Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الثلاثاء 18-9- 2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
عدم ضرورة الحرب. . . و(الحرب التالية)
ويسلي كلارك
اخبار العرب الامارات

أثناء إدلائه بشهادته أمام الكونجرس مؤخراً، بدا الجنرال ديفيد بترايوس متماسكاً، ذكياً، وواعياً بالتحديات التي يواجهها جنوده في العراق. ولكنه في الوقت نفسه بدا وكأنه يجسد ما أصبحت القوات المسلحة الأميركية تمثله في هذا البلد في الوقت الراهن: قوات مسلحة، شجاعة، تحاول جاهدة الاحتفاظ بنفوذها ومصداقيتها بعد مرور أربع سنوات ونصف على بدء مهمة بدت سهلة في البداية، قبل أن تنحرف عن مسارها بعد ذلك.

وبترايوس ليس هو القائد العسكري الأخير، الذي سيجد نفسه يشرح للكونجرس الأسباب التي أدت إلى إخفاق مهمته، ويحاول أن يقنعه بأن تلك المهمة لا تزال أمامها فرصة للنجاح، حيث ستكون هناك دائماً حرب تالية تلوح في الأفق. أفضل حرب هي تلك التي لا تضطر لخوضها، وأفضل قوات مسلحة هي التي تمتلك القوة والمرونة الكافيتين للحيلولة دون اندلاع الحرب التالية. هل ما زال بالإمكان وقوع حرب أخرى؟ إذا ما أعدنا النظر، فسنجد أن ’’الصقور’’ في مكتب ديك تشيني الذين لم يرتدعوا بسبب الإخفاق الذي تعرضوا له في العراق، لا يزالون يدفعون باتجاه استخدام القوة في التعامل مع إيران.

وليس من الصعب التنبؤ بقائمة الخيارات العسكرية التي ستكون متاحة أمام صناع القرار الأميركيين في هذا الصدد. فحرب قادمة من هذا القبيل ستبدأ بحملة جوية وعسكرية مكثفة، تستمر لمدة 21 يوماً للحيلولة بين إيران وبين توجيه ضربة انتقامية. وستشمل قائمة الأهداف التي ستتم مهاجمتها خلال تلك الحملة عشرات المواقع النووية، ومواقع القيادة والسيطرة، ومواقع الرادار، والمستودعات، والمطارات، والموانئ العسكرية. وللحيلولة دون ارتفاع أسعار النفط العالمي إلى مستويات قياسية، يجب على القوات الأميركية أن تعمل على حماية منصات إنتاج النفط والغاز، والموانئ الكبرى ونقاط التحميل في المنطقة. كما ستضطر القوات المسلحة الأميركية أيضاً إلى استخدام الطائرات القاذفة الثقيلة من طراز ّ2-َ، والعديد من أنواع الصواريخ الموجودة بالقرب من الجبهة، بالإضافة إلى القيام بالعديد من المهام البرمائية، وعمليات الاستطلاع الجوي، واستخدام قوات خاصة للتوغل داخل إيران، والحصول على الأدلة التي تثبت وجود برنامج نووي عسكري إيراني.

ولكن إذا ما كانت الكيفية التي ستبدأ بها الحرب ضد إيران واضحة، فإن الكيفية التي ستنتهي بها ستكون أقل وضوحاً. فليس من الواضح مثلا كيف سترد إيران على تلك الضربة العسكرية؟ هل ستطلق خلايا ’’حزب الله’’ في أوروبا والشرق الأوسط وفي الولايات المتحدة ذاتها؟ وهل ستعمل على تحريض شيعة العراق على الثورة ضد الغزاة الأميركيين؟ ثم، وهذا هو الأهم، ما الذي سنفعله نحن مع إيران بعد أن يتوقف القصف؟ وكيف ستكون إيران بعد ذلك القصف: هل ستبدو كدولة تعرضت إلى التأديب وأصبحت لينة العريكة، أم دولة فاشلة تنتشر فيها الفوضى؟ أم كعدو خرج من التجربة أكثر مرارة وأكثر صلابة؟ وليست إيران هي الدولة الوحيدة التي قد تخوض الولايات المتحدة حرباً ضدها في المستقبل. . حيث يمكن أن تبرز قوة عظمى جديدة، أو على الأقل منافس قوي لها، كما يمكن لتلك الحرب أن تقع في مكان اَخر غير متوقع على الإطلاق.

بيد أن الشيء الذي لاشك فيه هو أن شكل أي حرب لأميركا في المستقبل سيتأثر بتجربتيها في العراق وأفغانستان. وهنا يجب أن نستخلص الدروس من هاتين الحربين وأن نفعل ذلك بالشكل الصحيح، وفوراً. إن أهم درس يمكن استخلاصه من هاتين الحربين هو: ألا نذهب إلى حرب أبداً ما لم نكن قادرين على وصف الحالة النهائية المرغوبة، وعلى تحقيق تلك الحالة، وأن ندرك أن إنجاز ذلك كله سيحتاج إلى ما هو أكثر من استخدام القوة.

ومن الدروس الأخرى التي يمكن أن نستخلصها من الحرب في العراق وأفغانستان -وفيتنام أيضاً- أننا سنكون بحاجة إلى حماية قواتنا. فأكثر ما يقلق الشعب الأميركي ويغير مشاعره ضد أية حرب هو أن يتعرض لخسائر في الأرواح، وهو ما يعني أننا كي نحافظ على مقدرتنا على البقاء في ميادين القتال فإننا سنكون بحاجة إلى تحقيق التوازن بين قدرتنا على مطاردة وقتل أعدائنا وبين قدرتنا على حماية جنودنا.

وينقلنا هذا إلى القادة العسكريين. فنحن في حاجة إلى جنرالات ذوي تعليم حسن، مرنين، ولديهم القدرة على التكيّف الثقافي أي التكيف مع البيئات التي سيقودون قواتهم فيها، وليس مقاتلين أو تقنيين فقط.

علينا أيضاً ألا نقسو على أنفسنا أكثر من اللازم. فالقوات المسلحة الأميركية تتفوق بما لا يقاس على أي قوات مسلحة أخرى في العالم من ناحية المهارات والمعدات والتماسك.

هناك نقطة أخيرة وهي أن القادة العسكريين يجب أن تكون أمامهم عندما يبدأون حرباً خريطة طريق للنجاح، أو تعريف محدد لما يعنيه النصر، على أن يدركوا أن واجبهم هو كسب الحرب وليس مجرد الاستمرار في القتال، وأن يتسلحوا بصفات من بينها بُعد النظر، وقوة الشخصية، والبصيرة، التي تمكنهم من طلب الموارد التي تعينهم على تحقيق النصر، وأن تكون لديهم الشجاعة التي تمكنهم من الإصرار على الحصول على تلك الموارد، أو الاستقالة إذا لم يحصلوا عليها. والأهم من كل ذلك أن نفهم كأميركيين أن الغرض من أي حرب نخوضها هو تحقيق هدف محدد لأمتنا. وبهذا الخصوص فإننا يجب أن نعرف أن القوات المسلحة ليست سوى أداة من أدوات الحكم يجب أن تعمل بالترادف مع الدبلوماسية، والاقتصاد، والاستخبارات، وغيرها من أدوات القوة الأميركية.

إن الدرس الكبير الذي يجب أن نتعلمه هو أن الحرب يجب أن تكون الخيار الأخير، لأنها عادة ما تجلب الماَسي وقليلاً ما تجلب المجد. . وليس هناك تعبير عن ذلك أفضل من التعبير الذي جاء على لسان أحد الجنرالات حين قال: إن أفضل حرب هي تلك التي لا تضطر لخوضها، وأفضل قوات مسلحة هي تلك التي تمتلك القوة والمرونة الكافيتين اللتين تمكنانها من الحيلولة دون اندلاع الحرب التالية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
جدار عازل في العراق
افتتاحية
اخبار العرب الامارات
نضبت جعبة واشنطن من الحلول الحسنة والجيدة والممتازة التي كانت تعد بها العالم والدول قبل غزوها العراق وبعده، وتراجعت أحلامها في بناء عراق جديد، وتدنى تفاؤلها إلى الحضيض في ما يخص إقامة نموذج للديمقراطية خارج الولايات المتحدة يكون مناراً ودليلاً لشعوب العالم كافة. ونضوب هذه الحلول كان نتيجة للخيارات التي تبنتها واشنطن للتعامل مع العراق، منذ أن كان فكرة للغزو والاحتلال، وإلى الاَن.

فكان اختيار القوة المسلحة وكثافة النيران والردع والترهيب غير موفق، لا من حيث المكان الذي جرت فيه الأحداث ولا من ناحية الزمان الذي غزت فيه القوات الأمريكية العراق. فالمكان لم يدرس دراسة وافية، حيث اعتبرت واشنطن أنها بقوتها العسكرية التي لا تضاهى، تستطيع أن تفعل ما تشاء وقتما تشاء. فاكتشفت أنها على خطأ، ولكنها لم تتدارك الخطأ فتمادت فيه إلى أن أصبح الخطأ خطيئة، والغزو مصيبة، والاحتلال كارثة ليس على العراق وحده، إنما على العراق وجيرانه والمنطقة، والولايات المتحدة نفسها.

فإذا كانت الإدارة الأمريكية لم تستطع أن تجد حلاً لمأزقها في العراق وأفغانستان، فإنها لن تجد حلاً لأي مشكلة خاصة بالشعوب والدول الأخرى. فقد تورطت حتى أذنيها في مشكلة تحاول الاَن بجهود المفكرين والمستشارين والحوار الداخلي أن تجد لها حلاً. . من دون أن تتراجع عن الخطأ والخطيئة. وبالطبع يكون من المستحيل أن يتمسك المرء بالأخطاء ويبحث عن حلول لها في الوقت نفسه! ! . وكان من بين الأخطاء الضخمة التي تحوّلت إلى خطيئة أن الإدارة الأمريكية، بنصيحة مستشارين غير ملمين بالوضع في العراق، اتجهت إلى حل المشكلة السياسية في العراق بتطبيق (مشروع طائفي) لتمزيق العراق إلى جهويات ومناطق تبقي على الصراع الداخلي ساخناً، ليعلو على الصراع بين الاحتلال والمقاومة. فكان أن نتج عن ذلك تعقيد جديد جعل الطائفية أكثر دموية وعنفاً مما فتح الطريق نحو حروب أهلية متواصلة أو متقطعة، شاملة أو جزئية، بين العراقيين.

والأخطر من ذلك أن إيران دخلت عبر الخط الطائفي إلى مد نفوذها السياسي والديني والطائفي ليصل إلى مستوى أجهزة الحكم الحساسة، وهو ما ضغط على الإدارة الأمريكية لتراجع سياساتها وتكتشف أخطاءها من دون العمل بجدية لاستئصال مصادر هذه الأخطاء، بل عملت على تعميقها يوماً بعد يوم، وممارسة عقب ممارسة، وخطة تلو خطة.

واَخر الخطط الموغلة في الأخطاء أن اتجهت القوات الأمريكية إلى فكرة بناء جدار عازل بين أهالي الغزالية السنيّة والشعلة الشيعية. وهي تجربة مستلهمة من التفكير العنصري العبري الذي يفكر بعقل (الجيتوهات).

ومن المؤكد أن الأهالي العراقيين، سنة وشيعة، لن يستسلموا لمثل هذه الممارسات، لأنها تزرع الكراهية بين أبناء شعب واحد لم يكن يضع وزناً للاختلافات المذهبية.

وإذا كان العقل الجاهل بتاريخ العراق وحضارته وتداخل نسيجه الاجتماعي يفكر بأسلوب ’’ الجدار العازل ’’ فإنه يحق لكل شعوب العالم أن تخشى مثل هذه العقلية التي يفترض أنها ستسود العالم بقوة السلاح وكثافة النيران.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
الانسحاب الأمريكي من العراق
مصطفي سامي
الاهرام مصر
بينما وصف الديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي خطاب جورج بوش بـالعار امتدح هوشيار زيباري وزير خارجية العراق قرار بوش بسحب‏21‏ ألف جندي أمريكي في يوليو المقبل ووصفه بـالخطوة الشجاعة‏!‏ اعترف بوش بحالة الفوضي والتسيب التي أسفر عنها الغزو الأمريكي للعراق‏,‏ وفشل حكومة المالكي التي وضعها الاحتلال في اقرار الأمن والمصالحة بين طوائف الشعب العراقي‏,‏ وففي نفس الوقت الذي كان بوش يلقي خطابه أمام الكونجرس في واشنطن‏,‏ كانت وكالات الأنباء تعلن من بغداد مقتل‏18‏ عراقيا وأربعة جنود أمريكيين‏,‏ وقبل‏24‏ ساعة من خطاب العار تلقي بوش صفعة أخري باعلان اغتيال زعيم صحوة الانبار عبد الستار أبو ريشة الذي التقي مع بوش خلال زيارته السريعة لبغداد في الاسبوع الماضي‏,‏ وكان بوش قد امتدح شجاعة الزعيم السني الذي نجح في اقرار الأمن في الانبار وتعهد بشن حرب علي رجال القاعدة‏.‏

لكن بوش اعترف ايضا بأن الانجاز الوحيد الواضح لحكومة المالكي تمثل في تطبيق قانون اجتثاث البعث الذي أصدرته حكومة العراق بمباركة من سلطات الاحتلال الأمريكي والذي يقضي بطرد جميع العاملين في الوظائف المدنية والعسكرية أعضاء حزب البعث من أعمالهم‏,‏ وتشجع المتطرفين والمعادين للنظام السابق بتصفية أعداد كبيرة منهم‏.‏

والواقع أن قانون اجتثاث البعث الذي طبقته حكومة المالكي بنجاح زرع نيران الكراهية ضد مئات الآلاف من العراقيين الوطنيين من أعضاء البعث الذين لم يشارك أغلبهم الرئيس العراقي السابق صدام حسين في جرائمه‏,‏ لكن البقاء في الوظيفة والحاجة الي لقمة العيش اضطراهم الي طلب العضوية في نظام ديكتاتوري فرض رضاء السلطان والانتماء الي حزبه شرطا للعمل بل للحياة‏.‏

الرغبة في الانتقام وتصفية الحسابات كانت وراء هذا القانون الشرير الذي لم يفرق بين بضع عشرات أو مئات من لصوص الدائرة القريبة من صدام ومعاونيه وبين آلاف العسكريين والمدنيين الفنيين والخبراء الذين طردوا من أعمالهم وشردت عائلاتهم‏,‏ ودفعوا ثمنا غاليا لجرائم لم يرتكبوها‏,‏ ولم يكن لهم خيار سوي الصمت‏,‏ وكانت العراق في أشد الحاجة الي عقولهم وسواعدهم لإعادة بناء ما دمره الاحتلال‏.‏

والخروج الأمريكي من المستنقع العراقي لايبدو قريبا‏,‏ وليست هناك بادرة أمل في أي سلام للعراقيين في المستقبل‏,‏ وقد اعترف قائد القوات الأمريكية الجنرال دافيد باتريوس بأن انسحاب القوات الأمريكية بسرعة يمثل كارثة حقيقية للعراق‏,‏ لكن الجنرال لم يقل لأعضاء الكونجرس ان بقاء القوات الأمريكية لسنوات هو في الواقع أم الكوارث‏.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
للتضليل فقط
غازي الدادا
صحيفة تشرين سوريا

باستثناء خلوها من أحاديث الانتصارات لأسباب موضوعية فرضها غياب هذه الانتصارات، فإن خطابات الرئيس الأميركي جورج بوش حافظت على مستوى ثابت إن لم يكن متصاعداً من التضليل والخداع ليس للشعب العراقي فقط بل للأميركيين وللعالم كله، وذلك منذ ما قبل الحرب على العراق وخلالها ولن نقول بعدها لأن هذه الحرب لا تزال مستمرة بشكل أو بآخر، والأدلة على ذلك كثيرة أقلها القصف شبه اليومي لمنازل المدنيين في مختلف المناطق العراقية.

ولا شيء يكسر النمطية المملة في خطابات بوش سوى بعض التفصيلات والجزئيات البسيطة والوعود التي تتبخر بأسرع مما يتفوه بها، أما الخطوط العريضة المتعلقة بشكل مستقبل العراق، ومسألة الانسحاب منه وترك شؤونه للعراقيين فيقررونها هم بما يحقق مصالحهم ووحدتهم فهذه كلها مؤجلة وليست محلاً للنقاش، ربما لأنها باتت محسومة أميركياً. ‏

ولعل الخطاب الأخير للرئيس بوش لم يخرج عن هذه القاعدة النمطية التضليلية، ومهما أجهد المرء نفسه في وضع يده على أي جديد في ذاك الخطاب فلن يجد شيئاً باستثناء حديث بوش عن إمكانية سحب بضعة آلاف من الجنود الأميركيين من العراق، وحتى هذه مشروطة بإمكانية عودتهم تبعاً لمجريات التطورات الميدانية، فضلاً عن أن بقاء مئة ألف جندي حتى لو تم الانسحاب الجزئي، لا يغير شيئاً من واقع الاحتلال، بل إن كل شيء يؤكد أن بوش يسعى لترسيخ هذا الاحتلال وليس العكس. ‏

وحتى تلك الأحاديث أو التلميحات عن احتمالات انسحاب جزئي من العراق لا تخالف الغايات الخداعية ذاتها، ولا تزيد عن كونها تكتيكات في إطار محاولات امتصاص نقمة الأميركيين التي عبرت عنها بوضوح أحدث التظاهرات الرافضة للحرب على العراق ولاستمرار الوجود العسكري الأميركي فيه، ولا سيما مع تصاعد أعداد القتلى في أوساط الجنود الأميركيين. ‏

والحقيقة الأهم هي أنه عندما يربط بوش أية إمكانية لانسحاب ولو جزئياً من العراق بمستوى الاستقرار الأمني الذي يمكن أن يتحقق، فكأنه يقرر بقاءً غير محدد لقواته بكل عدتها وعديدها في هذا البلد، لأنه من شبه المحال أن يتحقق الاستقرار في ظل الاحتلال، فضلاً عن أن القوات الأميركية تعمل كل ما من شأنه الاتجاه بالعراق إلى المزيد من اللااستقرار عبر الكثير من الأساليب، أكثرها وضوحاً تغذية النعرات الطائفية، وكل ذلك للإبقاء على مسوغات استمرار الوجود الأميركي، إذ إن آخر ما يفكر به بوش هو مصلحة العراق، بل إن العكس هو الصحيح. ‏


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
بعد تقريري بترايوس- كروكر هل سينسحب بوش؟
د.سمير قطامي
الراي الاردن


جاء تقريرا الجنرال بترايوس قائد القوات الأميركية، والسفير الأميركي في العراق كروكر، مساء يوم الاثنين 10/9/2007 في الكونغرس الأميركي، كما توقعت كثير من الأوساط الإعلامية والسياسية، مليئين بالآمال الكاذبة، مزيّنين بالتفاؤل الكبير، منسجمين مع رغية الإدارة الأميركية، وتصريحات الرئيس الأميركي بوش الأخيرة، بأن الخطة الأميركية الأخيرة تحرز تقدما، ولا بد من التصدي للإرهاب في العراق كي لا يهاجمنا في عقر دارنا.

كان تقرير الجنرال بترايوس أكثر واقعية وأن شابه شيء من التلاعب بالمعلومات والأرقام، بما يتناسب وسياسية البيت الأبيض، إذ لا يعقل أن يخرج التقرير مناقضا لأقوال وتصريحات الرئيس بوش...فالجنرال بترايوس يقرّ بأن عمليات العنف الطائفي ما تزال مقلقة مع أنها تراجعت، وأن الوضع معقد بين الطوائف والأعراق، وهذا ما يحول دون تحقيق أهدافنا بشكل سريع، وأن هناك انخفاضا ملموسا في العمليات الهجومية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، وأن قبائل الأنبار التي انقلبت على القاعدة، وتخوض ضدها حربا شرسة، تظهر التقدم في الأمن، ويمكن أن تصبح نموذجا للعراق !! ( بعد يومين من التصريح اغتيل شيخ قبائل الأنبار عبد الستار بورشه الذي التقى بوش في زيارته الأخيرة للأنبار بعبوة ناسفة قرب بيته)!! والوضع الأمني يتحسّن وستكون الولايات المتحدة في موقف يسمح لها بتخفيض قواتها خلال الأشهر القادمة، ولكن من المبكرالحديث عن الأرقام الدقيقة لخفض القوات. ( عدد القوات الأميركية الآن في العراق 162 ألفا، والحديث الآن عن سحب أقل من 30 ألف، وهو يقل عن العدد الذي أضيف للقوات الأميركية مطلع هذا العام).

حاول الجنرال بترايوس أن يكون قريبا من الموضوعية، لذلك استخدم كلاما عاما كي لا يسجل عليه أنه كذب، مع أن بعض الصحف الأميركية قد نشرت اعلانا فيه تلاعب باسمه بما يصف أنه (يخوننا).. betray us، وقد بنى الرئيس الأميركي بوش على كلام بترايوس وأعلن أنه سيسحب جزءا من القوات لأ ن الأوضاع الأمنية آخذة في التحسن بفضل الإستراتيجية الأميركية الأخيرة.

أما السفير راين كروكر فقد لجأ إلى الكلام الدبلوماسي وحوّل المناسبة للهجوم على حقبة الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية، ودمّر المجتمع، وخلق شعورا بالخوف، كما قال، وكأن الذي يحدث الآن في العراق بأيدي الأميركان وعملائهم من عمليات إبادة، وقتل على الهوية، وتدمير بنى الدولة والمجتمع، وتهجير قسري، وفقدان أمن، وجوع وفقر وبطالة، أفضل مما كان يعيش به العراقيون في عهد صدام.

يسوّق كروكر أمام الكونغرس تجربة العراق الديمقراطي الآمن التي تتحقق (أين لا أحد يعلم)، ويعلن أنهم خففوا من العنف الطائفي، وأحرزوا تقدما في بناء الدولة، وأهم هذا التقدم أن القاعدة فرّت من الأنبار، وقبائل الأنبار تقف إلى جانب الجيش الأميركي، والنمو الاقتصادي يزداد في العراق بنسبة 6%، وخدمات الماء والكهرباء تتحسن، والعراق الآن بلد ديمقراطي يحترم التعددية العرقية والدينية والطائفية.

فهل هناك مجنون على وجه الأرض يصدق ذلك؟ كان تقرير السفير كروكر بائسا إلى أقصى الحدود، مليئا بالأكاذيب، وقد بدا لي أن جهة ما هي التي كتبت له التقرير، ولذلك كان مضطربا وهو يقرؤه، كما كان جاف الريق، لأنه أكثر الناس علما بكذب ما يقرأ وبتهافت الآراء والحجج التي يسوقها.

