكين وموسكو. وعلى سبيل المثال فإن دولا مثل تيمور الشرقية التي لعبت واشنطن دورا أساسيا في استقلالها عن إندونيسيا ولاوس وكمبوديا والفلبين باتت تتمتع بعلاقات شديدة المتانة مع الصين التي تنتهج في هذه البلدان دبلوماسية تعتمد على تقديم مساعدات كبيرة وقروض ميسرة لبناء الطرق والجسور والمستشفيات، بل ان الصين باتت تسعى لاقتناص هذه الفرصة التي قد لا تتكرر ثانية لتعزيز النفوذ الصيني في افريقيا، وهو ما اتضح من خلال عقد القمة الافريقية - الصينية في بكين والتي تعتبر خطوة أولى نحو بسط المزيد من النفوذ الصيني في تلك المنطقة التي تمنح ولاءها لمن يقدم المساعدات والاموال.

ولم يكن الوضع مختلفا كثيرا مع الروس، فموسكو بدأت هي الأخرى بإعادة بناء تحالفاتها القديمة مع دول آسيا الوسطى التي تعتبرها حديقة خلفية لنفوذها وسعت إلى تأطير شكل هذه العلاقة عبر منظمة شنغهاي التي وان كانت معظم شعاراتها تتمحور حول التعاون الاقتصادي فإن أحد أهم الأهداف التي تقف وراء تأسيسها يتعلق بمواجهة التوسع العسكري الأميركي في المنطقة.

وفيما بدأت الولايات المتحدة تفقد حلفاءها القدامى في أميركا اللاتينية لصالح حلف جديد بدأ ينتفض على الهيمنة الأميركية فإن ثمة توجها صينيا - روسيا واضحا نحو العودة بقوة الى منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي عبر البوابتين الاقتصادية والعسكرية.

ولعل هذا كله يفسر سبب ابتعاد الصين وروسيا عن الدخول في أية جهود حقيقية لحل الأزمة في العراق ولسان حالهما يقول للأميركيين.. اشبعوا به!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
الإعلام الأمريكي "الحر"
د. فيصل القاسم
الشبيبة قطر
لو كان جوزيف (جوبلز) وزير إعلام هتلر الشهير حياً هذه الأيام لطالب وسائل الإعلام الأمريكية بتعويضات هائلة. كيف لا وتلك الوسائل تستخدم أساليبه الإعلامية القائمة على الكذب المبرمج والممنهج، وتطبقها بحذافيرها دون الإشارة إلى مؤلفها. بعبارة أخرى فإننا هنا بصدد اعتداء صارخ على حقوق الملكية الفكرية لـ(جوبلز). وبما أن الأمريكيين يهتمون كثيراً بموضوع الملكية الفكرية، فكان عليهم أن يعترفوا لوزير الإعلام النازي بأنهم يستنسخون طريقته الإعلامية، وبالتالي لا بد من دفع ما يترتب عليهم من مستحقات. لكن ربما لأن الإعلام الأمريكي قد طور نظرية (جوبلز) الإعلامية كثيراً، وجعلها أكثر فتكاً وتأثيراً، وبالتالي حصل على براءة اختراع جديدة، ربما لهذا السبب امتنع عن ذكر المصدر.
وكي لا يعتقد البعض أن هذا الكلام نوع من التخريف، وأن الإعلام الأمريكي أشرف إعلام على وجه المعمورة، ومن الظلم الشديد تشبيهه بإعلام جوبلز، هاكم هذا المانشيت العريض الطازج في صحيفة أمريكية لحماً ودماً:"نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يأمر وسائل الإعلام الأمريكية بالترويج والتسويق لضرب إيران، وتعليمات محددة لقناة "فوكس نيوز" التلفزيونية وصحيفة "وول ستريت جيرنال" للبدء بحملة إعلامية مبرمجة ومكثفة تمهيداً للهجوم المقبل على طهران بدءاً من يوم الثلاثاء الموافق أربعة تسعة ألفين وسبعة." هذا العنوان ليس من صحيفة أو وسيلة إعلام عربية تريد أن تتجنى على الإعلام الأمريكي، بل هو عنوان لمقال مهم بقلم الصحفي الأمريكي بول جوزيف واتسون في صحيفة "بريزن بلانيت". ومعظم معلوماته مستقاة من كبريات الصحف والمجلات الأمريكية مثل "نيويوركر" ذائعة الصيت.
وينقل الصحفي الأمريكي عن بارنيت روبن الخبير المخضرم في شؤون أفغانستان بجامعة نيو يورك أن الأخير تحادث بشكل مطول مع رئيس أحد المعاهد التابعة للمحافظين الجدد في أمريكا، وهو شخصية رفيعة المستوى، وأعلمه الأخير بأن التعليمات صدرت فعلاً من مكتب نائب الرئيس للبدء في شن حملة إعلامية واسعة ومركزة لبيع فكرة ضرب إيران للشعب الأمريكي في الأسبوع الأول بعد عيد العمل. ومن أجل ذلك سيتم التنسيق بين معهد"انتربرايز" وصحيفة "وول ستريت جيرنال" وجريدة "ويكلي ستاندرد" ومطبوعة "كومنتري" وقناة "فوكس" وبقية الصحف والمجلات والتلفزيونات والإذاعات الأمريكية ذات الصلة. وطلب مكتب الرئيس من الإعلام الأمريكي بأن يكثف حملته على الهواء، وينسقها جيداً، بحيث يقنع الأمريكيين بتقبل الضربة المقبلة لإيران، حقاً أو باطلاً.
لاحظوا أنه مطلوب من وسائل الإعلام الأمريكية التي صدّعوا رؤوسنا بـ"مصداقيتها" و"استقلاليتها" و"حريتها" أن تبث سلسلة من الأكاذيب والفبركات لتمرير خطة ضرب إيران. فقد قال نائب الرئيس الأمريكي إن ضربتنا لإيران يجب أن تترافق مع إمكانية تعرضنا إلى أعمال إرهابية حقيقية أو مفبركة. لهذا فقد طلب من وسائل الإعلام أن تنحي باللائمة على إيران مهما حدث من أعمال، حتى لو كان المسؤول عنها الشيطان الأزرق. المهم أن تسوقوا أن المسؤول عن أي شيء يحدث لنا هي إيران، ولا أحد غيرها، حسب أوامره. يا سلام على هكذا إعلام! هل يختلف هذا المنطق عن تفكير الإعلام النازي بقيادة (جوزيف جوبلز) الذي كان شعاره: "اكذبوا ثم اكذبوا حتى يعلق شيء في أذهان الجماهير، أو حتى تصدقوا أنفسكم؟ ألا يصور الإعلام الأمريكي الأبيض أسود والأسود أبيض حسب تعليمات نائب الرئيس ديك تشيني؟ ألسنا هنا أمام نفس المعادلة الإعلامية النازية بحذافيرها: قائد يأمر وإعلام يمرر ويزوّر بشكل أعمى واتوماتيكي!!
والأخطر من ذلك أن ديك تشيني، حسب تقرير صادر عن صحيفة "المحافظون الأمريكيون"، كان قد طلب من القيادة الاسترتيجية الأمريكية قبل عامين تقريباً أن تضع خطة طوارئ للعمل بها بعد تعرض أمريكا لعمل مشابه لذلك الذي حدث في الحادي عشر من سبتمبر2001م، يتبعه هجوم نووي شامل على المواقع الإيرانية، وكأنه يوحي بطريقة غير مباشرة أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر جاءت لتمرير مشاريع معينة كغزو أفغانستان والعراق.
من قال إن الأمركيين غير صادقين؟ لقد اعترف التقرير الصادر عن الصحيفة أعلاه أنه ينبغي على وسائل الإعلام أن تلصق تهمة تعرض أمريكا لأي عمل بإيران فوراً دون أدنى تردد أو تفكير، كما يجب عليها أن تتستر على أية دلائل تشير إلى جهات أخرى متورطة في العمل. لاحظوا المهنية والمصداقية والحيادية والحرية الإعلامية!
كم أنت مسكين يا (جوبلز)!! يشيطنوك، ويسخرون من أساليبك، ويصورونك على أنك عنوان الدجل والنفاق والسقوط الإعلامي، ثم يستنسخون أساليبك من ألفها إلى يائها، مع اختلاف بسيط وهو أن وسائل إعلامك كانت بدائية ومتخلفة قبل أكثر من نصف قرن، أما امبراطورياتهم الإعلامية الحديثة فهي غير مسبوقة في التاريخ، فما أرحم الجوبلزية الإعلامية النازية


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم
الكاتب
مكان النشر
25
بيترايوس يستثمر الوقت لصالح بوش!

