Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الاثنين، 17 مارس 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات الاحد 16-03-2008


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
حرب العراق تطرح تساؤلات عن مستقبل الجيش الأميركي
رويترز
كشفت الحرب الأميركية على العراق تغيرات في الجيش الأميركي فرضتها طبيعة العمليات وأضافت مزيدا من الأعباء عليها. كما طرحت هذه الحرب تساؤلات متزايدة عن مستقبل الجيش الأميركي.
ويمثل جارون وارتون وهو ضابط برتبة نقيب من الجيش الأميركي مثالا على مدى هذا التغير.
وارتون، الذي لم يكن قد أتم 30 عاما عندما خدم في حرب العراق مرتين ولمدة عام في كل مرة, شعر بالعبء الثقيل الواقع على كاهل الجنود وشهد تغير الطريقة التي يقاتل بها الجيش.
وتمثل خبرات وارتون انعكاسا من عدة وجوه لخبرات الجيش ككل في السنوات الخمس منذ أن قادت القوات الأميركية غزو العراق وتقدمت بسرعة إلى بغداد للإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين.
وفي هذا الصدد يسترجع وارتون الأيام الأولى قائلا "كانت دورياتنا تعامل مثلما يعامل الأشخاص الذين يرتدون ملابس منتفخة على شكل دمى في استعراض تقدمه متاجر ماسي في شوارع نيويورك في عيد الشكر". وأضاف "الناس كانوا حقا سعداء جدا".
ولم يدم هذا الحال طويلا, فمع تراجع مشاهد الغبطة وتطور الهجمات المسلحة القاتلة أصبح العراق اختبارا يواجه الجيش الأميركي دون تمهيد، حيث قتل ما يقرب من أربعة آلاف جندي أميركي في العراق بينهم أكثر من 3200 جندي في العمليات وأصيب ما يقرب من 30 ألفا.
وعندما عاد وارتون إلى العراق في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 في بداية مدة خدمته الثانية هناك وجد مناخا أكثر صعوبة، ويتذكر أن رقيبا تعرض لثلاثة تفجيرات أثناء دورية مدتها 18 ساعة.
كما يقضي بعض الجنود الأميركيين مدة خدمتهم الثالثة أو الرابعة الآن, في حين مددت المدة من عام إلى 15 شهرا ويفصل بين مدة وأخرى عام واحد فقط يقضيها الجندي في بلده.
وتعليقا على ذلك قال وارتون إن طول مدة الخدمة كان له تأثير كبير على العلاقات الشخصية, فزوجة وارتون كابتن في الجيش الأميركي وخدمت أيضا مرتين في العراق. كما خدم وارتون أيضا في أفغانستان.
الصحة العقلية
من ناحية أخرى وجد مسح أجراه الجيش الأميركي أن أكثر من جندي من بين كل أربعة جنود أميركيين في مدة خدمتهم الثالثة أو الرابعة في العراق يعانون اضطرابات في الصحة العقلية.
كما كشفت الحرب نظاما طبيا غير مجهز بشكل جيد لتقديم رعاية طبية طويلة الأجل لعدد كبير من المحاربين المصابين, حيث تقلصت قدرة الجيش على خوض حرب أخرى كبيرة.
"
ضباط ومحللون:
الجيش الأميركي لا يزال في حاجة إلى مزيد من الإصلاح للتخلص من تفكير الحرب الباردة وتبني فكرة الحرب غير التقليدية
"
وتقول رويترز نقلا عن قادة لم تسمهم إنه من المرجح أن تتولى القوات الجوية والبحرية القيادة إذا نشبت حرب أخرى لأن القوات البرية تعمل بكامل طاقتها.
وكانت الضغوط قد دفعت الولايات المتحدة للبدء في توسيع الجيش بنحو 65 ألف جندي ليصل إجمالي القوة إلى 574 ألفا كما تتزايد قوات مشاة البحرية.
رغم الحرب استمر الجيش في تلبية أهداف التجنيد ولكن المنتقدين يقولون إنه خفض مستوى معايير التجنيد, حيث عرض حوافز نقدية ليجذب مجندين ويبقي على ضباط من الرتب المتوسطة مثل وارتون.
مستقبل الجيش
وبعيدا عن ضغوط الحرب، أشعلت حرب العراق أيضا نقاشا جوهريا عن مستقبل الجيش. وفي هذا الصدد يقول المقدم بالجيش الأميركي جون ناجل "لدينا جيش مصمم كي يقتل ويدمر وما زلنا في حاجة لجيش قادر على أن يفعل ذلك".
وقد شكلت تلك الرؤية وعلى نحو متزايد الإستراتيجية الأميركية في العراق لا سيما مع تولي ديفد بتراوس -وهو خبير آخر في مكافحة العصيان المسلح- قيادة القوات في بغداد أوائل العام الماضي.
كما تبنى ضباط كبار دفعتهم تجربة العراق فكرة ضرورة أن يكون الجيش جاهزا للقيام بالمزيد في مهمة "بناء الدولة" والتي كانت من المحرمات في إدارة الرئيس جورج بوش للمساعدة في استقرار الدول التي يمكن أن تتحول إلى ملاذ لمن تصفهم واشنطن بالمتشددين الإسلاميين.
ويقول بعض الضباط والمحللين إن الجيش لا يزال في حاجة إلى مزيد من الإصلاح للتخلص من تفكير الحرب الباردة وتبني فكرة الحرب غير التقليدية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
على الكونغرس أن يكشف الأرقام الحقيقية لتكاليف الحرب في العراق حتى يطلع الشعب على مدى بطء الاقتصاد
افتتاحية
بوسطن غلوب
ان على الكونغرس فتح محاسبة شاملة للإنفاق في حرب العراق، يفهم من خلالها الشعب الأميركي سبب تباطؤ اقتصاد العراق.فإدارة جورج بوش ما زالت منذ خمس سنوات تمول الحرب في العراق عبر مخصصات الطوارئ وميزانية الدفاع المنتظمة، وهذه واحدة من عدة طرق حاولت الإدارة من خلالها التستر على الكلفة الحقيقية للحرب.وقد اعتقد خبراء الاقتصاد في السابق أن الحروب تحفز الاقتصاد، ولكن عندما يذهب التمويل إلى متعاقدين عراقيين وفلبينيين يعملون في العراق، فإن الفائدة التي تعود على الاقتصاد الأميركي تتلاشى، خاصة في ضوء ما يمكن أن يحققه التمويل إذا ما استخدم في تغطية الحاجات على الجبهة الداخلية.
و أن مستشار بوش الاقتصادي لاري ليندسي قدر تكلفة الحرب قبل نشوبها بـ200 مليار دولار، في حين توقع وزير الدفاع حينذاك دونالد رمسفيلد أن تصل ما بين 50 و60 مليارا فقط واعتبر تخمين ليندسي هراءً. غير أن كلا من ليندسي ورمسفيلد كانا بعيدين كل البعد عن الحقيقة، حيث نشر الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل للسلام جوزيف ستيغليتز وليندا بليمز من جامعة هارفارد تقريرا تحت عنوان "حرب ثلاثة تريليونات دولار.. التكلفة الحقيقية للصراع في العراق" واعتبرا أن ذلك الرقم يخضع للتحفظ.
وأن إهدار الدولارات من تكاليف الحرب وليس هو الأهم، لا سيما أن أكثر من أربعة آلاف جندي أميركي لقوا مصرعهم إلى جانب عشرات الآلاف من الجانب العراقي. كما أن تلك الحرب خلفت عراقا منقسما وطائفيا، وعززت قوة رجال الدين في إيران، وجعلت "العم سام" منبوذا في العالم الإسلامي. و الخسائر الإجمالية في الأرواح والعواقب الجيوسياسية واضحة المعالم، ولكن على الكونغرس أن يضمن اطلاع البلاد على التكاليف الاقتصادية الحقيقية للحرب أيضا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
العراق يواجه خطر التفكك تبعا للهويات الطائفية والقومية
ا ف ب
بعد خمسة اعوام من التدخل الاميركي الذي يفترض ان يؤدي الى قيام دولة حديثة في العراق، تطغى الخلافات القومية والطائفية على الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد. ويحذر خبراء من مخاطر تفكيك دولة استراتيجية محاذية للعالم العربي وايران وتركيا. ويقول الخبير في شؤون الشرق الاوسط عادل درويش ان "التدخل الاميركي رفع الغطاء عن حقيقة العراقي وهي انه بلد متنوع جدا". ويضيف درويش الذي يعيش في لندن "لكن ليس لدى الاميركيين خطة لمواجهة هذا المعطى الجديد". ومن عواقب اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين تحقيق تطلعات الشيعة والاكراد الى نيل السلطة خصوصا وانهم كانوا يعتبرون انفسهم مضطهدين داخل الدولة المركزية. ومنذ الاطاحة بالملكية في 1958، سعى العراق الى تحقيق العلمانية والنظام الجمهوري كما سعى حزب البعث لدى استلامه السطة العام 1968 الى دعم القومية العبرية والاشتراكية. ومنذ وصوله الى رأس الهرم في السلطة في 1979، اراد صدام حسين تطوير ايديولوجيا مهيمنة باتجاه وطنية عراقية ووضع هرمية الدولة لخدمة حلقة ضيقة مقربة من الاوفياء. وكان البعث في حينها وسيلة للسيطرة على المجتمع اكثر منه ايديولوجيا تقدمية وتحول الخوف من نظام تعسفي وبسرعة الى اللحمة التي تجمع بلدا متنوعا دينيا وقوميا. ويقول درويش ان "البعث بعلمانيته كان سلاحا يستهدف الجميع وتم استخدامه ضد الجميع بمساواة قل نظيرها". ومنذ الايام الاولى لحكمه الفردي، استخدم صدام العنف ضد الذين كانوا يشككون في سلطته. ووقع الاكراد ضحية حملاته القمع المتشددة في حين دفع الشيعة المسكونين بهاجس الغبن منذ القرن السابع ميلادي ثمن انتفاضتهم. كما ان العرب السنة لم يفلتوا من الانتقام وان باشكال فردية غير جماعية. لكنهم شاركوا كجماعة في ادارة اجهزة الدولة وذلك بسبب ارتباطهم بها منذ زمن الامبراطورية العثمانية كما ان البريطانيين والملكية تركتهم في مناصبهم ايضا. وفور سقوط النظام البعثي، ظهرت الخصوصيات الدينية والقومية الى السطح لتلعب دورا محوريا في اعادة تركيب العراق الجديد بعد ان ظلت صامتة مدة طويلة. لكن هذه الخصوصيات سرعان ما كشفت عن عوامل تجزئة اكثر منها عوامل توحيد. من جهته، يقول مصطفي العاني مدير برنامج الامن في مركز الخليج للابحاث في دبي ان الاميركيين عرفوا كيف يفككون النظام والدولة لكنهم اليوم ليسوا قادرين على اعادة اعمارهما. واضاف انه من السهل تحقيق انتصار عسكري، لكن الانتصار السياسي يتضمن تعقيدات". ويتضمن الدستور مطالب المجموعات القومية والدينية التي باتت منطلقا لعدد من مشاريع القوانين مثل تلك المتعلقة بتقاسم النفط والغاز او بالدور السياسي للاقاليم في تنظيم اللامركزية. كما تم استخدام هذه الخصوصيات كاساس لتوطيد هويات مختلف المجموعات. وبدافع من الميليشيات والمتطرفين داخل هذه المجموعات، بات مبررا رفض الاخرين بعنف وارتكاب اعمال القتل. وصارت الهويات العراقية تحدد نفسها عبر الاختلاف وليس التوافق اللازم لبناء دولة ديموقراطية. ويضيف العاني "ما يجري في العراق يشكل اهانة للديموقراطية. انها ديموقراطية البندقية وما نشاهده في مجلس النواب هو نتيجة سيطرة الميليشيات على العملية السياسية". اما درويش، فيعتبر ان الخوف من رؤية العراق يتحول الى "منطقة عازلة" بين ايران والغرب قد يرغم المسؤولين العراقيين على "اسكات خلافاتهم ولهذا السبب يدافعون عن وحدة بلدهم". لكن العاني يرى صعوبة في ذلك لان "مكونات تفكيك العراق موجودة" متوقعا انهيار العراق ونشوء دول صغيرة تضع نفسها في خدمة جيرانها الاكبر منها مثل ايران والسعودية وتركيا هذا فضلا عن اندلاع حروب فيما بينها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
لماذا الاستغراب ؟
وليد الزبيدي
الوطن عمان
ماذا يتوقع العرب من العملية السياسية في العراق ، التي دعمتها الحكومات العربية ، بكل ماتحمله من امراض واخطار حقيقية، وقد ظهرت اخطر جوانبها خلال اجتماعات البرلمانيين العربية ، الذي انعقد في اطراف العراق ، وشاركت فيه الكثير من الوفود العربية؟.
