Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 5 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية المقالات والإفتتاحيات الخميس 4/10/2007


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
قرار الكونغرس الأميركي: «كومنولث» طائفي بزعامة إسرائيلية
صالح القلاب
الشرق الاوسط بريطانيا
لم يكن ينقص الصورة الأميركية، البشعة جداً والكريهة أصلاً، إلا هذا القرار الأخير، الذي اتخذه «الكونغرس» الأميركي والذي دعا فيه ليس إلى «فَدْرلة» العراق وإنما إلى تقسيمه، لتصبح أميركا في هذه المنطقة التي لها مع الأميركيين تاريخ مؤلم طويل أكثر كرهاً وأكثر بشاعة والمحيِّر هنا هو أنه كلما لاحت بارقة أمل باحتمال أن تحل محل هذه الصورة صورة أخرى، أفضل منها، ترتكب واشنطن حماقة جديدة تزيد الطين بِلَّة كما يقال.
حتى إيران، التي تقوم استراتيجيتها القديمة والجديدة على ضرورة تفتيت هذا البلد وتقسيمه، لتتقي «شرَّه»، لم تستطع تحمُل فجاجة قرار الكونغرس الأميركي هذا، وحتى قادة الميليشيات العراقية المذهبية، الذين لم يكفوا عن المطالبة بتحويل هذا البلد إلى كيانات طائفية وعرقية متباعدة، اضطروا لمجاراة عواطف غالبية أبناء الشعب العراقي والتنديد بهذا القرار ورفضه ولو من أجل «رفع العتب» وإبعاد الإحراج عن أنفسهم.
كل القوى العراقية الحقيقية والوهمية، وبما في ذلك ميليشيا «جيش المهدي» و«قوات بدر» وبالطبع «حزب الفضيلة» رفضت قرار الكونغرس الأميركي هذا المشار إليه وهي لم تستطع تحمُّل فجاجته ووقاحته وهذا ينطبق عليه القول: «رب ضارة نافعة»، فحسنة هذا القرار الذي وصفه الذين أصدروه بأنه غير ملزم أنه وحَّد مشاعر العراقيين وفجر عواطفهم الجياشة مع انه لم يوحد بعد لا بنادقهم ولا توجهاتهم ومواقفهم السياسية.
والسؤال هنا هو: لماذا يا ترى ارتكب الكونغرس الأميركي هذه الحماقة واتخذ هذا القرار الأهوج بينما الإدارة الأميركية تنهمك، بعد كل الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها في العراق وغير العراق، في السعي لتلميع صورة أميركا البشعة والتي غدت أكثر بشاعة بعد هذا القرار الأخير..؟!
ربما يرى البعض أن كل ما في الأمر أن الكونغرس أقدم على ما أقدم عليه من قبيل الإمعان في«التنكيد» على الرئيس جورج بوش و«تنغيص» عيشه ولذلك فإنه قام بما قام به وهو يعرف أنه غير ملزم للإدارة الأميركية.. وبالتالي فإن المسألة من أولها إلى آخرها لا تتجاوز حسب التعبير اللبناني الدارج مجرد «الحرتقات» الداخلية ومجرد الصراعات المحتدمة بين الجمهوريين والديموقراطيين وتسويق المواقف والبرامج عشية الانتخابات الرئاسية المقبلة التي باتت تطرق الأبواب بكل قوة.
لكن هذا التقدير، الذي ربما يعتبره البعض وجيهاً، لا يلبث أن يفقد وجاهته عندما نتذكر أن تفتيت وتقسيم ليس العراق وإنما المنطقة كلها كان هدفاً قديماً للإسرائيليين والأميركيين على حد سواء، والمؤكد أن الدستور العراقي، الذي جاء تجسيداً للهدف الذي من أجله جرى تعيين سيىء الصيت والسمعة بول بريمر مندوباً أميركياً سامياً في العراق، قد تم وضعه في لحظة مريضة اهتزت فيها المعادلات تلبية لهذا الهدف واستجابة لطموحات نهازي الفرص، وإن على حساب شعوبهم وأوطانهم.
لا بد من التأكيد هنا على أن هذا الدستور لم يوضع، بكل ما تضمنه من مواد خطيرة ومسيئة للعراق ووحدته، من أجل وضع الأكراد المميز في منطقة كردستان، فالعراقيون بمعظمهم، سنة وشيعة، يرون أن هناك ضرورة تاريخية ملحة لأن تكون لـ «الكُرْد» خصوصية ينفردون بها وان تقتصر «الفيدرالية» المنشودة على هؤلاء وعلى العرب كأمتين شقيقتين تتشاركان الوطن العراقي ولا تعتبر أي منهما طارئة عليه.
وبهذا ولدى الحديث عن مخطط قديم ـ جديد لتفتيت العراق وتقسيم المنطقة فإنه لا بد من إيضاح أن المقصود ليس الأكراد، لا من قريب ولا من بعيد، فهؤلاء أمة ظُلمت على مدى تاريخ هذه المنطقة وهؤلاء من حقهم، مثلهم مثل العرب والفرس والأتراك وكل أمم الأرض، أن تكون لهم دولتهم القومية والمستقلة، وهؤلاء من حقهم أن يرفضوا الصيغة المذهبية والطائفية بالنسبة لـ«الفيدرالية» المقترحة في العراق وأن يتمسكوا بالصيغة العرقية والقومية وعلى أساس أن تكون هذه «الفيدرالية» عربية ـ كردية... وفقط.
ولذلك وخلافاً لبعض التصريحات المتسرعة فإن الموقف الكردي الحقيقي إزاء القرار البائس الآنف الذكر الذي اتخذه الكونغرس الأميركي هو ما جاء في تصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري التي أعلن فيها رفضاً قاطعاً وواضحاً وصريحاً لهذا القرار والتي تمسك فيها بوحدة العراق ورفض تقسيمه وهنا فإن التقسيم شيء والصيغة «الفيدرالية» على أساس قومي، عربٌ وأكراد، شيء آخر.
لا توجد أي مشكلة في أن يتفق العراقيون على أن تحكم العلاقات بين العرب والأكراد صيغة «فيدرالية» والمعروف أن بدايات سبعينات القرن الماضي كانت شهدت اتفاقية متقدمة، أبرمها صدام حسين مع الزعيم الكردي التاريخي الملا مصطفى البارزاني، أعطت لإقليم كردستان ـ العراق وضعية خاصة وكان من الممكن أن تكون هذه الوضعية أنموذجا لحل المشكلة الكردية في المنطقة كلها لو أن الرئيس العراقي السابق لم ينقلب عليها ويستبدلها بمذابح وحشية أزهقت أرواح عشرات الألوف من أبناء هذا الشعب الطيب الذي لا يستحق إلا كل الخير.
إن المشكلة التي تكمن في قرار الكونغرس الأميركي هذا هي أنه جاء ليذكر العرب بذلك المخطط الذي كثر الحديث عنه في سبعينات القرن الماضي والذي على أساسه أريد لهذه المنطقة أن تتشظى وتتفتت على أسس طائفية ومذهبية وكي يتم إنشاء «كومنولوث» طائفي ومذهبي تلعب فيه إسرائيل الدور القيادي الذي تلعبه بريطانيا في الـ«كومنولوث» البريطاني.
في بدايات سبعينات القرن الماضي وبينما بدأت الحرب الأهلية، التي اندلعت في ذلك الحين، تدخل المدن والقرى والشوارع والأحياء على أسس طائفية إسلامية ـ مسيحية) ساد انطباع بأن إسرائيل غدت معنية بتمزيق وتقسيم ليس لبنان وحده وإنما المنطقة كلها على أساس ديني وطائفي وبحيث تقوم كيانات ضعيفة يسهل جمعها في إطار تجمع تأخذ فيه الدولة الإسرائيلية موقع القيادة والزعامة وعلى غرار الموقع الذي تحتله بريطانيا في الكومونولث البريطاني المعروف. في تلك الفترة كانت ظاهرة المد القومي العربي، التي تعاظمت في عقدي خمسينات وستينات القرن الماضي، قد بدأت بالانحسار والتراجع على أثر الضربة القاصمة التي تلقتها هذه الظاهرة بهزيمة العرب البشعة والنكراء في حرب يونيو عام 1967 وحيث في تلك الفترة بدأت النزعة الانشطارية على أسس عرقية ومذهبية وطائفية تظهر في أكثر من مكان في المنطقة العربية... الأمازيغية في الجزائر والمغرب، والقبطية في مصر، والعلوية في سوريا.. والشيعية في العراق.
وهذا كله قد شجع إسرائيل، التي كانت تراقب ارتفاع ألسنة نيران الحرب الأهلية اللبنانية بارتياح واستمتاع كبيرين، على اتخاذ خطوة أعْرض وهي التفكير جديّاً بـ«لبننة» المنطقة العربية كلها بحيث تقوم دويلات، كدويلات الطوائف التي حلَّت محل الدولة الأموية العظيمة في الأندلس، يسهل جمعها في إطار «كومنولث» ديني ـ طائفي تأخذ الدولة الإسرائيلية فيه مكانة بريطانيا في الـ«كومنولث» الذي جمعت في إطاره كل الدول التي أُنشئت بعد رحيل البريطانيين عن مستعمراتهم القديمة.
وحقيقة أن هذا التفكير الإسرائيلي، الذي يبدو أنه كان جديّاً وأنه لا يزال جديّاً رغم نفي الإسرائيليين المستمر له، قد تلقى حقنة إنعاشٍ كبيرة عندما تحول المشروع العراقي، الذي جاء به الأميركيون ليكون أُنموذجاً ديموقراطياً في المنطقة كلها، إلى مشروع طائفي ومذهبي هدفه تحطيم الدولة العراقية وتقسيمها إلى كيانات مذهبية وطائفية هزيلة عنوانها « «الفيدرالية».
إنها خطوة متقدمة جداً أن تتخلص تجارب الحكم في المنطقة العربية وفي العالم كله من المركزية الشديدة لحساب النظام الفيدرالي كما هو الوضع في ألمانيا وفي بلجيكا وسويسرا والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة والهند ودول أخرى كثيرة لكن بشرط أن تكون الدولة المعنية مقتدرة وقوية ولا تعيش حالة التفسخ المرعب التي تعيشها الدولة العراقية الآن.. إن الهروب من حرب أهلية مندلعة على أسس دينية وعرقية إلى الوضعية «الفيدرالية» هو أسوأ الحلول وهو سيؤدي حتماً إلى بروز كيانات طائفية ستبقى تتحارب بلا نهاية والى ما شاء الله على الحدود الناشئة وعلى توزيع تركة الدولة المركزية المنهارة وستأكل هذه الكيانات بعضها بعضاً على طريقة الخلايا السرطانية.
لا شك في أن فكرة التخلي عن المركزية الشديدة لحساب إعطاء صلاحيات إدارية أوسع وأكثر للمحافظات والمقاطعات النائية والقريبة فكرة رائدة وجميلة لكن بشرط ألا يتم هذا والدولة كلها ضعيفة وبشرط ألا تكون المكونات المذهبية والطائفية لهذه الدولة متخندقة في خنادق المواجهة وتشن على بعضها حروب تطهير مذهبي وطائفي في المناطق المختلطة على غرار ما يجري الآن في المناطق المختلطة في العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
العراق: فيدرالية.. وليس تقسيما
جوزيف بايدن (النائب الديمقراطي عن ديلوار) ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. وليزلي غيلب رئيس شرفي لمجلس العلاقات الخارجية
واشنطن بوست
استقبلت ادارة بوش وحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التصويت الذي جرى الاسبوع الماضي بخصوص السياسة العراقية ـ انطلاقا من خطة اقترحناها في العام الماضي ـ برد فعل سيئ التقديم وغير حقيقي. فقد صوت 75 من اعضاء مجلس الشيوخ، من بينهم 26 جمهوريا للترويج لتسوية سياسية في العراق اعتمادا على مشاركة سلطة غير مركزية.
وبدلا من ذلك شوهت حكومة المالكي والإدارة ـ عبر سفارتها في بغداد ـ تعديل بايدن/ بروباك بطريقة لا يمكن التعرف عليه، واتهمتنا بأننا نسعى الى «تقسيم العراق بالتخويف والقوة وغيرها من الوسائل».
ونريد توضيح الأمر. اذا لم تكن الولايات المتحدة قادرة على وضع فكرة الفيدرالية على المسار، فليس لدينا اية فرصة لتسوية سياسية في العراق، وبدون ذلك، ولا توجد فرصة لترك العراق بدون نشر الفوضى وراءنا.
أولا خطتنا ليست التقسيم، بالرغم من ان بعض المؤيدين ووسائل الاعلام وصفتها خطأ بذلك. فهي ستحافظ على العراق بإحياء نظام الفيدرالية المتضمن في دستوره. عراق فيدرالي هو عراق موحد، ولكنها تعني منح القوة الى حكومات محلية، وتتحمل حكومة مركزية محدودة مسؤولية القضايا المشتركة مثل حماية الحدود وتوزيع عائدات النفط.
والعراقيون لا يعرفون نظام الفيدرالية، والذي كان، فيما عدا وجود محتل او ديكتاتور، تاريخيا الطريق الوحيد للحفاظ على الدول غير المتحدة. ويمكننا الإشارة الى نظامنا الفيدرالي وكيف بدأ ومعظم السلطات في يد الدولة. ويمكن الاشارة الى حلول مشابهة في دولة الامارات العربية المتحدة وأسبانيا والبوسنة. ويريد معظم العراقيين الحفاظ على بلادهم متكاملة. ولكن اذا كانت قيادات العراق تسمع دائما من القيادات الأميركية، ان الفيدرالية تعني او ستؤدي الى التقسيم، وهذا ما سيؤمنون به.
وبديل ادارة بوش لذلك هو الترويج لحكومة مركزية قوية في بغداد. ومثل هذه الحكومة المركزية لا تعمل، فهي فاسدة وتعتبر، على نطاق واسع، غير جديرة بالثقة. ولم تنجح في التوصل الى مصالحة سياسية ـ ولا يوجد دليل على ذلك.
ثانيا لا نحاول فرض خطتنا. فإذا لم يرد العراقيون الخطة، فلا يجب قبولها، كما يوضح تعديل مجلس الشيوخ. وربما يدرس العراقيون والبيت الأبيض الحقائق. ان الدستور العراقي يطرح فكرة حكومة فيدرالية. وبالنسبة للمحافظات المقسمة طبقا للانتماء الطائفي، فإن الدستور يترك ذلك الاختيار الى سكان المحافظات.
ولا يمكن للبيب الأبيض الشكوى من اننا سنفرض حلا غير مقبول على العراقيين. ولم يتردد الرئيس بوش في ابعاد رئيس الوزراء العراقي السابق ابراهيم الجعفري لتسهيل الطريق امام المالكي، ويمكن ان يفعل نفس الشيء للمالكي.
ويوجد للولايات المتحدة مسؤوليات في العراق لا يمكننا التهرب منها. وسيحتاج العراقيون الى مساعدتنا في الحصول على الدعم للحل الفيدرالي. ومع وجود 160 الف أميركي معرضين للخطر في العراق، مع مئات المليارات من الدولار التي انفقت، ومع مقتل 3800 شخص حتى الآن وإصابة 28 الفا بجراح لدينا الحق في سماع اصواتنا.
ثالثا خطتنا لن تؤدي الى «معاناة ودماء»، كما اشارت السفارة الأميركية خطأ. ومن الصعب تخيل مزيد من المعاناة وإراقة الدماء أكثر مما يحدث الآن من الميليشيات التي تتواطأ معها الحكومة والجهاديين والبعثيين. لقد فر اكثر من 4 ملايين عراقي من بيوتهم، معظمهم خوفا من العنف الطائفي.
ويجب على ادارة بوش مساعدة العراقيين على انجاح الفيدرالية ـ عبر اتفاقية عادلة لتوزيع عائدات النفط، وعودة اللاجئين ودمج اعضاء الميليشيات في قوات الأمن المحلية، وإعادة تركيز بناء القدرات والمساعدات في المحافظات والأقاليم ـ وعدم تخويفهم بالربط بين الفيدرالية والتقسيم، والطائفية والتخويف الأجنبي.
ومما يزيد الأمر سوءا، هو أن الادارة قد مارست استراتيجية الانطلاق من القاعدة تبدو مثل الفيدرالية ورائحتها مثل الفيدرالية ـ ولكنها في الواقع وصفة لفوضى.
وتلك الاستراتجية تعني أن الولايات المتحدة ستؤيد أية جماعة في أي مكان تقاتل القاعدة او الشيعة المتطرفين. والآن يبدو الأمر مناسبا للحصول على حلفاء بين شيوخ العشائر لمقاتلة العدو الارهابي المشترك. ولكن تأييد تلك الجماعات وبدون أي هدف سياسي يبدو دعوة للفوضى.
ان الفيدرالية هي الاطار الذي يحقق الرغبات المتناقضة لمعظم العراقيين للاستمرار ككل ورغبات العديد من الجماعات لحكم انفسهم في الوقت الراهن. كما انها تعترف بحقيقة الاختيار الذي نواجه في العراق: فترة انتقالية الى الفيدرالية او تقسيم حقيقي عبر الحرب الأهلية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
وقع المحذور: العقد الوطني العراقي.. ومشروع السناتور إيدن
طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق
الشرق الاوسط بريطانيا
وأخيرا وقع المحذور، وأصدر مجلس الشيوخ الأمريكي قبل أيام قراراً غير ملزم بفرض الفدرالية على العراق. إن إلزامية أو عدم إلزامية القرار لا تقلل من شأن القرار وخطورته في أي حال من الأحوال، وهذا هو السياق القاعدة في العلاقات الدولية، فكم من دولة اختفت من على خارطة العالم أو قسمت، وكم من شعب تجزأ أو انقطعت به السبل وتحول بين عشية أو ضحاها الى طوابير لاجئين، بناء على قرارات أممية استندت اصلاً الى وعد أو إعلان نوايا، أو بيان ختامي، أو توصية تضمنها كتاب، سمه ما تشاء اسود أو ابيض، اكتسب بمرور الوقت مرجعية شرعية مهدت لتغييرات في الخارطة الجيوسياسية، والتاريخ زاخر بالشواهد والأدلة على ما نقول.
أياً كانت ملاحظاتنا وتحفظاتنا حول تقرير بيتريوس/كروكر الذي صدر قبل أسبوعين فإنه أشار ضمناً الى امكانية ان يتعافى العراق من محنته دون المساس بوحدته، وهو ما لا ترغبه كما يبدو مراكز هامة في صنع القرار الأمريكي، والتي لا تزال تصر بشكل يدعو للحيرة والاستغراب بأن الحل الامثل لإنهاء مشكلة العراق هي في تقسيمه من خلال فرض نموذج للفدرالية يستند على أسس عرقية وطائفية.
يتضمن القرار مقتبسات مكتوبة ومقروءة يراد منها تكريس الانطباع بأن العراقيين قد حسموا أمرهم واختاروا النظام الفدرالي كقدر لهم، مشيراً الى فقرات في الدستور العراقي المثير للجدل، وقرار مجلس النواب في 11 تشرين الأول الماضي حول الآليات المعتمدة في تحويل المحافظات الى اقاليم، وتصريحات لكبار المسؤولين في الدولة، ثم يعرج على حالة الأمن المتفاقمة ويشير الى أن أصولها خلافات سياسية عميقة، القرار يؤكد منافع الفدرالية بشهادة استقرار الأوضاع في إقليم كردستان وانطلاق حملة التنمية وإعادة الإعمار فيها دون معوقات او مشاكل، وهو ما يمكن تحقيقه في بقية مناطق العراق في ما لو اخذ بالفدرالية، ويخلص القرار في النهاية الى أن على الولايات المتحدة أن تشجع على الحل السياسي من خلال الفدرالية، وأضيفت عبارات تجميلية لا تغير من خطورة الطرح عندما يتحدث القرار عن المرجعية الدستورية واحترام رغبات وأماني الشعب العراقي من خلال قادته السياسيين وضرورة الضغط على الحكومة من اجل تشريع قانون توزيع الموارد النفطية المثير للجدل، وحتى يتحقق الحلم لا بد من ضمانة المجتمع الدولي والدول المجاورة والإقليمية لأمن وسيادة العراق ولكن ذلك لا يكفي إذ لا بد من تدابير وإجراءات لا يتحول فيها العراق الى محضن للإرهاب أو أن يصبح مصدر قلق وتهديد لجيرانه ، النموذج المقترح يدعى انه يحمل في طياته عصا موسى ويعد بطرح الفدرالية كوسيلة للخلاص، ولكن بنفس الوقت يغفل الكثير الكثير من الحقائق الموضوعية التي يمكن ان تقلب الطاولة وتكشف المستور وتسقط عن المشروع ورقة التوت.
وربما باستثناء العاصمة بغداد، تطور العنف منذ بعض الوقت في بقية المحافظات من حرب طائفية في المقام الأول الى حرب أهلية داخل الطائفة الواحدة هو المشهد الطاغي حالياً في المحافظات الجنوبية حيث الصراع في البصرة والناصرية والديوانية والسماوة ليس طائفياً وانما صراع فيما بين ابناء الطائفة الواحدة على النفوذ والمال والسلطان وربما مسائل أخرى... وقس على ذلك الصراع في الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين حث لم يعد صراعاً طائفياً وإنما هو صراع بين الغلو والاعتدال، صراع بين الحياة والموت ولا ادري كيف سيعمل النموذج المقترح على حل هذه المعضلة، اللهم، الا في اطار خطة لاحقة مكملة ربما تطرح في المستقبل غير البعيد لتجزئة المجزأ وتقسيم المقسم.
نقطة أخرى جديرة بالملاحظة وهي العلاقات البينية فيما بين المحافظات، حيث يفترض النموذج المقترح بأن الخلافات بين المحافظات وكذا بين الأقاليم معدومة أو لا قيمة لها، لذلك هو لا يشير اليها ويتجاهلها بالكامل في الوقت الذي تنتظر فيه التسويات الإدارية القادمة فيما لو نفذت المادة 140 من الدستور ملفات ساخنة للغاية يمكن ان تفجر صراعات حادة بين الأقاليم يصعب التنبؤ بنتائجها، وما يزيد الطين بلة انه مع عظم المخاطر واحتمال توتر العلاقات البينية بين الأقاليم حيث تنشأ الحاجة في مثل هذه الحالات الى حكومة مركزية قوية، يقلص المشروع دورها الى شرطي حدود وبنك لتحويل عائدات النفط ليس إلا؟ هل هذه هي وظيفة الدولة في بلد يشهد كل هذا الاضطراب والفوضى؟ بالتأكيد لا ومن المتوقع في ظل ذلك ان تتفاقم الحالة فيما لو ظهر المشروع الى النور.
فترة ما بعد فرض الفدرالية لا تعني القرار المذكور من قريب او بعيد وحال السناتور بايدن كحال من يحمل حملاً ثقيلاً يريد ان يطرحه في اقرب محطة ويمضي، وهكذا يصبح المشروع وكأنه رمية في الظلام، أو رمية الصاروخ التي تستند على فلسفة (ارم وانس Fire & forget)، وهنا يكمن القصور القاتل في هذا النموذج انه لا يعكس مشروعاً متكاملاً يمكن التعويل عليه بل هو خطة قصيرة النظر لا تصلح لعلاج أزمة مستفحلة.
لا شك إن الإدارة الأمريكية في وضع لا تحسد عليه وهي تريد كما نسمع ان تتخلص من عبئ بات يقض مضاجعها، وتفكر ربما في مخرج يسهل عودة جنودها ويوقف هذا النزيف غير المسبوق في الموازنة الامريكية، ولكن هل من المعقول مقايضة ذلك بضياع مستقبل بلد وعد بأنه سيكون واحة ومصدر الهام لجميع دول المنطقة ازدهارا واستقرارا وأمنا؟؟ هل من المعقول السعي في تحقيق تلك الرغبات بأي ثمن، بل حتى لو كان هذا الثمن ان يذبح العراق؟؟
لا ادري كيف فاتت هذه الملاحظات عن المشرعين الأمريكان، أم انهم باتوا غير معنيين بمستقبل العراق، سواء انتهت هذه المسرحية السوداء بالوحدة أو بالتقسيم؟، بالنجاح أو بالفشل.
مشروع القرار يتحدث عن دور ذي مغزى للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ولدول الجوار ومجلس الأمن وغير ذلك في إنجاح المشروع سالف الذكر، وإذا كان لكل هذه الأطراف اثر في تكييف مستقبل العراق، وهي كما أظن كذلك فالأولى أن توظف هذه الطاقات لدعم مشروع أفضل له فرصة مؤكدة في الحياة، إلا وهو مشروع المصالحة الوطنية الذي يمكن ان تعاد كتابته مجدداً في إطار مشروع (العقد الوطني العراقي) الذي أعلناه قبل أيام.
الموقف العراقي الرسمي والشعبي الرافض، كان هو الملفت للنظر، وهذا الموقف لم يشكل مفاجأة لأحد ذلك أن العراقيين لا يفضلون مثل هكذا قرار، فحسب استطلاع للرأي قامت به (آي بي سي) في آب الماضي، فان 62% من الشعب العراقي يريد حكومة مركزية موحدة في بغداد.
نسبة 28% من العراقيين فقط يؤيدون قرار بايدن ـ برواونيك (انقسام العراق) مما يؤكد رغبة العراقيين الحقيقية في تواصل الشراكة المصيرية في وطن واحد، ولكن مجرد الإعلان عن الرفض لا يكفي، بل لا بد من ترجمة واقع جديد، تعاد فيه الحسابات على أساس الخيارات المحدودة التي باتت واضحة وضوح الشمس ذلك ان فشل العراقيين في صياغة مشروع يوحدهم حول الكليات الوطنية، سوف يعني فرض مشروع بايدن بكل ما فيه من ضياع... بل من خسارة صافية في كل شيء وهذا ما لا يرغب فيه احد من العراقيين، صحيح أن لا احد ـ متى توحدت ارادة العراقييين ـ يستطيع ان يملي عليهم قدراً هم رافضوه ولكن هل يتحقق الأمل ويتحد العراقيون أولاً! هذا هو السؤال الذي ما زالت إجابته معلقة الى اليوم.