هووارد لافرانشي
كريستيان ساينس مونتر
لم يكن تقرير الجنرال ديفيد بيترايوس في مجمله جيدا، لكن بالنسبة له يضمن التقدم في خفض أعمال العنف في الشهور الماضية وهي عمر خطة زيادة أعداد القوات لابقاء اعداد كبيرة من القوات الامريكية في العراق ومواصلة الاستراتيجية الحالية حتى صيف 2008، أما ريان كروكر، سفير أمريكا بالعراق فقد كانت مهمته أكثر صعوبة من بيترايوس، فقد كان عليه اقناع الكونجرس والامة الامريكية أن حكومة العراق قادرة على تحقيق التقدم السياسي وهو الهدف الذي تم وضع خطة زيادة أعداد القوات من أجله، وأعطانا كروكر تقييما بيروقراطيا عديم اللون عن قدرات العراق السياسية، وتقارير المسؤولين (بيترايوس وكروكر) - عن التقدم في الاستراتيجية العسكرية السياسية في العراق عرضت على الكونجرس يوم الاثنين الماضي كيوم أول من يومين يدلي المسؤولان خلالهما بشهادتهما، وبذلك هما يشتريان الوقت لتمارس العسكرية عملها في العراق، وقد قال بيرايوس في شهادته يوم الاثنين الماضي أمام الكونجرس وكان مسلحا بخرائطه ورسوماته التوضيحية عن أثر خطة زياردة أعداد القوات أنه يوصي بسحب أحد ألوية الجيش حوالي أربعة آلاف في ديسمبر يتبعه سحب جزئ للقوات وبذلك يعود تعداد القوات العسكرية في العراق الى 130 ألف قبل يوليو 2008، وهذا هو عدد القوات التي كانت موجودة قبل اعلان بوش عن خطة زيادة أعداد القوات في يناير الماضي، وأوصى بيترايوس بأن ينتظر بوش حتى مارس 2008 قراراته بخصوص أعداد القوات التي ستكون موجودة في الفترة التي بعد ذلك، وهذه الشهادة وتلك التوصيات بسحب جزئ للقوات تعطي بوش المساحة السياسية التي يحتاجها ليتجنب معركة حامية مع الكونجرس حول العراق وفي نفس الوقت يترك للرئيس القادم مسألة اتخاذ القرارات طويلة المدى بخصوص العراق، لكن هذا ليس معناه أن تنشر هذه التقارير الرضى بين شرائح الطيف السياسي.
يقول واين وايت الذي كان حتى وقت قريب خبير الشؤون العراقية مع وزارة الخارجية الامريكية وهو الآن باحث في معهد الشرق الاوسط في واشنطن: لقد كان في تقرير بيترايوس ما يكفي لأى أحد لم يكن يشك في وجود تقدم في العراق لأن يعيد التفكير في الامور مرة أخرى، والبيانات التي صرح بها بيترايوس تعتم على بعض الحقائق الاساسية بخصوص تواصل العنف والتطهير العرقي في مناطق بغداد المختلطة وبخصوص التهديد الكبير الذي تمثله ميليشيا جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ويقول وايت بالنسبة للمصالحة السياسية القومية أن بعضل تصرفات أمريكا بعد تطبيق خطة زيادة أعداد القوات هي في الواقع (خطوة للوراء) في مسار هدف تحقيق الوحدة السياسية القومية، هذا على الرغم من أنها تخدم مصالح أمريكية أخرى، وقد مثل كل من بيترايوس وكروكر ظهر الاثنين الماضي أمام جلسة مشتركة للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب مع لجنة العلاقات الخارجية وسيمثل الاثنان أمام مجلس الشيوخ مرة أخرى، وفي نفس الوقت خلصت استطلاعات جريئة للرأي الى أن ما خلص إليه التقرير الذي طال انتظاره والذي تضمن زيارة بوش المفاجئة للعراق – لم يحرك الرأي العام الامريكي بعيدا عن رغبته في وضع جدول زمني لانهاء حرب أمريكا في العراق، وأوضحت استطلاعات عديدة جرت قبل ساعات من شهادة بيترايوس أمام الكونجرس أنه بينما يثق الامريكان في القادة العسكريين أكثر من البيت الابيض أو الكونجرس لقيادة هذه الحرب ما زالت الاغلبية تريد خطة لخفض الوجود العسكري في العراق لاقصى درجة ممكنة، وما زالت الاغلبية تعتقد أن خطة زيادة أعداد القوات (30 الفا فشلت في تحقيق الاهداف المرجوة منها، وقد وجد استطلاع للرأي أجراءه معهد (جالوب) لصالح صحيفة (يو. إس. إيه توداي أن ستين بالمائة من الامريكان يريدون من الحكومة وضع جدول زمني للانسحاب والالتزام بهذا الجدول مهما كانت الظروف في العراق، لكن الخبراء يعتقدون أن لتقارير بيترايوس وكروكر أثرا على الرأي العام الامريكي، يقول جيمس فيليب، خبير الشرق الاوسط: لقد كون الكثيرون في الكونجرس فكرتهم عن الوضع وسيسمعون ما يرغبون في سماعه فقط لكن أظن ان شهادة بيترايوس – كروكر سيكون لها أثر على الرأي العام ويؤكد فيليب أن خطة زيادة أعداد القوات وصلت الى كامل قوتها فقط في شهر يونيو: إن الموقف المتغير في الميدان سيستغرق وقتا حتى يدخل وعي الناس وكل هذا الاهتمام من الرأي العام بشهادة بيترايوس – كروكر سيخدم هذا الهدف.
لكن معظم استطلاعات الرأي التي جرت حتى الآن تبين أن الاغلبية تفضل وجود جدول زمني للانسحاب ويقول فيليب أن شهادة بيترايوس – كروكر ستزيد من فهم الرأي العام لمخاطر وتكلفة وضع جدول زمني للانسحاب وذكر فيليب نقطتين تناولهما بيترايوس: قد يؤدي انسحاب أمريكي سريع من العراق إلى حمام دماء طائفي في العراق أو الى عودة متطرفي القاعدة مرة أخرى الى العراق، وكما يقول فيليب فهذان السيناريوهان يجبرا أمريكا على التريث في تقرير هذه النقطة حتى لا تضطر للعودة الى العراق مرة أخرى بعد الانسحاب وقد بدى كروكر في شهادته أنه يحاول ان يجعل القضية تتلخص في أن استراتيجية زيادة أعداد القوات قد أنقذت العراق من الانهيار التام في حرب أهلية واسعة النطاق.
وقال أن العراق في عام 2006 قارب على الموت سياسيا واقتصاديا وأمنيا، لكن في 2007 تحسن الوضع كثيرا وهذا دليل على نجاح خطة زيادة أعداد القوات على الصعيد الامني والسياسي كما ذكر كروكر ايضا بعض المكاسب الاقتصادية التي تحققت في عام 2007 وقد أدهشت هذه التقييمات الكثير من المراقبين الذين كانوا يتوقعون ان يشير المسؤولان بيترايوس وكروكر – إلى تغير أوسع في استراتيجية أمريكا في هذه الحرب وذلك كوسيلة منهما لكسب دعم هؤلاء المعارضين للمسار الحالي للحرب، يقول واين وايت خبير العراق في معهد الشرق الاوسط في واشنطن إن هذه الشهادة جاءت أقل (حبكة) مما كنت أتوقع، وفي اليوم الافتتاحي للشهادة أمام الكونجرس ظهرت الانقسامات في الكونجرس بخصوص حرب العراق واضحة وجلية وقد ركز رئيسا اللجنتين الشؤون الخارجية والقوات المسلحة على فشل حكومة العراق في استغلال خطة زيادة أعداد القوات في التقدم نحو مصالحة سياسية قومية، وقد قال النائب إيك سكيلتون، ديموقراطي ورئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب أن القوات الامريكية قد مهدت الطريق أمام العراق لتحقيق المصالحة السياسية لكن النتيجة هي أن العراقيين (لم يستغلوا الفرصة، وفي نهاية جلسات السماع لشهادة بيترايوس – كروكر يوم الاثنين الماضي قال سكيلتون انه غير راض عن التقييمات وانه محبط جدا لفشل العراقيين
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
الادارة الامريكية تريدها مجانية
افتتاحية
الجمهورية مصر
تريد الإدارة الأمريكية الحالية الحصول من الدول العربية علي جوائز مجانية سواء فيما يتعلق بالمستنقع العراقي الذي غرقت فيه قوات الاحتلال. أو التهديد النووي الإيراني الذي يخص المخططات الأمريكية للهيمنة علي العالم. أو القضية الفلسطينية التي تتوق إدارة بوش إلي تصفيتها عن طريق جنين مبتسر تسميه "الدولة الفلسطينية" التي تضع إسرائيل حدودها ومقومات إقامتها وتحرص علي نزع سلاحها وضمانات حمايتها.
تطرح الجوائز المطلوبة أمريكيا تساؤلا عما يمكن للإدارة الأمريكية التي تلملم أوراقها الآن. تقديمه للدول العربية غير محاولات التقسيم بينها عن طريق تقريب البعض بوصفها معتدلة وعزل البعض الآخر علي أنهم متطرفون. هذا مع الاستمرار في الانحياز السافر إلي جانب إسرائيل وتزويدها بأحدث أسلحة العدوان وتغطية مخططاتها للتوسع بسحب الدخان عن مؤتمر السلام؟!.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
تركة بوش..!
عبد اللطيف مهنا
الوطن عمان

