Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 30 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاحد 30-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
فوضى الاحتلال. . وتنظيم المقاومة
علي الصراف
اخبار العرب الامارات
لم يسبق لأي احتلال في تاريخ البشرية أن تسبب بفوضى كالتي يتسبب فيها الاحتلال الأميركي للعراق. حتى أكثر الغزاة همجية في التاريخ كانوا يعتمدون على قواعد تحول دون إثارة الفوضى، لأنها، ببساطة، تضر بهم أيضا. وهم قد يرتكبون مجازر وحشية، كما فعل التتار والمغول، إلا انهم كانوا يعمدون إلى الحفاظ على مقدار من النظام العام لكي يستخدمونه لتوطيد سلطتهم. وبهذا المعنى، فان القسوة شيء، وحفظ النظام شيء اَخر. الوحشية شيء، وتوطيد سلطة الغزاة شيء اَخر. وبرغم ان توطيد سلطة الهمج يعني الكثير من أعمال القهر، إلا انه يسمح، ولو جزئيا على الأقل، بتوطيد بعض الترتيبات التي تتيح للناس ممارسة شيء من ’’الحياة الطبيعية’’. حتى عندما اجتاح النازيون الألمان ثلاثة أرباع أوروبا، فقد ظلت هناك معامل تعمل ومدارس يذهب إليها التلاميذ، وكانت هناك مستشفيات يذهب إليها المرضى، وكان هناك حد معقول من الخدمات الأساسية. وبالتأكيد فقد كان هناك كهرباء وماء صالح للشرب. اليوم، وبعد أربع سنوات من الغزو، لا شيء يوجد في العراق سوى الفوضى. فوضى عارمة تحوّلت هي نفسها إلى ريح هوجاء تعصف بكل وجه من وجوه الحياة. وبرغم أن هناك ما يفترض انه ’’حكومة’’ إلا أنها لا ’’تحكم’’ شيئا، وتعجز عن توفير أي خدمات وليس لديها برامج، والهدف الوحيد من وجودها هو النهب. وبسببها تحوّل ما كان يعتبر إدارة مدنية صارمة، إلى غابة لمليشيات من كل نوع، تعمل كل منها لحسابها الخاص . وما من عمل من أعمال البناء، إلا وحوّلته إلى مصدر لأعمال اللصوصية، ابتداء من مكتب رئيس الوزراء (كما يقول اَخر تقارير مكتب المحاسبة الأمريكي) إلى اَخر مركز للشرطة، في أي مكان تصل إليه ’’سلطة’’ تلك الحكومة. والواقع، فان هذه ’’السلطة’’ الوهمية، لا تتجاوز، حسب بعض التقديرات، 8 في المائة من الأراضي العراقية. وسوى الدوريات المشتركة مع قوات الاحتلال وبعض المراكز الإدارية المعزولة، يكاد من المستحيل العثور على أي أثر للحكومة، أو لأي نظام. ومع غياب النظام تحولت الفوضى نفسها إلى ’’نظام’’ يقوم على قواعد القتل العشوائي، ويمارس نشاطه على أساس التهديدات، وينفذ بعض أعماله من خلال تقديم الرشاوى. وهكذا، لم يعد هناك ما يمكن القول انه معامل تعمل أو مدارس يذهب إليها التلاميذ أو مستشفيات تقدم خدمات للمرضى. وما يتوفر منها ليس سوى بقع تدور في دائرة الفوضى نفسها. وهي تأخذ طابعا مليشياويا، لأنها، من دون ذلك، تكون خارج ’’النظام’’، فلا تحظى بالحماية، بل سرعان ما تقع تحت طائلة أطماع المجموعات التي تريد أن تأخذ ’’حصتها’’ من الفوضى. وبالتأكيد فلا يوجد كهرباء، ولا ماء صالح للشرب، ولا طرقات يمكن السير فيها بأمان، ولا مستشفيات، ولا يوجد حتى من يقوم بعد الجثث. وبطبيعة الحال، فمن السهل القول، ’’إن عمليات المقاومة هي التي تعوق (ما يُزعم انه ’’حكومة’’) عن تنفيذ مشاريع البناء، وان اضطراب الأمن يعود إلى تلك العمليات، ومنها يأتي كل ذلك العجز عن توطيد أي نظام’’. وهذه ’’نظرية’’ عظيمة. ولكن يعوزها الكثير من المنطق، وينقصها الحساب، ويعتورها خلل بنيوي جسيم (من داخلها). أولا، لو كانت عمليات المقاومة هي التي تعوق كل نظام، فهذا يعني أنها هي النظام. مما يجعل حكومة المنطقة الخضراء اكثر منطقية مع نفسها لو أنها أنزلت ’’الكبنغ’’ وأغلقت الدكان. وثانيا، لم تكن المقاومة هي التي قررت حل كل إدارات الدولة وحل الجيش وإلغاء مؤسسات النظام، المدنية وغير المدنية، على حد سواء. وثالثا، المليشيات الطائفية هي اختراع خاص بحكومة الغزاة، منذ أول مجلس للحكم في عهد بول بريمر إلى اليوم. وإذ كان الهدف من هذه المليشيات، مساعدة الاحتلال في مقاومة المقاومة، أملا بتوطيد سلطته، فان الطابع المناهض لكل نظام الذي تمثله تلك المليشيات، لا يتطلب عبقرية لمعرفة أن استخدامها ينطوي على خلل بنيوي. فالهدف يناقض الوسيلة. والوسيلة لا تستقيم مع الهدف. ورابعا، وبرغم أن الجماعات الطائفية تمكنت من الاستيلاء على ’’السلطة’’، وكان يفترض أن تقدم نفسها ك’’سلطة’’، إلا أنها عجزت عن توحيد مليشياتها، حتى صار شارع الدولة ’’حُسينيات’’ يلطم كلw منها على حُسينه الخاص . وخامسا، ولأمر ما، لم توفر هذه المليشيات خبيرا ولا عالما ولا أستاذا جامعيا ولا طبيبا مختصا، ولا مهندسا إلا واغتالته أو دفعته إلى الهجرة. والقليل الذي بقي، فانه لم يبق إلا بغطاء مليشياوي أو أجبر على أن يكون عميلا للاحتلال. فدولة الفوضى لا تحتاج إلى خبرات. بل ان وجود هذه الخبرات يشكل تهديدا (معرفيا) لها، ويجعل من قادتها موضع سخرية، ويكشفهم ك’’عفطية’’.

وماذا يفعل ’’العفطي’’ المسلح إذا وجد نفسه مُحرجا؟ انه يطلق النار. وسادسا، وفي مقابل المليشيات المحلية، فقد كان لجيش الغزاة مليشياته أيضا، وهم حشود مرتزقة يتجاوز عددهم عدد قوات الاحتلال نفسه. وهؤلاء، رسميا وبوثائق موقّعة، فوق القانون، فعلوا ما فعلوا. وهل يمكن لأي ’’نظام’’ أن يكون نظاما من دون قانون، او جزءا منه فوق القانون؟ وحيثما ظلت تقع أعمال قتل واغتيالات وتفجيرات لا علاقة لها بالمقاومة، فان حكومة الفوضى حوّلت كلّ فرصة أتيحت للزعم أن هناك قانونا، إلى مناسبة لتأكيد شريعة الغاب، فلم تخرج لجان تحقيقاتها الكثيرة بأي توصيات، ولا حوسب مسؤول، ولا تم كشف تفاصيل أي جريمة، بما فيها التفجيرات التي طالت بعض المراقد المقدسة. بل أن هذه التفجيرات انتهزت (من الباب الاَخر) لتكون فرصة، ليس لتأكيد سلطة القانون، وانما لتأكيد سلطة الفوضى. وكل هذا في كفّة، والفساد في كفة أخرى. يقول تقرير أعده رايان كروكر السفير الأمريكي في بغداد، نفسه ولا أحد غيره، ’’ أن حكومة المالكي قد فشلت في وأد الفساد وهي غير قادرة علي فرض ابسط الإجراءات ضد هذا السوس الذي ينخر في عظامها. لا بل اتضح للسفارة ان مكتب المالكي نفسه يعرقل التحقيقات الجارية عن اعمال النصب ومختلف الجرائم التي يرتكبها كبار رجال الدولة’’. وقالت مجلة ’’ذي نيشين’’ الأمريكية التي حصلت نسخة من مسودة التقرير (تقع في 70 صفحة) ’’ إن تقديم اللصوص والمرتشين من أعضاء الحكومة إلى المحاكم أمر لا يتم إلا في حالات نادرة. فالفساد بات أمرا طبيعيا في حكومة المالكي’’. ويقول التقرير على سبيل المثال، إن المواطنين يعتبرون وزارة الداخلية محصنة حيث يستعصي علي أجهزة مكافحة الفساد أن تمسها بسوء. وبالمثل أصبحت التحقيقات في فساد وزارة الدفاع مشلولة إن لم تكن قد فارقت الحياة، أما وزارة التجارة فحدث عن ’’محاسنها’’ ولا حرج. إذ لم يصل إلي المحاكم من اصل 196 شكوي ضد الوزارة إلا ثماني فقط، وهذه الشكاوي أسفرت عن إدانة شخص واحد فقط لا غير’’. ويضيف التقرير ’’إن الحالة الصحية لوزارة الصحة محزنة للغاية، فالفساد المكلكل عليها يعوق قدرتها علي تقديم الخدمات. ووزارة النفط أسوأ، والمفتش العام للوزارة (ولجنة التحقيق في أعمال الفساد) كلاهما عاجزان كليا عن معالجة قضايا سرقات النفط. فليست هناك محاسبة دقيقة في الوزارة لكميات إنتاج النفط ونقله’’. ويقول تقرير السفارة الأمريكية ’’إن وزارة الدفاع العراقية لا تبدي أي انزعاج من السطو علي ميزانية شراء اللوازم العسكرية بمبلغ 850 مليون دولار، والأنكي من ذلك أن المستشارين الأمريكيين لتلك الوزارة، يطالبون بشطب أسماء بعض الموظفين المشبوهين من قوائم التحقيقات وعدم القبض عليهم او سجنهم، لذا لم يصل إلى المحاكم سوي 51 موظف من وزارة الدفاع من اصل 455 موظف من المتهمين بالفساد، ولم يزد عدد موظفي لجنة التحقيق في أمانة الموظفين الذين أرسلوا إلى وزارة الدفاع عن أربعة أشخاص ’’. ’’وفي وزارة التجارة يتقاسم الموظفون الأسلاب، فيأخذ بعض اللصوص ثمن المسروقات من القمح والحبوب بينما ينهب اَخرون الشاحنات ووسائط النقل’’. السؤال الاَن: هل هذه ’’دولة’’؟ هل يمكن لعصابات أو لصوص أن يقيموا أي ’’نظام’’ مهما كان نوعه. ما حصل هو ان الغزاة الذين نشروا الفوضى، جلبوا مجموعة من اللصوص ، وزودوهم بالسلاح وقالوا: ’’هذا مركز للشرطة’’. هذا هو ’’العراق الجديد’’. فإذا كانت الفوضى هي ’’النظام’’ فيه، فالفساد هو ’’السلطة’’.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
"بلاك ووتر" وأخواتها في العراق
د. غسان العزي
الخليج الامارات
في الثامن عشر من سبتمبر/ أيلول الجاري أعلنت الحكومة العراقية عن سحب رخصة شركة بلاك ووتر الأمريكية وإعادة النظر بقانونية نشاطات شركات الأمن الخاصة المحلية والأجنبية العاملة في العراق. أتى هذا القرار “نتيجة الاعتداء الغاشم لمستخدمي بلاك ووتر ضد مواطنين عراقيين تسبب بمقتل عدد من المدنيين الأبرياء” بحسب علي الدباغ الناطق باسم رئيس الحكومة نوري المالكي الذي أضاف ان وزارة الداخلية ستجري تحقيقاً حول الحادث وملابساته وتحيل الملف إلى القضاء. وقد دافعت الشركة عن نفسها بالقول ان عناصرها أطلقوا النار اثر تعرض موكبهم لاعتداء مسلح فأصيب مدنيون بطريق الخطأ (عشرة على الأقل لقوا مصرعهم). واعتذرت كوندوليزا رايس في اتصال مع المالكي، لكن الشركة استمرت في العمل ولم يجر توقيفها أو سحب رخصتها كما أعلنت الحكومة العراقية التي بدت آنذاك أعجز من الوقوف في وجه شركة أمريكية خاصة تعمل على الأرض العراقية وينبغي أن تخضع للقانون العراقي ولو أنها متعاقدة مع قوات الاحتلال الأمريكي.

إذاً شركة أمن خاصة أقوى من الحكومة العراقية؟ ليس في الأمر غرابة. فالشركات الأمنية العاملة في العراق وحده توظف أكثر من مائة ألف رجل، بين عسكري ومدني، ما يجعل منها جيش الاحتلال الثاني بعد الأمريكي. وهي تقوم بمهمات تتراوح بين حماية الدبلوماسيين والسياسيين والتدريب وإقامة الحواجز واستجواب المعتقلين وصولاً إلى تنفيذ عمليات عسكرية كبرى. وقد ذاع صيتها اثر مقتل أربعة من عناصرها في الفلوجة، وتعليق جثثهم المتفحمة على أعمدة أحد جسور المدينة، وهو مشهد تناقلته وسائل الإعلام العالمية واستدعى قيام المارينز بهجوم كبير على الفلوجة.

والشركات العسكرية الخاصة تسعى كغيرها للربح لكنها تبيع خدمات تقع تقليديا على عاتق القوات المسلحة الوطنية. وقد ازدهر هذا النوع من الشركات بعد انتهاء الحرب الباردة وهبوب رياح العولمة الليبرالية، فأضحت تعمل في أكثر من خمسين منطقة ساخنة في العالم، لاسيما تلك التي فيها وجود أمريكي، ذلك ان واشنطن وقعت أكثر من ثلاثة آلاف عقد مع مثل هذه الشركات في غضون العقد المنصرم. وهكذا فإن دافع الضرائب الأمريكي هو في رأس قائمة ممولي هذه الشركات، على خلفية توجه متزايد نحو خصخصة القوات المسلحة الرسمية أو جزء مهم منها على الأقل.

وقد بقيت هذه الصناعة طي الكتمان إلى حد كبير حتى العام 2001 عندما اسقطت طائرة لل”سي.آي.ايه” بطريق الخطأ طائرة مدنية فوق البيرو تقل عددا من المرتزقة الأمريكيين، قبل ان يتبين في ما بعد ان طائرة ال”سي.آي.ايه” هذه تستخدمها شركة خاصة بموجب عقد هي شركة “افيايشن دفلوبمنت كورب”. وعندما قتل مسلحون فلسطينيون ثلاثة أمريكيين في غزة في خريف العام ،2003 تبين أن هؤلاء الثلاثة يعملون لمصلحة شركة عسكرية خاصة من فرجينيا هي “داين كورب”.

وعلى غرار رجال الأعمال والأثرياء فإن وزارات الدفاع والداخلية وقوات الأمن والاستخبارات التابعة لدول كبرى، باتت تلجأ إلى خدمات هذه الشركات الأمنية الخاصة التي أضحى دخلها، في الولايات المتحدة وحدها، يربو على المائة مليار دولار سنوياً وباتت مدعومة من لوبيات وجماعات مصالح نافذة في واشنطن. ففي عام 2001 وحده أنفقت عشر شركات عسكرية خاصة أكثر من 32 مليار دولار في عمليات “لوبيينغ”، وقدمت 12 مليار دولار للحزبين الرئيسيين في واشنطن. وتعتبر شركة بلاك ووتر، ومركزها نورث كارولينا، من الشركات النافذة التي تأسست في العام 1998 وتوظف عشرات الآلاف من رجال الأمن العاملين في كافة أرجاء المعمورة، وهي تملك أسلحة متطورة جداً منها أسطول صغير يرسو في ميناء نورفولك وتقوم بمهام حساسة في الولايات المتحدة نفسها، مثل تدريب عناصر الأمن والشرطة على المداهمات وتحرير الرهائن.

ويعتبر العراق المحتل منجم ذهب حقيقياً لمثل هذه الشركات التي من المؤكد أن عملها سوف يستمر بالازدهار مع الفشل الأمريكي في الامساك بالوضع. فهي تسهم في التخفيف من الكلفة السياسية للاحتلال ومن الحاجة للمزيد من جنود الاحتياط والحلفاء. وهي غير ملزمة بالإعلان عن خسائرها البشرية والمادية ولا عن نشاطاتها وعدد عناصرها ونوع عتادها وسلاحها وغيره. وهي بعناصرها المنتمين إلى عشرات الجنسيات العالمية توفر لإدارة بوش تحالفاً دولياً من نوع مختلف في العراق، يزيد عديده على أي قوة نظامية حليفة. وهي وان كانت تطلب أجوراً مرتفعة لقاء خدماتها، وهذا طبيعي نظراً للمخاطر الجمة التي تواجه عملها، إلا أن هذه الكلفة (عقد بلاك ووتر في العراق يبلغ خمسمائة مليون دولار سنويا وعددها عشرون ألفا) تبقى أكثر مردودية، من الناحية السياسية على الأقل، من إرسال المزيد من الجنود النظاميين إلى أرض المعركة. ولا ننسى أن كبار السياسيين والضباط المتقاعدين في واشنطن، يملكون مثل هذه الشركات أو يحتلون مناصب عليا فيها.

لكن بما أن المال الوفير هو الهدف المقدس الذي تسعى إليه هذه الشركات، فإن المعايير الأخلاقية والانضباط لا تظهر في قائمة مبادئها. فهي تعامل الناس بوحشية وفظاظة في العراق حيث يتناقلون القصص البشعة عن تصرفات عناصرها الذين يلقبونهم ب”الموساد” أو “كلاب الحرب”. وهؤلاء قد ينقلبون على أسيادهم في مقابل المال. فقد ذكرت “الواشنطن بوست” أن المدعي العام في رالاي في كارولينا الشمالية حيث مقر “بلاك ووتر” يملك ما يكفي من القرائن لاتهام هذه الشركة بتهريب أسلحة إلى العراق، تستخدمها منظمات تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية. ونشرت صحيفة “نيوز اند اوبزرفر” الصادرة في كارولينا أن اثنين من العاملين في الشركة اعترفا أمام المحقق بتورطهما. واتهم النائب الديمقراطي هنري واكسمان المفتش العام في وزارة الخارجية هاورد كرونغارد بعرقلة التحقيقات الرامية إلى معرفة “ما إذا كانت شركة أمنية خاصة كبيرة تعمل لحساب وزارة الخارجية تدخل أسلحة خلسة إلى العراق”.

قد يقول قائل ان الامبراطوريات كانت منذ فجر التاريخ تلجأ إلى خدمات المرتزقة، وان لا جديد في الأمر اليوم سوى شرعنة عمل هؤلاء بعد انتظامهم في مؤسسات وشركات تخضع للقانون. لكن الجديد هو انخراط الجيوش النظامية في اقتصاد السوق الليبرالي بهذه الطريقة التي تقود إلى خصخصة الحرب، بكل ما للكلمة من معنى على خلفية تقليصٍ لصلاحيات الدولة وأدوارها وربما وجودها نفسه كمحتكر للعنف الشرعي بحسب تعريف ماكس فيبر الشهير.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
وطننا العربي على طاولة التفتيت
افتتاحية
البيان الامارات
أضاف مجلس الشيوخ الأميركي بقراره غير الملزم بتقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية دليلاً جديداً على وجود أجندة سرية ومشروعات صهيو ـ أميركية لتفتيت وطننا العربي، وتجزئة دوله القطرية إلى دويلات و«كانتونات» طائفية وعرقية. وعلى كثرة وتنوع مشاريع تفتيت وطننا العربي، يربطها جميعاً خيط واحد هو السعي للقضاء نهائياً على النظام العربي القائم، ليس لجهة خطورته الراهنة، فضعفه ووهنه ظاهران للجميع، بل لجهة اجتثاث الرابطة العربية من جذورها وسد الطريق على أي إمكانية لنهوض نظام عربي جديد يعيد لوطننا قوته ووحدته وتضامنه، ويضيف لقدرات دوله قوة إضافية مستمدة من ارتباطها ببقية أشقائها. والشاهد أن المحرك الرئيسي والدافع الأساسي لمخططات تفتيت الوطن العربي وتقسيمه على أسس طائفية وعرقية يكمن في السعي لخلق بيئة إقليمية ملائمة وحاضنة تبرر وجود إسرائيل ككيان عنصري خارج سياق التاريخ والجغرافيا. فلقد توصل المنظرون والمفكرون الصهاينة ومناصروهم من الأوروبيين الأميركيين اليهود إلى أن العائق الرئيسي لاستمرار وجود الكيان الصهيوني، والخطر الذي يهدد بزوال إسرائيل في المستقبل هو كونها كياناً عنصرياً هجيناً، يتناقض مع محيطها الجغرافي العربي الذي يتسم تكوينه بالتعددية والتعايش بين طوائفه المذهبية والدينية والعرقية، وقدرته على استيعاب الجميع بما فيهم اليهود.


في سياق المصالح الغربية، توجد جذور مشاريع التفتيت وتقسيم الوطن العربي، منذ القرن الماضي، عندما وضعت دول وطننا على طاولة التقسيم في مؤتمر يالطا، وبعدها على طاولة بريطانية فرنسية عرفت بخطة «سايكس ـ بيكو». تضمنت زرع قنابل الحدود الموقوتة لإثارة نزاعات بين أقطارنا تستنزف قدرات شعبنا العربي، وتعرقل كل محاولات إعادة التوحيد. من هنا يحدث التلاقي وتوافق المصالح بين إسرائيل وبعض الدول الغربية على ضرورة تفتيت وتقسيم دول الوطن العربي، ففي البداية طرح مشروع إعادة صياغة «شرق أوسط جديد» من جانب المستشرق اليهودي الأميركي برنارد لويس، يهدف أساساً إلى تقسيم كل من مصر والعراق والسعودية ولبنان إلى دويلات طائفية. وتلاه مشروع إسرائيلي في منتصف الثمانينات من القرن الماضي يركز على ضرورة البدء بالحلقات الضعيفة المتاح تقسيمها مثل لبنان، وبعدها ينتقل إلى الدول الكبرى مثل العراق ومصر. ومؤخراً، ظهرت وصفة هجين تجمع بين مخطط التفتيت ومبادرة البيت الأبيض الأميركي لنشر الديمقراطية وجعل العراق منارة لهذه الديمقراطية القادمة على ظهر الدبابة، وآلية الفوضى الخلاقة التي بشرت بها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ورهانها الخاسر على نجاحها في لبنان خلال الحرب الإسرائيلية في يوليو 2006، والتي خسرها جيش الاحتلال أمام المقاومة اللبنانية الباسلة. في هذا السياق يمكن فهم مغزى تصويت الشيوخ الأميركي على قرار تقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية (سنية وشيعية وكردية). فالحاصل أن القرار رغم أنه غير ملزم إلا أنه يكشف حقيقة ما يراد بالعراق وبكل دول وطننا العربي. والمتابع لأوضاع العراق يدرك أنه ظل موحداً وكل طوائفه حريصة على التعايش في وطن ينبذ التقسيم ويتقن حل النزاعات بالحوار، حتى وقعت واقعة الغزو الذي نشر فيروسات التصارع الطائفي والقتل على الهوية، وتمزقت أواصر المودة، واختفت الأحياء التي كان يتعايش فيها الجميع سنة وشيعة، وظهرت بدلاً منها الجدران العازلة التي يبنيها الجيش الأميركي. الخلاصة ـ كما دعا مجلس التعاون لدول الخليج العربية ـ أنه بدلاً من إطلاق شعارات التقسيم لابد من معالجة الأسباب التي أدت إلى هذه الأوضاع والمتمثلة بوجود الاحتلال واعتماد المحاصصة الطائفية والعرقية وغياب القانون والفلتان الأمني.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
قصص تقسيم العراق
وليد الزبيدي
الوطن عمان

أربع مراحل ، تلك التي أخضعت العراق للتقسيم ، ونحن في المرحلة الرابعة والأخيرة ، وقبل أن نتناول تفاصيل هذه المرحلة ، لابد من مناقشة أولى المراحل التي مر بها العراق على طريق تقسيمه وتفتيت بنيته ، تلك المرحلة ، التي رافقت الحصار الذي فرضته الإدارة الأميركية على العراق ، وحرصت على تفعيل أدواته بكل قسوة وضراوة ، وفي البداية تبنى الإعلام الأميركي ووسائل إعلام اخرى الحديث عن عراق مقسم إلى جنوب ووسط وشمال ، ولم يتوقف الأمر عند حدود التسميات والوصفات الاعلامية ، بل تجاوز ذلك ، الى التطبيقات الميدانية العملية ، وتجلى ذلك بأوضح صورة ، عندما أصرت الادارة الأميركية ، على اختلاق مسألة خطوط العرض الشهيرة،التي لم يسمع بها العراقيون من قبل،والتي استخدمها الأميركيون لتكريس التقسيمات النظرية للمجتمع العراقي،وكثف البيت الأبيض والبنتاغون ووسائل الاعلام الحديث عن حماية الجنوب والشمال العراقي،من خلال فرض حظر على الطيران العراقي في تلك المناطق،جنوب خط عرض 32وشمال خط عرض 36.
لقد كان هذا التقسيم هو الاول الذي يسمع به العراقيون،ولم يهتم الكثيرون بتلك الشرارة الاولى،التي اعتقد صناع القرار في البيت الابيض،انها ستتكافل بجذب العراقيين على اساس طائفي وعرقي،ويسارع ابناء الرافدين للاحتماء بتلك المظلة الامريكية،التي التي صنعوها في سماء العراق،لكنها لم تتمكن من ملامسة دواخل العراقيين،ولم تؤثر في سلوكياتهم،ومن تامل المشهد ووقف عند تفاصيله خلال عقد التسعينات من القرن الماضي اصابه الالم والقرف،وهو يرى القوى الاجنبية تتدخل بصورة فاضحة في الشأن العراقي،وتبدأ رحلة تقسيم العراق من فوق الغيوم،عسى أن يبدأ هطول أخطار ذلك على أبناء هذا البلد.
إن ذلك التقسيم،لم يؤثر في دواخل العراقيين شيئا،ولم يتفاعل العراقيون معه،وبعد أكثر من عقد على تطبيقه منذ بداية تسعينات القرن الماضي،حتى اوائل الالفية الثالثة،لم يجد ذلك أرضية عند العراقيين،الذين رؤوا فيه حقدا دفينا على وحدة هذا المجتمع،ومحاولة لتفكيك هذه اللحمة العراقية،وهناك من راى في ذلك سذاجة اميركية،وعدم فهم لطبيعة المجتمع العراقي.
في حين اعتقد اصحاب هذا المشروع التقسيمي،ان وجود مثل هذه المظلة الأميركية،ستكون عامل دفع وتنافر، ممايوجد زلزالا محدودا داخل المجتمع العراقي،ويخلص الجميع في نهاية المطاف الى تشكيل مناطق خالصة، تقسم العراق على اسس طائفية وعرقية.
لقد روج كبار الكتاب السياسيين والمفكرين الأميركيين لهذا التثقيف،لأن تفكيك العراق على هذا الاساس،هوالسبيل الافضل لبسط السيطرة على مقدراته، وإخضاع أهله لسلطان العم سام.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
هكذا وصلنا الى الهدف المطلوب في العراق

محمد فاضل
البيان الامارات
كل ما في سجل الاحتلال وكل ما جرى منذ إسقاط النظام السابق يقود في النهاية الى نتيجة أساسية شاخصة بقوة «التعايش بين العراقيين أصبح مستحيلا». فالدولة الجديدة التي كان يراد بناؤها على أنقاض الدولة التي أسقطها الاحتلال بنيت على نظام المحاصصة الطائفية.