الوقت ضيق، والفرص محدودة، ومشروع «العقد الوطني العراقي» يشكل ارضية جاهزة يمكن ان ينطلق منها الجميع الى سفينة المشروع الوطني الذي يستوعب الجميع ويحميهم من الطوفان المتوقع ربما باستثناء من اختار سبيل ولد سيدنا نوح عليه السلام في حوار اقتبسه من القران الكريم «وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ » (هود:43) في مشروع «العقد الوطني» ثوابت وطنية واضحة لو أمكن الاتفاق عليها سريعا
لحصنت مستقبل العراق وأغلقت الأبواب والنوافذ إزاء طروحات ومشاريع مشبوهة توحي وكأن العراق بات سلعة تباع وتشترى في المزاد تحت سمع العراقيين وبصرهم.
كلمة أخيرة، اذ ربما يقول قائل إن مشروع «العقد الوطني العراقي» لا يبتعد كثيراً عن قرار الكونغرس من زاوية انه أشار في أكثر من مكان الى الفدرالية واللامركزية وهذا ما ورد في نص الفقرة (14) من المشروع:
«..... مع توفير قدر معقول متفق عليه من الفدرالية أو اللامركزية في إدارة المحافظات» وهو ما تكرر ايضاً في الفقرات (10،19) في المشروع، وأنا لا أنكر أن مسألة الفدرالية تشكل واحدة من الكليات الوطنية الأساسية المختلف عليها عراقياً، ورغم الجدل الواسع حولها فإنها لم تحسم حتى هذه اللحظة، لذلك وردت في صلب المشروع، بل كررت في أكثر من مكان ولكنها فتحت المجال أمام خيارات عدة تتراوح بين الفدرالية واللامركزية، والمشروع الى جانب ذلك ليس مع حكومة مركزية هشة بصلاحيات لا قيمة لها، وهذا ما ورد جليا في الفقرة (14و22)، ولو تم وأد الفتنة الطائفية وإفرازاتها المكروهة في المحاصصة، فانه لا مجال والحالة هذه في تطوير ادارة الدولة وتوزيع الصلاحيات بين المركز والإقليم أو المحافظات على غير الأسس المهنية والحاجات الوطنية وهو أمر مقبول ولا غبار عليه.
إن الفدرالية المطروحة في المشروع استندت أساسا الى قبول إقليم كردستان كحالة خاصة. (الفقرة 12) والمشروع لا يروج لأقاليم أخرى في بقية مناطق العراق حيث أن الأمر مع ذلك متروك برمته للعراقيين ان يختاروا بملء إرادتهم وكامل حريتهم شكل دولتهم المقبلة من دون ضغط أو إكراه أو إملاءات تأتي من فوق، وأياً كان خيار العراقيين لاحقاً فإن حكومة مركزية ذات صلاحيات هامة ستكون صمام أمان إزاء محاولات الشرذمة والتقسيم، إضافة لذلك تحدث المشروع عن شروط المصالحة الوطنية في النجاح، عن استقلالية القرار العراقي، ورفض التدخل في شؤونه الداخلية، عن وحدة العراق أرضا وشعبا، وهي تعبر عن نهج يحصن العراق من الانزلاق في برامج ومشاريع مشبوهة.
والمشروع من ذلك كما ذكر ابتداء ما هو الا مسودة مقترحة من المتوقع ان تخضع للتعديل والتصويب وتبقى الصيغة النهائية معلقة بانتظار ملاحظات من يعنيهم امر العراق من عراقيين وغيرهم، وهي خاضعة متى ما سمحت الظروف للاستفتاء الشعبي وهذا ما نصت عليه الآليات المقترحة في نهاية المشروع.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
قصص تقسيم العراق -5-
وليد الزبيدي
الوطن عمان
ان خلاصة مشروع تقسيم العراق أعلنه الاميركيون أنفسهم، عندما قال جوزف بايدن: إن ذلك هو الطريق الذي يمكن من خلاله خروج القوات الاميركية من هذا البلد وعودتها بأمان الى الولايات المتحدة، وطالما ان هذا هو الهدف الاساس الذي يسعى الاميركيون الى تحقيقه، فإن بواطن وظاهر هذا المشروع تكشف حقيقة وابعاد مشروع احتلال العراق، الذي شرعت الدوائر الاميركية بالتخطيط له منذ سنوات طويلة، وبدأت اولى الخطوات بغزو هذا البلد في مارس2003.
ان خطط تقسيم العراق، بدأت بهدف تفتيت هذا البلد وخلق الفتنة بين أطيافه وأعراقه، ومن ثم يتطور الامر من نزاعات وقتال واحتراب على أساس طائفي وعرقي، وخططوا لتطوير ذلك النوع من الاحتراب، لتكون هناك ما يشبه الموازنة بين الأطراف، اذ لا يتحقق الفوز لأي طرف من أطراف القتال والتناحر، ويتطور الحال الى انهاك لجميع الاطراف، ويصبح الجميع في ضعف ووهن، ومع وجود الثأر والرغبة بالانتقام، بسبب سيول الدماء التي تراق بين العراقيين، فإن هذه الاطراف ستلجأ عند ذاك الى طلب الحماية من طرف ثالث، وهو القوات الاميركية، وهنا تتحول مهمة هذه القوات من عسكر محتل ويذل ويهين العباد الى المنقذ من اخطار الجار والاخ والصديق، ويتسابق الجميع طالبين الرعاية من الاميركيين، فيمسك هؤلاء بالعصا من جميع اطرافها، والعراقيون يتحولون الى ادوات هشة رخوة متهالكة.
هذه هي تفاصيل الصورة، التي ارادها الاميركيون في العراق، ودفعوا لتحقيق ذلك الكثير من القوات وعمدوا لاثارة الفتنة بين العراقيين، ولم يتركوا بابا الا طرقوه ولا نافذة الا اطلوا من خلالها، وقابلوا نفوسا مريضة، وصرفوا المليارات من الدولارات وقدموا كل شيء.
لكن توصل اصحاب القرار الاميركي الى الحقيقة، التي تقول: ان مشاريع تقسيم العراق، ابتداء من خطوط الطول والعرضن وصولا الى توظيف السياسيين والاجهزة الامنية لاثارة الفتنة الطائفية والعرقية، لم تتمكن من تحقيق اهدافها، لكي تلجأ الاطراف العراقية الى طلب الحماية من قبل القوات الاميركية، وعندها تصبح هذه القوات، هي المظلة للامن والمنقذ من الخطر العراقي على أهل العراق.
وضمن خطوات اغلاق دكاكينهم في العراق والشروع بالهزيمة من هذا البلد، فإنهم يحاولون مرة اخرى تنفيذ مشروعهم الجديد، الذي يبحثون تفاصيله ويخصصون له الوقت والاموال الطائلة، وهو محاولة تقسيم العراق الى ثلاث دول لتعزل العراقيين على اسس طائفية وعرقية، ولا يتردد الأميركيون من اعلان الحقيقة، التي تقول انهم يسعون الى تمزيق هذا البلد وتفتيت مفاصله الاجتماعية والدينية والثقافية، والهدف من وراء كل ذلك، يكمن في تأمين خروج جنودهم من العراق او الرغبة بالبقاء ، ولكن لابد من القول، ان الأميركيين دخلوا العراق بأفكار ونصائح ساذجة، وبعد ما يقرب من الخمس سنوات، فهم يغرقون في الغباء والسذاجة، وما زالوا لا يريدون معرفة حقيقة المجتمع العراقي.wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
البصرة بعد مهمة بلير.. غير ديمقراطية وغير آمنة
طاهر العدوان
العرب اليوم
يحتاج رئيس وزراء بريطانيا غوردن براون الى فعل الكثير ليغسل يديه من خطايا السياسة التي اتبعها سلفه توني بلير في العراق. غير ان قراره الاخير بالبدء الجدي في سحب قواته من البصرة يمثل خطوة كبيرة للابتعاد عن المشاركة (بمهمة بوش المقدسة)!! التي لم تجلب الى العراق سوى الكوارث الانسانية والسياسية.
لم يترك توني بلير اي اثر جيد يمكن ان يذكره به التاريخ بعد غزوته الاستعمارية وعندما يخرج آخر جندي بريطاني من البصرة ومن جنوب البلاد فإن السؤال المطروح: ماذا حققت بريطانيا هناك?
البصرة بعد مهمة بلير - بوش هي غير ديمقراطية وغير آمنة. فما صنعته القوات البريطانية بعد اربع سنوات ونصف من الغزو والاحتلال اسوأ بمليون مرة مما صنعته هذه القوات في عصر الامبراطورية الاستعماري عندما احتلت العراق غداة الحرب العالمية الاولى, ايام الاستعمار المباشر, كان الضحايا من العراقيين لا يتجاوزون الالاف وهم اليوم مليونا, وكان المندوب السامي البريطاني يسعى لاقامة دولة عراقية موحدة تدور في فلك بريطانيا. اما ايام المستر بلير فإن (النجاح) الوحيد الذي تحقق هو تقسيم العراق لاثارة النعرات الطائفية والمذهبية, وتسليم البصرة للمليشيات الموالية لايران, وترك المدينة تحت رحمتها, حيث تم ترحيل مئات الالاف من اهل البصرة على الهوية, فيما اغتيل المئات من افضل العلماء والاساتذة الجامعيين ولم ينشىء بلير اي مدرسة او جامعة انما اقام مع شريكه بوش اكبر معتقل في ضواحي البصرة يضم اكثر من 10 آلاف عراقي تم اعتقالهم بسبب مواقفهم السياسية من الاحتلال.
لم يجد بلير في البصرة وجنوب العراق اي سلاح من اسلحة الدمار الشامل التي كان يزعم ان صدام حسين اقامها هناك لتهديد دول الخليج. لكنه وجد محطات كهرباء قام بتدميرها اثناء الغزو والاحتلال فعاش اهل البصرة مثل غيرهم من اهل العراق من دون ابسط الخدمات.
لم يجد بلير زجاجة المبيد البشري التي زعم ان صدام سيقتل نصف الكرة الارضية بها, لكنه وجد اكبر مصافي التكرير والنفط فقام بتدميرها وتحويلها الى خردة. اما النفط الذي كان يقال بأن الرئيس العراقي الراحل استثمره لبناء القصور فقد تحول بفضل حكم البريطانيين للبصرة الى نهب ومشاع لرجال المليشيات وشركات النفط الامريكية حيث يسرق ما قيمته 20 مليون دولار من النفط يوميا.
لم يجد بلير عندما دخل العراق حكومات للشيعة واخرى للسنة, لكنه عمل بجد من اجل خلقها واخراجها من قمقم التخلف في اعماق التاريخ الاسود. وبفضله ولدت هناك حركات وحكومات مذهبية ومليشياوية تريد فصل المحافظات الجنوبية الثلاث عن العراق.
باختصار, جاء البريطانيون الى العراق في عام 2003 وهو بلد موحد مستقر له دولة وجيش وجامعات. وسيخرجون منه هذا العام او العام المقبل وهو بلد محطم من دون كهرباء ونفط, من دون دولة, وبلا امن ولا استقرار, لا شيء بارز في حصاد حملة بلير اكثر من رقم المليون مدني عراقي الذين سقطوا بسبب هذه الحرب, والاربعة ملايين الذين هجروا في الداخل والى الخارج فأصبح العراق يقارن بالصومال, بعد ان كان على بعد خطوات من بلد مثل الهند.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
مشروع تقسيم العراقكيف نفهم هذه اللعبة؟
د. كامل العضاض
صحيفة العراق
تمهيـــــدمن الإستراتيجيات المألوفة في ألعاب الحروب وغزوات الصراع من أجل المصالح, كثيرا ما تردد مقولة, تنسب الى المنظّر الإستراتيجي الشهير, ليدلهارت؛ " حينما لا يتسع فمك لإزدراد لقمة كبيرة ودسمة، قم بتفتيتها، ثم تناولها ببطئ "! وهذا يعني بأنه حين تعترضك صعاب أو مقاومات غير محسوبة لفرض شروطك أو شروط هيمنتك، عليك أن تغيّر قواعد اللعبة! هل يمكن تفسير قرار مجلس الشيوخ الأخير، بناء على توصيات بايدن وشركائه، بتقسيم العراق على أسس مذهبية وأثنية، وفقا لهذه النظرية الفيزياوية التبسيطية وحدها، أم بإستحضار وتحليل عوامل موضوعية فاعلة أخرى. ومن أجل أن نمضي بهذا المسعى، علينا أن نبسّط الوضع أو المشهد العراقي المعقّّد، كما هو، لا كما نرغب أن يكون؛ ذلك لأن الوصول الى ما نرغب إليه يمرّ عبر فهمنا للواقع وللعوامل الفاعلة فيه. وعليه، سنطرح عددا من الأسئلة الجوهرية، وسنحاول الإجابة عليها. علما بأننا سبق وكتبنا عددا من المقالات، ومنها دراسة بعنوان؛ " الفدراليات والتقسيم ونهاية العراق "، في العام الماضي، ناقشنا فيها خطل مثل هذه الدعوات، كما طرحتها القيادات السياسية العراقية المهيمنة على الساحة السياسية، والمطالبة بإقامة مثل هذه الفيدراليات، وخصوصا منها، دعوة المجلس الأعلى الإسلامي لإقامة فدرالية وسط وجنوب العراق. ولكننا في هذه المقالة سندرس مشروع التقسيم، من وجهة نظر الغزاة أنفسهم، أي وفقا لما طرحه تيار سياسي فاعل في مجلس الشيوخ الأمريكي، سواء كان هذا الطرح يمثل جزءا من لعبة سياسية داخلية، أو جزءا من لعبة تقاسم الأدوار، و / أو لتمهيد الأجواء لتغيير قواعد اللعبة للسيطرة على مقدرات العراق.
ماهي الغايات العليا للغزو الأمريكي للعراق؟
كل جهد بشري غاية، بغض النظر عن مسوغاتها، أي بغض النظر عن دوافعها الأخلاقية؛ خيّرة كانت أم شريرة؛ حسب المفهوم الإنساني العام لمعنى الخير والشّر؛ والغاية قد تكون معلنة أو مقنّعة، أي مخفية بذرائع. والغايات الموجّهة ضد خصم ما، بغض النظر، مرة أخرى، عمن يكون هذا الخصم، يجري، عادة، تمويهها بذرائع أو غايات ثانوية، قد تسوّق بإطار أخلاقي، كأن يعلن، بأنها لخير الناس، كالقول بأنها من أجل السلم والأمن، أو الديمقراطية أو الحرية، أو العدل الإنساني، وما شابه. وكثيرا ما يكون الخصم نفسه هو المعطي للذرائع، أما عن جهالة أو رعونة، أو غطرسة، أو فهم خاطئ لقوة عدوه. فالولايات المتحدة، كما هو معروف، قوة عظمى؛ استفردت بالعالم بعد إنحسار قوة الغريم السوفياتي منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي، فأصبحت تقود العالم بسطوتها الإقتصادية والتقنية والعسكرية؛ وحالما وجدت الفرصة التأريخية سانحة لتعزيز هيمنتها على مصادر الطاقة الأساسية التي تشكل لها عصب قوتها الإقتصادية ورخائها المهيمن في العالم، بدأت تفتش عن الوسائل لإنهاك وإضعاف من سيمنعها من الوصول الى هذه الطاقة، وهي هنا طاقة النفط بإمتياز، فهي المستهلك الأعظم لها؛ وهي تعلم، علم اليقين، بأن إمدادات النفط ستصبح عسيرة وشحيحة مع التقدم الصناعي والإقتصادي لديها، وفي العالم عموما. لقد وجدت الولايات بأن الأنظمة الديكتاتورية المتحكّمة بالموارد النفطية المهمة في العالم، كالعراق تحت صدام حسين، لا ترضخ لشروط السوق، بل توظّف النفط وعوائده لأغراض تتعارض مع مصالحها، ( أي مصالح الولايات المتحدة )، لا بسبب وطنية تلك الأنظمة، إنما بسبب نزوعها لتوظيف هذه الموارد الهائلة لتمويل طموحاتها العسكرية والسياسية، أو لتعزيز طغيانها. كما وجدت إن النظام الإيراني بقيادة الكهنوت الديني المستبد هو، أيضا، من نفس نوعية هذه الأنظمة؛ فلا بأس إذن من تسهيل وتشجيع زجّ مثل هذه الأنظمة في حروب فيما بينها، عندما تتهيأ الفرصة، لتستنزفها، تحت أية مسوغات، مما سيسهل، لاحقا، ضربها وإزالتها، أو تعديلها، لتطويعها، أما كشريك تجاري يمكن الإطمئنان إليه، أو كتابع مجبر، بحكم حاجته للحماية الأمريكية.
إلا إن أحداث الحادي عشر من أيلول لعام 2001، أضافت تعديلات نوعية على الإستراتيجية العليا الأمريكية. ذلك، لأن الهجوم الإرهابي السلفي الذي قادته تنظيمات القاعدة على قلب مراكز التجارة في نيويورك والبنتاغون في واشنطن، أي في عقر دار الولايات المتحدة، قد حفّزها، على تبني إستراتيجية هجومية لإقتلاع ما سمّته بالإرهاب العالمي، وكذلك لنزع أسلحة الدمار الشامل من أيدي طغاة الأنظمة المستبدة، وهنا يأتي صدام وعراقه في المقدمة منها، خصوصا وإنها إستطاعت على مدى ثلاثة عشر عاما من محاصرته وإضعافه، بل وإنهاكه. وكان ذلك النظام المتفرّد والمتجبّر يقدم لها الذرائع, تلو الذرائع، فمكّنها من عزله عالميا، ومن حشد التأييد الدولي ضده، وضد مغامراته لغزو البلدان المجاورة، كإيران والكويت، ولقمعه لشعبة، ولتصفية خصومه بلا رحمة. فالذرائع صارت جاهزة للهجوم على العراق ولإسقاط صدام حسين، وللهيمنة على ثاني أكبر إحتياطي نفطي في العالم، ومن ثم التوجّه لتطويق إيران والأنظمة الديكتاتورية في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها سورية. وهي، على أية حال، أنظمة مناهضة للديمقراطية، بالمنظور الأمريكي، وتشكل خطر وخيم على وجود أنظمة حرة وديمقراطية كإسرائيل. وسواء حصلت الولايات المتحدة أو لم تحصل على تخويل دولي لغزو العراق، فإن أهدافها المعلنة لغزوه كانت لنزع أسلحة الدمار الشامل، ولإقامة الديمقراطية، من أجل سلام العالم وأمنه وحريته، ولمكافحة الإرهاب السلفي المتوحش، ولتدمير قواعده ومصادر تمويله. ولكنها لم تقل إن النفط أو الحصول عليه هو هدفها؛ ذلك لأنها إذا اعلنت ذلك، ستوصف بالدولة الإمبريالية الساعية لنهب ثروات الشعوب، وليست بالدولة الحاملة لمشعل الحرية ببعديها؛ الحرية السياسية والحرية الإقتصادية. كما سيجعلها، مثل هذا الأمر، متنكرة لحق الشعوب في تقريرمصيرها، وهو حق حملت هي لوائه منذ إعلان مبادئ وودورد ويلسن ( الرئيس الأمريكي، 1919 ), بعد الحرب العالمية الأولى.
فلدينا إذن هنا أهداف ثانوية معلنة، بغض النظر عن صدقيتها، وغاية أساسية مخفية، هي الوصول للنفط. ولكن السؤال يبقى، كيف ستحصل على هذا النفط بعد إزاحة النظام الإستبدادي المتحكم به؟ هل بالنهب الصريح, أم بموافقات وشروط وعقود متحضرة ومتناغمة مع قواعد الإقتصاد العالمي والتجارة الحرة، التي ساهمت هي بوضعها؟ هذا هو السؤال الذي سنحاول تلمّس الإجابة عليه في الفقرات اللاحقة.
هل تحقق النصر لأمريكا بعد الإطاحة العسكرية بنظام صدام حسين في عام 2003؟
في الحساب العسكري، نعم، إنتصرت القوات الغازية، بقيادة الولايات المتحدة؛ بل إنتصرت بسهولة، خلال أيام أو أسابيع قليلة معدودة. وعوامل النصر العسكري المؤكد كانت واضحة وبائنة للعيان؛ فالترسانة الأمريكية والحليفة المهاجمة كانت متفوقة بما لا يمكن مقارنته مع ترسانة جيش صدام، وكانت قوة الغزاة الجوية والصاروخية حاسمة، مقابل جيش صدام المكشوف والمفكك الى حد ما؛ وهذا فضلا عن تمزّق الوحدة الوطنية الداخلية وتردي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية، وتهافت الوضع السياسي الداخلي، مما قاد الى لا مبالاة أغلبية الشعب العراقي المقهور، ناهيك عن لا مبالاة العالم، نظرا لعزلة العراق الدولية المفروضة. وفي كل الأحوال، لا يعتبر النصر العسكري، مهما كان حاسما، نصرا حقيقيا، طالما أنه لم يصل الى مكامن الرفض الحقيقي والمجيّش ضد قواته الغازية. وطالما لم يكسب المحتلون قلوب ورضى الناس، ذلك، لأنهم لم يأتوا ببرنامج لإعادة وحدة البلاد وتعميرها؛ بل أقاموا، بدلا عن ذلك، حكما إنقساميا تحاصصيا، يحمل بذور إصطراع مكوناته الذهبية الطائفية والأثنية. وسواء كانت تلك السياسة مقصودة بسبق إصرار، أم تنم عن جهل بتأريخ وجذور المجتمع العراقي، فإنها قدمت بيئة مناسبة لنشوء المقاومات الموجّهة، ( الوطنية والموظفة أو المجيّشة)، والإرهاب السلفي الدولي، وتدخلات الدول المجاورة التي إعتقدت، الى حد اليقين، إنها أصبحت مطوّقة بجيوش غازية، ستوظّفها الولايات المتحدة في صفحات غزو تالية لإطاحة أنظمتها؛ وهكذا فلت النصر بل وتلاشى! وعلى مدى ما يزيد على أربع سنوات تجاهد القوات الغازية الأمريكية وحلفاءها لمجرّد تقليل خسائرها البشرية والمالية والمعنوية. وحينما تراكمت الأعباء، وتصاعدت المعارضات، وخصوصا من الداخل الأمريكي الشعبي والمؤسساتي التشريعي، كان لابد للإرادة الأمريكية من ترسيم إستراتيجيات بديلة؛ وهنا قد تكون القناعة الأمريكية قد تشكلت، بأن اللقمة كبيرة جدا ولا يمكن إلتهامها بفم ضيق؛ وما عليها إلا أن تبدأ بتفتيتها، والتفتيش عن زواريب صغيرة لتناول الفتات!؟ فبدأت بالتمهيد للأمر، من خلال معارضين في مجلس الشيوخ. ولكن السؤال سيبقى، مرة أخرى، وهل ستحصل أمريكا على هذا الفتات من خلال الزواريب الصغيرة التي قد تنشأها؟ للإجابة، لابد من فهم مأزقين أمام إستراتيجية التفتيت أو التقسيم, الأول، يكمن في أخطاء المحتل القاتلة وجهله، والثاني، يتلبّس القيادات العراقية، سواء منها المشاركة في اللعبة السياسية، أو المعارضة لها، ( سلما أو عنفا ), ونستبعد هنا القوى السلفية الإرهابية والمرتزقة، لأنها تخوض إرهابا بدون مشروع وطني عراقي، وهي قوى غير وطنية ودخيلة، ومعظمها غير عراقي في كل الأحوال، وهي تشكل جزءا من الإرهاب العالمي،ولا يعنيها مصير العراق ولا مستقبله كوطن واحد.
مـــــأزق المحتـــــل
لا يختلف إثنان على رقي الولايات المتحدة من النواحي التقنية والعسكرية، كما لا يجحد أحد تأريخها السياسي الديمقراطي، وريادتها لحقوق تقرير المصير ومبادئ الديمقراطية، ومناهضة الإستعمار الإمبريالي القديم. كما أن نظامها الديمقراطي الحرّ كان نبراسا للعديد من الدول والمفكرين. ومع ذلك، تعاونت وعضدت الولايات المتحدة، في حقب تأريخية، من أجل مصالحها، أنظمة قمعية ومستبدة، و دخلت في حروب فاشلة مع بعض قوى التحرير الوطنية، كما في فيتنام وكوريا، وبعض دول أمريكا اللاتينية. ولكن تدخلاتها العسكرية، لم تكن دائما من أجل الهيمنة على موارد البلاد التي تحتلّها، مثلما حصل في اليابان وألمانيا، ويوغسلافيا، بل لأغراض التوازنات السياسية العالمية, خدمة لأغراضها الإستراتيجية العالمية. بل وحتى غزو أفغانستان لا يدخل في دائرة الإستحواذ على موارد، بل أساسا لدحر الإرهاب، ولضمان موقع جغرافي لوجستي مهم في قلب آسيا.
