Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الاثنين، 22 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الإثنين 22/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الاحتلال.. وراء فتنة شمال العراق
افتتاحية
الجمهورية مصر
اندلع القتال في شمال العراق بين القوات التركية الغاضبة وعناصر حزب العمال الكردستاني التي أوجدت لنفسها ملجأ آمنا في الاقليم الكردي المستقل فعليا عن العراق. شنت منه الهجمات علي الجيش التركي وكبدته خسائر فادحة.
ان العراق الذي فرقه الغزو الأمريكي الغاشم غير المبرر فعليا الي شمال ووسط وجنوب يتعرض لغزو آخر مبرر هذه المرة من الجانب التركي بعد أن أيقظ الاحتلال الأمريكي الفتنة الكردية التي لاشك سوف يدفع ثمنها الشعبان العراقي والتركي. وربما شعوب الدول المجاورة.
لقد جاء الغزو الذي غلفته الادارة الأمريكية بشعارات الحرية والديمقراطية وبالا ليس علي العراق وحده بل علي المنطقة بأسرها. مما يستدعي ليس اللعنات فقط علي الاحتلال الأمريكي وانما أيضا المطالبة بسرعة رحيله حتي تتنفس شعوب المنطقة وتتدبر أمورها وتقرر مصائرها.. بحرية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
على أبواب مشاريع تقسيم العراق
علي عقلة عرسان
حركة القوميين العرب
مقاربة لأسئلة على أبواب مشاريع تقسيم العراق وسواه
ارتفاع حمى الأقليات التي تنادي بتجزئة الوطن المجزأ المصاب بأعدائه وبأبنائه
في الوقت ذاته.
د. علي عقلة عرسان :
ميدل ايست اونلاين كل عام وأنتم بخير، أعاد الله عليكم العيد وأمتنا في حال
أفضل مما هي عليه من حال.
كنت أودّ أن أذهب مع الرغبة الداخلية في الحديث عن قيم رمضان ومعانيه وبعض
الرؤى في ختام أيامه وصبح العيد، ولكن.. مؤذية هذه الـ ولكن، إنها تنشب في
الحلق مثل حسك السمك وتفسد على من يصاب بها الكثير.. وقد نحتني عن رغبة على
شيء آخر.
فقد هالني كم التجني والحقد والعداء لأمة العرب يندلق بلسان "عربي" من فضائية
عربية، وآلمني الأسلوب الغوغائي الذي يتبعه معادون لإنسانيتهم وانتمائهم، أياً
كان ذلك الانتماء، لأن الغوغائية عداء للعقل والمنطق والحقيقة ومن ثم للحقوق
والأمم والحريات والحياة السليمة، وهي نهج المفلسين الذين يسوغون كل نهج
ليأخذوا ما لا يستحقون والنيل ممن لا يقدرون على مواجهتهم بالمعرفة والمنطق
والعدل. واستفزني مقدار الحقد الدفين الذي يصبه فريق من الذين يدعون أنهم
يريدون حقوقاً قومية، منها حق تقرير المصير لأقليات على حساب الوطن والقانون
والأمة والمستقبل، وعلى حساب كل علاقة وتاريخ مشترك، وراعني استمرار الاستهداف
الهمجي للعروبة والقومية العربية والإسلام ضمناً، من أشخاص يدفق منهم الجهل في
مسارب البغضاء فيسودون وجه الحياة والعلاقات ويفتتون المستقر من الصلات،
وهالني أكثر أن تفتح لهم منابر مؤثرة لينالوا من الأمة العربية في عقر دارها،
وهم مستنبتون في أحواض استعمارية وصهيونية مكشوفة وممولون من قوى معادية
للعروبة والإسلام، ويُحتَضنون في بيوت العرب ليشوهوا أمة العرب وتاريخها
وحقائقها وحضارتها ونضالها ضد المحتل.
ليس من الحرية حرية التشهير، وليس الكسب الإعلامي بوابة من بوابات الخلق حين
يكون على حساب الحقيقة والقيم والناس، ونفي المؤامرة في هذه المجالات هو نوع
من المؤامرة وحلقة من حلقاتها.
وقد قادني ذلك الذي سمعت ورأيت إلى أن أطرح أسئلة على نفسي وعلى أبناء الأمة،
سواء من ينضوي منهم في تيار فكري أو سياسي أو تنظيم ذي أهداف وبرامج عمل أو من
ينتمون إليها ويحملون هويتها وهمومها كما يحمل الشخص اسمه وتاريخه ولا يتعصب
لذاته. هل العرب أمة أم أنهم كما بدأ التشكيك بهم مع ولادة المشروع الصهيوني
ومن حمله لم يحققوا مقومات الأمة وفي بعض الأقوال شبه أمة، ووفق منطق السواطير
المستوردة لا أمة ولا يحزنون؟
وهل القومية العربية وما انبثق عنها وبُني عليها واشتُقّ منها وأوحت به وعمَّق
إيحاءاتها من فكر قومي ومشاعر شعبية وتوجهات نظرية وتنظير وتنظيم وعمل، كانت
مجرد وهم نمّيناه وابتلعناه فتورّم في أعماقنا وأصبحنا بسبب من ذلك خارج حدود
التاريخ ومعطى الواقعية بتياراتها ومذاهبها كما يحاول أن يشيع أصحاب العداء
المقيم للعروبة؟!.
وهل هي مشروع مستورد كما كانت تقول تنظيمات حزبية في الأربعينيات والخمسينيات
من القرن العشرين ـ صدَّره الإنكليز ـ أم أنها نبت أصيل في أرض الأمة وتربتها
الثقافية تعود جذوره إلى تاريخ أبعد من تاريخ أية أمة من الأمم، لَهَج به
دعاتها في مطلع القرن وفي "مجلس المبعوثان" العثماني بالذات؟
وهل التطلع الوحدوي العربي، الذي يعتبر أهم أقانيم الفكر القومي والعمل القومي
وأبرز أهدافهما، هو خرافة ونوع من أساطير تُبنى عليها سياسات أو تتقنع بها
سياسات، ولا تمتد لذلك التطلع أي جذور في الواقع المعيش، ولم يكرَّس بقاء تلك
الجذور عندما تحقق له بعض الوجود السياسي في بعض الأقطار؟
هل القومية تنفي الدين وتتعارض معه، أو أن الدين ينفي القومية ويرى فيها نوعاً
من عصبية مرفوضة تقف في وجه تسامحه وأمميته واتساع مداه الإنساني؟! في علاقة
القومية العربية بالإسلام هناك تكامل تام وعلاقة عضوية، أساء إليها وأساء
فهمها بعض القوميين وبعض الإسلاميين في وضعي تطرف أسس لعداء حصدت الأمة ثمره
المر، فلا هوية ولا شخصية للعروبة إذا ما استلب منها الإسلام أو ابتعدت عنه،
وروح الجماهير التي تعمل العروبة من أجلها ومنظومات قيمها ومشاعرها العميقة
مستمدة من الإسلام ومنسجمة معه ولا تنفصل عنه، أو هكذا ينبغي أن يكون عليه
الحال من وجهة نظري، وأي وضع للعروبة في مقابل الإسلام وللإسلام في مقابل
العروبة يضعف كلاً منهما. ونظرة الإسلام التي كونت الشخصية القومية وأكدتها
ولم تنفها رفعت الانتماء القومي فوق علاقة الدم واللحم ليكون معطى معرفياً
رفيعاً محكوماً بمنظومات العقيدة وقيمها، وتأكد ذلك في حديث الرسول صلى الله
عليه وسلم، وهو حديث صحيح:
"أيها الناس إن الرب واحد والأب واحد، ليست العربية من أحدكم بأب ولا أم؛
العربية لسان، فمن تكلم العربية فهو عربي.". وعلينا أن نذهب في فهم مغزى هذا
الحديث إلى أبعاد مكانة اللغة العربية بما حملت في كل من العروبة والإسلام
لندرك المغزى العميق للعلاقة والأبعاد المستمرة للرؤية التي نحتاج إلى تعميقها
وتجسيدها.
هل القومية العربية نوعٌ من "شوفينية" ظاهرة أو باطنة، فاعلة أو كامنة، يرى
فيها أعداء التعصب "نظرياً " ومن يمارسونه على أسوأ صوره عملياً، هل هي كذلك
وتشكل خطراً على الآخرين ونزوعاً مؤذياً يؤدي إلى تصاعد النزاعات والحروب، كما
يلغو اليوم بعض من يتطاولون عليها من دون وجه حق ويشهرون عليها سكاكينهم
مناصرين أعداء العروبة والإسلام؟
إن هذا يستدعي فتح ملفات ضخمة تتصل بالحروب ومشعليها والقوميات ونزوعاتها،
والتعصب وتاريخه ودعاته وممارساته، كما يستدعي الخوض في نقاش وتحليل حول
القوميات بشكل عام ومواجهة عللها بوجه خاص: هل يمكن القضاء عليها أم من
المستحسن أن تقوم بينها جسور ثقافية ومعرفية ليزيل التعارف جهل الحقد وحقد
الجهل، ولتتأكد هوَّيات ثقافية وروحية للقوميات لا تجعلها مجرد تعصب عرقي وجشع
مادي وقسوة تسلط وهيمنة وإلغاء أو إقصاء من أي نوع.
وفي مسارات الأسئلة: هل العرب أمة حسب المعايير التي وضعها المنظرون لوجود
الأمم وتطورها وحضورها الفاعل في التاريخ أم أنهم ما زالوا، بنظر من لا ترضيهم
القومية العربية بالذات، مشروع أمة ومشروع قومية ومشروع وجود على الرغم من
توافر الحضور التاريخي والمقومات جميعاً والحضور بأشكال لا يغيبها إلا
التجني!؟ ومن المؤسف أنه حتى في مجال التطبيق العلمي للمفاهيم والمعايير
الموضوعية تبدو الازدواجية ظاهرة ومتطرفة في معاداتها للعرب، ويبدو بعض أبناء
الأمة أشد خطراً عليها في هذا المجال من أعدائها.
وهل "التشنج" القومي هو السبب في رفض عرب اليوم دخول أبواب "سلام اليوم" الذي
يقدمه للمنطقة: الصهيوني العنصري الوالغ في دم الأمة والمتصهين والإمبريالي
المحتل الذي يرقِّط جلده بوشم الشعارات الإنسانية ويلغو بالديمقراطية وحقوق
الإنسان والحريات العامة وهو يزري بها في كل آن ويتواطأ مع مزيفيها والمتاجرين
بها ومن يستخدمونها مدخلاً للنيل من دول وشعوب وعقائد وثقافات وللقضاء على
بلدان وحضارات، ويريد أن يعطي للكيان الصهيوني حق الهيمنة على العرب وأرضهم
وتاريخهم ومصالحهم ويجرد الأمة العربية من كل شيء، ويعقد مؤتمرات هي
"أوكازيونات" للتنازلات المفرطة بحق الأمة العربية في فلسطين؟! وهل أصبح تمسك
أمة مظلومة ومستهدَفة بحقوقها ومقاومتها لأعدائها وصلابتها وصمودها في وجه
المحتل والمختل ورفضها التنازل عن الأرض والمقدسات والهوية والعقيدة عيباً
ووصمة عار وخروجاً من العصر وعليه وعلى أهله والراسخ من " قيمه" التي يلخصها
اليوم مجلس الأمن الدولي بوصفه أداة أميركية؟
وهل القومية العربية لا تقوم إلا على أسس علمانية، وعلى نفي الدين والتنازع مع
الإسلام: فإما هي وإما هو؟!، وأنها لا يمكن أن تكون تقدمية وعصرية ومرضياً
عنها إلا إذا زوّرت هويتها وأهدافها وتنازلت عن ثوابتها وحقوقها التاريخية
وغيرت تاريخها وبنية مجتمعاتها، وارتدت ثوباً مفصَّلاً على الطريقة الصهيونية
والإمبريالية لحل مشكلة مجتمعية: اقتصادية وسياسية، أو لخلق مشكلات لكل
المجتمعات تعيشها وتعاني منها ليتفرغ اليهودي لمشروعه الصهيوني وعبثه بقوميات
الآخرين وعقائدهم ومقدساتهم وحقوقهم ودمهم؟
إن مفهوم العلمانية في هذا المجال يحتاج إلى تمحيص وتدقيق، فمن يريد أن يقدم
إلحاده في ثوب العلمانية وينفي حق المؤمنين والمعتقدين بإله في أن يمارسوا
حرية الاعتقاد والتفكير والتعبير، يستطيع أن يحوّر ما يشاء وأن يقدم مفهومه
كما يشاء ولكنه سيبقى في مساحة اللغو واللهو يسلك مسلك الغوغاء للفت النظر
وينساق في مساق العصابات ويمارس نوعاً من الإرهاب الفكري ليفرض ما يشاء ويتهم
الناس بما في نفسه، لأن تاريخ المصطلح " العلمانية" ومنطلقه لا يتعارضان
جوهرياً مع الدين والإيمان والاعتقاد، وإنما يجعلان حاكمية ذلك لله وليس لسلطة
بني البشر من خلال تأثيرها على السلطة الزمنية واستخدامها لتلك السلطة
استخداماً تعسفياً ضد الناس.. وفي هذا المنحى تكون العلمانية شيء والإلحاد
التورمي الخبيث شيء آخر، فاللاديني والاأدري والمرجئ كل أولئك موقفهم معروف
ولكن من يريد أن يفرض إلحاده على الأمة ويزري بقيمها الروحية يحتاج إلى
التحريف والتلطي وراء مفاهيم أخرى وزحلقة المفاهيم الصحيحة بما فيها
"العلمانية الإيمانية" إن صح التعبير نحو دائرة فهمه واعتناقه الذي يحاول أن
يموهه وهو أقرب إلى التحلل والانحلال منه إلى المبدأ ! الثابت بدليل التحولات
المبدئية بمدى 180 درجة عند بعض كانوا يقفون في صفوف أيدلوجية معينة ويصنفون
الناس من مواقف بغطرسة فريدة من مواقع مستعلية.
وبعد، هل القومية العربية أفلست، وعليها أن تلملم أوراقها وتنسحب خارج
التاريخ والحاضر بعد أن تحمّل نفسها مسؤولية كل ما حدث للأمة خلال هذا القرن
والقرن الذي لفظ أنفاسه؛ وأنّ على التيار القومي بكل تشعباته وفروعه
واجتهاداته وتناحراته أن يخلي الساحة لسواه بعد أن يعلن إدانة نفسه ويكتفي من
الغنيمة بالإياب، لأنها حكمت على مستقبلها بالموت، من وجهة نظر من يطرحون هذه
المقولات؟
وهل أفلست طروحات ذلك التيار ونظرياته، ووصل إلى درجة من الجمود لا تجدي معها
المراجعة ونقد الذات وتصحيح المسارات، أم أنه يرى ما له وما عليه ومازال حضوره
في ساحة العمل والنضال هو الأساس لتحقيق أهداف الأمة، وأن مساحة المستقبل
مفتوحة أمامه، ولكن وصوله إلى حالة من الأداء المطلوب تحتاج إلى وقفة شجاعة
ودقيقة مع الذات يجري فيها مراجعة ومحاسبة يخرج بعدها أكثر تعافياً وأقل
عنجهية وأشد تواصلاً مع أصوله وركائزه التي حاولت تنظيمات وتيارات أخرى أن
تهزها وأنّ تدخل من خلالها إلى بنية أمة لا يمكنها أن تقبل التهجين والدخيل
والتخلي عن منظومات قيمها وأصالتها وحقوقها وعقيدتها ومعطى هويتها وتاريخها
الحضاري العريق، تلك التي يرمي إلى نفي وعيها وتفتيت تماسكها لنقض بنيانها من
الداخل وإضعافها تماماً بعد تمزيقها ومن ثم الانقضاض على حقوقها ووجودها؟!.
أسئلة نطرحها ونحن على أبواب مشاريع تقسيم العراق وسواه من البلدان، وانفلات
عملاء من كل قيد وخلق يثخنون جراح بلدان ويهددون أخرى وتستبد بهم الوقاحة إلى
درجة الاستهانة بأبسط خصائص الإنساني والقومي والوطني، وتصفية قضية فلسطين،
وارتفاع حمى الأقليات التي تنادي بتجزئة الوطن المجزأ المصاب بأعدائه وبأبنائه
في الوقت ذاته.
وطرح هذه الأسئلة يرمي إلى التحريض على التفكير في الواقع والأهداف والحالة
العامة التي يعيشها الوطن العربي، وتعيشها التيارات الفكرية والسياسية الرئيسة
فيه من جهة، والتعامل مع ما تقدمه المتغيرات في وطن العرب والعالم من معطيات
ذات تأثير كبير وخطورة، لتتم مقاربة الأجوبة وتلمّسها في ضوء ما يُطرح على هذا
التيار من قضايا وأسئلة وتحديات، وما يخوضه من صراعات داخلية وخارجية وما
يواجهه من قوى الاحتلال ومؤامرات حلفائها وعملائها وأعوانها، في إطار من
الموضوعية والروح العلمية والواقعية العملية التفاؤلية.. وهي مقاربة مطلوب
منها أن تضع كل أمر في موقعه الصحيح، لا سيما في الوضع العربي الراهن مقروءاً
ومستقرءاً بوعي في ضوء وقائع تاريخنا وتاريخ الأمم من جهة أخرى.
لا يمكن النظر إلى التيار القومي على أنه تيار منزه، ولا إلى نظريات أطرافه
على أنها لا يأتيها الباطل من أي طرف من أطرافها، ولا على أنها منزلة تتمتع
بعصموية أبدية.. وهي في نهاية المطاف نظريات وأفكار واجتهادات تمتحن في
الممارسة وتكتشف أخطاؤها، وتتوقف حيويتها على اكتشاف الحقائق ومواجهتها
والقدرة على التصحيح من جهة والثبات على المبادئ والأصول من جهة أخرى. ويبدو
من شبه المؤكد أنه ما من نظرية توضع موضع التطبيق، إلا وتصاب بشروخ أو تظهر
شروخها الكامنة فيها أصلاً ، قبل أن تُعْرَض على التطبيق. وما من شعار يُدفع
إلى ساحة التنفيذ، إلا وتظهر هوة بينه وبين الممارسة المؤدية إلى إنجازه، وذلك
لأسباب عديدة تتصل: إما بسلامة الفكر والرأي والرؤية، أي التنظر ومجرياته،
وإما بالعنصر البشري " الإطار" وقدرته على التمثّل والأداء وترجمة المطلوب إلى
ملموس منجز في أداء يحترم الإنسان والقانون ومقومات المواطنة والحريات في
الحياة، وإما بسبب الإمكانات المتاحة والظروف المحيطة ودرجة النضج والاستعداد
البشريين، وما قد يعترض ذلك أو يُنصب لـه من معوقات وتحديات داخلية وخارجية
على الخصوص.
وهذا الذي ينطبق على معظم - إن لم نقل على كل - النظريات والشعارات في البلدان
والأزمان المختلفة ينطبق على الفكر القومي والعمل القومي العربيين. فليس بدعاً
ولا غريباً أن نلمس فجوات ونستشعر نواقص ونستهجن ممارسات، وتنهض في وجهنا
صعوبات وتحديات وأن يقال لنا: هناك تقصير وعيوب وأخطاء وممارسات مؤسفة، الخ..
وأن نطالب بمراجعة وتصحيح من خلال ممارسة النقد والنقد الذاتي، ولكن محاولة
النفي للأصل جملة وتفصيلاً، وجعل الفكرة القومية ذاتها موضع الشك وموطن الوهم
وسبب الخلل والعجز، ونفي مقومات الأمة ومعطيات القومية عن العرب وعن التوجه
القومي الذي يتخذه تيار كبير منهم، مستلهماً وجدان الشعب كله ومعطى تاريخه
العريق.. ومطالبة القومية بالتنحي بعد اتهامها وتشويه مضمونها، هو الغريب
المستغرب الذي لا يمكن أن يسوّغ على أرضية مقبولة معقولة ولا أن يقبل لأنه
الإعدام والانعدام.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
كتاب " نهاية العراق " يكشف خطة تقسيم الدول العربية واسرارها منذ الثمانينيات الى احتلال بغداد
وكالة الصحافة العراقية
"نهاية العراق " ام بداية تقسيم المشرق العربي؟ السؤال مطروح بشقيه بعد قرار الكونغرس الداعي الى التقسيم, وهو يتزامن مع خطة متسارعة لتكريد كركوك من خلال تهجير سكانها العرب والتركمان الاصليين وتعويضهم مبالغ مالية ، هذه التساؤلات طرحها مؤخرا كتاب صدر حديثا بعنوان" نهاية العراق " تتوقف عنده " وكالة الصحافة العراقية " لشرح ابرز ما جاء به ، والكتاب تأليف بيتر دبليو غاليبيرث, صدر اخيرا عن الدار العربية للعلوم ومؤلفه سياسي واداري ودبلوماسي اميركي, وأحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاميركي خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات الماضيين غاليبيرث خدم في إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون كسفير لواشنطن في كرواتيا, بعد أن شهد بنفسه انهيار يوغوسلافيا
يفضح الكتاب الخطة الاميركية لتمزيق العراق مع نشره وثيقة اسرائيلية نشرتها مجلة «كيفونيم» باللغة العبرية في العام 1982, تكشف بدورها الاستراتيجية الاسرائيلية لتقسيم المنطقة, بدءا بلبنان وسوريا والعراق وانتهاء بالسودان والجزائر فضلا عن مصر ودول الخليج العربي.