وبدلا من الحديث عن مواطنين عراقيين، تأسس الحديث والخطاب منذ البداية على طوائف لديها سجل من المظالم. ان خطوة مثل حل الجيش العراقي واجتثاث البعث وحل جهاز الدولة بأكمله وتطهيره من الموظفين والإداريين في عهد النظام السابق، اعتبرت أخطاء لم تكن بالحسبان،


لكن هذا التفسير يصور الأمر كما لو ان الأميركيين جاؤوا بنوايا طيبة واخطأوا بسبب حسن النية فقط لا غير. انه تفسير يقترح ان الأميركيين جاؤوا بدون خطة محددة او برنامج مستقبلي لبلد يعتزمون إسقاط النظام فيه وبناء دولة جديدة مغايرة ضمن رؤية كثر الضجيج حولها لبناء شرق أوسط جديد، فهل هذا صحيح؟


هل يصح الاعتقاد ان الأميركيين جاؤوا بدون خطة من اي نوع؟ او انهم جاؤوا بحزمة من التدابير السريعة العاجلة لترتيب الأوضاع بعد إسقاط النظام ومن ثم يتركون للعراقيين ان يقرروا الخطوات اللاحقة لمشروع بناء الدولة الجديدة؟


ما الذي دفع العراقيين الى ان يجدوا أنفسهم بعد أربع سنوات من الاحتلال أمام نتيجة واحدة فقط: استحالة التعايش فيما بينهم؟ انه العنف الطائفي حتما الذي انفجر بعد قليل من إسقاط النظام السابق وتلازم مع كامل العملية السياسية وأصبح مصدر تأثير هائل على الخطط والبرامج السياسية، بل امتد تأثيره ليشمل حتى التدابير البسيطة للحياة اليومية حتى في القرى النائية في اي محافظة عراقية.


لقد أصبح العنف الحقيقة الملازمة لكل شيء في العراق واصل كل المناقشات والرؤى والبرامج والتحالفات والعلاقات لا بين الأحزاب والقوى السياسية فحسب بل تم ترسيخه بدأب ومثابرة لا تلين بين العراقيين أنفسهم وبات حقيقة ملازمة للحياة اليومية بكل تفاصيلها. فهل جاء العنف نتيجة عارضة او احد أعراض جانبية للاحتلال لم تكن في الحسبان؟


هنا تلقى اللائمة على العنف الذي مارسه تنظيم القاعدة، اما فرق الموت والقتل على الهوية وعنف التنظيمات الشيعية فينظر له على انه نتيجة ورد فعل على العنف الأصلي الذي بدأه تنظيم القاعدة تحت مسميات عديدة. لكن ثمة مفارقة كبرى هنا تستحق التوقف أمامها: عنف القاعدة موجه للعراقيين بالأساس (توج مؤخرا بمواجهات مع العشائر) ويحصد من العراقيين أكثر مما يحصد من جنود الاحتلال.


هذه المفارقة ربما تكشف لنا لماذا تم تفسير عنف التنظيمات الشيعية (جيش المهدي، فيلق بدر) على انها رد فعل، كما يفسر لنا أيضا كيف ان المقاومة العراقية الموجهة أساسا للاحتلال تم اختزالها في عنف القاعدة بحيث أصبحت المقاومة ذات الأفق الوطني والأهداف الوطنية (التحرر من الاحتلال) محض إرهاب.


ولكي يصبح ضرب فكرة التعايش الأهلي نفسها ممكنا، فان عمليات القتل اليومية التي تستهدف العراقيين لابد ان تتم في المسرح والبيئة التي تمثل هذا التعايش في أوضح صوره، على هذا كانت العاصمة بغداد منذ البداية هي المسرح المثالي لهذا الهدف.


ان هذا يدفعنا لطرح التساؤلات من جديد حول ما اذا كان استهداف الشيعة تحت ذريعة التعاون مع الاحتلال وهو ما نسب الى الزرقاوي أكثر من مرة ومنذ بداية الاحتلال، يعكس اي نوع من الذكاء السياسي او الإدراك الحقيقي للتبعات.


فالنتيجة كانت واضحة منذ البداية بمجرد طرح الفكرة نفسها، فكيف يمكن ان يتم استهداف الشيعة من قبل تنظيم او تنظيمات إسلامية أخرى (سنية) دون ان تكون ردة الفعل والاستنتاج الوحيد هو ان السنة يستهدفون الشيعة؟


هذه ابسط المعاني، لكن المثابرة والعمل الذي لم يتوقف في هذا المسعى كرس الفكرة وابتلع الشيعة الطعم فردوا بالمثل ليصبح الاحتراب الأهلي هو النتيجة الوحيدة من كل هذا العنف المنفلت وغير السوي.


لن يكون بإمكاننا الإحاطة بالمدى المدمر لعنف القاعدة الا باستدعاء شيء من التحليل العلمي. ففي البحث القيم المعنون «دراسة إحصائية للنشاطات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة في العراق» الصادرة عن «معهد الكانو الملكي» في اسبانيا،


يرصد الباحثون في جداول إحصائية العمليات المنسوبة لتنظيم القاعدة او التي أعلن التنظيم عن مسؤوليتها في شهر واحد هو يناير 2007 تطالعنا حقيقة شاخصة وهي ان غالبية عمليات وهجمات القاعدة تتركز في بغداد. (انظر:


A quantitative study of the terrorist activities linked to al-Qaeda in Iraq - يمكن قراءة البحث على هذا الرابط: http://www. mafhoum. com/press10/306P9. htm).


ففي ذلك الشهر، تم رصد 152 هجوما وتم التأكد منها من وسائل الإعلام وخصوصا قناة الجزيرة مثلما يذكر الباحثون، منها 75 هجوما في بغداد وحدها بنسبة تمثل 3. 49% من مجموع الهجمات.


ويبدو الفارق كبيرا بين الهجمات التي تمت في بغداد والهجمات التي تمت في مدن ومناطق أخرى حيث جاءت محافظة «الانبار» في المرتبة الثانية بعد بغداد في الهجمات التي شهدتها لكن الفارق كبير حيث سجل 25 هجوما بنسبة 4. 16%.


وكذلك في الهجمات التي تبناها ما يعرف باسم «دولة العراق الإسلامية» وتنظيم «أنصار السنة» حيث تم تسجيل 781 هجوما منها 281 هجوما في بغداد وحدها هي الأعلى مقارنة ببقية المناطق بنسبة تصل الى 36%.


لكن هذا يطرح مفارقة أخرى أمام كثافة الوجود العسكري الأميركي وكثافة حضور المؤسسات الأمنية للحكومة العراقية في العاصمة بغداد. فالعاصمة التي يفترض ان تكون الأكثر أمانا مقارنة ببقية المدن والمناطق العراقية أصبحت هي مسرح العنف وصاحبة النصيب الأكبر من العنف الطائفي. الا تطرح هذه المفارقة تساؤلات جدية؟


لقد أثمرت هذه المثابرة في شن الحرب الطائفية المنسوبة لتنظيم القاعدة الثمار المرجوة، فالكونغرس الأميركي يستعد للتصويت على خطة غير ملزمة بتقسيم العراق يقول مؤيدوها «انها تقدم حلا سياسيا في العراق يمكن ان يسمح بانسحاب القوات الأميركية دون ترك البلاد في حالة من الفوضى». (وكالة الصحافة الفرنسية - 25 سبتمبر).


بل ان صاحب الخطة السيناتور الديمقراطي المرشح للرئاسة جوزيف بايدن يحاجج بقوة قائلا «يقول الناقدون لا تعجبنا الخطة». «اذا لم تعجبكم هذه الخطة فهل عندكم أفكار أخرى».


اما النتيجة الأكثر إقلاقا ورعبا لهذا العنف الأهوج الذي ساد العراق حتى اليوم فهو الدستور العراقي الذي مازال قادة السنة العراقيون يمتنعون عن تأييده لا لشيء سوى انه يقترح فيدرالية من نوع جديد تقوم على أساس طائفي.


وهو رفض يدفع المدير التنفيذي لمشروع القرن الأميركي الجديد غاري شميدت للتساؤل «لماذا لا يوافق السنة العراقيون على الصفقة؟». (واشنطن بوست - 13 سبتمبر). مشروع القرن الأميركي الجديد؟ هل سمعتم بهذا الاسم من قبل؟ انه صاحب تلك الدراسة المسماة «إعادة بناء دفاعات أميركا» التي قدمت قبل تولي إدارة بوش لمقاليد السلطة في عام 2000 وشارك فيها ديك تشيني ودونالد رامسفيلد وجيب بوش وبول ولفووتز وغيرهم من منظري الحرب العالمية على الإرهاب وخلصت للقول ان «عملية التغيير المطلوبة ستكون بطيئة جدا بغياب أحداث كارثية جوهرية بحجم كارثة بيرل هاربر». (راجع مقالنا: من جديد.. 11 سبتمبر وبيرل هاربر، صحيفة «البيان» 15 سبتمبر). يتساءل شميدت في مقاله ذاك عن الأسباب التي تدفع السنة العراقيين للتردد او رفض المصادقة على مسودة الدستور العراقي الجديد قبل ان يقدم اجابة متبجحة الى ابعد الحدود: «الحقيقة هي ان العراق الديمقراطي بمشاركة واسعة من السنة غير ممكن قبل ان يدرك السنة العراقيون ان التمرد لن ينجح». انه يقصد المقاومة التي جاءت كرد فعل على الاحتلال والتي تم اختزالها في عنف القاعدة. هكذا تتخلق الروابط بين الاحتلال والعنف الطائفي والعملية السياسية وأهدافها. ولم يكن الوصول لهذه النتيجة المرعبة بان يصبح التقسيم هو أفضل الحلول ممكنا الا بفضل حقيقة أساسية هي العنف الطائفي في العراق وشكرا لتنظيم القاعدة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
العراق ليس ولاية أمريكية‏!‏
افتتاحية
الاهرام مصر
من حسن الحظ أن الإدارة الأمريكية لا توافق علي مشروع مجلس الشيوخ بتقسيم العراق إلي ثلاثة كيانات علي أساس طائفي‏,‏ وإلا لكان ذلك أدي إلي ارتكاب حماقة جديدة وكارثية تسرع بتفتيت القطر العربي الشقيق وقيام حرب أهلية واسعة النطاق بين فئاته التي سيسعي كل منها للحفاظ علي حقوق أبنائه علي الأقل‏.‏والغريب أن هذا الاقتراح جاء من مجلس تشريعي من المفروض أنه يضم شيوخ السياسة وحكماءها ويقلبون الأوراق والاقتراحات علي كل وجوهها‏,‏ ويعملون بمثابة فرملة لكبح اندفاع الحكومة ومنعها من التورط في عمل يضر بمصلحة البلاد‏.‏ وبدلا من أن يقوموا بدورهم الرقابي والكابح لتهور الحكومة نجدهم أنفسهم يندفعون إلي الموافقة علي اقتراح لزميل لهم بتقسيم العراق بدعوي أن ذلك سيحل مشكلة العنف ويسمح بسرعة عودة القوات الامريكية الي بلادها‏,‏ ومن لطف الخالق أن القرار ليس ملزما لإدارة بوش‏.‏والعجيب أيضا أن أعضاء الكونجرس‏,‏ خاصة مجلس الشيوخ‏,‏ يعلمون جيدا أن أمرا مثل هذا هو من حق العراقيين فقط‏,‏ وليس من حق المحتلين الأمريكيين لأراضيهم الا اذا كان الكونجرس قد اعتبر العراق ولاية أمريكية جديدة‏..‏ أما الزعم بأن هذا سيساعد علي سرعة انسحاب القوات الأمريكية‏.‏ فهذا ليس مبررا‏,‏ وعلي الذين ورطوا هذه القوات في العراق أن يبحثوا عن سبيل آخر للإسراع بانسحابها بدلا من تمزيق الشعب العراقي‏,‏ ولعل رفض الشعب العراقي وحتي حكومته الموالية للولايات المتحدة لهذا الاقتراح أكبر رد علي جهابذة مجلس الشيوخ‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
تقسيم العراق.. مع الأسف!
افتتاحية
الجمهورية مصر
أعربت القيادة العسكرية الأمريكية في العراق عن أسفها لمقتل نساء وأطفال عراقيين في غارة شنتها الطائرات الأمريكية أمس الأول علي مبني سكني جنوب غربي بغداد. وسبق أن أعربت عن الأسف وزارة الخارجية الأمريكية عن مقتل مدنيين عراقيين أبرياء برصاص مرتزقة شركة "بلاك ووترز" التي تتولي حراسة المسئولين الأمريكيين وحلفائهم من العراقيين. خوفا عليهم من هجمات المقاومة الوطنية العراقية.
إن الادارة الأمريكية لا تستطيع بالأسف أو حتي الاعتذار ان تزيل عار غزو دولة عربية كبري تحت ذرائع ثبت انها مزورة. وقتل نحو مليون من أبنائه وتشريد 4 ملايين آخرين. والايقاع بين فصائله والتفرقة بينهم لاشعال حرب أهلية يجد فيها الاحتلال مبررا للبقاء وتنفيذ مشروعات التقسيم علي النحو الذي جري بالأمس في الكونجرس الأمريكي ووجدنا صداه بالترحيب بالتقسيم مما يسمي برلمان الاقليم الكردي مما يوحي بأن خطر التقسيم أصبح أقرب مما كان في أي وقت مضي.
هكذا.. ديمقراطية الادارة الأمريكية التي دمرت دولة العراق من أجل حرية الشعب. وها هي تقسمها دون أخذ رأي الشعب. يكفي قرار الكونجرس والاعراب عن الأسف!!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
قرار مجلس الشيوخ الأمريكي يزيد التوتر في المنطقة
د. عبد الحميد الموافي
عمان اليوم عمان
«انه من حق وواجب مجلس الشيوخ الامريكي وكل مؤسسة من مؤسسات الحكم الامريكي ان تضع المصلحة الامريكية في مقدمة اهتماماتها، بل وان تقاتل من أجلها. ولكن المؤكد بنفس القوة والدرجة انه من غير الممكن ان يكون ذلك على حساب الدول والشعوب الاخرى، وعلى حساب التضحية بمصالحها، بل بحاضرها ومستقبلها. لأن تقسيم العراق الى ثلاث دويلات هو اضرار بالغ بحاضر ومستقبل العراق دولة وشعبا ومجتمعا. ومن المؤكد كذلك انه من حق وواجب العراق والعراقيين أن يدافعوا عن مصالحهم وعن بقاء دولتهم موحدة وقوية ضد كل محاولات التفتيت والازالة.»

على امتداد الفترة الماضية شهدت الاروقة الامريكية ولاتزال تشهد جدلا كبيرا ومتشعبا حول العراق، وكيفية التعامل مع المأذق الامريكي هناك. ولعله من الاهمية بمكان الاشارة الى حقيقة انه بغض النظر عن مواقف ودفاعات الادارة الامريكية المستمرة عن سياساتها وخياراتها لإدارة الأوضاع في العراق، فإنه يمكن القول بأن الجدل أخذ ينحسر بسرعة ووضوح عن الاهداف الامريكية (السامية) التي رفعتها الادارة الامريكية قبيل وأثناء وبعيد الاجتياح الامريكي للعراق في عام ،2003 والمتمثلة في جعل العراق نموذجا ديمقراطيا يحتذى به، ومرتعا للرفاهية تحسده دول المنطقة الأخرى وذلك بموجب عمليات اعادة الاعمار التي اتضح انها لم تتجاوز الافكار النظرية او النقاط المدونة بعيدا عن اية خطة متماسكة، وذلك في ضوء مايقول به الواقع العراقي على الارض.
على اية حال فإنه في ظل واقع مرير للعراق وللعراقيين، وللقوات الامريكية والمتعددة الجنسيات في العراق، وللمنطقة ايضا ككل، فإنه ليس غريبا ان يسير الجدل والنقاش الامريكي بشأن العراق حول افضل السبل للانسحاب من بلاد الرافدين. وعلى أن يكون ذلك بأقل الخسائر الامريكية البشرية والمادية الممكنة بعد أن تكبد الامريكيون على امتداد نحو أربع سنوات ونصف السنة خسائر لم تخطر لهم على بال، في الارواح والمعدات والاموال وعلى الصعيد السياسي كذلك. خاصة بعد ان تحول الموقف في العراق من عنصر قوة وتأكيد لقدرة واشنطن على المبادأة على الصعيد الدولي كما كانت تتمنى ادارة بوش ، الى جرح غائر لايتوقف نزيفه واستنزافه للمصداقية الامريكية ولتصوراتها السابقة حول المنطقة وخطط المحافظين الجدد لها، وهو ما بات الجميع يلمسه بوضوح بغض النظر عن حملات العلاقات العامة بشأن العراق او عملية السلام وحتى الدرع الصاروخية في شرق اوروبا. وفي هذا الاطار وعلى هذه الارضية الواقعية يمكن التوقف قليلا أمام القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الامريكي يوم الاربعاء الماضي بالموافقة على تقسيم العراق. ويمكن الاشارة باختصار شديد الى النقاط التالية:
** اولا : ان قرار مجلس الشيوخ الامريكي الذي تمت الموافقة عليه بأغلبية 75 صوتا ضد 23 صوتا قد انطلق من نقطة محددة وبالغة الدلالة وهي كيف يمكن تأمين انسحاب امريكي سريع من العراق بأقل الخسائر. ومن المؤكد انه من حق وواجب مجلس الشيوخ الامريكي وكل مؤسسة من مؤسسات الحكم الامريكي ان تضع المصلحة الامريكية في مقدمة اهتماماتها، بل وأن تقاتل من اجلها. ولكن المؤكد بنفس القوة والدرجة انه من غير الممكن أن يكون ذلك على حساب الدول والشعوب الاخرى، وعلى حساب التضحية بمصالحها، بل بحاضرها ومستقبلها. لأن تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات هو اضرار بالغ بحاضر ومستقبل العراق دولة وشعبا ومجتمعا. ومن المؤكد كذلك انه من حق وواجب العراق والعراقيين ان يدافعوا عن مصالحهم وعن بقاء دولتهم موحدة وقوية ضد كل محاولات التفتيت والازالة بغض النظر عن مصالح الاطراف الاخرى على امتداد العالم. ومن الطبيعي، بل والمطلوب أن تقف الدول والشعوب العربية الى جانب الاشقاء في العراق لمواجهة اخطر مراحل المحنة التي يعيشونها منذ 17 مارس 2003 حتى الآن.
** ثانيا: انه من المعروف على الصعيدين القانوني والدبلوماسي ان مواقف الدول، على اختلافها، تعبر عنها السلطات التنفيذية المختصة، وفي حالة الولايات المتحدة الامريكية فان الادارة الامريكية، وتحديدا البيت الابيض والخارجية الامريكية هما المناط بهما التعبير الرسمي عن المواقف الامريكية الملزمة قانونا للادارة والدولة الامريكية. وهذه هي النقطة التي حاول من خلالها البيت الابيض الحد من أهمية قرار مجلس الشيوخ باعتباره قرارا غير ملزم للادارة الامريكية بشأن سياساتها في العراق وان ذلك لن يغير من سياساتها هناك.
وبغض النظر عن حاجة واشنطن، خاصة في ظل الظروف الراهنة في المنطقة والسحب التي تتجمع في سمائها بشكل متزايد، الى طمأنة الدول العربية الى انها لا تعمل رسميا من اجل تقسيم العراق، لأنها تعلم مدى المعارضة العربية الرسمية والشعبية لتلك السياسة، فإنه من غير الممكن التعامل مع قرار مجلس الشيوخ كأن لم يكن أو على انه أمر بسيط لن تلتزم به الادارة الامريكية. صحيح ان الكونجرس الامريكي بمجلسيه ـــ الشيوخ والنواب ـــ اتخذ قرارا من قبل باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية منظمة ارهابية وضيق عليها الخناق في الولايات المتحدة، وصحيح ايضا ان الكونجرس اتخذ قرارا يطالب الادارة الامريكية بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس، ولكن في كلا الحالتين قرر الرؤساء الامريكين عدم تنفيذ ذلك لانه لايخدم المصالح الامريكية، وهذا الامر مستمر حتى الآن. وهذه النقطة ـــ الالتزام العملي بالقرار وتحويله الى سياسة ـــ هو ما تؤكد ادارة الرئيس بوش على انها لن تقدم عليها.
ومع وضع ذلك في الاعتبار الا ان اهمية قرار مجلس الشيوخ الامريكي الخاص بتقسيم العراق ـــ اذا كانت له من أهمية ولو بالسلب ـــ تتمثل في انه يعكس تيارا قويا في الدوائر البرلمانية الامريكية. وقد يأتي وقت تجعل فيه الادارة الحالية او القادمة ـــ بعد انتخابات الرئاسة العام القادم ـــ من هذا القرار سياسة رسمية أو على الاقل سيفا مسلطا على رقاب العراقيين لدفعهم الى القبول بسياسات معينة قد لا يرونها مناسبة لمصالحهم في المرحلة القادمة. وعلى أية حال فإنه من الواضح ان هناك قوى محددة على الساحة الامريكية تعمل من أجل تقسيم العراق الذي لا ولن يخدم المصالح الامريكية ولا المصالح العراقية ولكنه يخدم فقط المصالح الاسرائيلية المتمثلة في التخلص من العراق كأحد القوى الاقليمية المؤثرة في المنطقة.
** ثالثا : نقطة مهمة أخرى وهي انه بغض النظر عن قوة الولايات المتحدة، وهي قوة غير مسبوقة على امتداد التاريخ، الا انه من غير الممكن لمجلس الشيوخ الامريكي، او لأي برلمان آخر أن يقرر ازالة دولة ـــ لاينتمي اليها ـــ من على الخارطة. أو تغيير النظام السياسي فيها. لأنه من المعروف بموجب قواعد القانون الدولي ان مثل هذه الاجراءات تقررها سلطات وشعوب الدول والاقاليم المعنية ولاتقررها عنهم أية جهة أخرى. كما انه ليس من سلطات قوات الاحتلال ان تقوم بمثل هذه الاجراءات لان شعوب الاقاليم المعنية هي التي تملك سلطة تقرير ذلك في النهاية. يضاف الى ذلك ان تعثر الولايات المتحدة في العراق وما تتعرض له من تعقيدات ومشكلات هناك هو نتيجة للاقدام على اجتياح العراق بدون دراسة أو التحسب بشكل كاف لمرحلة اعادة الاعمار وإعادة بناء النظام السياسي في العراق بعد الاطاحة بالنظام السابق. ومن ثم فإنه من غير الممكن ان يتم التضحية بالعراق وبوحدته الوطنية والاقليمية من أجل تمكين القوات الامريكية من الانسحاب منه سريعا لأن ما حدث هو في النهاية مسؤولية امريكية في المقام الاول.
وعلى أية حال فإنه لمجلس الشيوخ الامريكي وللكونجرس الامريكي ان يتخذ ما يراه من قرارات لخدمة المصالح الامريكية او غيرها، ولكن المسؤولية على ارض الواقع ستقع على عاتق المسؤولين والشعب العراقي لأنه ببساطة صاحب المصلحة الاولى في الحفاظ على وحدة العراق واستعادة حريته واستقلاله. واذا كانت الدول العربية قد أكدت من قبل تمسكها بوحدة العراق ومعارضة تقسيمه الذي سيجعل منه بؤرة توتر كبيرة تمتد الى كل المنطقة من حوله، فإنه من المهم والضروري بذل كل ما يمكن من جهود للحفاظ على وحدة العراق لأن فيها الحفاظ على استقرار المنطقة في النهاية. والشعب العراقي مدعو ايضا لتحمل مسؤوليته في هذا المجال بإنجاح مقترحات المصالحة الوطنية والقضاء على عناصر القاعدة ووقف عمليات الفرز الطائفي التي تشجعها بعض الاطراف العراقية للاسف الشديد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
حتميات الوضع في العراق
ريتشارد كوهين
واشنطن بوست
إن إقامة الهند وباكستان الحديثتين استلزم ترحيل أكثر من 12 مليون نسمة. كما أن بنجلاديش ذاتها تم اقتطاعها من باكستان. كما جاء إنشاء جمهورية سربسكا، وهي كيان ربما لم تسمعوا عنه من قبل، نتيجة لتفتيت يوغسلافيا، التي لم تكن موجودة قبل القرن العشرين، ولم تستمر الى القرن الحادي والعشرين. الأمر الذي لا شك فيه هو أن الدول تأتي وتذهب. لذلك، ألم يحن الوقت الآن لتفتيت العراق وزواله؟
أما أسلوب تفتيت العراق وزواله، فقد ابتكره منذ فترة طويلة السيناتور جوزيف بيدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، ومرشح الرئاسة غير المعروف لدى معظم الأمريكيين ليسلي جيلب وهو الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية. يؤيد بيدن وجليب تفتيت العراق الى فيدرالية تتكون من ثلاثة أجزاء هي: شمال كردي، ووسط سني وجنوب شيعي. هذه المصطلحات ـــ شمال، وسط، جنوب ـــ تعد أكثر التقديرات غموضا، لكنها تمثل فكرا ما، أو يأسا، أو تراجعا: إن الأسلوب الوحيد الذي سوف يفلح في العراق يتمثل في الاعتراف بحقيقة مهمة وهي أنه من غير المحتمل أن ينجح العراق بالأسلوب الذي أرادته الولايات المتحدة الأمريكية.
فمنذ نشر خطة بيدن ـــ جيلب منذ أربع سنوات، تسببت الحقائق الواضحة على الأرض في بدء عملية تنفيذ فعلية لتلك الخطة. يعتمد العراقيون بأسلوب أو بآخر على أنفسهم، ويفعلون كل ما هو ممكن لتحقيق الأمن بأسلوبهم الخاص، وبالتالي فهم يعمدون الى إنشاء مناطق مستقلة بصورة أو بأخرى. الذي يحدث حاليا هو أن العراقيين يفرون من منازلهم بمعدل 100000 شخص شهريا، والسنة ينتقلون الى المناطق السنية، والشيعة يذهبون الى الأماكن الشيعية، أما الأكراد فلا يذهبون الى أي مكان لأن لديهم حاليا ما يشكل دولتهم الخاصة بهم.
إن أولئك الذين يشككون في خطة بيدن ـــ جليب يشيرون الى بغداد التي يستحيل فعليا تخصيصها لمجموعة عرقية واحدة أو تقسيمها الى مناطق عرقية مختلفة. لهذا السبب ذكرت جمهورية سربسكا. أنا شخصيا كنت في البوسنة والهرسك خلال الحرب الأهلية في التسعينات، حينها كان يدور الحديث حول معدلات الزواج بين المسلمين والمسيحيين، وكيف أنه يستحيل فصل المجتمعين عن بعضهما. كان هذا الوضع ينطبق بوجه خاص على سراييفو التي استضافت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في عام ،1984 وكانت، كما أكد لنا الجميع، مدينة حديثة تماما يقطنها سكان عصريون. وخلال عقد واحد من الزمان، حلت الفوضى في كل مكان وتحولت المدينة الى جحيم، وفر المسلمون الى الأماكن المسلمة، وذهب الكروات الى المناطق الكرواتية، وانتقل الصرب الى الأقاليم الصربية.
العراق وبغداد يتبعان نمطا واحدا. فشأنها شأن يوغسلافيا، العراق كانت دولة توحدها القبضة الحديدية ثم انهارت تماما وتفتتت. فالعاصمة التي كانت ذات يوم واحدة من أجمل المناطق التي تقطنها الطبقة المتوسطة، وتتمتع بتاريخ عريق من التسامح انزلقت الى الفوضي وتفتتت الى مناطق عرقية آمنة. العراق نفسها تعيد ترتيب نفسها، لكنها تمثل شكلا دمويا من إعادة تكوين المناطق، وهي تفعل ذلك ليس بسبب خطة بيدن ـــ جيلب التي ترمي الى إقامة فيدرالية لكن بسبب حقيقة أن الجماعات العرقية الثلاث الكبيرة لا تستطيع أن تتعايش مع بعضها البعض.
ربما يكون من الأفضل بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية أن تعترف بالواقع وتوافق على دعم تقسيم الدولة. وربما يكون من المفيد أيضا بالنسبة لمرشحي الرئاسة الديمقراطيين أن يفعلوا نفس الشيء. بيد أنه ولأن بيدن من المنافسين، فإن الآخرين، باستثناء بيل ريتشاردسون، لم يعتمدوا هذه الخطة. لأنهم لديهم خطة مختلفة للعراق. لماذا؟ لأنهم يعارضون أي شيء يفعله الرئيس جورج بوش في الوقت الراهن.
إن الميزة الرئيسية لخطة بيدن ـــ جيلب هي أنها لا تنحرف عن التاريخ، بل إنها تذكره. إن الانفجار البركاني للقومية والطائفية قد خضب القرن العشرين بالدماء ـــ فهناك المحرقة التي لم تصلح مسارها بعد. هناك قول مأثور مفاده أن المزارع وصاحب المزرعة لن يكونا أصدقاء أبدا. فشرق أفريقيا طردت التجار الهنود والصينيين. وفعلت بعض أجزاء آسيا نفس الشيء. التوتسي سوف يقتلون الهوتو، وصرب البوسنة سوف يقتلون مسلمي البوسنة، ونفس الشيء سوف يحدث بصورة أو بأخرى إذا تم فرض حل دولة واحدة للمسلمين واليهود على إسرائيل. حتى بلجيكا مهددة بالتفتت، حيث يسير المتحدثون بالفرنسية والمتحدثون بالهولندية كل في طريقه الخاص به. إننا كبشر معروف عنا سمة الكره.
هناك عقبات وعراقيل كبيرة تعترض تنفيذ خطة بيدن ـــ جيلب للفيدرالية ـــ منها ما يلي: كيف يمكن تقسيم العائدات النفطية، كيف سيتم التعامل مع إيران (هل يخضع الجنوب الشيعي العربي في نفس الوقت لإيران الشيعية الفارسية في ذات الوقت؟) وكيف سيتم تحويل السياسة الى خطة يتم تنفيذها خطوة خطوة؟ إن أي سياسة لا تدخل في رحى التاريخ، باسم رومانسية المحافظين الجدد أو أحلام العقيدة ينبغي أن تحظى بدعم الأمريكيين. لقد سقط ما يكفي من الأرواح. وربما يمكن عن طريق الاعتراف بحتميات الوضع في العراق إنقاذ البعض.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
هل قبل صدام المنفي؟‏!‏

مكرم محمد أحمد
الاهرام مصر
إذا صح ما نشرته صحيفة السلام الأسبانية علي أنه نص مذكرة رسمية تلخص اللقاء الذي تم في‏22‏ فبراير عام‏2003‏ قبل أقل من شهر علي غزو العراق‏,‏ بين الرئيس الأمريكي بوش ورئيس الوزراء الاسباني السابق جوزيه ماري أزنار في مزرعة الرئيس الأمريكي قريبا من تكساس‏,‏ من أن صدام حسين كان مستعدا لمغادرة العراق والعيش في المنفي مقابل امتناع الولايات المتحدة عن عملية الحرب‏,‏ شريطة أن يحمل معه بعض الوثائق التاريخية ومبلغ مليار دولار‏,‏ لكن الرئيس الأمريكي رفض هذا العرض‏,‏ يكون الرئيس بوش قد فقد كل الذرائع التي قدمها تبريرا لهذه الحرب اللعينة‏,‏ ابتداء من امتلاك العراق أسلحة دمار شامل التي ثبت أنها كذبة كبري لفقتها اجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية‏,‏ وحاك فصولها المشينة التي تم الكشف عن معظمها نائب الرئيس تشيني من ضرورة إسقاط صدام حسين‏,‏ الذي يقول انصار الحرب إنه كان يكفي وحده هدفا للحرب وسببا للفخر بنتائجها‏,‏ لأنها خلصت العراق من طاغية مستبد‏,‏ وخلصت الإنسانية من رئيس شرير يمكن للعالم أن يكون أكثر سلاما في غيابه‏!‏

ويصبح في حكم المؤكد تاريخيا‏,‏ أن قرار الغزو كان بالفعل قرارا اتخذه المحافظون الجدد قبل أحداث سبتمبر‏,‏ التي استخدمها الرئيس بوش لتحقيق استراتيجيتهم في الاستيلاء علي العراق لأهداف تتعلق بالبترول وخدمة لأمن إسرائيل‏,‏ خصوصا بعد ان تكشف كذب كل الذرائع والأسباب‏,‏ بما في ذلك أن صدام حسين كانت له علاقات سابقة مع تنظيم القاعدة‏,‏ وما يزيد من قيمة هذه الوثيقة التي نشرتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نقلا عن الصحيفة الاسبانية‏,‏ أن الوثيقة كتبها السفير الاسباني لدي الولايات المتحدة يومها خافيار روبيرز الذي حضر اجتماع كراوفورد وأنها حفظت في أرشيف الخارجية الاسبانية‏.‏

وتشير الوثيقة إلي أن رئيس الوزراء الأسباني ازنار كان يأمل حتي هذا التاريخ في امكان تجنب الحرب أو علي الاقل اقناع الرئيس بوش بضرورة حصوله علي تفويض من مجلس الأمن قبل شن الحرب‏,‏ لكن بوش أوضح لرئيس الوزراء الاسباني أنه وإن كان يأمل في ذلك‏,‏ إلا أن بعض الحكومات الأوروبية تتردد في مساندة الموقف الأمريكي مؤكدا انهم سوف يدفعون الثمن‏,‏ وقد ركز معظم انتقاداته علي الرئيس الفرنسي يومها جاك شيراك‏,‏ الذي اطلق عليه مستر عربي‏,‏ لكن بوش أكد في لقائه مع ازنار انه سوف يكون في جميع الاحوال في بغداد قبل نهاية مارس‏,‏ وأنه كلما اشتد نقد الأوروبيين له زاد ذلك من تأييد الشعب الأمريكي له‏.‏

إن خطورة الوثيقة ليس فقط في انها ازاحت الستار عن واحد من اهم أسرار حرب العراق‏,‏ ولكن في تأكيدها ان الحرب كان يمكن تجنبها لولا أنه الرئيس بوش‏.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
المرتزقة والسيادة
حسين العودات
البيان الامارات
اكتشف معظمنا أن الجيوش التي احتلت العراق ومازالت تحتله هي ليست فقط الجيوش الأميركية والدول (المتحالفة) معها وإنما تشاركها أيضاً الاحتلال والتنكيل قوات أخرى هي قوات (شركات الأمن وعددها ثلاث وعشرون شركة) تحمي المؤسسات الأميركية وبعض المؤسسات العراقية والأجنبية الأخرى.


فضلاً عن الشخصيات السياسية والسفارات وشركات الاستثمار وتلك التي تقدم الخدمات للجيوش المحتلة أو تحمي المشاريع التي تقام في العراق وأنابيب النفط وما لا يحصى من المنشآت والمشاريع والخدمات، حيث صارت كل شركة أو جهة تلتزم عملاً أو استثماراً تجلب معها شركة أمن من صلب هيكليتها وكجزء من العاملين فيها.


ولا يعرف أحد على وجه الدقة أعداد أفراد (شركات الأمن) هذه وتعطيها أقل التقديرات مئة وعشرين ألف مسلح حيث بلغ عدد أفراد شركة أمن واحدة هي (بلاك ووتر) عشرين ألف مسلح بأفضل الأسلحة بما في ذلك طائرات الهليكوبتر،


واكتشفنا أن هؤلاء المسلحين لا يخضعون لدولة أو لقانون فقانونهم خاص بهم ويمكنهم قتل من يشتبهون أنه يهدد أمن المؤسسات (أو الأفراد) التي يحرسون، ولا يطالهم لا القانون العراقي ولا الأميركي ولا أي قانون آخر باعتبارهم لا يخضعون لأية دولة ولا لأي ضابط،


وكانت فضيحة قتل أحد عشر مدنياً عراقياً مطلع هذا الشهر برصاص مسلحي شركة (بلاك ووتر) لمجرد الشبهة خير دليل على جرائم هذه الجيوش الموازية التي لا تلوذ بأية شرعية قانونية محلية أو دولية


وتخرج عن سيطرة الحكومة العراقية بل وعن سيطرة جيوش الاحتلال، أي أنها بأي مفهوم أو اصطلاح أو عرف أو قانون محلي أو دولي قوات مرتزقة استأجرتهم جهات عديدة ومنحوا (لا نعرف من أية جهة) صلاحيات استخدام أسلحتهم في ضوء ما تمليه عليهم غرائزهم.


وعندما قررت الحكومة العراقية علناً وبلسان نائب رئيس الوزراء سحب رخصة شركة (بلاك ووتر) بعد جريمتها سرعان ما تراجعت بعد يومين أمام الأوامر الأميركية (بعد أن اكتشفت أن من مهماتها حماية أعضاء الحكومة أيضاً)


ومن المعلوم أن معظم هذه الشركات هي شركات أميركية توظف مسلحين معظمهم من المجرمين السابقين أو المحاربين السابقين ومن مختلف البلدان وبرواتب مرتفعة جداً تصل إلى خمسة عشر ألف دولار شهرياً وأحياناً لضعف هذا المبلغ،


ومن البديهي أن الشعب العراقي يدفع هذه الرواتب التي تضاف تلقائياً إلى التعهدات والالتزامات التي تقع على عاتق من يستأجر هذه الشركات فلا يكفيه أنه يتعرض للقتل والإهانة من مسلحي هذه الشركات بل يدفع أيضاً أجور من يهينه ومن يقتله.


لقد كان احتلال العراق سبة في تاريخ الشعب الأميركي ولأنه عمل أخرق وعدواني وغير قانوني حسب العرف والقانون الدولي وغير أخلاقي بطبيعة الحال فقد لجأت الإدارة الأميركية بعد الاحتلال إلى مجلس الأمن وضغطت على دوله واستطاعت اتخاذ قرار يلتف على عدم شرعية الاحتلال


ويجعله شرعياً وغطته بالقانون الدولي وبقرارات مجلس الأمن وبالتالي أمكن للإدارة الأميركية أن تزعم أن تواجد جيوشها في العراق (مغطى) بقرارات الشرعية الدولية أما قوات شركات الأمن هذه فما من قانون أو عرف يغطي وجودها لا مباشرة ولا مداورة،


وبقيت كالكلاب الشاردة المسعورة تتسلى بقتل العراقيين فهي مسلحة دون قانون يبيح تسليحها وتقوم بعمليات عسكرية ضد الآخرين وكيفما اتفق دون تغطية قانونية، اللهم إلا إذا اعتبرنا موافقة الحكومة العراقية على عملها تشبه التغطية القانونية


وتعطيها حقوق امتهان كرامة العراقيين وحياتهم، ونعرف أن الحكومة العراقية لا تلوي على شيء في هذا المجال ولا تستطيع أن تقول لا لأي طلب ترخيص لهذه الشركات (ما قال لا إلا في تشهده).


واكتشفنا من جهة ثانية بعد احتلال العراق أن ما تقوله الولايات المتحدة عن مكافحة الفساد في دول العالم النامي من رشوة وسرقة المال العام ونهب خيرات البلاد وعن ضرورة تحقيق الشفافية ما هو إلا كلام للتصدير ومبررات للتضييق على هذا النظام أو ذاك أو الضغط عليه لا موقف جدي يهدف فعلاً لمحاربة هذه الآفات التي ابتليت بها دول العالم النامي وغرقت في وحولها حكومات هذه الدول،


ويبدو أن الأمراض نفسها أحياناً أصابت أنظمة البلدان المتقدمة وسياسييها ولم يسلم منها أحد، وما فَضَحَ الفساد الأميركي هو اكتشاف الأميركيين أنفسهم أن شركة (هاليبرتون) مثلاً سرقت أموال الشعب العراقي وأموال الشعب الأميركي معاً من خلال العقود والعطاءات التي حصلت عليها في العراق لتقديم الخدمات للجيش الأميركي كالغذاء والنفط وغيرها


وأن نائب الرئيس الأميركي (ديك تشيني) كان مسؤولاً كبيراً في هذه المؤسسة وله علاقة مباشرة بما جنته وتجنيه من أموال في العراق، وقد (لفلفت) الإدارة الأميركية فضائح وسرقات (هاليبرتون) واختلاساتها ومخالفاتها خدمة لعيني نائب الرئيس ومن معه من الشركاء


كما (لفلفت) فساد شركات أميركية أخرى يدعمها متنفذون، وذهبت الشفافية والاستقامة والنزاهة أدراج الرياح، علما بأن مخالفات (هاليبرتون) واختلاساتها وأرباحها هي ليست فقط من أموال الشعب العراقي بل أيضاً من أموال دافع الضرائب الأميركي،


وبالتالي فقد شرّعت إدارة الرئيس بوش الاختلاس والرشوة والفساد عامة بعد أن ثقبت آذاننا بصراخها حول الشفافية والاستقامة والنزاهة والديمقراطية، ويبدو أن (ما حدا أحسن من حدا) فليست حكومات البلدان النامية وحدها هي الفاسدة،


لأن الظاهرة عامة ومن الطبيعي أنها تترافق مع العولمة واقتصاد السوق ومختلف التعابير والإجراءات المماثلة التي أتحفنا بها الأميركيون بعد انتهاء الحرب الباردة وفرض هيمنتهم على عالمنا، ولعل هذا من طبيعة الأمور لأن قيم العولمة وأخلاقها وتقاليدها ليست بعيدة عن هذه الممارسات.


إن قبول تواجد شركات الأمن وانتشارها سواء حصلت على رخصة من الحكومة المعنية أم لا هو عمل مخل بالسيادة بشكل صريح ولا يمكن تسويغه بأية حال، فكيف يمكن أن تجتمع سيادة الدولة (والحكومة) على أراضيها مع وجود قوى مسلحة (وغالباً بسلاح مهرب كما تبين بعد فضيحة بلاك ووتر)
ومع إعطاء الحق لهذه الشركات باستخدام السلاح لا حسب القانون المحلي أو الدولي ولا حسب أي قانون آخر بل على هواها، فأية سيادة هذه التي يمكن أن تتحدث عنها الحكومات التي سمحت لشركات أمن أقوى من جيشها وشرطتها وقواها المسلحة بالعمل في بلادها دون التزام بالقوانين التي تلتزم بها عادة القوات المسلحة وإذا لم تكن هذه الشركات قوات مرتزقة فماذا يمكن أن تكون؟.
كما أن تفويض المحتل بفرض الشركات التي يريد وتكليفها بتنفيذ أعمال ومشاريع ونشاطات دون أن يحق لأحد سؤالها أو الاستفهام عن أسعارها أو محاسبتها هو أمر مخل بالسيادة بدوره، فأية سيادة هذه التي لا يحق معها للحكومة أن تسأل عن مصير أموالها أو تحد من قوى مسلحة خاصة تعمل على أرضها دون قانون أو عرف أو حتى تبعية لدولة ما؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
مقاولات الموت في العراق
رنا خالد
البيان الامارات
ألقت حادثة قتل 11 مدنيا عراقيا من قبل حراس أمنيين يعملون لصالح شركة بلاك ووتر الضوء على واحدة من اخطر فصول الأمن والاضطراب في العراق ألا وهي الشركات الأمنية التي تسمى بشركات المقاولات الأمنية. في الواقع أن الاسم الصريح لهذه الشركات هي شركات توريد المرتزقة.....والمرتزقة هم عبارة عن جنود أو مسلحين غير رسميين يعملون لصالح شركات خاصة ويقاتلون ويقتلون خدمة لمصالح هذه الشركات. الولايات المتحدة هي أهم دول العالم استخداما للمرتزقة بفعل عوامل كثيرة من أبرزها وجود كم كبير من الجنود والعسكريين المسرحين عن الجيش الأميركي والذين أصبحت لديهم خبرة في القتل والقيام بالعمليات العسكرية
مما حدا بالحكومة الأميركية الترخيص لهم بامتهان الأعمال العسكرية والأمنية ولكن عبر شركات خاصة معظمها ممولة من قبل البنتاغون بالظاهر أو بالباطن عبر مقاولين معتمدين. أهم ساحات أعمال تلك الشركات كانت جمهوريات أميركا الجنوبية والوسطى السلفادور ونيكاراغوا وهندوراس كولومبيا وغيرها من دول الاضطراب ونشاط رجال عصابات المخدرات.
وقد تم استخدام المرتزقة بشكل واضح في حرب فيتنام حيث احتاجت الولايات المتحدة إلى رجال تكون حركتهم أشبه برجال العصابات يقاتلون دون أن تحسب جرائمهم على حساب الحكومة الأميركية و يقتلون دون أن تحسب خسائرهم ضمن خسائر الجيش الأميركي. شركة بلاك ووتر هي واحدة من 28 شركة تسمى بشركات المقاولات الأمنية أسسها ضابط سابق في الجيش الأميركي تتلقى تدريباتها في ولاية كارولينا الشمالية ،تم استقدامها إلى العراق بعد عام 2003 وهي تعمل بموجب قانون أعلنته سلطة التحالف في عهد بول بريمر وهذا القانون يمنح هذه الشركات الحصانة من الملاحقات القانونية ويكون الغرض منها حماية المسؤولين الحكوميين الأجانب والعراقيين وحماية الشركات الأجنبية والمنشآت المهمة. بمعنى آخر هذه الشركات لديها تصريح بالقتل الفوري ودون أي مساءلة قانونية وهذا التصريح المفتوح بالقتل يلقي بظلال كثيفة على واقع التصرفات الإجرامية المبطنة التي تقوم بها وزارة الدفاع الأميركية. هذه الشركات في الواقع لا تمارس أعمال الحماية فحسب بل يوكل إليها أعمال الاغتيالات والتصفيات الجسدية وعمليات الكوماندوز التي تنفذ على بعض العشائر العراقية وخاصة في المناطق الساخنة كالرمادي والفلوجة.
كما وان نشاطها يمتد إلى مستوى آخر أكثر خطورة ألا وهو تجارة المخدرات والسلاح التي أضحى العراق أفضل الساحات الممكنة لممارسة هذا النوع من النشاط.شركة بلاك ووتر بالذات اختصت بعملية تهريب السلاح إلى العراق وتزويد العشائر ورجال العصابات ذوي العلاقة الوطيدة بالقوات الأميركية بمختلف أنواع الأسلحة والمعدات والسيارات حيث إن الحكومة الأميركية فتحت تحقيقا لمعرفة ما إذا كان موظفون في شركة «بلاك ووتر» الأمنية الأميركية الخاصة المتورطة في مقتل عشرة أشخاص في العراق قد أدخلت أسلحة إلى هذا البلد بشكل غير شرعي. وأكدت صحيفة «واشنطن بوست» أن تلك الأسلحة قد تكون بيعت في السوق السوداء في العراق وانتهت بين أيدي منظمات تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية. وأضافت المصادر أن التحقيق الذي يقوده مكتب المدعي العام في كارولينا الشمالية. حيث مقر بلاك ووتر فيه ما يكفي من القرائن لتوجيه التهم.ونشرت صحيفة «نيوز اند ابزرفر» الصادرة في كارولينا الشمالية أن اثنين من الموظفين السابقين في بلاك ووتر أقرا بتورطهما ويتعاونان مع السلطات الفيدرالية في تحقيقها. وقالت الصحيفة إن المحققين يبحثون فيما إذا كانت بلاك ووتر التي تسهر على امن موظفي السفارة الأميركية في بغداد تجلب أسلحة ومعدات عسكرية إلى العراق بدون ترخيص.كما أنهم يحاولون أيضا تحديد ما إذا كانت بلاك ووتر تملك الترخيص الضروري لاستخدام عشرات الأسلحة الرشاشة في معسكرات تدريبها في مويوك كارولينا الشمالية. واعتبرت شركة بلاك ووتر أن «لا أساس» لهذه الاتهامات. وفي بيان أصدرته ودعت بلاك ووتر الوكالة الفدرالية المسؤولة عن الأسلحة النارية والمتفجرات إلى «إجراء تحقيق معمق».


وأوضحت أنها صرفت على الفور اثنين من الموظفين الذين يلاحقهم القضاء الأميركي عندما اكتشف المحققون انهم «كانوا يسرقون الشركة». وأضاف البيان أن «الادعاءات التي تفيد أن بلاك ووتر مشتركة بطريقة ما أو متواطئة في أنشطة حول أسلحة غير شرعية لا أساس لها».


وقال إن «الشركة ليست على علم بأن احد موظفيها يصدر أسلحة بطريقة غير ملائمة». هذا اللغط الذي أثاره حادث شركة بلاك ووتر والذي أماط اللثام عن حقيقة ودور شركات الأمن في العراق فاذا كانت بلاك ووتر متهمة بتهريب السلاح فان الشركات الأخرى لديها نشاط آخر مفاده عمليات تأمين ونقل شحنات المخدرات خاصة بعد أن تحول العراق في الأربع سنوات الأخيرة إلى المركز الإقليمي لزراعة وتجارة المخدرات.


عموما قتل المدنيين العراقيين لم يكن الحادث الأول أو الأخير لهذه الشركات ولكنه ألقى الضوء على نشاط ونفوذ مقاولي الأمن أو موردي المرتزقة إلى العراق حيث شلت الحكومة العراقية من القدرة على القيام بأي إجراء رادع لهذه الشركات


حيث أعلنت الحكومة العراقية في بيان أن «مستقبل شركة بلاك ووتر مرهون بنتائج التحقيق الذي ستسفر عنه اللجنة العراقية الأميركية المشتركة في حادث ساحة النسور» غرب بغداد. وأوضح البيان أن الحكومة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق شركة بلاك ووتر على ضوء نتائج التحقيق الذي ما زال جاريا.


من جانبها، أعلنت المتحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد عن عدم تلقي سفارتها أي طلب رسمي من الحكومة العراقية بتغيير شركة بلاك ووتر. وبالمقابل عبرت الحكومة الأميركية من خلال موقفها وتصريحاتها الهزيلة عن واقع مفاده أن ممارسات مقاولي الأمن في العراق تحظى بالقبول والرضا والتغطية من قبل الحكومة الأميركية وان متطلبات الأمن الأميركي صارت أغلى بكثير من دماء العراقيين.


وفي كل الأحوال فان قتل العراقيين والتلاعب بمواردهم وأمنهم أصبح واحدا من أهم التجارات الرابحة التي تمارس في العراق ففي هذه التجارة كل شيء مربح وثمين ما دام يصب في دوامة العنف والفوضى في العراق. أما الإنسان العراقي صاحب اعرق الحضارات وصل به التداعي والانهيار إلى درجة صار حكامه لا يطيقون إلا أن يسقوا العراقيين من بلاك ووتر..!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
من يصدّق أمريكا بعد ؟
د. فيصل القاسم
الشبيبة عمان

لا أدري لماذا ما زال الإعلام العربي أو العالمي يعير المزاعم والأقوال الأمريكية اهتماماً كبيراً؟ فلو كنت مكان وسائل الإعلام الدولية لتجاهلت أية تصريحات تصدر عن إدارة بوش الأمريكية، خاصة عندما تتعلق بتوجيه التهم لهذه الدولة أو تلك. لماذا تبدو ذاكرة الإعلام العربي والعالمي قصيرة كذاكرة الفيل؟ لماذا نسينا بهذه السرعة الرهيبة سلاسل الكذب الأمريكي السفسطائي المنظم؟
من يصدق أمريكا بعد كل أكاذيبها التي سبقت غزوها للعراق؟ لقد كانت كل التصريحات والأقوال الأمريكية قبيل الغزو مجرد سلسلة مفضوحة من التلفيقات والفبركات والمغالطات بشهادة الأمريكيين أنفسهم، فقد اعترف مثلاً وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول بأن كل الشهادات التي أدلى بها أمام مجلس الأمن الدولي بخصوص امتلاك العراق أسلحة دمار شامل كانت من بنات أفكاره وأفكار الإدارة الأمريكية وماكينات الكذب داخلها.
ثم اعترف نائب وزير الدفاع السابق بول وولفوتز بأن أزعومة حيازة العراق أسلحة نووية كانت لأسباب فنية وإدارية، لا أكثر ولا أقل. ويعترف عشرات الكتاب والخبراء والمسؤولين الأمريكيين في الفيلم التسجيلي الشهير " تسويق الغزو" الذي بثته بعض الفضائيات مؤخراً بأن البيت الأبيض كان يكذب بشكل مفضوح على طول الخط لتمرير الغزو بأي وسيلة.
بعبارة أخرى لقد غدا الأمريكيون رمزاً للتزوير ولي عنق الحقائق وتزييف الأمور، إلى حد أن أحد الكتاب الأمريكيين الساخرين اقترح على "جمعية الكذابين" في البلاد أن تقدم جائزتها السنوية التي تمنحها عادة لصاحب أغرب الأكاذيب للإدارة الأمريكية، على اعتبار أنها بزت كل أعضاء الجمعية في الكذب والفبركة. ويستشهد الكاتب بالكذبة الأمريكية "التاريخية" التي زعمت أجهزة الأمن الأمريكية من خلالها أنها عثرت بعد مرور دقائق فقط على انهيار برجي مبنى التجارة الدولي في نيو يورك على جواز سفر أحد الانتحاريين الذين شاركوا في تفجير البرجين بواسطة الطائرات. لاحظوا أن كل شيء بما فيه الإسمنت المسلح والفولاذ الصلب وناطحات السحاب قد انصهرت بفعل اصطدام الطائرتين بالبرجين، بينما ظل جواز سفر أحد الانتحاريين على قيد الحياة سالماً غانماً!!!
لقد كانت فعلاً كذبة من العيار الثقيل جداً. هل يُعقل أن المحققين استطاعوا العثور على بقايا جواز سفر وسط ألوف الأطنان من الحطام والركام بهذه السرعة الرهيبة؟ إنهم كمن يبحث عن ابرة في كومة قش عملاقة، وهو مثل يضربه الناس عادة عندما يريدون أن يبرهنوا على استحالة تحقيق أمر ما. لكن من قال إن المستحيل عصي على آلة الكذب الأمريكية؟ لقد تمكن المحققون من العثور على الإبرة، و"اللي مش عاجبو يشرب من مية البحر الأصفر"!
لكن بالرغم من اعتراف المسؤولين الأمريكيين بأنهم كذابون من الطراز الأول فيما يخص غزو العراق وأفغانستان وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، إلا أنهم ما زالوا يكررون الأكاذيب ذاتها مع اختلاف الضحية هذه المرة. لا نريد أن نقول لهم: العبوا غيرها"، لأنهم قوم لا يخجلون أبداً، ولا يتورعون عن تكرار السيناريوهات المفبركة نفسها لتمرير مخططاتهم على مرأى ومسمع الإعلام العالمي. والغريب في الأمر أن الإعلام ما زال يتعامل معها على أنها جديرة بالنشر والمناقشة.
ها هي أمريكا وإسرائيل الآن تتهمان سوريا بإنشاء موقع نووي بالتعاون مع كوريا الشمالية، وهي نفس التهمة التي ألصقتاها بالعراق، ودمرتاه على أساسها، حتى تبين لاحقاً للعالم أجمع أنها كذبة شنيعة يجب أن يُحاكم مروجوها ويعاقبوا عقاباً مريراً.
ألا يخجل الأمريكيون والإسرائيليون من توجيه تلك التهمة المضحكة لدمشق بعد كل أكاذيبهم وفبركاتهم السابقة التي لم تعد تنطلي حتى على تلاميذ المدارس؟ أليس حرياً بكل وسيلة إعلام عربية وعالمية تحترم نفسها أن تعرض الاتهامات الأمريكية لهذا البلد أو ذاك من الآن فصاعداً على شكل نكات و"قفشات" ترفيهية على طريقة الكاميرا الخفية أكثر منها كتـُهَم جديرة بالتصديق والنقاش؟
لقد علق أحدهم ساخراً على الكذب الأمريكي: "بإمكانك أن تعرف متى يكذب المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون: عندما يتكلمون"، أي أن كل ما يندلق من أفواههم من كلام في السنوات الأخيرة كان عبارة عن كذب بكذب. ولعلهم بهذه السياسة الغوبلزية يحييون المدرسة السفسطائية اليونانية القديمة البائدة سيئة الصيت القائمة على مركــّب من الوهميات، وفساد المنطق، وتزييف الحقائق، وتضليل الناس، وإنكار البديهيات، وما قبله العقل السليم.
وقد أصاب المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي كبد
الحقيقة عندما عنون أحد بحوثه حول امبراطورية الكذب والتضليل الأمريكية بـ" السفسطائية المحدثة وكيفية حضورها في الهيمنة الأمريكية: قديم اليونان "الفاسد" يُستعاد من دون أفلاطون وأرسطو".
فما أحوجنا إلى آلاف الإعلاميين والمفكرين من طراز الفلاسفة اليونانيين هذه الأيام لمواجهة السفسطائية الأمريكية المرعبة بقيادة (بروتاغوراس وكراتيلوس) الأمريكيين وغيرهما ونسفها من أساسها، كما فعل أفلاطون وأرسطو مع السفسطائية اليونانية القذرة التي تنــّدر الإغريق بسقوطها الخلقي والأخلاقي، وشدة بؤسها وفسادها الإعلامي.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
المحافظة على وحدة العراق بين العراقيين وحدهم
افتتاحية
الراي الاردن
يعكس حجم الرفض الذي قوبل به قرار مجلس الشيوخ الاميركي القاضي بتقسيم العراق الى ثلاثة كيانات سنية وشيعية وكردية في اطار فيدرالية عاصمتها بغداد قلق الاطراف الرافضة من دول وتنظيمات واحزاب وشخصيات سياسية ودينية وحزبية ازاء المخاطر الجدية التي تهدد وحدة العراق وتضعه في اتون فتنة طائفية وعرقية لا يعرف احد مدى واكلاف الحريق الهائل الذي سيشتعل في المنطقة بأسرها وبما يؤشر الى احتمالات باندلاع حروب اهلية بأبعاد اكثر خطورة تنخرط فيه اطراف لها مصلحة في تفتيت هذه الامة ورسم خرائط جديدة لها لا تخفي قوى معروفة رغبتها بحدوثها لانها الطريق الاقصر لتحقيق اهدافها الخبيثة في السيطرة على هذه الامة ومقدراتها وتنصيب نفسها قوة مقررة في مصائرها..

ردود الفعل الغاضبة التي اتسمت بها مواقف قوى دينية وسياسية وحزبية في العراق ازاء هذا القرار المتغطرس وغير العابئ بمصائر الشعوب وبالاستقرار والامن في المنطقة ، تزيد من الثقة ، بان الفرصة لم تفت بعد على تدارك العراقيين للموقف الخطير الذي يعيشه بلدهم وبذل المزيد من الجهد لتحقيق المصالحة الحقيقية بين المكونات السياسية وبما يسمح بمشاركة حقيقية من قبل كافة القوى والمكونات السياسية في القرار الوطني بعيداً عن لغة المحاصصة وثقافة الالغاء وعقلية الثأر والاصطفاف الطائفي او المذهبي او العرقي.

ما من شك بأن قرار الشيوخ الاميركي يدخل في لعبة الشد والتجاذب السياسي الحاصل بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ازاء الملف العراقي والخطوات الواجب اتخاذها لإخراج الولايات المتحدة الاميركية من الورطة التي اوقعت نفسها والعراق بل والمنطقة فيها.. وصحيح ايضاً ان الرفض الذي اعلنه البيت الابيض بعد ساعات عن صدور القرار غير الملزم للإدارة الاميركية يقلل من المخاوف المشروعة التي استبدت بالعراقيين ودول المنطقة بل ومعظم دول العالم.. ما يستدعي اتخاذ المزيد من خطوات التطمين الميدانية كي يتم استبعاد هذا السيناريو الكارثي الذي سيضع المنطقة على فوهة بركان.

جملة القول ان قرار المحافظة على وحدة العراق وابعاد شبح التقسيم هو بيد العراقيين انفسهم قبل غيرهم ومهما كان حجم وعدد وقوة الاطراف الداعية او الراغبة بهذا التقسيم الذي لا يخفي كثيرون رغبتهم بحدوثه وربما يكون هو الهدف الاول للحرب التي وقعت عليه واتخذت عناوين وشعارات لم تجد من يصدقها حتى الآن.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
هل تعلمون من هو المصور الصحفي الياباني الذي قتل في ماينمار .. ومن هو النحات المرتد الذي قتل في الكوت؟ !! .. الاثنان الى جهنم وبئس المصير
علاء الاعظمي
دورية العراق
خبران تناقلتهما وكالات الانباء العالمية والصحف المحلية الخبر الاول هو مقتل الصحفي الياباني كينجي ناغاي في المواجهات التي حدثت بين الشرطة والجيش الماينماري في تايغون وبين المتظاهرين الذين يقودهم الرهبان
الصحفي الياباني القتيل هو الصحفي الذي رافق قوات الاحتلال الامريكي وكان يصور دخول العلوج الى مدينة بغداد الحبيبة وفي شارع السعدون حيث ساحة الفردوس وتمثال الشهيد صدام حسين عندما اسقطته الدبابات الامريكية وفق برنامج معد سلفا نظمته شركة علاقات عامة اسرائيلية مسجلة في بولونيا وبمصاحبة العملاء من مما يسمى بجيش العراق الحر الذي يشرف عليه النذل احمد الجلبي وقد قام هذا المصور الصحفي ببث الفلم الذي يصور سقوط التمثال وهوسات الغوغاء حوله لعنة الله على هذه الصحفي الياباني كينجي ناغاي وان الله يمهل ولا يهمل .اما الثاني الذي نقلت الصحف المحلية خبر مقتله فهو النحات باسم حمد الذي عمل النصب في مكان تمثال ابوعدي واسماه الناجون تيمنا بالناجين من مما يسمى بمحرقة الهلوكوست اليهودية في المانيا الهتلرية والذي زاره الملعون بريمر لمناسبة الذكرى الاولى لاحتلال بغداد حيث قتل هذا المرتد الملعون باسم حمد في الطريق الذي يربط بين بغداد والكوت خلال الاسبوع الحالي وقد خصص اتحاد المرتدين من الادباء المحسوبين على العراق امسية قبل يومين غطتها قناة الحرة العلوجية وقدم فيها المرتدون ممن كانوا ضمن قوائم التكريم من ديوان الرئاسة اشعارا وقصائد تمدح هذا المرتد الذي فطس على ايدي الاشاوس التمثال الذي قبض ثمنه بملايين الدولارات من خزينة الشعب العراقي والذي بدأ يصدأ ويتهرأ يحتاج لقذيفة ار بي جي او لغم لنسفه من مكانه لانه عار على اهالي بغداد ان يصمد لمدة اربع سنوات في اعز ساحة من ساحات الشرف التي ترفعت بحمل تمثال صدام حسين ان الله هو المنتقم الجبار وكان قبلهم العلج فرانك النقيب الامريكي الذي وضع العلم الامريكي على راس صدام حسين قد قتل في احدى العمليات الجهادية في قاطع الموصل الا لعنة الله على النحات باسم حمد وكل من جلس في مجلس تابينه
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
هل يقسم العراق إلي 3 مناطق؟
افتتاحية
الاخبار المصرية
جاء تصديق مجلس الشيوخ الأمريكي علي خطة تقسيم العراق إلي 3 مناطق علي أساس طائفي وعرقي مخيبا للآمال وقوبل بقلق بالغ من شيوخ وأعيان العراق بل أيضا من الدول العربية التي تعتبر العراق قوة كبيرة للعرب. وقرار التقسيم الطائفي والعرقي لن يجلب الأمن والاستقرار للعراقيين بل ستزيد فرقتهم وتشعل الصراعات بين العراقيين والتقسيم ليس الحل بل هو مشروع لتقطيع أوصال العراق وتدخل لا يمكن السكوت عليه. وأعرب مجلس شيوخ وأعيان العراق انه علي العراقيين الوقوف صفا واحدا لمواجهة المشروع الطائفي العرقي دفاعا عن العراق أرضا وشعبا لأن العراق لا يقبل القسمة أو التجزئة وأن مصيره ومستقبله يقرره أبناؤه وليس الغير.
ونطالب الأمم المتحدة والجامعة العربية والشرعية الدولية رفض مشروع تقسيم العراق ومؤازرة العراقيين في رفضهم لتقسيم بلادهم ورفض التدخل في شئونهم. وأن إقرار خطة التقسيم لها مخاطر منها التوقيت واستغلالا من قبل قوي وأطراف محلية وإقليمية تري في التقسيم تقويضا لوحدة العراق وتحطيم نسيجه الاجتماعي والهيمنة علي مقدراته.
الحل الوحيد للمأزق السياسي والأمني الذي يعيشه العراق ومستقبله هو تحقيق المصالحة الوطنية والتصدي للتدخل الخارجي وعلي العراقيين التطلع إلي عراق موحد ومستقل أرضا وشعبا والتمسك بثوابت الموقف الوطني ورفض هذه الوصفة الطائفية والعرقية وطمس الهوية العربية .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
ما وراء الأكمة.. في العراق
د. نبيل الشريف
الدستور الاردن
لا يمكن أن تكون المصادفة وحدها هي التي جمعت بين حدثين مهمين يتعلقان بالشأن العراقي في يوم واحد ، فقد حصل نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي على مباركة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني لمشروعه المسمى «العقد الوطني» في نفس اليوم الذي أقر فيه مجلس الشيوخ الامريكي اقتراح السناتور الديموقراطي جوزف بايدن تقسيم العراق الى ثلاث مناطق سنية وشيعية وكردية؟
ورغم الاختلاف الظاهر بين المشروعين الا أنهما يتفقان على أن المخرج الوحيد من الازمة الحالية في العراق يكمن في فكرة الفدرالية (وهي الاسم الآخر للتقسيم).
ورغم ان بعض المسؤولين العراقيين قد اعترضوا على مشروع الكونغرس الامريكي بتقسيم العراق ، الا أن الاعتراض جاء فقط من باب أن الطروحات المتعلقة بمستقبل العراق يجب أن تأتي من داخل العراق ، وأن العراقيين أدرى بشؤونهم.
وأحسب أن سبب غضب بعض المسؤولين العراقيين يعود الى أن بايدن تسرع في تقديم مشروعه وأنه سرق الفكرة منهم وأن أي ترويج عراقي لقضية الفدرالية الان قد يبدو متساوقا مع طرح الكونغرس الامريكي ، وبالتالي فقد حرق بايدن فكرة كانت تطبخ على نار هادئة.. ولذلك كان لا بد أن يسارع الهاشمي في نفس اليوم ليأخذ مباركة السيستاني على فكرة «العقد الوطني» لاضفاء الصبغة المحلية التوافقية عليها.
ان التسابق الدولي والداخلي العراقي على طرح فكرة الفدرالية في نفس اليوم يدل على ان وراء الأكمة ما وراءها ، ويشير الى ان فكرة تقسيم العراق الى ثلاثة كانتونات اصبحت مطروحة بقوة ومقبولة من الفاعلين السياسيين في داخل العراق وخارجه.
ومعنى هذا ، ان العالم العربي الذي يتمسك دائما بخيار انكار الواقع كما فعل قبل الحرب على العراق عندما اصر محللوه وساسته على استبعاد قيام امريكا بشن الحرب حتى أخذوا على حين غرة عندما اندلعت الحرب ، اقول ان العالم العربي مطالب الان بالتفاعل مع فكرة الحل الفدرالي في العراق على انها طرح جدي يحظى بموافقة مرجعيات سياسية مهمة في داخل العراق وفي عواصم صنع القرار في العالم.
وعليه فان سيناريو قيام كيانات شيعية وسنية وكردية اصبح قاب قوسين أو ادنى من التشكل بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات خطيرة على الامن القومي العربي.. والمطلوب ان يتوقف العرب عن لعبة انكار الواقع وان يتعاملوا مع هذا الطرح على انه الخيار القادم بالنسبة للعراق.. فهل يدرك العرب ذلك؟، وماذا في جعبتهم للتصدي لهذا الخطر القادم؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
نحو دولة كانت تسمى العراق
مازن حماد
الدستور الاردن
لم يأخذ قرار مجلس الشيوخ الاميركي الداعي الى تقسيم العراق لثلاثة كيانات فدرالية ، او بالاحرى الى كيانين ينضمان الى الكيان الكردي المتمتع حالياً ومنذ عهد صدام حسين بحكم ذاتي واسع ، الاهتمام البالغ الذي يستحقه ، اذ يبدو ان البعض قد اطمأن الى الحقنة المخدرة القائلة ان هذا القرار غير ملزم للادارة الاميركية.
ورغم ان القرار الذي اتخذ بأغلبية ثلاثة ارباع اعضاء مجلس الشيوخ المائة ، هو بالفعل غير ملزم الآن ، فانه مرشح للتطور الى قرار ملزم مع مرور الوقت ، ذلك ان هذا القرار يستند الى دراسة دقيقة للوضع في العراق ، كما انه مبني على الكثير من اغراض التقسيم القائمة بالفعل ، او التي يجري السير نحوها بسرعة فائقة ، واضافة الى ذلك فقد حظي قرار مجلس الشيوخ بدعم جميع اعضائه الديمقراطيين الذين سيتحكمون بالقرار الاميركي بعد انتهاء ولاية بوش في نهاية العام المقبل.
وللتعرف على مخاطر هذا القرار «غير الملزم» علينا ان نطلع على ما ادخله السناتور الديمقراطي جوزيف بايدن من تعديل على مشروع قانون الدفاع للعالم «2008» ، حيث جاء فيه ما نصه ان «الولايات المتحدة ستدعمه بنشاط تسوية عراقية ترتكز على بنود في الدستور العراقي تنص على اقامة نظام حكم فيدرالي في العراق ، وتسمح بتأسيس اقاليم فيدرالية بما يتماشى مع رغبات الشعب العراقي وقادته».
من خلال هذا التعديل المستند الى بنود الدستور العراقي المثيرة للجدل والريبة ، والداعية الى نظام الاقاليم ذات الحكم الذاتي ، يسعى الديمقراطيون الى تقسيم العراق الى كيانات رخوة الارتباط بالعاصمة المركزية بغداد وصولاً الى وقف دائرة العنف الطائفي والعرقي ، والتقليل بذلك من الاصابات التي تلحق بالجنود الاميركيين ، وتهيئة الاجواء بالتالي الى انسحاب القوات الاميركية من العراق.
ولم يؤسس السناتور بايدن دعوته للتقسيم على معطيات ضعيفة ، اذ يقول ان عجز حكومة نوري المالكي عن تحقيق المصالحة الوطنية واعتراف ادارة بوش بذلك العجز يسهمان في منح المصداقية وفكرة التقسيم.
كما يعتقد بايدن بان الطوائف والاعراق المختلفة بحاجة الى الانفصال عن بعضها البعض ، لان هذه هي الطريقة الوحيدة الممكنة لاجتثاث العنف والارهاب ووضع العراق الفيدرالي على طريق التسوية.
ويقول بايدن ان تركيز ادارة بوش في الشهور الاخيرة على خلق مجتمع مدني من خلال دعمها المباشر للقبائل السنية في الانبار ، يشكل اقراراً من واشنطن لسياسة تقوم على اساس اللامركزية مما ينسجم مع دعوة بايدن وحزبه الى التقسيم.
واذا ما سئل بايدن وانصاره عن الاسباب التي تحول دون المالكي وتحقيق المصالحة الوطنية ، يقولون لك بان السبب الرئيسي هو ان الانتخابات التشريعية العراقية تمت على اساس طائفي ، ويستقوي الديمقراطيون ، ليس فقط بالنموذج الكردي ، اي كردستان العراق التي لديها حكومة وبرلمان ، لكنهم يستشهدون ايضا بالبلقان حيث ساعدت الولايات المتحدة في تأمين نظام فيدرالي للبوسنة والهرسك تم بموجبه فصل الصرب والكروات والمسلمين عن بعضهم البعض بعد سنوات من االحرب الاهلية.
فلماذا لا يقوم اذن كيانان احدهما شيعي والآخر سني الى جانب اقليم كردستان ، يتساءل بايدن وانصاره؟ لهذه الاسباب من السذاجة النظر الى قرار مجلس الشيوخ بتقسيم العراق على انه قرار عادي ، فالديمقراطيون الذين يؤمنون بان خيار التقسيم يخفف اعباء الاميركيين قد يلجأون الى هذا الخيار بالتواطؤ مع رموز سياسية كثيرة في العراق تنتظر هذه اللحظة ، ليس لاقامة نظام فدرالي على الطريقة الاميركية ، ولكن للتوجه نحو الاستقلال الكامل ، مع ما يعنيه ذلك من انهيار تام لدولة كانت تسمى العراق.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
تقسيم العراق.الحقيقة والحصاد الأميركي المر ?
داود البصرس
السياسة الكويت
(تقسيم العراق) مصطلح ليس بجديد بالمرة في قاموس العمل السياسي والاعلامي في العراق, كما انه ليس من بنات افكار بعض اعضاء الكونغرس الاميركي من الذين تقدموا مؤخرا بمشروع قانون يدعو للعمل على تقسيم العراق لثلاث كيانات عرقية وطائفية من اجل تأمين الغطاء الكامل لانسحاب سريع من العراق, فهذا المصطلح الكريه لفظا ورسما كان قد طرح للمرة الاولى اعلاميا في مطلع الثمانينات من القرن الماضي ومن خلال الخطوات التي كانت تجري متسارعة لاعداد الاقليم العربي والخليجي لساحة اشرس واقذر حرب عاشها العالم العربي وهي الحرب العراقية / الايرانية التي اندلعت في 22/9/1980 لتكون العنوان الانفجاري الاول والدليل المباشر لسلسلة من الحروب العبثية التي تناسلت لتشكل حالة اقليمية مشبوهة سوداء ذات دلالات تاريخية مرعبة تمثلت فيما بعد في غزو واحتلال دولة الكويت من قبل النظام العراقي البائد العام 1990 والتي كانت الشرارة الاولى لحرب الخليج الثانية (عاصفة الصحراء) العام 1991 والتي كانت بدورها الاعلان الاول لما سمي في حينه بالنظام العالمي الجديد والذي حسمت فيه وتحت ظل شعاراته ملفات خلافات دولية عاصفة غيرت شكل العالم ولكنها زرعت جمودا وحصارا هائلا على الافكار والرؤى في العالم العربي وحيث تسللت فايروسات الطائفية والصراعات العشائرية العقيمة لتتصدر اليوم للاسف ساحة العمل العربي, في مفارقة تاريخية لا نظير لرداءتها.
اتذكر جيدا وخلال الجولات التسويقية التي كان يقوم بها المشنوق (صدام حسين) للتسويق لزعامته ولمشاريعه العدوانية ولتكريس هيمنته على الحزب والسلطة في العراق من انه قد اعلن في بداية العام 1980 عن مخطط غربي لتقسيم العراق لثلاث دول (كردية وشيعية وسنية), ومؤكدا في خطاباته الكثيرة وقتها من انه سيقف بالضد تماما من تلكم المشاريع وسيكون (القائد الاوحد للشعب الواحد), وجرت بعدها مياه عديدة تحت كل الجسور كان من نتيجتها تورط العراق في اطول حرب اقليمية استنزافية عرفت بالحرب المنسية مع تآكل التلاحم الداخلي وترهل النسيج الاجتماعي وتراجع تاثيرات القوى الوطنية وارتفاع اسهم التيارات الطائفية والعشائرية حتى ان المجتمع المدني العراقي قد شهد تراجعا مؤلما نحو قيم الماضي البائدة من تعصب طائفي وعنصري وعشائري وهو ما زرع التفتيت في اللحمة الوطنية العراقية وتفاقم الموقف سوءا مع الهزيمة العسكرية المرة في غزو الكويت وانكفاء النظام العراقي على ذاته وسماحه وفق قوانين الدولة وقتها بعودة العصبيات العشائرية والمناطقية, وشهد العراق منذ العام 1994 ما عرف حينها بالحملة الايمانية التي شجعت التيارات الدينية المتطرفة والمغالية سنية كانت ام شيعية لتحفر مواقعها في عمق النسيج الاجتماعي محيلة الوضع الشعبي لحالة هلامية ورخوة لا تتناسب اطلاقا وافكار العصر الراهن ولا تتناسب مع طبيعة التطورات الدولية, فعاد المجتمع العراقي القهقرى لعصور سحيقة وتمكنت الطائفية المتعصبة والمنغلقة من فرض واقعها النتن وتراجع دور السلطة للخلف مكتفيا بحماية النظام من اية انقلابات عسكرية قد تحدث وتردى وضع الشعب لاسوأ حال بعد سيادة الافكار والتوجهات الظلامية المتخلفة وكانت حجة النظام البائد السابقة في الدوام هي رفع سيوف التهديد من انفراط الوحدة العراقية في حال رحيل النظام وهو تهديد ظل النظام مؤمنا به ومقتنعا بمفرداته حتى لحظاته الاخيرة وحتى دخول الثعبان الاميركي لمركز العش البعثي وتدميره, فقد كان صدام ونظامه يهيئون الساحة الداخلية لانفجار داخلي من خلال خطط تحطيم وتدمير كل مراكز الدولة العراقية ونهبها وتدميرها كما حصل تماما في يوم التاسع من ابريل 2003 في عموم العراق وفي ظل ستراتيجية الخراب البعثية المستندة للوعد الشيطاني المعروف والشهير والمعلن:
من يفكر بأخذ العراق منا, سنسلمه ارضا من دون شعب.
و قد كان هذا الوعد والخيار الشمشوني كل حصيلة الهيمنة الطويلة لنظام البعث العراقي وقد تحققت بالفعل سيناريوهات واسعة منه بسبب سوء فهم الارادات السياسية الدولية التي تحرك ملف التغيير في العراق والتداخلات التي نجمت عن عملية التغيير السياسي السريعة وغير المدروسة وأدت لتسلل عناصر سياسية وقوى وتيارات محلية معادية للديمقراطية وقيمها ومع ذلك فهي تستغل اغطية الديمقراطية الواهنة في العراق لتمرير طروحاتها في ظل سيناريوهات وتدخلات اقليمية واسعة ومعقدة في الشأن العراقي, فقيام الاميركان بتسليم امور العراق لبعض القوى الطائفية المرتبطة باجندات خارجية والموالية لدول اقليمية اخرى يعني منذ البداية انهم قد سلموا العراق ومستقبله لطريق الفشل بل ووضعه على اعتاب التقسيم الواقعي بعد ان تراجعت القوى الليبرالية والديمقراطية في ضوء سيادة لغة البلطجة والسلاح والعصابات الطائفية والعشائرية المعدة والمدربة جيدا لما دار في العراق, وقيام تلك القوى المتداخلة والمتوغلة في الشارع العراقي بعمليات تخريب داخلية كبرى ادت في الحصيلة لحالة الفشل السياسي العراقي والذي تمخض عنه برلمان ضعيف وممزق ووضع سياسي مريض ينطلق من مرض المجتمع العراقي الشامل, والفضيحة الكبرى ان دوائر الرصد والمتابعة والتحليل والستراتيجية الدولية لم تنتبه مسبقا رغم كل خبرائها لسيناريوهات الاوضاع العراقية المعقدة رغم انني لا اومن بان تلك القوى المركزية الدولية لم تنتبه للاحتمالات السلبية, بل على العكس ارى انها تعلم الشوارد والخفايا في الشؤون العراقية ولكنها تمارس سياسة فوضى مدروسة ومخططة سلفا وذات ابعاد ستراتيجية كونية لن نلمس نتائجها الحقيقية الا بعد عقود قد تمتد لمنتصف القرن الحادي والعشرين, فالمعركة ليست محلية عراقية صرفة ابدا بل انها معركة السيطرة التامة على المنطقة وبناء الخرائط الكونية الجديدة وهي حرب القيم والمعتقدات والثروات التي تتجاوز كل عناصر الصورة الكاريكاتيرية القائمة حاليا, فقد علمتنا التجربة الميدانية بانه لا شيء يخرج في الصدفة في الغرب, وكل ما نراه اليوم من فوضى عراقية ساخنة ومن هجرة شعبية واسعة المدى كان يدخل ضمن اطار ممنهج منذ بداية الثمانينيات, لا لوجود لشيء اسمه الصدفة في العقل والتخطيط والتنفيذ الغربي, ثم ان سيادة القوى الظلامية والعشائرية المتخلفة على الشارع العراقي وحتى العربي اليوم هو جزء حيوي من لعبة الامم كما كان حال الانظمة العسكرية في الشرق الاوسط منذ نهاية الخمسينيات وحتى مرحلة قريبا , وكما كان حال الانظمة الثورية القومية في الستينيات, فلعبة الامم واسعة البطن وهي تمتص وتهضم الكثير من عظام الشعوب ودمائها وقواها الحية, تقسيم العراق حينما يكون مطروحا وبشكل علني على طاولة الكونغرس الاميركي فهذا يعني في الحقيقة وضع اللمسات النهائية على هذا المشروع الستراتيجي الذي سيكون عنوان التحرك السياسي للعقد القادم في العراق, فمشاريع الفيدراليات الطائفية كمشروع ال الحكيم في الجنوب هو مشروع تقسيمي بامتياز تكون للعوائل الدينية/ السياسية المقدسة من ذوي الدماء الزرقاء والعمائم السوداء اسبقية السيطرة وبناء القواعد وخلق بؤرة توتر ساخنة في الخليج العربي وبما يجعل سيف التقسيم مسلطا على رؤوس الخليجيين ذاتهم, اما امارة السلف الصالح في وسط العراق وغربه فهي صورة مضحكة لعصور الفتنة الكبرى لتشكل مع اقليم الجنوب صورة حية وناطقة لعصر الفتنة الكبرى وحيث (الجمل) و(صفين) و(النهروان), وحيث تتقاتل سيوف القيسيين والمضريين, وتتصارع رايات قريش, وتستحضر كل ذكريات عصور التخلف ليتناقش القوم اليوم في عصر حروب الفضاء في مسائل الخلافة والامامة والسياسة وافضلية قريش على سائر الخلق مع تبيان دور (الجن) في حسم مسائل الخلاف السياسي وفي عمل البعض لتوطيد الامر لظهور ولي الامر الغائب منذ قرون طويلة في سراديب جبال اليمن او الحجاز او اي مكان اخر, انها عقلية الخرافة التي تجذرت وخرجت من سياق سيناريوهات الافلام الهندية لتتحول اليوم لستراتيجيات سياسية تهدد مستقبل النظام السياسي في المنطقة, فالتقسيم اليوم قد اضحى الحقيقة الوحيدة, وستشهد المنطقة العربية والشرق اوسطية تطورات مؤلمة في طريق تحقيق الهدف, فالفشل السياسي له ثمن واجب الدفع, وخيار التقسيم هو خطة العمل السياسية القادمة خلال النصف الاول من القرن الحادي والعشرين, وهو برنامج عمل علني وغير سري بالمرة واتذكر انني في منتصف التسعينيات قد قرات دراسة لاحد الاساتذة يقترح فيها: (تقسيم العراق مؤقتا ثم اعادة لحمته من جديد), وهي دراسة غريبة تتصور الاوطان وكانها كراسي او ابواب تخلع ثم يعاد تركيبها, ولم تكن تلك الدراسة تنطلق من فراغ او خيال بل كانت تعبير عن وقائع ميدانية ملموسة, فحينما يتحدث الامريكان اليوم علنا عن التقسيم فانهم لا يعلنون وفاة خطتهم لفرض الديمقراطية في الشرق التعيس فقط, بل انهم يعلنون فشلهم الكوني المؤسف, فتقسيم العراق قد اضحى هو الخيار الوحيد لعصر الفوضى القادم, تلك هي الحقيقة للاسف.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
هل بدأت عملية رسم الخرائط الجديدة.. للمنطقة؟
محمد خرّوب
الراي الاردن
قد يكون لافتا، على نحو يطرح المزيد من الاسئلة حول ما يجري في العراق، من صراع وتجاذبات وسجالات سياسية، وأخرى تتم بالرصاص وكواتم الصوت والمفخخات، أن تلتقي مرجعيات دينية ذات وزن لا ينكر في الطائفتين السنية والشيعية، في رفض قرار مجلس الشيوخ الاميركي بتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات شيعية وسنية وكردية، خاضعة لحكومة فيدرالية تقام في بغداد..

أن تدين هيئة علماء المسلمين في العراق القرار الاميركي، وترى فيه سابقة خطيرة يراد تعميمها على دول المنطقة، ثم تذهب الى اعتبار من يؤيد هذا المشروع خائناً لدينه ووطنه وأمته كما جاء في بيان صدر عنها، لأن حقيقة القرار هو التقسيم وظاهره انشاء وحدات فيدرالية، تحت ذريعة وضع حد للعنف الذي تشهده البلاد، يعني في جملة ما يعني، ان الهيئة ذات النفوذ الذي لا ينكر في الطائفة السنية، ستبقى على موقفها الحالي في تبني مقارباتها السياسية المعروفة للجميع، وخصوصاً العسكرية وتوفير الدعم لقوى المقاومة المسلحة، حتى لو تم تجسيد قرار الشيوخ الاميركي على الواقع، رغم أن البيت الابيض أعلن رفضه رسمياً لهذا القرار (غير الملزم أصلا للادارة الاميركية)، وان كانت لغة البيان الصحفي الذي اصدره الناطق باسم البيت الابيض، ملتبسة وحمّالة أوجه .. لكن من الواضح ان العراقيين هم الذين يجب ان يتخذوا هذه القرارات، وانها لا يمكن ان تفرض عليهم من دول اجنبية، وبالتأكيد ليس من قبلنا نحن ..

على الضفة الاخرى جاء موقف المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني، الذي اعلنه وكيله في كربلاء، قريباً في ادانته من لغة هيئة علماء المسلمين ولكن في عمومية، وخصوصاً في القول .. اتوجه بالدعوة الى جميع الاخوة سواء كانوا من المسؤولين والكتل السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الكيانات الدينية والثقافية بعدم الإصغاء والالتفات لأي مشروع يتضمن تقسيم العراق على اساس طائفي او عرقي .

كما يتضح لا تبرز في لغة البيان أي مواقف حاسمة ولا ينتقل بالتالي الى مربع آخر، يضع حداً لكل المخاوف والطروحات التي يطرحها على سبيل المثال عبدالعزيز الحكيم ونجله عمار (المجلس الاعلى الاسلامي العراقي) وكيانات جنوبية اخرى تؤيد بحسم اقامة فيدرالية في وسط وجنوب العراق يعلم الجميع، أنها تغرف من معين طائفي خالص.

الادانة من المرجعيتين الدينيتين الاكثر أهمية لدى السنة والشيعة، كانت ستحظى باهتمام اكبر، لو انها جاءت مترافقة مع دعوات معلنة للالتقاء والحوار ودفن هذا السيناريو المدمر، الذي لم يعد أحد يتورع عن القول انه السبيل الوحيد الكفيل بتأمين خروج اقل كلفة للقوات الاميركية، من الورطة التي وقعت فيها منذ أربع سنوات ونيف وما تزال مرشحة للتفاقم في ظل حال الانقسام الذي يعصف بالعراقيين والمفتوح على احتمالات عديدة، يحتل التقسيم الطائفي والعرقي المرتبة الأولى على جدول أعمال قوى اقليمية وخصوصاً دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية التي يقول الناطق باسم رئيسها .. ان العراقيين هم الذين يجب ان يتخذوا هذه القرارات .

لا يحتاج المرء الى كبير جهد لتفكيك العبارة الاخيرة، وقراءة المسكوت عنه في داخلها الملّغم ، الذي ربما يحتوي في الان ذاته على كلمة السر وهي ان العراقيين هم سادة انفسهم وإذا ما اختاروا هذا الطريق فاننا (نحن الاميركيين) سنرضخ لرغباتهم ونستجيب لاراداتهم الحرة (..).

أي ليس أمام أصحاب خيار التقسيم (داخل العراق)، سوى تجميع صفوفهم واعلان مواقفهم، والدعوة، ان ارادوا، الى انتهاج اساليب ديمقراطية وخصوصاً ان الجميع في العالم، يعلم أن العراق بعد الغزو الاميركي البريطاني، قد بات دولة ديمقراطية تخلصت من الديكتاتور ونظامه الدموي، والطريق الى ذلك لا يتم الا عبر صناديق الاقتراع..

الاستفتاء لا يشكل عقبة امام انصار التقسيم الثلاثي هذا، وخصوصاً ان اقليم كردستان العراق لا يجد في الفيدرالية (اياً كانت صيغتها رغم ما يقوله هوشيار زيباري من ان الفيدرالية الموافق عليها دستورياً تقوم على طابع جغرافي وليس طائفياً أو عرقياً)، سوى الحل لطي صفحة الماضي ومنح الاكراد المزيد من السلطة والاستقلال الذاتي لادارة شؤونهم الداخلية حتى لو بقيت مسألة كركوك (تطبيق المادة 140) معلقة او مؤجلة.. فيما انصار الحكيم (الاب والابن)، ماضون قدماً في طروحاتهم السابقة على رغم المعارضة التي اعلنها التيار الصدري صاحب المواقف المتذبذبة والغامضة والمزاجية، لقرار الشيوخ الاميركي ورغم ما جاء في خطاب نوري المالكي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ايام.

ثمة في المشهد العراقي من الاسباب ما يدعو الى التشاؤم بمستقبل بلاد الرافدين بعد ان قرر الرئيس الاميركي تصدير ازمته الى الرئيس المقبل ما يعني أنه منح نفسه هامشاً واسعاً لتجريب مقاربات وحلول جزئية ومؤقتة تسهم في تخفيف الضغط على جنوده في العراق، ومحاولة قطع الطريق على الحزب الديمقراطي للوصول الى البيت الابيض..

اما المصالحة العراقية فتبدو بعيدة نظراً لارتكابات حكومة المالكي والاجراءات الفاشلة التي تتخذها على اكثر من صعيد وخصوصاً الأمني وتعميق الخلافات الطائفية والمذهبية، وحماية شبكات الفساد والافساد التي باتت ممأسسة وجزءاً من اللعبة السياسية (اقرأ تقرير لجنة النزاهة التابعة لمجلس النواب العراقي، وكذلك التقرير السنوي لمنظمة الشفافية العالمية حيث جاء ترتيب العراق الثاني عربياً من حيث تفشي الفساد)..

مبادرة العقد الوطني التي طرحها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وهو الامين العام للحزب الاسلامي (الذي هو في خلاف مع هيئة علماء المسلمين) على المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني، لن يكتب لها النجاح حتى لو صدقنا اقوال الهاشمي بأن السيستاني باركها بشكل عام وكانت بعض التحفظات (البسيطة) على بعض النقاط .

لأن مستقبل العراق ببساطة ايضاً ، لا يقرره العراقيون بل عاصمة القرار الدولي، التي تحتل جيوشها بلاد الرافدين والذي لا يشكل العراق سوى المنصة ونقطة الانطلاق لرسم الخرائط الجديدة في المنطقة العربية..

Kharroub@jpf.com.jo


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
العراقيون الى اين يتجهون؟

اياد الصقر
الدسنور الاردن


لا ندري ماذا يجري ، وماذا يدور وهل الزمان يعود الى الخلف ام ماذا؟ منذ العهود السالفة الغابرة وفي زمن اللانظام واللاقانون.. كانت التجارة تشمل كل شيء.. وحتى البشر.. نعم فهم كانوا يباعون في سوق النخاسة.. اي سوق العبيد هذا اذا حالفهم الحظ في العيش.. يكونوا عبيدا او مستعمرين.
وحقيقتهم اما اسرى حرب او ما تخلفه الغزوات من دمار ومحن ، وأفلسوا من كل شيء بات مصيرهم البيع واوصلهم الى سوق النخاسة.
هذا حال العراقيين الان فلقد افلسوا من كل شيء.. وارجو ان لا نكابر ولا نجادل باسلوب لا يغني ولا يسمن،، فهم الان مهجرون في بلدهم وخارجه.. وهم بلا دولة.. اقول دولة يعني دولة كاملة السيادة تحمي نفسها وحدودها.. ومواطنيها.. والكل يعلم ذلك.
فدولة تعم فيها شريعة الغاب.. تسمى دولة،، ليس لمواطن مأوى فيها.. فانه قد هجر من بيته ودمر وحرق وابعد عن سكنه نتيجة لضغط وارهاب زمر لا تخاف الله والمصيبة الكبرى انهم يقاتلون باسم الدين ، فهم القانون والقوة الان ،
وحال العراقيين خصوصا المهجرين والمهاجرين بسبب القتل والتشريد باتوا بلا مأوى وما كان معهم من مال جلبوه نتيجة ما باعوه من اثاث ممتلكاتهم قد زال.. ونفذ حتى ما تبقى منه فهو قائم الى الزوال ، وهو كل ما جمعوه خلال سنين حياتهم في وطنهم العراق الغالي واخيرا نرى ونسمع كل الدول والمنظمات وحقوق الانسان تتكلم وتكافح وتعطي حقوق كل الشعوب والمواطنين المنكوبين.
ولما يصل الحد الى ابناء العراق الغيارى.. يتبدل الحال ، الصمت والسكوت ، وهذه حقيقة مرة والكل يتكلم عن تقديم يد العون والمساعدة وما من احد قدم حبة براسيتول واحدة الى اي عراقي لتخفيف المه ، بدون مقابل ولم يبقَ للعراقي الا التوجه الى سوق النخاسة لبيع اولاده.. واخيرا سيبيع نفسه وهذا ما يحدث.. وهذه طلقة الرحمة.. من يدفع سيكون العراق له ، فقسم توطن في بلدان عربية وتجنس وسكت ، وقسم كبير يبحث عن اية دولة تعطيه الاقامة والعمل وآخرون يستجدون اية دولة تقبله لاجئا فهم يتوافدون بالمئات لا بل بالالاف على مقرات اللجوء الدولية الشرعية وغير الشرعية التي باتت تتصيد للعراقيين كطعم.
اقول وماذا اقول.. اين العلماء..؟ اين الخبراء والاساتذة والعقول..؟ فهنيئا لبرلماننا وسياسيينا وكل من له صوت يدوي ويرن على فضائيات العالم.. والى من اتخم الدنيا بالوعود نعم انتم يا اصحاب الوعود العراقي الان يباع في سوق النخاسة ارخص من اي عود.
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولسائر المؤمنين

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
قرار تقسيم العراق
جهاد المومني
الراي الاردن
قرار الكونغرس الأمريكي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق طائفية لا يعدو كونه توصية غير ملزمة لحكومة الولايات المتحدة في الوقت الراهن، لكنه مع ذلك قرار لئيم ويعكس الموقف الرسمي في واشنطن في إطار السعي للخلاص من المأزق العراقي بأي ثمن شريطة أن يدفع العراقيون هذا الثمن كاملا، ولا شك في أن فكرة التقسيم- وإن طرحت في سنوات ما قبل الاحتلال عندما كانت الإدارة الأمريكية تعمل لتحقيق ( العدالة السياسية ) بين العراقيين- فأنها اليوم تناقش بدوافع أخرى ليس للعدالة والديمقراطية والحياة الجديدة التي حملتها حاملات الطائرات للشعب العراقي أي علاقة بها، أنها مقتضيات المواجهة مع إيران بعدما ثبت للمشرعين الأمريكيين أنها ستكون مواجهة طويلة في ظل الانقسامات الدولية حول الموقف من برنامج إيران النووي وصعوبة السيطرة على هذا الطموح لدولة تعتبر مارقة بالمفهوم الأمريكي، وهذه المواجهة الطويلة لا تسقط مخطط الضربة العسكرية القاصمة والمتوقعة في أي وقت، بل على العكس من ذلك فالمخطط يقتضي توفير ضمانات دائمة أو طويلة المدى على الأقل في مرحلة ما بعد التدمير لمحاصرة الطموح الإيراني المستقبلي من قبل الجيران وليس بالجنود الأمريكيين المهددين في منطقة كارهة لهم، لقد نجحت التجربة قبل هذه المرة فإسرائيل تتولى تدمير الطموحات العربية في امتلاك القوة النووية بمساعدات لوجستية أمريكية كصور الأقمار والخرائط المعلوماتية الوافية والطائرات المتطورة والقنابل المناسبة لكل حالة لتنفيذ العمليات بنجاح تام، إذن لماذا لا تنجح التجربة مع إيران عن طريق صناعة قوة قريبة لمواجهتها والحرص على مراقبة طموحاتها النووية وتدميرها مرة وأخرى في الوقت المناسب وقبل الدخول في معترك التفاوض الذي يبدو أن طهران تكسب جولاته معتمدة في ذلك على علاقات الولايات المتحدة مع بقية دول العالم واللعب على تقلبات هذه العلاقات لكسب ود احد الأطراف وهو في هذه الحالة روسيا للحصول على معارضتها توجيه أي ضربة لإيران تحت أية ذريعة كانت.

فكرة الكونغرس قديمة جديدة فمن اجل مواجهة كوبا التي لا تبعد أكثر من ثمانين ميلا عن فلوريدا الأمريكية أقامت الولايات المتحدة في ستينيات القرن الماضي علاقات تحالف مع أسوا الأنظمة السياسية في أمريكا اللاتينية وقدمت لها الأموال وتدخلت إما لحماية أنظمة ديكتاتورية وإما لإسقاط أنظمة شعبية منتخبة، ومن أجل مواجهة الاتحاد السوفيتي في سنوات الحرب الباردة جعلت من إيران دولة عظمى عسكريا إبان حكم الشاه الذي أبدى استعداده التام ليجعل من إيران قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في مواجهة الشيوعية، أما اليوم ففي صراعها الصامت حتى الآن مع روسيا المارقة أيضا بالمعايير الأمريكية الجديدة جعلت واشنطن من جورجيا وأرمينيا وأوزبكستان ودول البلطيق قواعد عسكرية واقتصادية تحيط بروسيا من جميع الجهات لتضييق الخناق عليها وإبقائها في حالة حرب دائمة لاستنزاف طاقاتها، ومن تايوان صنعت دولة عملاقة لمواجهة الصين الشيوعية ولا زالت إلى اليوم تقدم الحماية لتايوان عسكريا واقتصاديا. كل هذه التجارب يجب أن تعلمنا أن واشنطن مستعدة لأكثر من مجرد تقسيم العراق طائفيا لتوفير مخرج لها من العراق وترك المنطقة في حالة حرب دائمة بين دويلات العراق الثلاث وإيران أما الخفي من قرار الكونغرس فتوصية قد تكون ملزمة فيما بعد على أساس أنه لا يمكن حسم الحرب الحالية والانتصار بإخضاع العراق ما دام الشيعة هناك هم الطرف الفاعل والسنة في المقاومة والأكراد يستعدون لإقامة دولتهم، التوصية بحل يسمح بإقامة الدويلات الثلاث وضمان التحالف من اثنتين على الأقل دويلة سنية في الوسط مهمتها مواجهة إيران وأخرى كردية في الشمال تكون بمثابة البعبع بالنسبة لتركيا، أما دويلة الشيعة في الجنوب فستجند للعبث بمنطقة الخليج العربي.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
أيار «سايكس - بيكو» جديد
علي الصفدي
الدستور الاردن
استنساخاً لاتفاقية سايكس - بيكو التقسيمية التجزيئية التي صاغها الاستعمار القديم المتمثل ببريطانيا وفرنسا ومعهما روسيا وأقرها بتاريخ (9 أيار 1916) بعد سلسلة من المحادثات السرية عقدت بين الدول الثلاث في لندن وباريس وبتروغراد (لينينغراد) وتقاسم بموجبها المناطق التي كانت خاضعة للحكم العثماني ، وأسفرت عن إخضاع البلاد العربية في آسيا للانتدابين البريطاني والفرنسي ، واستهدفت زرع الكيان العبري بين مشرق العالم العربي ومغربه للحيلولة دون توحده وتكريساً للواقع التقسيمي الذي أوجده الاستعمار في ذلك الحين وما زالت أمتنا العربية تعاني منه حتى اليوم ، وعلى غرار تلك الاتفاقية المشؤومة أقر مجلس الشيوخ الأمريكي خطة مشابهة تنص على تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات طائفية كردية وشيعية وسنية تخضع لنظام فدرالي تتشكل له حكومة اتحادية في بغداد تتولى أمن الحدود وعائدات النفط.
وتعد هذه الخطة المشبوهة التي تقدم بها السيناتور الديمقراطي المرشح للرئاسة الأمريكية (جوزيف بيدن) والمؤيدة من مرشح آخر للرئاسة هو السيناتور الجمهورية (سام براونباك) نتيجة وهدفاً مبيتاً للاحتلال الأمريكي للعراق ، يرمي من ورائه إلى تحويل الكيانات الثلاثة إلى دول منفصلة بعضها عن بعض وإلى تحويل المنطقة إلى دول فسيفسائية لا حول لها ولا قوة ، ليتمكن من إبقاء هيمنته على الإقليم العربي وسيطرته على منابع النفط وتحكمه فيها ، وبالرغم مما وصف به قرار الشيوخ بأنه غير ملزم ، إلا أن الهدف من اتخاذه وضعه في سياق التنفيذ ، إذا لم يكن في عهد إدارة الرئيس بوش فقد يكون في عهد إدارات قادمة وخاصة أن اثنين من مرشحي الرئاسة يتبنيان هذا القرار ويعتبرانه يمثل حلاً سياسياً للورطة العسكرية الأمريكية في العراق ، ويضع مسؤولية الأمن فيه على عاتق الحكومات الطائفية التي ستنشأ بموجب الخطة التقسيمية.
وقد جوبه القرار الاستعماري التقسيمي برفض عراقي واسع له ، توحد السنة والشيعة في إجماعهم على التمسك بوحدة وطنهم واعتبره رئيس الوزراء نوري المالكي كارثة ليس على بلاده وحدها بل على المنطقة كلها ، داعياً مجلس النواب إلى الاجتماع والرد رسمياً برفضه ، ودعا ممثلو المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني إلى عدم الإصغاء لأي مشروع يطرح يتضمن تقسيم العراق على أساس طائفي أو عرقي ، وأدانت هيئة علماء المسلمين وهي أكبر مرجعية سنية في العراق مشروع القرار الذي قالت أنه كان من الأهداف الرئيسية لغزو العراق وهو يلبي رغبة خاصة لدى جناح معروف في الإدارة الأمريكية واللوبي الصهيوني الذي يدعمه ، وناشدت الهيئة المجتمع الدولي اتخاذ موقف واضح وصريح في فرض المشروع الذي يشكل تدخلاً سافراً في الشأن العراقي.
وقد استنكرت جامعة الدول العربية القرار التقسيمي للعراق ووصفته بأنه مخطط تخريبي سيقضي على وحدة العراق أرضاً وشعباً ودعت إلى التصدي له بجدية وحزم الوقوف إلى جانب الشعب العراقي لمساعدته في القضاء على هذا التوجه المعادي لمصالحه الوطنية ومصالح أمته العربية.
إن إفشال تلك الخطة يقتضي قيام الشعب العراقي بهبَّة عارمة تتوحد فيها كل الطوائف والأعراق والقوى السياسية في التصدي للمشروع الاستعماري الجديد كما تحتاج إلى موقف عربي موحد يساند شعب العراق في الحفاظ على وحدته ومصالحه الوطنية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
هل يأتي الترياق من العراق؟
نبيل غيشان
العرب اليوم
تصر وزارة الطاقة على تضخيم حدث وصول بضعة صهاريج من النفط العراقي الخام, وقد تربع خبر وصول الشحنة الاولى من النفط العراقي على الصفحات الاولى للجرائد الاردنية خلال الاسبوعين الماضيين التي اخذت تتسابق بناء على معلومات الوزارة في الحديث بهمة ونشاط عن كل عشرة كيلو مترات تقطعها الصهاريج وكأنها (قطار عرس).

امس كان يوما احتفاليا على غير العادة وزينت الصفحات الاولى من جرائدنا, بخبر وصول طلائع الدفعة الاول 8 صهاريج فقط من اصل 166 صهريجا تمت تعبئتها من النفط الخام في مدينة كركوك ولم ينقص مشهد الامس سوى استئجار عدد من النساء للوقوف على الحدود او امام وزارة الطاقة في عمان لاطلاق الزغاريد فرحا بوصول الصهاريج الثمانية ولم ينقصنا سوى ان نحضر الفرق الفلكلورية للاحتفال بالمناسبة السعيدة!!

بالفعل نحن نصور وصول الصهريج العراقي وكأنه (عرس وطني) سيحل للبلاد والعباد كل مشاكل فاتورة النفط الخام المستورد, وفي المقابل بدأت وسائل الاعلام العراقية الهجوم على الاردن (الذي ينهب النفط العراقي) وكأنه أصلا غير منهوب, من القوى الداخلية والخارجية, ومحاولة تصوير (الاسعار التفضيلية) التي جاءت في مذكرة التفاهم الاردنية العراقية وكأنها (سرقة لاموال العراق).

وينسى هولاء ان الاردن يستضيف اكثر من 700 الف مواطن عراقي يستهلكون المشتقات البترولية المدعومة من خزينة الدولة الاردنية وهم وحدهم يستهلكون ما لا يقل عن 15 مليون برميل نفط خام يوميا كنسبة وتناسب من اصل الكمية التي يحتاجها الاردن يوميا والتي تصل الى 105 ملايين برميل نفط خام يوميا يأتي معظمه شراء من السوق السعودية وبالاسعار العالمية الدارجة والتي وصلت امس الى 83 دولارا للبرميل الواحد, وتنسى وسائل الاعلام العراقية ايضا ان المواطن العراقي المقيم في الاردن او العابر لاراضيه, يستهلك مواد اخرى مدعومة (الخبز والغاز والكهرباء..) ولا نريد الحديث عن غلاء المعيشة الذي يضر يوميا بالمواطن الاردني نتيجة الضغط على الخدمات والبنى التحتية والاسواق.

طبعا نحن لا نحمل الاشقاء العراقيين (جميلة) فهم ضيوف اعزاء ولهم دور في تنشيط حركة الاسواق والسياحة وينفقون من جيوبهم, لكن في المقابل لا نريد ان تصفنا صحافة العراق بأننا نسرق النفط العراقي بأسعار تفضيلية لا تزيد على خمسة دولارات في البرميل الواحد وهي ليست ارقاما فلكية مقارنة مع السرقات المحلية والدولية لخيرات بلاد الرافدين, واذا منح الاردن تخفيض بقيمة 5 دولارات, فهو لا يغطي استهلاك الاشقاء العراقيين المقيمين في الاردن من المحروقات المدعومة من خزينة الدولة.

ان وصول النفط العراقي الخام الى الاردن وبالكميات القليلة المعلنة لن يحل مشاكلنا فنحن بحاجة الى 105 ملايين برميل يوميا أي حوالي 500 صهريج تصل يوميا الى مصفاة البترول, بينما وصلنا خلال (هيزعية) الاسبوعين الماضيين فقط 8 صهاريج وننتظر على طريق السلامة 158 صهريجا, انها ارقام لا تسمن ولا تغني من جوع, وعلى العكس فقد يضر ذلك على تدفق المساعدات العربية والدولية التي تأتينا لمساعدة الاقتصاد الاردني على مقاومة اعباء فاتورة النفط التي تستهلك نصف الموازنة العامة والتي تزيد قيمتها هذا العام على ملياري دولار.

وصول النفط العراقي على المدى البعيد في الميزان الاستراتيجي مهم, لانه ينوع مصادر الاستيراد ويحقق جزءا من (امن التزود) كما يقول الخبراء, لكن ما يصل الان لا يرقى الى مستوى (الترياق) الذي ننتظره من العراق.

لذلك على وزارة الطاقة ووسائل الاعلام الاردنية اعطاء خبر النفط العراقي حجمه الطبيعي وعدم تصويره بانه الامل المنشود وحلال المشاكل, الم يصلنا نفط سعودي وكويتي واماراتي كمنح مجانية وبكميات اكبر بكثير من عشرات الصهاريج العراقية لتي نتحدث عنها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
سقوط نظرية وأوهام قائد
: د. أحمد درة
الاخبار مصر
يبدو أن ماحدث في السنوات المؤخرة من دمار وخراب وقتل بالملايين لم يشبع نهم هذا الرجل وعطشه لمزيد من الدماء في الأراضي العربية المحتلة والاسلامية المتاخمة لها المبشرة بثروات في باطنها نفطية وغير نفطية، وكأن فكرة الثأر قد باتت اكثر سيطرة علي قرارته وتصرفاته، ورغم ان العالم الآن يمضي الي نفس المصير علي يدي هذه المجموعة من السياسيين المشحونين بفكر واحد وثقافة واحدة بنيت علي الصراع، وإبادة كل من يخالفهم أو يحاول ردهم الي سبيل الرشاد.
نعم هم الاصوليون الجدد الذين صعدوا الي حكم أمريكا وهي قوية عفية، كنا نتطلع اليها علي أنها أرض الحرية وميزان الديمقراطية فصارت يد البطش وآلة الحرب التي تخرب بيوت العرب والمسلمين وتشتت الالوف المؤلفة من اراضيهم، وتبث الرعب في العالم كله، وليس هناك من سبب الا هذه الفكرة التي صنعت صنعا، وتلبست عقول حكام من المفترض فيهم نشر ثقافة السلام والعدل والحرية، فإذا هم ينشرون افكار الصراع ويمهدون لتفتيت البلدان العربية بلدا بلدا، واشاعة الصراعات وبث روح الفتن، ثم ينتهي الامر إلي شكل من اشكال هذه التصورات المريضة، فنري نموذج العراق الحر، العراق الذي أوهموا العالم بأنه نواة الديمقراطية المقبلة في منطقة الشرق الاوسط، هذا العراق الذي فقد شعبة وفقده شعبة، واصبح ساحة لاقتتال طائفي بغيض ندر أن نري له مثيلا في المنطقة كلها، هذا ما بشر به 'بوش الصغير' وعصابته التي ارادت أن تعيد 'إحياء عظام بني اسرائيل' وتحقيق 'رؤيا حزقيال' وتهيئة العالم لهذا الصراع المشبوب حتي يستتب الامر لهذه العودة المزعومة.
ولقد يظهر ذلك جليا فيما رتب له هؤلاء من تمهيد فكري يضع الاسس الايدولوجية لصراع غير مسبوق، تتقدمه ثقافة معادية للاسلام والعروبة تغذي نيران الكراهية وتؤلب الغرب وحلفاءه علي المسلمين والعرب وتغري بهم وبثرواتهم وأراضيهم، هكذا تحرك الفكر المعادي للاسلام والمسلمين واتهامهم بالإرهاب وباقذع ما يوصف به البشر، وكان في طليعة هؤلاء 'صموئيل هنتتجتون' يضع النظرية المصطنعة قاحلة ومنقوصة بل مشوهة تماما لما يعرف بصراع الحضارات، وحتمية الصدام المنتظر، ثم اصبحنا فإذا الاصوليون الذين اختطفوا أمريكا. تلك القوة الهائلة التي املنا فيها ثقافة السلام وخير الديمقراطية، إذا هم يندفعون الي التجريب الاكثر تشوها والأدني اخلاقا والتزاما بحقوق الإنسان، لقد شاهد العالم من شرقه وغربه ابشع صورة لامتهان حقوق الانسان والعدالة والديمقراطية التي بها يتشدقون ويزعمون أنها خلاص للإنسانية من الارهاب والموت والخراب، اننا اليوم في موقف مؤلم علي كل المستويات والاصعدة، وسقطت كل المثاليات علي مرأي ومشهد من كل دعاة الحريات والحقوق والعدل، وللاسف الشديد ان اسوأ نتيجة لما يجري الان علي ارض العراق ذلك الكره العميق والغضب الكامن الذي ترسب في أعماق الشعوب العربية والاسلامية تجاه ذلك البلد.
لقد سقطت نظرية صراع الحضارات علي أرض العراق، وفشلت الإدارة الأمريكية فيما جاءت من اجله فشلا ذريعا اوقع العالم في مأساة حقيقية وشقاق يتسع يوما بعد يوم، وعندما تفشل النظريات علي ارض الواقع فإن ذلك يعد افظع انواع الهزائم واشدها نكرا، ولست ادري حتي هذه اللحظة هل يصدق العالم بوش وعصابته مايزال، بل هل يصدق بوش نفسه بأنه قد حقق شيئا لامريكا في العراق، اعتقد أنه واهم تماما وأن الهزيمة الفكرية والعسكرية التي تلقاها في العراق لن ينساها التاريخ ابدا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
من حكايات الشتات العراقي
كيم سينجوبتا
إندبندنت
هما أسرتان عراقيتان واحدة شيعية والآخرى سنية وكانت تعيشان فيما كان يسمى يوما المناطق المختلطة الان هاتان الاسرتان ضمن المليونين من اللاجئين العراقيين الداخليين وهم جماعة كبيرة من المنزوعة املاكهم غصبا والذين يتزايد عددهم يوما بعد الآخر في آخر تقرير اصدره الهلال الاحمر العراقي عن هؤلاء المهجرين رغما عنهم قال فيه ان هذه كارثة انسانية غير مسبوقة في تاريخ العراق واصبحت بغداد موضع تركيز العمليات العسكرية الامريكية موطنا لمليون من المهجرين فوق الاربعة ملايين عدد سكانها الاصليين وطبقا لتقديرات الامم المتحدة هرب مليونين من العراقيين الى خارج العراق وتقول منظمة العفو الدولية في تقرير لها صدر منذ ايام ان بريطانيا هي اكثر الدول الاوروبية اجبارا للعراقيين الهاربين اليها على الرجوع لكن الشتات الداخلي هو المشكلة الحرجة في هذا المجتمع الضعيف جدا مع ارتفاع اعداد المهجرين داخليا بنسبة واحد وسبعين بالمائة في شهر واحد طبقا لما ذكره الهلال الاحمر العراقي وقد تحدثت صحيفة الاندبندنت البريطانية الى اسرتين من الأسر المهجرة رغما عنها وهما عائلة الراوي وعائلة العامري واللتان اجبرتا على ترك منزليهما في كلا الحالتين حول الرعب الذي واجته الاسرتان وملامح التسامح والصداقة التي كانت تسود يوما بين الطوائف الدينية الى مزيج من الكراهية والغضب الطائفي وتعيش ام سمير الراوي الآن مع ابنتيها سبأ 32 عاما وهبة 28 عاما في منزل مظلم في الخضراء منطقة سنية حيث لجأت الاسرة بعدما تم طردها من منزلها السابق في المنطقة المختلطة وقد مات رب الاسرة في 2004 والابن سمير هو الآن منفي في سوريا بعدما طاردته الميليشيات الشيعية جيش المهدي متهمة إياه بالتمرد تقول ام سمير الراوي ربة الاسرة والبالغة من العمر 69 عاما: لقد طلبت من سمير ان يبقى في منزل صديق له في منطقة المنصور فهو الرجل الوحيد في الاسرة بعد موت أبيه ونحن لا نطيق ان نخسره لقد كان من الحظ السعيد ان يعيش لقد كانت ميليشيات جيش المهدي يصيحون بأن كل السنة ارهابيون ويستحقون الموت وقد قتلوه واحدا من جيراننا اسمه ابوبكر لقد قتلوه بدماء باردة امام عتبة داره لأنه رفض ان يتركه وقالوا لنا انهم قتلوا بسبب اسم ابنه! ويقال ان الشيعة تكن كراهية خاصة لبعض اسماء السنة مثل بكر وعمر هل تصدقون ان يموت المرء بسبب اسمه في العام الماضي وجد عمال المشرحة دسته من الجثث (في المشرحة) قتلوا في اماكن مختلفة لكن الشيء المشترك بينهم كان الاسم ـ كان جميعهم اسمهم عمر ـ وتواصل ام سمير الراوي حكايتها: لقد اضطررنا لترك المنزل وكل ما امهلونا هو بعض الوقت لنأخذ معنا بعض ملابسنا والوثائق وهوياتنا كنا مرعوبين ولم نكن نعرف أين سنذهب وسكنت الاسرة احدى المدارس التي تحولت الى مركزا للاجئين لكن المكان بإمكانياته الضعيفة يعج بمئات الاشخاص ومعظمهم من المرضى لم يتوافر به متسع لاسرة الراوي وتقول ربة الاسرة ان جارا سابقا لهم اخبرهم انه منذ لحظة تركهم لمنزلهم حطمت الميليشيات الاقفال التي على البيت والآن تعيش أربع اسر شيعية في المنزل اني اشعر (تقول ام سمير) بكراهية شديدة للشيعة ولن اسامحهم يوما لقد بنى ابي هذا المنزل بيده والآن ضاع منا كل شيء.
وعلى بعد اميال قليلة من منزل اسرة الراوي الجديد نجد اسرة عاصم العامري اسرة لاجئة اخرى مشت نفس الطريق وتركت منزلها في المنطقة المختلطة الى منطقة شيعية هذه المرة والاسرة تتكون من عاصم العامري 41 سنة وزوجته سهام 36 سنة وابنتهم هديل عشر سنوات وابنهم هيثم خمس سنوات يحكي عاصم قائلا: كانت القاعدة تهاجمنا دوما ويقتلون الشيعة لاننا في وجهة نظرهم كفار ولم تفعل الحكومة شيئا لحمايتنا وترك بعضا من جيراننا منازلهم والبعض الآخر قتل وكنت ارفض ان اغادر منزلي لكن في احد الصباحات وجدت ابنتي مظروفا على عتبة الدار بداخله طلقة رصاص وملحوظة تقول: أمامكم ثماني واربعين ساعة لترحلوا عن المنزل) وانتقل العامري باسرته الى منطقة الحرية واستأجر هناك منزلا مقابل 120 دولارا في الشهر وبدأ العمل في تغيير العملة يقول عاصم العامري: تلقيت اتصالا تليفونيا من جار سني (لمنزلنا القديم) قال لي ان المتمردين نهبوا منزلي ثم حرقوه.
وتتساءل الطفلة هديل دوما دون ان تفهم ما يجري حولها يعني ايه شيعة يعني ايه سنة انا لا افهم شيئا كنت ألعب مع صديقاتي وكنا نذهب الى المدرسة معا و(هم) وحشوني واكيد انا وحشتهم اظن ان الوقوف هنا من هذه الحكاية جيد لم يفرق (الشتات) بين سنة او شيعة الجميع في الهم سواء.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
تقسيم العراق.. ليس باسمنا
خالد الرويعي
الوقت البحرين
عندما شنت الولايات المتحدة الأميركية حملتها التي عرفت بالحرب على الارهاب، قامت طلائع من المثقفين فيها بكتابة بيان شديد اللهجة ضد سياسة بلادهم وضد الرئيس، إذ وقع على بيان (هذا ليس باسمنا) كبار الأدباء والفنانين معتبرين ما تقوم به اميركا جريمة بحق الانسانية.
وفي الفترة نفسها كانت الأسئلة الشعبية التي أبرزتها وسائل الإعلام تنحصر في سؤال واحد، هو: لماذا يكرهوننا؟؟ وهذا يعني لماذا العرب (المسلمين) يكرهون اميركا؟ ولكن هذا السؤال كان أيضا مدخلاً لجدل وحوار مستمر لم يهدأ حتى هذه اللحظة.
وحاليا - وفي عموم الأسئلة التي كان يجيب عليها الشعب الأميركي المعني بغزو العراق كانت إجاباتهم تنحصر في أنهم يتوقون لرؤية الشعب العراقي مستمتعاً بالديمقراطية، إنهم دخلوا العراق لقتل الدكتاتور فقط، وأنهم هم والعراقيين أصدقاء، ويحزنهم ما يحدث في العراق بسبب (القاعدة).
ولعل المضحك في الأمر هو أن موضة (أسلحة الدمار الشامل) قد اختفت فجأة، وتبين لهم بأن لهم في العراق أصدقاء، وأنهم يحزنون على ما يحدث هناك من قتل وذبح، وعليه فإنه وحفاظا على الدم العراقي اتخذ مجلس الشيوخ الأميركي قراراً غير ملزم - وهذه نكتة أخرى - بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق طائفية وعرقية.
وهذا القرار الذين اتخذه المجلس ليس سافراً فحسب، بل هو صفعة في وجوه الذين رحبوا بالغزو ومازالوا يبتهلون إلى (ماما اميركا). وليست هناك أية حجة من المطبلين لها الآن من معارضتها، فالتقسيم يؤكد على مدى الوقاحة الأميركية في تحديد مصير الشعب العراقي، ويؤكد على أن الشعب الأميركي بجاهله وعالمه مطالب الآن بتقديم اعتذار رسمي للعراق بأسره نظير هذه الحماقات التي لازالت ترتكب بحقه.
لكن الغريب في كل ما حدث وسيحدث، هو أنه عندما تتعرض قوات الاحتلال لهجمات (المقاومة) أو الميليشيات المختلفة الصالح منها والطالح، تأتي لنا أميركا على هيئة (باربي) تسألنا في وداعة: لماذا يكرهوننا؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
الوصفة الأميركية المسمومة .. والسهم الأخير للاحتلال
علي الطعيمات
الوطن قطر
القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الاميركي بالموافقة على تقسيم العراق الى ثلاث مناطق على اساس عرقي وطائفي يمثل اعترافا بالفشل الاميركي في ادارة الازمة العراقية التي صنعتها الادارة الاميركية، بل يمثل اعترافا بهزيمة المشروع الاميركي الذي تستر خلف ذرائع ومزاعم وجود اسلحة دمار شامل في العراق تهدد المنطقة والعالم لغزوه واحتلاله، ويكشف عن زيف الادعاءات بنشر الديمقراطية و«تحرير» الشعب العراقي من «الطغيان» و«المقابر الجماعية» التي انتشرت بعد الاحتلال الاميركي في كل أنحاء الجغرافيا العراقية وضمت اكثر من مليون ونصف المليون عراقي قضوا ضحايا للطغيان الاميركي ولأسلحة الموت الاميركية.

ويبدو ان هذه الوصفة الاميركية المسمومة لمستقبل العراق تمثل السهم الاخير في الجعبة الاميركية بعد الفشل العسكري والسياسي والاستعماري الذريع في القبض على العراق ونزعه عن أمته التي يراد لها ان تكون دويلات لا حول لها ولا قوة واعلان دولة الاحتلال الاسرائيلي دولة عظمى في المنطقة ومرجعية سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية في الطريق الى توجيه ضربة قاضية للعرب كأمة والى الوطن العربي كوحدة جغرافية مترابطة، ولكن يدرك العراقيون ان هذه الوصفة الطائفية والعرقية لن تجلب لهم سوى المزيد من الانهيار الامني وتشعل الصراعات وتزيد من مساحات الدم بين مكونات هذا الشعب العظيم الذي لم يعط الاحتلال الاميركي لحظة واحدة ليلتقط انفاسه منذ اللحظة الاولى التي دنس فيها ارض العراق الطاهرة التي لا تقبل لأجنبي ان يدوسها بالقوة والغدر والطغيان مهما ارتدى من ثياب البراءة الزائفة التي تكشفت منذ اليوم الاول للاحتلال عندما زرع الفتن الطائفية والعرقية ويريد الان استكمال ما بدأه والذي لم يحصد منه سوى الفشل المتلاحق بالرغم من كل المذابح التي ارتكبها في الفلوجة والنجف وبغداد وفي كافة المدن العراقية العصية على الاستسلام للاحتلال الاميركي الذي لا يوازيه بشاعة وتحديا للشرعية الدولية سوى الاحتلال رديفه الاحتلال الاسرائيلي النازي في فلسطين، وبالرغم من البشاعة والفظاعة التي مارسها ضد ابناء العراق في سجن ابو غريب الاميركي في بغداد فضلا عن عمليات الاغتصاب والقتل والنهب ، وفتح ارض العراق اما الطامعين والناهبين والحاقدين ليعيثوا فسادا وخرابا وتحويله الى مركزتجمع لكل اشكال الاجرام والارهاب الذي يقترفه المرتزقة تحت مسميات تتناقض وحقيقة اهدافهم ووجودهم.

والسهم الاميركي الاخير او ربما قبل الاخير من اعلان الهزيمة او الهروب بافتعال ازمة او حرب جديدة ستكون الضربة القاضية للمشروع الاميركي في المنطقة بأكملها لتجر الادارة الاميركية اذيال الخيبة ومعها شرق اوسطها الجديد الذي يشكل هذا القرار الصادر عن مجلس الشيوخ الاميركي بموافقة خمسة وسبعين عضوا من اصل مائة عضو احدى خطواته في هذا الاتجاه ، وهي قفزة اليائس في الهواء، كما يشكل تدخلا سافرا في شؤون دولة عربية مستقلة وليست ولاية اميركية، بل ان هذا المجلس لايستطيع ان يصدر قرارا ممثالا لولاية أميركية.

الاقرار الاميركي لخطة تقسيم العراق تكشف عن حقيقة الاهداف الاميركية في المنطقة الى جانب كشفه عن زيف ادعاءات الديمقراطية والحرية ووحدة الاراضي العراقية ووحدة شعبه والكذب في الحرص على المصالحة العراقية من الجانب الاميركي المحتل، وفوق ذلك كله يكشف عن الوجه البشع للاحتلال الاميركي المعادي للمصالح العربية والمعادي للنزعة الوطنية العراقية.

لقد حان الوقت لكل الوطنيين العراقيين الحريصين على العراق ووحدته أرضا وشعبا الى المسارعة بالتلاقي لتحقيق المصالحة الوطنية والتصدي معا للوصفة الاميركة المسمومة والمشؤومة لانه لاحل للخروج من المأزق السياسي والأمني الذي يعيشه العراق ومنع الكارثة الكبرى الا بالمصالحة الوطنية الحقيقية بعيدا عن المحاصصات الطائفية والعرقية وهي الوصفة الاميركية الاولى التي اوصلت الى الانهيارات الحالية التي يعيشها العراق ، فلا خيار الا بانفتاح جميع مكونات الشعب العراقي بعضها على بعض والإقلاع عن سياسة التهميش والإقصاء التي كانت الاساس التي أوصلت العراق الى هذا القرار الاستعماري.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
«أنا صهيوني«.. وقرار تقسيم العراق
السيد زهره
اخبار الخليج البحرين
منذ أشهر، قال السيناتور الأمريكي جوزيف بايدن في حوار مع محطة تليفزيون يهودية ان «اسرائيل هي أعظم قوة منفردة لأمريكا في الشرق الاوسط«. وقال: «أنا صهيوني.. ليس ضروريا ان تكون يهوديا كي تكون صهيونيا«. السيناتور «أنا صهيوني« هذا الذي تفاخر بصهيونيته هو الذي قدم الى مجلس الشيوخ الامريكي مشروع تقسيم العراق

الى كيانات طائفية ثلاثة، والذي أقره المجلس بالفعل. هذه ليست مصادفة. ليست مصادفة أن يكون هذا الصهيوني هو مقدم المشروع. فتقسيم العراق كما نعلم هو المشروع التاريخي للصهيونية واسرائيل. والمشروع مطروح رسميا في الاستراتيجيات الصهيونية منذ عقود. ليس في هذا كله من جديد. ليس جديدا القول ان تقسيم العراق هو مشروع صهيوني ويخدم اسرائيل والصهيونية في المقام الاول. وليس جديدا القول ان في امريكا قوى كثيرة في صفوف الساسة والاعلاميين والباحثين في مراكز أبحاث يتبنون منذ زمن بعيد هذا المشروع الصهيوني. لكن الجديد اليوم ان هذا المشروع الصهيوني تبناه رسميا بشكل سافر مجلس الشيوخ الامريكي. ودعا الادارة الامريكية الى ان تبدأ تحركا سياسيا ودبلوماسيا من اجل تنفيذه. طبعا، القرار هو تدخل عنصري استعماري سافر من مجلس الشيوخ الامريكي في امر لا شأن له به. وليس له بالتالي قيمة قانونية محددة. فالمجلس ليست له اية صفة تتيح له ان يوصي بتحديد شكل الحكم في أي بلد، ناهيك عن تقسيمه على اسس طائفية او غير طائفية. لكن مع هذا، من الخطأ الفادح التقليل من شأن هذا القرار ومن تأثيره ومن تبعاته. البعض في الدول العربية نظر الى القرار بقدر من الاستخفاف على اعتبار انه قرار غير ملزم، ومجرد تسجيل لموقف، ولا تترتب عليه أي اجراءات ملزمة للادارة الامريكية. وعزز من وجهة النظر هذه التي تقلل من شأن القرار ان الادارة الامريكية اعلنت رسميا في بيان مقتضب انها ترفض هذا القرار لمجلس الشيوخ ولا توافق عليه. لكن الحقيقة ان هذا تطور في منتهى الخطورة ولا يجوز ابدا النظر اليه باستخفاف. واسباب ذلك كثيرة جدا. لنلاحظ بداية، ان هذا القرار لم يخترع شيئا جديدا خارج سياق السياسة الرسمية للادارة الامريكية في العراق، وما يفعله الاحتلال. القرار في جوهره وفي مضمونه هو كما نعلم جميعا مجرد ترجمة لما خططت له الادارة الامريكية وما نفذه الاحتلال بالفعل في العراق منذ اليوم الاول للاحتلال. أليس الاحتلال هو الذي ارسى أسس التقسيم بالمحاصصة الطائفية التي ادخلها؟ أليس الاحتلال هو الذي اثار وفجر الصراعات والفتن الطائفية في العراق؟ وأليست الادارة الامريكية هي التي كتبت الدستور الكئيب وصاغت بنوده، والتي تنص على التقسيم وفق نفس الاسس التي يدعو اليها قرار مجلس الشيوخ؟ بعبارة اخرى، فإن هذا القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ ما هو الا افصاح بصوت رسمي عال وسافر عن جوهر ما فكرت فيه الادارة الامريكية وما خططت له وما نفذته بالفعل في العراق. إذن، المشروع الذي تقدم به السيناتور «أنا صهيوني« لا يعبر فقط عن مخطط صهيوني، وانما ايضا عن مشروع للادارة الامريكية. للحديث بقية..

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
دستور العراق وقرار مجلس الشيوخ
وليد نويهض
الوسط البحرين

أسوأ ردود الفعل على قرار مجلس الشيوخ الأميركي غير الملزم بشأن تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم (طائفية ومذهبية) اتحادية منفصلة كان ذاك الذي صدر عن «البيت الأبيض». فالناطق باسم «البيت» طوني فراتو اعتبر التصويت غير مهم وليس «هناك أي شيء ملزم فيه». ردة فعل الإدارة تريد الإشارة إلى عدم علمها بالوقائع الجارية ميدانياً على أرض بلاد الرافدين منذ أربع سنوات. وإعلان البراءة من المسئولية يعتبر قمة في الفجور السياسي لأن ما حصل لا يمكن فصله عن الأسباب التي دفعت بالعلاقات الأهلية إلى الانهيار والتفكك.

ادعاء إدارة جورج بوش عدم مسئوليتها عن نتائج الاحتلال وما أسفر عنه نهج التقويض من دمار شامل للبنى التحتية والمؤسسات والهيئات يعتبر سياسة تدل على الاحتيال ومحاولة للتهرب من المحاسبة الدولية وتعويض الشعب تلك الخسائر التي دفع كلفتها من حياته ومعاشه واستقراره.

إصرار إدارة بوش على «وحدة العراق» بعد أن استكمل الاحتلال سياسة حرق البلاد وتخريبها وتمزيقها تعتبر خطوة في استراتيجية اعتمدت الخداع والكذب منذ افتعال الأزمة لتبرير الحرب وتغطية الغزو. والكلام الذي أطلقه الناطق الرسمي تعليقاً على قرار مجلس الشيوخ محاولة يائسة لذر الرماد في العيون وصرف الأنظار عن الدور المركزي الذي لعبته واشنطن في دفع العلاقات الأهلية إلى هذا الطور من الانشطار.

إدارة بوش تتحمل المسئولية من البداية إلى النهاية مهما حاولت الآن التهرب من النتائج الكارثية التي أصابت بلاد الرافدين. والاحتيال على الوقائع التي ساهم الاحتلال في ترسيم حدودها الميدانية لا يعفي الإدارة من تحمل النتائج التي أودت بالعراق إلى هاوية التقسيم.

مشروع التقسيم الذي أقره مجلس الشيوخ جاء نتاج دراسة نظرية للوقائع الميدانية. والفكرة التشطيرية التي اعتمدها أعضاءالمجلس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تأسست بناءً على معطيات أشار إليها «الدستور» الذي صاغه الاحتلال بعد غزو العراق. فالدستور الذي أشرفت إدارة الاحتلال على وضع مواده لمّح إلى نوع من «فيدرالية اتحادية» تعتمد لا مركزية إدارية للمحافظات والأقاليم. وهذا التلميح الدستوري أوجد الذرائع القانونية التي استخدمتها ميليشيات الطوائف والمذاهب أدوات هدم وتحطيم وقتل وتشريد وتفخيخ وتهجير وذبح على الهوية.

المشكلة الأساسية تكمن في دستور الاحتلال، وهو شكّل ولايزال القاعدة النظرية التي تبرر قانونياً سياسة التفكيك والتقويض. وتعديل الدستور يشكل خطوة ضرورية لإعادة تنظيم علاقات أهلية تحتاج من جديد إلى ترتيب هيكلية تضمن وقف نهج التمزيق الذي اعتمده الاحتلال.

قرار مجلس الشيوخ غير ملزم ولكنه في جوهره السياسي اعتمد على نتائج الاحتلال وما أسفرت عنه آيديولوجية التقويض التي أخذ بها تيار «المحافظين الجدد». كذلك استقى مجلس الشيوخ قراره من تلك المواد التقسيمية التي اشتملها دستور الاحتلال. فالدستور الذي صاغته إدارة الاحتلال وفرضته خياراً وحيداً على الشعب العراقي شكل تلك القاعدة القانونية التي بررت لمجلس الشيوخ اعتماد مشروع قرار التقسيم. وإلغاء قرار «الشيوخ» لابد أن يسبقه مشروع قرار يسمح بتعديل «الدستور العراقي» وشطب تلك المواد الغامضة والمبهمة التي تعطي المحافظات والأقاليم صلاحيات إدارية تعطل قرارات الحكومة المركزية.

البداية قبل النهاية

المسألة تبدأ من الخطوة الأولى، فهي التي فتحت باب التشطير وشجعت القوى الأهلية على الذهاب بعيداً في «اللامركزية» إلى طور الانقسام الميداني وتفكيك البلاد إلى «كانتونات» تدير شئونها المحلية بعقلية طائفية ومذهبية وبعيداً عن مفهوم دولة لم تعد موجودة أصلاً.

قرار مجلس الشيوخ بدأ من حيث انتهى الاحتلال وقام بتركيب تصوراته بناءً على النتائج ولم يتطرق إلى تلك الأسباب التي أدت إلى تشطير بلاد الرافدين وتوزيعها إلى «حكومات محلية» تتسلط على موارد «الأقاليم» وسكان المحافظات.

«الدستور العراقي» هو أصل المشكلة. والمأساة التي يعاني منها الشعب الآن هي نتاج احتلال قرر منذ البدء تقويض الدولة وتفكيك مناطقها وذر شعبها إلى دويلات متجانسة في هوياتها الطائفية والمذهبية. وحتى يستطيع الشعب العراقي تصحيح المعادلة لابد له من البدء في تصحيح الدستور وصولاً إلى تعطيل قرار مجلس الشيوخ.

النهاية التي وصل إليها أهل العراق لم تكن عفوية وإنما تأسست على آيديولوجية اعتمدها تيار «المحافظين الجدد» مستفيداً من سياسات التفرقة والتمييز والاضطهاد والقمع والاستبداد التي هيمنت على قرارات النظام السابق. ولكن النهاية دفعت بالبلاد إلى طور أسوأ وجعلت من الجموع العراقية تبحث عن ملاذات آمنة خوفاً من القتل وقطع الرؤوس وهرباً من ميليشيات أشاعت مناخات التخويف في مختلف المناطق والأقاليم.

الحال العراقية قبل الاحتلال كانت تعاني من التمزيق الأهلي وتبعثر الولاءات إلى مراكز قوى تتحرك خارج نطاق الدولة «المركزية». ولكن الحال المذكورة لم تكن سيئة إلى الحد الذي وصلت إليه بعد الاحتلال. فالغزو الأميركي راهن على نتائج الاستبداد لتبديد الدولة من الوجود وإعادة تأسيس دويلات تعتمد الهوية الطائفية والمذهبية أساساً للفيدرالية. والإدارة حين اتخذت هذا القرار التقويضي بعد الغزو كانت تدرك سلفاً أن النتائج ستكون على هذه الصورة التشطيرية التي اعتمدها مجلس الشيوخ لتبرير قراره غير الملزم.

ردة فعل «البيت الأبيض» بائخة وتدّعي البراءة وتتذاكى على العالم في وقت يعلم كل من تعاطى في الشأن العراقي من قريب أو بعيد أن المسار الميداني لحركة التدافع السكاني في بلاد الرافدين ستصل إلى تلك الصورة السياسية الانقسامية. والمضحك في المأساة أن القوى التي تعاملت وتعاونت وساعدت الاحتلال على الغزو ودعمته في قراراته وسياسته أبدت امتعاضها من مشروع قرار مجلس الشيوخ وطالبت برفضه بينما هي ساهمت فعلياً في صوغ دستور تنص بعض مواده على تشطير العراق وتوزيعه إلى أقاليم منعزلة ومنفصلة عن مركز دولة لم تعد موجودة على الخريطة السياسية.

حفلة الكذب والنفاق التي صدرت عن جهات متعاملة ومتعاونة مع الاحتلال تشبه كثيراً تلك الادعاءات الفارغة والبائخة التي أطلقها «البيت الأبيض» تعليقاً على قرار مجلس الشيوخ. فالنقد واحد سواء صدر عن قوات الغزو أو عن تلك الفروع التي استخدمت الاحتلال وسيلة لتدمير البلاد وتقويض الدولة والانخراط في مسلكيات غير سوية لنهب الثروات وتبديدها وتهريبها إلى الخارج.

قرار مجلس الشيوخ غير الملزم مشكلة ولكنه ليس أساس المشكلة. فالقرار هو صورة عن سياسة ميدانية اعتمدها الاحتلال في إطار منهجية آيديولوجية استغلت الواقع الذي يعاني من الظلم والاستبداد بهدف إعادة تأسيس هوية جديدة لدولة تقوضت واندثرت من الوجود. والدستور الذي صاغه الاحتلال يشكل ذاك الغطاء الشرعي لممارسة شجعت على نظام المحاصصة وتوزيع الغنائم وفق شروط نصت عليها قوانين طائفية وقنوات مذهبية.

العلة الأساس في دستور الاحتلال. وهذه العلة هي التي بررت لمجلس الشيوخ الأميركي اعتماد قرار غير ملزم يشرع التقسيم بناءً على نتائج ميدانية وصل إليها العراق ضمن خطة مفتعلة تبرمجت خطوة خطوة وسارت في سياق آليات قررها تيار «المحافظين الجدد» قبل الغزو وبعده.

ردة فعل «البيت الأبيض» على قرار مجلس الشيوخ سخيفة وغير مقنعة وتحتاج إلى صدقية للبرهنة على صحتها. فالناطق الرسمي احتج على النتيجة وتهرب من تعيين السبب. والسب هو الاحتلال وذاك الدستور «الفيدرالي» الذي وزع دولة على طوائف ومذاهب جغرافية، وأعطى صلاحيات للأقاليم تفوق قدرات المركز على التوحيد أو الدفاع أو توزيع الثروة. وما يحصل الآن من اعتراضات من جانب «إقليم كردستان» على توقيع الاتفاق الأمني بين حكومة العراق وتركيا يؤكد ذاك الخلل التنظيمي في ترتيب العلاقات بين المركز والأطراف. فالأطراف لها صلاحيات تطيح بالخطوات التي يعتمدها المركز إذا وجدت أنها لا تلبي رغباتها المحلية وطموحاتها «الإقليمية». والتشنج المذكور لا يستند في صلاحياته القانونية على قرار غير ملزم صدر عن مجلس الشيوخ الأميركي وإنما يعتمد على فقرات ومواد نص عليها دستور تقسيمي وتفكيكي صاغه الاحتلال. وإلغاء قرار الشيوخ لا يبدأ بإعلان براءة إدارة واشنطن منه وإنما من تصحيح دستور تنص بعض مواده على فقرات تبرر التفكيك وتشرع التقسيم.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
العر اق ليس ولاية امريكية
قاسم حسين
الوسط البحرين

هل رأيتم أعجب من هذه العقلية الباغية لدى الولايات المتحدة الأميركية؟ يجلس مشرّعوها ليحدّدوا مصير بلدٍ على بعد آلاف الكيلومترات!

لو تحدّثوا عن مصير أيٍّ من ولاياتهم فذلك شأنهم، أمّا أنْ يجلسوا ليحدّدوا مصير بلد عربي مسلم شقيق، كما يتصرّف أحدهم في بستانه أو مزرعته... فتلك منتهى العربدة وقمة المهازل السياسية.

المفارقة هنا أنّ البلد الذي لا يتجاوز تاريخه السياسي خمس مئة عام، وقامت دعائمه على عظام وجماجم الهنود الحمر، هو الذي يجلس اليوم لمناقشة مصير بلد عمره خمسة آلاف عام. والبلد الذي وضع دستوره قبل مئتي عام فقط، يحدّد مصير أوّل بلد في التاريخ وضع التشريعات والقوانين المدنية وعقوبات السرقة والشعوذة والزنا، وعلّقها على أبواب المدائن.

البلد الذي لم يفلح في وضع قانون للحدّ من الممارسات العنصرية ضد السود إلاّ قبل أربعة عقود، يقترح اليوم قانوناً لتفتيت العراق على أساس طائفي وعرقي، وليطلق صافرة البداية لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر!

البلد المتورّط في 80 بالمئة من الحروب الـ (150) المتنقلة في مختلف بقاع الأرض خلال نصف قرن، يضع اليوم أصابع الديناميت لتفجير حرب يقتتل فيها العراقيون، ويخوضون في دماء بعضهم بعضاً.

مجلس الشيوخ، يجتمع بقضه وقضيضه؛ ليضع خطةً لتقسيم العراق، وتتفتّق عقول «الشيوخ» عن الاتفاق وبأغلبية 75 صوتاً ضد 23، على أن التقسيم هو «الحل الوحيد لوضع حد لأعمال العنف»! وما دروا أنه الباب الذي لن يؤدي إطلاقاً إلى استقرار العراق، بل سينشر الزلازل في المنطقة كلّها. ولن تتوقف توابعه عند حدود البلدان ذات الامتدادات العرقية كتركيا وإيران، بل سيصل الشرر المتطاير إلى الدول الصغيرة المجاورة، بعد أنْ يأخذ العراق المفتّت بتصدير التفجيرات والمفخّخات والأحزمة الناسفة و«الاستشهاديين العرب» إلى مدائن الخليج المزدهرة بلا استثناء.

الأمانة العامّة لمجلس التعاون انتقدت القرار، وذكّرت بأن الاحتلال الأميركي هو الذي جعل العراق الملاذ الآمن لتنظيم «القاعدة»، ولكن ما لم يذكره البيان هو ما بعد التقسيم، حين يتحوّل العراق إلى دويلات، وستكون أقواها وأعنفها وأكثرها نشاطاً بركانياً على حدود متاخمة للأردن وسورية والسعودية.

لا يمكن أنْ نخلي ذمة العرب مما آل إليه الوضع العراقي، مذ تبنّت الفضائيات الكبرى سياسة التحريض على استقرار الوضع الأمني، باسم «الجهاد» و«المقاومة»، بينما تبنّت أغلبية العراقيين خيار التغيير السلمي للأوضاع عبر صناديق الاقتراع، وكلّنا نعرف اليوم نتائج هذا الموقف العربي، الرسمي والشعبي، المتعارض مع تطلعات غالبية العراقيين.

في الوقت نفسه، لا يمكن إخلاء العراقيين من المسئولية عمّا وصل إليه حال بلدهم، حتى أصبح عجينةً يحدد مصيرها 75 عجوزاً أميركياً متقاعداً عن العمل. وقبل أنْ نلوم الأميركيين على تهوّرهم وغبائهم، نلوم إخواننا العراقيين على عدم التوافق على أولوياتٍ وطنيةٍ جامعةٍ تنقذ البلد من نيران الاقتتال. فبلدٌ متنوّع الطوائف والأعراق، لا يمكن حكمه إلاّ بالتوافق، وهو ما لم يسلّم به أهل العراق حتى الآنَ.

مادام بعض الشيعة يفكّرون في الاستئثار بالسلطة «الجديدة»، وبعض السنة يصرّون على إعادة الاستئثار واسترجاع «الأمجاد» القديمة، والأكراد يفكّرون في العزلة التي تحميهم من شر «الآخر» الكيماوي البشع، في وطن اعتاد التمييز بين أبنائه والتفريط بكرامة مواطنيه، فلا تلوموا الأميركان.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
32
تقسيم العراق...مبدأ مرفوض
ريم خليفة
الوسط البحرين

عودة للحديث مجدداً عن تقسيم العراق، وما طرحه قرار مجلس الشيوخ الأميركي في الأيام الماضية بحجة أن ذلك هو الحل الوحيد لوضع حد لدائرة العنف وحمام الدم في العراق بهدف إحلال الأمن والاستقرار في بلاد دجلة والفرات... وهو حديث يستخدم كشماعة لتقسيم بلداننا العربية (المقسمة أساساً على خريطة سايكس – بيكو) والآن ستقسم على أسس أثنية وطائفية, وهو ما قد يؤدي في نهاية الأمر إلى مزيد من التفرق بين شعوب البلدان العربية وداخل البلد الواحد.

فمبدأ تقسيم العراق على “ المحاصصة” هو مبدأ مرفوض وفيه تبعات سلبية أكثر منها إيجابية, ما يعني أن البلد العربي الواحد مثل العراق ستحكمه كيانات سنية وشيعية وكردية مع حكومة ضعيفة في المركز تنطلق من بغداد (ربما ) تتولى أمن الحدود وعائدات النفط, ولكن حتى هذا ليس مضموناً, فالأكراد حالياً يعقدون الاتفاقات مع شركات النفط الدولية من دون علم حكومة بغداد ويرفعون علماً مختلفاً عن العلم العراقي وشرطتهم وقوات أمنهم وجيشهم جميعها تشكيلات منفصلة عن بغداد وهي تتكون على أساس ولاء لقبيلتي الطالباني والبارزاني , وهو ما يعني أنه حتى كردستان العراق سيتم فصلها إلى منطقتين لاحقاً.

أيضاً الحال في المنطقة الشيعية لا يختلف كثيراً وهي التي يتوزع ولاؤها بين عائلتي الحكيم والصدر إضافة إلى تفرعات أخرى وهو ما يعني أنها هي نفسها معرضة إلى مزيد من التقسيم.

أما الحالة السنية فهي تحت رحمة حركات وتنظيمات وتمويل وتوجيه من خارج العراق وهي وضعية لا تقل سوءاً عن غيرها إن لم تكن واقعاً أسوأ عن غيرها.

كعرب نرفض التقسيم ونطالب بعودة العراق حراً, قوياً ,موحداً, شامخاً, ومصدراً للفخر... ليس للعراقيين فقط وإنما لنا جميعاً وهذا لن يتحقق مع تكرار الحديث عن تقسيم البلاد.... ونحن بدورنا نخشى أن ينتقل هذا الأمر إلى باقي بلداننا العربية لاسيما أن هناك قاعدة خصبة لتنامي مثل هذه الأفكار والدعوات في ظل ممارسات ووجود ولاءات للبعض المبنية على التعصب المذهبي والقبلي التي جميعها تنتهي إلى نهايات سلبية لا تخدم مصالح الشعوب لأن حقوقها تصبح تحت رحمة المذهب والقبيلة لا ضمن مبدأ الوطن للجميع.

للأسف نحن نرى أيضاً أن هناك ممارسات وحتى تقليعات قد تخدم موضوع التقسيم فقد برزت - كما أشرت في مقال سابق - مع الذهب الذي أصبح اليوم يصمم ضمن اعتبارات أثنية ومذهبية, فكل سيدة وفتاة عراقية تعرف من أي طائفة ومن أي جماعة من خلال قلادة الذهب التي ترتديها حاملة في قلب الخريطة رموزاً دينية وسياسية مختلفة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
33
دروس من شيخ الأنبار الراحل أبو ريشة
ستيؤلنغ جنسن
«واشنطن بوست»
كنت ما بين مايو 2006 ومايو 2007 مترجما لمعظم اللقاءات التي جرت بين مسؤولين حكوميين أميركيين وعبد الستار أبو ريشة الشيخ السني الذي قتل يوم 13 سبتمبر بواسطة تفجير سيارة في الرمادي. أنا كنت شاهدا لتحول أبو ريشة مع مرور الوقت من زعيم عشائري محلي مجهول إلى أفضل أمل للولايات المتحدة في العراق. وجاء مقتله صدمة لي لكنه لم يكن غير متوقع عند أخذ المخاطر التي تحيط بالرجل بنظر الاعتبار. لسوء الحظ، لم تفهم حياة أبو ريشة وجهوده فهماً صحيحاً من بعض المسؤولين في واشنطن.

لم يكن أبو ريشة شيخ عشيرة عاديا أو رجلا عاديا، فهو كان لا يعرف الخوف حتى لو كان ذلك يعني نعته بالقريب للأميركيين في منطقة كانت حتى لفترة قصيرة تقاتل إلى جانب القاعدة.

هناك الكثير من الذكريات التي تجمعني بأبو ريشة. فأنا أتذكره واقفا في سبتمبر العام الماضي أمام شيوخ العشائر السنة في الرمادي، ليعلن: «قوات التحالف قوات صديقة، وهي ليست قوات احتلال». وهذا ما جعل شيوخ العشائر يتلفتون بتوتر. مع ذلك وبعد ستة أشهر أصبح هؤلاء الشيوخ أنفسهم من أتباع أبو ريشة وشكلوا تحالفهم مع الولايات المتحدة.

كذلك أتذكر وجه أبو ريشة حينما ترجمت تصريحا لجنرال أميركي قال فيه إن الأنبار ستحصل على عدد إضافي من الوحدات الأميركية. راقبنا الجنرال وبدا كأنه يتوقع أن يكون أبو ريشة شاكرا لهذا الفعل الكريم. بدلا من ذلك التفت أبو ريشة صوبه باندهاش ليقول له: لماذا تجلبون هذه القوات كل هذه المسافة إلى هنا وتضعونهم موضع الخطر في وقت نحن نتقدم كثيرا مع الشرطة والجيش العراقيين؟ نحن لا نريد وحدات أميركية أخرى هنا. لماذا لا تركزون جهودكم على جعل بغداد تساعد الشرطة العراقية في الأنبار؟

كشف أبو ريشة عن الكيفية التي يمكننا بها أن ننتصر في حرب العراق. إنه ليس حول جلب وحدات أميركية أخرى إلى ساحات القتال بل أن النجاح يأتي من دعم القادة المحليين والقوات الأمنية هناك.

كان أبو ريشة يكرر القول إنه إذا كانت الولايات المتحدة تدعم الشرطة والجيش المحليين فإنها ستساعدنا في «محاربة القاعدة كل الطريق إلى أفغانستان».

كان أبو ريشة من أنصار وجود عسكري مستمر للولايات المتحدة في العراق. فهو بادر إلى دعم استشراف الرئيس بوش البعيد المدى الذي طرح في خطابه خلال سبتمبر، حيث أنه كان يرى الأنبار مفتاحا لهذا الجهد.

مع ذلك فإن أبو ريشة يؤمن بأن تقوية الشعب العراقي سيقضي على القوى المعادية للديمقراطية مثل القاعدة وهي الطريقة الوحيدة لتحقيق النصر في هذه الحرب. وهو لا يؤمن بأن الانتصار سيأتي من خلال المبادرات الاميركية مثل إرسال وحدات إضافية إلى العراق.

يؤمن الكثير من العراقيين بأننا نبقي قواتنا في بلدهم لأننا نريد أن نتحكم بمصيرهم. ففي أغسطس 2006 وبعد هجوم انتحاري كبير على مركز شرطة مهم في الرمادي ظهر الجنود الأميركيون كي يسيطروا على الوضع. وأنا طلبت وبشكل متكرر من ضابط أميركي إبقاء الشرطة العراقية بعيدة بسبب المخاطر الناجمة عن بناية محترقة. وخلال ذلك نفد صبر رئيس الشرطة لعدم مغادرة الأميركيين المكان وأصبح في وضع متحد حينما علم أن الجنود الأميركيين بحاجة إلى وقت أطول مما كان متوقعا كي يطفئوا النار. وخلافا لرغبات الضابط الأميركي بادر رئيس الشرطة ورجاله بالعودة إلى مركز الشرطة حيث تمكنوا من إطفاء النار. وبمساعدة الجنود الأميركيين تمكنوا من تنظيف المركز وإعادة بنائه. إنها ليست الطريقة التي سيعالج بها الضابط الأميركي الوضع لكن المهمة تم إنجازها.

إذا كان علينا أن نهزم القاعدة في العراق فإن من اللازم بالنسبة لنا أن نتعلم كيف نثق بالعراقيين حتى إذا كانوا لا يقومون بالأشياء بالطريقة التي نريدها. فالشيء الجوهري هو أن العراقيين يريدون أن يكونوا هم المسيرين للأمور في العراق ونحن بحاجة إلى أن نسمح لهم كي يقوموا بذلك.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
34
العراق التقسيم السلس
جابر حبيب جابر
الشرق الاوسط


صوت الكونغرس الأمريكي على خطة مرشح الرئاسة السيناتور جوزيف بايدن بأغلبية الثلثين (75 صوتا مقابل 23 صوتا)، الداعية الى تقسيم العراق الى ثلاثة فيدراليات كردية وشيعية وسنية. وعلى الرغم من ان هذا القرار غير ملزم للإدارة الأمريكية، الا ان تأييده من كلا الحزبين وفي مقدمتهم بعض مرشحي الرئاسة يعكس التحول في الكونغرس تجاه العراق، اذ يجد فيه البعض منهم انه يقدم حلا سياسيا لإيجاد تسوية سياسية على اساس فيدرالي تسمح بانسحاب القوات الأمريكية من دون ترك البلاد في حالة فوضى، وتجنب التزام الأمريكان بالبقاء اطول كقوة عازلة وحامية للمنع من الانزلاق الى الحرب الاهلية، ولضمان الا يكون هناك تطهير طائفي وعرقي واسع ما بعد الانسحاب تتجلى فيه الفضاءات الانسانية، وتدفقات من الهجرات على دول الجوار تعود مهددة للسلام والأمن الدوليين فضلاً عن تأثيراتها الكارثية على البنية الاقليمية المجاورة للعراق وعندما تذكي التطلعات الاستقلالية في كل المنطقة.

هذه الخطة اقيمت على رؤية انه يجب الاختيار ما بين سلطة مركزية في بغداد او ما بين سلطة موزعة، وبالتالي الاستنتاج بأنه كلما تركزت السلطة في بغداد فإنها تعزز وتفرز قتالاً طائفياً حول هذه السلطة، لذلك فانه لا بد من تقسيم السلطة بين المكونات والتي فشلت للآن في التشارك فيها، وفي ذهن مؤيدي الخطة القياس على تجربة البوسنة والهرسك على امل ان يحقق القرار ما نجحت في تحقيقه اتفاقات دايتون حول البوسنة التي اقرت التقسيم بين المتخاصمين الصرب والكروات والبوسنيين والتي قلصت التوتر عندما حكمت هذه المكونات نفسها بنفسها.

تستطيع ان تختلف او ان ترفض هذه الخطة او تتخوف منها، كونها وان بدت بأنها توزيع للسلطات على أساس فيدرالي إلا أنها باستنادها على الأساس الطائفي والإثني وليس الجغرافي فإنها تكرس للانقسام، وكونها ايضاً مقدمة لتهشيم الثوابت الأمريكية حول وحدة العراق، فهي تفصح بأنه ستكون كل الأثمان مقبولة لدى الساسة الأمريكان للتخفف من اعباء العراق بما فيها وضعه على عتبة التقسيم، الا ان هذه المخاوف يجب الا تحجب رؤية «العلة» التي حاولت هذه الخطة معالجتها وهي المشكل الطائفي الإثني، وبأنه لا فكاك منه إلا بعزل المكونات وانكفائها على نفسها وتركها تدير شؤونها مع سلطة مركزية لا تغري أحدا مهمتها فقط توزيع موارد النفط وتنظيم الدفاع.

إلا أن الرؤية العراقية تختلف، بل هي ترى اولاً أن اصل الصراع هو ليس بين طوائف لا يمكن العيش في ما بينها وبالتالي الحل يكون في عزلهم في مناطقهم وأقاليمهم، بل انه صراع مع متشددين ومتطرفين في كل الطوائف وإلا كيف نفسر الصراع الذي يجري بين ابناء نفس المنطقة في محافظات الجنوب، ولكن يرد هنا بان هذا الصراع والتصادم لم يصحبه تطهير طائفي او عرقي، كما ان المتشددين والمتطرفين استجلبتهم واحتضنتهم طائفة ايضاً في صراعها للنفوذ والغلبة مع الطائفة الاخرى، وترى ثانياً ان المقبول في العراق وفقاً لدستوره هو الفيدرالية على اساس جغرافي وليس عرقيا او طائفيا، ولكن يثار هنا بأنه في دولة بسيطة كالعراق وبإرث النظام المركزي الذي عرفته منذ حقبات طويلة ولضعف الوعي وانعدام التراكم الديمقراطي وغلبة النزعات البدائية، فان الفيدرالية لم تكن مطلباً وإنما الذي دفع بها الى الواجهة هو ارث التغابن الطويل بين المكونات والفشل في الوصول الى سلطة واحدة مرضية يشترك فيها الجميع، لذا فالتقسيم لا بد ان يتبع هذه الحقيقة بالضرورة، وثالثاً ان الرفض العراقي يرى بان هذا المشروع يبدو معاكساً اذ هو يأتي في ظل انخفاض وانحسار موجة العنف الطائفي، وهذا صحيح جزئياً ولكن يثار عليه ايضاً بان هذا الانحسار نتيجة تعب الأطراف وهذا ما شهدته في النهاية كل المصادمات والحروب الأهلية في العالم، وأيضا لكون ان العزل والتهجير تم في غالبية المدن والمناطق المختلطة، الا ان الحجة الناهضة ضد هذا المشروع هي الرابعة، وهي ان السبب الرئيس لما يمر به العراق هو عدم وجود دولة قوية، في حين ان نظرية بايدن تقوم على إضعاف الدولة المركزية، لكن الذي يقف بجانب نظريته أننا نفهم الديمقراطية والحرية بشكل مختلف عن باقي شعوب العالم، اذ أننا نراها بمعنى التحرر، أي أن لا يحكمك الآخر المغاير، فالكردي لا يقبل ان يحكمه العربي وكذا السني والشيعي، لذا فهذه النظرية تأتي لتطمين وملاقاة هذا الفهم والميل.

إلا أنه عسى أن تكون هذه الضارة نافعة فيستفز هذا التقرير القوى السياسية والعراقيين لإيجاد وحدتهم المفقودة وتخطي خلافاتهم، وثانيا يدفعنا ان نوائم بين زمنين وألا نشد الآخرين الى بطئنا ففي المنظور العراقي فان الامور تأخذ وقتها بل وتتمدد به وأحيانا لا نجد لها حلاً فنتركها للزمن ككفيل في حين ان الآخرين مضبوطون بزمنهم واستحقاقاتهم ومواردهم التي تهدر، ثم اذا كان الناس لا يريدون التقسيم فدعهم ببساطة يلتئمون وعلى زعمائهم من السنة والشيعة ايضا ان يقدموا على حلول توفيقية ويدركوا ان الوقت بات ينفد.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
35
التقسيم..حضانة أخرى للإرهاب!!
افتتاحية
اليوم السعودية
تقسيم العراق يعني لأمريكا الشيء الكثير، فهو وسيلة الإنقاذ لها عندما تترك الفرقاء يعملون على تصفية حساباتهم، وتخرج للعالم بمبرر أنها عجزت أن تسوي قضاياهم الداخلية، وأن خروجها جاء لهذا السبب، لكن جريمة الغزو والاعتبارات التي سبقته بالقضاء على الدكتاتورية وأسلحة الدمار الشامل، ونشر الديموقراطية، تضع أمريكا أمام مساءلة كونية تفرض محاكمتها جرياً على كل جرائم الحروب التي وضعت نفسها قاضياً ومحامياً وناطقاً في الحكم على الألمان واليابانيين وآخرهم الصربيون والعراقيون..
قد تقول أمريكا إن الواقع فرض نفسه وإن تعايش الجنوب الشيعي، مع الوسط السني مستحيل لأسباب تاريخية وثارات قديمة بدأت مع أواخر الدولة الراشدة، ولن تنتهي بالأزمات القائمة، هذا القول حدث بزوال الحكومة المركزية وسلطتها وحتى في أمريكا قلعة الديموقراطية يمكن أن تنفجر لو حدث أمر مشابه لها، وتحارب اللاتين مع البيض، وثأر الزنوج والهنود الحمر من كل من عرضهم للاستعباد والإبادة، بمعنى أن الإخلال بالأمن القومي مدعاة لبروز الصراعات كلها، وهو ما تسببت به أمريكا مع العراق مركزة على هدفين التحالف في بدايات الاحتلال مع الشيعة، ثم نفض يدها منهم، والآخر النفط الذي هو سبب الحرب وتبعاتها، لأن امتلاك هذا البلد يعني التلاعب بالسوق العالمي واعتبار أرض العراق الاحتياطي الاستراتيجي لتواريخ طويلة عند شح الطاقة أو انفجار أسعارها إلى الأعلى..

لكن ماذا عن التقسيم ذاته؟ نعرف أن الحكومة المركزية القائمة بسبب واقعها الراهن، تعيش على حماية الجيش الأمريكي، وبزوال هذا الغطاء الأمني ستبدأ المشكلة الأكبر على تقاسم النفط، ومياه الأنهار، والحدود لكل دولة، والفصل المذهبي والقومي، وهنا سيبدأ مسلسل أكثر من تطرف آخر إذ ستنبت في ظل هذه الدويلات مراكز قوى لا تخضع لدول بل لمن يلعبون في الظل وتحت الأرض، وستجد الدعم الداخلي والخارجي من أطراف عديدة، وبوجود بؤر أخرى، تأخذ بطرق واتجاهات القاعدة، من داخل هذه الدويلات، وبإعلان العداء مع أمريكا والغرب اللذان تسببا في خلق هذه الكيانات وسيجد العالم أنه أمام موقف جديد سيفرض تحالف المتطرفين الذين سينتشرون في الساحات الإسلامية بمن يقدم كفاءته الشخصية ودعمه المادي، وهنا لن يكون الإسلام السبب في حروب الأديان، وإنما من فجر هذه البراكين، وأعطاها مبرر الوجود والتحرك، وبناءها داخل أحزمة الدول التي تملك هذه الاستعدادات..

عربياً هناك يأس تام أن يكون الدور العربي قادراً على ملء الفراغ بل ستكون إيران وتركيا ومنظمات سرية عربية وإسلامية البديل وقد نرى الحروب الداخلية لا تتجه فقط إلى معارك سنية وشيعية، وإنما تلاحم أبناء العم والأخوة في القبيلة الواحدة وعشائرها إلى نبش روح العصبية التي ستتفوق على المذاهب إلى عرب وأكراد وشيعة فارسية وعربية، وسنة أكراد وسنة عرب ثم تتواصل الحلقات إلى ما هو إبحار في المجهول والذي تؤكد المؤشرات أنه اضافة جديدة لعالم لن يعيش السلام والاستقرار..

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
36
اللا معقول العراقي أمريكياً.. كيف؟

افتتاحية
اليوم السعودية
يوماً ما كتب المخرج الأمريكي مايكل مور كتاباً شهيراً بعنوان «رجال بيض.. لكن أغبياء» تحدث فيه عن الإنسان الأبيض، وهو يقصد بالتحديد ذلك المنحدر من جذور أوروبية، وبرأيه أن كل الكوارث والعذاب الذي تتعرض له وستتعرض له البشرية سببه هذا الإنسان الأبيض المتهور.
ربما تكون تلك حالة رد فعل، لما شهده العالم في السنوات الأخيرة، من قرارات متهورة وأخطاء فادحة ألقت بظلالها على المجتمع البشري، لكنها في كل الأحوال «حالة» لا تختص بذوي البشرة البيضاء، حتى لو كانوا هم أغلب من ارتكب المذابح البشعة، فالحرب العالمية الأولى ارتكبت بيد بيضاء، والحرب الثانية استعرت بيد بيضاء، ومجمل حروب القرن قامت بسلاح أبيض، وبجندي أبيض، وبإدارة بيضاء.
حرب العراق تحديداً، كانت نتاجاً سيئاً لفكر أبيض، وضرب أفغانستان، كانت استثماراً لسياسة بيضاء، واليمين المتطرف الذي أعاد تدوير فلسفة القوة التي ابتدعها فلاسفة أوربيون عتاة، مثل هيجل ونيتشه وغيرهما، وجد في الفرصة نموذجية لفرض الهيمنة، وكان على مفكر مثل فرانسيس فوكوياما التوصل لحالة عداء مع التاريخ، واستقرائه من جديد باختراع العدو البديل الذي هلل له الغرب، بعد انتهاء الحرب الباردة، ولم يكن هذا العدو سوى الإسلام والمسلمين ومن بينهم العرب طبعاً.
قد يكون صحيحاً ما اتهم به مفكرون الولايات المتحدة بأنها أمة تفكر بقدميها، وربما يستدلون على ذلك بكثرة ما يوقع به الأمريكيون أنفسهم من مآزق، غالباً ما تنتهي بالفشل، حتى لو كان ظاهرها النصر، عقدة فيتنام لا تزال ماثلة، وتؤرق الذاكرة الأمريكية، وحرب العراق خلقت حالة استلاب، نجح مطبلو الحرب في توسيع دائرتها، وتفشيها بشكل عدواني، لم يكبحه سوى النعوش الطائرة التي تعود للشعب الأمريكي الذي يبدو أنه مغلوب على أمره تماماً، ونجحت الآلة الدعائية الضخمة في تغييبه تماماً، إلا من محاولات خجولة.
والآن، وبمرور كل هذه السنوات، يبدو أن الساسة الأمريكيين لم يستوعبوا الدرس، وقرار الكونجرس الأخير بشأن تقسيم العراق رسمياً يعيد صناعة القرار إلى الدائرة الأولى، حتى لو كانت غير ملزمة، فهل حقيقة أنهم كلهم بيض فقط؟