أما غزو العراق, فالموضوع مختلف, فالبلد يقع في مركز أغنى بقاع العالم بالثروة النفطية، ويشكّل عمقا وبعدا إستراتيجيا لعالم عربي ممتد، ومتاخم لبحيرات النفط الخليجية، ويجاور إمبراطوريات سالفة وغنية. والعراق بعمقه الحضاري التأريخي وبموارده وممكناته الإقتصادية يشكل ثقلا ضخما للتأثير في محيطيه العربي والإسلامي. ولكن الإدارة الأمريكية التي خططت وقادت غزو العراق، لم تركز إنتباهها إلا على نفط العراق، وليس على ثقله الحضاري والتأريخي، ولا على بنيته الإجتماعية المتنوعة التي لم يشهد لها التاريخ تقاتلا، بل تعايشا وتلاحما، وذلك على الرغم من سياسات التهميش التي كانت توجّه، في معظم أطوار تطورها، لأغلبيتها المذهبية الشيعية، ولأقلياتها الأثنية والدينية. ومع ذلك جاء المحتلون، وربما تحت تأثير بعض المتعاونين معهم من قادة الفصائل العراقية المعارضة، ذات المنحى الأثني والطائفي، جاءوا ليضعوا إطارا سياسيا، بإفتراض أن العراقيين، هم شعوب أو مذاهب أو قوميات متناحرة، وإن إطار المحاصصة هو الإطار المناسب لضمان إشراك الجميع في إدارة البلاد وفي جني ثمار التنمية. ويبدو بأن هذا الإطار كان نافعا للقيادة المحتلة الأمريكية، وحلفاءها، بصورة خفية، لأنه إطار صالح للتفجير، كلما تدعو الضرورة الى ذلك؛ حيث يمكن تحريك المكوّنات ضد بعضها، أما لإضعافها جميعا، أو لإخضاعها لشروط سياسية وإقتصادية. وهذه النظرة، وما تبعها من معالجات أو سياسات تنفيذية على سطح الواقع، ومنذ إنشاء مجلس الحكم التحاصصي، كانت ولا تزال هي الخطأ الأول في مأزق المحتلين. صحيح إن أمريكا لا تستطيع إدارة الصراع بالتخلي عن إرساء بعض معالم الديمقراطية، فهذا هدف معلن لها؛ وعليه، لا تستطيع إلغاء نتائج إنتخابات عامة جاءت بأغلبية شيعية تقودها قيادات دينية مذهبية لها صلات حميمة مع إيران الشيعية الكهنوتية الداعية لولاية الفقيه، بفقهها الناسف لجوهر النظم الديمقراطية. وعلى ذلك، عمدت الولايات المتحدة الى إتباع سياسات خفية للإضعاف والتوريط, والموازنة، بزج ودعم وتسليح السنة، مثلا، من جهة، ولضمان إستخدام الكرد في لعبة الموازنات، بحيث لا تقع الحكومة العراقية المنتخبة تحت تأثير النظام الإيراني، وهو النقيض المباشر للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط, عموما، وفي العراق خصوصا، من جهة أخرى. ومن هنا نشأ أهم عامل من عوامل المأزق الأمريكي المحتل، حيث فتح جبهة من الصراعات الممولة، من دول الجوار؛ إيران من جهة، والدول العربية المجاورة، من جهة أخرى؛ فضلا عن تدخل النظام السوري الحليف الأساسي لإيران, ناهيك عن تركيا في الشمال؛ وهكذا تم توسيع ساحة الصراع، بحيث بات يمتد الى إقليم بكامله تقريبا. ومن هنا بدأ الشعب العراقي ينزف دما، ويفقد الأمن، ويخسر موارده ويهجّر ويصبح مشردا في العديد من مناطقه، بل ولاجئا لدى نفس دول الجوار التي تمول تدميره. فكيف تستطيع الولايات المتحدة، إرساء قواعد لضمان تدفق النفط، وفقا لإتفاقيات طويلة الأمد؟ وكيف ستضمن إستمرار الإنتاج بوجود الفوضى التي خلقتها، سواء سمتّها " خلاقة " أو سميّناها " هدامة ".
فضلا عن ذلك، لم تحسب القوات الغازية حسابا حصيفا، لما يمكن أن يقوم به صدام المدحور، وقواته المختفية، وهو قد أعد لعمليات مقاومة وتخريب وتدمير، بأموال طائلة نهبها من البنك المركزي، وبتوظيف الآلاف من منتسبي القوات العراقية، والحرس الجمهوري، والأمن والمليشيات والمنظمات الحزبية التابعة. ولم تضبط القوات الغازية حدود العراق، بل جعلتها سائبة، خصوصا خلال الأشهر الأولى من الإحتلال، لدخول إرهابيي القاعدة ومرتزقة الأنظمة المجاورة وفلول النظام الصدامي, وزادت الطين بلّة بحل الجيش العراقي، مما جعل نصف مليون إنسان، من غير عوائلهم، بدون موارد للعيش. فبهذا تكون القوات الأمريكية والحليفة الغازية قد خلقت الشروط المثالية لتدمير الإستقرار من قبل قوى الإرهاب، ومن قبل المليشيات الإرهابية والمذهبية والحزبية. وكل هذا أدى الى تصاعد الخسائر البشرية للقوات المحتلة؛ وهي خسائر لا تقارن بشهداء وضحايا الشعب العراقي التي زادت على المليون إنسان حتى الآن، ناهيك عن تصاعد تكاليف المحتل، من جهة، وتدمير المجتمع والإقتصاد العراقيين، بأساليب النهب والفساد وتدمير البنى التحتية والمنافع الخدمية العامة، من جهة أخرى. وبعد مضي أكثر من أربع سنوات بدأت تحصد الإدارة الأمريكية الخيبات المتلاحقة لنتائج سياساتها التفتيتية، على صعيد المجتمع العراقي؛ فها هي الآن تهرب الى الأمام، بالتفكير بأن اللقمة كبيرة، ولابد، الآن، من التفتيت أو التقسيم المناطقي والجغرافي هذه المرة، على نفس الأسس المذهبية والعرقية؛ وبهذا المخرج أو الإستراتيجية البديلة ستصنع الولايات المتحدة لنفسها كوابيسا هائلة جديدة, مما قد يضيّع عليها " الخيط والعصفور " فتنحسر خائبة، " لا نفط ولا ثقل دولي، ولا ديمقراطية ولا سلم عالمي ". هذه هي أهم سمات مأزق المحتل؛ أما لماذا سيجعل التقسيم من غاية الحصول على النفط أقرب الى كمين في مستنقع ستخوضه وقد لا تستطيع عبوره، إلا بالتخلي عنه تماما, فسيتضح, حينما نناقش مأزق القوى السياسية العراقية الداخلة في اللعبة السياسية، لاحقا.
مأزق القوى السياسية العراقية الداخلة في اللعبة السياسية:
لعلّ في مقدمة العوامل المأزقية لهذه القوى، هي أنها قوى متشرنقة بأيديولوجيات ومصالح فئوية طائفية وعرقية أو أثنية، ساقها عنف وتهميش ومطاردة النظام لسابق الى التعاون مع مشروع الغزو الأمريكي، والعمل معه، على وفق حبائله، من خلال المشاركة والهيمنة على العملية السياسية، وعن طريق إنتخابات " دستورية "، رأت فيها سلما متحركا للوصول للسلطة، طالما إنها صممت على أساس التشرنق الطائفي المذهبي، والأثني القوموي. وهذه المواصفات البنائية لهذه القوى تجعلها، عمليا، بدون مشروع عراقي وطني؛ فهي جاءت تعمل لصالح شرانقها ولخدمة ولاءاتها الخفية، لذاتها، ولقوى خارجية كانت تحتضنها وتموّلها؛ أو التي سارعت لتحتضن وتموّل القوى المذهبية الأخرى التي قاطعت الإنتخابات, أول الأمر، ثم شاركت فيها، بدعم أمريكي، ولو إنها لم تحصل إلا على حصة مقاسة على حجمها الأقلوي. وهذه القوى المتشظية، تتمثل، كما هو معروف, بالإئتلاف العراقي الشيعي، طارحا نفسه كممثل عن الشيعة، وهي الشريحة السكانية الغالبة، والإتحاد الكردستاني، كممثل عن الأقلية الأثنية الكردية، التي يطرح نفسه ممثلا لشعب كردستان ذي الخصائص القومية المتميّزة، والذي لا ينكر له أي منصف حقوقه الكاملة ، ولكنه ينظر لكيانه شبه المستقل الذي أسسه، تحت حماية أمريكية، منذ هزيمة صدام في " أم المعارك " في عام 1991، كدولة قومية أخرى، وليس مجرد مطالب بحقوق! ولكن مصالحه المرحلية هي التي تجعله يقبل بعلاقة فدرالية، هي قرب ما تكون الى معاهدة كونفدرالية، لها حقوق، وليس عليها واجبات وطنية عليا، تربطها بوحدة المصير؛ بل كثيرا ما صرح قادة هذه السلطة الكردية الإقليمية التي تشكلت حتى قبل وخارج الدستور العراقي، بأنها قد تعلن الإنفصال إذا لم تتحقق مستحقاتها القومية، أوإذا إستمر تشظي العراق وعدم إستقراره، وعدم ضم كركوك النفطية لكيانها، وغير ذلك مما تعتبره مستحقاتها؛ وأعلنوا أكثر من مرة بأنهم معنيين بمصيركردستان، قبل كل شئ ، ( أنظر تصريحات البرزاني وأنوشيروان ومحمود عثمان في العديد من اللقاءات الصحفية والمقابلات المتلفزة ). أما الشريحة الأقلوية الأخرى التي تبرقعت هي أيضا بوشاح الدين بالمذهب السني، فقد بدأت تجأر بمظلومياتها، هي الأخرى، وتهميشها, وتردح لإستثارة المحيط العربي السني ( بغالبيته ), لإحتضانها ولتعزيز دورها، أو نيل حصتها الكاملة في السلطة. وإنساقت الى رفض التقسيم لأنه، بعرفها, سوف لا يترك لها سوى صحراء الأنبار وقفار أخرى بدون موارد. وهكذا بدأ العزف الطائفي والأثني يتوالى بقيادة المايسترو الأمريكي، من جهة، وبالدعم الخفي وشبه العلني من قبل القوى الإقليمية المهددة والمعادية للوجود الأمريكي؛ إيران من وراء الإئتلاف الشيعي وميليشياته، وتياره الصدري المسلح والمدرّب، وسوريا, ودوا الجوار الأخرى وفلول النظام السابق من وراء السنة وهيئاتهم وقوائمهم، بينما تسهّل دول الجوار هذه مرور الإرهابيين والقتلة من تنظيمات القاعدة وغيرها. عبر حدودها لتدمير البلاد والعباد.
فالكرد يطرحون الفدرالية لإقليمهم، ولهم الحق بذلك، ولكنهم لايرونها كفدرالية دستورية للشراكة في وطن واحد، على ما يتضح من ممارسات سلطة إقليمهم؛ فهم يصدرون قوانينهم لإستثمار الموارد النفطية، وهي بموجب الدستور، ملك الشعب العراقي كله، بدون تخصيص مناطقي أو أثني، دون الرجوع للسلطة المركزية الإتحادية، وهم يقومون بتوقيع عقود مع شركات أجنبية، بدون إنتظار صدور قانون إتحادي، لتنظيم وتطوير هذه الثروة الوطنية، بصورة موّحدة. وبهذه السياسات الإنفصالية يصبح الشرخ في الوحدة الوطنية العراقية كبيرا! ويجدر بالأخوة الكرد، ونقصد قياداتهم، أن يحسبوا خياراتهم الإستراتيجية، وليست الآنية، أين تقع مصالحهم بالمدى البعيد؟ هل تقع ضمن كيان عراقي وطني موّحد، أم بدولة منفصلة لهم وحدهم، تقوم على أساس العرق، وليس على الأساس الإنساني والتأريخي الرحيب. ويا حبذا لو فكروا بثمن الإنفصال؛ فذلك أجدى من التبرقع بإتحاد لايؤمنون به، ويبتزونه لأجندة تقع في عالم الغيب!
إن وضعا كهذا يضع بيد المحتل ورقة يوظفها حسب مصالحه، ويستخدمها للتأثير على القوة الطاغية الأخرى، الإئتلاف الشيعي، المؤيد من قبل إيران، خصمها الإقليمي الأول، والذي تتربص به تربصا يكاد ينفلت مع دوران عقارب الزمن القريب الآتي.
أما الإئتلاف الشيعي، ورغم تشظيه المتصاعد، فقد نادى وحشد وعبأ من أجل إقامة فدرالية لوسط وجنوب العراق، منطلقا من عدد من الإعتبارات الظاهرية، وإنسجاما مع أجندات خفية، وبدعم إيراني، يقع في حساب صراعها، ( أي إيران )، الإقليمي مع الولايات المتحدة، وليس في حساب مصالح شيعة العراق. وكنا قد ناقشنا، بإسهاب، المبررات الموضوعية لقيام كيان فدرالي آخر، يضم تسع محافظات، تتركز فيها الثروات النفطية، في دراسة سابقة، نشرت في عدد من المواقع، منها عراق الغد في 18 أيلول، 2006، فندّنا فيها مزاعم الدعوة لهكذا فدرالية، وبيّنا، بوضوح، بأنها ستكون مجرد ساحة أمامية لجبهة صراع إيران السياسي والعسكري مع الولايات المتحدة، وإن الشيعة العراقيين سوف يخسرون، ولا يربحون سوى موتهم وفقرهم وذلهم، بل سيخسرون العراق، ولخصت الدراسة بالمثل العراقي، " لاحظت برجيلهه ولا خذت سيد علي "، واخشى أن ينطبق هذا المثل على الأخوة الكرد، في حالة إنفصالهم! إن قيام فدراليات على أساس إتحادي حقيقي، يقوم على التوزيع الديمقراطي المدروس، وعلى أساس الإدارة اللامركزية الشفافة، هو أمر يقع في صميم النظام الديمقراطي التقدمي الذي ينادي به الأحرار والوطنيون، ولكن إقامة فدراليات تقوم على أساس المذهب او العرق، فهي كيانات إنعزالية، تستبعد العراقي الآخر ،وتدق إسفين في وحدة البلاد، وتمهد لصراعات وحروب أهلية على الموارد، وخصوصا، حينما تستهدف هذه الفدراليات الإستئثار بعوائد الثروة النفطية، وتبديدها ضمن إطار مؤسسات محلية لا تملك خبرات ولا قدرات تساومية. إن تقسيمات فدرالية من هذا النوع والتي أصبح يفكر بها المحتل هي الطريق الناجز لتقويض المجتمع والإقتصاد العراقيين، بل وأكثر من ذلك، فحتى الذين يراهنون عليها، سواء في إيران أو الولايات المتحدة، سوف لايجنون سوى الخيبة، لأنهم سيجبرون للإرتباط بصراع طائفي وقبلي طويل، لا يمكنّهم من الحصول على نفط رخيص ومضمون.
قد لايدرك المحتلون، وربما, ولا القادة المتربعين اليوم على رؤوس الطوائف المذهبية والأثنية، بان العراق ليس كيانا هلاميا، صنعه غزاة أجانب، فهو، على رغم تنوع الشكل المؤسسي لإدارته، يمثل وحدة طبوغرافية متكاملة، تكاملت فيه الموارد والثقافات منذ فجر الحضارات، وكانت بلاد الرافدين مهدا مؤسسا للحضارات، فالترابطات والتشابكات الإقتصادية والمواردية، والإنصهارات السكانية هي التي خلقت خصوصية العراق، الوطن الواحد؛ يكفي أن تدرس جذور الثقافة العراقية، ( العربية وغير العربية )، فسوف تذهل لوحدتها وتكاملها وإنشقاقها من بعضها. ويبدو جليا لنا إن السياسين المحترفين، من أمثال بايدن الأمريكي، أو قادة الطوائف والأعراق في العراق، قد لايملكون هذا الحس التأريخي، و لا المعرفة الثاقبة لتطور الأمم على أسس إنسانية، وليس وفقا لمفاهيم دينية او قوموية إنغلاقية. وإذا ما فرض المشروع التقسيمي الى ثلاث كيانات، شيعية وسنية وكردية، فقد يدفع العراقيون المزيد من دمهم، ولكنهم، بحكم الضرورة، سيدحرونه ودعاته، لاسيما وإن المحتل وشركاته النفطية سوف لا تقبض من النفط سوى الريح! ولا حتى الفتات من اللقمة النفطية الدسمة! وإذا كانوا يريدون الشراكة المشروعة، فالعراقيون لايريدون أن يشربوا النفط، بل بيعه بسعر إقتصادي مجزي ومشروع، فرهانهم يجب أن يكون على وجوب قيام السلطة الوطنية العراقية، وليس سلطات الأقاليم أو المحافظات، بإدارة وتطوير الثروات النفطية وغيرها من الموارد الطبيعية العراقية.
فشل مشروع التقسيم المؤكد، وعلامات الطريق للخروج من المآزق:
لقد أكدت الإدارة الأمريكية بأنها لا تؤيد تقسيم العراق الى ثلاث كيانات مفدرلة، مع وجود حكومة مركزية ضعيفة. وقد تضمن تقرير بيكر- هاملتون في نهاية العام الماضي، في أحد أهم توصياته، رفض أي مشروع لتقسيم العراق الى أقاليم. ولكن الطرح الحالي، ربما، يصّب في إتجاهين؛ فهو مطروح، أما لجّس النبض عن مقدار مقبوليته، أو أنه مطروح للتلويح بمخرج للولايات المتحدة المصابة بالإحباط من ورطتها في العراق؛ وهي ورطة خلقت، هي بنفسها، أسبابها. وإذا كان إدعاء أصحاب المشروع التقسيمي، بأنه السبيل الوحيد لإنقاذ العراق من الحرب الأهلية، فإنه إدعاء فارغ، لأن القتل الجاري في العراق، منذ الإحتلال، هو، أولا، ليس حرب أهلية، ولا صراع من أجل تقسيم عوائد النفط، إنما هي حروب بالنيابة، من جهة, ومقاومة لإحتلال ودفاع عن الوجود ضد ميليشيات إرهابية وطائفية، وهناك من يحضر ويسهّل لها المشهد الدموي اليومي. لا يتسع المجال للتفصيل، هنا، عن هذا الموضوع. ويكفي أن نقول، بأنه لا علاقة بين ما يسمى بإيقاف الحرب الأهلية المزعومة بالحلّ التقسيمي المقترح.
وفي كل الأحوال، فإن المشروع التقسيمي المطروح، كقرار غير ملزم للإدارة الأمريكية، سيجد صداه الرافض من قبل جميع أطياف الشعب العراقي، بما فيهم دعاة الفدرالية من القائمة الشيعية الأكبر حجما. إن طرح هذا المشروع بهذه الصفاقة يمثل تدخل سافرا في شؤون ومستقبل بلد عريق ذي سيادة تأريخية، فالعراقيون هم من يقرر مصيرهم، وليس المحتل. بل إن هذا التدخل السافر سيكون حافزا إضافيا لتوحيد العراقيين على الساحة الوطنية، كما سيضع القيادات السياسية المهيمنة على البرلمان أمام مسؤوليتها التـاريخية أمام الشعب العراقي، فأما أن تخرج من متارسها صوب الإنتماء الوطني، او تقبر فيها الى الأبد!
إن نبض الشارع، اليوم، يشير، بوضوح الى أن الشعب العراقي، بكافة فصائله ومذاهبه وأعراقه قد سئم هذا اللعب الرخيص في مصيره. وإن تناميا ملموسا بدأ يتكشف، الآن، للتيارات الديمقراطية العلمانيية والوطنية، حيث بات في الأفق وعيا وطنيا غير مخدّر بالهوس الديني المذهبي أو بالتعصب الأثني، وإن البديل الديمقراطي للتيارات الطوائفية الدينية والقبلية هو، الآن قيد التشكل، وهذه علامة من علامات الطريق للخروج من الأنفاق المظلمة التي حشر بها الشعب العراقي. فالإنتخابات القادمة ستفرز، بوضوح، خيارات الشعب الذي تكشفت أمامه، وعبر الدم والمعاناة، أصحاب اللعب الرخيص في مصييره، وسيزيلهم. أما الولايات المتحدة وحلفاؤها المحتلون، فهم سيرحلون، ولكن هذا لا يمنع من التعاون البناء معها على أساس المصالح المشتركة، وعلى اساس تلبية حاجة العراق للأمن والسلام في محيطة الإقليمي المجيّش.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
اول الغيث قطر
وليد الحاج
صحيقة العراق
لا يمكن وصف التصويت الذي اجراه مجلس الشيوخ الامريكي يوم الاربعاء السادس والعشرين من شهر سبتمبر الجاري والقاضي بتقسيم العراق الى ثلاثة دويلات على اساس فيدرالي كحل لانسحاب القوات الاجنبية من العراق الا انه اول الغيث.
ورغم ان القرار الذي تقدم به السيناتور الديمقراطي المرشح للرئاسة الامريكية جوزيف بيدن غير ملزم للادارة الامريكية الا انه بالتاكيد سيقدم لهذه الادارة او على الاصح لساسة صنع القرار الامريكي فرصة دراسة ردود الافعال حول فكرة ستسقطب بالتاكيد اهتماما متزايدا ليس فقط من داخل واشنطن بل ومن خارجها ايضا.. وهذا هو المهم.
ولا عجب ان يقوم مجلس الشيوخ الامريكي بالتصويت على القرار الذي تمت صياغته بمساعدة ليسلي كيلب والذي عمل خبير السياسة الخارجية في إدارة الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر ، وما كان لهذا القرار ان يكون لولا ان مشرعي هذا المقترح والذين صوتوا عليه وجدوا الارضية المناسبة والخصبة له داخل العراق وخاصة اولئك الذين تبنوا فكرة اقامة نظام فيدرالي يهدف الى اقامة كانتونات على اساس عرقي ومذهبي في البلاد واخص بالذكر القادة الاكراد والمجلس الاعلى الذي يراسه عبد العزيز الحكيم.
اقول هو اول الغيث .. وقوادم الايام ستكشف على وجه التفصيل خططا امريكية اكثر وضوحا ستذهب في نفس الاتجاه الذي دعا اليه قرار مجلس الشيوخ الامريكي وهي خطط قد لا تكون بالضرورة صادرة عن الادارة الامريكية او احدى مؤسساتها بل انها قد تصدر عن مؤسسات ومنظمات غير حكومية تدور في فلك هذه الادارة.
ولا عجب ان يقوم البيت الابيض كخطوة اولى برفض القرار من اجل احتواء ماقد ينتج من ردود افعال.. لكن ساسته بالتاكيد سيراقبون مجريات الاحداث القادمة بعيون متفحصة لمعرفة ماسيترتب عليه من نتائج في المستقبل القريب وما يمكن استثماره من نتائج للبناء عليها في وقت لاحق.
ويمكن القول ان الاليات التي تضمنها اصل القرار هي مقترحات تضمنها دستور العراق الذي مازال مثار جدل ووفر لها الغطاء الشرعي حيث ينص القرار الذي تبناه مجلس الشيوخ الامريكي على وضع نظام فدرالي حسبما يسمح به الدستور العراقي والحيلولة دون أن يتحول العراق إلى دولة تعمها الفوضى كما ينص القرار على تقسيم العراق إلى كيانات كردية وشيعية وسنية مع وجود حكومة فدرالية في بغداد تتولى أمن الحدود وتوزيع عائدات النفط وهو اجراء يهدف من وراء ذلك كما ورد فيه القرار إلى نزع فتيل العنف الطائفي بتقديم حصة من عائدات النفط إلى السنة. ويربط القرار هذه الاجراءات بالية تهدف الى زيادة المساعدات لإعادة الإعمار وتخفيف الديون والعمل على إطلاق جهود دبلوماسية دولية لحشد دعم الدول الكبرى في العالم والدول المجاورة للعراق للحكومة الفدرالية العراقية الجديدة. وتقول المصادر ان القرار تمكن من تحقيق النجاح الذي عجزت الخطوات السابقة والحلول السابقة التي تقدمت بها اكثر من جهة داخل امريكا من تحقيقه الا وهو استقطاب الدعم من كافة الأطراف السياسية في واشنطن التي تسببت الحرب في العراق في خلق خلافات بينها. وتبنى فكرة القرار العديد من الجمهوريين الذين يدعمون خطة بوش لزيادة عدد القوات الأمريكية في العراق والذين لا تروقهم سياسة الحكومة العراقية تجاه الازمة السياسية في بغداد.
مؤيدوا القرار يقولون انه يقدم حلا سياسيا ولوجستيا يمكن ان يؤدي الى اجراء انسحاب القوات الامريكية في العراق دون ترك البلاد في فوضى.. ومعارضوه يقولون انه يعطي حلا لهذه القوات لكن على حساب وحدة العراق وشعب العراق.
وبين هذا وذاك يبدوا من الوهلة الاولى ان القرار يوفر وحسب راي طرف ثالث ارضية للحل في العراق التي باتت كل الحلول فيه عصية على التطبيق وذلك من خلال انشاء فيدرالية كردية واخرى شيعية وثالثة سنية.. اقول هكذا حل ومن الوهلة الاولى قد يبدوا جيدا لكنه على الورق اذ سيكون تطبيقه على الارض مستحيلا لانه سيصطدم بحقيقة ان اغلب المدن والمحافظات العراقية التي لا يفصلها أية حدود على الارض تحتضن خليطا من كل هذه المكونات واخرى لم يأت احد على ذكرها مثل التركمان والمسيحيين.
ومعضلة اخرى ستكون عصية على الحل عندما سيكون على الذين يتبنون مثل هذا القرار ان يجدوا حلا للعائلة العراقية التي تحتضن مثل هذا الخليط.
ومن المؤكد ان القرار سيتسبب بمشاكل اقليمية حيث ترفض تركيا وهي الحليف القوي لامريكا بشكل كبير فكرة اقامة دولة كردية على حدودها الجنوبية لانها مبادرة ستزيد بالتاكيد من الاضطرابات الداخلية التي تعاني منها تركيا والتي يقف وراءها الاكراد الاتراك والذين يدعمون فكرة اقامة دولة كردية.