ماذا في الكتاب والوثيقة؟, مؤلفه بحكم مواقعه سمحت له الظروف أن يطّلع من حيث موقعه على الكثير من التقارير والاوراق والخطط والوثائق السرية, التي كانت تقدم للكونغرس ولا تذاع ابدا على الرأي العام و يقول إنها تشبه إلى حد كبير العراق من حيث التباين المذهبي والطائفي.
ومنذ ان ترك غاليبيرث الخدمة زار العراق عشرات المرات ككاتب معروف وصحفي مستقل وكمستشار لشبكة «ايه.بي.سي. نيوز» الأميركية, وقام بتغطية حرب تحرير الكويت ثم رافق الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003, وارتبط بعلاقات قوية مع البعض من الساسة والقادة العراقيين الجدد الذين يظهرهم معه في صور عدة "داخل الكتاب", ويسجّل العديد من آرائهم وافكارهم واقوالهم ويعّلق عليها وعلى ساسة عراقيين آخرين مثل اياد علاوي وجلال الطالباني ومسعود البارزاني وغيرهم.
يبدأ غاليبيرث كتابه «نهاية العراق» بتصويراللحظة التاريخية التي تمّ فيها إسقاط تمثال صدام حسين ويقول: «يحلو للمسؤولين في إدارة الرئيس بوش أن يرددوا دوماً عبارتهم الشهيرة: «لكل مشكلة عندنا حل » ولكن الذي فعلوه بالعراق يؤكد أنهم يخلقون المشاكل, ولا يجدون لها الحلول, والعراق الآن بلا صدام, ومثله نظام حكم بول بوت في كمبوديا, من أسوأ الأنظمة الدموية ابان النصف الثاني من القرن العشرين, فما الذي فعلته هذه الإدارة الاميركية العبقرية؟». يقول غاليبيرث إنه «منذ أن أسقط المارينز الأميركيون تمثال صدام حسين في ميدان الفردوس في بغداد, سارت الأمور مع أميركا في العراق من سيئ إلى أسوأ, وانهارت طموحاتها المعلنة لإقامة نموذج ديمقراطي يمكن تعميمه في الشرق الأوسط. وتبدو أميركا الآن وكأنها ستبقى في حرب مفتوحة في العراق إلى ما لا نهاية وسط تصاعد ضغط الطوائف التي نفد صبرها بالفعل وباتت الحرب الأهلية هي العنوان الوحيد لعراق ما بعد صدام. وكان يمكن تفادي ما حدث لو كانت إدارة بوش قد وضعت سياسة حكيمة في تفادي الفوضى التي عمت العراق بسبب ترك الأميركيين الحبل على الغارب منذ أول أيام الاحتلال لنهب وتدمير المؤسسات في بغداد».
يستطرد غاليبيرث مسجلا مشاعر بعض مسؤولي الرئيس بوش الذين يجد انهم سعداء بهذا المشهد وكأنه جزء من الانتصار, متهمّا إدارة الرئيس الاميركي بارتكاب أخطاء قاتلة في عراق ما بعد صدام وتبني استراتيجيات تؤكد عدم إدراكها لطبيعة العراق وفهمها لهذه البلاد الصعبة متعددة الطوائف والأعراق, كما وانهم كانوا وما زالوا من البعد بمكان عن ادراك العوامل التي تحكم العلاقات بين هذه الطوائف العراقية. والحقيقة أن الاميركيين لم يدركوا البنية المتداخلة للمجتمع العراقي الذي لم يكن في يوم من الايام منفصلا عن بعضه الآخر ولا بمحارب لبعضه الآخر ولا بمستهجن لبعضه الآخر, ربما كان هناك اختلاف ثقافي لكن لم تصل درجة الاختلاف الى نفي الآخر وابادته.
ويقول المؤلف بأن هذه الأخطاء الاميركية قد حالت دون نجاح عمليات الإعمار أو إقامة أي حكومة مركزية قوية في المستقبل. ويقول غاليبيرث: «إن المأزق الذي وضعت إدارة بوش العراق فيه دفعها الى طريق يمكن أن يطالب فيه البعض بإقامة ديكتاتورية لاستعادة الأمن والدولة الموحدة», أي بمعنى ان الولايات المتحدة لا مانع لديها ان تنّصب حكومة مركزية يقف على رأسها ديكتاتور جديد ليس لاستعادة الامن والنظام والدولة الموّحدة, بل من اجل ضمان مصالحها الحيوية في الشرق الاوسط وجواره.ويؤكد غاليبيرث مخاوفه من أن يؤدي المنحنى الخطير الذي تتخذه الأحداث الصعبة إلى هذا المسار من نتائج الحرب قائلا إنه منذ غزو العراق حدث ما يأتي:
اولا ­ سقطت ألوف مؤلفة من العراقيين بين قتلى ومذبوحين وجرحى نتيجة انتشار أعمال العنف الدموي في العراق بعد فشل سياسات الاحتلال الأمنية, كما سقطت أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين ما بين قتلى وجرحى أيضاً بسبب هذه السياسات التي لا توفر أي نوع من الأمن, لا للاميركيين ولا لشركائهم في التحالف ولا للعراقيين المدنيين. ثانيا ­ دفعت سياسات بوش في العراق إلى ظهور جماعات إرهابية شرسة, تمكنت منذ اللحظة الأولى من السيطرة على اصقاع مهمة من العراق وانتزاع زمام المبادرة من سلطة الاحتلال وكذلك الحكومة الموقتة ­ فيما بعد ­ برئاسة الدكتور إياد علاوي ومازالت حتى يومنا هذا. وقد ظهر هذا بوضوح عندما اغتال الإرهابيون رئيس بعثة الأمم المتحدة السيد سيرجي دي ميللو ثم اغتالوا بعد ذلك الزعيم الشيعي البارز آية الله محمد باقر الحكيم, ومئات الشخصيات العراقية ناهيك عن مسلسل قطع رؤوس الأجانب والعراقيين معا. والكل يسأل منذ اكثر من ثلاث سنوات لماذا لم يفرغ العراق من الاسلحة؟ لماذا بقيت الحدود الدولية مفتوحة على مصراعيها؟ لماذا لم تعلن حالات طوارئ. لماذا لم يمنع التجول ؟ لماذا لم يحاكم القتلة والمجرمون؟ لماذا تفرض الادارة الاميركية الفيتو على القرار العراقي؟
ثالثا ­ سماح الأميركيين بأعمال النهب والسلب والسرقة لكل ممتلكات الدولة ومؤسساتها وانفلات الامور في عموم العراق "ما عدا حماية وزارة النفط العراقية" في بداية دخولهم العراق كلفه مليارات الدولارات, كما أدى سماحهم بتدمير المؤسسات العراقية وسرقة موجودات المال العام إلى خسائر فادحة, ويستطرد المؤلف قائلا: سيتعين على الأميركيين إذا ما استمروا في البلاد إعادة البناء وتعويض الخسائر من جيب دافع الضرائب الاميركي.
رابعا ­ أنفق الأميركيون أكثر من 200 مليار دولار في حربهم على العراق على عكس ما حدث في حرب الخليج الأولى عندما عادت عليهم تلك الحرب ببعض المكاسب المالية نتيجة لمساهمات دول أخرى في تكلفة الحرب.
خامسا ­ ومع تصاعد موجات الاعتراض والتمردات والثورة على الاحتلال الاميركي في الجنوب الشيعي أو المثلث السني, حاولت واشنطن تشكيل وحدات أجهزة أمنية من العراقيين كدرع واق يتلقى الضربات الموجعة بدلاً من جنودها, إلا أن الأمر لم ولن ينجح ابدا, وما حدث حقيقة هو انضمام أعداد كبيرة من الشرطة العراقية التي جهزتها واشنطن إلى الجماعات المسلحة والميليشيات التي تقاوم الاحتلال أو إلى الجماعات المتوحشة التي تمارس الإرهاب.
سادسا ­ انفراط عقد التحالف الدولي, اذ لم تستطع إدارة بوش الاحتفاظ بحلفائها في حربها على العراق في السنوات الثلاث المنصرمة, اذ جاءت الانتخابات الإسبانية ­ مثلاً ­ وذهب أزنار رئيس الوزراء الحليف وجاء ثاباتيرو رئيس الوزراء وهو المعروف بنقمته على الحرب, فقام بسحب قواته. والآن هناك خطط لمعظم حكومات القوات المشاركة في التحالف الدولي للانسحاب من العراق.
ويسجّل غاليبيرث قائلا: «ان أميركا قد كسبت الحرب في التاسع من نيسان €ابريل€ 2003, ولكنها قد خسرتها في اليوم نفسه, حيث غزت الطائفية وهي تتحدث عن عراق موحد. وقد كان من الممكن تفادى ما وصلت إليه الأمور لولا أن القصة من قبل الغزو كانت غير محبوكة». ويستطرد المؤلف قائلاً: «ان إدارة بوش فشلت في جمع جميع أطياف الشعب العراقي على أي شيء واحد وأن أزمة وضع الدستور العراقي الجديد كانت خير دليل على ذلك. وأن الإستراتيجية الاميركية التي ترتكز على إقامة حكومة مركزية قوية لم تحقق أي نجاح حتى الآن إلا على الورق فقط».
يضيف غاليبيرث في مكان آخر: «إن الولايات المتحدة يجب أن تركز الآن ليس على استعادة العراق الموحد الذي دمره سياسيو بوش غير المتمرسين والحمقى ولا على فبركة وحدة مزيفة وكاذبة لهذا البلد, ولكن على منع انتشار الحرب الأهلية المدمرة والمميتة. ويتعين عليها قبول الحقيقة الماثلة الآن للأعين, وهي أن العراق تمزق, وأن تعمل مع الشيعة والعرب السنة والأكراد لتعزيز المناطق شبه المستقلة أصلاً, وإذا تم استقلال هذه المناطق فإنه سيكون عليها هي توفير الأمن لسكانها الذين ينتمون لعرق أو طائفة واحدة».
ويمضي غاليبيرث قائلاً: «ان أكراد العراق لا يقلون عن الفلسطينيين أو الليتوانيين أو الكروات من حيث استحقاقهم للاستقلال, وإذا كان من الشيعة الذين يشكلون الأغلبية من يريدون إدارة شؤونهم بأنفسهم أو حتى إقامة دولتهم فعلى أي أساس يمكن أن ننكر عليهم هذا الحق؟ العراق يوغوسلافيا جديدة».
ويرسم غاليبيرث سيناريو يعتقد انه واقعي لمستقبل العراق, وأنه المخلّص للعراقيين من انقساماتهم, اذ يرى ان لا مستقبل للعراق الذي انتهى حقا, إلا بولادة ثلاث دويلات: الاولى كردية في شماله وهي موالية للغرب, والثانية شيعية في الجنوب موالية لايران, والثالثة من العرب السنة في الوسط وتعمها الفوضى وهي موالية للعرب على الرغم من ان رؤيتها ستحدد مستقبلا. ثم يقول ان كتابه يعد كشف حساب للتورط الاميركي في العراق قائلا: «ان خطايا السياسة الاميركية قد جعلت العراق ينجرف وهو ينزف دما بلا توقف ليفتح الباب على مصراعيه امام حرب اهلية لم يشهد العالم لها مثيلا من قبل» ويستطرد: «اذا كان ثمن وحدة العراق وجود ديكتاتورية اخرى, فإن هذا سيكون ثمنا باهظا فاحش الغلاء» €ص19€. وهنا, لا ندري لماذا خرج المؤلف بهذا البديل الاحادي, وكأنه يقول بأن العراقيين امام خيارين: فإما التقسيم وإما الديكتاتورية, وكأن العراقيين لا يدركون خطورة الاثنين على مستقبلهما, فلا التقسيم يصلح للعراقيين, اذ انه سيبقيهم يتناحرون دهرا طويلا حتى يتشرذم وطنهم اقليميا بين تركيا وإيران نـظرا لصراع هاتين الدولتين تاريخيا على العراق, ولا الديكتاتورية قادرة بعد اليوم على ان توحدهم, فلقد انفلتت كل قوتهم في اتجاهات مختلفة وبطريقة متشظية لا يعرف لها اي ركود او حدود.
يقول غاليبيرث ايضاً: «ان الاميركيين يخوضون الآن في العراق حربا مفتوحة يمكن ان تستمر مئة عام, وان سياساتهم التي اعقبت غزوهم واحتلالهم لهذا البلد قد مزقته اربا اربا, وأنه لم يعد بمقدور الاميركيين ولا غيرهم اعادة تجميعه, وان حربا اهلية مدمرة ستكون عنوانا للسنين المقبلة, حتى تستقر عملية التقسيم, ويتم الانتهاء من ترسيم حدود هذه الدويلات, وكتابة شهادات ميلاد العراق الجديد».
يضيف: «ان الولايات المتحدة التي غزت واحتلت العراق بهدف معلن هو تحويله لبلد ديمقراطي كنموذج يمكن تعميمه في الشرق الاوسط, ولكنها دمرته تماما ودفعته بسياساتها المجرمة نحو تقسيم لا مفر منه, على الرغم من انه كان مؤهلا له, الى ثلاث دويلات كردية في الشمال موالية للغرب وشيعية في الجنوب موالية لايران وسنية في الوسط بلا هوية تعمها الفوضى».
يستطرد قائلا: ان «معالم الدولة في العراق قد تلاشت في العراق رويدا رويدا منذ الغزو ليس بسبب اطاحة النظام ولكن بتفتيت جميع مؤسسات الدولة وأن التقسيم هو المخرج الوحيد لأميركا من العراق». ويقول: «علينا تصحيح استراتيجيتنا الحالية لأن محاولة بناء مؤسسات وطنية او قومية في بلد دمرنا فيه كل اس ومقومات الدولة ليس سوى جهد ضائع. ولا يؤدي الى اي شيء سوى الابقاء على الولايات المتحدة في حرب بلا نهاية».
وبعد ان يتساءل المؤلف عن جدوى غزو العراق متهما بوش ومعاونيه انهم لم يحسنوا فهم دروس التاريخ ويتحدث عن الخطط الاميركية لغزو العراق ودور رامسفيلد وتباينات وجهات النظر, وهي بطبيعة الحال لا تعنينا في اي شيء. يكتب قائلا: «ان ادارة بوش ذهبت للحرب في العراق وهي مدفوعة برغبة محمومة في احتلاله من دون ان يكون لديها اي خطة او مشروع مستقبلي لعراق ما بعد الحرب». وينصح غاليبيرث بوش بعد ان اتهمه بإساءة قراءة تاريخ العراق الحديث بسحب القوات الاميركية والمستشارين الاميركيين من العراق لأنه لو حاول فرض الوحدة ستندلع حروب طاحنة وستشكل حكومات مستقلة عن الدولة الام ويتم القتال للسيطرة على منابع النفط وعوائده.فقد فشلت اميركا في بناء عراق موحد وديمقراطي. ويوضح غاليبيرث ان التقسيم مأساة يجب الاقرار بها. كما يجب الاقرار بأنه ليس في الامكان ما يمكن فعله لوقفه, وما من امل يرجى كذلك من استمرار الوجود الاميركي في حرب مفتوحة بلا نهاية في العراق.
وباختصار ان غاليبيرث يتهم ادارة بوش بجر العراق الى الحرب من اجل الحرب لا من اجل البناء, وهو مقتنع بأن الولايات المتحدة كانت مندفعة الى تكرار تجربة افغانستان, ومقتنعة بأن العراق هدف استراتيجي سهل للغاية, وهي اليوم تعترف بالفشل, وفي الوقت نفسه تعترف بأن لا حياة للعراق السابق ابدا وأن «المخرج» هو تقسيم العراق الى ثلاث دويلات او كانتونات, وهذا التقسيم كارثة من النوع المرعب
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
لماذا استهداف الاكراد
صالح القلاب
الراي الاردن
كان هذا في بدايات سبعينات القـــرن الماضي، عندما كانت محادثات ومفاوضات إتفاقية آذار (مارس) الشهيرة بين أكراد الشمال بقيادة الملا مصطفى البارزاني والحكومة المركزية في بغداد، حيث الحكم كان لحزب البعث بقيادة أحمد حسن البكر وصدام حسين، فقد توقفت تلك المفاوضات عند نقطة معينة وكادت أن تنهار وإزاء هذا فقد تدخـــل أحد أعضاء الوفد البعثي وقال بطريقة خطابية : ''.. يا إخوان.. وحدوا الله..كلنا عرب ولا يجوز أن نختلف على هذه الأمور البسيطة''.
ابتسم رئيس الوفد الكردي وقال : ''يا رفيق لو أننا عرب مثلكم لكنت أنا مكانك الآن ولما كان هناك إشكال.. هذا مع أن العرب يقتتلون ويتخاصمون على ترسيم الحدود بين بعضهم في مناطق كثيرة إن في مشرق الوطن العربي وإن في مغربه''.
الآن لا يزال البعض يتعامل مع الأكراد ومع المسألة الكردية، وبخاصة في كردستان العراق، بهذه الطريقة وهؤلاء يتعاملون من مسعود البارزاني الذي هو زعيم أمة شقيقة، لكنها غير عربية، هي الأمة الكردية على أنه قحطاني وعضو في حزب البعث وأنه بناء على ذلك عليه أن يغلِّب العام العربي على الخاص الكردي وعليه أن يتحمل ظلم الشقيق وبطشه وألا يمدُّ يده إلى الخارج وبخاصة إذا كان هذا الخارج جهة غير عربية.
لا أبداً.. فهناك أمة شقيقة للأمة العربية حاربت معها على مدى تاريخ طويل تحت بيرق واحدٍ هي الأمة الكردية التي تتمثل مأساتها في أنها أُلحقت جغرافياً وبشرياً، عندما انهارت الإمبراطورية العثمانية وبرزت ظاهرة الدول القومية والقطرية بعد الحرب العالمية الأولى، بالدول التي أقيمت في هذه المنطقة على هذا الأساس وهي تركيا وإيران والعراق.. والى حدٍّ ''ما'' سوريا وأرمينيا.
نعم هناك أمة كردية وهذه الأمة من حقها أن تقيم دولتها القومية الواحدة ومن حق أبنائها أن ينشدوا الاستقلال والحرية والوحدة والمفترض ان الذين يرفعون شعار : ''أمة عربية واحدة'' هم أكثر الناس تأييداً ومساندة لهذه الأمة الكردية التي يجب أن تصبح وبالضرورة رديفاً وظهيراً للأمة العربية هذا إذا أحسن العرب التصرف وكفوا عن التعامل مع الأكراد بهذه الطريقة الفوقية والشوفينية المرفوضة.
ربما أن البعض يستكثر كيف أن أكراد كردستان العراق مدّوا أيديهم ذات يوم إلى الخارج طلباً للمساندة والعون والدعم ضد الحكومة المركزية ''البعثية'' في بغداد لكن على هؤلاء أن يتذكروا تلك القاعدة الفقهية القائلة: ''الضرورات تبيح المحظورات'' وعليهم أن يتذكروا أيضاً أن صدام حسين لم يتردد في التحالف مع شاه إيران بعد إبرام اتفاقية الجزائر الشهيرة ليبطش بهؤلاء الذين من المفترض أنهم أبناء شعبه والذين لا يجوز أن يتحالف مع ''الأجنبي'' ليرتكب بحقهم مذابح جماعية.. ثم أنه على هؤلاء أن يتذكروا أن بعض أبناء غزة قد اضطرتهم قوة ''حماس'' التنفيذية التي قامت بانقلابها الدموي الأخير في منتصف حزيران (يونيو) الماضي إلى الاحتماء من بطش أشقائهم بـ ''الأعداء'' الإسرائيليين في معبر ''إيرتس''.
وهنا، وهذه حقيقة يجب أن تقال، فإن حزب العمال الكردستاني - التركي الذي تشكَّل في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 1978 في حاضنة سورية والذي كان بدأ عملياته العسكرية ضد القوات والأهداف التركية في العام 1984 لم يكن في أي يوم من الأيام على وفاق مع مسعود البارزاني والسبب هو أن قائد هذا الحزب عبدالله أوجلان المعتقل الآن في إحدى جزر بحر مرمرة قبالة اسطنبول يعتبر نفسه قائد الأمة الكردية كلها وهذا يرفضه البارزانيون ويرفضه جلال الطالباني أيضاً.