انقشعت زوابع التقارير الأميركية المتوالية المقدمة للكونجرس حول الورطة الأميركية في العراق، ليقول الرئيس جورج بوش الابن كلمته الأخيرة، أو هي كلمته الأولى التي يعيد تكرارها وظلت على الدوام هي هي. انقشعت لصالح آخرها، أي تقرير بتراوس-كروكر، الذي كان عليه أن يبتلع، وفق ما أرادته الإدارة وماكينتها الإعلامية والدعاوية الهائلة، ما سبقه من تقارير، وبالتالي يهيئ الفرصة للرئيس لتكرار كلمته الأولى والأخيرة هاته، وليسمعها من جديد من به صمم، أو لكل من يزعم أن استهدافا ته من حربه على العراق قد شابها الفشل أو جانبها النجاح، قال لهؤلاء:
"إنهم على خطأ، الوقت لم يفت لتوجيه ضربه إلى القاعدة.. ودفع الديمقراطية، والوقت لم يتأخر لدعم جنودنا في معركة يمكنهم الفوز فيها"!
إذن النجاح بالنسبة له لازال ممكناً، وعليه فالاحتلال للعراق سوف يتواصل، لأن المهمة الخيرية التي ذهب من أجلها إلى بلاد الرافدين لم تنجز بعد على الوجه الأكمل، لاسيما وأن حلفائه من القادة العراقيين، أيضاً كما قال، "يدركون أنهم يحتاجون من أجل أن ينجحوا إلى التزام سياسي واقتصادي وأمني من الولايات المتحدة يمتد إلى ما بعد رئاستي".
ما بعد رئاسته... إذن، أميركا باقية في العراق، حتى بعد ذهاب بوش من البيت الأبيض، وهي سوف تواصل من بعده تلمس سبل نجاح إستراتيجيته، أو عليها أن تحاول تحقيق ما يمكن من استهدافا ته من غزوه للعراق ... هل سمعنا كلاماً أميركياً في الكونجرس موالاة ومعارضة يتناقض في جوهره مع هذا؟!
لنعد إلى نقاشات الكونجرس إبان استماع اللجنة المختصة لتقرير بتراوس ـ كروكر ، ولنلاحظ أن كل من انتقد أو اعترض، اقتصر ذلك الانتقاد والاعتراض منه على الفشل وليس على مبدأ أو استهدافات الغزو، أو على نتائجه بالنسبة للعراقيين، أوما فعله الغزاة بالعراق، أو ما ارتكبوه ولازالوا يرتكبونه فيه... كانوا، بلا استثناء، جمهوريين وديمقراطيين، ضد الخسارة في العراق وليس ضد الربح المتأتي من نجاح الغزو... كانت معايير هؤلاء المنتقدين والمعترضين أميركية بحتة. جميعهم أثنوا على بطولات الجند وكالوا المديح للجنرال صاحب التقرير والثناء لمجهودات السفير ، وتناسوا جرائم الحرب التي رافقت ولازمت الغزو أو نجمت عن بطش الاحتلال ، ونظروا لجنودهم نظرتهم لأبطالهم الذين ذهبوا في مهمة تطوعية خيرية، لكنها عند البعض منهم للأسف مهمة لم تكلل بالنجاح، وهنا تكمن مسؤولية الرئيس ومصدر الخلاف مع الإدارة لا غير... أي أنهم لم يكونوا موضوعياً ضد إستراتيجية بوش وإنما هم ضد فشلها. وبالتالي لم يلتفتوا إلى ما فعلته هذه الإستراتيجية بالدولة العراقية التي أصبحت في خبر كان.
كان تقرير بتراوس ـ كروكر في جوهره ووظيفته هو تماماً ما أراده بوش، وعليه لم يتأخر في تبني ما أوصى به التقرير: خفض محدود للقوات بحلول منتصف العام المقبل، والمزيد منه مستقبلاً مشروط أو مرتبط بتحقيق المزيد من التقدم على الأرض. قال بوش:
"بسبب مقدار النجاح الذي نراه في العراق، يمكننا رؤية الجنود يعودون إلى الوطن". فالمعادلة عنده، في هذه الحالة، هي "كلما نجحنا أكثر كلما أمكن لقوات أميركية أكثر أن تعود إلى الوطن". بلغة أخرى سنحتفظ بالقوات المحتلة من حيث العدد هناك وفق الضرورات وحيث يلزم بقائها، أو سنحاول أن نجعل الاحتلال أقل كلفة، وكل ذلك بما لا يمس مبدأ البقاء الاستراتيجي الذي ذهبت من أجله إلى هناك، والذريعة جاهزة لدى بوش والإدارة، ومن يأتي بعده إلى البيت الأبيض: حلفاؤنا من قادة عراق ما بعد الاحتلال "طلبوا علاقة دائمة مع أميركا، ونحن مستعدون للبدء ببناء هذه العلاقة بطريقة تحمي مصالحنا في المنطقة وتتطلب عدداً أقل من الجنود"!
... وهذا البقاء في العراق، هو أيضاً، مرتبط بإستراتيجية أشمل اختصرها بوش ب"مواجهة القاعدة، وإيران، والعمل من أجل السلام في الأراضي المقدسة". أي أنه ربط ذلك بمحاربة عدوه الكوني المفضل المدعو "الإرهاب"، الذي يطيب له أن يختصره تارةً في القاعدة، و أخرى في الدول المارقة التي منها إيران، ودائماً من يقاوم الاحتلال، ثم تابو أمن وسلام إسرائيل.
إذن، ما الذي تغيّر، قبل وبعد سيل التقارير المعالجة للورطة العراقية والمتلمسة سبل الخروج منها؟!
الجواب لا شيء!
هذا بعض ما سبق وأن قالته وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي يزعجها أن "العراق له جيران مشاغبون"، لا يسهمون مع المحتلين في تحقيق ما تدعوه هي مصالحة في العراق تضمن التفرغ لما تدعوه "المرحلة الانتقالية في الشرق الأوسط... ومواجهة الإرهاب والعدوان الإيراني انطلاقاً من العراق، بالتعاون مع الحلفاء"!
إنها هنا تؤكد على ذات الإستراتيجية، بل وتعيدنا إلى شعار الشرق الأوسط الجديد، لذا تقول:
علينا "أن ندعم المكاسب التي حققناها... وأن نبدأ في خفض عدد القوات الأميركية، والانتقال إلى مسؤوليات أخرى، مثل استقرار العراق". وهذه أمور مرتبطة عندها بالمعادلة التالية:
"عندما ننجح في الحرب، فإننا سنجعل العراق أكثر استقراراً، وهذا سيجعل الشرق الأوسط أكثر استقراراً أيضاً، مما سيجعل أميركا كذلك أكثر أمنا"!
سمعنا مثل هذا الكلام كثيراً... ولا داعي للقول أنهم لم ينجحوا في العراق إلا في ثلاث:
هدم كافة الأسس والركائز التي تقوم عليها الدولة العراقية، ونهب النفط، والعبث في وحدة النسيج الاجتماعي العراقي، عندما أذكوا روح الطائفية وأيقظوها من سباتها وغذّوها بمكائدهم منذ أول يوم وطئت فيه جنازير الدبابات الغازية عاصمة الرشيد... ويمكن إضافة مأثرة أميركية رابعة هي، هذه المذبحة الدموية المستمرة تحت رعايتهم والتي قد لا تتوقف قبل الذهاب بكل ما يرمز إلى الكيان العراقي... و لن تتوقف ما داموا هم موجودين هناك...
لعل ألعوبة، أو معادلة، كلما حققنا نجاحاً أكثر، أو كلما حققنا تقدماً أفضل، هذه، بالإضافة إلى التقارير التي توظف في بازارات السياسة الداخلية والتي كان قصب السبق معقوداً فيها لتقرير الجنرال والسفير، وكذا المواعيد الملتبسة لانسحابات جزئية مشروطة التي تخلوا من المواعيد الجازمة، كلها عدة شغل إمبراطورية لا تردعها ولا تقيم وزناً إلا لحسابات "الأكلاف والمنافع" ، وكلها تفضحها أو تدعمها أو تطلق برسمها، لا فرق، تسريبات بدأت لنغمة حرب جديدة من شأنها أن تزيد غيومها المتوفرة أصلاً تلبداً، حيث تدور حولها الآن أو حول "أكلافها ومنافعها" النقاشات في الولايات المتحدة، نعني هذه التي تتركز حول مقولة "الضربة" المرجحة أو المنتظر توجيهها إلى إيران... لعل الكلام عن إنشاء قاعدة للمحتلين قرب الحدود الإيرانية العراقية، وإعادة نشر قوات بريطانية انسحبت من البصرة على الحدود بين البلدين، وقبلها رسائل الخرق العدواني الجوي الإسرائيلي شمالي سوريا، أو حيث الحدود مع تركيا، وما رافقه من لغط إعلامي أمريكي - إسرائيلي، كلها مؤشرات قد لا تعدو ما يأتي أو يصب في هذا السياق...
بوش لا زال هو بوش، ويريد أن يورّث بوشاً مكرراً لمن سيخلفه في البيت الأبيض... أي أن الإستراتيجيات الإمبراطورية لا تختلف استهدافات وإن اختلفت أدواتًا وأداءً... قبل أسبوعين، هبط بوش فجأة في قاعدة عسكرية في الأنبار، يومها صافح الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي يتزعم ما أطلق عليها "صحوة الأنبار"، أو ما يمكن وصفه تحالفاً عشائرياً - أميركياً مفترض لمواجهة المقاومة،أو هذا الذي بنى الجنرال بتراوس والسفير كروكر والإدارة الأميركية إنجازاتهم العراقية العتيدة عليه، وقال:
"أؤكد لكم أن أميركا لن تتخلى عن أصدقائها"... بعد عشرة أيام بالتمام قتل أبو ريشة مع بعض مرافقيه... أي ذهب زعيم ما بنى الجنرال و السفير انجازاتهم الانبارية عليه، وبقيت إستراتيجية بوش العراقية بانتظار من سيخلفه في البيت الأبيض.. بقيت تركته!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
خدعة بصرية!
أحمد ذيبان
الراية قطر
الخلاصة المرحلية للسجال المحتدم بين ادارة بوش والمعارضة الديمقراطية حول ورطة الحرب في العراق، لم تحمل اثارة، تتناسب مع المواجهة الكلامية، وما وصف بالاستجواب القاسي الذي اجراه الكونغرس علي مدي يومين، للجنرال بترايوس قائد القوات الامريكية في العراق والسفير كروكر،وهي مواجهة أشغلت الرأي العام، وتابعها الكثيرون،علي الهواء مباشرة، لكن المشهد عكس مبدأ المساءلة والرقابة المؤسسية، في دولة نكره سياستها المتغطرسة ورغبتها الجامحة في الهيمنة واخضاع الاخر!، فموافقة الرئيس بوش علي توصيات الجنرال بترايوس،باجراء تخفيض تدريجي محدود للقوات التي تحتل العراق ،بحوالي ثلاثين الف جندي بحلول منتصف العام المقبل، هو في الواقع اشبه بخدعة بصرية، كتلك التي يمارسها بعض السحرة، فهذا العدد من الجنود، الذي سيتم سحبه، هو نفس العدد الذي قرر بوش ارساله الي العراق مع مطلع الصيف، في اطار استراتيجيته الجديدة لتعزيز القوات، التي اعلنها في يناير الماضي، في محاولة للسيطرة علي الاوضاع الفوضوية وحالة الانفلات، وتصاعد المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، قد يكون عدد الثلاثين ألفا الذي سيتم سحبه هم نفس الجنود الذين ارسلوا قبل بضعة اشهر، وربما يتم استبدال بعض الوجوه، لكن الحقيقة ان النتيجة العملية هي ابقاء قوات الاحتلال بنفس العدد الذي كان عليه بعد الغزو عام ألفين وثلاثة، وهو حوالي مائة وثلاثين الف جندي!.

هذه العملية برمتها، جاءت في سياق اللعبة السياسية بين الديمقراطيين والجمهوريين،وفي موسم انتخابي ساخن، اذ ان استراتيجية بوش في الاصل جات ردا علي تزايد ضغوط الديمقراطيين ومطالبتهم الادارة الجمهورية بالانسحاب من العراق، بعد فوزهم الكاسح في انتخابات الكونغرس في نوفمبر الماضي، فضلا عن انطلاق السباق الرئاسي باتجاه البيت الابيض، حيث يبدو موقف الحزب الجمهوري مرتبكا ومهزوزا،بسبب الفشل في العراق، مع اقتراب موعد انتخاب خليفة لبوش في نوفمبر من العام المقبل!.

الذريعة التي استند اليها الجنرال بترايوس والسفير كروكر،ان هناك تقدما حصل في الوضع الامني،بعد تطبيق استراتيجية بوش الجديدة، واعتبروا التحالف مع شيوخ العشائر السنية في الانبار نموذجا للتقدم الامني،لكن خيبة امل البيت الابيض وقادته العسكريين، التي تعكس هشاشة هذه الاستراتيجية، جاءت بعد يومين من عرض تقرير بترايوس-كروكر ، باغتيال ابرز شيخ عشيرة راهن عليه الاحتلال في الانبار، وهو الشيخ ابو ريشة، زعيم مؤتمر صحوة الانبار،اما الحقيقة التي لا تخضع للتضليل والتقارير الخادعة،فهي الفشل الذريع لاستراتيجية بوش، وهو فشل ناتج عن جريمة غزو واحتلال العراق وتدميره ونشر الفوضي فيه، وغرق ادارة بوش واستراتيجياتها المتلاحقة في هذا المستنقع، وسيظل العراق مادة للمزايدة بين اطراف الطبقة السياسية الامريكية الي أمد غير معروف!.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
الانبار القفز على الاررث السياسي
طارق الحميد
الشرق الاوسط بريطانيا


جاء الفرقاء معزين في الشيخ عبد الستار أبو ريشة رئيس مجلس صحوة الأنبار، إلا أنهم قفزوا الصفوف بحثا عن الصدارة، في حفلة مزايدات واستثمار لمقتل الشيخ لا تنطلي على قارئ جيد للأخبار.

عدنان الدليمي، رئيس قائمة «جبهة التوافق العراقية» دعا إلى «تشكيل قيادة جماعية من رؤساء العشائر لتستطيع ملء الفراغ الذي تركه الشيخ أبو ريشة»، مطالبا «الحكومة (العراقية) والقوات الأميركية بتقديم رعاية كبيرة لتدارك الوضع والعمل على إتمام رسالة أبو ريشة».

والحق يقال إننا لم نر من الدليمي جهدا ملحوظا لدعم أبو ريشة أثناء حياته، أو سعيا لتكريس نموذج الأنبار الذي يقوم على دحر فلول «القاعدة»، ونبذ التطرف. وهذا ما فعله الشيخ عبد الستار أبو ريشة الذي لم يلعب لعبة الطائفية، ولم يتفوه بها.

ورسالة أبو ريشة تمت عندما خرجت الأنبار أمس تشيعه مرددة بشجاعة «لا إله إلا الله، القاعدة عدو الله» وإن كان هناك شك كبير في أن يكون التنظيم يقف خلف مقتله.

ومثل الدليمي، جاءت حكومة المالكي معزية في الشيخ، وهي التي كانت تحذر العالم من تسليحه، أو دعم نموذجه، بحجة هيبة الدولة، التي لم نرها في العاصمة بغداد، ناهيك عن الأنبار، على عكس أبو ريشة الذي قال للجنرال باتريوس، إنه «مستعد للذهاب إلى بغداد لقتال «القاعدة» بعد أن ننتهي من قتالهم في الأنبار».

ومثلما نمقت الطائفية وندينها، فإننا نمقت تحجيم الدولة من أجل القبيلة، ولكن السؤال اليوم هو أين الدولة في العراق؟ وفاة الشيخ عبد الستار أبو ريشة، بقدر ما أنها محزنة، إلا أنها أوصلت رسالته، وجعلت صوت الأنبار الرافض للإرهاب، وترويع أمن العراقيين مسموعا في العالم.

لم يكن أبو ريشة عميلا أميركيا، بل كان رجلا شجاعا، فعل ما لم يفعله عدنان الدليمي، أو السيد المالكي. فهو رجل حمل السلاح في وجه متطرفي السنة، وقاتلهم. فهل باستطاعة قاطني المنطقة الخضراء، محاربة الميليشيا الشيعية المتطرفة؟ لا أعتقد.

عندما كان الدكتور أياد علاوي في السلطة ضرب المتطرفين في الفلوجة، والنجف، على حد سواء، وكنا معه، لأنه حاول بسط يد الدولة. ولذلك نحن اليوم مع صحوة الأنبار التي أرادت استتباب الأمن، وطرد الإرهاب، وضرب من هم في عصبته، وإن كانت العشائر ليست حكرا على السنة، بل فيها من الشيعة أيضا. وليس كل الشيعة متطرفين، كما أن ليس كل السنة أصوليين.

رحيل الشيخ لم يترك فراغا كما يقول الدليمي، والتحقيق لن يجدي نفعا، كما تعهد السيد المالكي، وبدلا من بناء تمثال للشيخ، على حكومة بغداد بناء جسور الثقة مع أخيه الشيخ أحمد أبو ريشة ومجلس الصحوة، ما دامت الأنبار ليست خروجا على عروبة العراق، أو دعوة صرفة للطائفية.

كما أن على الدول العربية، خصوصا المجاورة، الحريصة على عروبة العراق، أن تمد يدها بكل أشكال العون والمساعدة لمجلس صحوة الأنبار، ليس لأنه يخدم الأميركيين، كما يروج أعداء نجاح نموذج الأنبار، بل لأنه يخدم فكرة عروبة العراق، وأمنه.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
العراق: شخصنة المؤسسات.. عامل آخر للفشل
جابر حبيب جابر
الشرق الاوسط


إحدى المقولات السائدة في علم السياسة الحديث تعتبر أن الحرب بين الديمقراطيات غير ممكنة، وأحد مبررات هذا الاعتقاد هو أن الدول الديمقراطية هي دول مؤسسات تجذرت فيها العقلية المؤسساتية فضلا عن كونها بطبيعتها تميل الى الوسطية والاعتدال بسبب استناد النظام السياسي وعلاقات المؤسسات على قدر عال من المساومة والحلول الوسطى، وغالبا ما تتسم الدول الديمقراطية بتوفر آليات اجتماعية وسياسية طاردة للمتطرفين، على الأقل هذا ما تأكد حتى الآن... من جهة أخرى يصعب على دول المؤسسات ان تنقاد للمشاريع الشخصية، هي قد تتأثر بنهج آيديولوجي لحزب أو تيار معين، لكن ذلك لن يجعلها محكومة خارج سياق القواعد الموضوعة في الدستور والقوانين الأساسية.

إن دولة المؤسسات ليست مؤسسات فقط، إنها قبل ذلك نمط من التفكير والذهنية المؤسساتية التي تضع حدا فاصلا بين ما هو مؤسساتي وما هو شخصي، وهي أيضا تجل للمجتمعات التي استوعبت الحداثة وتجاوزت هيمنة الأطر ما قبل الحديثة مثل العائلة والعشيرة والطائفة والعرق. المجتمعات المتقدمة هي مجتمعات تحكمها المؤسسات، ليست هناك عشوائيات متحكمة، فكل شيء منشد الى اطر تنظيمية تقوم في الأساس على المصلحة والعقلانية والكفاءة والقدرة على المنافسة، هنالك تنافس في كل الحقول والمجالات، والأقدر على النجاح هو الذي يمكنه أن يتجاوز انغلاقات التفكير التقليدي ويتصالح مع التطور والذهنية الخلاقة التي أنتجت للبشرية كل ما أنتجته من تطور كان عصيا على التصور.

وفي بلداننا العربية، ما زلنا نتعاطى مع الحداثة بمفاهيم انتقائية ومختزلة، نستفيد من كل مظاهر التطور التكنولوجي المستوردة من الغرب بدون أن نستوعب الذهنية الحديثة القادرة على إنتاجها، وعندما نسعى لإقامة «نظم ديمقراطية» نستورد الهيكل الخارجي للبناء المؤسساتي من دون أن نتوصل الى امتلاك العقلية المؤسساتية القادرة على استثمار هذا الهيكل وإعطائه الفاعلية اللازمة. ولأننا لم نبن مؤسسات راسخة، وأحيانا لم نشرع لها، يحصل أن السياسة تغدو مشخصنة الى حد كبير، وكذلك المؤسسات القائمة، ويمكن لمصير البلد أن يرهن للمزاج الشخصي للحاكم، كما يمكن لمصير المجتمع ان يتأثر بالشخصنة المفرطة لسلوك ما نعتقد انها «مؤسسات» في بلداننا.

وفي العراق، تبرز الشخصنة المفرطة نفسها كعامل إضافي للفشل والانسدادات التي تواجه اعادة بناء البلد ومؤسساته، وكأن الاستقطابات الطائفية والقومية والجهوية غير كافية. يبدو أحيانا أن من العسير التجرد من الأجندة الشخصية عند الخوض في معترك السياسة ونشاطات الدولة المختلفة، فتبرز الصراعات الشخصية على السطح متلبسة أحيانا بثوب أوسع يغطي خجل المتصارعين تجاه الأصل الحقيقي لصراعاتهم، وتغدو المؤسسات في أحيان كثيرة رهينة التطلع الشخصي لمديريها فتفقد تدريجيا محتواها التنظيمي وتغدو جزءا من لعبة الصراع على الكراسي، هذا الصراع المستدام والمتحرك الذي يضعف قدرة المؤسسات على الرسوخ والتحرك بأفق استراتيجي.

فمن اللافت أن تجد هذا السياسي أو ذاك ينتقل بزمن قياسي من اليمين الى اليسار أو العكس متقمصا مرونة عقائدية مزيفة تخفي وراءها تصلبا مرضيا في الولاء للذات، ومشروعا شخصيا مندفعا في أولويته الى حد جعل كل شيء آخر، بما فيه مصير البلد ووحدته، أمرا ثانويا. قد تجده إسلاميا أو ليبراليا أو يساريا، وطنيا أو طائفيا، وقد يمتلك قدرة استثنائية في احتواء كل ذلك، لكنه مع مرونته العالية يغدو متطرفا في أنانيته وفي عرضه لذاته بمشروع ينطوي على «خلاص» يزداد ايهاما عندما تكون بوصلته الوحيدة حب الزعامة والتفرد الشخصي.

فيتم رهن مصير مؤسسات رئيسية في البلد الى حاجة هذا الشخص أو ذاك للبقاء خشية من ضياع الامتيازات الكبيرة أو عدم توافر الفرصة أو الصدفة «غير المنطقية» التي سمحت لبعض هؤلاء بان يكونوا قادة او زعماء أو مديرين. نعرف جميعا ان الفوضى العراقية وتفكك بنى الدولة سمحت لبعض الطارئين وبنَفَس المغامر المفلس ان يمسكوا دفة مؤسسات مهمة، وربما وزارات ومحافظات بأكملها، من دون ان يمتلكوا نصف الموهبة أو المؤهل المطلوب، من دون ان يكون صعودهم نتاج تنافس شريف يقوم على المهنية والدراية، فصاروا يتشبثون بالوهم الذي هم اول من يدرك حقيقته، ويعيشون كذبة «الجدارة» التي ألقيت في آذانهم بغفلة عن الزمن والمنطق. كابوس الرحيل يثقل أعباء فاقدي الجدارة، لأن الكراسي الكبيرة والمكاتب العريضة والرفاه وسكرة السلطة صنعتهم وأدمنوها الى الحد الذي ما عادوا معه قادرين على تخيل أنفسهم مجردين عنها ، وعن ما تخلقه من صورة تغطي الركام المخبوء من عقد النقص والإحساس بالضعف، فصار بعضهم يساوم حتى بأصل وجود المؤسسة من اجل كرسي يبقيه على رأسها.

لذلك تحولت بعض مؤسساتنا التي يفترض ان تنهض بأعباء البناء وتوفير الخدمات وترسيخ القانون وحفظ الأمن، الى ساحات صراعات غير مسؤولة لا تجعل مصلحة الوطن والمواطن سقفا لها، فتصبح كل الوسائل مشروعة ومشرعة في الوقت الذي يغدو بسطاء الشعب خلف جدران المؤسسة رقما غير محسوب، وحيث تختزل الأشياء الى رؤية متعجرفة للمصلحة الذاتية التي لا تنظر خارج عدسات الأنا التي تقود الهرم، دون ان تكون جزءا منه . لقد أسهمت الشخصنة وغياب الرؤية المؤسساتية كثيرا في شل بعض المؤسسات التي توقفت عن العطاء بانتظار أن يحسم الرؤوس صراعاتهم أو أن يأتي رأس جديد يفهم أنه ليس المؤسسة، والمؤسسة ليست هو، انه مجرد اكبر موظف فيها، ولن يكون أبدا آخر أكبر موظف فيها.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
حين تكون أميركا ضد نفسها ..
تركي الحمد
الشرق الاوسط


أصبح الوجود الأميركي في العراق اليوم مثل، شوكة السمك العالقة في الزور: إن أُخرجت جرحت، وإن بُلعت قتلت. كان يمكن أن يكون الوضع غير الوضع، لو كانت السياسة الأميركية في العراق في بداية الاحتلال غير السياسة التي مورست، ولكن كلمة لو لا تعني شيئاً، حين تُرفع الأقلام وتجف الصحف. الضغط الشعبي وغير الشعبي شديد على إدارة الرئيس بوش للانسحاب من العراق، فالخسائر البشرية والمادية التي مُنيت بها القوات الأميركية حتى الآن لم تكن متوقعة عند بداية الحرب على نظام صدام حسين، وهي الحرب التي كانت إدارة المحافظين الجدد تؤكد أنها ستكون مجرد نزهة عابرة، وأصبحت تشكل عبئاً على دافع الضرائب الأميركي، الذي يرى أن ما يدفعه من أموال يذهب إلى محرقة متوهجة تحرق الأخضر واليابس، وذلك على حساب خدمات أساسية كان يُمكن أن يستفيد منها المواطن الأميركي، ناهيك عن رؤيته لأكفان أبنائه المتزايدة والقادمة من العراق، بما يُذكر بفيتنام وجحيم فيتنام.

أجل، كان من الممكن أن يكون الوضع غير الوضع لو لم يدمر بريمر، بموافقة من بوش وأركان إدارته، مؤسسات الدولة العراقية، دون أن يكون هنالك بديل واضح، وكأن الأمور كانت ستعالج نفسها بنفسها، ودون معرفة حقيقية بأوضاع العراق الاجتماعية، التي تفجرت بمجرد سقوط النظام السابق ومؤسساته، والفراغ الذي حدث بعد ذلك وكان لا بد أن يُملأ.

اليوم يجني الرئيس بوش ثمار أوهامه وهواجسه بأنه مبعوث الرب لإنقاذ الإنسانية، عن طريق نشر الأسلوب الأميركي في العيش في كل أرجاء المعمورة. اليوم يجني الرئيس جورج بوش الابن ثمار ارتهانه للمحافظين الجدد، الذين ورطوه ثم تركوه وحده يواجه الإعصار، بعد انكشاف الغطاء وانقشاع غيوم الأوهام. لقد أدرك بوش أنه وإدارته كانوا مخطئين في تصوراتهم عن العراق، وفيما سيحدث في العراق بعد اجتياحه، ولكنه إدراك جاء متأخراً وبعد فوات الأوان. اليوم يود بوش لو أنه قادر على سحب قواته من العراق، والعودة إلى نقطة ما قبل أبريل/ نيسان عام 2003، ولكن الأماني شيء، وواقع الحال شيء آخر. فإذا كان الدخول دون تصور واضح لما بعد ذلك خطأ فادح، فإن الخروج دون إدراك لتبعات ما بعد الخروج شيء أشبه بمعالجة الحرق بالكي. أن تخرج القوات الأميركية من عراق اختلطت أوراقه، وضاعت خطواته، ودُمرت أبسط مؤسسات الدولة فيه، خطأ قاتل، وذلك لعدة أسباب.

أول هذه الأسباب هو أن الانسحاب الأميركي من العراق سيخلق حالة من غياب القوة، في ظل عجز الحكومة العراقية، وضعف المؤسسات السياسية المُنشأة حديثاً على قلتها، الذي سيؤدي بدوره إلى حرب أهلية طائفية عراقية لا أحد يمكنه أن يتنبأ بكيف ستكون وكيف ستنتهي، وكيف سيتطاير شررها إلى المنطقة بأسرها، وذلك بما سيتجاوز بمراحل أثار الحرب الأهلية اللبنانية على المنطقة. مثل هذه الحرب الأهلية ستجعل من العراق مرتعاً خصباً لكل الحركات الإرهابية، من قاعدة وغيرها، وذاك بدوره سيؤثر سلباً على حالة الاستقرار في منطقة الخليج خاصة، وهي المنطقة ذات الحساسية المطلقة بالنسبة للمصالح الأميركية، مما سيؤثر في النهاية على أمن الولايات المتحدة نفسها، سواء كنا نتحدث عن الأمن بمعناه العام، أو بمعناه الاقتصادي.

وثاني هذه الأسباب هو أن انسحاب القوات الأميركية من العراق يعني أن إيران، ذات النفس الطويل في المراوغة والكر والفر، قد كسبت معركتها مع الولايات المتحدة، ومن تعتبرهم حلفاءها في المنطقة، وبالتالي تُصبح هي الخليفة الوحيد للوجود الأميركي في المنطقة، بإمكانياتها العسكرية التي لا تتوفر لأي دولة في منطقة الخليج. بمعنى أن إيران ستكون هي المؤهل الوحيد لملء حالة الفراغ التي ستنتج عن رحيل «اليانكي» من المنطقة، وتصبح إيران بالتالي هي القوة الإقليمية الوحيدة في المنطقة، تفرض شروطها على من تشاء وكيفما تشاء وأنى تشاء، وفق تصور بعيد المدى لأمنها القومي، دون اعتبار لفاعلية إسرائيل، من حيث أنها القوة الإقليمية الأخرى في المنطقة، حيث أن إسرائيل، رغم قوتها العسكرية التي تتفوق على القوة الإيرانية، إلا أنها غير مقبولة في المنطقة، مما يعطي إيران ميزة عليها، لا حباً من شعوب المنطقة لإيران، ولكن كرهاً بإسرائيل.

أن تكون إيران هي القوة الإقليمية الوحيدة في المنطقة يعني، ضمن ما يعني، استقواء حلفائها بها، سواء كان ذلك مالياً وقد يصل الأمر إلى عسكرياً، وسواء كانوا من الدول أو المنظمات أو الحركات. سيصبح العراق في هذه الحالة مجرد «ساتلايت» يدور في الفلك الإيراني. وسيتحول حزب الله إلى الآمر الناهي في لبنان، بما يملك من قدرات مالية وعسكرية وبشرية غير متوفرة لأي طرف آخر في لبنان، وبعد أن يكتمل الهلال السياسي الشيعي، فيصبح للحزب عمق استراتيجي هو في أمس الحاجة إليه لتحقيق مشروعه الأكبر، والمتجاوز لذات لبنان. كما أن غزة في ظل حماس ستتحول إلى ترسانة سلاح تقليدي وغير تقليدي قد يفجر المنطقة بأسرها، إذا أخذنا إيران وسوريا وحزب الله ضمن صورة شاملة.

وأخيراً فإن انسحاب القوات الأميركية من العراق سيكون أكثر خطورة على أمن الولايات المتحدة نفسها من أي شيء آخر، من حيث اهتزاز صورة القوة الأميركية التي ابتلعتها رمال الشرق الأوسط المتحركة، وسقطت في معركة لم تستطع آلتها الحربية الجبارة، ولا تقنيتها المتقدمة أن تفعل شيئاً، وذلك بشكل يفوق كثيراً اهتزاز ذات الصورة في أعقاب حرب فيتنام.

ففي فيتنام لم تكن الولايات المتحدة تقاتل فيتنام هوشي منه والفيتكونغ فقط، بل كانت في مواجهة غير معلنة مع الاتحاد السوفيتي وصين ماو، في حرب باردة، تجسدت اتوناً مشتعلاً على أرض فيتنام. أما اليوم، فالولايات المتحدة هي القوة الأعظم في العالم دون منافس، ومع ذلك تسقط في حرب غير معلنة مع إيران وميلشيات مسلحة من هنا وهناك، وتخسر معركتها مع الإرهاب الذي أعلنت عليه حرباً لا هوادة فيها.

انسحاب القوات الأميركية من العراق سيسيل إثره لعاب الكثيرين الذين سيتأكدون من أن مقولة ما وتسي تونغ صحيحة، وهي أن أميركا نمر من ورق، وتصبح أميركا بالتالي هدفاً لإرهاب كل من كان يخشاها قبل ذلك.

ولكن من جهة أخرى، فإن عدم الانسحاب الأميركي من العراق له من النتائج السلبية الشيء الكثير. فمن ناحية، فإن استمرار الوجود العسكري الأميركي في المنطقة عامة، وفي العراق خاصة، سيبقى مبرراً لوجود الحركات الإرهابية ونموها، في ظل سياسة أميركية غير متوازنة وقصيرة النظر. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن نشر الديموقراطية في المنطقة، وهو الهدف المُعلن للتدخل الأميركي في المنطقة، سوف يكون أكثر صعوبة، وسيكون الوجود الأميركي هو عائقه الأكبر. فلدى العامة والتيارات الأصولية، ارتبط مفهوم الديموقراطية بأميركا وسياسة أميركا، وبالتالي سيكون الرفض المطلق للمفهوم ومن يتبناه هو النتيجة المنطقية لكل ذلك، ويُصبح المُطالب بالديموقراطية كالمطالب بالارتهان لأميركا، ويتحول «راعي» الديموقراطية إلى أكبر عائق لها، في ظل كراهية متصاعدة لأميركا وكل ما تمثله أميركا.

مشكلة الولايات المتحدة الكبرى في المنطقة، وعلى حد ظني، أنها تنظر إلى العالم من منظارها فقط، وليس لديها استعداد لأن تضع نفسها موضع الآخرين، كي تعرف كيف يفكرون، وكيف يتصرفون، وماذا يريدون، فالعالم بالنسبة للولايات المتحدة هو أميركا، وأميركا هي العالم، وقد رسخ هذا المفهوم أكثر مع سياسة المحافظين الجدد، الذين أضفوا هالة من القدسية الدينية على أميركا ورسالة أميركا في العالم، وهو الأمر الذي سينخر في عظام أميركا في النهاية، كما السوس في الأسنان، ويجعلها آيلة إلى السقوط، ما لم تُدرك أميركا أنه لا حياة لها إلا بالالتزام بالمبادئ التي وضعها آباؤها المؤسسون، دون أوهام الرسالة والمهمة التاريخية، وقبل ذلك كله أن تُدرك أنها وإن عظم شأنها، هي جزء من العالم وليست كل العالم.

ربما كان احتلال الولايات المتحدة للعراق خطاً استراتيجياً وربما لا يكون، وذلك حسب الزاوية التي ننظر من خلالها للحدث، وحسب الهدف الذي كان في المنظور آنذاك. فالتدخل العسكري الأميركي أسقط نظاماً فاشياً ما كان له أن يسقط لولا ذاك التدخل، ولكنه من جهة أخرى، خلط أوراق منطقة أوراقها مختلطة من الأساس، وخلق من المشاكل للمنطقة ما لا يُعد أو يُحصى، لا بسبب التدخل، ولكن بسبب ما مورس بعد التدخل. ولكن ما هو خطأ مؤكد هو ما حدث بعد ذلك، وهو دليل على قصر نظر في السياسة الخارجية الأميركية في ظل إدارة بوش والمحافظين الجدد.

لقد ارتكبت إدارة بوش الكثير من الأخطاء الفادحة منذ احتلال العراق، ولكن الحل لا يكون بمعالجة الخطأ الفادح بخطأ قاتل، مثل انسحاب قواتها من العراق وتركه لجماعات يحكم سلوكها الثأر والانتقام وعطش لا يرتوي إلى الدماء، وانعكاسات كل ذلك على المنطقة وأميركا وعالم بأسره. نعم، أميركا اليوم في حالة يُرثى لها في العراق، فإن خرجت فهي كارثة، وإن بقيت فهي كارثة، وذلك مثل ذاك المقبل على الزواج، الذي سأل والده عن الزواج، فقال له والده ما معناه: إن تزوجت فأنت تعيس، وإن لم تتزوج فأنت تعيس أيضاً. على أميركا اليوم أن تبحث عن حل لمشكلتها لا مع العراق وحسب، ولكن مع كل العالم، وهذا يستوجب إعادة نظر في مجمل المنظور الأميركي للعالم من ناحية، وفي البحث عن بدائل عملية لوجودها في العراق، أو مع وجودها في العراق، ولكن ذلك حديث آخر..


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
32
القوة العظمى المريضة
غسان شربل
الحياة
من المبكر الجزم بالصورة التي سترتسم للرئيس جورج بوش على صفحات التاريخ بعد مغادرته البيت الابيض. ثمة من يعتقد بأنه حجز على الأقل حتى الآن مقعد الرئيس الأقل شعبية. هناك من يتحدث عما هو أخطر بكثير. عن صورة الرئيس الذي بدّد انتصاراً غير مسبوق حققته بلاده يوم اندحر الاتحاد السوفياتي وانتحر. وثمة من يشير الى رئيس قامر برصيد القوة العظمى الوحيدة وخسر.

انطلاقاً من السير الحالي للأحداث يمكن توقع أن ينهي بوش ولايته وبلاده عالقة في حربين يصعب الانتصار فيهما ويصعب الانسحاب. حرب باهظة في العراق وحرب مكلفة في افغانستان. هذا على الأقل ما أوحى به تعامله مع حصيلة ما توصل اليه الجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر. بدا واضحاً أن إدارة بوش عاجزة عن اتخاذ قرار الانسحاب من العراق حتى ولو افترضنا انها راغبة في خطوة من هذا النوع. يمكن في ضوء ذلك التكهن ان بوش سيغادر المسرح ليترك اميركا في عالم أقل أماناً وليترك العالم في عهدة اميركا أقل قوة وهيبة عما كانت عليه يوم تولى الرئاسة.

أكثر من أي وقت مضى تبدَّدت الأحلام التي رافقت الغزو الأميركي للعراق. لم تعد فكرة بناء نموذج عراقي جاذب قابلة للتصديق. لا السلوك الأميركي سهل قيام النموذج ولا التربة العراقية بدت جاهزة لاستقباله. هذا من دون ان ننسى بديهيات كانت معروفة، وهي أن الديموقراطيات لا تبنى بالحديد والنار وأن الاستناد الى تجربتي المانيا واليابان يتجاهل اختلافات جوهرية في الحقب وطبيعة الأماكن وطبائع الشعوب وثقافاتها ودرجة تطورها الاقتصادي والاجتماعي ومعتقداتها. ثم ان الحديث عن قيام الشرق الأوسط الجديد لم يعد وارداً إلا من باب التهكم أو النقد أو من باب تبرير بقاء الشرق الأوسط الحالي على حاله.

تملك الولايات المتحدة من أسباب القوة ما يؤهلها للتعايش مع فشل محاولة زرع الديموقراطية في العراق تحت اعلام الاحتلال. تستطيع احتمال فشل تطلعها الى جعل غزو العراق فرصة لإعادة صوغ صورة المنطقة وموازين القوى فيها. الأخطر بالنسبة اليها هو أن تكون عالقة في حربين لا يمكن حسمهما ولا حتى التوصل فيهما الى وقف لإطلاق النار، لأن الخصم هنا وهناك بلا عنوان ويبحث اصلاً عن فرصة للاشتباك أو الانتحار. وواضح ان استنزاف امكانات الولايات المتحدة وهيبتها في النزاعين اتاح لقوى دولية واقليمية التمرد على صورة الوضع الذي قام غداة اختفاء الاتحاد السوفياتي.

مقارنة عاجلة تكفي لتأكيد ما تقدم. في آذار (مارس) المقبل يغادر فلاديمير بوتين الكرملين لأن الدستور يمنعه من ولاية ثالثة. كل الاستطلاعات تؤكد فوزه الكاسح لو اتيح له الترشح مجدداً. بلغت قوته حد القدرة على تنصيب رئيس خلفاً له بانتظار عودته لاحقاً. والأهم من صورته الشخصية قدرته على القول إنه يترك روسيا أقوى بمرات ومرات مما كانت عليه يوم تسلمه الرئاسة. فالرئيس الذي تعايش في ولايته الأولى مع اميركا المهيمنة قاد في ولايته الثانية تمرداً مدروساً عليها بدد تماماً صورة روسيا الملحقة والمتسوِّلة والمرشحة للتفكك وأعادها لاعباً على المسرح الدولي. طبعاً يمكن الحديث هنا عن دور ارتفاع أسعار الطاقة وامكانية تطويع الديموقراطية الروسية الطرية العود لكن لا يمكن تجاهل الفرصة التي شكلتها أخطاء إدارة بوش وفي طليعتها المغامرة العراقية.

في بداية عهد بوش لم تكنإايران تجرؤ على تكرار ممارسات شبيهة بمشهد تحويل الأميركيين رهائن في سفارة بلادهم في طهران ولا على مخاطبة اهداف اميركية بلغة الشاحنات الانتحارية. مجرد قراءة للخطاب الأخير للمرشد الايراني علي خامنئي تظهر حجم التراجع في الهيبة الاميركية. فمضمون الخطاب لا يقل عن اعلان هزيمة اميركا في العراق ولبنان وفلسطين فضلاً عن التذكير بانتقال القوة العسكرية الايرانية الى موقع الصدارة في الاقليم.

إن أي قراءة لأوضاع المنطقة وأزماتها لا بد من ان تأخذ في الاعتبار العوامل الثلاثة الآتية: التخبط الأميركي في العراق ونجاح التمرد الروسي على الصعيد الدولي وانتقال التمرد الإيراني الى حد الرهان على قطف الثمار. وهذه الحقائق تعني العراق وتعني لبنان الباحث عن جمهورية ورئيس كما تعني امارة «حماس» في غزة وجمهورية «فتح» في الضفة. واذا كان للقوة الاميركية ثمن لا بد من دفعه فإن لأي ضعف اميركي دائم أثماناً لا بد من تسديدها.

إن القوة العظمى الوحيدة تبدو اليوم قوة عظمى مريضة بفعل عجز سياساتها عن مقاربة واقعية لمشاكل العالم. هذا لا يعني اننا عشية أفول الامبراطورية الأميركية.