وستعارض ايران وسوريا الفكرة ولنفس الاسباب اضافة الى خشيتهم من الفوضى التي يمكن ان يخلفها القرار على امن واستقرار بلدانهم في حالة تقسيم العراق.
كما يخشى ان يفتح قرار تبني هذه المبادرة الى فتح الباب واسعا امام القوى الاقليمية بالتدخل بشكل مباشر في العراق من خلال دعم المكونات التي تنتمي اليها وخاصة ايران والسعودية كل هذا سيتم على حساب امن المواطن العراقي الذي سيدفع غاليا من تداعيات العنف والاقتتال، وما قد تفرزه من عمليات تطهير عرقي ومذهبي، سنوات قادمة وخاصة في المناطق المختلطة وتلك التي لا تفصلها حدود.
واخيرا لابد من القول ان القرار جاء ليرد على كل الذين انخدعوا بالتعهدات الزائفة التي اطلقتها الادارة الامريكية على نفسها قبيل شن غزوها ضد العراق في العام 2003 والذي تعهدت فيه بان تحافظ على وحدة العراق وهي تعهدات اقل مايمكن وصفها بانها وعود زائفة فلا يمكن لاي عاقل ان يتصور لوهلة ان الادارة الامريكية ومن وراءها اللوبي الصهيوني الذي يسيطر عليها سوف لن يستثمرا فرصة مهما قل شانها يمكن ان تفضي الى تقسيم وتفتيت العراق وتحت أي مسمى.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
ما هذا يا ائتلافنا؟ ما هذا يا حزب الدعوة؟ وما هذا يا دكتورنا الجعفري؟
محسن الجابري
وكالة انباء براثا
حمل بريد الوكالة بياناً أثار الالتفات لتحرك غير طبيعي من قبل الدكتور الجعفري، فالبيان الذي عنون تحت اسم: (بيان حول مشروع بايدن لتقسيم العراق) وقع من قبل جهات لا نستغرب أن توقع مجتمعة كجماعة عدنان الدليمي وجماعة صالح المطلك والتيار الصدري وحزب الفضيلة والقائمة العراقية والجبهة التركمانية والكتلة العربية، ولكن ما يلفت الانتباه إليه هو إن الجعفري وقع تحت هذا الاسم: الائتلاف العراقي الموحد (د. إبراهيم الجعفري) وبعيداً عن الحكم على مشروع بايدن في الكونغرس، ولكن لابد لنا من الإشارة إلى مخالفة بيان هذه القوى في بعض نقاطه لسياسة الائتلاف العراقي الموحد والتي لا تسمي الفيدرالية تقسيماً، بل تمثل هذه المخالفة خروجاً عن بديهية من بديهيات الائتلاف، فالدستور لم يسم الفيدرالية تقسيما، والجعفري فيما نعلم كان احد الذين خاضوا النقاشات الدستورية، فهل غابت عنه هذه المعلومة أم في البين شيء آخر؟.
ومع إن من الواضح إن الدكتور الجعفري قد اصطف بشكل مثير مع الفريق المناهض للحكومة بصورة معلنة، ولكن لماذا استخدام الائتلاف اسماً له؟
كل التقارير السياسية أشارت خلال الأسبوع الماضي إن تجمع الجعفري مع حلفائه في الكتلة الصدرية مع حزب الفضيلة كانوا عازمين على تسمية أنفسهم بنفس اسم الائتلاف، والهدف خلق حالة من حالات الانقسام السياسي المتكافئ بغية التأثير على الاستحقاقات الحكومية والسياسية بحيث يقال هذا ائتلاف وذاك ائتلاف، فإن لم يتمكنوا من التأثير الحكومي وخلع رئيس الوزراء فلا أقل يتمكنون من وضع العراقيل الجادة في مقابل الحكومة والتأثير على الموقف السياسي للإئتلاف على شتى الأصعدة.
ويبدو إن ذهاب الجعفري ومجموعته إلى النجف والتي كان مخططاً لها أن تشهد ولادة هذا التجمع، جوبهت بموقف جاد وحازم من المرجعية والتي أشارت على الجعفري أن يعود ويتحاكم إلى آليات الائتلاف، وبالتالي حين باء الجهد بالخيبة يبدو إن البيان جاء ليضع حجراً أساسياً في الذهاب بعيداً، فمما لاشك فيه إن هذا البيان أشّر إلى المواقف التالية:
أـ اصطفاف مع القوى المناهضة للحكومة، والتحجج بالرغبة لصياغة وبلورة المشروع الوطني بعيداً عن إسقاطات التمحور الطائفي (كان بودي هنا أن استرسل في اطلاق المصطلحات ومصطلحات الاطلاق عن طائفية التمحور المتمحور طائفياً، ولكني توقفت لأسباب تتعلق بما لا يخفى).
ب ـ اصطفاف مع القوى التي اعلن غالبيتها مناهضتهم للإئتلاف.
ج ـ ابتعاد واضح على المدى الاستراتيجي والتكتيكي عن الائتلاف العراقي الموحد.
د ـ شق عصا حزب الدعوة ضمن البعدين الاستراتيجي والتكتيكي.
هـ ـ موقف غير طبيعي من المرجعية، فالمرجعية طلبت الرجوع إلى الائتلاف، وكان الموقف المعلن في البيان واضح جداً في الاتجاه بطريق مختلف مع ما أرادت المرجعية
ولربما لا يهتم المحلل كثيراً في أن يخرج الشخص الفلاني أو العلاني من هذه الأطر، فبالنتيجة يبقى الإئتلاف خليطاً من قوى سياسية احترمت تعهداتها لمن انتخبها لحد الان بطريقة معقولة رغم الانتكاسات والعراقيل واستحقاقات التجربة في ساحة موتورة ومتوترة كالساحة العراقية، ويبقى حزب الدعوة الإسلامية أيضاً كقرار بعيداً عن رغبة شخص ما حتى لو كان هذا الشخص كالجعفري، بالرغم من إنه لم ينل شيئاً في انتخابات حزب الدعوة غير عضوية المكتب السياسي، رغم حرصه الكبير على أن يحتل موقع الأمين العام للحزب.
ولكن لا حق فيه لأحد أن يطلق على نفسه أنه هو الائتلاف من دون الرجوع إلى نفس الائتلاف، فالائتلاف ليس صناعة هذه القوى التي اجتمعت أو خرجت، ولكنه صناعة صناديق اقتراع وثقت الأمة بأن قرار المرجعية متمحوراً فيها، وعلى الرغم من إن الناس لا تنظر إلى الأشخاص نظرة متساوية، بل لعل بعضهم لو دخل لوحده لما نال إلا صوته فقط، ولكن الأمة بايعت مشروعاً بعيداً عن شخوصه.ولهذا من حقنا ان نتساءل: ما هذا البيان يا إئتلافنا؟وما هذا الموقف يا حزب الدعوة؟وما هذا التجحفل الهجين يا دكتورنا الجعفري؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
عراق واحد يعني العراق العلماني!
ناهض حتر
العرب اليوم
اقر مجلس الشيوخ الامريكي, بما يشبه الاجماع الجمهوري- الديمقراطي, »قانونا« يقضي بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات, على اساس مذهبي واثني.
اولا, يمثل هذا »القانون« اوطأ درجات الافلاس السياسي للمشروع الاستعماري الامريكي في العراق. فلقد اصبح واضحا ان ذلك المشروع لا يمكن انقاذه من دون تفكيك الكيان العراقي, في اتجاه عام لتفكيك المنطقة العربية كلها على اسس طائفية ومذهبية واثنية. ويفضح هذا المال, من دون لبس, المضمون الرجعي للمشروع الاستعماري الامريكي, من حيث انه لا يتوسل ولا يستهدف حتما, دمقرطة او تحديث المجتمعات العربية, بل تفتيتها وتأخيرها ووضعها تحت سيطرة اكثر القوى ظلامية واستبدادا, تلك المستعدة, بحكم بنيتها و»عقلها« للقيام بدور حراس النهب الامبريالي للثروات العربية.
ثانيا, ليس لـ »قانون« التقسيم, بحد ذاته, اية قيمة, الا من حيث كونه نصا مفضوحا يحدد بوضوح غير ملتبس, النتيجة النهائية للعملية السياسية الاحتلالية في العراق, والتي تقوم على اساس المحاصصة المذهبية والاثنية, اي على اساس نفي وحدة العراق الوطنية المدنية. ولذلك, فان كل من يشارك في تلك العملية اللا وطنية او في هيئاتها البرلمانية او الحكومية او الامنية او الادارية او الاعلامية الخ, وبغض النظر عن مواقفه المعلنة او مبررات مشاركته فيها, هو شريك كامل في عملية التقسيم. ان ادانة التقسيم تتطلب, بالضرورة, ادانة اي نوع من المشاركة في العملية السياسية الاحتلالية.
ثالثا, ليست مصادفة ان يعبر »قانون« التقسيم الامريكي, عن قوى محسوبة على الجمهورية الاسلامية في ايران, مثل حزب آل الحكيم وحزب الدعوة والمليشيات »الشيعية« المذهبية. فلطهران مصلحة مباشرة في تقسيم العراق, ومنعه من اعادة تكوين قدراته بوصفه قوة اقليمية منافسة, ولاتباعها مصلحة مباشرة في الاستيلاء على السلطة والثروة في دويلة »شيعستان« وعلينا ان نتذكر, هنا, ان اولى دعوات تقسيم العراق, صدرت عن عبدالعزيز الحكيم, وتابعها وريثه عمار.
كما انها ليست مصادفة ان يتطابق »القانون« ذاك, مع اتجاهات سياسية محسوبة عدوة للامريكيين, مثل تنظيم »القاعدة« الذي لم يكتف بالدعوة الى التقسيم بل بادر الى ذبح الشيعة, وانتهى الى الاعلان, فعلا, عن قيام »دولة اسلامية« في الجزء السني من العراق.
بل انها ليست مصادفة, ان يظهر »قانون« الغزاة ذاك, المسكوت عنه في اتجاهات قوى محسوبة على المقاومة: مثل التيار الصدري المتذبذب بين المقاومة وبين التحالف مع الاحزاب الشيعية المرتبطة بالاحتلالين, الامريكي والايراني وفي ارتكاب جرائم الابادة والتهجير ضد السنة, والحاحه على اولوية الصراع مع البعثيين على الصراع مع المحتلين, ولن ننسى, بل سنشدد على الطابع الانقسامي للخطاب التعبوي المذهبي لمنظمات المقاومة السنية, والحاحها, سياسيا, على الشعار الانقسامي القائل بانها »الممثل الشرعي والوحيد« للعراق. ومضمون هذا الشعار, في الظروف العراقية العيانية, يساوي القول بهيمنة السنة. واخيرا, فان الحاح البعثيين على ربط المقاومة بهدف العودة الى ما قبل 9 نيسان 2003 يساوي منع تكوين نخبة وطنية وحدوية جديدة على اساس المشاركة والاعتراف بالآخر.
رابعا, في بلد متعدد الاديان والطوائف والمذاهب والاثنيات كالعراق, فان كل سلفية- حتى لو كانت معادية للاحتلال, وكل تعصب اثني- حتى لو كان »عادلا« وكل تحيز او اتجاه للاستئثار بالسلطة - حتى لو كانا يعبران عن شرعية ما- اوكل نزعة الى الانتقام- حتى لو كانت محقة- كلها ادوات للتقسيم. فلا بديل في العراق عن علمانية الدولة المدنية, والديمقراطية الوطنية التوافقية, ونقد الماضي, والتسامح والمصالحة. وصورة خاصة, اصبح في مقدورنا الان ان نقرر ان تسييس الدين في العراق, مهما كان شكله او موقفه, يساوي تقسيم البلد.
خامسا, رب ضارة نافعة. فقد استفز »قانون« التقسيم الامريكي, الوطنية العراقية من مكامنها البعيدة الغور, ودبت المخاوف المشروعة على كيان البلد في صدور الجماهير العراقية, بحيث ان دعاة التقسيم العراقيين, اضطروا الى ادانة النص الذي يفضحهم.
سادسا, ان التأييد الحماسي الذي اظهره الاقطاعيون الاكراد لـ »قانون« التقسيم, متسلحين بالنزعة الانفصالية لدى الجماهير الكردية العراقية, يعيد طرح القضية الكردية على بساط البحث من جديد. وعلى التقدميين في العالم العربي والعالم, ان يتفهموا, من الان فصاعدا, اتجاه الحركة الوطنية العراقية الى المركزية الوطنية, ورفض كل اشكال الفدراليات والحكم الذاتي او الاعتراف بالخصوصيات الاثنية سياسيا. فمن باب الاعتراف بفدرالية كردية في العراق, وصلنا الى التقسيم!
وحدة العراق- ارضا ووطنا ودولة ومجتمعا يزخر بالامكانيات التقدمية للمنطقة كلها- لها الاولوية المطلقة على كل الخصوصيات الدينية او المذهبية او القومية او الجهوية, او »حقوقها« فلا حقوق في العراق الاتي الا للمواطن العراقي, بغض النظر عن قوميته او دينه او مذهبه, في دولة مدنية علمانية ديمقراطية مساواتية, لا مجال فيها لممارسة السياسة على اساس ديني او قومي, ليس اعتقادا اعمى بالعلمانية والمواطنة, بل اقفالا لباب الموت المجاني والصراع الاهلي والتفتيت والتقسيم, وفتحا لباب المساواة والتنمية والحياة الحرة الكريمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
العراقيون أمام استحقاقاتهم
افتتاحية
الراية قطر
إن انسحاب أية قوات أجنبية من العراق، هي مصلحة وطنية في نهاية المطاف، والإجراء البريطاني الأخير بنقل السلطات الأمنية للعراقيين في البصرة، يعد نقلة نوعية، إن استطاعت القوات المحلية تحمل هذه المسؤولية باقتدار، وهي بداية عودة العراق إلي الحياة الطبيعية.
لكن المشهد العراقي المتدهور لا يبشر بالكثير من الأمل، أو الأهلية التي تمكن البلاد من الخروج من نفقها المظلم بأقل الخسائر.
والبداية ربما ليست في بقاء الأجنبي في العراق، فالجميع يدعو أن تنقضي فترة الاحتلال وتعود السيادة إلي بغداد كما كانت، إلا أن العراقيين مطالبون في الوقت نفسه بتحضير جيد للذات، وإدراك أكثر للأبعاد الوطنية لبناء الدولة، والتي تقام علي مصالحة وطنية لازمة، كي ينتفض العراقيون من واقعهم الأليم، إلي الوحدة واللحمة.
لا يختلف اثنان علي أن العراق لا يزال يعيش حالة خداج، تتطلب دعما دوليا، ورافدا مساعدا، ليأخذ بيد هذا البلد من حالة التوتر، إلي وضع مستقر، وآمن، يتمكن من خلاله العراقيون من بناء دولتهم العتيدة، والاهتمام أكثر باقتصادهم المتردي، وإيلاء الأولوية للتنمية والبناء.
وفي هذه المعادلة الصعبة، يجب للعراق أن يتخلص من الاحتلال أياً كان شكله، وإن كانت السلطات العراقية غير قادرة علي حمل عبء المسؤولية، فإن دورا عربيا، أو دوليا من خلال الأمم المتحدة، يعتبر واجبا، كي يساعد بغداد علي تجاوز كوابيس التقسيم التي يلوح بها البعض حلا للأزمة.
إن الأمم المتحدة مطالبة في هذا السياق بملء الفراغ الخطير الذي قد يخلفه انسحاب قوات الاحتلال، أو تنصل البعض من مسؤولياته التي خلقها منذ البداية، عندما تمت الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
ولا يمكن للعرب أن يقفوا كذلك موقف المتفرج مما يجري، خاصة وأن الملمات التي تحدث في العراق، تنعكس بظلالها علي المنطقة. ومع ذلك كله، فإن استقلال العراق، واستعادته لسيادته يعدان مرحلة تاريخية، تستعاد فيها دولة عربية، غيبت من صناعة القرار العربي، وضرورة ملحة، من شأنها أن توقف حمام الدم، وتخفف من الاحتقان الطائفي.
يتحمل العراقيون العبء الأكبر، من خلال دخول حقبة جديدة، تلزمهم بالالتفاف حول العراق الحر والموحد، وتبعدهم عن الخلافات الفئوية، التي دفعت بالكثير من القوي العراقية إلي هاوية الصراع الداخلي، حتي بات البعض يبرر الاحتلال ضرورة وكأنه أحد أمرين أحلاهما مر، ووسيلة سهلة للهروب من التجزئة والفرقة.
لقد دنت الساعة التي يجب أن ينتبه فيها العراقيون إلي أنهم باتوا قريبين جدا من استحقاقاتهم، ليعيدوا قبل حلولها ترتيب البيت الداخلي، وألا يفسحوا المجال، للأيادي الخفية لأن تعبث أكثر في مصائرهم، وهو أمر لا يمكن أن يتأتي إلا من خلال مصالحة حقيقية، ونية صادقة، وإرادة وعزيمة قويتين، تقفز بالعراق من شفير هاوية التقسيم، إلي بر الأمان.
ت
مكان النشر
11
أمريكا ما بعد تقرير بيترايوس - كروكر بعد أن تورَّم وجهه من الصفعات هل يفكر بوش في الانتحار؟
المعتز بالله محمد
الموقف العربي
عندما يحاول المرء تحقيق هدف فيفشل ثم يحاول ثانية فيفشل ثم أخري فأخري والنتيجة واحدة فشل محدق، وينظر داخل بيته فيجد نظرات الرضا في عيون الأهل قد اختفت لتحل محلها نظرات ساخطة تطالبه بالرحيل عن البيت الذي أوشكت جدرانه أن تتداعي بسبب طيشه ورعونته، فيدير عينيه إلي أصدقائه الذين طالما شاركوه جرائمه واتبعوه صاغرين، فيراهم وقد غرقوا واحدا تلو الآخر في بحر تتلاطم أمواجه فتحطم ألواح سفينتهم الواهية، فيفكر في حلفائه وقد هللوا له من قبل وساروا علي خطاه فيجدهم يشيحون بوجوههم عنه ويتنكرون له ولسان حالهم يقول «نفسي ومن بعدي الطوفان»، حينما يحدث كل ذلك فحتما سيفكر ذلك الفاشل في وضع حد لحياته البائسة حتما، سيفكر في الانتحار.
هذه ليست مقدمة لرواية دراماتيكية، ولكنها قصة حقيقية بطلها الرئيس الأمريكي المأفون جورج بوش، يدور فصلها الأول عندما زج بجيوشه وقوات حلفائه إلي العراق، معتقدا أن الشعب العراقي سيستقبلهم بالورود فإذا به وقد هم لاستقبال الغزاة بالقاذفات والصواريخ ، ويستمر مسلسل الفشل، فلا يكاد يمر عام إلا ويغير الرئيس الأمريكي من استراتيجيته في العراق فمن استراتيجية جاي جارنر إلي استراتيجية بول بريمر إلي تشكيل " مجلس الحكم " إلي استراتيجية ما عرف بتسليم السيادة للعراقيين ليصبح غازي اليارو رئيس العراق الجديد ثم إياد علاوي رئيسا للحكومة الانتقالية ومع استمرار الفشل المزمن قرر بوش اللجوء إلي استراتيجية "الانتخابات" التي أفرزت الطائفية وفرق الموت - وما بين استراتيجية وأخري يسقط أصدقاء الإدارة الأمريكية واحدا تلو الأخر ويخذله حلفاؤه معلنين انسحابهم من العراق، بل ويخسر بوش وحزبه انتخابات الكونجرس لصالح الديمقراطيين، ومع تزايد الخسائر الأمريكية وصعوبة تحقيق تقدم يذكر في ظل مقاومة شرسة، قرر بوش اللجوء إلي استراتيجية زيادة القوات ، ولأنه يدرك في قرارة نفسه أن المهمة قد فشلت THE MISSION HAS FAILED فقد روج وآلته الإعلامية لتقرير حول تقييم استراتيجيته الجديدة وكان الهدف منه خداع الرأي العام الأمريكي المتربص به وإيهامه بإمكانية تحقيق النصر الموهوم ، وتخفيف الضغط من قبل الديموقراطيين المطالبين بجدولة انسحاب أمريكي من العراق ، وبالفعل صدر ما يعرف بتقرير بيتراوس - كروكر الذي احتوي علي كثير من المغالطات فيما يتعلق بالوضع الأمني في العراق وتحدث معداه عن تراجع عمليات المقاومة العراقية بفضل زيادة القوات وعن انحسار نفوذ تنظيم القاعدة بفضل تصدي ما عرفت بمجالس الصحوة العشائرية له وأوصي التقرير بالبدء في انسحاب جزئي للقوات الإضافية دون أي التزام بانسحاب أوسع !! ولكن هل غير التقرير في الواقع شيئا؟وهل نجح في خداع الشعب الأمريكي؟ إن شيئا من هذا لم يحدث فعلي العكس تماما فما هي سوي أيام من انعقاد جلسة استماع في الكونجرس لديفيد بيترايوس قائد القوات الأمريكية في العراق ورايان كروكر السفير الأمريكي بالمنطقة الخضراء للدفاع عن تقريرهما حتي انطلقت المظاهرات الحاشدة أمام البيت الأبيض ومبني الكونجرس والتي شارك فيها آلاف الأمريكيين عائلات وطلبة ومحاربون قدامي وآباء جنود قتلوا في العراق طالبوا بسحب القوات الأمريكية وإقالة الرئيس بوش، كان لسان حال المتظاهرين يقول "بوش .. ارحل ما عادت أكاذيبك تنطلي علينا.. نحن نخسر في العراق" ويكفي ما قالته السيدة الأمريكية ديان سانتوريللو وهي تلوح بصورة ابنها "نيل" الذي قتل في العراق في 13 أغسطس 2004 " للتدليل علي أن صبر الأمريكان علي رئيسهم المريض قد نفد تماما، إذ قالت الأمريكية الثكلي "إنني هنا لمطالبة الكونجرس بوقف تمويل هذه الحرب"، وأضافت وهي تبكي حسرة علي قتل ابنها بالعراق "لقد حرموني منه وهو في الخامسة والعشرين من العمر"، تلك لن تكون المظاهرة الأضخم حيث تعد منظمات أمريكية مناهضة للحرب كمنظمة " أنسر كواليشن " الأمريكية وغيرها لحملات ضخمة من المظاهرات في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة ، وبعيدا عن النشاطات الجماهيرية وعلي المستوي السياسي فلم ينجح تقرير بيترايوس في نزع فتيل الصدام السياسي الحاصل في قاعات الكونجرس بل زاد من غضب المعارضة الديموقراطية التي قالت إن الرئيس بوش حكم علي الجيش الأمريكي بخوض حرب لا نهاية لها في العراق رافضة الإقرار بنجاح استراتيجيته في هذا البلد وقال السيناتور باراك أوباما المرشح لانتخابات الرئاسة إنه "حان الوقت لإنهاء حرب ما كان يجب أن تبدأ"، فيما وصف رئيس اللجنة القومية هاورد دين خطاب بوش الذي أقر فيه توصيات التقرير بأنه "علاقات عامة معاقة لشراء فسحة من الوقت لسياسة فاشلة"، ورأي السيناتور إدوارد كنيدي أن الرئيس "حول قواتنا إلي رهائن لدي القادة العراقيين الذين لم يظهروا حتي الآن أي رغبة في اتخاذ القرارات الصعبة الضرورية لإنهاء الحرب الأهلية" ، وشددت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي علي أن إقرار تلك الاستراتيجية يضع الجيش الأمريكي علي طريق حرب تستمر عشر سنوات ، أما السيناتور جاك ريد العسكري السابق فأكد أن "الرئيس فشل مرة جديدة في تقديم خطة لإنهاء الحرب أو ذكر سبب مقنع لمواصلتها" ، فيما اتهم عضو الكونجرس جيم موران الرئيس بوش بالانسياق وراء اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الذي زين له احتلال العراق وورطه في حرب خاسرة وأضاف "إن أعضاء إيباك (لجنة الشئون العامة الأمريكية - الصهيونية) منظمون للغاية وأغلبهم من الأثرياء لذا فإنهم قادرون علي إحداث تأثير بالغ القوة، إيباك هي اللوبي الأقوي في واشنطن وقد دفعونا في اتجاه الحرب منذ اللحظة الأولي".
ولم تقتصر الصفعات التي انهالت علي وجه الرئيس بوش علي الديموقراطيين فقد هاجمه بعض النواب الجمهوريين وطالبوه بإعادة النظر في إبقاء القوات بالعراق ، غير أن الصفعة الأقوي جاءته من الرئيس السابق للبنك المركزي " آلان جرينسبان " الذي أصدر كتابا بعنوان " عصر الإضطراب .. مغامرات في العالم الجديد " قال فيه إن إدارة بوش قد خربت الميزانية الأمريكية معترفا بأن غزو واحتلال العراق كان طمعا في النفط العراقي وقال مهاجما بوش وإدارته "انتهوا إلي لا شيء، هم يستحقون الخسارة" وتأتي قوة اعتراف جرينسبان من كونها لم تصدر من معارض سياسي، وإنما من شخص طالما أغدقت عليه الإدارة ثناءها والذي بقي 18 عاما في منصبه في عهد أربعة رؤساء بدء من رونالد ريجان ، وتتواصل تداعيات ما بعد تقرير بيترايوس - كروكر ، فبجانب النجاح الأمني الذي تحدث عنه التقرير أماط الجنرال بيتر بيس رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة وأحد مهندسي الخطط العسكرية للغزو، اللثام عن اعترافات لا تقل إثارة عما جاء في كتاب جرينسبان حيث قال إنه بالغ في تقدير موقف الجيش العراقي، عقب الغزو، وبالتالي سوء تقدير حجم القوات الأمريكية الضرورية لخوض الحرب وأوضح بيس، خلال تقييم صريح لقراراته وتوصياته في مطلع عام 2003 قائلا "واحدة من أخطائي هو اعتقادي بأن الشعب والجيش العراقي سيرحب بالتحرير، وأن الجيش سيوحد صفوفه من أجل الشعب، وأن يكون بجانبهم للمساعدة في خدمة الوطن الجدي." يذكر أن بيس نفسه سيعفي من منصبه في أكتوبر القادم بعد أن قررت الإدارة الأمريكية استخدامه كبش فداء مع تصاعد الانتقادات بشأن الحرب في الكونجرس .