لم يكن مسعود البارزاني في أي يوم من الأيام راضياً عن أوجلان وحزبه وهو كان يعتقد ولا يزال أن قوات هذا الحزب التي وصل عددها في يوم من الأيام إلى نحو تسعة آلاف مقاتل بينهم عدد كبير من الأكراد السوريين قد اتخذت قواعد لها في كردستان العراق في ثمانينينات القرن الماضي في ذروة الصراع بين دمشق وبغداد وفي ذروة الحرب العراقية - الإيرانية للتشويش على العلاقات العراقية - التركية ولإستدراج الأتراك ليبطشوا بأكـراد العراق تحاشياً لتحول هذه المنطقة إلى بؤرة لاستنهاض الأمة الكردية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
حلم المحافظين الجدد لن يتحقق أبداً..
سلامة عكور
الراي الاردن
يكثر الحديث في الاوساط الاميركية السياسية والعسكرية هذه الايام عن كيفية الانسحاب الاميركي من العراق ..هل هو انسحاب كامل ام جزئي؟!! هناك كما قال روبرت هيغز من ''موقع ليوروكويل''، اتجاهان او نموذجان للانسحاب الاميركي تتداولهما الاوساط الاميركية داخل ادارة بوش وفي ''البنتاغون'' وخارجهما وعلى صعيد الحزبين الديموقراطي والجمهوري .. فاما الانسحاب على غرار الانسحاب الاميركي من كوريا او على غرار الانسحاب الاميركي من فيتنام!! والانسحاب من كوريا عام 1953م انسحاب جزئي..حيث بقي عشرات الالاف من الجنود الاميركيين في قواعد عسكرية اقيمت في كوريا بعد حرب استمرت ثلاث سنوات..رسخت انقسام كوريا الى كوريا شمالية واخرى جنوبية ..
اما الانسحاب من فيتنام ، فحصل بعد هزيمة نكراء لحقت بقوات الغزو الاميركي ..حيث ان آخر ما تبقى من الجنود ''تعربشوا''في ''الهوليكبتر''-الطائرة المروحية التي كانت آخر طائرة تغادر الارض الفيتنامية في مشهد مخز ومذل ويثير الشفقة ..
الرئيس بوش مع طغمته في الادارة والبنتاغون يسعى لضمان انسحاب لقوات الاحتلال الاميركي على غرار الانسحاب الجزئي من كوريا..مما يؤكد ان ادارة الرئيس بوش لم تقرر غزو العراق واحتلاله بمبررات ملفقة كاذبة وثبت بطلانها امام المجتمع الدولي وللشعب الاميركي نفسه الا ونية مبيتة لاقامة قواعد عسكرية تبقي فيها عشرات الالوف من الجنود بعد تقسيم العراق الى كيانات طائفية وعرقية تابعة وعميلة للسياسة الاميركية في المنطقة ..
لكن عشرات الجنرالات والخبراء العسكريين والسياسيين والاقتصاديين الاميركيين المشهود لهم بالكفاءة وبالحرص على مصلحة بلادهم قدموا رسائل ووثائق وجهوا من خلالها النصح للرئيس بوش للكف عن التفكير بالانسحاب الجزئي وبالابقاء على قوات اميركية في قواعد عسكرية على ارض العراق..
مستندين في نصحهم الى ان القوات الاميركية التي تتكبد بصورة شبه يومية خسائر كبيرة وموجعة في الارواح والمعدات على يد المقاومة العراقية قد استنزفت قواها وضعفت ولن يكون الابقاء على جزء منها على ارض العراق ممكنا..ناهيك عن ان الاستنزاف الاقتصادي والمالي الموجع قد يؤدي الى كارثة اقتصادية للبلاد والعباد..
اي ان حلم الرئيس بوش وطغمته من المحافظين الجدد المتصهينين غير قابل للتحقق..
لذلك فان قوات الاحتلال الاميركي ستكون مكرهة على الانسحاب الكامل من العراق على غرار انسحابها المذل والمخزي من فيتنام..حيث قدرات المقاومة العراقية وامكاناتها في تعاظم ،مقابل الوهن الذي لحق بقوات الاحتلال..
اي ان طرق الانسحاب الاميركي من العراق لن تكون خيارات اميركية ابدا..وانما امامها خيار وحيد هو الانسحاب الكامل بدون تردد قبل ان تستكمل ضدها حلقات انتصار المقاومة العراقية الساحق وارادة الشعب العراقي، وتتعرض للهزيمة النكراء والمذلة لها ولطغمة المحافظين الجدد..ثم ان الشعب الاميركي نفسه لن يقبل السكوت متفرجا ومكتوف الايدي في حال عزم الرئيس بوش على تحقيق حلمه المريض الذي لن يتحقق ابدا...
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
محاذير التوغل التركي المحتمل في الأراضي العراقية !
د . محمد ناجي عمايره
الوطن عمان
لا جدال في أن التوغل التركي ، وأي توغل مماثل في الاراضي العراقية يشكل انتهاكا صارخا لسيادة العراق لا يقبل به احد ممن يحرصون على هذه السيادة ويؤكدون ضرورة احترامها وقيام العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل والتعاون والتنسيق المشترك خاصة بين الدول المتجاورة والعلاقة العربية - التركية ، ومن ضمنها العلاقة العراقية - التركية علاقة جوار وتعاون وتآخ وإن شابها بين الحين والآخر بعض ما يعكر صفوها أو يكدر ماءها المنساب في الاتجاهين وقد عرف التاريخ القديم والمعاصر بعضا من عوامل التجاذب بين الجانبين لم تكن أبدا في مصلحة الأمتين العربية والتركية وشواهد ذلك معروفة وليست في حاجة الى توضيح .
غير أن القرار التركي الاخير بالتوغل العسكري داخل اراضي العراق (الشمال) المتاخمة لتركيا لمطاردة عناصر انفصالية كردية تركية ممثلة بحزب العمال الكردستاني إنما يأتي في ظروف غير طبيعية في العراق حيث الهيمنة العسكرية والسياسية للاحتلال الاميركي وسلطته المطلقة إلى جانب ضعف الحكومة المركزية وتفرد السلطة الكردية المحلية بالسيطرة على شمال العراق حيث الكثافة السكانية العراقية من أصل كردي وحيث الحكم الذاتي الذي بات يقترب كثيرا من إعلان استقلال الاقليم الكردي أو لنقل انفصاله عن الوطن الأم العراق الموحد .
وعلى الرغم من أن دعوات الانفصال غير مقبولة لدى غالبية المواطنين الأكراد في العراق إلا ان هذا النفس الانفصالي يتزايد لدى الاحزاب والقوى السياسية النافذة في الاقليم الشمالي الغني بالنفط والثروة الطبيعية .
وبصرف النظر عن دعاوى الانفصال لدى أكراد تركيا أو إيران فإن جميع هذه الدول تواجه مثل هذه الحركات الانفصالية بحزم وهي تلتقي على رفض مطالبها وتوجهاتها إلى حد المواجهة العسكرية وفي هذا الاطار يمكن النظر الى التوغل العسكري التركي القائم أو المحتمل في العراق على أنه خطوة متقدمة لمواجهة الانفصاليين قد تكون لها اسبابها الوجيهة لكنها يفترض ان تتم بالتفاهم والتنسيق مع الحكومة العراقية المركزية وليس بسلوك انفرادي يمكن ان يصنف ضمن الاعمال العدائية ضد العراق ووحدة اراضيه وسيادته مع ان الحكومة التركية تتعاطف مع وحدة العراق وتعارض أي حركات انفصالية من حيث المبدأ ومن حيث أن العدوى قد تلحق بها إذا وقع المحذور مستقبلا .
كل ذلك يستدعي موقفا عربيا جادا وعمليا في الوقت نفسه . فمن مصلحة العرب والاتراك معا أن تكون الامتان في حالة تعاون وتنسيق وتضامن لا في وضع عدائي وانقسام وتشتت . وهذه المصلحة المشتركة لا يمكن التضحية بها لمجرد الدفاع عن حركة انفصالية او بدعوى حق الاثنيات القومية في الاستقلال . فتشجيع مثل هذه الدعوات يؤذن بانقسامات شافولية عديدة في معظم دول المنطقة مما ينذر بخطر شامل .
هل تتحرك البلدان العربية تحركا جماعيا من أجل اغلاق هذا الملف قبل ان يحرق بناره كل الايدي التي تتصل به ؟ ! ومثل هذا التحرك لابد ان يشمل التأكيد على وحدة العراق وسيادته مثلما وحدة سائر دول المنطقة وسيادتها دون التغاضي عن حقوق الاثنيات القومية المختلفة والتمسك بحسن الجوار وعلاقات الاحترام المتبادل .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
مؤتمرات جوار العراق .. من يحمي من؟
كاظم الموسوي
الوطن عمان
مؤتمرات وراء مؤتمرات لدول جوار العراق الجغرافية والمحتلة، مؤتمرات وزراء وخبراء وبيانات ، ولجان تتوالد من لجان والاحتلال متواصل وكل ما بحث ويبحث مفقود ولا أمل في تغييره نحو ما يخدم به العراق ولا جواره ، كما تبدو عليه وقائع الحال وحقائق المآل. اين ستذهب جهود هذه المؤتمرات ولماذا تعقد اذن؟. وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أعلن أن اجتماع وزراء خارجية دول جوار العراق الموسع الذي يوجد اتجاه لعقده يومي الثاني والثالث من نوفمبر المقبل في اسطنبول سيتابع شكل الوضع الداخلي في العراق وكيفية مساعدته وتقوية وجود الأمم المتحدة ودورها في العراق. وأضاف ان اجتماع اسطنبول سيبحث في نتائج اجتماعات اللجان الثلاث التي تم تشكيلها في مؤتمر شرم الشيخ في شأن العراق وهي لجان الأمن والطاقة واللاجئين. وأشار الى أنه سيتم كذلك خلال الاجتماع متابعة نتائج الاجتماع الوزاري الذي عقد في نيويورك بمشاركة نحو ثلاثين وزير خارجية في شأن العراق والذي دعت اليه سكرتارية الأمم المتحدة. وتوقّع (وزير خارجية الحكومة العراقية، الذي استقبل ببغداد أربعة سفراء اميركان ومثلهم بريطانيين طيلة سنوات الاحتلال الأكثر من أربع سنوات ونصف) أن يكون اجتماع وزراء خارجية دول الجوار العراقي والدول الكبرى المقرَّر عقده في العاصمة التركية، أنقرة "الأهم على الإطلاق من بين الاجتماعات العشرة لوزراء دول الجوار" التي عُقدت منذ الاحتلال عام 2003، والتي وصفها بأنها "كانت تقتصر على إلقاء التحيات وتنتهي ببيانات ختامية تنصّ على إعلانات نوايا وعلى التضامن مع العراق". وكشف، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، عن أنّ وزراء خارجية الولايات المتّحدة وإيران إلى جانب السعودية ومصر وتركيا وفرنسا وروسيا سيحضرون الاجتماعات التي ستعقد يومي 2 و3 من الشهر المقبل. (متفقا مع ابو الغيط في الموعد الذي قرر سلفا لهما ومختلفا معه في المكان، بين اسطنبول وأنقرة، فأيهما سيكون الخبير؟ ام انه خطأ الوكالة؟).
كان قد شارك في المؤتمر الذي عقد في بغداد اثنان وعشرون وفدا من الدول المجاورة وبلدان مجموعة الدول الصناعية ودائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرهم، بمعنى كل الدول صاحبة الامر والإشكاليات المطروحة، وأغلبها المتحالفة مع دولة الاحتلال الرئيسية، ومثلهم او انفسهم من شارك في المؤتمرات السابقة، التي قيّمها (ممثل) العراق، في مقابلته. ومع ذلك تضمنت ورقة عمل مؤتمر بغداد تشكيل أمانة عامة دائمة تضم ممثلين عن دول الجوار ومناقشة مسائل رئيسية تتعلق بقضايا الأمن الاقليمي وكيفية السيطرة على الحدود مع العراق ومشاكل النازحين العراقيين داخل العراق وأولئك الذين اضطروا إلى الهجرة لدول الجوار، وقضايا الطاقة والمياه، كما ورد ذكره.
هل وجدت القضايا المطروحة حلولا ومرت عليها فترات زمنية كافية لها او لبعضها على الاقل؟. من يسمع أو يقرأ ما يصرح به المسئولون الموظفون في بغداد يعجب من استقرار الاوضاع واستتاب الامن وأسس تبادل المصالح المشتركة وحسن الجوار، ولكنه لا يجد مثالا صريحا لها على ارض الواقع، بل العكس من هذه الاقوال هو القائم فعلا وهو الذي يدفع باستمرار هذه المؤتمرات ولا نتيجة وافية منها، خصوصا اذا تواصلت الحالة على هذا المنوال. كلمات وتصريحات والوقائع اليومية متخالفة مع الخطابات المعسولة ، التي يرددها من هو في وظيفته الرسمية ولاجلها وحسب. في الوقت الذي كشفت مصادر قريبة من المؤتمر ان اطرافه لا تجد فيه ما يحميها من هذا الكلام الذي يقال فيها، فمثلا ذكرت انزعاج الوفدين السوري والايراني من تكرار اتهامات الحكومة العراقية لبلديهما وعدّاها ترديداً لتهم أميركية، والوفد التركي طالب بالايفاء بوعود "تصفية وجود حزب العمال الكردستاني في العراق" وتشديده على التعامل مع الحكومة المركزية في بغداد كصاحبة القرار السياسي في شئون تعدها انقرة ذات صلة تركية استراتيجية. وقالت المصادر ان وفوداً اخرى أشارت الى ان هناك خللاً في التصدي لما اسمته بالمليشيات التي حملوها مسئولية العنف الطائفي، وفق لغة النشر والاعلام الرسمي والمقصود سلفا. واتهامات متنوعة توزعتها تصريحات متعددة قبل المؤتمر وبعده لدول مشاركة فيه ولحسابات اخرى خارج اطار نقاشات اللجان وبياناتها الختامية غير المعلنة، ولاسيما ضد سوريا وايران من دون دول الجوار الاخرى وتشترك آلة الاعلام العسكري الاميركي بقوة في شحن هذه الأقوال. وفي مقارنة ما أورده المسئولون العراقيون عن المؤتمر وما رغبوا في التوصل له منه لا يتقابل مع قدراتهم او امكانات التطور وصولا للأهداف المرجوة منه وتناقضاتها مع وقائع الاحداث وقرارات الميدان.
وأبرز ما يوضح ذلك ما شهدته بغداد حين عقد المؤتمر فيها من اجراءات امنية مشددة، من إغلاق معظم الجسور في العاصمة، حتى منع حركة السير قرب مكان الاجتماع. هذا اضافة الى ان بغداد تحولت الى جدران كونكريتية عازلة بين احيائها، والى اسوار شائكة وقوافل من سيارات وجنود مدرعين وساعات منع تجول، فضلا عن النقص الصارخ في كل الخدمات، وأبرزها تلك التي تبحث في مثل هذه المؤتمرات، منذ بدء الاحتلال.
اعمال هذه الوفود واللجان والاجتماعات لخصها تقرير حال الاحتلال، الذي قدمه الجنرال الاميركي قائد قوات الاحتلال العسكري ديفيد بيتريوس والسفير/ المندوب السامي ريان كروكر ، إلى البنتاغون والكونغرس واعتبر ما تم وينشده المؤتمر نجاحات لمخطط الاحتلال واستمراره ، بما يجعل هذه المؤتمرات ولجانها هامشا صغيرا بعيدا عن اقوال مضيفي المؤتمر واحلامهم ومشاريعهم الهزيلة ازاء وقائع ما يحصل في العراق من جراء القضية الاساسية المنسية في هذه المؤتمرات، قضية الاحتلال والاستعمار الجديد.
قد يكون الحديث عن مؤتمرات جوار العراق ساخرا ، وتذكر مسرحية زيارة الرئيس الاميركي لمحافظة عراقية ، بطريقة التسلل السري والخداع الاعلامي، واستدعاء المسئولين العراقيين اليه. وما حصل بعد تلك الزيارة، يفضح اوهام ادارة بوش واستراتيجياتها الفاشلة وعمق الورطة التي وصلت اليها.
تقارير المنظمات الدولية، التي تنشرها وسائل الاعلام بكل اللغات، تكشف الوقائع التي تفضح هذه المؤتمرات ولجانها وتبين الكارثة الحقيقية التي يقوم الاحتلال بها وتداعياته المستمرة، وتقول بلسان صريح بدون تحديد مسئولية الاحتلال عن كل ما يجري بالعراق ، والعمل على انهائه بكل السبل والوسائل المشروعة، تبقى المؤتمرات وسيلة للعلاقات العامة، او الباحثة عن حمايات من خارجها، والتفرج على الكارثة، التي صورها اليومية في المأساة الشعبية والوطنية والتفريط في الامن والسلم وحقوق الاجيال وثرواتها، وبالتالي لا تخدم المصالح الوطنية والقومية ولا تنفع الشعوب كثيرا.
k_almousawi@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
التصعيد الذي سوف يضر الجميع في الحدود الشمالية للعراق
الفتتاحية
الدستور الاردن
يمثل التصعيد العسكري الأخير على الحدود العراقية - التركية يوم أمس والمتمثل في مقتل 12 جنديا تركيا في كمين نصبه المتمردون الأكراد عاملا سلبيا جديدا يزيد من فرص الإنجرار وراء إجتياح عسكري للأراضي العراقية بهدف مطاردة حزب العمال الكردستاني.
في حال حدوث هذا التحرك العسكري سوف تكون سابقة خطيرة في إجتياح الحدود العراقية إقليميا وربما يفتح المجال أمام قوى أخرى طامعة في احتلال موقع ومكانة في القرار السياسي والاقتصادي العراقي لممارسة نفس التحرك العسكري بمبررات أخرى.
لا جدال على حق تركيا في الأمن داخل حدودها وإيقاف عمليات حزب العمال الكردستاني التي تستهدف المدنيين والجنود الأتراك ولكن من الضروري أيضا الحفاظ على سلامة ووحدة الأراضي العراقية من الإجتياح والهجمات العسكرية التي يسقط نتيجتها الأبرياء.
في هذا السياق تبدو مسؤولية القوى الكردية المهيمنة على السلطة في شمال العراق في تفهم المطالب التركية ومنع العنف الموجه ضد الدولة التركية لأن الثمن سيكون فادحا لأمن شمال العراق ومواطنيه ، وهم الذين عاشوا سنوات من الإستقرار والتنمية الفريدة من نوعها في المناطق العراقية الأخرى.
هناك أيضا مسؤولية سياسية وأخلاقية كبيرة على الدول الإقليمية لممارسة دور إيجابي في منع التوجه نحو الخيار العسكري وليس التشجيع عليه ، لأن اي إنفلات للأمن في المنطقة سوف تكون له عواقبه السلبية على الأمن الجماعي للمنطقة وفرصة لقيام بعض الدول التي لا تؤمن باستقلال ووحدة الأراضي العراقية باستخدام التدخل التركي العسكري ذريعة أو مبررا لتحرك عسكري من قبل هذه الدول داخل الأراضي العراقية بهدف المساهمة في تشتيت أوصال بلاد الرافدين وتحقيق طموح سياسي وطائفي وعرقي قديم.
القيادات الكردية في العراق رفضت تسليم قادة حزب العمال الكردستاني إلى تركيا ، وتبدو الأولويات القومية حاضرة وواضحة في هذه التصريحات ولكن من الممكن للقوات الكردية في شمال العراق بحكم سيطرتها على الأمن أن تستجيب لقرارات الحكومة المركزية في بغداد والتي طلبت من قيادات الحزب مغادرة الأراضي العراقية أو منع الهجمات ضد تركيا.
التناقض في المواقف بين القادة الأكراد في شمال العراق ومواقف الحكومة العراقية مؤشر خطير على إنقسام الموقف وعلى تطرف قومي للقادة الأكراد يهدد بوضع العراق في حالة التعرض للهجوم الخارجي ، وهذا ما يضيف إلى مخاطر خيارات التقسيم التي بدأت تظهر مؤخرا دوليا وإقليميا حيث يتصرف قادة الأكراد في الشمال وكأنهم دولة مستقلة لا تعترف بسيادة الحكومة العراقية ورغبتها الإستراتيجية في عدم الوصول إلى مرحلة الصدام العسكري مع تركيا.
التطورات الخطرة الأخرى تتمثل في إمكانية مشاركة القوات الأميركية في العراق في حملة عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في حال عجزت أو رفضت الأحزاب الكردية التعامل مع الموقف وهذا ما سوف يخلق تمزقا جديدا في العراق ومشاركة جديدة للقوات الأميركية في مواجهة ضد قوى عراقية وسوف يؤدي إلى نفس النتائج الكارثية لتدخل تركي خارجي.
