Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 5 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية المقالات والإفتتاحيات الجمعة 5/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الجنود المرتزقة والعراق الذى «حرروه»
أحمد عزالعرب
الوفد مصر
لعل أقذر صفحات الجرائم المنكرة التي ارتكبتها العصابة الحاكمة في واشنطن في العراق وأفغانستان وأكثرها سواداً وبشاعة هي تلك الخاصة باستعمال كلاب الحرب من الجنود المرتزقة بأعداد توازى بل تفوق جنود جيش الغزو النظامي لتنفيذ أحط المهام وأكثرها بشاعة ضد ضحايا معظمهم مدنيون من نساء وشيوخ وأطفال بلغ عددهم حسب المصادر الغربية مليوناً ومائتى ألف ضحية فى العراق وحدها حتي تاريخه.
وقد نشر الكاتب الأمريكي ذو القم الشريف روبرت شير علي موقع «truthdig» أي «استخراج الحقيقة» علي شبكة الإنترنت في 19 سبتمبر مقالاً ساخراً بعنوان «عملية بلاك ووتر الفاشلة» يفضح فيه مجرمى الحرب في واشنطن وكلابهم المسعورة من المرتزقة الذين يستخدمونهم.
يقول شير: أرجوك أن تترك روايات الخيال العلمى وتجد وسيلة أخري طازجة لشرح لماذا تعتمد عملية «تحرير العراق» علي القتلة المأجورين، أو لماذا لا تتمتع الحكومة المنتخبة ديمقراطياً في العراق «المحرر» بالسلطة القانونية لطرد شركة «بلاك ووتر» الأمريكية من أرضها أو محاسبة أي من الخمسين ألف مرتزقة الذين جلبتهم الحكومة الأمريكية للعراق علي جرائمهم القاتلة؟ لو كان هناك أي أثر لاستقلال العراق ناجم من أنقاض العملية الاستعمارية الأمريكية الفاشلة لجمعت «بلاك ووتر» متاعها ورحلت ولو لمجرد المحافظة علي المظاهر، فقد زعمت وزارة الداخلية العراقية أن بلطجية «بلاك ووتر» الذين كانوا يحرسون موكب دبلوماسيين أمريكيين في شوارع بغداد أطلقوا النار عشوائياً علي المواطنين في ميدان مزدحم فقتلوا أحد عشر شخصاً وأصابوا ثلاثة عشر، ولذا أمرت الحكومة العراقية شركة «بلاك ووتر» بمغادرة العراق بعد ارتكابها ما وصفته الحكومة بعدوان غاشم علي مواطنيها.
ويستطرد شير: ولكن من الذى أفهم المسئولين العراقيين أن لديهم سلطة السيطرة علي أي شيء يفعله الـ182000 مرتزق الذين يعملون لحساب أمريكا في العراق؟ ألا يعلمون عن المرسوم 17 الذى أصدره الحاكم الأمريكى السابق بول بريمر الذى يمنح المرتزقة بمن فيهم «بلاك ووتر» حصانة ضد محاكمتهم في العراق؟ لم يتغير شىء منذ انتقال السلطة المزعومة من قوات الاحتلال للحكومة العراقية المحاصرة في المنطقة الخضراء في حراسة «بلاك ووتر» وغيرها من المرتزقة. إنهم قوات خاصة بنفس المعني الخرافي القائل إن جيشنا جيش متطوعين، فكلاهما تجذبه الدولارات التي يقدمها نفس صاحب العمل وهو حكومتنا.
فالجندي المرتزق يكسب سنوياً ما يزيد كثيراً علي المائة وخمسين ألف دولار المتعاقد عليها، بينما يكلف الجندي النظامي حكومتنا حوالي مائة ألف دولار سنوياً. وقد رتب المحافظون الجدد كل هذا لتحقيق أحلامهم الإمبراطورية وتجنب تكوين جيش نظامى بالتجنيد الإجبارى حتي يتجنبوا مظاهرات الملايين المعارضين للحرب. فبدلاً من جيش مجند لدينا إمبريالية دفتر الشيكات. فالحكومة الأمريكية تشترى «الجيش» الذى تريده مما دفعها للاعتماد على المرتزقة مثل «بلاك ووتر» التي يزيد عقدها السرى علي ثلاثمائة مليون دولار لحماية موظفي الخارجية الأمريكية في العراق. ولذا فإن حادثة «بلاك ووتر» الأخيرة التي سماها نورى المالكي رئيس الوزراء بالجريمة هي حادثة بالغة الصعوبة، فالعراقيون يريدون تخليص بلدهم من «بلاك ووتر» وباقى المرتزقة، ويوم الثلاثاء قالت حكومتهم إنها ستفحص وضع كل شركات الأمن الخاص العاملة فى العراق. ولكن البيت الأبيض يأمل أن يفتر الغضب مرة ثانية، وكما أعلنت وكالة «الأسوشيتدبرس» يوم الاثنين فإن أمريكا تأمل أن يكتفي العراقيون بالتحقيق وتحديد المسئولية والتعويض للضحايا وأسرهم ولا يصرون علي طرد شركة لا يستطيع الأمريكيون العمل في العراق بدونها. وكما قال السفير الأمريكى أمام الكونجرس الأسبوع الماضى فإنه «ليست هناك وسيلة إطلاقاً لأن يقوم مكتب الأمن بوزارة الخارجية بتعيين العدد الكافي من رجال الأمن لحماية دبلوماسيينا في العراق، وليس هناك بديل للتعامل مع شركات الأمن الخاصة».
ويستطرد شير قائلاً: فلنفكر في السخرية التي يتضمنها الجزء الأخير من إجابة السفير وهي أن أمريكا تبني تجربتها في إقامة الديمقراطية في العراق علي نفس قوات المرتزقة الأجانب الذين دفعوا قادتنا المؤسسين في الماضي إلي إشعال الثورة الأمريكية. وكما حذرنا جورج واشنطن مؤسس أمريكا في خطبة الوداع، فإنه لو دخلت أمريكا في هذه المتاهات الأجنبية فإننا سنفقد جمهوريتنا، لأن المسئولية العامة سيتم التضحية بها من أجل ضرورات الحرب لإقامة إمبراطورية. ورغم حقيقة أن شركة «بلاك ووتر» تحصل علي كل إيرادها تقريباً من الحكومة الأمريكية فإن معظم العقود الممنوحة لها تتم دون مناقصات ويساعدها علي ذلك طبعاً التبرعات الضخمة التي يقدمها مؤسس الشركة إيرك برنس للحزب الجمهوري، كما يقدمها والداه أصحاب المليارات. وتبقى عمليات هذه الشركة إلي حد كبير خارج نطاق الرقابة العامة، فـ«بلاك ووتر» وغيرها من شركات المرتزقة العالمية تعمل كدول مستقلة لا تخضع لقواعد القانون العراقى أو قواعد القانون التي تطبقها الحكومة الأمريكية علي الجيش النظامى، وتباهي شركة «بلاك ووتر» قائلة: «نحن لسنا مجرد شركة أمن خاصة، بل نحن عسكريون محترفون ورجال تنفيذ القانون وحماية الأمن، وحماة للسلام والاستقرار، وقد أصبحنا أكبر أداة سريعة الاستجابة رخيصة التكلفة للتأثير في الميزان الاستراتيجى والمساعدة في حماية الأمن والسلام والحرية والديمقراطية في كل أنحاء العالم». وقد نشرت «بلاك وتتر» كل هذه المزاعم علي موقعها علي شبكة الإنترنت، ثم يختتم شير مقاله موجهاً رسالة إلي عصابة «بلاك ووتر» قائلاً: «من الذى انتخبكم أيها الناس لإدارة العالم؟».
وهكذا يعرض شير الصورة السوداء لما يسمي بتحرير العراق علي حقيقتها دون تزويق ويكشف أكذوبة الاستقلال الوطني التي تروجها حكومات العملاء التي تعاقبت علي حكم العراق منذ الغزو الأمريكي، التي عجزت ومازالت تعجز عن محاكمة أو طرد قتلة محترفين ارتكبوا عشرات، بل مئات المذابح ضد مدنيين أبرياء من رعايا هذه الحكومات، وكانت آخر صفعة تلقاها جواد المالكى رئيس الحكومة العميلة في بغداد، هي ما نشرته «الأهرام» يوم 24 سبتمبر علي صدر صفحتها الأولي بعنوان كبير: «المالكي يؤكد تحسن الوضع الأمني بالعراق وبان كى مون يكذبه»، وكان هذا التكذيب خلال مؤتمر صحفي علني فى نيويورك بين العميل العراقى وأمين عام الأمم المتحدة، الذى يعمل خادماً مطيعاً لسادته في واشنطن، بعد انتهاء الاجتماع الوزاري حول العراق في نيويورك يوم 22 سبتمبر، فحتي خادم أمريكا المطيع لم يجرؤ علناً علي مجاراة العميل العراقي بشأن استتباب الأمن في العراق، رغم وجود مائة وثمانين ألف قاتل مرتزق «يحرسون» الأمن بجانب عدد مماثل تقريباً من جنود الاحتلال. جدير بالذكر في نهاية هذا العرض أن روبرت شير أصدر كتاباً بعنوان «الأكاذيب الخمسة الكبري التي قالها لنا بوش عن العراق»، ويمكن الرجوع لكتابات شير علي موقع truthdig بشبكة الإنترنت.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
العرب وتقسيم العراق
د. عبدالاله بلقزيز
عمان اليوم عمان
لسنا نفهم كيف لا يملكون حتى القدرة على الاحتجاج الدبلوماسي المهذب!!!ولكن هل يكفي احتجاجهم -ان احتجوا- كي يرد غائلة التطاول على مصائر اوطانهم؟ قطعا لن يكفي. لكن احدا في العالم من روس او صينيين او اوروبيين لن يحفل بمصير العراق ولا بمصير أي بلد عربي ان ركن العرب الى الصمت. وقد تجد من يعتقد انهم بصمتهم موافقون. ولا حول ولا قوة الا بالله.
فضح مجلس الشيوخ الامريكي ما جهدت ادارة بوش طويلا لاخفائه منذ قررت غزو العراق ومحو دولته قبل اربعة اعوام من اليوم. لا قيمة بعد الان لاي كلام استدراكي من قبيل عدم الزامية القرار لادارة بوش (وكأن المسألة هنا!)، لان مثل هذا الكلام ليس يعني غير تبييض صفحة الرئيس الذي قاد الغزو والاحتلال والاعتصام بحبله لمنع شيوخه في الكونجرس من التقسيم! ومن ادرانا ان كان هناك من سيدعونا الى التحالف مع بوش ضد مجلس الشيوخ والى الرهان على اختصاصاته الدستورية كحبل نجاة من قرارهم المشؤوم!
لقد ضاق الوقت كثيرا ولم يعد يتسع سوى لابداء الغضب في وجه هذا الاستهتار بوحدة وطن وشعب وامن واستقرار منطقة ابتليت باشد انواع الوباء الكولونيالي فتكا بالمجتمعات والامم: الوباء الكولونيالي الامريكي.
لا يخدعن احد نفسه بالقول ان التقسيم امر مستبعد او انه ورقة من اوراق السجال الداخلي الامريكي بين الديمقراطيين والجمهوريين، بين الكونجرس والبيت الابيض. فالذين يقفون وراء القرار من الفريقين معا، والبيت الابيض ما كان بعيدا يوما عن فكرة تقسيم العراق منذ ما قبل الغزو حين كان بعض اركان المحافظين الجدد يتناوبون على التصريح باعادة تشكيل «العراق الجديد» بعد الغزو، وحين كانت مراكز الابحاث والدراسات المرتبطة بالمؤسسة (بالبنتاجون والمخابرات المركزية والخارجية) تزخ عشرات التصورات المستقبلية لعراق ما بعد صدام حسين تدور جميعها حول سيناريو التقسيم.
ثم ماذا نسمي الفيدرالية والاقاليم ودستور بول بريمر المعتمد اليوم في العراق المحتل غير انه النواة التأسيسية لبرنامج التقسيم؟! بل ماذا كان يعني اسقاط الدولة العراقية وحل جيشها ومؤسساتها غير تجريد الوطن العراقي مما كان يمثل لديه الكيان السياسي الجامع، وقذف ابنائه الى جحيم الطائفية والعشائرية والمذهبية، واطلاق بناة العصبوية من كل عقال قصد ايصال العلاقات الداخلية الى حال قصوى من التعفن تسهل معها الجراحة الكولونيالية التقسيمية؟!
كان كل شيء معدا منذ البداية كي تنتهي الاوضاع الى ما ارادته الهندسة السياسية الكولونيالية لمصير العراق. ومن يخطئ قراءة هذه الحقيقة من ابناء المنطقة، سيدفع هو نفسه الثمن غدا من وحدة وطنه وشعبه، لان الذين قادوا الغزوة الكولونيالية ضد العراق، أتوا محمولين في ركاب حلم بتقسيم سائر دول المنطقة لا العراق حصرا. ولمن لا يصدق، فليعد الى الخرائط المقترحة ــ من «باحثين» ومراكز دراسات استراتيجية ــ على صناع القرار الامريكي، وليتأمل فيها مشهد التشظي الكياني الذي رسموه لبلدانها الكبرى، وعليه ان يتأكد ان التقسيم مشروع جدي (مثلما كان تقسيم فلسطين كذلك وتعامل معه العرب بخفة واستهتار!)، وليس مزحة ولا تهويلا ولا مزايدة سياسية داخل امريكا. وعندها فقط سيكون واضحا للجميع ما الذي عليه ان يفعله متى يسقط مشروع التقسيم في العراق والوطن العربي وجواره الاسلامي.
لم يقل قرار مجلس الشيوخ شيئا خارج مزاج الادارة الامريكية. هو - بالاحرى - افصح عما تتلتم عليه وتلن لفعله بصمت حتى وان كان صمتا ناطقا تظهرنا عليه مجريات الامور وتوجهات السياسة الامريكية في العراق. والحق ان من يراقب تلك السياسة حتى خارج العراق يلحظ انها تعتمد المقاربة التقسيمية نفسها وان من دون الحاجة الى اعمال ادواتها العسكرية قصد تنفيذها. ان أي مصر من امصار العرب حلت فيه السياسة الامريكية اصابه تقسيم سياسي او جغرافي او هما معا. راقبوا حالات التقسيم في فلسطين ولبنان والسودان والصومال. تلك هدية الادارة الامريكية الى شعوبنا ولسان حالها: قسموا انفسكم بأنفسكم وان عجزتم او ترددتم فنحن جاهزون.
التريث والانتظار لن ينفعانا في شيء. ثم ماذا ننتظر؟ ان يتحول قرار مجلس الشيوخ الى سياسة رسمية فقرار رئاسي! والصمت على هذه الجريمة في حق وحدة العراق مشاركة فيها بل مساهمة في تعبيد طريقها نحو اسقاط وحدة كياناتنا العربية واحدة واحدة. ماذا تفعل جامعة الدول العربية ان لم تنشغل بهذه المسألة على مدار اليوم؟ ما قيمة مؤسسة القمة العربية ان لم تنعقد القمة في هذه الظروف؟ ما نفع الدبلوماسية العربية ان لم تتحرك دفاعا عن اوطانها؟ ما قيمة الموارد العربية ان لم تجند لارسال خطاب حازم الى من يهمه الامر ممن يتربصون بكياناتنا شرا؟. وماذا وماذا..؟
حتى الآن لا شيء في المواقف العربية من النازلة يبعث على الاطمئنان او على ما يشبه الاطمئنان. لم ترسل دولة ولا برلمان فيها مذكرة احتجاج رسمية على هذا التجاوز السافر للاصول والقوانين والاعراف. لم يقل احد لشيوخ الكونجرس انه يحق لهم ان يشتركوا لتقسيم الولايات المتحدة الامريكية اذا شاؤوا ذلك او ارتأوه مما فيه مصلحة قومية لها فذلك في صميم حقوقهم وسلطاتهم الدستورية لكنهم لا يملكون حق التصرف في كيان العراق الذي تعود ملكيته ومصيره الى شعبه. لم يبعث احد برسالة احتجاج الى الامم المتحدة على هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي في قرار مجلس الشيوخ. هل هذا كثير على العرب؟ فهمنا انهم لا يملكون الشجاعة لدعم المقاومة العراقية (كما دعموا المقاومة الشيشانية ضد الروس) او للانضمام الى الحملة الدولية للمطالبة بانسحاب القوات المحتلة من العراق (مثلما طالبوا العراق بالانسحاب من الكويت وشاركوا عسكريا في اخراجه منها). وفهمنا انهم يسخرون ممن يطالبهم بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك او حتى بدعوة وزراء (دفاعهم) الى الاجتماع للبحث في اوضاع الامن القومي. ثم فهمنا انهم ينفعلون ويستاؤون جدا ممن يوحي اليهم بأن ارصدتهم سلاح قابل للاستخدام في مثل هذه الاحوال وفهمنا كثيرا مما يشبه هذا وعنه يعجزون. لكنا لسنا نفهم كيف لا يملكون حتى القدرة على الاحتجاج الدبلوماسي المهذب!!!
ولكن هل يكفي احتجاجهم - ان احتجوا- كي يرد غائلة التطاول على مصائر اوطانهم؟ قطعا لن يكفي. لكن احدا في العالم من روس او صينيين او اوروبيين لن يحفل بمصير العراق ولا بمصير أي بلد عربي ان ركن العرب الى الصمت. وقد تجد من يعتقد انهم بصمتهم موافقون. ولا حول ولا قوة الا بالله.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
رايس والرفض الباهت لتقسيم العراق
افتتاحية
البيان الامارات
تحذير الوزيرة رايس من أن تقسيم العراق «سيكون خطأ حقيقياً»، في محله من حيث المبدأ، لكنه متأخر من حيث التوقيت ومنقوص أو غير مطمئن كفاية، لناحية المضمون. المطلوب كان من إدارة الرئيس بوش، إذا كانت قاطعة في رفضها للتقسيم، أن يأتي ردها مبكراً على قرار مجلس الشيوخ في هذا الخصوص، وليس بعد مرور أكثر من أسبوع على صدوره. كما كان المفترض أن يأتي الرفض جازماً ومرفقاً بالتزام لمنع تقطيع العراق. ذلك أن الاكتفاء بإعطاء رأي في التقسيم وتصنيفه في خانة «الخطأ»، لا ينم عن موقف صريح حاسم ضده؛ ناهيك عن التعهد بعدم السماح بترجمته على الأرض، المسألة هنا لا تدخل في باب الخطأ والصح، بقدر ما ينبغي أن تدخل في باب الممنوعات. موضوع التقسيم متداول، بين الهمس والخجل ومنذ احتلال العراق ارتفعت نبرته في الآونة الأخيرة، ثم جاء تصويت مجلس الشيوخ الأميركي بأكثرية كاسحة ليضعه على صفيح ساخن، حتى ولو أن القرار ليس له صفة إلزامية. صاحب المشروع السناتور بايدن والمرشح الديمقراطي للرئاسة، يشرح، في مقالته أمس الأول في واشنطن بوست، أن ما قصده هو فدرلة العراق وليس تقسيمه، وضع فيدرالي ثلاثي، مرتبط بحكومة مركزية في بغداد. ربما يكون ذلك أو يبدو جذاباً على الورق. لكن على الأرض وفي ظل الأوضاع السائدة المعروفة في العراق؛ يتحول أي مشروع من هذا النوع؛ ليس فقط إلى ترسيخ واقع الحال؛ بل أيضاً ـ وهنا الأخطر ـ إلى تأجيج الصراعات وتكاثرها؛ بل وانفلاتها على مداها، المحاصصة الفيدرالية، غير قادرة على معالجة نزاع يتعدى حدود الحصص. التداخلات الخارجية والداخلية للوضع العراقي تجعله أكثر تعقيداً لتقبل مثل هذه الصيغة، وبالتالي المخاوف التي يطلقها تفوق الضمانات التي يقدمها. ومن هنا كانت ردود الفعل الرافضة له؛ محلياً وعربياً بشكل خاص، البرلمان العراقي رفض بالإجماع قرار مجلس الشيوخ. وإن كانت هناك أصوات لجهات عراقية قد ارتاحت له، بالتصريح أو بالتلميح. ويعود ذلك لإدراك أن المحاذير ترجح كفتها بقوة؛ للاندفاع في طريق كهذا. ولا يقتصر الخطر على العراق من اعتماد مثل هذه الوصفة؛ بل يتعداه إلى بقية الساحات الملتهبة في المنطقة. أو المرشحة للالتهاب؛ بحيث يصبح أداة التفكيك المبطن للأوضاع القائمة. ثم إن الفيدرالية ما كانت عبر تاريخها غير صمغ التلزيق لما هو مجزأ والتكامل لما هو مفرق. وليس العكس، ما كانت وصفة الخلاص لتجزئة ما هو موحد؛ ولو كان هذا الموحد مضطراً ومهدداً بالانفراط. مجلس الشيوخ الأميركي يقدم بتصويته تركيبة تهدف في الأساس إلى تشكيل جسر عبور وخروج من العراق. يبني ذلك على فرضية أنه في غياب حل فيدرالي، لا مجال لتسوية داخلية في العراق، وفي عدم توفر هذا الحل، لا مناص من حلول الفوضى لو غادرت القوات الأميركية الساحة. وكأن الفوضى غير قائمة الآن! أو كأن الحالة العراقية قابلة، في هذه اللحظة المتفجرة من تاريخها، لأي صيغة من صيغ التوزيع السلطوي؛ مهما كان متوازناً. الخلل المستبد بها لا يعالج بالمزيد من الخلخلة لساحتها. وبالتالي فإن أي توجه تقسيمي، بصرف النظر عن التسمية التي يتلبسها، ليس فقط خطأ، كما تقول الوزيرة رايس؛ بل هو من المحظورات التي ينبغي اجتنابها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
إعمار العراق ليس على الاجندة الامريكية
سلامة عكور
الراي الاردن
'البنتاغون'' الامريكي طلب من الكونغرس تخصيص ''190'' مليار دولار كميزانية لعام ''2008'' لتمويل ما اسماه الرئيس بوش دعم الحرب على الارهاب في العراق وفي افغانستان ،وعلى ان يصرف ثلاثة ارباع هذا المبلغ في العراق !! اما الدمار الذي الحقته قوات الاحتلال الامريكي في بغداد وفي المدن العراقية وبخاصة تدمير البنى التحتية في مختلف المحافظات من ماء وكهرباء وخدمات صحية وتعليمية وغيرها فليس على اجندة الادارة الامريكية اي مخصصات مالية لمعالجتها..
ولقد احتجت اوساط عراقية مسؤولة وشعبية على عدم تخصيص ادارة بوش المال اللازم لاعادة اعمار واصلاح ما دمرته قوات الاحتلال الامريكي حتى اليوم ..مذكرة بأن قوات الاحتلال قد دمرت مدنا كبيرة بجميع منشآتها المدنية والخدمية..
ومتسائلة لماذا تحرص الادارة الامريكية فقط على تمويل قواتها التي تحتل العراق وتواصل سياسة التدمير الفاشية وسفك دماء المواطنين المدنيين ولا تفكر لمجرد التفكير بمعاناة الشعب العراقي المحروم من عناصر ومقومات الحياة والعيش الكريم ..
ان هذا المبلغ الضخم الذي تخصصه ادارة بوش لتمويل حربها في العراق انما يدل على انها تنوي الابقاء على قواتها العسكرية لسنوات قادمة هناك..دون ان تفكر بمجرد الانسحاب وترك الشعب العراقي ليقرر مصيره ومصير بلاده بنفسه..
صحيح انه تحت وطأة الضغوط الداخلية والخارجية ،تلجأ ادارة بوش للمراوغة وتزعم بانها ستسحب عددا من قواتها بالتدريج ، لكن ثمة معلومات تنشرها صحف امريكية نقلا عن مصادر مخابراتية ومن ''البنتاغون'' تؤكد ان قوات الاحتلال الامريكية باقية في العراق الى مدى بعيد وانها تعمل على انشاء قواعد عسكرية لها في العراق وانها تعمل على انشاء قواعد عسكرية لها خارج المدن والقرى المأهولة بالسكان..
لذلك فانه لا هم للادارة الامريكية في الوقت الحاضر سوى اعادة الامن والامان لقواتها حتى تتمكن من تحقيق اهدافها الحقيقية التي غزت العراق واحتلته من اجلها ..
وهي بالضرورة اهداف استعمارية امريكية - اسرائيلية مشتركة ..
وابرز هذه الاهداف وباعتراف مفكرين وخبراء سياسيين وعسكريين واقتصاديين امريكيين واوروبيين ، هي الهيمنة على الثروة النفطية العراقية بعد تقويض نظام الحكم فيه ، وتقسيمه وتجزئته وطنا وشعبا وطمس هويته العربية واخراجه من دائرة الصراع العربي - الاسرائيلي وبالتالي تمكين اسرائيل من تحقيق اهدافها التوسعية على حساب الاراضي الفلسطينية والعربية وتوسيع دائرة نفوذها في عموم المنطقة عسكريا وسياسيا واقتصاديا وعلى كل صعيد ..
وقرار الكونغرس بتقسيم العراق الى دويلات على اساس طائفي وعرقي بعيدا عن ارادة الشعب العراقي وحتى عن ارادة حكومته وطوائفه ومذاهبه المشاركة في الحكم ، انما يدل على ان ادارة بوش لا تحسب حسابا الا لاجندتها واهدافها ومصالحها الاستعمارية الجشعة في العراق وفي المنطقة ..
اما مزاعمها بالحرص على نشر الديموقراطية واطلاق الحريات وتحقيق الرفاه والرخاء والامن والاستقرار والسلام للشعب العراقي، فقد ثبت كذبها جميعا ..
فالشعب العراقي لا يريد من ادارة بوش سوى سحب قواتها الاستعمارية وترك العراق لشعبه ليقرر مصيره بنفسه ، وهو قادر على اعادة الامن والاستقرار الى بلاده واعمار مدنه واقامة دولته المستقلة الموحدة بشعبها الموحد بمنأى عن مشاريع التقسيم والتجزئة الاستعمارية البغيضة ..
وما دامت ادارة بوش لا تعتزم سحب قواتها من العراق بقرار او رغبة منها ، فان الشعب العراقي بمقاومته الباسلة سيجبرها على الانسحاب عنوة وبالاكراه ملحقا بها الهزيمة النكراء ..
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
قرار تقسيم العراق
د. فهد الفانك
الراي الاردن
اتخذ مجلس الشيوخ الأميركي قراراً غير ملزم بتقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية ، على اعتبار أن ذلك هو الأسلوب الوحيد لمنع نشوب حرب أهلية على أسس طائفية ، وغاب عن بال المجلس أن هناك مناطق مشتركة ، عربية كردية ،وسنية شيعية ، وهي مناطق حساسة مثل بغداد وكركوك ، فكيف سيتم التطهير العرقي كما يراه مجلس الشيوخ الأميركي؟.لو كان هذا مقالاً ساخراً لطالبنا البرلمان العراقي باتخاذ قرار غير ملزم بتقسيم الولايات المتحدة على أسس عرقية بين البيض والسود ، أو سياسية بين ولايات حمراء (جمهورية) وزرقاء (ديمقراطية).لا لزوم لمناقشة شيوخ أميركا الأفاضل في جدوى التقسيم ، وكونه مخرجاً لأميركا من ورطتها العراقية ، فالسؤال الأهم هو ما شأن السلطة التشريعية في أميركا في تقرير مصير دولة تقول أميركا نفسها أنها مستقلة ذات سيادة ، حيث سلم سيء الذكر بريمر السيادة منذ منتصف 2004.وهنا نلاحظ أن أميركا دولة عضو مؤسس ومضيف للأمم المتحدة بيت الشرعية الدولية ، فهل يسمح لها القانون الدولي بتقرير مصير شعوب الأرض ، وتقسيمها أو توحيدها كما تراه مناسباً؟ وهل هذه إحدى تطبيقات الديمقراطية وحق تقرير المصير للشعوب كما تفهمها أميركا.وإذا كان شيوخ أميركا يعتقدون باستحالة تعايش الشيعة والسنة ، أو العرب والأكراد ، في دولة واحدة ، فكيف يتفاخرون بأن الولايات المتحدة تقوم على التعايش بين البيض والسود ، وبين المسيحيين والمسلمين واليهود؟ فهل ما يمكن حدوثه في أميركا ، وما حدث في العراق قبل الاحتلال ، أصبح مستحيلاً في عراق أميركا؟ ربما يجب أن لا نذهب بعيداً في أخذ القرار الأميركي مأخذ الجد فهو لا يمثل سياسة أميركا الرسمية ، وقد أعلن سفير أميركا في بغداد أن سياسة أميركا تجاه العراق المتحد لم تتغير ، فالإدارة الأميركية لا تريد أن يسجل عليها التاريخ أنها اعتدت على بلد آمن ، فدمرت دولته ، ثم مزقته إلى دويلات تسيطر على كل منها دولة من دول الجوار.سنة العراق وشيعتها رفضوا القرار الأميركي. وإذا كان الأكراد يرحبون بالتقسيم فهم أول من يعرف أن تركيا وإيران وسوريا لن تسمح بإقامة دولة كردية من شأنها فتح الباب لتثوير أكرادها.الصمت العربي المريب تجاه فكرة تفتيت العراق لا يجوز أن يستمر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الخليج وتقسيم العراق
العزب الطيب الطاهر
الراية قطر
ثمة يقين خليجي بمخاطر تفتيت العراق وهو ما يمكن أن تفضي إليه المخططات الامريكية والتي كان آخر تجلياتها القانون الذي أصدره الكونجرس قبل أيام بتقسيم بلاد الرافدين الي ثلاثة أجزاء علي أسس طائفية وعرقية كريهة بالطبع وقد جسد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية هذا اليقين في تصريحاته أمس الأول التي أكد فيها إننا في المجلس نرفض أي توجهات تحمل نزعة انفصالية ونتمسك دوماً بوحدة العراق أرضاً وشعباً، ونحرص في الوقت ذاته علي عدم القبول بأي تعاملات أياً كان نوعها مع مؤيدي مشروع التفتيت علي حساب المشروع الوطني الذي يتم السعي إلي إخراجه إلي حيز الوجود .
ويشدد العطية في سياق الرؤية ذاتها علي أن المنطق يقتضي التمسك بالموقف الذي يؤدي إلي تقوية العراق ويعيده إلي محيطه العربي كعنصر فاعل وايجابي، بعيداً من أي خطط أو أجندات ذات صبغة أنانية لا تنظر إلي مصلحة العراق وأمنه ومستقبله بشكل بناء، يتعايش مع جيرانه ويتعايشون معه بالمستوي ذاته من الشفافية والمصالح المشتركة، ومن دون أي طموحات غير مقبولة تضر بالأمن والاستقرار في دول المنطقة، خصوصاً ان تطورات الأوضاع بصورتها الخطرة وغير المنضبطة لا تصب في مصلحة المنطقة، ما يستدعي التحسب من تفاقم نتائجها، في ظل المشاريع ضيقة الأفق .
لقد قوبل قانون الكونجرس برفض عارم إقليميا ودوليا بل إن الإدارة الامريكية نفسها رفضته وان كنت لا أتورع عن اتهامها بالتورط فيه علي نحو او آخر وهو ما يعزز المنظور الخليجي لرفض تقسيم العراق والذي - لو وقع لا قدر الله - فإنه سيقود الي تفتيت دول المجلس خاصة في ظل الطابع الطائفي والمذهبي والعرقي لمخطط تقسيم بلاد الرافدين والذي لا تبتعد عنه كثيرا دول منظومة التعاون.
وأظن انه لا يكفي وحده التنديد بهذه المخططات من قبل دول المجلس بل هي مطالبة باتخاذ خطوات عملية لتوضيح مخاطرها الجيوسياسية والأمنية علي مجمل المنطقة كلها عبر إجراء سلسلة من الاتصالات بالكونجرس والمنظمات الدولية والاقليمية المعنية وتبني حملة عالمية لرفض أي خطوة تقسيمية للعراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
نعم .. نصر للبشرية !! و تجربة فريدة !!
عبدالكريم هاني
صحيفة العراق
قال "صاحب الدولة" الذي يقف على أنقاض الدولة التي ساهم هو و شركاؤه من أعداء الوطن و البشرية و الديموقراطية بتحطيمها تحت راية الامبريالية الأميركية ليقول ان هذا الخراب الذي أنجزوه و انهيار الدولة و تمزق المجتمع و تشريد الشعب و ضياع آماله و أمواله (نصر للبشرية ونموذج فريد من نوعه في البناء الديمقراطي) على حد قوله . و لو كان "صاحب الدولة" يتحدث عبر فضائية العراقية أو الحرة ( البعيدة عن الحرية ) أو راديو سوا أو غيرهما من قنوات الإعلام المدفوع الثمن , أو في مؤتمر صحفي جمعه له الأسياد في الجزء الأخضر من المستعمرة الأكبر لهان الأمر و لقلنا انها " شنشنة نعرفها من أخزم " أو "عبُّر" لأنه " ليس على الكلام كمرك " كما نقول في العراق , لكنه قال هذا القول في رحاب المنظمة الدولية التي مازالت وكالاتها ترفع النداء تلو النداء تشكو تردي احوال العراقيين الذين احتار المجتمع الدولي في ايجاد تسمية مناسبة لهم, قالوا لاجئين فاحتج الجميع – لعلهم وجدوا في هذه التسمية ما يذكر بمأساة اللاجئين الفلسطينيين, و قالوا نازحين فاحتج آخرون , و قالوا مهجرين فثارت ثائرة العنادل التي تغرد بالديموقراطية و التحرير, و قالوا ضيوفا فاحتج الواقع و ولولت الحقيقة و هم يرون "كرم الضيافة" يتلقاهم من الحدود, لكن هذا الواقع سكت علامة الرضا عندما اقترحوا صفة المشردين.
أعلنت إحدى الوكالات الدولية أن عدد الذين أفرزهم "التحرير" من هؤلاء الذين لم يجدوا لهم وصفا يرضي جميع الأطراف قد تجاوز المليونين و خمسمائة ألف فرد خارج العراق و ما يوازي هذا العدد داخل العراق و قالت ان هذه اكبر عملية نزوح شهدها العالم, و قالت وكالة أخرى ان عدد الضحايا الذين فقدهم العراق منذ العدوان الأمبريالي الأميركي قد جاوز المليون و ربع المليون خارج حسابات الوفيات الاعتيادية, و قالت أخرى ان أكثر من ثلث العراقيين بحاجة الى المساعدة و قالت منظمة رابعة ان أكثر من نصف العراقيين بكثير يعيشون دون خط الفقر (دون ان توضح هل المقصود هم عراقيو الداخل او الخارج) و قالت خامسة ان العراق يحتل المكانة الأدنى عالميا في استفحال الفساد , و منظمة أخرى وجدت دولة واحدة فقط في العالم أسوا حالا في مجمل الأحوال من العراق, كما يقرر جميع المراقبين ان ما جرى في العراق منذ بدء العوان الامبريالي الذي جاء بـ "دولته و شركاه" و ما يجري اليوم هو تطهير عرقي شمل جميع الفئات بدون تمييز ساهمت فيه المليشيات المشاركة في حكومة "دولته". هذا الأمر يدفع جميع المراقبين للتساؤل اين وجد "دولته" هذا النصر و تلك التجربة الفريدة؟
لكننا نجد العذر لـ"دولته" إذا ما تذكرنا مالثوس و نظريته البائسة التي كانت تدعو الى تشجيع الحروب و الترحيب بالأوبئة لأنها تخفف الزحام غير المرغوب فيه في هذا العالم الذي كان يقول انه محدود الامكانات, و لا بد أن "دولته" يؤمن أن استمرار عملية التطهير بالقتل و التهجير سوف يؤدي الى تحسين بالغ في مستوى معيشة "الفئة المختارة" حين تنعم بخيرات هذا البلد و في هذا نصر و أي نصر للبشرية التي يقصدها "دولته" و التي آلى على نفسه أن لا يشاركها "الآخرون" بهذه الخيرات.
أما التجربة الفريدة في البناء الديموقراطي التي انفرد "دولته" باكتشافها بالرغم من قول بوش ان الحالة التي وصلت اليها الأمور في العراق مرعبة و أن المعاناة و المأساة جاوزت الاحتمال و ذلك قبل شهر من اكتشاف "دولته", فلعلها نجاح الاحتلال مع العاملين في ظله من عصبة "دولته و شركاه" في إعادة الاستعمار الى الوجود بعد ستة عقود من إنهائه.
يقولون في الأمثال لكل مقام مقال, و يبدو أن "دولته" قد اختلطت عليه الأمور و ضاعت منه بوصلته أو أن بوش لم يستطع ان يرى ما يراه "رجله" في بغداد, لكن هذه المنظمات و نحن أيضا لم نستطع أن نرى كل ذلك النصر الذي يراه "دولته" والذي يفاخر به على المنبر العالمي, فقد يكون بريق النصر قد خطف أبصارنا, أو لعلنا كما يقول سبحانه ( إنها لا تعمى العيون و لكن تعمى القلوب التي في الصدور ). ندعو الله مخلصين أن يهدي الجميع الى سواء السبيل ( انك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء ).abdulkarimhani@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
تقسيم العراق؟ مهلاً!
فواز طرابلسي
السفير اللبناني
لا يرغب في مماشاة التيار الكاسح الذي يؤكد أن الإدارة الأميركية قد قررت تقسيم العراق لا يستطيع الطموح الى شعبية كبيرة بين المحللين أو حتى بين القراء.
مع ذلك، فمن يسعى الى تعيين دقيق للأهداف الأمبراطورية الأميركية وسياساتها والوسائل لن يستطيع الا المجازفة بالسير عكس التيار.
لنبدأ من البداية. هل ان القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الأميركي هو قرار ملزِم للرئيس الأميركي وبالتالي لمجمل الإدارة الأميركية؟ والجواب هنا هو بالنفي: انه ليس قرارا ملزما.
ثم فلنسأل: هل يقضي ذاك القرار بـ«تقسيم» العراق، بمعنى تجزئة الكيان السياسي العراقي، القائم منذ العام ؟؟؟؟، الى ثلاث دول مستقلة: دولة جنوبية (شيعية) ودولة في الوسط (سنّية) ودولة في الشمال (كردية)؟ والجواب هنا ايضا: لا.
يدعو القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الاميركي الاسبوع الماضي الى تحويل العراق الى دولة فيدرالية من ثلاثة مكونات/اقاليم على الاساس الاثني ـ المذهبي الذي اعتمدته الولايات المتحدة الاميركية تعريفا للعراق، وقاعدة لسياساتها فيه، منذ العام ؟؟؟؟.
وجدير بالتذكير ان الدستور العراقي ينصّ اصلا على ان العراق دولة فيدرالية، يحق لاي محافظة واحدة من المحافظات الثماني عشرة ان تشكل إقليما فيدراليا ذا حكم ذاتي داخلها. كما يجدر الاخذ بالاعتبار ان المحافظات الشمالية الثلاث الواقعة تحت سيطرة الحزبين الكرديين الرئيسيين ـ الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني ـ قد تحولت الى اكثر من مجرّد اقليم فيدرالي. فالجموح الانفصالي لدى الاكراد قوي، وإن يكن يصطدم بمعارضة اقليمية (تركية ـ ايرانية) الى المعارضة الداخلية العراقية.
لا يعني هذا طبعا الاستسلام للامر الواقع. فالقرار الامبراطوري الذي اتخذه مجلس الشيوخ الاميركي يشكل تدخلا مرفوضا في الشؤون الداخلية للعراق، ونقضا لحق شعبه في تقرير مصيره واختيار النظام السياسي الذي يناسبه. والقرار بهذا المعنى سابقة تستدعي الاحتجاج الاعلى نبرة والرفض من الحكومة العراقية ومن الرأي العام العربي والدولي والحكومات.
على أن الاستدلال من هذا القرار على ان الادارة الاميركية قد حسمت في أمر تجزئة العراق الى ثلاث دول مستقلة يفترض بذاته افتراضين لا تقوم عليهما أدلة مقنعة.
الافتراض الاول هو ان المصالح الاميركية في السيطرة على النفط العراقي، وخصخصته، سوف تكون مؤمنة في ظل ثلاث دول عراقية اكثر مما هي مؤمنة في ظل عراق فيدرالي او حتى مركزي تمسك الولايات المتحدة بزمام الامور فيه. والمعروف طبعا ان اكثر حقول النفط العراقي واغزرها انتاجا واوفرها احتياطا موجودة في جنوب البلاد ثم في شماله وان المنطقة الوسطى ذات الاكثرية السنّية توجد فيها النسبة الاقل من الحقول ومن الاحتياطي. هنا، لا يجوز الاستخفاف بما تذهب اليه بعض (مصانع الافكار( الاميركية التي تدعو الى ما تسميه «تقسيم لايت» (مخفّف) للثروة النفطية العراقية.
لكن الاهم هو السؤال عن موقع المصالح الاستراتيجية الاميركية من تقسيم العراق الى ثلاث دول. لنتصور الامر جنوبا فقط. هل تستوي مصالح الهيمنة الاميركية في المنطقة مع قيام دولة جنوبية عراقية شيعية تتصل بإيران وتطوّق معها منطقة الخليج والجزيرة ـ ذات الانظمة الهشّة نسبيا من حيث القدرات السياسية والعسكرية ـ بحزام ايراني ـ عراقي شيعي تحتشد فيه قدرات إيران النفطية والديموغرافية والعسكرية الايرانية (ناهيك عن شبح الطاقة النووية) مع القدرات النفطية للمحافظات العراقية الجنوبية؟ ألن يكون هذا اقرب الى الانتحار من منظار مشاريع السيطرة الاميركية في منطقة الخليج وحدها، وهي الاكثر اغراء للسيطرة اقتصاديا وعسكريا واستراتيجيا؟
من هنا ان الهوس العربي المتنامي من »تقسيم« العراق - بالمعنى الاداري الحقوقي - يتغافل عن عقدة المشكلة. ذلك ان مكمن الخطر - الذي يستحق لا مجرد القلق بل المعالجة، اي المقاومة وفرض الحلول البديلة - هو الانقسام البشري العراقي. لذا لا يكاد يرتفع صوت واحد لمحاسبة الافرقاء العراقيين، في السلطة و«المقاومة» عما يقومون به في مضمار الوحدة والانقسام. مَن، من المركزيين المتحمسين، يحاسب «المجلس الاسلامي الاعلى في العراق» على مشروعه المعلن لقيام اقليمين، جنوبي واوسط، في العراق؟ من يسأل تنظيمات «المقاومة» عما تفعله من اجل اعادة تكوين الوحدة العراقية، اقله بين السنّة والشيعة؟ من يقيم الفيصل بين الحق المشروع للشعب الكردي في إقليم فيدرالي ضمن الكيان العراقي وبين الانفصال الكردي عن العراق؟ أليست هذه عناصر الانقسام البشري العراقي؟ أليس هؤلاء هم من ارتضى ان يرتدي ما قد فصّله لهم الاحتلال من هوية لبلادهم ولشعبهم؟ ولماذا لا تكون الفيدرالية عربية - كردية جوابا مرحليا على الفيدرالية الاميركية؟
كل ما في الامر الآن ان جيش الاحتلال هو الذي يشكل وحدات عربية سنّية - شيعية تمهيدا لتسليمها الامن في بغداد.
هذا عَيب يرشح بالدم!!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
بعد قرار تقسيم العراق : التكفيريون أمام الامتحان الحاسمرسالة مفتوحة الى قيادات بعض الفصائل في المقاومة العراقية
صلاح المختار
شبكة البصرة
ليس مهما ان تحاول عبور النهر وانما ان تكمل العبور الان، وبعد ان تبنى الكونغرس الامريكي مشروع قرار، قدمه السناتور الديمقراطي الصهيوني رسميا جوزيف بادن Joseph Biden، المرشح لانتخابات الرئاسة لعام 2008، باغلبية كبيرة جدا، اصبح مؤكدا، وبلا ادنى شك، ان خطوات تقسيم العراق العملية الاخيرة قد ابتدأت. ورغم ان الدستور الامريكي لا يجعل هذا القرار ملزما للادارة الامريكية الا ان تقاليد العمل في القضايا الخطيرة تفرض إعدادها على نار هادئة لتمهيد الطريق لتنفيذ القرار. ولعل اهم مؤشر خطير قدمه تبني القرار هو التبرير الذي الذي ساقه الكونغرس لتسويق فكرة تقسيم العراق الى ثلاثة دول (كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب) وهو القول بان التقسيم هو الحل الوحيد لوضع حد لأعمال العنف التي تضرب البلاد.
وحث مقدم المشروع السناتور بادن، عند محاولته اقناع الكونغرس به، على اعتبار ان التقسيم هو المفتاح السياسي لانسحاب القوات الأمريكية قبل الوصول إلى الفوضى. وأعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، المؤيدين لاستراتيجية إرسال تعزيزات إلى العراق ولكن ينددون بالمأزق السياسي بين الزعماء العراقيين على الأرض، عن اهتمامهم بهذه الخطة.
وقال السناتور الجمهوري سام براونباك، المرشح أيضًا للانتخابات الرئاسية المقبلة وأحد الموقعين الـ 11 على مشروع القانون هذا : "نحن ندعم استراتيجية سياسية فاشلة في بغداد" وفق وكالة فرانس برس. وقالت الجمهورية كاي بايلاي هوتشينسون إن هذا القرار مستوحى من اتفاقات دايتون حول البوسنة التي أقرت التقسيم بين المتخاصمين الصرب والكروات والبوسنيين. وكان السفير الأمريكي في بغداد ريان كروكر قال في شهادته أمام الكونجرس هذا الشهر إنه يؤيد حكمًا ذاتيًا للمناطق العراقية، ولكنه اعترض على أي فكرة للتقسيم.
وتمت صياغة خطة التقسيم إلى ثلاث دول بمساعدة خبير سابق في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر هو " ليسلي غيلب " الذي كان مديرًا لمجلس العلاقات الخارجية. ولكن الخطة الجديدة هذه ليست سوى تنفيذ حرفي تقريبا لخطط اسرائيلية قديمة معروفة تطورت على نحو دقيق وادخلت غرفة التنفيذ في الثمانينيات حينما عرض عوديد ينون الكاتب الاسرائيلي خطة عنوانها (ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات)، نقلها من العبرية الى الانكليزية البروفسور اسرائيل شاهاك، 1982، واكدت بما لا يقبل الشك بان اسرائيل تعد تقسيم العراق هو المهمة الاساسية لان عراق صدام حسين (يشكل الخطر الاعظم على امن ومستقبل اسرائيل). ولاجل تنفيذ تقسيم العراق دعا ينون الى دعم جهود نظام خميني، الذي كان يشن حربا على العراق تحت الشعار الصهيوني المضلل (نشر الثورة الاسلامية)، لتقسيم العراق وتشجيع من اسماهم شيعة واكراد العراق على دعم التقسيم.
تفكيك مسوغات القرار
لكي نبقى في قلب الموضوع من الضروري تفكيك المسوغات التي طرحت في الكونغرس لتبني القرار لانها تكشف المزيد من الادلة على وجود مخطط اقدم من غزو العراق قائم على تقسيمه. وفيما يلي اهم الملاحظات :
1 – أحد المسوغات، التي قدمت، هي القول بان التقسيم هو الحل الوحيد لوضع حد لأعمال العنف التي تضرب البلاد! ان السؤال الحاسم الذي يكشف المستور هو التالي : من اطلق العنف الذي يضرب القطر؟ كل العالم لاحظ من خلال شاشات التلفاز، التي نقلت مشاهد حية من بغداد وغيرها، صور عن دور الجيش الامريكي حالما دخل بغداد يوم 9 – 4 – 2003 في توجيه الغوغاء للقيام بالنهب والحرق والتدمير، بما في ذلك تدمير ونهب وحرق المتحف الوطني العراقي، وقبل ان يعين أي مسئول مدني امريكي في االعراق. لقد اطلق الجيش الامريكي الفوضى بقيام العصابات التي جلبها معه من الكويت وغيره بحرق كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية، ونشر الفوضي ولم تهتم القوات الامريكية بحماية شيء سوى وزارة النفط! والسؤال هنا هو التالي : هل يتصرف الجيش الامريكي على هذا النحو بدون اوامر عليا؟ بالتاكيد كلا، فالجيش لا دخل له بالقرارات غير العسكرية الا اذا امر بها. وقد ثبت فيما بعد بان العنف والفوضى، التي شهدها العراق منذ اول يوم لاحتلال بغداد، كانت مبرمجة ومخططة بدقة ولم تكن ثمرة انفلات امني في قطر سحقته مئات الالاف من القنابل لمدة 21 يوما بل كانت نتاج خطة متعمدة لنشر الفوضى والعنف المنظم والمنفلت.
وحينما انكشفت اللعبة الامريكية واصبح النقد ينصب على المسئول عن الفوضى والعنف في العراق اتهم بول بريمير، الحاكم المدني الامريكي الذي اتخذ قرار حل الجيش واجهزة الامن العراقية واصدر قانون اجتثاث البعث، فما كان منه الا ان رد باظهار وثيقة خطية تثبت ان القرارين المذكورين كانا بامر من الرئيس الامريكي جورج بوش شخصيا. وهو تطور حسم موضوع الخلاف حول سبب العنف والفوضى في العراق، اذ لولا حل الجيش ومؤسسات الامن ولولا تدمير البنية التحتية لم سادت الفوضى.
وثمة مؤشر اخر مهم جدا وهو ان وزرة لخارجية الامريكية نبهت في دراسة لها قبل الغزو الادارة الامريكية الى ان الفوضى والعنف سيحلان في العراق في حالة غزوه ما لم تتخذ كافة الإجراءات الضرورية مقدما لمنعه. ولكن ادارة بوش تشيني ورامزفيلد رفضت اتخاذ أي اجراء لتجنب الفوضى والعنف في العراق بعد غزوه.
والاهم ان رامزفيلد، وزير الحرب قبل وبعد الغزو، رفض اراء العسكريين الامريكيين وهم الاعرف باحتياجات الحرب العسكرية، الذين اعترضوا على جعل البنتاغون لعدد القوات التي ستغزو العراق 130 الف جندي امريكي، واكدوا انه عدد لا يكفي لنجاح الغزو وفرض الامن. وهذه حقيقة كشف النقاب عنها عند تأكد الادارة الامريكية من قلة العدد وانه احد اسباب الفشل في دحر المقاومة الوطنية العراقية. ومرة اخرى فان السؤال المهم هو : لماذا لم يستمع رامزفيلد وزير الحرب (البنتاغون) لاراء العسكريين قبل الغزو الذين أكدوا له ان 130 الف جندي لغزو العراق عدد لا يكفي؟ هل كان نتيجة اجتهاده مع انه غير عسكري؟ ام انه نتاج قرار مسبق بنشر الفوضى والعنف في العراق من خلال تعمد ارسال قوت لا تكفي لفرض الامن؟ لقد استقال رامزفيلد وكان احد الاسباب الجوهرية هو تحميله مسئولية الفشل في ادراة الحرب على العراق، وكان الحل البديل هو رسال اكثر من 30 الف جندي اضافي الى العراق، ولكن بعد خراب البصرة وانتشار العنف والفوضى الى درجة اصبحت لهما اليات خاصة في العمل التلقائي في ظل تعمد الاحتلال تغييب السلطة.
2 - ان احد مسوغات القرار هو ادعاء ان التقسيم هو المفتاح السياسي لانسحاب القوات الأمريكية قبل الوصول إلى الفوضى. اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الفوضى هي من صنع الادارة الامريكية نفهم اسباب الحرص على عدم القضاء عليها والاصرار على تغذيتها وتوسيع نطاقها. فالادارة الامريكية تبنت خطة لتقسيم العراق، وهي تبدو للراي العام الامريكي ولقسم من اعضاء الكونغرس مرفوضة اذا عرضت والعراق حالته طبيعية قبل الغزو او بعده، ولا توجد فيه فوضى او عنف منظمين وواسعي النطاق. ولكن اذا استشرى العنف والفوضى وصارا ازمتان لا حل لهما وتؤديان الى افشال الغزو وتحميل امريكا خسائر بشرية ومادية هائلة فان الاغلبية في الكونغرس ستعد أي حل يوقف العنف والفوضى ويحمي امريكا من التعرض لمزيد من الخسائر البشرية والمادية حلا ضروريا، وهذا بالضبط هو ما فعلته الادارة الامريكية في العراق بنشر الفوضى والعنف، لاجل تحويل الكونغرس من الاعتراض على تقسيم بلد لا يشكل وضعه خطرا على امريكا الى مصدر لاستنزاف امريكا وتهديد (مصالحها).
ان وظيفة نشر العنف والفوضى المتعمد كانت تحشيد اكبر عدد ممكن من الامريكيين في الكونغرس والاعلام والراي العام، خلف قرار معد سلفا، وقبل الغزو، بتقسيم العراق، على اعتبار ان امريكا قد حاولت احلال الامن في العراق لكنها فشلت ولم يبق الان لحماية المنطقة وامريكا ومصالحها والحفاظ على ارواح الامريكيين في العراق سوى ترك العراق بعد تقسيمه الى ثلاثة دول.
3 - وأعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، المؤيدين لاستراتيجية إرسال تعزيزات إلى العراق ولكن ينددون بالمأزق السياسي بين الزعماء العراقيين على الأرض وفشلهم في حل مشاكل العراق، عن اهتمامهم بهذه الخطة. ان التوكؤ على فشل الساسة العراقيين هو الاخر جزء من اللعبة السايكولوجية الامريكية لاعداد الراي العام الامريكي لقبول التقسيم. ان اجراء انتخابات في ظل الاحتلال، كانت نتائجها معروفة سلفا فهي لا تعد شرعية لوجود الاحتلال، وهو ما اقر به بوش حينما رفض اجراء انتخابات في لبنان في ظل الوجود السوري هناك وعدها غير شرعية ان اجريت، لكنه اراد القيام بها في العراق لاضفاء صفة شرعية شكلية على الحكومة العميلة في بغداد، ليحملها وزر اعماله رغم انها مجرد حكومة دمية، ويكلفها بالقيام بأقذر الاعمال التي يريد من طرف اخر ان يقوم بها، مع الاصرار على عدم منحها صلاحيات حقيقية لادارة البلد ولو في القضايا الخدمية!
اذن كيف تنجح حكومة في ظل الاحتلال اذا كانت صلاحياتها غير موجودة؟ ان تغييب الحكومة واستخدامها كغطاء لشرعية شكلية للاحتلال كان احد اهم قرارات الاحتلال، لذلك لا يمكن تحميل الحكومة مسئولية الفشل. وهنا يجب ان نذكّر بان الخطة الاصلية للاحتلال، في اسابيعه الاولى، كانت تقوم على رفض اقامة حكومة من العراقيين حتى لو كانت عميلة، واصرت الادارة الامريكية على تشكيل ادراة مدنية يديرها امريكيون لزمن غير محدد وبدون أي دور للعراقيين حتى العملاء. والسبب هو ان امريكا كانت قد خططت لاعادة بناء العراق بشكل يختلف جذريا عن العراق التقليدي، وهذا الهدف كان يتطلب ان يتولى الامريكيون كل شيء، حتى التفاصيل، لذلك لم تفكر الادارة الامريكية باقامة وزارة من العراقيين على الاطلاق في البداية، وكان القرار هو ادارة امريكية خاصة ومباشرة للعراق لسنوات غير محددة يستعينون لادارتها بعراقيين كخدم منفذين. ولهذا فان مأزق الحكومة العراقية العميلة واستمراريته هو صناعه امريكية في المقام الاول.
4 - وقال السناتور الجمهوري سام براونباك، المرشح أيضًا للانتخابات الرئاسية المقبلة وأحد الموقعين الـ 11 على مشروع القانون هذا : " نحن ندعم استراتيجية سياسية فاشلة في بغداد " وفق وكالة فرانس برس.. ان هذا التبرير هو الاخر خدعة واضحة، فالفشل كان محسوبا بدقة منذ ان رفض رامزفيلد ارسال عدد من القوات يكفي لضمان نجاح الغزو بسرعة وضبط الامن في العراق بنفس الوقت. بل ان كل الاخفاقات التي واجهت الجيش الامريكي، خصوصا منذ معركة الفلوجة الاولى في نيسان عام 2004، اكدت بان القوات الامريكية عاجزة عن تحقيق تقدم ملموس في العراق نتيجة نقص العدد والمعدات وتدني المعنويات وفوضى القرارات العسكرية الامريكية الخاصة بالعراق. والسؤال المهم هنا هو: لم اصرت ادراة بوش وماتزال تصر على مواصلة سياسة فاشلة ولا تغيرها؟ ولم نرى حتى اشد الديمقراطيين نقدا لهذه السياسة يتراجع، رغم كل تهديداته، ويدعم هذه السياسة كما حصل في موضوع تمويل القوات الامريكية والتهديد بمنعه اذا لم يوضع جدول زمني للانسحاب من العراق؟ ان افشال الخطة الامنية بحدود مقررة وليس بشكل تام، وابقاء الفوضى والعنف دائرين، مع التأكيد على السيطرة عليهما، هما من اهم دعائم خطة الاحتلال في العراق، لإطالة أمد الغز وتهيئة البيئة المطلوبة لتقسيم العراق. 5 - قالت الجمهورية كاي بايلاي هوتشينسون (إن هذا القرار مستوحى من اتفاقات دايتون حول البوسنة التي أقرت التقسيم بين المتخاصمين الصرب والكروات والبوسنيين). هذا ما حذرنا منه مبكرا منذ سنوات قبل الغزو وبعد الغزو مباشرة وهو ان امريكا لديها مخطط كوني لتقسيم الامم الاخرى على اسس عرقية وطائفية ودينية، وحينما بدأت الحرب على يوغوسلافيا كان واضحا ان الهدف الامريكي الحقيقي هو تقسيم يوغوسلافيا، رغم تأكيدات ادارة بيل كلنتون بانها لا تريد تقسيمها وانما حل مشاكلها. لكن الذي حصل هو ان امريكا واوربا صعدا الازمة وخططا للمجازر العرقية والدينية ونفذاها، وتعمدا ان تكون بالغة المأساوية، لاجل ان لا يبقى خيار لليوغسلاف سوى تقسيم وطنهم، وهذا ما تم بالفعل. ان قرار الكونغرس بتقسيم العراق، بهذا المعنى، خطوة مقررة سلفا على طريق مخطط امريكي عالمي ولا يقتصر فقط على خطة خاصة بالعراق، وهنا تكمن خطورة قرار الكونغرس لانه واجب التنفيذ فيما بعد وبعد اعداد البيئة المناسبة له. لكن المشكلة التي واجهت الادارة الامريكية في تنفيذ هدف تقسيم العراق تتمثل في حقيقتين :
الحقيقة الاولى : هي ان العراق يختلف عن يوغسلافيا من حيث التركيبة السكانية، فيوغسلافيا كانت قومياتها ومكوناتها متقاربة سكانيا والفروق بينها عدديا محدودة، إضافة لوجود أرث عدائي بين مكونات يوغسلافيا سابق لوحدتها، ولذلك كان من السهل الحديث عن تقسيمها وتنفيذ ذلك، بعد تعمد امريكا تشجيع اطراف معروفة على ارتكاب مجازر والقيام باعمال انتقامية مضادة جعلت التعايش بين اليوغسلاف صعبا جدا. اما العراق فان تركيبته السكانية مختلفة تماما، حيث ان هناك قومية رئيسية هي القومية العربية والتي تشكل اكثر من 85 % من السكان، فيما لا تزيد الاقليات الاخرى كلها عن نسبة 15 % من مجموع السكان، ولذلك فان تقسيم العراق في ظل هذه المعادلة السكانية المستقرة والقوية كان مستحيلا. واذا كان من الضروري تقسيم العراق فأن الامر يتطلب زمنا طويلا تتخلله عمليات إبادة وقتل وتهجير منظمة لأجل أستبدال القاعدة السكانية المستقرة، بفضل وجود قومية رئيسية، بقاعدة غير مستقرة نتيجة ازالة القومية الرئيسية واستيراد سكان غير عرب من الخارج ومنحهم الجنسية العراقية وجعل الفروق بين مكونات السكان محدودة، ليصبح قابلا للتقسيم، وهو ما قامت به الولايات المتحدة وايران في السنوات السابقة للتغلب على وجود قومية رئيسية تشكل عامل جذب وتوحيد للعراق. ان تهجير ستة ملايين عراقي واستيراد اكثر من اربعة ملايين ايراني، وكردي من ايران وتركيا، لزيادة عدد غير العرب وتقليل نسبة العرب كان احد اهم الشروط المسبقة للاعداد لتقسيم العراق بعد ان تصبح مكوناته السكانية متقاربة نسبيا. وهذه الحقيقة تفسر سر الحرق المنظم لسجلات النفوس في العراق في اليوم الاول لغزو بغداد وتدمير وثائق الدولة العراقية التي تحدد الحقوق والاثباتات على مواطنية العراقيين.
الحقيقة الثانية : هي ان العراق قطر يمتد عمره الى اكثر من ثمانية الاف عام عاش خلالها العراقيون تحت مختلف انواع الانظمة وتكيفوا مع اشد انواع المخاطر والتحديات، وقبل ظهور اليهودية والمسيحية والاسلام، فانصهروا في بوتقة سايكولوجية وتاريخية واجتماعية ومصلحية وثقافية مشتركة (وعرقية الى حد ما)، بعكس يوغوسلافيا البلد الحديث التكوين، بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من معنى واهمها معنى ان روابط ابناءه هشة وقابلة للاختراق. وهذا الفرق عبر عن نفسه في التماسك المدهش للمجتمع العراقي وموكوناته ومحافظته على وحدته، رغم ان الجرائم التي ارتكبت كانت من البشاعة والخسة بحيث انها كانت كافية لتقسيم أي بلد اخر غير العراق. ان هذه البنية الاجتماعية والسكانية المنسجمة، رغم الاختلافات الاثنية والدينية، هي الاساس القديم الذي حمى العراق. فما العمل لتقسيم العرق؟ الجواب الامريكي والايراني كان المزيد من العنف والفوضى لاجل اجبار العراقي على الاختيار بين حلين لا ثالث لهما : فاما الموت بشناعة او القبول بأهون الشرور، وهو تقسيم العراق، لاجل عودة الامن!.
ان الاشارة الى موضوع يوغوسلافيا لتسويق تقسيم العراق هو اعتراف مباشر بان الادارة الامريكية تنفذ مخططا يقوم على اساسيات ما يسمى ب (صراع الحضارات)، وهو مخطط كوني اساسه شرذمة العالم على اسس عرقية ودينية وطائفية واثنية. من هنا فان تقسيم العراق ليس رد فعل على حالة خاصة فقط، وهي دور العراق القومي، بل هو جزء من خطة كونية امريكية. وخطورة هذه الحقيقة تتضح أكثر اذا ادركنا ان امريكا تريد اعادة تشكيل العالم كله، انطلاقا من العراق، ليكون خادما مطيعا لها ومنفذا لخططها الاستعمارية الكونية.
6 - كان السفير الأمريكي في بغداد ريان كروكر قد قال في شهادته أمام الكونجرس إنه يؤيد حكمًا ذاتيًا للمناطق العراقية، ولكنه اعترض على أي فكرة للتقسيم. هنا يأتي دور الطبيب النفسي وهو دور تخدير مريضه لجعل رد فعله هادئا او بطيئا او معدوما. نعم لن يقسم العراق اليوم ولكن قرار الكونغرس سيكون القاعدة لاحقا في محاولة تقسيم العراق. الان توفرت قاعدة قانونية غير ملزمة للادارة الامريكية، لان وقت تطبيقها لم يحن بعد، ولكن خيار التقسيم كقرار دستوري امريكي تحقق الجزء المهم منه وهو قرار الكونغرس، وما ينتظر تنفيذه هو موافقة الادارة الامريكية عليه، لذلك سيرحل تنفيذه للادارة القادمة (المرجح ان تكون الديمقراطية) ليكون الخيار المر الوحيد امامها. ما قاله كروكر ما هو الا تأجيل لتنفيذ القرار وليس استبعاد له، وما حديثه عن حكم ذاتي في العراق الا مظلة لاخفاء النظام الكونفدرالي الذي اقره دستور بول بريمير.
7- ان احد اهم مصادر خطورة القرار هو ان من قدمه سناتور ديمقراطي صهيوني يفتخر بصهيونيته هو جوزيف بادن المرشح لرئاسة الولايات المتحدة في الانتخابات القادمة 2008، وسواء فاز هو او أي شخص اخر فان القرار سيكون جاهزا لتبنيه من قبل الادارة الجديدة، ولذلك فان ربط القرار بعبارة (غير ملزم) هو تكتيك تخديري للعراقيين ولمن يرفض تقسيم العراق في امريكا والعالم، وتهيئة نفسية للتقسيم، على اعتبار ان اطفاء رد الفعل الحاد يتم باعلان موقف استفزازي والتعقيب عليه بالقول انه مجرد راي غير ملزم! دلالات القرار
ان اول دلالات القرار هي ان الادارة الامريكية تسير بثبات وفقا لمخطط تقسيم العراق، وان كل ما عد اخطاء في العراق، بعد غزوه، مثل حل الدولة وتدميرها خصوصا الجيش ونشر الفوضى والعنف والفتن الطائفية الاثنية...الخ، لم تكن اخطاء بل كانت خطوات محسوبة بدقة للوصول على تقسيم العراق، تنفيذا لمخطط امريكي، متطابق وملتق مع مخطط اسرائيلي معروف، ومع توجه ستراتيجي تاريخي ايراني اقدم ومعروف ايضا، يقوم على تفتيت العراق وازالة هويته العربية، وتحويله الى مركز لدويلات قزمة ومتناحرة وبلا هوية محددة لها. ان كل ماجرى للعراق، وتحديدا منذ فرضت ايران خميني الحرب على العراق، برفع ومحاولة تطبيق شعار صهيوني امريكي هو (نشر الثورة الاسلامية)، وافتعال ازمة الكويت ورفض حلها سلميا، وشن العدوان الثلاثيني في عام 1991 ثم تحويل الحصار الشامل الى اداة ابادة منظمة لاكثر من مليوني عراقي واداة تدمير منظمة للدولة العراقية وقواتها المسلحة، ثم غزو العراق في عام 2003 كتتويج لتلك الحملة المنظمة، وما جرى خلاله من تطبيق رسمي ومباشر لخطة تقسيم العراق، نقول ان كل ذلك هو عبارة عن حلقات مترابطة هدفها الابعد هو تحويل تقسيم العراق الى مقدمة لتغيير هوية أقطار المشرق العربي والمغرب العربي، وجعلهما عبارة عن منطقة تجاذب وتصارع إمارات قزمة انتهازية الهوية، تخضع كل منها لطرف اقليمي او دولي.
وهكذا يتحقق الحلم الصهيوني العتيق، والذي عبرت عنه الكاتبة الصهيونية الامريكية فلورا لويس في الثمانينيات من القرن الماضي بقولها يجب القضاء على الامة العربية واقامة كيانات مختلفة على انقاضها. او ما دعا اليه هنري كيسنجر، عراب المخططات الصهيونية من ان الامة العربية يجب ان تحول الى نثار لا يجمعه شيء!
تقليديا، حينما تريد المؤسسة الحاكمة السرية، وهي التي تقرر فعليا مسارات الادارة والكونغرس في امريكا، تنفيذ خطة تبدأ بمراكز البحوث وتنطلق من السنة الخبراء والكتاب والاعلام، من اجل التمهيد لها سايكولوجيا وسياسيا، واعداد الراي العام وبعض المشاركين في صنع القرار (الادارة والكونغرس) لقبولها، لان اغلب القرارات المصيرية تبدو خطيرة وغريبة ومستهجنة في بداية طرحها، لكن مناقشتها نقدا ودعما، يتيح الفرصة لاسقاط التحفظات والاعتراضات وازالة الاستهجان تدريجيا، وتحت ضغط احداث قد تكون مفتعلة او حقيقية تساعد على قبول ما كان يرفض. ان احداث 11 سبتمبر – ايلول 2001 هي التي وفرت الموافقة في الكونغرس على غزو العراق، وبدونها كانت عملية الغزو ستبقى في ادراج المحافظون الجدد قرارا مهملا او مؤجل التنفيذ، والدليل هو ان ادارة بيل كلنتون، ورغم تبني الكونغرس قرار اسقاط النظام الوطني في العراق في عام 1998، تحت تسمية قد تبدو غريبة للعالم وهي تبني (قانون تحرير العراق) وتخصيص ملايين الدولارات لتحقيق ذلك، لم تتجاوز خطوات الضغط الخارجي الشديد وتلجأ للحرب لغزو العراق.
عبر الاعداد ومراكمة التاثيرات تفتح ادارة الامريكية الطريق لتنفيذ ما كان يعد غير ممكن التنفيذ، او ان مخاطره كبيرة ولا يستحق التنفيذ. في اطار هذه الملاحظة يجب ان لا نقع في فخ السفير الامريكي الذي يتحفظ على قرار الكونغرس لانه تحفظ مطلوب، من وجهة عملية امريكية، وهي ضرورة ابقاء الضحية، وهو هنا العراق، متورط في مشكلة عدم اليقين تجاه نوايا امريكا الحقيقية، لانه يرى الكونغرس يتبنى قرار تقسيم العراق في حين ان السفير ممثل الحكومة الامريكية يتحفظ عليه!
اما الدلالة الثانية للقرار فهي ان امريكا قد يئست نهائيا من استعمار العراق الطبيعي والاستقرار فيه كقوة استعمارية لها قوات كبيرة ووجود كبير بشري وسياسي، نتيجة الانتصارات غير المسبوقة في تاريخ الشعوب التي سجلتها المقاومة الوطنية العراقية، لذلك قررت ان تقسمه لتسهيل استعمار اجزاءه الثلاث بشكل منفرد. كان المشروع الامريكي الاصلي يعتمد على فكرة مضللة وهي ان غزو العراق سيكون سهلا وسيؤدي الى تحويل العراق الى اهم قاعدة امريكية في العالم. لذلك كانت فكرة تقسيمه مجرد هدف مؤجل او يخضع لاعادة تكييف للعراق تحوله من قوة اقليمية تحررية الى قطر تابع ومستعمر ومحجم. وذلك خيار وسط بين التقسيم والوضع الطبيعي للعراق. لقد نسفت المقاومة العراقية الخطط الاصلية للاحتلال واجبرته على التأرجح بين خيارات كلها سلبية، مما دفعه لتبني خيار تقسيم العراق، الذي عد له منذ بدأ الغزو بتدمير الدولة ومحاولة تمزيق الوحدة الوطنية عبر ايران والعصابات الاجرامية التي استأجرها.
الدلالة لثالثة : هي ان ايران كانت، ومازالت، الطرف الاقليمي الاخطر الذي ينفذ خطة تقسيم العراق والوطن العربي، فبعد نصف قرن من الزمان، كان الغرب الاستعماري والصهيونية يحاولان فيه تقسيم الاقطار العربي وتذويب هويتها القومة العربية ففشلا، نتيجة فرز الخنادق بين الامة العربية، من جهة، والغرب الاستعماري والصهيونية من جهة ثانية، والذي يعني ان العربي كان يعرف بدقة وعلى وجه اليقين ان العدو هو الصهيونية والغرب الاستعماري لذلك كان متحصنا ضدهما بأكثر من قناعة ويقين. اما ايران فهي دولة ت اسلامية، وهي دولة مجاورة لها روابط كثيرة معنا، والاهم انه بعد اسقاط الغرب للشاه محمد رضا بهلوي تبنت ايران شعارات حبيبة على قلوب العرب والمسلمين، وهي تلك الخاصة بفلسطين، لذلك تداخلت الخنادق والمفاهيم والارتباطات، وتعقدت صورة الصراع واطرافه واصطفافها، فنجحت ايران في العثور على اطراف عربية تدعمها ظنا منها انها تناضل ضد الغرب واسرائيل، رغم تواتر الادلة والشواهد والمواقف على انها في المعسكر المعادي للامة العربية.
ان من يريد ان يعرف الدور الايراني الحقيقي في الوطن العربي عليه ان ينظر بعين الباجث عن الحقيقة الى ما فعلته وتفعله ايران في الواقع، فهي اول من اطلق الاحزاب الطائفية في زمن الشاه، وهي اول من تبنى دستورا طائفيا في زمن خميني، وهي اول من حاول تقسيم الاقطار العربية على اساس طائفي، وهي اول من عادى العرب بدافع عنصري معروف قبل نشوء اوربا وامريكا اسرائيل بالاف السنين، وهي التي أيدت غزو العراق وضمنت نجاح امريكا في تحقيقه، باعتراف محمد خاتمي رئيس ايران وقتها، وهي اول من اعترف بالاحتلال والحكومة التي شكلها وتعاونت معه مباشرة، وهي التي اطلقت حملات التطهير الطائفي الاجرامية المنظمة في العراق، خصوصا بواسطة المنظمة الاكثر دموية وهي جيش المهدي، وادت الى تشريد ستة ملايين عراقي من ديارهم، وهي التي ارادت تحويل الصراع التحرري بين المقاومة العراقية والاحتلال الى حرب طائفية، وهي التي تثير مشاعر الاحقاد والثارات بين العرب السنة والعرب الشيعة، وهي التي تتفاوض مع امريكا على مستقبل العراق والمنطقة كلها، وهي التي تطالب بالبحرين منذ زمن الشاه وحتى الان، وهي التي نفذت القرار الامريكي بتدمير الدولة العراقية ونهب اسلحتها وممتلكاتها ومصانعها وكل ما هو ثمين فيها، وهي التي قتلت الالاف من العلماء والمهندسين والضباط والطيارين العراقيين، وهي التي تحتل الجزر العربية الثلاث وهي التي تحتل الاحواز...الخ، اننا اذا اردنا ان نعدد ما قامت به ايران من جرائم سوف نحتاج لالاف الاوراق، لكن ما ذكرناه كاف لتحديد اين تقف ايران الان.
ويكفي ان نشير هنا الى موقف ايران من الفدرالية لنعرف خطورة من وضعهم الله شرق وطننا، فاذا كان زعماء الانفصال الكردي لهم مطاليب قومية لانهم ينتمون لقومية غير القومية العربية، ومن ثم فان اقرار هذا الحق ضرورة وواجب وهو ما قام به البعث، فان موضوع ما يسمى الشيعة هو موضع مختلف لا اساس له من الصحة، وهو مدخل لاجل تمزيق العراق والامة العربية. ان تقسيم عرب العراق الى شيعة وسنة وليس الى عرب فقط، والذين يشكلون نسبة 85 % من السكان، ادى بالضرورة الى تقليص نسبة الشعب العربي في العراق، فبعد ان كانت نسبة العرب من السكان هي 85 % قدر الاحتلال وايران ان العرب يشكلون نسبة 20 %! فاين ذابت نسبة 65 %؟ انها ذهبت بين :
أ – ادخال اكثر من اربعة ملايين ايراني وكردي من ايران وتركيا الى العراق، بعد الغزو، من قبل ايران والزعامات الكردية بقرار امريكي ومنحهم الجنسية العراقية بقرارات من حكومة الجعفري ثم حكومة المالكي.
ب – التهجير القسري لستة ملايين عراقي عربي من ديارهم نتيجة عمليات التطهير العرقي في الشمال، التي قامت وتقوم بها البيش مركة الكردية، وعصابات ايران في جنوب العراق ووسطه.
هذه الخطوة الخطيرة، التي لم تنجح في القيام بها امريكا وقبلها بريطانيا واسرائيل، قامت بها ايران، فكان طبيعيا ان تطرح مطلب اقامة فدرالية جنوب العراق الشيعي (المختلف والمتناقض مع وسط العراق السني)، وليس العربي الشيعي! وهذا الموقف بحد ذاته، وحتى لو لم تكن لايران اعمال تخريبية اخرى، يضعها في صف واحد مع امريكا واسرائيل، ويميزها عنهما كونها تملك وسائل تأثير لا تملكها امريكا واسرائيل. لولا ايران وامرها لاتباعها، ابتداء بالسيستاني الذي استخدم فتاواه الطائفية لزج مواطنين عراقيين في مواقف تتناقض مع مصالح العراق الوطنية، ولولا الاحزاب الايرانية في العراق مثل حزب الدعوة والمجلس الاعلى، لما تمكنت امريكا من ادخال الجنوب العراقي في قائمة الاقاليم الفدرالية، ان وجود عرب في العراق بنسبة 85 % هو الذي يحمي هويته القومية ويبقيه موحدا قويا، لكن حينما يقسم العرب الى شيعة وسنة، وتصبح الفدرالية الشيعية بلا هوية عربية نتيجة النفوذ الايراني، تنخفض نسبة العرب في العراق ويتعرض لاحتمال تذويب هويته العربية.
نعم ان فشل اسرائيل والغرب في تفتيت الامة العربية دفعه للتعاون مع ايران لانها تملك الادوات المحلية لتنفيذ الفتن الطائفية ولارتكاب الخيانات الوطنية من اجل الطائفة ظاهريا، لذلك فان دورها اخطر بكثير من الدورين الامريكي والاسرائيلي، ومن المستحيل تصور تحرر العراق والامة العربية من الاستعمار الغربي والصهيونية والضعف من دون طرد ايران وتصفية نفوذها، خصوصا في العراق، وتنظيف الوطن العربي من النفوذ الايراني كعدو شديد الخطورة وشديد الدهاء والخبرة.
لو ان الكونغرس الامريكي يعرف ان الجنوب لن يكون ضمن ما يسمى (النظام الفدرالي) لما اقدم على خطوة تبني قرار تقسيم العراق، لان الانفصال الكردي محكوم عليه بالموت بدون عنف لاسباب معروفة، لذلك فان الخطوة الايرانية بدعم فدرالية في الجنوب كانت عبارة عن تدعيم لانفصال الشمال واعطاءه الامل بالنجاح من خلال فصل الجنوب ايضا، في اطار مساومة كبيرة تمنح ايران بموجبها كركوك للانفصال الكردي مقابل الاعتراف الكردي بان جنوب العراق لايران. وهنا يبرز الخطر الحقيقي للدور الايراني في تقسيم العراق والذي يعد حاسما ولا غنى عنه بالنسبة لامريكا واسرائيل.
الدلالة الرابعة : هي ان الادارة الامريكية، وبعد ان رأت نتيجة اعلان ما يسمى ب(الدولة الاسلامية) في وسط العراق وما ترتب على ذلك من قتال بين فصائل في المقاومة العراقية كان اول مظاهر الخلل في صفوفها، قد اقنعت الكونغرس بانها تحقق تقدما واشارت الى ما حدث في الانبار من تحشيد عشائر او بعض العشائر ضد القاعدة، وهو تحشيد اضر بالمقاومة كلها لان امريكا تحت ستار ضرب القاعدة تضرب كافة المقاتلتين من اجل الحرية في العراق. ليس بالامكان تجاهل حقيقة مرة وهي ان اعلان دولة اسلامية، وكما نبهنا مرارا، كان عبارة عن خطوة في اتجاه تنفيذ المخطط الامريكي الاسرائيلي والايراني وهو تقسيم العراق، فما ان اعلنت تلك الدولة واعتمدت اسلوب وضع الجميع بين مبايعتها والاعتراف بها وباميرها، كقائد للعراق، او مواجهة تهم التكفير وهي تهمة عقابها الموت، حتى فتحت اخطر ثغرة في صفوف المقاومة العراقية استغلتها امريكا فورا لزرع الفتن بين صفوف المقاومة والتخلص من المأزق القاتل الذي كانت تواجهه وهو انه تقاتل مقاومة موحد ة ولا مجال لاختراقها!
ان التاريخ سيسجل بان اول مظاهر الضعف التي ظهرت في صفوف المقاومة، واستغلتها الادارة الامريكية لاقناع الكونغرس بموقفها في العراق كانت نتيجة حماقة موقف التكفيريين السنة في المقاومة العراقية، والذين وقعوا في فخ الطائفية، كما وقع قبلهم الحكيم والمالكي والجعفري وغيرهم. كانت المقاومة تقاتل بنجاح تام دون مشاكل الانشقاقات وكانت الخلافات العقائدية بين المقاتلين لا تؤثر في جهادهم وقتالهم، وكانت وحدات قتالية مشتركة من الاسلامويين والبعثيين تقوم باعمال جهادية دون حساسيات، لكن اعلان الدولة الاسلامية وتعمد القيام باعمال اجرامية لتصفية الفصائل القومية والوطنية فجر الموقف واحدث شرخا مهما في صفوف المقاومة استغلته ادارة بوش فورا وادخلته ضمن انتصاراتها ووعدها بان النصر الحاسم عل المقاومة ممكن وغير مستبعد.
الدلالة الخامسة : هي ان قيادة التمرد الكردي في العراق قد قدمت الدليل، الاكثر حسما وثباتا على انها معادية للعراق كقطر ووطن ولشعبه، وانها كانت ومازالت تعمل لتدميره والغاءه من الخارطة، وما البيان الذي صدر عن ما يسمى ب(اقليم كردستان العراق) وايد قرار الكونغرس تقسيم العراق الا الدليل الحاسم الذي يؤكد ذلك. ان سذاجة وحماقة الزعامة المتمردة وصلا حد انها تخلت عن كل الحذر والتحفظ الذي ميز سلوكها في خلال العقود الستة الماضية وجعلها تتصرف وكأنها جزء من وطن اسمه العراق، وتبنت لتاكيد ذلك شعارا كان مقبولا من كثير من العراقيين وهو (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان العراق).
اما الان فان زعامة التمرد تعمل مباشرة وصراحة على تقسيم العراق، بكافة الطرق، في اتفاق تام وصريح مع اعداء العراق التقليديين مثل امريكا واسرائيل وايران. ولو انها كانت تملك الحد الادنى من الحكمة لما ايدت قرار تقسيم العراق، حتى لو كانت تريده، حرصا على عدم قطع كافة الروابط مع العراقيين، والتي قطعت الان بعد تأييد قرار الكونغرس، وهو موقف خطير جدا للزعامة الكردية المتمردة ستكون له اثار مدمرة مستقبلا على القضية الكردية في العراق والمنطقة، بعد ان كشفت الاوراق التي كانت مخفية لعقود طويلة للتمرد الكردي وبرز موقف اقليمي شامل رافض للنزعة الانفاصالية.
ربما اعمت بصيرة الزعامة الكردية وعود اسرائيل وامريكا بحماية تمردهم وانفصالهم فاطاح ذلك ببقايا العقل والتعقل لديهم، ولكن هذا الموقف في كل الاحوال حسم الامور واكد صواب اتهام التمرد الكردي بانه اداة اسرائيلية وامريكية وايرانية ضد وحدة العراق وعروبته. الدلالة السادسة : هي ان قرار الكونغرس الذي استند على فكرة اقامة نظام فدرالي في العراق، على اسس عرقية وطائفية ما هو الا تمهيد وخطوة اولى لتطبيق نظام كونفدرالي في العراق. وهذا ما حذرنا منه منذ تبني الدستور الصهيوني الامريكي في العراق، مضامين تؤكد انه نظام كونفدرالي. ان الفرق بين الفدرالية والكونفدرالية هو ان الفدرالية نظام لدولة واحدة وتحت سيادة واحد وعلم واحد لكنها تعطي صلاحيات واسعة لمحافظات (وليس لاعراق او ديانات) في اطار الوحدة الدستورية، اما الكونفدرالية فيه اتحاد دول مستقلة تقريبا، وفيها سيادات مختلفة تتجلى في التمثيل الدبلوماسي المتعدد، والقوات المسلحة المتعددة والاقتصاد المختلف والمستقل الخ. وعراق ما بعد الاحتلال وبنظرة سريعة لكيفية تصرف التمرد الكردي هو عراق يراد له ان يكون كونفدراليا وليس فدراليا. فما يسمى حكومة ب (كردستان) تخلت عن علم العراق وعن اللغة الرسمية وهي العربية وعقدت اتفاقيات نفطية مباشرة مع دول اخرى وتريد تمثيلا دبلوماسييا مستقلا لها، وتخطط اقتصادها بشكل مستقل واعتبرت البيش مركة قوات مسلحة لها خاصة، وتهدد بالانفصال عن العراق رسميا، بعد انفصالها الفعلي، اذا وقعت حرب اهلية او تعذر تحقيق مصالحة وطنية وكأن الوطن هو فندق يمكن مغادرته اذا واجه مشاكل.. الخ.
ان هذا الاتجاهات للزعامة الكردية، ويقابلها في الجنوب الاصرار، بدفع ايراني واضح، على تقاسم الثروة واعتبارها ملكا للاقليم الذي توجد فيه الثروة وليس لكل الوطن العراقي كما كان الحال قبل الغزو، والتخلي عن التسمية الحقيقية لسكان الجنوب، وهي انهم عرب الجنوب، واطلاق تسمية طائفية بديلة وهي (شيعة الجنوب)، مؤشرات لا تخطأ ابدا على ان ما تريده امريكا وايران واسرائيل هو نظام كونفدرالي في العراق يكون مقدمة طبيعية لاعلان انتهاء الكونفدرالية وتحقيق الاستقلال التام للدول الثلاث التي كانت تشكل العراق التاريخي!
مقدمات لابد من التذكير بها
هذه الخطة ليست جديدة بل هي قديمة ولن نعود لكامل التاريخ للتذكير بها بل سنكتفي بالتذكير بما حصل منذ عام 1988 بعد الانتصار العراقي العظيم على ايران، حيث اخذت امريكا تطرح افكارا خطيرة حول العراق. فما هي اهم هذه الافكار؟
1 – ان وجود عراق قوي تغلب على ايران واصبح القوة الاقليمية العظمى الوحيدة في الخليج والجزيرة هو تهديد لامن واستقرار (الشرق الاوسط).
2 – ان وجود مليون جندي في الجيش العراقي، مع خبرات قتالية ممتازة، يشجع النظام العراقي على التفكير بغزو جيرانه في الخليج العربي والجزيرة العربية. وطرح هذا الامر في صيغة تساؤل خبيث وهو : ماذا سيفعل العراق بهذا الجيش الكبير والخطير والمجرب؟
3 – ان الازمة المالية التي يواجهها العراق نتيجة استنزاف الحرب مع ايران لموارده ستدفعه لغزو الدول الغنية المجاورة له والضعيفة عسكريا.
4 – ان وجود عراق قوي جدا يهدد التوازن الستراتيجي القائم (انذاك)، وهو توازن اقيم على قاعدة ان اسرائيل يجب ان تكون القوة العسكرية الاقوى من كل العرب مجتمعين، لتفرض عليهم وجودها وهيمنتها، ولذلك فان العراق القوي الذي هزم ايران حطم هذا التوازن الستراتيجي واصبح بمفرده قوة توازي قوة اسرائيل وربما تتغلب عليها في حرب طويلة الامد، وهذا تطور خطير يضر بمصالح اسرائيل الجوهرية والغرب.
5- ان العراق القوي والمنتصر على ايران سيقوم باستثمار رصيده الايجابي بين العرب لتحشيدهم مجددا ضد اسرائيل في مسعى ينسجم مع شعارات البعث القومية الداعية الى التخلص من اسرائيل.
بتثبيت هذه الملاحظات، من قبل امريكا والغرب واسرائيل، ونشرها في الغرب، اولا، ثم في صحف عربية في مقدمتها صحف كويتية كما سنرى، ثانيا، كان مطلوبا صياغة رد غربي اسرائيلي على هذا (التحدي العراقي الخطير)، فطرحت افكار بعضها رسمي، عبر مسئولين، وبعضعا عن طريق خبراء او صحفيين، وحينما سنذكر تلك الاراء ستلاحظون فورا ان ما يطبق الان في العراق هو تنفيذ حرفي لتلك الافكار، مما يدل على كل ما جرى ويجري في العراق المحتل كان معدا بدقة سلفا. ماذا طرح من اقتراحات؟
يجب ان نتخلص من العراق القوي باي طريقة واسلوب. ان تحويل العراق من قطر مركزي السلطة الى بلد غير مركزي هو امر حيوي.يجب التخلص من الجيش القوي والكبير للعراق وتحويله الى قوى امن داخلي. يجب ضمان ان لا يتدخل العراق بشئون العرب الاخرين باسم القومية العربية.
5 - يجب اقامة نظام ديمقراطي تتوزع فيه السلطان بحيث لا يكون هناك مركز قوي يحول العراق الى قوة اقليمية تهدد الامن الاقليمي. وهذا المطلب يعني انه يجب تقزيم العراق وجعله عاجزا عن لعب أي دور اقليمي فاعل.
ان نظرة لما حصل منذ الغزو تؤكد، بما لايقبل الشك، بان كل ما يطبق انما هو تنفيذ لقرارات سابقة متخذة منذ عام 1988 بشكل خاص. وهنا لابد من الاشارة الى ان الكويت قد لعبت دورا خطيرا في الاعداد لهذه الخطة، وانا اذكر بدقة ان حكومة الكويت كانت اخر من هنأ العراق بانتصاره على ايران، مع انها كانت اول مستفيد من سفح انهار من الدم العراقي لحماية عروبة الخليج العربي كله! فلقد كانت الصحف الكويتية اول من اثار الشكوك بنوايا العراق في الايام الاولى بعد الانتصار على ايران، حينما نشرت صحافته، وبتكرار ملفت النظر، الافكار التي أوردناها حول العراق المنتصر ومخاطره واتجاهاته. وحينما جاء وفد امير الكويت للتهنئة الى العراق، وكان معه وفد من رؤساء تحرير الصحف الكويتية، اقمت دعوة عشاء على شرفهم، بصفتي مديرا عاما للاعلام وقتها، واثناء العشاء استفسرت من أعضاء الوفد عن الغرض من اثارة الشكوك حول نوايا العراق تجاه دول الخليج العربي مع انه خرج لتوه من حرب ضروس دامت ثمانية اعوام دافع خلالها عن الخليج العربي كله، وفي مقدمة من استفاد الكويت، فكان الرد متلعثما ويقوم على فكرة ان الصحافة في الكويت تنشر وتنقل عن مصادر غربية وهو امر لايعني انها تقبل ما نشر في الغرب، وكان الرد هو ان النقل عن مصادر اخرى فيه دلالات لا تخطأ عن وجود تحبيذ لما نشر، والاهم هو اننا انتبهنا الى وجود رائحة غير مستحبة من وراء هذا النشر.
ان التذكير بهذه الحقائق يساعدنا جميعا على معرفة الابعاد والخلفيات الحقيقية لقرار الكونغرس الامريكي بتقسيم العراق.
صلة الشرق الاوسط الجديد
وثمة ملاحظة مهمة جدا في هذا السياق، وهي صلة قرار الكونغرس بما اطلقت عليه كونداليزا رايس تسمية مهمة جدا وهي (الشرق الاوسط الجديد). وهنا يجب الانتباه لمسألة ربما تغيب عن بال البعض، رغم اهميتها القصوى، وهي الفرق بين مفهوم (الشرق الاوسط الجديد) ومفهوم (النظام الشرق اوسطي الجديد)، ان الخلط بين هذين الامرين يعرقل الفهم الدقيق لما يجري. ان مفهوم الشرق الاوسط الجديد يقوم على تحقيق هدف تفكيك الاقطار العربية الى كيانات مجهرية قزمة على اسس عرقية او طائفية او مصلحية اقليمية او محلية او طبقا لخطوط توزع الثروة، والغاء الكيانات الوطنية القطرية العربية الحالية، ثم البدء باعادة تركيب المنطقة على اسس لاصلة لها بالانتماء القومي للعرب بل قاعدتها المصالح الفئوية الضيقة، فتكون النتيجة هي كيانات متعددة ومتناقضة وهشة لا رابط بينها سوى المايسترو (أي الموجه) الامريكي، الذي يوحد بينها وفقا لمصالحه هو وليس مصالح الكيانات القزمة، لاجل تحويل المنطقة كلها الى مقر انطلاق الامبراطورية الامريكية.
ان عملية التفكيك، او التقسيم المنظم للاقطار العربية، هي المقدمة الضرورية لبروز وبناء شرق اوسط جديد مختلف كليا عما عهدناه وعشنا فيه، تكون فيه اسرائيل اكبر سكانيا من اغلب الكيانات العربية (ولا نقول الاقطار لانها ستكون قد قسمت)، وتنعدم فيه المصلحة المشتركة بين كياناته التي تنتمي لاصول عربية، في حين ان الكيانات غير العربية كاسرائيل وايران وتركيا ستكون موحدة وقوية وكبيرة! وهذا المطلب مهم جدا بالنسبة لامريكا لعدة اسباب منها :
1 – ان مصادر الطاقة الاهم والاكبر ستكون بيد امريكا بلا أي مشاكل، بعد تحويل اقليم النفط العربي من حالة الدول الى حالة الشركة الاستثمارية الكبرى وترحيل انظمة الحكم في الخليج والجزيرة العربية، بعد تقسيم السعودية الى عدة دول، الى الخارج، وابقاء مكاتب رمزية للدول وملوكها وامرائها. ان هذا التحويل الستراتيجي لطبيعة المنطقة من منطقة دول الى منطقة استثمار متخصصة، تفرضه صراعات اقامة نظام عالمي جديد بزعامة امريكا المنفردة للعالم.
2 – ان تغييب الامة العربية وتذويب هويتها القومية هو القاعدة الارتكازية لنجاح امريكا في المنطقة كلها، مادام النفط عربيا بالدرجة الاولى ومادامت اسرائيل هي توأم النفط في المصالح الغربية الاستعمارية، والتي يقوم مشروعها الصهيوني على الارض العربية وليس على الارض الايرانية. ومن المهم جدا الانتباه الى ان النفط الايراني يقترب من النضوب وهي حقيقة لا تغري بمعاداتها، كما ان موقفها الحقيقي من اسرائيل، ستراتيجيا وليس تكتيكيا، لا يوجد تناقضا معها. وهذه الحقيقة تنطبق على تركيا ايضا، لذلك فان وجودهما الاقليمي كقوتين أساسيتين مهم جدا وايجابي من وجهة نظر الولايات المتحدة واسرائيل، وكل احداث المنطقة منذ الحرب العراقية الايرانية تثبت ذلك، وهذا ينطبق عل المرحلة التاريخية الحالية والتي قد تتغير معطياتها لاحقا.
3 – ان وجود عرب، متناثرين في دول قزمة وشكلية، في منطقة توجد فيها ثلاثة دول كبرى وهي اسرائيل وايران وتركيا سيسمح بضمان تغييب العرب لعقود، ولربما لقرون من الزمن، ويساعد على قيام اسرائيل بتثبيت وجودها وزعامتها الاقليمية بالتعاون مع تركيا وايران، وهذا الوضع هو الوضع الانموذجي، بالنسبة للاستعمار الامريكي. بعد تفكيك الاقطار العربية، واكمال ترتيب اوضاعها كنثار مجهري هامشي الدور سياسيا، يأتي دور التركيب، والتركيب في هذه الحالة ليس في اطار عربي بل في اطار اقليمي اجنبي الملامح والهوية، هو ما يسمى (النظام الشرق اوسطي الجديد)، والذي يجب ان يضم كيانات النثار العربي المهمش وتركيا واسرائيل وايران. لذلك فان الشرق الاوسط الجديد يقصد به تحويل الاقطار العربية الى كيانات هامشية بعد تقسيم الاقطار العربية واعاد رسم حدود الدول وتحديد جديد لدور الدول القزمة العربية الانتماء، اما النظام الشرق اوسطي الجديد فهو الاطار المنظم لتلك الكيانات والدول بعد اعادة تركيبها.
في ضوء هذه المقدمة التوضحيحة فان تقسيم العراق يقع في قلب عملية التفكيك المنظم للاقطار العربية، بصفته القوة العربية المركزية الاقوى، ومن ثم فان التخلص منها هو المهمة الاساسية الممهدة لقيام شرق اوسط جديد. ان قرار الكونغرس الامريكي اتخذ في سياق الاعداد الجدي للشرق الاوسط الجديد وما سيعقبه من انشاء نظام شرق اوسطي جديد يحل محل الدول الحالية ومحل التنظيمات الاقليمية الحالية كالجامعة العربية.
ما المطلوب وطنيا وقوميا واسلاميا؟
ان تسجيل الملاحظات الجوهرية السابقة ما هو الا مقدمة لتسليط الضوء على خارطة طريق الفهم الدقيق والشامل والصحيح لما يجري تسمح لنا في السير بامان، ونحن نناضل من اجل تحرير العراق من الاستعمارين الامريكي والايراني.
ان خطورة الوضع الحالي وصلت حد التهديد بعرقلة الثورة المسلحة، نتيجة الثغرة التي اوجدها اعلان القاعدة ما تسميه ب(الدولة الاسلامية)، وهي خطوة متممة لخطوات عملاء ايران في الجنوب وعملاء امريكا واسرائيل في الشمال دون ادنى شك، وما ترتب على ذلك من محاولات الحصول على مبايعة اميرها بالقوة والتكفير، فادى ذلك الى حصول اول قتال داخلي بين فصائل المقاومة. كما انه ادى الى عثور الاحتلال على بعض الشيوخ الذين استغلوا انحرافات القاعدة وتجاوزاتها الكبيرة على شعب العراق ومصالحه، كتحليل قتل الشيعة وقتل من لا يبايع من السنة والمجاهدين ومهاجمة المدنيين عشوائيا والاعدامات لمن يعدونه مخالفا للشرع استنادا الى فتاوى ساذجة وخاطئة، نقول استغل هذا البعض من الشيوخ ذلك للتعاون مع الاحتلال ليس ضد القاعدة فقط بل ضد كل الفصائل المقاتلة. لقد نجحت امريكا في العثور على ما كانت تبحث عنه منذ سنوات، وهو الاعمال الشنيعة للقاعدة فاستغلته، بسرعة والى اقصى الحدود. من هنا علينا ان نتوقف عن الدفاع عن المسئول عن الانشقاق مهما كان دوره السابق والى أي تنظيم انتمى، فلقد تجاوز كل الخطوط الحمر واشعل نارا اصر على استمرار اشتعالها فاجبر الجميع على الابتعاد عنه.
ربما يقول البعض لكن القاعدة تقاتل الاحتلال! وهذا الاعتراض بقدر ما هو ملتبس فانه خطير لانه يشير الى وجود حالة عدم فهم صحيح لطبيعة الصراعات، فلئن كانت القاعدة قد قاتلت الامريكيين في البداية، وهو امر دعمه كل عراقي يناضل من اجل التحرير كما هو معروف لانه يصب ي مجرى واحد مع نضالنا المسلح والسلمي جميعا، فان القاعدة اقدمت على خطوات اكثر من خطيرة ومشبوهة، ومنها تكفير فصائل مجاهدة كبيرة شملت البعثيين والجيش الاسلامي وجيش المجاهدين وغيرها، ولم تكتفي بذلك بل اشترطت مبايعة هذه القوى لما اسمته ب(امير القاعدة) النكرة (مرة اخرى بمعنى المجهول)! وخطت خطوة هي الاخطر في كل سلوكها حينما أباحت الدم الشيعي العربي العراقي في قرار لا يمكن تفسيره الا على انه اكمال للدور الايراني والامريكي في اشعال حرب طائفية في العراق، واخيرا وليس اخرا ارادت القاعدة ان تفرض على الشعب العراقي بقوة السلاح نمطا من الحياة هو الاشد ظلامية ورجعية وتخلفا، وبسبب تعريض الشعب لهذا النهج الظلامي المدمر للعراق فقد رفضه العراقيون فردت القاعدة باباحة الدماء على نحو مدهش ولم يسبق له مثيل! وهكذا فتحت القاعدة جبهات حرب ليس ضد الاحتلال وانما ضد الشعب العراقي ووحدته الوطنية وضد خيرة مناضليه ومجاهديه الذين يقاتلون الاحتلال.
ولذلك حينما اراد الاحتلال تحجيم القاعدة وجد من يقف الى جانبه من شيوخ وكتل معينة اغلبها تعرض لاعتداءات من القاعدة في حين ان بعضها من العملاء القدماء للاحتلال، والذين اعدوا منذ زمن طويل للتعاون لكنهم كانوا عاجزين عن تحقيق أي تقدم نتيجة عزلتهم عن الشعب، فجاءت اعمال القاعدة لتقدم لهم العون والمبرر للتحرك الان. اذن الموقف من القاعدة فرضته هي ولم تختاره المقاومة وانصارها، وما يجري الان نتاج العمل التخريبي الاكثر خطورة منذ الغزو وهو محاولة تفتيت المقاومة العراقية، مع انها الامل الوحيد لانقاذ من الاحتلال. لذلك فمن الضروري ان نذكّر ببديهية، لا ندري لم نساها البعض، وهي ان المهم ليس ان تبدأ بعبور النهر الى شاطئ السلامة وانما ان تكمل العبور وتضمن سلامة من تنقذهم في الزورق، اما اذا ثقبت الزورق وهو في منتصف النهر فانك تقوم بعمل اكثر خطورة من عمل من هرب الناس منهم في الزورق! القاعدة وقفت في منتصف الطريق وثقبت زورق النجاة الوحيد الذي يستخدمه شعب العراق للتخلص من الاحتلال وما اقترن به من مخاطر وتهديدات كبيرة، لذلك فرضت على الجميع تأمل مغزى ونتائج ودلالات هذا العمل وأجبرتهم على تخصيص جهد ووقت كبيرين لاصلاح الثقب مع ان المطلوب كان تكريس كل الجهود لدحر الاحتلال. ان العبرة ليست في محاولة عبور النهر وانما في اكمال العبور الى بر الامان وتجنب ثقب الزورق وهو في منتصف النهر، تلك هي القاعدة الذهبية للفهم السليم.
اننا الان امام خيارين لا ثالث لهما : فاما ان تستمر القاعدة في نهجها التكفيري للعراقيين وهو نهج قد يؤدي الى اشعال فتنة طائفية لم تنجح حتى الان، لوجود رابط وطني قوي بين كل العراقيين اشد متانة من طائفية القاعدة وعملاء ايران، وهو وضع سيجبر القوى الوطنية وفصائل المقاومة على التصدي للقاعدة بالسلاح وبغيره لتحييد خطرها على الوحدة الوطنية العراقية وانقاذ الثورة المسلحة من احتمال الفشل، واما ان تتراجع القاعد عن نهجها وتحترم كل مكونات العراق وتعمل ضد الاحتلال وعملاءه فقط وان تتجنب قتل أي عراقي على اساس طائفته وليس على اساس خياره السياسي وان تندمج، وتنضبط في ان واحد، في جبهة موحدة مع كافة المقاتلين ضد الاحتلال وعملاءه فقط.
اننا نركز على هذا الموضوع لانه هو بداية المشكلة التي نواجهها الان واصلها، وهي مشكلة عدم وجود اطار توحيدي شامل لفصائل المقاومة سواء تنظيميا او فكريا، مما ادى الى بروز نزعتي الانشقاق والاقصاء، وهما العامل الذي سارع الاحتلال لاستغلاله بنجاح نسبي. وما لم تحل مشكلة نهج القاعدة التكفيري والاقصائي تجاه الجميع فان الثورة المسلحة ستواجه مشاكل اكثر تعقيدا في الشهور القادمة. لا يجوز على الاطلاق ان نتساهل بعد الان في التعامل مع من يخرب الوحدة الوطنية ووحدة المقاومة لان ذلك هو سرطان الثورات الوطنية.
هناك من جمد وعيه في نطاق المرحلة الاولى من عبور النهر، والتي كان للتكفيريين دور مهم فيها، لذلك فانه يقع ضحية بين ذكرى طيبة عنهم نتيجة اعمالهم الجهادية المتميزة، وواقع مر نعيشه الان خلقوه بافعالهم الخطيرة، وهذا الالتباس في الوعي خطير لانه يحول دون فهم آليات التخريب التي تجري لشق المقاومة واشعال فتنة طائفية بيدين يد ايران ويد التكفيريين السنة. ومما يزيد عوامل التردد تجاه التكفيريين وجود الاحتلال الاستعماري الذي يركز حملاته الاعلامية عليهم متعمدا تقديم انطباع مضلل، وهو انهم القوة الحاسمة في العراق المحتل، مع انهم قوة ثانوية من حيث الحجم والواقع القتالي! وهكذا يربط البعض عن خطأ بين استمرار الثورة واستمرار السكوت على اعمال التكفيريين، رغم انها اعمال اخذت تشق صفوف الثوار وشرع الاحتلال يدخل منها الى بيت المقاومة! وفي هذا الصدد ينبغي التذكير بحقائق اساسية يجب ان تبقى امام نواظرنا دائما :
1 – في كل الثورات التحررية تقريبا تظهر تنظيمات وتيارات تنشق عن المجرى العام للثورة وتسبب لها مشاكل كبيرة وكثيرة، خصوصا في مراحل حسم الصراع مع الاحتلال، نتيجة بروز موضوع من يحكم بعد التحرير. لذلك تقف الثورة امام مهمة جوهرية، وان كانت طارئة، وهي انهاء الانشقاق داخل صفوفها بطرد المنشقين او المتمردين او الذين يسببون المشاكل، من اجل ان تبقى الثورة موحدة وقوية ومتماسكة وهي تواجه المرحلة الاخيرة من حرب التحرير. وغالبا ما تم انهاء الانشقاقات بالقوة بعد فشل محاولات الاقناع بالحوار والمنطق، وهذا ليس عيبا ولا خطئا بل هو افراز طبيعي من افرازات الصراع. ونحن في العراق نواجه مشكلة تمرد القاعدة على عموم المقاومة المسلحة منذ تفجير اخطر لغم واجه الثورة وهو اعلان ما يسمى ب(الدولة الاسلامية) بشكل خاص، واصرارها على نهجها الانشقاقي والاقصائي والتكفيري الخطير جدا.
2 – يثبت التاريخ والواقع بان الاحتلال ينشأ تنظيمات تعمل داخل صفوف الثورات التحررية، باسم الثورة ودفاعا عنها، وتقاتل الاحتلال فعلا لاكتساب شعبية وصدقية، ولا تكتفي باصدار بيانات مجردة من العمل المسلح. ووظيفة هذه التنظيمات هي ان تتحرك في مراحل الحسم لاجهاض الثورة، عبر شقها او محاولة الاستيلاء على قيادتها. وهذا العمل في جوهره عمل استخباري معروف لمن تابع ثورات التحرر الوطني. لذلك يجب ان لا نتردد على الاطلاق في التشكيك بوطنية ونظافة كل من يخلق الازمات للثورة المسلحة في مرحلة الحسم ويصر على تخريب وحدة المقاومين مهما كانت ذرائعه وتبريراته وخلفياته القتالية.
وهنا يجب ان نذكّر بانه لولا احداث ايلول – سبتمبر عام 2001 لما وجدت الادارة الامريكية مسوغا لغزو العراق، وهذا العامل وحده يشكل احد اهم عناصر الشك في ان اجهزة مهمة في امريكا هي التي كانت وراء هجمات ايلول – سبتمبر، وربما انها هي التي جرّت القاعد للقيام بها وورطت الامة العربية كلها بكارثة غزو العراق والاعداد لغزو سوريا والسودان ونشر الفوضى والشرذمة في وطننا الكبير من المحيط الى الخليج العربي، اذا كانت القاعدة هي من قام بها فعلا، لاجل اقناع الراي العام الامريكي واعالمي بضرورة شن حملة عالمية شاملة تحت غطاء محاربة (ارهاب القاعدة)، ولكن في الحقيقة الهدف هو استعمار العالم من قبل امريكا. هذه الحقيقة يجب ان تجعلنا نتذكر دائما ان العدو ليس غبيا بل هو ذكي في تخطيطه، ولهذا فان وجود خطط تمزيق صفوفنا من داخلها امر متوقع واذا لم نتوقعه فسوف نكون مغفلين جدا ونقدم على ارتكاب فعل الانتحار. وهنا يجب ان نسأل : هل كانت القاعدة في العراق تجهل قبل ان تقدم على اباحة الدم الشيعي، وهي فتوى تعني تبرير ابادة نصف الشعب العراقي، بان تلك وصفة لحرب طائفية اهلية في العراق؟ نعم كانت تدرك ذلك لانه من المستحيل عدم مقاومة من يتعرض للابادة والقتل من اجل الحياة، وهذا يعني بوضوح تام ان ما سيجري هو حرب ضروس لن تنتهي ابدا الا بتقسيم العراق بين سنة وشيعة وعرب واكراد وهذا هو بالضبط ماتريده امريكا!
يقول السذج والخدج من (منظري) القاعدة في العراق بانهم سوف يجبرون الشيعة على تغيير مذهبهم بالقوة! فهل هذا منطق من له حد ادنى من المنطق؟ ان من يقول هذا الكلام يقينا ليس سوى عميل رسمي ومنضبط للاحتلال الامريكي، وهو باسم عذابات سنة قتلوا على يد فرق الموت الايرانية والامريكية يريد ان يسوّق اكبر جرائم الاحتلال وهي القتل والابادة لحوالي 14 مليون شيعي عراقي عربي، هم اهل العراق الاصلاء، على اسس طائفية. الا يشبه هذا العمل هجمات ايلول – سبتمبر عام 2001 من حيث النتائج المطلوب الوصول اليها؟ نعم ان من يثير الفتنة الطائفية في العراق لا يختلف على الاطلاق عن أولئك الذين قدموا المسوغ لغزو العراق بمهاجمة الثور الامريكي في عقر داره مع انه كان يحتاج، حتى الموت، لاي استفزاز لتنفيذ خطة موضوعة ومؤجلة التنفيذ منذ عهد كلنتون وهي (خطة مشروع القرن الامريكي) لغزو العالم كله انطلاقا من غزو اقليم النفط كله. يجب ان نضع نهج القاعدة في هذا الاطار اذا اردنا ان نسير وفقا لرؤية سليمة وصحيحة ستراتيجيا. ان ايلول – سبتمبر العراقي يتجسد بوضوح تام في محاولة ثقب زورق المقاومة بعد ان وصل منتصف نهر التحرير، وهذا بحد ذاته مؤشر حاسم يضيء لنا طريق الخروج من المأزق. ان ايلول العراقي هذا استغل لانشاء مجالس الصحوات والصبوات ولبروز ابو ريشة وكل الاخرين من متعاطي الحشيشة!
3 – ان اهم خطوة في مرحلة الحسم هي تحديد المهمة الرئيسية للثورة والعمل وفقا لها بلا تردد. وفي حالة العراق المناضل ضد الاحتلال فان المهمة الرئيسية الان هي تحشيد كافة القوى العراقية الرافضة للاحتلال من اجل التعجيل بطرد الاحتلال. ان قدرة العدو على تحقيق نصر مهما كانت طبيعته مرتبط ومشروط بقدرته عل ايجاد ثغرة في صفوفنا ولذلك فان معيار الوطنية الاساس الان هو الالتزام بالوحدة الوطنية والعمل من اجل منع أي انشقاق في الصف المقاوم. وتلك المهمة تقتضي التصفية السريعة والفورية، وبجهد المقاومة الخاص، لعناصر الانشقاق والتخريب للصف المقاوم مع الانتباه الكامل لضرورة ان تكون تلك مهمة آنية ومؤقتة تنتهي بمجرد تحييد المنشقين وعودة العمل الرئيسي بعدها ليكون مواصلة عملية التحرير.
ان كلمة السر الوحيدة التي تصلح لاسقاط قرار الكونغرس الامريكي بتقسيم العراق ومنع إدارة بوش، او تلك التي ستعقبها، من تنفيذه، وتفتح بوابات التحرير بلا مشاكل هي وحدة المقاومة العراقية المسلحة، فما لم تقام جبهة العسكر المقاومين للاحتلال لن تنتصر الثورة وسوف ينجح خلد القاعدة في العراق في ايصال الاحتلال الامريكي – الايراني – الصهيوني الى بر الامان، وهو تشتيت المقاومة مع انها الامل الوحيد في التحرير. بوحدة المقاومة المسلحة، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي، وبدعم القوى الوطنية للمقاومة، يمكن احتواء خطر الانشقاقات وضمان مواصلة مسيرة التحرير الظافرة. من هنا فان تأسيس (القيادة العليا للجهاد والتحرير)، والتي ضمت 22 فصيلا مقاتلا تمثل كافة مكونات شعب العراق، هو في وقت واحد : رد مباشر على قرار الكونغرس تقسيم العراق وعلى محاولات شرذمة المقاومة المسلحة. وهنا يجب لفت النظر الى ان على كل من يريد بصدق تحرير العراق ان يعمل على ان تكون هذه الخطوة المباركة عامل تشجيع على توحيد كافة الجبهات المقاتلة، وتجاوز عقدة التحزب وانشاء القيادة الموحدة لكافة المقاتلين وان يكون هدفهم الاوحد ثنائي الطبيعة وهو القضاء على الاحتلال وعملاء الاحتلال فقط. اما العوامل الاخرى للانتصار على مخطط التقسيم الامريكي – الإيراني فهي تابعة وملحقة ومساعدة للشرط الاهم والاعظم وهو قيام جبهة العسكر المقاتلين وهم بالمناسبة، وبعكس ما قد يظن البعض من انهم مجرد عسكر منفذين، العقل المدبر الاعظم للانتصارات منذ انطلقت المقاومة المسلحة في يومي 10 – 11 نيسان – ابريل عام 2003. عاشت الثورة العراقية المسلحة.نصر او النصر ولا شيء غير النصر.تكن البندقية هي اللغة الاساسية التي تفتح مغاليق طريق التحرير. تحية عطرة للرفاق العسكر المناضلين من قادة وكوادر جيشنا الوطني الباسل.Salah_almukhtar@gawab.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
تداعيات تقسيم العراق ستطول الجميع على جامعة الدول العربية أن تتحرك قبل فوات الأوان
علي راضي
الوطن البحرين
لا‮ ‬يمكن بأي‮ ‬حال من الأحوال أن تكون هناك نتائج إيجابية لتقسيم العراق والتي‮ ‬كانت نوايا وإرهاصات وأضحت أفعال وسياسات مع تبني‮ ‬الكونجرس الأمريكي‮ ‬لهذا المبدأ،‮ ‬ولأن الجميع سيكتوي‮ ‬بنيرانها التي‮ ‬لن تبقي‮ ‬ولا تذر،‮ ‬فإن المطلوب من الجميع أيضاً‮ ‬الوقوف والحيلولة دون تطبيق النوايا والسياسات الأمريكية السيئة حول تقسيم العراق،‮ ‬فتركيا وإيران وسوريا بل وجميع الدول العربية لن تستفيد قيد أنمله من هذا التقسيم،‮ ‬المستفيدون هم الطائفيون المجرمون في‮ ‬العراق،‮ ‬والأمريكيون بالمزيد من السيطرة على منابع النفط،‮ ‬والإسرائيليون بالقضاء على أي‮ ‬قوة قد تكون مصدر تهديد مستقبلي‮ ‬لهم‮. ‬إن خطورة التقسيم على الأمن الإقليمي‮ ‬للمنطقة العربية تنبع من الآتي‮: ‬
‮- ‬ضعف العراق الحالي‮ ‬قد‮ ‬يجعل نواة استقلال الشمال الكردي‮ ‬عن دولة المركز في‮ ‬بغداد مدعاة لأن تشكل بداية الكيان الكردي‮ ‬الأكبر مما‮ ‬يعني‮ ‬اقتطاع جزء كبير من أراضيها لإلحاقها بهذا الكيان الناشئ ونفس المخاوف تجري‮ ‬في‮ ‬كل دولة لها نفس الحساسية مع الأكراد لكن مع كل الافتراضات والاحتمالات‮.‬
‮- ‬إن هذه الدعوة هي‮ ‬هدف معلن لأمريكا وإسرائيل قام على مبدأ أن إسرائيل لا تستطيع العيش بسلام إلا بتمزيق الخارطة العربية‮. ‬فهذا السيناريو ما هو إلا تكريس لخطط المحافظين الجدد التي‮ ‬تشكل الفوضى الخلاقة ركنا أساسياً‮ ‬فيها حيث تهدف تلك الفوضى إلى استبدال الدول القائمة بدويلات أصغر تتسم بأحادية الطابع العرقي،‮ ‬وتحييد هذه الدويلات بجعل كل واحدة منها ضد الأخرى على نحو مستمر،‮ ‬أو بمعنى آخر تدمير الدول القائمة من أجل إنشاء كيانات ضعيفة‮ ‬يسهل توجيهها والتلاعب بثرواتها ومقدراتها‮ . ‬
‮- ‬إن تقسيم العراق قد‮ ‬يشكل بؤراً‮ ‬تدفع بالعراقيين الآخرين إلى هز الكيانات المجاورة نتيجة فوضى التقسيم وذلك إذا ما أصبح العراق نموذجاً‮ ‬لحروب العصابات التي‮ ‬تديرها كل الفئات الفاقدة لكيان الوطن‮.‬
إن التناقض كل التناقض‮ ‬ينبع من أن الجميع‮ ‬،‮ ‬بما فيهم الإدارة الأمريكية ذاتها‮ ‬،‮ ‬يدعون إلى وحدة العراق ويحذرون من تداعيات تقسيمه على دول المنطقة ولكنهم لا‮ ‬يفعلون شيئاً‮ ‬للحيلولة دون ذلك‮ ‬،‮ ‬فعلى سبيل المثال حذر رئيس الوزراء الأردني‮ ‬معروف البخيت في‮ ‬وقت سابق من تقسيم العراق قائلاً‮ '' ‬إن هذا‮ ‬يعني‮ ‬لنا انزلاقاً‮ ‬نحو الهاوية وحرباً‮ ‬أهلية طاحنة،‮ ‬لا سمح الله،‮ ‬سوف تحرق بلهيبها ليس فقط العراقيين والشعب العراقي‮ ‬الذي‮ ‬سيدفع الثمن بدم أبنائه،‮ ‬بل ستكون لها انعكاسات خطيرة على كل دول الجوار‮''.‬
وفي‮ ‬هذا المقام فمن الواجب التذكير بما توصلت إليه لجنة الدراسات العراقية التي‮ ‬سبق وأن شكلها الكونجرس برئاسة وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر والتي‮ ‬عليها أن تلقي‮ ‬بثقلها في‮ ‬اتجاه الحيلولة دون إقرار التقسيم الذي‮ ‬وصفه بيكر بأنه خط أحمر سيؤدي‮ ‬تجاوزه إلى عواقب وخيمة‮. ‬من هنا فإننا ندعو جامعة الدول العربية إلى القيام بدور أكثر فاعلية وتأثيراً‮ ‬من أجل الحفاظ على وحدة العراق شعباً‮ ‬وأرضاً‮ ‬وكياناً‮ ‬بعيداً‮ ‬عن سيناريو التقسيم الذي‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحقق التهدئة لأي‮ ‬من الأطياف العراقية من جانب،‮ ‬إضافة إلى أنه لا‮ ‬يمكن بأي‮ ‬حال من الأحوال أن‮ ‬يخدم قضايا الأمن والاستقرار في‮ ‬منطقة كُتب عليها ألا تشهد استقراراً‮ ‬منذ عشرات السنين‮
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
جيش خفي اسمه "المياه السوداء
محمد الصياد
الخليج الامارات
كشفت حادثة إطلاق النار بصورة عشوائية من جانب إحدى شركات الحماية الأمنية الأمريكية الخاصة المسماة “بلاك ووتر” يوم السادس عشر من سبتمبر/أيلول 2007 في ساحة النسور بغرب بغداد، والذي أودى بحياة أحد عشر من المدنيين العراقيين، عن أحد جوانب التورط الأمريكي في العراق، ولعله أحد أكثرها بشاعة، من حيث تحويل الولايات المتحدة، كقوة احتلال لا تزال تحاول إحكام سيطرتها على العراق ومقدراته الاقتصادية والبشرية باستخدام القوة الباطشة والباغية، العراق إلى إحدى جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية.
يبلغ تعداد القوات التابعة لشركات الأمن الأمريكية الخاصة مائة وثلاثين ألفاً، وهو ما يقترب كثيراً من عدد قوات الاحتلال الأمريكية البالغ مائة وسبعين ألفاً.
وإذا كان من المتعذر معرفة حجم التمويل المخصص للإنفاق على هذا الجيش الظل (Shadow Army) أو الجيش الموازي للجيش الأمريكي، فإن بعض المراقبين الأمريكيين الضالعين في شؤون بلادهم يقدرون أن ما يقرب من 40% من مخصصات موازنة الحرب تذهب للإنفاق على هذا “الجيش الظل”، الذي يشكل قوة إسناد ميدانية رئيسية موازية للقوة الضاربة للجيش الأمريكي. وهو يكلف بعمليات لا تختلف كثيراً عن طبيعة، ولا تكاد تقل عن أهمية العمليات الموكلة للجيش الأمريكي النظامي.
وبالإجمال، فإن بعض التقديرات تشير الى أن اجمالي عدد المتعاقدين أمنياً مع الجيش الأمريكي في العراق يصل إلى حوالي 180 ألف متعاقد. وبحسب الرابطة الدولية لعمليات السلام التي تضم مجموعة من الشركات الخاصة العاملة في مجال الأمن والإمداد والتمويل، فإن هناك ما بين 20 و25 ألف متعاقد أمني في العراق أغلبهم أمريكيون.
وبخلاف العراق، فإن الولايات المتحدة قد نشرت آلاف المجندين الذين تستأجرهم في مناطق مختلفة من العالم. ويقدر عدد الذين سقطوا منهم حتى الآن قتلى في العراق وحده حوالي ألف شخص، أما الجرحى فلا يتم الاعلان عن عددهم، كما أن الكونجرس الأمريكي لم يتمكن من المعرفة الدقيقة لعدد أفراد قوات “جيش الظل”، الذين يشاركون جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية في الميدان.
ومن بين 23 شركة أمنية خاصة تعمل بعقود استخدام محددة المدة مع الجيش الأمريكي، تبرز شركة “بلاك ووتر” الأمريكية (Black Water USA) كأكبر وأهم شركة “خدمات أمنية” متقاولة مع مؤسسة الجيش الامريكي، وقد عرف عنها دعمها اللامحدود للرئيس بوش وعلاقتها الخاصة به وببطانته. وقد تمت الاستعانة “بخدماتها” في ولاية نيو أورليانز التي تعرضت لإعصار كاترينا المدمر قبل حوالي سنتين.
ومقابل الدعم المالي الكبير الذي حظي به الرئيس جورج بوش في حملته لانتخابات الرئاسة الأمريكية من جانب شركة “بلاك ووتر”، فقد كان لا بد وأن تحظى هذه الشركة “برعاية خاصة” عندما قسمت غنائم مناقصات أعمال البناء والتسليح ونشر فيالق قوات الأمن الخاصة لحماية منشآت النفط ومراكز تموضع قوات الاحتلال وطرق إمداداتها ومصالح الشركات الغربية والآسيوية العاملة في ظروف العراق المحتل.
والحال أن مؤسسة البنتاجون، والنظام السياسي الأمريكي بشكل عام، يواجهان مشكلة في تأمين الإمدادات البشرية اللازمة لمقابلة الاحتياجات المتنامية للجيش الأمريكي بعد أن اتسع نطاق التورط الأمني الأمريكي، وتخصيصاً الانتشار العسكري لألوية وفرق كاملة العدة والعتاد في مناطق مختلفة من العالم، ليس العراق وأفغانستان سوى الجبهتين الساطعتين النافرتين.
وأمام محدودية الطاقة الإجمالية البشرية للجيش الأمريكي البالغة حوالي نصف مليون جندي، فإنه يجري تعويض النقص الحاصل نتيجة لغياب التجنيد الإجباري، بالتقاول مع شركات أمريكية متخصصة في توفير جيوش المرتزقة لتقديم خدمات الدعم والإسناد العسكري والأمني في الميدان للجيش الأمريكي.
في هذا السياق، تحدثت أيضاً بعض التقارير الأمريكية عن وجود شكل من أشكال الفساد في وجاهة وجدوى تعاقد وزارة الخارجية الامريكية، باعتبارها الجهة الحكومية الأمريكية المعنية بإبرام هذه العقود مع شركات الأمن الخاصة، انطلاقاً من أن قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) هم من يتولى مهمات حماية البعثات والوفود الدبلوماسية الأمريكية في كافة أنحاء العالم، وبالتالي فإن فتح باب إنفاق جديد في موازنة الوزارة ينطوي على امكانية استغلال لبعض أوجه الإنفاق في البند المتعلق بالتعاقد مع شركات الأمن الخاصة.
ومع ذلك، لنضع هذا جانباً ونُسائل الجانب الحكومي العراقي عن موقفه من عمليات إطلاق النار المستهترة بأرواح العراقيين من جانب جيش المرتزقة الرديف لجيش الاحتلال الأمريكي، والتي لم تكن جريمة ساحة النسور الأخيرة سوى واحدة من الحالات المكشوفة والمعلومة!
بعد ذيوع نبأ الجريمة وجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي انتقادات مريرة لشركة “بلاك ووتر” على الجريمة التي اقترفتها بحق المدنيين العراقيين الأبرياء، وأمر بإنهاء خدماتها ومغادرة العراق. وبالفعل فإن ضابطاً عراقياً شارك في التحقيق في الجريمة كشف عن وجود شريط فيديو بحوزة وزارة الداخلية العراقية صورته الشرطة فور وقوع حادث اطلاق النار، اضافة الى شريط آخر التقط بعد دقائق من وقوع الجريمة، تؤكد المعلومات التي وردت فيهما أن موكب سيارات الشركة المتورطة في الجريمة لم يتعرض لإطلاق نار من أسلحة خفيفة، كما حاولت الشركة تبرير فعلتها.
ولذلك كان مفاجئاً أن يعود رئيس الحكومة العراقية بعد 24 ساعة من تصريحه الأول ليبلع كل ما قاله ويأمر بتجميد عمل الشركة لبضعة أيام، ثم السماح لها بمعاودة عملها المعتاد!
بهذا المعنى يكون رئيس الحكومة العراقية والأحزاب ومراكز القوى السياسية والاقتصادية المؤتلفة والمتضامنة معه، شركاء مع الطرف الأمريكي في تحويل العراق الى إحدى جمهوريات الموز الأمريكية اللاتينية.
فإذا لم تكن هذه مهزلة “تاريخية” فما شكل ومضمون المهزلة إذاً؟ أولم ينصّب مجلس الشيوخ نفسه قيّماً وباباً عالياً على الدولة العراقية، أرضاً وشعباً وبرلماناً، و”يفتي” تصويتاً “بوجوب” تقسيم العراق الى ثلاث دويلات على اساس عرقي وطائفي؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
هولاكو واحتلال العراق
بدر سلطان
السياسة الكويت
هناك من لا يعتقد بنظرية »الاحلال أو تناسخ الأرواح« وهناك من لا يؤمن بمقولة أن التاريخ يعيد نفسه ونظرية تناسخ الأرواح أو احلال روح المتوفى في جسد إنسانٍ آخر بعد فترة قد تطول وقد تقصر تقول ان روح الإنسان الشرير تظل تهيم بالفضاء إلى ما شاء الله حتى تجد جسد إنساناً شريراً أو حيواناً مفترساً لكي تحل فيه .
و على الرغم من ضعف هذه النظرية وقلة من يعتقد فيها وبالرغم من عدم ثبوت المقولة »ان التاريخ يعيد نفسه« إلا أن ما حدث للعراق على يد الرئيس الأميركي Gorge Wbush يثبت بصورة قاطعة صحة نظرية الاحلال وصحة المقولة بأن التاريخ يعيد نفسه.
سنة 1258م وجه جانكيزخان ابنه متكوخان لإخضاع وتأديب بعض الأمراء الإيرانيين كما وجه ابنه الآخر هولاكو لاحتلال بغداد وإنهاء حكم الخليفة العباسي المستعصم بالله وبعد حصار بغداد دام ستة أشهر ومفاوضات مستعصية على هولاكو بتخطي أسوار بغداد وبعد أن أخذ المستعصم من هولاكو ضمان عدم تعرض بغداد لأي دمار أو قتل أو ذبح أي من سكان بغداد أو عملية تخريب تم فتح أبواب بغداد لهولاكو وجيشه والسماح لهم بدخول بغداد فكان أول ما عمله هولاكو أن نقض العهد وقام كما يعرف الكل بإعدام المستعصم بالله وذبح كل الرجال والأولاد القادرين على حمل السلاح .
التاريخ نقل لنا أن هولاكو قتل في يوم واحد ثمانين ألفا من سكان بغداد كما يقول التاريخ إن هولاكو دمر بغداد تدميراً كاملاً ورمى كل الكتب ومجهودات العلماء والمفكرين العرب والمسلمين خلال ستة القرون التي سبقت تدمير بغداد, رمى كل الكتب في نهر دجلة حتى فاض دجلة وتلونت مياهه بلون الحبر لا لسبب إلا أن هولاكو لم يكن يعرف القراءة وكان بينه وبين العلم عداءٌ مستأصل كما كان هولاكو جاهلاً أحمق .
نعود الآن لنظرية الإحلال, فما حدث في العراق خلال اربع السنوات الفائتة على يد الجيش الأميركي يثبت صحة نظرية الاحلال كما يثبت صحة المقولة أن التاريخ يعيد نفسه, فقد قام الجيش الأميركي بعملية تخريب منظمة ومدروسة للعراق ودمر بصورة كاملة البنية التحتية والفوقية للعراق وقتل ما يقارب من مليون عراقي بريء راحوا ضحية نظرية منظرٍ فاشل »ولف وتس« وضحية قوادٍ أغبياء وجهلاء من أمثال وزير الدفاع الأميركي السابق »رامسفيلد« والحالي »غيتس« وضحية مجموعة متطرفة دينياً »اليمين المتطرف الجديد« التي تؤمن بعودة المسيح كما تؤمن بنظرية »ولف وتس« الفاشلة التي تقول انه يجب ضرب العراق وتحطيمه لكي يكون عبرة لغيره من الدول المجاورة ولكي يستطيع اليمين الأميركي الجديد إقامة الامبراطورية الأميركية »إمبراطورية الشر« على أرواح ودماء مليون عراقي بريء وعلى مآس وتشريد أربعة ملايين عراقي لجأوا الى الأردن وسورية وتاهوا في بلاد الله الواسعة.
لم يكتف منظروا اليمين الجديد بتبرير قتل العراقيين وتشريدهم ولا إعطاء مبرراً حتى وإن كان واهياً لعملية إتلاف كل مظاهر الحضارة الإنسانية التي تعود لأربعة آلاف سنة قبل الميلاد ولا لقتل العلماء وأساتذة الجامعات ولا لعملية النهب المدروسة لتلك الآثار والتي تعود إلى عصور ٍ حضارية سابقة .
والآن أعتقد أن القارئ لابد أن تكون لديه اعتقاد ولو بسيط بصحة وصدق نظرية الاحلال أو بمقولة أن التاريخ يعيد نفسه .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
هذا الترحيب الشاذ بقرار تقسيم العراق
عوني فرسخ
الحليج الامارات
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي بما يقارب الإجماع اقتراح عضو ديمقراطي بإنشاء ثلاثة أقاليم فيدرالية في العراق المحتل على أساس عرقي ومذهبي. وذلك في استهانة صارخة بسيادة العراق، وتهديد خطير لوحدة ترابه الوطني ونسيجه المجتمعي وأمن وأمان مواطنيه، وافتئات مفضوح على حق شعبه في اختيار النظام الاكثر توافقاً مع تراثه في العيش المشترك والسلام الاجتماعي. وبالتقاء شيوخ الحزبين الجمهوري والديمقراطي على تأييد القرار ما يدل على إجماع أمريكي على اعتماد مخطط تقسيم العراق وإذكاء النزاعات فيما بين قواه السياسية، باعتبار ذلك ما يؤمن المصالح الأمريكية بعد انسحاب قوات الاحتلال تحت ضغط المقاومة متصاعدة الفاعلية والتأثير.
وللقرار الأمريكي، وإن كان خاصاً بالعراق المحتل، دلالته العربية العامة. فهو أولاً يتجاوز القانون الدولي وشرعة حقوق الانسان في التعامل مع الشعوب العربية، بإهدار حقها في تقرير مصيرها واختيار أنظمتها السياسية والاقتصادية وتوجهاتها الاجتماعية، إن لم تكن متوافقة مع المصالح الاستغلالية وطموحات الهيمنة الأمريكية. والمثال الحي رفض نتائج انتخابات المجلس التشريعي في الضفة والقطاع المحتلين التي فازت بها حماس على خلاف، ما كان يأمله صناع القرار في واشنطن والقدس المحتلة. وهو ثانيا يؤشر الى اعتماد استراتيجية تفتيت الاقطار العربية لإقامة “الشرق الاوسط الكبير الجديد” المشكل من كنتونات عرقية وطائفية تدور في الفلك الأمريكي بإشراف صهيوني.
وقد رأت غالبية القوى السياسية العراقية في القرار الأمريكي محاولة تحفيز التناقضات الثانوية فيما بين أبناء الوطن الواحد لتغدو تناقضات رئيسية تتقدم في الاولوية والاهتمام على تناقضهم العدائي مع القوى الخارجية المستهدفة العراق وإمكاناته المادية وقدراته البشرية وتراثه الحضاري. وعليه التقت على إدانته فور صدوره، مستنكرة التدخل الأمريكي في شأن خاص بدولة عضو مؤسس في جامعة الدول العربية وبين أوائل أعضاء الأمم المتحدة. وعليه أجمع أعضاء مجلس النواب العراقي على رفض القرار في جلسة طارئة، شاركت في الدعوة لها كل من: جبهة التوافق العراقية، والائتلاف العراقي الموحد، والتيار الصدري، ومجلس الحوار الوطني، وحزب الفضيلة، والقائمة العراقية الموحدة، والجبهة التركمانية، والكتلة العربية المستقلة. فيما أعلن ممثل المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السستاني رفضه وإدانته للقرار. وأما قوى المقاومة والهيئات والشخصيات الرافضة لما يسمى “العملية السلمية”، فإن في رفضها المبدئي للاحتلال وإفرازاته، والتزامها بمقاومته بكل الوسائل المشروعة، الرد العملي على قرار مجلس الشيوخ الأمريكي.
وتوالت بيانات الرفض والإدانة عن الانظمة والقوى السياسية وهيئات المجتمع المدني العربية. فأمين عام الجامعة العربية أعلن إدانته ورفضه للقرار، كما أعلن أمين عام مجلس التعاون الخليجي رفض دول المجلس القرار الأمريكي وتحميلها الاحتلال وما تمخض عنه مسؤولية تدهور الأوضاع العراقية. كما دان اليمن القرار باعتباره تدخلا غير مشروع بالشأن العراقي. فيما اتفقت دول جوار العراق على عقد لقاء تشاوري لاتخاذ موقف من القرار قبل اجتماعها في اسطنبول أواخر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. وفي باريس أعلن مساعد الناطق بلسان الخارجية تمسك فرنسا بوحدة العراق وسلامة أراضيه وسيادته.
غير أن رئاسة إقليم كردستان العراق شذت عما يبدو من اجماع عراقي وعربي واقليمي ودولي، بل وخالفت ما التقى عليه بقية شركائها في “العملية السياسية” المدارة أمريكيا. إذ اصدرت بياناً تضمن القول: “إن مواطني وحكومة اقليم كردستان العراق يرحبون بقرار مجلس الشيوخ الأمريكي لإعادة بناء العراق على اسس فيدرالية، وهو قرار يؤكد ثوابت الدستور العراقي”. وبيان رئاسة اقليم كردستان العراق ليس شاذا فقط وإنما ينطوي أيضا على اكثر من دلالة جديرة بالتنبيه لها.
أولى هذه الدلالات، وأشدها خطورة، عدم اعتراض رئاسة إقليم كردستان العراق، على استهانة الشيوخ الأمريكيين بسيادة العراق، وتدخلهم المستفز بشؤونه، وعدوانهم الصارخ على حق مواطنيه بالتشريع لأنفسهم. وترحيب رئاسة الاقليم بقرار ينطوي على تهديد خطير لوحدة العراق ونسيجه الاجتماعي، ويؤسس لصراع دام بين مواطنيه، ظاهرة لها أكثر من مثال في مشرق الوطن العربي ومغربه.
وثانية الدلالات، التي لا تقل خطورة عن سابقتها، تصرف رئاسة اقليم كردستان في شأن يخص الشعب العراقي على اختلاف تكويناته الاجتماعية، دون مراعاة لمصالح بقية شركاء المسيرة والمصير. فهي بادرت للترحيب بالقرار التقسيمي من غير استطلاع وجهات نظر بقية شركائها في “العملية السلمية”، ناهيك عن قوى مقاومة الاحتلال ورفضه. وكأنها أرادت أن تضع الآخرين أمام الأمر الواقع وفرض رؤاها عليهم. وحين يؤخذ في الحسبان أن الأكراد لا يجاوزون 20 % من مواطني العراق يتضح أن الأقلية تتصرف، وكأنها باتت الأحق والأولى بصناعة القرار الوطني، مستقوية في ذلك بالدعم الأمريكي. وهي ظاهرة ملموسة في المشرق والمغرب العربيين.
وثالثة الدلالات عدم إدراك رئاسة اقليم كردستان أنها بلا مبالاتها بوحدة التراب الوطني والنسيج الاجتماعي العراقي، وغلبة الذاتي الخاص لديها على الكردي العام، انما تلقي بظلال الشك على مواقف وممارسات الاكراد في دول الجوار، الأمر الذي سينعكس على مواقف الانظمة وبقية مواطنيهم من حراكهم السياسي وانشطتهم الاجتماعية، مما سيكون له تأثيره السلبي على طموحاتهم ومصالحهم المشروعة. وفي الساحة التركية مثال ساطع.
وآخر الدلالات محاولة تسويق التفتيت العرقي والطائفي في لبوس ديمقراطي. ذلك لأن الفيدرالية حيث وجدت لم تقم على أسس عرقية أو طائفية، ولا هي حجمت دور السلطة المركزية لمصلحة السلطات المحلية، وفي الحالة الأمريكية برهان ذلك. والدستور العراقي، الذي جاء القرار الأمريكي يؤكد ثوابته على رأي رئاسة اقليم كردستان العراق. مطعون به لدور الاحتلال في صياغته وإصداره، ولأنه أسس على قاعدة المحاصصة العرقية والمذهبية وليس على أساس المواطنة وتدعيم الوحدة الوطنية.
فهل يكون هذا الترحيب الشاذ بالقرار التقسيمي الأمريكي، وهذه بعض دلالاته، منبهاً لأخطار ما ترسمه الإدارة الأمريكية، وتسخر في تنفيذه صقوراً محلية تجيد الرقص على إيقاع الأنغام الصهيونية ودقات الطبول الأمريكية؟
والسؤال الأخير: ماذا تقول رئاسة اقليم كردستان العراق بعد أن اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية بأن قرار مجلس الشيوخ كان خاطئاً؟!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
تريليونان دولار لإخضاع العراق !
نصر شمالي
دورية اللعراق
هل حجم الإنفاق هذا يتفق مع الادعاءات الأميركية الرسمية وشبه الرسمية القائلة بأن ما يحدث في العراق هو مجّرد حرب أهلية، عرقية، طائفيةوأن القوات الأميركية طرف محايد يلعب دور حمامة السلام والوئام؟ الجواب المنطقي والواقعي بالطبع هو النفي، حيث الأرقام تؤكد أنها حرب وطنية يخوضها الشعب ضدّ الاحتلال، وأنه لا يغيّر في ذلك شيء إبراز صراعات هامشية على أنها رئيسية، سواء أكانت حقيقية أم مفتعلة أم ملفقة.
بلغت الميزانية الحربية للولايات المتحدة الأميركية هذا العام حدود 460 مليار دولار، وينبغي على هذه الميزانية تغطية نفقات الحروب الإمبراطورية في جميع أنحاء العالم، حيث القوات الأميركية منتشرة في جميع القارات، وحيث واشنطن تعتبر نفسها العاصمة السيدة (المتروبول) لجميع البلدان بلا استثناء!
لكن تكاليف الحرب الدائرة في العراق وأفغانستان وحدهما بلغت حدود 147 مليار دولار في العام الحالي وحتى الشهر التاسع فقط، وقد طلب الرئيس الأميركي من الكونغرس الموافقة على نفقة إضافية مقدارها 50 مليار دولار لتغطية نفقات هذه الحرب في الربع الأخير المتبقي من هذا العام 2007، وبذلك ستبلغ النفقات الحربية لهذا العام 197 ملياراً قابلة للزيادة! أي أن ما ينقصها حتى الآن هو مبلغ 33 ملياراً فقط كي تأتي على نصف الميزانية الحربية الإجمالية للإمبراطورية العالمية، المخصصة للحرب ضدّ العالم أجمع!
حرب وطنية لا حرب أهلية!
يقول جيسي جاكسون، السناتور السابق والشخصية الأميركية المعروفة، أن الإنفاق العسكري خلال العام الجاري وحده، وفي العراق وأفغانستان وحدهما، يعادل الإنفاق العسكري لجميع دول العالم! وإن لهذه الحقيقة التي أبرزها جاكسون مدلولاتها الواقعية الهامة، ومنها انهيار معظم الادعاءات الأميركية الرسمية وشبه الرسمية بصدد مسار الحرب وطبيعتها، فالسؤال البديهي الذي يطرح نفسه بناء على هذه الحقيقة هو: هل تسبّبت في هذا الإنفاق الأميركي الضخم المروّع، كما يزعمون، مجرّد عمليات العصابات الإرهابية المتسللّة إلى العراق وأفغانستان من خارج الحدود؟ هل حجم الإنفاق هذا يتفق مع الادعاءات الأميركية الرسمية وشبه الرسمية القائلة بأن ما يحدث في العراق هو مجّرد حرب أهلية، عرقية، طائفية..الخ، وأن القوات الأميركية طرف محايد يلعب دور حمامة السلام والوئام؟ الجواب المنطقي والواقعي بالطبع هو النفي، حيث الأرقام تؤكد أنها حرب وطنية يخوضها الشعب ضدّ الاحتلال، وأنه لا يغيّر في ذلك شيء إبراز صراعات هامشية على أنها رئيسية، سواء أكانت حقيقية أم مفتعلة أم ملفقة.
تريليونان دولار لإخضاع العراق!
لقد أعلن الجنرال بترايوس قائد قوات الاحتلال في العراق أنه، إذا سارت الأمور بشكل جيد، فإن الأمر يحتاج من 10 إلى 20 عاماً كي تتحقق تهدئة العراق (أي السيطرة عليه!) وإعادة بنائه وتكوين دولة ديمقراطية (أي استثماره بالراحة!). ويقول جاكسون أن هذا يعني ارتفاع الإنفاق الحربي في العراق إلى تريليونين اثنين من الدولارات! إنه رقم فلكي بالطبع يصطف أمامه اثنا عشر صفراً! وبينما الحال كذلك يعلن الرئيس الأميركي أنه سوف يستخدم حقه في النقض (الفيتو) لإحباط مشروع إنفاق معروض على الكونغرس لصالح برامج داخلية تخالف احتياجاتها الميزانية العامة التي وضعها الرئيس! يقول جاكسون أن بوش هدّد باستخدام حق النقض ضدّ أية زيادة في ميادين برامج الرعاية الصحية للأطفال، وقروض الجامعات، والمنح الدراسية، والمدارس العامة، والطاقة المتجددة (أي بدائل النفط) والبنية التحتية (خاصة الخدمات العامة) علماً أن الفارق بين ميزانية الرئيس وبين الزيادات التي يقترحها الكونغرس لدعم مثل هذه القطاعات لا يتعدّى مبلغ 20 مليار دولار، أي أقل من نصف الإضافة التي طالب بها الرئيس للإنفاق الحربي في العراق خلال الربع الأخير من العام الحالي، وهي 50 ملياراً!
حرب صعبة ومكلفة ومميتة!
يقول جيسي جاكسون أن احتلال دولة (كما هو الحال في العراق وأفغانستان) أمر صعب، ومكلف، ومميت، ونحن ندفع الآن بالفعل ثمن حرب العراق! إن جاكسون لا يقصد بالثمن الذي يدفعونه فقط أعداد القتلى والمشوّهين من القوات الأميركية المحتلة، بل يقصد في المقام الأول انعكاس الحرب على الحياة الداخلية في الولايات المتحدة، وكأمثلة يذكر أن جسراً سقط في مينيبوليس، وصمام شبكة صرف صحي تحطم في مانهاتن، وأن أبناء الطبقة العاملة لا يستطيعون تحمّل تكاليف الدراسة الجامعية، وأن قطاع النقل بحاجة ماسة إلى الصيانة والتطوير، وأن خدمات صف السيارات في حالة رثّة، وأن الاستثمارات الداخلية أكثر من سيئة، وأنه بينما يصاب الناس بالهلع ويصرخون فإن الرئيس يعترض على رصدّ أية مبالغ في هذا الاتجاه، ويلحّ على رصد المبالغ الضخمة للحرب في العراق!
أميركا تحتاج ما يحتاجه العراق!
إن المفارقة المذهلة، كما يشرح جاكسون، تتجلى في أن السياسة المعلنة للحكومة الأميركية تقول أن المطلوب هو تحقيق ثلاثة أهداف في العراق: أولاً، وقف تدفق الأسلحة وتحقيق الأمن في الشوارع العراقية. ثانياً، تدعيم الديمقراطية والاستثمار في البنية التحتية الحيوية العراقية. ثالثاً، دفع العراقيين إلى سوق العمل! غير أن الولايات المتحدة الأميركية بالذات تحتاج داخل أراضيها إلى تحقيق مثل هذه الأهداف! يضيف جاكسون أن الخيار الذي يواجه الأميركيين الآن لا يتعلق فعلياً بالعراق، بل يتعلق بالولايات المتحدة، فنحن نواجه الخيار التالي: الإمبراطورية أم الجمهورية؟ لا يمكننا أن نكون الاثنين معاً! وقد نقل عن مارتن لوثر كينغ قوله البليغ: إن الدولة التي ترتفع تكاليفها العسكرية فوق معدّلات إنفاقها لصالح البرامج الاجتماعية هي دولة تقترب من الموت المعنوي!
الإمبراطورية العالمية أم الجمهورية الأميركية؟
إن الولايات المتحدة تعاني الآن من ارتفاع معدلات الظلم وعدم المساواة، ومن انكماش طبقتها الوسطى، ومن تراجع الصناعات التصديرية، ومن ارتفاع حجم الديون الأجنبية، ومن الاعتماد على البنوك المركزية الخارجية، ومن انعدام الأمن الداخلي، ومن انعدام الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة لتقليص الاعتماد على النفط المستورد، ومن عدم معالجة ظاهرة التغير المناخي التي تنذر بكارثة، غير أن الرئيس بوش اختار احتلال العراق ولو على حساب الأطفال الأميركيين المحرومين من الرعاية الصحية..الخ، هذا ما يقوله جاكسون، ولابد لنا من أن نختم بالقول أنه لولا المقاومة العراقية التي أفشلت مشاريع بوش، ولو أن هذه المشاريع تحققت، ما كنا سمعنا هذا الكلام، وكان بوش سيعلن بطلاً من كبار الأبطال الأميركيين، غير أن جاكسون لا يستطيع الإشارة إلى مآثر الشعب العراقي وبطولاته، حيث عذاب هذا الشعب ووجوده لا يعنيهم، فالشعب العراقي هو الذي وضع الأميركيين اليوم أمام الخيار التاريخي الهائل: إما الإمبراطورية العالمية وإما الجمهورية الأميركية!ns_shamali@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
مشروع" تقسيم العراق... أين المفاجأة؟!
محمد السماك
الاتحاد الامارات
ترتفع في سماء العالم العربي علامات استفهام كبيرة حول ما تخطط له الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ولا تقتصر علامات الاستفهام هذه على ما تريده إدارة الرئيس جورج بوش التي لم يبقَ لها سوى عام تقريباً في البيت الأبيض، ولكن علامات الاستفهام تشمل الكونجرس الأميركي الذي أقرَّ مشروعاً بتقسيم العراق. ولعل علامة الاستفهام الأولى التي تفرض نفسها هي التالية: بأي حق، أو على الأقل بأي منطق، يعطي مجلس الشيوخ الأميركي نفسه سلطة وضع مشروع بتقسيم العراق؟ ولماذا مشروع التقسيم؟ ولخدمة مَن؟ هل من أجل توفير مخرج أميركي يحفظ ماء الوجه من الرمال العراقية المتحركة بعد أن قارب عدد قتلى القوات الأميركية الأربعة آلاف.. وعدد الضحايا العراقيين المليون؟ أم أن هناك أهدافاً أخرى أبعد مدى؟ للإجابة على هذا السؤال الأخير لابد من التوقف أمام الأمرين التاليين: الأمر الأول: في عام 1979 وضع خبراء إسرائيليون دراسة تحت عنوان "استراتيجية إسرائيل في الثمانينات" نشرتها مجلة "إيغونيم" للدراسات في عددها الصادر في فبراير 1982. والدراسة تتحدث بالتفصيل عن ضرورة تقسيم الشرق الأوسط من باكستان حتى المغرب على قاعدة أن يكون لكل جماعة دينية (مسيحية أو إسلامية ) أو مذهبية (شيعية -علوية -درزية ) وإثنية (كردية -بربرية) كيان سياسي خاص بها. وذهبت الدراسة إلى أبعد من ذلك، عندما نظّرت لتقسيم مصر إلى إسلامية وقبطية، بحيث لا تبقى دولة عربية إلا ويشملها التفتيت والتجزئة والتقسيم. وهذا المخطط من الثوابت الاستراتيجية الإسرائيلية، أما اتفاقات التسوية فإنها من المتغيرات التي توظف لخدمة الثابت الاستراتيجي. وهذا يعني أن الدول العربية تتعامل مع مشروع التسوية المطروح على أنه هدف في حد ذاته، بينما تتعامل معه إسرائيل على أنه وسيلة إلى هدف آخر. ومن هنا لا يمكن الفصل بين ما حدث في لبنان من فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، وما يحدث في مصر بين المسلمين والأقباط، وما يحدث في السودان بين الشمال والجنوب ودارفور. ولا يمكن الفصل بين أبعاد هذه الفتن وما يجري في العراق من محاولة لفرض خريطة إثنية -مذهبية على أساس الشمال الكردي، والجنوب الشيعي والوسط السُّني كنتيجة مباشرة من نتائج حرب الخليج الأولى. إن إفشال الفتنة في لبنان عن طريق إعادة تثبيت دعائم العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين وجَّه ضربة إلى مخطط التقسيم الإقليمي. ولكن يخشى أن يؤدي إنجاح المخطط في العراق وفي السودان إلى تساقط كيانات سياسية في حضن استراتيجية التمزيق الإسرائيلية. وتبين الدراسة أن الأمن الاستراتيجي الإسرائيلي لا يمكن تحقيقه من خلال التفوق العسكري فقط. فلابد من ضرب الوحدات الوطنية في كل دولة عربية. ولابد من إثارة الفتن فيما بين الدول العربية. ولابد من تعميق الهوة بينها وبين دول الجوار غير العربية من تركيا في الشمال، إلى إيران في الشرق إلى السنغال في الغرب وإثيوبيا وتشاد في الجنوب. ولعل في هذا ما يفسر دور "المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة ومعظمهم من اليهود الذين يحملون الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، والذين عملوا مستشارين لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نتانياهو. وهم الذين قدموا له في عام 1996 مشروعاً متكاملاً لضرب الوحدة الوطنية في العراق. أي قبل خمس سنوات من وقوع مأساة 11/9/2001 في نيويورك وواشنطن. وقبل سبع سنوات من الغزو الأميركي للعراق. تعتقد إسرائيل أن الحرب على العراق تؤكد على صدقية مقولتها بأن التوتر في الشرق الأوسط يعود إلى خلافات وصراعات عربية- عربية، وليس إلى الصراع العربي- الإسرائيلي. وهي تأمل الآن أن تؤدي هذه الحرب إلى فرض أمر واقع جديد في المنطقة بحيث تكون آخر حروب الشرق الأوسط. وفي اعتقاد إسرائيل أيضاً أنها سوف تنعم بالسلام والاستقرار، ليس بسبب كسر شوكة العراق العسكرية فقط، وإنما بسبب الوضع السياسي الذي سيترتب على ضرب وحدة العراق الوطنية وإدخال شعوب المنطقة في حروب لا نهاية لها من التصفيات والانتقامات على قاعدة التباينات الطائفية والمذهبية والعنصرية. وبذلك تكون إسرائيل قد استخدمت الأيدي الأميركية -والبريطانية كذلك- من أجل نزع كل الأشواك التي تمكّنها من ابتلاع ثمرة "الصبير" الشرق أوسطية باطمئنان. بأي حق، وبأي منطق، يعطي مجلس الشيوخ الأميركي نفسه سلطة وضع مشروع بتقسيم العراق؟ ولخدمة مَن؟ من أجل توفير مخرج أميركي يحفظ ماء الوجه؟
في مطلع شهر مارس 2003، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تصريحاً لوزير السياحة الإسرائيلي "بنلي آلون" قال فيه: "من الواضح أن الإسلام في طريقه إلى الزوال.. فما نشاهده اليوم في العالم الإسلامي ليس انتفاضة إيمان قوية، بل انطفاء جذوة الإسلام. أما كيف سيزول، فبكل بساطة، بقيام حرب مسيحية صليبية ضد الإسلام في غضون بضع سنوات. ستكون الحدث الأهم في هذه الألفية، وطبعاً سنواجه مشكلة كبرى حين لا يبقى في الساحة سوى الديانتين الكبيرتين اليهودية والمسيحية، غير أن ذلك ما زال متروكاً للمستقبل البعيد". وكانت فرق من المبشرين قد اجتازت منذ سنوات الحدود التركية- العراقية في الشمال، وتمكّنت من التغلغل في المجتمعات القبلية العربية والكردية مستثمرة الحاجات الإنسانية للناس هناك من أجل الترويج لعقيدتها الدينية.
أما الأمر الثاني الذي يتعلق بالإجابة على السؤال حول الأهداف وراء طرح مشروع تقسيم العراق فهو واقع العالم العربي، حيث تمرّ الدول العربية في مرحلة من عدم التوازن السياسي تتمثل في انكفاء حركة القومية العربية كأداة لتوحيد هذه الدول. وقد تطول مدة الانكفاء هذه أو تقصر. وقد تتجذر أو تزول. إلا أن هذا الانكفاء يسحب خيوطاً رئيسة من نسيج المنطقة. وتتمثل كذلك في طرح بدائل عديدة لملء فراغ الانكفاء القومي. من هذه البدائل: الأمن الإقليمي المرتبط أساساً بالنظام العالمي الجديد، ومنها الإسلام، وذلك من خلال الأطروحات التي تقدمها حركات التطرف والغلو والتي تعتمد العنف أداة ووسيلة. لم يسمح النظام العالمي السابق -طوال الحرب الباردة- لأي مشروع عربي ذي مضمون وحدوي أن يقوم على رجليه. فقد أفشلت جميع المشاريع الوحدوية، وأُجهضت كل مبادرات التعاون القومي على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وحتى على المستويات الثقافية والإعلامية. ثم انتقل النظام العالمي السابق من إفشال هذه المشاريع إلى تشويهها حتى بات الكلام عن أي مشروع وحدوي عربي يثير الاستهزاء والاستخفاف العربيين بعد أن كان يقابل بالحماس والتقدير. وكذلك يترافق طرح الإسلام بديلاً مع تشويه صورة هذا البديل. ويعزز من القدرة على عملية التشويه هذه سوء سلوك بعض الحركات السياسية التي تتخذ من الإسلام مظلة للاستقطاب أو أداة لاستغلال التعطش العام إلى بديل أفضل يحفظ للمنطقة هويتها ويصون لها شخصيتها.
وإذا كان المشروع القومي أُسقط، وإذا كان البديل الإسلامي لا يزال في الواقع من دون مشروع متكامل، فلا يبقى سوى طريقين رئيسيين: الطريق الأول هو الإقليمية بمعنى المشاركة التركية والإيرانية والإسرائيلية مع الدول العربية في صياغة الأمن السياسي والاقتصادي والعسكري للمنطقة. ولاشك في أنه بموجب هذا الخيار سيكون التأثير العربي هو الأضعف نظراً إلى عدم وجود تصور عربي موحد للتعامل مع معطيات هذه المرحلة، ونظراً لواقع الانقسام العربي الذي لا يمكن القفز من فوقه. وكذلك نظراً لعدم تكافؤ القوى بين المجموعة العربية وكل من إسرائيل (أكبر قوة عسكرية في المنطقة) وتركيا (أكبر قوة عسكرية عدداً في حلف الأطلسي) وإيران (التي تسعى لامتلاك سلاح نووي بعد امتلاكها ترسانة صاروخية). أما الطريق الثاني فهو رسم خريطة جديدة للمنطقة تعكس تعدديتها الإثنية والدينية. في ظل غياب أو تغييب القومية، وفي ظل التصوير المشوّه للبديل الإسلامي، ومع تكريس ظاهرة التفتت القومي- الديني في دول الاتحاد السوفييتي السابق، وفي الاتحاد اليوغسلافي السابق، والتي تتردد أصداؤها في مواقع متباعدة في آسيا وأفريقيا، فإن المنطقة العربية لا تتمتع بحصانة تحول دون انتشار هذه الظاهرة المرضية. بل إن هناك أرضية يجري تأهيلها لاستقبال هذه الظاهرة وللتعامل معها على أنها قد تكون المخرج من دوامة الصراعات والاضطرابات التي تعرضت لها دول المنطقة منذ "سايكس- بيكو" 1917 حتى الآن. ولعل هذا ما تقصده الولايات المتحدة بطرح شعار (مشروع) "الشرق الأوسط الجديد". ومن هنا لا مفاجأة في طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد، ولا في إقرار مشروع تقسيم العراق. إن هذه المشاريع التي تستهدف إعادة تركيب الشرق الأوسط بما يستجيب للأمن الاستراتيجي لإسرائيل مستمرة في السرّ والعلن. ويبدو أن العالم العربي بلغ من الضعف والهزال ما يشجع الولايات المتحدة وإسرائيل على
الانتقال من التخطيط إلى التنفيذ. والعراق أول الغيث، للأسف
.