أما الصحف الأمريكية فقد شنت هجوما لاذعا علي إدارة بوش وتقريرها الجديد فكتبت الواشنطن بوست تقول " فشل الرئيس في الاعتراف بأن زيادة عدد القوات الأمريكية كان إجراء فاشلا وفقا للمعايير التي أرساها شخصيا في يناير" ، فيما حملت النيويورك تايمز الرئيس الأمريكي مسئولية الفشل في العراق وقالت:
"لا يمكن لأية كمية من الدخان إخفاء الحقيقة.. ليس لدي السيد بوش استراتيجية لإنهاء حربه التي تصل إلي حد الكارثة وليس لديه استراتيجية لاحتواء الفوضي التي بدأها... يبدو أن عبء إنهاء الحرب سيقع علي عاتق الرئيس القادم."
أما الصفعات الخارجية التي كان وجه بوش علي موعد معها فقد جاءت علي لسان سفير لندن لدي واشنطن السير ديفيد مانينج في اعترافات مثيرة قال فيها إن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لم يكن يسعي إلي المشاركة في غزو العراق، وأنه تعرض للخداع من قبل الرئيس الأمريكي مضيفا أن المزاعم التي ساقتها حكومة بلير حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل كانت بمثابة "غلطة" ليس المسئول عنها بلير بل عدم توافر معلومات استخباراتية دقيقة، كذلك اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن الولايات المتحدة منيت بالهزيمة عندما تدخلت عسكريا في العراق ، غير أن الصفعة الخارجية الأقوي للرئيس الأمريكي فيما بعد نشر التقرير هي اغتيال عبدالستار أبو ريشة رئيس ما يعرف بمجلس صحوة الأنبار بعد 15 يوما من لقاء بوش في العراق وبعد أن أثني عليه التقرير لقتاله القاعدة وأوصي بتعميم تجربة الأنبار في مختلف المناطق العراقية التي تشهد تواجدا للقاعدة وللمقاومة بوجه عام وما هي سوي أيام حتي سقطت ريشة بوش، وفي الوقت نفسه فإن ما تسمي بالعملية السياسية في العراق باتت علي وشك الانهيار بعد انسحاب التيار الصدري من "الائتلاف العراقي الموحد " بعد فترة قصيرة من انسحاب أعضاء "حزب الفضيلة" فلم يبق في ذلك الائتلاف الشيعي سوي85 عضوا من أصل 130 الأمر الذي يراه المراقبون نهاية النهاية لحكومة المالكي الطائفية.
وفي مقابل الفشل المهين لبوش وقراصنته تفيد تقارير أمريكية وغربية بأن المقاومة العراقية وفي الوقت الذي يئن جنود الاحتلال تحت ضرباتها قد نجحت في توحيد صفوفها إلي حد بعيد ليس هذا فحسب بل لعل من أكثر التقارير التي أقضت مضجع الرئيس الأمريكي المهزوم ذلك الذي تحدث عن تصاعد كبير في قدرات المقاومة العراقية حيث كشف تقرير أمريكي أن قنابل المقاومة العراقية أصبحت أكثر تطورا وفتكا، لدرجة اعتمادها لأول مرة علي الأشعة تحت الحمراء مما يسقط العديد من القتلي من جنود الاحتلال، ونقلت "وكالة الأسوشيتد برس" عن ضباط من الاحتلال الأمريكي والبريطاني قولهم: إن العبوات الناسفة التي تستخدمها المقاومة العراقية شهدت تطورا كبيرا حيث قامت المقاومة بإضافة أجهزة استشعار حساسة تعتمد علي الأشعة تحت الحمراء إلي هذه القنابل مما جعل اكتشافها بالنسبة لقوات الاحتلال عملية أكثر تعقيدا وبحسب أنتوني كوردسمان المحلل العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن فإن تقنية القنابل الجديدة تعتمد علي تقنية الصواريخ البالستية حيث تكون القنبلة علي شكل مخروطي وتتركز قوتها علي الفولاذ مما يتيح لها في حال انفجارها اختراق الدروع الواقية التي يضعها الجيش الأمريكي فوق آلياته وقتل أكبر عدد ممكن من الجنود ، أليس كل هذا إذن بكاف لأن يفكر الرئيس الأمريكي جديا في الانتحار؟.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
فيروس التفكيك
سمير مرقس
الوفد مصر
يوم الخميس الماضي تناقلت وكالات الانباء اقرار مجلس الشيوخ الامريكي بأغلبية 75 عضوا »من أصل 100« علي مشروع قرار - غير ملزم للادارة الامريكية - تقدم به السيناتور الديمقراطي جوزيف بايدن ينص علي: تقسيم العراق الي ثلاث دويلات / كيانات/ اقاليم فيدرالية، شيعية، وسنية وكردية علي أن تبقي بغداد عاصمة فيدرالية تتولي ادارة الامور الأمنية والثروة.. ماهي ملابسات هذا التصويت وخطورته.. وامكانية تحققه.
موافقة مجلس الشيوخ: التشريع في منتصف الطريق
للاجابة عما سبق ربما يكون من المفيد - بداية - القاء الضوء علي ماكينة التشريع الامريكية، حيث تقوم العملية التشريعية في الولايات المتحدة الامريكية علي ان الكونجرس هو الهيئة او الجمعية التشريعية المنوط بها اصدار التشريعات المتنوعة.. ويتكون الكونجرس من مجلسين هما: مجلس النواب ومجلس الشيوخ وتعرف الجهة التشريعية اربعة انواع من التشريعات تسمى مشروعات القوانين والقرارات، وذلك كما يلي:
* مشروعات القوانين
* مشروعات القرارات المشتركة.
* مشروعات القرارات المشتركة.
* مشروعات القرارات المتفق عليها من اكثر من جهة.
* مشروعات القرارات البسيطة.
ويتيح النظام التشريعي الامريكي ان يتقدم اي عضو من اعضاء الكونجرس بمجلسيه او السلطة التنفيذية التقدم بمشروع قانون او قرار الي الكونجرس، كما يستطيع الافراد وجماعات المصالح المختلفة مثل الجمعيات والاتحادات العمالية والغرف التجارية ارسال مقترحاتهم الي احد اعضاء الكونجرس للتقدم بها، وبعد دخول المقترح في آلية طويلة من خلال جلسات استماع ولجان مختصة يتم التصويت علي قبوله من عدمه، وعليه يرفع المشروع بعد ذلك الي الكونجرس في صيغة مشروع قرار يتضمن: الهدف وتحليلاً تفصيليا له.. وعندما ينتهي اي من المجلسين في الكونجرس من نظر تشريع معين يحال الي المجلس الآخر لنظره، فاذا أقره المجلسان باغلبية الحاضرين احيل التشريع الي الرئىس للتصديق عليه، واذا لم يوافق الرئىس علي التصديق فانه يعاد الي المجلس الذي بدأ فيه اقتراح التشريع.. وعند اعادة نظر الموضوع فان موافقة كل من المجلسين باغلبية الثلثين تجعل اعتراض الرئىس كأنه لم يكن ويصبح التشريع قانونا واجب التنفيذ (لمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة كتابنا الحماية والعقاب: الغرب والمسألة الدينية في الشرق الاوسط).
لقد قصدنا ان نلقي الضوء علي العملية التشريعية الامريكية، لأن رد الفعل العربي ركز علي ان التشريع المقترح غير ملزم للادارة الامريكية وكأنها هي التي بيدها الحل والربط قياسا علي الانظمة العربية، ولم يتم تفسير ان موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية 75 عضوا، انما تعني انه تم قطع منتصف الطريق نحو اقرار مشروع القرار، وانه لم يكن يصل الي هذه المرحلة ما لم يكن يحظي بدعم كبير.. كيف؟
القرار/ المشروع المقترح يحظي بتأييد متعدد
بداية لابد من الاشارة الي الثقل المتزايد للسلطة التشريعية، بسبب القوي الاقتصادية المنتظمة فيما يعرف بجماعات المصالح، او بالكتل التصويتية المتنوعة والتي يمكن ان نطلق عليها جماعات الضغط في التأثير علي العملية التشريعية، ان هذه الجماعات لها مصالح حيوية متشابكة مع اعضاء الكونجرس، علي الرغم من وجود حزبين كبيرين الي ان هناك آليات توازنية/ توافقية تعمل علي التنسيق بينهما خاصة في قضايا وموضوعات تتجاوز المصلحة الحزبية المباشرة حتي إن بدت متعارضة مع مصلحة السلطة التنفيذية وعلي قمتها مؤسسة الرئاسة، ولكنها تتفق ومصالح القوى الضاغطة في المجتمع.
لذا يمكن القول ان هذا المشروع/ القرار يحظى بتأييد متعدد المستويات فلمن لايعرف نرصد من خلال متابعتنا للشأن الامريكي ما يلي:
* قام السيناتور بايدن بتهيئة الرأي العام الامريكي لهذا المقترح من خلال مقال نشره في جريدة النيويورك تايمز صيف 2006.
* وكما ان السياسة الخارجية الامريكية في خططها لتفكيك الارهاب الاخضر تستعيد ما مارسته مع الاتحاد السوفييتي لتفكيكه، فإن السيناتور بايدن يستلهم نموذج ما جري في البوسنة سنة 1995 للتطبيق علي العراق.
* منذ ان اطلق السيناتور بايدن مقترحه من خلال الاعلام حظي بتأييد من لوبي النفط الذي يدعم التقسيم، كذلك اللوبي اليهودي، واللوبي الديني.
* ايد القرار في مجلس الشيوخ كل من الديمقراطيين والجمهوريين علي حد سواء، وهو ما يدحض التمنيات الساذجة التي تتكرر مع اقتراب كل انتخابات رئاسية، بأن تغيير الادارة يحمل تغيرا في السياسة، او ان حصول الديمقراطيين علي الاغلبية في الكونجرس سيغير من الواقع شيئا، فلقد اتفق الجمهوريون مثل سنونو ولوجار مع الديمقراطيين مثل هيلاري كلينتون واوباما في تأييد القرار.
* ولا يخفى على المراقبين الذين اطلعوا على نص المشروع القرار الاغراء بتوزيع الثروة علي الاقاليم وبين ضمان الحق في استغلال احتياطي النفط العراقي في صورة احتكارية وذلك بموجب نظام يعرف باتفاقات تقاسم الانتاج والتي ستكون بين اقاليم وبين شركات نفطية.
* انتشار فكرة التقسيم في كثير من الادبيات التي تنتجها المراكز البحثية القريبة من مركز صنع القرار مثل راند وبروكينجز ومعهد واشنطن.. حيث بدأت تروج لفكرة التجزئة والتقسيم، بل اكثر من ذلك فإن التقسيم بات واجبا لتصحيح الخلل التاريخي الذي هندسته بريطانيا.
ما العمل؟
لا أدري لماذا اشعر عند كتابة هذا المقال بنفس الشعور الذي انتابني عندما نشرت كتابي الحماية والعقاب والذي تناولت فيه علاقة الغرب بالمسألة الدينية في الشرق الاوسط، حيث طرحت فيه ما اسميته بآلية الالحاق/ التجزئة التي تمت منذ الدولة العثمانية عبر رصد لخمس مراحل مرت بها بلدان المنطقة الي الآن، وكان ذروتها صدور القانون الامريكي للحرية الدينية، هذا القانون الذي صدر في امريكا ليكون مجال تطبيقه العالم، شعور بالحماس بعد ان استغرقت في اعداده ما يقرب من اربع سنوات درسنا فيها الخلفية التاريخية للموضوع وأصلنا لمفهوم الشرق الاوسط والبنية التشريعية لامريكا ودراسة اولي للكتلة الدينية الضاغطة في امريكا.. بيد ان الامور سارت ضد ما كنا نطالب به في الداخل بضرورة الانعتاق/ الوحدة الي المزيد من التجزئة والالحاق فقط انتفض البعض الايام الماضية ضد تقرير الحرية الدينية الدوري وهم لا يعرفون اي خلفية عنه كما شرحنا في مقال الاسبوع الماضي، وتدعم اكثر واكثر لدينا الاحساس بأننا جماعات دينية ومذهبية كما يتضمن التقرير.. واستغراقنا في معارك صغيرة وفشلنا في حل كثير من الاشكاليات.
خوفي ان مشروع القرار الخاص بالعراق سوف يسير في نفس المسار الذي مر فيه قانون الحرية الدينية، ونجده وقد سار واقعا، قد يواكبه او يلحق به لبنان والسودان.
لا مفر من العمل الجماعي انظمة ومجتمع مدني في سرعة ايجاد آليات وطنية تعمل علي حل المشاكل وتبتكر الوسائل الخاصة بالاندماج الوطني والتكامل القومي المانعة والمقاومة.. ام ان فيروس التفكيك قد سري ولم يعد لدينا المناعة الكافية لإيقافه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
ملف اللاجئين العراقيين المخزي في اميركا
أنا هوسارسكا
لوس انجليس تايمز`
لاولئك الذين يساعدون في اعادة توطين اللاجئين في اميركا ، فان التاريخ الرئيسي المحدد سنويا هو 30 ايلول ، نهاية السنة المالية للحكومة الفدرالية. ولأن قدوم اللاجئين بند مخصص في كل سنة مالية ، فاننا نستطيع اعتمادا على ذلك ، قياس اداء الادارة في قبول اللاجئين. الرقم المسجل هذا العام ليس جيدا ، اذ ارتفعت الاعداد ببطء بعد الهبوط الحاد في اعداد الداخلين منذ هجمات 11 ايلول. ورغم تحديد ادارة بوش سقف السبعين الفا لاجمالي اللاجئين في السنة المالية لعام 2007 ورصد الاموال اللازمة لهم ، فان 675 41, لاجئا فقط وصلوا بحلول 14 ايلول ، مع وجود خطة تقضي باحضار ستة الاف اخرين قبل الموعد النهائي.
لماذا هذه الارقام المنخفضة؟ أحد العوامل هو الممارسة الشائنة في منع دخول اللاجئين الحقيقيين بسبب تشريع محاربة الارهاب الذي وضع بعد 11 ايلول والذي يصنف بعض هؤلاء اللاجئين كارهابيين او مؤيدين للارهاب. "الهمونغ" الذين قاتلوا تحت قيادة وكالة المخابرات المركزية في لاوس ، على سبيل المثال ، اعتبروا بموجب قوانين ما بعد 11 ايلول بانهم ينتمون الى"منظمة ارهابية" ، وانهم ومرافقيهم ممنوعون حاليا من دخول الولايات المتحدة.
القانون نفسه ينطبق على "المونتاغنارد" من فيتنام ، حلفاء اميركا الاوفياء. الكولومبيون الذين دفعوا فدية لانقاذ حياة أحبة لهم مختطفين اعتبروا متهمين بتقديم دعم مالي للارهابيين ومنعوا من دخول اميركا.
بعد وابل من الانتقادات في وسائل الاعلام ، اصدرت وزارتا الخارجية والامن الوطني عددا قليلا من الاستثناءات التي استهدفت فئات معينة. وشملت هذه الاستثناءات اولئك الذين انضموا الى جماعات مقاومة مسلحة (في الاغلب المقاتلون البورميون المعارضون للنظام العسكري في ميانمار).
وبفضل هذه التنازلات سوف يسمح لاكثر من 140 الف لاجىء بورمي بدخول الولايات المتحدة هذا العام . لكن المقاتلين انفسهم ما زالوا على قائمة الممنوعين.
هذا التصحيح المتأخر لخطأ يبين ان السماح بدخول مزيد من اللاجئين باعداد كبيرة ، ممكن.
ومثل هذا الخطا يشكل اتهاما واضحا لهذه الادارة على اكثر فصل مخز في التاريخ الحديث لاعادة التوطين: السماح بدخول اللاجئين العراقيين الى الولايات المتحدة.
من نيسان 2003 الى الشهر نفسه من 2007 ، سمح لاكثر بقليل من 500 عراقي بالدخول كلاجئين. (بالمقارنة ، بين ايار وكانون الاول من عام 1975 ، دخل 131 الف فيتنامي جنوبي كلاجئين سياسيين).
في شباط ، بدا وكأن ادارة بوش أقرت أخيرا بان ذلك ليس مقبولا. فقد شكلت هذه الادارة"قوة مهمة"واعلنت وزارة الخارجية بانها ستسمح لسبعة الاف لاجىء عراقي بالدخول بحلول الثلاثين من ايلول.
اذا اخذنا في الاعتبار الهجرة الجماعية من العراق لاكثر من مليوني شخص ، واخذنا بالاعتبار ايضا ان واشنطن تتحمل مسؤولية خاصة بالنسبة للحرب في العراق ، فان السماح بدخول لاجئين كان بطيئا جدا ، لكنه كان خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح.
بعدئذ لم يحدث الكثير. في اذار ، سمح لثمانية لاجئين عراقيين بالدخول. وفي نيسان سمح لواحد فقط. وفي ايار لواحد ايضا. وفي حزيران ل 63 ، وفي تموز ل 57. الغضب الشديد في افتتاحيات الصحف وفي اوساط الجماعات المدافعة عن حقوق اللاجئين تعزز بفضل الرسائل التي ارسلها الموظفون العسكريون الاميركيون الذين منع مترجموهم وموظفوهم المحليون المعرضون للخطر من دخول الولايات المتحدة. عقدت جلسات استماع في الكونغرس وتم اقتراح تشريع. من تشرين اول2006 وحتى نهاية اب 2007 ، سمح ل 719 لاجئا عراقيا فقط بدخول الولايات المتحدة.
من يستحق اللوم؟ المسؤولون في وزارتي الامن الوطني والخارجية يقولون بانهم ليسوا سبب التاخير ، ولكن لان الامم المتحدة بطيئة في ادخال اللاجئين. حقا؟ في شباط واذار الماضيين ، سافرت الى الاردن وسوريا ولبنان وتركيا وزرت مكاتب الامم المتحدة ومنظمات غير حكومية تقوم باعداد قضايا اللاجئين. في كل مكان قابلت فيه لاجئين عراقيين كانوا مستعدين لمقابلة مسؤولين اميركيين ، كما شاهدت اكواما من ملفات اللاجئين التي قامت الامم المتحدة بتصويرها بالفعل.
عندما سئلت مسؤولة في الخارجية الاميركية عن التاخير خلال جلسات الاستماع في الكونغرس ، قالت ان وزارة الامن الوطني تعامل العراقيين بطريقة مختلفة وان التدقيقات الامنية الموسعة تستغرق وقتا طويلا.
هل الامر كذلك؟ كل ايلول تنهمك الادارة في جهد هرقلي في الدقيقة الاخيرة لتحسين رقم اللاجئين العراقيين المسموح لهم بالدخول.
الارقام الاجمالية غيرمتوفرة ، لكن اخذ عينة من حجوزات الطيران للاجئين الذين قامت لجنة الانقاذ الدولية وحدها باعادة توطينهم هذا العام ، يتبين بانه يتوقع وصول المزيد من العراقيين في ايلول وحده (151 عراقيا) وهو رقم يزيد عن مجموع الذين وصلوا في الاشهر ال11 الفائتة مجتمعة (113 عراقيا). لكن العدد الاجمالي للاجئين العراقيين سوف يكون حول الهدف المعلن وهو سبعة الاف. وسواء كان مقصودا ام لعدم وجود التزام كاف ، فقد فشلت ادارة بوش في الوفاء بتقديم مأوى الحد الادنى لبضعة الاف من اكثر العراقيين عرضة للخطر. هذا خطأ ، لان مثل هذا الفشل يجعل الولايات المتحدة تخسر القلوب والعقول في العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
إذا تدفق النازحون (1)
د. إبراهيم بهبهاني
القبس الكويت
وفق المعطيات التي خرجت الى السطح، وبحسب المؤشرات السياسية والعسكرية، فالواقع يقول ان الحدود المشتركة بيننا وبين العراق مؤهلة للاضطرابات والقلاقل.
ومن بين تلك المعطيات القرار البريطاني بالانسحاب من قصور الرئاسة الواقعة على شط العرب والتجمع في مطار البصرة الدولي، وبالتالي فان منطقة جنوب العراق معرضة لحدوث فراغ امني قد تستغله اطراف عديدة لها مصلحة بذلك، وهذا يعني ان خط الامدادات الحيوية الذي يصل منطقة البصرة وعبر الكويت الى قوات التحالف الدولية سيكون في حالة غير مستقرة، ونحن لا نقلل من اهمية وجود الجيش العراقي ونثمن عاليا الخبر الذي قرأناه من ان هناك فرقة عسكرية تتولى حماية الحدود المشتركة هذا من الجانب العراقي، ومن ضمن المعطيات الاخرى ان منطقة الجنوب بشكل عام والكثافة السكانية المتواجدة فيها والاوضاع الامنية غير المستقرة والتنوع العرقي من حيث الطوائف والمذاهب ووجود ميليشيات مسلحة لا تخضع للسلطة المركزية، كل هذه العوامل تضعنا في موقف صعب وتملي علينا التبصر بموقعنا واتخاذ الخطوات اللازمة التي من شأنها حفظ بلدنا وامننا وانتظار الاسوأ من هكذا حال سياسي وامني مضطرب.. وبالتأكيد فان الحسابات عند العسكريين والقادة الامنيين عندنا مختلفة عما نحن عليه، لانهم مطلعون ومتواجدون على الارض ويعرفون كل التفاصيل، ويعايشون الاحداث عن كثب. فهؤلاء لديهم خططهم وعملهم وهو عمل لا نشك لحظة بانه على قدر المسؤولية الوطنية.. ما نحن بصدده، هو السؤال التالي: في حال حدوث اضطرابات بين الاحزاب او وقوع مواجهات عسكرية او حصول فراغ امني تسبب بنزوح وتدفق مجموعات من الشعب العراقي ماذا نفعل؟ وما الخطوات الاحترازية التي سنقدم عليها، ما الترتيبات المتوجب علينا القيام بها؟ الحقيقة اننا في البداية نتمنى الا يحدث شيء ليس لمصلحة الشعب العراقي وندعو الله في هذا الشهر الفضيل ان تعم السكينة والامن والامان لجيراننا في جنوب وكل ارجاء العراق، ولا نتمنى لهم الا السلامة في وطنهم وكما يقول المثل، اذا كان جارك بخير فأنت بخير، لكن نحن نتصرف على اساس اذا حدث مكروه وفي اسوأ الحالات علينا ان نجهز انفسنا ونفترض جميع السيناريوهات من اجل الحفاظ على وحدة الكويت وسيادتها وامنها بالدرجة الاولى، ومن اجل هؤلاء النازحين الذين يتوجب علينا الاستعداد لايوائهم وتنظيم اقامتهم وفق قواعد انسانية ودولية، وبالتوافق مع المنظمات الانسانية المعنية بهكذا حال.. فلدينا تجارب مررنا بها، والآخرون ايضا لديهم تجاربهم، كل ذلك يتطلب منا اليقظة والحذر وتعلم الدرس والاستفادة من الماضي ومن حالات مشابهة، فهل نفعل؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
فرنسا وبريطانيا تتبادلان الأدوار في حب أمريكا!
جيمس جاينز
كريستيان ساينس
في السنوات الماضية بدت فرنسا وبريطانيا كأنهما تتبادلان الادوار في حب الولايات المتحدة الامريكية، وتحت الرئاسة التوربينيه التي يقودها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لم تعد فرنسا هي تلك القديمة بعد اليوم، وفي نفس الوقت يبدو ان رئيس وزراء بريطانيا الجديد، جوردون براون يحاول ان يلعب دور رئيس فرنسا السابق، جاك شيراك وحذر عضو في حكومة براون الجديدة من أن مكانة واشنطن المميزة في العالم والتي كانت له في السابق على وشك الزوال ففي الماضي كانت تقاس مكانة الدولة بحجم ما تستطيع ان تحدثه من دمار، لكن ذلك كان في الماضي، وللحاضر معايير أخرى وفي القرن الحادي والعشرين علينا ان نشكل تحالفات جديدة هذا ما قاله عضو حكومة براون كما قال وزير الخارجية البريطانية الجديد، وهو معروف بانتقاده لسياسة بريطانيا في حرب العراق ان بريطانيا تحتاج لان تبني تحالفا يذهب وراء القطبية التي تسود التحالفات القديمة تحالف متعدد الاطراف هذا وفي الوقت تنتقل بريطانيا كما يريد براون من القتال الى المراقبة في ثلاثة من الاقاليم العراقية الاربعة التي تمت السيطرة البريطانية وهو براون يتعجل اليوم الذي يترك فيه الاقليم الرابع ايضا كما أن معارضته للخيار العسكري في أزمة ايران النووية في أوجها.