بعد ثلاثة أيام من هذه الزفة خرج الرئيس الأميركي بوش ليعلن عن انسحاب محدود للقوات الأميركية من العراق، وعن نجاح استراتيجيته الأخيرة بزيادة عدد القوات، منوّها بتجربة الأنبار في الوقوف ضد القاعدة، مهاجما إيران وسورية..وهذا ما جاء في تقريري الجنرال بترايوس والسفير كروكر..كما أظهر تقرير للبيت الأبيض أن الحكومة العراقية قد حققت نصف الأهداف الرئيسية الثمانية عشرة التي حددها الكونغرس الأميركي لها، وذلك بعد عشرة أيام من صدور تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأميركية المنبثق عن الكونغرس، الذي أعلن أن الحكومة العراقية لم تحقق إلا ثلاثة أهداف من ال 18 التي حددها الكونغرس، وأن الخطة الأميركية الأخيرة لم تحقق نتائج ايجابية واضحة، وان العنف الطائفي ما يزال عاليا، ومعدل الهجمات اليومية على المدنيين لم يتراجع.

في هذا الجو الملبّد بالأكاذيب، وتباين قراءات الأرقام والأحداث، وتزوير المعلومات، وصراعات القوى والمصالح في واشنطن، يحق لنا أن نتساءل: أين يقف العراق الآن؟ وهل سينعم بالسلام؟ وما مصيره ومصير المنطقة في وقت تُقرع فيه طبول الحرب ضد سورية وإيران؟ وهل سيختم بوش سنته الأخيرة بشنّ حرب أخرى على إيران وسورية، بالتعاون مع إسرائيل، لإرباك المنطقة، وتسليم سلفه الديمقراطي تركة مستعصية الحل، في حالي التقدم أو التراجع؟ أميركا الآن تقوم ببناء أربع قواعد ضخمة في العراق لسحب قواتها إليها، في إطار بقاء طويل الأمد، وبريطانيا ستسحب قواتها من العراق إلى الكويت، ومن يعرف شخصية بوش وأسلوب تفكيره،لا يستبعد قيامه العام القادم بقصف الأهداف الحيوية والمهمة في ايران (حددت ب 1200 هدف)،والإيعاز لإسرائيل بقصف أهداف محددة في سورية ( كانت الغارة الإسرائيلية الأخيرة مؤشرا واضحا )، لإعادة خلط الأوراق، وخلق الفوضى في المنطقة كلها، ولا أحد يدري إن كانت خلاقة أم مدمّرة! ولا يهمّه بعد ذلك من يعاني أو يتأذى من شعوب المنطقة ودولها، طالما أنه يصف نفسه بالعنيد الذي لا يخضع للرأي العام، أو أصوات أعضاء الكونغرس. وكل ما نستطيع قوله كان الله في عون المنطقة شعوبا وحكومات.

qatamisamir@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
صور العراق الوردية
وليد الزبيدي
الوطن عمان

يرسمون صورة للعراق، وهذه الصورة تحمل لون الورد وعطر الصباح، ورائحة البنفسج، وهدوء السهول وخضرة البراري في وقت الربيع، سمعنا ثلاثة أصوات خرجت عبر وسائل الاعلام وامام الرأي العام، وهم يرسمون صورة وردية لعراق يعرف صورته القاصي والداني.
هذا يقول ان الاوضاع الامنية احرزت تقدما كبيرا، ويأتي بتفاصيل ومعلومات من فوق سطح كوكب اخر، لان كل ما يقوله لا علاقة له بالواقع العراقي المرير، فالخوف يتربع في قلوب العراقيين، ويسيطر على العوائل، فاذا خرج الاب لكسب رزق يومه، فالزوجة والبنات والابناء، يقضون وقتهم بين الدعاء بسلامة العودة، والترقب والحذر، واذا ما رن جرس الهاتف، يفزع الجميع، لان خبرا مفرحا لا يأتي في ظل الاوضاع الامنية المتردية، بل السيئة والمأساوية، يخشون على الاب والابن والزوجة والاطفال من الاختطاف الفردي والجماعي، الذي استشرى في العراق وتحول الى ظاهرة مخيفة خلال العامين الماضيين، يخافون على افراد العائلة من السيطرات الوهمية التي تأخذ الابرياء الى جهة مجهولة، ولا يعودون الا جثثا مشوهة بعد عمليات التعذيب، ومن يحصل على جثة الفقيد فإنه من المحظوظين.
يرتجف الناس عندما يقتربون من نقاط التفتيش للأجهزة الامنية الحكومية، التي خصصت أماكن مغلقة وبعيدة عن انظار المارة الى جانب نقاط التفتيش، ومن أمروه بالدخول في هذه الأماكن اختفى وعلى أهله انتظار جثته في المزابل والطرقات، بعد ان تقتاده نقاط تفتيش الاجهزة الامنية الحكومية، أو يضاف الى عشرات الآلاف من القابعين في المعتقلات الحكومية، وهم يتعرضون لأبشع انواع التعذيب على ايدي اجهزة تم تدريبها على ممارسة الاهانة والاذلال للعراقيين.
زعيم اخر، يتحدث عن تحسن الخدمات، وبدون أي تردد او خجل، يقول ان الكهرباء في العراق تحسنت خلال الاشهر الاخيرة، وان تحسنها حقق ما نسبته70%، وهذا امر اثار دهشة واستغراب العراقيين، الذين لم يشاهدوا أي نوع من هذا التحسن، بل انهم لم يتمكنوا من توفير المشتقات النفطية لتشغيل مولدات الكهرباء الخاصة بهم، بسبب غلاء الأسعار وعدم توفر المشتقات النفطية، ولذلك فان هذه الصورة الوردية عن قطاع الكهرباء، التي رسمها المسؤول الاميركي الكبير، لا تختلف عن الجوانب الوردية الاخرى للخدمات الأساسية اليومية في حياة العراقيين، وهم ينتظرون قدوم التيار الكهربائي دون جدوى، ولا يحصل الناس على المياه الصالحة للشرب، ولا يترددون في شرب أي نوع من المياه، رغم انتشار مرض الكوليرا في بعض مناطق العراق.
مسؤول ثالث يتحدث عن تطور هائل في اداء الاجهزة الامنية، ويختصر ذلك التطور الهائل احد رجال الامن، الذي يظهر في اعلان دعائي ويقول، اننا تدربنا على مداهمة المنازل واعتقال العراقيين، ويتفاخر المسؤولون في الاجهزة الامنية باعتقال المئات من العراقيين في كل يوم وتبث ذلك وسائل اعلامهم متفاخرة بهذه الانجازات الوردية في حياة العراقيين.
ان هذه الصورة الوردية جاءت تفاصيلها في تقرير ديفيد بتريوس ـ كروكر وفي كلمة المالكي وما تحدث به بوش، ومن يراجع ذلك يجد اوجه الصورة الوردية التي رسموها لحياة العراقيين.
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
ذرائع بوش الزائفة للحرب
ديريك جاكسون
بوسطن غلوب
أخبر الرئيس بوش الأمة في ليلة الخميس أن الجنرال دافيد بتريوس والسفير ريان كروكر "قد توصلا الى أن الأوضاع في العراق تتحسن ، واننا اخذنا زمام المبادرة من العدو ، وأن استراتيجية زيادة القوات قد نجحت". وأضاف بوش أنه بسب ذلك "فإن نجاحنا في تلبية هذه الأهداف الآن يسمح لنا في البدء بإعادة بعض الجنود إلى البلاد". وقال ان بغداد قد انقذت. وقال ، "قبل عام ، كانت بغداد تحت الحصار ، المدارس مغلقة ، والأسواق متوقفة عن العمل والعنف الطائفي خارج عن السيطرة. أما اليوم... العديد من المدارس والاسواق أعيد فتحها.
ويقدم المواطنون معلومات استخبارية حيوية. وانخفض معدل القتل الطائفي. وبدأت الحياة المعتادة بالعودة". لم يكترث لمقتل 1,099 جندي في الفترة من أيلول 2006 إلى آب 2007 ، أعلى عدد لإثنى عشر شهرا ويصل الى 29% من اجمالي خسائر الجيش البالغة 3780 جندي قتلوا منذ الاجتياح في آذار 2003. ولم يهتم لحقيقة ان "التقدير الاستخباراي الوطني" الحكومي لم يكن في الشهر الماضي ورديا بقدر تفاؤل بوش. فقد ذكر التقرير "أنه كانت هناك تحسينات واضحة ولكن متباينة... فقد بقي مستوى العنف الإجمالي ، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والإصابات الناتجة عنها ، عاليا.
المصالحة بين الجماعات الطائفية العراقية لم تتحقق ، وما زال لدى القاعدة في العراق القدرة على شن هجمات كبيرة". لم يستخدم التقرير كلمة "مستنقع". لكنه قال أن قوات الأمن العراقية "لم تتحسن بشكل كاف لإدارة عمليات رئيسية مستقلة عن التحالف". وهذا يعني ان بقاء القوات الأميركية "ما زال ضروريا للغاية".
يبقي ضروريا بحيث ان بوش اقترح سحب 20 ألف جندي فقط ، تاركا 140 ألف جندي في العراق ، وهو عدد أعلى من الذي كان قبل زيادة القوات. وللالتفاف على هذا التطور ، حاول بوش مرة أخرى ربط الخوف من هجمات 11 أيلول بالعراق ، مع ان العراق وصدام حسين لم يكن لهما علاقة بذلك. قال بوش "إذا كان علينا الخروج من العراق ، سيتحمس المتشددون من جميع الأعراق... قد نترك اطفالنا ليواجهوا عالما أكثر خطورة. وكما رأينا في 11 أيلول 2001 ، يمكن لهذه الأخطار أن تصل مدننا وتقتل شعبنا".
لكن في لحظة مدهشة من الصدق ، قال بتريوس انه لا يستطيع القول ما اذا كان لحرب بوش أي أهمية بهذا الشأن أم لا. وعندما سأل السيناتور الجمهوري جون وارنر ، بتريوس إن كانت الاستراتيجية الحالية تجعل أميركيا أكثر أمنا ، قال بترايوس ، "بالحقيقة ، لا أعلم. لم استعرض هذا الأمر في عقلي". أربع سنوات ونصف السنة ونحن في هذه الحرب ، ولم تصنف إدارة بوش ما قمنا به. لا يختلف بوش كثيرا ، في استشهاده بأمثلة منفصلة عن "كيف أن استراتيجيتنا تنجح في العراق" وخداع نفسه بالحديث عن "التقدم الذي ذكرته الليلة" ، عما قاله الجنرال وليم وستمورلاند في نادي الصحافة الوطنية عن حرب فيتنام عام 1967: "أنا متأكد تماما كما ربح العدو في عام 1965 ، فانه اليوم يخسر". ومثلما استشهد بوش بإعادة فتح المدارس ، أعلن وستمورلاند أن الولايات المتحدة "شهدت تأسيس الحكومة المدنية ، وثبات الأسعار ، وفتح الطرق والقنوات".
تقدير وستمورلاند قاد الرئيس جونسون لأن يعلن بعد ذلك بثلاثة شهور ، "بشأن تغير استراتيجيتنا الأساسية ، الجواب هو لا. فنحن لا نرى شيئا يتطلب تغييرا له عواقب كبيرة." بوش الذي لم ير حاجة لإجراء تغييرات رئيسية في تصعيده الأخير ، قال ، "جنودنا في العراق يؤدون المهمة بشكل ممتاز. إلى جانب القوات العراقية ، فقد اعتقلوا أو قتلوا ما معدله أكثر من 1500 عدو مقاتل كل شهر منذ شهر كانون الثاني". ليس هناك اختلاف سوى أن جونسون تباهى أمام وسائل الإعلام في شهر شباط عام 1968 أن 10 آلاف مقاتل شيوعي قتلوا واعتقل 2300 آخرين في المعارك الأخيرة ، مقارنة 249ب قتيل أميركي فقط. قال جونسون "استطيع أن أعد... هل هذا نصر عظيم للعدو؟"

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الانسحاب أم الهزيمة
افتتاحية
الشرق قطر
منذ الغزو الامريكي للعراق في 2003، سقطت كل الذرائع التي شنت بسببها الحرب، فلا أسلحة دمار شامل وجدت، ولا حرية تحققت في بلاد الرافدين، فمن يزرع الاحتلال نهايته الفشل، ومن يزرع الشر يحصد الشر، اما الحديث عن سحب او خفض للقوات ما هو إلا محاولة لذر الرماد في العيون، ومحاولة لتغطية الفشل الذريع، وهروب الى الامام، في ظل تنامي مقاومة عراقية تستهدف تحرير الارض وصون العرض، الفشل الامريكي تبدى في اكثر من اتجاه، فالعنف لايزال مستشريا، والدماء لاتزال تسفك، والعنف الطائفي وضع العراق في اتون حرب أهلية، والمأزق السياسي لايزال قائما، فلم تتحقق مصالحة سياسية، ولم تتكون حكومة تقود الى بر من الاستقرار، والاتئلاف تضعضع.

ليس مستغربا ان تتراجع الادارة الامريكية عن موقفها بخفض قواتها، وهو التعبير الدبلوماسي المخفف للانسحاب، والذي مارسته بالفعل بريطانيا بانسحابها من البصرة، أما أن يتراجع روبرت غيتس، وزير الدفاع الامريكي، عن الاتجاه لخفض القوات الامريكية الى 100 ألف، ويكتفي بالأمل في ان تتحسن الأوضاع، فهو كمن يجري وراء سراب وهو ظمآن، كانت الشجاعة تقتضي ان يعلن صراحة سحب القوات وهو ما أوصى به الجنرال ديفيد بيترايوس وهو من يعرف اكثر على الميدان. وما اعتبره وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان الولايات المتحدة منيت بـ"هزيمة" عندما تدخلت عسكريا في العراق، يظل حقيقة تحاول الادارة الامريكية ألا تعترف بها وتحاول الهروب منها وكان حريا بها ان تستمع الى نصيحة حليفتها فرنسا وتحاول ان "تطوي صفحة الحرب والفشل في العراق".

لم يتبق للادارة الامريكية سوى الاستماع الى العراقيين أولاً ثم الى دول الجوار ثانيا وان تضع جدولا زمنيا للانسحاب الكامل وليس جزئيا. واستمرار الاحتلال سيدخل المنطقة بأسرها في دوامة عدم الاستقرار، ومن الحكمة ان يعمل الرئيس جورج بوش برأي الجنرال بترايوس الذي أوصى بسحب قوات من العراق، فانسحاب مبكر افضل له من هزيمة تزلزل ولاية حكمه وتدمغه بالفشل حتى في الانسحاب.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
* الليلة الايرانية والبارحة العراقية
خيري منصور
الدستور الاردن
ليس فقط ما نشرته محطة فوكس او صحيفة الصندي تايمز او حتى ما صرح به كوشنير هي القرائن الوحيدة لاحتمال نشوب حرب امريكية ضد ايران ، فالتصعيد الذي بدأ يندفع الى ذروته في الآونة الاخيرة ، بدأ يقترن مع العد التنازلي لما تبقى من الفترة الرئاسية لبوش ومن تبقوا على قيد الادارة والبنتاغون من طاقمه.
والسيناريو الاكثر رواجا حول هذه الحرب هو الجراحة العاجلة والدقيقة التي تشلّ الدفاعات الايرانية ، وهذا يذكرنا بما سمي «الترويع» في الحرب على العراق.
وبالطبع فان تداول سيناريوهات من هذا الطراز هو من صميم الحرب النفسية التي بدأت الميديا الامريكية تلعب فيها دور البطولة وان كان هناك كومبارس على امتداد القارات الخمس يردد الصدّى ،
وحين سمعنا بالامس ما قاله كوشنير وما تداولته الانباء عما ورد في الصندي تايمز ومحطة فوكس ، قفزت الى سطح الذاكرة وعلى الفور تلك السجالات التي دارت قبيل اسقاط بغداد ، فالليلة الايرانية تشبه البارحة العراقية الى حد بعيد ، لكن الاعراض الجانبية للجراحة العسكرية قد لا تكون هي ذاتها ، فايران تتحدث عن قوتها الردعية وتنذر الولايات المتحدة بنتائج وخيمة ، لكن شعوب هذه المنطقة التي اصابتها الدراما العراقية بـ «فوبيا» تندرج هي الاخرى في خانة الترويع فقدت الكثير من تفاؤلها خلال السنوات الاربع الماضية وساد لدى الناس اعتقاد بان الرئيس بوش لن يودع البيت الابيض كما ودعه سلفه كلنتون ، او حتى كما ودعه بوش الاب ،
واذا انهى بوش الابن فترته الرئاسية الثانية بحرب على ايران ، فان ما سمي الشرق الاوسط الكبير الذي بشرت به رايس لن يكون ذا تضاريس لينة ، وقابلة لاعادة التشكيل. فالانفجار الشامل يبقى احد الاحتمالات في منطقة تعج بالتناقضات وشبه الحروب الاهلية ، وقد يدفع الثمن حتى من لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب ،
لقد عبرت طهران عن غضب يتجاوز العتاب ازاء تصريحات كوشنير واعتبرت قصر الاليزيه ملحقا تابعا للبيت الابيض ، اما الارتياح الاسرائيلي الذي بلغ حد التصفيق الحار لتصريحات كوشنير وبالتالي لما يقال عن نوايا امريكية لشن حرب ضد ايران فهو تمهيد اولي لمشاركة اسرائيلية في هذه الحرب. فامريكا التي نابت عن تل ابيب في الحرب ضد العراق كان لديها ما تقوله حول ضمانات القروض ، اما الان فالمعادلة واضحة ومكشوفة خصوصا بعد الغارة الاسرائيلية على سورية والتي قيل مؤخرا انها ذات علاقة بتعاون نووي بين كوريا الشمالية ودمشق.
ولا ادري لماذا تذكرت اليوم قصيدة بالغة الطرافة للشاعر الفرنسي جاك بريفير وهي عن اسرة عن آل بوربون التي عانت من ضعف في الحساب ورياضيات السلطة فلم تتقن العد حتى العشرين والمقصود بذلك هو قيام الثورة الفرنسية عندما كان آخر ملوك العائلة يحمل الرقم التاسع عشر..
الرئيس بوش ليس ضعيفا في الحساب ، لان لديه حواسيب يقال بانها ذكية.. لكن فشل نظرية الواحد بالمئة يدفعنا الى الاعتقاد بان الرئيس لن يستطيع عد حروبه حتى الثلاثة .. فهو متورط في حرب لم تضع اوزارها بعد في العراق ، ومتورط في حرب داخل بلاده.. بعد ان اسقط اخر قناع ، واتضحت اسباب الحرب الحقيقية على العراق.
اخيرا ، ان المتوالية التي بدأها الرئيس بوش لا بد ان تفضي الى نهايتها الكارثية وسيكتب المؤرخون الامريكيون ذات يوم وبعد ان تذهب السكرة وتأتي الفكرة انه ما من رئيس للولايات المتحدة اعلن الحرب ضد شعبه وضد العالم باسره الا جورج بوش الابن، ،


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
هل مقتدى الصدر هو المهدي المنتظر ?سوق الخرافات العراقية الجديد!

داود البصري

السياسة الكويت


المضحكات المبكيات في الشارع العراقي اليوم اكثر من ان تعد وتحصى, والظواهر الطريفة المخلوطة بليالي وايام المأساة العراقية تأبى ان تتوقف عند حدود معينة, بل انها قد ترسخت وتجذرت وشهدت نموا عجيبا في ظل الفراغ السياسي والامني والفكري الهائل الذي لم تستطع ان تملأه كل الاحزاب والتجمعات الدينية والطائفية القائمة والتي فشلت فشلا ذريعا في انتزاع الشعب من خيبته الثقيلة بل العكس هوالصحيح تماما ? .
وحالة الفراغ السياسي والفكري المرعب السائد اليوم في الساحة العراقية قد هيأت مدخلا مناسبا لسيادة الكثير من الافكار والمفاهيم والقيم والتصورات الجامع الاكبر والقاسم المشترك الاعظم فيما بينها هي سيادة العقلية الخرافية المضحكة المستندة لاوهام الدوائر الدينية والطائفية المغلقة التي تعتمد في معيشتها وديمومتها على تعميق تلك الافكار ومحاولة ترسيخها في العقول نتيجة لحالة التيه الكبرى والاحباط الكبير وفقدان الامل لدى جموع الشعب البسيطة التي انتقلت خلال ثلاثة عقود من اواخر القرن العشرين وحتى فجر القرن الحادي والعشرين لمراحل تخلف ارتدادي مرعبة عمقتها سنوات الهيمنة الفاشية والحروب العدوانية وعسكرة المجتمع العراقي, وسيادة ثقافة القتل والسلب والنهب وترسيخ الكراهية ضد الاخر ومحاولة الغائه من الوجود!! واستمرارا ايضا لخلفيات تاريخية وحمولات وارث وراثي عريق من الكراهية والافكار المغالية المتطرفة التي وجدت لها في العراق منذ فجر التاريخ الاسلامي وحتى اليوم ارضا خصبة وتربة مناسبة حتى ليخيل للمراقب ان التاريخ قد توقف في العراق واصابه الشلل هناك في ظل خروج الرجعية الدينية والطائفية من جحورها وسراديبها المظلمة وتمددها تحت حراب القتل والفوضى لمساحات وافاق ما كانت لتحلم بها خلال العقود السابقة, والغريب في العراق ان بداية بروزه للمسرح الدولي بعد قرون طويلة من الهيمنة الاجنبية منذ سقوط بغداد تحت حوافر خيل المغول عام 1258 وقيام النظام الملكي الهاشمي قد اقترن بنهضة فكرية وفنية تقدمية مثيرة للاعجاب والامل والتامل ! تتناقض تماما مع حالته الراهنة بعد قرن تقريبا من الاستقلال ? فالحركات السياسية من يسارية وقومية وتقدمية وحركات اصلاح دينية انطلقت من العراق في العشرينيات, ورفع الغطاء عن المراة العراقية وخروجها لميادين العمل العامة كان العراق من اوائل الدول العربية فيه كما ان حركات التطور الفني والادبي وتلك الثورة الشعرية العربية في الادب العربي والشعر الحر كان شعراء العراق في طليعة من حمل لوائه من امثال المرحومين بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وبلند الحيدري, كما كان شاعر العرب الاكبر الراحل محمد مهدي الجواهري هو الجسر والرابطة التاريخية بين عصر المتنبي في القرن الرابع الهجري وبين العصور الحديثة, وكان معروف الرصافي بشعره الناقد وبافكاره الخاصة ظاهرة زمانه, كما كانت الحركة الفنية والتشكيلية في اوج انطلاقتها عبر الفنان الراحل جواد سليم والرحال وغيرهم من الفطاحل, وكان الغناء العراقي يعج باصوات رائعة شدت وغنت للعراق وللانسان والحياة والمستقبل وكانت الاصوات النسائية وقتها لم تعتبر ( عورة ) فظهرت عفيفة اسكندر واحلام وهبي وزهور حسين ووحيدة خليل ثم جاء عصر مائدة نزهت وامل خضير وانوار عبد الوهاب.. قبل ان تنكفيء المراة العراقية نحوسواد عباءتها ونحو( الشادور ) الايراني او نحو الحجاب المعاصر الذي لا يستر العورات الحقيقية ابدا بل اصبح يمثل قناع الزيف والنفاق وكل الممارسات السرية التي نعلم وتعلمون, اليوم وبعد عصر العولمة والغاء الحدود والحواجز وفي عز عصر الحرية المعلوماتية الشاملة والانفتاح بين الحضارات البشرية تسود في العراق افكار غريبة وتتبلور رؤى وافكار وتجمعات وظواهر مثيرة للغثيان والاسف, انها ظواهر الافلاس الفكري والدجل الديني والطائفي التي تذكرنا بما ساد من افكار لجماعات الغلاة في اواخر العصر الراشدي وفي العصور الاموية والعباسية وتلك الافكار تستحضر اليوم في العراق في تحدي فظيع لكل العقول ولكل العصور والتحولات, فمثلا قبل عامين فوجئت ب( مهندس ) عراقي مفترض وهويطرح علي تحليلا مضحكا يفسر سبب اقدام الولايات المتحدة على احتلال العراق ? ولما استمعت لتحليله اصابتني الدهشة عن نوعية الكفاءات الفكرية والعلمية التي انتجها نظام المشنوق صدام في اخريات ايامه قبل ان تهب عواصف المارينز في الشرق الاوسط وتطيح باوهام القرون ! فقد اكد لي ذلك المهندس وهو مؤمن بكل حرف يقوله بان ( الاميركان دخلوا العراق للبحث عن المهدي المنتظر وقتله), ثم اتبع ذلك التحليل العبقري بتحليل اخر لا يقل روعة يقول فيه لا فض فوه : من ان من فجر اضرحة الامامين العسكريين في سامراء عام 2005 هم الامريكان ذاتهم لانهم يريدون اخذ عينة من الحامض النووي للامام الحسن العسكري والد المهدي المفترض لكي يتعرفوا عليه في العراق ويعتقلونه, وهذا الرأي (العبقري) له انصار عديدون في الشارع العراقي المتورم باحاديث الخرافة وهلوسات الملاحم والفتن والتي هي في النهاية كل بضاعة الاحزاب الدينية والطائفية الفكرية, بعد ذلك تصادفت مع عراقيين اخرين في احد المجمعات التجارية وهم في حالة خلاف شديدة فيما اذا كانت كاميرات التلفزيون قادرة على التقاط صورة ( المهدي المنتظر ) في حال ظهوره!! والطريف انهم احتكموا الي, فاصدرت بدوري فتواي الخاصة التي قلت فيها بان المهدي لوظهر فستكون قناة (الجزيرة) هي السباقة لمقابلته!! وهولن يظهر في قناة ( العربية ), لاسباب معروفة, تصوروا هذه العقلية في هذا الزمن وفي شمال اوروبا ? فماذا نقول عمن يعيشون في داخل العراق تحت رايات الدجل واللطم والجهالة وترسيخ المواقع الطائفية والعشائرية من الذين لا زالوا يعيشون على ذكريات معارك ( الجمل ) و(صفين) و(النهروان) و(عين الوردة) ومن الذين يصدرون بيانات الشجب والاستنكار لصلح الامام الحسن مع معاوية بن ابي سفيان? ومن الذين يطالبون بمحاكمة واعدام ابوجعفر المنصور وهارون الرشيد والمامون لدورهم في قتل الائمة جعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي الرضا.