اندهش الكثيرون ، وهم يتابعون موقف وفد العملية السياسية العراقية، عندما اعلنوا موقفا شاذا، يرفضون فيه مطالبة دولة الامارات العربية بالجزر الثلاث(طنب الكبرى،وطنب الصغرى وابو موسى)، التي احتلتها ايران منذ ثلاثة عقود، واستولت عليها بعد خروج البريطانيين.
وفد برلمان العملية السياسية في العراق ، يعلن بكل وضوح انه يؤيد الاحتلال الايراني لهذا الجزر ، ولايتردد هؤلاء في موقفهم ، ولاشك ان ذلك يعني ، ان تاييد ايران في احتلال الاراضي العربية ، لن يتوقف عند هذا الموقف ، الذي اعلنوه امام الراي العام ، بل انهم على استعداد تام للتطوع جنودا ضمن تشكيلات فيلق القدس الايراني والحرس الثوري ، اذا ماهاجمت ايران دولة عربية ، وشرعت باحتلال اراضي اخرى من هذا البلد او ذاك.
يعلن هؤلاء عن جوهر مايفكرون به ، ومايسيرون عليه ، وهو خدمة مصالح ايران في المنطقة باسرها، و رفضهم للمطالب العربية، التي تصدر من دولة الامارات، والتي اتسمت بالرصانة والهدوء، من خلال اللجوء الى المحافل الدولية، بدلا من تصعيد حدة الكلام والاقتراب من حافة القتال.
اعتقد ان هذا الموقف الواضح والصريح ، الذي برز خلال مؤتمر البرلمانيين العرب، الذي انعقد بمدينة اربيل، الواقعة في احد اطراف العراق ، بدلا من العاصمة التاريخية بغداد، يوجب على جميع الذين ساهموا في دعم العملية السياسية، التي بدأت في ظل الاحتلال الأميركي للعراق ربيع عام2003، ان يعيدوا حساباتهم ، وياخذوا هذا الموقف على محمل الجد ، وعدم تركه في مهب الريح ، مثلما ترك العراق بأيدي السياسيين والاحزاب ، التي جاءت مع المحتل ، وشرعت في بناء عملية سياسية ، هدفها الاول والاخير ، خدمة مشروع اميركا في العراق، وتقديم الكعكة العراقية الى المتربصين بهذا البلد العربي، ودفعه الى التمزق والاحتراب ، واذا كانت ملامح ذلك ، قد برزت خلال السنوات الاخيرة ، فان خطورة هذه العملية السياسية على الدول العربية ، لم تظهر بصورة جلية، رغم وضوح مرتكزات الخطورة والسوء في هذه العملية، التي تاسست على الطائفية والعرقية المقيتة.
ليس سهلا ان يشاهد القادة والملوك والساسة العرب هذا النهش في جسد الامة العربية، وتقطيع الاوصال من خلال ادوات اميركا وايران، ولايفعلون شيئا لردع هؤلاء، الذين خدموا العملية السياسية في العراق ، وهم الذين شاركوا فيها، وتوزعوا بين اطراف تقف ضد العروبة، واطراف تدعم ذلك ، من خلال المشاركة في عملية سياسية تزخر بالامراض والسوء والاخطار، واعطى هؤلاء شرعية ظاهرية لهذه العملية السياسية، التي بدات نيرانها تتقاذف على العرب.
Wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
قراءة تاريخية سياسية لمصطلح »الشرق الأوسط الجديد
جلال بو شعيب فرحي
السياسة الكويت
المعروف تاريخيا ان مصطلح الشرق الاوسط ظهر بعد الحرب العالمية الثانية, ويرجع بعض المؤرخين ظهوره كاصطلاح الى عام 1902م, في كتابات مؤرخ بحري اميركي اسمه " الفريد ماهان" الذي اقترح في احدى مقالاته التي نشرت انذاك في مجلة لندنية تسمى( ناشيونال ريفيو) التي تصدر في لندن, وصفه به المنطقة الواقعة بين الجزيرة العربية والهند, كما استخدم فيما بعد من قبل الكثير من الصحافيين والمراسلين منهم مراسل جريدة »التايمز« اللندنية في طهران (فالنتين شيرول), ثم بدا في الانتشار شيئا فشيئا حتى اصبح متداولا في مجلس اللوردات فيما بعد, هذا السرد التاريخي لمصطلح الشرق الاوسط مهم جدا لمعرفة سبب تسمية الولايات المتحدة اليوم الشرق الاوسط الجديد, لان مجرد تغيير الاصطلاح في اشارة ضمنية لمنطقة نفوذ استعماري, واذا اردنا ان نحدد الحدود الجغرافية للشرق الاوسط اليوم نجده يمتد من سواحل الخليج العربي الى الاقليم الممتد من البحر الاسود الى افريقيا الاستوائية من جهة ثم من الهند الى المحيط الاطلسي من جهة اخرى, وفي جميع الاحوال فان هناك اختلافا كبيرا في تحديد الحدود الحقيقية للشرق الاوسط لان المصطلح جديد نسبيا نظرا لاتصاله بالشرق الادنى والشرق الاقصى, الا انه من الناحية الجغرافية يمكن تمييزه بشكل ادق, فنجده يتميز بالجفاف والصحراء في اغلب مناطقه, فنجد الصحراء الليبية والصحراء الشرقية بين وادي النيل والبحر الاحمر وصحراء شبه جزيرة العرب وصحراء سيناء, وكلها تتميز بقلة الخضرة والحرارة العالية باستثناء الجزء الغربي والجنوبي الشرقي من الجزيرة العربية والهلال الخصيب الذي يتميز بوجود رقعة خضراء.
يشير بعض المؤرخين الى ان مصر والعراق هما اقدم المجتمعات فيما يسمى بالشرق الاوسط, كانا يعتمدان على الزراعة والاقتصاد الزراعي القائم على الري في تلك العصور, وكان كل من مصر والعراق مركزين مهمين يتنافس عليهما المستعمرون للظفر بالنفوذ عليهما, نظرا لقوتهما الفكرية وقدرتهما على التأثير في باقي المناطق المجاورة, وحين جاء الاسلام ظهرت في هذين المركزين الحضارة الاسلامية التي تطورت وعظم شانها وتوسعت بشكل كبير ولافت.. ثم ظهرت مناطق اخرى حديثة سميت فيما بعد بسورية ولبنان وفلسطين والاردن وكل هذه المناطق شهدت سيطرة اسلامية .
الاهمية الستراتيجية والسياسية لمنطقة الشرق الاوسط تكمن في كونها مهد الديانات السماوية الثلاث الاسلامية والمسيحية واليهودية, الا ان السيطرة الاسلامية كانت الابرز ودامت ثلاثة عشر قرنا ونصف قرن, وشكل الشرق الاوسط طيلة هذه الفترة مركزا روحيا وجغرافيا وسياسيا اسلاميا صرفا, وحلت اللغة العربية بشكل بارز محل اللغات الاخرى التي كانت سائدة في السابق مثل السريالية والقبطية واليونانية والفارسية والتركية وغيرها, وقد ظهرت القوة الاسلامية بوضوح في عصر الفتوحات الاسلامية, فقد تمكن المسلمون تكوين امبراطورية كبيرة امتدت من المحيط الاطلنطي في الغرب الى حدود الصين في الشرق .
واذا امعنا النظر في سياسة الولايات المتحدة الاميركية تجاه الشرق الاوسط نجد اهتماما كبيرا بافغانستان والعراق وايران, هذا الاهتمام لم يات من فراغ ولكنه ناجم عن قراءة تاريخية لهذه الدول الثلاث التي كانت في الماضي تشكل مركزا فكريا انطلقت منه الحضارة الاسلامية, فايران مثلا احتلت في الماضي مكانة عظيمة ولعبت دورا كبيرا ومهما في العالم الاسلامي انذاك, كما هو الشان لتركيا والعراق التي كان لها اثر كبير في تكوين الامبراطورية الاسلامية وتشكيل مجتمع موحد بعيدا عن العصبية والقبلية والمذهبية, في هذه المنطقة بالذات كان هناك توحيد في الرؤى السياسة تحت راية الاسلام, وتمكنت هذه الامبراطورية من القضاء على الفوضى والتخلف وحققت المجد والرقي للشعوب التي سيطرت عليها, بل تمكنوا من اختراق الحضارة الغربية, وظهر في ذلك الوقت نبوغ فكري وفلسفي متميز في كافة العلوم والمعارف والفنون..
الولايات المتحدة بسيطرتها على هذه المنطقة تسعى الى ضرب الحضارة الاسلامية في مركزها, تفاديا لنهضتها من جديد, وان اي حركة ثقافية فكرية في هذه المنطقة تبث الخوف والرعب في باقي الحضارات, ففي هذه المنطقة ظهر الفكر الاسلامي وامتد اشعاعه الى العالم بأكمله, فكتب الخوارزمي والبتاني وجابر بن حيان وابن خلدون مازالت حتى يومنا هذا مصدرا مهما وأصلا مميزا وموئلا علميا ومعرفيا للكثير من العلوم الحديثة في الغرب .
الحضارة الاسلامية في ذلك الوقت لم تسقط الا بالغزو والاستعمار الخارجي والفتن الداخلية وارتفاع نسبة الانقسام السياسي, واليوم تقوم الولايات المتحدة بعمل مماثل فهي تزرع الفتنة في المنطقة وتغزو المنطقة وتدعم اسرائيل لانهاء اي وجود لدولة فلسطينية, وهو تماما ما حصل في السابق حينما انتهت سيادة الامة العربية رغم بقاء الوحدة الثقافية والدينية, الغرب اليوم يشن حملة شرسة على جميع المستويات اعلامية وسياسية وثقافية على المجتمع الاسلامي, والدليل الرسوم المسيئة لسيدنا محمد عليه افضل الصلاة وازكى التسليم والمدعومة من قبل الكثير من الجهات ابرزها اللوبي الصهيوني بمبرر واه اوهن من بيت العنكبوت هو حرية الراي, الا ان الحقيقة يقف وراءها سياسة شاملة تسعى لضرب الامة الاسلامية في مركزها, تذكرنا بالغزو الصليبي لمنطقة الشرق الاوسط عندما تعرض لموجتين من الغزاة الاول من المغول الذين تمكنوا من القضاء على الخلافة, واخضعوا جزءا من العالم الاسلامي لحكم غير اسلامي, والثانية في نهاية القرن الخامس عشر عندما ادخل الشرق الاوسط في فلك الحضارة الاوروبية. واليوم تحاول الولايات المتحدة السيطرة على العراق كمركز فكري ثقافي, وتتعامل مع ايران بنفس سياسة التهديد, وقد تكون مصر ودول اخرى ضمن المخطط السياسي الستراتيجي ايضا, الا ان ذلك لن يكون بالامر السهل.. فالامة الاسلامية ورغم ما تعرضت له من ضربات لابد لها ان تنهض من جديد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الصدر عزل أم اعتزل أو هو في عزلة ؟
نزار السامرائي
الصوت سوريا
في خطوة كانت متوقعة منذ زمن ، شهدت بعض المساجد التي يتخذ منها التيار الصدري ، منابر له في بغداد والكوفة ، توزيع بيان منسوب لمقتدى الصدر ، أعلن فيه قراره اختيار العزلة لغرض اكتساب المزيد من المعرفة الدينية ، بهدف التحرر من الحاجة إلى مرجع ديني ، يرسم له ولتياره المسار الفقهي ، على نحو كان يحدث خللا مؤكدا بقدرته على التحرك دون الرصيد القديم لوالده ، بعد أن استنزف ذلك الرصيد بل وصفّره تماما ، أو التعكز على مراجع لا يجد فيهم ما يلبي متطلبات نزعته المتوثبة لدور سياسي ، يقفز فوق حقائق الفقه الجعفري ، وهم بدورهم لا يجدون فيه ( أي في الصدر ) ما ينسجم مع قناعاتهم السياسية والفقهية ، بل يخشون من تقلباته الدراماتيكية ، والتي تأتي بصفة مستمرة على غير المتوقع من الأفعال أو الردود عليها .
وبصرف النظر عن دواعي قرار الصدر في اختيار قم ، لإقامة امتدت منذ آخر ظهور علني له في أيار / مايو من العام الماضي ، ولزمن قد لا ينتهي في الأفق المنظور ، فإن البيان المختوم بختم الصدر ، يستوقف المراقب بشدة فقد أكد بما يقطع أي شك ، أن التهم التي كانت توجه لقيادات متنفذة أو من الخط الأمامي في التيار الصدري ، وكان الصدر يدافع عنها بضراوة وينزهها من كل عيب أو مثلبة ، أنها أصبحت حقائق ثابتة بعد أن وجه لها ادانات قاسية لم يكن ليقبل بأقل منها فيما مضى ، فقد اتهمت زعامات داخل هذا التيار بالأنانية والوصولية وحب الذات وتفضيل المصالح الشخصية ، ولهذا قادت التيار وجيش المهدي إلى منزلقات خطيرة .
هذه الاتهامات لا بد أن تطرح بإلحاح إشكالية التيار الصدري وجيش المهدي ، من أعلى قيادة له وحتى أدنى مستوى منتم إليه ، وفيما إذا يمتلك الأهلية المطلوبة للحصول على شرعية العمل العلني ، على حين تلاحق جهات تحت طائلة مكافحة الإرهاب ، لم ترتكب عشر ما ارتكبه جيش المهدي من جرائم إبادة جماعية و قتل على الهوية وتهجير للسكان من مناطقهم .
لقد نشأ التيار الصدري في بداياته من مواد متحللة من مختلف الطبقات الاجتماعية والحركات السياسية ، ولعل الكثير من عناصره وحتى في المستويات القيادية ، هي التي احترفت على الدوام مهمات الوكالة الرخيصة للأجهزة الأمنية ، فأرادت باختيارها الانتماء لهذا التيار ، هذا الصنف من العمل المرفوض اجتماعيا ، مواصلة هواياتها المريضة ، أو حماية نفسها من الوسط الاجتماعي الذي تنتمي إليه ، أوتظن أنه يمكن أن يستهدفها في حال بقائها مكشوفة الظهر ، وتوسع حجم الكتلة الشعبية الهلامية للتيار الصدري ، على نحو لم يكن متوقعا حتى من أكثر المراهنين عليه ، وهذا ما أغرى قياداته بتجاهل كل دعوات الركون إلى الحكمة والعقل في قيادة الوسط الشعبي المنفلت ، ومضت في طريق تحدي الأطراف الداخلة في العملية السياسية ، ممن يمتلك ثقلا مليشياويا مماثلا في حجمه وأكثر تنظيما في أدائه ، وهنا برزت على السطح ظاهرتان متناقضتان تماما في العلاقة بين التيار الصدري والمليشيات الاخرى ، وخاصة مليشيا فيلق بدر التابع للمجلس الإسلامي الأعلى :-
الأولى : - صراع حاد على النفوذ بين القوتين ، في مناطق تمتد من بغداد لتصل إلى البصرة ، لعل أكثرها دموية ما حصل في معركة النجف عام 2004 ، والتي دخلت القوات الأمريكية المعركة لصالح حليفها المجلس الأعلى ، وكان من نتائجها أن أعلن مقتدى الصدر وبانكسار لافت ، عن تحويل جيش المهدي إلى منظمة سياسية ، بعد أن نزع أسلحته وسلمها للقوات الأمريكية مقابل أموال ، في مشاهد مهينة نقلتها معظم الفضائيات ، ولم تقف المواجهات عند هذا الحد حتى أرغم الصدر على دخول العملية السياسية وبالتقسيط ، ولكن هذا الدخول لم يشكل المظلة التي أراد بها الصدريون الإمساك بخيوط اللعبتين ، لعبة السياسة ولعبة العنف ، إذ اتسع نطاق صراع النفوذ في معظم محافظات الفرات الأوسط والجنوب ، فقد انطلقت عناصر جيش المهدي بكل ما تحمل من قوة وآمال بالسيطرة على الشارع الشيعي ، لتعصف بالاستقرار الظاهري الذي عاشته تلك المحافظات ، وعندما وقعت مواجهات كربلاء التي أدت إلى قتل العشرات وإشعال حرائق كبيرة قرب المراقد الدينية ، أضطر مقتدى الصدر لتجميد جيش المهدي لمدة ستة شهور ، وهو نفس الجيش الذي كان قد حله بعد معركة النجف وحوله إلى منظمة سياسية ، والتهبت المحافظات بصدامات دموية ، لم يكن جيش المهدي وفيلق بدر طرفيها فقط ، بل دخلت القوات الأمريكية مرة اخرى ضد جيش المهدي وكذلك أجهزة أمن حكومة المالكي ، والذي يمتلك هو الآخر مليشيا آخذة بالنمو وتتبع جناح حزب الدعوة الذي يتزعمه .
الثانية : - تجنيد لقطاعات واسعة من عناصر جيش المهدي من قبل فيلق بدر وأجهزة الأمن ، لتنفيذ جرائم ابادة جماعية طالت مناطق محددة في بغداد ومحيطها خاصة ، وذلك بهدف ( تطهير ) هذه المناطق والتخلص من طابع الازدواج السكاني من جهة ، وتلويث سمعة التيار الصدري وجيش المهدي لارتكابه جرائم حرب ضد الإنسانية ، وعزله عن حالة التعاطف التي تكونت له بعد رفعه شعارات مضادة للاحتلال ، كما أن دخول إيران على خط الفعل المؤثر على مستوى أداء المليشيات الفاعلة في الساحة العراقية ، وزجها بالآلاف من عناصر قوة القدس والحرس الثوري ، لم يكن ليسرها رؤية أية قوة تخرج على خططها ، أو تنفذ مشروعا ذاتيا بعيدا عن المشروع الإقليمي الإيراني ، ولهذا كان من الطبيعي أن تدخل طهران على خط رسم المسارات بشكل دقيق ، لا يسمح بخروج أي خيط من يدها تحت أي ظرف من الظروف ، فكان الحديث عن عزلة مختارة أو مفروضة على مقتدى الصدر ، الذي بدأ يتحول إلى قوة سالبة لكل المكاسب التي توقعت إيران أنها حققتها في العراق أو هي على وشك تحقيقها .
فهل جاء القرار بإرادة إيرانية بدرية ؟ أم هو قرار إيراني لا يريد رؤية أهدافه تضيع بتصرفات نزقة لمراهقين في عالم السياسة ؟
وهل يؤدي ذلك إلى شرذمة التيار الصدري وتوزيع عناصره على القوى الأكثر تنظيما ؟
وأهم من كل هذا وذاك هل أن مقتدى الصدر ما زال موجودا على مقاعد الدراسة حقا ؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
الكفاءات العلمية
زهير ماجد
الوطن عمان
اتصل بي صديق حميم جمعتني به محطات انسانية عديدة ليخبرني عن سفره المفاجيء الى الولايات المتحدة الاميركية مع انه كان خصما عنيدا لها .. قلت له اصبحت في عمر تحتاج فيه الى السكينة بعد كل التعب في التعليم والتربية ، الا انه رفض هذا التعريف ليجيبني ان ماجستير الفيزياء التي يحملها وسنوات الخبرة التي على كاهله فتحتا له باب اكمال تجاربه على افكار فيزيائية كانت احدى جامعات اميركا قد اطلعت عليها فارسلت وراءه على الفور ليكون ضيفها من المطار اليها ، وربما تصل الامور بينه وبين تلك الجامعة الى البقاء وهذا مايريده لاكمال تجاربه وبحوثه.
حزنت كثيرا على خسارة هذا العالم المهم في مادة علمية يحتاجها الوطن العربي ، لكني افقت من حزني بعدما تداعت امامي اسماء لامعة لم تجد لها موقعا في بلادها فاختارت الهجرة وكان نصيبها بقاء دائما نسيت فيه مسقط رأسها وحاجة بلادها اليها.
اخبرني الصديق ان فلانا وفلانا وآخر ممن نعرفهم سيكونون معه في رحلته الباحثة والمهمة ، وان مالا وفيرا لم يكن يحلم به طوال عمره ولا هو حقق منه سوى النذر اليسير ستعطيه الجامعة له فور وصوله.
صاحبي هذا ليس الوحيد الذي " يسرقه " ذلك العالم المتقدم ، انه واحد من كثيرين استسلموا طوعا لتلك المغريات التي تعرض عليهم ليكونوا جنودا علميين في صفوف عالم آخر لايمت بصلة اليهم سوى انهم علماء برتبة عالية كما ستطلق عليهم التسمية التي سعوا اليها ولم ينلنها على الاطلاق خلال رحلة حياتهم العملية .
انها قصة العقول التي لم تجد لها مكانا تحت شمس بلادها ولا هو من اهتم بشؤونها وشجونها ولا اكترث الى معطياتها العلمية ، بل ثمة من حارب افكارها واعتبرها مجرد هلوسة لاأمان لها في مجتمع بسيط الاداء عاريا من حكمة المسؤولين . قال لي ذلك الصديق : ماذا لو حقق المخترع العربي الكبير حسن كامل الصباح أمله في الثلاثينات من القرن الماضي بتسخير الشمس في الزراعة والصناعة وانتاج الكهرباء .. اوتريدني ان ابقى مستسلما للراتب الشهري الذي لايغني ووسط من لايحترم عقلك العلمي وابحاثك المتطورة المتقدمة والابعاد التي تشكلها تجربتك . اضاف : ليست اميركا جنة الجنات لكنها جنة العلماء الذين تسحرهم البحوث والعلم المتفوق ويصغون اليك على انك حالة مهمة ومتقدمة تحتاج لكل احتضان . ثم اضاف : اليوم يقتلون العلماء في العراق وغدا لاندري من سيقتل منا في اماكن أخرى ..! ( ثبت ان ثمة مجموعة مسلحة هدفها قتل العلماء في العراق او ابعادهم منه .. لم يبق في ذلك البلد العربي سوى بضعة من عقول سوف يخرجون في وقت قريب الى بلاد الله الواسعة).
هذه القصة فيها الكثير من السياسة الخاطئة لواقع الدول النامية المتخلفة التي لاتعنيها ابعاد هجرة عقولها ، بل كأن ثمة من يدفعها الى البعيد كي تتخلص من عقدة الذنب التي تتآكلها ، وهكذا نصبح نحن العرب على الدوام مسرحا لانتاج العقول ومركزا لها فيما هنالك من يستثمرها في عملية البناء الانساني ، تماما كما حصل مع احمد زويل ومع عالم الرياضيات اللبناني رمال رمال الذي قتل في ظروف غامضة في فرنسا.
اغلقت الهاتف مودعا وشددت اعصابي ولذت في صمت المحتاج الى تفسيرات بالجملة على هذا المصاب الذي يتكرر كل يوم .. أجل كل يوم ! .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
لا يجب أن يدلي بتراوس بشهادته بمفرده
لورنس كورب
شين دوجان
لوس انجلوس تايمز
في الثامن والتاسع من أبريل القادم سوف يدلي الجنرال ديفيد بتراوس بتقييم للوضع الامني في العراق أمام الكونجرس ، ولكن إذا تم السماح مجددا لبترواس بأن يدلي بشهادته بدون رؤسائه كما فعل في سبتمبر الماضي ، فلا الكونجرس ولا الشعب الأميركي سيتلقون الصورة كاملة.
ومن الواضح أن إدارة بوش تريد أن تحافظ على الوضع على هذا النحو ؛ ففي تصريح لوسائل الإعلام مؤخرا قال روبرت جيتس وزير الدفاع الأميركي: لقد طلبت من الجنرال بتراوس أن يقدم تقييمه بشكل كامل على أساس ما يجري في العراق ، وهو لا يحتاج إلى أن ينظر إلى كتفه أو يفكر في الضغط على القوات أو أي شيء آخر. زد على ذلك أن الرئيس بوش أشار إلى انه سيسمح لبترواس وحده أن يحدد ما إذا كان سيواصل سحب القوات من عدمه.
على أن زعماء الجيش الآخرين الذين ينظرون إلى صورة الأمن القومي الأكبر لابد من استشارتهم ، فهم يعرفون جيدا كيف أن ابقاء نحو 130 الف جندي في العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة لم يقض على عشر قواتنا البرية فحسب ولكن أيضا عرض مصالحنا الأمنية حول العالم للخطر.
وكان الجنرال جورج كاسي ، رئيس اركان الجيش قد ذكر أمام لجنة الاجهزة المسلحة في مجلس النواب الخريف الماضي أن الجيش يعاني عدم التوازن ، وتلك طريقة مهذبة للقول بأنه تحطم ، وكاسي الذي هو مسئول عن صحة الجيش ككل محق في قلقه.
وجاء رئيس الاركان المشتركة الادميرال مايكل مولن ليكرر قلق كاسي ، حيث صرح في يناير الماضي لصحيفة مارين كوربس تايمز أن هناك طاقة احتياط في القوات الجوية والبحرية ولكن القوات البرية شيء مختلف ، وقال من الواضح انه لو اضطررنا لعمل شيء بقواتنا البرية فإن البديل سيكون تحديا كبيرا ؛ ثم إن سلفه الجنرال بيتر بيس عبر أيضا عن قلقه ازاء قدرتنا على الاستجابة لأزمات أخرى ، وكان قبل مغادرته منصبه في اكتوبر الماضي قرر أن التزام القوات بالعراق سيشكل فرقا كبيرا في قدرتنا على الاستعداد للطوارئ غير المتوقعة في المنطقة وأماكن أخرى.
وإن دلت استقالة الادميرال وليام فالون المفاجئة من رئاسة القيادة الأميركية المركزية على شيء فإنها تدل على ضرورة أن يستمع الكونجرس لرؤيته غير المقيدة أو رؤية سلفه ؛ وقد كان فالون مسئولا عن مجمل المصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط ، وكان من المعروف أنه معني خصوصا بالحرب في أفغانستان.
واليوم ، تسيطر حكومة حامد قرضاي على اقل من ثلث أفغانستان ، ولخصت ثلاثة تقارير صدرت الشهر الماضي كيف أن الوضع الامني هناك تدهور إلى ادنى مستوياته منذ عامين ، ومن ثم نفهم لماذا كان فالون غير مرتاح لتركيز الإدارة على العراق ؛ فقد كان يريد ويحتاج إلى المزيد من القوات في أفغانستان التي تشكل الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب ولكنه لم يستطع الحصول على تلك القوات ما لم يتم خفض القوات في العراق إلى ما دون 130 الفا.
وحتى الآن ، لم يتم دعوة القائم بمهام قائد القيادة المركزية ولا أي من رؤساء الاركان المشتركة للشهادة عندما يدلي بتراوس بشهادته الشهر القادم ، ولم يكن الأمر كذلك مع الجنرالات السابقين في العراق حيث كان الجنرال ريكاردو سانشيز ادلى بشهادته أمام لجنة الاجهزة المسلحة بمجلس الشيوخ في حضور الجنرال جون ابي زيد قائد القيادة الوسطى انئذ وذلك عام 2004 ، وادلى كاسي الذي كان قائد في العراق من يونيو 2004 إلى فبراير 2007 بشهادته أمام لجنتي الاجهزة المسلحة بمجلسي الشيوخ والنواب أربع مرات وفي حضور ابي زيد دائما ؛ وفي الواقع ، كان بتراوس أول قائد للقوات الأميركية في العراق يدلي بشهادته حول الحرب بدون أن يكون قائد القيادة المركزية بجواره ؛ فضلا عن ذلك لم يدل فالون بشهادته أبدا أمام أي من اللجنتين بمفرده حول العراق خلال مدة عمله التي استمرت عاما كقائد للقيادة المركزية.
أما السبب الذي من اجله نحتاج إلى رئيس القيادة المركزية ورئيس الاركان المشتركة على طاولة الشهادة فيوضحه شهر سبتمبر الماضي عندما سأل السيناتور جون وارنر وزير البحرية السابق الجنرال بتراوس قائلا: إذا واصلنا ما طرحته أمام الكونجرس هل هذا يجعل أميركا اكثر أمنا؟ ورد بتراوس بشكل صحيح قائلا حسنا سيدي لست ادري.
إن مولن أو كاسي أو فالون أو قائد القيادة المركزية القادم يمكن أن يقول للكونجرس وللأمة إن الاجابة على هذا السؤال هي لا ، وعلى الكونجرس أن يطالب بالصورة العسكرية كاملة إذا كان يريد أن يقوم بمسئولياته الدستورية لتأمين الدفاع العام.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
عالم عربي مكهرب!!
أمين محمد أمين
اليوم السعودية
يظل الأمل في عقد مصالحة تاريخية لبنانية قبل أو أثناء القمة لتخرج لبنان من أزمتها المستمرة على مدى أكثر من عام ومهددة بإدخاله نفق الحرب الأهلية بعد أن دمرت الخلافات والاعتصامات اقتصاده، وإذا كانت محرقة غزة الإسرائيلية تشهد حالياً هدوءاً نسبياً بعد ما تردد من أنباء عن هدنة ضمنية بين إسرائيل وحماس رغم نفي كل منهما وجود اتفاق للتهدئة ولكنها تحققت على أرض الواقع بوقف أولمرت لاستمرار هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة ووقف حماس إطلاق صواريخها على المستعمرات الإسرائيلية من أجل عدم استمرار إسرائيل في قتل واستهداف قياداتها
هل نحن كأمة عربية نسعى لتغيير واقعنا الى الأفضل أم أن حجم المشاكل الداخلية والضغوط الخارجية الدافعة لها أدخلتنا في دوامة الصمت وعدم القدرة على التغيير والتحرك لما هو أفضل وأصبحنا جميعاً نعيش ونتعامل بردود الفعل للقادم إلينا أياً كان مصدره داخليا أم خارجيا؟ وهو بالتأكيد أسوأ، تأملت واقعنا العربي خلال متابعتي اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في أول الاجتماعات التي تعقد بالقاعة الرئيسة للاجتماعات بالجامعة العربية بعد تجديدها وتطويرها وتصدرتها الآية الكريمة « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم.
وأثناء تأملي في الآية الكريمة ومعانيها مع واقعنا العربي كسرت حاجز التأمل ومتابعة خلافاتنا العربية العربية من المحيط للخليج كلمات الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى للوزراء في بداية الاجتماع التي بدأها أيضاً بالآية الكريمة وعبر عما يدور بداخلي من أن الله لن يساعدنا على تغيير واقعنا حتى نغير الكثير والكثير مما قمنا ونقوم به وأدى الى ما نحن فيه . التغيير بأيدينا ولا ننتظر مساعدات الآخر ومعجزة من السماء مع انتهاء عصر المعجزات في وقت تحقق فيه العديد من شعوب وتجمعات العالم معجزات حقيقية على أرض الواقع بالإرادة والعمل الصادق والإصلاحات الجادة التي افتقدناها.
رغم ذلك فقد انعكست حالة من الإحباط والركود على أجواء الاجتماع الوزاري الذي استمر ساعات ولم يستمر يومين كما كان مقرراً له برئاسة جيبوتي وتم خلاله إقرار مشاريع 27 قراراً كانت معدة سلفاً من قبل المندوبين ورفعت أغلبها ليضمها مشروع جدول أعمال قمة دمشق الذي سيضعه الوزراء بالشام يوم 27مارس الحالي بعد اجتماع المندوبين والمجلس الاقتصادي لإعادة إقرار مشاريع قرارات الوزراء من القادة العرب!! بعد 19 قمة عربية عادية يتكرر فيها أغلب بنود جدول أعمالهم وتقر بالأغلبية ولكن للأسف لم تنفذ على الرغم من أن لجنة متابعة وتنفيذ قرارات قمة الرياض العربية عقدت اجتماعها قبل ساعة من اجتماع الوزراء وخرجت بأن ما تم تنفيذه من قرارات قمة الرياض لا يختلف كثيراً عن عدم التزام الدول العربية بتنفيذ قرارات الـ «18» قمة السابقة، ورغم ذلك لم يتم بحث الوزراء أسباب عدم التنفيذ بل على العكس استمروا في اجتماعهم الروتيني بالأسلوب نفسه المتبع في جميع الاجتماعات رغم سخونة الأحداث التي سبقت وتزامنت مع اجتماع الوزراء ودعت عمرو موسى الى وصف أحوالنا بأن «العالم العربي مكهرب»، ورغم زيادة شحنة المآسي والمشاكل التي تؤدي الى الموت البطيء خصوصا بعد فشل أغلب طرق العلاج من إصدار مبادرات عربية لحل المشاكل بدءاً من مبادرة السلام العربية مع إسرائيل الى المبادرة العربية لإنقاذ لبنان لمبادرة المصالحة بالصومال ومبادرة إنقاذ شمال وجنوب السودان من الانفصال ومبادرة لحل أزمة دارفور الى مبادرة استعادة وحدة جزر القمر أحدث أعضاء جامعة الدول العربية الـ «22».
رغم جميع هذه المبادرات إلا أنه بكل أسف لم يتطرق إليها قبل القمة الاجتماع الوزاري وبالطبع لن تتطرق إليها القمة لأنها غير مدرجة على جدول أعمالها الذي يضم 22 بنداً أغلبها لا تختلف كثيراً عن بنود جدول أعمال القمم السابقة وتبدأ كما هي العادة بتقرير رئاسة القمة السابقة عن نشاط هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات ومحصلتها بكل أسف يعلمها الجميع، وأرجو ألا يمر هذا البند مرور الكرام بل تبحث القمة الأسباب التي أدت الى عدم التزام الدول الأعضاء بتنفيذ ما اتفقوا عليه وقرروه بالإجماع في قمة الرياض وإعادة إقراره بعد معالجة العيوب والأخطاء وتحديد جدول زمني يلتزم به الجميع لتنفيذه، والأهم هو الاعتمادات المالية لتنفيذ القرار والتزام الجميع به مع تطبيق مبدأ الثواب والعقاب و دون هذا الأسلوب العملي لن نغير ولن تتغير مسيرة العمل العربي المشترك الذي سيتعرض له في كلمته للقمة الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي يوجه سنوياً خطاباً للقادة وللأمة يكشف فيه الكثير عن حجم المآسي والمشاكل العربية التي نعيشها وتحيط بنا وندفع إليها ولكن كلماته مثل الكثير من الكلمات التي تلقى وتثير الحماس الذي يفقد بعد انتهاء الاجتماعات لندخل جميعاً في نفق الصمت المظلم انتظارا للقادم وهو بكل أسف أسوأ . وتتصدر قضية الأمن القومي العربي أول بنود جدول أعمال القمة وهي مهمة وحساسة خصوصا مع اختلافات مفاهيم الأمن القومي العربي بين الأمن القومي المحلي والعربي والإقليمي والعالمي بعد أن تداخلت خيوط الأمن وأهدافه مع مصالح الدول الكبرى في عالم أحادي القطبية.
اختلف الكثير من المفاهيم والرؤى حتى في مفهوم الأمة العربية الموحدة أو المتحدة من المحيط للخليج.. اعتبرها البعض مفهوما قديما لا يجب أن نتمسك به وأن الأقدار شاءت أن تكون دولا متجاورة جغرافياً مع تشابه اللغة والعادات والتقاليد، ولكن مصالحنا مختلفة ولم ولن نتوحد إلا من أجل المصالح وهو ما يصعب تحقيقه وسط الخلافات العربية العربية المزمنة والمتصاعدة خصوصا أن الكثير من التجمعات الناجحة في العالم قامت من أجل التبادل وأوضح مثلا لها الاتحاد الأوروبي .. كم من حروب وخلافات بين دوله في السابق ولا تجمعها لغة مشتركة وعادات وتقاليد ودوله غير متجاورة جغرافياً مثلنا من المحيط للخليج، ورغم ذلك نجح الاتحاد الأوروبي الذي أنشئ بعد سنوات من عمر مسيرة التعاون العربي المشترك بإنشاء جامعة الدول العربية التي سيحتفل قبل القمة بذكرى إنشائها قبل احتفال إسرائيل بكل أسف في 15 مايو المقبل بالذكرى الستين لإنشائها، ونحن نحتفل بذكري النكبة التي لم نخرج منها وتدهورت أوضاع قضية العرب الأولى كثيراً من عام 1948 الى الآن بصورة مأساوية ومازلنا جميعاً نجلد الذات ونتابع فصول مأساة خلاف وانشقاق الإخوة الأعداء بين فتح وحماس في رام الله وغزة!!
ومع انطلاق وتعدد الخلافات العربية العربية في لبنان والعراق والسودان والصومال .. الخ . لم تنجح تجارب الوحدة العربية وهو ماكشفته أوراق الاحتفال بمرور 50 عاماً على الوحدة التاريخية بين مصر وسوريا التي كان يعتقد البعض أنها من الممكن أن تكون نواة لوحدة عربية شاملة، ولكن لم تتحقق ولم تنجح جميع التجمعات والاتحادات العربية التي نشأت وأغلبها لأهداف سياسية وليست اقتصادية مثل التجمع الوحيد الذي صمد ونجح مجلس التعاون الاقتصادي لدول الخليج العربية الذي بدأ وانطلق لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول متجانسة، ومن أجل دعم مصالح شعوبها التي استفادت من مسيرة المجلس ومازالت تنتظر الكثير في الوقت الذي مازال يأمل المواطن العربي فيه أن تحقق له أول قمة اقتصادية عربية للتنمية من المنتظر عقدها بالكويت أوائل العام المقبل ينتظر أن تضع الخطوط العريضة لتعاون اقتصادي عربي بعد 60 عاماً من انطلاق مسيرة العمل العربي المشترك!!
ومع تبدد آمال الوحدة والاتحاد العربي والولايات المتحدة العربية!! أصبح الرأي السائد لدى الأغلبية هو تعاون المصالح وهو في رأي البعض لايقتصر على تعاون المصالح بين الدول العربية فقط ولكن تعاونها مع أي دولة تتحقق معها مصالحها هذا الطرح يتناسب مع دعاوى الشرق الأوسط الكبير وإذابة الدول العربية وانقسامها الى دويلات عرقية وطائفية ودينية ومذهبية وهو النموذج الذي يطبق بكل أسف في العراق منذ الغزو الأمريكي لأراضيه منذ 6 سنوات وبلاد الرافدين تشهد العديد من المتناقضات آخرها زيارة الرئيس الإيراني الأحمدى نجاد لبغداد بالحماية الأمريكية وغزو القوات التركية لشمال العراق بالموافقة الأمريكية أيضاً، كل ذلك وشعب العراق يبحث عن الخلاص بدم أبنائه ولم تجد معه المبادرات العربية التي طرحت لعودة بلاد الرافدين قوية كما كانت لأمتها العربية والإسلامية.
هذا التقسيم في العراق يقابله في منطقة الشام تقسيم واقعي في لبنان الذي عاش على مدى تاريخه الحديث بثلاثة رؤساء رئيس الجمهورية مسيحي، ورئيس الوزراء مسلم سني، ورئيس البرلمان مسلم شيعي وكشفت الأزمة الحالية عن السعي لتنصيب رئيس رابع من الطائفة الدرزية ليكون رئيساً لمجلس الشورى اللبناني ومع استمرار الفراغ الرئاسي والحكومي يظل الملف اللبناني من أبرز معوقات نجاح قمة دمشق خصوصا بعد فشل جميع مبادرات الحل وتأجيل جلسة مجلس النواب لانتخاب الرئيس الجديد الى يوم 25 مارس الحالي قبيل انعقاد القمة بأيام، ورغم ذلك فإن كل التوقعات تشير الى استمرار الأزمة في ظل غياب المشكلة الحقيقية لها وهي سعي كل طرف لتعديل قانون الانتخاب ليصب في مصلحة طائفته وليس لمصلحة الشعب اللبناني ككل . وقد برز ذلك بصورة أقرب وأوضح في الخلاف الدائر حول توزيع الحقائب الوزارية بين الأكثرية والموالاة والمعارضة في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة!! ليكون لكل طرف الحصة التي تؤهله لتعطيل قرارات الطرف الآخر حتى لو كان قراراً صائباً لمصلحة المجتمع!!
رغم ذلك يظل الأمل في عقد مصالحة تاريخية لبنانية قبل أو أثناء القمة لتخرج لبنان من أزمتها المستمرة على مدى أكثر من عام ومهددة بإدخاله نفق الحرب الأهلية بعد أن دمرت الخلافات والاعتصامات اقتصاده، وإذا كانت محرقة غزة الإسرائيلية تشهد حالياً هدوءاً نسبياً بعد ما تردد من أنباء عن هدنة ضمنية بين إسرائيل وحماس رغم نفي كل منهما وجود اتفاق للتهدئة ولكنها تحققت على أرض الواقع بوقف أولمرت لاستمرار هجوم الجيش الإسرائيلي على غزة ووقف حماس إطلاق صواريخها على المستعمرات الإسرائيلية من أجل عدم استمرار إسرائيل في قتل واستهداف قياداتها.
هذا الهدوء النسبي ـ ونرجو من الله أن يستمر ـ دفع راعي السلام الأمريكي بوش الى إرسال نائبه ديك تشيني غداً الأحد الى منطقة الشرق الأوسط في زيارة لسلطنة عمان وللسعودية والضفة الغربية وإسرائيل تحت دعوى تقديم طمأنات تؤكد استمرار التزام واشنطن بدعم تطبيق اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وحث الطرفين على احترام تعهداتهما طبقاً لخارطة الطريق وفي الوقت نفسه وهو الهدف الأساس من الزيارة بيان المخاطر التي تسببها إيران للأمن والسلام بالشرق الأوسط ودورها في غزة وسوريا ولبنان.
هذا السيناريو الذي يتكرر مع زيارة كل مسؤول أمريكي للمنطقة في التصريح بأن زيارته من أجل تحقيق السلام العربي وفي واقعها هو محاولة دعم التحالف ضد إيران .. لابد لهذا السيناريو الأمريكي أن يتوقف خصوصا أنه سيتكرر مع زيارة الرئيس بوش للمنطقة وخطابه يوم 14مايو المقبل أمام الكنيست لمشاركة إسرائيل احتفالاتها بتأسيسها وليس كما أعلن راعي السلام الأمريكي من قبل من أنه سيأتي للمنطقة من أجل دفع جهود السلام بينما هو يدعم ويؤيد عدو السلام إسرائيل.
هذا الواقع للبنود الأولى من جدول أعمال القمة لابد أن يكون أمامنا جميعاً إذا كنا نريد تغيير واقعنا الى الأفضل كما أمرنا كتابنا العزيز فهل نتحرك للتغير أم نظل نعيش مرحل جلد الذات في طريقنا للنفق المظلم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
هزيمة الاحتلال وعزيمة المقاومة
خيري منصور
اليوم اتلسعودية
كان جوناثان ستيل أول من سمى الاحتلال الانجلو امريكي للعراق باسمه السياسي والأخلاقي الدقيق ، وهو الهزيمة ، لهذا أطلق عنوان الهزيمة على كتابه المكرس من أوله الى آخره للإجابة عن سؤال واحد.. هو لماذا خسروا العراق؟
يقول ستيل وهو من اشهر وأقدم مراسلي الغارديان للشؤون الخارجية : إن الاحتلال دمّر العراق ، والطريق الوحيد الى الحقيقة هو إجراء تحقيقات شاملة ، لأن هذه الحرب التي حاول أمراؤها وسماسرتها على السواء ابتكار ذرائع لها بأثر رجعي ، تحولت الى فضيحة بكل المقاييس ، ولا يحتاج المرء الى تحضير مواد لشهادة دكتوراة في التاريخ ، كي يتوصل الى استنتاج حاسم هو أن غزو العراق واحتلاله هما اكبر خطأ ارتكبته السياسة الخارجية في لندن بالتحديد منذ أزمة السويس والعدوان الثلاثي على مصر الناصرية ، ومن ابسط بدهيات المنطق ان نعرف جذور هذا الخطأ اذا كانت النيّة هي بالفعل الحيلولة دون تكراره. يقول ستيل: إنه زار العراق ثماني مرات ،ورأى عن كثب وبأم العين الدمار الذي حل فيه ، والهزيمة الفعلية التي مني بها مشروع الاحتلال لأن العواصف هبّت على غير ما اشتهى الثنائي الانجلوساكسوني بوش وتابعه بلير. ما يقوله ستيل ليس معقدا ، أو بحاجة الى تفكيك ، فالاحتلال هو الذي استولد المقاومة وليس العكس ، أي أن وجود امريكا في العراق ليس بسبب المقاومة ، وإنما المقاومة قائمة هناك بسبب وجود الامريكيين ، لكن محاولة تصويب المعادلة.. وإعادة الحصان الى موقعه امام العربة او الدبابة لا فرق لا تجد ميديا محررة من سطوة الجنرالات لبثها على الملأ. يقول: إنه رأى في الفلوجة بعد ثلاثة شهور فقط من إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس عيّنة نموذجية تجسدت فيها هزيمة امريكا ، وما سمي الحرب الخطأ ، ويستشهد ستيل بما قاله المؤرخ تشارلز تريب ، عندما نقل شهادة مواطن عراقي هي باختصار، إن امريكا التي جاءت لتخلص العراق من صدام كما زعمت ، خلقت في العراق خمسين صداما على الأقل.
إن منهج الإقصاء الذي اتبعته الولايات المتحدة في العراق لأطراف أصيلة في المعادلة السياسية والديمغرافية كان سببا من أسباب الهزيمة ، ولو كان جوناثان ستيل يكتب بالعربية لاختصر الكثير مما قاله عن المقاومة بكلمة واحدة هي العزيمة مقابل ما سماه الهزيمة ،وهو التعبير الأدق عن فشل الولايات المتحدة في العراق.
إن ما قاله ستيل في كتابه ومن ثم في محاضرة نشرتها مجلة المستقبل العربي في عددها الأخير عن الأزمة الاميركية في العراق ، لا يحتمل اي تأويل ، فالرجل شاهد ما جرى واكتفى احيانا بالتوصيف ، لأن الدلالات ساطعة الوضوح. إنها ثنائية الهزيمة والعزيمة ، لكن بقلم غير عربي وبلغة غير هذه الابجدية التي تعرضت هي الأخرى للاحتلال والاستيطان والرطانة، وبدلاً من ان تحاول امريكا الاعتبار مما حدث تأخذها العزة بالإثم ، وقد تكرر الخطأ بحيث يصبح كارثة كونية وليس إقليمية فقط،
ويبقى العجب قائماً ما دام أمراء هذه الحروب وجنرالاتها وسماسرتها ووكلاؤها يسمنون من المبيدات ويتغذون من الهجاء وقد تعطلت بوصلتهم عند اتجاه واحد،
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
قتل المطران .. مظهر ونتيجة لـ«حرية» العراق و«ديمقراطية» بوش
جورج حداد
الدستور الاردن
ما يطال «الحرية» ومآثر «الديمقراطية» التي جاء بها الغزاة الاستعماريون الى.. العراق ، صار على المواطن العراقي ، كلما عاد الى بيته وعائلته مساء.. هذا اذا قدر له ان يرزق بسلامة العودة ان يصلي ويشكر الله ويحمده على ان عمرا جديدا قد كتب له،،.
العراق.. الذي طلع على العالم باول دولة. واول حرف واول شريعة واول ديمقراطية ممثلة بمجلس الشيوخ ومجلس الشباب «ملحمة جلجامش» واول ريادة في حقول العلم والفن والفلسفة ، هذا العراق اصبح اليوم في زمن التحالف الاستعماري.. اليهودي مغارة علي بابا حيث يرتع اللصوص والقتلة والكواسر البشرية وحيث لا سيادة الا لقوة المخالب والانياب والقوى الغاصبة الشريرة وعصابات الخطف والقتل والابتزاز،،. وليس في هذا عجب ولا رجب اذ.. ماذا يبقى للانسان من انسانية. اذا استحال عبدا للمادة وعبدا للغريزة ، وعبدا للشذوذ الاخلاقي المسبّب من ظاهرات الجوع والفقر والقهر والمرض؟،،
مأساة مطران الكلدان في الموصل - أم الربيعين بولس فرج ورحو على بشاعتها وفظاعتها الموغلة في الوحشية ، ليست الا مظهرا ونتيجة لصورة العراق الحالي ومعاناة العراقيين بعد ان سادت «فلة الحكم» في بلدهم،،
انها.. ليست مأساة انسان فرد ، مطرانا كان او شيخا او فلا.. مسيحيا او سنيا او شيعيا او يزيديا او صابئيا. ولكنها اعمق من ذلك وابعد واشمل.
انها.. بكل تأكيد قرارات مخطط استعماري يهودي مدروس لاعدام امة بكاملها،،.
انها.. تغيير الهمجي حيال اشعاع الحضارة،،.
من الطبيعي الا تكون ردود الافعال العراقية والعربية والعالمية ، على جريمة المطران العراقي غير ما كانت وظهرت عليه من اشكال الشجب والاستنكار والاشمئزاز والنقمة،. غير ان ما يزيد ويعمق الاحساس بالفجيعة هو محاولات تسخيرها لاغراض سياسية وتضليلية وربما.. طائفية ومذهبية،،
والا.. ما معنى ان يعمد الرئيس الامريكي بوش قائد الغزو والاحتلال الى ادانة الجريمة النكراء ووصفه المجرمين القتلة بانهم «... متوحشون وقساة ومستهترون بحياة البشر»؟،،
اوصاف المجرمين القتلة الواردة في ادانة بوش ، هي بدون شك ، اوصاف صحيحة وصادقة غير انها اشد ما تكون التصاقا بالرئيس بوش نفسه لاكثر من سبب يأتي في طليعتها ، انه.. والعصابة اليهودية الملتفة على رقبته ، هم من جعلوا وسمحوا ويسمحون لمثل هذه الجرائم النكراء ان تقع وتستشري وتعمّ،،
ومن جهة اخرى صحيح ان قتل مطران مسيحي او اي رجل دين صالح وتقي ، هو.. جريمة نكراء شنعاء لا تقابل بسوى الاستنكار والاحتقار والاشمئزاز ، غير انها لا تقارن.. ولا تتساوى ابدا في درجة بشاعتها واستنكارها واتساعها على جرائم الحرب التي شنها الغزاة والاحتلال التي زاد عدد ضحاياها من العراقيين المدنيين الابرياء عن مليون وربع المليون بحسب الاحصائيات الامريكية نفسها،، الامر الذي يذكر بقول الشاعر:قتل امرىء في الموصل جــريمة لا تغتفروقـتـل شــعـــــب كـامــل مسألة بها نظر،،
لا يعني هذا استخفافا بالمطران ولا استهانة بفظاعة جريمة قتله ، ولكن يعني ان مرتكبي جرائم الحرب الكبرى لا يحق لهم التستر على جرائمهم بادانة الجرائم الاقل فظاعة،،.
وقبل ان نختم لا بد من كلمة للمصطادين بماء الطائفية العكر ، ان المطران الشهيد لم يخطف ويقتل لانه مسيحي بل لانه شخصية صالحة للاقتداء والمساومة بالمال - الفدية.. والا لكان قتل مع حراسه، انه مثل الاف المخطوفين المستهدفين بطلب الفدية.. وعلى هؤلاء مفتعلي الغيرة على المسيحيين ان يذكروا ويتذكروا ان المسيحيين العراقيين الملتصقين بارضهم وشعبهم في العراق منذ الاف السنوات ، لم يعرفوا في جميع عهود تاريخهم ، مثل هذه الهجرة الكبيرة عن بلادهم الا.. في زمن الغزو والاحتلال الاميركي - الصهيوني،،.
ويبدو ان اتهام القاعدة بكل جريمة نكراء. اصبح مثل اتهام راجح في فيلم «بياع الخواتم» حين راح مختار القرية يلصق براجح الوهمي غير الموجود ، كل جريمة تقع،،.
ولماذا يستبعد الدافع الصهيوني وموساده الذي قتل الاف العلماء والاساتذة العراقيين ، فضلا عن تفجير العشرات من دور العبادة؟،،
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
بوش... والخيارات المفتوحة
وليد نويهض
الوسط البحرين
شكّلت استقالة قائد القيادة الأميركية الوسطى الأدميرال وليام فالون مناسبة سياسية للحديث عن تجدد احتمالات الحرب على إيران. فالاستقالة جاءت عشية بدء نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني جولته على دول في منطقة «الشرق الأوسط» وهي جولة يُقال إنها محاولة أخيرة لفحص نبض دول المنطقة ومدى استعدادها لتقبل مواجهة عسكرية يختتم بها الرئيس جورج بوش عهده الفاشل. والاستقالة أيضاً جاءت على خلفية مقال نشرته مجلة «اسكواير» تحدّثت فيه عن خلافات بين الرئيس والأدميرال على الاستراتيجية الأميركية في دائرة «الشرق الأوسط» وسياسة التعامل مع طهران. وذهب كاتب المقال توماس بارنيت إلى تقديم معلومات مبنية على فرضيات بشأن اختلاف وجهات النظر تسربت من لقاءات أو تصريحات. واستنتج الكاتب مقولة تفيد بأن الأدميرال يمنع الرئيس من خوض مغامرة جديدة وفي حال استقال أو ضغط عليه للاستقالة فإنّ مجال الحرب اتسع وبات بالإمكان توقع حصولها من الآنَ إلى نهاية السنة الجارية؛ أي الأسبوع الأخير من عهد بوش.
ربما المصادفة أعطت قيمة للمقال. وقد تكون المصادفة مقصودة إذ استقال الأدميرال فالون بعد صدور المجلة ما رفع من درجة صدقية المقال وأعطاه ذاك الثقل الذي اضطر البيت الأبيض بسببه إلى نفي العلاقة بين الاستقالة وما توصّلت إليه المجلة من تحليلات. كذلك اضطر وزير الدفاع روبرت غيتس إلى وصف المقال «بالسخيف للغاية». وذهبت الناطقة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو إلى التأكيد على أنّ «لا أحد في الإدارة الأميركية يُريد حرباً مع إيران على رغم أنّ الرئيس يحتفظ بكلّ الخيارات». واحتفاظ بوش بكلّ الخيارات وصفته الناطقة بالإيجابي؛ لأنه «يساعد على نجاح الدبلوماسية ويجعلها أكثر فاعلية».
ما الذي يمكن استنتاجه من كلّ هذه القراءات وردود الفعل على مقال غير موثق صدر في مجلة؟ هناك أكثر من ترجيح وكلّها تصب في لاءات (لا للحرب، ولا للسلم) أو في نعمات (نعم للدبلوماسية، نعم للتفاوض). أيّ كل الخيارات مفتوحة وهذا يعني ليس بالضرورة أنْ تقع الحرب، كذلك ليس بالضرورة أنْ تتوصل الإدارة إلى تفاهم أو تسوية مع طهران، كذلك ليس بالضرورة أنْ يستمر الحال على حاله إلى أمد غير منظور من دون قرار نهائي يحسم الخطوة المُراد اتخاذها بهذا الاتجاه أو ذاك.
ردود الفعل الرسمية على مقال المجلة واستقالة الأدميرال تركزت على تسخيف المشكلة وعدم تضخيمها أو الانزلاق نحو استنتاجات تعطي صلاحيات اسثتنائية لقائد عسكري لا يتمتع بذاك الموقع السياسي المتقدّم ما يسمح له بالتأثير على القرار. وردود الفعل حاولت توضيح الصورة كالآتي: إذا قررت الإدارة خوض الحرب فإنّ الأدميرال لا يملك تلك الصلاحيات لمنعها وإذا رجحت الخيار الدبلوماسي (التفاوض) فإنّ الأدميرال لا يستطيع تعطيل الخطوة. وكلام الإدارة يريد التنبيه إلى نقطة مهمّة وهي أنّ الجنرال أو الأدميرال ينفذ الأوامر ولا يصنع سياسة ولا يقرر مصالح الدولة وإذا سمح له الرئيس بالتدخل فهذا لا يعني أنه الوحيد الذي يتمتع بهذا الحق ولا يسمع إلاّ رأيه. فهناك وجهات نظر وتعدد آراء وخلافات وتحليلات وقراءات وكلها في المجموع العام تصب في دائرة واحدة: البيت الأبيض.
توضيح الواضح
ردود الفعل السلبية التي جاءت في سياق توضيحي لمركز القرار ومَنْ هي الجهة التي تملك صلاحيات ترسيم الخطوات التي ترى القيادة أنها تلبي حاجات السوق (شركات الطاقة ومؤسسات التصنيع الحربي) ومصالح الدولة العليا (الاستراتيجية الدولية) تشير فعلاً إلى وجود اختلافات عميقة في تقدير الموقف. ولكن الردود كانت غامضة ولم تحسم التوجّه الأميركي في العام الأخير من عهد بوش. فهي اكتفت بوضع المسألة في مجال النفي، أي نفي الاستنتاجات التي توصلت إليها المجلة بناء على تصريحات منقولة عن الادميرال. ولكن النفي لم يتطور إلى حد التأكيد على أن الخيار النهائي للإدارة توصل إلى قناعة بأن التوجه الوحيد هو التفاوض والدبلوماسية.
سلوك النفي المترافق مع عدم الالتزام بخيار واضح ليس جديداً. فالإدارة فعلاً منذ احتلال العراق طرحت مجموعة عناصر غير متبلورة في صورها النهائية وهذا ما جعل مخاوف دول المنطقة مرتفعة في درجات حرارتها. فحين يؤكّد بوش يومياً أنه لا يُريد الحرب ولا يُريد السلام وأن خياراته مفتوحة فمعنى ذلك أنه يحتفظ في جعبته بالورقة الأخيرة وهي ربما في النهاية قد تكون غير موجودة... ولكنه يستخدمها للضغط أو التهويل بقصد تشجيع دول المنطقة على الاستعداد النفسي وعقد صفقات لشراء أسلحة وصواريخ ومعدات وتجهيزات ورادارات وطائرات لا تستخدم وإنما تعلب في صناديق وتتكدس في مستودعات.
هذه المسألة ليست سخيفة ولا يمكن إسقاطها من الحسابات التجارية والنفعية في لعبة إعلامية تقودها إدارة غامضة في توجهاتها العامّة وخياراتها المفتوحة. والإبقاء على التوتر وإعادة التذكير بالحرب واحتمال اقتراب موعدها في الربيع الماضي ثم الصيف الماضي ثم الخريف الماضي وصولاً إلى مطلع السنة الجارية ونهاية فصل الشتاء ثم مطلع الربيع وربما مطلع الصيف أو نهايته وأخيراً يمدد كاتب المقال في المجلة الفترة الزمنية إلى نهاية السنة الجارية. ربما تكون وظيفة المقال الذي استخدم تصريحات منقولة عن ادميرال عنده وجهة نظر هي تذكير المنطقة بالحرب من الآنَ إلى الأسبوع الأخير من عهد بوش وقبل أيام من وصول تشيني إلى المنطقة، التشجيع على إعادة فتح اعتمادات مصرفية بقيمة مليارات للإنفاق مجدداً على سباق تسلّح يبتلع أجزاء من ذاك الفائض النقدي الذي حققته المنطقة في السنوات الخمس الماضية.
مقال مجلة «اسكواير» لا قيمة عسكرية ولا استراتيجية له وهو أقرب إلى تحليل لقي ضربة حظ أعطته ثقله حين تصادف صدور العدد قبل الاستقالة. فالربط بين الحرب وتقاعد ادميرال مسألة «سخيفة للغاية» كما قال وزير الدفاع غيتس. كلّ ما في الأمر أنّ بوش لايزال يحتفظ بالخيارات المفتوحة على كلّ الجهات والاتجاهات، فهو يفاوض إيران مباشرة ويهددها مداورة، وهو يناور مع دول المنطقة ليبرر انتشاره الأمني ويعطي ذريعة سياسية لعقد صفقات تسلح. وهذه النوعية النفعية في العلاقات التجارية ليست جديدة على الإدارة الأميركية فهي سبق وفعلتها مراراً وهي الآنَ تكررها يومياً... لأنّه حتى تكون حرية حركة بوش واسعة في هامشها السياسي التجاري فلابدّ أن تكون خياراته مفتوحة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
إيران والعرب والدور الذي على العراق أن يلعبه
جابر حبيب جابر
الشرق الاوسط بريطانيا
زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد الى العراق أثارت الكثير من الاهتمام وردود الفعل التي لا تحصل في هكذا نوع من الاحداث، وتباينت الآراء حتى لم يجمعها جامع سوى الافراط في تقييم الحدث والميل الى أدلجته. والحقيقة ان هذا الأمر مفهوم نظرا لتاريخ البلدين والمنطقة ككل. والمؤسف انه لا يبدو عموما ان لهذا التاريخ قيمة ما أو ان لدروس الماضي معنى لدى أحد. الأمر يتعلق بمنطقة لا يتحمل أحد تكلفة الفوضى فيها، لكنها وللمفارقة منطقة تعد تكلفة استقرارها الأبهظ ثمنا في العالم.