لقد كتب احد الكتاب البريطانيين عن تغير العلاقات البريطانية الامريكية من النقيض الى النقيض بعد تولي براون رئاسة الحكومة واصفا أمريكا بصديق بريطانيا المفترض وليس الحقيقي اما الاتجاه الآخر من تحول العلاقات مع أمريكا والذي يمثله رئيس فرنسا ساركوزي فهو يحل محل العلاقات البريطانية الامريكية أيام رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير وقد وصف احد الصحفيين ما يفعله ساركوزي بأنه (الثورة الفرنسية) لكننا يمكن ان نسمي هذا ايضا (الثورة الامريكية)، وقد جعلت سياسات ساركوزي الداخلية كل الاشتراكيين الفرنسيين يستشيطون غضبا: قطع ثلث ميزانية الخدمات المدنية ودفع الكثير من أجل الاصلاحات وتشجيع الوقت الاضافي في العمل وضع العمل في مركز الحياة الفرنسية وجعل ابطال فرنسا هم هؤلاء، الذين يستيقظون مبكرا، وعلى الرغم من موقفه الصارم من الهجرة غير الشرعية إلا أنه يشجع تكامل وتعاضد مسلمي فرنسا واندماجهم في التيار الاقتصادي الفرنسي العام، وفي السياسة الخارجية اصبح ساركوزي أمريكي النمط لأقصى حد في سياسته تجاه ايران، وأقر على الملأ الخيارين (وقف ايران برامجها النووية) أو (شن الحرب عليها) حيث قال ليدعم رأيه أن امتلاك ايران لاسلحة نووية سيكون مخاطرة غير مقبولة تهدد استقرار المنطقة والعالم كله يقول ساركوزي في خطابه أمام الجمعية العمومية للامم المتحدة: اريد ان اقول للشعب الامريكي ان الشعب الفرنسي شعب صديق وهذا ما قاله لصحيفة نيويورك تايمز مؤخرا: نحن لسنا اصدقاء عاديين ولا حليفا بسيطا لأمريكا وأنا فخور بكوني صديق لامريكا.
وقد أقر ساركوزي أن جزءا صغيرا من النخبة في فرنسا معارض لامريكا لكنه أضاف أن هذا لا يتطابق أبدا مع ما يعتقده الشعب الفرنسي، وقد يصبح ساركوزي آخر ضحايا النظام السياسي الفرنسي أو يصبح بطلا قوميا.
ولو كان بطل فرنسا القومي هذا ستثبته نتائج توجهاته الجديدة وهي الشيء الأقرب احتمالا سنرى هيلاري كلينتون وجولياني (متصدر ترشيحات الجمهوري) سيتنافسان على من منهما أشبه بساركوزي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
التحول من القلق إلى الثقة
روجر كوهين
نيويورك تايمز
قادت الكراهية الموجهة للرئيس جورج بوش الكثيرين إلى الإعتقاد بأن الكراهية العالمية تجاه امريكا سوف تنتهي بمجرد مغادرته للمنصب في العشرين من يناير 2009. وهذه تقديرات خطرة.
خطرة لان مدى القوة الأمريكية سوف يستمر في استدعاء العداء بغض النظر عمن يكون في البيت الابيض. ولأن المفهوم الامريكي حول النهديد الإرهابي سوف يظل مختلفا عن مفهوم حلفاء أمريكا الآسيويين والأوربيين. فالآسيويون يركزون على التنمية والاوربيون على التكامل. والأولويات المختلفة تؤدي للتصدع.
إن الضرر الذي تعرضت له مصداقية الولايات المتحدة بسبب العراق، من الفداحة بحيث لا يمكن علاجه سريعا. والفقدان الإجمالي للنفوذ الغربي على العالم يعني إضمحلال مقدرة خليفة بوش على تشكيل الاحداث.
ومع ذلك، فإن القائد القادم للولايات المتحدة سوف يستمتع بشهر من العسل. ومن أجل إطالة هذا الشهر فهناك عدة خطوات ضرورية لا بد من اتخاذها. واهم هذه الخطوات التحول من سياسة القلق إلى سياسة الثقة.
لم يخرج بوش وشيني بعد من أجواء الحادي عشر من سبتمبر. وقد أدت زمجرة الكلب الغاضب التي يبديانها للجميع، إلى توجد العالم ضدهما، إذ طلبا منه الإختيار بين الوقوف في مواجهتها او الوقوف خلفهما. وكان لا بد من أن تهزم توقعات الولاء أمام متعة المعارضة.
إن القليل من حب الإستطلاع يكشف عن أنه حتى الأطفال من توليدو إلى كيوتو يتحدثون عن المناخ. ولقد كان الإجماع حول الإحترار العالمي من الإكتمال بحيث أن الرفض الامريكي لقيادة الحوار الأخضر كان بمثابة كارثة سياسية.
وعلى خليفة بوش ان يواجه إحدى التحديات المركزية لهذا القرن وهي التحول إلى اقتصاد عالمي قليل الكربون. وتعتقد الدول النامية، خصوصا الصين ان الغرب مسئول عن التلوث وعليه ان ينظف ما لوث. والولايات المتحدة هي الوحيدة التي لديها القدرة على جرَ الهند والصين إلى التوجه الدولى لما بعد كيوتو تجاه الهواء النقي مع الحفاظ على معدلات النمو.
إن المناخ شأن عالمي. وكذا العديد من المسائل، مثل عدم المساواة المتزايد. والعالم مترابط المصالح، إذا تحرك أي جزء منه تاثرت الاجزاء الآخرى. ومع ذلك، فإن المؤسسات التي تتعامل مع هذا العالم، مثل مجلس الأمن الدولي أو مجموعة الثمانية، أصيبت بالعقم. وقد عبر ديفيد ميليباند، وزير الخارجية الريطانية، عما تعانيه هذه المؤسسات بقوله: "إن المؤسسات العالمية مصصمة من أجل العالم كما كان في الماضي وليس كما هو الآن في الحاضر.
وعلى الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين ان يدفع في اتجاه تحديث هذه المؤسسات بطرق تعكس ثقل الصين والهند والبرازيل والتقدم الإقتصادي في أفريقيا. والإقتراح بإعطاء اليابان العضوية الدائمة بمجلس الامن ليس كافيا.
لقد ظل تعبير (الحرب على الإرهاب) حاسما. وحقق ببعض النجاحات، حيث ظلت أمريكا آمنة، لكنه قد أدى لدمج النزعة الجهادية الساعية لتمير الغرب في الحركات الوطنية المشروعة مثل الحركة الوطنية الفلسطينية ذات الهدف الواضح. ونتيجة لتعبير (الحرب على الإرهاب) صار المسلمون الآن ينظرون إلى أمريكا كعدو.
يستطيع الرئيس الأمريكي القادم ان يساعد في الإنتقال إلى ما بعد الإستقطاب عن طريق التحدث عن مكافحة الإرهاب بدلا عن الحديث عن هذه الحروب العالمية، وعن طريق التركيز على قيام الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل وحث الإتحاد الأوروبي على قبول عضوية تركيا.
ويتطلب الحصول على نتيجة مشرفة في العراق على المدى المتوسط، دبلوماسية إقليمية تشمل تركيا وسوريا والمملكة العربية السعودية وإيران. وان يسود في إيران إتجاه عدم إنتشار الاسلحة النووية. وقد سبق لهذا الإتجاه أن ساد في الماضي في جنوب أفريقيا وليبيا وأمريكا الجنوبية. ولا بد من العمل على إنجاح هذا الامر في إيران، لان البديل هو سباق غير مقبول للتسلح في الشرق الأوسط. وتستطيع أوربا ان تساعد في هذا الأمر لما لها من نفوذ في إيران، خاصة الدول التي لم ترتبط بحرب العراق.
لقد اتخذت الديموقراطية اللبرالية منافسا لها. فالآن يوجد نموذج مضاد وهو الرأسمالية الشمولية أو الرأسمالية – اللينينية كما في الصين وروسيا. وقد استفادتا من المحاولة القاتلة لديمقرطة العراق. ولا تخفي الصين سعيها للحصول على مصادر الطاقة والنفوذ الدولي كما أدت القوة البترولية إلى ظهور علامات الرجولة على محيا روسيا.
وسوف تكون الضغوط قوية على الإدارة الامريكية القادمة من أجل أن تنكفئ إلى الداخل. فللنزعة الوقائية سحر جاذب لدى الطبقة الامريكية الوسطى التى عانت ضغوطا قاسية. كما أن التراجع هو أمر جاذب بالنسبة لدولة أخافتها تصرفات بوش الراديكالية.
غير ان العالم سوف يكون اكثر خطورة بدون ممارسة مسئولة للقوة من قبل الولايات المتحدة بهدف تحطيم الحواجز بدلا من بناء الحواجز.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
«سايكس بيكو» جديد
افتتاحية
الشرق قطر
جاءت معارضة دول مجلس التعاون الخليجي للمشروع المؤامرة الذي أقره الكونغرس الامريكي بشيوخه ونوابه الجمهوريين والديمقراطيين، بتقسيم العراق الى ثلاثة كانتونات طائفية وعرقية، لتصب في مجمل المواقف العربية الاخرى الرافضة لهذا المشروع الذي يحمل في طياته نزعة انفصالية مشبوهة الاهداف والمرامي.
تداعيات الافصاح عن هذا المشروع الامريكي الخطير تكشف عن اتجاه خطير فى التوجهات السياسية السائدة فى أمريكا، وفي ذات الوقت تفجر المخاوف فى منطقة الشرق الاوسط بأسرها من «سايكس بيكو» جديد على غرار «اتفاق سايكس بيكو عام 1918 ومقررات مؤتمر فرساى فى نهاية الحرب العالمية الاولى» يبدأ من فكرة تفتيت العراق ليتوسع الى المنطقة العربية باسرها، ولعل الذاكرة السياسية العربية وما اختزن فيها من حروب ومآس تشير بالأدلة القاطعة الى مؤامرة جديدة يجري الاعداد والتمهيد لها لتقسيم للوطن العربى الى دويلات صغيرة على أسس طائفية وقومية.
المخاوف لها ما يبررها، فتقسيم العراق سيؤدى الى تأجيج الفتنه الطائفية ووقوع حرب اهلية شاملة أنتجتها كما اثبتت الوقائع السياسة الامريكية الفاشلة، لتتسلل تحت غطائها القوات الامريكية لدى انسحابها من العراق.
إن أمريكا بوش وحاشيته من مخططي استراتيجيته، لا يهمها من العراق الراهن ألا أن تخرج بدون عقدة الهزيمة أو انكسار الدولة العظمى حتى لا يلاحقها عار فيتنام، وهي قد طرحت بالون اختبار لقياس ردود الفعل في الاقليم العربي والعالم ايضا قبل المضي في تنفيذ هذه المؤامرة لتلبى أمريكا اولا مصالحها، ثم لتحقق وعدا تاريخيا لاسرائيل بالسيادة على اهم مناطق العالم الاقتصادية والاستراتيجية.
أمام هذه المخاطر الجديدة، هل بمقدور ساسة العراق بلورة موقف وطني موحد ضد مشروع التقسيم، وهل فى قدرة السياسين العراقيين استثمار الموقف العربي الذي اصطف وراء الرفض لهذه المؤامرة وبالتالي التخلي عن الدوافع الطائفية وانهاء الصراعات والنزاعات الجانبية لصالح مستقبل العراق ووحدة مكونات شعبه؟
في تقديرنا أن الامر يقتضى تضافر الجهود العراقية والاقليمية والدولية لإنقاذ العراق من كارثة الاحتلال الامريكي أولاً، وبالتالي اخراج العراق من دائرة مخططات المحافظين الجدد في البيت الابيض، الذين يسعون في العام الأخير من ولاية الرئيس بوش إلى انقاذ ما يمكن انقاذه من السمعة السيئة للولايات المتحدة ولرئيسها، وحتى يتحقق ذلك يتطلب من قادة العراق على اختلاف مشاربهم السياسية ثمنا باهظا من أجل اعادة اللحمة بين طوائف الشعب العراقي وتغيير أولوياته.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
قرار ورد فعل
أحمد كمال
الايام البحرين
القرار الذي‮ ‬اتخذه الكونغرس الامريكي‮ ‬بالاغلبية وشارك في‮ ‬تأييده الديمـقراطيون المعارضون مع الجمهوريين‮ »‬حزب الرئيس بوش‮« ‬بشأن تقسيم العراق الى دويلات او كيانات مذهبية هو في‮ ‬الواقع قرار خطير‮ ‬يكمل الهدف الامريكي‮ ‬الاستعماري‮ ‬الابعد وهو تدمير العراق اولا ثم تدمير الشرق الاوسط بتحويل كل بلدانه القائمة الى كانتونات على اساب مذهبي‮ ‬او ديني‮ ‬او عرقي‮ ‬وهو في‮ ‬مجمله مشروع صهيوني‮ ‬من اجل تفتيت بلدان الشرق الاوسط لدرء خطرها المستقبلي‮ ‬على الكيان الصهيوني‮ ‬القائم على اساس ديني‮ ‬كي‮ ‬لا‮ ‬يكون كيانا شاذا كما هو الان في‮ ‬المنطقة وكي‮ ‬يكون وحده الاقوى في‮ ‬المنطقة حاليا ومستقبلا‮.‬
وقرار التقسيم هو قرار مدروس ولد من رحم الهزيمة الامريكية في‮ ‬بلاد الرافدين بعد ان كان مشعلو الحرب والقائمون باحتلال العراق‮ ‬يتصورون انها ستكون حربا خاطفة وانها سوف لن تستمر اكثر من بضعة ايام او بضعة شهور على الاكثر خاصة بعد الخلاص من الرئيس العراقي‮ ‬السابق صدام حسين حيث تصوروا انهم بتنفيذ الحكم باعدامه سينتهي‮ ‬العنف وسينتهي‮ ‬الصراع وتتوقف معارضة الوجود الامريكي‮ ‬المحتل‮.‬
وقد شجع صانعو هذا القرار وواضعوه الاقتتال الطائفي‮ ‬القائم والمستمر في‮ ‬العراق خاصة بين الطائفتين الشيعية والسنية واستمرار هذا الاقتتال طيلة فترة الاحتلال التي‮ ‬ستنتهي‮ ‬سنتها الرابعة‮.‬
لقد وجد الامريكيون ان خلاصهم من المستنقع العراقي‮ ‬هو تطبيق هذا التقسيم لتفتيت وحدة شعب العراق وهو ما اشارت اليه كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية حين جاءت الى المنطقة ابان الحرب الاسرائيلية اللبنانية التي‮ ‬اظهرت فيها المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله في‮ ‬الجنوب اللبناني‮ ‬بسالة فائقة وشراسة اذهلت العدو الصهيوني‮ ‬وكبدته هزيمة لم‮ ‬يألفها في‮ ‬حروبه ضد العرب السابقة‮.. ‬كونداليزا رايس وقفت في‮ ‬اسرائيل واعلنت بصوت حالم‮.. ‬انني‮ ‬ارى ولادة شرق اوسط جديد‮.. ‬وهذا ما عنته هو العمل على تفتيته وتقسيمه قبل ان تقوم له قائمة بعد ان رأت بسالة المقاومة اللبنانية وذاق جنود بلادها في‮ ‬العراق كؤوس الموت وبشكل‮ ‬يومي‮ ‬فاذا كان الشرق الاوسط وهو ضعيف ومفكك بهذه القوة فكيف سيكون لو اتحد واصبح قوة موحدة فاعلة‮.‬
والحقيقة التي‮ ‬يجب ان تتضح ان الولايات المتحدة الامريكية سواء كان سيحكمها جمهوريون او ديموقراطيون لا‮ ‬يمكن ان تضمر لنا الا الضعف والتراخي‮ ‬والاعتماد الكلي‮ ‬على الغرب وعليها لان في‮ ‬وحدتنا وقوتنا خطر على الكيان المسخ الصهيوني‮.‬
ونحن الان في‮ ‬قمة ضعفنا وهواننا لان قرارا من هذا النوع‮ ‬يصدر من الكونجرس الامريكي‮ ‬الذي‮ ‬يهب ما لا‮ ‬يملك ويتصرف في‮ ‬غير حقه هذا القرار ثم‮ ‬يصدر رد فعل عربي‮ ‬مناسب وفي‮ ‬حجمه من الدول العربية او الجامعة العربية او التجمع الاسلامي‮ ‬الكبير وكان الامر لا‮ ‬يعنينا ولا علاقة له بنا واننا اكتفينا بالعبارة التي‮ ‬الحقت بالقرار وهي‮ ‬بانه قرار‮ ‬غير ملزم‮.‬
بيان بسيط صدر من الامين العام لمجلس التعاون وكفى‮.. ‬بينما‮ ‬يجب علينا ان نقيم الدنيا ولا نقعدها رافضين بشدة ومهددين فالقرار خطير واذا كان قد خص العراق وحده فانه مجرد تجربة لكل الشرق الاوسط في‮ ‬هذا البلد المنكوب بالاحتلال البغيض‮.‬
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
قلعة السفارة الأمريكية في بغداد
سميرة رجب
اخبار الخليج البحرين
اقرأوا هذه المعلومات حول المبنى الجديد للسفارة الأمريكية في بغداد (almalaf.net)، الذي من المتوقع افتتاحه قريباً.. لتتعرفوا على واقع حال العراق بلا سيادة، في ظل الحكم الأمريكي. 1- قالت عنها جين لوفلر، الخبيرة في هندسة السفارات، إنها تشبه قلعة من قلاع الصليبيين «التي انتشرت في الزمن الغابر في منطقة الشرق الاوسط«.. وقال عنها من رآها إنها «قلعة داخل قلعة«، فهي أضخم سفارة في العالم، تقع في المنطقة الخضراء المحصنة بثلاثة اسوار، سور من الجدران الاسمنتية ويليه سور من الاسلاك الشائكة وسور من الأكياس الرملية، في وسط بغداد.
2- مساحتها 104 هكتارات من أرض المنطقة الخضراء وتعد أكبر بستة اضعاف من مجمع الامم المتحدة في نيويورك، وبعشرة اضعاف من السفارة الامريكية الجديدة التي يجري بناؤها في بكين على مساحة 10 هكتارات.. وهي أكبر المقرات الدبلوماسية الامريكية حجما وتحيط بها أسوار عالية من جدران أسمنتية، مطلية باللونين البني والرمادي، جعلتها معزولة عن محيطها تماماً، علماً بأن هذه الأرض كانت تابعة للقصور الرئاسية ولمتنزه عام يؤمه كل العراقيين. 3- تكلفتها حتى الآن 592 مليون دولار، الا ان بعض التخمينات تتوقع زيادة الكلفة عن ذلك بكثير. 4- تكلفة إدارة السفارة بعد انتهاء بنائها تقدّر بحوالي مليار دولار سنوياً. 5- فيها 20 مبنى، منها ستة مجمعات سكنية تضم 619 شقة، ومبنيان للإدارة يتسعان لحوالي 1000 موظف، ومساكن خاصة متميزة للدبلوماسيين رفيعي المستوى.. ويتوافر في مجمع السفارة كل ما يحتاج إليه أفرادها فلن يجدوا الحاجة لمغادرتها، إذ هناك سوق للتبضع، وصالة للسينما، وصالون للتجميل، وملعب رياضي، ومسبح، وساحات للعب التنس، ومدرسة، وناد خاص للمناسبات الاجتماعية. 6- تحقق الاكتفاء الذاتي، فلن تكون بحاجة لأية خدمة من العراقيين لأنها تملك وحدة خاصة بها لتوليد الكهرباء واخرى لتنقية الماء وثالثة للصرف الصحي ومعالجة مياه المجاري، ولها مخازنها الخاصة وورش التصليح والصيانة. 7- رفضت الخارجية الأمريكية أن تنشر صورة السفارة على الموقع الالكتروني للشركة الهندسية التي تولت بناءها. 8- ولحماية كل هذه المباني يمتد جدار يرتفع إلى 9 أقدام يحيط بالمجمع إحاطة السوار بالمعصم. وستكون للجدار قوة دفاعية خاصة من جنود المارينز ومسلحين منتشرين خلف المتاريس الاسمنتية. 9- يقول ادوارد بيك، السفير الأمريكي السابق في العراق، إن «السفارة ستضم ألف شخص معزولين خلف أكياس الرمل، ولا ادري كيف يمكنك ان تمارس الدبلوماسية بهذه الطريقة«. وجّه محللون سياسيون الكثير من الانتقادات للسفارة، التي اعتبروها رمزاً للعزلة الأمريكية، وإشارة إلى الثقة الأمريكية الضعيفة بمستقبل العراق، ولكننا نختصر كل تلك الانتقادات في تعليق واحد جاء بقلم المهندسة جين لوفلر تقول فيه «إذا كان للعمارة أن تعكس المجتمع الذي أنجبها، فإن السفارة الأمريكية الجديدة في بغداد تقدم تعبيراً بشعاً عن نظرة أمريكا إلى العالم. فعلى الرغم من تكرار الحكومة الأمريكية القول إنها تثق بمستقبل العراق الديمقراطي، فإن تصميم سفارتها في العراق لا يوحي بذرة ثقة لها في العراقيين ولا بأي أمل لديها في مستقبلهم. فهي، بدلا من ذلك، قد شيّدت قلعة لضمان المحافظة على وجود كبير ودائم بوجه عنف متواصل« (العرب اليوم 29/8/2007).. وهذه مقولة أخرى في سلسلة أكاذيب ماكينة الكذب الأمريكية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
مخاطر تقسيم العراق
عبدالله الأيوبي
اخبار الخليج البحرين
بتاريخ 26 سبتمبر الماضي أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 75 صوتاً قراراً، غلف بقصد التمويه والتخفيف من مخاطره، ولخداع أولئك الذين وضعوا كل بيضهم في السلة الأمريكية، غلف بعبارة «غير ملزم« للرئيس الأمريكي وهو القرار الذي يقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مقاطعات فيدرالية: واحدة كردية والثانية سنية والثالثة شيعية، الأمر الذي يؤكد تلك الهواجس التي طالما تحدثنا عنها والتي تشير إلى تبني الإدارات الأمريكية المختلفة سياسة تشجيع النزاعات الطائفية والعرقية المؤدية إلى تقسيم الوطن الواحد إلى كانتونات طائفية أو عرقية على الطريقة العراقية بحيث تتحول هذه الدول إلى ما يشبه المناطق الهجينة تديرها الولايات المتحدة الأمريكية وفق مصالحها الاقتصادية والسياسية.
هذه السياسة الأمريكية الخطرة التي هي ثابتة في عقيدة المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين تؤكدها نتائج التصويت على الاقتراح الخطر القاضي بتقسيم العراق حيث نال الاقتراح موافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أي اتفاق النخبة الأمريكية الحاكمة بحزبيها الجمهوري والديمقراطي على ضرورة تبني هذه السياسة من أجل الحفاظ على المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة حتى لو أدى ذلك إلى تدمير العراق وتعريض شعوب المنطقة لمخاطر من الصعب توقع حجم أضرارها المدمرة. فخطة مجلس الشيوخ الأمريكي فيما يتعلق بالشأن العراقي تؤكد حقيقة اتفاق الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن توحيد الموقف السياسي من القضية العراقية حين يتعلق الأمر بالمصالح الاستراتيجية الأمريكية من دون أي اكتراث بمصالح الآخرين، فتقسيم العراق الذي رفضته غالبية القوى السياسية الفاعلة في المجتمع العراقي يخدم مصالح أمريكا على حساب مصالح الشعب العراقي ومصالح الأمة العربية، لكن مصالح شعوبنا لم تكن يوما من الأيام على أجندة السياسة الأمريكية، بل على العكس من ذلك فإن سياسة أمريكا في المنطقة العربية وفي غيرها من المناطق تتعارض مع مصالح الشعوب باستمرار. لقد نشطت السياسة العدوانية والتفتيتية للولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يشكل ما يشبه السد في وجه المخططات الإمبريالية وحليفا قويا لنضال الشعوب ضد هذه السياسة، ساهم في تشجيعها واندفاعها، وتحديدا في منطقتنا العربية، غياب الديمقراطية وممارسات الأنظمة الدكتاتورية، كحالة العراق خلال حكم صدام حسين حيث تسبب بجريمة غزو دولة الكويت عام 1990م في فتح المنطقة على مصراعيها أمام الوجود العسكري الأمريكي المكثف واتخذت منها الولايات المتحدة الأمريكية منفذا للشروع في تنفيذ سياسة التفتيت التي رسمتها للمنطقة بدءا من العراق. رغم خطورة قرار مجلس الشيوخ الأمريكي فإن ردود الفعل العربية الرسمية بالدرجة الأولى، لم ترتق إلى مستوى الحدث وخطورته، فالدول العربية تقع في خطأ كبير إن هي وثقت بالموقف «الرسمي« الأمريكي الذي «رفض« اقتراح تقسيم العراق باعتباره قرارا غير «ملزم« لإدارة الرئيس جورج بوش، فالعبرة ليست في موقف هذه الإدارة أو غيرها من الإدارات التي ستليها من مثل هذه القرارات غير «الملزمة« وإنما العبرة في وجود توجه رسمي أمريكي لترجمة مثل هذه القرارات إلى واقع كلما سنحت الظروف الموضوعية بذلك. ثم ان واضعي هذا القرار الذي يعبر عن استخفاف أمريكي صريح بسيادة الدول واستقلالها، أقروه وبهذه النسبة العالية وهم يعرفون أن إدارة الرئيس بوش لن تأخذ به الآن حيث الظروف لم تنضج بعد لتقسيم العراق أو غيره من الدول العربية الموضوعة على مشرحة التفتيت الأمريكية، ولكن القرار بحد ذاته، وهذا يدركه مهندسوه بدقة، من شأنه أن يشجع قوى عراقية ذات توجهات طائفية وتجزيئية وانفصالية على تحريك ملف التقسيم الذي راود مخيلة بعض قادتها، مثل الحكيم وأطراف كردية أخرى. إذًا فخطورة القرار من عدمه لا تكمن في مدى إلزاميته للإدارة الأمريكية من عدمه وإنما في مضمون الرسالة التي يحملها ومدى القدرة على تحريك النزعة الانفصالية والتجزيئية في العراق والطائفية، حتى الآن يمكن القول: إن تماسك النسيج الوطني العراقي شكل عقبة كأداء أمام مثل هذه التوجهات من داخل العراق وخارجه، ولكن القوى الطائفية والتكفيرية تؤدي دورا مساعدا على تنفيذ التوجه التفتيتي الأمريكي من خلال أعمالها الإجرامية التي تستهدف تمزيق هذا النسيج الذي بقي صامدا رغم كل الطعنات التي تعرض لها على مدى أكثر من أربع سنوات منذ أن نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ جريمة غزو العراق واحتلاله وتحويله إلى مرتع تعيث فيه القوى التكفيرية والطائفية والإرهابية قتلا وتدميرا تستكمل به ما جلبته أمريكا من خراب إلى العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
أبناؤنا وقود لحروب الآخرين
افتتاحية
الجزيرة السعودية
في زمن التبست فيه الأمور يتعين على الجميع التوقف والتأمل فيما يحدث في منطقتنا وبين ظهرانينا، فهناك الافتئات على أمور شرعية خضعت لتفسيرات ذاتية خاطئة وعلى هذا الخطأ تم بناء ما يسوغ الجهاد تحت دعاوى زائفة، وانساق الكثيرون من الشباب وراء هذه الدعاوى الواهية لينخرطوا فيما ظنوا أنه جهاد ومن بين هؤلاء بعض من شبابنا الذين استهوتهم تلك الأمور فسيقوا وحداناً وزرافات تحت رايات متعددة ليلقوا حتفهم فيما ظنوا أنه قتال في سبيل الله.