تيار ( اصحاب القضية )
في العراق اليوم تتصارع تيارات فكرية ومذهبية عديدة يمكن تصنيفها ضمن تيارات الغلاة التي حفلت بها روايات التاريخ الاسلامي كالسباية والكيسانية والناووسية والافطحية والراوندية... وغيرهم, ولعل تيار ( جند السماء ) الذي تعتبره الحكومة الراهنة عدوها الاكبر هو واحد من اولئك التيارات القادمة من مجاهل التاريخ السحيقة, اما التيار الذي يشهد تصاعدا شعبيا حاليا رغم ضحالة افكاره وطرافتها, فهوتيار يسمي اصحابه انفسهم بتيار ( اصحاب القضية) وهم باختصار شديد الذين يرون في المعتوه (مقتدى الصدر) قائد عصابة جيش المهدي بكونه ( المهدي المنتظر نفسه ويستشهدون بأدلة وشواهد طريفة ومضحكة ومنها انه اي مقتدى ( عقيم ) لا ينجب وبه خالة ( شامة ) في احدى مناطق جسده!! اضافة لاسباب وعوامل اخرى تجعلهم مؤمنين اشد الايمان بان المهدي المنتظر قد تجسد في مقتدى بدليل انه قد اسس (جيش المهدي) وهذا الجيش لا يؤسسه الا الامام المهدي ذاته, وهكذا نرى ان العقلية الخرافية في العراق قد اضحى لهاسوق رائج فدعوى هؤلاء هي امتداد لدعوى ( السباية ) الذين وجدوا في الامام علي بن ابي طالب ( كرم الله وجهه ) بانه الاله!! وقد احرق بنفسه جماعة منهم, ولا يختلفون عن ( الكيسانية ) الذين اعتبروا محمد بن الحنفية المهدي المنتظر ? ولا الناووسية الذين اعتبروا الامام جعفر الصادق هوالمهدي المنتظر وغيرهم العديد من الفرق المغالية في التاريخ الاسلامي ?... العراق اليوم تحت حكم احزاب الطائفية والخرافة يعيش بكل جدارة عصر الخرافة الزاهي ?... فمن يقشع هذه الغمة عن تلك الامة ?.. تلك هي القضية ! .

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
البغدادي إذ يقصف في كل الاتجاهات
ياسر الزعاترة
الدستور الاردن
في تسجيله الصوتي الأخير صبّ أبو عمر البغدادي ، أمير ما يعرف بدولة العراق الإسلامية جامّ غضبه على جبهة التوافق والإخوان والحزب الإسلامي في العراق ، بينما لم يوفر من أسماها بعض فصائل المقاومة التي "تلبس زوراً ثوب السلفية" ، وهذه المرة من دون أن يسميها ، وإن بدا واضحاً أنه يقصد مجموعات ما يعرف بجبهة الجهاد والإصلاح التي يتزعمها الجيش الإسلامي وجيش المجاهدين.
لعل أهم ما ورد في الشريط المذكور هو اعتراف صاحبه بالمخاطر التي يتعرض لها "مشروع الجهاد في بلاد الرافدين" ، بحسب تعبيره ، وهو اعتراف يؤكد شعور قادة القاعدة بالخطر الفعلي الذي يتهددهم في حال استمر المسار السياسي الراهن على حاله من حيث تكريس التناقض بين العشائر وبعض مجموعات المقاومة وبين دولة العراق الإسلامية. ربما ليس من الصواب الربط بين مشروع الجهاد في العراق وبين مصير الدولة المشار إليها ، لأن هذه الأخيرة مجرد مشروع سياسي لم يقنع أحداً باستثناء المجموعات الدائرة في فلك القاعدة ، ولم نسمع من أسامة بن لادن شيئاً فيما يخص المشروع ، فيما وجدنا الظواهري في رسائله الأخيرة يباركه مع قدر من التنبيه إلى ضرورة عدم الصدام مع الآخرين ، مع العلم أنه لم يؤيد الحرب على الشيعة ، بل طالب بكسب الجميع ، وبخاصة العشائر والمجموعات الأخرى في الوسط السني كما جاء في رسالته الشهيرة إلى الزرقاوي.
لعل أسوأ ما في كلام البغدادي هو الاتهام الواسع النطاق للإخوان ، ليس في العراق فحسب ، بل في أفغانستان أيضاً ، ما يعني أن "عقيدتهم" تستبطن الخنوع ، فضلاً عن المكر كما ورد صراحة في مواضع من التسجيل ، مع العلم أن ذلك هو طبع السياسة وتحولاتها ، بدليل أن المواقف السياسية التي يراها البغدادي متخاذلة ليست حكراً على الإخوان ، بل هي السمة الأعم للعمل السياسي الإسلامي ، ومثالها مواقف المجموعات السلفية التي أشار إليها في العراق ، ومواقف الجماعة الإسلامية المصرية الأخيرة ، ومعها الجهاد ، وكلاهما سلفيتان ، وقبل ذلك مواقف جماعات سلفية في أفغانستان من حركة طالبان ، فضلاً عن مواقف جماعات سلفية كثيرة (يراها الجهاديون مرجئة) ، وبخاصة في الخليج ، ولبعضها آراء مناهضة لفكرة الجهاد في العراق وفلسطين وأفغانستان.
في المقابل نرى مواقف عموم الإخوان المسلمين داعمة لخيار الجهاد في العراق ومتحفظة ، بل رافضة إلى حد كبير لخيارات الحزب الإسلامي ، لكن ذلك شيء والتأمين على سياسات القاعدة شيء آخر ، وهنا ينبغي للبغدادي أن يعترف بالكثير من الأخطاء التي وقعت ، وهي ليست أخطاءً عابرة وقع في مثلها الصحابة كما ذهب في كلامه.
دولة العراق الإسلامية ليست هي الخلافة التي لا يجوز لأحد رفض البيعة لأميرها ، وهي مشروع اجتهادي لم يلق الكثير من القبول ، بما في ذلك من هيئة علماء المسلمين في العراق التي بدا كلام البغدادي حيالها ودياً إلى حد ما ، وإن في سياق الإشارة إلى تحذيرها من مغبة الشقاق والنزاع بين المجاهدين ، فلطالما رفضت الهيئة استهداف الأبرياء غير المحاربين ، في ذات الوقت الذي رفضت فيه فرض القاعدة رأيها على الآخرين واستهدف رموز العمل السياسي أو بعض رموز العشائر.
من الأفضل لقادة دولة العراق الإسلامية أن يعيدوا النظر في منهجية عملهم إذا أرادوا تجنيب مشروع المقاومة مخاطر التفتيت ، من دون أن يعني ذلك التوقف عن إدانة من انقلبوا على تاريخهم وساروا في ركب الاحتلال ، بصرف النظر عن المبررات التي يقدمونها.
في ظل هذه المعمعة يبرز خطاب هيئة علماء المسلمين بوصفه الخطاب الذي يستوعب مخاطر المرحلة وتحدياتها بإصراره على مسار المقاومة وفق بوصلة راشدة لا إفراط فيها ولا تفريط


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
غيرة الوالي
سعد الاوسي
الشاهد المستقل العراق
اثناء تواجدي في دبي لافتتاح مكتبنا هناك وجهت دعوة لبعض افراد العائلة واطفالهم بهذه المناسبة وبكل تأكيد كان على رأس المدعوين غاليتي (حنتوري)! التي بسببها تحملت تكاليف (الجوق الموسيقي)! لاطفال العائلة الآخرين! و(حنتوري) البالغة من العمر ستة اعوام واسمها الحقيقي للذي لا يعرفها (زهرة) الا انني اطلقت عليها هذا اللقب لتعلقها بي وقربها مني حتى باتت لا تفارقني الا في حالة سفري خارج العراق! على اية حال بقي افراد العائلة واطفالهم هناك في دبي وغادرت انا الامارات.. الا ان اتصالاتي الهاتفية اليومية بـ(حنتوري) ظلت مستمرة ولا يكاد يمر يوم ولم يكن هناك اتصال الا ما ندر! واعرف الاخبار من خلالها عن الزيارات التي تقوم بها العائلة الى المراكز والاماكن الترفيهية هناك، وتتحدث لي عن الروعة والجمال فيها! وتنقل لي بالتفاصيل معاملة الاخرين لها! و(يا ويله من سواد ليله)! الذي لا ينفذ لها امرا! الا انني بدأت استغرب نبرة حديث هذه الطفلة معي وهي لم تدخل المدرسة بعد بالرغم من انها (تقرأ وتكتب)! نبرة حزن وشوق عميق! عندما بدأت تسألني.. (هل انك تحبني هواية)؟! فأجيبها (طبعا.. يا حبيبتي واكثر من روحي)! فتطلب مني ان اضغط على الاخرين من افراد العائلة من اجل ان يعودوا الى العراق! فأسألها عن سبب ذلك فتقول وببراءة الطفولة (آني احب العراق)! وفي آخر اتصال لي معها قالت ما نصه (والله ما بيه حيل)! ثم اكملت (اريد ارجع للعراق)! وما ان سمعت هذا الكلام من هذه الطفلة حتى اوصيت بعودة الجميع فورا بعد ان احسست ان هناك حزنا عميقا في نفسها وهي لا يتجاوز عمرها الست اعوام! وعلى فكرة فـ(حنتوري)! ترتدي ثلاثة قلادات ذهبية على شكل خارطة العراق اهديتها لها في اعياد ميلادها! وهي دائما ما تطلب ان نقيم لها عيد ميلاد كل شهرين! وتؤكد ان ارتداءها لخارطة العراق يعني انها (عراقية من العراق)!



غيرة حنتوري على النقيض من غيرة البعض من الوزراء والمسؤولين في (حكومتنه)! الذين لا يهمهم من العراق سوى المنصب الذي يجلب لهم الجاه والمال.. ودليل غيرتهم المتدنية تلك انهم لم يجلبوا عائلاتهم الى العراق الى هذا اليوم كما انهم لم يتنازلوا عن جنسياتهم الاجنبية والدليل الاهم انهم يغادروا العراق حالما تنتهي علاقتهم بالمنصب الرسمي وكأن لا رابطة لهم بهذا البلد سوى المال والمنصب وتفسير ذلك لا يحتاج الى جهد اذ انهم اكلوا لحم الخنزير طيلة وجودهم هناك ومعروف ان لحم هذا الكائن يقتل آخر ذرة من ذرات الغيرة الوطنية والاخلاقية، والامر الثاني انهم تعلموا وادمنوا على التسكع في فنادق الغرب بين احضان بائعات الهوى، ولم يكونوا يحلموا ذات يوم بأن يكونوا وزراء ومسؤولين في العراق الذي كان امنا يعم فيه السلام ويمتزج ابناء شعبه بجميع اطيافهم في صف واحد لا يعرفون التفرقة والنعرات الطائفية ولا (الشفافية)! ولا (ديمقراطية التهجير)! هذا العراق.. الوطن الذي كان يجمع شمل ابناءه بطيبته وخصاله وثرواته وماءه العذب وارضه الطاهرة.. دنسها البعض من النكرات و(الحثالات)! الذين دمروا البلاد وجاءوا بالويلات والمصائب والقتل والتهجير للعباد وثقافة التعذيب بـ(الدريلات)! وتقسيم المدن وتقطيعها ووضع الحواجز والموانع بينها في وقت ما يزال نزيف دم العراقيين يجري كالنهر كونهم لم يرتوو من دجلة والفرات لذا فانهم لا يمتلكون حتى الغيرة التي تمتلكها (حنتوري)!
Saadalawsi@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
أخرجوا الشيطان من العراق
د . فاضل البدراني
واع
قد يعتقد البعض بان الحراك السياسي بين العراقيين سيؤول ذات يوم الى نتيجة ايجابية وسوف تنتهي المشكلة وستقوم تلك القوى بأماطة اللثام عن ما جرى بين العراقيين وتنبلج شمس جديدة من شانها ان تشرق بالامان والاطمئنان على العراقيين . ان الشان العراقي لا يحتاج الى مزيد من التفكير والبحث عن الحل السحري ولا يمكن ان يطلق عليه بالوضع المعقد ، لان كل ما في ألآمر هو أن الشيطان موجود بيننا يأكل ويتناقش معنا ومتسيد على زعمائنا ويوجههم في اغلب الآحيان وفق ما تشتهي نفسه ولكنها بالطبع تبقى توجيهات شيطانية تدميرية كارثية ضد مصلحة البلد وأهله ، فاذن الحل عندنا ويتطلب فقط بقراءة سورة الفاتحة والتوكل على الله بحسن نية عراقية صادقة والتنازل عن الشيء المأمول اللاشرعي من حيث أزاحة الهم الشيطاني من الصدور . نحن نتكلم عن حلول ومصالحة وطنية وعن أجراء تعديل للدستور وضمان حقوق الانسان بكتابة فقرات دقيقة ذات مواصفات قانونية ذات ابعاد دولية تتسم بالشفافية وتأخذ من قوانين الدول الاخرى المزيد من المحاسن ، هكذا تعودت أذاننا أن تسمع مثل هذه الصيحات والمناداة وتقرأ عيوننا ما يقوله أصحاب ألشأن ،والحق يقال وفي حدود التجربة والمعايشة الميدانية نقول مجرد كلام فارغ عبارة عن بالونات فضفاضة من التصريحات الرنانة تتلقفها وسائل الآعلام ولكن لم نكن محضوضين بسياسيين يملكون الدقة في التصويب الكلامي والحنكة والحصافة في المواقف والسبب غياب النوايا الحسنة أولا وافتقار الساحة السياسية الى القادة والزعماء الحقيقيين ثانيا ، أنها الوصية التي قالها لي أحد الاساتذة ألأجلاء قبل 30 عاما عندما كنت صغير السن ولم أكن أفسر معنى المفهوم السياسي والساسة .. بأن بذرة النفاق أول ما تبدأ في الساحة السياسية وقد أتفق هذا الرجل بذلك من حيث لا يدري مع رئيس وزراء بريطانيا تشرتشل حين اطلق وصفه للسياسة قبل خمسة عقود من الان بعد ان شبعت شهيته وانتفخت رأته من كثر سنوات العمل في مزاولتها بانها تعني ( القذارة ) . لم نجد أحدا من سياسيينا وقادة أحزابنا قد وضع الدواء على الداء وتكلم بطريقة ترضي مشاعر الناس لتتلاقح دعوته مع دعوات أخرى من نظرائهم والتخفيف عمليا من هموم العراقيين بالتراضي والتصالح وهي الدعوة التي تخرج الشيطان من أرض العراق الطاهرة وألآ اذا لم يستطع هؤلاء السياسيون من قول الحق والاتصاف بالشجاعة فأنهم أما منافقون أو أنهم مستفيدون من وجود الشيطان الذي يغطي على جرائمهم وفسادهم وفساد غيرهم بخلط ألآوراق والعمل في اجواء الفوضى بمكر وتنكر للحقائق ، من هنا نتساءل هل تكلم احد من قادة الاحزاب العراقية التي تتجاوز بعددها المئات وهذه طبعا ألآحزاب الفاعلة لآننا أذا درجنا ألآحزاب ثانوية الادوار سوف نصل الى رقم مليوني ،.. بعقيدة سياسية حقيقية وتبنى فيها دعوة بخروج الاحتلال من بلادنا فالشيطان هو المحتل ، وطالما يتواجد على أرضنا الطيبة فلا تنتظروا خيرا لان من الصعوبة بمكان ان يقبل العاقل العيش بمجاراة الشيطان والتعاطي مع خبثه الذي لا ينتج سوى الخراب والدمار والفتن بين ابناء المجتمع الواحد . مشكلتنا تكمن في ان سياسيينا يطالبون ببقاء المحتل جاثم على صدورنا ويطلبون منا أن نتنفس بشكل طبيعي وعدونا المحتل أثقل من الجبل ومكائده ودهاء خبثه لا يعلى عليه بناء ، انهم يتكلمون بفلسفة زائفة تقول ان جيش الاحتلال هو جيش محرر لشعب العراق ولكن هل يستمر التحرير لخمس سنوات من القتل والدمار والفتن . السياسة بالعراق لم تعكس المفهوم الحقيقي لتعريف معنى السياسة ولا العاملين بها هم ساسة لان السياسي قائد جماهيري أو منظر عقائدي تعتمر صدره المباديء ويغذي بها العقول الاخرى ، أما المألوف عندنا من سياسة فهي قذارة أو طهارة يعتاش عليها الشيطان أو بالمعنى الآخر ( الاحتلال الرجيم ) . ووفق الوصف لدينا تجار صغار يحاولون التحدث بالسياسة ولكن نهجهم الحقيقي انهم تجار بضاعة لكسب المال لكنهم ومن الفراغ الذي أحدثه الشيطان أصبحوا يمارسون السياسة وبطريقة تسويقية غير مقبولة لانه كما يقول المثل العراقي ( أعط الخبز لخبازته ) أو في المعنى الدارج ( ضع الشخص المناسب في المكان المناسب ) . قريبا سيخسر تجار السياسة بالعراق مواقعهم وسوف يعلنون أفلاسهم في سوق المال السياسي لانهم خسروا قبل ذلك المجتمع ، بمعنى أخر خسروا الحاضنة الجماهيرية او الاجتماعية ولعل في هذا المجال نؤكد صدق وصف أستاذنا للسياسي بالمنافق وصدق وصف تشرتشل للسياسة ب ( القذارة ) ولكن نستأذن من جانبنا حتى لا تعمم الفكرة ونظلم الاخرين من القادة والزعماء في كل مكان وزمان بهذا الحكم لنقول ليس كل سياسي منافق ولا جميع السياسات قذارات ، فهناك من الدول التي يقودها زعماء ومناضلون شجعان من السياسيين ساروا بشعوبهم نحو التحرر والاستقلال وبر الامان وكثيرا من السياسات بالعالم هي أدارات ناجحة وحكم عظيمة تصلح نماذج أنسانية في الرقي والتقدم لمجتمعات ودول أخرى ،فالسياسة قبل كل شيء كما يعرفها المختصون بانها فن الممكن أو فن أدارة المجتمع . قد يكون سياسيو العراق اليوم أخذتهم الغفلة من وضعهم وتشتتهم ما بين العمل بالتجارة الاعتيادية ( مبدأ الربح والخسارة ) أو بالتجارة السياسية الخاسرة من بدايتها وتناسوا أن لكل حزب من أحزابهم ديباجة أول ما تركز على حقوق الانسان والاستقلال والكرامة بعدها أمانة وقيمة عليا بالحياة ألانسانية . من هنا ننصحهم بقراءتها بتمعن وبضمير حي من اجل تقرير مصيرهم ما بين ترك السياسة التجارية أو ألاعتراف بالخطيئة أمام الناس لآن المنهج السياسي لنالسون ما نديلا صعب عليهم ان يسلكوه لان الرجل هو من كتب منهجه النضالي بيده بينما جماعتنا السياسيين نقلوه من وريقات لآحزاب أخرى أو كلفوا سماسرة بكتابته ولكنهم لم يطلعوا عليه . فقط نلخص مطلبنا أخرجوا الشيطان ولا تكونوا تجارا
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
هل وصلت ذراع البنتاغون إلى صحيفة القدس العربي ؟
د ثائر الدوري
دورية العراق

الفرق بين الصحيفة الامريكية و الصحيفة العربية: الاولى تنشر دعاية البنتاغون مجانا، والعربية تنشرها مقابل المال.

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 أنشأ البنتاغون برعاية وزير الدفاع السابق رامسفيلد مكتبا أسماه "مكتب التأثير الاستراتيجي". أطلقت الصحافة عليه فيما بعد اسم "مكتب التضليل الإعلامي" ، لأن مهمته الحقيقية هي ممارسة التضليل الإعلامي على الصحافة و وكالات الأنباء عبر تزويدها بطرق مباشرة ،أو غير مباشرة ، بأخبار يختلط فيها الحقيقي بالمزيف،الصادق بالكاذب،و ذلك خدمة لاستراتيجيات البنتاغون و أهداف الإدارة الأمريكية السياسية و العسكرية .