وبالإضافة إلى ذلك يبقى الخطر كبيرا في محاولات غير بريئة لجر تركيا ، وهي ذخر ديمقراطي واقتصادي وسياسي للدول المسلمة في صراع مع دولة مسلمة أخرى يؤثر على مصداقية التجربة الديمقراطية للحكومة التركية التي يعتز بها كل المسلمين ، كما أن جر الأكراد إلى صراع مع تركيا يؤدي إلى إستباحة الأراضي العراقية نتيجة التطرف القومي وبحجة حزب العمال الكردستاني هي محاولة أخرى لجر العراق إلى مرحلة جديدة من التمزق والتقسيم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
موقع الأهواز في الشرق الأوسط الجديد
علي الاحوازي
السياسة الكويت
المراقب للاحداث المتسارعة الجارية في الشرق الاوسط يدرك أن المنطقة في حالة مخاض لولادة جديدة ربما تغير وجه المنطقة ككل وترسم خريطة جغرافية وسياسية في اطار سايكس بيكو جديد يمهد لظهور دول جديدة تخدم مصالح الدول الكبرى وستراتيجيتها المستقبلية على المدى البعيد . والكل يعرف ان علاقات الدول مبنية على المصالح المشتركة ولاضير من ان تكون لنا مصالح مشتركة مع العالم الجديد يحقق اهدافنا التي خذلنا الشقيق وبخل علينا بالنصرة طيلة ثمانين عاما من الظلم والاضطهاد والجور الايراني الظالم.
في ظل هذه المستجدات المتسارعة نحن كأهوازيين علينا ان نكون اكثر وعيا ويقظة لنستفيد من هذه المنعطف التاريخي والا نفوت الفرصة السانحة لتحقيق حلمنا الكبير لتحرير ارضنا واقامة دولتنا الاهوازية المستقلة وازاحة الظلم والاضطهاد الواقع علينا, من هنا على جميع الفصائل الاهوازية المناضلة في الداخل والمنفى العمل معا يداً واحدة وصفا مرصوصا وصلبا يتجسد بالتصميم والارادة والايمان للوصول لاهدافنا المشروعة .
ان النظام الايراني يعي تماما ماعليه من استحقاقات تجاه المجتمع الدولي ومن ناحية اخرى يريد التمسك ببرنامجه النووي لارضاء الطموح السلطوي التوسعي وتحقيق اهدافه بابتلاع الخليج العربي واخضاعه للسيطرة الايرانية , لكن في الوقت الحالي يعرف مدى قوته ولايستطيع مواجهة الولايات المتحدة والعالم الغربي اذا ما عرفنا ان جميع دول الخليج العربي مرتبطة بمعاهدات دفاعية مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لحمايتها من اي تهديد خارجي لذا فالنظام الايراني مستميت للحصول على السلاح النووي ليقلب المعادلة ويفرض شروطه بثقة وقوة, هنا يكمن الخطر الايراني وما يشكله من تهديد لأمن وسيادة العرب جميعا بغير استثناء, وما يشهده العراق من نفوذ ايراني لهو خير دليل على الاطماع الايرانية في الاراضي العربية وعلى مرور التاريخ لم نر الجيوش الايرانية تتجه شرقا او شمالا بل كل حروب فارس تتجه غربا تجاه العرب وتستهدف حضارة العرب في كل الحقب التاريخية .
من هنا على العرب الاستفادة واخذ العبر من التاريخ للحيلولة دون الغفلة والاسترخاء والاطمئنان وان يكون لهم اهداف ستراتيجية لاضعاف العدو ودفن مخططاته في المهد والاستفادة كل الاستفادة من الظروف الدولية للخلاص من التهديد الايراني الى الابد لينعموا بالأمن والاستقرار الدائم.
اما نحن في الاهواز وقد تجرعنا من مرارة بني فارس الكثير الكثير وطبعا يشاركنا في المرارة الكرد والبلوش والآذريون والتركمان ممن اضطهدهم الشوفينيون من الفرس وسلبوا حقوقهم القومية, كل الشعوب الايرانية اليوم تواقة للخلاص وكسر قيود السجان الايراني, ومن اهم الشعوب الحية شعبنا العربي الاهوازي الذي اعطى الشهداء وضحى بالغالي والنفيس ولم يسكت يوما على ضيم لكن التعتيم الاعلامي الايراني يحول دون وصول اكثر الحقائق للعالم, من هنا نحن نرحب بزوال هذا الكابوس كما رحبنا بزوال الشاه على امل ان ياتي اليوم الذي ننشد ونتمنى ولا يلومنا احد اذا ما طالبنا بالاستقلال بعد التي واللتيَ والمعاناة مع الانظمة الملكية والاسلامية المتتالية .
لقد بدأ النظام الايراني معركته خارج حدوده مع الاميركان في العراق وافغانستان ولبنان وفلسطين ولربما في الخليج عند اقتراب ساعة الصفر الاميركية لذا على الاخوة في دول الخليج العربي اليقظة للتهديدات الايرانية واجندته الخفية وان يقتلوا الفتنة في المهد, فإنها آخر سلاح بيد هذا النظام المفلس ونحن على ثقة ان غالبية الشيعة الخليجيين موالون لاوطانهم ولكن النظام الايراني يؤثر على ضعاف النفوس واللوبي الخاص به في تلك الدول ونحن نقصد هؤلاء الذين باعوا انفسهم للخارج.
كما اصابت النظام هستيريا في الداخل و قام باعدام اربعة من شباب الاهواز في الاسبوع الماضي كما اعدم ثلاثة قبل شهر وستة آخرون ينتظرون الاعدام على خلفية انفجارات الاهواز التي لاشك كانت من تدبير النظام نفسه ظنا منه انه يستطيع ارهاب شعبنا الابي البطل كلا وألف كلا والمجد والخلود لشهدائنا الابرار والخزي والعار للنظام الدموي السفاح الذي لم يشبع شهيته للدم حتى الآن, ويطلب المزيد, ونقول لكم أيها المجرمون ان احدا منكم لن يفلت من العدالة وستحاسبون على كل جريمة ارتكبتموها بحق شعوب ايران وشعب الاهواز المظلوم
من هذا المنطلق نحن في الاهواز نرحب بأي جهد يصب في تخليص شعبنا من هذا الاضطهاد والجور وثقتنا بقدرات شعبنا على تحقيق ذلك كبيرة ولنكن صفا واحدا تتحطم عليه محاولات الطغاة والجبابرة والمفسدين الذين استحلوا دماءنا الزكية, ولنكن اوفياء لدماء الاكرم منا جميعا شهدائنا الابرار واكمال طريقهم طريق الفخر والعزة والرفعة والكرامة .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
تعدد المكاييل
افتتاحية
اخبار العرب الامارات
يصعب وصف العملية التي قام بها عناصر من حزب العمال الكردستاني بقتل 12 جنديا تركيا وأسر اَخرين بغير الوصف المعتاد في مثل تلك الأحوال وهو أنها عملية إرهابية. فقد درجت الأدبيات الأمنية والسياسية على نعت الحركات المتمردة على الحكومات الشرعية بأنها مارقة وإرهابية تستحق العقوبة والعزل والحصار والقتل إذا أمكن ذلك. هذه العقوبات مدججة بترسانة من القوانين الدولية والوطنية وبرؤى سائدة في مختلف المجتمعات حتى أنها استطاعت أن تشمل قوى ومنظمات وحركات تدافع عن حقها في الحياة مثل منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تناضل من أجل استعادة حق الشعب الفلسطيني والمقاومة العراقية التي تحمل السلاح ’’الوطني ’’ لإخراج المحتل الأجنبي من البلاد، وليست الجماعات الإرهابية والمافيات التي تقتل الأبرياء لإثارة الفوضى وعدم الأمن والقلق والاضطرابات التي تمهد الطريق نحو تقسيم العراق واستنزاف طاقات شعبه وتدمير بنياته الأساسية. وقد أثير سؤال مهم عقب العملية التي قام بها حزب العمال الكردستاني هو: ما الإجراءات التي يمكن أن تتخذ في مواجهة هذا الحزب الذي تصفه بعض الدوائر الدولية ب ’’ الإرهاب ’’. . ؟ من حق تركيا المتضررة والمعنية بمواجهة هذه النشاط ’’ الهدام ’’ أن تحمي أرضها وجيشها وجنودها ومواطنيها من هجمات يقوم بها عناصر الحزب الكردستاني، ومن حقها مطالبة الحكومة العراقية أن تعمل جاهدة لوقف تلك العمليات. . ومن إلقاء اللوم على كل من يتجاهل عواقب تلك العمليات على العلاقات بين تركيا والعراق.
والغريب في الأمر أن القادة الأكراد في العراق رفضوا توصيف حزب العمال الكردستاني بالإرهاب، وبرروا عدم تدخلهم لوقف نشاطه بأنه يحتمي في الجبال الوعرة التي يصعب على الجيش التركي نفسه الوصول إليها.
فهل معنى هذا المبرر أن يترك حزب العمال الكردستاني العمل ضد تركيا بحجة أن الجيش العراقي أو البشمركة الكردية غير قادرة على ضبط حركة هذه المجموعة من المتمردين. . ؟ لم تكن تصريحات الرئيس العراقي جلال الطالباني ولا رفيقه مسعود البرزاني موفقة في طمأنة الأتراك بأن الحكومة العراقية يمكن أن تلعب دورا في تهدئة الأوضاع عندما أكدا أن القيادات الكردية العراقية لن تسلم القيادات الكردية التركية إلى أنقرة معتبرة أن تسليمهم حلم لن يتحقق.
فهل يرضى الأكراد العراقيون أن تحرك تركيا القيادات السنية المتمردة على الحكومة العراقية من أراضيها أو أن تستضيف ’’ المقاومة الموحدة ’’ لتحريك الجبهة الشمالية عسكريا على أساس التعامل بالمثل. . الكرة في ملعب القيادات الكردية في اربيل والسليمانية كي يقرروا ماذا يفعلون مع حركة انفصالية متمردة تريد إثارة التعقيدات في ظرف غير محتمل للعراقيين جميعا، بما فيهم الأكراد الذين يتوهمون أنهم محصنون ضد الفوضى. فإذا لم يتحمل الطالباني والبرزاني مسؤولياتهما تجاه هذه القضية وبطريقة عاجلة فإن الأمور يمكن أن تفلت من ’’ أنقرة ’’ كما تفلت من يد حكومة أوردوغان لتصبح قرارا بيد اَخرين.
والحل يكمن في الالتزام بمكيال واحد لقياس الأحداث والتطورات والقضايا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
ماذا تريد الدولة الفارسية؟
د طارف سيف
الاتحاد الامارات
كانت الثورة الإيرانية في بدايتها مصدر تفاؤل لكثيرين في منطقة الشرق الأوسط، في ظل الأمل بأنها قد أزالت حكم "الفتوة المستبد" في الداخل، وحدّت من "البلطجة" وفرْض الأمر الواقع في الخارج، بل إن البعض اغتبط بعد أن استطاعت أن تنال الثورة من هيبة القوة العظمى عندما احتلت سفارتها في طهران واعتقلت أعضاءها كرهائن، رغم ما مثله ذلك من خرق للأعراف الدولية والمواثيق العالمية واعتداء على سيادة دولة أخرى. واعتبر الجميع أن الدولة الفارسية ستبدأ عهداً جديداً تصبح فيه دولة طبيعية في النظام الإقليمي الخليجي، ولكن الجميع كانوا واهمين، فسرعان ما كشف ملالي الفرس عن وجههم الحقيقي الذي لم يختلف كثيراً عن زمن الشاه سوى في استبداله بنظام "ثوري" الاسم، "استعماري" الطابع، "فارسي" التوجه، جعل من الفتوى عملاً يأثم من لا ينفذه كبديل للقرار القابل للنقاش والمراجعة، لذلك استجابت الدولة الفارسية لنداء الحرب مع العراق التي استمرت ثماني سنوات، لتزج فيها بخيرة شبابها حاملين "مفتاح الجنة"، ولم تستمع لصوت العقل ودعاوى إيقاف الحرب ووقف نزيف الدم، سوى في ظل القهر الشديد وبعد أن تجرعت "سم" الهزيمة.
ولكنها لم تتوان عن احتلال جزيرة "أبوموسى" التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة بالقوة العسكرية، وتكريس احتلالها لجزيرتين أخريين هما "طنب الكبرى" و"طنب الصغرى"، والسعي لفرض الأمر الواقع ضاربة بكل قيم علاقات حسن الجوار ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة عرض الحائط، وصاغت دستوراً فريداً يحض على تصدير الثورة وعدم احترام الشؤون الداخلية للدول الأخرى وسيادتها، في الوقت الذي يتشدد في طلب عدم التدخل في شؤون الدولة الفارسية، لذلك لا تجد هذه الدولة أية غضاضة في التدخل في شؤون العراق ولبنان واليمن وسوريا وفلسطين ومصر والبحرين والسودان وأفغانستان، فهو أمر يتطابق مع الدستور، بل يأتي تنفيذاً له.
تعتقد الدولة الفارسية أن امتلاك القوة النووية سيردع القوى الكبرى عن محاولة تغيير نظامها، وهو درس وعته من الغزو الأميركي للعراق!
وتطالب النخبة الحاكمة في بلاد الفرس بضرورة الاعتراف بها "قوة إقليمية عظمى"، لأن هذا يعني ضمنياً الاعتراف بمصالحها الحيوية في منطقة الشرق الأوسط وعدم المساس بها، وتركها تتمدد بحرية كاملة، عسكرياً واستراتيجياً وعقائدياً، دون اعتراض أو مساءلة، بل وأن تسارع جميع دول المنطقة إلى طلب رضاها، وتلبية مطالبها، وأن تقوم القوى الكبرى بمساندتها باعتبارها وكيلتها في المنطقة؛ والحارسة على مصالحها، والأمينة على استراتيجيتها.
لذلك احتلت قضية الأمن وضعاً مركزياً في السياستين الداخلية والخارجية الفارسية، ولا نتجاوز إذا قلنا إن الدولة الفارسية حالياً لا تملك سوى "سياسة أمنية"، فعلى الرغم من انتفاء التهديدات الخارجية المباشرة لأمنها القومي، خاصة بعد القضاء على حركة "طالبان" في أفغانستان، وصدام حسين ونظامه في العراق، وضعف الحركات الداخلية المناهضة للنظام، وتجميد نشاط منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة المقيمة على الأراضي العراقية، على الرغم من ذلك فإن القيادة الدينية-السياسية في الدولة الفارسية لا تزال متمسكة بالتوجه الأمني كمرتكز أساسي في سلوكها الداخلي والخارجي، في ظل الشعور السائد لدى النخبة الحاكمة بأن أهداف الثورة الإسلامية لا تزال تواجه تهديدات ومخاطر عدة، من أخطرها الوقوف ضد طموحاتها النووية، و"المشروع الأميركي" لإعادة هيكلة الشرق الأوسط "الكبير" الذي يهدف إلى فرض السيطرة على منابع النفط، وتحقيق الأمن المطلق والنهائي لإسرائيل، ما يمثل استهدافاً واضحاً لأمن الدولة الفارسية، كما أن تميز القومية الفارسية لم يفرض نفسه حتى الآن كقوة لها ثقلها الاستراتيجي، وزعيمة للشيعة في العالم، وهو الأمر الذي يمكن أن يفسر التوجهات التي سيطرت على عقلية وأيديولوجية وقومية مجموعة الملالي الحاكمة في بلاد فارس.
وفي ظل الثورية المتطرفة التي تميز سلوك الدولة الفارسية حالياً، نجدها تسعى إلى تحقيق رزمة من المصالح الاستراتيجية في اتجاهات عدة من أهمها: إيجاد حكومة موالية في العراق تكرس جهدها لخدمة مصالح الفرس، وأن يحصل الشيعة على أكبر قدر من المكاسب السياسية في العراق الجديد؛ وفرض السيطرة على النفط العراقي، وأن تتحمل الدولة الفارسية مسؤولية ملء فراغ زوال القوات الأميركية في العراق، وأن تشارك الدولة الفارسية في أي نظام أمني في المنطقة، مع استبعاد القوى غير الخليجية، سواء الأجنبية أو العربية، من أي ترتيبات للأمن في المنطقة، وأن تقوم دول مجلس التعاون بإلغاء اتفاقياتها الأمنية مع أي دول من خارج الإقليم، والحفاظ على صورة معينة "مهيبة" للدولة الفارسية، ومنح العصمة لرموزها الدينية، وعدم القبول بأي عمل أو إشارة أو إجراء ينال من مكانتهم، واختراق حلقة الحصار الأميركي المفروض عليها، وإنعاش الاقتصاد الفارسي وزيادة حجم التجارة البينية مع دول الخليج، والاعتراف بالدولة الفارسية كقوة نووية في المنطقة.
وفي سبيل تحقيق مصالحها تعتمد الدولة الفارسية على وسائل وآليات عدة تتوافق مع طبيعة هذه المصالح وأهميتها من جانب، والقوى المؤثرة عليها من جانب آخر. فعلى سبيل المثال نجدها تتعامل مع دول منطقة الخليج بالمزج بين السياستين العسكرية والاقتصادية والدور العقائدي، بينما عند تعاملها مع دول منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى تمزج بين السياستين الخارجية والعسكرية، في حين أنها تعتمد على السياسة الإعلامية وأجهزة الاستخبارات والحرس الثوري للتعامل الداخلي، وتعمد إلى "التقية" السياسية في تعاملها مع القوى الكبرى.
ومن خلال متابعة سلوك الدولة الفارسية مع القوى الكبرى تجاه أزمتها النووية، نجدها تمزج بين الواقعية لكسب الوقت، والمراوغة لامتلاك سلاح نووي. ومخطئ من يعتقد أن الدولة الفارسية تسعى لامتلاك قدرة نووية سلمية، لأن القوة النووية تضمن ردع القوى الكبرى عن الإقدام على محاولة تغيير النظام الحاكم، وهو الدرس الذي وعته فارس من درس الغزو الأميركي للعراق، في ظل فرضية أنه لو امتلك العراق سلاحاً نووياً مثل حالة كوريا الشمالية، لما أقدمت الولايات المتحدة على مهاجمته وتغيير نظامه بالقوة العسكرية، وفي الوقت نفسه فإن السلاح النووي يضمن تحقيق التوازن النووي مع دول الجوار الجغرافي التي تمتلك مثل هذا السلاح (إسرائيل، باكستان، الهند، الولايات المتحدة، روسيا الاتحادية)، كما أنه يكرس الهيبة والمكانة الإقليمية للدولة الفارسية على منطقة الخليج، في ظل القناعة التامة بفكرة "القوامة الفارسية" على المنطقة، الأمر الذي يفرض ضرورة أن تكون لإيران الكلمة العليا في نظم وهياكل الأمن في المنطقة.
ناهيك عن أن امتلاك تكنولوجيا إنتاج الأسلحة النووية يزيد من الشعور الوطني بالتفاخر، ويدل على امتلاك قدرات تصنيع عسكري متقدمة للغاية تجعلها قوة إقليمية عظمى ذات حضور دولي يصعب تجاهله، وهو السبيل الأمثل لمواجهة المشتريات الكبيرة للأسلحة والمعدات القتالية لدول الخليج العربي ومحاولاتها المستمرة لبناء قواتها المسلحة بأحدث التكنولوجيا مما يخل بتوازن القوى الإستراتيجي العسكري في المنطقة في غير مصلحة بلاد فارس. ولكن رغم ذلك كله نجد أن رجال الدين في إيران يواجهون أزمة فريدة، فمن ناحية تعتبر الأسلحة النووية وتأثيراتها مناقضة لمبادئ الإسلام وتعاليمه، وهو أمر ذكره الملالي في كثير من التصريحات والخطب الرسمية، ولكن من ناحية أخرى يرى بعض علماء الشيعة أن امتلاك الأسلحة النووية يضمن الوقوف ضد أعداء الفرس للحفاظ على حرية القرار ومواصلة العمل على تصدير الثورة دون اعتراض.
إن الدولة الفارسية تمثل معضلة ولغزاً، سواء على المستوى الداخلي بتعقيداته كلها، أو الخارجي بتناقضاته المختلفة، ولكن يظل التعامل معها كعضو في المجتمع الدولي أمراً تفرضه المواثيق والعلاقات الدولية قبل أن يفرضه وضع الدولة الفارسية ومكانتها في منظومة أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، لذلك ستظل قضايا الأمن القومي هاجساً مستمراً للنخبة الحاكمة فيها ومحيطها الإقليمي، أما مسألة التوجه النووي، فربما تكون هي الفيصل في التأثير على مستقبل الدولة الفارسية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
فكرة التقسيم قديمة
‏:‏ عبد المعطي أحمد
الاهرام مصر
مصيبتنا في العالم العربي أننا لاننظر إلا تحت أقدامنا‏,‏ ولا نعي دروس التاريخ‏,‏ ولا نستفيد من الهزائم والنكبات التي تعرضنا لها‏,‏ فضلا عن أننا لانخطط للمستقبل‏,‏ ولا نرسم استراتيجيات لتحقيق هدف‏,‏ أو تنفيذ فكرة‏!‏
معني ذلك‏,‏ أننا عشوائيون في قراراتنا‏,‏ وانفعاليون علي بعضنا البعض‏,‏ ونطلب من الآخرين حل مشكلاتنا دون أن نبذل ـ إلا القليل ــ في الحصول علي حقوقنا الضائعة وما أكثرها‏!‏
أقول ذلك بسبب الصمت الرهيب‏,‏ والشلل الكامل الذي أصابنا بعد صدور قرار تقسيم العراق إلي ثلاث دويلات في الجنوب‏,‏ والوسط‏,‏ والشمال‏,‏ مع أننا لو نظرنا إلي الخلف لحظة واسترجعنا الخطوات التي أفضت إلي هذا القرار ــ الذي أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي في‏26‏ سبتمبر الماضي ــ لوجدنا أن هذا القرار بلور فكرة تقسيم العراق التي كثيرا ما نادي بها اليهود منذ زمن بعيد يرجع إلي أوائل القرن العشرين وهو الوقت الذي نشأت فيه دولة العراق تحديدا في عام‏1920‏ بعد انهيار الامبراطورية العثمانية‏.‏
ثم أشار هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا في السبعينيات إلي الفكرة ذاتها كوصفة أمريكية للسيطرة علي دول المنطقة‏.‏
وفي عام‏82‏ كتب المحلل العسكري الاسرائيلي زئيف تشيف في صحيفة ها آرتس يقول‏:‏ ان تفكيك العراق الي دولة سنية‏,‏ وأخري شيعية وفصل الجزء الكردي هو أفضل مايمكن تحقيقه لمصلحة اسرائيل في العراق‏.‏
ثم جاء الاحتلال الأمريكي للعراق ليضع دستورا تسمح بنوده بالانفصال والتقسيم تحت مسمي الفيدرالية لإمكان تشكيل مناطق اقليمية او اقاليم علي أساس ديني أو عرقي بناء علي استفتاءات معدة لهذا الغرض توجه لخدمة هذا التقسيم‏.‏
وأخيرا جاء القرار رقم‏1535‏ الذي أصدره الكونجرس وحاز أغلبية‏75‏ صوتا مقابل‏23‏ صوتا رافضا‏,‏ ليؤكد فكرة التقسيم التي تنفذ مرحلة مرحلة‏,‏ وخطوة بعد خطوة‏,‏ بينما نحن العرب نيام‏,‏ لانملك من أمرنا شيئا سوي إصدار بيانات الاستنكار والإدانة والشجب‏.‏
والمؤسف أن البعض منا انخدع بالموقف الأمريكي الرسمي الرافض لتقسيم العراق‏,‏ وللقرار‏,‏ وصدق بعضنا أنه غير ملزم‏,‏ وغاب عنا أنه صدر بتأييد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي‏,‏ وأن مقدم مشروع القرار هو السيناتور الديمقراطي جوزيف بيدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس والمرشح للرئاسة الأمريكية المقبل‏,‏ أي أنه في حالة فوزه فإن القرار سيكون ملزما‏,‏ وأمرا واقعا‏,‏ فماذا نحن فاعلون حينئذ؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
الثمن الذي يدفعه العراق
ديفيد إدواردز
الخليج الامارات
حسب جريدة “لوس أنجلوس تايمز” فإن هناك 180 ألفاً من المقاتلين الأمريكيين المتعاقدين الذين هم مرتزقة في الحقيقة، يعملون جنباً إلى جنب مع نحو من 175 ألف جندي أمريكي في الآونة الراهنة في العراق.
ويكتنف المشهد في هذا البلد المنكوب الغارق بالدماء التعتيم المريب والضبابية الكثيفة التي تحجب الحقيقة بصورة مروعة، فلا يعلم إلا الله حجم ما ارتكبته هذه القوات الهائلة العدد المدججة بأفتك أنواع الأسلحة من قتل، وما أحدثته من دمار وأضرار وما أوقعته بأهل العراق من أذى وما خلفته من عاهات مستديمة وما أثخنت به هذا الشعب من جراح، وما روعته به من تهجير وتشريد وأهوال. وليس ثمة سوى ندرة من المناسبات التي تنفتح فيها كوة ضيقة جداً فينفذ منها شعاع من الحقيقة يتمثل في تسريب تقرير أو نبأ ما عن الفظائع والشنائع الأمريكية التي تنهش جسد الوطن العراقي وروحه، والأشد إيلاماً في لجج هذه الفاجعة الكبرى أن هناك أيضاً أدلة دامغة تتضافر، لتؤكد أن عسكر أمريكا وحكومتهم، تؤازرهم حكومة المالكي يبذلون قصارى جهدهم لوأد الحقيقة وإخفاء الجرائم عن جمهرة الناس والرأي العام.
في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري أبدت صحيفة “النيويورك تايمز” ملاحظتها حول أن قتل مجموعة من جنود مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” لأكثر من 24 مدنياً عراقياً، لم يشهروا سلاحاً قط، ولم يقوموا بأعمال عنف في 19 نوفمبر/تشرين الثاني من عام ،2005 ويبدو أنه يؤكد أن حرب العراق قد أفرزت هي الأخرى ما يميزها من بشاعات وحشية وفظائع تماماً، كما تمخض الصراع في فيتنام عن مذبحة ماي لاي قبل نحو ثلاثة عقود من الزمن.
غير أن أحد كبار المحققين العسكريين الأمريكيين وهو العقيد بول جي وير أوصى الأسبوع المنصرم بإسقاط تهم القتل عن جندي المارينز في عملية القتل هذه، كما كان سبق له وأوصى بإسقاط تهم القتل في حالة اثنين آخرين من جنود المارينز متهمين في هذه القضية، وخلص العقيد في توصيته إلى أن الأدلة المقدمة له “غير دامغة تماماً، وببساطة ليست من القوة بما يكفي للبرهنة بما لا يدع أي مجال للشك ويثبت التهمة”.
وكنت اقتبست في مقالة لي نشرتها “الخليج” العام الماضي تقريراً لمجلة “التايم” حول الأحداث الفظيعة التي وقعت في حديثة، وكانت المجلة أوردت آنذاك إفادة الطفلة إيمان وليد ابنة السنوات التسع، وهي ممن نجوا من المجزرة، فاقتبست “التايم” منها قولها:
“توجهوا أولاً إلى غرفة والدي، وكان مستغرقاً بتلاوة القرآن الكريم، وسمعنا طلقات نار، ثم اقتحم المارينز حجرة المعيشة، ولم أتبين وجوههم بشكل جيد بل رأيت فوهات بنادقهم مشهرة نحو الباب، وشاهدتهم يطلقون النار على جدي ويردونه مضرجاً بدمائه بعد أن مزقوا صدره بالرصاص ثم انهالوا بطلقاتهم على رأسه، والتفتوا فعاجلوا جدتي بطلقات أسلحتهم فصرعوها هي الأخرى على الفور”.
وأما صحيفة “لوس انجلوس تايمز” فذكرت في تقريرها أن كثيراً من الضحايا قد قتلوا بأسلوب الإعدام، أي بطلقة في الظهر أو على مؤخرة الرأس، ولم تتطرق “نيويورك تايمز” إلى شيء من هذا في تقاريرها يومي الخامس والسادس من أكتوبر/تشرين الأول.
أما بالنسبة لجيش المرتزقة العرمرم فإن هناك من الناحية النظرية قانوناً أمريكياً هو تشريع الاختصاص القضائي العسكري خارج الحدود الأمريكية، وهو ينص على مقاضاة المقاولين أو “المتعاقدين” الذين يرتكبون جرائم في منطقة حرب أجنبية ومحاكمتهم في الولايات المتحدة، إلا أن الأمور لا تجري على أرض الواقع حسب مقتضيات هذا القانون في الحقيقة، فمن بين عشرات الآلاف من المرتزقة في العراق لم يقدم للمحاكم ولم يمثل أمام القضاء منهم أحد بتهمة ارتكاب جرائم بحق مدنيين عراقيين. وعندما تتفجر فضيحة، كما حدث على سبيل المثال في ديسمبر/كانون الأول من عام ،2006 عندما كشف النقاب عن أن “متعاقداً” تستخدمه شركة “بلاك ووتر” العسكرية الأمريكية الخاصة أطلق النار على أحد الحراس الشخصيين لنائب رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي فأرداه قتيلاً، فإن الجناة المشتبه فيهم من المرتزقة سرعان ما يتم ترحيلهم جواً من البلاد على عجل لينأوا بأنفسهم عن تحمل أي مسؤولية.
وأخيراً، تصدر الأخبار نبأ مقتل 17 مدنياً عراقياً وجرح 27 آخرين في ساحة النسور في العاصمة بغداد على يد مرتزقة “بلاك ووتر” التي يعمل في صفوفها ألف مقاتل محترف من المرتزقة في العراق، فصار جيش الولايات المتحدة غير الرسمي في بلاد الرافدين قضية الساعة في الإعلام، وكأن الحقيقة تتكشف لأول مرة وكأن قصة المرتزقة في العراق تعرف بغتة. ولربما كان السبب الأكبر في هذا أن الحكومة العراقية التي أسقط في يديها لكثرة هذه التعديات فأحرجت ولم تر بداً من تسريب الخبر ليتصدر العناوين الرئيسية. لذا سمعنا وزير الداخلية في حكومة المالكي جواد البولاني يتكلم مثلاً فيصف عملية إطلاق النار هذه بأنها “جريمة كبرى لا يسعنا السكوت عليها”.
وكشف المحققون العراقيون، يعضدهم شهود عيان عراقيون كانوا في مسرح الجريمة وقت وقوعها، النقاب عن أنهم عجزوا عن العثور على أي دليل يثبت تعرض حراس بلاك ووتر لهجوم أياً كان نوعه. وقال وزير الدفاع العراقي عبدالقادر محمد جاسم “لم يرم على عناصر بلاك ووتر حجر واحد، ولا حتى حصاة”.
ومع ذلك وثقت الشرطة العراقية حقيقة أن حراس بلاك ووتر فتحوا النار في كل الاتجاهات في ذلك اليوم فقتلوا وجرحوا الناس جميعاً ضمن الدائرة المحيطة بميدان النسور كلها.
وأكد شرطي المرور سرحان ذياب، الذي كان يوجه ويشرف على حركة المرور في الساحة حينها، في إفادته بأنه عندما ركض نحو موقع إطلاق النار في مسعى منه لمساعدة رجل وأمه كانا من بين أول من أصيب في إطلاق النار شرع حراس بلاك ووتر بإطلاق النار عليه وعلى شرطي آخر كان يحاول مد يد العون هو الآخر.
كما تحدث ذياب أيضاً فروى كيف استهدف حراس بلاك ووتر كذلك نحو 100 عامل كانوا يصلحون نفقاً ويعتنون بشجيرات وزهور وسط الميدان ففتحوا عليهم النار فأصاب رصاصهم بعض العمال. وعند حافة الدوار أصاب الرصاص رجلاً مسناً كان على متن دراجة.
وكل هذا يعزز ما جاء في عدد صحيفة “الدايلي تلغراف” في ابريل/نيسان من عام ،2004 في وصف الاحتلال حيث أوردت الجريدة تقارير مروعة عن القلق البالغ الذي يقض مضجع كبار القادة في الجيش البريطاني في العراق وتوجسهم مما وصفوه بأنه “إفراط لا مثيل له في استخدام القوة الطاغية التي لا تقارن بما لدى من ينظر إليهم على أنهم أعداء، وتكتيكات عسكرية تستخدمها القوات الأمريكية التي ترى أن العراقيين ليسوا بشراً، فهم لا يكترثون إطلاقاً بإزهاق أرواح العراقيين.. ونظرتهم إلى العراقيين وموقفهم منهم مأساوية وفظيعة بكل المقاييس”.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
أميركا وتركيا... تحالف يدخل مرحلة الأسئلة
جراهام إي. فولر
واشنطن بوست
تمر العلاقات التركية- الأميركية بأزمة لا تخطئها العين، وليس القرار الذي مرره مجلس الشيوخ الأميركي، ويصف أعمال القتل التي طالت الأرمن خلال فترة الحرب العالمية الأولى بـ"الإبادة"، إلا واحداً من الأسباب، بل إنه قد لا يكون السبب الرئيسي. فقد عرفت العلاقات التركية- الأميركية تدهوراً منذ سنوات عدة، والسبب الحقيقي بسيط ومؤلم في الآن معاً: عدم انسجام السياسات الأميركية أو توافقها مع مصالح السياسة الخارجية التركية في العديد من الملفات، ولن يستطيع أي حديث دبلوماسي مهما بلغت لياقته إخفاء، أو تغيير، الواقع. وإليكم الأسباب الحقيقة وراء تردي العلاقات بين البلدين: - الأكراد: لقد شكلت السياسة الأميركية تجاه العراق طيلة السنوات الست عشرة الأخيرة كارثة حقيقية بالنسبة لتركيا. فمنذ حرب الخليج عام 1991 اكتسب الأكراد في العراق حكماً ذاتياً يشرف على استقلال فعلي. ومن شأن هذا الكيان الكردي أن يحفز المطالب الانفصالية داخل تركيا، ناهيك عن مساندة واشنطن للإرهابيين الأكراد ضد إيران. - الإرهاب: لقد خاضت تركيا حرباً ضد العنف السياسي الداخلي والإرهاب لأكثر من ثلاثين عاماً بين العنف الماركسي والاشتراكي والقومي اليميني والكردي والإسلامي. لكن السياسات الأميركية في الشرق الأوسط تشجع على العنف وانتشار الراديكالية في المنطقة، كما ساهمت تلك السياسات في تغلغل "القاعدة" بالقرب من تركيا. - إيران: تعتبر إيران أقوى الدول المجاورة لتركيا وأحد مصادرها الأساسية للنفط والغاز الطبيعي، محتلة بذلك المرتبة الثانية بعد روسيا في تأمين احتياجات تركيا من موارد الطاقة. غير أن أميركا تضغط على تركيا لوقف علاقاتها المكثفة مع إيران في إطار خطتها لفرض المزيد من العقوبات الأميركية على الجمهورية الإسلامية. ومع أنه لا يوجد الكثير من الود بين تركيا وإيران، إلا أن البلدين لم يخوضا حرباً كبيرة ضد بعضهما بعضاً منذ عدة قرون. وتعتبر أنقرة أن السياسات الأميركية ضد إيران تدفعها إلى المزيد من الراديكالية، وهو ما لا ترغب فيه تركيا. - سوريا: شهدت علاقات أنقرة مع دمشق انعطافة بـ180 درجة خلال العقد الأخير، وما فتئت العلاقة تزدهر بينهما، فضلاً عن العلاقات مع باقي الدول العربية التي تنظر بعين الإعجاب إلى قدرة تركيا على التوفيق بين عضويتها في حلف شمال الأطلسي وسعيها إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والتجرؤ على قول "لا" لأميركا بشأن استخدام أراضيها لغزو العراق، واستعادة الاحترام لموروثها الإسلامي، وتبنيها موقفاً متوازناً إزاء الصراع الفلسطيني. وترفض أنقرة الضغوط الأميركية لتهميش دمشق وعزلها.
-أرمينيا: هناك بالفعل اتصالات غير رسمية بين أنقرة ويريفان (عاصمة أرمينيا)، منها على سبيل المثال صلات تجارية وجوية، علاوة على رغبة العاصمتين في تحقيق تسوية (مصالحة). ولكن المشكلة تكمن في بعض تيارات الدياسبورا (الشتات) الأرمنية، التي ظلت عنصراً رئيسياً من عناصر الخطاب القومي المتشدد، المؤدي عملياً إلى تفشي المناخ المعادي لأي تقارب بين الطرفين. - روسيا: شهدت تركيا ثورة حقيقية في علاقاتها مع روسيا بعد خمسة قرون من العداوة والتنافر. فقد أصبحت موسكو اليوم ثاني أكبر مستورد للبضائع التركية بعد ألمانيا، كما استثمرت تركيا حوالي 12 مليار دولار في روسيا في مجال البناء. وتعتبر روسيا المصدر الأول الذي تعتمد عليه تركيا لتأمين احتياجاتها من الطاقة، فضلاً عن أن تركيا تنظر إلى منطقة أوراسيا باعتبارها مفتاح مستقبلها الاقتصادي. وقد ذهب الأمر بالجنرالات الأتراك الغاضبين من واشنطن إلى حد الحديث عن "البديل" الاستراتيجي الذي قد توفره روسيا إذا ما اقتضى الأمر مع الغرب. ورغم التنافس بين بلدان المنطقة على طرق مرور أنابيب النفط في آسيا الوسطى إلى الغرب -هل تمر عبر روسيا، أو إيران، أو تركيا- إلا أن تركيا تحرص على علاقاتها مع روسيا، وتعارض الجهود الأميركية لاستفزاز الدب الروسي عبر توسيع حلف شمال الأطلسي في منطقة القوقاز وأوروبا الشرقية ونشر الصواريخ بالقرب من حدوده. - فلسطين: يولي الأتراك اهتماماً كبيراً لفلسطين التي حكموها خلال الفترة العثمانية. وهم يتعاطفون مع المعاناة الفلسطينية التي دامت أربعين عاماً تحت الاحتلال الإسرائيلي. وتنظر أنقرة إلى "حماس" باعتبارها عنصراً شرعياً ومهماً في المشهد السياسي الفلسطيني ساعية للتوسط معه، وهو ما ترفضه واشنطن. ومع أن أنقرة تجمعها صلات جيدة مع إسرائيل، إلا أنها لا تتردد في توجيه انتقادات علنية ولاذعة لما تعتبره تجاوزات إسرائيلية. وعموما تسعى "تركيا الجديدة" إلى ترسيخ علاقات جيدة مع محيطها بحيث تشمل جميع الدول واللاعبين الإقليميين. وهي تسعى أيضاً للعب دور الوسيط في الشرق الأوسط لإدماج الراديكاليين في السياسة الرسمية من خلال الدبلوماسية الصبورة خلافاً لما تراه من سياسة واشنطن المعقَّدة والعدائية. ولتركيا مصالح راسخة في آسيا الوسطى. فإذا ما نجحت "منظمة شنجهاي للتعاون" التي ترعاها روسيا والصين في التحول إلى لاعب أساسي في أوراسيا، فإن تركيا، على غرار أفغانستان وإيران والهند، ستسعى إلى الانضمام إليها، وهو ما تعارضه واشنطن بشدة. ومع أننا قد نختلف مع تركيا في بعض تفاصيل سياستها، إلا أن هناك إجماعاً تركياً واضحاً حول تلك السياسات لأنها تخدم المصالح الأساسية للبلد. وفي الوقت الذي قد تتحدث فيه وزارة الخارجية بلغة ليِّنة عن "المصالح الحيوية المشتركة" متمثلة في الديمقراطية والاستقرار ومحاربة الإرهاب، إلا أن ذلك ليس سوى عبارات جوفاء مقارنة مع السياسات المتضاربة للطرفين في الكثير من النواحي. ومن الأفضل التعود على حقيقة أن تركيا قوية بديمقراطيتها الشعبية ستواصل سعيها الحثيث لخدمة مصالحها القومية، بصرف النظر عن ضغوط واشنطن.
جراهام فولر:النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات الوطني التابع لـ CIA
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
نكات العراقيين بمناسبة "العيد السعيد"!
د محمد عارف
الاتحاد الامارات
نكتة عراقية إن أحدهم سأل صديقه: "شنو أخبار الوالد؟"... ثم تذكر أن والد صديقه ميت، فاستدرك بسرعة: "بعده بنفس المقبرة"؟!.. هذه أخبار العيد في العراق، حيث تذكر بطاقات التهنئة المرسلة عبر الإنترنت: "كل عام وأنتم بخير... تهانينا بالديمقراطية الأميركية التي منحتنا انتخابات حرة نزيهة فازت فيها فرق الموت، وكتبنا دستوراً عظيماً سنته المرجعية الإيرانية، وتخلصنا من مليون مواطن زائدين عن الحاجة، وغادر البلد ثلاثة ملايين سايح في دول الجوار"!
ويقاوم العراقيون بالنكات والسلاح قوات الاحتلال، حيث تذكر نكتة عن سكان حي "الفضل"، وهو من أشرس مراكز المقاومة في بغداد، أن أحدهم اتصّل هاتفياً بالرئيس بوش، وقال له: أحب أبلغك بإعلاننا الحرب على أميركا. سأل بوش: ممكن أعرف حضرتكم؟ قال: "حضرتنا أبو جاسم، وأبو علوان، وأبو ناصر... وكل شباب مقهى الفضل، يعني أربعمائة شخص تقريباً". علّق بوش ضاحكاً: "عيني أبو جاسم... عندي مليونا جندي ومرتزق أميركي وعراقي"!.. قال أبو جاسم: "هذه معلومة جديدة تحتاج مشاورات". واتصّل في اليوم التالي ليخبر بوش: "الشباب قرروا إرجاء إعلان الحرب على أميركا". سأله بوش بسخرية: "ها... خفتم"؟!.. أجاب: "لا، ما خفنا... بس ما عندنا مكان يوسع مليوني أسير"!
وتسخر نكات عدة من المتعاونين مع الاحتلال، منها نكتة يُقال إن راويها محمود عثمان، المشهور بالنكات، وهو عضو البرلمان عن التحالف الكردستاني. تذكر النكتة أن مسؤولاً حضر متأخراً عن الموعد المقرر لاجتماع في "المنطقة الخضراء"، ومنعه حرس شركة "بلاك ووتر" من الدخول، بدعوى أن الكلب الذي "يشمّ" المسؤولين نائم!.. وعندما طلب المسؤول أن يفتشه حرس "بلاك ووتر" بدلاً من الكلاب أخبره الحارس: "تفتيش المسؤولين من اختصاص الكلاب"!.. وتعلّق نكتة أخرى على تراجع الحكومة عن قرارها وقف عمليات شركة "بلاك ووتر" التي اغتال حرسها مئات العراقيين. تقول النكتة إن فأراً عراقياً كان يعلن متباهياً أمام جماعته: "كل القطط تحت حذائي"، فالتفت خلفه ورأى هراً أميركياً أسود فقال: "بس أبو سمره على رأسي"!مؤلفو النكات مجهولون، لكنها تُعبِّر عن روح التسامح في المجتمع العراقي الذي تتعايش فيه وتتزاوج القوميات والمذاهب، وحتى الأديان المختلفة!
وتروي نكتة مضحكة مبكية عن عثور مراسل "الفضائية العراقية" على أربع جثث في الشارع، فصوّرها مع التعليق: "هذا أكبر رد على دعايات الإرهابيين المغرضة، فالدنيا أمان والناس ينامون بالشوارع"! وتتحدث نكتة أخرى عن إذاعة قوة الشرطة السيّارة: "تهنئة بالعيد من دوريات التنبيه الليلي... نأسف لإزعاجكم... وننصحكم بالسفر إلى الخارج تطبيقاً للشعار الجديد: "هذا الوطن نبيعه، وننهزم سنّة وشيعة". وتذكر نكتة عن شبكة الهاتف الجوّال "عراقنا" أن رسالتها الجديدة: "الرقم المطلوب قد يكون مهاجراً أو داخل نطاق المقبرة، يرجى التأكد من الرقم وقراءة سورة الفاتحة"!وتنقل نكتةٌ التصريح التالي عن مسؤول عالي المقام للصحفيين: "إن سبب سوء الأوضاع وجود العراقيين. بسْ يموتون... شوفوا الوضع شلون يتحسن"! وتنتقد نكتة أخرى الفساد العام، حيث تذكر أن فتاة شكت لأشقائها معمّماً من أدعياء الدين يتحرش بها عندما تذهب للمدرسة. وترّصده الأشقاء، وتأكدوا من صدق قولها، و"كسروا عظامه". اعتقلتهم الشرطة، واعتقلت معهم سائق تاكسي انضّم إليهم في ضرب المُعمّم. وعند استجواب سائق التاكسي عمّا إذا كان المُعمّم تحرش بشقيقته أيضاً؟ أجاب: "لا، بسْ تصورت الحكومة سقطت"! ومؤلفو النكات مجهولون، كمؤلفي حكايات "ألف ليلة وليلة" التي تُعتبر من عيون تراث الأدب العالمي في الدعابة والهزل. وتُعبِّر معظم النكات عن روح التسامح في المجتمع العراقي الذي تتعايش فيه وتتزاوج القوميات والمذاهب، وحتى الأديان المختلفة. وتعجبني نكتة عن زوجين من مذهبين مختلفين، تذكر أن الزوجة العصبية المزاج قالت لزوجها: "يا ريت تزوجت إبليس ولا تزوجتك"! قال الزوج: "لا، عيني... ما يصير الأخ يأخذ أخته"! وتُنسب النكات لسكان مناطق وعشائر مختلفة، وفق المناسبة، أو ربما حسب انتماء راويها. لكنّ معظم النكات تقوم بوظيفة اجتماعية في النقد والنقد الذاتي، وتخفيف التوترات بين المكونات المختلفة للمجتمع العراقي. فهناك نكات مشتركة عما يقال عن سذاجة الأكراد، وسكان منطقة الدليم غرب العراق، ومنها نكتة تذكر أن الأكراد والدليم شاركوا في حفر قبور، ومات أثناء الحفر سبعة أكراد، دُفنوا في القبور. وانزعج الدليم جداً، وشكوا من أن "الأكراد راح يملؤون المقبرة على الحاضر... ونحن قاعدين نتفرج"! ونكتة عن دليمي مصاب بالسمنة أوصاه الطبيب بالمشي يومياً عشرة كيلومترات، فاتصل بعد شهرين هاتفياً بالطبيب، وقال له: "دكتور وصلت عَرْعَرْ بالسعودية... أرجعْ... أو أستمرْ"؟.. وتروي نكتة أخرى عن طبيب أخبر المريض بأن الأشعة كشفت عن إصابته بسرطان في الدماغ، فقال المريض: "يا ساتر... منين جاءني الدماغ"؟! وتذكر نكتة عن انتشار مرض أنفلونزا الطيور أن حماراً هرب من شمال العراق، فسألوه عن سبب هربه؟.. فقال إنهم يذبحون الطيور بكردستان. سألوه: "وشنو دخلك أنت بالطيور؟"، أجاب: "تعال فهمهم هذا"!.. ونكتة ظريفة عن جندي مدفعي بالحرس الوطني أمره الضابط: "من يغادر الطيارة الرئيس جلال الطالباني... أضرب واحد وعشرين طلقه". سأل الجندي: "وإذا صوّبته بأول طلقه... أكمّل الباقي؟". وأعتذرُ عمّا قد يجده القراء العرب من صعوبة في فهم بعض النكات بسبب اللهجة العراقية، كما أعتذر من العراقيين عن "تهذيب" لغة بعض النكات لتكون بمتناول أشقائهم العرب. ويصعب ربما فهم نكتة عن رجل أعمال من مدينة الموصل طلبت منه سلطات الاحتلال التبرع لبناء سياج للمقبرة، فقال: "ليش؟! يا يوم سمعتم ميتين ينهزمون من المقبرة"؟! فهذه النكات المألوفة للعراقيين تداعب سكان الموصل حول ما يقال عن شدة حرصهم، واقتصادهم في النقود. وتعجبني نكتة عن "مصلاوي"، كما يُسمى مواطن الموصل، دفعه حرصه على الاقتصاد بالكهرباء إلى أن يعلق يافطة على باب منزله تقول: "لا تدقوا الجرس... أنا أفتح الباب كل 5 دقائق"! وتذكر نكتة أخرى عن الحرص في استخدام المياه أن أهل الميت وجدوا في وصيته ملاحظة تقول: "لا تغسلوني، آني غاسل"!.. وعلى الرغم من مبالغة بعض النكات، أو ربما بفضل مبالغتها يصعب مقاومة الضحكة عندما نقرأ نكتة عن "مصلاوي" سقط من سطح المنزل، وصرخ بزوجته التي كانت تتطلع إليه هلعة من شباك المطبخ: "لا تحسبين حسابي على العشاء"!
ولا يتسع المجال لرواية نكات أميركية أعاد العراقيون صياغتها، وبعضها عنصري رديء، لكن إعادة صياغتها بشكل معكوس جعل الضحكة الأخيرة للعراقيين. وأختتم هنا بنكتة تحطم القلب عن عفوية العراقيين في التحايل على التبليغ بالأخبار السيئة. تتحدث النكتة عن شخص أراد تبليغ زوجة صديقه بوفاة زوجها بحادث سيارة، فقال لها "زوجك خسر فلوسه بالقمار". قالت الزوجة: "إن شاء الله يخسر عمره". واستطرد الصديق: "واضطر يبيع البيت". فزعقت الزوجة: "الله يضيّع حياته". وأضاف: "وتزوّج عليك مرة ثانية". فصرخت: "يا رب أشوفه ميت"!.. فهتف الصديق: "يا شباب... دخلوا المرحوم".
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
الحوار لإطفاء الحريق
افتتاحية
الشرق قطر
الأزمة الآخذة في التصعيد على الحدود التركية - العراقية، بعد اعطاء البرلمان التركي الضوء الاخضر للجيش بالتوغل في شمال العراق، يبدو انها تدخل الآن منعطفا خطيرا، وذلك بعد أن صب مقاتلو حزب العمال الكردستاني المزيد من الزيت على النار بتنفيذ كمين اودى بحياة 16 جنديا تركيا.
وخطورة ما جرى من مواجهات بالامس بين المتمردين الاكراد والجيش التركي، انها جاءت لتشكل ضربة قوية لكل الجهود المبذولة اقليميا ودوليا ومن قادة العراق ايضا لاحتواء التوتر ودفع الحوار مع الحكومة التركية.
ان اشتعال النار على جانبي الحدود العراقية - التركية، هو أشبه بكارثة جديدة من شأنها ان تدخل المنطقة في دوامة من العنف لا نهاية لها. ومن الواضح ان تفاقم التوتر ينذر بمخاطر جسيمة في منطقة تعاني أساسا من انعدام الاستقرار وتفشي الحروب والاقتتال وهي قطعا ليست بحاجة الى حرب جديدة تمتد اخطارها لكل الشرق الأوسط.
ومع انه من المؤكد ان المجتمع الدولي يرفض ويدين قيام اي دولة بتوفير ملاذات آمنة وفتح أراضيها للانشطة المسلحة المعارضة للدول المجاورة، إلا أن المطلوب من تركيا التروي قبل الاقدام على حرب تضار منها كل المنطقة.. واتاحة الفرصة للحكومة العراقية والاطراف الاقليمية والدولية للتحرك لوقف انشطة حزب العمال الكردستاني، وهي مهمة ينبغي ان تقوم بها الحكومة العراقية والاحتلال الامريكي بالدرجة الاولى.
ومن المهم ان تنشط جهود اقليمية ودولية بسرعة لنزع فتيل الازمة، قبل اندلاع الحريق الذي سيقضي على الاخضر واليابس.
ان التحلي بالحكمة وتغليب لغة الحوار والتنسيق والتعاون بين الحكومتين العراقية والتركية هو الامر الاكثر الحاحا للعمل من اجل تطبيق اتفاقيات التعاون الأمني بين البلدين على الوجه الأكمل. كما ان الدبلوماسية والحوار يجب أن يسودا لتسوية النزاع بدلا من المواجهة العسكرية.
وفي هذا الصدد، فان ادانة الحكومة العراقية الواضحة واستنكارها الهجوم الذي نفذه المتمردون الأكراد على القوات، يشكل خطوة تحتاج الى خطوات اخرى في الطريق لحل هذه القضية وتهدئة الموقف الملتهب حاليا على الحدود بين العراق وتركيا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
دعوة لضبط النفس
الافتتاحية
الراية قطر
إن التطورات الحالية المتعلقة بأزمة مقاتلي حزب العمال الكردستاني والقرار التركي بشن هجوم بري علي شمال العراق لوقف هجماتهم غير مبررة ولن تقود إلا لمزيد من التصعيد وتهدد بشبح حرب واسعة تقود المنطقة الملتهبة أصلا إلي التفجير.
ولذلك فمن البديهي ان يكون الحوار والتفاوض هو الحل الأمثل البديل لهذا التصعيد الخطير خاصة بعد الرفض العراقي القاطع للتهديدات التركية باجتياح شمال العراق وتهديد الأكراد بالدفاع عن مناطقهم ضد أي توغل تركي محتمل في المنطقة، الأمر الذي سيحول المنطقة الي منطقة نزاع وتنازع وعدم استقرار ليس في مصلحة تركيا ولا العراق ولا الأكراد.
مما لا شك فيه ان التهديد التركي باجتياح العراق والتوغل في شماله ينطوي علي أهداف خطيرة ويجر المنطقة بأكملها الي حلبة الصراع العسكري المسلح خاصة وان تركيا تدرك تماما انها بقرارها هذا تنتهك أراضي دولة ذات سيادة وان الأعراف والقوانين الدولية تمنع مثل هذا التصرف الاحادي.
ان الرفض العراقي والذي عبر عنه أكثر من مسؤول سواء بالحكومة المركزية ببغداد أو بحكومة إقليم كردستان العراق مبرر لأنه يأتي من منطلق الدفاع عن السيادة والتراب العراقي خاصة وان هذا الرفض مقرون بالموافقة ببحث الأمر في اطار ثنائي مع الحكومة التركية للخروج بموقف يضمن استقرار المنطقة الحدودية في كلا البلدين ويضمن أمن واستقرار تركيا من أي هجمات إرهابية تستهدف ترابها الوطني.
ولكن من الواضح ان الحكومة التركية قررت من جانب واحد تصعيد الموقف ليس مع حزب العمال الكردستاني فقط وانما مع الحكومة العراقية رغم ان هذا ينطوي علي مخاطر عديدة برزت في تنفيذ المقاتلين الأتراك عمليات عسكرية داخل تركيا قتلوا خلالها عشرات الجنود.
الجميع يدركون ان التصعيد العسكري والسياسي لن يقود إلا إلي تصعيد مضاد خاصة وان المقاتلين الأكراد ليسوا جيشا نظاميا وإنما هم مقاتلون يستخدمون أسلوب حرب العصابات باستغلال المنطقة الحدودية والوعرة ولذلك فإن القضاء عليهم لن يتم الا بجهد مشترك وتعاون بين جميع دول المنطقة وبرضاء تام منها وليس عبر فرض الأمر الواقع كما هو الحال حاليا بشمال العراق.
فالحكومة التركية مطالبة أكثر من غيرها بضبط النفس وعدم الإنجرار وراء مزالق قد تقود المنطقة برمتها الي حافة الهاوية خاصة وانها تدرك صعوبة التوغل أو اجتياح شمال العراق لأنها ان فعلت ذلك ستدخل في حرب مباشرة مع أكراد العراق وربما مع الحكومة العراقية ولذلك فلا بديل عن دخولها في حوار جاد لإنهاء الأزمة سلميا لان آثار التوتر ستمس جميع دول المنطقة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
تركيا وحزب العمال.. عقدة حقيقية (1)
طه خليفة
الراية قطر
هل حزب العمال الكردستاني PKK قادر الي هذه الدرجة علي إزعاج الدولة التركية؟. وهل هذا الحزب صاحب قضية ودور نضالي أم أنه حزب إرهابي؟. وهل العمليات التي ينفذها ضد الجيش التركي تستأهل كل هذا الاستنفار من الحكومة وكأنها تستعد لخوض حرب نظامية شاملة ضد عدو خارجي؟. أسئلة عديدة تثيرها الأزمة المشتعلة حالياً بين تركيا وبين أطراف عديدة في المنطقة وخارجها علي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الدولة المحتلة للعراق وحكومة بغداد وإقليم كردستان العراق والأمم المتحدة وغيرهم بسبب التحرك التركي الجاد أو شبه الجاد للتوغل في شمال العراق لملاحقة عناصر الحزب، والتحذيرات المتلاحقة من أن مثل هذا العمل العسكري سيشعل المنطقة ويعقد الأوضاع فيها أكثر مما هي معقدة. الحقيقة المؤكدة في هذا المشهد الساخن جداً أن تلك القضية شديدة التعقيد فعلاً وأن حلها لن يكون بحرب شاملة أو عملية عسكرية واسعة أو توغل محدود لتعقب مقاتلي الحزب ذلك أن الأزمة الحالية ليست جديدة، كما أنها ليست المرة الأولي التي يدق فيها الجيش التركي طبول الحرب أو يستعد للتوغل في شمال العراق لتعقب مقاتلي حزب العمال، فهذا الأمر تكرر كثيراً ومع ذلك لم يتم استئصال شأفة هذا الحزب كما لم ينجح الجيش التركي القوي في بسط نفوذه كاملاً علي الشريط الحدودي الجبلي الوعر بين تركيا والعراق الذي يختبيء فيه عناصر الحزب لأسباب جغرافية بالأساس. ونذكر أنه في عام 1998 كادت تنشب الحرب بين تركيا وسوريا بسبب اختفاء عبدالله أوجلان الزعيم التاريخي لحزب العمال ووجود معسكرات تدريب لعناصره في الأراضي السورية وفي البقاع اللبنانية تحت حماية القوات السورية في لبنان ولولا تأكد دمشق من أن تهديدات أنقرة بشن الحرب عليها كانت جادة فعلاً لما بادر الرئيس الراحل حافظ الأسد بدهائه وذكائه السياسي المعروف عنه بقطع كل صلة لأجهزة الأمن والاستخبارات في بلاده بحزب العمال وإغلاق المعسكرات وطرد أوجلان الذي سقط فيما بعد في أيدي قوات تركية خاصة في كينيا التي كان قد فر إليها وهو الآن في السجن، وقد كان للرئيس المصري حسني مبارك جهد بارز في نزع فتيل الأزمة حيث قام بتحركات مكثفة بين دمشق وأنقرة، حتي انتهت الأزمة بسلام وتم تجنيب سوريا عملاً عسكرياً تركياً لم يكن في صالحها تحت كل الظروف. ورغم ان حزب العمال فقد آنذاك ساحة جيدة كان يتحرك فيها بحرية وينطلق منها لتنفيذ عملياته ضد الجيش التركي ثم يعود الي معسكراته في سوريا إلا أن الحزب لم ينته بل ظل يقوم بدوره العسكري حتي بعد توجيه ضربة قاصمة له باعتقال زعيمه أوجلان وتخلي عدد من قادته عن السلاح.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
حتى لا تتكرر حكاية الثور الأزرق
د عبد الله الشايجي
الشرق قطر
بعد أن فشل العراق كنموذج للحريات والديمقراطية كما تخيله واعتقده المحافظون الجدد، وتشظى لنموذج لدولة فاشلة بسبب سلسة الأخطاء المتعددة. ها هو العراق يُقدم اليوم نموذجا للتقسيم والتفتيت "الناعم" بعد ان نجح مجلس الشيوخ الأمريكي في تمرير مشروع غير ملزم لادارة الرئيس بوش، من السناتور ومرشح الرئاسة لديمقراطي جوزف بايدن لتقسيم العراق الى ثلاثة كيانات على أسس طائفية واثنية وعرقية، تزيد من توتر المنطقة وترفع فرص الصراع والخلافات عراقيا وفي المنطقة الى مستويات جديدة. مشروع القرار يجزئ العراق الى ثلاثة كيانات مع وجود حكومة مركزية ضعيفة في بغداد تشرف على الأمن والنفط وتوزيع الثروات ستكون شرارة المواجهة المقبلة.
مع ان السناتور بايدن لا يتحدث عن التقسيم بل الفيدرالية. الا ان من يقرأ الاقتراح ويفهم ابعاده وانعكاساته سرعان ما يستنتج ان الهدف هو ليس الفيدرالية بل تقسيم العراق الى كونفيدرالية تقسيمية على اساس مناطقي وإقليمي وطائفي وجغرافي اثني. وهي خطوة غير مسبوقة.
إن الخطوة الأمريكية تجاه العراق هي أشبه ما تكون بعودة امريكية فاشلة لتطبيق نظام اقرب ما يكون للكونفيدرالية الأمريكية التي طبقها الأمريكيون قبل 230 عاما في بدء النظام الأمريكي. وليتم تغيير ذلك النظام الذي أثبت فشله بنظام دستوري فيدرالي بعد 11 عاما من الفشل. السؤال، لماذا يريد الأمريكيون تكرار نظام ثبت فشله وعلى أي أسس؟، خاصة ان النظام الفيدرالي يجمع المتشتت والمجزأ في بوتقة واحدة لتنصهر فيها الاختلاف والتفرق في توحد تحت نظام واحد مركزي بحكومة قوية ذات صلاحيات واسعة. الغريب والمعيب في مشروع تقسيم العراق هو ان الأمريكيين الملمين بفشل كونفيدراليتهم يريدون تكرار التجربة الفاشلة ليدفع العراق والمنطقة ثمن ذلك الفشل.
ومع ان ادارة الرئيس بوش عارضت مشروع قرار الكونغرس الذي وصفه رئيس الوزراء نوري المالكي بالكارثي. وعارضته جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومجلس التعاون الخليجي. ووصفه امير دولة الكويت "بالخطر على المنطقة برمتها ولا أحد يقبل تقسيم العراق". الا ان القرار يشكل تطوراً خطيراً على مستقبل العراق والدور الأمريكي المستقبلي في المنطقة، خاصة مع تزايد النقاش عن الانسحاب الأمريكي من العراق وان الهدف من التقسيم الناعم هو تأمين ألانسحاب بأقل خسائر وليس مصلحة العراق وشعبه.
والخطير في المشروع التقسيمي الأمريكي الذي عارضته جميع الدول العربية المجاورة والبعيدة عن العراق، وقبل ذلك الفئات السياسية والاجتماعية العراقية باستثناء الأكراد الذين يتمتعون بحكم ذاتي منذعام 1991 والمدعوم من اسرائيل تنفيذا لمخططات صهيونية تفتيتية قديمة لاضعاف الدول العربية، هو ان التجرؤ على طرح تقسيم العراق وبهذه الطريقة الاستفزازية سيحولها في المستقبل لنموذج يُطرح لمشاريع التجزئة والتقسيم لدول عربية اخرى، لديها تركيبة تعددية عرقية وإثنية مماثلة. لتصبح تلك المشاريع رائجة ومقبولة في دول اخرى في المنطقة. وما يجعل تلك المشاريع مخيفة وقابلة للتطبيق هو عدم وجود حصانة ومناعة لدينا في المنطقة، وغياب أي مشروع يحصننا من خطر مخططات التفتيت.
السؤال الذي يطرح نفسه على المنطقة هو: هل بتنا أمام مشروع سايكس- بيكو جديد للمنطقة ليس لتفتيت العراق من اجل إنقاذه كما يريد الأمريكيون اقناعنا وكما ادعوا في حرب فيتنام؟ بل الى ما هو اخطر من تقسيم العراق في كونفيدرالية فاشلة مبنية على خطوط طائفية مذهبية جغرافية باسم الفيدرالية.
نخشى اننا امام نهج بات واضحا في تفتيت دول المنطقة الضعيفة والقابلة للعطب. وامام مشروع خبيث يدعو لتفتيت وتجزئة العالم العربي عبر كيانات واعراق واجناس. لخلق كانتونات في دول مثل العراق والسودان ولبنان وسورية ومصر ودول المغرب العربي.
كنا ساذجين عندما عبرنا عن قلقنا وخوفنا من لبننة العراق. أما اليوم فبتنا نخشى من عرقنة المنطقة انطلاقا من العراق، الذي لا يبدو ان من الممكن انقاذه والمحافظة عليه ككيان واحد موحد. اننا امام تداعيات محلية واقليمية خطيرة ان كتب لها النجاح ستدفع الى تفتيت الكثير من دول المنطقة. اعتقد انه حان الوقت للانتفاض اليوم قبل الغد والمبادرة الى مشروع جريء وطموح للتصدي الجدي لمشاريع التقسيم والتفتيت الخبيثة قبل فوات الأوان. وهذه مسؤولية جماعية لا يمكن التهاون فيها. حتى لا تتكرر حكاية الثور الأزرق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
بروفة الفيدرالية
زهير المخ
الراية قطر
عاد ملف الفيدرالية يطرح نفسه ساخناً علي العراقيين بعد التصريحات التي أطلقها مؤخراً نجل زعيم المجلس الإسلامي الأعلي عبد العزيز الحكيم داعياً فيها إلي الإسراع في إقامة الأقاليم الفيدرالية في البلاد.
وفي الضباب الذي يلف عادة المشهد السياسي العراقي بين اللاعبين الرئيسيين في الساحة يغيب الأساس خصوصاً عندما ينظر اللاعبون هؤلاء إلي هذه القضية باعتبارها الأكثر إثارة للجدل بين مؤيد أو رافض وكأن المطالبة بها تصب في خانة فئة دون أخري، ريثما يتضح في الأفق غير عنصر تعديل وتبدّل.
لكن اللعبة السياسية الداخلية قد أوصلت هؤلاء جميعاً إلي مأزق محدد، هو مأزق المادتين 3 و113 من مسودة الدستور الجديد. فالجدل السياسي العنيف الذي شهدته الساحة العراقية تمحور علي نص المادة الثالثة من مسودة الدستور التي تشير إلي أن العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو جزء من العالم الإسلامي والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية . وإذا كان هناك غموض متعمد في صياغة هذه المادة، فإن المادة 113 تقف، وبحق، خارج لعبة الغموض هذه، حيث نصت علي إن النظام الاتحادي في جمهورية العراق يتكون من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية .
من هنا المأزق بالذات، تغليب العنصر الفيدرالي عليالكل المركزي. ففي المواقف المتباينة من هذه المسألة، يعترض التيار الصدري علي أصل الخيار الفيدرالي، خارج إقليم كردستان، ويحبذ نظام اللامركزية الإدارية لمناطق البلاد العربية، ولا يبتعد كثيرا عن هذا الطرح حزب الفضيلة الشيعي. ويري هؤلاء إن إقليم كردستان له حدوده الجغرافية والقومية والثقافية المتميزة، أما بقية محافظات العراق فهي متداخلة ومتمازجة بشكل لا يقبل وضع الحواجز. ويعترض هؤلاء بصورة مشددة علي فكرة قيام إقليم الجنوب والوسط، بمحافظاته التسع. كما تعددت الأسباب التي دفعت بجلّ الصف العربي السنّي الوقوف بوجه النظام الفيدرالي المقترح. أول هذه الأسباب وأهمها إن إقرار مبدأ الفيدرالية يعني من الناحية الفعلية نهاية رسمية للتماهي الضمني بين العرب السنّة والدولة العراقية وللشعور الدفين بأن للعرب السنّة أرجحية تاريخية في مجال قيام الكيان العراقي واستقلاله وتثبيت دعائمه، وإن أي عقد اجتماعي جديد يعني أيضاً أن العرب السنّة أصبحوا طائفة عراقية بين الطوائف بلا تمييز لا لدورهم التاريخي ولا لحاجتهم لضمانات تجنبهم تقلبات المستقبل. إلا أن من الخطأ اعتبار تصلب العرب السنّة موقفاً نهائياً، فهذا التصلب ما هو إلا تأقلم مرحلي مع استمرار الاشتباك السياسي بين الأطراف العراقية المختلفة.
من هنا كان الانزلاق الطبيعي من المناقشة الدستورية الهادئة إلي الجدل السياسي العنيف، ذلك أن المطالبة بتطبيق الفيدرالية يثير تحفظاً مشروعاً عند بعض الأطياف العراقية، لأنه بالطبع يخفي أهدافاً أخري، وفي الأساس لأنه يلغي الحق الطبيعي بالتعبير عن الذات السياسية، كل وفقاً لإرادته، كما أن اختزال الشخصية السياسية العراقية إلي عنصرها الطائفي فحسب، هو نوع من تغليب الجزء علي الكل من جهة، ونفي غير مبرر لحق التشبث بالهوية العراقية الجامعة من جهة أخري.
السؤال الجوهري هو: لماذا تمتزج المطالبة بتطبيق الفيدرالية بمواقف رافضة لها؟
الأسباب عديدة، يعود بعضها إلي التركيبة المتنوعة تاريخياً للمجتمع العراقي. ولكن البحث عن أسباب آنية شرعي أيضاً: لقد انتهي إلي غير رجعة علي الأرجح ذلك التماهي البدائي والساذج بين وجود الدولة المركزية وبين الولاء السياسي المصاحب لها، وقد ساهمت في اتساع هذه الفجوة عوامل عدة في غاية من الأهمية. ولو استعرضنا بسرعة بعضها لوجدنا أن هذه الدولة لم ترق بعد إلي مستوي الدولة القومية التي هي نسق تنظيم عقلاني قائم علي وجود المؤسسات ويجسّد السلطة السياسية ضمن مجموعة بشرية تعيش علي أرض محددة، بل علي العكس من ذلك تماماً، فقد نشأ نوع من التماهي المتزايد بين أرض معينة وولاء سياسي معين، وبالتالي بين كيان سياسي معين وبين نخبة معينة تحكمه. وعليه بات الاجتماع السياسي خاضعاً للظروف التاريخية أكثر مما هو متأصل في الثقافة السياسية المكوّنة لمفاهيم الأرض والوطن والتاريخ.
وإذا كان الأمر كذلك، كيف يتم إقناع مواطني الدولة العراقية بنظرة مغايرة؟
يكتسب التاريخ السياسي المقارن بين التجربة الأوروبية ونظيرتها العراقية أهمية كبري في هذا السياق. ففي الأولي تبلورت الهويات في قوميات متميزة، ثم في دول قومية متميزة، بل إن مفهوم الأمة بات مرادفاً لمفهوم الدولة ذات الرقعة الجغرافية المحددة. أكثر من ذلك، تجاوبت خريطة القارة السياسية مع خصائص شعوبها التاريخية والثقافية ضمن التنوع في وحدة الحضارة الأوروبية، وبالتالي أصبح حق السيادة السياسية لمجموعات ثقافية متمايزة، تاريخياً، هو حق طبيعي غير مشروط بعوامل القوة والضعف والحجم. من هنا، قام نموذج الدولة القومية علي الوحدة السياسية، حيث ينتمي المواطنون طواعية إلي ثقافة مشتركة، ويؤكدون إرادة العيش المشترك في إطار جماعة مستقلة ذاتياً.
لقد تخلّت القارة الأوروبية عن نموذج الدولة المركزية التي تفرض سيطرتها بالقوة علي جماعات مختلفة اللغة والثقافة، وانحسرت مطامع دولها القومية، بعد الحرب العالمية الثانية، في إطار حدودها التقليدية، مما سمح بإعادة تنظيم خريطة القوي علي أساس حق الشعوب في تقرير مصيرها وتمتعها بالسيادة الكاملة علي أراضيها. وقد استتبع ذلك أن أوروبا تبنّت نموذجين للدولة العصرية: أولهما، نموذج الدولة القومية التي تجسّد أماني الشعب في العيش الحر، وثانيهما الدولة الفيدرالية التي توفق بين التجمعات التقليدية المختلفة والمتمايزة، في إطار نظام لا مركزي يستبعد ضغوط الدولة المركزية ويوازن عملية التنمية بين التجمعات ضمن حدود سياسية معترف بها. وبذلك قام النظام الجديد في القارة الأوروبية ليركّز العلاقات الدولية علي مبدأ احترام السيادة الإقليمية وتبادل المصالح بين الشعوب. وهذه الفكرة حملت معها تطوراً جذرياً في وظيفة الدولة: فبدلاً من أن تكون الدولة أداة توسّع وتسلّط وقمع علي الآخرين، تحولت إلي خدمة المجتمع المدني كأفضل وسيلة لحل مشاكله المستجدة وتخطيط عملية التنمية والتقدم من أجل مستقبل أفضل لأفراده.
وبما أن السلطات العراقية لم تستطع النهوض بعبء مهام بناء الدولة العصرية منذ 1958، فان اختفاء رائحة الموت من بلاد الرافدين مشروط اليوم، أكثر من أي وقت مضي، بالدعوة الصريحة إلي إقامة نظام فيدرالي يكفل إعادة الخريطة إلي محتواها الواقعي البشري والجغرافي كي تسمح بالاندماج الوطني الحقيقي، ويطيح بمركزية كان ثمنها، حتي الآن، لا يستقر إلا بفتح مواسير الدم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
تركيـا تستعد لصياغـة خطـاب جديـد تجـاه أكـرادها
نظام مارديني
السفير لبنان
بعد عشرة أيام على انتخابه الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية، نزل غول ضيفاً في جنوب شرق تركيا، حيث الاكثرية الكردية، ودلالات هذه الزيارة لا تقتصر فقط على حزب «العدالة والتنمية»، او على الداخل التركي عامة، بل دلالاتها تمكن القول بأنها رسالة الى الدول الاقليمية التي هي على حساسية مع الجماعات الكردية، وأيضاً الى الاتحاد الاوروبي، بأن القيادة التركية الجديدة ستعطي المسألة الكردية أولوية في المرحلة المقبلة.
ولا يمكن الحديث عن حل موضوعي للمسألة الكردية من دون وضع المسيرة الاصلاحية كبند اول أمام حكومة «العدالة والتنمية» التي يقودها أردوغان، وهنا تتضح بجلاء الدلالة الثالثة لوصول غول الى قصر تشنكايا، ذلك ان انتزاع حزب «العدالة والتنمية» لمنصب الرئيس سيزيح عراقيل عديدة من طريق حكومة أردوغان، لأنه سيحررها من سطوة وتعنّت مجلس الامن القومي بقيادة رئيس علماني طالما استخدم حق «الفيتو» إزاء التشريعات والاصلاحات التي طرحتها حكومة أردوغان السابقة (2002-2007)، وبالرغم من أن رئيس الوزراء في تركيا يتمتع بسلطات واسعة، فإن منصب رئيس الجمهورية يكتسي بمسحة رمزية بوصف شاغله خليفة أتاتورك مؤسس الجمهورية الحديثة، لذلك فإن فوز حزب «العدالة والتنمية» بهذا المنصب سيرسخ دعائمه في الحكم لأنه سوف يحكم قبضته على المراكز الحيوية للسلطة والنفوذ في الدولة التركية من رئاسة وحكومة وبرلمان، الامر الذي سيخول الحزب اتخاذ قرارات جريئة في ما يخص الوفاء بشروط انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، كما يعينها على مواصلة جهودها لترشيد وإصلاح جمهورية أتاتورك توطئة للولوج بتركيا الى عصر الجمهورية الثانية التي تحترم حقوق الانسان والتي تفتح صفحة جديدة حيال المسألة الكردية.
في ضوء هذا الاتجاه، ستتعرض السياسات التركية المستقبلية تجاه المسألة الكردية برمّتها للتغيير الجذري، من باب التأقلم السريع مع مستجدات الوضع الداخلي، الذي أوصل الى رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وفي السيطرة على البرلمان بعدما نال 47 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية التي جرت في 22 تموز الماضي.
المسألة الكردية شأن حقوقي
لا شك ان اوجلان الذي اختصر قيادة اكراد تركيا في شخصه منذ اسس حزب العمال الكردستاني وحتى اعتقاله، ها هو يعيد اختصار حركة الاكراد في شخصه ايضاً وهو في سجنه الانفرادي في جزيرة «ايمرالي»، وذلك رغبة منه في دفع السلطات التركية مرغمة إلى التحاور معه، ولو بالواسطة عبر النواب الاكراد (المستقلين) الذين دخلوا البرلمان تحت يافطة «حزب التجمع الديموقراطي»، الذي دفع الى تأسيسه اوجلان في العام ,2005 وهذا الحوار إذا حصل فهو سيفتح من جديد قرار المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان الذي اعتبر، في الثاني عشر من ايار ,2005 محاكمة الزعيم الكردي عبد الله اوجلان غير عادلة، وبما يعني أنه يتعين على تركيا اعادة محاكمته. إذ عد هذا الحكم ملزماً للحكومة التركية في ضوء ارتباطاتها بالاتحاد الاوروبي، بالرغم من وصف أردوغان القرار بأنه محاولة من البعض لفتح ملف الارهاب من جديد في تركيا، وقال «ان هذا الملف مغلق تماماً في ضمير ووجدان الشعب التركي بأكمله». إلا أن المحامية ايسل توغلوك التي تشارك في الدفاع عن أوجلان قالت: «إنه ليتمكن من الحصول على محاكمة ثانية على المحكوم عليه أن يقدم طلباً في هذا الصدد»، غير أن اوجلان الذي شجب القوانين التركية السارية لم يقدم طلباً في هذا الصدد، موضحة أن «أوجلان قال إنه لن يلعب الدور الرئيسي في مسرحية ستقوم بها تركيا» («السفير»، 200564).
وهكذا بدت الشواهد من جديد تسير وفق آلياتها القديمة، في صراع الدولة المزمن ضد الثائرين عليها، دون تغير يذكر. فالاحداث بقيت نفسها ومسارحها هي نفسها، تارة في الاماكن التقليدية للصراع في جنوب شرق البلاد، وتارة في شمال العراق، كما أكدت عليه لقاءات وزير الداخلية العراقي جواد كاظم البولاني مع نظيره التركي بشير اطالاي في السادس والعشرين من ايلول. إذ أرادت تركيا أن يجيز الاتفاق بينهما للجيش التركي بمطاردة عناصر حزب العمال في الاراضي العراقي شرط الحصول على الضوء الاخضر من بغداد. وذلك كتتمة للاتفاق «الوثيقة» بين رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وأردوغان في 7 آب في انقرة لمكافحة حزب العمال الكردستاني، وقد سعت أنقرة للاتفاق مع بولاني إلى تسليمها 150 من قيادات هذا الحزب الذين سبق أن قدمت قائمة بأسمائهم الى المالكي بحسب صحيفة الزمان في عددها في 29/9/,2007 إلا أن أنقره وبغداد أخفقتا في التوصل إلى اتفاق بعدما رفض بولاني منح الجيش التركي «تفويضاً مطلقاً لملاحقة الثائرين الأكراد».
إن على تركيا صياغة خطاب جديد مغاير يشجع مواطنيها على اعادة تفنيد ذاكرتها ومن ثم التخلص من شوفينيات صار الحاضر يتجاوزها. والدولة لتركية لن يضيرها شيء اذا استوعبت جماعاتها الإثنية والدينية حتى وإن اختلفت ثقافتها وقيمها الاجتماعية، فالطريق طويل وعليها ان تسير فيه، وشأنه في ذلك شأن طريقها نحو الاتحاد الاوروبي. والحل العسكري الذي تبنّاه الطرفان (الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني)، أثبت فشله القاطع، ووضع البلاد أمام حرب استنزاف بلا منتصر نهائي، يغذيها الشعور بالظلم لدى الاكراد وبالتهديد الوطني لدى جميع الاتراك
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
ســـبــــعــــة أقـــــاليـــــــم عــــــراقـــــيــــــة
حسن سلمان
النهار لبنان
شكل التدخل الاميركي والبريطاني العنصر الجوهري الذي يمكن من خلاله اعادة ترتيب العراق على المستوى السياسي لأن هذا الحدث المفصلي الكبير فتح الابواب لكثير من الاقوال والافعال والتجارب والصراعات ان تتخذ مكانا لها في الاعتبارات الداخلية والخارجية.
فبعد ان سقطت الدولة العراقية الحديثة في 9/4/2003، وهي التي ولدت عام 1920 وان كان العراق كوطن وككيان موجودا في العمق من التاريخ ايام اور وسومر، وأكد ونينوى وبابل والكوفة والبصرة... وغيرها في عمق التاريخ آلاف السنين. لكنه عراق له هويات فئوية جاءت على قياس البلدة والقبيلة والعشيرة والمذهب واخيراً على قياس الحاكم والحزب الحاكم.
في النسيج المعقد للمجتمع العراقي والتقسيمات الجغرافية التقليدية بالحدود الطائفية والعرقية، الجنوب غالبية سكانه من الشيعة والشمال وغالبية سكانه من الاكراد والوسط مختلط والغرب غالبية سكانه من السنة. وبشكل عام فان الشيعة يشكلون 65% من سكان العراق تقريبا والسنة (عربا وكردا) والباقي 5% مزيج من المسيحيين والمجموعات الدينية والعراقية الصغيرة.
ان دولة العراق الحديث (دولة 1920) هي امتداد لأيام الامبراطورية العثمانية التي جعلت القوة العسكرية والسياسية متمركزة بشكل حصري تقريبا في ايدي الاقلية السنية العربية، وكان من نتيجة الاستئثار بغنائم السلطة عواقب وردود فعل وغضب واستنكار من جانب الشيعة الذين كانوا يهبون وعلى فترات في موجات من التمرد والثورة وحتى حالات العنف.
في المقابل مارست السلطات المتوالية على الحكم نزعات قومية حادة حيث ان الجزء الاوسط والجنوبي من العراق عربي لكن القسم الشمالي والشمالي الشرقي من البلاد يقطنه سكان من الاكراد وعدد قليل من التركمان والاشوريين. فالعرب في الوسط والجنوب والغرب سنة وشيعة يمثلون (80%) من السكان، والاكراد وباقي الاقليات يشكلون 20% من السكان. هذا التمييز العرقي الذي مورس من قبل المركز العربي السني ادى الى انعكاسات خطيرة على المستوى السياسي والامني والعسكري طوال فترة تاريخ الدولة العراقية الحديثة. وكانت المقاومة او ما سمي التمرد الكردي احد ابرز وجوه هذه المشكلة. هنا من الطريف بمكان ان نذكر رأيا سياسيا يعتبر ان ضم منطقة الموصل عام 1925 الى الدولة من قبل الاحتلال البريطاني كان امرا مقصودا الهدف منه الحد من الهيمنة العددية للشيعة على الخريطة العراقية.
ونظرا الى عمق هذه التقسيمات المذهبية والعرقية وارتباطها بتاريخ طويل من التعسف والاقصاء فليس من الغريب ان نرى عدم قدرة الطبقة التي حكمت العراق على صياغة رؤية واضحة وشامل لهوية وطنية للشعب العراقي، الا تلك الشعارات الفارغة الرنانة.
وطن حر وشعب سعيد، وحدة وحرية واشتراكية، وثالثة معاداة الامبريالية والصهيونية الخ. واخيرا حكم العراق في نهاية دولته العتيدة شخص اسمه صدام حسين وقياس حكمه بأي من معايير السياسة او الاقتصاد او الاجتماع او الأمن او العلم العسكري، يعني الكارثة بعينها. وهنا يأتي السؤال هل الخوف العالي وشهرة وحشية النظام وعدم الرحمة هي التي أبقت عليه هذه الفترة الطويلة رغم كل العوامل التي يمكن ان تشكل ضعفا لنظامه... أم أن نظام صدام وحكمه اعتمدا التنظيم والقيادة السرية الخفية والدعم اللامنظور من حماة دولة العراق الحديثة؟
وبناء على ما حصل في العراق اليوم يبقى التساؤل قائما عن الاكراد، وماذا يريدون؟ هل يستمرون ضمن الدولة العراقية ام يطالبون بالانفصال والاستقلال؟ وهل الشيعة بعد ان عاملتهم دولة 1920 مواطنين من الدرجة الثانية هل يقبلون هذه الصيغة؟ وهل السنة على استعداد لتقبل صيغة جديدة لعراق يتساوى فيه الجميع؟ وهل اقتنع الجميع بفشل النظام الديكتاتوري؟ لا شك في ان التقسيم لا يخدم أي فئة او طائفة او عرق مهما كبرت الاحجام او صغرت والجميع فيه خاسرون والوطن الى زوال. والحل الأمثل هو صيغة عيش جديد فيتشارك الجميع في ادارة البلد وحكمه من خلال نظام ديموقراطي فيديرالي يحترم الانسان وحقه وحريته. فأي نظام فيديرالي نريد؟
لقد طرح مجلس الشيوخ الاميركي مشروعاً لتقسيم العراق على اساس مذهبي وعرقي اي على اساس منح الاكراد حق تقرير مصيرهم وتحقيق حلمهم التاريخي في قيام دولتهم في الشمال. وبناء على التقسيم المذهبي ستكون حصيلة هذا الامر تقسيماً آخر للجنوب والوسط العراقيين الى منطقتين سنية وشيعية، ويصبح العراق بناء على هذا القرار ثلاثة كيانات متميزة، وسيكون كل منها متجانساً نسبيا، وسيكون ايضا قابلا للحياة كدولة مستقلة.
ان هذا القرار هو عملية منظمة، ويبدو ان ما يسمى الحرب الاهلية التي عاشها العراق في الفترة الماضية، والتي يمكن ان يعيشها في المستقبل القريب تشجع اصحابه على هذا الحل... ونقصد بأصحابه من يقرر مصير الشعوب خارج إطار ارادتهم.
هذا المشروع امامه عوائق كثيرة وكبيرة ايران وتركيا لا تؤيدان هذا الحل. فذوبان الاقلية التركمانية في اقليم الشمال لا يشجع الاتراك على الذهاب في هذا الحل. وارادة الشعب العراقي ان تستمر دولتهم في شكلها الحالي.
النزاع على سلطة كل اقليم بين الاحزاب والقوى الفاعلة لا يمكن التكهن بنتائجه وقد يؤدي الى اقتتال من نوع آخر داخل الطوائف والمذاهب. كما ان هذا المشروع يؤدي الى غياب أي احساس متطور بالهوية الوطنية.
والخيار البديل من هذا المشروع هو ما جاء في الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي اي اقامة نظام ديموقراطي فيديرالي في ظل عراق موحد، من خلال إعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات والاقاليم. وبناء عليه تعطى الحرية في الخيار النهائي للشعب العراقي وارادته من دون أي تدخل من أي دولة... ومن اجل المحافظة على وحدة العراق ونسيجه الاجتماعي وتعايش ابنائه وطوائفه ومكوناته الاخرى فإن مشروع الاندماج الاختياري ما بين المحافظات لتشكيل الاقاليم هو البديل المعقول والمقبول والذي يمكن ان نرسم احدى صوره على الشكل الآتي:
- اقليم كردستان: أربيل، السليمانية، دهوك.
- اقليم الجنوب: البصرة، العمارة، الناصرية.
- اقليم الغرب: الموصل، الرمادي، صلاح الدين.
- اقليم الوسط الشمالي: كركوك (نظراً لخصوصيتها التاريخية).
- اقليم الجنوب الغربي: كربلاء، النجف، السماوة.
- اقليم المراكز: بغداد.
- اقليم الجنوب الشرقي: الكوت، بابل، القادسية.
هذا التصور للحل لا بد له لكي يكون مكتملاً أن يراعي الامور الآتية:
- العدالة في التمثيل في القرار لكل الاقاليم في السلطة المركزية.
- العدالة في توزيع الثروات بشكل متساوٍ.
- المحافظة على التركيبة السكانية التي كانت سائدة في المناطق وعودة كل المهجرين والمهاجرين الى سكناهم ومقرات عملهم.
- النظام الديموقراطي والتبادل السلمي للسلطة المركزية الفيديرالية اساس في نجاح هذا المشروع، لأن الوضع الحالي الذي هو عبارة عن اقليم كردستان شبه مستقل في الشمال واقليم العربي في الجنوب (خمس عشرة محافظة) يتفق الجميع على انه يواجه مشاكل سياسية كبيرة في طريق ادارة الدولة... وربما مشروع المصالحة الوطنية الذي هو محل تجاذبات سياسية وخلافات حادة هو الكفيل باختيار البديل المناسب لما فيه مصلحة الشعب العراقي وضمان مستقبله.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
مَن يدافع عن الأكراد إذا حدث التوغّل التركي فعلاً؟
زيد الزبيدي
النهار لبنان
عندما تكون أية حركة سياسية أو مسلّحة في السلطة، فلا بدّ من أن تصبح على غير ما كانت عليه وهي خارجها، لا سيما إذا كانت ذات طابع قومي أو ديني، لأن متطلبات العمل السلطوي تختلف تماماً عن متطلّبات العمل المعارض، وتقتضي التعامل السياسي بشكل مختلف مع الأمور ذات الطابع الدولي، أي أنها سرعان ما تفقد أساسها الايديولوجي، وتختصره ضمن الإطار المحلي، وتحاول فرض سلوكياتها على «الحركات الشقيقة» في الدول الأخرى، أو تحاول تكريس نشاطات تلك الحركات لمصلحة كيانها السلطوي.
وعند تناول القضية الكردية في العراق، لا بدّ من الفصل بين الحركة الكردية المسلّحة، التي انتهت في عام 1991 الى محمية أميركية، وبين ما كانت عليه قبل ذلك التاريخ، عندما كانت تضم عناصر وطنية حقيقية، رغم كل ما أُثير حول علاقاتها ،أو علاقات قياداتها المشبوهة مع الخارج الاقليمي والدولي، وحتى الإسرائيلي. وهكذا تحوّلت الحركة «الثورية» الكردية إلى «دويلة موظّفين» يعتاشون على حساب الصدقات الخارجية، التي لم تكن مجّانية.
إنّ ما يقود إلى هذا الحديث، هو التصريحات النارية لبعض المسؤولين الأكراد، والتي تفيد بأن الأتراك سيلاقون مقاومة ضارية منهم إذا توغّلوا في إقليم كردستان العراق، في الوقت الذي يقولون فيه إن حماية الإقليم من مسؤوليات الحكومة المركزية وقوات الاحتلال «الصديقة»، لكنهم في كل سلوكياتهم يناقضون ذلك عندما يمنعون دخول الجيش العراقي إلى الاقليم، ويتصرفون ككيان مستقل، بل وككيان توسعي حسب مصالحهم الذاتية، شأنهم شأن بعض الدول الإقليمية، حتى اصبحوا متهمين بالعديد من العمليات التخريبية الكبيرة وتوقيعهم عقوداً نفطية من دون موافقة الحكومة المركزيّة.
وهنا تبرز الازدواجية في مواقف القادة الأكراد الذين يبحثون عن غنائم سلطوية في الداخل، بينما يتنصّلون من إخوتهم أكراد تركيا، ويستنكرون أي عمل يقومون به على غرار ما كانوا هم يفعلونه ضدّ الحكومات العراقية السابقة. لكن في الوقت نفسه لا يمكنهم معاداتهم، لأن الإجهار بذلك يعني إلغاء الفكر القومي الكردي لديهم، إضافة إلى احتياجهم للظهير الكردي التركي، حتى في الشأن العراقي الداخلي، ذلك أنّ مقاتلي حزب العمال الكردستاني الأتراك معروفون بشدّة بأسهم، على عكس «البشمركة»، الذين تحوّلوا إلى موظّفين وحرس حدود لا قدرة لهم على القتال.
ولا نريد هنا النيل من البشمركة، بل نذكر وقائع تؤكّد أنّ عديد هؤلاء، هو غير العدد المعروف لمن كانوا يقاتلون فعلاً، والذين تمّت تصفية الكثير منهم على يد ميليشيات مسعود البارزاني، وخصوصاً قادة معارك «هندرين» و«زوزك»، أو الذين تمّت تصفيتهم على يد جماعة جلال الطالباني في مجزرة «بشت
اشان».
وللتذكير ليس أكثر، إن ما يسمونها انتفاضة 1991 في أعقاب حرب الكويت، انتهت بلمح البصر، فور سحب الغطاء الاميركي ـــــ الايراني، وإن حركة مصطفى البارزاني انتهت فور توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وايران، وإن لواءً من الحرس الجمهوري سيطر على أربيل وطرد جماعة الطالباني منها، بعدما طلب مسعود البارزاني مساعدة صدّام.
وكانت معارك «هندرين» و«زورك» قد هزمت لواءً مجحفلاً مع القوات الساندة، بستّين مقاتلاً فقط كانوا من الشيوعيّين. وهذا يعني الكثير، لأنّ القادة الأكراد فقدوا شعبيّتهم، ولم يعد لديهم مقاتلون مبدئيون كالسابق، وهم، حتى وإن كانوا قد استولوا على الكثير من الدبابات والدروع، وطائرات الهليوكوبتر ، ونقلوها إلى الشمال إثر حرب 2003، إلا أنهم يفتقرون للروح القتالية، فهذه الأسلحة كانت لدى الجيش السابق، ولم يستخدمها لأنه لم يكن مقتنعاً بسياسة الحكّام آنذاك، فهل سيستخدمها «البشمركة الجدد» وهم مجرد موظفين أو منتفعين بينما الشعب الكردي محروم من أبسط مستلزمات المعيشة؟
وفي الواقع، لم يكن وضع البشمركة أفضل حالاً حتى بعد إنشاء محميتهم في 1991، إذ استمر القتال المصلحي من أجل إيرادات المنافذ الحدودية زهاء عشر سنوات، بين فصيلي الطالباني والبارزاني، وذهب ضحية هذا الاقتتال الآلاف من الأكراد. وعندما جمعهما جورج بوش، وأصلح بينهما للاستفادة منهما في مخطّط غزو العراق، اتفق الفصيلان على مقاتلة جماعة «أنصار الاسلام» في قريتي بياره وطويله الحدوديتين، وكان عدد مقاتلي «أنصار الاسلام» آنذاك أقل من 300، ومع ذلك فشلت قوات الفصيلين معاً في الوصول إلى القريتين، حتى تمّ قصفهما من القوات الاميركية عام 2003.
واليوم، في ظلّ التهديدات التركية، هل يجد نظام الطالباني ـــــ البارزاني من يدافع عنه، لا سيما بعدما استغلّ مواقع السلطة لقمع أي صوت معارض في كردستان وخارج الاقليم، وبعدما شرع الرجلان بمغازلة دول الجوار وترحيبه بمقترح نقل القاعدة العسكرية الاميركية من أنجرليك في تركيا إلى شمال
العراق؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
11 الف صاروخ ايراني على من
رامي طال صحفي اسرائيلي
القبس الكويت
شهدنا، في الايام الاخيرة، تصعيدا في الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة وايران. في الاسبوع الماضي حذر الرئيس بوش، قائلا: 'اذا لم تنجح الاسرة الدولية في منع ايران من الوصول الى القدرة النووية العسكرية، فقد يفضي الامر الى نشوب حرب عالمية ثالثة'. بعد ذلك قال رئيس هيئة الاركان في الولايات المتحدة الجنرال مايكل مولين: 'رغم مساعينا الحربية التي نبذلها في العراق وافغانستان فاننا نمتلك الوسائل الضرورية لمهاجمة ايران'. ردا على ذلك، صرح الجنرال محمود تشاهربكي، المسؤول الكبير في 'حرس الثورة الايراني': 'اذا هوجمت ايران فستطلق 11 الف صاروخ نحو قواعد العدو خلال دقيقة واحدة'.
جورج بوش اخذ على عاتقه مغامرة خطيرة، وربما خطيرة جدا، من خلال تصريحه هذا. قصده بلا شك جيد. هو يحاول ايصال زعماء روسيا والصين الى نقطة الادراك بان الموقف المراوغ الذي اتخذاه حتى الآن كارثي، وتصريحه يرمي الى اقناع قادة الاسرة الدولية بانهم اذا لم يقدموا، وبالسرعة الممكنة، على فرض عقوبات حادة وناجعة على ايران، فستضطر واشنطن الى شن عملية عسكرية قد تترتب عليها نتائج جسيمة. بوش يستمد تشجيعا كبيرا من الموقف الفرنسي الجديد، عقب انتخاب ساركوزي الذي ينادي بتحركات مكثفة وحثيثة ضد التسلح النووي الايراني.
تصريح الرئيس الاميركي توجه بالاساس الى الايرانيين، وخصوصا المعتدلين في القيادة الايرانية الذين يخشون من ان يؤدي المشروع النووي الى جر ايران نحو الحرب مع الولايات المتحدة.
الا ان النوايا شيء والنتائج شيء آخر. ايضا عندما خرج بوش للحرب في العراق في 2003 كانت لديه نوايا طيبة، ولكن النتائج كانت رهيبة وفظيعة. اضافة الى ذلك، تصريحات واشنطن الحماسية الداعية للحرب قد تكون ضربة مرتدة وتعزز المجموعات المتطرفة في ايران بالتحديد، وعلى رأسها 'الحرس الثوري'. هذه المجموعات تدعي ان على ايران ان تسرع مشروعها النووي وان تضع العالم امام حقيقة ثابتة. لهذا السبب ترغب هذه المجموعات في استخدام حلفاء الولايات المتحدة كرهائن.
التهديد موجه للخليج
التهديد باطلاق 11 الف صاروخ خلال دقيقة، يلمح الى عزم ايران استخدام صواريخها القصيرة المدى نسبيا. ليست هناك اي دولة في العالم، باستثناء اميركا وروسيا، تملك هذه الكمية من صواريخ ارض- ارض التي تقترب من هذا العدد.
الجنرال تشاهربكي لم يذكر اسرائيل في خطابه، الا ان ايران تستطيع ان توجه تعليماتها لحزب الله حتى يطلق الصواريخ عليها. يبدو ان تهديده موجه بالاساس الى منطقة الخليج العربي، الكويت وقطر والامارات المتحدة والسعودية، والى اهداف عسكرية اميركية في العراق والخليج. تجسيد هذا التهديد ولو جزئيا قد يؤدي الى مضاعفة اسعار النفط، وجر الاقتصاد العالمي الى ازمة صعبة جدا. كلمة حق تقال بصدد القيادة الاسرائيلية انها عرفت حتى الآن كيفية عدم الانجرار للحرب الكلامية، باستثناء تصريح غريب واحد من رئيس هيئة الاركان السابق، موشيه يعلون، الذي تحدث في واشنطن عن قدرة اسرائيل العسكرية واعضاء حلف الاطلسي في القضاء على المساعي النووية الايرانية.
كل الخبراء في هذه المسألة تقريبا يجمعون على ان قدرة ايران العسكرية لن تترجم الى القاء قنبلة نووية على اسرائيل. السلاح النووي يرمي الى الوصول الى مرتبة الدولة العظمى وتهديد الخصوم، ولكن ليس الاستخدام المباشر وخصوصا ضد اسرائيل التي لا يشكك احد في قدرتها على الرد. مع ذلك، ليس هناك اختلاف حول ان العالم كله، واسرائيل خصوصا، سيكونان مستفيدين اذا لم تطور ايران قدرة نووية عسكرية.
السؤال المصيري هو اذا كانت هناك حاجة لمهاجمة ايران والمخاطرة بردود فعل انتقامية ايرانية قد تزعزع الخليج العربي والعالم كله اثر ذلك من اجل منع ايران من الحصول على هذه القدرة، او ان من الافضل مواصلة التحركات الدبلوماسية والمخاطرة بوصول ايران الى القدرة النووية.
يجب ان نأمل ان يكون كل ذوي العلاقة في هذه المسألة قادرين على تدارس المسألة بالجدية اللازمة مع استبعاد اي اعتبارات قصيرة المدى.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
انفراج في المشهد العراقي
ديفيد اغناتيوس
واشنطن بوست
دعونا نتخيل أن الأرقام القادمة من العراق صحيحة، وحدث انخفاض كبير في أعمال العنف هناك، بل دعونا نتفق على أن استراتيجية إدارة بوش أظهرت بعض النجاح. ألا يعني ذلك وجهة نظر لتسريع نقل مسؤولية الأمن إلى العراقيين ـ وتسريع انسحاب بعض قوات الدعم الاميركية؟
فالقيادات العسكرية الاميركية تبحث الآن هذه القضايا. البعض يقول انه يجب على إدارة بوش انتهاز الفرصة ـ والاستفادة من المكاسب الأخيرة ـ عن طريق تسليم مزيد من المسؤوليات للعراقيين. وان تعريف النجاح في هذه المهمة، يهدف في النهاية ـ لخلق مزيد من الأمن بحيث يمكننا إعادة معظم القوات الاميركية.
ووصف الادميرال وليام فلون، قائد القيادة الوسطى الاميركية التحسينات الأمنية في حديث جرى هذا الأسبوع، فقال انه يركز على مقياسين يومياً هما عدد قتلى القوات الاميركية وعدد حوادث العنف في البلاد. وخلال الحديث الذي جرى يوم الثلاثاء، بلغ عدد القتلى بين القوات الاميركية في شهر أكتوبر(تشرين الأول) 15 شخصاً، وهو أقل رقم منذ عدة شهور. أما رقم حوادث العنف فقد بلغ الستينات يوميا، بالمقارنة بـ 150 يوميا في أوائل هذا العام عندما تولى قيادة القوات الاميركية في الشرق الأوسط.
ويقول فالون: «انظر إلى الأرقام وأقول إن النجاح الذي حققه الجنرال بتراوس والرجال مدهش. ولكن يمكننا استخدام ذلك لدفع الحكومة العراقية لاتخاذ قرارات لتحقيق الأمن الدائم؟ وكيف يمكننا مساعدتهم على الاستفادة من ذلك؟». وحذر فالون من أن البرنامج الزمني «في الوضع الذي يجب أن يكون فيه» للانسحاب التدريجي، بحلول الصيف القادم» للقوات الاميركية المقاتلة. ولكنه قال انه يستكشف الأمر مع بيتراوس وعدد آخر من القيادات» حول ما إذا كانت هناك طريقة لسحب مزيد من قوات الدعم طبقا لجدول زمني أسرع. وفي المناقشات الجديدة للبدائل العراقية، يوازن القادة السؤال التقليدي للاستراتيجية العسكرية: ما هي أفضل وسيلة لاستغلال المكاسب في ميدان المعركة؟ هل يجب التحرك بحذر لحماية تلك المكاسب ودعمها؟ أو هل يجب التحرك بمزيد من القوة لاستغلال الفرص الجديدة التي أتى بها النجاح؟ وليس من المدهش هنا، أن القيادات على الأرض قلقة بالمخاطرة بالنجاح الذي حققوه، بينما كبار القادة في القيادة الوسطى والبنتاغون يبحثون عن مبادرات جديدة.
وجنوب العراق يعتبر اختبارا جيدا لمعرفة ما إذا كان يمكن تسريع نقل السيطرة الأمنية إلى العراقيين. وأعلنت بريطانيا هذا الشهر انه ستسحب نصف قواتها من البصرة، وان باقي القوات وعددها 2500 ربما تنسحب بنهاية العام القادم. وبدلا من نقل القوات الاميركية للجنوب لملء الفراغ، يخطط الجنرال راي اوديرنو للسماح للقوات العسكرية الاميركية والمليشيات بتحديد من يسيطر على ماذا. وسيرافق 400 جندي اميركي القوات الخاصة العراقية لمساعدتهم في أزمات تطرأ، ويمكن نقل آلاف آخرين جوا بسرعة. وكلما أصبحت مناطق أخرى من البلاد أكثر أمنا يمكن توسيع نطاق ذلك المفهوم.
والجدل الأكبر ضد تسريع عمليات التسليم هو أن العنف انخفض الآن بسبب زيادة النيران الاميركية. ولكن في الأسابيع القادمة، سيبحث القادة ما إذا كان من الممكن الحفاظ على نفس المستوى القتالي بقوات دعم اقل. ومن الناحية السياسية، أصبحت للنقاش حول العراق لهجة مختلفة أكثر مما كانت عليه قبل عدة اشهر. ففي البيت الأبيض، اختفى الإحساس بالانهيار السياسي. ويشعر المسؤولون بأنهم يقفون على طريق مستقر نحو خفض القوات، ولكن استمرار وجودها بشكل كبير، عندما ينتهي عهد بوش يقول لك بتقييم أنه ليس بالنصر العسكري، ولكنه ليس بالهزيمة أيضا.