لقد أصبح العديدون وقوداً لحروب يخوضها البعض في الجوار، ونشير تحديداً إلى ما يحدث في العراق وما حدث في لبنان وفي غيرها، فقد وجد نفر من السعوديين الشبان أنفسهم يخوضون قتالاً ضارياً باسم الجهاد في مخيم نهر البارد في لبنان تحت امرة فئة مارقة باغية حولت المخيم إلى انقاض وشردت أهله، وللأسف فقد كان أبناؤنا المغرر بهم بين هؤلاء القتلة، وبعضهم اعتقد أنه سيتوجه إلى العراق لكنه وجد نفسه في مواجهة أبناء جلدته من بني الإسلام وفي مواجهة الجيش اللبناني فيما قالوا إنه سيقاتل الأمريكيين أو غيرهم ممن يحارب على أرض العراق.
تحذير سماحة المفتى الأخير فيه تذكير مهم بكل ما يتصل بالجهاد، ولعل من أهم ذلك أن الجهاد أمر معقود إلى ولي الأمر فهو الذي يأمر به وهو الذي يعد عدته، ومن ثم فإن خروج هؤلاء الشباب بالطريقة التي يفعلونها واستجابة لنداءات من آخرين لا علاقة لهم بهؤلاء الشباب من جهة المسؤولية عليهم إنما يعد عصياناً واضحاً لولاتهم وعلمائهم وفي ذلك إخلال كبير بالتشريعات وافتئات على أمر هو من مقومات ديننا الحنيف، كما أنه لا يحتمل الاجتهادات السياسية المرتجلة أو التي تنبني على الحاجات الآنية والتي لا تعتمد على أساس قوي.
ولا شك أن خروج شبابنا استجابة لنداءات واهية والقتال تحت رايات غير واضحة يجلب كل أنواع الشرور للمملكة، ويشوه صورتها أمام الآخرين، في الوقت الذي تجهد فيه بلادنا على حلحلة مشاكل المنطقة وقد كان ولا يزال لها القدح المعلى في التقدم بمبادرات فاعلة في تسوية المصاعب القائمة سواء كان ذلك في فلسطين أو لبنان أو العراق.
ويسوء هذه البلاد كثيراً أن تتحمل هذه الأخطاء التي يقدم عليها شباب لم يبلغوا بعد درجة من العلم يميزون به بين الحق والباطل ويأتي آخرون ليستغلونهم ويتخذونهم وقوداً لحروبهم وأغراضهم تحت دعاوى الجهاد وتحت مختلف المسوغات التي يتعمدون خلطها بكل ما هو إسلامي ليسهل عليهم التغرير بهؤلاء الشباب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
التقسيم : حدود آمنة لإسرائيل ونفط آمن لأمريكا
د. عصام نعمان
القبس بريطانيا
الأمن هاجس إسرائيل المزمن. النفط هاجس أمريكا المقلق. إسرائيل حاولت وتحاول ضمان أمنها بتفكيك وحدة محيطها الجغرافي والسياسي لتوسيع رقعة استيطانها الديموغرافي والإستراتيجي. منذ أيام بن غوريون وشامير وغولدا مئير، اشترطت إسرائيل لمصالحة العرب حدوداً آمنة معهم. الحدود الآمنة ليست جبالاً وودياناً ولا حتي جداراً فاصلاً.
إنها حزام من جمهوريات موز هزيلة مركّبة علي أساس اثني أو قبلي أو طائفي أو مذهبي، تزنّر به إسرائيل نفسها علي امتداد المشرق العربي، من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلي الساحل الشمالي للخليج العربي ـ الفارسي.
الولايات المتحدة الأمريكية حاولت وتحاول ضمان أمنها النفطي بتعميم حضورها السياسي والعسكري علي امتداد القارة العربية من اجل وضع اليد علي منابع النفط ووسائل استخراجه ومصباته وخطوط نقله وتسعيره وتسويقه وتدوير عائداته.
التخطيط الأمريكي والإسرائيلي تقاطعا وتكاملا في مخططات مشتركة، أو علي الأقل منسّقة، لضمان مصالحهما العليا من خلال تحقيق الأغراض الاسترتيجية الآتية :
أولا، تفكيك الدول الموحّدة Unitary States في المنطقة وتحويلها كياناتٍ اثنية وقبلية ومذهبية متناحرة وبالتالي عاجزة عن تشكيل قوة سياسية وعسكرية مؤثرة.
ثانيا، استثارة الأقليات بمختلف أنواعها وتصنيفاتها ومواقع وجودها وانتشارها ودعمها سياسياً وعسكريا، سراً وعلناً، لتبقي في حال اشتباك دائم مع السلطات المركزية في الكيانات السياسية المصطنعة من اجل تدويم حاجة هذه الكيانات إلي حماية أمنية أمريكية وربما إسرائيلية أيضا.
ثالثا، تعميم الحروب المتنقلة داخل الكيانات المصطنعة والمستحدثة وفيما بينها علي امتداد القارة العربية.
رابعا، ضمان الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية علي القارة العربية المفككة بإطالة أمد الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين والاحتلال الأمريكي للعراق، وبإقامة سلسلة من القواعد العسكرية في دول عربية ذات مواقع مفتاحية.
خامسا، نزع النفط والغاز من ملكية القطاع العام في البلدان العربية المنتجة لهما وذلك بخصخصتهما (تخصيصهما) أي بنقل ملكيتهما الي القطاع الخاص وبالتالي إلي سيطرة شركات النفط والغاز الأمريكية أو المتعددة الجنسية، وتدوير مردودهما وعائداتهما لتصبّ جميعا في الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية بغية السيطرة علي عمليات الإقراض والتمويل والتثمير والاستثمار والتنمية المحلية والإقليمية.
في هذا الإطار يمكن تفسير قرار مجلس الشيوخ الأمريكي القاضي بتقسيم العراق الي ثلاثة كيانات اثنية ومذهبية متمايزة بغالبية 75 صوتاً مقابل 23. صحيح ان راعي القرار السناتور الديمقراطي والمرشح الرئاسي جوزف بيدن قدّمه علي انه المفتاح السياسـي الذي سيتيح انسحاب القوات الأمريكية من العراق وتفادي انتشار الفوضي فيه، إلا ان تصويت نحو 25 سناتوراً جمهورياً الي جانبه يدل بوضوح علي انه جزء من خطة يعتمدها الحزبان الحاكم والمعارض من اجل تحقيق غايتين : وقف تصاعد الإنفاق علـي الحرب الذي لامس مبلغ 650 مليار دولار في مدي أربع سنوات، وضمان هيمنة الولايات المتحدة علي العراق وبالتالي علي بقية أنحاء القارة العربية.
هكذا يتضح ان المخطط الأوروبي الأمريكي الصهيوني القديم ـ الجديد ما زال قيد التنفيذ. جوهر المخطط الحؤول بالقوة دون قيام قوة إقليمية مركزية في البرزخ الممتد بين الساحل الشرقي للبحر المتوسط والساحل الشمالي للخليج العربي ـ الفارسي. في هذا السياق كان جري تفكيك الإمبراطورية العثمانية وتقسيمها الي كيانات متعددة في الربع الاول من القرن الماضي، كما جري فصل الجمهورية العربية المتحدة، وحدة مصر وسورية، في النصف الثاني منه، واحتلال العراق في مطلع القرن الحالي. ويبدو انه في السياق نفسه يجري الإعداد في الوقت الحاضر لضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي قوة إقليمية مركزية متكاملة وقادرة، بسلاح نووي او من دونه، علي تهديد مصالح أمريكا النفطية وردع إسرائيل ولجم مخططاتها التوسعية.
في مواجهة هذا الخطر الماثل، ما العمل؟
لا أمل يرتجي من معظم النظم السياسية العربية. ذلك ان بعضها مدين بوجوده وبقائه للولايات المتحدة، وبعضها الآخر إما متواطؤ معها او خائف منها لدرجة تنعدم إزاءها او تكاد أي إمكانية لمواجهة الخطر الزاحف.
لا بدّ، والحال هذه، من التوجه نحو القوي الوطنية العربية الحية في مختلف الأوساط والشرائح القيادية والشعبية لبناء أوسع الجبهات المحلية والإقليمية والقومية بغية مواجهة المخطط الإمبراطوري الأمريكي الصهيوني. الحق ان شريحةً واسعة من القوي الوطنية الحية كانت قد تحملّت مسؤولياتها وباشرت مقاومتها الميدانية والمدنية في فلسطين ولبنان والعراق وأصابت أحيانا، كما المقاومة اللبنانية، نجاحاً لافتاً في دحر العدو. ومع ذلك فإن ثمة حاجة ملحة لسدّ نواقص العمل المقاوم وترفيع فعاليته وتوسيع رقعة نشاطه. كيف؟ بالتنسيق الدؤوب المثابر بين مختلف أجنحته وأذرعته في سياق جهود موصولة لتوليف جبهات محلية وإقليمية وقومية فاعلة، وبتوسيع دوائر الإشتباك مع العدو وتزخيمه في كل الساحات وعلي جميع نقاط المواجهة وفي عمق الخطوط الخلفية.
علي المستوي نفسه من الأهمية تبرز ضرورة تدعيم التحالف الاستراتيجي القائم بين سوريا وإيران والمقاومة المعقودة اللواء لحزب الله في لبنان ولحركة حماس في فلسطين المحتلة وحماية اطرافه سياسياً بالعمل الشعبي، وترفيع فعاليته القتالية بالتعاهد العلني القاطع أمام الأمة جمعاء علي اعتبار كل اعتداء أو حربٍ تُشن علي أيّ من أطراف هذا التحالف الاستراتيجي يشكّل اعتداء او حرباً علي أطراف التحالف جميعاً ما يستوجب رداً متناسقاً ومتكاملاً وفاعلاً في نطاق كلٍ منها وعلي مستوي المنطقة كلها، مع إمكانية توسيع دوائر الإشتباك لتشمل ساحات وميادين ومجالات في العالم الأوسع.
إن المشروع الإمبراطوري الأمريكي الصهيوني تحدٍّ بالغ الخطورة للعالم العربي والإسلامي برمته وذو طابع مصيري، ومن شأن مفاعيل الصراع الذي يكتنفه ان تقرر مستقبل المنطقة والقارة العربية لعقود وربما لأجيال قادمة. من هنا تنبع ضرورة ارتفاع الجميع علي الصعيدين الرسمي والشعبي، السياسي والعلمي، الي مستوي التحدي الخطير الماثل. ذلك ان نجاح الشعوب والقوي والقيادات المستهدفة في توفير وحدةٍ وتعبئة ومقاومة فاعلة وشاملة في مواجهته سيشكّل بالتأكيد قوةً رادعةً ضد العدو قد تحمله علي إعادة النظر بخيار شن حربٍ مدمرة ومكلفة لأطراف الصراع كما للعالم كله.
أليس تفادي الحرب إنجازاً تاريخياً بحدّ ذاته؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
اتعظوا مما يحدث في العراق!
عبد المنعم ابراهيم
اخبار الخليج البحرين
قرار مجلس الشيوخ الأمريكي القاضي بتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات (شيعية، سنية، كردية) هو بداية خريطة الطريق لتقسيم الدول العربية، بل والشرق الأوسط ككل، ويبدو أن أصحاب القرار السياسي في (واشنطون) لا يكتفون بارتكاب خطأ احتلال العراق وتحويله إلى أرض مباحة للمليشيات المسلحة، بل يريدون حاليا أن يمزقوا الجسد العراقي إلى دول طائفية وعرقية، بينما لم يكن العراق يعرف هذه الفروق سابقاً، فقد كان الشيعي والسني والكردي والمسيحي يتعايشون فيما بينهم في بيوت متجاورة، وكلهم منخرطون في الأجهزة الرسمية للدولة، ويخدمون العراق بلا حدود..
يخدمون في المستشفيات والمدارس والجامعات والمصانع والفنادق وفي الجيش والشرطة وفي المتاجر بلا تفرقة، ولا تعرف هوية كل مواطن عراقي أكان شيعيا أو سنيا أو كرديا أو مسيحيا، لكن ما إن سقط النظام السابق ودخلت قوات التحالف العراق حتى ظهرت التمايزات الطائفية والعرقية، ودخلنا جنون الاقتتال الطائفي والتهجير السكاني والنزوح خارج المناطق التي كانوا يعيشون فيها منذ مئات السنين.. والآن يأتي مجلس الشيوخ الأمريكي لكي يكرس هذه الانقسامات في كيانات سياسية منفصلة مثلما حدث في البوسنة والقرن الإفريقي. وهذه التوجهات نحو التقسيم لا تقتصر على العراق وحده، بل هناك توجهات مشابهة لتقسيم السعودية ودول الخليج العربي وإيران.. وهذا المخطط إذا لم يتم الانتباه إليه والحذر منه فإنه سوف يمزق الوطن العربي إلى دويلات طائفية صغيرة. ولاحظوا المخطط كيف بدأ في العراق.. في البداية بدأوا بالتركيز على الفروق المذهبية، ثم صهروها في أحزاب سياسية، ثم دخلوا (انتخابات) على أساس مذهبي وعرقي، ثم شكلوا حكومات طائفية، ثم فتحوا الطريق للمليشيات المسلحة لكي تتقاتل على الهوية المذهبية، وسالت الدماء في الشوارع والأضرحة والمساجد والأسواق.. وحين يئس الجميع اقترحوا عليهم تقسيم العراق إلى كيانات عرقية! وعلينا أن ننتبه في البحرين إلى خطورة حدوث مثل هذا السيناريو الخطير، فهم يثيرون الحساسيات والفروق والتمايزات بين الشيعة والسنة، ثم يتم تحويلها إلى أحزاب سياسية (طائفية)! وإلى انتخابات نيابية (طائفية)! فقط شاهدوا ما يحدث في العراق واتعظوا يا أهل الديرة!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
لماذا لا يُقسّم العراق؟
عادل بن زيد الطريفي
الرياض السعودية
مشروع بايدن قد يفشل حتى لو فرضته أي إدارة أمريكية قادمة، ليس لأنه يضر بمصالح دول الجوار، أو لأنه يقضي على ترابط النسيج الاجتماعي العراقي كما يقول المعارضون له، بل لأن الولايات المتحدة لن تستطيع فرضه
*دعوني أعترف لكم بأنني لا أملك إجابة عن هذا السؤال، ولكنني في المقابل غير متحمس للطروحات التي يتم تداولها حالياً.
منذ تنامي أعمال العنف نهاية 2003بعد سقوط نظام البعث وموضوع تقسيم العراق مطروح على طاولة النقاش. في البداية جاء الأكراد بفكرة الفيدرالية، واقترح بعض السياسيين الشيعة نظام الأقاليم، فيما غرق السنة في انقسام فيما بينهم ومع الآخرين. ومع ظهور الجدل حول الدستور عاد موضوع الفيدرالية إلى الواجهة، واستطاع الأكراد تمرير صيغة تمكنهم من مزاولة هذا الحق، وتعطي الآخرين فرصتهم كذلك. طبعاً، صيغ التقسيم التي طرحت كثيرة، فهناك فكرة "الدويلات الثلاث" - وهي ليست بدعاً في تاريخ المنطقة -، ثم طرحت مسألة "التقسيم الناعم" - (Soft Partition) - والذي يقضي بتقسيم البلد إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية مستقلة على أساس طائفي، ثم طرحت فكرة الفدرالية الاتحادية والتي تقضي بتقسيم البلد جغرافياً بحث تمتلك كل ثلاث محافظات حق إنشاء إقليم خاص بها، وهناك طروحات أخرى بيد أن ما ذكرت تبقى الأفكار الأكثر مناقشة.
خلال الأسبوع الماضي أثار تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي - بأغلبية كبيرة - لصالح مشروع السيناتور جوزيف بايدن ردود فعل كبيرة في المنطقة، لاسيما في العراق حيث سارعت كثير من القوى الشيعية والسنية إلى رفض القرار - رغم كونه غير ملزم -، ولكن كانت المفارقة أن رئاسة إقليم كردستان العراق رحبت بالقرار واعتبرته خياراً مرغوباً فيه فيما كرر مسعود بارزاني رئيس الإقليم مطالبه بشأن كركوك، وقال : (إن القيادة الكردية ليست مستعدة لإرجاء تنفيذ المادة 140من الدستور بشأن كركوك عن موعدها المحدد ولو لدقيقة واحدة).
مشروع السيناتور بايدن - أو "بايدن/جلب" كما هو مشهور - ليس جديداً، فقد طرح في مايو 2006، واعتبر خياراً ثالثاً ما بين مطلب المعارضين الديمقراطيين الذين يطالبون بالانسحاب وتوجه الإدارة الأمريكية الحالي الذي يركز على ضرورة الحل الأمني والسياسي للأزمة. وقد أشرت لهذا المشروع عدة مرات فيما سبق، ولكن لا بأس من إعادة الحديث عنه هنا.
المشروع يتكون من خمس نقاط: الأولى، تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية كبيرة على أساس طائفي وعرقي بين الأكراد، والسنة، والشيعة. ثانياً، توزيع الثروات - وبالخصوص النفطية - بحسب تعداد كل إقليم، وهنا يشدد المشروع على إعطاء السنة 20% من عائدات النفط - وهو بالمناسبة أمر لم يحصلوا عليه حتى في زمن صدام حسين - . ثالثاً، ربط المساعدات الأمريكية وأموال إعادة الإعمار بضمان حقوق الأقليات والمرأة. رابعاً، تأكيد وحدة أراضي العراق عبر وصاية مجلس الأمن وإرغام دول الجوار على تقديم تعهدات باحترام السيادة العراقية على كامل الأرض والحدود. خامساً، تخفيض عدد القوات الأمريكية إلى عشرين ألفاً بغرض مكافحة القاعدة وتأمين حماية الحكومة المركزية ضد أي انقلاب عسكري أو اعتداءات داخلية وخارجية.
هل مشروع التقسيم في صالح العراق أم لا؟
بداية، أظن أن القضية الرئيسية ليست فيما إذا كان التقسيم يقوض صورة العراق التاريخية - عروبياً -، أو يتعارض مع تاريخ العيش المشترك بين الطوائف، أو حتى فيما إذا كان يضر بمصالح دول الجوار. برأيي أن ما يهم هنا هي مسألة إذا ما كان التقسيم ممكن التطبيق أم لا، وإذا كان بوسعه فعلاً حل الاقتتال الراهن بين الطوائف.
قضية دعم استقلال كيانات جديدة أو رفضها كانت مطروحة ولا تزال منذ بداية القرن الماضي، والمفارقة أن أغلبية القوى اليسارية والليبرالية قد ساندت هذا المطلب ضد القوى الإمبريالية، ففي ذات الوقت الذي أصدر فيه لينين رسالته "حق الأمم في تقرير المصير" (1914) كان الرئيس الأمريكي ويدرو ويلسون يطور أفكاره بهذا الخصوص حتى استطاع تقديمها بثوبها الليبرالي/الرأسمالي في نقاطه الأربع عشرة الشهيرة أمام الكونغرس الأمريكي (1918) قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى. وخلال القرن الماضي غرق العالم في هذه القضية، فالمعسكر الشرقي يدعم الدول التي في صالحه انفصالها، بينما يعارض المعسكر الغربي الدول التي يخشى اصطفافها في المعسكر الآخر، والنتيجة أن تعداد دول العالم قفز من 51في 1945إلى 191منتصف 2007ودعونا نكن صرحاء، هناك دول في منطقتنا ما كان لها أن تحصل على الاستقلال لولا مساندة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أو الاتحاد السوفياتي. نفس الشيء ينطبق على العراق، ففي العشرينيات لم يكن العراق إلا مجموعة أقاليم تركية لا جامع لها، وحينما قرر البريطانيون تكوين دولة من البصرة وبغداد والموصل وجدوا معارضة مسلحة كبيرة في الجنوب واضطروا إلى إعادة رسم الحدود عدة مرات قبل أن يلجأوا لخيار الوحدة تحت الحكم الملكي.
برأيي، أن رفض أو قبول مشروع الكونغرس الأخير يجب أن يكون لأسباب علمية وموضوعية. صحيح، أنه لا ثوابت في السياسة، ولكن على الأقل نحتاج إلى رأي مقنع غير تلك الآراء الرافضة بإجمال للمشروع فقط لأنه يقتص من مصالحها الطائفية. إن من غير المقبول إطلاقاً أن لا يقوم الساسة العراقيون بأي مصالحة سياسية أو طائفية، - أو بمعنى آخر لا يقومون بشيء غير تعزيز الطائفية والوقوف وراء ميليشيات الموت -، ثم يرفضون أية محاولة أمريكية لحل الأزمة. هل من المعقول أن يستمر الوضع هكذا؟ إذا كانت الحكومة العراقية جادة في مسألة المحافظة على وحدة العراق فلماذا لا تختار المصالحة بدل استهداف القوى المعتدلة والعلمانية سنياً وشيعياً.
مشروع بايدن - وهو ليس بمشروع تقسيم كما يوصف - مثالي تماماً، ويجب أن لا يستبعد من قائمة الخيارات المطروحة. ولكن رغم هذا فإنه خطير ليس بسبب أنه قام على التقسيم الطائفي والعرقي - فنماذج ذلك كثيرة من جامو وكشمير مروراً بالجزيرة القبرصية وانتهاء بالبوسنة -، ولكن مصدر خطورته أن الوضع السياسي في العراق لا يحتمل تجارب أخرى. صحيح، أن تجربة البوسنة حاضرة في أذهان المشرعين في الكونغرس الأمريكي، ولكن عليهم أن يتذكروا أن اتفاقية "دايتون" فرضت دولياً على أطراف النزاع، وأنها ما كانت لتتم لولا أن متطرفي صرب البوسنة بدأوا يتكبدون ذات الخسائر العسكرية بعد أن مارسوا سنتين صنوف الإبادة الجماعية لغيرهم من الأقليات.
حالياً، لدينا حكومة عراقية - يتحكم في قرارها بعدها الطائفي - فهي تؤجل المصالحة مع السنة وتفرض المزيد من العزلة بين الطوائف، ورغم أنها ترفض مشروع القرار الأمريكي اليوم إلا أنها قد تقبل به إذا فرض، ولكن من قال إن الشيعة أو الأكراد سيقبلون بإعطاء السنة 20% بالمائة من عائدات النفط.
مشروع بايدن قد يفشل حتى لو فرضته أي إدارة أمريكية قادمة، ليس لأنه يضر بمصالح دول الجوار، أو لأنه يقضي على ترابط النسيج الاجتماعي العراقي كما يقول المعارضون له، بل لأن الولايات المتحدة لن تستطيع فرضه على الشيعة أو الأكراد قبل السنة. إذا كانت إدارة الرئيس بوش قد عجزت عن فرض أبسط المطالب الثلاثة (وهي المصالحة، والنفط، والفيدرالية) على حكومتين متتاليتين بأغلبية شيعية (أصولية) فكيف إذاً يعتقدون قدرتهم على عزل 27مليون عراقي في ثلاثة أقاليم. هنا، على الأمريكيين أن يتذكروا جيداً تجربة بريطانيا العظمى في الهند، فحين أعطي السير راديكلف عام 1947مهلة خمسة أسابيع لتقسيم حدود الهند الجديدة اندلعت أعمال عنف وإبادة طائفية وعرقية في كافة أرجاء الهند، وقف خلفها قادة متطرفون لضمان تحقيق الأكثرية في كل إقليم عبر تصفية الأقلية وتهجيرها، وهذا اليوم يحصل في العراق كل يوم فكيف إذا أعطى السفير كروكر مهلة مماثلة لتقسيم العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
الشرق الأوسط.. مؤتمر لـ «السلام» وحرب بالعراق
د. ألون بن مئير
يبدو أن مؤتمر الشرق الأوسط للسلام الذي اقترحته إدارة بوش قد لا يعقد قبل شهر نوفمبر 2007، وهو وقت طويل نسبياً منذ الآن بالنظر الى تصاعد حدّة الأزمة في المنطقة، وبالأخص الوضع المتردي جداً في العراق والنزاع الذي يتعمّق أكثر فأكثر بين فتح وحماس. إن عقد مثل هذا المؤتمر خلال فترة الاضطرابات الحالية قد يعرّض أية آمال للخطر للتوصل حتى الى نجاح متواضع، هذا إلاّ إذا تخلّت الإدارة الأميركية عن سياساتها الفاشلة واحتضنت المبادرة العربية وجعلت جميع المشاركين يتعهدون مقدّماً بقائمة من المبادئ يتمّ التفاوض حولها.