ظل عمل هذا المكتب سريا حتى كشفت عنه النيويورك تايمز قبل حوالي عامين ، فاضطرت الإدارة الأمريكية لإغلاقه حفاظاً على مصداقية البنتاغون . تبين من خلال القليل الذي رشح عن عمل هذا المكتب أنه لم يكن يزود المعلومات للصحافة و وكالات الأنباء مباشرة إنما عبر طرف ثالث لتبدو عالية المصداقية و حيادية. و قد عرفنا بعضاً من طريقة عمله عند افتضاح ما سمي "فضيحة رشوة الصحافة العراقية " من قبل قوات الاحتلال التي انفجرت عام 2005م ، فشركة "لنكون غروب" ، و هي شركة علاقات عامة أصحابها من قدامى المحاربين ، حصلت على مقاولة من "وحدة المهام الخاصة بالعمليات المعلوماتية" في "قوات التحالف" ، لتشرف هذه الشركة على عملية تحرير المقالات ، ثم يتم ترجمتها عبر مقاول عراقي ، ثم إلى مقاول آخر مهمته حمل هذه المقالات أو القصص إلى الصحيفة المتفق معها مسبقا مع كمية من الدولارات لنشر المقال في الصحيفة كإعلان مدفوع الأجر ، لكن دون الإشارة إلى ذلك على صفحات الجريدة ، و بعد وضع اسم ما حقيقي أو موهوم لكاتب القصة . و من هذه الصحف تنقل صحف أخرى المقالات أو القصص. و بالطبع تحمل هذه المقالات أجندة المحتلين عبر إشاعة أجواء ايجابية عن واقع العراق تحت الاحتلال، و رسم صورة إنسانية لجندي الاحتلال، و حرف النظر عن مواضيع أساسية لصالح مواضيع ثانوية ، أو عبر تبني رواية الاحتلال لما يجري في العراق على أنه حرب أهلية بين السنة و الشيعة ، و أن مهمة الاحتلال تتلخص بالتوفيق بين الطرفين و منع نشوب النزاع بينهما ( و يا بخت من وفق راسين بالحلال كما يقول أخوتنا في مصر ). أما لماذا لا ينشر البنتاغون هذه القصص مباشرة عبر مكتبه الإعلامي ؟ فذلك لسبب واضح فهو يريد أن يعطيها طابع الحيادية عبر ظهورها كمقالات مهنية عادية ، و بأقلام صحفية محايدة ، و في وسائل إعلام محايدة.

لقد لفت نظرنا تكرار نشر قصص تحمل بصمات "مكتب التضليل الإعلامي" في صحيفة القدس العربي . و كي لا يحتج أحد بأنه قد تم حل هذا المكتب نقول أن رامسفلد قال عند إعلانه حل هذا المكتب "أنه برغم أن المكتب مغلق فسوف يستمر البنتاجون في محاولة نشر رسالته من الخارج " ، و على ما يبدو أن رسالته قد تسربت بوسيلة ما إلى صحيفة محترمة رصينة ذات خط وطني كالقدس العربي .

نبدأ بالمقالة الأولى التي نشرت في الصحيفة يوم 15/ 8 تحت عنوان:

"جنود أمريكيون يرعون رضيعة عراقية عثر عليها وسط القمامة ".

إن هذا العنوان يختصر إيديولوجيا تحضير الشعوب البرية المتوحشة التي اجتاح الغربيون تحت شعارها العالم . ثم نقرأ أن مصدر الخبر " بغداد ـ من روس كولفين " . من هو هذا الصحفي ؟ مع أي وكالة أنباء يعمل ؟ في أي جريدة غربية ينشر ؟ من الذي قام بالترجمة ؟ كل هذه أسئلة لا إجابات عليها . ثم في تفاصيل الخبر نقرأ " فقدت الرضيعة فاطمة الجبوري التي أتمت للتو شهرها التاسع أباها ( لم يذكر كاتب الخبر كيف فقدته ) ،ثم قتل مسلحون أمها وعمها ( يوحي استخدام كلمة مسلحين أن المقاومة هي من قام بالقتل ) وتركت وحيدة بدون رعاية في كومة من القمامة في بغداد .ثم اكتشفتها الشرطة العراقية بين أكوام القمامة و يبدو من سياق القصة أنها سلمتها للقوات الأمريكية لتظهر في المشفى العسكري الأمريكي في المنطقة الخضراء . و نتابع التفاصيل مع كاتب القصة ، فيقول :

" أنقذت الطفلة البريئة من حقول القتل في العراق ونجاتها رغم كل الظروف جعلتها نجمة إعلامية في مستشفي عسكري أمريكي في المنطقة الخضراء في بغداد. وقال اللفتنانت بيت بروكلي القائم بأعمال مسؤول العلاقات العامة بالمستشفي إنها رضيعة.. إنها السعادة في مكان سيئ ."

يذخر الأدب الكولونيالي بأمثال هذه المواقف و التعابير ، التي تتعاطف مع الأطفال الأبرياء ، أبناء المتوحشين سكان الأرض الأصليين ، الذين يحاول الغربي المتحضر إنقاذهم من همجية أهلهم ، وإخراجهم من البربرية ، و تعليمهم التحضر قبل أن يكبروا و يلتحقوا بأهلهم القتلة المتخلفين البرابرة....الخ . يتابع كاتب القصة:

"وفي الفترات التي تتخلل نوم فاطمة يرتب العاملون في مستشفي الدعم القتالي الثامن والعشرين المواعيد لمصوري شبكات التلفزيون الأمريكية والأجنبية لزيارة الرضيعة التي يتكفلون بها أملا في أن تنقذها قصتها من مستقبل غامض والأطفال علي وجه الخصوص هم الأكثر تعرضا للمخاطر بسبب العنف الطائفي في العراق الذي أودي بحياة عشرات الآلاف وأدي إلى تشريد الملايين، كما أشار تقرير لمنظمة (أوكسفام) البريطانية الخيرية إلى أن 28 في المئة علي الأقل من الأطفال العراقيين يعانون من سوء التغذية. وفاطمة هي محط الاهتمام الآن ويحيط بها الممرضات والزائرون الآخرون في عنبرها. ولكن الجنود الأمريكيين سيعودون قريبا ولا أحد في المستشفي يعرف متي تحديدا لأخذها إلى ملجأ للأيتام حيث تنضم لخمسة من أقاربها"

لا حظ الاستغلال الإعلامي الرخيص لقصة الطفلة. ثم عزو مشكلة أطفال العراق إلى العنف الطائفي و ليس للاحتلال ، الذي يتلخص عمله في إنقاذ الأطفال من الموت في المزابل حسب القصة السابقة ! و بعد ذلك نقرأ تفاصيل عن وزن الطفلة عند العثور عليها ، و كيفية العثور عليها و كيفية إحضارها للمشفى ، و عن محاولة الجيش الأمريكي العثور على عائلتها الكبيرة ، أو تبنيها من قبل عائلة أخرى لكن القوانين العراقية تمنع التبني ( متخلفون ) ، كما يذكر كاتب القصة لنصل إلى الفقرة الختامية من الموضوع ، فيقول :

" وقال الأخصائي ديزموند كاشيوتي عندما جاءت إلي هنا كانت خائفة وفزعة. والآن فإنها تضحك طول الوقت. صنعنا لها علاقة من ملاءة، نضعها فيها ونحملها بينما نرعى المرضي وننجز الأعمال الكتابية .
وتنام في غرفة ملحقة بقسم الممرضات كي يتمكن من السهر عليها. وسريرها الصغير في زاوية بالغرفة وسط أرفف امتلأت بملابس أطفال ومستلزمات طبية تم التبرع بها. ووجود فاطمة في المستشفي عامل الهاء يحظي بترحيب للعاملين الذين ما زالوا يحاولون التغلب علي مقتل الكابتن ماريا أورتيز رئيسة الممرضات التي لقيت حتفها في هجوم بقذائف المورتر في العاشر من تموز (يوليو) الماضي لتصبح أول ممرضة في الجيش تلقي حتفها في القتال منذ حرب فيتنام."

ألم تصبح الآن في جهوزية نفسية لتدين هؤلاء "القتلة" ، الذين قتلوا بقذائف المورتر رئيسة التمريض الكابتن ماريا أورتيز ، لأنهم سببوا حزناً لهؤلاء الملائكة الذين يرعون هذه الطفلة ؟ ألم تنس أن الممرضة القتيلة تعمل في مشفى عسكري تابع لجيش محتل غاز في حالة حرب ؟

أما القصة الثانية فقد نشرتها صحيفة القدس العربي على شكل خبر صحفي تحت عنوان :

" شيخ بني تميم في أبو غريب يتحدى المليشيات الشيعية و يعقد صلحاً مع السنة بواسطة نقيب أمريكي "

و الخبر هنا بدون مصدر . و في تفاصيل الخبر نقرأ ما يلي :

" أكد الشيخ (محسن علي كاظم التميمي) إنه بينما كان في طريقه الى بيته مؤخراً، اختطف من قبل رجال ضربوه وهدّدوه بالقتل بسبب تعاونه مع قوات الاحتلال الأمريكي.
وعلى الرغم من أن الشيخ التميمي (وهو شيعي) قد أطلق سراحه إلا انه كشف أن المختطفين كانوا من الميليشيات الشيعية التي أرادت منعه من الدخول في أي حركة ناشئة في الأحياء السنية.
ويوم الخميس الماضي أعلن (الشيخ محسن) تحديه لهذه التهديدات في منطقته المحاطة بالأعشاب والأدغال بالقرب من القناة التي تسقي الحقول الزراعية. وقال إنه هناك وسيشارك في تأسيس نقاط تفتيش تقام في المنطقة يقوم علي الحراسة فيها رجال من السنة والشيعة.
يقول الشيخ التميمي: نريد أن ننسي الماضي. نحن لا نستطيع أن نبني العراق إذا لم نكن جمعاً واحدا"

لا حظ كيف أن الخبر يقول في البداية .أن الشيخ ضرب و هدد بالقتل بسبب تعاونه مع قوات الاحتلال الأمريكي . ثم قفز كاتب الخبر إلى موضوع السنة و الشيعة. و لا تنسوا أن تتوقفوا عند عبارة نريد أن ننسى الماضي لأنها عبارة أثيرة على قلوب الأمريكان كأمة تكره الماضي ، الذي يعني التاريخ ، لأنها أمة بلا تاريخ. و يتابع محرر الخبر المجهول:

"ونقلا عن صحيفة (ستارز اند سترايبز) الأمريكية فإنّ جنود الكتيبة الثانية يعملون منذ اقل من ثلاثة اشهر مع عدد قليل من سكان المنطقة لإقامة نقاط تفتيش مشتركة لحماية السكان.

ويقول النقيب جون ولسون (33 سنة): هذه المهمة أخذت منا وقتاً طويلاً للعمل كوسطاء بين السكان الشيعة والسنة للحصول على موافقتهم بإقامة نقاط مشتركة. ويضيف: كان علينا تمييز الشيوخ العقلاء وجمعهم ليتحادثوا مباشرة. وأضاف انه كان معجباً بشجاعة (الشيخ محسن) والآخرين من سكان المنطقة الذين اظهروا الرغبة في تفضيل سلام المنطقة واستقرارها علي المصالح الطائفية.

وقال (نيلسون) موجها كلامه الى(الشيخ محسن): سأعمل كل ما بوسعي للتأكيد علي نجاح هذا العمل والتأكد من عدم حدوث شيء ضدها.

وقبل أسبوعين، اكتملت واحدة من ثلاث نقاط تفتيش خطط لنصبها في منطقة أبو غريب. وبالتوافق مع هذا النجاح الأخير ضمن قاعدة تحقيق المصالحة(من الأسفل الى الأعلى أي من قواعد الشعب والعشائر وصولا الى القوىالسياسية) لم تهاجم نقطة التفتيش، طبقاً لما يقوله مسؤولون عسكريون ومواطنون من سكان المنطقة.
وبدأت نقطة التفتيش أعمالها يوم الخميس الماضي بالقرب من قرية شيعية واقعة بين مناطق يهيمن عليها السنة. وفي ماض ليس ببعيد جداً كانت الحقول المعزولة تشكل غطاء ممتازاً لمناوشات طائفية طبقاً لما يقوله الجنود الأمريكان. ويعتقد أيضا أنها كانت موقعاً لعدد من الكمائن وملاذات لاختفاء عدد من أبناء العشائر السنية المحليين. ويوم الخميس اقسم عدد كبير من أبناء الطائفتين في المنطقة بغض النظر عن انتماءاتهم بالمحافظة علي سلام المنطقة ووعدوا بإنجاح هذا المشروع المشترك.

وقال (حسن جبار) الشخصية السنية البارزة في المنطقة، والذي كان عقيداً في جيش الرئيس السابق صدام حسين: إن هذا العمل يعد انجازاً عظيماً في المنطقة. ما كانت تسعي الحكومة الى تحقيقه في أربع سنوات حققناه في شهر واحد تقريباً . "

هذه القصة تعد قصة بسيطة بالنسبة للقصة السابقة ، فهي تركز على ترسيخ الرواية الأمريكية لما يجري في العراق على أنه قصة حرب أهلية بين السنة و الشيعة ، و أن الجيش الأمريكي يقوم بعقد المصالحة بين الطرفين كي لا يقتلا بعضهما بعضاً ! و بالطبع يجب نشر أجواء ايجابية عن نجاحات الأمريكان ، مثل إقامة نقاط التفتيش و عدم مهاجمتها ، و انتشار الأمن في المنطقة ،و نقل آراء السكان الراضية المرضية !

و على نفس المنوال وجدت قصة أخرى في موقع آخر لا علاقة له بصحيفة القدس العربي تغزل على نفس المغزل السابق . تروي القصة الثالثة قصة المواطن العراقي الذي أنقذ حياة أربعة جنود أمريكيين و في تفاصيل الخبر" أنقذ مواطن عراقي حياة أربعة جنود أمريكيين وثمانية عراقيين بوقوفه في طريق منفذ هجوم انتحاري.وأفاد بيان للجيش الأمريكي بأن المواطن العراقي قتل في الانفجار عندما سارع باعتراض منفذ الهجوم الذي كان يريد تفجير نفسه وسط مجموعة من الجنود الأمريكيين أثناء اجتماع مع أعضاء في قوة دفاع مدنية عراقية في مدينة العراقية جنوب العاصمة بغداد يوم السبت الماضي. ونقل البيان عن أحد الجنود قوله: (لو لم يعترضه (الانتحاري) لكانت العاقبة شديدة السوء"

و هذا الخبر منقول مباشرة عن بيان للجيش الأمريكي ، لكنه يتصدر تفاصيل أحداث يومية مأساوية عن الوضع العراقي ، مثل مقتل شقيق عقيد قائد شرطة نجدة ديالى ، و مقتل مدنيين في بغداد و كركوك و في النهاية و بعد أن تتعب من القراءة يأتيك خبر آخر ، فيتابع محرر الخبر "أعلن الجيش الأمريكي الاثنين توجيه الاتهام إلى جندي أمريكي في سلاح مشاة البحرية الأمريكية (مارينز) في إطار التحقيق حول سجناء الحرب العراقيين الذين قتلوا في الفلوجة في 2004م. وأعلن سلاح المارينز في قاعدة كمب بندلتون في كاليفورنيا (غرب) انه تم توجيه الاتهام إلى السرجنت جيرمين نلسون الخميس.

ويأتي توجيه هذا الاتهام بعد مثول جندي آخر هو جوزيه نازاريو، سرجنت سابق، أمام المحكمة في قضية مقتل أسيري حرب غير مسلحين في الفلوجة. وعلى صعيد متصل فقد افتتحت محاكمة الكولونيل ستيفن جوردان الضابط الأمريكي الوحيد الملاحق في قضية فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب العراقي الاثنين أمام محكمة عسكرية في قاعدة فورت ميد في ولاية ميريلاند (شرق) بعد إسقاط حوالي نصف التهم الموجهة إليه .

و هكذا فالعراقي الجيد يفدي الأمريكي بدمه لذا فهو خبر رئيسي ، أما الأمريكي السيء فإن حكومته تحاسبه ، لأن الجيش الأمريكي جمعية خيرية لخدمة العراقيين الذين يفدوننا بدمائهم .و لا تسأل أيهما أهم قصة العميل الذي أنقذ جنود الإحتلال ، أم جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الأمريكي في الفلوجة و أبو غريب ؟ فطريقة صياغة الخبر تجزم أن قصة العملاء هي الأهم لذلك وردت أولاً و كخبر رئيسي ، أما جرائم الحرب فهي أحداث ثانوية لا قيمة لها لذلك ركنت أسفل الخبر ، و ربما لن يطلع عليها أحد لأن أغلب القراء يقرؤون عنوان الخبر و نصفه الأول فقط .

ما الفرق بين الجريدة الوطنية و الجريدة غير الوطنية المأمركة . الجواب نجده عند لؤي البلداوي، رئيس تحرير صحيفة "المؤتمر" التابعة لجماعة أحمد الجلبي، ففي تعليق له على فضيحة رشوة الصحافة العراقية "أبدى استغرابه من دفع مبلغ 50 دولاراً لصحيفته عن نشر مقال دعائي بعنوان "العراقيون يصرون على العيش رغم الإرهاب"، وأكّد أن صحيفته موالية لأميركا، و"أي شئ يدعم أميركا ننشره"مجاناً.

هذا هو الفرق بين الصحيفة غير الوطنية و الصحيفة الوطنية . غير الوطنية الأمريكية تنشر قصص كالسابقة مجاناً ، أما الوطنية فتنشره مقابل الفلوس !
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
التيار الصدري..هنيئاً لكم

عبد السلام الخالدي
براثا
تهنئة حارة من الأعماق أزفها لكل من يشاطرني فرحتي بالقرار الجريء الذي أقدمت على إتخاذه الكتلة الصدرية بإنسحابها من الإئتلاف العراقي الموحد، حيث زالت كل أسباب العراقيل لمسيرة العملية السياسية والديمقراطية بسبب أنصاف السياسيين بل لمن لاتمت لهم السياسة بأية صلة، فلايتجاوز طول الواحد منهم (شبر ونص) ويضع نفسه أمام العمالقة من الذين رهنوا حياتهم لخدمة الوطن، أستطيع القول الآن بأن الإئتلاف قد تحرر من سطوة المنفذين لأجندات خارجية تحاول النيل من سير العملية السياسية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أجزم بأن الأيام القليلة القادمة ستشهد تحسناً ملحوظاً حيث زالت الغمة عن الإئتلاف وقبله الحكومة من المعيق الأساسي. القرار إتخذ بحنكة سياسية مدروسة حيث سيشهد الإسبوع القادم تقديم التقرير النهائي لأحداث الزيارة الشعبانية التي شهدتها مدينة كربلاء المقدسة مؤخراً والمسبب الرئيس معروف لدى الجميع ولم يعد خافياً ونحن بإنتظار اللعبة الجديدة حيث سيخرج بها علينا (أبو شبر ونص) على شاشات الفضائيات ليوضح لنا أن سبب إتهامهم بالأحداث هو خروجهم من الإئتلاف وهذه لن تمر على الحكومة ولا على المتتبع ولا حتى على أهالي كربلاء الذين يعرفون كل صغيرة وكبيرة.

كما وأهنيء التيار الصدري على تحالفاته الجديدة مع البعثيين والإرهابيين وهذا يعد تجاوزاً على سياستهم المرسومة وخطهم المعتدل وستشهد الأيام القليلة القادمة إنقلابات فيما بينهم وتفككات سيما والجميع يعلم أنهم لايمتلكون خطاً واحداً ولا رؤية مشتركة واحدة.

سادتي الأفاضل القرار المتخذ لم يكن مدروساً بكل جوانبه، حاولوا ضرب الحكومة بهذا القرار بل على العكس ضربوا أنفسهم وأعطوا دفعة معنوية قوية للحكومة كي تتخذ قراراتها بدون ضغوطات، والآن إنسحبت الكتلة التي أوصلت السيد المالكي لكرسي الحكم حسب إدعاءاتهم، فلنرى هل ستسقط حكومة السيد المالكي من دونهم؟ هذا دليل آخر على كذبهم وإفتراءهم على الشعب فكلنا يعلم من أوصل السيد المالكي لمنصبه الحالي.

أخيراً قراركم خذل قائدكم الأصلي وهو في قبره (السيد الشهيد السعيد محمد صادق الصدر) الذي قارع النظام الدكتاتوري ورسم لكم الطريق الذي خرجتم عنه وتجاوزتم على دماء شهداء خطكم المجاهد وقمتم بدفن مارسموه لكم معهم، فطوبى لكم بهذا القرار الشجاع ومبارك لكم علاوي والمطلك والدليمي والعليان وغيرهم من البعثيين والإرهابيين الذين كانوا من أشد أعداءكم منذ زمن ليس بالبعيد، وسنرى ماتخبئه الأيام القادمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
مازق العراق السياسي
افتتاحية
الراية قطر
مما لاشك فيه أن العراق يعيش في مأزق سياسي حاد مقترن بوضع أمني غير مستقر وأن هذا الوضع اذا لم يتم تداركه سريعا سيقود إلي تفتيت العراق كدولة موحدة وان هذا الوضع لا تنفع معه النداءات والرجاءات التي تصدر من بعض النافذين بالحكومة وانما باجراء شامل يعيد النظر في كل برامج حكومة المالكي وتحالفاتها الراهنة والتي ثبت انها هشة وانها ستقود البلاد إلي كارثة.

فليس من المعقول ان يتمسك الشركاء بحكومة انسحب منها حتي الآن 15 وزيرا وأكثر من أربع كتل حزبية رئيسية آخرها الكتلة الصدرية، فان الأمر يتطلب مراجعة عاجلة للخروج من هذا النفق الذي قاد العراق إلي منزلق خطير ستكون عواقبه عاجلا خاصة وان أسباب خروج جميع الكتل من الحكومة معروفة ومعلومة للجميع وهي تتعلق بتخلي الحكومة عن برنامجها الوطني وتحولها لصالح برامج خاصة بكتل بعينها.

إن الأيام المقبلة كما أكد العديد من المسؤولين الحزبيين ستشهد المزيد من الانشقاقات عن حكومة المالكي والتي ستتحول إلي تحالف شيعي كردي فقط بسبب رفضها التعامل مع مطالب الكتل المنسحبة وهي مطالب وجيهة وتمثل رأي غالب أهل العراق وان السكوت عليها غير مقبول ولذلك ليس امام المالكي وتحالفه الا الاستجابة إليها أو التخلي عن السلطة خاصة وان المنسحبين يتجهون لتكوين تحالف انقاذ العراق لسحب الثقة من حكومة المالكي.

لقد فشلت الحكومة العراقية في التعامل الجاد مع الأزمات التي تولدت بسبب الاحتلال وبسبب ممارسات نافذين موالين للحكم حتي ان الادارة الأمريكية نفسها اعترفت ان حكومة المالكي فشلت في تحقيق 11 هدفاً من جملة 18 هدفاً وان الفشل الواضح تمثل في خروج أكثر من أربع كتل سياسية رئيسية من الحكومة وادانتها لتوجهاتها.

ان محاولات المالكي التمسك بالحكم رغم الهزات التي تعرضت لها حكومته تنطوي علي خطورة شديدة للعراق باعتبار ان الظرف العراقي الحالي لا يتحمل أية هزة وانه يتطلب ان يكون للجميع جهد مشترك وان الواقع الحالي يؤكد ان الحكومة هشة ولا تستطيع مواجهة استحقاقات المرحلة بشهادة العراقيين والامريكان.

مما لا شك فيه ان المالكي يدرك ان حل الأزمة الراهنة لا ينبع من واشنطن والتي سافر إليها للقاء الرئيس جورج بوش وانما ينبع من ارادة عراقية وطنية ظلت مفقودة حتي الآن وان المالكي وشركاءه مطالبون بالعودة إلي الارادة الوطنية واشراك الجميع في الحل عبر مؤتمر مصالحة وطنية ترعاها الأمم المتحدة التي بادرت من نفسها وأعلنت مسبقا رغبتها في رعاية مثل هذه المؤتمرات.

ان التجاوب مع المطالب التي ادت لخروج شركاء الامس من الحكومة ليس أمراً مستحيلاً اذا ما وضع النافذون في الائتلاف العراقي الموحد، العراق الوطن نصب اعينهم وتعاملوا بجدية مع الآخرين الذين خرجوا لاسباب معلومة تهم العراق كوطن، فليس من المعقول ان تتدهور الاوضاع السياسية وتصل إلي حافة الانهيار والمالكي يتمسك بالحكم كأن الأمر لم يكن خاصة وانه يدرك ان الامن العراقي لن يستقر الا باستقرار الوضع السياسي وهذا مفقود حتي الآن وهو امر غير مقبول وليس له مايبرره.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
تشظي الهوية العراقية
: زهير المخ
الراية قطر
..التشكيلة الحكومية العراقية الحالية هجينة إلي حد يجعلها تستعصي علي التعريف. هل يمكن اختزال سمة كل مكوّن منها بالمحددات الإثنية أو الطائفية أو الاثنين معاً؟ هل يمكن قصر دينامياتها علي انتهازية مباشرة تتعلق بتوفير مستلزمات الغلبة في الصراع علي السلطة؟ هل يمكن اعتبار أن تركيبة التحالف الحكومي بين المكونين الشيعي والكردي تعبّر عن صيغ أو طبعات لما يمكن أن يكون عليه عراق الغد، أم أن محركاتهما تقع في مكان آخر؟ هل التوصل إلي توافق، ولو نسبي، علي مثل هذه الصيغة مهمة مطروحة موضوعياً علي جدول الأعمال؟ وهل القراءة الطوائفية والإثنية للتركيبة الحكومية كافية بذاتها لاستشراف الآتي من الأيام؟

هذه الأسئلة باتت أكثر إلحاحاً، وهي، علي كل حال، مادة النقاش الموضوعي القابل للارتقاء عن سوية الردح السياسي السائد، بدليل اكتفاء كل فريق عراقي باجترار مواقفه والعجز عن إنتاج أي إدراك مشترك للحظة السياسية، يسمح بتلمس مخارج من المأزق الحكومي الراهن.

ثمة مستوي أول من المقاربة يري في تحالف التكتل الشيعي مع المكون الكردي مؤشراً إلي الحراك السياسي والاجتماعي الذي أفرزته البيئة العراقية، التي تشكلت رويداً علي إيقاع الأحداث العنيفة في غضون السنين القليلة الماضية.

وفي ضوء هذه القراءة، ثمة من يعتقد أن الائتلاف الشيعي ليس مجرد امتداد طبيعي للتطور اللاحق بأحوال الطائفة الشيعية في العراق، فهذه الأخيرة كتلة اجتماعية تغيرت شروط حضورها تماماً في الساحة العراقية، ليس من الناحية الديمغرافية التي تضعها في مقدمة الطوائف الأخري الكبيرة داخل خريطة الفسيفساء العراقية، بل خصوصاً قوة الحضور في مجال السياسة، وتحديداً بالسلطة، ينهي تقليداً متوارثاً من القطيعة معها والاعتكاف عنها0

في هذا المضمار، تجدر الإشارة إلي أن أول وعي للذات الشيعية كان مع انبثاق حزب الدعوة الذي يبدو للوهلة الأولي أكثر انسجاماً مع ملامح التركيبة الطوائفية العراقية من المجلس الإسلامي الأعلي بقيادة عبد العزيز الحكيم، وهو ما يفترض أن يكون رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أكثر قدرة علي تحقيق إدراج الطائفة التي يمثل داخل بنيته، ويفترض استطراداً تنافساً علي أحقية التمثيل كان حاضراً حقاً وبطريقة عنيفة أحياناً، إلا أن توتراته تبدو اليوم مستوعبة وموجهة نحو أهداف أخري. وما يتضح اليوم من تكامل بين التشكيلين حل محل التنافس، فليس مؤقتاً أو ظرفياً، بل هو علي الأرجح حقيقي وإن لم يمنع صراعات خفية ممكنة.

ويبدو أن التكامل أعلاه يعبر، بصورة أو بأخري، عن طبيعة لحظة الولادة الشيعية هذه، المتعددة الوجوه والمعنية في الوقت عينه بمهام متشعبة وكأنها غابت طويلاً من جدول الأعمال ثم حضرت دفعة واحدة، وهي مهام تتراوح بين احتلال مواقع وظيفية في جهاز الدولة الحديث، لم تكن متاحة للشيعة، وبين ما هو فعل ثوري يحاول أن يغيّر ملامح هذه المواقع إن لم يسع إلي إعادة تعريفها0 هذا علي الأقل ما يمكن تلمسه عيانياً في تجربة مقتدي الصدر الخارج من رحم المؤسسة الدينية الشيعية ليؤسس جيش المهدي ليس كميليشيا للتيار الصدري فقط، بل كتجاوز له أيضاً، وهو التيار الواقف أصلاً في منتصف الطريق بين ممارسة تجنح نحو محاكاة الزعامات الشيعية التقليدية وبين غوغائية تتجسد في شعارات إيديولوجية مغلفة بخطاب عام يخبئ خلفه لغة تقتل الواقع قبل أن تعيه، وتفصّله علي عقيدة ثابتة في يقينها، بريئة من كل حيرة والتباس ومتربعة علي عرش الحقيقة المطلقة. لكن الافتراق بين خيارات الأفرقاء الشيعة هو الآخر أبعد وأعمق من اللحظة السياسية الراهنة، بل أنه يضرب جذوره عميقاً في تاريخ المرجعيات الشيعية الذي لم يكن، حتي يومنا هذا، سوي تاريخ تنافس علي مواقع النفوذ، مما يشير إلي حقيقة أن حدة التنافس لا يمكن أن تغيب عن المسرح الشيعي فجأة لكي يصبح الانصهار علي أنغام وحدة الموقف داخل الائتلاف الشيعي ممكناً وسريعاً.

وليس المجال هنا لاستعادة سجالات بدايات القرن الماضي، ولا لاستذكار الانقسامات العديدة بين الزعامات الشيعية المتنافسة، غير أنه من المفيد التذكير بأن هذه الصراعات كانت مرتبطة بشكل وثيق بالسجال السياسي المهيمن في تلك المرحلة، الذي كان يعبّر عن نفس ثوري رافض للمشاركة في القرار السياسي، إلا أن شيئاً مغايراً بدأ يتمظهر في البيئة الشيعية علي أنه القضية المركزية، أي عدم تكرار الخطأ التاريخي إبان ثورة العشرين، ويتمظهر كذلك في السعي إلي انتزاع اعتراف كامل النتائج بالتغير الحاصل في التوازن الداخلي، وفي طليعته تثبيت المكانة التقريرية للشيعة في ما يخص شؤون البلاد وشجونها. ويضاف بالطبع إلي خطوط هذه اللوحة ما يخص معطيات أخري، بما فيها الحضور العسكري الأمريكي المباشر، والصراع الإيراني - الأمريكي علي مواقع النفوذ في العراق، وقبل هذه وتلك، بقاء معظم نقاط البرنامج الحكومي غير منجزة، لا المصالحة الوطنية ولا المسألة الأمنية ولا إقرار قانون النفط ولا مسألة حل الميليشيات.

وما يقال له الأغلبية البرلمانية والتركيبة الرباعية الحاكمة فهي تمزج بين ادعاء شرعية مؤسساتية وبين التحرك وفق ديناميات مضادة لهذه الشرعية . وربما بهذا المعني، فهذه التركيبة تختطف مؤسسات الدولة رغم أنها عاجزة عن تحمل كلفة هذا الاختطاف أو علي الأقل تحميله وصفة للتسوية السياسية.

في مقابل هذا المشهد، تمثل جبهة التوافق وعياً سنياً بالذات والتغيرات الطارئة علي دور أهل السنة وموقعهم في تركيبة الحكم الجديدة، يعبّر عن إدراك المكون السني لحدود ما هو مسلّم له. بيد أن شيئاً ما شرع علي ما يبدو يتبلور في البيئة السنية، وما صوت شيوخ عشائر الأنبار، علي ضعفه، سوي مؤشر علي أصوات قد تزداد ارتفاعاً في تأييد الانخراط في العملية السياسية، بعيداً عن شعارات الحرد السياسي وباقي التعويذة الرائجة في بعض مناطق المثلث السني .

ولطالما أن البيئة الطائفية ما زالت تشكّل أوعية اجتماعية للإمساك بالقرار السياسي في البلاد ولطالما ليس هناك أي أفق لصيغة عابرة لهذه البيئة، فلتكن إذن هدنة باب تشكّل الوطنية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
استراتيجية أميركا الخفيّة في العراق ..!
د. محمد ناجي عمايرة
الوطن عمان

هناك عدة اتجاهات تسلكها الادارة الاميركية للخروج من ورطتها في المستنقع العراقي، كلها تكمل بعضها بعضا.
فعلى الرغم من الحديث عن (انجازات) والتبشير (بانتصارات) بين فترة واخرى، تواجه الادارة الاميركية الواقع المرير الذي تعيشه قوات الاحتلال في العراق باستراتيجية يمكن رصدها، مع انها تكاد تغيب عن (المعلن) لتبقى مرنة ومفتوحة على سائر الاحتمالات.
وفي الوقت الذي تحدث فيه بوش عن تخفيض عديد القوات الاميركية بحوالي 30 الف جندي حتى (يوليو) من العام القادم، تتوالي الضغوط الداخلية والخارجية عليه لسحب قواته نهائيا او على الاقل لتقليص عديدها، واعادة انتشارها، وابقائها خارج المدن، لوقف النزيف اليومي والخسائر الفادحة التي منيت بها في الاشهر الاخيرة.
ومع وجود العديد من الميليشيات والتنظيمات العسكرية التي تحارب قوات الاحتلال، او تقف الى جانبها، او تخدم مصالح جهات اخرى، مثل ايران، والحركة الصهيونية، فان الادارة الاميركية تحاول ان تستفيد من الوضع الحالي بتحريك العشائر العراقية خصوصا في مناطق غرب العراق والأنبار على وجه التحديد، ضد تنظيم القاعدة الذي لا يتوقف عن تنفيذ هجمات بالسيارات المفخخة والاجساد المفخخة في جميع الاتجاهات، فتارة باتجاه رموز ومواقع شيعية، وتارة اخرى على مصالح ورموز سنية، وبين فترة واخرى على مواقع عسكرية اميركية.
ويبدو ان ادارة بوش وسلطة الاحتلال قد نجحت في استقطاب بعض زعماء عشائر الانبار الى جانبها، بعد ان قدمت القاعدة نفسها الغطاء لمثل هذا الاستقطاب (ولا نقول التحالف) بهجماتها العشوائية وعداوتها المفرطة للجميع دون استثناء الامر الذي جعل مصلحة اهالي الأنبار في مواجهة هذا التنظيم الارهابي ودحره، تلتقي بذلك مع مصلحة قوات الاحتلال.
وهنا تتقابل (الصحوة الاسلامية) التي تدعي القاعدة أنها تمثلها مع (صحوة الأنبار) التي تستهدف التخلص من سيطرة القاعدة ونفوذها ومخاطرها على الناس بجميع فئاتهم.
وباغتيال الشيخ عبدالستار أبو ريشة، وإعلان القاعدة مسؤوليتها عن ذلك بدعوى انه من (أكبر خنازير الصليبيين) تبدو الحرب الجديدة التي نجحت الولايات المتحدة بادارة بوش في اشعالها بين قوى داخلية عراقية، لتخلو لها الساحة من بعد، وتصبح مهمتها في السيطرة الكاملة على العراق اسهل، ويفتح لها المجال لتحقيق اهدافها في اقامة دولة تابعة لها، في العراق.
وبقدر ما تنجح هذه الاستراتيجية مع (القاعدة) اولا فإنها ستكون مرشحة تالية للمواجهة مع القوى والميليشيات العسكرية الموالية لايران ومع النفوذ الايراني المباشر في العراق عبر القوى السياسية الشيعية المشاركة في العملية السياسية المتعثرة والتي تشكل حكومة المالكي نموذجها الاكثر تعثرا وفشلاً.
فأميركا بوش تطالب المالكي بحل الميليشيات، في حين توجد هي ميليشيات جديدة، ويبدو ان ما يجوز لها لا يجوز لغيرها. مع اعتراضنا الدائم على وجود هذه الميليشيات وادراكنا العميق لمخاطرها على الوضع العراقي، وخصوصا الأمن والاستقرار المفقودين اللذين يسعى اليهما كل عراقي شريف دون ان يعني ذلك التوقف عن مقاومة الاحتلال واتباعه.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ضياع استراتيجية بوش في كومة التكتيكات
نواف ابو الهيجا
الدستور الاردن
ما اعلن عنه الرئيس الامريكي بشأن قراراته حول العراق ، وبالتحديد ما سمي بالاستراتيجية الجديدة ، القاضية بخفض نحو ثلاثين الفا من قواته في العراق بحدود الصيف القادم ، ليست خطوة ( ضمن استراتيجيته ) الكونية المبنية اساسا على احتلال العراق كخطوة اولى ليكون القرن الحادي والعشرون امريكيا بالتمام والكمال .الرئيس الامريكي لم يخرج رأسه من الرمال ، بل ربما عمقه اكثر في الداخل ، متحدثا عن ( هزة ) قادمة تخرج ربما جزءا من ( ذيل القوات الامريكية الغاطسة في المستنقع العراقي ).والطريف ان الرئيس الامريكي حاول ارضاء غلاة المحافظين الجدد في ادارته بالحديث عن ( وجود عسكري امريكي قوي ولمدة طويلة ) في وادي الرافدين .
الواضح ان مناقشات الكونغرس للتقريرين العسكري والسياسي للقادة العسكريين والسياسيين الامريكيين في العراق المحتل هو المقدمة لاعلان قرارات الرئيس التي اطلق عليها تعبير ( الاستراتيجية الجديدة ) في العراق . قبل تسعة اشهر ايضا ، حين قرر الرئيس زيادة عديد قواته في العراق قيل انها (استراتيجية ) الرئيس القائمة على المزيد من القوة . والواضح ان الحالتين ليستا سوى خطوتين تكتيكيتين لانقاذ ما يمكن انقاذه من استراتيجية باءت بالفشل الذريع في اولى خطواتها بفضل المقاومة العراقية الباسلة بالدرجة الاساس . الخلط بين التكتيك والاستراتيجية متعمد هذه المرة . وهو ليس نتاج ضعف في فهم الكلمتين ومدلول كل منهما . بل الحقيقة ان الادارة الامريكية المحافظة تواجه الفشل في الاتجاهات جميعها بما يخص سياساتها في المنطقة العربية . حتى دعوة الرئيس الامريكي لمؤتمر دولي لـ ( السلام ) في المنطقة ، ليست سوى عملية يراد منها انقاذ ما يمكن انقاذه من السياسة الامريكية المتهاوية في المنطقة كلها . وضمن ذلك تواجه ادارة بوش بشن حرب جديدة في المنطقة بكثير من الرفض ، من اهل المنطقة ، ومن غير اهل المنطقة على السواء ، وحتى في الداخل الامريكي المثخن بجراح ما يجري في العراق منذ اربع سنوات ونصف .
التكتيكات تتغلب لدى ادارة الرئيس الامريكي على الستراتيجية ، وتغرقها بدلا من انقاذها . والديمقراطيون الذين اراد الرئيس احراجهم بما اعلنه بشأن خفض قواته التدريجي في العراق خلال تسعة اشهر لم يحرجوا ، بل بالعكس وجدوا ان الرئيس يتجنب الحقيقة ويلف ويدور من حولها ، انها نتاج المكابرة الرافضة للاقرار بهزيمة استراتيجية كبرى تعادل هزيمة الولايات المتحدة الامريكية في فييتنام .
والفارق اليوم يكمن فقط في اعلان الرئيس بوش عزمه على بقاء عسكري طويل الامد وقوي في العراق . كيف له ان يضمن هذه الرغبة او الخطوة المفترضة ؟ ماذا لو ارغمت القوات الامريكية المحتلة على الانسحاب ( هروبا ) مما هو ابشع وافظع ؟وماذا ان انقلب السحر على الساحر وفاز الديمقراطيون في انتخابات الرئاسة وقرروا فورا الغاء تكتيكات بوش وبالتالي استراتيجيته التي تسببت في شيوع الكراهية لسياسة الولايات المتحدة في العالمين العربي والاسلامي خصوصا ، وفي القارات جميعها عموما ؟ خطاب الرئيس بوش وقراراته سبقت اغتيال زعيم ( صحوة الانبار ) بساعات لاتتعدى الاربع والعشرين ، وكانت كلماته قوية جدا تتسم بنوع من الرضا عما يجري في الانبار ، فكانت النتيجة انه اثبت انه ليس هناك أي ( ثابت ) في الوضع في العراق ، وان كل شيئ يمكن ان ينقلب بين عشية وضحاها .هذا لايعني بالتحديد شماتة بما جرى بل تقرير امر واقع . فاذا كنا ندين (القاعدة ) واعمالها ضد الانسان العراقي ، فاننا نؤكد ان المقاومة العراقية ليست هي ( القاعدة ) بل ان القاعدة هي الاستثناء ، والمقاومة الباسلة هي الثابت الوحيد القائم في العراق المحتل . الامريكيون مرغمون على ابتلاع كل خطوات الرئيس بوش التكتيكية وخلطة التكتيك بالاستراتيج ، الى نهاية عام 2008 حيث سيكون لهم رئيس جديد ، ربما حاول بنجاح انقاذ ماء الوجه الامريكي الذي اريق كثيرا جدا في ظل سياسة الرئيس بوش العمياء الا عن استخدام القوة الغاشمة .
nawafabulhaija@yahoo.com



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
الاستقرار بعد ستة عشر عاما؟ (2ـ2)
عاطف عبد الجواد
الوطن عمان


منذ انشأ البريطانيون العراق بعد الحرب العالمية الأولى على انقاض الامبراطورية العثمانية اخفق العراقيون، رغم حضارة تمتد الى فجر التاريخ، في التغلب على خلافات طائفية وعرقية. هذه الخلافات اشار اليها تقرير رابطة الأمم قبل اثنين وثمانين عاما. رابطة الأمم ماتت وحلت محلها الأمم المتحدة. الامبراطورية العثمانية ماتت وحلت محلها دول عديدة، ولكن الخلافات العراقية لا تزال حية حتى اليوم. ومن الدول الأخرى التي انبثقت عن سقوط الامبراطورية العثمانية مجموعة دول البلقان، اي يوغوسلافيا السابقة. وزير خارجية السويد كارل بلت يحب الإشارة الى ما حدث في البلقان وما يحدث في العراق.
كل من العراق ويوغوسلافيا السابقة قام على جسر يصل اعراقا واديانا وطوائف متعددة. فسيفساء متناثرة جمعت تحت علم قومي واحد. كلاهما اظهر ميولا نحو تدمير ذاتي في غياب دكتاتور مستبد قام بحل الخلافات والانقسامات باستخدام القوة والبطش. الحرية فكرة مضحكة. انظر الى الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا السابقة ثم العراق اليوم. عندما تتوفر للناس تحت حكم دكتاتوري الفرصة في الحرية نجد ان اولويتهم ليست تصور ديموقراطية ليبرالية، بل ان اولويتهم هي ان يتحرر كل منهم من الآخر. وفي كل حالة نجد ان عوامل الانقسام العرقي والديني هي التي تحل محل الوحدة او التكامل داخل دولة متداعية. وفي العراق بطبيعة الحال لم يخطر على بال احد من مخططي استراتيجية الحرب في حكومة الرئيس بوش ان يفكر في هذه العوامل. الشيعة والسنة والأكراد والتركمان والأشوريون والكلدانيون كلهم يريدون اليوم ان يتحرر كل منهم عن الآخر. فالحرية لم تكن حرية العراق بل هي حرية العراقيين من العراقيين. وفي ظل الامبراطورية العثمانية كان المسلمون متسامحين بقدر كبير ازاء الفسيفساء العرقية والدينية في يوغوسلافيا وقبرص والشرق الأوسط. وفي العراق المخرج الوحيد للعراقيين هو عدم خروج الأميركيين الا في المدى البعيد. لأن وجود الأميركيين هو العامل الوحيد الذي يعوق حركة العراقيين نحو التحرر كل منهم من الآخر. وهذا التحرر يعني بالطبع قتل احدهم الآخر. وما يزيد من سوء حركة التحرر هذه ان دول الجوار تدعم الطوائف المختلفة في العراق لكي تتحرر عن الأخرى وتهيمن على الأخرى.
انهيار يوغوسلافيا شهد اربع سنوات من الحرب، ثم حرب اخرى في كوسوفو بعد اربع سنوات من الحرب الأصلية. كيف حل الهدوء في المنطقة؟ ضغوط اقليمية قوية ووعد بعضوية في الاتحاد الأوروبي ثم وجود عسكري اميركي ودولي مكثف هو الذي حقق الهدوء. ولكن استقلال كوسوفو عن صربيا لا يزال يشكل مصدرا متفجرا للتوترات. في البلقان اليوم استقرار هش نشأ بعد ستة عشر عاما من انفجار سلسلة الحروب في عام 1991. وفي البوسنة اليوم نموذج ربما كان هو الأقرب لما يمكن ان يتحقق في العراق. حكومة قومية على شكل ورقة التوت تتبوأ فيدرالية توفر حكما ذاتيا للمتقاتلين. واذا تمكن العراقيون بمساعدة اميركية من الاسترشاد بالنموذج في البوسنة سيكون لدينا في بغداد استقرار هش بعد ستة عشر عاما من تاريخ سقوط صدام حسين. اي في عام 2019 وهو ذكرى مرور اكثر قليلا من قرن على سقوط الامبراطورية العثمانية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
أمريكا في العراق والمراهنة علي الجنرال وقت
عبدالوهاب بدرخان
الراية قطر
يستحق النظام الأمريكي كل الاعجاب لأنه استطاع انتاج واعادة انتاج منظومة الدجل إياها في تبرير أسباب البقاء في العراق، كما في تسويغ ضرورة غزو العراق واحتلاله، فعل ذلك علي مرأي من الأمريكيين، وأمام العالم، تحت الكاميرات وفي بث مباشر كاد ينافس المسلسلات الرمضانية لولا أنه لم يستبقها بيومين قبل بدء الشهر الفضيل. ومرد الاعجاب الي هذه القدرة الهائلة علي التلاعب بالحقائق وتطويعها لياً وطياً، ومن ثم استخراج حقيقة واحدة هي التي تمثل فعلاً السياسة المتبعة وسيصار إلي الاستمرار بتطبيقها كأنها لم تصادف أي فشل ولم تتسبب بأي كوارث.

ما الذي حصل عمليا؟ استطاعت الادارة الأمريكية أن توهم الداخل والخارج بأن شهادة الجنرال ديفيد بيترايوس والسفير رايان كروكر موعد مفصلي حاسم يتقرر في ضوئها امكان الانسحاب أو اللاانسحاب من العراق، وبالفعل تمكن الرئيس جورج بوش، استناداً إلي توصيات جنراله، أن يعلن عزمه علي خفض القوات منتصف السنة المقبلة، والنتيجة الأولي لهذه الشهادة سحب مسألة الانسحاب من التداول، إذ أن خفض عدد القوات هو غير الانسحاب، وفي الأساس لم يكن الانسحاب وارداً، فحتي الضغوط التي يمارسها ديمقراطيو الكونجرس لم تكن واضحة فيما تعنيه بمطالبتها بالانسحاب، إنها ترمي إلي احراج بوش والحزب الجمهوري للاعتراف بالهزيمة وحمل وزرها التاريخي، لذلك يشكل مصطلح خفض القوات صيغة مرادفة لاعلان النجاح، ومع ذلك يبقي هذا الخفض مشروطاً بأن يبدي الوضع الأمني استقراراً مؤكداً وثابتاً.

كما بيترايوس عسكرياً، كذلك كروكر سياسياً، عرض هذا وذاك ما استطاعاه في ادارة دولة لا يختلف اثنان في العالم علي أنها فاشلة. بل انهما عبرا بوضوح عن أن أسباب الفشل تتخطاهما، فهما غير راضيين علي أداء القوي الأمنية والسياسية والعراقية، وغير راضيين عن مواقف دول الجوار، أما الشيء الوحيد الذي يحظي باقتناعهما فهو ما يسميانه الاستراتيجية الأمريكية التي قالا انها في صدد أن تنجح، بل ستتحقق، لكنها تحتاج إلي مزيد من الوقت، وعلي رغم أنهما يساويان أو يماهيان بين نجاحنا ونجاح العراقيين، إلا أنهما ناقدان غاضبان لفشل العراقيين، لذا فهما ينأيان بقوات الاحتلال عن هذا الفشل، فالأمريكيون مسؤولون فقط عن النجاحات، وكل ما عداها هو مسؤولية الآخرين.

لم يبخل هؤلاء العراقيون بالاطراء للثنائي بيترايوس- كروكر، فهو تحدث بلسانهم، حتي أنهم استبقوا الجنرال والسفير بالاستفاضة في شرح الانجازات وتأكيد تحسن الوضع الأمني، لكن استطلاعاً أمريكياً أجري في العراق أظهر أن ذاك التحسن غير ملموس لدي الناس، ولم يكن هناك داع لأي استطلاع لمعرفة أن التحسن الأمني المزعوم لم ينعكس تحسناً للوضع الحكومي، وليس متوقعاً أن ينعكس قريباً عليه، إذا، لم يتغير شيء، فالأطراف التي تجد عناصر مشجعة لامتداح مسيرة النظام العراقي الجديد هي نفسها، وهي تفعل ذلك منذ بدء الاحتلال وستواصل المديح لأن لها مصلحة في الاحتلال: الأمريكيون لديهم مصالح وأهداف بعضها تحقق وبعضها ينتظر، الأكراد مرتاحون إلي التشرذم الحالي لأنه خارج دويلتهم ويتيح لهم تعزيز استقلاليتهم علي حساب الدولة وبمعزل عنها، والشيعة الذين استغلوا الفوضي وساهموا في تأجيجها لتحقيق سيطرتهم علي النظام الجديد ولاحكام قبضتهم علي اقليمهم الموسع ولتمرير التنظيف والتطهير العرقيين لمناطقهم، وهو ما بات في حكم المنجز في بغداد ومعظم مدن الجنوب.كان لابد من ايجاد مصلحة ما للسنة من وجود الأمريكيين واحتلالهم. وها هي تتمثل في ضرورة مواجهة القاعدة وطردها من المناطق السنية.

وبدلا من الاعتماد علي الجيش الجديد الذي اتفقت التقارير الأمريكية علي لونه الواحد وانحيازه لفئة ضد فئة أو علي الشرطة الجديدة التي تؤكد التقارير ذاتها انخراط أفرادها في الميليشيات الشيعية والعمل في خدمتها، كان لابد من اللجوء إلي الممكن أي إلي العشائر لتسليحها والتعويل عليها، مما يزيد البلبلة في صفوف السنة، ويزجهم متفرقين أو مجتمعين في ثلاثة حروب علي الأقل، ضد القاعدة وضد الاحتلال وضد الميليشيات، ومن دون أن تكون لهم كلمة فاعلة لا في الحكومة ولا في البرلمان. إذ لم يعد سرا أن حكومة الوحدة الوطنية ، كما سميت، استندت إلي التحالف الشيعي- الكردي لتعطيل كل ما اتفق عليه من اجراءات أمنية وسياسية وتشريعية لتعزيز مشاركة السنة في العملية السياسية ، وبالتالي للتمهيد ل مصالحة وطنية ، تلك المصالحة التي قدم نوري المالكي نفسه كرائد لها وصاحب مبادرات في سبيلها ثم تبين أنه أبرز أبطال احباطها.

المصالحة التي يسعي إليها الحكم الحالي لا تطمح لأن تكون وطنية ، لسبب بسيط هو أن العراقيين ليسوا راهناً في صدد صنع وطن وإنما يريدون ترسيخ كيانات مذهبية وعرقية استطاعوا ارساء أسسها بواسطة دعم أعمي من قوة احتلال لا يهمها سوي تقليل الازعاجات لجنودها ولأهدافها. المصالحة التي يسمح بها الواقع هي تلك التي تقوم علي موازين القوي التي تبلورت بفعل حرب أهلية محققة.

وطالما أن السنة لا يعترفون بالمعادلة التي نشأت من جراء الغزو والاحتلال، فإنهم مرشحون للبقاء علي هامش الحكومة والحكم، وبالتالي علي هامش المخاض الذي يصنع النظام الجديد. في تجارب الشعوب قلما استعيدت الأوضاع الاجتماعية نفسها في أي موقع يشهد تطهيراً عرقيا أو ما شابه ذلك، ويصعب أن تستعاد اللُحمة الوطنية إذا كانت فئة ما تخضع هذا الوطن لهيمنتها وللثأر التاريخي الذي تنفذه بالعنف والدموية والتهجير.

ولا تبدو قوة الاحتلال عابئة بهذا الجرح الخطير الذي ساهمت في تعميقه، ولا هي قريبة من إدراك أنها خربت البلد الذي تدعي أنها جاءت لإنهاضه وجعله الديمقراطية الأولي في المنطقة العربية.

ركزت شهادة بيترايوس- كروكر، في عرضها لأسباب الإخفاق، علي تدخل إيران وسوريا. طبعاً ينسي الأمريكيون أنهم فعلوا كل ما يلزم لاستدراج هذا التدخل، منذ اتخذوا وضعية التحفز لاستهداف هذين البلدين انطلاقاً من العراق.

فالاحتلال جعل من البلد فضاء سائباً وفريسة لعبث ابنائه وجشعهم السلطوي، بمقدار ما جعله ساحة للجيران يردون عبرها علي التهديدات لأرضهم وأنظمتهم. لكنها الاستراتيجية الأمريكية تستوجب كل المحظورات، تستخرجها من مكامنها وتستخدمها من أجل تحقيق غاياتها.

ولذلك غدا النفوذ الإيراني، مثلاً، سبباً ومبرراً للبقاء في العراق من دون أي أفق واضح للخروج منه. هذه رغبة إدارة بوش وارادتها، وهذه خلاصة ما ذهب إليه بيترايوس- كروكر، أي ضرورة البقاء في انتظار نجاح الاستراتيجية مهما تطلب ذلك من وقت، والوقت يعني المزيد من التكاليف. أما الخروج فيعني الهزيمة والفشل، كما يعني سيطرة إيران.

علي رغم أن أحداً لم يقتنع بأن الجنرال والسفير قدما جديداً يمكن أن يغير الرأي العام الأمريكي جذرياً، إلا أن السيناريو الذي لعباه قد يمكن بوش وإدارته من شراء بعض الوقت. فمسألة حتمية النجاح مرفقة بوعد بخفض عدد القوات بدت وصفة جيدة، بدليل أن شعبية بوش تحركت صعوداً ولو قليلاً من القعر الذي هبطت إليه منذ أكثر من عام. هذه بشري لأنصار الحرب المعدودين، وأكثر من بشري للمتسلطين علي الحكم العراقي، لأنها ستترجم لدي الأكراد والشيعة بأن استراتيجيتهما هما وحدهما اللتان تعملان علي نحو جيد.

لكن لماذا المزيد من الوقت ومن أجل ماذا؟ وفقاً لما بين سطور التحليل الذي قدمه السفير كروكر، يمكن التأكد بأن تقسيم العراق ماضٍ بجد ونشاط، أمنياً وسياسياً واجتماعياً- ديموغرافياً بالاضافة إلي الموارد والثروات.

وما يحصل استناداً إلي معطيات الانجاز العظيم في الأنبار، لابد أن يندرج في مساعي اقناع السنة بجدوي التقسيم، باعتبار أن لا داعي لأي جهد من أجل اقناع الأكراد والشيعة. فالخيار بات مقصوراً علي التمييز بين منافع التقسيم وكوارث الاستمرار في حروب التطهير والتهجير، وما يمكن كسبه اليوم طوعاً من التقسيم قد لا يكون متاحاً غداً متي أصبح التقسيم أمراً واقعاً. ومن ميزات التقسيم أن يتيح لسلطة الاحتلال سيطرة أكثر هدوءاً وتركيزاً بل أكثر فاعلية.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
أبو ريشة.. بين موقف ومجازفة
أيمن عبوشي
الراية قطر
الموقف الذي أدي بالشيخ عبدالستار أبوريشة للموت قتلا، يؤكد أن المبادرة في العراق مرفوضة في أي اتجاه كانت، وذلك بمعزل عن إصبع الإدانة الذي من الممكن أن نسلطه علي الجهة المسؤولة عن قتل أبو ريشة، إن كان تنظيم القاعدة - الهدف الرئيس لمبادرة أبو ريشة أو الاحتلال الامريكي المستفيد من انفراط مسبحة التحالف المحدود بين قبائل الجنوب والوسط، أو حتي حكومة نوري المالكي التي يقول البعض انها ترتهن بأوامر خارجية ليس من مصلحتها استتباب الأمن في العراق.

وقبل أن نشتت القضية في السؤال عن الجاني، نستطيع تلمس العبرة من أن العراق يحتاج الي موقف أو مبادرة، لها ما لها وعليها ما عليها.. صحيح أن عبدالستار أبوريشة دخل في تحالف مع الاحتلال للقضاء علي فلول القاعدة في منطقة الأنبار، إلا أنه حقق هدفا أسمي يحسب له، ان كانت القاعدة بالفعل تقف وراء عمليات النهب والقتل، والتصفية علي الهوية في الطرق السريعة النافذة الي الأنبار.

فالمواطن العراقي سرعان ما سيختار الأمن والاستقرار، علي حساب جرائم من يحسبون علي المقاومة.

وقبل أن تدوي القذيفة في معسكر أمريكي، نراها تنفجر عشر مرات أكثر في وجه العراقيين. في السوق والشارع، والجامعة والمنزل.

يحتاج العراق الي وقفة وطنية تعيد حساب الأرقام، لأن الأمريكيين أنفسهم تنصلوا من المسؤولية الشعاراتية التي رفعوها في بداية الغزو.. الديمقراطية وحياة أفضل .. وكل ما يعيشه العراقيون اليوم يمجد مركزية الأمس، ويجعل منها ذلك الزمن الجميل..!

وحتي يتنبه العراقيون الي الحل، عليهم أن يبادروا اليه، حتي لو كان ذلك سباحة عرضية ضد التيار، فالوطنية بما تحمله من مضامين تقفز فوق التباينات الطائفية سوف تسحب البساط من تحت المشروع الاستعماري في العراق، ومحاولات دس الأنف الخارجية من قبل أعداء الأمس، والمنتفعين والسلطويين، والطامحين في استمرار الفوضي لإعلان الانفصال في لحظة ضائعة من الدهر.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
العراق والولايات المتحدة: هل يمكن انقاذ هذا الزواج؟
ويليام أركين
واشنطن بوست

في شهادته أمام الكونجرس خلال الأسبوع الماضي، كان قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس يبدو وكأنه يبحث فيما بين الأرقام عن أي دليل على إحراز تقدم في العراق. لكنه لم يكن يفعل ذلك لأسباب سياسية لمصلحة الإدارة الأمريكية. كما أنه ليس متورطا في عملية خداع كبيرة. فهذا رجل يريد النجاح، لنفسه أولا ولأن هذه الحرب أصبحت حربا شخصية بالنسبة له.
لكن الوضع في العراق في هذه المرحلة بالذات يبدو وكأنه زواج مضطرب. فهل يمكن إنقاذ هذا الزواج؟ أنا شخصيا أعتقد أن الإجابة بالنفي، فلا يمكن إنقاذ الزواج الأمريكي العراقي حاليا. وشعرت من خلال حديثي الى الجنرال بترايوس ومستشاريه وأصدقائه أن هذا الرجل يتمتع بما يكفي من الذكاء الذي يجعله يدرك ذلك تماما.
لقد تعرضت هذه العلاقة الى أضرار كبيرة بالفعل. لكن ربما يمكن، على المدى الطويل- (وتجدر الإشارة هنا الى أن الجيش عندما يقول على المدى الطويل فهو يتحدث عن عشرة أعوام أو أكثر)-، وببذل المزيد من الجهود وبذرف المزيد من الدموع، أن نضع هذا الزواج على أرض صلبة مرة أخرى. لكننا بحاجة الى شريك صادق، لكن لا الكونجرس ولا الشعب الأمريكي يتحليان بهذا القدر من الصبر.
إذا كانت هناك إجابة واحدة أعجبتني من بين تلك الردود التي أدلي بها الجنرال بترايوس خلال جلسة الاستماع الطويلة التي عقدها الكونجرس على مدى يومين، فكانت رده على سؤال من السيناتور جون وارنر عندما سأله «إذا واصلت الولايات المتحدة عملية زيادة القوات والحرب في العراق لمدة ستة أشهر أخرى، فهل هذا يجعل الولايات المتحدة أكثر أمنا؟
كانت إجابة بترايوس كما يلي: «يا سيدي أنا حقا لا أعرف.»
«ليس هناك إجابة سهلة، هذه من العبارات التي كررها الجنرال بترايوس مرات عديدة خلال يومي الاستجواب وجلسة الاستماع. لم يكن بترايوس مشجعا، ولم يستشهد بالإنجيل ولا بالدستور ولا بأحداث الحادي عشر من سبتمبر لكي يدفع أي شخص لكي يوافق على المسار الذي يسير فيه. إنه يريد أن يخفف كلماته لكي يتجنب الوقوع في مواقف حزبية.
قال بترايوس بصراحة شديدة لمستجوبيه، أنا لا أستطيع أن أتنبأ بأي قدر من الوضوح أو الثقة بما هو أبعد من ذلك. إن هذا تقييم مطمئن لكن بشكل غريب، لدرجة إنني أتخيل أن معظم الأمريكيين يمكن أن يدركو ما إذا كان يمكنهم الإطمئنان من أن المزيد من القتال لن يؤدي الى المزيد من الكوارث ويكون له المزيد من العواقب السلبية.
ليست هناك أي إمكانية للتطمين بذلك بالطبع. ففي التحليل النهائي، لا يمكن لبترايوس أن يقول بحق ما الذي يمكن للشريك الآخر أن يفعله، أو حتى ما هي الأمور التي يستطيع الطرف الآخر القيام بها.
إن إمكانية إنقاذ هذا الزواج من الفشل تعتمد اعتمادا كبيرا على الشريك العراقي. يمكننا الحديث الى بعضنا البعض، ويمكننا القتال، ويمكننا التغيير، لكنها في نهاية المطاف علاقة، ونحن نعتمد على مشاركتهم المتكافئة. لكن هذا لا يحدث.
هذا يقودني الى نهاية الحديث المتبادل بين الجنرال بترايوس والسيناتور وارنر، حيث اعترف الاول بأنه لم يكن لديه الوقت الكاف لمعرفة ما إذا كان يمكن إنقاذ هذا الزواج أم لا. قال بترايوس لقد ركزت على كيفية إنجاز مهمة القوة المتعددة الجنسيات في العراق.
هذه ليست الإجابة التي كانت واشنطن تبحث عنها. لكن الالتزام الفاتر يشبه الى حد كبير تلك الرؤية البشرية لصنع الأمن القومي الذي لن نراه أبدا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
أبو ريشة
العزب الطيب الطاهر
الراية قطر
أبوريشة ضحية طموح شخصي وليس شهيد قضية هذه هي الخلاصة التي يمكن ان يتوقف عندها المرء وهو يتابع تداعيات مقتل ما كان يسمي برئيس مجلس صحوة العراق عبد الستار ابو ريشة قبل بضعة ايام.

ولعل خطيئة الرجل الكبري تكمن في انه فتح صدره وقلبه وعقله للتعاون مع قوي الاحتلال حتي لوكانت اهدافه مشروعة الي جانب انه خاض حربه ليس من اجل تحرير الوطن وانما بهدف ضرب قوي تقاوم من يحتل هذا الوطن وان كنت اختلف مع ما يسمي بتنظيم القاعدة الذي يركز جهده علي عمليات يروح ضحيتها المواطنون.

فضلا عن ذلك فانه شتت طاقته في صراعا ت مع قوي قبلية اخري للهيمنة علي مصادر المال والسلطة والنفوذ استنادا الي علاقة قوية مع قوات المارينز والتي راهن عليها بمساحة تفوق مراهنته علي حكومة المالكي التي ابدت قلقها المكتوم من هذه العلاقة غير الشرعية بين الجانبين.

اذن لم تكن حركة ابو ريشة موجهة من اجل الوطن ولكن من اجل اطماع شخصية وهذا النمط من البشر يكون اكثر قبولا لدي القوي المحتلة وهو مايفسر اصرار الرئيس الامريكي بوش علي التوجه الي الانبار للقائه ومعانقته لدي زيارته المفاجئة للعراق قبل اكثر من اسبوع وأظن ان هذا اللقاء كان الفيصل الاساسي في قرار تصفية ابو ريشة لدي من اتخذه.

لا اقصد من ذلك ان ادعو الي قتل كل من يتعاون مع قوي الاحتلال فذلك امر يتعارض مع اوامر الشريعة ولكن ما أرمي اليه هو ان الذي يريد ان يلعب دورا وطنيا مطالب يتجنب المراهنة علي المحتل لأن ذلك يخصم من رصيده الوطني ويحفر اسمه عميقا في سلة قمامة التاريخ.

ربما سعي ابو ريشة الي ان يجتهد وفق فهم ضيق للأمور ولكن كان بوسعه ان يفتح صدره للتعاون مع كافة القوي المقاومة والمجاهدة في منطقة الانبار لفرض الامن والاستقرار بها دون الحاجة الي اسناد من المارينز او عناق من بوش فهل يتعلم زعماء القبائل الاخرون الدرس؟

السطر الاخير: رب اعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذبك ان يحضرون اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن واعوذ بك من العجز والكسل واعوذ بك من الجبن والبخل واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ومن الهرم وعذاب القبر


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
انتصرت الحسينية على الـ mbc والمسجد لم يفعل..!!

مهنا الحبيل

الوطن البحرينية
انتهت قضيّة عرض مسلسل ''للخطايا ثمن'' إلى رضوخ قناة الـ MBC لحملةِ المعارضة التي نُظّمت لإلغاء العرض وأعلن المسؤولون في القناة بأنهم سيلتزمون بعدم عرض المسلسل.
وبادئ ذي بدء أوضّح موقفي الذي قد يبدو غريباً للبعض وهو تأييدي لوقف عرض هذا المسلسل لسببين رئيسيين بغض النظر عن الخلاف المشهور والمعروف بين الطائفتين على مشروعية نكاح المتعة والذي كان القضية الرئيسية التي أشعلت حملة الاحتجاجات التي قادتها بعض الحسينيات في الكويت والخليج، الاعتبار الأول هو اعتبار أخلاقي وهو أن هذا المسلسل بما عُرض فيه من لقطات وشخصية مُنتجه وطاقمه الفنّي وكما هو معروف لنا من سوابقهم فإن الانحطاط الأخلاقي هو أحد السُبل المُثيرة لجذب الجمهور في هذه الأعمال الفنية التي تمّ تنفيذها سابقاً وبالتالي تُضيف مادة أخلاقية سيئة ولا يعالج أبداً كما يدّعي أصحابه بل على العكس تتفجر القضية وتشتعل ولا يوجد ذلك التوجيه التربوي الاجتماعي المصاحب للعمل، فأصحاب العمل لا يعنيهم سوى حجم النجاح المادي الذي سيقوم على جذب الجمهور وإثارته.
وكم تمنيت أن يقوم هناك تحالف أخلاقي بين المتدينين من الطائفتين وسواهم من غير المتدينين بغض النظر عن توجهاتهم فيشكلون بناءً حيويّاً رادعاً لحملة الإسفاف الأخلاقي والإباحية التي باتت تُصدّر من الخليج وتُمول ماديّاً بشكل هستيري، ولكن الخلافات العميقة التي نشأت منذ احتلال العراق صعّبت هذه المهمة الضرورية للمجتمع.
الجانب الثاني هو أن الاحتقان الطائفي بالفعل قائم في الخليج ورغم عدم مسؤولية أي طرف سني ذي توجه مبدئي عن عرض هذا العمل، إلا أنه كان مُحتملاً أن يدور نقاش طائش حوله يزيد من مساحة الفُرقة والصراع.
لكن الأمر الذي وقفت عنده مُتأملاً ورأيت ما دار في نفسي يجتاح الشارع العربي في الخليج ورأيه العام هو موقف الـ MBC كشبكة بكل قنواتها من الفكر والأخلاق والمبادئ الإسلامية التي تكون في النهاية محسوبة بحسب رئاسة القناة إلى الإسلام السني هكذا يعبرون في مصطلحاتهم.
هذا الموقفُ هو الذي يُبنى عليه سلسلة من التغطيات والإنتاج والبرامج والمسلسلات والتعليقات وقد كانَ دائماً معادياً مُحرِّضاً مستبيحاً لكل قيم الشعب العربي في الخليج المنتمي بطبيعته لثقافته العربية الإسلامية ذات المصادر السنية بطبيعة الهوية القائمة لأهله وإن اشتركت معَ إخوانها الشيعة في كثيرٍ منَ الأمور.
كل هذه المشاعر والأحاسيس كانتْ تُعامل باحتقارٍ بالغٍ من الشبكة وازدراءٍ لمبادئ الفكر الإسلامي وتحريضٍ عليها وكلّما استُفزَّ الشارع من هذا الكم الهائل من الهجوم على الأخلاق والفكر الإسلامي وعلى هوية الشعب العربي في الخليج كلما اشتدَّت القناة في إهانة الناس والقيم الإسلامية.
وقفتُ متأملاً وأنا أستذكرُ التقريرَ المشهور الذي أعدَّهُ الأستاذ مجدي خليل الناشط السياسي القبطي المتطرف بناءً على طلبٍ من أعضاء الكونجرس الأميركي لنقدِ قناة الحرة وهل تُنفذ المرجو منها لمصلحة السياسة الأمنية والإستراتيجية لواشنطن أمْ لا وخلص التقريرُ إلى فشلها واقتراح الأستاذ عبدالرحمن الراشد ليكون في سدتها للقيام بهذه المهمّة.
استذكرتُ كيفَ تحالفتْ الشبكة معَ قوات الاحتلال في اجتياحات مناطق المقاومة التي كان أهلها من أبناء العرب السنة وكيفَ كانت الشبكة تعتبرُ تلك الإبادة الجماعية منْ قوات الاحتلال وما صاحبها من ميليشيات عملاً مشروعاً ضمنياً في تغطيتها لأنها تعتبر العرب السنة في العراق بل وقلْ في الخليج مجامع مُتخلّفة من البشر يجب أن يسري عليهم المبضع الأمريكي والقائمة تطول وتطول.
ولكن.. تقفزُ لديَّ علامات التعجب هل العجز ''السني'' في المسجد.. فالمسجد رسالةٌ وبناء يحرّكهُ أبناؤه ولكنه مقيدٌ ومحاربٌ ومحاصرٌ لا يستطيعُ أن يتنفس فهل المسؤولية على رواده ومؤسساته الذين لم يُفَعّلوا حركة الاحتجاج المدني، وهذا لا يجعلنا أن نتردد في رفضِ ما صاحبَ الاحتجاج سواءً رجم مكتب الـ ٍM.B.C أو التهديد الأخير بتصفية طاقم العمل الفني كما ذكرَ ذلك المنتج هذا التهديد الأخير الذي رضخت بعده إدارة الـ ٍM.B.C
لكنْ هناك من وسائل التعبير والاحتجاج المدني عددٌ من الوسائل المشروعة خاصةً حينَ تنطلقُ من وعيٍ ورشاد ولا تخلط بين المتفق عليه وبعض الصور النمطية التي تنتقد في الإعلام من التفكير الديني المخالف لرسالة الإسلام وحضارته عبر أصوله الشرعية المعروفة.
لكنِّي عُدتُ إلى نفسي وعذرتُ ولو نسبياً حينَ استذكرتُ بأن الـ M.BC إنما تخافُ وترجو من الشوكة وأمَّا القيم والأخلاق فلا مكانَ لها في قاموسها ثم تذكرتُ بأن الشعب العربي في الخليج لا شوكة له.. والقوة المرجوة عندَ الـ ٍM.B.C هيَ قوة الدنيا والأطراف الدولية الداعمة لتوجهها.. أما الله ورجاء ما عنده أو اتقاءً لغضبه فليست من أولوياتها.. ولذا يلتفتونَ كلَّ حينٍ إلى الشعب العربي في الخليج بازدراء حينَ يغضبونه وقد خفقَ على آفاقهم علمُ واشنطن.. عفواً نحنُ لا نفهم عربي..!!

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
اتجاهات المستقبل لسياسة واشنطن في العراق
سامي شورش
الحياة
بعدما قدّم قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال بترايوس والسفير الأميركي في بغداد رايان كروكر تقريرهما المشترك حول السياسة الأميركية في العراق الى الرئيس بوش، أصبحت الأوساط العراقية المعتدلة تتوقع أن يركز بوش في المرحلة المقبلة على العملية السياسية العراقية. فهذه العملية التي واجهت عراقيل كثيرة، تشكل، في المحصلة النهائية، بوصلة النجاح أو الإخفاق للاستراتيجية الأميركية الخاصة بالعراق. وطلب كروكر من الرئيس والكونغرس دعم جهوده من أجل الإسراع في إحراز تقدم ملموس في إطار العملية السياسية التي تجد نفسها في المصالحة الوطنية.

لهذا كلّه، قد يولي الرئيس بوش تنشيط العملية السياسية في العراق اهتماماً استثنائياً خاصة بعد أن اقنعه تقرير بترايوس - كروكر بجواز خفض تدرجي نسبي للقوات الأميركية العاملة في العراق. والهدف من التركيز الأميركي على العملية السياسية هو التمهيد لأن يأتي التقرير المقبل للسفير كروكر في آذار (مارس) المقبل، اي قبل أشهر من موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية، محطة أخرى لنجاح استراتيجيته العراقية التي لقيت خلال الأشهر الماضية انتقادات عنيفة داخل أميركا وخارجها.

أياً تكن الحال، فالمتوقع أن يشرع البيت الأبيض، في بحر الأسابيع القليلة المقبلة، بالتركيز على ملفات ملحة في إطار العملية السياسية العراقية، على أمل أن يعزز هذا نجاحات قواته الأمنية والعسكرية. وتعتقد الأوساط العراقية أن تشكل الملفات التالية أهم ما ستركز عليه إدارة بوش في الأشهر المقبلة:

1- مضاعفة الضغوط على حكومة نوري المالكي بغية دفعها الى تعامل جدي مع عملية المصالحة الوطنية خصوصاً المتعلقة منها بالتصالح مع التكوين السني العربي في العراق. لهذا، تأمل تلك الأوساط أن يشدد الرئيس بوش في أحاديثه مع المالكي حين يزور الأخير واشنطن في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، على ضرورة التركيز على استكمال عملية المصالحة الوطنية.

2- مضاعفة الجهود لاقناع المالكي وبقية القوى الشيعية العراقية، بما فيها «المجلس الأعلى» الإسلامي العراقي وتيار الصدر وحزب «الدعوة» وبقية منظمات الإسلام السياسي الشيعي بالابتعاد عن إيران وعدم السماح بانتشار نفوذها في العراق.

في هذا الإطار، قد يشرح الأميركيون للمالكي أن المراهنة على دور إيراني إيجابي في العراق لا يمكن أن تكون رابحة. فأجواء الصراعات الأميركية والدولية مع إيران تتصاعد وتنذر بتطورات مستقبلية خطيرة. كما أن واشنطن غير مستعدة للقفز على مصالح التكوين السني في العراق لأسباب لا أقلها أن هذا التكوين أساسي في العراق وأن الدول العربية تلح على ضرورة احترام إرادته. كما أن دمج السنة في إطار العملية السياسية في العراق سيفقد «القاعدة» ميداناً حيوياً من ميادينها الإرهابية. والأكيد، في رأي الأميركيين، أن الثمن الذي ينبغي أن تدفعه حكومة المالكي في سبيل إنجاح عملية دمج السنة العرب في العملية السياسية هو تخلي أوساط شيعية عدة في أوساط الحكومة العراقية عن الاتكاء على نفوذ إيران. والأرجح أن تشدد واشنطن على أن إذعان المالكي لهذه الشروط سيشكل الإشارة الحقيقية الأكثر أهمية لبقائه أو رحيله عن السلطة.

3- في المقابل، ستحاول الإدارة الأميركية إقناع القوى السنية العربية في غرب العراق ووسطه، أحزاباً وعشائر، بعدم التخوف من التعامل المباشر مع حكومة بغداد ذات الصبغة الشيعية والكردية. فالعراق الجديد الذي يجري بناؤه يقوم أصلاً على معادلة تكافؤية دقيقة بين التكوينات العراقية. ثم ان السنة العرب سيرتكبون خطأ فادحاً إذا اعتقدوا أن الولايات المتحدة مستعدة للانسحاب من العراق أو لاخراج السلطة الحالية من أيدي الشيعة والأكراد بغية تسليمها الى السنة العرب وإعادة تشكيل دولة عراقية مماثلة للعراق القديم. لهذا فإن الأميركيين غير مستعدين لدفع الاثمان السياسية الباهظة مقابل ضمان تعاون سني عربي مع بقية التكوينات العراقية.

ولا بد من الإشارة الى أن القوى السنية العربية في العراق لا تشعر بأي حرج من الحوار مع الأميركيين أو التعاون والتنسيق معهم. بل ان الزعيم العشائري عبدالستار أبو ريشة الذي قتل قبل ايام في انفجار غامض في محافظة الأنبار، لم يتوان عن إعلان دعمه لسياسة الرئيس بوش وانخراطه في مقاتلة منظمة «القاعدة». لكن المشكلة أن تلك القوى تفضل الحذر في موضوع التعاون مع حكومة المالكي بذريعة النفوذ الايراني الطاغي على سياساتها. هذه الحالة، بحسب الأوساط السنية العراقية، قابلة للتغيير إذا أبدت حكومة المالكي استعداداً للابتعاد عن النفوذ الإيراني وإذا سارعت الى إلغاء قانون اجتثاث البعث في شكله الراهن وأبدت استعداداً لدمج البعثيين في المجتمع السياسي العراقي.

4- ستحاول الإدارة الأميركية مضاعفة ضغوطها على طهران ودمشق لاقناعهما بوقف تدخلاتهما في الشأن الداخلي العراقي. في هذا الخصوص، قد تلجأ واشنطن الى تكثيف جهودها على صعيد التلويح بوسائل التهديد والوعيد العسكري والعقوبات الاقتصادية ضد الدولتين. لكن الاكيد أنها ستفضل في البداية اللجوء الى وساطات إقليمية ودولية، أو عبر قنوات الأمم المتحدة، أو حتى عبر المؤتمرات والاجتماعات الخاصة بدول الجوار كالمؤتمر الذي عَقد في بغداد قبل أسابيع.

5- الأرجح أن واشنطن ستطلق حملة ديبلوماسية وسياسية واسعة لحشد تأييد عربي وإسلامي لسياستها العراقية بعدما أكد تقرير بترايوس - كروكر حصول تقدم في الميدانين الأمني والعسكري في العراق. في هذا الإطار، ترى الإدارة الأميركية أن دول الجوار العربي والإسلامي مطالبة بدعم العملية السياسية والاقتصادية والديبلوماسية في العراق. وكذلك بممارسة نفوذها في اتجاه إقناع التكوينات الداخلية العراقية باللجوء الى لغة الحوار السياسي لحل خلافاتها والاتفاق على صيغة عمل وطني عراقي يتوافق حولها الجميع.

6- تخصيص مبالغ وميزانيات، عراقية وأميركية ومن الدول المانحة، لإصلاح قطاع الخدمات وتنشيط الدورة الإقتصادية خصوصاً في العاصمة بغداد والمدن التي تضررت من أعمال المواجهات خلال السنوات الأربع الماضية. في الواقع، يشكل هذا الأمر تحدياً لا يقل في انعكاساته في ميدان الوضع الأمني عن بقية التحديات السياسية والعسكرية. ففي رأي الأميركيين والعراقيين المعتدلين أن الحالة الاقتصادية والمعيشية المتردية في العراق شكلت، ولا تزال تشكل، مصدراً أساسياً من مصادر الإرهاب.

7- زيادة الجهود السياسية والعسكرية والأمنية في اتجاه تجريد جيش المهدي من سلاحه. في هذا المنحى، ستحاول واشنطن إقناع المالكي بممارسة نفوذه في اتجاه تحويل التجميد الحالي لجيش المهدي لفترة ستة اشهر الى قرار حاسم بحله نهائياً. وفي حال عدم رضوخ الصدر، المطلوب من المالكي وقف تحالفه مع الصدر والتعاون بشكل صريح مع القوات المتعددة الجنسية لتجريد ميليشيات المهدي من اسلحتها.

والمتوقع أن تزداد وتيرة المواجهات على الخط الأوسط (الأنبار - بغداد - ديالى). وتزداد معها عمليات إقناع عشائر أخرى في ديالى وكركوك والموصل بالانخراط في مواجهة «القاعدة». الى هذا، لم يفهم العراقيون قرار الرئيس بوش سحب أقل من ستة آلاف جندي أميركي من بلادهم في غضون الاشهر القليلة المقبلة، على أنه إشارة الى تراجع في أفق السياسة الأميركية إزاء العراق. لكن الاكيد أن التقرير العسكري والسياسي المشترك وما بعده، سيسهم في تعزيز موقع السفير كروكر ودفع دوره الديبلوماسي والسياسي الى مقدمة العمل الأميركي في العراق.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
القوة العظمى المريضة
غسان شربل
الحياة - 16/09/07//

من المبكر الجزم بالصورة التي سترتسم للرئيس جورج بوش على صفحات التاريخ بعد مغادرته البيت الابيض. ثمة من يعتقد بأنه حجز على الأقل حتى الآن مقعد الرئيس الأقل شعبية. هناك من يتحدث عما هو أخطر بكثير. عن صورة الرئيس الذي بدّد انتصاراً غير مسبوق حققته بلاده يوم اندحر الاتحاد السوفياتي وانتحر. وثمة من يشير الى رئيس قامر برصيد القوة العظمى الوحيدة وخسر.

انطلاقاً من السير الحالي للأحداث يمكن توقع أن ينهي بوش ولايته وبلاده عالقة في حربين يصعب الانتصار فيهما ويصعب الانسحاب. حرب باهظة في العراق وحرب مكلفة في افغانستان. هذا على الأقل ما أوحى به تعامله مع حصيلة ما توصل اليه الجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر. بدا واضحاً أن إدارة بوش عاجزة عن اتخاذ قرار الانسحاب من العراق حتى ولو افترضنا انها راغبة في خطوة من هذا النوع. يمكن في ضوء ذلك التكهن ان بوش سيغادر المسرح ليترك اميركا في عالم أقل أماناً وليترك العالم في عهدة اميركا أقل قوة وهيبة عما كانت عليه يوم تولى الرئاسة.

أكثر من أي وقت مضى تبدَّدت الأحلام التي رافقت الغزو الأميركي للعراق. لم تعد فكرة بناء نموذج عراقي جاذب قابلة للتصديق. لا السلوك الأميركي سهل قيام النموذج ولا التربة العراقية بدت جاهزة لاستقباله. هذا من دون ان ننسى بديهيات كانت معروفة، وهي أن الديموقراطيات لا تبنى بالحديد والنار وأن الاستناد الى تجربتي المانيا واليابان يتجاهل اختلافات جوهرية في الحقب وطبيعة الأماكن وطبائع الشعوب وثقافاتها ودرجة تطورها الاقتصادي والاجتماعي ومعتقداتها. ثم ان الحديث عن قيام الشرق الأوسط الجديد لم يعد وارداً إلا من باب التهكم أو النقد أو من باب تبرير بقاء الشرق الأوسط الحالي على حاله.

تملك الولايات المتحدة من أسباب القوة ما يؤهلها للتعايش مع فشل محاولة زرع الديموقراطية في العراق تحت اعلام الاحتلال. تستطيع احتمال فشل تطلعها الى جعل غزو العراق فرصة لإعادة صوغ صورة المنطقة وموازين القوى فيها. الأخطر بالنسبة اليها هو أن تكون عالقة في حربين لا يمكن حسمهما ولا حتى التوصل فيهما الى وقف لإطلاق النار، لأن الخصم هنا وهناك بلا عنوان ويبحث اصلاً عن فرصة للاشتباك أو الانتحار. وواضح ان استنزاف امكانات الولايات المتحدة وهيبتها في النزاعين اتاح لقوى دولية واقليمية التمرد على صورة الوضع الذي قام غداة اختفاء الاتحاد السوفياتي.

مقارنة عاجلة تكفي لتأكيد ما تقدم. في آذار (مارس) المقبل يغادر فلاديمير بوتين الكرملين لأن الدستور يمنعه من ولاية ثالثة. كل الاستطلاعات تؤكد فوزه الكاسح لو اتيح له الترشح مجدداً. بلغت قوته حد القدرة على تنصيب رئيس خلفاً له بانتظار عودته لاحقاً. والأهم من صورته الشخصية قدرته على القول إنه يترك روسيا أقوى بمرات ومرات مما كانت عليه يوم تسلمه الرئاسة. فالرئيس الذي تعايش في ولايته الأولى مع اميركا المهيمنة قاد في ولايته الثانية تمرداً مدروساً عليها بدد تماماً صورة روسيا الملحقة والمتسوِّلة والمرشحة للتفكك وأعادها لاعباً على المسرح الدولي. طبعاً يمكن الحديث هنا عن دور ارتفاع أسعار الطاقة وامكانية تطويع الديموقراطية الروسية الطرية العود لكن لا يمكن تجاهل الفرصة التي شكلتها أخطاء إدارة بوش وفي طليعتها المغامرة العراقية.

في بداية عهد بوش لم تكنإايران تجرؤ على تكرار ممارسات شبيهة بمشهد تحويل الأميركيين رهائن في سفارة بلادهم في طهران ولا على مخاطبة اهداف اميركية بلغة الشاحنات الانتحارية. مجرد قراءة للخطاب الأخير للمرشد الايراني علي خامنئي تظهر حجم التراجع في الهيبة الاميركية. فمضمون الخطاب لا يقل عن اعلان هزيمة اميركا في العراق ولبنان وفلسطين فضلاً عن التذكير بانتقال القوة العسكرية الايرانية الى موقع الصدارة في الاقليم.

إن أي قراءة لأوضاع المنطقة وأزماتها لا بد من ان تأخذ في الاعتبار العوامل الثلاثة الآتية: التخبط الأميركي في العراق ونجاح التمرد الروسي على الصعيد الدولي وانتقال التمرد الإيراني الى حد الرهان على قطف الثمار. وهذه الحقائق تعني العراق وتعني لبنان الباحث عن جمهورية ورئيس كما تعني امارة «حماس» في غزة وجمهورية «فتح» في الضفة. واذا كان للقوة الاميركية ثمن لا بد من دفعه فإن لأي ضعف اميركي دائم أثماناً لا بد من تسديدها.

إن القوة العظمى الوحيدة تبدو اليوم قوة عظمى مريضة بفعل عجز سياساتها عن مقاربة واقعية لمشاكل العالم. هذا لا يعني اننا عشية أفول الامبراطورية الأميركية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
بوش يستحق إشادة أعدائه

فيكتور ديفيز هانسون
«لوس أنجلوس تايمز
جورج بوش ليس من الأشخاص الذين يتمتعون بشعبية كبيرة. فلننظر إلى ردة الفعل الغاضبة التي ظهرت مؤخراً من كل نقاد بوش على قوله إن الانسحاب من العراق الآن يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة مثل تلك التي تسبب فيها الانسحاب من فيتنام. فقد صرح المؤرخ روبرت دالك والغضب يتملكه: «الأمر بالفعل يربك ذهني. فتشويه الحقائق الذي أسمعه الآن يأتي من رئيس الجمهورية». في حين وصف النائب الجمهوري جون مورثا ما قاله الرئيس بأنه «عبارات طنانة مضللة».


ما الذي قاله بوش وتسبب في حالة الغضب العارمة هذه؟ دعونا نبدأ من اليسار المتشدد. فاليساريون يكرهون جورج بوش. فنقاط الخلاف معه كثيرة مثل تقليص الضرائب، ارتباطه باليمينيين الدينيين، اعتراضه على الإجهاض والحرب في أفغانستان والعراق التي تعزز من وجهة نظرهم المتمثلة في أن أميركا دولة غير ليبرالية وإمبريالية. الحزب الديمقراطي بدوره كان صريحا وشرسا في كرهه للرئيس. فآل غور تظهر عليه علامات الغضب بشده عندما يتحدث عن جورج بوش. في حين تظهر الحمرة على شفاه رئيس مجلس النواب نانسي بيلوسي عندما تنطق باسم الرئيس، وعلى الرغم من شراسة الحملة التي يشنها الديمقراطيون الحاليون، إلا أن ما يفعلونه يشبه بشكل أو بآخر ما قام به الجمهوريون مع بيل كلينتون في عقد التسعينات. وفي الوقت نفسه هناك من يخشى بوش بين الجمهوريين، فالمتطرفون بين الجمهوريين لا يحبون الحدود المفتوحة ولا يفضلون الزيادة الكبيرة التي أدخلها الرئيس في ميزانية الإنفاق الفيدرالي. وفي ضوء طبيعتهم الانعزالية، فإنهم لا يتخيلون أن العراق يستحق مقتل جندي واحد من جنود المارينز، بل إن الوضع وصل الآن إلى أن القاعدة الأساسية من الجمهوريين بدأت تبتعد عن الرئيس في وقت محنته. فهؤلاء الجمهوريون يتملكهم القلق من الهبوط في مستوى شعبية بوش ومدى تأثير هذا الهبوط على وضعهم.


وفي الخارج فإن بوش بالطبع لا شعبية له على الإطلاق، فالأوروبيون المتحذلقون لا تروق لهم فكرة أن أقوى جيش في العالم يديره مواطن أميركي من ولاية تكساس مرجعه الإنجيل ويملؤه الحماس في تغيير الوضع الحالي للعالم، كما أن المصلحين من العرب غير متحمسين لأفكار الرئيس الأميركي أيضا وذلك على الرغم من أن القارئ قد يعتقد العكس.
فعلى الرغم من كل شيء فإنهم ظلوا لسنوات ينتقدون تأييد الولايات المتحدة لكثير من أنظمة الشرق الأوسط التي يرونها قمعية. ثم تأتي بعد ذلك في أذهانهم عبارات الرئيس الطنانة عن الديمقراطية والحرية وواجب الولايات المتحدة المتمثل في استخدام كل مواردها من أجل فرض تغيير ديمقراطي بالقوة على الشرق الأوسط، غير أن الكلام شيء والتنفيذ شيء آخر. فلا يوجد مثقف عربي واحد يريد قوة غربية تستخدم أسلحتها ضد رفقائه من المسلمين حتى إذا كان هؤلاء المسلمون من أمثال صدام حسين أو من أتباع تنظيم القاعدة.وفي النهاية فإن هناك مجموعة واحدة على الأقل يرحب بوش بكرهها له وهي جماعة ابن لادن وتنظيم القاعدة.


والآن إذا كنت أيها القارئ تؤمن بصحة المعروض في السطور السابقة فإن المنطق يقول إن ابن لادن سعيد للغاية بحرب بوش على الإرهاب، فعلى الرغم من كل شيء فإن بوش قد شن حربا غير ضرورية تسببت في انقسام مؤيديه وتقوية أواصر أعدائه.


فمن المفترض أن الإدارة الأميركية قد تسببت في دفع المعتدلين إلى معسكر ابن لادن وتسببت في انقسام الشعب الأميركي حول الحرب في العراق واستعْدت كثيرا من الحلفاء بسبب ما جرى في معتقل غوانتانامو وما يحدث من حالات تنصت على الأميركيين. فنحن بالقطع أضحينا أقل أمنا، كما يقال، في الفترة التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا الصدد هو : لماذا يكره أسامة بن لادن جورج بوش كل هذا الكره؟ فهو دائم الحنق ويوجه الإهانة للرئيس. في شهر أكتوبر 2004، صدر عن ابن لادن شريط مصور قبل الانتخابات يخاطب فيه الشعب الأميركي ويهاجم فيه بوش على أمل أن يخسر الأخير الانتخابات. إن الواقع يقول إن أسامة بن لادن، بفضل بوش، قد فقد قواعده الأصلية في أفغانستان، وإن أتباع تنظيم القاعدة في العراق آخذون في التلاشي بشكل منظم، وذلك بمساعدة بعض قبائل السنة الذين ضاقوا ذرعا بالأفعال الوحشية التي يقترفها المتشددون. وكشف استطلاع للرأي صدر عن مركز بيو للبحوث عن تراجع حاد في تأييد العرب للأعمال الانتحارية وهبوط كبير للغاية في شعبية ابن لادن نفسه. إن حرب جورج بوش على الإرهابيين ورعاتهم يبدو أنها تتسبب في شعور بعدم الراحة لدى طيف واسع متباين من البشر. غير أن المفارقة في هذا الصدد تكمن في أن كره ابن لادن للرئيس يجب أن يظهر لكارهي بوش هنا في أميركا وخارجها أن الرئيس الأميركي يستحق بعض الثناء من جانبهم. فعدوهم المشترك غاضب ويعاني الأمرين.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
التخبط الأمريكي حتى آخر عهد بوش ... الياس سحّاب
الياس سحّاب
الخليج الامارات
لم يكن في التقرير السياسي والعسكري المرفوع من القائد الأعلى للقوات الأمريكية في العراق (بترايوس) والمفوض السامي الذي يحمل لقب سفير (كروكر) أي مفاجأة. فلقد استبق أحد كبار الساسة الأمريكيين وصول هذه التقارير بأسابيع، وقال إن الأمر يشبه إسناد مهمة تصحيح مسابقات امتحان طالبين في الشهادة الثانوية، الى الطالبين نفسيهما، وليس الى لجنة فاحصة، كما يفرض منطق الأشياء.

إنه تقرير عن مدى النجاح أو مدى الفشل الأمريكي في العراق، وما عسى مندوب بوش السياسي ومندوب بوش العسكري أن يذكرا في مثل هذا التقرير، غير التضخيم المبالغ فيه الى أقصى حد ممكن لأي إنجاز إيجابي (اذا كان موجودا أصلا)، والتقليل المبالغ به، من شأن النواحي السلبية، بل عدم الاعتراف بوجودها، حيث يمكن ذلك.

واذا كان أمر هذا التقرير محسوما سلفا، فقد بقي بعض الأمل (ولو بنسبة ضئيلة) في أن تعيد الادارة الأمريكية النظر في عنادها على استراتيجية ثبت خطؤها بل اخطاؤها، في العراق كما في أمريكا نفسها، وأن تضع مصالح الولايات المتحدة الحقيقية، ومصالح حزبها الجمهوري في المعركة الرئاسية القادمة (بعد أن خسرت معاركها في مجلسي الشيوخ والنواب بفضل عناد بوش وتمسكه بسياسته الخرقاء)، وتضع هذه المصالح فوق مشاعر العناد والتصلب والمكابرة، بعدم الاعتراف بأي خطأ، حتى لو كان واضحا للعين المجردة، وحتى لو كان بحجم الكارثة الوطنية الشاملة.

كان هذا الامل الضئيل جدا، يرتبط بخيط واه هو قيام حراك حيوي داخل الحزب الجمهوري، يميز بين المصالح الفردية للنفر الضئيل الذي بقي في الادارة الأمريكية من رعيل المحافظين الجدد، الذين تساقط كبار نجومهم، واحدا تلو الآخر، تحت وطأة أزمة العراق، وليس لأي سبب آخر، وبين المصالح العليا للدولة الأمريكية والشعب الأمريكي.

غير أن عاملاً مهماً تدخل، ليقلل من فرص قيام تحرك جمهوري بهذا الحجم، وهو التردد الوطني الظاهر الذي يخوض به الحزب الديمقراطي المنتصر، محاولات تصحيح المسار المدمر للمحافظين الجدد في السياسة الأمريكية الخارجية، وذلك بفعل حسابات حزبية ضيقة تعطل الحسابات الوطنية الكبرى، وهي حسابات مرتبطة بمصالح الحزب الديمقراطي الداخلية في مرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية في اواخر العام المقبل.

فلما تصادم عناد الرئيس بوش (ومن تبقى معه من المحافظين الجدد) مع تردد الأغلبية الديمقراطية في مجلسي الشيوخ والنواب، كانت الغلبة المنطقية لعناد بوش.

لقد جدد الرئيس الأمريكي، عناده بتحويل الفشل العظيم في العراق إلى لعبة رقمية فافترض وجود ثماني عشرة مهمة، كان على الوجود العسكري الأمريكي في العراق تحقيقها حتي يكون النجاح كاملا.

بعد هذه الفرضية النظرية، أصبح من السهل التلاعب بالارقام، فمرة ينخفض عدد المهمات المنجزة الى خمس من أصل ،18 ومرة يرتفع الى سبع. لكن آخر المزايدات الاعلامية في هذا المجال، رفعت عدد المهمات المنجزة الى تسع، أي إلى نصف المهمات المفترضة. ومعلوم أن حصول الطالب في أي امتحان رسمي على معدل العلامة القصوى، اي نصفها، يخوله الانضمام الى قافلة الناجحين.

بناء على هذه العملية الوهمية، افترض بوش نجاح مهمة الاحتلال الأمريكي في العراق، وبناء على هذه الفرضية ضرورة الاستمرار، وترك مهمة تحديد استراتيجية أمريكية جديدة في العراق، للرئيس الأمريكي المقبل، الذي لن يتسلم منصبه في البيت الابيض قبل بداية العام 2009.

غير أن غرابة التبريرات التي انطلقت لتحيط بالعناد الرئاسي الأمريكي، وتقدمه للعالم على أنه “حكمة سياسية”، لم تقتصر على الرئيس بوش وحده، بل انتقلت إلى كل مساعديه. فقد صرح وزير الدفاع الأمريكي الجديد أخيراً أن الانسحاب السوفييتي من أفغانستان قد قوى شوكة الاصوليين الإسلاميين، وأن أي انسحاب أمريكي من العراق الآن، سيقوي شوكتهم بدرجة اكبر.

إن في هذه الحجة الجديدة قمة جديدة من قمم “الاستغباء” الأمريكي للعالم بأسره والشعوب كلها، كأن أحدا لا يعلم أن البؤر الأصولية المتشددة التي أسهمت بفعالية في تقويض النفوذ السوفييتي السابق في افغانستان، إنما هي صناعة أمريكية خالصة، أشرفت على تصنيعها ورعايتها وتدريبها وتمويلها يومذاك وكالة الاستخبارات الأمريكية مباشرة.

يبدو واضحا إذن، ما لم تطرأ مستجدات تقلب الوضع الداخلي الأمريكي وتغير اتجاهه أو تعدله قبل نهاية ولاية بوش، فإن السياسة الأمريكية الخارجية، من الآن وحتى نهاية العام المقبل، ستظل محكومة بالفوضى والتخبط، وغياب الاستراتيجية الواضحة، اللهم عدا استراتيجية الهيمنة الامبراطورية بالقوة العسكرية، حتى وسط الازمات ومسلسلات الفشل. وهي سياسة لن تقتصر على الوجود الأمريكي في العراق وحده بل في سائر العالم، وخاصة المنطقة العربية. فها هو سفير واشنطن في بيروت يواجه كل محاولات التسوية التي تريد تجنيب لبنان الخراب، بالإصرار على اعتبار رأس حزب الله، الثمن الوحيد الذي يرضي اميركا، دون التفات الى ان نجاح اميركا في حصد هذه الثمرة، لا يمكن الا ان يكون على حساب تماسك الكيان اللبناني نفسه، ذلك ان حزب الله يمثل طائفيا ثلث الشعب اللبناني على الاقل، ويمثل وطنيا اكثر من نصف هذا الشعب.

فهل يسمح جمود الوضع الأمريكي الداخلي، والاوضاع العربية والاقليمية والدولية، لبوش باستمرار سياسة التخبط بهدوء وعلى مهل، ام ان آلية المؤسسات الأمريكية الوطنية ستتحرك قبل نهاية ولاية بوش، لوضع حد نهائي لهذا التخبط؟

خلاصة ما أعلنه بوش أخيراً لم تكن خطة استراتيجية، بل خطة لاستمرار التخبط.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
الانسحاب من العراق... آتٍ لا محالة

د. أحمد يوسف أحمد
الاتحاد الامارات
من إعلانه المسرحي في مايو 2003 فوق ظهر إحدى حاملات الطائرات الأميركية عن انتهاء المهمة في العراق بتحقيق النصر، إلى إرساله في يناير 2007 لحوالي 30 ألف جندي أميركي إضافي إلى العراق بدعوى أن الفشل هناك يرجع إلى نقص القوات، إلى تعهده منذ أيام قلائل بسحب حوالي 21 ألف جندي بحلول يوليو 2008 بحجة تحسن الأوضاع الأمنية -لا يبدو أن التاريخ الأميركي سوف يصادف رئيساً أكثر تخبطاً من الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأميركية. فلا النصر كان قد تحقق، ولا الزيادة المحدودة -أو حتى غير المحدودة- في القوات كان من شأنها تحقيقه، لأن العلة لم تكن في أي وقت من الأوقات هي نقص القوات، وإنما احتلال جائر قاد العراق إلى ما هو فيه الآن بسبب سلسلة القرارات التي أضافت انعدام الرشادة إلى سوء النية. ولا الانسحاب الموعود المحدود في يوليو القادم -إن تم- سوف يحل المعضلة الأميركية في العراق، ناهيك عن معضلة العراق ذاته.



وشأن أية سياسة متخبطة لا تنبع من رؤية سليمة متماسكة أخفق الرئيس الأميركي في أن يرضي بإعلانه الجديد كافة الأطراف المعنية، فلا معارضوه في الساحة السياسية الأميركية رضوا، ولا حلفاؤه في العراق استراحوا، ولا أصدقاؤه العرب وافقوا.
لم ينجح بوش في أن يقدم لقوى المعارضة في الداخل الأميركي -التي تسيطر حالياً على الكونجرس وتتصاعد موجات احتجاجها في الشارع الأميركي- ما يلبي انتقاداتها الجذرية لسياسته في العراق، ولا تريد هذه القوى أقل من الانسحاب الكامل من العراق وإن تباينت فيما بينها حول وتيرته، بينما من الواضح أن الخطة لا تمس من حيث الجذور الالتزام الأميركي العسكري في العراق لتبقى القوات الأميركية هناك عرضة للمزيد من الاستنزاف البشري والمالي لحساب الفئة الحاكمة في البيت الأبيض التي لا تنظر إلا إلى مصالحها الضيقة، ناهيك عن أن الخطة في حد ذاتها غير مقنعة، فقد أخفق بوش -كما صرحت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب- في أن يجيب على تساؤل عن الكيفية التي ستجعل القوات الأميركية المتبقية بعد هذا الانسحاب الجزئي أكثر أمناً، أو أن يبرر إنفاق 700 مليار دولار إضافية سوف تتكلفها هذه القوات، وأكد "هاري ريد" زعيم الأغلبية "الديمقراطية" في مجلس الشيوخ أن الوقت قد حان لتغيير المسار، وأن بوش قد خيب آمال شعبه الذي يتطلع إلى تغيير الاستراتيجية المتبعة في العراق، وطالبت هيلاري كلينتون -الأوفر حظاً في الفوز بترشيح الحزب "الديمقراطي" للرئاسة- بإعادة الجنود في أسرع وقت ممكن.


القول بدور لقوات الاحتلال في حماية أهل السُّنة لا يعدو كونه سخفاً بغير حدود، فقد كان الاحتلال هو السبب الأصيل في تردي وضعهم السياسي.


فشل بوش إذن في أن يكسب أي نوع من التأييد من قبل خصومه في الساحة السياسية الأميركية، غير أن الجانب الآخر من المعادلة يحتاج نظرة متأنية، ذلك أننا لم نسمع شيئاً من حلفاء بوش في العراق أو أصدقائه من العرب، وعلى العكس من صيحات الإعجاب والتأييد التي سمعت فور إعلانه زيادة القوات الأميركية في يناير الماضي لم نسمع شيئاً واضحاً من المعسكر العراقي والعربي المؤيد له، ويشكل هذا بالإضافة إلى بعض التقارير الصحفية الرصينة التي نشرت في صحف أجنبية ذات سمعة رفيعة، ومواقف عربية وعراقية رسمية سابقة تعارض أي انسحاب أميركي من العراق في الوقت الراهن- يشكل أساساً للاعتقاد بأن ثمة عدم ارتياح -إن لم يكن رفضاً- لهذه الخطوة من قبل بوش، إلى الحد الذي يذكر فيه بعض التقارير أن ثمة ضغوطاً عربية رسمية على بوش لعدم سحب قواته من العراق. تراوحت الحجج التي تثار لتبرير الموقف العراقي والعربي الرافض لأي انسحاب أميركي من العراق في الوقت الراهن بين القول حيناً بأن خروج قوات الاحتلال سوف يعني الفوضى، بما في ذلك مزيدا من الاقتتال الداخلي وصولاً إلى تمزيق العراق، والقول حيناً آخر إن بقاء القوات الأميركية في العراق ضرورة لحماية أهل السُّنة فيه، والواقع أنه لا توجد حجج أكثر تهافتاً من هاتين الحجتين. بادئ ذي بدء فإن الفوضى والاقتتال الداخلي يسودان العراق منذ الاحتلال الذي يمثل السبب الرئيسي لهما بما ولَّده من مناخ لم يفتح الباب فحسب لمقاومة تحررية وطنية مشروعة ضد قواته، وإنما لعناصر إرهابية اتخذت من محاربة الولايات المتحدة ذريعة لتبرير أعمالها، وميليشيات طائفية يحتمي بعضها على الأقل بدوائر رسمية في العراق، أو بقوى إقليمية كإيران التي نما نفوذها بشكل بات يمثل تهديداً لأمن العراق ومستقبله السياسي. وهكذا زرعت السياسة الأميركية الفوضى في العراق، وعززتها بسلسلة القرارات الحمقاء التي صدرت في أعقاب الاحتلال مباشرة، والتي أدت إلى تفكيك بنى الدولة وزرع الاحتقان والعنف الطائفي، ومن ثم دعونا نجرب أن يخرج الاحتلال، فيتحسن المناخ السياسي، ويتوارى على الأقل بعض القوى التي تمارس أعمالاً إجرامية في العراق مستندة إلى ما تتمتع به من حماية ودعم في الوقت الراهن. أما القول بدور لقوات الاحتلال في حماية أهل السُّنة في العراق فلا يعدو أن يكون سخفاً بغير حدود، فقد كان الاحتلال هو السبب الأصيل في تردي وضعهم السياسي، وكان المناخ الذي ولَّده الاحتلال، على نحو ما سبقت الإشارة، سبباً فيما حل بهم من مصائب، ولا تعني مراجعة السياسة الأميركية مؤخراً باتجاه فتح الطريق أمام علاقة جديدة مع أهل السُّنة أن هؤلاء يمكن أن يجدوا في بقاء القوات الأميركية في العراق حماية لهم، فهم كانوا وما زالوا أول من قاوم هذه القوات، وبدلاً من أن تفكر دوائر عربية في أن تكون حماية سُنة العراق مهمة أميركية كان من الأجدى أن تفكر في حلول لمسألة الوحدة الوطنية العراقية والتغلغل الإيراني في العراق، لكنَّ بديلاً كهذا يتطلب حضوراً عربياً فاعلاً، وقد اختار العرب -أو فرض عليهم- أن يغيبوا عن الساحة العراقية، فلا ينبغي أن يزيدوا أوزارهم وزراً جديداً بالضغط من أجل عدم إتمام الانسحاب الأميركي. يعزز هذا المنطق أن الانسحاب الأميركي آتٍ لا محالة، إن لم يكن في عهد بوش -وهو سيناريو مستبعد إلا إذا أجبر عليه بسبب انعطاف إيجابي في مسار المقاومة العراقية- ففي عهد خليفته حتى ولو كان من الحزب "الجمهوري" نفسه، وبالتالي فإن من يؤثرون الاستسهال بالضغط من أجل بقاء القوات الأميركية في العراق يتعين عليهم أن يعرفوا أن اليوم الذي تقرر فيه الولايات المتحدة الانسحاب الكامل من العراق لم يعد بعيداً، وأن الأفضل لهم أن يستعدوا لهذا اليوم بدلاً من أن يتصوروا أن بمقدورهم تأخيره. وثمة مسارات عديدة للعمل يمكن أن تقترح على من يطالبون ببقاء الاحتلال، منها أن يبذلوا جهداً حقيقياً في دعم جهود تحقيق وحدة وطنية عراقية، أو على الأقل كتلة وطنية فاعلة تكون أساساً لاستقرار ما بعد الانسحاب. ومنها أيضاً بلورة موقف عربي جماعي يكون قادراً على إدارة حوار مع إيران من موقع الند وليس المستجدي، وذلك لضمان ألا تستبدل بالاحتلال الأميركي هيمنة إيرانية على العراق أو بالأحرى على بعض أقاليمه. ومنها كذلك البحث في تشكيل قوة سلام دولية فعالة تشارك فيها الدول العربية والإسلامية وغيرها لتأمين الاستقرار في كل بقعة ينسحب منها الاحتلال الأميركي، وصولاً إلى إجراء انتخابات نزيهة تحت رقابة دولية في أعقاب خروج الاحتلال من أجل بناء عراق جديد حر وديمقراطي بدلاً من محاولة النفخ في بقايا نار أحرقتنا، ناهيك عن أنه لا أمل في صمودها طويلاً أمام المقاومين من أبناء العراق الذين يصنعون الآن مستقبلاً لعراق جديد بعيداً عن الهيمنة والاحتلال معاً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
«العراق« في الذكرى السادسة لأحداث 11 سبتمبر 2001

حسن العطار
اخبار الخليج البحرين

في الذكرى السادسة لأحداث الحادي عشر من شهر سبتمبر 2001 قدم كل من قائد القوات الأمريكية في العراق «الجنرال ديفيد بترايوس« والسفير الأمريكي في بغداد «رايان كروكر« تقريرهما عن الوضع في العراق أمام الكونجرس الأمريكي. وكما كان متوقعا فان التقرير جاء مؤيدا وداعما لموقف الادارة الأمريكية واستراتيجيتها التي طبقتها في العراق، حيث أشار التقرير من الناحية العسكرية الى وجود تقدم على الصعيد الأمني في بعض المناطق وخصوصا في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين مما يعطي أملا في السيطرة على أعمال العنف في عموم العراق. أما على الصعيد السياسي، فقد أعطى التقرير صورة مأساوية وخصوصا حول المقاربة السياسية وعدم وجود

تفاهم من الناحية السياسية حول القضية الجوهرية وهي المصالحة الوطنية التي تواجه تحديات هائلة على المستوى الوطني، وهو بهذا يحمل القوى السياسية العراقية مسؤولية الفشل على الصعيد السياسي. التقرير في مجمله موجه للشعب الأمريكي والكونجرس ومنتقدي الادارة الأمريكية في محاولة للحصول من الكونجرس على مزيد من الوقت لتحقيق بعض النجاح في المستقبل، وفي الواقع فان التقرير يعطي صورة غير حقيقية لما يحصل في العراق ويتغاضى عن الكثير من الكوراث والتدهور والمآسي التي تحصل في البلاد. السياسة الأمريكية الحالية تهدف الى تقسيم العراق على أسس طائفية وقومية، فبدلا من الضغط على القوى السياسية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية والمشاركة الفعالة في ادارة البلاد عبر حكومة مركزية قوية وتأسيس الجيش وقوى الأمن العراقيين على أسس وطنية وتقاسم الثروة على أساس من العدالة وتأمين عودة المهجرين قسرا الى أماكن اقامتهم الأصلية وبسط الأمن في ربوع البلاد، تعمل الادارة الأمريكية حاليا على تسليح العشائر السنية في محافظات الأنبار وديالى وصلاح الدين بحجة مقاتلة القاعدة وبسط الأمن وفرض القانون في هذه المحافظات، وتقيم الجدران العازلة بين الأحياء السكنية في مدينة بغداد، فقبل أسبوعين بدأت القوات الأمريكية بناء جدار اسمنتي طوله حوالي كيلو متر يعزل منطقة الشعلة الشيعية عن حي الغزالية السني، وقبلها بنت القوات الأمريكية جدارا عازلا مماثلا بطول أكثر من خمسة كيلومترات من كتل الاسمنت المسلح التي تزن الواحدة منها أكثر من ستة أطنان وبارتفاع خمسة أمتار حول منطقة الأعظمية السنية، مبررة ذلك بمنع الميليشيات الشيعية من تنفيذ هجمات تهدف الى ارغام السنة في المنطقة على الرحيل، وكذلك منع المسلحين السنة من استخدام المنطقة لتنفيذ هجمات في الأحياء الشيعية المجاورة. ماذا تعني سياسة تسليح العشائر سواء من الشيعة أو من السنة أو من غيرها من مكونات الشعب العراقي وبناء الجدران العازلة بين الأحياء المختلطة غير تهيئة العقول والقلوب والنفوس لتكريس واقع الفرقة بين الشعب الواحد، حتى اذا حانت الفرصة بعد خلط الأوراق وتأزيم الأوضاع السياسية والأمنية لم يعد لدى أي طرف فرصة للتراجع عما رسم وخطط له بحجة الحفاظ على الأمن واعطاء كل طائفة حقها في ادارة شؤونها السياسية والاقتصادية والأمنية. تقسيم العراق الى ثلاث دويلات كردية في الشمال وشيعية في الجنوب وسنية في الوسط مازال هدفا استراتيجيا أمريكيا تتدارسه وتتداوله الدوائر السياسية في واشنطن ومعاهد الدراسات الاستراتيجية الأمريكية لتنفيذه في حال فشلت جهود العراقيين في تحقيق المصالحة الوطنية. وفي مقال كتبه الجنرال البريطاني «مايكل روز« القائد السابق لقوات الأمم المتحدة في البوسنة في صحيفة «ذى ديلي مايل« يحمل فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش مسؤولية تدهور الأمن العالمي، يقول: «بدل أن يتخذ تدابير مدنية ويضمن أمنا دائما اثر هزيمة طالبان، حول الرئيس بوش بتسرعه وجهله انتباهه الى العراق، والنتيجة أن العالم بات أقل أمانا مما كان عليه قبل أن يعلن بوش الحرب. في العراق وبعد أربعة أعوام من الاحتلال فان الوضع أسوأ والأهداف الثلاثة الأساسية للاستراتيجية الأمريكية - الحكم الجيد واعادة الاعمار والأمن - أصبحت بعيدة المنال، والبلد يظل على شفير حرب أهلية، وأن سياسة بوش التي قامت على التدخل في الخارج بوسائل عسكرية أفضت الى مزيد من انعدام الاستقرار والى تصاعد العنف الارهابي في العالم«.