Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 12 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الخميس 11/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
العراق وتعويذة الهندي الاحمر
عثمان حسن
الدستور الاردن
في مقدمة اي حرب تشنها الادارة الاميركية ثمة دعاية موجهة ومدروسة بعناية صاغها كهنة وخبراء ومتمرسون في فنون القتل والابادة. في مقدمة اي حرب ثمة بيانات منقولة عن مصدر موثوق واكثر من حجة دامغة تلوي عنق الصارية وتقرع هدير الرعد فتهيىء الجوقة ليبدأ بعدها جحيم معركة غير مأمونة العواقب نحو مصدر الشر والعدو المفترض الذي لا بد سيذعن والا فان "جهنم" الحريق ستهز اركانه وتترصد حواسه بالويل والثبور.
في عام 1943 قال الرئيس الاميركي روزفلت "ان الدفاع عن دولة عربية بعينها وقد سماها بالاسم ، يعني الدفاع عن الولايات المتحدة". وهذا التصريح يشبه الى حد بعيد سلسلة من التصريحات التي تسبق مقدمة اي استهداف اميركي في بقعة غير محددة من العالم. كانت تلك قصة حروب اميركا في العالم منذ كولمبس والتي لم تعد تنفع معها" تعويذة" الهندي الاحمر جالبة الحظ وهو يتلقى ارتالا من المفاجآت التي تكدست في فوهة النار ، وسوف تطال بالطبع جبهة هذا الهندي الذي طالما تغنى بالصحراء والبخور وهتف من شدة الوجد صرخة حارقة "فدوى" اجداده الميتين في قاع المغارة او فوق قمة الجبل.
في معرض نقده للسياسة الاميركية قال "كينيون غبسون" صاحب كتاب "اوكار الشر": "ان الكثير من المسيحيين يعارضة الغزو بشدة ، والبعض منهم يعمل جاهدا لاتهام جورج بوش بارتكاب جرائم حرب ، وانا كمسيحي امد يدي الى العالم الاسلامي واعبر عن رفضي لاستخدام الدين كذريعة من قبل من يحاولون سرقة النفط والاتجار بالمحدرات والاسلحة".
امس الاول احتفل الاميركيون بيوم "كولومبس" حين اكتشف كريستوف كولومبس اميركا ، وهو اكتشاف مشكوك في صحته بحسب كثيرين ، ومن هؤلاء النسر المحظوظ "نوردوال" 78 عاما الذي ينحدر من قبائل الهنود الحمر الاميركية والذي يسأل: اين العدل والمنطق في ان يأتي رجل ابيض ويدعي اكتشاف بلدنا في حين اننا نعيش هنا من 12 الف عام ، وكان ثمانون مليون اميركي هندي يعيشون في شمال اميركا ووسطها وجنوبها. و"نوردوال" هذا لن يحتفل بيوم كولومبس ويقول "لماذا احتفل باوروبيين يرقصون على توابيت اجدادنا". من اميركا الى العراق وبالعكس تتكدس الوثائق في السلة الاميركية وآخرها ذلك الذي يتحدث عن العدل ، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد تحدثت الخميس الماضي عن وجود وثائق لوزرارة العدل الاميركية تؤكد ان القانون لا يمنع صفع معتقل او تعريضه لحرارة شديدة وغيرهما ، فيما صرح بوش الجمعة ان الحكومة الاميركية "لا تعذب الناس.. نحن نطبق القانون الاميركي والتزاماتنا الدولية..،.
والمفارقة ان الرد قد اتى سريعا من داخل الجسم الاميركي ، فها هي رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تخالف الرئيس الرأي حين اكدت ان الولايات المتحدة تستخدم التعذيب خلال عمليات استجواب اشخاص يشتبه بتورطهم في الارهاب.
في يوم كولمبس لن ينفعك البخور يا "نوردوال" وسوف تدميك الحسرة وانت تشاهد اولادك البررة يساقون كالنعاج فوق هضبة الجبل نحو منحدر اميركي الصنع تعلوه غلالة جديدة من الدخان الذي خلفته سنابك الخيل فوق هامتك المطحونة.. انت منذ الان لن تترفق بالسحرة ، ولن يغريك الرقص مع الذئاب فيما تسلخ جلدك "الفزّاعة" وينالك غضب يقرع هدير الرعد ويترصدك بالكارثة.
Ohasan500@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
حول هجمة «التوافق» على الشيخ الضاري
ياسر الزعاترة
الدستور الاردن
لا يحتاج رموز جبهة التوافق ، لا سيما من الحزب الإسلامي ، إلى مبرر كي يهاجموا الشيخ حارث الضاري ، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين ، فهم منذ ظهوره كرمز من رموز العراق الكبار بعد الاحتلال وهم يتعمدون الإساءة إليه ، وإذا التقيت أحدهم هنا أو هناك فسيحتل الشيخ وهيئته جزءا لا بأس به من الجلسة (في سياق الهجاء بالطبع)،، والحال أن سلوكاً كهذا لا ينبع سوى من الحسد السياسي ، فقد ساهمت مواقف الشيخ الجريئة ، والعاقلة في آن ، في فضح مواقفهم الخاطئة والسائرة في ركب المحتلين ، وعلى رأسها تشريع العملية السياسية في ظل الاحتلال ، ومن ثم حشر العرب السنة في دائرة الأقلية ، فضلاً عن جريمة تشريع دستور التقسيم ، وكل ذلك في سياق من دعوى النضال من أجل منح العرب السنة حقوقهم السياسية ، وكيف؟ من خلال المزايدة على القوى الشيعية في مغازلة الأمريكان.
الهجوم الأخير المعلن من قبل أولئك على الشيخ الضاري ليس الأول ولن يكون الأخير ، وما دام الرجل يقف شامخاً يمثل خيار رفض الاحتلال واستمرار مقاومته ، فسيواصلون حربهم العلنية والسرية عليه ، ومعهم جميع المتواطئين مع مشروع الاحتلال بمختلف أشكالهم ومسمياتهم. سبب الهجوم هو رفض الشيخ لتشكيلات ما يسمى بمجالس الصحوة التي صنعت على عين الاحتلال وبماله وسلاحه ، والتي تهدف إلى محاربة تنظيم القاعدة في العراق ، وتأكيده (أعني الشيخ) على أن 90 في المئة من أعضاء التنظيم عراقيون تنبغي محاورتهم لا محاربتهم لحساب الاحتلال.
لا خلاف على أن القاعدة في العراق قد ارتكبت الكثير من الأخطاء ، وجاء تأسيس ما يعرف بدولة العراق الإسلامية والإصرار على فرض قوانينها على الجميع ليعمق الخلاف بينها وبين قوى المقاومة والعشائر ، وما هامشية الشأن العراقي في تسجيلات أسامة بن لادن وأيمن الظواهري الأخيرة وتجاهل "الدولة الإسلامية" هناك ، مقابل التركيز على الوضع الأفغاني سوى إشارة على ارتباك الموقف مما يجري تبعاً لانتقادات كثيرة وجهت لعمل التنظيم هناك. كل ذلك لا يقلل من أهمية دور التنظيم في إطلاق المقاومة وفي ضرب برنامج الاحتلال ، ولولا ذلك ما دفع الأمريكان كل هذا الوقت والجهد والمال من أجل مطاردته ، اللهم إلا إذا صدق البعض أن هدفهم هو نصرة العرب السنة ضد الشيعة ، وليس تجنب فشل مشروع الاحتلال الذي دفعوا من أجله مئات المليارات وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى،،
خلال المرحلة الأخيرة ، بدا واضحاً إدراك قادة القاعدة لحقيقة أن ما ارتكبوه من أخطاء قد أخذ يحرمهم من الحاضنة الشعبية في مناطق العرب السنة ، لكن الطرف الآخر ممثلاً فيما يعرف بمجالس الصحوة كان قد تورط بالتنسيق مع جبهة التوافق في التحالف مع الأمريكان ، ولم يعد بوسعه تغيير بوصلته ، بينما استعادت بعض قوى المقاومة التي تورطت في العمل ضد القاعدة توازنها فيما يبدو باستثناءات محدودة.
الآن ، يمكن القول إن تصريح الشيخ الضاري الذي لم يسلم سابقاً من انتقادات القاعدة هو دعوة لحقن دماء العرب السنة من أن تراق في حرب داخلية ، كما هو دعوة للحفاظ على المقاومة كمسار يحفظ مصلحة العراق والعراقيين ، لأن تحول الجهد في مناطق العرب السنة إلى الحرب على القاعدة لحساب الأمريكان سيؤدي إلى وقف المقاومة بعد تلاشي حاضنتها الشعبية. لعل ذلك هو ما يريده بعض رموز "التوافق" ، لأن الأفضل برأيهم هو التعاون مع الاحتلال وانتظار عطاياه ، لاسيما بعد ضرب إيران ، أما الشيخ فيرفض الركون إلى المحتل ويصر على مقاومته ، والأيام وحدها ستثبت صواب رؤيته لمن التبست عليهم المواقف.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
لماذا تسريبات البيت الأبيض عن القاعدة ؟
افتتاحية
الشرق قطر
هل مازالت القاعدة قوية وان فكرها انتشر أكثر من السابق على خريطة العالم، أم حقا انحصرت بنشاطاتها في حدود ضيقة على مساحة العالم؟ تساؤل مشروع في ظل تقرير للبيت الابيض تم تسريبه الى وسائل الاعلام يقول إن تنظيم القاعدة لا يزال «أخطر تهديد ارهابي للولايات المتحدة»، بل ذهب الى أكثر من ذلك عندما قال التقرير إن «القاعدة تكثف الجهود لوضع أعضاء داخل البلاد».
هذا اعتراف واضح وصريح لفشل استراتيجية الولايات المتحدة في مواجهة ومحاربة القاعدة ليس في ملاذها الأمن فقط، حيث لم تقنع ملايين واشنطن الـ 25 في اقناع الناس بيتسليم زعيم القاعدة أو أي من رواد التنظيم الأوائل، أو محاربة القاعدة في ساحات عملياتها الاخرى في أوروبا وشمال افريقيا والشرق الاوسط، في الوقت الذي تمكنت فيه القاعدة من توفير الحماية لقيادييها من الصف الاول للان رغم السنوات التي مرت على تفجيرات سبتمبر الامريكية، كما لم تفقد مصادر تمويلها المالية التي باتت تعمل تحت تسميات دوخت أجهزة الاستخبارات ومؤسسات المراقبة والمتابعة لأنشطتها في العالم اضافة الى اتساع دائرة التنظيمات التي تؤمن بفكر القاعدة واعلان ولائها لها.
وبناء على حيثيات التقرير الامريكي فانه من المتوقع ان تواصل القاعدة تعزيز قدراتها لمهاجمة الولايات المتحدة عبر تعاون اكبر مع حركات عالمية متطرفة تحت تسمية مقاومة الظلم والاستكبار والاحتلال بكل صوره بمعنى أن يصبح تنظيم القاعدة حركة مواجهة عالمية متقدمة ضد الولايات المتحدة الامريكية ومن يسلك مثلها ضد رغبات الشعوب المقهورة.
لعل من المناسب القول انه بناء على عدة معطيات مصادرها الأقوى والأهم الادارة الامريكية ذاتها، الى جانب ما تتناقله الدوائر الاخبارية ومراكز الرصد المعلوماتي والمتابعة فان مشروع القاعدة لامتلاك أسلحة دمار سيجعل من ذلك بؤرة جديدة للصراع الذي لا يدرك أحد كيف سيكون مداه وتبعاته على العالم.
إن العالم الان امام احتمالات، إما أن يكون ما سربته الادارة الامريكية الى وسائل الاعلام عن تنامي القاعدة وعودتها الى العمل هو لخدمة استراتيجية «المحافظين» في البيت الابيض وسياسة الرئيس جورج بوش لابقاء الامريكيين في حالة قلق وترقب من الآتي من القاعدة وغيرها على حياتهم ونمط معيشتهم، أم لتحويل الانتباه بعيدا عن الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها ادارة بوش في حربها في العراق وأفغانستان، او اعتراف مسبق لفشل هؤلاء القابعين في البيت البيضاوي في ملاحقة القاعدة وقيادييها بعد ان اخفقت الادارة الامريكية في القضاء على هذه الظاهرة العنيفة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
العراق الموحد.. ضرورة مستقبلية
د. سّيار الجميل
البيان الامارات
لا أدري على أي أساس تاريخي استند السيناتور جوزيف بايدن في طرح مشروعه لتقسيم العراق، مقترحا ثلاث حكومات رفقة حكومة مركزية اتحادية لا صلاحيات حقيقية لها! ولا ادري كم هي معرفة هذا الرجل بالشأن العراقي وشؤون المنطقة ليقدّم هكذا «مشروع» من دون أي هواجس ومخاوف لما ستؤول إليه أوضاع المنطقة كلها !
ولا ادري لماذا قبل 75% من أعضاء الكونغرس الأميركي مقترحاته بالموافقة عليها، وحتى ان كانت بقرار غير ملزم، فالقرار يفتح الباب على مصراعيه لمشروعات مماثلة في التقسيم.. وإذا كان «المشروع» لعبة سخيفة لتغيير الأوراق من اجل مصالح الولايات المتحدة الأميركية، أو حّلا يجعلها تفّكر في كيفية التعاطي مع المشكلة العراقية.. فإنها لم تفكر بخطورة صناعتها لتاريخ خاطئ في منطقة الشرق الأوسط.
ولا نريد ان نلقي عليها دروسا عن العراق. ويبدو انها ماضية في طريق خاطئ على مدى أربع سنوات من دون ان تتعلم شيئا.. أو أن لها استراتيجية خطيرة جدا، وخفية، بدأت بها في العراق ولا نعرف ولا يعرف العالم كله إلى أين ستنتهي بها !
ان المشكلة ليست أميركية صرفة بقدر ما هي عراقية وإقليمية أيضا، ذلك أن هناك قوى وأحزابا عراقية برغم ضآلتها وانعزاليتها، فقد صفقت لمشروع بايدن في تقسيم العراق، بل وأنها تغالط نفسها وتكّذب الآخرين عندما تدافع عن بايدن بحجة انه يدعو إلى الفيدرالية لا إلى التقسيم.
وقد هرع هو نفسه نتيجة الضجة الكبرى التي لم يتوقعها ضده، فتنازل قائلا انه يطالب بالفيدرالية لا بتقسيم العراق، علما بأن من يرجع إلى النص الأصلي الذي قدّمه إلى الكونغرس ويتمعن فيه سيجد ان «المشروع» يتضمن دعوة سلمية إلى تأسيس ثلاث حكومات في ثلاثة أقاليم من سنّة وشيعة وأكراد، وانه سيرضي السنة بقدر أكبر من الفطيرة.
ـ كما يقول ـ فضلا عن دعوته إلى مؤتمر مفاوضات، والخروج بما يشبه ميثاق دايتون الذي أنهى الصراع العرقي في صربيا والبوسنة.. انه عندما يطالب بهكذا ميثاق، فإنما يطالب ليس بتقسيم العراق بل بتمزيقه ! وبهذا، فهو سيشعل عود ثقاب في منجم بارود قابل للانفجار في أي لحظة.
ان ما يثير حقا تصفيق بعض العراقيين للتقسيم من دون أي إحساس بالذنب، ومن دون أي تفكير وتأمل بعيد لمصير العراق الذي يقع في قلب الشرق الأوسط.. انهم بهذا لا يريدون إبقاء العراق بشكله الحالي الذي صنعته عهود طوال من التاريخ، بل ورسمت حدوده ليس من قبل الانجليز في العام 1921 كما يروج الانقساميون.
بل اعتمادا على الخرائط القديمة للولايات الإدارية العثمانية والتي انبثقت في النصف الأول من القرن السادس عشر، ان العراق يبدو موحدا منذ القدم بهذا الشكل، ولم تكن مكوناته التاريخية الا إدارية صرفة: كأمصار ودساكر وأعمال وألوية وسناجق وولايات، ولم يعرف عبر تاريخه الطويل أية حكومات عرقية أو طائفية.. نعم لقد حكمته سلالات ملوك وخلفاء وأمراء وشيوخ ولكنه لم يعرف في حياته التجزؤ المذهبي أو الاثني.. كما ان نسيجه الاجتماعي لم يعرف الصراع الداخلي ولا الحروب الأهلية كالذي جرى في بلدان متفسخة أهلتها أوضاعها للتجزئة والاهتراء.
ان مشروع تقسيم العراق لا يمكن ان تقبله كل الأطراف، وحتى ان كانت إيران هي الوحيدة من دول الإقليم قد باركت تقسيم العراق، فإنها تعرف ان من مصلحتها إبقاء العراق مفكك الأوصال، ضعيف البنية، كسيح القوة ومخترقا من قبلها..
وإنني أسأل: ان كانت ترى في تقسيم العراق ضرورة ملحة على أسس طائفية وعرقية، فهل تقبل إيران تطبيق مشروع بايدن على نفسها؟ ومن الضرورة القول انه ان جاء التقسيم تحت مظلة الفيدرالية وبمباركة دستورية عراقية كون الدستور ينص على هذا المبدأ، فليس من الصواب ـ أولا ـ تطبيق أي تقسيم للعراق ككيان موحّد يمكنه ان يمضي نحو المستقبل من دون أي تجزئة.
كما انه من المضحك ان تقوم فيدرالية على أساس طائفي وعرقي ـ ثانيا ـ فالفيدرالية توّحد الأقاليم في بلاد مفككة ولا يمكن ان تبعثر البلاد الموحدة إلى أجزاء، وجعل الوطن عدة أوطان.. إنني واثق تمام الثقة ان أي استفتاء يقوم في العراق تحت إشراف دولي حول مسألة الفيدرالية أو التقسيم، فان الكفة سترجح لصالح الوطنيين العراقيين الذين لا يقبلون بتجزئة العراق مهما كانت الأسباب التي يؤمن بها الانقساميون.
انني اعتقد ان مشروع بايدن قد جاء ليكشف القناع عن حقيقة ولاء العراقيين، أي بين من يريد العراق ومن لا يريده حتى على خارطة تاريخية، ان هذا المشروع مهما صادف من تأييد لدى الكونغرس، فسوف لن يجد شعب العراق بقابل على تمزيق وطنه.. ان مجرد التفكير بثلاثة كيانات هزيلة أو كانتونات مهترئة بديلا عن العراق.. ربما كانت ستعيش لو كانت في غير موقع العراق، ولكن ما دام يحتل هذا المكان من مربع الأزمات في الشرق الأوسط، كما ويمّثل الرابط الأساسي بين العالم العربي وكل من تركيا وإيران، ناهيكم عن موقعه على رأس الخليج العربي..
فالأهم أن يبقى موحدا بكل أجناسه وأطيافه وعناصره بديلا عن أي تجزئة.. ان المنطقة كلها لابد ان تدرك أهمية إبقاء العراق موحدا، ولكن يستلزم صناعة عراق حضاري ومسالم وآمن ومتطور ومبدع.. ويبقى حاضنة حقيقية لكل سكانه بمختلف قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم.. ان فهما معمقّا لتاريخ العراق أيام المحن والتحديات والخطوب، تعلمنا بأن بلاد وادي الرافدين غير قابلة للانقسام أبدا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
تخريب التعليم في العراق ـ 4ـ
وليد الزبيدي
الوطن عمان
لمعرفة حجم التخريب الذي شهده التعليم في العراق، لا بد من العودة إلى جذور هذه العملية، التي ابتدأت بعد احتلال بغداد مباشرة، فقد سارعت الأحزاب الدينية بدون استثناء إلى تحويل الحرم الجامعي الى ساحة للتثقيف الطائفي والعرقي، وانتشرت الكثير من المظاهر الغريبة، التي لم يألفها الجو والوسط التعليمي العراقي، وبرزت تلك المظاهر في الجامعات والمعاهد، وكانت على مستويين، الأول يتعلق بطموحات شخصية لتولي مناصب وزعامات في الأقسام والكليات والجامعات، فانتشرت ظاهرة تهديد الكفاءات والعلماء والعمل على ازاحتهم عن مناصبهم أو طردهم خارج الأوساط الجامعية، واستغلت الحكومات التي جاءت منذ مجلس الحكم بزعامة بول بريمر وحكومات الاحتلال الأخرى قانون اجتثاث البعث، لطرد وإبعاد آلاف الكفاءات من العلماء في مختلف الاختصاصات، كما شمل ذلك عشرات الآلاف من المعلمين والمدرسين في الدراسات الأولية، وهنا حصل تخلخل كبير في البنية التعليمية، ما فتح الكثير من نوافذ التخريب في قطاعي التربية والتعليم.
أما في الجامعات، فقد انتشرت ظاهرة استخدام صور لسياسيين ورجال دين بصورة مثيرة للاستغراب، وفاق عدد تلك الصور ما موجود من مراجع ومؤلفات وكتب في مكتبات تلك الكليات والجامعات، وتحولت المكتبات من أماكن للبحث والتقصي العلمي، الى مقرات للأحزاب والتجمعات الطائفية والعرقية، التي حرصت على إقامة الندوات الخاصة والشعائر الدينية، وأصبح تواجد الطلبة في هذه الأماكن أكثر من وجودهم داخل قاعات الدرس والمعرفة، ومن هذه الزاوية،بدأت واحدة من أخطر النوافذ التي تقود الى تخريب التعليم، لأن الحضور الأكبر لم يكن للمحاضرات العلمية، وإنما لكلمات وخطب وأحاديث ممثلين للأحزاب المشاركة في العملية السياسية.
لقد هيأت تلك الممارسات الى مرحلة أخرى في غاية الخطورة، ففي العام الدراسي للسنة الثانية من الاحتلال عام 2004، برزت مسألة تقسيم غالبية الجامعات العراقية على أساس طائفي، ورغم أن ذلك لم يعلن بصورة رسمية، إلا أن الجميع يعرفون أن هذه الجامعة أصبحت من حصة الطائفة الفلانية وتلك الجامعة من حصة الطائفة الاخرى، وتساوق ذلك التقسيم الخطير مع الخطوات المدروسة لتكريس الطائفية والعرقية في العراق، والتي جاءت منسجمة وأسس العملية السياسية، التي ابتدأت بتشكيل مجلس الحكم في يوليو عام 2003، ومن المعروف أن تكريس الهوية الطائفية في الجامعات، لم يكن اعتباطيا، وإنما جاء وفق دراسات وخطوات ممنهجة، هدفت الى تقسيم المجتمع العراقي وتهيئة الأجواء لإثارة الفتنة بين أبنائه،وعلى الطرف الآخر، فإن مثل هذا الزرع ساهم بقوة في تخريب العملية التربوية والتعليمية في العراق.wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
عندما ينتحر الثوار.. حزب العمال الكردستاني نموذجاً؟
محمد خرّوب
الراي الارد\ن
كثيرة هي الثورات الشعبية التي انتهت الى فشل ذريع، جراء ضيق الافق السياسي لقادتها وميلهم الى المغامرة، والذهاب بعيداً في المكابرة رغم تواضع قدراتهم، على قراءة المعادلات السياسية القائمة او موازين القوى التي تحكم اللحظة العيانية او التاريخية التي تمر بها الثورة/ التمرد او خصومها..
قد تكون الثورة الفلسطينية المعاصرة - ودائما السابقة - قد تعرضت لمثل هذا العمى السياسي او القصور عن فهم حقيقة ما يجري وربما في الخضوع لخطاب المزايدين والمغامرين واصحاب الاراء والافكار المطلقة، التي لا تؤمن بالتكتيك او المناورة وتعتقد وهماً انها مركز الكون ومصدر إلهامه..
للثورة الفلسطينية المعاصرة، وتلك التي اندلعت قبل النكبة في العام 1948، اخطاؤها وخطاياها.. كما لها انجازاتها الكبيرة والمتواضعة ايضا لكنها ليست موضوع عجالتنا هذه، بل نريد الاضاءة على حزب العمال الكردستاني التركي، الذي عاد الى المواجهة وفي زخم عسكري لافت، استطاع خلال اقل من اسبوع ان يوقع خسائر بشرية فادحة (15 جنديا) بين صفوف الجيش التركي، ناهيك عن بعض المدنيين، ما اثار الخشية من عملية انتقامية تركية، قد تطيح بالمعادلات الاقليمية الهشة التي تحكم المثلث الايراني العراقي التركي (اضافة الى الحضور الاميركي العسكري الطاغي في تلك المنطقة ايضا)..