الكلّ يعلم بأن لمشاركة المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر أهمية قصوى. غير أن أهمية المشاركة السعودية أكبر من ذلك بكثير لأنها ستضفي اعتماداً أكبر على المؤتمر وعلى أية تعهدات تخرج عنه. وحتى الأبعد من ذلك، فالسعودية هي صائغة المبادرة العربية التي تدعو إسرائيل لإعادة الأراضي التي احتلتها عام 1967 مقابل سلام شامل. وتعتبر المبادرة العربية حاسمة لأنها تماماً شيء خاصّ فريد من نوعه: إنها عربية. هي ليست خارطة طريق أميركية الصنع، وليست خارطة وضعها كلينتون، كما وهي ليست أي اقتراح سلام آخر قادم من خارج الشرق الأوسط. ولأن السعوديين هم صائغو المبادرة فإن حضورهم المؤتمر سيحدث على الأرجح تأييداً عربياً شعبياً أوسع مما قد يجذبه المؤتمر بدونهم. هذا هو السبب لضرورة أن تقوم الإدارة الأميركية باحتضان المبادرة العربية بصورة رسميّة، فهي بذلك لن تعطي السعوديين فقط سبباً مجبراً للمشاركة في المؤتمر، بل وستفتح لهم المجال أيضا للقيام بدور رياديّ في عملية السلام. إن الحضور السعودي للمؤتمر ضروريّ أيضاً لأنه بدون الإرادة العربية الجماعية كما هي معلنة في المبادرة والتغطية التي توفّرها لن يفلح أي جهد في التغلّب على المخاطر ولن تؤدي أية مفاوضات إلى شيء. ولتمكين الخروج بأية نتيجة إيجابية، يتعيّن على الدول العربية أن تعمل معاً بانسجام، وهو ما يجعل المبادرة أمراً لا بدّ منه.
وبالرغم من أنّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني سيكون مركز اهتمام المؤتمر، غير أنه على الإدارة أن تتأكّد أيضاً أن دولاً أخرى في صراع مع إسرائيل، وهي بالتحديد سوريا ولبنان، متواجدة ويطلب منها أن تعرض مواقفها ومطالبها على المؤتمر. إن سياسة الإدارة تجاه سوريا سياسة فاشلة لأنها أعاقت عملية السلام بدلاً من دعمها في التحرّك إلى الأمام. سوريا هي المفتاح لشرق أوسط يسوده السلام وقد حان الوقت المناسب لإدارة بوش أن تنتقل من سياسة تغيير النظام في دمشق إلى سياسة الإشراك البنّاء مع سوريا. بإمكان الإدارة فقط على طاولة المفاوضات أن تجزم بجديّة عروض سوريا المتكررة للسلام. وليس من غير المحتمل كليّاً أن تتفق دمشق والقدس على إعلان مشترك يقبل مبدأ مبادلة الأراضي بسلام طبيعي حسب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 ويتعهد الطرفان بحلّ سياسيّ لنزاعهما.
ولكن قبل أن يحدث أي شيء من هذا القبيل، يجب على الإدارة الأميركية أن تعطي إسرائيل الضوء الأخضر لسبر المسار السوري، فبدون المشاركة الكاملة لسوريا محكوم على المؤتمر بالفشل منذ البداية.
وكما تبدو الأمور في الوقت الحاضر، حماس لن تشارك في المؤتمر. وفي حين يمكن أن يكون ذلك ذات فائدة للإدارة الأميركية على الأمد القصير لإظهار أنّ الاعتدال يؤتي ثماره بمكافأة محمود عبّاس وتقوية موقفه، غير أنه لا يمكن إقصاء حماس عن الساحة إلى أجل غير مسمّى. وبما أنه من المعطيات أن تقام الدولة الفلسطينية المرتقبة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، فأي إعلان للمبادئ يتم التفاوض عليه بين إسرائيل والفلسطينيين يلزمه أيضا تأييد فلسطيني واسع.
وحيث إنه لا يُتوقّع في وقت قريب جداً أن تقوم حماس بإصلاح نفسها، ومن غير المحتمل أن تموت موتاً طبيعيّاً أو تقطّع أوصالها بالقوّة، بالإمكان فقط تخسيرها التأييد الشعبي إذا تطرّق إعلان المبادئ لقضايا أساسية مثل الحدود وخطة عامة لحلّ مشكلة اللاجئين وخطط حقيقية لتنمية الاقتصاد الفلسطيني.
وبالإجمال يحتاج الفلسطينيون لتآكل موقف حماس أن يروا رؤية حقيقية وملزمة جداً لحلّ الدولتين. وهنا بإمكان المبادرة العربية أن تلعب دوراً مهمّاً بإفهام حماس وبكلّ وضوح بأن السلام مع إسرائيل هو الخيار الحقيقي الوحيد. فإذا انضمّت الدول العربية المعتدلة، حينئذٍ ستُعزل حماس سياسياً إلى حدّ بعيد وستفقد بصورة متزايدة زخمها الجماهيري. ولتوصيل هذه النقطة لحماس في عقر دارها، على الإدارة الأميركية أن تصرّ بأن أي إعلان للمبادئ يجب أن يخضع لاستفتاءٍ شعبي فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ومن ثمَّ تقوم الإدارة بتوفير الوسائل والإمكانيات - بما في ذلك حشد التأييد الدولي - لتنفيذ مثل هذا الاستفتاء مهما كانت الظروف. فإذا قاوم قادة حماس هذا الأمر، فإنهم سيواجهون خسارة. يجب على حماس أن تفهم خياراتها مقدّماً، غير أنّ استفتاء شعبيا من هذا القبيل قد يمنح حماس طريقاً لحفظ ماء وجهها.
قد يأمل المرء بعد حوالي خمسة أعوام من حرب العراق أن تكون الإدارة الأميركية قد تجاوزت أخيراً العبث باعتقادها أنّ بالإمكان حلّ النزاع العربي - الإسرائيلي بإطاحة صدام حسين عن السلطة. وقد يصبح أيضا من المفيد أن يدرك الرئيس أن المؤتمر الذي دعا إليه لن يقدّم شيئاً إذا استمرّ في الاعتماد على السياسات التي لم تحرّك العملية السلمية إلى الأمام. وسترى الأشهر القليلة القادمة عمّا إذا كان الرئيس بوش جادّاً فعلاً في الدفع بعملية السلام العربي - الإسرائيلي إلى الأمام أم أنه يستخدم المؤتمر فقط لصرف انتباه الرأي العام هنا في أميركا وفي الشرق الأوسط عن حرب كارثية تلقي بظلال مشئومة على كامل المنطقة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
حكومة تكنوقراط في العراق؟ ماذا عن إمكانية التطبيق
عدنان الصالحي
اخبار العرب الامارات
المح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي باحتمالية تشكيل حكومة تكنوقراط تحل محل حكومة الوحدة الوطنية التي لم تعد تحمل من الوحدة إلا الاسم بعد الانسحابات المتكررة لعدة وزراء منها بقرار من كتلهم السياسية. وهذه هي المرة الأولى التي يشير فيها المالكي إلى احتمال تشكيل حكومة جديدة في حين تعاني تشكيلته الحالية من عدم الاستقرار بعد انسحابات متكررة لوزراء ينتمون إلى جبهة التوافق السنية والكتلة الصدرية والقائمة العراقية. وتتكون التشكيلة الحالية من 37 وزيرا بينهم ستة وزراء دولة وقد حصلت التوافق على ست حقائب إضافة إلى منصب نائب رئيس الوزراء وحصلت الكتلة الصدرية على مثلهم فيما حازت قائمة علاوي على خمس . من الواضح إن الوضع العراقي في درجة من التعقيد يصل الى حد تشابك الأمور ببعضها البعض ، ومما يزيد الوضع اضطرابا تدخلات أكيدة لدول مجاورة وأخرى إقليمية ترى في وضع العراق مصيدة لوضع الأمريكان في نفق مظلم. أضف الى ذلك الفقدان شبه الكامل للثقة بين أعضاء كتل وأحزاب تسيير العملية السياسية برفع الأيدي أو خفضها، وحكومة اصبحت في درجة من التعب بحيث يتحمل الوزير أعمال وزارة أخرى موكلة إليه نتيجة الانسحابات المتكررة لوزراء في كتل اتخذت قراراها بالابتعاد عن الوزارة الحالية لسبب أو لأخر، أما الوضع الأمني والخدمي هو الاَخر ما أن يخرج من غرفة الإنعاش في منطقة ما إلا ودخلها في أخرى. بين هذا وذاك يجد رئيس الوزراء نفسه في وسط تجاذبات كبيرة فبين التراكم الكبير الذي اشرنا إليه في الساحة العراقية ومحاولة مسك العصا من الوسط مع كلا من الأمريكان والإيرانيين الى مواقف مشحونة مع الكتل السياسية، يبدو إن الرجل يستعد لخوض غمار معركة وزارية جديدة تتمحور فكرتها على (ترشيق) حكومته الحالية بإلغاء عشر وزارات ودمج اثنين حسب تصريح الأستاذ عباس البياتي النائب في الائتلاف العراقي الموحد، ليجعل منها حكومة تكنوقراط تعتمد المهنية والكفاءة (حسب وجهة نظر المالكي) للخروج من مأزق المحاصصة الطائفية التي ابتليت بها الوزارة الأولى التي شكلها تحت مسمى حكومة الوحدة الوطنية والتي تراجع الجميع عن تسميتها في اسمها الأول ليعترف بالمسمى الطائفي. تكنوقراط: هم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا في مجال المهام المنوطه بهم، وهم غالباً غير منتمين للأحزاب، والتكنوقراط كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين (التكنولوجيا: وتعني المعرفة أو العلم، وقراط وهي كلمة إغريقية معناها الحكم، وبذلك يكون معنى تكنوقراط حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة). أما الحكومة التكنوقراطية: هي الحكومة المتخصصة غير الحزبية التي تتجنب الانحياز لموقف أي حزب كان وتستخدم مثل هذه الحكومة في حالة الخلافات السياسية. أو حسب وجهة نظر احد الكتاب فأن حكومة ’’التكنوقراط’’ يراد بها حكومة التقنيين، أو الحكومة التي يحل فيها المتخصص في الصناعات أو التقنية (مثلاً) محل السياسي في أروقة الحكومة (خاصة الوزراء)، وهي في الأغلب حكومة لا ترتبط بالأحزاب أو بالحركات السياسية أو الاتجاهات العامة في السياسة الجديدة، أي حكومة لا علاقة لها بأي توجهات دينية أو سياسية، ولا يميزها إلا كون كادرها الوزاري كادر تقني مبرز في مجال عمله. إذن فقرار المالكي بالتوجه نحو هكذا صوب وان كان متأخر بعض الشيء لكنه لا يخلو من خطوة صحية (إن تمت بالفعل)، لكن الرجل سيحتاج الى الذهاب الى البرلمان على شكل دفعتين في اقل تقدير، سيطلب في الأولى تقليص أو إلغاء الوزارات المعينة والفاصل في ذلك الدستور العراقي وبالتحديد في المادة 83 حيث تنص ’’ينظم بقانون تشكيل الوزارات ووظائفها واختصاصاتها وصلاحيات الوزير’’، وعليه ومن الباب القانوني فان إلغاء الوزارة أو دمجها سيحتاج بالتأكيد الى قانون مقابل اَخر مصادق عليه من قبل مجلس النواب أيضا. أما العودة الثانية سيحتاج فيها الى تشكيلة الحكومة والمصادقة عليها وهنا ستكون المعضلة الحقيقية، فالوزارات التي ستقع تحت طائلة الإلغاء أو الدمج هي بالتأكيد تابعة على ارض الواقع الى إحدى التكتلات البرلمانية أو الأحزاب السياسية وهي نتاج لتوافق سياسي سابق، ومن البديهي جدا أن لا تتخلى تلك الأحزاب عن وزارات تسلمتها بشق الأنفس بعد سباق (مارثوني) سياسي طويل وان حصل ذلك بالفعل فإنها ستطالب بالتأكيد بما تراه مناسبا لتقبل التنازل ولك أن تتصور الحال. هذا من الباب الدستوري والسياسي والعمل ضمن سياق الحوارات، ولكن الهاجس المهم الذي سيضرب بقوة على جدران الحكومة القادمة، هل إنها ستكون تكنوقراط حقيقية؟، أم إنها ستكون مظللة بلون تكنوقراطي؟ رغم محاولات التجميل الحثيثة التي يتفانى البعض في إظهارها للمشهد العراقي لكن الوضع على الأرض يبقى هو السائد وهو الناطق الصريح للحالة السياسية المتشنجة، ومن بين هذا الواقع سيحاول المالكي قدر المستطاع الإبحار بسفينة التكنوقراط من جديد علها تسهم في راب الصدع الحاصل أو دفع تهم الطائفية والنهوض بالبلاد من التخبط الكبير والتدهور الخدماتي، الأمر غير متعلق به تماما وهذا جلي لكل قارئ للساحة العراقية بأفكارها المتعددة وألوانها المختلفة وهو رهن قرارات وتوافقات لا نعتقد إنها ستذهب فجأة في الوقت الحاضر بل قد تأتي فكرة التكنوقراط بإشكاليات وتداخلات كبيرة ستأخذ من الوقت خارج ما يتوقع له، اللهم إلا إذا جرى التوافق مرة أخرى على أسماء ذات أشكال تكنوقراطية ومضامين فئوية، وهنا فان العمل لم يكن سوى تغيير اسم الحكومة وتجميلها، نعم قد لا يتحمل رئيس الوزراء مسؤولية كبيرة عن هكذا وضع ولكن سيبقى هو في الواجهة الأولى في كل فشل سيلحق المحاولة. وعليه فان قضية البدء بحكومة جديدة على أساس الكفاءة والمهنية تحتاج الى قرارات شجاعة وسريعة وبدقة عالية ونراها تتركز في: 1- يعتمد العمل في العمل الحكومي الوزاري في اغلب الأحيان على المستشارين المحيطين بقمة الهرم وهم اللبنة الأولى في أساس النجاح أو الفشل، وهذا ما عانت منه الحكومة الحالية وهو كون أكثر المستشارين المحيطين برئيس الوزراء بحاجة لخبرة أكثر وكفاءة أعلى، وهو بالتحديد الخطأ الأول والرئيس في باقي الأخطاء المترتبة عليه كونهم العين الناظرة والاَذن السامعة لرئيس الوزراء على أساس المتابعة الاختصاصية والمكانية. 2- من المتعارف عليه إن اَليات وعمل الكفاءات المهنية نا طبيعي لمواقع علمية وأكاديمية كمراكز الدراسات والجامعات ومراكز البحوث، فهل يستطيع رئيس الوزراء أن يذهب الى تلك المواقع؟، أو يضع نصب عينيه تلك الثوابت لتكون أساس حكومته القادمة؟ وإذا لم يستطع ذلك هل سيجعل منها رصيد حقيقي له ولوزاراته المستقبلية؟فيما لو كانت تكنوقراط بالفعل. 3- على واقع الحال فان الجميع سيعمل على زج كفاءاته في باب القبول لمناصب الوزارات وهي بالتأكيد ستكون في حقيقة الأمر ذات جذر خفي لبعض التكتلات السياسية وهذا لا يضر مقارنة بمقدار ما سيقدم الوزير مستقبلا (رغم تجربتنا غير الناجحة سابقا مع هكذا نوع) من قدرة على التخلص من النفس الحزبي والتكتل السياسي أثناء أداء مهامه والتخصص المهني، وهنا تثبت قدرة رئيس الوزراء في تحديد مهمة اختبار لكل كفاءة لبيان مدى فاعليته وقدرته على الإبداع أو أدارة الوزارة بمهنية عالية. 4- الخطوة الأخرى التي لا تقل أهمية عن سابقاتها هو الانفتاح على الجميع ولاسيما من هم خارج العملية السياسية أو غير المشتركين في داخل قبة البرلمان وفتح قنوات الحوار معهم وإشراكهم في قضايا الوزارات وهي خطوة كبيرة جدا ذات هدفين، الأول يتلخص بالابتعاد عن الضغط السياسي من داخل قبة البرلمان على الوزارة، والثاني توسيع قضية المشاركة والمصالحة التي تحاول الدولة قدر الإمكان الإسراع فيها إضافة الى توسيع دائرة المشاركة بأكبر نطاق. 5- نرى ومن المهم أن تبدأ الحكومة قبل الشروع بقضية الحكومة المقترحة أن تركز على أهم الأخطاء التي رافقت عمل الوزارات الحالية وتشخيصها كأداء مهني بعيدا عن الصفة السياسية، لتتمكن مستقبلا من وضع الشروط الحقيقية والاحتياج الفعلي في نوع وطبيعة الوزير القادم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
مياه .. سوداء .. مياه بيضاء
شوقي حافظ
الوطن عمان
قرار الكونجرس الاميركي بتقسيم العراق حّول بلاد الرافدين إلى ضيعة أميركية يديرها وكلاء بالانابة عن واشنطن ، وبصدوره ربما تكون المهمة الحقيقية لقوات التحالف قد أنجزت بعد عملية التفكيك وإعادة التركيب ، فما يحدث الآن ليس قتالا بل هو قتل ممنهج لتكريس التقسيم على أساس عرقي ومذهبي ، يقوم به قتلة مأجورون بالانابة عن جنود الولايات المتحدة ، هؤلاء الذين قد ينحصر وجودهم داخل قواعد مغلقة للتدخل عند اللزوم وفرض السياسة الاميركية بالقوة ، بينما تتكفل (بلاك ووتر) ومياه أخرى كدرة بالقتل العشوائي للمدينين وإلصاق التهمة بالقاعدة .
ويبدو أن المياه السوداء ونظيراتها لم تعد كافية ، إذ تتحدث الانباء عن نية البنتاجون توفير (مياه) عربية ومسلمة للقتل بالانابة عنها في افغانستان والعراق ، والثمن بطاقات (جرين كارد) تمنح للمرتزقة الجدد للاقامة في اميركا ، وتحقيق نظرية (فخار يكسّر بعضه) حقنا للدماء الاميركية الثمينة ، بعد ان تم تعميق الخلافات العرقية والمذهبية إلى ان وصلت محطتها قبل الاخيرة بارهاصات ظهور امارات كردستان ، وسنستان وشيعستان ، وكل هذا يصب في مصلحة تأمين تدفق النفط إلى الشرايين الاميركية كهدف حقيقي للغزو كما يقول جورج غالاوي .
قرار الكونجرس والمياه السوداء القاتلة للمدنيين ، نتيجة مباشرة للمياه البيضاء (كاتاراكت) التي أصابت عيون الادارة الاميركية بغشاوة لا تستطيع معها تحديد الاهداف بدقة ، وجعلت طلقات ديك تشيني تصيب صديقه بدلا من أسراب البط ، وهذا العطب البصري مع عمى البصيرة ، دفعا راعي البقر لتوجيه طلقاته في كل اتجاه ، ويبقى القول ان التعصب العرقي والمذهبي هو الذي سمح للمياه السوداء وغيرها من مياه الصرف غير الصحي بالتدفق عبر الارض العراقية ، ولولاه ما جرؤت واشنطن على المقامرة بارسال جيش إلى بلاد الرافدين كما يؤكد كاتب اميركي مرموق .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
تقسيم العراق
فايز سارة
الوطن عمان
عادت فكرة تقسيم العراق إلى الواجهة السياسية إثر القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الإميركي مؤخراً بأغلبية الثلثين بدعوة الحكومة الإميركية إلى تقسيم العراق الى ثلاث فيدراليات كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في الجنوب، على أن يساهم التقسيم في تكريس "التسوية السياسية على أساس فيديرالي" في العراق، وقوبل القرار باعتراضات واسعة في العراق وفي المحيط العربي والدولي فيما جرى الترحيب به بصورة محدودة في مستويات معينة.
وتقسيم العراق ليست فكرة جديدة. فقد ترافقت مع تطورات الأوضاع العراقية بعد حرب عام 2003 وإسقاط النظام البعثي السابق، واحتلال العراق وتوسع الصراع حوله وفيه، مما وسع هوامش معالجة الوضع القائم، وجاءت فكرة التقسيم في سياق تلك المعالجة، لكنها لم تجد لها تأييداً مناسباً، مما جعلها تبعد عن دائرة التنفيذ دون أن يضع حداً نهائياً لها، وهو أمر دفع مجلس الشيوخ إلى اتخاذ قراره الأخير.
وكانت فكرة تقسيم العراق طرحت بداية ثمانينيات القرن العشرين في إطار خطة عامة شاملة لتقسيم دول المنطقة على أساس كيانات عرقية ـ قومية، ودينية ـ طائفية، بحيث تكون إسرائيل الدولة الأكبر والأهم في المنطقة، وطبقاً لتك الخطة التي تحدث عنها الكاتب الإسرائيلي عوديد عينون، ونشرتها مجلة "كيفونيم" الفصلية المغمورة، التي تصدر في القدس المحتتلة، فإن الخطة تضمنت تقسيم لبنان وسوريا والعراق ومصر والسودان والمملكة العربية السعودية، وكان تقسيم العراق مرسوماً على أساس قيام دول ثلاث، كردية في الشمال وعربية سنية في الوسط وعربية شيعية في الجنوب، كل واحدة تناقض الأخرى، مما يعني نهاية العراق الموحد، ودخول الشعب العراقي في صراعات وتناقضات بين مكوناته المتعددة، والتي اعتادت التعايش في حدود العراق الحالي.
واستمدت فكرة تقسيم المنطقة حضورها من تنامي الصراعات التي شهدها لبنان في سنوات الحرب الأهلية، والتي شجعت قوى إقليمية ودولية على التدخل المتعدد الأوجه في لبنان والمنطقة، ومحاولة رسم سيناريوهات المستقبل خاصة في ظل اتساع التدخلات الاسرائيلية العنيفة، التي كان اجتياح لبنان عام 1982، احد اهم محطاتها، وقد جرى دعمه بتدخل غربي مسلح عبرت عنه في ذلك الحين القوات المتعددة الجنسيات التي دخلت لبنان.
لكن التطورات التي شهدها لبنان ولاسيما في أمرين اثنين، أولهما قيام اللبنانيين بدفع الاحتلال نحو الجنوب والذي انتهى لاحقاً بطرد الإسرائيليين من الأراضي اللبنانية، والثاني توجه اللبنانيين نحو إنهاء الحرب الاهلية وصولاً الى توقيع اتفاقية الطائف واستعادة الدولة والمجتمع، أصابت فكرة التقسيم بالانكسار في الواقع اللبناني، لكنها ظلت تجول في أجواء المنطقة بانتظار مناخات جديدة، وفرتها ظروف العراق بعد اجتياح الكويت عام 1990، وما نجم عنها من حرب دولية على العراق وحصار له، ثم فرض المنطقتين الآمنتين في شمال العراق وجنوبه، وكانتا بمثابة إحياء لفكرة تقسيم العراق، والتي تعمقت لاحقاً بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 وما طبقه الاحتلال من سياسات كرست انقسامات اثنية ـ قومية، ودينية ـ طائفية في أجواء من تصعيد العنف الدموي، وعدم الاهتمام الجدي بإيجاد حلول سياسية لمشاكل العراق سواء التي ولدت مع الاحتلال، أو التي جرى توارثها من عهد النظام السابق.
وعودة فكرة تقسيم العراق من خلال قرار مجلس الشيوخ الأميركي، يعني أنها فكرة شديدة الخطر على مستقبل ووحدة العراق، والأساس في خطر الفكرة ما يحيط بها من معطيات، لعل الأبرز فيها ماورد من نص في الدستور العراقي على الفيدرالية، والتي تحاول أطراف عراقية دفعها إلى ماهو ابعد باتجاه إقامة كيانات عراقية مستقلة، وعملياً يمكن اعتبار منطقة كردستان العراق بمثابة كيان مستقل عن بقية العراق، الامر الذي شجع اوساط شيعية فاعلة للمطالبة بإقليم شيعي في الجنوب على غرار ماهو عليه الحال في كردستان العراق، وهو امر اذا تم سيكون في محصلته قيام كيان سني في منطقة الوسط العراق يماثل شقيقيه في الشمال والجنوب.
وباستثناء العوامل والوقائع المحلية، فثمة عوامل ووقائع خارجية، وقد يكون الأهم فيها ما يتصل بالولايات المتحدة، التي تتحكم بقدر كبير بالعراق. في هذا الجانب يمكن القول: إن قرار مجلس الشيوخ ورغم أنه غير ملزم للادارة، فقد حظي بموافقة وتأييد شخصيات فاعلة من الحزبين الرئيسيين، بينهم شيوخ مرموقون ومرشحون للرئاسة منهم جوزف بيدن وهيلاري كلينتون.
ورغم ان ادارة الرئيس بوش اعلنت معارضتها قرار مجلس الشيوخ تقسيم العراق، فإنه في ظل عدم وجود برنامج أميركي للانسحاب، فإن سياسة الادارة الحالية والتي تليها ستسير في ذات السياق الذي مضت فيه السياسات الاميركية، وادت الى معطيات ووقائع التقسيم بصورته الحالية، وهذا كله يجعل من فكرة تقسيم العراق اليوم تمثل خطراً جديا على العراق وعلى بلدان المنطقة، لان تطبيق الفكرة في العراق سيؤهلها ويجعلها ممكنة التطبيق في بلدان المنطقة الاخرى.

ليست هناك تعليقات: