Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 8 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والافتتاحيات) السبت 8-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الخسارة الأمريكية في العراق
محمود عبدالحكيم طه
الجمهورية مصر

لماذا كانت الحرب علي العراق؟ هذا السؤال سوف يظل مطروحاً لسنوات عديدة لعدم اقتناع الرأي العام العالمي وصناع السياسة العالمية بالغطاء الشرعي الامريكي الذي احتلت به العراق.
امريكا من جانبها أعطت مبررات كثيرة لغزو العراق وحاولت إقناع الرأي العام الامريكي والعالمي بهذه المبررات.
وأول غطاء شرعي استخدمته أمريكا لغزو العراق هو التخلص من نظام الحكم الديكتاتوري لصدام حسين واقامة نظام ديمقراطي وتغيير الخريطة السياسية في منطقة الشرق الاوسط "وهي ما تسمي ببناء الشرق الاوسط الكبير" سياسياً لا يمكن ان يكون هذا الغطاء هو سبب غزو العراق لعدة اسباب. فصدام حسين هو رجل أمريكا في المنطقة سواء أعلنت امريكا هذا ام لم تعلنه لأن وجوده كان يمثل حاجزاً ايديولوجياً يمنع امتداد الثورة الخومينية وامتداد النفوذ الشيعي خارج إيران كما ان وجوده كان هو عامل السيطرة علي دول الخليج وبالتالي لا يمكن سياسياً أن يكون سبب الحرب هو التخلص من صدام حسين ونظامه والدليل علي ذلك أن الحرب أتت بنتيجة عكسية وبدأ النفوذ الشيعي يمتد خارج إيران وبدأت إيران تظهر كقوة اقليمية وبدأت أمريكا تفقد مصالحها في منطقة الخليج والشرق الاوسط.
اما بالنسبة لاقامة نظام ديمقراطي في العراق والشرق الاوسط بما يناسب المصالح الامريكية "وليس المعايير الانسانية للديمقراطية" فأمريكا كدولة تبحث عن مصالحها السياسية قبل أن تبحث عن المعايير الإنسانية. فالعالم يعرف أن أمريكا لا تساعد نظاماً ديمقراطياً يهدد أمنها ومصالحها وكذلك قد تساعد نظام حكم ديكتاتورياً يوافق المصالح والامن الامريكي فأمريكا أعلنت أن أي دولة بغض النظر عن نظام حكمها سواء كان ديمقراطياً أو ديكتاتورياً تهدد مصالحها هي دولة إرهابية أو تساند الارهاب.
أما الغطاء الشرعي الثاني لغزو العراق هو التواجد الدائم لأمريكا في الشرق الاوسط وهو ما ثبت فشله سياسياً وعسكرياً فأمريكا بهذا الاحتلال عملت علي ايقاظ النزعات القومية الرافضة للوجود الامريكي. وقبل الاحتلال كانت أمريكا متواجدة عسكرياً من خلال القواعد العسكرية لها فهي ليست في حاجة إلي الاحتلال العسكري واقتصادياً هي تسيطر بصورة شبه كاملة علي السياسة الاقتصادية للمنطقة ومن الناحية السياسية قبل الحرب كانت هناك توازنات سياسية قامت بها أمريكا خلال سنوات عديدة بحيث تصب في النهاية لصالح السياسة الامريكية وبسبب غزو العراق اختل هذا التوازن واصبح امن امريكا ومصالحها مهددة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وبالتالي فلا يمكن ان يكون سبب احتلال العراق لأسباب عسكرية او سياسية.
اما الغطاء الشرعي الثالث الذي استخدمته امريكا لغزو العراق هو السيطرة علي منابع الطاقة "البترول" وهذا ما ثبت فشله أيضا فقبل الحرب كان بترول الخليج والشرق الاوسط معظمه ان لم يكن كله يصب في اتجاه امريكا والسعر الذي تحدده.
والغطاء الشرعي الرابع هو ادعاء امريكا بامتلاك العراق للاسلحة الكيماوية والقدرات النووية وأنها تريد أن تحمي العالم من هذه الاسلحة. وهذا الادعاء ثبت كذبه من خلال المحققين الامريكيين والسلاح الكيماوي الذي مدت امريكا صدام به تم استخدامه في حربه مع ايران وحروبه الداخلية. الغطاء الشرعي الخامس والأهم هو ادعاء امريكا أمام العالم ان بؤر التطرف والارهاب التي تهدد امنها وأمن العالم موجودة في الشرق الاوسط وأن تواجدها في الشرق الاوسط لتدمير البنية التحتية للارهاب وهو ما ثبت كذبه ايضاً لأن العالم كله يعلم أن بؤر التطرف العقيدي أنشأته أمريكا للتحكم في الانظمة السياسية في منطقة الشرق الاوسط وقبل غزو العراق كان يمكن احتواء الارهاب داخل المنطقة والحرب جعلت العكس هو الصحيح وخرجت بؤر الارهاب من الشرق الاوسط وامتدت ايديولوجيا حول العالم لتصبح ايديولوجيات التطرف تهدد الامن القومي الامريكي نفسه فجميع الاسباب السابقة توضح الخسارة الامريكية السياسية والعسكرية والاقتصادية والأيديولوجية نتيجة غزوها للعراق ولمعرفة المبررات الامريكية الحقيقية لغزو العراق لابد أن نبحث عن الاطراف التي حققت مكاسب من هذه الحرب حتي هذه اللحظة أولا لم يحقق أحد مكاسب اقتصادية من هذه الحرب إلا شركات السلاح الامريكية وشركات التعمير ولم يحقق المواطن الامريكي العادي أو الخزانة الامريكية أي مكاسب اقتصادية. فمعظم تكلفة الحرب العسكرية والاقتصادية التي دفعها المواطن الامريكي علي صورة ضرائب ذهبت إلي هذه الشركات. وهذا يدعونا إلي التساؤل هل قامت شركات السلاح والمؤسسات الرأسمالية بإقناع الرأي العام الامريكي بحتمية حرب أمريكا ضد العراق؟
أما الطرف الثاني الذي حقق مكاسب من هذه الحرب فهو شركات البترول الامريكية التي استفادت من ارتفاع سعر البترول نتيجة حرب العراق ولم تصب في اتجاه المجتمع الامريكي الذي دفع فرق السعر.
اما الطرف الثالث والذي حقق مكاسب من هذه الحرب هو الرئيس الامريكي ومجموعة الصقور الامريكية التي حاولت تحقيق مكاسب ايديولوجية من خلال تطويع المجتمع الامريكي وتطويع القوة العسكرية والقوة الاقتصادية في صراع الحضارات وايمان الرئيس الامريكي بحتمية الصدام العقيدي بين المسيحية والإسلام وأنه ملهم بأوامر من السماء لقيادة هذه الحرب وتخليص العالم من شر المسلمين ليكون البقاء للدين المسيحي "مقولة جورج بوش أنه ينفذ مشيئة الرب".
فجميع العوامل السابقة تدعونا أن نعيد حساباتنا مع أمريكا منذ بداية هجمات سبتمبر ونعود إلي التساؤل مرة أخري.
هل قامت أمريكا بمساعدة تنظيم القاعدة للقيام بهجمات 11 سبتمبر؟ أو بمعني آخر هل قامت شركات السلاح الامريكية وشركات التعمير وشركات البترول بالاتحاد مع مجموعة اليمين الامريكية التي وصلت للحكم بافتعال هجمات 11 سبتمبر؟ لتصبح ذريعة لليمين الامريكي للسيطرة المسيحية علي العالم والقضاء علي المسلمين. وتستطيع شركات السلاح والتعمير والبترول تحقيق أعلي عائد رأسمالي في تاريخها أم قامت الادارة الامريكية بافتعال هذه الاحداث لتكون مبرراً لاحتلال مواقع استراتيجية في العالم مثل افغانستان وإيران والعراق تستطيع به محاصرة روسيا والصين وكوريا الشمالية من خلال اقامة قواعد عسكرية جديدة لها في الشرق الاوسط. لتصبح حرب العراق وأحداث 11 سبتمبر هي حرباً ايديولوجية ورأسمالية وليست صداما بين الحضارات.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
قضية الانفال واحكامها ثأر وانتقام وتكريس احقاد...*
جورج حداد
الدستور الاردن
هي ليست المرة الاولى ولا الثانية التي نتحدث فيها عن موضوع احكام الاعدام التي اصدرتها ما سمي المحكمة الجنائية العليا بحق رموز النظام السابق في العراق،.
منذ اصدار الحكم باعدام الرئيس العراقي صدام حسين ورفاقه ، اواخر العام الماضي ، نبهنا وحذرنا ، مثل غيرنا من العقلاء والغيارى ، من مغبة الاسترسال في سياسات الثأر والانتقام وتكريس الاحقاد وتعميق النزعات الفئوية الانحطاطية ، لانها.. في الواقع ، ليست سياسات وليست عدالة ، وانما هي نهج رجعي بدائي انحطاطي لا يليق بشعب حضاري عريق طلع على العالم بأول شريعة واول ديمقراطية وأول حضارة ، ونقصد هنا.. العراق العظيم،.
ان الجرائم السياسية ، حتى في حال حصولها فعلا ، وليس ادعاء او فبركة ، لا تتم محاسبتها الاّ.. سياسيا، باستثناء الخيانة العظمى. فكيف هو الأمر.. عندما لا يُراد للقانون الاّ ان يكون احدى وسائل الثأر والانتقام والتشفي بالخصوم السياسيين؟، ،
ان مهازل المحكمة التي حوكم بها الرئيس الشهيد صدام حسين ورفاقه وما صدر عنها من حيثيات لاحكام الاعدام ، فضلا عن الطريقة التي تمّ فيها تنفيذ هذه الاحكام ، ستبقى الى ابد الآبدين ، عارا ولطخة بالغة البشاعة في وجه العدالة والتاريخ القومي والانساني والديني كذلك،،. صحيح ان للعدالة «بالا طويلا» ولكنها ابدا ودائما هي المنتصرة في النهاية،، والتاريخ.. حافل.. حافل جدا بالامثلة والشواهد ، لمن له عين ترى وعقل فاعل يتمعن ويقارن ويستخلص،،.
أمس.. في «الدستور» اقرأ ان مصادر مقربة من المحكمة الجنائية (اياها،) تقول بأن حكم الاعدام الصادر بحق المتهمين في ما سُمي .. قضية الانفال سينفذ اليوم السبت،. اما المحكومون المرشحون للتعليق على حبل المشنقة فهم علي حسن المجيد ووزير الدفاع الاسبق سلطان هاشم ورئيس اركان الجيش العراقي الاسبق حسين رشيد،،.
هولاء اتهموا وجرمتهم المحكمة بأنهم قادوا حملة الانفال التي وصفها فريق الادعاء والقضاة بأنها كانت تستهدف.. ابادة جماعية للاكراد،.
ومع ان حملة الانفال كانت ضد العصابات الكردية المتمردة اضافة الى.. الايرانيين الذين كانوا في حالة حرب مع العراق والعراقيين ، الا ان الادعاء والمحكمة لم يشيرا من قريب أو بعيد للدور الايراني في اشعال تلك الفتنة انذاك،،.
اكثر من ذلك وادعى الى المزيد من السخرية المرّة ، فان فريق الادعاء والقضاة ، تجاهل كليا ان 250 الفا من المواطنين العراقيين الاكراد ، كانوا منخرطين في قوات الدفاع الوطني ، اي .. في الجيش العراقي وكان رؤساء العشائر الكردية هم في طليعة القوات التي تصدت للايرانيين والعصابات الكردية العاصية المتمردة التي كانت وما تزال تستهدف الانفصال والانسلاخ عن العراق،،.
والسؤال هنا.. كيف يمكن التوفيق بين اشتراك مئات الالوف من العراقيين الاكراد في حملة الانفال ضد الغزاة والعُصاة وبين.. الزعم الذي بنت عليه المحكمة حيثيات اتهامها بأن الحملة كانت تستهدف القضاء على .. الاكراد و.. «القومية» الكردية؟،،.
ثم.. لماذا لم يُحاكم زعماء العشائر الكردية ممن اشتركوا في حملة ابادة الاكراد والقضاء على «قوميتهم»؟، ،
بالطبع.. والقطع.. ما كان لهذا أو.. لشيء من هذا ، ان يتم لولا ارادة الغزاة الاستعماريين والصهيونية العالمية التي لا تريد ان ترى في العراق ، الاّ.. بلدا مدمرا وشعبا ممزقا،،.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
تداعيات الانسحاب البريطاني من البصرة

: محمد حامد الجمل
الوفد مصر
* استطاعت الديمقراطية البريطانية إزاحة »بلير« تابع »بوش دبليو« الوفي من رئاسة الوزارة ، والحزب الحاكم، وقد واجه خلفه »جوردون براون« الرئيس الأمريكي بواشنطن، وأبلغه بإصراره علي سحب القوات البريطانية من البصرة وجنوب العراق، وقد سحب بالفعل منذ عدة أيام »500« جندي إلي قاعدة عسكرية بمطار البصرة، التي سلم الأمن حينها للقوات العراقية!! وبعد عدة ساعات من هذا الانسحاب، هبط »الامبراطور بوش دبليو«، بمطار سري في »ديالي« ترافقه وزيرته الأثيرة »كوندي«، »حلاوتهم«،

ووزير الحرب »جيتس« ومستشاره للأمن القومي »هاردي«!!! وبعد اخذ عديد من الصور التذكارية مع الجنود أمام دباباتهم بشكل مسرحي، وترديده، هذيانه ومقولاته التضليلية المكررة والمعروفة قال انه »إذا استمرت حالة الأمن في تحسن بالعراق، حسبما حدث في ديالي فإنه سوف يسحب عددا من القوات.. إلخ«!!! وذلك وفقا لما أشار به جنراله الميداني »دافيد بيتريوس« وتعبر هذه الزيارة الفجائية مع التصريح الجديد، عن الانزعاج الشديد لبوش دبليو وإدارته، من الانسحاب العسكري البريطاني، الذي يعني مع طرد تابعه بلير، رغم هذيانه مع سيده وعملائهما عن النصر علي الإرهاب الإسلامي سحب التأييد السياسي البريطاني للغزو والاحتلال والعدوان وجرائم الحرب البشعة التي ارتكبها، ويرتكبها السفاح بوش دبليو بالعراق والشرق الأوسط إلخ.. ومن ثم فلم يعد له شركاء أو حلفاء يعتد بهم ويمكنهم التأثير علي الكونجرس والشعب الأمريكي سوي وزيرته حلاوتهم، والباقين من الذئاب بإدارته حتي الآن وذلك مع زوجته لورا وكلبه بارفي كما قال ساخرا من قبل!!!

* وأظن انه بحسب طبيعته السيكوباتية والديناصورية، فإنه سوف يعتمد علي هذيانه علي النصر منفصما عن حقيقة هزيمته بالداخل والخارج، لما سوف يتعمده لسد الفراغ بالبصرة وجنوب العراق بقوات امريكية، تحمي خطوط التموين من الكويت حتي بغداد علي امتداد »350 كم«، وسوف يستغل الانسحاب البريطاني بروباجانديا بقوة ليفرض ضرورة زيادة قواته بالعراق، ولو اقتضي الأمر ان يدبر مؤامرة كبري شديدة التأثير مثل كارثة 11 سبتمبر 2001 بأمريكا أو بضرب المراكز العسكرية والنووية الإيرانية فجأة بالطيران بالتعاون مع »أولمرت البوشاروني« مجرم الحرب الذي يدرب منذ شهور الطيران الإسرائيلي ويجري مناورات مشتركة أيضا بالجولان مع اشاعته بعدم تدبيره اي عدوان عسكري علي سوريا، وقد يرجح هذه المغامرة الصهيوأمريكية الهجوم والتهديد البوشي الشديد خلال الأسبوع الماضي لكل من إيران وسوريا مع الإصرار علي اتهامهما مع جنرالاته بتسليح وتمويل المقاومة ضد الاحتلال بالعراق!!

وهو يظن بذلك انه يفرض الشلل علي الأغلبية الديمقراطية بالكونجرس ومن ينضم إليها من الحزب الجمهوري، كما يفرض الذهول علي الشعب الأمريكي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، وعلي شعوب الشرق الأوسط بل والعالم، بإشعال الحرب بالشرق الأوسط بأكمله وتعريض شريان الطاقة وآبار البترول للدمار، ومن المرجح ان »براون« والحكومة البريطانية وأعضاء البرلمان البريطاني يدركون ويتوقعون هذه الكارثة التي لا تغيب علي بوتن ودول شنغهاي، والتي قد تؤدي الي الحرب العالمية الثالثة!! وبالتالي فان براون ليس مصمما فقط علي مجرد الاستجابة لمطلب أغلبية الشعب البريطاني بالانسحاب الكامل من العراق لقناعتهم مثل الشعب الأمريكي بعدم أخلاقية أو شرعية أو جدوي هذه الحرب الفاشلة، وإنما أيضاً لتعويق وتوقيف التداعيات الرهيبة للمغامرة العسكرية القادمة لطابور الذئاب البوشارونية!!

ولا أظن ان ما استقبل به براون فور خلافته لبلير من تفجيرات محدودة في لندن وجلاسكو، وانتشار محدود للحمي القلاعية نتيجة تعمد أو اهمال متعمد من معمل أمريكي ألماني ببريطانيا، بعيداً عن التدبير المخابراتي من الوصاية البوشارونية الميكافيلية، لردع براون وإرهاب الشعبين الأمريكي والبريطاني حتي لا تنسحب جيوشهما من الحروب الأمبراطورية البوشارونية!!! كما بدأ بالفعل من البصرة!!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
القادم اسوا
سناء السعيد
الوفد مصر
ازدادت مشكلة إدارة بوش وطأة مع انسحاب بريطانيا من القصر الرئاسي بالبصرة الاثنين الماضي وهو الانسحاب الذي انطوي علي رغبة دفينة لدي حكومة »جوردن براون«، في فك ارتباطها بكل ما يتعلق بالنزاع القائم في العراق ليكون بذلك بداية النهاية لاحدي المهمات العسكرية الأكثر فشلاً في تاريخ الجيش البريطاني والتي ورطها فيها توني بلير، فلم تجن بريطانيا شيئاً غير الفشل ومقتل 168 من جنودها عوضاً عن الجرحي. وكأنما أرادت بريطانيا اليوم ضرورة فك ارتباطها بإدارة بوش فأقدمت علي هذه الخطوة التي لابد وأن تكون عكرت الصفو مع أمريكا باعتبار أنها ستؤدي بالقطع الي الإخلال بالأمن.

ولا شك ان التحرك البريطاني الأخير يعتبر خطوة أولي لعملية انسحاب مبرمج من العراق من أجل التخلص من التبعية لإدارة بوش التي تبناها بلير. وفي الوقت نفسه فإن انسحاب بريطانيا من البصرة قد يلحق ضرراً فادحاً بالتحالف الانجلوأمريكي، الأمر الذي من الممكن ان تكون له انعكاسات سلبية لاحقاً علي العلاقات بين براون وبوش. بل إن انسحاب بريطانيا من البصرة من شأنه ان يشكل عبئا إضافيا علي إدارة بوش إذ إنه سيخلف وراءه حالة من احتدام الصراع بين تيار المهدي وبين فيلق بدر من أجل السيطرة علي المدينة ومناطق النفط، هذا بالإضافة إلي أن الامدادات الأمريكية القادمة من الكويت ستتعرض للمخاطر، الأمر الذي سيتطلب من إدارة بوش تحريك قوات أمريكية من الأنبار أو بغداد الي البصرة لملء الفراغ الأمني وتأمين خطوط الامدادات والتعويض عن الانسحاب البريطاني.

هناك شبه إجماع علي أن أمريكا اليوم تعيش أزمة كبري في العراق، وعلي أن خطة بوش الأمنية تتعرض لانتقادات كبري داخل أمريكا سواء في الأوساط السياسية أو الإعلامية، ولقد جاء انسحاب بريطانيا من مدينة البصرة، والتمركز في قاعدة مطار البصرة، كي تدعم الأصوات الديمقراطية في الكونجرس وترفع من أسهم المعارضين لبوش ممن يطالبون بجدولة محددة لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، فأمريكا بذلك باتت تعاني عزلة تامة، ويكفي ان وجودها العسكري عما قريب سيكون هو الوجود الوحيد في العراق، الأمر الذي سيمثل بالقطع تحولاً نوعياً مهماً.

زيارة بوش للعراق الاثنين الماضي استبق بها تقرير القيادة العسكرية وأعني به تقرير الجنرال ديفيد بيترايوس، والسفير كروكر، ولهذا وجدناه يلمح بعدها بإمكان خفض عدد القوات الأمريكية في العراق بداية من مارس القادم، فكأن الزيارة موجهة في الأساس الي النخبة السياسية الأمريكية، اي ان هدفها داخلي بحت، لاسيما مع ما تتعرض له إدارة بوش من ضغوط شديدة الوطأة من قبل الديمقراطيين وبعض الأعضاء الجمهوريين. ناهيك عما يواجهه بوش من صعوبات في الداخل بعد انخفاض شعبيته الي أدني درجة، بسبب حربه في العراق التي تصنف علي أنها غير قانونية وغير أخلاقية.

ولكن وعلي الرغم من ذلك فإن بوش لن يتراجع عن استراتيجيته في العراق، فبوش عنيد إلي أقصي درجة، وبالتالي سيتمسك بها رغم الإجماع الذي يؤكد أن الوضع ينتقل من السىئ إلي الأسوأ. ولا غرابة وهو الذي قال مؤخراً، عبر حديث تليفزيوني مع محطة فوكس الأمريكية: »عندما تكون الظروف مواتية فإن الملايين تتبني الخطة ولكن عندما لا تكون مواتية فحينئذ لا يوجد سوي فرد واحد يتبناها وهذا الفرد هو أنا«..!

بوش يغالط نفسه ويكابر ويحاول ان يظهر وكأن الوضع الأمني قد بدأ في التحسن، وأن استراتيجيته قد بدأت تعطي ثمارها من خلال تركيزه علي النقاط الإيجابية.. وهو بذلك يخالف الحقيقة التي كشف عنها مؤخراً أكثر من تقرير أمريكي أكدت جميعها أن الوضع الأمني مأساوي وأنه آخذ في التدهور. بيد أن بوش وفي محاولة لعدم إراقة ماء الوجه استبق التقرير العسكري تقرير بيترايوس الذي سيطرح علي الكونجرس في منتصف الشهر الحالي، وقام بزيارته الأخيرة للعراق لطمأنة الداخل الأمريكي وطمأنة حكومة المالكي، وكأنه يقول لها نحن هنا وسوف نساعدكم وبأن انسحاب بريطانيا لن يؤثر علي الوضع.

رغم الصورة الوردية التي يحاول بوش حتي الآن طرحها بالنسبة لما يحدث في العراق، فإن الواقع يشهد بنقيض ذلك، فالوضع كارثي ومأساوي وإلا لما اضطر إلي ان يتوجه خلسة إلي قاعدة الأنبار ليقدم صورة زائفة عما اسماه بالتحسن الحادث. وكأنما نصب نفسه قائداً لحملة علاقات عامة لتحسين صورة إدارته أمام العالم. ولكن أني له هذا وسط الاخفاقات التي تتوالي عليه يوماً بعد يوم، والتي ستنتهي به حتماً إلي ان يحصد العدم دون سواه...!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
دلالات زيارة بوش إلى الأنبار
أحمد جميل عزم
الغد الاردن
أبرز ما في زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى محافظة"العراق يوم الاثنين الماضي، أنّه اختار زيارة منطقة "الأنبار" تحديدا، باعتبارها معقلا سنيّا كانت حتى وقت قريب تبدو خاضعة لسيطرة تنظيم"القاعدة"، وثاني أبرز النقاط، أنّه ألمح إلى احتمال سحب جزء من القوات الأميركية الموجودة في العراق، بقوله إنّ كبار مستشاريه أبلغوه أنه بالإمكان المحافظة على المستوى الحالي للأمن في العراق بعدد أقل من القوات في حال استمر النجاح المتحقق على هذا الصعيد.

زيارة الرئيس الأميركي، ربما تكون ذات هدف سياسي مباشر، هو تحدي معارضيه الداخليين، ومحاولة التأثير على الأجواء العامة الأميركية، قبيل تقديم الجنرال ديفيد بيتريوس قائد القوات الأميركية في العراق، ورايان كروكر السفير الأميركي في بغداد، شهادتهما أمام الكونجرس، الأسبوع المقبل حول وضع الحرب منذ قيام بوش بإرسال30 ألف جندي إضافي للعراق، مطلع هذا العام. حيث سيؤثر تقريرهما، على مدى تبلور غالبية في الكونجرس تؤيد فرض جدول زمني للانسحاب من العراق، وهو ما لا يريده بوش، لأنه يعني هزيمة عسكرية وسياسية، وإفساح المجال لإيران للتغلغل في العراق.

عموما، تعكس الزيارة، نقاطا ذات أهمية استراتيجية، بالنسبة للقضية العراقية حاليا، بتشعباتها السياسية والطائفية والإقليمية، أهمها، أنّ التقييم الأميركي الحالي، بات يتلخص بإمكانيّة الادّعاء بأنّ الهدف المعلن لهذه الحرب، في طور التحقق، بمعنى هزيمة "القاعدة" والإرهاب، وبغض النظر عن أن "القاعدة" والإرهاب في العراق، هما في الحقيقة نتيجة للحرب الأميركية، فسيمكن الادّعاء أنّ هناك إنجازا تحقق على هذا الصعيد، وعمليّا، فإنّ المسؤولين الأميركيين يشعرون بالفعل بتحقيق تقدم على صعيد هزيمة "القاعدة"، وتهدئة قطاعات ما يعرف بالتمرد السني، وعلى البدء بصياغة تحالف مع القبائل السنيّة التقليدية،وبعض الجماعات المسلحة العراقية الوطنية، بل هناك بوادر أنّ تفاهما مع بقايا حزب البعث أمر ممكن.

هذا التصور يعكس إدراكا متأخرا للسياسة الأميركية، لأهمية فهم البنية الاجتماعية للعراقيين،لإدارة الحرب، وإدراك أهمية القيادات التقليدية، وهو أمر أهملته واشنطن في البدايات، بسبب الغرور، بالاعتقاد أنّ إزالة النظام العراقي السابق، سيعقبه فرض الرؤى الأميركية بسهولة، ولكن هذا التقارب المتأخر مع القوى القبلية التقليدية، هو دليل إضافي على أنّ المأزق العسكري، يجعل واشنطن تتنازل كثيرا عن الأهداف التي ادعتها حول الديمقراطية والإصلاح، وتسير إلى سياسة أقرب للنهج الواقعي، الاستشراقي، الذي سيطر على الاستعمار البريطاني قبل نحو قرن من الزمن، والقائم على التعامل مع واقع المجتمع المحتل، دون عناية كبيرة وجدية بقضايا الإصلاح الاجتماعي والسياسي والتطور.

على أنّ النجاح في التقارب مع القوى القبليّة السنيّة، أدى بدوره لتباعد مع الحكومة العراقية، بقيادتها الحالية، فقد بدا أنّ هذه الحكومة لا تفعل ما يكفي للمصالحة الوطنية، وأنّه كان بالإمكان فعل المزيد لتفادي التدهور الحاصل في العراق، الآن اتضح للأميركيين، أنّهم قد ينجحون في محاصرة التمرد السني، والقاعدة، إن تبنت الحكومة العراقية بعض التغييرات القانونية، والدستورية، وقللت من السياسات ذات البعد الطائفي، ولعل زيارة بوش في جزء منها ترمي للضغط على حكومة نوري المالكي، للمضي في هذا الاتجاه، فحكومة المالكي، كما اتضح في الأيّام الماضية، يمكن أن تستجيب للضغوط الأميركية، فبعد سلسلة التصريحات الأميركية، عن فشل المالكي، وضرورة تغييره، استجابت الحكومة، بأكثر من طريقة، أهمها مراجعة قانون"اجتثاث البعث"، وإبداء مرونة في تعديل الدستور، ومراجعة عدد من القوانين, والأهم في استهداف مليشيا "جيش المهدي" التابعة للقائد الديني الشيعي، مقتدى الصدر، بل إنّ الصدر نفسه، وكما حدث في أكثر من مناسبة سابقة،اتضح أنّه تحت الضغط قد يتراجع، وهو ما جعله يعلن قبل أيّام وقف نشاطات جيش المهدي مدة ستة أشهر.

حقيقة الأمر، أنّه على الصعيد الأمني العراقي، يمكن تحقيق نجاحات في الفترة المقبلة، إذا ما استمر العمل على تعزيز التفاهم مع القوى القبلية السنيّة والجماعات المسلحة هناك، واستمر الضغط على المليشيات والأحزاب الشيعية الرئيسية التي تقود الحكومة العراقية، ولا سيّما بغرض حل المليشيات المسلحة، ومحاربة تواجدها في الأجهزة الأمنية والحكومية، ورفض التدخل الإيراني في العراق، ولا سيّما في القضايا الأمنية والعسكرية، ولكن هذا يحتاج لضغط أميركي متواصل. على أنّه على المدى البعيد، وعلى صعيد الاستراتيجية الأميركية المقبلة هناك الكثير من القضايا غير المحسومة أهمها ما يلي:

1-مسألة الانسحاب الأميركي غير واضحة، إذ انّ بوش لم يقل ما هو عدد القوات التي يمكن أن تنسحب، ولم يقل ما إذا كان يرى إمكانية انسحاب أي قوات قبل الربيع المقبل، وربما يكون الحديث عن الانسحاب هو لتقليل الضغط الأميركي الداخلي. على أنّ تقليصا كبيرا حقيقيا في القوات، قد يؤدي لإعادة الزخم لقوى الإرهاب، والجماعات الخارجة عن القانون، والإجرامية، بمختلف انتماءاتها المذهبية، ويؤدي لتثبيت سيطرة المليشيات الشيعية الحليفة لإيران على مؤسسات الدولة العراقية، وعلى الشارع، وإلى تصعيد الصراع بينها.

2-الخشية أن يؤدي الحديث عن نجاح في"الأنبار" لتناسي الفشل في أماكن، أخرى، وهذا ما قاله أنتوني كوردسمان، الباحث البارز في "مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية"، لصحيفة نيويورك تايمز، بقوله: "إن الأنبار وضع شاذ لا يكن تطبيقه كنموذج في أماكن أخرى في العراق حيث يسود القتال والانقسامات الطائفية". وقوله "نحن نغزل أحداثا لا تعكس حقيقة الواقع على الأرض".

3-قد يجعل تحسن الوضع الأمني، مؤقتا، الجيش الأميركي يبدو كمن تفادى هزيمة عسكرية، ولكن لا شك أنّ عدم التوصل لنظام سياسي غير طائفي، وعلماني، في العراق، سيعني هزيمة أميركية على كل الصعد، ومعاناة للعراق والمنطقة، بدءا من سقوط ادعاءات الإصلاح والديمقراطية، بغض النظر عن جديتها، وصولا لعدم حفظ أمن المنطقة، وتأمين النفط فيها، ومنع زيادة التوتر والإرهاب، حيث سيزداد التطرف من جهة، وستتسع الهوة الطائفية من جهة، وأخيرا، سيشكل عدم الإصلاح السياسي الحقيقي في العراق، مدخلا لإيران للمنطقة وللعراق، ما يعني هزيمة أميركية سياسية استراتيجية، ودخول المنطقة في أتون صراع طائفي وقومي فارسي- عربي، وصراع بين الحداثة والأصولية، وبين العقلانية والواقعية وبين الشعارات الثورية التي لا تعبر عن أي مشروع تنموي أو حضاري حقيقي جامع.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
تقرير بتريوس القادم هو الأهم ولكن!
رياض حمودة
الراي الاردن
من المنتظر ان يقدم كل من الجنرال ديفيد بتريوس القائد العسكري الاميركي الاعلى في العراق والسفير الاميركي ببغداد رايان كروكر تقريرا مهما للكونجرس منتصف الشهر الحالي حول التقدم الحاصل في العراق منذ التعزيزات العسكرية التي دفعت بها ادارة الرئيس بوش في خطتها العسكرية لتعزيز الوجود العسكري واللوجستي الاميركي هناك و التي اعلن عنها الرئيس بوش والتي كانت تستهدف اتاحة الفرصة للحكومة العراقية لتحقيق تقدم في مجال المصالحة الوطنية.

ولكن ما فائدة ما سيرد في تقرير بتريوس اذا كان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يصر على انه لن يغير مساره حتى لو جاء تقرير بتريوس سلبيا، وقد عبر في تصريحات سابقة عن ثقته بأن يكون القائد العسكري الاميركي ''داعما للحكومة'' العراقية ربما لمجابهة الاصوات المتعالية والمتزايدة المطالبة يجدولة الانسحاب الاميركي من العراق على ان ينتهي في نيسان من العام 2008 في حين اطلق بتريوس تصريحات عقب زيارة الرئيس بوش الخاطفة والسرية للعراق ألمح فيها الى أنه قد يوصي بخفض عدد الجنود الاميركيين العاملين في البلاد لتجنيب الجيش ضغوطا قد لا يستطيع تحملها،معترفا ومقرا بان هناك حدودا لما يمكن للجيش الاميركي أن ينجزه في العراق، وهنا تبقى الاسئلة العديدة مشروعة، ماالمهمة التي نفذتها القوات العسكرية في العراق؟ وما الذي انجزته وما الذي يمكن ان تنجزه؟ هذا الاعتراف على أهميته لا يشكل نية حاسمة يمكن ان يستشف منها ان تقرير بتريوس القادم سيتضمن ما يتماشى مع المطالبات المستمرة من قبل الديمقراطيين في الكونغرس لجدولة الانسحاب على أن ينتهي التواجد العسكري، وقد تكون تصريحات بتريوس التي تعد مختلفة عن اللهجة المتشددة التي لطالما اعتاد عليها المسؤولون العسكريون الذي ينفذون خطة الرئيس بوش في العراق والتي أعلن من خلالها عن نيته الدفع بالمزيد من القوات العسكرية الى العراق متحديا السلطة التشريعية ذات الاغلبية الديمقراطية المناهضة لاستمرار الوجود العسكري والدعوة الى جدولة الانسحاب.

ما صرح به الجنرال بتريوس كان دقيقا كون التقرير المنتظر تقديمه يفترض تحديد الفترة الزمنية لبدء انسحاب القوات الاميركية التي اعلن انها ستبدأ مع آذار القادم في حين يصر الديمقراطيون والمعارضون لسياسة بوش في العراق على ضرورة ان ينتهي الانسحاب من العراق بحلول نيسان من العام المقبل. كما أن توجهات بتريوس واضحة نحو سحب جزء من القوات الاميركية في العراق، الامر الذي يعني ان الانسحاب لن يكون كاملاً وهنا اهمية الانتباه بدقة لكلام المسؤولين الاميركيين.

ربما باتت الظروف في العراق تسير ببطء لصالح الانسحاب الذي من المفترض ان يتضمنه تقرير بتريوس المنتظر تقديمه للكونجرس مع منتصف الشهر الحالي حول الاستراتيجية العسكرية الاميركية في العراق.بمعنى ان اعلان الزعيم مقتدى الصدر عن توقف جيش المهدي عن النشاط لمدة ستة أشهر بما في ذلك وقف هجماته ضد القوات الاميركية التي اعلنت وفي عدة مناسبات عن تحمل جيش المهدي الذي يقدر بنحو ستين ألف مقاتل المسؤولية عن العديد من الهجمات والتوتر الطائفي.ربما هذا الاعلان جاء لخدمة فكرة قبول فكرة الانسحاب من الجانب الاميركي ومرونة الخطاب بهذا الاتجاه الذي بدا يظهر مع تصريحات المسؤولين العسكريين الاميركيين.

أضف الى ذلك أن هناك بعدا مهما له علاقة بالمصالحة الوطنية العراقية التي تم الاعلان عنها بين التيارات الرئيسية الكبرى بعد ما كاد ان ينفرط عقد تحالف الحكومة الوطنية برئاسة المالكي تماما ،هذه المصالحة ربما باتت استحقاقا مهما على صعيد تسهيل اطلاق الاميركان لقبول فكرة الانسحاب العسكري أكثر من أي وقت مضى.

تقارير قدمت وأخرى على الطريق فحواها الاصرار على أن ثمة تقدما حصل في حين أشار تقرير اصدرته لجنة غير حزبية تابعة للكونجرس الاميركي ان الحكومة العراقية لم تتمكن من تحقيق الاهداف المرجوة الامر الذي يستدعي بقاء القوات الاميركية. ووفقا للتقريرالذي اعده مكتب المحاسبة الحكومي الأميركي المستقل فان التقدم في المجال السياسي في العراق كان غير مرض، وان مستويات العنف لازالت مرتفعة. هذه التقارير قد لاتنذر بالتفاؤل ازاء تسريع الانسحاب بل ابقاء المبرر قائما وهذا لن يكون في صالح القرار الوطني العراقي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
علاوي هو الحل
جميل النمري
الغد الاردن
سوف يستمر المالكي على رأس الحكومة العراقية فقط بسبب العجز عن التوافق على بديل. والبديل الجذري الممكن والوحيد هو أياد علاّوي، إذ ليس واردا أن تحصل القوى السنّية على منصب رئيس الوزراء الآن، وعلاّوي هو الشخصيّة الشيعية العلمانية وغير الطائفية القادرة على العمل مع جميع الفئات من منظور وطني عراقي، وعلاّوي يمثل كتلة مهمّة في البرلمان ويمكن أن يحصل على دعم الكتل السنّية وكتلة الفضيلة المنشقة عن الائتلاف الشيعي على قاعدة رفض الطائفية، كما يمكن أن يحظى بدعم الأكراد رغم دخول الحزبين الكرديين مع المجلس الأعلى والدعوة في ما اطلق عليه حلف المعتدلين الذي بدا مخصصا لدعم حكومة المالكي، لكن علاوي زار المنطقة الكردية قبل أيام ولن يكون صعبا التفاهم مع الأكراد في إطار توجه جديد شامل يدعمه الأمريكان.

مع ذلك لا يمكن تشكيل حكومة من دون المشاركة الكلّية أو الجزئية للكتل الشيعية الرئيسية أي المجلس الأعلى وحزب الدعوة والتيار الصدري. والوسيلة الوحيدة هي أن تحزم أميركا أمرها وتكشر عن انيابها، وتفرض عليها علاّوي كخيار وحيد، فهل تستطيع ذلك؟

لقد خاطب بوش خصومه المستعجلين على طرد المالكي قائلا إن موضوع رئيس الوزراء لا يقرره الساسة في واشنطن بل العراقيون في بغداد وهذا إعلان مبدئي رفيع، لكنه غير صحيح بنسبة مائة بالمائة؛ فبوش لا يريد افتضاح حقيقة انه في ورطة ولا يملك القرار مع حلفائه في الائتلاف الشيعي، ويمون عليهم أقل كثيرا مما تمون عليهم إيران. ولذلك تفضّل الادارة حتّى الآن توجيه رسائل تراوح بين إبداء عدم الرضى ونفاد الصبر وإعطاء مهل أخيرة بانتظار استكمال بلورة رؤية ستنتج عن تقارير مختلفة تعدّ بينها ما سيقدمه قائد القوات الاميركية بيتريوس والسفير في بغداد كروكر إلى الكونغرس في منتصف أيلول الحالي، وفي كل الأحوال ثمّة إجماع يتحقق على أن المالكي استنفد فرصه ولا ينتظر منه أي تغيير وهو ليس بقادر على نهج مختلف عمّا فعله في الماضي أي تغطية حكم الميليشيات وتسخير اجهزة السلطة للفرز والاضطهاد والتطهير الطائفي ومنع ملاحقة فساد وجرائم جماعة الائتلاف.

لكن المسألة لا تتعلق بشخص المالكي، فأي شخصيّة قيادية من الائتلاف الشيعي ستكون اسيرة لنفس الواقع الحالي، والبديل هو الانقلاب في رأس السلطة على الائتلاف الشيعي، ومجيء شخصيّة جاهزة لتنظيف الأجهزة واستبدال المفاصل التنفيذية، ويبدو علاّوي هو الشخصيّة الوحيدة المؤهّلة لهذا الدور. ولم تكن توصية القائد السابق للقوات الأميركية بأقلّ من حلّ قوات الشرطة العراقية كاملة؛ لأن الولاء الطائفي السياسي قد سيطر عليها كليا. لكن هل يقلب الأمريكان تحالفاتهم رأسا على عقب؟ ثمّة قوى سنّية واعية للموقف الراهن وجاهزة للتعامل معه وأخرى أقلّ ذكاء ووعيا وقدرة، لكنها لن تعيق المسار الجديد باستثناء تنظيم القاعدة الذي سيخوض آخر معاركه للابقاء على جحيم العراق والبقاء فيه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
أوراق منثورة
ناصر اليحمدي
الشبيبة عمان

لاشك أن الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الأمريكي جورج بوش للعراق الشقيق مؤخرا جاءت كرد فعل لانسحاب القوات البريطانية من مدينة البصرة وتركها للقوات العراقية والميليشيات المقربة منها.
ان بوش كان في طريقه الى مدينة سيدني الاسترالية للمشاركة في قمة آسيا ــ المحيط الهادئ.. الا انه عرج على العراق وأجرى مباحثات مع مسؤولين أمريكيين وعراقيين وهبط في قاعدة عسكرية بمحافظة الانبار.. وكان قرار الهبوط في هذه القاعدة بالذات له دلالة كبيرة حيث ان هذه المحافظة يشار اليها عادة باعتبارها معقل المسلحين وبالتالي فانه يلفت النظر الى ما يصفه عادة بالنجاح الذي حققته القوات الأمريكية.. ولكن أي نجاح هذا؟ فالرئيس الأمريكي يحاول اظهار منطقة واحدة من الانجازات متجاهلا أوجه الفشل العديدة لحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي للترويج للمصالحة الوطنية وكبح الاقتتال الطائفي.
الغريب ان هذه الزيارة التي أداها الرئيس الأمريكي الى العاصمة العراقية بغداد لم تؤد الى نتائج ملموسة بل انقلب الأمر كله ضده.. لان في الداخل الأمريكي ارتفعت الأصوات على ضوء هذه الزيارة مجددا تدعو الى الانسحاب والكف عن المراهنة على حكومة عراقية ثبت فشلها في كل الاتجاهات ورفضها التنازل عن أي من ملامح هويتها الطائفية لفائدة المصالحة مع الفرقاء.
هناك رأي عام وطني أمريكي يطالب بالانسحاب الفوري لأن استمرار الحرب يهدد المصالح الاستراتيجية للبلاد خاصة أن حجم العمليات الانتحارية والتهديدات الموجهة الى الأمريكيين ارتفع بشكل ملحوظ.. كما أن هذه الحرب جلبت لهم مخاطر كثيرة أبرزها تهاوي صورة بلدهم لتصبح في أنظار العالم دولة أمبريالية لا تلتزم بأي قانون مع أنها كانت تزايد على العالم الثالث والصين والاتحاد السوفييتي والحلف التابع له بأنها دولة ديموقراطية وراعية لحقوق الانسان والناطق الرسمي والوحيد باسم هذه القيم.. كما هزت هذه الحرب صورة المقاتل الأمريكي وأعادت للأذهان صورة الهزيمة في فيتنام بعد أن تناساها العالم بفضل ثقافة الكوبوي التي زرعها الإعلام والسينما في أمريكا.
ولكن الشيء الوحيد الذي يحسب لهذه الزيارة هو تنازل الرئيس بوش وقراره فجأة أن فكرة خفض مستويات القوات الأمريكية في العراق واردة في الأيام القادمة خاصة مع ظهور علامات على تحسن الأمن في العراق.
لاشك أن انسحاب القوات البريطانية أصاب بوش بالصدمة لأن هذا الانسحاب جاء في الوقت الذي يناضل فيه الرئيس بوش لاقناع الأمريكيين بأن زيادة عدد القوات الأمريكية الى 160 ألف جندي ساعد على اخماد العنف.
إن إعلان رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون الانسحاب الفعلي من البصرة تمهيدا للانسحاب النهائي للقوات البريطانية من العراق يعد حركة ذكية محفوفة بنوع من المخاطرة لانه بالرغم من أن هذا القرار حظي بشعبية سياسية داخل بريطانيا الا انه اثار غضب واشنطن ولكنه اختار المصلحة الوطنية العليا حتى لا تظل بلاده تلعب دور التابع الذي لا يغادر دائرة الظل التي أتقنها ببلاغة عالية سلفه توني بلير.. كما أنه يعلم جيدا أن حرب العراق تعتبر عائقا انتخابيا لحزب العمال الحاكم وأنها أسهمت في استقالة بلير المبكرة.. كما انه بهذا القرار حمى جنوده من الهجمات اليومية التي كانت تكبده الكثير من الخسائر في الأرواح والمعدات مما جعله يخفض جنوده بهذا الانسحاب الى خمسة الاف جندي وكلهم يتمركزون في القاعدة الجوية بالبصرة بعد ان سلمت بريطانيا كذلك ثلاث محافظات أخرى في جنوب العراق للسلطات العراقية بعد تصعيد في الهجمات أودت بحياة العديد من الجنوب البريطانيين.. ومع هذا فان أكثر من ثلثي الشعب البريطاني يعتقدون أن بلادهم خسرت الحرب في العراق.
نتمنى ان تحذو أمريكا حذو بريطانيا وتسعى للانسحاب من العراق وتركه لأبنائه يديرونه وفق مصلحة المواطن العراقي الذي لا تعلم أمريكا شيئا عن رغباته وطريقة حياته.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
العراق واحتمالات التوجه نحو دولة علمانية
د. محمد عاكف جمال
البيان الامارات
حين تخسر... لا تخسر الدرس «الدالاي لاما». منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية في العقد الثاني من القرن المنصرم عند انتهاء الحرب العالمية الأولى، انتهى عصر الحكومات الدينية في منطقة الشرق الأوسط، وهو عصر طويل ابتدأ بالفتوحات الإسلامية في القرن الأول الهجري (القرن الثامن الميلادي) ودام قرابة ثلاثة عشر قرناً. فالدول التي تأسست في هذه المنطقة، وفق اتفاقية سايكس - بيكو، غلب عليها الطابع المدني الأكثر قرباً إلى العلمانية، فدساتيرها وقوانينها والأعراف التي نشأت في أطرها فيها الكثير من المعالم الليبرالية، فالدستور العراقي لعام 1925 على سبيل المثال، لم يتح المجال لتأسيس دولة دينية رغم أن إحدى مواده تنص على أن الدين الإسلامي هو أحد مصادر التشريع. هذا بالطبع أمر مفهوم فمن أشرف على هيكلة الشرق الأوسط ورسم خرائطه وبناء دوله هو من انتصر في تلك الحرب، بريطانيا وفرنسا اللتان سعيتا إلى تأسيس دول مستقرة لرعاية مصالحهما على الأمد الطويل. إلا أن تركيا قد تميزت عن بقية دول المنطقة بنهج علماني واضح المعالم نص عليه دستورها الذي فصل بشكل كلي بين المؤسستين الدينية والمدنية، فمؤسسات الدولة سواء كان الأمر يتعلق بهوية شاغلي المراكز المهمة في هياكلها أو بمنهج العمل الذي تبنته تعمل بآليات مدنية علمانية. والحقيقة أن الفصل بين المؤسسة الدينية والدولة في تركيا لم يكن يعني استقلالية هذه عن تلك بل إن هذا الفصل قد خلق نوعاً جديداً من العلاقة بينهما وهي تبعية معاكسة، فالمؤسسة الدينية نفسها أصبحت تعمل تحت إشراف المؤسسة المدنية. فقد وضع مؤسس تركيا الحديثة، كمال أتاتورك، نصب عينيه الأخذ بالنموذج الأوروبي الغربي في تأسيس هياكل الدولة التركية وما تستند إليه من قوانين وتقاليد وأعراف وأساليب عمل، مديراً بذلك ظهره لإرث الإمبراطورية العثمانية التي حكمت منطقة واسعة من العالم في آسيا وأفريقيا وأوروبا على مدى أربعة قرون، وفي قطيعة تامة مع تأريخها.


ولكن مع وصول القرن العشرين إلى عقده الثامن بدأت القوى والأحزاب الدينية في عدد من دول الشرق الأوسط بالصعود وبدأت تفرض واقعاً سياسياً جديداً في المنطقة، وكان أبرز المؤشرات على ذلك هو نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 . وما أعقب ذلك من تعضيد للإسلام السياسي في الدول الأخرى لأسباب مختلفة: سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان وصعود حزب العدالة والتنمية في تركيا إلى سدة الحكم بأغلبية كبيرة في فترتين انتخابيتين، ومجيء حكومتين لهما لبوس ديني في العراق بعد انتهاء مهمة الحكومة المؤقتة التي تشكلت عقب حل مجلس الحكم الذي تشكل بعد احتلال العراق، وفوز حركة حماس في الانتخابات النيابية الفلسطينية الأخيرة، وتعزيز الأخوان المسلمين لمواقعهم في البرلمان المصري. لا تتسع المساحة هنا للحديث عن تجارب الحكومات أو الحركات ذات الطابع الديني في البلدان المختلفة، بل سوف نكتفي بتسليط بعض الضوء على التجربة العراقية بعد مرور ما يزيد على أربع سنوات من سيطرة الحركات الدينية على الشارع العراقي وعلى المفاصل الأساسية في العملية السياسية. فقد بينت استطلاعات أميركية كُشف عن نتائجها في واشنطن ونُشرت مؤخراً بأن هنالك تحولاً متزايداً في المزاج السياسي لدى العراقيين نحو العلمانية ونحو تغليب الهوية الوطنية على هوية الانتماء المذهبي. فقد رصدت تلك الاستطلاعات التي أجريت على عينات تتناسب أعدادها مع ثقل المكونات الأساسية للمجتمع العراقي (الشيعة والسنة والأكراد) في الفترة الواقعة بين ديسمبر عام 2004 ومارس عام 2007، وجود «انخفاض في التأييد الشعبي لوجود حكومة دينية وزيادة تأييد النظام السياسي العلماني». فقد ذكر منصور معدل الأستاذ والباحث المتخصص في العلوم الاجتماعية بجامعة شرق ميشيغان والذي أشرف على هذا الاستطلاعات: إن لدى العراقيين شعوراً قوياً بالهوية الوطنية يتجاوز الخطوط الدينية والسياسية». وبلغة الأرقام، وهي الأكثر دقة، أظهرت هذه الاستطلاعات (مارس 2007) بأن 54% من العراقيين يصفون أنفسهم بأنهم عراقيون قبل أي شيء مقارنة مع 28% في ابريل من عام 2006، وأن هذه النسبة بلغت 75% لدى سكان العاصمة بغداد، أكثر المدن العراقية تنوعاً في الانتماءات وأكثرها تفجراً.
وتعكس هذه النسبة المرتفعة في بغداد ردود أفعال العراقيين الغاضبة والمناهضة لنوايا تقسيم البلاد على أسس عرقية وطائفية التي تزايد الترويج لها مؤخراً كأحد السيناريوهات المحتملة لمعالجة الأزمة العراقية، وكان آخرها ما أشار إليه الصحافي الأميركي توماس فريدمان في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في الثلاثين من أغسطس المنصرم. كما أبانت هذه الاستطلاعات أيضاً، بأن هنالك تغيراً آخر ملحوظاً في موقف الشارع العراقي حيال العلاقة بين الدين والسياسة، حيث ذكر 30% من العراقيين في الاستطلاع (مارس 2007) بأن العراق سيكون مكاناً أفضل إذا تم الفصل بين الدين والسياسية في حين كانت هذه النسبة 18 % في أكتوبر من عام 2006 وكانت 26% في ديسمبر من عام 2004. نحن لا نفترض بأن جميع من شملهم استطلاع الرأي المذكور واع للمعنى الكامن في العلمانية، فذلك موضوع آخر لا نود الخوض فيه الآن، إلا أن من أدلى بصوته لصالح الابتعاد عن الأجندات الدينية وفضل التمسك بالهوية الوطنية قد دفعته لذلك تجربته الشخصية لمدة تزيد على أربع سنوات مرة سربلت العراق بالدماء. حيث شهد فيها مرارة التطاحن العبثي وغياب الإنجازات وكثرة العطلات المهدرة لفرص البلد في التقدم وتردٍ في الخدمات على مختلف المستويات. فلم يحصد الإنسان العراقي من العملية السياسية حتى الآن غير الريح، حصد الكثير جداً من وعود خلابة وحصد الكثير من الكلام المعلب في عُلبٍ وُضعت على أغلفتها رموزاً دينية يَكُنُ لها الجميع كل احترام ويشذ عن ذلك من أسهم في توظيفها لتحقيق أجندته السياسية. وتعزز هذه الدراسة ما سبق أن أشرنا إليه في أكثر من مقال في السابق وهو أن ما يبدو صراعاً طائفياً في الساحة العراقية هو في حقيقته ليس كذلك، بل هو صراع مصالح سياسية وُظف المذهب والعرق فيها للحصول على أدوات التغيير في هيكل الدولة العراقية لتحقيق أجندة خاصة. إن المتابع للمَشاهد التي تنقلها مختلف الفضائيات عن الوضع في العراق، لا يستطيع أن يتجاهل التغير الواضح الذي يحصل في الشارع العراقي، فموجة الغضب لدى الفرد العراقي في تصاعد وهو يرى بأن النخب السياسية التي منحها ثقته وأوصلها إلى المناصب العليا في الدولة لم تقدم له مكسباً ملموساً، وبدأ يدرك حجم الدمار الذي لحق بالبلد بسبب الأخطاء الخطيرة التي وقع فيها معظم العراقيين حين اختاروا الاصطفافات الطائفية والعرقية كآليات في العملية السياسية حيث لم يُوظف البرنامج الانتخابي ولا شخصية المرشح للحصول على الشرعية الانتخابية كما هو معروف في التجارب الديمقراطية الناجحة. لقد دفع الشعب العراقي حتى الآن ثمناً باهظا لصياغة تجربته السياسية وربما لا يزال أمامه المزيد ليدفعه كي يسترجع رشده كاملاً ويفيق من خدر حلم لم يرسم على أرض الواقع إلا صوراً مشوهة للديمقراطية وشرعية انتخابية تفتقر إلى شرعية الإنجازات. عندها سيوظف الناخب العراقي صوته الانتخابي لصالح البرنامج السياسي المطروح أمامه ويتحرى عن مدى اتفاق هذا البرنامج مع ما يحلم به أو ما يطمح بتحقيقه من المكاسب سواء على مستوى تحسين الخدمات الصحية أو التعليمية أو تحسين دخله وطمأنة الأسرة على مستقبل أبنائها، ويتخلى عن موقف الاصطفافات المذهبية الخاطئة والبعيدة كلياً عن النهج الديمقراطي. فقد أوشكت هذه الاصطفافات أن تمحي العراق من الخارطة، بعد أن بعثت بما يزيد على المليون من أبنائه إلى حتوف لم يختاروها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
بعد خراب البصرة
علي الصمادي
البيان الامارات
بعد خراب البصرة وبغداد والموصل وكربلاء أعلنت بريطانيا انسحابا ـ كما تقول هي ـ «منظم ومخطط له» سابقا وليس هزيمة كما يقول 52 بالمئة من الشعب البريطاني بعد ان دمرت مدن العراق وبعد أن فقد الشعب أمنه واستبيح عرضه وماله وشرد ربع سكانه وخربت أرضه الزراعية وقطعت أوصاله.


الانسحاب البريطاني غير المدبر من البصرة تزامن ربما مصادفة مع زيارة لم يعلن عنها كعادة الزيارات إلى العراق هذه الأيام للسيد جورج دبليو بوش صاحب الفضل الأول في دمار هذا البلد وسرقة نفطه وأمنه الذي أعلن هو الآخر عن خفض تدريجي للقوات الأميركية هناك ولا نعرف هل ستكون القوات النظامية أم تلك الميليشيات التي استأجرتها الدولة العظمى لتحارب إلى جانبها ووزعت الرشاوى عليها وكانت في الغالب منح الجنسية الأميركية.


من يشاهد الرئيس الأميركي وهو يتحدث هذه الأيام يدرك مدى الدمار الذي ألحقه أولا بسمعة أميركا في العالم وبالعراق ثانيا دمارا سيبقى في أذهان العالم طويلا لأنه كان دمارا شاملا بدءا من الإنسان وحتى الحيوان والشجر ناهيك عن عمليات النهب والسرقة التي ما زالت حتى اليوم ولن تنتهي بمبلغ الـ 8 مليارات دولار بالتواطؤ مع السفارة الأميركية عن طريق رئيس هيئة النزاهة.


عودة إلى بريطانيا التي يقال ان علاقاتها مع واشنطن شابها التوتر مؤخرا وهذا لا يعني خروجها من الظل الأميركي هذا التوتر قاد بريطانيا إلى الانسحاب من البصرة وسيكون له الأثر البعيد على ذلك التحالف الهش الذي حشدته أميركا لغزو العراق وسبق ذلك خروج اسباني والحبل على الجرار كما يقولون.


الانسحاب البريطاني وكثرة الحديث عن خفض للقوات الأميركية لن تقتصر آثاره على الهزيمة في العراق التي باتت قريبة بل ان سمعة أميركا ومركزها في العالم سيشهد انحسارا تدريجيا، وهي عملية لم تتم بين يوم وليلة وستأخذ مداها من الوقت وما خطط له وولفيتز ورامسفيلد سيذهب إدراج الرياح وهم يشاهدون تلك الهزيمة المدوية لأميركا وهي تشبه تلك الهزيمة التي تلقاها الاتحاد السوفييتي في أفغانستان وكانت مسمارا من مسامير النعش الذي أعلن موت الاتحاد.


زخم التصريحات الأميركية عن العراق والتقارير التي تتحرك بين بغداد وواشنطن تكشف عمق الأزمة التي يعاني منها بوش وأركان حربه وليس إدارته لأن الحرب كانت هاجس الرجل طوال مدة رئاسته ولم يتوقف هو أو أي من مساعديه عن الحديث عن الحرب والدروع الصاروخية والحرب الوقائية والدراسات التي تتحدث عن إمكانية خوض أكثر من حرب في آن واحد رغم ان وهيج ذلك بدا يخفت حاليا مع الفشل في العراق وربما أفغانستان.


لن نقول ان أميركا ستنهار بين عشية وضحاها أو تتراجع بتلك الفوضى ولكنها حتما لن تبقى تلك الدولة الاخطبوطية التي تنتشر قواتها في أكثر من 30 دولة في العالم ولن تكون استثناء من تداول الأيام ومكر التاريخ كما وصفها احد المحللين والتراجع أو الانحسار الذي نتحدث عنه هنا سيأخذ أشكالا عدة قد يكون الانسحاب من العراق الفصل الأول فيه.


التقارير تتحدث عن توتر بين الدولتين وعزم براون على الخروج من تبعية أميركا التي حشر توني بلير بريطانيا فيها وحولها إلى وزارة أميركية للإعلام وإذا صدقت هذه التقارير فإن الهزيمة الأميركية في العراق ستكون مضاعفة لكن السؤال يبقى من سيحاسب أميركا بعد الهزيمة ومن سيتحمل كلفة الدمار الذي حدث في العراق وماذا سيقول التاريخ عمن حشد للاحتلال ومن نفخ فيه وهو سؤال يبقى معلقا حتى حين وان غداً لناظره قريب.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
مشروع الغزو الفاشل
ممدوح طه
البيان الامارات

هل نجحت زيارة الرئيس الأميركي الدعائية إلى قاعدة محافظة «الأنبار» الجوية، بينما تنسحب القوات البريطانية هروبا من المدينة إلى قاعدة «البصرة» الجوية، من تخفيف حدة السجال الدائر في الأوساط الأميركية والبريطانية حول حقيقة الفشل الذي منيت به قوات الاحتلال الأنجلو أميركية في تطبيق استراتيجية بوش الحالية للخروج من الورطة العراقية؟


وهل نجحت الإدارة الأميركية بكل قواها السياسية والدعائية بعد أربع سنوات من الفشل في التغطية على جرائم الحرب الأميركية وتخفيف الغضب الثائر في الأوساط الشعبية والإعلامية في العواصم العالمية، رفضا لخطيئة العدوان الأنجلو أميركي بالغزو العدواني والاحتلال غير المشروع للأراضي العراقية؟


علامات الرسوب التي حملها التقرير السلبي لـ «مكتب محاسبة الحكومة» الأميركية والتي أشارت إلى تحقيق 3 أهداف كلية فقط من بين 18 هدفا، و4 أهداف جزئية فقط وفشل تحقيق 11هدفا لاستراتيجية بوش الحالية في العراق، والأسئلة الكبرى التي تفجرت على لسان «جون كيرى» المرشح الأميركي السابق للرئاسة وزملائه خلال مناقشته بالكونجرس أمس الأول تجيب بالنفي على السؤال الأول.


واللافتات المنددة بالاحتلال الأميركي للعراق التي حملها آلاف المتظاهرين الاستراليين الغاضبين في استقبال بوش عند وصوله إلى «سيدني» قادما من «الأنبار»، والتي تحمل صور رئيس الوزراء الاسترالي«هاوارد» والرئيس الأميركي «بوش» مطالبة بالقبض عليهما لمسئوليتهما عن جرائم الحرب ضد الشعب العراقي، والداعية إلى سحب القوات الأميركية والاسترالية من العراق: تجيب بالنفي على السؤال الثاني.


وبينما حاول البيت الأبيض نفى الطابع الدعائي لزيارة بوش المفاجئة للأنبار، في خطوة استباقية للتقرير المنتظر للجنرال «بتريوس» والسفير «كروكر» مخالفا «من يسخر من أن هذه الزيارة فرصة لالتقاط الصور قائلا: «إن الزيارة لا تدخل في إطار دعائي قبيل التقييم الذي سيرفعه قائد القوات الأميركية والسفير الأميركي بالعراق إلى الكونغرس الأسبوع المقبل حول مدى نجاح إستراتيجيته الراهنة هناك».


نقلت قناة «السي. ان. ان» رد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور «هاري ريد» القائل.. «كل تقييم هادف أظهر حتى اللحظة أن إستراتيجية الرئيس الفاشلة أخفقت في تحقيق هدفها المفترض للوصول إلى حل سياسي للعراق».


وفيما يبدو أن الزيارة استهدفت التمهيد للانسحاب الجزئي الأميركي من العراق بعد التقرير المنتظر لقائد القوات الأميركية في العراق، أشار بوش، للمرة الأولى، إلى إمكانية خفض القوات الأميركية التي رهنها بتحسن الأوضاع الأمنية كما هو الحال في محافظة الأنبار معقل المقاومة السنية العراقية، دون أن يحدد الجدول الزمني أو حجم القوات التي يمكن سحبها، محاولا نفى فكرة أن ذلك الانسحاب المحتمل يعنى هزيمة أو فشلا بقوله «عندما نبدأ بخفض قواتنا من العراق سيكون ذلك من موقع قوة ونجاح وليس بدافع الخوف أو الإخفاق».


في النهاية وبعد أربع سنوات من الدماء والخسارة والدمار، ومن الجدل الحاد في الأوساط الأميركية والبريطانية والغضب الحاد في الأوساط الشعبية العالمية يثبت للجميع أن الاحتلال مشروع استعماري فاشل ثبت فشله في الماضي والحاضر وستتأكد هزيمته وإفلاسه في المستقبل بفضل وعى ومقاومة الشعوب المناضلة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
التزام
محمد عبد الجبار الشبوط
الوطن عمان
اضحت قضية انسحاب القوات الامريكية من العراق قضية دولية اضافة الى جذورها المتأصلة في المعطيات السياسية المحلية في العراق والولايات المتحدة معا، في وقت يثير فيه موضوع الانسحاب هاجسا مرعبا عن مدى قدرة الدولة العراقية على ضبط اوضاعها الامنية الداخلية وحماية حدودها الخارجية فيما يواصل المرجل العراقي المملوء بكل عوامل الانفجار غليانه المستمر المنذر بحصول ذلك الانفجار عند اول خطأ.
اكثر من ثلثي سكان العالم صاروا يفضلون انسحاب القوات الاجنبية من العراق، ولعلهم يرون في ذلك نزعا لفتيل الازمة، بغض النظر عن مدى استيعابهم او احاطتهم بملابسات الشأن العراقي.
واذا كان للانسحاب شروطه، فان اول هذه الشروط قدرة الدولة العراقية على ملء الفراغ الامني الحاصل بالانسحاب.
وهنا يقول تقرير امريكي مستقل ان الدولة العراقية غير قادرة على ذلك، وان جيشها وشرطتها بحاجة الى 12ـ18 شهرا قبل ان يكون بامكانه فعلا الامساك بالملف الامني.
ويعطي هذا الكلام ارضية لتصريح سابق ادلى به الرئيس الايراني احمدي نجاد قال فيه ان ايران مستعدة لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب.
وصمتت الدولة العراقية ازاء هذا التصريح، فلا هي قادرة على رده ولا على القبول به.
في هذه الاثناء يحتدم الجدل الداخلي الامريكي حول قضية الانسحاب محكوما في جزء كبير منه بالضرورات الانتخابية المحلية. فالديمقراطيون يطالبون بالانسحاب ويضغطون من اجل وضع جداول زمنية اعتباطية للانسحاب، الامر الذي يرفضه الرئيس الامريكي بوش، وكذلك يفعل الجمهوريون متسلحين باشارات عن حصول تقدم امني وعسكري، وان شابه قصور سياسي يكمن في عدم قدرة الطبقة السياسية العراقية على تحقيق انجازات تقع ضمن قائمة الكونغرس التي ضمت 18 مؤشرا للنجاح؟
بموازاة ذلك، يستذكر المراقبون تحليلات امريكية قدمها باحثون مرموقون مثل نوح فيلدمان تتحدث عن مسؤولية اخلاقية او التزام اخلاقي يقضيان بعدم جواز قيام الولايات المتحدة بترك العراق وحيدا فيما تواصل كرة النار تدحرجها وهي تحرق الاخضر واليابس.
ويقول فيلدمان في كتابه WHAT WE OWE IRAQ لقد قامت الولايات المتحدة بتدمير الدولة العراقية، بهدف القضاء على صدام، بدون دعوة من الشعب العراقي، وان الالتزام الاخلاقي يقضي بان لا تتركه قبل ان تقوم بمساعدته على بناء دولته الجديدة، مركزا على ان اهم معالم بناء الدولة وجود حكومة قادرة على فرض القانون. وهذا ما لم يتحقق حتى الان.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
أول الهزيمة الانسحاب من البصرة
عبدالزهرة الركابي
القبس
اعلنت قوات الاحتلال البريطانية، أخيرا، أنها بدأت انسحابها الشامل من جنوب العراق، فيما كشفت صحيفة بريطانية عن عزم القوات الاميركية ملء الفراغ الذي سيتركه البريطانيون في الجنوب بلواء من 3500 جندي أميركي، وقالت قوات الاحتلال البريطانية، انها انسحبت من مقر قيادة مشترك مع الشرطة العراقية في البصرة وكذلك من مجمع قصور صدام حسين الذي كان البصريون يخشون الاقتراب منه في حقبة النظام العراقي السابق، في اطار خطط الانسحاب الشامل من المدينة، وبالتالي، فإن هذه القوات انكفأت في قاعدة مطار البصرة.
ومن هذا، فقد توقع المراقبون والمتابعون للسياسة البريطانية في وجهتها الخارجية أن تكون هذه السياسة في حقبة رئيس الحكومة الجديد غوردون براون متمايزة عن السياسة الأميركية أو على الأقل أن ألا يكون براون على خطى سلفه بلير الذي أنهك السياسة الخارجية البريطانية من جراء سيره خلف الرئيس الأميركي بوش من دون تحفظ، في أمر الحرب على العراق.
هذا، وقد وصفت صحيفة الاندبندنت البريطانية الخطوات التي يقوم بها براون على طريق الابتعاد عن السياسة الأميركية على انها 'قفزة براون' قائلة، إن مظهر الفترة الحالية التي عرفت باسم قفزة براون هو كما يلي : سئم الإعلام والرأي العام اللذان يقودان بعضهما البعض إلى الأمام، طوني بلير لدرجة أنه مهما فعل براون فلن يكون ذلك سوى تغيير للأفضل، وأضافت الصحيفة إننا في واحدة من تلك الفترات التي تبدو فيها جميع أفعال براون صائبة، المهم الآن أن براون ليس هو بلير وهذا يكفي، وحملة براون في واشنطن تبدو شديدة الاختلاف عن بلير في واشنطن، حتى ان كان ما يقولانه هو الشيء نفسه.
لا شك ان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في هذا الوقت يتعرض الى ضغوط عدة بشأن سحب القوات البريطانية من العراق، وفي هذا الاطار حذر مجلس العموم البريطاني في تقرير للجنته الخارجية من أن استراتيجية الرئيس الأميركي جورج بوش في العراق مصيرها الفشل، وجاء في هذا التقرير ان الاستراتيجية الاميركية التي قام الرئيس جورج بوش بمراجعتها في يناير مع ارسال تعزيزات قوامها 30 الف عسكري، مصيرها الفشل كما يبدو.
كما حذر قادة الجيش البريطاني رئيس الوزراء غوردون براون من أن تأخير سحب قواته من البلد المحتل سيؤدي إلى زيادة عدد قتلاها، إذ نقلت صحيفة التايمز البريطانية عن ضباط بارزين في الجيش البريطاني اعتقادهم بأن حشدا 'وشيكا' للقوات في قاعدة واحدة في مطار البصرة الدولي من المؤكد انه سيسفر عن تشديد الميليشيات العراقية لهجماتها.
وقالت الصحيفة ان هذا التحذير يأتي في وقت ظهرت فيه ارقام جديدة تفيد بأن المطار وقاعدة ثانية في البصرة قد تعرضا للقصف بأكثر من 300 صاروخ وقذيفة هاون على مدى الشهرين الماضيين وهو رقم يتجاوز ما وقع خلال السنوات الاربع الماضية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
«حررناكم» مقولة ينبغي أن تقتلع من جذورها
حسن علي كرم
الوطن الكويت
هل وجب على الكويتيين ان يتلقوا الصفعات بالابتسامة والاساءات بالشكران. لا أدري ولكن هذا ما نشعر به. وهذا ما يبدو واقعاً فرض علينا. او يريد البعض بكل ما أوتي من جهل ومن صفاقة وقلة ذوق فرضه علينا.. وكأن الكويت لم تعد دولة ذات كيان مستقل. تحكمها قوانين وإرادة حرة. وكأن الكويتيين لم يعودوا شعبا ينتمي لدولة مستقلة من حقه التعبير الحر والتكيف الحر في وطنه ومع الآخرين والى الآخرين وانما يرون الكويت عزبة جعلوا ملكيتها لهم وجعلوا الكويتيين سخرة طيع اوامرهم..!!
فمنذ تحرير الكويت من براثن الغزو الصدامي الآثم تعاني وشعبها شتى انواع الاستغلال والمعايرة والابتزاز والبلطجة تحت ذريعة (حررناكم) وكأن هؤلاء هم وحدهم الذين جاءوا بجنودهم وبطائراتهم وبدباباتهم وبصواريخهم وبحمالات طائراتهم وبراداراتهم الى الكويت وطردوا صدام وجنوده الهمج الغزاة منها لا ان شارك في معركة تحرير الكويت ثمان وثلاثين دولة وجيشاً وقوة. ولو كانت معركة تحرير الكويت توقفت فقط عليهم لكانت الكويت حتى الآن ترزح تحت نير الاحتلال الصدامي، ولكان الكويتيون يفترشون الارض ويبيعون اللبن والقيمر والفجل في اسواق البصرة والعشار (حسب تعبير الفنان الكوميدي عبد الحسين عبد الرضا).
إلى العقلاء من هؤلاء والى غيرهم والى كل من يصر مواصلة الاساءة والحقد على الكويت. نقول، إن غزو الكويت من قبل صدام وجنوده لم يكن ليستهدف الكويت وينتهي بالكويت وتحرير الكويت لم يتم من اجل سواد عيون الكويتيين او من اجل بترول الكويت، وانما تم تحرير الكويت لان ضياعها كان ضياعا لكل المنطقة وبقاءها بيد صدام كان تهديداً يطول كل المنطقة، وان أمن العالم برمته كان مهدداً بالانفجار، ويكفي ان نتصور ماذا لو شطبت الكويت من على خريطة العالم، هل سينعم العالم بالاستقرار؟!
ان البعض يصر على ان يظل جاهلاً ويصر على الجهل وان البعض يصر على قلب الحقائق ورؤية الامور بالمنظار المقلوب. وهذا شأنهم، وهذا قدر فهمهم، وقدر ثقافتهم التي استقوها ومسايرتهم، يعني اننا نساير جهلهم، ونساير ثقافتهم الضحلة..
إن الذين يمنون على الكويت تحريرها من المؤكد انهم لايرون الامور أبعد من ارنبة أنوفهم، ولو كانوا غير ذلك لرأوا الحقائق واضحة وجلية امامهم ولما تحاملوا على الكويت وظلموها، ولكن ماذا تقول غير ان نقول، قاتل الله الجهل وقاتل الله الحقد وقاتل الله الذين يثيرون الفتن والضغائن، لا لشيء الا لانهم تربوا على الجهل وتربوا على الحقد وعلى مصائب الآخرين..
ليس المفروض ولا المطلوب من الكويت ان تقدم فروض الطاعة والولاء والخنوع الى من شارك (مشكوراً) بتحريرها من براثن الغزو، ولا كان مفروضاً ان تبدو الكويت في الموقف اللين او الضعيف في اي يوم من الايام ولا كان ينبغي مسألة الغزو والتحرير تصير عقدة فتحرجها او تخجل منها.. فكم من الدول والبلدان في العالم طالها الغزو وكم من الدول والبلدان انكسرت ثم انتصرت، فالتاريخ مليء بقصص الغزوات والهزائم والانكسارات والانتصارات. فلا ينبغي ان نعاني الى الأبد من عقدة الغزو والتحرير فمن ينهزم اليوم فقد ينتصر غدا والدنيا دول، من هنا اعتقد ان الكويت قد دفعت الكثير والكثير تعبيرا عن شكرها وعن امتنانها للذين ساهموا في تحريرها، ولقد استغل البعض هذا السخاء الكريم من الكويت على أنه واجب وحساب مفتوح لهم الى البلاد..!!
من المؤكد ان الذين أرادوا هناك ان يجعلوا من حادثة فردية على انها قضية ثأرية وقضية عامة حركوا ازاءها الدولة والصحافة والاعلام ومؤسسات المجتمع المدني والرأي العام الشعبي لم يكن هدفهم تحقيق العدالة او الانتصار للمظلوم، وانما لحقد في نفوسهم ولجهل جاهلية هم يعانون منها اما المسألة وباختصار شديد لا تحتاج الى كل هذا الضجيج والعويل، فهناك حلان لا ثالث لهما، فأي مقيم في الكويت يجد نفسه انه مظلوم يستطيع ان يحمل بعضه ويغادر معززاً مكرماً، او ان تمنع دولته مواطنيها من العمل في الكويت وتستطيع ان تستعيدهم اليها بلا ضرر ولا ضرار وكفى الأخوة شر الشتائم والسباب، ولتخرص ألسنة الحاقدين وإلى الابد..

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
اللغز الفارسي في العراق
افتتاحية
'كريستيان ساينس مونيتور'
استعرضت في افتتاحيتها أمس التساؤلات الراهنة حول مدى تأثير ايران على الشيعة في العراق بعد الغزو الأميركي، وانعكاسات ذلك على مستقبل العراق والمنطقة، مشيرة الى ان الوضع أصبح بمنزلة سجال جديد في الكونغرس يطالب بمزيد من الوضوح حول امكانية أن تصبح ايران قوة نووية واقليمية.
وتلفت الصحيفة الى التحذيرات المتكررة التي يطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش من تنامي النفوذ الايراني على العراق، ومن الطموحات النووية الايرانية وسعيها الى أن تصبح قوة اقليمية في المنطقة، كجزء من تعريف الادارة الأميركية للتهديدات التي تواجه النجاح الأميركي في العراق. فاذا كان الكونغرس لا يريد أخذ تحذيرات بوش على محمل الجد ويريد اصدار الأمر للقوات بالبدء في الانسحاب من العراق، فعليه أن يمعن النظر أولا في النوايا والاحتمالات الايرانية.
ولحسن الحظ، كما تمضي الصحيفة، فقد حاولت ادارة بوش جس النوايا الايرانية، بعدما أجرت منذ عام 2003 محادثات غير مباشرة مع ايران حول برنامجها النووي (من خلال الحلفاء الأوروبيين) وبدأت هذا العام في سلسة من المحادثات المباشرة معها حول العراق.
فيلق القدس جماعة ارهابية
غير أن هذه المفاوضات فشلت برأي الصحيفة في وقف برنامجها للتخصيب النووي، ولم تردعها بعد عن تقديم الدعم العسكري لهجمات المسلحين العراقيين ضد الجنود الأميركيين في العراق، مما أدى الى سخونة المواجهة الدبلوماسية وفرض مزيد من العقوبات الدولية ضد ايران.
وتلمح ادارة بوش الى أن تحركها المقبل قد يتمثل في اعلان الحرس الثوري الايراني، وقوامه 120.000 عنصر، أو ذراعه العامل، فيلق القدس، جماعة ارهابية. وهي الخطوة التي من شأنها تعريف قطاع وجيه من قوات الأمن الايرانية بأنه يشكل تهديدا ضد الولايات المتحدة، ومن ثم تصبح ايران ذاتها هدفا لضربة عسكرية أميركية.
لكن قبل الانزلاق الى الحرب، هكذا تمضي الصحيفة، يحتاج الكونغرس اظهار روح القيادة بدلا من الانقياد الأعمى الذي أظهره من قبل عند الذهاب الى غزو العراق، ويمكنه أن يبدأ هذه القيادة بالسؤال حول امكانية تغيير رجال ايران من طريقة تفكيرهم، أو ان كانت هناك سبل لارغامهم على ذلك.
وتختتم كريستيان ساينس مونيتور افتتاحيتها محذرة الكونغرس من مغبة تجاهل الخطر الايراني في خضم انشغاله بالخيارات الأميركية في العراق، مؤكدة أن الانسحاب الأميركي يقتضي عدم قيام ايران باثارة المشاكل أثناء المغادرة. ومن هنا يتعين على بوش والكونغرس التعاون معا لحل هذا اللغز الفارسي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
ما وراء الأخبار.. الإصرار على الخطأ
عمر جفتلي
صحيفة تشرين

بعد كل هذه المآسي والأخطاء المتعمدة التي جلبتها أو صنعتها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش في المنطقة.. لا تزال هذه الإدارة مع الأسف الشديد مصرة وحتى آخر دقيقة من بقائها في السلطة على العمل عكس التوصيات والملاحظات والمعلومات التي خرجت بها وفود أميركية زارت هذه المنطقة المضطربة واطلعت عن كثب على مختلف المعطيات والوقائع وقدمت الحلول.

آخر هذه الوفود كان برئاسة السيناتور الديمقراطي دينيس كوسينيتش الذي استمع من السيد الرئيس بشار الأسد إلى كلام مهم حول العلاقات الأميركية ـ السورية وإمكانية تحريك عملية السلام والمحافظة على الأمن والاستقرار في المنطقة.. وأكد الرئيس الأسد للسيناتور كوسينيتش أن مشكلات المنطقة تنتهي مع الحل العادل والدائم والشامل للصراع العربي ـ الاسرائيلي، وأن مواقف سورية ثابتة لجهة دعم العملية السياسية في العراق على أنها الطريق الوحيدة لإنهاء الأزمة وكذلك دعم كل ما يتوافق عليه اللبنانيون.. وبالطبع حظي هذا الموقف بترحيب السيناتور الديمقراطي وقال: إن زيارتي لسورية تأتي من قناعتي بأن لها دوراً بناءً وهاماً يمكن أن تلعبه في المنطقة، وإن التواصل الحقيقي وبقلوب مفتوحة يساهم في صنع السلام. ‏

هذا الكلام قالته نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي أيضاً، وقاله آخرون زاروا سورية مؤخراً، كما خلص إليه تقرير بيكر ـ هاملتون.. ومع ذلك لا تزال الإدارة الأميركية تنظر الى قضايا المنطقة من خلال العين الإسرائيلية، وتصر على استكمال المشروع الصهيو ـ أميركي الذي ورط الولايات المتحدة بسياسة أحادية، أوصلتها الى فشل واضح لا يليق بدور وسمعة هذه الدولة العظمى التي تحترم دستورها شعوب العالم وتعده مثالاً للحرية والحياة الكريمة. ‏

إن سياسة إدارة بوش التي تقوم على مبدأ القوة والهيمنة والتسلط ونشر الفوضى «الخلاقة» قدمت نماذج من الفشل والمآسي، وخلقت كره الشعوب واستياء شريحة واسعة من المسؤولين الأميركيين الذين يتطلعون لدور بناء لبلادهم مع كل دول العالم، مغاير لهذا الدور البشع الذي مارسته في العراق، وأن تحافظ الولايات المتحدة على الحياد في مواقفها وأن تحترم خيارات الشعوب لا أن تتحكم بها وفق أهواء ونزعات استعمارية ومخططات إسرائيلية تنتهك حقوق الإنسان العربي وتحتل جزءاً كبيراً من أرضه. ‏

هذه مبادئ ومعادلات صحيحة يسندها القانون الدولي وقرارات وميثاق الأمم المتحدة، ولا يختلف عليها إلا من كان لديه نيات لتوليد الأزمات وليس الحلول، وأهداف تتعارض مع المنطق السليم للدول والشعوب.. وأغلب الظن أن إدارة بوش لاتزال تعمل في دائرة المنطق المقلوب دون أن تتعلم من أخطائها الفادحة.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
ماذا لو نجحت لعبة الدومينو في العراق?

عبدالله الغضوي
السياسة الكويت
أخيرا اقتنعت الإدارة الاميركية انه لاهروب من الجلوس مع دول جوار العراق المتهمة بزعزعة استقراره وأنه ربما يكون لدى هذه الدول نية طيبة وجدية لمساعدة العراق في مهمة الوقوف على قدميه وإنقاذ أهله من نار الفوضى وحمامات الدم . هذا التطور الجديد في السياسة الاميركية أمر يستحق المدح والتصفيق, لأنه على الأقل يقسم مسؤولية استقرار العراق بين الأميركيين ودول الجوار .
ويبدو أن العقل ركب الموجه السياسية الاميركية هذه المرة وشرع بفتح حوار مع دول الجوار المتهمة بزعزعة استقرار العراق ودعم الإرهاب على الأقل لترى ماستقدمه هذه الدول للعراق. لكن في كلا المسارين السوري والإيراني هناك إشكالات سياسية معقدة تستدعي حلولا ومعالجة جذرية لتحدد مدى حجم وفاعلية المساهمة لكل منها .
فالإيرانيون يرون في الحوار الاميركي كسبا للوقت وتمويها على الملف النووي وان أي مبادرة إيرانية للجم الميلشيات المسلحة سيكون محط مساومة مع الجانب الاميركي. والثابت في المسألة الإيرانية أنها لاترتبط بإدارة بوش فحسب, فالاميركيون على اختلاف خلفياتهم السياسية من جمهوريين وديمقراطيين يجمعون ويتفقون على منع حصول إيران للتكنولوجية النووية وما يزيد تصلب الموقف الاميركي هو الإجماع الأوروبي, فموقف إدارة بوش الذي أرساه نائب الرئيس ديك تشيني تجاه إيران تحول من موقف إلى سياسة قائمة تتم صياغتها في دوائر القرار السياسي الاميركي, فالكل يجمع على انه لاتساوم حول الملف النووي الإيراني كونها مسألة تهديد ستراتيجي للمنطقة وللمصالح الاميركية فالرؤية الاميركية تعتمد على أنه لايمكن إطفاء نار بنار أو استبدال خطر بخطر, أي أن خطر الفوضى في العراق ليس بأقل من خطر امتلاك إيران الترسانة النووية.
ومن خلال هذه الصورة يمكن قراءة المساعدات العسكرية الاميركية لدول المنطقة . فالفكرة الأساسية في هذا الصراع والتحدي هو أن إيران خطر ليس على النفوذ الاميركي فقط بل على مستقبل المنطقة ككل. وعلى هذا الأساس لا أرى جدوى وافقا سياسيا جديا في الحوار الاميركي الإيراني لأن مسألة لقائهم ليس أكثر من تأمين نفوذ لكلا الطرفين وكأن المنطقة جغرافية عقارية محط مساومة وليست جغرافية سياسية ثقافية تاريخية, فالحالة الصحية للحوار هو تخفيض مستوى التطلعات من الجاني الاميركي والإيراني على حد سواء ..وهنا تكمن الإشكالية وهنا تكمن لعبة السياسة .
من الأمور التي ساعدت إيران في هذه المواجهة مع واشنطن هو الضعف الحاصل في المنطقة وإمكاناتها التفاوضية ووضعها المتقدم في ظل هذه الفوضى والعقم السياسي في المنطقة. سواء في التفاوض مع الترويكا الأوروبية أم مع الجانب الاميركي, وفي نهاية المطاف فان السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو .. إلى متى سيدوم صبر إدارة الرئيس بوش? وان نفد ماذا سيفعل تجاه أسلوب إيران في التعاطي مع شؤون المنطقة سواء كان في العراق أو في لبنان?
الإجابة على هذا السؤال تتحدد في أمرين الأول في الوضع العراقي المقبل والثاني في الانتخابات اللبنانية المقبلة باعتبار أن هاتين المسألتين من أبرز عناوين الشرق الأوسط اليوم .
وفي كل الأحوال لايخفى على احد التغير الاميركي الملحوظ على مستوى التفكير السياسي والانتقال من مبدأ المدفع إلى مبدأ السياسة, وكما يقال رب ضارة نافعة فقد أثرت التداعيات السلبية الأخيرة في المنطقة على السياسة الاميركية وهذا أمر يحدث في السياسة الدولية فالأزمات تستدعي حلولا وهذه الحلول لابد أن تكون إيجابية, ففي بداية انطلاق المشروع الاميركي في المنطقة كانت العقيدة السياسية الاميركية تقول بان الحرب أولا ثم السياسة, لكن اليوم نرى تقدم السياسة على القوة وهو ما أراه بادرة ايجابية يمكن أن تفيد المنطقة .
أما على المستوى السوري فالأمر مختلف تماما فدمشق اليوم ترى نفسها قادرة على مفاوضة واشنطن بحكم عدم القدرة الاميركية على إحراز تقدم في العراق وقوة الموقف الإيراني الذي تعتبره دمشق امتدادا وسندا لها بشكل أو بآخر, بل إن الموقف السوري يزداد صلابة كلما ارتفعت حدة اللهجة الإيرانية .
الخلاف الاميركي مع سورية متجدد وقديم فالنظام السوري يريد أن يكون له حصة من الكعكة العراقية في حال مساهمته في العملية السياسية باعتبار العراق تحول إلى ساحة امتيازات ومساومات, هذه الحصة تتصور القيادة السورية أنها كبيرة على غرار حصة حرب الخليج الثانية عندما حصلت دمشق على المكافآت الثلاث : أولها غض النظر عن التواجد السوري في لبنان سابقا وثانيها مؤتمر مدريد لتحريك عملية السلام في المنطقة والمكافآة الأخيرة مساعدات مالية أميركية بقيمة 10 بليون دولار.
لكن الزمن لايعود إلى الوراء فالموقف الاميركي اليوم صعب وقاس, ويريدون موقفا سوريا وفق التصور الاميركي دون مقابل بمعنى الموقف مقابل لاشيء. وهذه الطريقة وجدتها واشنطن مجدية في التعامل مع سورية منذ بداية الحرب إضافة إلى أن واشنطن هي أصلا لاتمتلك القدرة على إعطاء دمشق ما أعطته خلال حرب الخليج وترى انه لاداعي لذلك . فمن الممكن تخويف سورية ودفعها إلى مساعدة العراق من خلال المحكمة الدولية وحليفها إسرائيل الذي يتوعد بحرب جديدة. أما الرهان السوري يتمحور حول قضية الوقت وذهاب إدارة بوش الابن وهذا يكشف غياب الرؤية والستراتيجية في السياسة السورية .
وتبقى قدرة دول الجوار مجتمعة هائلة على ضبط واحتواء النزاع والاقتتال الطائفي وإرساء الأمن والاستقرار لبناء عراق جديد قادر على العيش مع دول الجوار بشكل سلمي يكتب تاريخه الحديث بالتعاون مع جيرانه.. نعم إن دول الحوار الاميركي قادرة على الفعل الايجابي في العراق واكبر دليل على ذلك قدرتها على بقاء العنف داخل الساحة العراقية دون تصدير إلى الخارج .
وان صحت نظرية الدمينو على الوضع العراقي فلن تنعم دول المنطقة بالاستقرار وهذا يقتضي تفهم أن مهمة إنقاذ العراق ليست مهمة أميركية بل عربية إقليمية دولية لابد تحقيقها وإلا ... الفوضى واستنزاف الطاقات سيستهدف المنطقة . العراق اليوم منهمك في رحلة البحث عن جار طيب يريد له الخير والاستقرار إنها مهمة صعبة في الشرق الأوسط فهل ينجح في مهمته.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
عراق حكومة الكوليرا واللطم الشامل ... حصيلة الفاشلين

داود البصري
السياسة الكويت
من جديد, وبعد طول غياب, يعود وباء الكوليرا القاتل ليحل ضيفا على أجساد العراقيين بفعل بركات ودعوات أهل الديمقراطية الطائفية المباركة وإنجازاتهم التاريخية في البناء والتنمية والتطور وحماية الإنسان العراقي! وهي جميعها (انجازات) تاريخية نرى نتائجها يوميا في مزابل المدن العراقية التي تضم أعدادا متزايدة من الجثث (المجهولة الهوية) كما يقولون, تلك الديمقراطية الطائفية التحاصصية المريضة التي كانت حلما أميركيا خالصا, من الناحية الإعلامية الصرفة, سرعان ما تحولت لكابوس مرعب من الفشل والضياع ضاعت معه كل تلك الأحلام الوردية التي كان يعمل لها أحرار العراق لعقود طويلة لتكون الحصيلة تراجعا حضاريا فظيعا وتدهورا قيميا وسيادة شبه مطلقة للخرافات والأساطير التي تضخمت وتناسلت وتغلغلت بشكل مرض وهستيري جاعلة من العراق ورشة عمل كبرى لأهل الخرافة والتخلف والسوداوية, وفرق اللطم الشامل, واستحضار روايات التاريخ الميتة والخرافية, وترجمتها وإحياء أمراضها .في الواقع المعاصر لتتراجع كل مقومات الحياة العصرية والحضارية وسط زحف العشائر وقوى التخلف واكتساحها للمدن وانهيار الخدمات الصحية بشكل مريع بسبب هيمنة القوى الطائفية المريضة على وزارة الصحة, وكل المؤسسات الصحية وحملات الاغتيال الإجرامية ضد الكوادر الطبية العراقية, ويجب ألا ننسى أن السياسة التحاصصية الطائفية قد أوكلت أمر الشؤون الصحية لأشد القوى ظلامية في التوليفة الطائفية وهي جماعة المعتوه مقتدى الصدر!! فتصوروا طبيعة الظروف الصحية التي يمكن أن ينتجها ذلك التيار المتخلف والطريف أن وزير الصحة العراقي السابق وهو(صدري) هرب للولايات المتحدة طلبا للجوء والحماية رغم وجود ملفات إجرامية كثيرة تدينه, إلا أن للأميركان فيما يعشقون مذاهب! وهم في حالة غزل دائم مع كل التيارات المتخلفة! فأجندتهم السرية والعلنية لها تقلبات غريبة وعجيبة, ومن المعروف أن الجنوب العراقي حتى في ظل النظام السابق كان مستوطنة دائمة للأمراض الوبائية وخصوصا الكوليرا التي كانت ضيفا صيفيا دائما على مدن الجنوب كالناصرية والعمارة وبعض قرى البصرة, بسبب الظروف المناخية وتدهور الخدمات وإهمال السلطات المتعمد لأهل تلك المناطق , وقد لعبت سنوات الحصار الدولي في التسعينات أثرا مدمرا في البنية التحتية العراقية المتهالكة أصلا, فحي (الجمهورية) في مدينة البصرة مثلا كان مستوطنا لمستنقعات المجاري النتنة في عز فترة ما كان يسمى بالتنمية الانفجارية أواخر السبعينات من القرن المنصرم, وكذلك الحال مع (حي الحسين)! ومع أحياء أخرى, وكانت أوضاع المدن الجنوبية الأخرى أشد مأساوية, وجاءت مرحلة التسعينات لتزيد الطين بلة, وتجعل من المدن العراقية مستوطنات وبائية مع التدهور الفظيع في الأحوال العامة وزيادة نسبة الأمراض السرطانية المميتة بفعل الاشعاعات الناجمة عن مخلفات الحروب فيما عرف بملف (اليورانيوم المنضب) الذي تسبب في زيادة أمراض السرطان بأشكاله المتنوعة وهوالملف السري المرعب الذي لم تناقشه حتى اليوم أي جهة عراقية مسؤولة في ظل تجاهل أميركي مريب لهذا الملف الذي طواه النسيان في ظل حالة اللطم الشامل والماراثونات الخرافية نحوالتهلكة!, وسقط نظام البعث وطواه النسيان واستمر الوضع العراقي في التدهور بعد دخول أمراض جديدة كانت سرية ولكنها تفشت بصورة وبائية بعد الاحتلال مثل (الأيدز) بأشكاله البدنية أو الفكرية, ومثل الأمراض الناجمة عن الادمان على المخدرات, لقد خرجت من العراق في الثمانينات ولم أر قطعة حشيش في حياتي, وعدت بعد سقوط النظام لأيام لأشاهد قوافل المدمنين ومستعملي حبوب الهلوسة ينتشرون في المدن العراقية, ومع كل تدفق (سياحي إيراني مؤمن بولاية الفقيه) تتدفق أطنان المخدرات القادمة من الشرق مع موجات التخلف الصفوية المرعبة التي غزت العقول والنفوس حتى أضحى العراق من الدول التي يعبر من خلالها أهل التهريب لتصدير بضاعتهم لدول الجوار الخليجية في مهزلة من مهازل حكم أهل الطوائف وانكشارية الولي الإيراني الفقيه من الأحزاب العميلة التي نعرف وتعرفون, ولعل انتشار الكوليرا من (كردستان) ومن السليمانية بالذات وهي من المناطق الآمنة والخاضعة للحكومة الكردية المسيطرة جيدا على أراضيها والتي تستلم مساعدات دولية مهمة يثير أكثر من علامة استفهام حول طبيعة الظروف البيئية الكارثية في مدن وسط وجنوب العراق الخاضعة لحكومة الميليشيات والتي لا علاقة لها بالنظافة لا من قريب أوبعيد, فما نظيف فقط المنطقة الخضراء المعصومة بالحماية الأميركية, أما ما عدا ذلك فجبال من القمامة لا تجد من يتخلص منها .. حكومة النفايات الطائفية لابد أن تنتج عنها أمراض وبائية ليست (الكوليرا) سوى صورة مبسطة لكوارث مهولة قادمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
عنصرية في أسوأ مراحل الانحطاط
صلاح بدر الدين
السياسة الكويت
أعترف بادىء ذي بدء ليس بحذري الشديد بل بتهيبي من التحاور مع كل من يحمل فكرا عنصريا كرديا كان أم عربيا أم تركيا أم فارسيا عدوانيا تجاه الآخر المقابل كائنا من كان ورغم ذلك يقع المحظور وتضطر الى المواجهة عند حدوث أمر عظيم ما ووقوع ما لم يكن في الحسبان بدافع احقاق الحق وتسفيه الباطل دون أن يكون ذلك مرسوما لا في جدولك اليومي ولا في مخيلتك .
المناسبة مقالة نشرت في قضايا النهار قبل أيام مذيلة باسم علي السعدي - بغداد بعنوان لافت ينضح بالشماتة العنصرية ورغبة اثارة الفتنة في الصف الكردي »الايزيدييون ضحايا - كردستان الكبرى« معبر مسبقا ليس عن الموقف الشوفيني المؤدلج الذي عهده الكرد من طبيعة النظام البعثي المقبور فحسب بل عن المضمون المليء بالمغالطات وتشويه الحقائق التاريخية المعروفة , فكارثة سنجارتمت نتيجة تفجير أربع سيارات مفخخة من جانب أربعة انتحاريين أودت بحياة خمسمئة وجرح عدد مماثل من سكان المنطقة البسطاء في قريتين كرديتين مسالمتين - كر عزير , وسيبا شيخ خدر - وقعت كما باتت معروفة للقاصي والداني بهدف عنصري بغيض لتهجير أبناء المنطقة من الكرد وغالبيتهم الساحقة من أتباع الديانة الايزيدية والتي تواتر الحديث عن ضلوع أجهزة نظام دمشق بالتعاون مع مجموعات ارهابية من تنظيمات الاسلام السياسي وبينها القاعدة ليباغتنا كاتب المقالة وعلى حين غرة باتهام الكرد مجددا بارتكاب المجزرة ضد أنفسهم ووضع اللوم على خطاب القيادة الكردية المعروف لدى جميع العراقيين بالاعتدال والتوازن ومعاني التسامح والتصالح !
فمن حيث مغالطات الكاتب : لايجوز تناول ايزيديي سنجار بمعزل عن بني جلدتهم قوميا ودينيا في مناطق أخرى مثل شيخان وبحزاني وشالية ودهوك وزاخو ولالش وباشيكة وهولير والسليمانية والموصل وكركوك فهذه الطائفة الدينية الكردية العريقة كانت ومازالت جزءا لا يتجزأ من الوضع الكردي العام وقضيته القومية بكل جوانبها ليس في العراق فحسب بل في سورية وتركيا وايران وحتى روسيا وارمينيا وجورجيا وكازاخستان هذا الوضع الذي اتسم منذ ما قبل قيام العراق الحديث منذ ثمانية عقود بمظهر شعب ينشد الحرية ويكافح من أجل الحقوق القومية وتقرير المصير بشتى الوسائل المتوفرة وكما هو معلوم احتضنت حركة التحرر القومي الكردية منذ القرن التاسع عشر جميع مكونات كردستان الدينية والمذهبية تحت راية التحرر القومي من مسلمين ومسيحيين وايزيديين المشهود لهم بالشجاعة والأصالة والاقدام وحتى في سنجار بالذات التي يزعم الكاتب أنها كانت تعيش بأمن وأمان قبل ما يسميه بالخطاب الكردي المتطرف لقيادة اقليم كردستان فان أهلها تعرضوا منذ مجيء النظام المقبور الى الاضطهاد والاذلال والتهجير والتعريب الى درجة فرض نوعية ملبس رجالهم بمنع كل ما يرمز الى اصولهم القومية وتم تغيير التركيب الديموغرافي بالقوة وتحول الكرد هناك من غالبية ساحقة الى أقلية حتى تحرير العراق أما بخصوص القريتين المنكوبتين فكانتا عبارة عن بضع قرى ومزارع متناثرة في المنطقة حولها النظام المخلوع الى مجمعين ليتم تعريب المنطقة بسهولة اسوة بما قام به في جميع مناطق كردستان العراق بهدم القرى والبلدات وبناء المجمعات لدواعي عسكرية - أمنية وضيق الخناق على السكان .
وبخصوص ما يزعمه الكاتب عن "خارطة جغرافية وضعها بعض عتاة السياسيين الأكراد« »وتمتد الى ما يقرب من نصف مساحة العراق« فادعاء باطل من الأساس والخارطة المعمولة بها في اقليم كردستان خارطة عراقية معمول بها في كافة أنحاء العراق والكل يعترف بأن النظام السابق قام باجراءات ذات طابع عنصري بغية تعريب مناطق شاسعة من الاقليم يجب تطبيع الأوضاع فيها من جديد وقد تثبت ذلك في دستور العراق الجديد الذي ارتضاه العراقييون واذا كان الكاتب صادقا في زعمه فليعرض تلك الخارطة - الخيالية - على وسائل الاعلام .
أما احصائية الكاتب حول نسبة نفوس الكرد الى نسب القوميات الأخرى فلا تستند الى أي دليل واقعي فهو يزعم بعد أن - خلط - عن قصد بين القومية والدين وفصل الايزيديين والشبك عن قومهم الكرد أن " نسبة التركمان والكلدو آشوريين والشبك والايزيديين تزيد عن 30 - 35 % من مجموع السكان هناك ( بدلا من كلمة كردستان المعترفة بها في دستور العراق ) " والأصح أن الايزيديين والشبك من الكرد لايجوز فصلهم والتركمان والآشورييون كقوميتين كردستانيتين أصليتين لايتعدان سوية مع الكلدان والسريان في كردستان حسب معلومات أحزابهم ال 13 % في حين أنني شخصيا لم أقم بأية عملية احصائية ولي علاقات صداقة قوية مع نخب هذه القوميات السياسية والثقافية وأكن لهم كل المحبة والاحترام والكلدان يختلفون حول تعريفهم قسم يعتبر أنهم قومية مستقلة وآخر يعتبرهم من المسيحيين الكرد وثالث يعتبرهم من المسيحيين العرب وهكذا الأمر بالنسبة للسريان ويعتبر الكلدان أكثر عددا من المجموعات المسيحية الأخرى والجميع الآن يتمتعون بحقوقهم القومية والدينية المشروعة ومشاركون في البرلمان الكردستاني والحكومة وكافة المؤسسات القائمة في الاقليم الفيدرالي .
واذا كان الايزيدييون يشكلون سدا طبيعيا وبشريا أمام التواصل مع كرد سورية باعتراف الكاتب فلمصلحة من اختراق أو ازالة هذه الديموغرافيا الطبيعية ذات الجذور التاريخية ? هل لمصلحة الكرد ? أم لمصلحة أرباب الشوفينية وأيتام النظام المنهار ومخططي الأحزمة العنصرية وأصحاب نظريات التطهير العرقي والمسؤولين عن المقابر الجماعية لأغراض عنصرية كريهة ولمعلومات الكاتب وسواه عندما هدمت القريتان على رؤوس سكانها الرجال والنساء والأطفال والشيوخ كان العنصريون في الجانب الآخر من الحدود منهمكون في تمرير ملحق جديد من مخطط الحزام العربي السيئ الصيت في قرى ديريك السورية المحاذية لكردستان العراق وهذا ما يزيد الشكوك على كون الفاعل واحدا في جانبي الحدود .
أما الجانب السياسي من الموضوع وازاء استرسال الكاتب في رشق التهم ضد الحركة الكردية في كردستان العراق والمنطقة وعلى منوال الشوفينيين القدامى الساقطين واللاحقين من أن كردستان نسخة اسرائيلية أخرى في خاصرة العرب أقول بكل بساطة لن تتحقق نبوءتك المهرطقة وليس هناك ما يجمع حركة التحرر القومي الكردية مبادئ ومصالح ومستقبلا مع كيان لا يحترم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير كما كان يفعله نظام صدام وأنظمة دمشق وطهران وأنقرة تجاه الحقوق الكردية المشروعة وهي جميعها أقرب الى بعضها من حيث حقائق الواقع والمصالح وليعلم الكاتب أن العنصرية آيديولوجية واحدة أينما كانت ونبع موحد ينهل منه المرء أينما كان حتى لوكان في بغداد والكرد كما كانوا منذ التاريخ السحيق سيقفون الى جانب الشعب العربي الصديق وهناك الكثير مما يجمعهم حاضرا ومستقبلا بل إن دعائم الصداقة والشراكة الحقيقية بدأت تبنى من جديد وعلى أسس سليمة عادلة خاصة بعد سقوط الدكتاتورية وتحرير العراق والشوائب المتبقية ستزول بتحقيق التغيير الديمقراطي في سورية الرازحة الآن تحت نير الدكتاتورية والاستبداد ما يعني واقعيا أن معتنقي الآيديولوجية العنصرية وخاصة لدى القوميات السائدة الحاكمة لم يكونوا في يوم من الأيام ولن يكونوا القدوة والنموذج في العلاقات العربية الكردية بل كانوا ومازالوا شواذ واستثناء خارج التاريخ مسيئين للعرب أكثر من اساءتهم للكرد والقوميات الأخرى .


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
اليتم عراقياً
عادل سعد
الوطن عمان

أكثر من سبب واحد يجعل ظاهرة اليتم في العراق بخصوصية مأساوية من حيث تفاقمها وشدة وقعها عن حالة الظاهرة في بلدان أخرى مع أن اليتم واحد في التوصيف العام .
نحن هنا لا نتحدث عن الأطفال الذين يفقدون آباءهم أو أمهاتهم أو كلا الأبوين فحسب فالحالة عامة ، ولكن نتحدث عما يمكن أن نصطلح عليه اليتم المباغت أو المقطوع من أية فرصة في الرعاية التعويضية الاعتيادية التي يمكن أن تسد الفراغ الذي يتركه الأب أو الأم أو كلاهما برحيلهما، فعندما يفقد الطفل أباه يمكن للأم أو أحد أقارب الدرجة الثانية أن يسد مكانة ولي الأمر الراحل وبالعكس أيضاً ، أما بالنسبة للحالة العراقية فإن بعض الأطفال يتعرضون إلى ما يمكن تسميته باليتم المطلق الذي يشمل رحيل الأب والأم مما يشل قدرات الآخرين لأن الوفاة هنا لم تكن محسوبة في الإطار الاجتماعي التقليدي العام ، ومن الأمثلة على ذلك أن يذهب الأب والأم في مشوار معين ولا يعودن إلى المنزل بعد أن تكون سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة قد أودت بحياتهما مع آخرين ، أو أنهم يتعرضون للقتل في وصلة من الاشتباكات المسلحة وتكون النيران الكثيرة قد أودت بحياتهما، ناهيك عما يحصل من قصف غامض على الأحياء السكنية أو بواسطة طائرات الاحتلال الذي غالباً ما يحصل بذريعة استمكان عدد من المسلحين في بيت ما وعندما ينجلي غبار القصف يسلم طفل أو اثنين بالصدفة بينما تأتي القذائف على رب العائلة والأم والأقارب الكبار الذين يسكنون في البيت نفسه .
لقد تكررت هذه العمليات على مدار خارطة العراق وإن كانت بنسب متباينة من محافظة إلى أخرى تبعاً لسخونة العنف فيها وقد بات مشهداً مألوفاً لأطفال مرعوبين سلموا من النيران لوحدهم غير أنهم لا يعرفون أين يذهبون ، وإذا صادفهم الحظ فإن الجيران يحتضنونهم ، وفي أحيان أخرى يمتنع هؤلاء الجيران عن التزام هذا الموقف الإنساني خشية عواقبه الوخيمة عليهم إذا كان القتل قد تم بدوافع طائفية .
ولك أن تتصور محنة هؤلاء الأطفال وهم يجدون أنفسهم بصورة مفاجئة بدون رعاية، بل لك أن تتصور أن يعيش طفل مرعوب في حلم يقظة بانتظار عودة أبيه أو أمه إلى البيت .
وفي دراسة ميدانية أجرتها إحدى النساء العاملات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية ، تبين أن أغلب الأطفال الأيتام الذين التقتهم كانوا يتصورون آن آباءهم أو أمهاتهم سوف يعودون إليهم على حين غرة ويتعاظم هذا التصور عندما يكون هناك طرق على باب المنزل .
وفي إطار ذلك يجمع خبراء علم النفس أن أخطر صدمة للطفل حتى سن المراهقة هو عندما يفقد أحد أبويه أو كليهما وأن ما يخفف مصابه في ذلك حين يتم (تطويقه) بعواطف الرعاية الاجتماعية ، الوضع الذي يقلل من وقع الصدمة عليه ويدفعه للانشغال بما يتوفر له من تلك الرعاية ، وهكذا يتسلل في داخله نوع من الاطمئنان مما ينسيه تدريجياً هول الصدمة وهذا لا يتوفر للطفل العراقي المفجوع بوفاة والديه قتلا .
إن هذه الصورة الكارثية لليتم عراقياً تستطيع أن تجدها ضمن تقارير ودراسات ميدانية قامت بها منظمات مجتمع مدني أو مؤسسات رسمية تعنى بشؤون الأطفال، فقد تبين أن 65% من الأطفال المشردين هم من الأيتام الذين قضوا آباؤهم قتلا، وأن بين 70 إلى 80% من تلاميذ المدارس الذين تسربوا من الدراسة هم من الأولاد والبنات الأيتام وان النسبة العالية من الأطفال الذين يتعرضون للأعمال المشينة هم أيتام أيضاً.
كما أن لصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونسيف) ما يشير إلى هذا الواقع مفيداً بأن الأطفال الأيتام العراقيين هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض التوحد والكآبة والكوابيس الليلية والشداه وافتقاد الرغبة بالطعام أو صعوبة التعلم وكذلك صعوبة الانسجام مع الأطفال الآخرين وكذلك يعانون من مشاكل ومشاكسات بينهم لعدم وجود توافق أسري وهو الذي يتحقق عادة عندما تكون هناك (سلطة) أبوية واعية في البيت .
والمؤلم المحزن في ذلك، أن الظاهرة لم تلق الاهتمام المنطقي المطلوب ، لا من مؤسسات الأمم المتحدة المعنية بالطفولة ، ولا من مؤسسات المجتمع المدني أو من المؤسسات الحكومية المعنية بواجب رعاية الأطفال المقطوعين اجتماعياً، (فاليونيسيف) مثلاً لا تغطي عملها في الرعاية سوى أقل من 10% من هؤلاء الأطفال باعتراف مسؤولين فيها وإن حصلت هذه الرعاية فهي موسمية وتخضع في جميع الأوقات لتأثيرات الوضع الأمني المتأزم .
كما لا يُنكر وجود لجان حكومية تتولى متابعة هذه الظاهرة لكنها في الغالب لجان منخورة بالفساد الإداري والمالي وتمارس بعض الانتقائية وهي لا تغطي قطعاً إلا بعض المحافظات ، أما بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني أو بعض المنظمات الدينية فإنها تقدم في الغالب رعاية مهلهلة دعايتها أكبر من فعلها اليومي الحقيقي.
وهكذا فإن ما يقدم للأطفال الأيتام في العراق لم يرتفع في يوم من الأيام وحتى الآن إلى المستوى الأخلاقي الحتمي فليس هناك من استقطاعات مالية لصالح أيتام العراق على رواتب ومكافآت ومخصصات المسؤولين العراقيين ابتداءً من المجلس الرئاسي مروراً بمجلس الوزراء ومجلس النواب ورؤساء المؤسسات والمدراء العامين ، ولم يتم حتى الآن إعداد مشروع وطني عام بتكوين مؤسسات نزيهة وأمينة تعنى بالأطفال الأيتام المقطوعين ، ولنا أن نختصر حالة اليتم عراقيا بالطفل اليتيم الذي امتنع عن الطعام قائلاً : إنه ينتظر أباه الراحل لتناول الطعام معه .



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
فضائل " الصبر الاستراتيجي " الأميركي في العراق
روجر كوهين
الوطن عمان

إن الطريقة التي تغادر بها الولايات المتحدة الأمكنة مهمة فبعد أن سلحت المقاتلين المجاهدين لكي تفكك الإمبراطورية السوفيتية في أفغانستان , فقدت أميركا الاهتمام والمصلحة في أفغانستان وجاءت العاقبة في شكل مقاتلين مجاهدين مدربين أفغانيا يميلون إلى تدمير الغرب تلك كانت غفلة.
ومن المهم أن تكون أقل غفلةً في بغداد ففي الوقت الذي تصل فيه تقارير عن العراق إلى الكونغرس هذا الشهر , من الجدير دراسة أن ضربةً من بلد غني بالنفط في قلب معركة الشرق الأوسط يمكن أن تكون أكثر حدة وشدة حتى من الميراث العنيف لتمويل المجاهدين الإسلاميين لقتال الشيوعية في كابول .
لا شئ الآن يمكن أن يحل التخبطات والتعثرات الأميركية في العراق التي حولت المُحرر إلى مُمزق إن العجرفة سيئة , والعجرفة الغافلة أسوأ فإدارة بوش البالية مازالت لا يمكنها محاسبة من اتخذ قرار تسريح الجيش العراقي في عام 2003؛ وذلك شئ غريب ومضحك.
ولكن ما فعلناه يهم بدرجة أقل اليوم عن كيف نغادر العراق من الأسهل بكثير تسجيل نقاط سياسية تبدو أنها ترجع إلى الوراء ضد بوش عن خدمة المصالح التي تبدو تقدمية لعدد 27 مليون عراقي ومع ذلك, فإن الأمر الأخير أهم من الأول.
وكما كتب أنطوني كوردزمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يقول: "يبدو من المرجح أن يتم الحكم على الولايات المتحدة وتقييمها في النهاية على كيف تغادر العراق وماذا تترك وراءها , بأكثر من الحكم عليها وتقييمها على كيف دخلت العراق" ويدفع بأن القدرة المستقبلية لأميركا على استخدام قواتها الناعمة والصلبة " تعتمد على ما تفعله الولايات المتحدة الآن" .
إن توقيت الخروج من العراق يبرز في وسط دراما العراق لهذا الشهر , مع الشهادة المطروحة في الأسبوع القادم من الجنرال ديفيد بيترايوس , قائد القوات الأميركية في العراق , والسفير ريان كروكر, وكذلك مجموعة من التقارير الواردة الأخرى .
وأحد هذه التقارير من "مكتب المحاسبة الحكومية" الأميركي, أعطى بالفعل درجة فشل لموضوع زيادة القوات الأميركية في العراق الذي قال به بوش وبيترايوس: يوجد حكومة عراقية ضعيفة وعاجزة وطائفية ويوجد ميليشيات غير مروضة ويوجد عنف وسيدفع بيترايوس وبوش بأنها ليست صورة نزيهة وعادلة مستخدمين الشعار الجديد " التقدم الناهض " لإبراز تقدم في المحافظات ذات الأغلبية السنية مثل الأنبار من خلال تحالفات مدعومة بالمال مع شيوخ القبائل المحليين الذين تم إقناعهم بالتحول ضد " القاعدة " .
وسيصنع بوش أيضا فضيلة من ضرورة زيادة مستويات الجنود الأميركيين إن التواجد العسكري الأميركي لما بعد زيادة القوات والذي قوامه 160.000 جندي لا يمكن المحافظة عليه فيما يتجاوز الربيع القادم مالم يتم تمديد نوبات الخدمة فيما وراء 15 شهرا ولذا فإن بعض التخفيض يبدأ العام القادم , مع الزعم بظروف عراقية محسنة لتجاهل وإهمال الوقائع السياسية العسكرية الداخلية.
وكلتا وجهتي النظر حول العراق صحيحة : فالوضع مريع, وبعد أربع سنوات فصاعدا يزداد القادة الأميركيون مهارة ويفوزون بالقليل والرعب الدائم يشير بخروج سريع والتحولات الإيجابية تشير بشعار جديد يناسب ما يجري في بغداد: وهو " الصبر الاستراتيجي ".
وأنا بجانب الأخير, شريطة أن يكون الصبر استراتيجيا حقا وليس مجرد لعبة لتخفيف الضجة وتلك الاستراتيجية يجب أن تستلزم العناصر التالية:
أولا : الاستمرار في دعم قوة وسلطة وولاء السنة من خلال استخدام قوي للمساعدات والصفقات الأمنية المحلية فتوازن قوي للسلطة بين الطوائف العراقية الرئيسية الثلاث - الشيعة والسنة والأكرد - هو في صالح الاستقرار العراقي .
ثانيا: بينما يتم قبول أن الحكومة المركزية العراقية ستكون ضعيفة, وبينما تكون سلطات المحافظات القوية ضرورية وجوهرية , فلتطلبوا أن يتعلم التحالف الذي يسيطرعليه الشيعة مشاطرة أموال النفط والسلطة والمساحة إن " المصالحة الناهضة " ليست كافية والسنة الأقوى المدعومون أميركيا وجنود أميركيون أقل يمكن أن يساعد في تركيز عقول الشيعة وآرائهم .
ثالثا : أسسوا بمساعدة من الأمم المتحدة إطارا إقليميا للمحادثات بين القوى المتجاورة استخدموا هذا للتواصل مع إيران وتريد طهران فشلا أميركيا في العراق ولكن ليس إلى الدرجة التي يتم فيها قلب مكاسب الشيعة وذلك يوفر بعض الثقل .
رابعا : اعترفوا بأن مشاكل الشرق الأوسط - الصراع بين إسرائيل وفلسطين, ومشكلة لبنان ومشكلة إيران ومشكلة العراق - مرتبط وأن الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية دبلوماسية متماسكة لاحتواء التعصب " الجهادي" من خلال إقناع أيديولوجي على كل حال .
خامسا : حماية العراقيين الذين ساعدوا أميركا والذين هم عرضة للمتاعب والخطر فمسؤولية أميركا الأخلاقية لازمة في العراق بلا تراجع .
إن أيا من هذا لن يحدث تحسينات سريعة ولكن يمكن أن يجنب الأسوأ : حرب إقليمية تصبح فيها عمليات القتال بالوكالة حروبا مباشرة ويُجذب فيها جيران العراق إلى مذبحة تجعل حمام الدم الحالي لا يذكر مقارنة بما هو قادم .
يرى البعض العراق تجليا نهائيا لزوال القوة الأميركية والانسحاب السريع هو في منطق وجهة النظر تلك ولكن إذا كنتم تعتقدون - كما أعتقد أنا - أن الاستقرار العالمي مازال يرتكز على مصداقية تلك القوة, فإن " الصبر الاستراتيجي " هو الأقل سوءا من بدائل وخيارات مريعة أورثنا إياها فريق بوش.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
سبتمبر وتقرير بتريوس.. لم ينجح أحد!
افتتاحية
اليوم السعودية

فيما تقترب الذكرى السنوية لهجمات سبتمبر الإرهابية، تقترب أيضاً دقات جرس تقرير الجنرال بتريوس بشأن العراق، والذي يتوقع أن يحدث تغييراً جوهرياً في استراتيجية فكر الحرب الأمريكية.
هجمات سبتمبر، بغض النظر عن أسبابها ودوافعها، كانت بلا شك جريمة قاسية في تاريخ البشرية الحديث، وكانت منطلقاً مؤسفاً لكل ما يمر به العالم اليوم، من تجنيات وتجاوزات مخجلة، فالأمريكيون الذين عانوا طويلاً من الصورة النمطية التي ترسخت في وجدانهم أثناء وبعد حرب فيتنام، وجدوا أنفسهم منساقين وراء آلة دعائية ضخمة، سيطر عليها الفكر اليميني المتطرف، واستطاع من خلالها تجييش الرأي العام وراء فكرة الانتقام، وهو ذات الانتقام الذي فجر قبل أكثر من نصف قرن أسوأ مأساة بشرية باستخدام القنبلة الذرية في ضرب هيروشيما وناجازاكي.
فكرة الانتقام السائدة في الفكر السياسي هي بالذات النقيض لما يحاول العالم ترسيخه اليوم من تسامح وإخاء، وتوزيع الانتقام بدون مبرر على شعوب الأرض، كان أيديولوجيا خطيئة وقع فيها منظرو اليمين المتطرف، وجلبت المصائب سواء على صورة بلادهم، أو على الشعوب الأخرى، التي بالمقابل لن تنسى ما حدث ويحدث لها عملياً.
وفيما تكون ممارسات ما بعد سبتمبر تتويجاً لنزعة انتقام وكراهية شديدة، يأتي تقرير بتريوس محاولة لإطفاء النار، على واحدة من نتائج ما بعد سبتمبر، فالولايات المتحدة فجرت قنابلها الموقوتة في أكثر من مكان وبتوقيت متقارب، وبرغبة حقيقية في الهيمنة وإعادة الهيبة التي اهتزت في عقر دارها، وبالتالي انطلقت من أفغانستان إلى العراق، إلى الصومال، إلى فلسطين، إلى كوريا الشمالية إلى إيران، وهو ما يمثل رقماً قياسياً في إثارة مزيد من الأعداء.
العراق البؤرة الأشد قسوة وتطرفاً، والأمريكيون يعانون بشدة جراء ما كذبوا على العالم وعلى أنفسهم، والعراق أيضاً يمثل اختباراً فادح الثمن لمجمل السياسات الأمريكية في السنوات الأخيرة، اختباراً كانت نتيجته النهائية فشلاً أمنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، بالنهاية، لم ينجح أحد!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
انسحاب أمريكا يغرق إيران في مستنقع العراق
وحيد عبد المجيد
الاهرام مصر

جولة جديدة من الجدل حول الانسحاب من العراق تشهدها واشنطن خلال الأيام المقبلة‏.‏ وكما حدث في جولات سابقة متوالية منذ انتزاع الديمقراطيين الأغلبية في الكونجرس‏,‏ ستحدث مواجهة بين من يضغطون من أجل التعجيل بهذا الانسحاب ومن يصرون على إرجائه أملا في خروج يحفظ ماء الوجه‏.
وقد تكون الجولة الجديدة في هذه المواجهة أكثر حدة‏.‏ وثمة عوامل ثلاثة تدفع إلى هذا التوقع‏:‏ أولها الفجوة الواسعة بين أنصار استمرار الاحتلال ومعارضيه بشأن تقويم نتائج خطة بوش الأمنية‏.‏ وثانيها أن اتجاها يعتد به في القيادة العسكرية الأمريكية بات يفضل في انسحاب تدريجي‏.‏ وانضم قادة ميدانيون في العراق إلى هذا الاتجاه‏.‏ وثالثها تأثير الاتجاه البريطاني إلى تعجيل سحب القوات.
غير أن هذا لا يعني أن الجولة الجديدة في المواجهة الأمريكية الداخلية ستكون حاسمة‏.‏ فلم ينضج الوضع بعد لاتخاذ قرار الشروع في الانسحاب
وقد لا تكون هذه الجولة في حد ذاتها مؤثرة بقوة في مسار المنهج الذي تتبعه إدارة بوش في معالجة أزمتها في العراق‏.‏ ولذلك فربما لا يترتب عليها الكثير بشأن ما ستكون عليه السياسة الأمريكية في العراق خلال الفترة الباقية من إدارة بوش الثانية‏,‏ والتي تمتد حتي تنصيب الإدارة الجديدة في‏20‏ يناير‏ 2009.
ومع ذلك ربما يكون أهم ما ستظهره هذه الجولة هو ما آل إليه ميزان القوى بين طرفيها‏,‏ ومدى التقدم الذي يحرزه أنصار الانسحاب في تعزيز موقفهم، والأرجح أن نتيجة المواجهة بين أنصار الانسحاب ومعارضيه ستتوقف على مسار الصراع مع إيران أكثر مما ستترتب على حالة العراق التي لا يبدو أنها قابلة لتغير ملموس خلال الأشهر القادمة‏.. ومع ذلك فثمة علاقة قوية واضحة بين مسار الصراع الأمريكي الإيراني‏,‏ الذي يشمل المنطقة على اتساعها‏,‏ وتطور الوضع في العراق‏,‏ خصوصا من زاوية التغلغل المتزايد لإيران والذي لا يقتصر على مناطقه الجنوبية.
وبالرغم من وجود أبعاد متعددة لهذه العلاقة‏,‏ فالافتراض الذي لم يلق عناية بعد هو أن الانسحاب الأمريكي يمكن أن يؤدي إلى توريط إيران في مستنقع لا يقل خطرا عليها من ذلك الذي غرقت فيه أمريكا بقواتها وسياستها ومشروعها أجمعين..
لقد راكمت طهران‏,‏ ومازالت‏,‏ رصيدا كبيرا من جراء الأخطاء الأمريكية القائمة إلى حد أنه قد يصح القول بأنها هي المنتصر الوحيد في حرب ‏2003‏ على العراق‏.‏ غير أن مكاسب هذا الانتصار مرشحة للتحول إلى خسائر في حالة إقدام الأمريكيين على الانسحاب بخلاف ما اعتقده أركان إدارة بوش‏.‏ وكان آخرهم في التعبير عن هذا الاعتقاد السفير الأمريكي في العراق ريان كروكر‏,‏ الذي حذر في ‏17‏ أغسطس الماضي من أن‏ (سحب القوات من العراق قد يفتح الطريق أمام تقدم إيراني كبير يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة).
وهذا تقدير سطحي تماما للموقف في حالة الانسحاب لأنه يغفل حجم ونوع التغيير الذي سيحدث في أنماط التفاعلات الداخلية العراقية التي أصبحت إيران جزءا لا يتجزأ منها بحكم وجودها الكثيف سياسيا ومذهبيا وعسكريا واستخباراتيا واقتصاديا واجتماعيا‏.
فالرصيد الذي كونته إيران نتيجة الاحتلال يمكن أن تفقده عقب الانسحاب‏,‏ بل ربما يتحول من رصيد دائن إلى رصيد مدين إذا لم تنتبه قيادتها في الوقت المناسب إلى أن هذا الانسحاب يجعل الدائرة تدور عليها، والأرجح أن هذه القيادة لن تكون قادرة‏,‏ من حيث منهجها وطريقة تقديرها للأمور‏,‏ على إدراك أن الانسحاب الأمريكي لن يؤدي إلى تجفيف المستنقع العراقي‏,‏ وأن انزلاقها فيه سيكون بأسرع مما يمكن، فالانسحاب الأمريكي يسحب من إيران الورقة الأكبر والأهم التي تعتمد عليها في بناء علاقات متوازية مع قوى متناقضة يصعب‏,‏ بل يستحيل‏,‏ الاحتفاظ بهذه العلاقات معها في ظل وضع طبيعي‏.‏ ولا يقتصر ذلك على علاقات إيران مع القوى الشيعية من ناحية وجماعات إسلامية بعضها شديد التطرف من ناحية أخرى‏.‏ فلا يقل أهمية عن ذلك‏,‏ بل يزيد‏,‏ علاقة إيران مع القوى الشيعية الرئيسية نفسها والتي توسعت الفجوة بينها خلال العامين الأخيرين وتنامي العداء بين بعضها والبعض الآخر..
فقد وصل التناقض‏,‏ مثلا‏,‏ بين المجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري إلى مستوى يستحيل في ظله أن تحافظ إيران على علاقاتها الوثيقة مع كل منهما إلا في وضع غير طبيعي.
ولا يوجد خلاف يذكر على أن الاحتلال هو المنتج الأول لهذا الوضع غير الطبيعي الذي ينسحب‏,‏ أيضا‏,‏ على خريطة القوى السياسية في الجنوب العراقي‏.‏ ففي الوقت الذي يحتكر المجلس الأعلى وحليفه ‏(‏حزب الله العراقي‏)‏ الحكومات المحلية في محافظات الجنوب باستثناء محافظتي البصرة والعمارة‏,‏ يسيطر التيار الصدري على القسم الأكبر من الشارع في هذه المحافظات، وهذا وضع غير طبيعي لا يمكن أن يستمر حين يزول الاحتلال على نحو يرجح أن يضع إيران في موقف بالغ الصعوبة في إدارة العلاقة مع حليفيها الرئيسيين اللذين وصل الصراع بينهما إلى حد تدبير اغتيالات متبادلة‏,‏ ومازال مفتوحا على مواجهات أكثر عنفا..
وفضلا عما سيؤدي إليه انفلات متوقع للصراع بين القوى الشيعية من إحراج لإيران يرجح أن ينهكها‏,‏ ستتعرض غالبا إلى إنهاك آخر في الوقت نفسه من جراء الأعباء الاقتصادية التي سيكون عليها أن تنهض بها إذا أرادت الحفاظ على نفوذها في العراق..
فالانسحاب الأمريكي لن يكون عسكريا فقط في الغالب‏,‏ وإنما اقتصادي أيضا‏.‏ وحتى إذا جاء الانسحاب الاقتصادي جزئيا فقط‏,‏ فهو سيمثل ضغطا على إيران لتعويض الخسائر التي ستنجم عن ذلك‏.‏ وسيكون هذا عبئا رهيبا ينوء به كاهل طهران‏,‏ التي لم تجرب بعد الاستنزاف المترتب على الطموحات الإقليمية الكبرى.‏ فهي تقدم حتى الآن دعما لتنظيمات وحركات تكفيها مئات قليلة من الملايين‏,‏ ولم تتعرض لموقف يكون المطلوب منها فيه عونا لدولة منهارة يقدر بالمليار، ولكن المهم هو أن القيادة الأمريكية‏,‏ بدورها‏,‏ عاجزة عن تقدير الموقف في حالة سحب قواتها‏,‏ وخصوصا من زاوية تأثير ذلك على دور إيران‏.‏ ولا غرابة في ذلك‏.‏ فليست هذه هي المرة الأولى التي تخفق فيها إدارة بوش في تقدير الموقف‏.‏ فقد أدمنت هذا الإخفاق منذ أن أعلن الرئيس بوش إنهاء العمليات العسكرية في العراق قبل أكثر من أربع سنوات‏.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
ثلاثة مشاهد من بغداد
توماس فريدمان
اليوم السعودية

لقد رأيت كثيراً جداً من المتناقضات خلال زيارتي هذه للعراق، وهي من الكثرة بحيث يصعب تحديد أي اتجاه معين لها. لذلك فربما كان الأنسب أن أشارككم مدى التأثير الذي تركته عليّ ثلاثة مشاهد رأيتها هناك. أولها انني قد رافقت دورية أمنية عسكرية قامت بزيارة إلى فصيل الجنود الأميركيين في حي العامرية في العاصمة بغداد، إلى جانب زيارتها لـ»فرسان العامرية» الذين وصفهم الجنرال ديفيد بترايوس بأنهم ليسوا فريقاً للعبة الركبي. ويعتبر حي العامرية معقلاً للمسلمين السّنة، ويقيم فيه عدد كبير من الأطباء والمحامين وغيرهم كثير من المهنيين فيما مضى. أما اليوم فقد تحول إلى مدينة للأشباح. وإنه لمن المحزن جداً أن يدرك المرء مدى التمزق الذي أصاب هذا الحي النابض بالحيوية ذات يوم. فقد بدا واضحاً خلو غالبية المنازل المملوكة لأفراد من الطبقة الوسطى العليا، بينما امتلأت شوارعه وطرقه بالقاذورات والحطام. وكان الهجوم الأول على الحي قد تم من قبل المليشيات الشيعية، إلا أن عناصر تنظيم «القاعدة» انقضّت عليه انقضاضاً وحشياً، بعد دخولها إليه بحجة حماية المسلمين السّنة، فكانت النتيجة وقوع أهله ضحية لإرهاب التنظيم.
أما فرسان العامرية، فهم عبارة عن مجموعة من الفتية العراقيين السنة العلمانيين الذين قطعوا على أنفسهم عهداً بطرد العناصر الموالية لتنظيم «القاعدة» من حيهم، خاصة وأن هذه العناصر قد وطدت أقدامها هنا أكثر مما يتصور المرء. وفي الوقت نفسه تعهدت هذه المجموعة بحماية أسرها ومنازلها ضد غارات فرق الموت الشيعية. وإن كانت هذه المجموعة قد قررت العمل مع القوات الأميركية، فما ذلك إلا لاعتقادها بأن هذه القوات تشكل خطراً على حياتها أقل بكثير من ذلك الذي تتهدده بها المليشيات. وبدا لي الكثير من أفراد هذه المجموعة كما لو كانوا من «البعثيين» السابقين. فقد لاحظت أنهم يرتدون بناطيل الجينز بينما يستخدمون أنواعاً مختلفة من الأسلحة. وحين توجهت بسؤال لعمر نصيف وهو أحد أعضاء هذه المجموعة ويبلغ عمره 32 عاماً عن السبب الذي جعله يقاتل اليوم إلى صف الجنود الأميركيين، وهو الذي كان يقاتلهم بالأمس رد علىّ بقوله: لقد رأيت أحد مقاتلي تنظيم «القاعدة»، وهو يذبح طفلة صغيرة لا يزيد عمرها على ثماني سنوات بأم عيني. ونحن بحاجة للدعم الأميركي لأننا نحارب هنا أكثر تنظيمات العالم شراً. ولهذا السبب فإني أفضل العمل مع الأميركيين على أن أكون أحد جنود الجيش العراقي، لأن الأميركيين ليسوا طائفيين».
ومهما يكن، فلا ريب في أن بناء السلام في العراق إنما يتطلب التوصل إلى إجماع سني-شيعي، وليس التوازنات المؤقتة التي نحققها نحن هنا وهناك. وحتى هذه اللحظة، فإنه يلزم القول إن الاستراتيجية الأمنية الجديدة القائمة على زيادة عدد القوات لم تسفر عن أية نتائج يعول عليها وقادرة على الصمود بحد ذاتها. والذي أعنيه أن انسحابنا لا يزال حتى هذه اللحظة ينذر بوضع أمني محتقن وقابل للانفجار بعد انسحابنا بعشر دقائق لا أكثر. والمحك الذي نستشف من خلاله إحراز أي تقدم أمني أو سياسي، هو أن تصدر المفاجأة من أحد طرفي النزاع، أي أن يمد أحدهما يده لمصافحة الآخر. وفي المقابل فإن كل الذي سمعته حتى هذه اللحظة من ممثلين كثر للطرفين هو إما: إنني ضعيف جداً فكيف لي أن أتنازل أمام الطرف القوي؟ أو إنني قوي جداً... فلماذا أقدم التنازلات؟ والنتيجة في كلتا الحالتين هي: كم هي مكفهرة الأجواء ووسائط التواصل بين الطرفين... كم هي بعيدة بلاد الرافدين عن الاستقرار؟
أما المشهد الثاني فأبدأه بالإشارة إلى تلك الجملة التي طرقت أذني أثناء تجولي في العراق، قالها أحد القادة الخليجيين، وهي لا تزال تجلجل في أذني «توماس.. لماذا يشغلكم الجميع هنا بالعراق؟ فهذا هو ما يفعله بكم الروس والصينيون والإيرانيون إلى جانب ما تفعله بكم كل من مصر وسوريا. وإنها لملاحظة ذكية وفي محلها تماماً. فالكل يريد لنا أن نظل حبيسي هذا المأزق العراقي. ولمن أراد التحقق من مدى صحتها فما عليه إلا أن يرى كيف يطوق فلاديمير بوتين أوروبا بثقله الاقتصادي والسياسي، وكيف تنامى نفوذ التنين الصيني اليوم، وكيف استأسدت إيران.. إلى جانب فرحة طغاة العرب بتورطنا الحالي في العراق، مما يجعل من المستحيل علينا الدفع بأجندة الديمقراطية والإصلاح السياسي في المنطقة. وبهذا نصل إلى المشهد الثالث، وهو الذي رأيته أثناء زيارتي لمستشفى بمنطقة «بلد» وسط العراق. فهنا يتجسد كل الجنون الذي أصاب العراق: فهؤلاء جنود من جرحى الانفجارات، وهناك متمردون أصيبوا بطلقات وجهت مباشرة إلى بطونهم، وتلك طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها الشهرين، وقد تقرح وجهها كله بجروح خطيرة جراء شظايا متفجرات زرعها المتمردون على جانبي الطريق. وفي تعليق منه على حالتها قال لي الجنرال «بيرت فيلد» مدير عام المستشفى، وهو ينظر إلى وجهها: «هل سمعت يوماً أن طفلاً في هذا العمر تعلم كراهية أحد ما.. أياً كان»؟!
من جانب آخر سأل الأدميرال الزائر «ويليام فالون» طاقم العاملين في المستشفى مازحاً كيف تنسقون بين العاملين هنا، ومن بينكم من يعمل لمدة شهر واحد أو شهرين أو 180 يوماً؟ فجاءه الرد من إحدى الممرضات في أقصى الغرفة قائلة: «نحن جميعاً في فريق واحد ونركب مركباً واحداً». وقد تلفت حولي يمنة ويسرة فرأيت فيهم من هو أميركي أفريقي ومنهم من هو لاتيني... أو آسيوي-أميركي وغيرهم. وباختصار فقد كانت تلك جزءاً من بوتقة الانصهار التي تشكلت منها الهوية الأميركية. يجدر بالذكر أن نصف العاملين هنا من النساء، بمن فيهن الأمهات اللائي تركن أسرهن من خلفهن وجئن إلى هذه البقعة النائية الملتهبة ليؤدين الخدمة لبلادهن.
فهل نحن جديرون حقاً بأن تكون هذه الكوكبة الخيرة من مواطنينا بيننا.. وهل يجدر بها العراقيون حتى في حال استمرارهم في كراهية بعضهم بعضاً؟



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
مجلس الانسحاب وسر الهزيمة!

كاظم الموسوي :
الراية فطر
للمرة الثالثة يغامر الرئيس الامريكي بوش الثاني ومعه اركان ادارته للتسلل الي ارض العراق سرا، دون اعلان واستقبال ومراسيم دبلوماسية. هكذا وصل رئيس دولة الاحتلال، اكبر دولة تسعي للهيمنة علي العالم والاستفراد بالسياسة الدولية، من حدائق البيت الابيض الي صحراء الانبار، محتميا بقاعدة الاسد الجوية المحتلة من قبل الاف من القوات الامريكية، والمرصودة منذ اسابيع متتالية. حسب محللين بان الاخبار عن كل ما حصل تم بعد انتهاء المغامرة، وما تسرب عنها استهدف توجيه رسائل سياسية فارغة، لا تؤثر في تغيير للمواقف والاراء، سواء داخل الكونغرس الامريكي او الراي العام، ولا يفرح كل المتعاونين معه في المنطقة الخضراء ببغداد او خارجها، اذ سحبهم من مكاتبهم الي مخبئه المكشوف دون ان يلحق اغلبهم الي حلاقة وجهه للتبرك بمصافحة تلفزيونية مذلة. الا ان ما حصل أعطي اشارات كافية لعمق المأزق الذي تعيشه ادارة بوش الثاني، وكل التحرك البهلواني وما نشر عنه وبث اعلاميا أضاف الي الورطة ابعادا اسوا منه. وحاولت الادارةوالبنتاغون توصيف ما تم بانه الاجتماع الأخير الكبير بين المستشارين العسكريين للرئيس مع القيادة العراقية، قبل أن يقرر الرئيس خطواته التالية. وسماه ناطق باسم البنتاغون ب مجلس الحرب قبل أيام من تقديم تقرير الجنرال دافيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية في العراق والسفير رايان كروكر، الي الكونغرس حول مسار استراتيجية زيادة القوات التي اتخذها بوش الثاني بداية هذا العام، لمناقشته بعد العاشر من هذا الشهر سبتمبر 2007 . وقال الناطق إن الرئيس عقد مجلس حربه هنا مع القادة العراقيين كي يناقشوا الطريق إلي الأمام. أما وسائل اعلام مرافقة او مطلعة فقالت إن الأسبوعين القادمين سيكونان حرجين لاستراتيجية بوش، بسبب تصاعد الجدل في واشنطن حول الطرق الممكنة للاستمرار، من جهة، وما سيحتويه التقرير المعد الي الكونغرس وطبيعة ما يجري علي الارض، التي لم يجرؤ احد علي البوح بها من جهة اخري، وخلاصة الامر توضح ابعادا كثيرة اكبر حجما وتاثيرا من الصور السريعة والابتسامات الخادعة والكلمات المعدة سلفا وبحذر كبير.

الوقائع تقول بغير ذلك، احداثا وارقاما وتقارير ايضا، وهي الصورة الواقعية الحقيقية لكل ما جري وحصل وسيحدث بعدها. فعن اي مجلس حرب ينفخ البنتاغون به بعد اكثر من اربع سنوات ونصف من الاحتلال العسكري الدموي وبوجود اكثر من ربع مليون عسكري ومرتزق امريكي وحليف له علي ارض العراق؟!. وكان بوش الثاني نفسه، كما اظهرته صورته، محاولا التشبث بقشة ما، تأتيه حتي من رمل الصحراء المدججة بالاسلحة الامريكية. وقد وصف في خطابه أمام حوالي 750 من قوات الجيش الأمريكي جمعت له، خطوات الاحتلال بأنها مخيبة للآمال، وأن قرار سحب القوات من العراق يعود إلي القادة العسكريين الأمريكيين في العراق لا إلي ردود فعل انفعالية من قبل بعض الساسة في واشنطن. مكررا هذا القول كما في اغلب خطبه ورده علي المهاجمين لسياساته الحمقاء، ولكنه افصح عن خيارات تعذر عليه النطق بها، مضطرا لها، من بين اساليب المحافظين الجدد، في خططهم لاستباق الاحداث. وفي الوقت نفسه، ورغم التهويل والتضليل واجهته الخطوة المقررة، انسحاب القوات البريطانية، علي الأقل من مدينة البصرة، اشارة تنبيه اولية. فحين دخل بوش الثاني خرج حلفاؤه، علق محلل سياسي اوروبي، ان هذا اليوم لم يكن قطعاً دون دلالات رمزية فبينما كان الرئيس الأمريكي في زيارته المفاجئة للعراق، يؤطر ملامح قراراته الجديدة في قاعدة عسكرية جوية، ويعلن عن خطوات في استراتيجيته الجديدة، كان حليفه الأهم في العراق يعد العدة لانسحاب مشرف لا يعطي انطباع الهزيمة . او هكذا يحاول ذلك، الا ان الراي العام البريطاني، اغلبه علي الاقل، مقتنع بان ما حدث هزيمة عسكرية وسياسية لقرارات غير شعبية وغير مرغوب بها من لدن الشعب العراقي، الذي اجبر القوات وقياداتها السياسية والعسكرية علي تجرع سم الخسارة.

وقبل ان تصبح المفاجأة في هوامش الاخبار اليومية، رد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد عليها ببيان جاء فيه كل تقييم هادف أظهر حتي اللحظة أن استراتيجية الرئيس الفاشلة أخفقت في تحقيق هدفها المفترض: حل سياسي للعراق. وتابع عقب قرابة خمسة أعوام، وفقد 3700 جندي أرواحهم، وتكلفة تعدت نصف تريليون دولار، حان الوقت لأن يدرك الجمهوريون الحقيقة علي أرض الواقع.. قفوا بوجه الرئيس بوش وساعدوا الديمقراطيين لإيجاد نهاية للحرب.

وتتناقض تعليقات الصحف والتقارير الامريكية والبريطانية وتصريحات المسئولين السياسيين والعسكريين في نقلها صورة الوضع في العراق اليوم، فبين صحيفة نيويورك تايمز التي تورد ان الاغلبية في الولايات المتحدة باتت شبه متفقة علي حقيقتين أساسيتين في العراق: أن هناك زخما عسكريا بالنسبة للقوات الأمريكية- العراقية المشتركة وهناك شلل سياسي في بغداد. وتختم إنه بالنظر إلي استمرار العنف وغياب التقدم السياسي، فالعراق ليس في طريقه الآن إلي تحقيق الاستقرار الدائم، وأمريكا ليست لديها بعد استراتيجية واضحة للخروج من العراق.

صحيفة يو إس إيه توداي تفاءلت في افتتاحيتها بأن الأوضاع بدت أفضل قليلاً في العراق هذا الصيف، مشيرة إلي تقارير لبعض القادة العسكريين الأمريكيين والمراقبين المستقلين. وذكرت أن أي تراجع في العنف في العراق وأي تقدم ضد القاعدة يجب أن يحتفي به ويشجع، لكن مع ذلك فهناك تقريران جديدان يظهران بما لا يدع مجالاً للشك أن النصر في العراق بعيد المنال. وكشفت الصحيفة أن أحد هذين التقريرين هو تقرير الاستخبارات القومية الذي اشتركت في وضعه 16 وكالة استخبارات أمريكية وأفاد بأن مستويات العنف إجمالاً تبقي مرتفعة و الجماعات الطائفية في العراق لا تزال رافضة للمصالحة. وقال التقرير إن الحكومة العراقية قد تصبح أكثر زعزعة علي مدار الستة إلي الإثني عشر شهراً القادمة وأن قواتها الأمنية، وعلي الرغم من إظهارها تحسناً، لا تزال غير قادرة علي العمل بدون مساعدة. أما التقرير الثاني فهو التقرير الصادر عن مكتب المحاسبة العامة، التابع للكونغرس، والذي شكك في التقارير الرسمية التي تفيد بتحقيق نجاح عسكري في العراق وفي تصوير حجم الإخفاقات السياسية، وختمت الصحيفة افتتاحيتها: إن إدارة بوش ذهبت إلي العراق علي فرضية أن كل شيء سيصبح علي ما يرام بمجرد إسقاط نظام صدام حسين، وثبت لها أنها وقعت بكارثة وأخطأت في التقدير. لكن وبعد أربع سنوات من بداية هذه الكارثة، وبرغم بعض الأنباء السارة مؤخراً، لا زال التفاؤل هو السائد، وليست الاستراتيجية .

فهل المجلس الذي اجتمع كان للحرب ام للانسحاب ولوضع سر الهزيمة، الاستراتيجية التي سيجبر بوش الثاني عليها، مثلما يتذكر فيتنام اليوم؟!.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
الرئيس بوش يخوض حربه المحلية بواسطة حرب العراق!
سليم نصار
الحياة
قبل سنة تقريباً سئل الرئيس الاميركي جورج بوش ما إذا كان هناك وجه شبه بين حرب فيتنام وحرب العراق؟ ورد بوش بطريقة جازمة نافياً وجود أي تماثل بين الحربين.

بعد مرور فترة قصيرة تراجع الرئيس عن موقفه السابق، وتساءل خلال احتفال أقيم لتكريم قدامى المحاربين: هل ينجح الجيل الأميركي المعاصر في مقاومة اغراءات الانسحاب الزائف من العراق، مثلما ضعف الجيل السابق أمام اغراءات الانسحاب من فيتنام؟

أعضاء الإدارة الأميركية أدركوا لدى سماعهم هذا الكلام، ان جورج بوش كان يعلق على تصريح رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، وعلى التيار السياسي الذي يؤيده، أي التيار الذي استغل الحملات الانتخابية ليجعل من حرب العراق مغامرة عسكرية ينتقد بواسطتها تهور الحزب الجمهوري. وفي ضوء هذا الاعتبار كتب جولياني في مجلة «فورين افيرز» مقالة يطالب فيها إدارة بوش بأن تتذكر دروس فيتنام.

وبين الأسباب التي عرضها جولياني على سبيل المقارنة، ما لمسه من سخط وغضب لدى الجمهور الاميركي تجاه حرب العراق. وقال ان ازدياد عدد القواعد العسكرية في الخارج وتورط القوات الاميركية في حروب بعيدة، أربكا مركزية القرار في واشنطن وضاعفا أعباء الموازنة. واعتمد جولياني في استنتاجاته على ما أورده المؤرخ بول كينيدي في كتابه «افول الدول العظمى». وبحسب نظرية هذا الكتاب، فإن الولايات المتحدة عقب حرب فيتنام، تعاني من أمراض سياسية واقتصادية وعسكرية كالأمراض التي أنهت الامبراطورية الاسبانية في القرن السابع عشر... والامبراطورية الفرنسية في القرن الثامن عشر... والامبراطورية البريطانية في منتصف القرن العشرين.

صاموئيل هانتنغتون، صاحب نظرية «صدام الحضارات» دعم في كتابه «انهيار أم تجديد؟» التحليل التاريخي الذي قدمه بول كينيدي معتبراً ان أفول الأمبراطورية الاميركية سيمهد الطريق لظهور قوى عظمى أخرى مثل الصين والهند. وفي تقديره فإن غرق الولايات المتحدة في أوحال افغانستان والعراق سيعرضها لهزيمة أخرى أسوأ من هزيمة فيتنام.

الرئيس بوش أكد أثناء اعتراضه على قرار الانسحاب من فيتنام، ان الجمهور الأميركي اخطأ تجاه المواطنين الابرياء لأنه تركهم لمصير قاتم يعانون من ظلم الفيتكونغ مثلما عانت كمبوديا من حكم «الخمير الحمر». وهذا معناه انه يحاول تسويق الحرب ضد العراق وعن طريق خلق تيار شعبي مؤيد لوجهة نظره، والواضح انه اعتمد هذا الاسلوب عندما تصاعد النزاع السياسي بينه وبين أعضاء في الكونغرس وقادة عسكريين حول مسألة خفض عدد القوات الأميركية في العراق.

معارضو بوش في الحزب الديموقراطي اتهموه بتحريف التاريخ بهدف اثبات وجهة نظره. ولما ادعى ان العنف الشديد في فيتنام ازداد تأججاً عقب الانسحاب، ذكره الرئيس كلينتون بأن واشنطن تأخرت عشر سنوات في فيتنام، الأمر الذي ضاعف حجم الخسائر. وقال في بيان التوضيح ان الطائرات الحربية الأميركية ألقت على مدن فيتنام الشمالية وغاباتها قنابل حارقة ضعف كمية القنابل التي ألقيت خلال الحرب العالمية الثانية على الجبهات كافة. وذكره ايضاً بأن الولايات المتحدة خسرت أكثر من 58 الف جندي قبل ان تقرر الانسحاب. وكان كلينتون بهذا الكلام يشير الى احتمال ارتفاع عدد الضحايا في العراق من 3600 جندي، الى العدد الضخم الذي خسرته أميركا في فيتنام. هذا في حال تشبث الجمهوريون في مواصلة الاحتلال مدة عشر سنوات.

يبقى السؤال المتعلق بالزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس بوش للعراق، وما إذا كانت أسبابها محلية أم خارجية؟

بعض الصحف البريطانية ربط توقيت الزيارة بانسحاب قوات غوردون براون من البصرة. وربما أراد بوش الايحاء بخطوته المفاجئة، بأن قواته دائماً مستعدة لملء الفراغ الأمني.

تعليقات الصحف الأميركية عزت أسباب الزيارة الى تقرير رئيس هيئة الأركان بيتر بيس والى التقارير المتشائمة التي رفعتها اجهزة الاستخبارات الى البيت الأبيض. وكلها تحذر من الاغراق في التفاؤل لأن الهجمات خفت بشكل ملحوظ عقب تجنيد الميليشيات السنية ضد عناصر «القاعدة»، ولكن انخفاض نسبة أعمال العنف في محافظة الأنبار لا يجوز اعتباره المعيار الأمني الشامل الذي يعكس حال كل المحافظات الأخرى. لذلك رأى المراقبون في تفاؤل الرئيس بوش تعزيزاً لدور نوري المالكي، واعترافاً بنجاح الاتصالات السرية التي تجريها بلاده مع طهران. وكان من ثمرتها اعلان مقتدى الصدر تجميد نشاط قواته المسلحة مدة ستة أشهر بهدف مراجعة دورها وإعادة تنظيمها. وتؤكد مصادر مطلعة في بغداد أن ايران طلبت من الصدر القيام بهذه الخطوة من أجل مساعدة المالكي على إنجاح مشروعه الأمني. وقد دفعت واشنطن ثمن هذه المساعدة تعهداً بعدم ضرب المفاعلات النووية الايرانية. وكان المتحدث الرسمي باسم «البنتاغون» قد لمح الى استنفار البحرية الاميركية المرابطة في الخليج، والى استعدادها لتسديد ضربات مدمرة نحو 1200 هدف عسكري داخل ايران. ويبدو أن صفقة سياسية دولية اقليمية لم يكشف النقاب عن خفاياها بعد، قد عقدت بين واشنطن وطهران وبغداد بوساطة فرنسية استفادت منها دمشق. وهذا ما يفسر اطمئنان سورية الى أن الحرب مع اسرائيل قد استبعدت، وأن بوش هو الذي أعطى هذا التعهد لفريق المفاوضات السرية مع طهران.

يرى عدد من المعلقين ان الدوافع الحقيقية لزيارة العراق، تكمن وراء تخوف بوش من انهيار حكومة المالكي، وفشل مؤتمر الخريف. أي المؤتمر الذي تشرف وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس على اعداده في نيويورك تمهيداً لعقد مؤتمر قمة على غرار مؤتمر السلام في مدريد. والمرجح ان توقيت الاجتماع في تشرين الثاني (نوفمبر) اختير بإلحاح من أجل إنقاذ ورطة بوش العسكرية في العراق. وتوقعت رايس من صديقتها وزيرة خارجية اسرائيل تسيبي ليفني، معاونتها على انجاح المبادرة الاميركية. وعلى العكس من ذلك، فقد فوجئت رايس بانتقادات حادة وجهتها ليفني الى رئيس الوزراء ايهود اولمرت بسبب اقتراحاته المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية على 90 في المئة من أراضي الضفة الغربية وكامل أراضي قطاع غزة. ومع ان الاقتراحات لا تتخطى حدود جدار الفصل، الا أن الوزيرة الطامحة الى احتلال كرسي اولمرت، دعت الى عدم رفع سقف التوقعات أكثر مما ينبغي. ونقلت هذا التحذير الى زميلتها الاميركية، والى رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض خلال لقائهما الاسبوع الماضي.

وتعتقد ليفني ان محادثات اولمرت - عباس خلقت انطباعات غير صحيحة بسبب عجز الاثنين عن تقديم تنازلات جدية في القضايا الجوهرية. وقالت لصحيفة «هآرتس» انه في حال قدمت اسرائيل تنازلات تتعلق بالحدود والقدس، فإن ملف اللاجئين يبقى مشكلة عصية على الحل. وهي مثل غولدا مائير، تؤمن بأن اسرائيل انشئت خصيصاً لاحتضان كل «مضطهدي» الشعب اليهودي، وأن الدولة الفلسطينية المزمع انشاؤها في الضفة وقطاع غزة يجب أن تحتضن كل اللاجئين الفلسطينيين. وقد تشبثت بهذه القناعة التي آمن بها والدان متعصبان عقدا قرانهما يوم إعلان قيام دولة إسرائيل (15 أيار/ مايو 1948). والمعروف أن والد ليفني كان رئيس العمليات في عصابة «ارغون» التي انضمت إليها والدتها في وقت مبكر.

الحكومة العراقية فوجئت بزيارة الرئيس الأميركي، ولكنها لم تفاجأ بالأسباب التي دفعته للإقدام على ذلك. وهي ترى أن انتقاد بعض زعماء الكونغرس لخطوات التعاون التي قام بها نوري المالكي تجاه أنقرة وطهران ودمشق كانت أبرز العوامل المؤثرة على قرار الرئيس. أي خطوات التنسيق الرامية إلى وقف تدفق الهاربين من العراق إلى سورية، وإعادة الاعتبار الى تنظيمات حزب «البعث»، والسعي الى تطوير الجيش والشرطة العراقيين في الجنوب والعاصمة. وواضح أن القلق الأميركي ازداد بعد اتفاق الدول الثلاث على الحؤول دون قيام نظام فيديرالي مركزي يقوي فكرة الاستقلال الذاتي لدى الأكراد. لذلك حرص الرئيس جلال طالباني على تطمين الجميع إلى أن حكومة الاقليم لا تهدف الى خلق وضع مستقل عن بغداد، بقدر ما تطمح الى تنفيذ خطوات تدريجية على طريق تطوير كردستان.

يقول جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، في مذكراته إنه التقى ريتشارد بيرل فجر يوم الأربعاء (12 أيلول/ سبتمبر 2001)، أي بعد مرور اقل من 24 ساعة على الهجمات التي استهدفت مبنى التجارة العالمية في نيويورك ومجمع البنتاغون. وذكر تينيت أن بيرل بادره بالقول وهو يهز رأسه بامتعاض: يجب أن يدفع العراق ثمن ما حدث. إنهم يتحملون المسؤولية.

ويعترف تينيت بأنه ذهل من تعليق عرّاب المحافظين الجدد. ثم ازداد ذهوله بعدما ثبت له من كشوفات المسافرين، أن «القاعدة» كانت تقف وراء الهجمات. ولدى مراجعة هذه المسألة لم تعثر الاستخبارات على أي دليل لتواطؤ عراقي.

ويقول تينيت إنه تساءل عن هوية الشخص الذي اجتمع به بيرل في البيت الأبيض. ولما علم بأنه التقى نائب الرئيس ديك تشيني، أدرك أن الولايات المتحدة قد سقطت في حفرة سياسية عميقة بسبب الأفكار الخيالية التي يحملها تشيني مع وولفوفيتز وعصابة الأربعة. وكان تشيني قد أوصى الإدارة بأن تتعامل مع العراقيين بعد الغزو، مثلما تعاملت إدارتا روزفلت وترومن مع النازيين. وسمع مرة تينيت نائب الرئيس تشيني يقول: «بإمكاننا استبدال كلمة بعثي بكلمة نازي، بحيث يدرك العراقيون أن الهدف من الاحتلال هو إعادة تشكيل مجتمعهم».

والمؤسف أن هذه التصورات المبنية على سياسة «الفوضى البناءة» لم تثمر سوى «الفوضى». في حين بقيت مسألة إعادة البناء مهمة شاقة كالمهمة التي جيرتها واشنطن للفلسطينيين!