ليس من اهمية للعودة الى المراحل التاريخية التي مر بها هذا الحزب الذي رفع شعار استقلال منطقة كردستان تركيا (جنوب تركيا وعاصمتها ديار بكر حيث لا تعترف انقرة بشعب اسمه الاكراد وتطلق عليهم اتراك الجبل) ثم ما لبث ان غير من برنامجه لينادي مؤخراً، وبعد اعتقال زعيمه التاريخي عبدالله اوجلان قبل ثماني سنوات في عملية استخبارية معقدة شاركت فيها اكثر من دولة وخصوصا اسرائيل والولايات المتحدة بعد ان تم ابعاده عن سوريا، بحكم ذاتي وباعتراف بالخصوصية الكردية والسماح باستخدام اللغة الكردية كلغة رسمية ثانية في البلاد.
وذهب بعيدا وبخاصة بعد الضربة القاصمة التي لحقت به جراء اعتقال اوجلان، الى اعلان وقف اطلاق نار من جانب واحد ما ادى ليس فقط الى رفض انقرة مثل هذا القرار، وانما ايضا الى حدوث انشقاق في صفوف الحزب قاده شقيق عبدالله اوجلان نفسه واسمه عثمان اوجلان حيث بادرت قيادة الحزب الى فصله.
كل هذه التطورات حدثت قبل وصول حزب العدالة والتنمية الى الحكم، وهو الحزب الذي تبنى مقاربة مختلفة لا ترقى الى مطالب الاكراد الاتراك (حزب العمال) لكنها تختلف عن تلك السياسات التي سادت طوال العقود الطويلة الماضية، حيث تم التعامل مع الاكراد الاتراك وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية دونما أي اعتراف بهويتهم القومية او الثقافية ودونما احترام لمشاعرهم وانما بالقمع والتهميش وافقار مناطقهم.
صحيح ان السياسة الجديدة التي اتبعها حزب العدالة والتنمية انما جاءت تلبية للمعايير التي وضعها الاتحاد الاوروبي كي يتم تأهيل تركيا للدخول في مفاوضات مع الاتحاد، بهدف منحها عضوية الاتحاد (بما هي حلم تركي قديم قد لا يتحقق ايضا).. إلاّ انه ايضا شكل نقلة ربما لا تكون نوعية او لا تمثل اختراقا، الا انها مثقلة بالدلالات والاحتمالات المفتوحة لتطورها، خصوصا بعد ان بدأ السماح باستخدام اللغة الكردية في الاذاعات والصحف وربما المناهج المدرسية وهو تطور لا يمكن الاستهانة به، ناهيك عن انهم اوصلوا 22 نائباً كردياً الى البرلمان التركي في الانتخابات الاخيرة.
واذا ما عدنا الى الاشهر الستة الماضية، عندما بدأ التوتر يفرض نفسه على العلاقة بين المؤسسة العسكرية وحكومة اردوغان التي ارادت ترشيح وزير الخارجية عبدالله غل لخلافة الرئيس المنتهية ولايته احمد نجدت سيزر في ايار الماضي، ثم وصول الامور الى مرحلة ما قبل الصدام، ما ادى الى اضطرار رجب طيب اردوغان للدعوة الى انتخابات مبكرة.. لاحظنا ان المؤسسة العسكرية كانت تضغط بقوة من اجل القيام باجتياح عسكري شامل لمنطقة شمال العراق بحجة اجتثاث حزب العمال الكردستاني وقد نجحت حكومة اردوغان في امتصاص نقمة الجيش واضطرت للاعلان صراحة ان الجيش يتبع المستوى السياسي وليس العكس ما اجبر الجيش على القول انه ينتظر قرارا من المستوى السياسي لحملة عسكرية داخل العراق، ولم تنطل الحيلة على اردوغان الذي كان يستعد لحملة انتخابات واسعة ادت في النهاية الى فوز ساحق له، مكنه من وضع مرشحه الاسلامي في القصر الجمهوري لاول مرة منذ العام 1923 عندما أسس كمال اتاتورك جمهوريته العلمانية التي بدأت في التصدع الآن.
اخطأ حزب العمال الكردستاني عندما قام بتصعيد عملياته العسكرية وخصوصاً عمليته الاخيرة لانه وضع حكومة اردوغان (ذات البرنامج المختلف كرديا) في موقف حرج وأضعف من مقاومتها للمؤسسة العسكرية حيث الاخيرة تريد استعادة دورها في المجتمع التركي بعد ان تراجع قليلا ولكن جوهريا من خلال القيام بمغامرة عسكرية قد تفضي الى صدام واسع مع اكراد اقليم كردستان العراق، حيث هدد مسعود برازاني ذات يوم بأن اكراد العراق لن يقفوا مكتوفي الايدي اذا ما اجتاحت تركيا حدود اقليمهم، وحيث ان جدلا دار طويلا حول الاتفاق الذي وقعه نوري المالكي مع اردوغان يمنح انقرة حق ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني في داخل الاراضي العراقية، فاننا نكون امام وضع معقد لا يستبعد ان تكون قيادة حزب العمال الكردستاني التركي ارادت من خلال تصعيد عملياتها العسكرية ضد الجيش التركي، خلط الاوراق واجبار اللاعبين الاساسيين في تلك المنطقة من العالم، على تغيير قواعد اللعبة او فرض قواعد جديدة للعبة اكثر تعقيدا مما يعتقد البعض.
رجب طيب اردوغان في وضع صعب والجيش التركي في وضع المتربص وينتظر قرارا للانقضاض. اكراد العراق في وضع لا يحسدون عليه ومكاسبهم السياسية والقومية في خطر، سواء اختاروا الحياد ام واجهوا الجيش التركي..
حكومة نوري المالكي لا اهمية لموقفها ولا دور لها لانها بلا سيادة وبلا قرار وخصوصا بلا تأثير. اما الولايات المتحدة اقوى اللاعبين واهمهم فهي مضطرة في النهاية ان تنحاز الى مصالحها في تركيا او ان تضحي بها عن طريق لجمها ومنع جيشها من القيام بأي عملية ما سيثير غضب الاتراك حكومة ومؤسسة عسكرية.
ايران وحدها ستكون الرابحة فيما يبدو، كما حدث بعد غزو افغانستان واحتلال العراق. kharroub@jpf.com.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
متى نطلق اسم بترايوس على ساحة الفردوس؟
فيصل جلول
الخليج الامارات
لا نعرف ردود فعل النخب العربية إزاء جملة شهيرة أطلقها الماريشال البريطاني، اللنبي عندما احتل القدس خلال الحرب العالمية الأولى: “ها قد عدنا يا صلاح الدين”. وكان الجنرال الفرنسي غورو قد أطلق العبارة نفسها أمام قبر صلاح الدين في دمشق. ما نعرفه أن الشعراء والأدباء كانوا حينذاك يشيدون ب”إنقاذ العرب من الاستبداد العثماني”، وب”تحرير لبنان” من “الاستعمار التركي” أما أن يترافق كل هذا التحرير مع عبارة تاريخية موجهة إلى السلطان الأيوبي فهو ما لم يثر حفيظة أحد في حينه، والظن الغالب أن الوعي التاريخي لدى النخب العربية آنذاك كان محدوداً، ولربما مشوشاً فيما الجنرالات الأجانب كانوا متخمين بالمشاعر الثأرية التاريخية، وكانوا يدركون أن الاحتلال لحظة تاريخية فاصلة، تستحق عبارات خالدة.. أما أن يصدق العرب دعاوى و”ذرائع” “الإنقاذ” والتحرير فذلك شأنهم وعليهم وقعت ولا تزال تقع العواقب.
ليس من الصعب منح أسباب تخفيفية لنخب عربية خارجة لتوها من عبء أربعة قرون عثمانية، تم خلالها تهميش عالم العرب وتحويل بلادهم إلى ما يشبه الحطام، لكن كيف يمكن منح النخب العربية الحالية أسباباً تخفيفية، وقد استعادت بعضاً من وعيها التاريخي وبعد أن أدركت المآل الحقيقي ل”الإنقاذ” و”التحرير”؟ وقد يكون مفهوماً أن يسمي الاقدمون شوارع في عواصمنا وخاصة في بيروت باسم “اللنبي” و”غورو” و”سبيرز” بتأثير من وعي قاصر لكن ما دهانا نحن شهود هذا العصر لا نطرح السؤال على أنفسنا:أمن المعقول أو الجائز تكريم جنرالات محتلين بهذه الطريقة. هل نتخيل شارعاً في لندن يحمل اسم صلاح الدين الأيوبي؟ وهل نتخيل شارعاً في واشنطن يحمل اسم خالد بن الوليد؟ وهل نتخيل اسم عقبة بن نافع أو عبد الرحمن الداخل في شوارع باريس الرئيسية؟
ثمة من يقول إن التاريخ يجب أن يمضي بوصفه “فعلاً ماضياً” وليس فعلاً للمستقبل وأنه لا بد من التواصل بين الشعوب والحضارات بدلاً من التكاره والصراع، وبالتالي لا غضاضة في أن يكون اسم أجنبي على شارع عربي، بل هو محبذ ومطلوب. هذا القول صحيح بالتمام والكمال إذا كان ناجماً عن رغبة متبادلة بين الحضارات، وعن ثقافة سياسية رحبة تجعل حضور الآخر في حياتناً فعلاً محبباً، ودليلاً على وئام وتعايش.وحتى يكون على هذه الحال لا بد من الاختيار، وبالتالي بدلاً من أن نعمر شوارع عواصمنا بأسماء الجنرلات المحتلين فليكن التكريم للفلاسفة الاجانب. أليس من الافضل أن يمشي العربي في شارع في عاصمته يحمل اسم برنارد شو او شكسبير بدلاً من اللنبي أو أرسطو أو سرفانتيس بدلاً من غورو أو مونتسكيو بدلاً من سبيرز؟
وإذا كان تكريم الجنرال الأجنبي المحتل فعلاً قميئاً لايقل بشاعة عن اطلاق اسم الجنرال دايفيد بترايوس على ساحة الفردوس في بغداد، فإن تكريم بعض الاجانب الذين يمجدون العرق الاوروبي ويجعلونه متفوقاً بالسلالة الطبيعية على كل اعراق العالم، هذا التكريم يبلغ مرتبة مازوشية ويعبر عن سوء تقدير فظيع للذات، وقد وقع مؤخراً في لبنان مع تكريم المؤرخ ارنست رينان بتمثال نصفي في بلد غزير شمال بيروت، وكي لا نبدو وكأننا نحمل على المكرم(بضم الميم وفتح الراء) وعلى المكرم (بضم الميم وكسر الراء) لا بد من بعض الاشارات لما استخلصه المؤرخ الفرنسي الشهير حول الحضارات “.. لقد خلقت الطبيعة عرقاً من العمال هو العرق الصيني المتصف بمهارة يده العجيبة، وبخلوه من الاعتزاز بالنفس. يمكن للعرق المظفر أن يستفيد من نعمة هذا العرق (الصيني) إذا ما حكمه بالعدل. وهناك عرق الفلاحين الزنج فإذا ما حكم بالمعروف والإنسانية يستتب النظام. وهناك عرق الآسياد والجنود(الاوروبي) إذا ما عمل كل عرق وفق ما خلق من أجله فقد يستتب الامر للجميع”.
ويذهب رينان بعيداً في احكامه المتعلقة بالعرب والمسلمين فيقول “.. الاسلام هو الاستخفاف بالعلم وهو إزالة المجتمع المدني، وبساطة العقل السامي الفظيعة التي تقلص دماغ الانسان... الإسلام تحمّل الفلسفة مرغماً في النصف الأوّل من العصر الوسيط لأنه لم يكن قادراً على منعها ولم يكن في حالة تجانس تيسّر له ذلك ولم يكن يملك وسائل القمع. كانت الشرطة كما رأينا بأيدي المسيحيين وكان شغلها الأول تتبع تحركات العلويّين فكانت أشياء كثيرة تخترق سياج الممنوعات. ولما توفّر للإسلام أتباع كثيرون شديدو الإيمان أصبح ديدنه التنكيل بكلّ مخالف. إنّ ما يميّز المسلم جوهرياً هو كونه يحمل ضدّ العلم حقداً دفيناً وقناعة صلبة بأن البحث غير مجد بل هو مدعاة إلى الخطأ ويشبه أن يكون كفراً”.
ولا يقيم المؤرخ الفرنسي اعتباراً يذكر للعرب “... ما هو العربي في العلوم المدعوة بالعربية؟ إنه اللغة ولا شيء غيرها... يعدّ ابن رشد وابن سينا والبتّاني عرباً كما يصنّف ضمن اللاتينيين ألبرت الأكبر وروجير باكون وفرنسيس باكون وسبينوزا. إنها لمغالطة كبرى أن ننسب الفلسفة والعلوم العربية للجزيرة العربية، وإن مما يثير الانتباه أننا إذا رجعنا إلى قائمة الفلاسفة والعلماء المدعوين بالعرب وجدنا واحداً لا غير من أصل عربي، وهو الكندي والبقية فرس أو من شعوب بحر القزوين أو من إسبانيا أو من أهل بخارى وسمرقند وقرطبة وإشبيلية. لم تكن دماؤهم عربية كما لم تكن عقولهم عربية. استعملوا اللغة العربية مضطرين كما اضطر إلى اللاتينية مفكرو العصر الوسيط فطوّعوها لحاجتهم. واللغة العربية هي لغة شعر وخطابة لكنها أداة غير مناسبة للميتافيزيقا”.
(عن محاضرة لارنست رينان بجامعة السوربون صادرة عن دار كالمان ليفي. باريس في 29/ 3/ 1883)
تستدعي دواعي الانصاف القول إن أفكار واستنتاجات وأحكام هذا المؤرخ لا قيمة كبيرة لها بين مواطنيه ونخبهم اليوم، ومنهم من يحمل عليه بشدة ومع ذلك يكرم عندنا قبل أقل من شهرين فقط بتمثال برونزي وباحتفال مرموق.
عندما يكرم العربي جنرالاً أجنبياً احتل بلاده ومؤرخاً أجنبياً يحمل على لغته وعقيدته يجب ألا يصاب بالدهشة إن قيل إنه على أهبة الخروج من التاريخ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
العرب بين فيلة كسرى ومفاعل إيران؟!
مفرج الدوسري
الوطن الكويت
هدد عضو مجلس الشورى الايراني النائب حشمة الله فلاح بيشة الكويت قائلا (الكويت ستكون الضحية الاولى لأي توتر في المنطقة)! ثم ذكرها بالماضي قائلا (ذاقت اكثر من غيرها طعم عدم الاستقرار الامني لذا لا ينبغي عليها اثارة التوتر لأنها ستكون الضحية الاولى لأي توتر يندلع في المنطقة)!! ثم زعم ان بلاده تملك وثائق تاريخية تثبت احقية ايران في امتلاك الجزر الاماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)! واتهم دولة الامارات بالسعي إلى تحقيق مكاسب سياسية من وراء اثارة هذه القضية!
اما التحذير الثاني فقد جاء على لسان زميله في مجلس الشورى الايراني النائب حسن كاميراني دعا فيه الكويت (ان لا تمد رجلها اكثر من بساطها)!! ووصف المسؤولين الكويتيين بأنهم (دأبوا على اطلاق تصريحات تثير الفتن بين المسلمين)!! وفي السابق هدد رئيس البرلمان الايراني غلام علي حداد دول الخليج بقوله (ان ايران سترد باستهداف القواعد الامريكية في دول الخليج المجاورة في حال استخدامها لشن هجوم امريكي على الجمهورية الاسلامية بشأن برنامجها النووي)! وهذا ليس بالامر الجديد فقد هدد وزير الدفاع الايراني السابق ومستشار مرشد الثورة الايرانية الادميرال علي شامخاني بأن دول الخليج العربية المتعاونة مع امريكا ستصبح هدفا لوابل من الصواريخ الباليستية الايرانية التي لن يقتصر اطلاقها على القواعد العسكرية فقط ولكن على اهداف استراتيجية مثل مصافي النفط ومحطات الكهرباء!!
لم يتغير شيء في العقلية الفارسية، انما استبدلت فيلة كسرى بمفاعل نجاد، اما الاحلام والاطماع فهي واحدة على الرغم من مرور الف واربعمائة عام؟ ومن يعتقد انها ستتغير واهم ومن يروج لإيران البريئة عميل على الأرجح ومن يعمل لصالحها خائن! فالشواهد والادلة على عدم صفاء نوايا الفرس كثيرة، فهم يعبثون الآن في العراق، يحرقون الارض ويبيدون الشعب من خلال اثارة الفتنة بين السنة والشيعة، ويعدون العدة لبسط السيطرة والنفوذ على دول الخليج العربية، وما التصريح الايراني الاخير بسد الفراغ اذا ما غادرت بريطانيا أو امريكا المنطقة سوى شاهد حي!! لم نسمع من ايران سوى التهديد والوعيد، ولم نر منها سوى الدمار والخراب، ولم تغب عن ذاكرتنا التفجيرات التي جرت في الكويت والبحرين ومكة المكرمة؟ فلم تتدخل ايران في امر الا وكانت سببا في فشله، وما وضعت يدها على شيء الا ودمرته، لبنان فصلت جنوبه عن شماله وشرقه عن غربه وفرّقت بين السنة والشيعة والسنة والسنة والشيعة والشيعة ودقت اسفينها بين الطوائف المسيحية والعائلات الدرزية ولم تكتف بذلك، انما اتجهت الى فلسطين فجعلت حماس في مواجهة فتح لتريح اسرائيل من همهما وتتنفس الصعداء، ثم طوت سورية تحت جناحها بسلاح المال، ومصر تحت نظر الفرس القائمين على قدم وساق لزعزعة امنها من خلال ضخ الاموال عبر عملائهم!! اما اليمن فقد تذكر الفرس ان لهم فيها موضع قدم قبل الاسلام فاتجهوا اليها ليتصارع ابناؤها بكافة الاسلحة المتاحة والمهربة من ايران! والبقية على الطريق الوعر والايام حبلى!!
نقطة شديدة الوضوح:
اليوم يستمر مسلسل التهديد الفارسي، ونقول لهم بكل ثقة، لن يقوم كسرى من قبره، ولن يجلس على عرشه، ولن يمتشق رستم سيفه وان استبدلتم فيلة تلك الحقبة بمفاعلكم النووي في هذا الزمان! الجزر اماراتية، والبحرين كانت وما زالت وستبقى عربية، وجودكم في العراق مؤقت، والشام اموية! ليست بعثية ولا فارسية، ولبنان لن تحكمه ايران باسم المرجعية، وفلسطين لن تحررها التومانات الايرانية، وان تخاذلت حماس أو تصهين الفتحاوية؟ اما مصر والاردن فهما السد المنيع! واما الخليج والسعودية فهما حصن الامة، ومهبط الرسالة السماوية.maldosery@alwatan.com.kw
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
تلميع صورة امريكا
احمد ذيبان
الراي الاردن
سبق ان بذلت ادارة بوش،محاولات يائسة لتحسين صورة اميركا،خلال السنوت القليلة الماضية،حيث تم تشكيل دائرة خاصة في وزارة الخارجية لهذه الغاية،تعاقب على ادارتها اكثر من دبلوماسي ،لكنهم سرعان ما شعروا بصعوبة المهمة فاستقالوا!،وصعوبة المهمة نابعة من كون الادارة الحالية ،التي سعت لتحسين الصورة ،هي التي ارتكبت موبقات سياسية وعسكرية، كفيلة بتمريغ وجه امريكا بالعار،وسجلت رقما قياسيا في كسب الكراهية لسياسة واشنطن عبر العالم!ورغم ذلك فان الادارة واصلت انتهاج هذه السياسة ،فكيف يمكن تحسين الصورة المشوهة،بالتزامن مع استمرار سياسة الهيمنة والغطرسة والانفراد بفرض الرؤية الاحادية على العالم؟.وعليه فان مهمة من يخلف بوش في البيت الابيض العام المقبل، ستكون صعبة ،فهناك تركة ثقيلة ،وقد تنبه لذلك الرئيس السابق بيل كلينتون،وابدى رغبته بالقيام بهذه المهمة،مراهنا على فوز زوجته السيناتور هيلاري في السباق الرئاسي،ومن الملاحظ ان فرص هيلاري بالوصول الى البيت الابيض تزداد،فهي تتصدر مرشحي الحزب الديمقراطي حتى الان، ويشير استطلاع نشرته الواشنطن بوست ،الى تقدمها على منافسها الجمهوري رودولف غويلياني بثماني نقاط ،كما انها جمعت تبرعات تزيد عن سبعة وعشرين مليون دولار حتى الان،وهذا عنصر مهم حيث يعتبر المال الوقود الرئيسي في الانتخابات الاميركية، والسيدة هيلاري تتمتع ايضا بشخصية كاريزمية ،فضلا عن امتلاكها خبرة سياسية جيدة،بحكم وجودها في البيت الابيض لمدة ثماني سنوات خلال ولايتين امضاهما زوجها بيل كلينتون في البيت الابيض،بين عامي اثنين وتسعين والفين.وقد لا يكون مهما استخدام كلينتون تعبير تلميع صورة اميركا،بدل كلمة تحسين الذي استخدمته ادارة بوش،ربما لتجنب تكرار الفشل،لكن الامر الجوهري في هذه المسألة ان هناك ادراكا جديا لدى الراي العام الاميركي، للتشويه العميق الذي اصاب صورة اميركا جراء السياسات الحمقاء ل المحافظين الجدد ،وقد عبر كلينتون عن ذلك بقوله ان الحرب على العراق كان لها تأثير سيء في العالم ويضيف ان الاميركي المتوسط يعرف بغريزته انه لا يوجد عمليا مشكلة في العالم يمكن ان نحلها بمفردنا وبانفسنا ،وهذا هو جوهر الانتقادات التي توجه للسياسة الاميركية الاحادية!.وثمة وجه اخر لاستعداد كلينتون للقيام بهذه المهمة،اذا فازت هيلاري،وقررت تكليفه بوظيفة ملمع صورة اميركا،فستكون هذه حالة فريدة في تاريخ الولايات المتحدة،حيث يقوم زوجان بدور استثنائي في قيادة اميركا،فالزوج حكم لمدة ثماني سنوات،ثم جاءت الزوجه لتولي نفس المنصب، لتعين الزوج بوظيفة ملمع ! فهذا حظ يكسر الحجر!.Theban001@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
العراق وقرار التقسيم
نجاح المطارنة
الراي الاردن
مرر مجلس الشيوخ الأمريكي منذ مدة قرارا غير ملزم يدعو فيه الى تقسيم العراق الى ثلاثة كيانات، شيعية في الجنوب، وسنية في الوسط ، وكردية في الشمال، جاء التقسيم على أساس طائفي وعرقي مما يعني تقطيع أوصال العراق وتفتيت كامل لوحدته وقوميته. وسيجعل منه بؤرة فتنة وخلافات في المنطقة بأسرها. وبالرغم من أن هذا القرار لاقى ترحيبآ واسعآ من التحالف الكردي إلا أنه بالمقابل واجه اعتراضا شديدآ من كافة الأطياف العراقية الأخرى. واعتبر أنه بداية لحرب متعددة العناوين والاتجاهات. وأنه سيعمق جذور الفتنة والطائفية عكس ما تتخيل أمريكا وادارتها .
تقسيم العراق ليس بالأمر الجديد فهو مشروع قديم. لكن ما اكتنفه الآن هو وجود موالين للإدارة الأمريكية تربطهم بها أجنده جعلتهم على أهبة الإستعداد لتنفيذ هذا القرار الجائر. مدعين أن هذا لمصلحة العراق والعراقيين. والحقيقة المرة أنهم حريصون على مصلحتهم ومصالحهم فقط، وعلى استعداد كبير للتفريط بكل العراق وبكل شعبه في سبيل الحصول على تحقيق غاياتهم. أما بالنسبة للموقف الأمريكي فهو يدعي أن تنفيذ القرار يسعى بالدرجة الأولى على تخفيض عمليات الموت والعنف والفوضى ما بين الطوائف والمذاهب والقوميات على اختلافها. لكن الحقيقة لا تخفى على أحد وتحكي أن السعي وراء هذا القرار ما هو الا التمكن من الخلاص من المستنقع العراقي. والمباشرة في سحب القوات الأمريكية قبل أن تصبح العراق فيتنام أخرى للأمريكيين.
لأن خطر الانزلاق في هذا المأزق بات وشيكا. لكن ألا يعلم مجلس الشيوخ والادارة الأمريكية ما سيفرزه هذا القرار من تصعيد للقتل والموت وتقويضا لوحدة العراق وانتهاكا صريحا لسيادته. وخرقا فاضحا للقانون الدولي . وتفتيتا لاوصال شعب واحد موحد وتهميشا لدولة كبيره بمجدها وتاريخها ولها قانونها وسيادتها. وما قرار التقسيم الا احداث للبلبلة والفوضى في المنطقة باسرها لذا على الدول العربية واجب قومي وهو محاربة هذا القرار ورفضه جملة وتفصيلا قبل ان تحقق قوى الهيمنة والصهيونية تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الجديد وتشكيل المنطقة حسب المفهوم الامريكي. أما بالنسبة للأخوة العراقيين الشرفاء من كافة الأطياف والاديان ومؤسسات المجتمع المدني والكتل الشعبية الذين أدانوا المشروع ورفضوه رفضا قاطعا الاستمرار بكل قوة وعنفوان مقاومة تنفيذه وتمريره.
عليهم مناشدة المجتمع الدولي والعالم بأسره استنكار المشروع الذي يعتبر تدخلا خطيرا في الشأن العراقي الذي يهم شعبه فقط وأن تقرير مصير أي بلد في العالم لا يتم الا بارادة أهله وناسه. وهذا حق ثابت وأكيد لايمكن باي حال من الاحوال تفويضه الى الآخرين لتعي الادارة الامريكية ذلك جيدآ لأن الانزلاق في هذا المأزق الخطير سيكون ضحيته الاولى العراق والعراقيون. ويتلوه زعزعة الاستقرار في كافة منطقة الشرق الاوسط والعالم برمته لكنني رغم كل المنغصات وما أراه في الأفق المنظور وخلف هذه العتمة والدخان. عراق وعراقيون صنوان لايفترقان والعراق كطائر العنقاء سيولد من رماده ليحلق من جديد في فضاءات الحرية والتحرير التي حرم منها. وسيعود مرة أخرى عراق المجد والتاريخ والعمق والتجدد والجمال. وسينفض ما علق بردائته وعباءته العربية من غبار الطحن والقمع وسيتسامى بكل عنفوان الى ذروة العطاء ليساهم في اثراء الانسانية بروافده المعطاءة من ابداع وخير وتميز كما كان وسيكون.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الكوليرا توسّع حفرة الموت في العراق
عودة عودة
الراي الاردن
يوماً بعد يوم تتسع حفرة الموت في العراق المحتل، فقد انتشر وباء الكوليرا في جميع أنحاء البلاد، وهو يهدد حياة آلاف من العراقيين، كما أن هناك احتمالاً كبيراً أن يصل هذا الوباء إلى جنود الاحتلال أنفسهم على الرغم من الاحتياطات الكثيرة.
وكما يبدو فقدوم هذا الوباء كان مؤكداً، فقد حورب الكادر الطبي العراقي أثناء العدوان وبعده، فقد ضُرب مقر نقابة الاطباء بصواريخ كروز وقبل خمسة ايام من سقوط بغداد، كما تم اغتيال نقيب الاطباء الدكتور محمد الراوي وهو على رأس عمله في عيادته وفي الاسبوع الاول من دخول القوات الاميركية العاصمة العراقية.
ثم بدأ بعد ذلك مسلسل التطفيش للأطباء العراقيين المشهود بكفاءاتهم عربياً وعالمياً وبعد ان أُسقطت الدولة وفككت المؤسسات ونُهبت المستشفيات والمتاحف والمكتبات، كما حلّت الفوضى في المجتمع ووقع الكثير من أهله في شراك الفتنة فقتل رجال قانون وفكر وعلم: أطباء ومهندسون ومبدعون، كما أُجبر كثير منهم على النزوح والهجرة داخل بلدهم وخارجه بالملايين.
ووفق منظمة الصحة العالمية فإن 80% من الأطباء العراقيين تركوا أعمالهم و90% من المستشفيات تفتقر الى الادوية والمستلزمات الطبية و40% من الطواقم الصحية هاجرت الى الخارج، كما ان المياه الصالحة للشرب غير متوفرة لكثير من الناس وكل ذلك أدى إلى انتشار وباء الكوليرا.
كما اضحى اكثر من مليوني عراقي لاجئين في بلدهم، وتشرد مليونان آخران في الخارج، وهذا النزوح الجماعي الهائل شكل كارثة انسانية كبيرة، والولايات المتحدة (وفق اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949) تتحمل مسؤوليتها الاخلاقية كدولة محتلة عن تفكيك العراق وتشريد وتجويع ومرض شعبه، حيث شُرد واحد من كل سبعة اشخاص منذ بدء الحرب، كما ان البلدات والاحياء تخضع لتطهير عرقي، كما خسر البلد الكثير من نخبه مفكريه والكثير من قواه العاملة المحترفة كالأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات وغيرهم.
العراقيون وفي ظل هذه النتائج المأساوية الناتجة عن الاحتلال الاميركي يتطلعون الى رحيله وعملائه على عجل وهم قادرون على حل جميع مشاكلهم بأنفسهم وكما كانوا..؟!.Odeha_odeha@yaho
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
معهد واشنطن يدرس «ردع آيات الله... والإمام الغائب»!
علي شهاب
الاهخبار لبنان
أسقط معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى كل الإشارات والفرضيات التي يُدرجها الباحثون لاستبعاد احتمال الحرب على إيران، فحوّل عناوين مثل «أمن الخليج والنفط» و«القوات الدولية في جنوب لبنان» إلى سبب رئيسي لتبرير الخيار العسكري.
ولعلّ هذه الدراسة، التي أعدها معهد واشنطن تحت عنوان «ردع آيات الله: إشكاليات تطبيق استراتيجية الحرب الباردة مع إيران»، هي الأكثر وضوحاً في عكسها لرؤية المحافظين الجدد، سواء على مستوى الاستنتاجات التي خرجت بها أو أسماء الباحثين كباتريك كلاوسون ومايكل ايشنستادت.
ولئن كان المعهد المذكور من أشد المتابعين للملف الإيراني بالاستناد إلى فكر روبرت ساتلوف والمجلس الاستشاري بعضوية بول وولفوفيتز ووارن كريستوفر وريتشارد بيرل، فإن الجديد اللافت على صعيد معالجته للأزمة الإيرانية خوضه في تحليل الخلفية الدينية التي تحكم خطوات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي، إلى درجة تصوير الصراع على أنه قد تحول من نفوذ قوى تقليدي بين دولة عظمى وأخرى إقليمية إلى صدام أيديولوجي يروج معهد واشنطن لمقاربته من خلال الربط، بشكل غير مباشر، بين حيازة أسلحة الدمار الشامل كحاجة إيرانية والدفاع بواسطة توازن الردع عن «الإمام الغائب» لدى ظهوره، في إشارة إلى المهدي، الإمام الثاني عشر لدى الشيعة.
وفي هذا السياق، تشير الدراسة إلى أن الخامنئي «أمضى الخمسين سنة الأخيرة من حياته في العمل السياسي» بخلاف ما هو معتاد في الأوساط الدينية في حوزتي مشهد وقم، وبالتالي فإن المرشد «يميل إلى اتخاذ قرارات براغماتية تخضع لقواعد السياسة العالمية».
غير أن دراسة خامنئي الحوزوية في مشهد، «حيث يبرز ارتباط علماء الدين بالإمام المهدي»، بموازاة خبرته السياسية الكبيرة تجعل منه «شخصاً غير متوقع»، بحسب الدراسة الأميركية التي تُكمل في استعراض الفوارق التدريسية بين حوزتي مشهد وقم، في سبيل تحليل شخصية «المرشد الأعلى».
وبالانتقال إلى موقفه من السلاح النووي، يشير معهد واشنطن إلى أن «خامنئي أعلن عام 2003 أن الجمهورية الإسلامية لن تسعى إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل»، لكن ذلك، بحسب الدراسة، قضية فيها نظر، وخاصة أن «باب الاجتهاد لدى الشيعة مفتوح إزاء التطورات» التي تعصف بالحكومة الإسلامية.
وفي هذا الإطار، تلحظ الدراسة الشعار الذي يضعه عناصر الحرس الثوري الإيراني على زيّهم العسكري «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، للإشارة إلى أن إيران قد تلجأ إلى تبرير صناعتها قنبلة نووية بهذه الآية القرآنية.
وتدعم الدراسة هذه النظرية بشرح العقيدة المهدوية ومدى ارتباط خامنئي بـ«الإمام الغائب»، لإثبات أن «الدفاع عن الجمهورية الإسلامية» يُبيح المحظورات.
ومن هذه النقطة تنتقل الدراسة إلى السياسة للتحذير من أن «البرنامج النووي الإيراني يخضع لإدارة جماعة إرهابية»، في إشارة إلى الحرس الثوري، «ما يشكل تحدياً خطيراً أمام الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة».
هذا التحدي يتطلب «مستلزمات استخبارية» إضافية على صعيد «جمع المعلومات وتقويمها»، مع استحضار تجارب تاريخية سابقة، من بينها أزمة الصواريخ الكوبية.
على صعيد آخر، على الأوروبيين اتخاذ جملة من الخطوات لتعزيز الردع ضد إيران، أبرزها:
ـــــ الضغط على طهران عبر التلويح بالمقاطعة التجارية، وخاصة أن العقوبات الاقتصادية أثبتت عدم جدواها حتى الآن، مع الإشارة إلى أن التصعيد الاقتصادي مع إيران يتطلب إيجاد مصدر نفطي بديل للدول الأوروبية التي تستورد جزءاً كبيراً من احتياجاتها من الجمهورية الإسلامية.
ـــــ الاستعداد للدفاع عن تركيا ومضيق هرمز في حال وقوع أي هجوم إيراني. وعلى فرنسا وبريطانيا تحديداً تأكيد التزامهما بأمن الخليج، وإرسال إشارات عن أمن القوات الدولية في جنوب لبنان (باعتبارها خطاً أحمر بنظر الأوروبيين).
ـــــ نشر قوات أوروبية في المنطقة تحت غطاء مناورات عسكرية مشتركة.
بناءً على كل ما تقدم، تستنتج الدراسة أنه:
ـــــ يجب عدم استبعاد الخيار العسكري ضد إيران.
ـــــ ردع إيران هو «تحدٍّ أصعب بكثير من الردع القائم زمن الحرب الباردة (مع الاتحاد السوفياتي)، بسبب طبيعة النظام الإيراني والظروف المحيطة».
ـــــ الأمن الإقليمي المرتبط بإيران «لا يعزز فعالية الردع» المنشود، فالولايات المتحدة وإسرائيل «تترنح في آثار الحروب في العراق ولبنان، ما أضرّ بصورة الردع لديهما في نظر إيران وسوريا».
ـــــ من غير المؤكد أن تشارك أوروبا عسكرياً في أي خطوة إزاء إيران، كذلك ليس من المضمون أن «تصدّق» تركيا والدول الخليجية الضمانات الدولية لقاء تسهيل الردع.
بناءً على كل ما تقدم، يختم المعهد بأن من الصعب إقامة ردع في وجه إيران، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الدراسة هو «استشراف المخاطر في حال فشل الدبلوماسية» والانتقال إلى خيار الحرب.
* صحافي لبناني
معدّو الدراسة
أعدّ هذه الدراسة لمعهد واشنطن عدد من الباحثين هم:
باتريك كلاوسون: نائب مدير الأبحاث في معهد واشنطن. أمضى 5 سنوات في تدريس مادة الاستراتيجيا الوطنية في الكلية العسكرية الأميركية. له أكثر من 24 كتاباً، أهمها «الاستعداد لإيران نووية» الصادر عام 2005 عن الكلية الحربية.
مايكل ايشنستادت: مدير مشروع الدراسات الأمنية والعسكرية في معهد واشنطن. عمل محللاً عسكرياً في القيادة المركزية الوسطى خلال غزو العراق عام 2003.
لويس دان: باحث في معهد واشنطن. شغل سابقاً منصب مساعد مدير وكالة التسلح الأميركية وسفير واشنطن إلى معاهدة الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل.
مهدي خلجي: باحث بارز في المعهد، درس لمدة 4 سنوات في حوزة قم الإيرانية، ثم انتقل للعمل في الإذاعة الأميركية الموجهة إلى إيران التي تبث بالفارسية من أوروبا.
جيفري لويس: مدير مشروع الاستراتيجية النووية في معهد «أميركا فاوندايشن». مدير تنفيذي سابق لمشروع الذرة في جامعة هارفرد.
كريم سجاد بور: باحث في معهد «كارنيغي»، عمل سابقاً في «مجموعة إدارة الأزمات الدولية» محللاً للشوؤن الإيرانية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
طارق عزيز.. الأشجار تموت واقفة!
سليم عزوز
الرايةقطر
..حسنا، فقد توقف دفاع عملاء النظام العراقي عن ذكر محاسنه، او الدفاع عن رجاله، إزاء ما يلقونه من تعسف وتنكيل يدمي الضمير الإنساني.
وفي الواقع فإن توقفهم كان منذ اللحظة الأولي للقبض علي الرئيس صدام حسين، عندها فقدوا الأمل في عودة النظام، وفقدوا المن والسلوي، وكوبونات النفط، التي نقلت معظمهم من طبقة الي أخري، ربما لأن أبوابا أخري للتمويل فتحت، وكل لبيب بالإشارة يفهم!.
الصمت البليغ لمرتزقة النظام السابق رفع عني الحرج، وانا أريد أن أقدم علي الكتابة عن نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز، الذي يتعرض لعملية موت بطيء، علي مشهد ومرأي من العالم كله، بعد أن فشلوا في إركاعه وكسره، وهي السياسة الأمريكية المعتمدة، في التعامل مع الخصوم. ومع هذا لا يتوقف القوم عن الحديث عن ادعاء العمل علي تحرير المواطن العربي، وإبداء القلق بين الحين والآخر، إزاء الانتهاكات التي تجري علي يد عناصرهم ورجالهم في المنطقة، وهم السادة الحكام.
ولم يعد خافيا علي أحد، ان هذا يتم ذرا للرماد في العيون، بعد أن بتنا علي يقين من أنهم الراعي الرسمي للاستبداد في العالم العربي، والإسلامي، فوقفتهم الرجولية المنحازة للجنرال برويز مشرف، مع ما ارتكبه من قمع لشعبه وعسكرة للحياة المدنية لا تخطيء العين دلالته!.
حتي لا نظلم الأنظمة العربية، فقد دأبت أنظمة الاستبداد، في طول التاريخ الإنساني وعرضه، علي احتجاز الخصوم الي حين البحث لهم عن تهمة ، تمكنها من إيجاد ذريعة للعصف بهم، لاسيما اذا كان هذا النظام يمارس الاستبداد المقنن، لا الغشُوم. وهذا ما جري لطارق عزيز، فالرجل كان مكلفا بملفات ثقافية ودبلوماسية طوال فترة عمله بجانب الراحل صدام حسين، وقد عرفه الجميع بهذه المهام، ولم يقل أحد انه من الذين شاركوا في المنسوب للنظام العراقي من قمع وتنكيل بالخصوم والمعارضين، الأمر الذي من شأنه ان يجعل من حقه علي القوات الغازية ان تسمح له بالعيش خارج البلاد، علي النحو الذي جري مع وزير الإعلام محمد سعيد الصحاف!.
طارق عزيز لم يدس للأمريكان علي طرف، بل انه بالمقارنة بالصحاف فانه لم يفعل شيئا، وقد كان الأخير جزءا من الحرب النفسية، وكثيرا ما كشف زيف الانتصارات الأمريكية المزعومة، في بداية عملية الغزو، وهو ما أحرج الإدارة الأمريكية كثيرا، وقبل هذا فقد اشبع الرئيس بوش، واتباعه، وقواته، تبكيتا وتقريعا، بشكل جعله جزءا لا يتجزأ من منظومة الحرب، وعندما دخلت القوات الأمريكية العراق، عومل بنبل يليق بالنبلاء المنتصرين، إذ تم السماح له بالسفر والعيش في دبي، وهو ما اعتبره الكتاب المارينز في عالمنا العربي دليلا علي الأخلاق الرفيعة ، التي يتمتع بها الأسياد في البيت الأبيض، فكيف لو كان الرجل يهاجم نظاما عربيا وقد انتصر، وصار في متناول يده؟.. لا شك عندي انه كان سيري النجوم في عز الظهر!.
وفي هذا الصدد أذكر أن زميلا صحفيا كان قد خضع للتحقيق القضائي، بتهمة إصدار منشورات ضد خصومه وصفهم فيها بالعلوج، والمطايا، والطراطير، وقد جري التحقيق في الأمان ، الي ان وصل لاتهامه بالسب والقذف، ولما نفي ذلك، واجهه رئيس النيابة بالمفردات المستخدمة وينطبق عليها الاتهام بامتياز، وعندها نظر الزميل الي نظرة استنجاد، باعتباري ضليعاً في القانون، وهو أمر يندرج في إطار القاعدة التاريخية: الأعور وسط العميان سلطان. ولما رأيت أن ما قاله المحقق صحيح، فلم أجد من وسيلة للتعامل مع الاتهام سوي التحايل، ولقنت المتهم الإجابة، وكانت تدور حول: إذا كان الغزاة الأمريكان، لم يتعاملوا مع هذه الصفات علي أنها تعد قذفا وسبا في حقهم، وأطلقوا سراح الصحاف، فكيف يمكن أن يتم التعامل معها علي أنها تهمة، من جانب غيرهم، وهم ليسوا من الغزاة، وليسوا من رعاة البقر!.
وكان ما قلته، لا علاقة له بالدفع القانوني، لكنه يدخل في باب الإحراج السياسي ، فما فعله الأمريكان مع الصحاف كان علامة علي سعة صدر القوم، ونبل أخلاقهم، وقد نزعوا ما في قلوبهم من غل، وهذه قيمة الحضارة الغربية، الأمر الذي أعطي المتأمركين الحق في ممارسة الإعجاب العلني . وقد تبين بعد هذا ان ما جري مع الوزير العراقي كان بهدف التقليل من تأثيره بعد ان صار نجم الحرب الأول ، والتأكيد علي عدم صدق ما قاله، فهو لم يحرج الأعداء ببياناته الصاخبة، ولم يضعهم في خانة اليك، والدليل هو ما جري مع طارق عزيز بعد ذلك!.
لقد سلم نائب الوزير العراقي نفسه للغزاة، وظن ان تاريخه الدبلوماسي سيشفع له، فلم يرتكب جريمة يستحق عليها العقاب، ولعله ظن أن القوم سيسعون الي كسب بنط بحسن معاملته، ولو من باب تأكيد التحضر الشكلي، لكن تم التنكيل به، وسط صمت عربي ودولي مهين، الي درجة ان المرء يعجب، إذ كيف تم تركه فريسة في يد الوحوش الآدمية، دون السعي للإفراج عنه، فالرجل هو الوحيد من قيادات النظام السابق الذي يعلم الجميع، أنه لا ناقة له ولا جمل في الممارسات اليومية، التي تنسب لهذا النظام ضد الخصوم السياسيين، وتاريخه في العمل بالخارجية العراقية، وعلاقاته بالخارج كانت تجعل من التدخل الدولي، أمرا طبيعيا، دعك من الموقف العربي، فجماعتنا غثاء كغثاء السيل، لا قيمة لهم ولا وزن!.
إن مشكلة طارق عزيز أنه أصر أن يكون رجلا، والمستبدون علي طول قاماتهم، يجدون أنفسهم أقزاما، في مواجهة رجال يواجهونهم بطولهم، بدون سلاح وعتاد، ولاسيما إذا كان هذا الشموخ الفردي من رجل مسن ومريض، وفي مواجهة أعتي قوي في العالم، تري أنها، وبغُشم القوة، قادرة علي أن تحول بين المرء وقلبه.
كان المطلوب من طارق عزيز أن يشهد ضد صدام حسين رحمه الله في المحكمة، ولم تكن شهادته في ذاتها مهمة، فلم نكن أمام محاكمة جادة، تبحث عن الأدلة والقرائن، ولو من حيث الشكل، فهي أقرب ما تكون الي تشكيل عصابي، الأحكام معدة له سلفا، حتي قبل أن تبدأ التحقيقات، ولم يكن هناك اهتمام باكتشاف العالم لحقيقة هذا التشكيل، فالمهم أن تتم تصفية الأعداء، فدافع التشفي كان إشباعه هو الهدف والغاية. لكن قيمة شهادة طارق عزيز في أنها ستظهر ضعف النظام العراقي وفزعه من القوة الأمريكية التي لا تقهر، لكي يكون هذا درساً لمن يتصور أن العين يمكن لها أن تعلو علي الحاجب.
طارق عزيز رفض أن ينهي أيامه، بتجرع المهانة، وهو بحكم السن، رجل في القبر، ورجل خارجه.. فماذا سيستفيد الإنسان إذا كسب العالم كله وخسر نفسه!.
وجن جنون من ظنوا أن لن يقدر عليهم أحد، كما جن جنونهم عندما رفض طه ياسين رمضان أن يدين صدام حسين ولو بشطر كلمة، وقد تعرض لتعذيب بشع، كتبه وسربه لتنشره بعض الصحف، ولم يهتز لما جاء فيه أحد من منظمات حقوق الإنسان في العالم المتحضر، وما جري له، شبيه تماما بما تفعله كل أنظمة الاستبداد في العالم بخصومها، فلم يراعوا فيه إلا ولا ذمة. وقد هزم برفضه، وهو الأسير، القوة الأمريكية الجبارة، وحليفتها القوة البريطانية التابعة، وكان لابد من الانتقام، والذي تمثل في تقديمه متهما في قضية أحداث الدجيل، ولم يستطيعوا أن يثبتوا الاتهام عليه، ومع هذا كان الحكم بإعدامه، في محكمة هي المهزلة بعينها!.
لقد احتفظوا بطارق عزيز في قبضتهم، وظلوا يبحثون له عن تهمة، وهو درس في الاستبداد بليغ، فالأصل ان توجد التهمة أولا، وهو الأمر غير المتحقق في النموذج الأمريكي للحكم، الذي يريدون له أن يعم المنطقة. وبعد الحبس أخفوه عن العيون، وشاعوا في البرية أنه شهد ضد صدام حسين، وأن شهادته ستكون مفاجأة، وانه مستعد لمواجهته، بعد أن خيروه بين المحاكمة والإفراج، فاختار الثانية، وكتبت بعض الأقلام المتأمركة في المنطقة تهاجم النظام العراقي الجهول، الذي هو أسد علي شعبه وفي الحروب نعامة، والذي بمجرد أن رأي جنرالاته آية من آيات الشموخ الأمريكي اضطربوا، لدرجة أن أحد سدنة هذا النظام مستعد أن يدين رئيسه بعد أن انتهي أمره!.
في محكمة الدجيل طلب محامي طه ياسين رمضان الصديق محمد منيب شهادة طارق عزيز، ونودي علي اسمه، وحُبست الأنفاس، ودخل الرجل القاعة وهو بملابس النوم، وكان واضحا أن المرض نال منه بشكل كبير، وجاءت شهادته شامخة، بشكل لم يكن متوقعا منه، ليس بحكم الدعاية الأمريكية، التي صورته في الوضع منبطحا، ولكن لأنه وبحكم الحالة المرضية، وبحكم عمله واهتماماته، فإنه ليس مطلوبا منه أن يكون صامدا، أو مشاغبا، أو متمردا، مثل غيره من أركان هذا النظام.
وقد سألت محمد منيب كيف أخذت علي عاتقك طلب شهادة طارق عزيز، علي الرغم من أن الأمريكان روجوا بأنه باع القضية واشتري حياته، وقال لي إنه لم يساوره شك في أن شهادته ستكون في صالح موكله، فلم يصدق ما قيل، لسبب بسيط وهو أنه لو كان بيد سجانيه ما يفيد انه شهد ضد صدام، لما ترددوا لحظة في بثه علي العالم كله، ليوحوا أنهم انتصروا، وأن قوتهم لها مفعول السحر.
إن طارق عزيز لا يزال معتقلا، في حكم الأسير الي الآن، وبدون اتهام جاد، فمرة يتهمونه باغتيال رجل الدين الشيعي محمد صادق الصدر، ومرة يقولون إنه متهم بقمع انتفاضة 1991، مع أنه لم يكن له أي وضع أمني، يمكنه من القيام بهذا الدور، لكننا في مواجهة فيلم هندي تالف، وحتي لا نظلم الدراما الهندية، فنحن أمام فيلم أمريكي رديء الإخراج والتأليف!.
وضمن ما جاء في هذا الفيلم هو محاولة إسكات ابنه المفجر لقضيته إعلاميا، فكان أن رددوا أنه ممن تشملهم قائمة المطلوبين للحكومة العراقية. واسم الحكومة المذكورة يذكر هنا، علي نحو مشابه لما جري يوم إعدام الرئيس صدام حسين، فقد وقع إعدامه في يوم عيد الأضحي، مما أثار استفزاز الضمير المسلم والإنساني، وما جري في غرفة الإعدام من محاولة الإساءة له، أمر لا تقبله ولو تقاليد الهمج، الذين لا يحكمهم قانون، عندها علق أهل الحكم في واشنطن التهمة في رقبة الحكومة العراقية صاحبة قرار تحديد المصير، ونحن هنا أمام نكتة من النكات السمجة، تدفع للضحك ليس لظرفها ولكن لسخافتها، واستهانتها بعقول المتلقين!.
لقد تدهورت الحالة الصحية لطارق عزيز بشكل كبير، وكان قد أضرب مؤخرا عن الطعام، وحمله السجان الأمريكي علي فضه، ولم يكن هذا لاعتقاله ظلما وبهتانا وبدون تهمة، شأن ضحايا جوانتانامو، ومن بينهم زميلنا سامي الحاج مصور قناة الجزيرة، القابع في السجن بدون محاكمة. فكل مطالب عزيز: لجنة طبية متخصصة لتقوم علي علاجه، لأن أطباء المعسكر ليسوا متخصصين.
لكن يبدو أن نجوم السماء أقرب له، فما يجري له قتل بالبطيء، يتقبله شامخا، فالأشجار تموت واقفة، وهم يفعلون معه ذلك لأنه لم يشف غليلهم في صدام حسين، ولم يرو غريزة التشفي لديهم، ولم يمكنهم من أن يشعروا بلحظة نصر، بعد أن أصبح وجودهم في العراق هزيمة يومية.
إن حالة عزيز الصحية تؤهله لاستحقاق قرار بالإفراج حتي وإن كان مدانا بحكم قضائي، فما بالنا وهو مسجون بدون تهمة وبدون محاكمة؟!zzoz66@maktoob.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
الولايات المتحدة الإسرائيلية (1 ـ 2)
احمد عمرابي
البيان الامارات
إذا قال مفكر عربي إن الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين جرى تدبيره وتنفيذه بواسطة الشخصيات اليهودية الصهيونية صاحبة النفوذ داخل إدارة بوش فإنه سرعان ما يتصدى له أصحاب أقلام عرب لمهاجمته شخصياً وتسفيه قوله، الآن نتساءل كيف يكون موقف أمثال هؤلاء وقد ورد هذا القول بالفعل على لسان اثنين من أرفع الأكاديميين الأميركيين.
للتو صدر كتاب مرجعي بالإنجليزية بعنوان «اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية» من تأليف الأستاذين الجامعيين الأميركيين جون ميرشيمر وستيفن والت، هذا الكتاب جدير بالترجمة والتوزيع على أوسع نطاق في العالم العربي والإسلامي لأنه وثيقة أكاديمية محترمة تفضح عن طريق البيّنة العلمية الموضوعية كيف أن آلة صنع القرار العالي في الولايات المتحدة تخضع تماماً للإرادة اليهودية ومصالح الدولة الإسرائيلية ـ حتى على حساب المصالح القومية الحيوية للشعب الأميركي.
يقول المؤلفان بصراحة علمية إن المصلحة الإسرائيلية حصراً كانت السبب الحقيقي لحملة الغزو التي شنتها أميركا على العراق، وبينما كان جورج بوش وديك تشيني ودونالد رامسفيلد يقولون لشعب الولايات المتحدة والرأي العام العالمي قبل الغزو وبعده إن الحملة كانت تنطلق من مصالح أميركا إلا أنها كانت في الحقيقة تنطلق من مصالح إسرائيل.
وليس من الممكن اتهام هذين الأكاديميين الأميركيين بأنهما يكنان مشاعر كراهية ذاتية ضد اليهود. إنهما يقولان ابتداءً إنهما أرادا التصدي لظاهرة نفوذ «اللوبي» الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأميركية باعتباره قضية من قضايا العصر الحيوية الجديرة باهتمام كل باحث أكاديمي حر، والدليل على احتكامهما إلى الموضوعية البحثية واعتبارات الأمانة العلمية أنهما يقولان إنهما يؤيدان حق إسرائيل في الوجود ويقرظان إنجازاتها.
لكنهما يتساءلان عما إذا كان ذلك مبرراً للحركة اليهودية ممارسة نفوذ لدفع السياسة الخارجية الأميركية في اتجاه يضر بالمصالح القومية للولايات المتحدة، وبشيء من التفصيل يتعرض المؤلفان لمنظمات الضغط التي من خلالها تمارس الحركة اليهودية نفوذها داخل مؤسسة السلطة الأميركية وفي مقدمتها «آيباك»®. الاسم المختصر لـ «لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية».
وفي سياق تساؤل كبير عن علة النفوذ اليهودي يقول المؤلفان إن سبب العلاقة غير العادية بين أميركا وإسرائيل لا يمكن أن يعزى إلى أن الدولة اليهودية تمثل «كسباً استراتيجياً مهماً» للولايات المتحدة، «فبالرغم من أن إسرائيل كانت خلال عصر الحرب الباردة مفيدة لأميركا إلا أنها صارت منذ ذلك الحين عبئاً لأن الولايات المتحدة بدعمها الدولة اليهودية تنفر العرب والمسلمين وتجعل من نفسها هدفاً للإرهاب»، ثم إن الدعم الأميركي لإسرائيل ـ يقول المؤلفان ـ لا يجوز أن يبرر بادعاء أخلاقي. فوجود إسرائيل لم يعد في خطر.
ثم إنها ليست دولة ضعيفة.. فهي القوة المتفوقة في منطقة الشرق الأوسط التي تعارض قيام دولة للفلسطينيين مع ممارسة سياسة تمييزية ضد الأقلية العربية داخل الدولة اليهودية نفسها، وإذن ـ يواصل المؤلفان ـ فإنه بينما أن إسرائيل ليست مفيدة للولايات المتحدة وإن مسلكها قبيح فإن «شيئاً آخر» ينبغي أن يكون وراء الدعم الأميركي الثابت للدولة اليهودية، فما هو ذلك «الشيء الآخر»؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
نكات العراقيين بمناسبة "العيد السعيد"!
محمد عارف
الاتحاد الامارات
نكتة عراقية إن أحدهم سأل صديقه: "شنو أخبار الوالد؟"... ثم تذكر أن والد صديقه ميت، فاستدرك بسرعة: "بعده بنفس المقبرة"؟!.. هذه أخبار العيد في العراق، حيث تذكر بطاقات التهنئة المرسلة عبر الإنترنت: "كل عام وأنتم بخير... تهانينا بالديمقراطية الأميركية التي منحتنا انتخابات حرة نزيهة فازت فيها فرق الموت، وكتبنا دستوراً عظيماً سنته المرجعية الإيرانية، وتخلصنا من مليون مواطن زائدين عن الحاجة، وغادر البلد ثلاثة ملايين سايح في دول الجوار"!
ويقاوم العراقيون بالنكات والسلاح قوات الاحتلال، حيث تذكر نكتة عن سكان حي "الفضل"، وهو من أشرس مراكز المقاومة في بغداد، أن أحدهم اتصّل هاتفياً بالرئيس بوش، وقال له: أحب أبلغك بإعلاننا الحرب على أميركا. سأل بوش: ممكن أعرف حضرتكم؟ قال: "حضرتنا أبو جاسم، وأبو علوان، وأبو ناصر... وكل شباب مقهى الفضل، يعني أربعمائة شخص تقريباً". علّق بوش ضاحكاً: "عيني أبو جاسم... عندي مليونا جندي ومرتزق أميركي وعراقي"!.. قال أبو جاسم: "هذه معلومة جديدة تحتاج مشاورات". واتصّل في اليوم التالي ليخبر بوش: "الشباب قرروا إرجاء إعلان الحرب على أميركا". سأله بوش بسخرية: "ها... خفتم"؟!.. أجاب: "لا، ما خفنا... بس ما عندنا مكان يوسع مليوني أسير"!
وتسخر نكات عدة من المتعاونين مع الاحتلال، منها نكتة يُقال إن راويها محمود عثمان، المشهور بالنكات، وهو عضو البرلمان عن التحالف الكردستاني. تذكر النكتة أن مسؤولاً حضر متأخراً عن الموعد المقرر لاجتماع في "المنطقة الخضراء"، ومنعه حرس شركة "بلاك ووتر" من الدخول، بدعوى أن الكلب الذي "يشمّ" المسؤولين نائم!.. وعندما طلب المسؤول أن يفتشه حرس "بلاك ووتر" بدلاً من الكلاب أخبره الحارس: "تفتيش المسؤولين من اختصاص الكلاب"!.. وتعلّق نكتة أخرى على تراجع الحكومة عن قرارها وقف عمليات شركة "بلاك ووتر" التي اغتال حرسها مئات العراقيين. تقول النكتة إن فأراً عراقياً كان يعلن متباهياً أمام جماعته: "كل القطط تحت حذائي"، فالتفت خلفه ورأى هراً أميركياً أسود فقال: "بس أبو سمره على رأسي"!
مؤلفو النكات مجهولون، لكنها تُعبِّر عن روح التسامح في المجتمع العراقي الذي تتعايش فيه وتتزاوج القوميات والمذاهب، وحتى الأديان المختلفة!
وتروي نكتة مضحكة مبكية عن عثور مراسل "الفضائية العراقية" على أربع جثث في الشارع، فصوّرها مع التعليق: "هذا أكبر رد على دعايات الإرهابيين المغرضة، فالدنيا أمان والناس ينامون بالشوارع"! وتتحدث نكتة أخرى عن إذاعة قوة الشرطة السيّارة: "تهنئة بالعيد من دوريات التنبيه الليلي... نأسف لإزعاجكم... وننصحكم بالسفر إلى الخارج تطبيقاً للشعار الجديد: "هذا الوطن نبيعه، وننهزم سنّة وشيعة". وتذكر نكتة عن شبكة الهاتف الجوّال "عراقنا" أن رسالتها الجديدة: "الرقم المطلوب قد يكون مهاجراً أو داخل نطاق المقبرة، يرجى التأكد من الرقم وقراءة سورة الفاتحة"!
وتنقل نكتةٌ التصريح التالي عن مسؤول عالي المقام للصحفيين: "إن سبب سوء الأوضاع وجود العراقيين. بسْ يموتون... شوفوا الوضع شلون يتحسن"! وتنتقد نكتة أخرى الفساد العام، حيث تذكر أن فتاة شكت لأشقائها معمّماً من أدعياء الدين يتحرش بها عندما تذهب للمدرسة. وترّصده الأشقاء، وتأكدوا من صدق قولها، و"كسروا عظامه". اعتقلتهم الشرطة، واعتقلت معهم سائق تاكسي انضّم إليهم في ضرب المُعمّم. وعند استجواب سائق التاكسي عمّا إذا كان المُعمّم تحرش بشقيقته أيضاً؟ أجاب: "لا، بسْ تصورت الحكومة سقطت"! ومؤلفو النكات مجهولون، كمؤلفي حكايات "ألف ليلة وليلة" التي تُعتبر من عيون تراث الأدب العالمي في الدعابة والهزل. وتُعبِّر معظم النكات عن روح التسامح في المجتمع العراقي الذي تتعايش فيه وتتزاوج القوميات والمذاهب، وحتى الأديان المختلفة. وتعجبني نكتة عن زوجين من مذهبين مختلفين، تذكر أن الزوجة العصبية المزاج قالت لزوجها: "يا ريت تزوجت إبليس ولا تزوجتك"! قال الزوج: "لا، عيني... ما يصير الأخ يأخذ أخته"!
وتُنسب النكات لسكان مناطق وعشائر مختلفة، وفق المناسبة، أو ربما حسب انتماء راويها. لكنّ معظم النكات تقوم بوظيفة اجتماعية في النقد والنقد الذاتي، وتخفيف التوترات بين المكونات المختلفة للمجتمع العراقي. فهناك نكات مشتركة عما يقال عن سذاجة الأكراد، وسكان منطقة الدليم غرب العراق، ومنها نكتة تذكر أن الأكراد والدليم شاركوا في حفر قبور، ومات أثناء الحفر سبعة أكراد، دُفنوا في القبور. وانزعج الدليم جداً، وشكوا من أن "الأكراد راح يملؤون المقبرة على الحاضر... ونحن قاعدين نتفرج"! ونكتة عن دليمي مصاب بالسمنة أوصاه الطبيب بالمشي يومياً عشرة كيلومترات، فاتصل بعد شهرين هاتفياً بالطبيب، وقال له: "دكتور وصلت عَرْعَرْ بالسعودية... أرجعْ... أو أستمرْ"؟.. وتروي نكتة أخرى عن طبيب أخبر المريض بأن الأشعة كشفت عن إصابته بسرطان في الدماغ، فقال المريض: "يا ساتر... منين جاءني الدماغ"؟!
وتذكر نكتة عن انتشار مرض أنفلونزا الطيور أن حماراً هرب من شمال العراق، فسألوه عن سبب هربه؟.. فقال إنهم يذبحون الطيور بكردستان. سألوه: "وشنو دخلك أنت بالطيور؟"، أجاب: "تعال فهمهم هذا"!.. ونكتة ظريفة عن جندي مدفعي بالحرس الوطني أمره الضابط: "من يغادر الطيارة الرئيس جلال الطالباني... أضرب واحد وعشرين طلقه". سأل الجندي: "وإذا صوّبته بأول طلقه... أكمّل الباقي؟". وأعتذرُ عمّا قد يجده القراء العرب من صعوبة في فهم بعض النكات بسبب اللهجة العراقية، كما أعتذر من العراقيين عن "تهذيب" لغة بعض النكات لتكون بمتناول أشقائهم العرب. ويصعب ربما فهم نكتة عن رجل أعمال من مدينة الموصل طلبت منه سلطات الاحتلال التبرع لبناء سياج للمقبرة، فقال: "ليش؟! يا يوم سمعتم ميتين ينهزمون من المقبرة"؟! فهذه النكات المألوفة للعراقيين تداعب سكان الموصل حول ما يقال عن شدة حرصهم، واقتصادهم في النقود. وتعجبني نكتة عن "مصلاوي"، كما يُسمى مواطن الموصل، دفعه حرصه على الاقتصاد بالكهرباء إلى أن يعلق يافطة على باب منزله تقول: "لا تدقوا الجرس... أنا أفتح الباب كل 5 دقائق"! وتذكر نكتة أخرى عن الحرص في استخدام المياه أن أهل الميت وجدوا في وصيته ملاحظة تقول: "لا تغسلوني، آني غاسل"!.. وعلى الرغم من مبالغة بعض النكات، أو ربما بفضل مبالغتها يصعب مقاومة الضحكة عندما نقرأ نكتة عن "مصلاوي" سقط من سطح المنزل، وصرخ بزوجته التي كانت تتطلع إليه هلعة من شباك المطبخ: "لا تحسبين حسابي على العشاء"!ولا يتسع المجال لرواية نكات أميركية أعاد العراقيون صياغتها، وبعضها عنصري رديء، لكن إعادة صياغتها بشكل معكوس جعل الضحكة الأخيرة للعراقيين. وأختتم هنا بنكتة تحطم القلب عن عفوية العراقيين في التحايل على التبليغ بالأخبار السيئة. تتحدث النكتة عن شخص أراد تبليغ زوجة صديقه بوفاة زوجها بحادث سيارة، فقال لها "زوجك خسر فلوسه بالقمار". قالت الزوجة: "إن شاء الله يخسر عمره". واستطرد الصديق: "واضطر يبيع البيت". فزعقت الزوجة: "الله يضيّع حياته". وأضاف: "وتزوّج عليك مرة ثانية". فصرخت: "يا رب أشوفه ميت"!.. فهتف الصديق: "يا شباب... دخلوا المرحوم".
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
بلاك ووتر وأنا
جانيسا جانز
الوطن عمان
عندما طالبت الحكومة العراقية الشهر الماضي بطرد بلاك ووتر يو إس أيه، شركة الأمن الأميركية الخاصة، كان رد فعلي هو انه كان لابد لهذا ان يحدث من زمن.
باعتباري كنت مسئولا أميركيا في بغداد قرابة عامين، كنت أحد المستفيدين بشكل متكرر من حماسة بلاك ووتر الزائدة عن الحد، وكنت أقول لنفسي (تخيل أنها عربة سكة حديد الملاهي) وذلك خلال جولاتي في وسط بغداد.
كنا نسير برعونة، ونقفز فوق الحواجز، وتصل سرعة السير اكثر من 100 لفة في الدقيقة، وغالبا كنا نتجاوز إلى الجانب المخالف من الشارع معرضين للخطر القادمين من الاتجاه المقابل.
بيد انه كان هناك أمر آخر اكثر ازعاجا من ركوب الحافلات وهو الأثر المتدهور لكل حركة في المدينة على الشعب العراقي المحارب. لقد بدأت اتساءل عما إذا كانت لقاءاتي التي تهدف إلى تعزيز اهداف السياسة الأميركية وتحسين اوضاع معيشة العراقيين ضررها اكثر من نفعها. وما بين صياح السائقين واختصار الطرق وتقاذف زجاجات الماء واشهار السلاح بوجه أي من كان في طريقهم ، ترى كم عدد الاعداء الذين تسببنا بتصرفاتنا في إيجادهم؟
ففي مرة من المرات التي تغيظ ، كنت في مدينة اربيل بشمال العراق، حيث كنت في طريقي إلى الالتقاء بزعيم سياسي كردي، وكنا نسير في مجاز ضيق على طريق مرتفع لا توجد به اكتاف أو حواجز عالية على الجانبين، وكانت سيارة سوبربان التي تقود موكبنا تسير وراء سيارة صالون قديمة تسير الهوينا يقودها رجل عجوز معه امرأة شابة وثلاثة اطفال.
وما ان اقتربنا من السيارة أمامنا بسرعة فيها خطورة، صاح سائق بلاك ووتر صيحة غاضبة وتحرك نحو الجانب كما لو كان سيسير على الجانب، ونظر الاطفال الجالسون بالمقعد الخلفي وراءهم مذعورين فاغرين افواههم وهم يرون عربة سوبربان مصفحة بكثافة يقودها رجال ضخام الاجسام مسلحين يرتدون نظارات شمسية، وبحث العجوز المسكين بعصبية عن وسيلة يفر بها منهم لكنه لم يجد شيئا، وهكذا ارتطمت عربة بلاك ووتر باستهتار بسيارة الرجل فدفعتها نحو الحاجز، وابتعدنا بسرعة لم تتح لنا ملاحظة ما إذا كان هناك أحد تأذى.
حتى تلكم اللحظة لم اذكر شيئا لأحد من السائقين معي عن أساليبهم ولكن هذه المرة لم استطع ان اكتم نفسي.
وصرخت فيهم: إلى اين تتوقعون ان يذهب هؤلاء؟ لقد كان رجل عجوز وأسرته بحق السماء؟ هل كان من اللازم ان تدمروا سيارتهم المسكينة؟
رد على الفور سائقي بشعور جامد: سيدي لقد تدربنا على ان نعتبر أي أحد خطرا محتملا وانت لا تعرف من يستخدمونه كشرك أو ما هي المخاطر الكامنة. فالارهابيون ممكن ان يتخفوا كأي شخص.
فقلت له وجبيني يتفصد عرقا مذهولا من السائق: حسنا، إذا لم يكونوا ارهابيين من قبل فهم بالتأكيد ارهابيون الآن.
لقد عرف العراقيون الذين تعاملت معهم التفريق بين الجيش الأميركي وشركات الأمن الخاصة. فقد وضع الجيش قواعد الاشتباك، اضافة إلى انه مطلوب دفع تعويض عن الاضرار. والواضح ان بلاك ووتر ليس لديها مثل تلك القواعد، ولا تدفع تعويضات وفوق ذلك لديها حصانة ضد المحاكمة تحت القانون.
وحيث اننا نرغب في بناء الجسور وتحسين اوضاع مضيفينا فإني أقول انه إذا ظلت الشركات التي توفر لنا النقليات والامن تسبب عداوات وتغضب بل وتقتل الناس الذين نظن اننا نساعدهم فسوف تنهار مهمتنا في العراق بالكامل.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
ميليشيا الماء الأسود!!
افتتاحية الريا
الرياض السعودية
من ضمن صادرات الغرب وتفننه في صناعة الحروب، إرسال المرتزقة، والذين حاربوا، بالنيابة عن جيوشه في المستعمرات، أو دول أخرى يدعي خروجها عن القانون، ولم يكن هذا الابتكار جديداً، فقد سبقه جلب مجندين أفريقيين لحروب الهند، والهند الصينية، وجلب آسيويين للاستيلاء على الدول الأفريقية، وجرى التصرف نفسه مع أمريكا الجنوبية، ولعل ظاهرة (البلاك ووتر) أو "الماء الأسود" حراس المنشآت الأمريكية في العراق، هي من ذات الطينة، إذ لم يكن مستغرباً أن تقوم هذه العناصر بإطلاق النار عشوائياً على الأبرياء من المواطنين، طالما الحراس فوق المساءلة وفوق كل القوانين المعمول بها في العراق، ولا يحق للسلطة الوطنية التحقيق معهم، أو حتى دعوتهم لمراكز الشرطة وغيرها، وهذا يثبت أن المتصرف بأمن العراق ليس الدولة، ولا الميليشيات المتقاتلة، وإنما الميليشيا الجديدة (بلاك ووتر) التي كسبت حصانتها من دولة الاحتلال..
ولا تتعلق القضية بشركة الحراسات وجنودها، وإنما هناك جنود ضمن الجيش الأمريكي يقومون بأدوار لا تقل عنفاً طالما السلطة هناك تعدهم بمكافأة الجنسية والامتيازات المادية الأخرى وهذا المظهر من الحروب القذرة، لا يمكن وضعه في أي لائحة، حتى المنادين
بحقوق الإنسان ومحاكمات المجرمين، والادعاء بنشر ثقافة التسامح وغلق أبواب التمييز العنصري، جعلت إباحة الجريمة بالأساليب المبتكرة جزءاً من أهداف الحروب، ومن قاموا بتصميمها، وتنفيذها..
ليس العراق هو الشاهد الوحيد في المنطقة العربية على آخر النكبات، وإنما سبقته فلسطين وجرائم الجزائر، ولبنان ومصر، وغيرها ولعل سجل التاريخ العسكري الغربي مع المنطقة لم يبدأ من الحروب الصليبية، وإنما من عصور اليونان، والرومان، وإن اختلفت بمظاهرها وأهدافها الدينية، والمادية، ونحن الآن نعيش رحلة حروب المرتزقة الأمريكيين الذين يعتقدون أن شعوب هذه المنطقة كم بشري لا يصلح إلا لأنابيب الاختبار، وهذا الشعور السائد عند العرب والمسلمين عموماً، هو الذي فرض حق الدفاع عن النفس، وعندما شعرت بعض التنظيمات فشل اليسار، والقومية، والحكومات بحق الدفاع المشروع، توالدت التنظيمات السرية التي قادت إلى التطرف على مبدأ "كل فعل يولّد رد الفعل الإيجابي، أو السلبي".
لقد وُجد العراق بحضاراته العظيمة والعريقة، قبل ان تتشكل سمات الدولة في أوروبا كلها، وقبل ان تطأ قدم أي إنسان من الهنود الحمر، أو المكتشفين الأوروبيين أمريكا، ومع ذلك تبقى المعاملة لهذا الشعب العظيم صورة من بشاعة الفرز العنصري، ولعل سجن أبوغريب والإبادة الشاملة لقرى ومدن آمنة، والتسبب في انفجار المكنون المحبوس بين المتطرفين من الشعب العراقي جاء من خلال الانحياز لفئة دون أخرى حتى ان الاتهامات طالت مراكز سرية أمريكية سهلت وصول الأسلحة للميليشيات المتقاتلة عن عمد وسابق إصرار..
ومثلما كانت القوانين التي اعتمدها الاستعمار القديم بإعلان الوصاية على شعب أو أمه لتأهيلهما للحكم، جاءت ذرائع تعميم الديموقراطية وطرد الدكتاتوريات لنفس الغايات ولابد أن نفهم أن القيم لا تقدم هدايا حيث لكل شعب مذاهبه وتقاليده، ولا تُصنع وتُقدم معلبات لشعوب تدرك مصالحها، لكنها المطامع التي جعلت من المرتزقة جيوش عدل في زمن غياب العدالة!.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
العراق:حكاية الانشقاقات البعثية والمجموعات«السورية»!
صالح القلاب
الشرق الاوسط
جديد مستجدات الوضع العراقي هو أن حزب البعث الذي بقي حاكماً في العراق من يوليو (تموز) عام 1968 وحتى التاسع من إبريل (نيسان) عام 2003، والذي هناك الآن محاولات دؤوبة وتوجهات جدية للتراجع عن القرار المتسرع الذي قضى في لحظة نشوة الانتصار بعد إسقاط النظام السابق الذي هو نظامه بـ«اجتثاثه»، قد انقسم على نفسه وأصبح هناك حزبان الأول بقيادة وزعامة عزة إبراهيم الدوري المختفي منذ أكثر من أربعة أعوام، والثاني بقيادة يونس الأحمد المقيم في سوريا والذي يبدو أنه أصبح تابعاً للقيادة البعثية السورية.
وأيضاً وبالإضافة لهذين «البعثين» العراقيين فإن هناك «بعثاً» عراقياً ثالثاً يقال إنه قيد الإنشاء، وأن الذين يقومون بإنشائه هم مجموعة من كبار ضباط الجيش العراقي الذين وجدوا أنهم لا يستطيعون الاستمرار بالسير على الطريق الذي يسير عليه عزة الدوري ومنْ معه، حيث انغمس هؤلاء في التصفيات الطائفية والمذهبية المتبادلة بين السنة والشيعة وحيث أصبحوا جزءاً من تنظيم القاعدة، والذين هُمْ غير راضين أساساً عن يونس الأحمد الذي تتهم مجموعته بالتبعية للمخابرات السورية.
إن هذا هو أحد جوانب الخلاف الذي انتهى إلى الافتراق بين هذه المجموعة، التي يقال إنها ستعمل تحت اسم «حزب البعث ـ القيادة العامة»، والمجموعتين الأُخريين الآنفتي الذكر اللتين تُّتهمان بالاستيلاء على «الأموال الطائلة» التي حرص صدام حسين قبل سقوط نظامه على توزيعها بين بعض قيادات حزبه العليا ليستعينوا بها في إطلاق مقاومة مسلحة ضد النظام الجديد ورموزه وأركانه وضد القوات الأميركية المحتلة والسعي لاستعادة السلطة السابقة؛ إن بشكلها السابق وإن بصيغة جديدة تتلاءم مع معطيات المرحلة الجديدة.
وكان قد ظهر بعد سقوط النظام السابق مباشرة في التاسع من إبريل (نيسان) عام 2003 اسم جديد رديف لاسم حزب البعث ما لبث أن اختفى هو «حزب العودة»، ولقد تم اختيار هذا الاسم من قبل عدد من قدامى البعثيين المخضرمين تيمناً بعودة هذا الحزب إلى السلطة في يوليو (تموز) عام 1968، بعد أن كان فقدها بعد نحو ستة شهور من الوصول إليها بانقلاب قاده عبد السلام عارف في أكتوبر (تشرين الأول) 1963 الذي كان شارك في الانقلاب الذي سبقه وهو انقلاب فبراير ( شباط ) من عام 1963 نفسه وكان شارك قبل ذلك في انقلاب عام 1958 الذي أطاح بالنظام الملكي العراقي وأرتكب منفذوه مجزرة دموية طالت كل رموز وأفراد العائلة العراقية المالكة باستثناء الشريف علي بن الحسين الذي كان طفلا صغيرا في ذلك الحين والذي عاد مع من عاد إلى بغداد بعد الغزو الأميركي وسقوط نظام صدام حسين.
وهنا فلعل ما هو غير معروف هو أن بعض البعثيين على مستوى القيادات وعلى مستوى «الكوادر» العليا، الذين كانت قد شملتهم حملات «التهميش» وعمليات الإقصاء التي قام بها صدام حسين، بعد احتكار السلطة نهائياً في عام 1979 وقبل ذلك عندما كان يحتل موقع الرجل الثاني في السلطتين البعثية والرسمية، كانوا قد بدأوا يفكرون في اختيار اسم جديد لحزب البعث، الذي بقوا يعتبرونه حزبهم رغم أنهم أُقصوا منه أو وُضعوا على هامشه، لينخرطوا في الحياة السياسية من خلاله.
لكن هؤلاء البعثيين، الذين كان حزب البعث في عهد النظام السابق قد لفظهم أو قلَّص مساحات أدوارهم، لم يستطيعوا تنفيذ ما فكروا فيه والسبب يعود أولا إلى أن النظام الجديد الذي جاء به الأميركيون كان ولا يزال نظاماً طائفياً ومذهبياً رغم رفعه لرايات العلمانية والليبرالية والديموقراطية، وثانياً لأن «رفاقهم»، الذين بعد سقوط نظام صدام حسين تحولوا إلى ميليشيات سرية مسلحة، قد هددوهم بأنهم سيتحولون إلى أهداف مشروعة مثلهم مثل الأميركيين ومثلهم مثل رموز النظام الجديد إن هم حاولوا العمل بصيغة جديدة على حساب الصيغة البعثية القديمة.
وهنا ولمزيد مــن الإيضاح فإنه لا بد من الإشارة إلى أن أخطر انشقاق ضرب كيان «البعث» التاريخي، الذي تأسس في عام 1947 والذي أصبح اسمه حزب البعث العربي الاشتراكي بعد أن كان حزب البعث العربي فقط بعد اندماجه بحزب أكرم الحوراني في عام 1954، كان في الثالث والعشرين من فبراير (شباط) عام 1966، حيث أصبح هناك بعث سوري، ما لبث أن انشق هو بدوره على نفسه بعد «الحركة التصحيحية» التي قادها الرئيس حافظ الأسد في عام 1970، وبعث عراقي هو الذي عاد إلى الحكم في العراق في عام 1968 والذي تعرض لتصفيات داخلية متلاحقة، أهمها تصفيات عام 1979 التي وضعت السلطات كلها في يد صدام حسين، والتي أكلت خيرة قدامى البعثيين وقضت على أهم رموزهم ومناضليهم.
لقد كان هناك تنظيمان بعثيان عملا بسرية شديدة، حتى في ذروة حكم صدام حسين وتسلطه، الأول هو تنظيم البعث الذي انتقل باقي ما تبقى من قيادته بعد حركة الرئيس حافظ الأسد «التصحيحية» عام 1970 إلى بيروت أولا ثم إلى الجزائر والذي أُطلق عليه اسم «جماعة صلاح جديد ـ نور الدين الأتاسي» والثاني هو تنظيم البعث السوري الذي بقي تابعاً لدمشق بعد هذه الحركة التصحيحية، لكن كلا التنظيمين بقيا يتعرضان لحملات بطش متلاحقة، وذلك إلى أن أصبحا مجرد أفراد.
وهكذا فإن هناك الآن خمسة تنظيمات بعثية في العراق وفي سوريا وفي بعض الساحات الأخرى والدول العربية هي: بعث عزة الدوري ومن معه وبعث يونس الأحمد ومن معه والبعث السوري الحاكم في سوريا وبعث (صلاح جديد ـ نور الدين الأتاسي) الذي اتخذ في فترة من فترات سبعينات القرن الماضي اسم : «حزب البعث العربي الاشتراكي الديموقراطي».. وأخيراً البعث الذي يقال إن كبار ضباط الجيش العراقي يقومون بتشكيله الآن والذي يقال إنه اتخذ اسم: «حزب البعث ـ القيادة العامة».
إن هذه هي وضعية حزب البعث الآن، إن في العراق وإن في سوريا أو في دول عربية أخرى في مقدمتها المملكة الأردنية الهاشمية التي يسمح نظامها الديموقراطي بحرية الأحزاب السياسية، فإنه لا بد من التأكيد مرة أخرى لو أن المحتلين الأميركيين لم يقعوا في الأخطاء الفادحة التي وقعوا فيها ولو أن النظام العراقي البديل الجديد لم يأت بعقلية ثأرية لا تعرف التسامح ولو أنه أي هذا النظام لم يقع في «المطب» الطائفي والمذهبي الذي وقع فيه فلما كانت الأوضاع العراقية على ما هي عليه الآن، فلما انساقت غالبية البعثيين، «المدنيين والعسكريين» وراء رموز نظام أذاق العراقيين الأمرين وأوصل بلدهم إلى هذه الحالة التي وصل إليها.
لقد تعرض البعثيون على مستوى القيادة وحتى على مستوى «الكادرات» العليا والأعضاء العاديين في عهد نظام صدام حسين إلى أكثر مما تعرضت له القوى والتنظيمات الأخرى على مستوى القيادات بكثير، وهذا كان يجب أن يدركه المحتلون ويتصرفون على أساسه، وكان يجب أن يدركه قادة ورموز النظام الجديد، الذين ينقصهم إدراك إياد علاوي وحكمته وحنكته وليبراليته، ولذلك فإنهم وقعوا في المستنقع الطائفي والمذهبي فكانت النتائج هي هذه النتائج المؤلمة.. وللأسف
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
تفتيت العراق والوطن العربي .. مطلب صهيوني – صليبي – صفوي .
الدكتور عبدالإله الراوي
صحيفة العراق
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء الموافق 26 أيلول ( سبتمبر ) 2007 تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات . وسوف نناقش هذا القرار في القسم الثاني من بحثنا هذا .
ولكننا نرى أن نشير هنا بأن قرار مجلس الشيوخ المذكور استند إلى مشروع السيناتور الديمقراطي جوزيف بيدن- رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس وأحد المرشحين للرئاسة لعام 2008.
والذي أكد في مقابلة له مع تلفزيون شالوم- شبكة أمريكية يهودية في الولايات المتحدة - قبل عدة أشهر : إن « إسرائيل هي أعظم قوة منفردة لأمريكا في الشرق الأوسط " . مؤكدا : " أنا صهيوني... لا تحتاج أن تكون يهودياً لتصبح صهيونياً." (هل بدأ تنفيذ الحلم الاستراتيجي الصهيوني- تقسيم العراق!؟ ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد. شبكة البصرة . 28/9/2007 ) و ( السيد زهره : " أنا صهيوني ".. وقرار تقسيم العراق . إخبار الخليج البحرين . 29/9/2007 )
كما نود أن نشير بأن هذا البحث يعتبر مرتبطا ببحثنا المتعلق بتفجيرات سامراء الأخيرة وكان آخر مقال ( هل أن حكومة المالكي العميلة قامت بتفجيرات سامراء الأخيرة؟ شبكة البصرة . 15/9/2007 ) .
حقيقة إن الساعين لتقسيم العراق وتفتيت الوطن العربي هم الصاد المكعبة كما ذكرنا أعلاه لأن مصالحهم ، في هذا المجال متقاربة جدا إن لم نقل بأنها متطابقة.
إن الغرض من تقسيم العراق هو ، بصورة جوهرية ، تحقيق حلم الصهيونية العالمية والكيان الصهيوني وكافة القوى التي تقف بالمرصاد لكل ما هو عربي.
وطبعا هناك جهات عديدة ترغب بتقسيم العراق أولها الكيان الصهيوني ، الذي يعلم جيدا بأن العراق هو الثقل الحقيقي للأمة العربية والذي يهدد ، بصورة لا تقبل الجدل ، وجوده ، ولذا فهو يطمح لتقسيم العراق إلى عدة دويلات ضعيفة لا تشكل أي تهديد له بل بالعكس ستكون لقمة سائغة لهذا الكيان لتحقيق الحلم التوراتي ( إسرائيل من الفرات إلى النيل ).
إن المستفيدين الحقيقيين من غزو العراق ومن تقسيمه وتفتيت المنطقة ، هما الكيان الصهيوني ونظام الملالي في إيران ، أما الولايات المتحدة الأمريكية فيأتي ما تحققه من مصالح بالدرجة الثانية ..
وذلك لأن الكيان الصهيوني هو الذي ورط أمريكا بغزو العراق ، كما سنرى ، ولذا فإن الإدارة الأمريكية لا تريد تحقيق أي مكاسب لأن كل ما تحلم به حاليا هو الخروج من المستنقع العراقي دون الإعلان الرسمي بأنها فشلت في مهمتها .
أي أن تنسحب من العراق مع الاحتفاظ بقليلا من ماء الوجه أمام شعبها وشعوب العالم .
صحيح أن لأمريكا غايات استعمارية في العراق والمنطقة ، وترغب بإبقاء قواعد عسكرية دائمة في العراق ، كما سنذكر ذلك ، ولكن صمود مقاومتنا البطلة أجهض أحلامها وتركها تتنازل عن طموحاتها . ولكنها ملزمة مع ذلك على بذل ما تستطيع لتحقيق بعض المطامح الصهيونية ومنها طبعا تقسيم العراق .
ولذا سنقدم بحثا هذا كما يلي :
القسم الأول : الكيان الصهيوني .. وتقسيم العراق والمنطقة .
القسم الثاني : تقسيم العراق .. وموقف أمريكا وحلفائها .
القسم الثالث : موقف النظام الصفوي والأحزاب ، التي يطلق عليها عراقية ، من التقسيم .
القسم الأول : الكيان الصهيوني .. وتقسيم العراق والمنطقة .
قبل أن نقوم بطرح موضوع دور الكيان الصهيوني ورغبته بتقسيم العراق والمنطقة نرى من الأفضل أن نقدم بعض الدلائل حول سيطرة الصهاينة على السياسة الأمريكية ودورهم بغزو العراق .
ولذا ستتم دراسة هذا القسم كما يلي :
الفصل الأول : سيطرة الصهاينة على السياسة الأمريكية ودورهم بغزو العراق .
الفصل الثاني : الطروحات الصهيونية المتعلقة بتقسيم العراق .
الفصل الثالث : تفتيت العراق والمنطقة .
وسنحاول ، قدر الإمكان ، عرض المشاريع والآراء فيما يتعلق بكل موضوع حسب تواريخ طرحها أو نشرها .
الفصل الأول : سيطرة الصهاينة على السياسة الأمريكية ودورهم بغزو العراق .
إن الكيان الصهيوني ، كما هو معلوم ، هو الذي دفع أمريكا لغزو العراق بواسطة أزلامه من المحافظين الجدد وإيباك - اللجنة الأمريكية – ( الإسرائيلية ) للعلاقات العامة - والمسيحية الصهيونية التي ينتمي لها بوش ورجال إدارته من غير اليهود . هذا رغم كون كافة المنتمين للمسيحية الصهيونية هم من داعمي الصهيونية العالمية انطلاقا مما يتبنوه من أفكار وأهداف .
نعم إن المسيحية الصهيونية تنطلق من مبدأ : أن عودة المسيح مرتبطة بتحقيق الحلم التوراتي – حسب زعمهم – أي ( إسرائيل من الفرات إلى النيل ) ، أي بعد تحقيق هذا الشعار فإن المسيح سيظهر ويلزم كافة اليهود على اعتناق المسيحية ومن يصر على بقائه على دينه ، أي اليهودية ، فيتم قتله.
في أحد المناسبات كنت أشرح هذه النظرية لبعض الفرنسيين فسألني أحد الحضور : ولكن كيف يوافق اليهود على ذلك ، أي عودة المسيح لإجبارهم على اعتناق المسيحية أو قتلهم وفق هذه النظرية ؟ وكيف يعتبرون المسيحية الصهيونية تساندهم ؟
وكان جوابي : فعلا أنكم لا تفكرون جيدا ، إن الحركة الصهيونية تريد تحقيق تطلعاتها التوراتية وإن المسيحية الصهيونية تعمل على ذلك ، أما قضية طهور المسيح وما سيقوم به ضدهم فهذا ما يعتبرنه أسطورة ، لأنهم لا يعترفون ، أصلا ، بأن عيسى ابن مريم هو المسيح الذي كانوا ينتظروه فكيف يعترفون بعودته .
وفي هذا المجال نذكر تأثير هذه الأفكار على الشعب الأمريكي ومدى إيمانه بها ، حيث ذكر أحد الكتاب في مقال نشر في المبدل ايست بتاريخ 27/10/2006 ، ما يلي :
يظهر استطلاع جديد قام به مكتب زغبي الدولي الذي كلف من قبل مؤسسة مجلس المصلحة الوطنية بأن 31% من الذين شملوا باستطلاع المسح الوطني يعتقدون بقوة أو يؤمنون نوعا ما في الأفكار التي تقف خلفها الصهيونية المسيحية، التي تعرف كـ " الاعتقاد بأن اليهود يجب أن يمتلكوا كل الأرض الموعودة، تتضمن كل أراضي القدس، لتسهيل المجيئ الثاني للمسيح المنتظر". اقتراعات أخرى تحمل رسائل مماثلة، بأن 53% من الأمريكان يعتقدون أن ( إسرائيل ) أعطيت من قبل الله (عز وجل) إلى اليهود (مركز بيو للأبحاث)، وأن 59% من الجمهور الأمريكي يعتقدون أن النبوءات التي وردت في كتاب سفر الرؤيا ستتحقق (سي إن إن / تايم). ( الصهيونية المسيحية: تهديد شنيع للتفاهم بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط . ترجمة دجلة وحيد . شبكة البصرة . 28/10/2006 )
وقبل أن نتكلم عن المخططات الصهيونية لتقسيم العراق والمنطقة ، سنذكر بعض الأدلة البسيطة على سيطرة الكيان الصهيوني وتحكمه بالسياسة الأمريكية بشكل موجز مع توضيح دور الصهاينة بغزو العراق من خلال ما استطعنا قراءته من مصادر حول الموضوع .
أولا : سيطرة اللوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية .
1 – في شهر آب ( أغسطس ) 1997 قام نيتنياهو ، رئيس وزراء الكيان المسخ بزيارة أمريكا ، وفي حينها ظهر مقال مهم في الصحيفة الصهيونية ( هارتز ) يشرح وبشكل واضح كيف يستطيع نيتنياهو اللعب على الأمريكان من خلال اللوبي الصهيوني الذي يسيطر على الولايات المتحدة الأمريكية . والمقال طويل جدا ولكنه يشرح بشكل جيد هذا الموضوع . نشير لترجمته الفرنسية لعدم عثورنا للأسف على ترجمة له باللغة العربية . ونظرا لأن البحث المقدم من قبل الأستاذان الأمريكيان الذي سنشير له يوضح سيطرة الصهاينة على الإدارة الأمريكية وما تتخذه من مواقف ، وبالأخص فإن البحث الأخير يتطرق إلى غزو العراق لذا نكتفي بالإشارة لهذا المقال فقط .
(ISRAËL Comment Nétanyahou se joue des Américains. Courrier international n° 355 du 21 au 27/8/1997 )
2 - نشرت صحيفة معاريف ( الإسرائيلية ) مقالا بقلم الكاتب اليهودي أسحق بن حورين تناول فيه حقيقة ما يجري في البيت الأبيض الأمريكي ومن يتحكم فيه وقد سلط الضوء على منظمة إيباك اليهودية ، وقوة تأثيرها على انتخابات مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكيين ، وطريقة جمع التبرعات للمرشحين .
كما أن المقال يكشف بشكل لا يقبل الجدل سيطرة هذه المنظمة على البيت الأبيض وعلى السياسة الأمريكية . ( ايباك.. المنظمة التي تحكم الولايات المتحدة الأمريكية . اسحق بن حورين . شبكة أخبار العراق . 16 حزيران ( يونيو ) 2005 )
وإن تأثير اللوبي الصهيوني ينجاوز النتخابات البرلمانية ليفرض يسطرته على النتخابات الرئاسية ايضا .وفي هذا المجال نكتفي بذكر مثلا واحدا .
مقال نشر في صحيفة لبراسيون الفرنسية يوم 5/10/2007 ، بعنوان " اللوبي ( الإسرائيلي ) في قلب الجدل الدائر في الولايات المتحدة ."
بدأ الكاتب ، فيليب غرانغريرو ، مقاله بالإشارة لحادثة تستحق الذكر ، عندما يقول : في العام الماضي عندما طلب السفير الفرنسي في الولايات المتحدة مقابلة المرشحة للرئاسة ، هيلاري كلينتون ، أجابته هذه برسالة تقول فيها وبشكل مباشر : " أنا لا أتكلم مع أي سفير ،عدا واحد ، سفير ( إسرائيل ) . "
ثم يعلق الكاتب مقدما الأدلة على قوة تأثير اللوبي الصهيوني على السياسة الخارجية الأمريكية وبالأخص فيما يتعلق بالشرق الأوسط . وسنقوم قريبا بترجمة هذا المقال إن شاء الله .
3 – تحدث الكاتب الأميركي ستيفن سينغوسكي عن المحافظين الجدد داخل الإدارة الأميركية وكيف انشقوا عن الديمقراطيين في ستينات وسبعينات القرن الماضي وجعلوا من الدفاع عن ( إسرائيل ) مبدأ أساسياً وهدفاً محورياً في سياستهم. . (وثيقة أمريكية: خطة غزو العراق ولدت في ( إسرائيل ) : الهيئة . نت . 5/11/2006 )
4 – بحث مقدم من قبل أستاذان أمريكيان يوضح ما ذكرناه أعلاه إضافة إلى شرحه لدور اللوبي الصهيوني الأمريكي بغزو العراق . نقتطف منه بعض الفقرات .
- يشبه الباحثان آلية الدعم الأمريكي ( الإسرائيلي) بالكلب و (إسرائيل ) بذيل الكلب وهنا يستغرب الباحثان كيف أن الذيل يتحكم بالكلب والمنطق أن يتحكم الكلب بذيله.
وهذا يؤكد بأن الكيان الصهيوني هو الذي ينحكم بأمريكا وليس العكس ..
و يضيفان : لو كان تأثير اللوبي محصوراً على مساعدات الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية ( لإسرائيل ) ، فإن تأثيره ربما يكون ليس بالأهمية بمكان، المساعدات الخارجية مجدية لأمريكا ، ولكنها لن تكون مفيدة عندما تصل إلى حد تسخير إمكانيات الولايات المتحدة الضخمة والأقوى في العالم لتتصرف نيابة عن دولة ( إسرائيل ) وتساوي المصلحة ( الإسرائيلية ) بالمصلحة الأمريكية بل وأكثر لتصبح في هذا الصراع ضد المصالح الأمريكية وبناء عليه فإن اللوبي يسعى أيضاً إلى تشكيل ورسم لب عناصر سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط .
- إن ( إسرائيل ) الدولة الوحيدة التي تجسست بقسوة على الولايات المتحدة الأمريكية ولكن رغبتها هذه في التجسس على راعيها وحاضنها تشكل شكاً آخراً في قيمتها الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية .
وبالرغم من الاختلافات في أوساط اليهود الأمريكيين فإن المعتدلين والمتطرفين منهم كلاهما يدعمان ويعملان باتجاه توفير الدعم الأمريكي ( لإسرائيل ) وبقائه على ثباته واستمراريته.
- ويؤكد الباحثان : ليس بغريب أن قادة اليهود الأمريكيين يتشاورون مع المسئولين في الحكومة ( الإسرائيلية ) من أجل أن يدعم النظام الرسمي أعمالهم في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية حيث أن أحد أكثر النشطاء في منظمة يهودية باللوبي كتب " إنه بالنسبة لنا روتين أن نقول" هذه سياستنا في قضية محدده، ولكننا يجب أن نستطلع بماذا يفكر ( الإسرائيليون ) نحن كجماعة نقوم بهذا كل الوقت .
- إن اللوبي الصهيوني يضم إليه المسيحيين والبروتستانت البارزين مثل جري بوير، جري فالولف ، رالف ريد، وبات روبرستون كما يضم أيضاً ديك أرمي وتوم ديلي الذين في معظمهم أعضاء سابقين وممثلين عن الولايات المتحدة وأنهم يعتقدون بأن إعادة ولادة ( إسرائيل ) جزء من النبوءة الكتابية الإنجيلية .
ويصرون على ضرورة دعم توسعاتها ( أي دولة إسرائيل) ويعتقدون بأن الضغط على ( إسرائيل) مناوئٌ لمشيئة الرب وبالإضافة إلى ذلك فإن أعضاء اللوبي يضمون المسيحيين المحافظين أمثال جون بولتون ومحرر جريدة وول ستريت روبرت بارتلي ووليم بنت، والسفير في الأمم المتحدة جين كريك باتريك وجورج ويل .
- من أسباب نجاح اللوبي مع الكونغرس ، هو أن بعض مفاتيح القرار فيه من المسيحيين الصهاينة ينتمون إلى (المسيحية الصهيونية) مثل ديك أرمي الذي قال في سبتمبر 2002م . " إن أولوياتي الأولى في السياسة الخارجية الأمريكية هي حماية ( إسرائيل ) ". ربما يفكر أي واحد منا أن تكون الأولوية الأولى لمسئول أمريكي هي حماية أمريكا. ولكن هذا لم يقله أرمي. وأن هنالك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يعملون على جعل السياسة الخارجية الأمريكية تصب في المصالح ( الإسرائيلية ) .
وحول تأثير إيباك وسيطرتها على السياسة الأمريكية ، يذكر الكاتبان :
إن تأثير لجنة (AIPAC) على الكونغرس يذهب إلى الأبعد في الأهداف بأقصى الإمكانيات.
واستناداً إلى دوغلاس بلومفيلد عضو سابق في المنظمة ومن أعضاء كادرها قال " بشكل عام وعلى العموم فإن أعضاء الكونغرس الأمريكي وموظفيهم يقومون بالرجوع إلى لجنة (AIPAC) أولاً عندما يريدون الحصول على معلومات ، قبل الرجوع إلى مكتبة الكونغرس (خدمة أبحاث الكونغرس) بلجانها وأعضائها العاملين والخبراء والإداريين". ( ترجمة للبحث الذي أجراه كلٌّ من الأستاذ / جون ج . ميرشمير
قسم العلوم السياسية في جامعة شيكاغو والأستاذ / ستيفين م . والت .كلية جون ف. كنيدي الحكومية ، جامعة هارفرد : بعنوان اللوبي ( الإسرائيلي ) والسياسة الخارجية للولايات المتحدة في آذار مارس 2006م . ترجمة : أحمد إبراهيم الحاج . شبكة البصرة . 26/4/2006 )
- وللتدليل على قوة سيطرة اللوبي الصهيوني نرى أن نذكر بأن هذان الباحثان ، تعرضا للعقاب من قبل الجامعات والمؤسسات التي يعملون بها . فبعد أن قررت الهيئتان الأكاديميتان الأميركيتان اللتان يعملان فيهما واللتان أشرفتا على الدراسة . وقد تم رفع اسميهما وشعاريهما من مقدمة وغلاف الدراسة التي أثارت لغطاً وجدلاً حادين في واشنطن وتعرضت لحملة شعواء من أنصار ومؤيدي ( إسرائيل ) في الولايات المتحدة وتبرأتا منها تماماً .
وقد أجبر هذان الأكاديميان الأميركيان على الاستقالة من منصبيهما تحت ضغط اتهامهما زوراً وبهتاناً ب "معاداة السامية " استناداً إلى " قانون مراقبة انتقاد اليهود العالمي" الذي أقره الكونغرس الأميركي وتبنت تطبيقه وزارة الخارجية في أواخر عام 2004 . (محمود كعوش : سطوة الصهيونية على الإدارة الأميركية . شبكة البصرة . 2/5/2006 )
3 – في مقال للكاتب المعروف روبرت فيسك بعنوان " الولايات المتحدة ( الإسرائيلية ) " في صحيفة الأندبندنت ، وقد وضع على غلاف العدد من الصحيفة ، الذي نشر فيه المقال ، علم كبير للولايات المتحدة لكن بدلا من نجومه البيضاء الخمسين هناك خمسين نجمة داود .
يستعرض فيسك في مقاله عددا من الوقائع التي تتدلل مدى ما تتمتع به المجموعات الموالية ( لإسرائيل ) في الولايات المتحدة من نفوذ.
ويستشهد فيسك بواقعة إلغاء مسرحية " اسمي راشيل كوري " من مسارح نيويورك استجابة لضغوط مورست من قبل جماعات الضغط الموالية للدولة العبرية، وذلك لأن المسرحية تتعرض لواقعة قتل جرافة إسرائيلية لناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري أثناء محاولتها إيقاف الجرافة من هدم أحد المنازل الفلسطينية عام 2003.
وتعليقا على هذه الحادثة يقتبس فيسك فقرة من مقال لفيليب ويس نشر في مجلة " ذا نيشن " يقول فيه : " كيف يمكن للغرب أن يدين العالم الإسلامي لعدم تقبله الرسوم الكارتونية ( المسيئة للرسول ) وهناك كاتب غربي قد أسكت لتحدثه بالنيابة عن الفلسطينيين؟ ولماذا يمكن (لإسرائيل ) وأوروبا أن يتناقشا بشكل صحي أكثر حول حقوق الفلسطينيين الإنسانية بينما لا نستطيع نحن ذلك هنا (في الولايات المتحدة)؟ ( شبكة البصرة . 28/4/2006 )
4 - ولسيطرة الصهاينة على رجال الحكم في أمريكا فإن أغلب إن لم نقل كافة هؤلاء الحكام مضطرين لحضور ومباركة كافة الاحتفالات الصهيونية في الولايات المتحدة ، نذكر على سبيل المثال ما ذكرته صحيفة هآأرتس العبرية عن أن الرئيس الأمريكي جورج بوش سيكون على رأس المشاركين في الاحتفالات اليهودية بالذكرى المائة لتأسيس اللجنة اليهودية الأمريكية.
كما كشفت الصحيفة الصهيونية أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، كوفي أنان، شاركوا في افتتاح الاحتفالات بمناقشات موسعة حول مستقبل الشعب اليهودي في العالم! ( بوش وميركل وأنان يبحثون مستقبل الشعب اليهودي في العالم! . مفكرة الإسلام . 6/5/2006 )
وهكذا نرى أن الصهاينة لا يسيطرون على قادة الولايات المتحدة فحسب بل حتى على مسئولي ما يطلق عليها منظمة الأمم المتحدة .
ثانيا – غزو العراق واللوبي الصهيوني :
حسب قناعتنا، إن غزو العراق لم يكن للأسباب المفتعلة مثل : أسلحة الدمار الشامل أو علاقة النظام الحاكم في العراق بتنظيم القاعدة ، والتي ظهر كذب هذه الادعاءات بشكل جلي وواضح فيما بعد .
كما أن الغزو لم يتم لنشر الديمقراطية أو محاربة ما يطلقون عليه الإرهاب ، أو إحكام سيطرة الولايات المتحدة على المنطقة وبالنتيجة على العالم .
مؤكدين كذلك بأن النفط لم يكن الدافع الرئيس للغزو كما قال مؤخرا رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي السابق الان غرينسبان الذي ذكر بأن الحرب على العراق : " تتعلق بالنفط بصفة رئيسية "
كما أكد في مقابلة مع صحيفة ذي غارديان البريطانية : إن غزو العراق كان يهدف إلى حماية احتياطي النفط في الشرق الأوسط وإن قضية أسلحة الدمار الشامل كانت ذريعة واهية.
وكرر غرينسبان في كتابه الجديد " عصر الاضطراب.. مغامرات في عالم جديد " ما ذكره كثير من المنتقدين بأن إحدى القوى الدافعة الرئيسية للحرب هي ضمان استمرار حصول الولايات المتحدة على إمدادات النفط الضخمة من العراق.
وكتب غرينسبان " أيا كان ما ذكروه علنا عن مخاوفهم من أسلحة دمار شامل في حوزة صدام حسين فقد كان القلق يساور السلطات الأميركية والبريطانية أيضا من العنف في منطقة بها مورد لا غنى عنه لعمل الاقتصاد العالمي ".
وأضاف غرينسبان الذي ظل على مدى عقود من أكثر الأصوات الأميركية تمتعا بالاحترام في السياسات المالية قائلا : " يحزنني أنه من غير المناسب سياسيا الإقرار بما يعرفه الجميع (..) حرب العراق تتعلق بالنفط إلى حد بعيد ".
( غرينسبان: حرب العراق كان دافعها النفط . الجزيرة. نت . 17/9/2007 . و : واشنطن – من توماس فيرارو : غيتس يرفض تصريحات رئيس الاحتياطي الأميركي السابق ويرى أن حرب العراق مبعثها تحقيق الاستقرار في الخليج . ميدل ايست اونلاين . 17/9/2007 )
وهذا الطرح تم رفضه من قبل وزير الدفاع الأمريكي الذي ادعى بأن الصراع تحركه الحاجة إلى تحقيق الاستقرار في الخليج والقضاء على القوى المعادية .
وقال غيتس لشبكة ايه بي سي التلفزيونية الأميركية " أكن الكثير من الاحترام للسيد غرينسبان " لكنني اختلف معه في قوله إن النفط دافع رئيسي للحرب ".
وأكد غيتس : " لم أكن هنا أثناء عملية صنع القرار الذي دفع لشن الحرب ". لكنه أضاف : " أعلم أن نفس الزعم سيق حرب الخليج عام 1991 وأنا لا أعتقد أنه صحيح ".
واستطرد : " أعتقد أن الأمر يتعلق حقا بالاستقرار في الخليج . يتعلق بنظم مارقة تحاول تطوير أسلحة دمار شامل. يتعلق بحكام طغاة عدوانيين ". (واشنطن – من توماس فيرارو : غيتس يرفض تصريحات .. مشار له )
وحسب قناعتنا بأن جميع ما ذكر من أهداف للغزو هي دوافع ثانوية . وإن الغاية الأساسية لغزو العراق هي حماية أمن الكيان الصهيوني وتحقيق طموحاته .
وفي هذا المجال ودون تعداد أسباب الحقد الذي يحمله الصهاينة على العراق والتي نذكر منها بشكل خاص مساهمة العراق وبفاعلية بكافة الحروب التي قامت ضد الكيان الصهيوني والدعم الذي كان يقدمه العراق للمقاومة الفلسطينية . ( هناك كتاب يستحق القراءة حول هذا الموضوع : جون ك . كولي : تواطؤ ضد بابل . أطماع الولايات المتحدة و ( إسرائيل ) قي العراق . ترجمة : أنطوان باسيل . شركة المطبوعات للتوزيع والنشر . بيروت 2006 . وبالأخص الصفحات 174 وما بعدها )
ولا يفوتنا هنا أن نذكر المساهمة الفاعلة لقواتنا العسكرية الشجاعة في حرب تشرين 1973 ، فقد ذكرت إذاعة لندنيوم 1973/10/20 نقلا عن احد المعلقين العسكريين لصحيفة تايمس اللندنية ما يلي ( إن إحدى المفاجآت الكبرى في حرب الشرق الأوسط هي استطاعة العراق تحشيد فرقة مدرعة عبر مسافة الف كيلومتر وزجها في المعركة مما قلب خطط الإسرائيليين ومنعهم من تحقيق كل أهدافهم في هذه الجبهة) .
وأكد هذا التحليل المعلق العسكري الإسرائيلي ( زئيف شيف ) عندما قال ، في صحيفة هاارتس الإسرائيلية يوم 1973/10/29 ، : (لقد شكل اشتراك القوات العراقية في الحرب من جهة الشرق مفاجأة للقيادة العسكرية الإسرائيلية التي لم تكن تعرف ميدانيا قدرة القوات العراقية إلا من خلال ما ذكر في مصادر المعلومات العلنية عن كفاءتها العسكرية.. إن هذه المفاجأة العراقية التي أجبرت القوات العسكرية الإسرائيلية على فرز قوات كبيرة لمواجهة القوات العراقية احدث تحولا في مسيرة الحرب وابعد دمشق عن مطارق المدفعية الإسرائيلية. (عبد الوهاب محمد الجبوري : مذكرات ضابط عراقي شارك في حرب تشرين 1973. شبكة البصرة . 7/10/2007 )
وأحد أسباب الحقد هذه ، للانتقام من النظام الوطني العراقي الذي أطلق (39) صاروخاً ، على الكيان الصهيوني ، إبان العدوان الثلاثيني الغادر عام 1991. ودليلنا على ذلك ما أعلنه شيمون بيريز عام 1993 خلال زيارته للمغرب وفي مؤتمر صحفي عندما قال : " أن العراق سيدفع الثمن غالياً ". ( د. فؤاد الحاج : " مشروع الشرق الأوسط الكبير" ومخاطر تقسيم العراق . على الرابط :
) http://www.al-moharer.net:80/mohhtm/fouad262.htm (
ولذا فإن الكيان الصهيوني قدم كافة الدعم للنظام الصفوي في إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية . وفي هذا المجال نذكر قول المجرم شارون ، في نيسان ( ابريل ) 1984 : " من المؤكد أن خميني واحد من أعدى أعداء ( إسرائيل ) حقيقة : إنه يريد الفضاء علينا ، ولكن بما أن هناك حربا قائمة على شط العرب فإنه ليس بوسعنا أن ينتصر العراق ، فالعراق أيضا عدو لدود لدولة ( إسرائيل ) ، والعراق أقرب لأراضينا من إيران . فإذا انتصر العراق فسوف يحدث شيء آخر ليس في صالحنا ، فسوف يقوم السوفييت بمساعدة الإيرانيين . وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة ، لأن هذا سوف يعني أن موسكو ستعود مرة أخرى إلى منطقة الخليج العربي ." ( جرهارد كونسلمان : سطوع نجم الشيعة . ترجمة : محمد أبو رحمة . مكتبة مدبولي . القاهرة . 2004 . صفحة . 218 )
من المؤكد بأن أقوال شارون فيها الكثير من المغالطات نذكر منها :
- إن شارون يعلم جيدا بأن نظام خميني لا يمكن أن يفكر نهائيا بمحاربة الكيان الصهيوني . وهو ليس عدوا لهذا الكيان .
- حاول اللعب على الولايات المتحدة لتقوم بدعم مبادرته بتزويد إيران بالأسلحة والمعدات ، وذلك بادعاء احتمال تدخل السوفييت .
كما أن المجرم شارون ، والذي كان يشغل منصب وزير التجارة والصناعة في الكيان الصهيوني ، صرح في حديث إذاعي في شهر أيلول ( سبتمبر ) عام 1987 : " إن تعاظم قوة الجيش العراقي في السنوات الأخيرة نتيجة الحرب العراقية - الإيرانية المستمرة منذ سبع سنوات خلقت وضعاً يعتبر فيه العراق أخطر أعداء إسرائيل "!!.
وإن نفس المجرم قد ذكر في "الملحق السياسي" الصادر عن صحيفة "معاريف" بتاريخ 28/11/1986: " تتسم حرب الخليج بين العراق وإيران بعوامل أساسية، فهي ترتبط مباشرة بأمننا القومي، وكنت قد فسرت هذه العوامل لمسئولي الإدارة الأمريكية منذ أيار ( مايو ) 1982، ولم يتقبلوا تفسيراتي آنذاك .
لكن معطيات جديدة أضيفت إلى الوضع خلال السنوات الأخيرة، لقد تطلعت باهتمام رائد إلى منطقة " الخليج الفارسي " وما يدور بها، فقد أثبت المفاعل النووي العراقي، الذي يجسد أكبر خطر حام فوق اليهود في أرض " إسرائيل " منذ الأزل، (...) لقد ازدادت عظمة وقوة الجيش العراقي وقدراته بنسب مذهلة، الأمر الذي يهمنا بالذات ، لأنها تمثل ما يحتاجه في حربه ضد " إسرائيل "، إنه يملك الآن أربعين وحدة، أي أكثر من عدد الوحدات التي تتشكل منها جيوش سورية ومصر والأردن مجتمعة، كما كدس تجارب وخبرات واسعة، دون منازع في المنطقة، على صعيد تشكيل وتشغيل وصيانة قوات عديدة وأجهزة عسكرية حديثة وهائلة، وحتى لو قام بتجهيز ثلث هذه القوة فقط، والتي تساوي عدد الوحدات السورية والأردنية الصالحة للعمل، فإن هذا الأمر يعني مضاعفة قدرات تهديد الجبهة الشرقية".!
وتابع يقول: " بالإضافة إلى ذلك فإن العراق مجاور للأردن وسورية، وبإمكانه تقديم ونشر قواته على هذه الحدود، أي على مقربة من " إسرائيل "، وفي الوقت نفسه يتمتع جيشه بخبرات واسعة ومتواصلة نتيجة كافة الحروب السابقة ضدنا، التي شارك بها إلى جانب جيوش سورية والأردن"!!.
وحول الدور الصهيوني في العراق ما قبل الغزو والاحتلال نشير إلى ما ذكره " أوري ساغيه " أيضاً، "مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة ستحدد وظائف للنظام الجديد في العراق بعد صدام حسين، وبكل تأكيد أنها حددت هذه الوظائف بالتنسيق والتشاور مع إسرائيل وليس بمعزل عنها". ( د. فؤاد الحاج : " مشروع الشرق الأوسط الكبير" ... مشار له )
ولكن أزلام الإدارة الأمريكية ، وجميعهم من الصهاينة ، لم يريدوا أو بالأحرى لم يستطيعوا التصريح بأنهم وراء غزو العراق علنا .
ولذا قاموا باختراع الأهداف المذكورة أعلاه لغرض خداع الشعب الأمريكي وبقية شعوب العالم .
ورغم التأييد الكبير الذي حصلت عليه عملية الغزو من قبل الشعب الأمريكي ، الذي تلعب به وسائل الإعلام الصهيونية ، فإن الغالبية العظمى من شعوب العالم لم تقتنع بأن الغرض الرئيس للغزو هو القضاء على أسلحة الدمار الشامل أو علاقة السلطات العراقية بتنظيم القاعدة أو بتفجيرات 11 أيلول ( سبتمبر ).
وبدل التوسع بهذا الموضوع سنقوم بتقديم ما يؤكد طرحنا من خلال بعض الفقرات التالية :
1 – يذكر أحد الكتاب حادثة مهمة تدل على أن الصهاينة استطاعوا إقناع الكثير من رجال السياسة ، حتى خارج أمريكا ، بضرورة غزو العراق .
يقول الكاتب : وأذكر في هذا السياق أنني سمعت أول تهديد بالقضاء علي صدام حسين وعلي العراق كقوة تهدد ( إسرائيل ). من وزير ألمانيا عام ..1990 فبعد تحقيق الوحدة الألمانية تلقيت دعوة مع مجموعة من الزملاء الصحفيين لزيارة ألمانيا الموحدة.
وفي لقائنا مع وزير الخارجية.. قال الرجل : إننا نعد لمرحلة ما بعد صدام حسين في علاقاتنا مع العرب وسياستنا تجاه المنطقة العربية.. حاول المترجم أن يختزل الكلام الذي صرح به الوزير ولكنني وبسبب معرفتي للغة الألمانية استوقفته لأتأكد مما قاله.. واستطرد الوزير قائلا: " صدام حسين لديه مدافع عملاقة تهدد أمن ( إسرائيل ) لذلك فالقضاء عليه أمر ضروري ." ( د.لطفي ناصف : العرب..وقرار الكونجرس لتقسيم العراق . الجمهورية مصر . 6/10/07 )
2 - أكد الكاتب الأميركي ستيفن سينغوسكي في وثيقة تحليلية استند فيها إلى مواقف وأفكار دبلوماسيين ومحللين سياسيين أميركيين و( إسرائيليين ) : أن " المحرك الرئيسي للحرب الأميركية على العراق هو حماية ( إسرائيل )".
وتحدث سنيغوسكي عن الدوافع التي تجعل دولة عظمى تخوض حربا من أجل حماية (دولة) لا يكاد يكون لها وزن على الخارطة، وينقل سنيغوسكي عن المؤرخ والديبلوماسي الأميركي بول شرودر قوله إن الدافع الخفي للسياسة الأميركية التي قادت إلى غزو العراق هو أمن " إسرائيل ".
ويضيف شرودر: " إذا كان أمن ( إسرائيل ) هو الهدف الحقيقي لهذه الحرب فإن ذلك يمثّل أمرا فريدا في التاريخ فالمعروف أن القوى الكبرى تعمل على تحريض القوى الصغرى وإثارة الخلافات بينها حتى تتأجّج نار الحرب بشكل يحقّق المصالح العليا لتلك القوى، ولكن يبدو أن هذا هو المثال الأول في التاريخ حيث تخوض قوة عظمى حربا بالوكالة عن ( دولة صغيرة ) "؟!!.
وحسب سينغوسكي فإنه لاكتشاف دوافع الحرب الأميركية على العراق لا بد من السؤال التالي: كيف قادت هجمات 11 أيلول ( سبتمبر ) 2001 إلى التخطيط لهذه الحرب على العراق رغم انعدام أي دليل على تورط العراق فيها؟!!
ويمضي الكاتب الأميركي قائلاً : إنه منذ اليوم الأول لتلك الهجمات سعى المحافظون الجدد وخاصة أولئك الذين ينحدرون من أصل يهودي ( اليهودية دين وليس جنس لقوم ) أو المحسوبين على الفكر الصهيوني اليميني إلى الركوب على الأحداث واتخاذ الهجمات ذريعة لإعلان حرب واسعة النطاق على ما أسماه (الإرهاب الإسلامي) حيث تمثل الدول المستهدفة في هذه الحرب أعداء “ إسرائيل ”.
وأشار الكاتب إلى أنه حتى قبل أحداث 11 أيلول 2001 دافع المحافظون الجدد علنا عن فكرة شن حرب على العراق، وإنما كانوا ينتظرون ذريعة لإعلانها!!.
وأشار كريستيان في مقاله ذاك إلى أن : عدداً كبيراً من المحللين ( الإسرائيليين ) باتوا على قناعة بهذه الفرضية حيث كتب المعلّق ( الإسرائيلي ) آكيفا إيلدر مؤخراً في صحيفة (هآرتس) : أن " ريتشارد بيرل ودوغلاس فيث وأصدقاءهم ( الإسرائيليين ) خلقوا توازنا في أدائهم بين التزاماتهم تجاه الحكومات الأميركية والمصالح ( الإسرائيلية ) ".
وتحدث الكاتب عن حرب الخليج عام 1991 مشيراً إلى : أن الصقور المؤيدين للحرب من المحافظين الجدد مثل بيرلو فرنك غافني وويليام سافيرو روزنتال كانوا يؤيدون فكرة أن الهدف من الحملة العسكرية آنذاك ليس إجبار العراق على الخروج من الكويت فحسب، وإنما أيضا تدمير القدرة العسكرية العراقية وتحديداً قدرته على تطوير الأسلحة النووية، وهو ما أيدته إدارة بوش الأب.
وأشار الكاتب إلى : أن تلك الإدارة خيبت آمال المحافظين الجدد آنذاك بإبقائها على صدام في الحكم، بل إنها دخلت في صراع مع الأهداف المعلنة للمحافظين الجدد حيث عمل وزير الخارجية الأميركي آنذاك جيمس بيكر في إطار الرؤية الأميركية للنظام العالمي الجديد على عرض مبادرة للحد من السيطرة ( الإسرائيلية ) على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتقليص من الاستيطان، وهو شرط لدفع 10 مليارات دولار من الإدارة الأميركية لـ" إسرائيل " لتشجيع المهاجرين الجدد إليها خاصة من الاتحاد السوفيتي السابق.
وأشار سنيغوسكي إلى : أن هذه السياسة تسببت في فقدان ثقة المحافظين الجدد وإلى خسارة بوش الأب في الانتخابات الرئاسية عام 1992 التي كسبها بيل كلينتون!!. (وثيقة أمريكية: خطة غزو العراق ولدت في ( إسرائيل ) ... مشار له )
3 - قبل ظهور مشروع “ القرن الأمريكي الجديد ” بسنة تقريباً، قدم ريتشارد بيرل (8/7/1996) إلى بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء “ الإسرائيلي” آنذاك ، وثيقة مكتوبة لرسم سياسة خارجية “ إسرائيلية ” جديدة، تدعو إلى رفض اتفاقيات أوسلو، ومفهوم “ الأرض مقابل السلام ”. وتدعو إلى ضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى “ إسرائيل ” بصورة دائمة.
وتدعو الوثيقة إلى القضاء على نظام صدام حسين كخطوة أولى تسبق التخلص من نظم الحكم القائمة في كل من سوريا ولبنان والسعودية وإيران. وكانت الوثيقة معدة أساساً “ لمعهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية المتقدمة ” بفرعيه في كل من واشنطن و” إسرائيل ”. أما “ بيرل ” فقد تولى منصب رئيس هيئة السياسات الدفاعية في وزارة الدفاع الأمريكية أثناء حكم بوش فيما بعد.
اعترض جورج دبليو بوش ، في بداية حكمه ، على مشروع “ بناء الأمة ”. ولكن ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي ، قبل أحداث 11 أيلول ( سبتمبر ) زرع في إدارة بوش ثمانية من رفاقه من المحافظين الجدد: رامسفيلد، وولفويتز، آبرامز، ليبي، بولتون، بيرل، فيث، ورمسر، وقد دافع هؤلاء عن سياسة “ تغيير النظام ” في بغداد وإعادة بناء العراق. واستغل تشيني والمحافظون الجدد أحداث 11أيلول ( سبتمبر ) لإقناع بوش بالتخلي عن مبادئه المحافظة التي كان يعتنقها عندما انتخب لأول مرة .
و بعد هجمات 11 أيلول ( سبتمبر ) بلحظات ، أعلنت حكومة شارون أن صدام حسين قد أمر بهذه الهجمات، ودعت إلى رد انتقامي ضخم ضد بغداد، هذا بالإضافة إلى الجهود المحمومة التي قام بها بول وولفويتز وريتشارد بيرل لدفع بوش لشن الحرب على العراق، ومعهما أحمد الجلبي الذي باع العراق لأمريكا ، وباع أمريكا لإيران. (محمد جلال عناية : بوش والمصيدة “الإسرائيلية” في العراق . شبكة البصرة . 25/4/2006 )
4 - نقتطف هنا بعض الفقرات من البحث المذكور سابقا . ( ترجمة للبحث الذي أجراه كلٌّ من الأستاذ / جون ج . ميرشمير .. مشار له )
- إن الضغط من جانب ( إسرائيل ) واللوبي ( الإسرائيلي ) في أمريكا لم يكن السبب الوحيد وراء قرار مهاجمة العراق في مارس 2003م ولكنه كان عنصراً مهماً .
إن بعض الأمريكيون اعتقدوا بأن الحرب من أجل النفط ولكن لم يكن هنالك مؤشر قوي لهذا الدافع بدلاً من ذلك فإن التحريض على الحرب كان جزئياً وحافزاً معتبراً وهو تحقيق الأمن (لإسرائيل ) وجعلها أكثر أماناً .
- استناداً إلى فيليب زيلو أحد أعضاء المجلس الاستشاري للرئيس لشؤون الخارجية (من 2001-2003) وعضو تنفيذي في لجنة 11أيلول ( سبتمبر ) ، وهو الآن مستشار لسكرتيرة الإدارة الأمريكية كونداليزارايس ، الذي قال في ندوة في جامعة فرجينيا في أيلول ( سبتمبر ) 2002 : إن التهديد الحقيقي للعراق لم يكن موجهاً ضد الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة إن التهديد المبطن وغير المعلن عنه هو التهديد (لإسرائيل ) .
وفي 16 آب ( أغسطس )2002 ، وقبل 11 يوماً من إطلاق حملة نائب الرئيس ديك تشيني للحرب في حديثة الطويل للمحاربين القدامى في الحروب الخارجية، ذكرت واشنطن بوست : إن " ( إسرائيل ) تحض المسئولين الأمريكيين على عدم تأخير شن الحرب والضربة العسكرية ضد نظام صدام حسين واستناداً إلى إستراتيجية شارون فقد وصل التنسيق الأمريكي ( الإسرائيلي ) إلى أبعاد جديدة ، وأن مسئولي الاستخبارات ( الإسرائيلية ) قاموا بتزويد واشنطن بعدة تحذيرات وتقارير معلوماتية عن برنامج أسلحة الدمار الشامل العراقية.
واستناداً إلى جنرال ( إسرائيلي ) متقاعد الذي أكد للصحيفة : " إن المخابرات ( الإسرائيلية ) كانت شريكاً كاملاً في أعطاء صورة واضحة للمخابرات الأمريكية والبريطانية عن أسلحة العراق غير التقليدية وقدراته التدميرية .
ولقد امتعض القادة ( الإسرائيليون ) بشدة عندما كرر الرئيس بوش الرجوع إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار تفويض شن الحرب على العراق في شهر أيلول ( سبتمبر ) .
- وفي أيلول ( سبتمبر ) 2002 صرح شمعون بيرس وزير خارجية الكيان الصهيوني للصحفيين : " إن الحملة ضد صدام حسين واجب ، التفتيش والمفتشين فكرة جيدة على جماعة مهذبه ولكن الجماعة غير الأمينة والكاذبة تستطيع التغلب بسهولة على عملية التفتيش وعلى المفتشين" .
وفي نفس الوقت كتب رئيس الوزراء السابق ايهود باراك في نيويورك تايمز محذراً : إن الخطر الأكبر يكمن في عدم اتخاذ إجراء . وعقَب سلفه السابق بنيامين نيتنياهو في مقالة منشورة في صحيفة الجورنال ستريت عن حالة إسقاط نظام حكم صدام مصرحاً : " في هذه الأيام ليس هنالك شيئا أقل أهمية من إسقاط هذا النظام وأضاف قائلاً أنا على يقين كما قلت للأغلبية الساحقة من ( الإسرائيليين ) يجب أن ندعم ضربة وقائية ضد نظام صدام حسين الخطير" .
أو كما كتبت صحيفة هاارتس في شباط ( فبراير ) 2003 : " إن القيادة السياسية والعسكرية ( الإسرائيلية ) تتوق إلى شن الحرب على العراق ".
ولكن كما اقترح نتنياهو ، إن الرغبة في الحرب لم تقتصر على القادة ( الإسرائيليين ) ، وفي معزل عن الكويت التي احتلها صدام حسين عام 1990، كانت ( إسرائيل ) هي القطر الوحيد في العالم والتي عبر قادتها السياسيين وجماهيرها عن رغبتهم في إشعال هذه الحرب .
- وبدون جهود اللوبي ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تكون بعيدة قليلاً عن الذهاب للحرب ، في آذار (مارس ) 2003م . لغزو العراق .
5- إن الاحتلال الأمريكي للعراق تم بناءاً على تحريض ( إسرائيلي ) ودور كبير للوبي اليهودي في أمريكا ( المخطط " الإسرائيلي " لتفتيت العراق . الجزيرة . نت . عن الألمانية . 13/11/2006 )
6 - نشرت جريدة الوطن السعودية تقريراً هاماً عن دور الكيان الصهيوني في اكذوبة أسلحة الدمار الشامل العراقية نقتطف منه : .
وفق مركز "جافي" ( الإسرائيلي ) التابع لجامعة تل أبيب فإن : تل أبيب وتشيني وبلير اخترعوا صورة استخباراتية كاذبة عن أسلحة الدمار العراقية .
وقد أكد التقرير الصادر عن هذا المركز : أن ( إسرائيل ) كانت " شريكا كاملا " مع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير في اختراع صورة استخباراتية كاذبة لأسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق. وقال التقرير الذي نشرته صحيفة "EIR" الأمريكية إن حملة تشويه المعلومات قامت بها الحكومات الثلاث بتنسيق تام لتبرير غزو العراق.
وقال كاتب التقرير الجنرال الاحتياط شلومر برون لـ"BBC" في 4 كانون الأول ( ديسمبر ) : إن ( إسرائيل ) لم تكن فقط " شريكا " كاملا... في تطوير صورة مزيفة، ولكنها أيضا عززت في قناعة الأمريكيين والبريطانيين بأن الأسلحة كانت موجودة.
ومع أن التقرير لا يسمي أي شخص أو يعطي أي تفاصيل عن كيفية عمل هذه " الشراكة " فقد كان المرشح الرئاسي ليندون لاروش في مقدمة من فضحوا دور ديك تشيني والمحافظين الجدد الذين نشرهم في إدارة بوش. والعديد من هؤلاء النشطاء بما في ذلك نائب وزير الدفاع لشؤون السياسة دوج فيث، وريتشارد بيرل من مجلس دفاع رونالد رامسفيلد الذين لعبوا دورا رئيسيا في حملة تشويه المعلومات خلال فترة التعبئة لغزو العراق. وهم معروفون أيضا بعلاقاتهم القوية مع اليمين ( الإسرائيلي ) ومتهمون بالولاء المزدوج.
وكانت EIR قد كشفت في 22 أغسطس 2003 أن مكتبا موازيا للمخططات الخاصة تم إنشاؤه بسرية في مكتب رئيس الوزراء (الإسرائيلي ) أرييل شارون للتنسيق مع فريق البنتاغون السري المسئول عن حملة تشويه المعلومات.
وكان ذلك المكتب تحت إشراف مدير مكتب شارون دوف فايسجلاس الذي كان صلة الوصل بين شارون وإدارة جورج بوش خاصة ديك تشيني .
وقال الصحفي أوزي بينزمان في مقال له في هارتس في 7 ديسمبر : إن الجنرال أموس جلعاد هو أحد المسئولين عن الفشل ألاستخباراتي ، فهو الرجل " الذي قدم خلال العقد الماضي تقديرات استخباراتية عسكرية حول التوجهات في السلطة الفلسطينية، وكان أيضا مسئولا بشكل كبير عن تشكيل التقديرات الاستخباراتية حول التطورات في العراق".
ويعتبر أموس جلعاد أحد غلاة المتشددين في وزارة الدفاع ( الإسرائيلية )، وهو الذي أدلى بتصريحات عن احتمال قيام صدام حسين باستخدام أسلحة دمار شامل ضد ( إسرائيل ) مما أثار الرعب بين ( الإسرائيليين ) وأدى إلى توزيع أعداد ضخمة من أقنعة الغاز خلال المرحلة الأولى من الحرب على العراق".
وتبين التحقيقات الأولية أن جلعاد كان مسئولا عن هذه التقديرات الخاطئة ، وعن إعطائها للولايات المتحدة في وقت مبكر ربما كان في 1997، وخاصة في 1998 عندما كانت إدارة كلينتون تخضع لمحاولات جرها لشن حرب على العراق. ( حملة تشويه للمعلومات نسقتها أمريكا وبريطانيا و( إسرائيل ) لتبرير غزو العراق. المرشح للرئاسة الأمريكية ليندون لاروش يفضح دور نائب الرئيس في خداع الرأي العام . واشنطن: الوطن . عن التجديد العربي . 1/1/2004 )
7– لقد اتهم أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بمعاداة السامية لكونه أكد بأن غزو العراق تم لضمان أمن الكيان الصهيوني .
وقد وقف هذا الرجل البالغ من العمر 82 سنة الخميس الماضي في بهو قاعة مجلس الشيوخ ليدافع عن موقفه، وينتقد بلهجة قاسية اللجنة الأميركية – ( الإسرائيلية ) للشؤون العامة " إيباك " قائلاً : إن صانعي التشريع في الولايات المتحدة اتبعوا لسنوات طويلة سياسات وضعتها " إيباك ". وأضاف : " أنا لا أعتذر عما كتبته في مقال رأي وأطالب بأن يقدموا هم الاعتذار إليّ بسبب إشارتهم إلى أنني معادٍ للسامية ".
وفي "مرافعته" أمام مجلس الشيوخ، أكد السناتور مجدداً أن حرب العراق شنت من أجل ( إسرائيل ). وقال : "هذه ليست مؤامرة... هذه سياسة وكل فرد يعرف هذه الحقيقة... لأننا كنا نريد أن نحمي صديقتنا ( إسرائيل ) ".
ورأى أن بوش جاء إلى البيت الأبيض وهمه واحد وهو أن يعاد انتخابه، وبالتالي " اعتقد الرئيس أنه بخفض الضرائب سيضمن مساندة الحشد التابع له، وبنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط من أجل حماية ( إسرائيل ) سيضمن سحب الصوت اليهودي من صفوف الديمقراطيين ". وفي معرض انتقاده لمستشاري الرئيس، حرص على القول إنه ينتقدهم ليس لأنهم يهود، بل لأنهم ضللوا الرئيس وأعطوه النصيحة الخاطئة.
وخلال انتقاده " ايباك "، لفت هولينغز إلى أن هذا اللوبي يقول لأعضاء الكونغرس ما عليهم أن يقروه من سياسات. كذلك انتقد الإدارة الأميركية وبوش، قائلا ً: " إننا لم نعد الوسيط النزيه بين ( إسرائيل ) والفلسطينيين ". واعتبر أن ما فعله الرئيس بوش أخيراً من إهمال لسياسة استمرت 35 سنة تتعلق بالتفاوض في شأن المستوطنات واللاجئين هو بمثابة القول : " انسوا كل هذا، ودعوا شارون يهدم بجرافاته ".
ولاحظ مراقبون أن السناتور خرج عن صمته بعدما " فاض به الكيل "، ولكنه عكس رأي العديد من أعضاء الكونغرس . ورأوا أنه قال بجرأة وشجاعة ما أراد قوله لأنه لن يترشح لولاية ثانية. ( سناتور ديمقراطي يثير ضجة في أميركا: غزو العراق لضمان أمن إسرائيل . موقع الأنباء الإخباري . 22/5/2004 )
8 - وفي مقال للكاتب الصهيوني رامي طال في صحيفة يديعوت بتاريخ 10/12/2006 .
يبين فيه : " ترفض ( اسرائيل ) كل محاولة لايجاد علاقة أو ربط بين الموضوع العراقي وبين الموضوع الشرق أوسطي " هكذا رد رئيس الوزراء على تقرير بيكر - هملتون.
ويضيف : حين قرر الرئيس بوش الخروج الى الحرب سنة 2003، هللت له ( اسرائيل ) ، التي رأت في سقوط نظام صدام حسين انجاز استراتيجي مهم . ولا احد هنا حاول الادعاء بانه لا " علاقة له ". ولذلك، فان ما يحدث الان في العراق وبين ما يحاول اولمرت وصفه بـ " الموضوع الشرق – اوسطي "، اي النزاع العربي – ( الاسرائيلي ) يعتبر حقيقة أكيدة، لا يمكن ( لاسرائيل ) ان تغيرها. ( صحيفة اسرائيلية : اسقاط صدام حسين انجاز ستراتيجي مهم لاسرائيل . شبكة البصرة . 10/12/2006 )
نعتقد بأن ما قدمناه يعتبر دليلا كافيا على ما طرحناه في المقدمة ولذا نكتفي بهذا القدر .
الفصل الثاني : الطروحات الصهيونية المتعلقة بتقسيم العراق .
قبل ان نقوم بعرض الطروحات المتعلقة بموضوع تقسيم العراق ودور الصهاينة ، نرى من المفيد هنا أن نشير إلى ما قاله طارق عزيزعام 1982 لمراسل صحيفة اللوموند الفرنسية حيث أكد أن :"خطة ( إسرائيل )، منذ مدة طويلة، تجزئة الوطن العربي، إلى كيانات صغيرة، طائفية ومذهبية وعرقية، في سبيل أن تبقى (إسرائيل) هي المسيطرة الوحيدة على المنطقة وبالنسبة للعراق، تتضمن هذه الخطة، إلى تقسيمه إلى ثلاث دول: واحدة للأكراد وأخرى للعرب السنة وثالثة للشيعة في الجنوب ."
ولتحقيق هذا الغرض فإن أكثر التفجيرات والسيارات المفخخة، التي تطال العراقيين الأبرياء أو المساجد والحسينيات واتي يراد منها خلق حرب أهلية، تقف وراءها المخابرات الصهيونية وسلطات الاحتلال وبعض كتائب الأحزاب الطائفية. (د. عبدالإله الراوي : ماذا... لو عاد صدام لحكم العراق..؟ شبكة البصرة .2/8/2005 )
وطبعا بعد احتلال العراق فإن الكيان الصهيوني ومسانديه وجدوا في هذا الاحتلال فرصة ذهبية لتحقيق هدفهم هذا .
وللتأكيد على ما ذكرناه سنقوم بعرض بعض المشاريع والاراء المتعلقة برغبة الكيان الصهوني والجهود التي بذلها ويبذلها الصهاينة لتقسيم العراق .
أولا : الطروحات القديمة لتقسيم العراق .
1- يقول أحد الكتاب : إن قرار مجلس الشيوخ الامريكي غير الملزم هو عبارة عن نسخة طبق الاصل من قرار رئيس ( اسرائيل ) الاول ( بن غوريون ) بتقسيم العراق لثلاث مناطق عرقية ومذهبية . (سرمد عبد الكريم : اكراد الحزبين يريدون تفتيت و انهاء العراق ... الدعوة لفصل اكراد الحزبين عن العراق . واع . 29/9/2007 )
أي أن فكرة تفتيت العراق تعود إلى آيام زرع الكيان المسخ في قلب الوطن العربي .
2 - كذلك كتب زييف شيف- المراسل العسكري لصحيفة هارتس ( الإسرائيلية ) : إن " أفضل " ما يمكن أن يحصل لصالح ( إسرائيل ) في العراق هو تفكيك العراق إلى ثلاثة أجزاء مع انفصال الجزء المتعلق بكردستان.. هارتس 6/2/1982. ( هل بدأ تنفيذ الحلم الاستراتيجي الصهيوني .. مشار له )
3 - وبتاريخ 14/2/1982 قدمت خطة صهيونية لتفتيت العراق والمنطقة العربية كما سنعرضها في الفصل القادم ، ونقدم هنا ما يتعلق بالعراق فقط ، حسبما ذكره أحد الكتاب ، الذي نقتطف فقرات منها :
– أن العراق لا يختلف عن جيرانه من الدول العربية، فرغم أن أكثريته من الشيعة، فالأقلية السنية كانت هي الحاكمة، وعليه فان حوالي 65% من السكان لا نصيب لهم في السلطة التي كانت تمسك بها نخبة من الأقلية السنية ، وعلاوة على ذلك توجد في الشمال أقلية كردية، ولولا قوة النظام الحاكم، وقوة الجيش وضخامة موارد النفط أنذاك، لأصبح مستقبل العراق القريب لا يختلف عن لبنان بعد الحرب الأهلية التي حصلت فيه عام 1975، فبذور التمزق الداخلي والحرب الأهلية في العراق واضحة للعيان اليوم أكثر من أي وقت مضى .
نشير هنا أن الخطة تقدم أرقام بعيدة عن الحقيقة ، وهذه الأرقام التي روج لها عملاء الصهيونية قبيل الغزو، أخذ يتداولها للأسف أكثر الكتاب والباحثون سواء بغرض سيء أو بحسن نية.
ورغم رفضنا لأي أطروحات تؤدي إلى خلق التفرقة بين الشعب العراقي على أساس طائفي أو اثني ، فقد سبق وأكدنا من خلال مصادر موثقة بأن الإحصاءات الدقيقة، وحتى تلك المقدمة من قبل مجموعة دراسة بيكر – هاملتون، تؤكد بأن السنة يشكلون 60- 62 % من الشعب العراقي، بينما الشيعة لا يشكلون سوى 38 – 40 % فقط.
أي أن السنة العرب 42 – 44 % والأكراد والتركمان 18 – 20 %.
بينما الشيعة يشكلون فقط 38 – 40 %. العرب 36 – 38 % والشيعة الأكراد والتركمان 2-4 %. ( الدكتور عبدالإله الراوي : صدام حسين ... تنفيذ الإعدام قبل أوانه . شبكة البصرة . 15/12/2007 )
– إن العراق وهو دولة غنية بالنفط ولكنها ممزقة داخلياً، والعراق مرشح مضمون لتحقيق أهداف ( إسرائيل ) ويعتبر تقسيمه أكثر أهمية من تقسيم سورية ، فالعراق أقوى من سورية ، وعلى المدى القريب ، فان قوة العراق هي التي كانت ستشكل خطراُ على ( إسرائيل ) ، كما افترضت الخطة وقت نشرها في عام 1982 أن الحرب العراقية ـ الإيرانية كفيلة بأن تمزق العراق وتسبب انهياره الداخلي قبل أن يصبح قادرا ً على أن ينظم مقاومة واسعة ضدنا، وفي الحقيقة فان كل نوع من القلاقل الداخلية سيساعد ( إسرائيل ) مباشرة وستقصر الطريق نحو الهدف الأهم : (تقسيم العراق إلى طوائف) كما حدث في لبنان ".
- " إن تقسيم العراق على أساس طائفي ـ عنصري كما كانت عليه سورية في العهد العثماني أمر واقعي وممكن، وعليه فان ثلاث " أو أكثر " من الدويلات الطائفية العنصرية يمكن أن تقوم في العراق حول المدن الرئيسية الثلاثة (البصرة، بغداد، الموصل) وهذا يتم بفصل منطقة الجنوب الشيعية عن كل من منطقة السنة في الوسط ومنطقة الأكراد في الشمال، وبفصل الأخيرتين عن بعضهما، والحرب الأهلية التي سوف تجري في العراق كفيلة بأن تبلور هذا الواقع وتجعله ممكناً ".
- تتضمن الخطة أيضا : " إقامة ثلاث دويلات فيه تكون عواصمها " البصرة ـ بغداد ـ الموصل " كما كان عليه الوضع أبان العهد العثماني، إنما هو أمر سهل وواقعي وممكن التحقق، وافترضوا أن الحرب العراقية ـ الإيرانية ستحقق هذا الهدف . ( محمد حسن الجبوري : الفيدرالية خطة أمريكية ( إسرائيلية ) لتقسيم العراق والدول العربية إلى دويلات طائفية .. شبكة البصرة . 12/9/2006 )
4 - كما أن الكاتب ( الإسرائيلي ) عوديد ينون قال ، في مطلع الثمانينيات : إن مصلحة ( إسرائيل ) تتطلب تقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب، وان ذلك يتطلب دعم نظام خميني في حربه ضد العراق للتعجيل بتقسيمه. ( صلاح المختار : تقسيم السودان والعراق هو هدف مشترك لأمريكا وإيران و( إسرائيل ) . شبكة البصرة . 17/1/2007 )
5 - .ومنذ عام 1983، مثلا، اقترح - --المستشرق برنارد لويس، المعروف بمواقفه المعادية للعرب، تقسيم العراق إلي ثلاث دويلات: دولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط ودولة كردية في الشمال .
وبعد غزو العراق، أشار نفس الكاتب إلي أن : العراق دولة مصطنعة، وان احتلاله فرصة لتصحيح هذا الخطأ الذي ارتكبه البريطانيون، أي تفكيكه إلي عدة دويلات بحسب الطبيعة السكانية، وانتماءاتها الدينية والعرقية.
وذكر المؤرخ ( الإسرائيلي ) بيني موريس في لقاء مع احدي المحطات الأمريكية قبيل الحرب علي العراق قائلا: إن العراق دولة مصطنعة رسمها الانكليز وخلطوا فيها عشوائيا بين شعوب و طوائف لا تريد في الحقيقة أن تتعايش مع بعضها. ( علاء الدين الأعرجي : تقسيم العراق مؤامرة سقط فيها الكثير من العراقيين . جريدة القدس العربي . 28 / 12 / 2006 )
6 - وإن " المحافظين الجدد " في الولايات المتحدة ومعظمهم من اليهود الذين يحملون الجنسيتين الأميركية و ( الإسرائيلية )، والذين عملوا مستشارين لرئيس الوزراء ( الإسرائيلي ) الأسبق نتانياهو، هم الذين قدموا له في عام 1996 مشروعاً متكاملاً لضرب الوحدة الوطنية في العراق. أي قبل خمس سنوات من وقوع مأساة 11/9/2001 في نيويورك وواشنطن. وقبل سبع سنوات من الغزو الأميركي للعراق. ( محمد السماك : مشروع تقسيم العراق... أين المفاجأة؟! . الاتحاد الإمارات . 5/10/07 )
ثانيا : الآراء والمقترحات لتقسيم العراق بعد الاحتلال .
1- قال هنري كيسنجر : " علي الولايات المتحدة أن تغير سياستها هناك، وعليها أيضا إهمال فكرة العراق الموحد : عراق كبير جدا، لدرجة عدم القدرة علي السيطرة عليه. إذا كان بالإمكان تقسيم ( إسرائيل ) الصغيرة فما بالك بالعراق، هكذا بالإمكان السيطرة أسهل علي الدولة التي ستقام، ولأول مرة يكون بالإمكان تأسيس دولة ثواب وعقاب " .
هكذا تناغم هذا الطرح مع كلام (غي باخور) المستشرق والصحافي والمستشار ( الإسرائيلي ) المعروف، والباحث في مركز هرتسليا وهو أشهر مراكز البحث ( الإسرائيلية ) ، بتاريخ 16 حزيران 2005 على صحيفة (يدعوت احرنوت) والذي أكد نفس الأقوال ، وهو ما يجعله من راسمي سياسة ( إسرائيل ) .
. ( محمد حسن ألخالصي : حرب التضليل تقسيم العراق ....خطة كيسنجر وأدواتها العراقية . دار بابل . عدة مقالات نشر أولها بتاريخ : 14/8/2005 . ) كما سنرى أطروحات هذا الأخير عندما نتكلم عن أمريكا وعملية التقسيم .
علما بأن غي باخور قال : - انه في حال لم يسفر الاحتلال الأمريكي للعراق، عن تقسيم هذا البلد، فانه يمكن اعتبار الحرب الأمريكية عمليه فاشلة من أساسها ولم تحقق أهدافها.
واعتبر باخور في ندوة إذاعية بثتها الإذاعة ( الإسرائيلية ) أنه يتوجب القضاء على الوحدة الجغرافية للعراق وتسهيل إقامة دويلات طائفية في البلد، مشددا على ضرورة أن يتم أولا إضعاف " الوجود السني "! في العراق وضرب " حركات المقاومة السنية "! هناك بكل قوة حتى لا يتحول " الكيان السني "! في العراق الجديد إلى نقطة انطلاق كبيرة لتهديد المصالح الأميركية و ( الإسرائيلية ) . ( علاء الدين الأعرجي : تقسيم العراق مؤامرة .. مشار له . و : باحثون صهاينة يدعون إلي إضعاف الوجود السني وتفتيت العراق . مفكرة الإسلام . 13/11/2006 )
2 - حسب صحيفة النيويوركر الأمريكية فإن هناك مخططاً ( إسرائيليا ) لتفتيت العراق وإقامة دولة كردية في الشمال ، وذكرت الصحيفة أن الخطة ' B ' التي اعتمدتها المخابرات ( الإسرائيلية ) للتعاون مع الأكراد في إقامة دولتهم تقوم على تدريب الكوماندوز الأكراد للقيام بعمليات خاصة داخل الأراضي السورية والإيرانية والتركية لصالح ( إسرائيل ) تشمل التجسس والتخريب وغيرها .
وفى الحقيقة فإن دور الموساد الصهيوني في الموضوع الكردي العراقي ، وربما الكردي التركي والإيراني أمر ليس جديداً ، بل هو قديم ومعروف ، يصب في مصلحة ( إسرائيل ) لتهديد وتفتيت دول مثل العراق .
وهذا المشروع قديم كما ذكرنا ولكن الجديد هو أن الاحتلال الأمريكي للعراق أعطى الفرصة الكاملة لتحقيق هذا الهدف .
وتحدث الكاتب الأمريكي سيمور هيرش لنفس الصحيفة عن خطة ( إسرائيلية ) لتدريب 75 ألف كردي على غرار القوات الخاصة ( الإسرائيلية ) ، وأن ( إسرائيل ) عملت من خلال المنطقة الكردية العراقية إلى التسلل إلى داخل إيران وأقامت مراكز للتجسس والرصد ، ويمكنها أن تفعل ذلك في كل من سوريا وتركيا ، وكانت الحكومة السورية قد اتهمت ( إسرائيل ) بأنها تعد الأكراد للقتال في سوريا والعراق وإيران وتركيا ، وهكذا فإن الخطر ( الإسرائيلي ) من خلال الأكراد يهدد عدداً كبيراً من الدول العربية والإسلامية ، الأمر الذي يقتضي التحرك والتنسيق بين هذه الدول لوأد هذا المخطط قبل أن يستفحل خاصة أنه خطر وجودي على هذه الدول ! ! .
وتتحدث تقارير متطابقة في هذا الإطار عن مخطط صهيوني لتقسيم العراق على أساس طائفي يفضي في النهاية إلى إقامة ثلاث دويلات في الشمال والوسط والجنوب بما يتماشى والأهداف الأمريكية و( الإسرائيلية ) في العراق والمنطقة.
وتنظر أوساط عراقية عديدة بشيء من الريبة إلى هذه التقارير التي تتحدّث عن العلاقة الحميمة التي يقيمها أكراد العراق مع ( الإسرائيليين ) في الشمال خاصة بعد إعلان الزعيم الكردي مسعود البرزاني الذي قال مؤخرا إن العلاقة مع ( إسرائيل ) ليست جريمة. (صحيفة أمريكية : مخطط ( إسرائيلي ) لتفتيت العراق . شبكة البصرة . 24/5/2006 . و : المخطط ( الإسرائيلي ) . الجزيرة ... مشار له )
3- دعا جنرالات وباحثون ( إسرائيليون ) الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها إلى تشجيع تقسيم العراق بوصفه أفضل وسيلة لخدمة الأهداف الأميركية و( الإسرائيلية ) في المنطقة!!.
حيث قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية ( الإسرائيلية ) عاموس مالكا : إن غياب العراق عن خارطة المنطقة بمساحته الحالية ووحدة أقاليمه سيكون أحد العوامل المهمة في تقليص المخاطر الإستراتيجية على ( إسرائيل )، منوها إلى حقيقة مشاركة العراق في الكثير من الحروب التي خاضتها الدول العربية ضد ( إسرائيل )!!.
وأكد عاموس : أن تقسيم العراق يقلص من إمكانية الاستفادة من الطاقات البشرية والمادية التي يتمتع بها هذا البلد!!، مضيفا : أن العالم العربي بدون العراق الموحد هو أفضل ( لإسرائيل ) من العالم العربي بوجود العراق الموحد؟!!.
وقال الجنرال داني روتشيلد الذي تولى في السابق منصب رئيس قسم الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية ( الإسرائيلية ) : إنه يجب على ( إسرائيل ) أن تحاول تطوير علاقات مع الكانتونات التي تنشأ في العراق الجديد، مشيرا إلى علاقات تاريخية جمعت بين ( إسرائيل ) وقادة الأكراد في شمال العراق؟!!. (باحثون صهاينة يدعون.. مشار له .)
4 - تذكر صحافية فلسطينية حادثة مهمة تؤكد ما ذكر سابقا عندما تقول : بينما كنت أتحدث إلي صحافي ( إسرائيلي ) يعمل في صحيفة يديعوت احرونوت في احدي غرف معهد العلوم التطبيقية التخنيون في مدينة حيفا حول البحث البيئي الذي أجريته في وسطنا العربي الفلسطيني خلف الجدار، وإذا برنين جواله المزعج يخرج صداه من حقيبته ليلتقطه بسرعة البرق وتسقط منه ورقتان دون أن يشعر وينصرف خارج الغرفة للإجابة علي المتصل به.
وبدا لي انه واجه صعوبة للتحدث أمامي ، غير أن ما همني وشغلني الورقتان الساقطتان فالتقطتهما أنا مجازفة وربما قد أسأت الأدب في تصرفي، بعد أن لفتت انتباهي خارطة للعراق المحتل مقسمة إلي ثلاثة ألوان، ازرق في الجنوب، احمر في الوسط، اخضر في الشمال، ولاحظت إشارة وتحتها كلمة هاولار وإشارة Z باتجاه الشمال، وعلي هامش الخارطة لاحظت ثلاث نجوم وقبالة كل كلمة بالعبرية، موطورولا ، ماغيل معراخوت ، و تساهل ـ جيش الدفاع ( الإسرائيلي ) ـ .
إما الورقة الثانية كانت خارطة لمدينة كركوك كتب في أعلاها كركوك بالعبرية ولاحظت خطوطا لم أتمكن من إحصائها، وثلاث أو أربع نقاط سوداء لم افلح للأسف في قراءة بعض الجمل المدونة في أسفل الورقة لسوء الظرف فقد كنت ملزمة لإسقاطهما كيفما كانتا .
وتذكر الكاتبة أنه بعد ذلك : توجهت للبحث في موقع صحيفة يديعوت احرونوت ووجدت تقريرا نشرته الصحيفة منذ خمسة أشهر تقريبا حول النشاط ( الإسرائيلي ) في شمال العراق، وبموجب تفاصيل ومعطيات التقرير فان عشرات كثيرة من ( الإسرائيليين ) من ذوي الخلفية العسكرية القتالية للفرق المختارة قد أرسلوا من قبل شركات تجارية ( إسرائيلية ) إلي المنطقة الكردية خلال السنتين الأخيرتين بهدف تدريب وإقامة فرق عسكرية كردية خاصة ومختارة لحماية الأمن ومحاربة الإرهاب !!
وربما هذا يفسر لي وجود علاقة بين شركة ماغيل معراخوت التي أسسها رئيس جهاز المخابرات ( الإسرائيلية ) السابق وعضو الكنيست الحالي داني يتوم وشركة موطورولا ، ففي السر قامت الشركات ( الإسرائيلية ) ببناء وتجهيز مطار هاولار قرب مدينة أربيل ربما كرمز علي طريق إقامة الدولة الكردية، وربما هي الشركات ( الإسرائيلية ) التي تنشئ قاعدة عسكرية في منطقة ما شمال العراق وتعطيها اسما سريا Z وقد تكون هذه المنطقة التي يتم فيها تدريب فرق من الأكراد علي السلاح وطرق محاربة الإرهاب وهذا ما يفسر وجود كلمة تساهل علي الورقة .
ولكن للأسف لم تستطع الصحافية المذكورة حل لغز خارطة كركوك فتقول : وبما يخص خارطة كركوك في الورقة الثانية يزعجني حتى الساعة إنني لم أتمكن من فهم الخطوط وقراءة ما كتب في أسفلها، إلا أن وجودها مع ذلك ( الإسرائيلي ) ـ صحافيا كان أم عسكريا ـ يثير القلق، فلماذا خارطة كركوك ؟ وما مدلول تلك النقاط السوداء والخطوط فيها ؟ هل للنفط في كركوك علاقة بالنقاط والأنابيب ؟ أم لأمر ما لا نعرفه؟ ولما لم تنشر يديعوت احرونوت شيئا حول كركوك ؟ وفي كل ما ذكرته آنفا يحق لي التساؤل لماذا يحتفظ ( الإسرائيلي ) بتلك الورقتين ويتعامل معهما بحساسية واهتمام بالغين؟! ( صابرين دياب : ماذا تفعل ( إسرائيل ) في شمال العراق؟ . القدس العربي . 18/1/2007 )
حسب قناعتنا قضية كركوك واضحة ولا تحتاج إلى جهود كبيرة لحل لغزها ، وذلك لأن الكيان الصهيوني يشجع الحزبين الكرديين على المطالبة بكركوك لضمها لإقليم كردستان . وستكون نتيجة المطالبة هذه تقديم خدمات كبيرة لهذا الكيان ، أولا إن إصرار هذين الحزبين على هذه القضية سيؤدي إلى قيام حرب أهلية ليس بين العرب والأكراد ولكن بين العرب أنفسهم .
أي بين ، حتى المتعاونين مع قوات الاحتلال ، أي الطرف الذي سيؤيد مطلب الأكراد هذا والمعارضين له .
وستكون المحصل النهائية تحقيق حلم الكيان المسخ ، أي تقسيم العراق . كما ستؤدي الحرب الأهلية ، إذا وقعت لا سامح الله بإضعاف كافة الأطراف وسيدخل الكيان الصهيوني لفرض هيمنته ،على الأقل ، على أحد هذه الأطراف ، إن لم يفرضها على أكثر من طرف .
وهنا تكون قضية النفط تحصيل حاصل .
الفصل الثالث : تفتيت العراق والمنطقة .
إن المخطط الصهيوني لتقسيم كافة دول المنطقة ، وليس العراق وحده ، قديم جدا ، ولكن قبل أن نقوم بعرض بعض المواقف والآراء حول هذا الموضوع نرى أن نشير إلى ما ذكرناه في بعض مقالاتنا السابقة والتي تؤكد رغبة الصهاينة بتفتيت العراق والمنطقة ، حيث ذكرنا :
- في عام 1977 وضع ، مستشار الأمن القومي في عهد كارتر و أحد أبرز منظري إدارة بوش حاليا ، الأمريكي اليهودي - الصهيوني زبيغنو بريجنسكي تقريرا ، استند إلى دراسات أجراها عدد كبير من الباحثين المتخصصين التابعين لأجهزة المخابرات الأمريكية ، تضمن هذا التقرير الدعوة ، بصراحة، إلى الاستفادة من الحركات الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية لغرض تمزيق المنطقة العربية ومنع قيام أية قاعدة مادية قد ترتكز عليها الجهود التي تؤدي إلى بناء ولو حد أدنى من الوحدة والتضامن بين الأقطار العربية.
وقد أكد نفس الشخص : أن " الشرق الأوسط مثلا مكون من جماعات عرقية ودينية مختلفة ، يجمعها إطار إقليمي ..... تتحول إلى كانتونات طائفية وعرقية يجمعها إطار كونفدرالي ." ثم يضيف " وهذا سيسمح للكانتون ( الإسرائيلي) أن يعيش في المنطقة بعد أن تصفى فكرة القومية."
إذا الحرب الصهيونية هي ضد فكرة القومية العربية وأطروحاتها التي تهدد وجود هذا الكيان المسخ .
- وفي عام 1979 ، وضع أوديد بنيون ، أحد كبار المستشارين في وزارة الخارجية للكيان الصهيوني، تقريرا بعنوان [ إستراتيجية إسرائيل للثمانينيات] أكد فيه على ضرورة تشجيع الحركات الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية من أجل تقسيم الوطن العربي، باعتبار أن ذلك يشكل الضمان الوحيد لأمن الكيان الصهيوني ووجوده ومستقبله ( د. عبدالإله الراوي : انتصر أهالي الفلوجة .... و أرغموا الولايات المتحدة للخضوع لمطالبهم. كيف ستحل مشكلة الصدر وأعوانه ؟ . القدس العربي . 25/5/2004 . و : الدكتور: عبدالإله الراوي : من يقف وراء تفجير الروضة العسكرية في سامراء .. محاولة لكشف الحقيقة . شبكة البصرة . 25/2/ 2006 )
وللتدليل على ما ذكرناه نقدم بعض المشاريع الصهيونية التي تصب في منحى تقسيم المنطقة العربية . ولكن قبل ذلك سنثبت بعض الخرائط التي تقدم الدليل القاطع على ما ذكرناه .
هذه الخارطة وصلتنا من أحد الأخوة بتاريخ 15/8/2006
هذه الخارطة مع المقال المذكور سابقا بعنوان : جنرالات وباحثون إسرائيليون يدعون إلى تقسيم العراق
ومن خلال النظر إلى الخارطتين نستطيع أن نكتشف الخطة الجهنمية للكيان الصهيوني لفرض سيطرته على المنطقة من خلال توسعه أولا وتفتيت كافة الدول التي قد تهدد وجوده وأمنه . كما نلاحظ بأن أطماع الكيات الصهيوني لا تكتفي بتحقيق شعارهم ( من الفرات إلى النيل ) بل توسع هذا الكيان ليلتهم القسم الأكبر من الوطن العربي .
فبالإضافة إلى العراق بأكمله يحلمون بضم كل أة القسم الأكبر من الأردن وسوريا ولبنان والسعودية ومصر .
كما أن التقسيم أو بالأحرى التفتيت قيشمل كافة الوطن العبي باإضافة إلى تركيا وإيران ولكن بالنسبة لإيران ، حليفهم الاستراتيجي ، فسيتم تعويضها كما سنشير إلى ذلك .
ولكن صمود مقاومتنا البطلة وبمساندة كافة الشرفاء من العراقيين والعرب فإن احلامهم الخبيثة سيتم إجهاضها بعون الله .
أما بالنسبة للمشاريع فنذكر منها :
1 - في عام 1979 وضع خبراء إسرائيليون دراسة تحت عنوان " إستراتيجية ( إسرائيل ) في الثمانينات " نشرتها مجلة " إيغونيم" للدراسات في عددها الصادر في فبراير 1982. والدراسة تتحدث بالتفصيل عن ضرورة تقسيم الشرق الأوسط من باكستان حتى المغرب على قاعدة أن يكون لكل جماعة دينية (مسيحية أو إسلامية ) أو مذهبية (شيعية -علوية -درزية ) وإثنية (كردية -بربرية) كيان سياسي خاص بها. وذهبت الدراسة إلى أبعد من ذلك، عندما نظّرت لتقسيم مصر إلى إسلامية وقبطية، بحيث لا تبقى دولة عربية إلا ويشملها التفتيت والتجزئة والتقسيم. وهذا المخطط من الثوابت الإستراتيجية ( الإسرائيلية ) .
وتبين الدراسة أن الأمن الاستراتيجي ( الإسرائيلي ) لا يمكن تحقيقه من خلال التفوق العسكري فقط. فلابد من ضرب الوحدات الوطنية في كل دولة عربية. ولابد من إثارة الفتن فيما بين الدول العربية. ولابد من تعميق الهوة بينها وبين دول الجوار غير العربية من تركيا في الشمال، إلى إيران في الشرق إلى السنغال في الغرب وإثيوبيا وتشاد في الجنوب. ولعل في هذا ما يفسر دور " المحافظين الجدد " في الولايات المتحدة ومعظمهم من اليهود الذين يحملون الجنسيتين الأميركية و( الإسرائيلية ) .
ولتحقيق هذا الهدف وفرض سيطرة الصهيونية العالمية والمسيحية الصهيونية على العالم فيجب القضاء ليس فقط على فكرة القومية العربية بل على الإسلام أيضا ولذا ، في مطلع شهر مارس 2003، نشرت صحيفة "هآرتس" ( الإسرائيلية ) تصريحاً لوزير السياحة ( الإسرائيلي ) " بنلي آلون" قال فيه : " من الواضح أن الإسلام في طريقه إلى الزوال.. فما نشاهده اليوم في العالم الإسلامي ليس انتفاضة إيمان قوية، بل انطفاء جذوة الإسلام. أما كيف سيزول، فبكل بساطة، بقيام حرب مسيحية صليبية ضد الإسلام في غضون بضع سنوات.
و ستكون هذه الحرب الحدث الأهم في هذه الألفية، وطبعاً سنواجه مشكلة كبرى حين لا يبقى في الساحة سوى الديانتين الكبيرتين اليهودية والمسيحية، غير أن ذلك ما زال متروكاً للمستقبل البعيد ".
وكانت فرق من المبشرين قد اجتازت منذ سنوات الحدود التركية- العراقية في الشمال، وتمكّنت من التغلغل في المجتمعات القبلية العربية والكردية مستثمرة الحاجات الإنسانية للناس هناك من أجل الترويج لعقيدتها الدينية. ( محمد السماك : مشروع تقسيم العراق... أين المفاجأة ؟! ....مشار له )
2- حسب صحيفة النيويوركر الأمريكية فإن مصلحة إسرائيل في تهديد وتفتيت دول مثل العراق وإيران وسوريا وتركيا أمر بديهي ومعروف أيضاً . ( المخطط " الإسرائيلي " لتفتيت العراق ... مشار له )
3- منذ عام 1983، مثلا، اقترح - --المستشرق برنارد لويس ، إضافة لتقسيم العراق الذي أشرنا إليه ، إقامة دولة كردية في الشمال العراقي والشمال الشرقي من إيران وغرب سورية وجنوب تركيا... كما اقترح تقسيمات أخري في مصر وسورية والسعودية. (علاء الدين الأعرجي : تقسيم العراق مؤامرة .. مشار له )
4- في الواقع أن فكرة تجزئة كافة الدول العربية إلى وحدات صغيرة موضوعة متكررة نُشرت في الثمانينات وهي مستمرة .
شاهاك- البروفسور في جامعة هيبرو ، في القدس المحتلة ورئيس منظمة حقوق الإنسان ( الإسرائيلية ) ، كتب عام 1982: إن فكرة تجزئة كافة الأنظمة العربية إلى وحدات صغيرة تتفاعل باستمرار في التفكير الاستراتيجي ( الإسرائيلي ) . هارتس . 6/2/1982. ( هل بدأ تنفيذ الحلم الصهيوني .. مشار له )
وعن نفس الخطة المذكورة ، والتي قام شاهاك بترجمتها إلى الانكليزية ، يقدم أحد الكتاب لها شرحا أكثر تفصيلا حيث يقول :
أن جوانب الخطة الصهيونية ـ الإمبريالية لتقسيم العراق وبقية الدول العربية على أساس " عنصري، ديني، وطائفي " . وهذه الخطة ( الإسرائيلية ) ليست سراً وإنما هي معلنة ومنشورة منذ عام 1982، حيـث عقدت المنظمة الصهيونية العالمية بالتعاون مع منظمة " ايباك " مؤتمراً لتفعيل العمل من أجل تقسيم الدول العربية على مرحلتين زمنيتين تنتهي الأولى عام 2020 والثانية عام 2030 ابتداء من الصومال وانتهاء بمصر والسعودية .
لقد نشرت هذه الخطة لأول مرة باللغة العبرية بقلم الصحافي " أويديونسون " الذي كان يعمل موظفاً في وزارة الخارجية ( الإسرائيلية ) تحت عنوان ( إستراتيجية إسرائيل خلال الثمانينات ) في مجلة " كيفيوم " الناطقة بلسان قسم الإعلام للمنظمة الصهيونية العالمية في (العدد 14 شباط ـ فبراير 1982) وقد ترجم هذه الخطة من اللغة العبرية إلى الانكليزية الكاتب " إسرائيل شاهاك " وأوضح وبين طابعها العنصري باعتبارها نسخة طبق الأصل من الفكر النازي التوسعي الذي ساد أوربا في العقد الرابع من هذا القرن .
تقوم خطة إسرائيل في تقسيم العراق والوطن العربي على فرضيات عديدة أهمها :
أن بقاء ( إسرائيل ) كدولة يهودية يبدو مستحيلا ً رغم استمرار الوضع الراهن للدول العربية، لذا يجب على ( إسرائيل ) على المدى البعيد لكي تبقى أن تصنع قوة إمبريالية كبرى تنشر هيمنتها على كل المنطقة، وهذا لا يمكن أن يتم بدون إضعاف الدول العربية وذلك بتقسيمها إلى دويلات عنصرية ودينية وطائفية متحاربة، وبالتالي معتمدة من الناحية الاقتصادية والعسكرية على ( إسرائيل ).
مؤكدا : إن تقسيم الدول العربية إلى دويلات عنصرية ودينية وطائفية يعطي مبررا ً شرعيا ً لوجود ( إسرائيل ) كدولة عنصرية، وينهي إلى الأبد فكرة تعايش الديانات والقوميات والطوائف في دولة واحدة.
وإن ( إسرائيل ) ترى أن تشجيع الأقليات القومية والدينية والطائفية في الوطن العربي على الانفصال لا يمكن أن يتم إلا عن طريق إقناع تلك الأقليات بالاعتماد عليها وعلى الغرب الإمبريالي في نيل الاستقلال مما يسمونه " الاستعمار العربي " .
والأهم من ذلك هو إقناع تلك الأقليات بأن اضطهادها في الوطن العربي لا يمكن أن يفسر بكونه " اضطهادا طبقيا ً، بل هو اضطهاد عنصري أو ديني أو طائفي " ( محمد حسن الجبوري : الفيدرالية خطة أمريكية إسرائيلية... مشار له )
5 – وحول إعادة رسم خارطة المنطقة نذكر ما أوردته صحيفة (السبيل) الأردنية بتاريخ (1/1/2003) حول ما قاله " زئيف شيف ، " أحد أبرز " المعلقين الاستراتيجيين " في الكيان الصهيوني، : " إن الفوائد الإستراتيجية التي ستجنيها ( إسرائيل ) في حال نجحت الولايات المتحدة في التخلص من نظام الرئيس صدام حسين، لا يمكن تصورها، إنها بلا شك ستكون زلزالاً حقيقياً سيؤدي إلى تغيير خارطة المنطقة بشكل جارف ولصالح " إسرائيل " بشكل أساسي".. وينقل " شيف " عن قادة الدوائر الأمنية والسياسية (الإسرائيلية) القول " إن المحادثات السرية التي أجراها ممثلو الدولة العبرية في واشنطن حول الحرب المحتملة ضد العراق قد أثمرت في التوصل إلى تفاهمات هامة مع الأمريكان ". ( د. فؤاد الحاج : " مشروع الشرق الأوسط الكبير" ... مشار له )
وختاما نقول : أن إجهاض هذه المشاريع الصهيونية ، التي تحاك ضد وطننا الجريح وضد أمتينا العربية والإسلامية ، لا يمكن تحقيقه إلا بتوحيد كافة فصائل المقاومة العراقية البطلة وبالتنسيق مع جميع الأحزاب والحركات العربية والإسلامية المخلصة ، مع وقوف كافة العرب والمسلمين الشرفاء ، وقفة واحدة ، لمساندة هذه المقاومة .
وقد قال سبحانه وتعالى " واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا .. " صدق الله العظيم