كلما لبست ايران ثوبا محافظا في الداخل أصبحت في نظر محيطها قوة ثورية تسعى الى التغيير، وكلما ادركها محيطها كذلك أخذ يجاهد لمقاومة الامتداد الايراني، وفي الغالب يكون على العراق الساحة الكبرى الفاصلة بين «العالمين» العربي والفارسي ان يدفع الثمن الاكبر.
بعد الثورة الاسلامية في ايران انيطت بصدام حسين، او هو أناط لنفسه، مهمة التصدي لاحتمالات التثوير القادمة من هناك، ودفعت دول الخليج قدرا كبيرا من تكاليف هذه الحرب في حين بدأ العراق رحلة انحداره الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تكلفتها بالأرقام 500 مليار دولار، لكن تكلفتها على صعيد ما أسسته لانهيار قيمي واجتماعي أكبر بكثير. انتهت الحرب التي مازال الكثيرون يجهلون أسبابها الى حال اللاغالب واللامغلوب وتحول العراق الى نموذج للدولة العسكرتارية التي لا يستطيع نظامها أن يستمر من دون استمرار عسكرة المجتمع. طلب صدام من دول الخليج أن تواصل تمويله وان تسدد الجميل، وعندما واجه الرفض احتل الكويت وأرسل رسالة الى رفسنجاني يقبل فيها بكل ما طلبته ايران في مفاوضات ما بعد الحرب، خاتما رسالته بعبارة «وكأن شيئا لم يكن»، وهكذا ربح الايرانيون تلك الحرب سياسيا وربح النظام الاقليمي العربي عبر الوهن الذي أصاب نزعة التثوير لدى ايران وتوقفها عن تهديد استقرار المنطقة وربح الغرب ببيع أسلحة الى المتحاربين والى دول الخليج وبالإنهاك الذي أصاب البلدين، وخسر العراق كل شيء.
مشكلة العراق انه عندما يكون قويا يدفع دائما للاختيار بين العوالم التي تحيطه، وعندما يكون ضعيفا يصبح ساحة لصراع هذه العوالم. الأمر لا يتعلق فقط بالصراع الايراني الخليجي، بل وأيضا بالصراع التقليدي الايراني ـ التركي الذي لم يكن ليتراجع لولا قرار تركيا الاتاتوركية التوجه نحو الغرب. التعليقات على زيارة نجاد الى العراق فهمت على خلفية هذا الصراع، كما ان تلك الزيارة ليست بريئة منه. العراق ليس مكانا يمكن تجاهله أو عزله، بل يمكن فقط التنافس عليه او التنافس به وهو في الحالتين الخاسر الوحيد.
مشكلة العراق ليست في ان جيرانه يتدخلون بل في انه عاجز عن ان يؤسس لنفسه هوية تجعله خارج اطار صراع الجيران، بل والأهم من ذلك، تجعله جسرا بين هؤلاء الجيران. العراق لا يمكن ان يستقر أو ينهض او يبني دولة مدنية حديثة اذا اختار لنفسه أحد الدورين المعروضين عليه: اما ان يصطف مع جانب ضد آخر او يكون ساحة لصراع الآخرين. ولذلك يبدو اللهاث باتجاه علاقة استراتيجية وثيقة مع ايران تكرارا معاكسا لخطأ صدام إن لم يوازنه حراك متحمس نحو الفضاء العربي.
عندما تبنى هوية العراق على أساس العداء لأحد جيرانه فإنها تكون هوية مبتورة ضعيفة هائمة تربط مصير البلد بمتغيرات السياسة بدلا من ان تجعل الاخيرة تابعة لذلك المصير. ان البلدان تكون اكثر قوة عندما تسند هوياتها الى الامل لا الخوف، على الانفتاح لا الانغلاق، والى التعاطي مع المحيط لا الانكفاء عنه، خصوصا عندما يكون هذا الانكفاء مستحيلا كما في حالة العراق اليوم.
العراق اليوم ولأول مرة في تاريخه يصنع سياسته الداخلية على أساس المساومة بين مكوناته لا على أساس الإلغاء، هذه العملية قد تكون ناقصة وقد تشهد ارتدادا وقد تتلاشى تحت الحاح ثقافة الاستئثار واختزالات الايديولوجيا وعدم نضج الطبقة السياسية. ولكنها اذا ما سارت بشكل وطيد ستكون فرصة فريدة للعراقيين لإعادة اكتشاف اهمية بلدهم وثراء تاريخهم ومعنى ان تستوعب هويتهم الجامعة خصوصيات اجزائها ولا تلغي حقائق التاريخ والجغرافيا. بالطبع قد يدرك العراقيون أنهم عاجزون عن ان يؤسسوا لهوية جامعة، وهو أمر يمكن تصوره في ظل عمق التباين بينهم اليوم فيختارون ألا يكونوا مع بعض وهو في اي حال الخيار الاقل سوءا من ان يقاتل بعضهم البعض.
الحقيقة الاساسية ان العراق إذا ظل بلدا موحدا فهو اكبر من ان يختزل الى تابع لإيران او لأي من دول جواره. وتلك الحقيقة هي التي يجب ان يدركها من يخشى خضوع العراق لجار آخر. ولذلك فان على الجوار العربي مسؤولية كما ان على العراقيين مسؤوليات. العرب يجب ان يدركوا أن العراق بحاجة اليهم كي يبقى موحدا، كما انهم بحاجة الى وحدته تلك اذا كان الخطر الايراني هو ما يخشونه. والعراق الموحد بأسلوب عسكرتاري هو أمر أثبت ضرره للعرب لحظة غزو الكويت كما انه بعيد المنال مع عجز الجيش الأميركي عن فرض قبضته عليه. العراق الموحد عبر تراضي ابنائه ومكوناته هو الضمان الاستراتيجي ضد هيمنة وطغيان أحد جيرانه بقدر ما هو الجسر القادر على ربط هؤلاء الجيران. هناك أجندات أخرى قد تكون الاسرائيلية بينها وقد تكون مدعومة ببعض دوائر التأثير في اميركا تميل الى تعزيز الانقسام الطائفي داخل المنطقة وقد تسعى الى ان تمنع العراق من هكذا دور. لكن اذا كان هناك شيء ينبغي تعلمه من التاريخ فهو ان الصراع الايراني العربي سواء كان العراق فيه رديفا لأحد الطرفين او ساحة للمواجهة بينهما، هو صراع لا رابح فيه، جميع اطرافه خاسرون، إلا ان العراق هو دائما من يدفع الثمن الأكبر، وهذه المرة سيكون الثمن ليس أقل من وجوده؛ وهو ثمن لا أحسب أن أحدا بنية سليمة يسعى اليه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
مسيحيو العراق
باسم سكجها
الدستور الاردن
تقول التقديرات إنّ هناك نحو ثمانية آلاف مسيحي كلداني عراقي في الأردن ، وأغلبهم يعيشون في جبل اللويبدة ، حيث تقع كنيستهم ، وأغلبهم ينتظرون فُرصة السفر إلى بلد ثالث ، في هجرة نهائية ، فالعودة إلى العراق لم تعد واردة ، على الأقلّ في المدى المنظور من العمر.
وتقول التقديرات إنّ عشرات آلاف غيرهم مرّوا على الأردن ، وعاشوا فترات معينة ، وتهيأت لهم سبل السفر والهجرة فعلاً إلى دول مثل استراليا أو نيوزيلندا أو كندا أو دول اسكندنافية ، وما يثير كميات مضاعفة من الحزن أنّ أعداد هؤلاء كانت تتزايد مع عمليات الخطف والقتل التي تعرّضوا لها في مدن عراقية ، وخصوصاً الموصل.
ففي حزيران تعرّض ثلاثة من ممثلي الكنيسة إلى الخطف والقتل ، وقبل أيام تكتشف جثة رئيس أساقفة الموصل للكلدان بولس فرج رحو ، بعد عملية خطف ، وهكذا فتفريغ العراق من المسيحيين مستمر ، وسيتصاعد أكثر مع حجم الجريمة الجديدة ، وإذا كان الإرهاب هو السبب في الأمر ، فعلينا أن نعود لسبب الأهمّ وهو تهيئة البيئة المناسبة لهذا الإرهاب.
الاحتلال الأميركي بالضرورة هو السبب ، وإذا كان الرئيس الأميركي يدّعي أنّه هو الأقرب إلى تمثيل المسيحية ، وأنّ أوامره تأتي من الربّ ، فليس من المعقول أن يأمر الربّ بتفريغ الأراضي المقدّسة من المسيحيين ، بدءاً من فلسطين ، ومروراً بلبنان وانتهاء بالعراق ، وما نشهده أمام عيوننا ويجري فعلاً على أرض الواقع يبدو وكأنّه سياسة منظمة يؤكدها النفاق الأميركي وتفيد باستقصاد المسيحيين الشرقيين.
تاريخ المنطقة ، وعلى مدار آلاف السنوات ، عرف المئات من الحروب ، والاحتلالات ، ولكنّه لم يعرف مثل هذا التطهير الديني ، والعرقي ، الذي تساعد على تأجيجه واشنطن ، وكأنّ المطلوب إعادة صياغة التاريخ ، والجغرافيا ، ليكون التمثيل الأوحد للمسيحيين في الغرب ، والتمثيل الأوحد لليهود في فلسطين ، وهي سياسات مريضة في كلّ الأحوال.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
آخر حماقات الأدميرال وليام فالون
ديفيد اغناتيوس
واشنطن بوست
من أول الأشياء التي يلاحظها زملاء الأدميرال وليام فالون عليه هو أنه ضابط بحري. ويقصدون بذلك انه يتميز بالعناد والثقة الذاتية، التي يصفها البعض بالغرور، وهو جزء من متطلبات القيادة في البحر. فهو يعرف كيف يرتدي زيه العسكري الأبيض ويتلقى التحية ـ ويحب توبيخ الناس عندما يعتقد أنهم على خطأ. ومثل هذه الصفات القوية هي جزء من أسباب اختيار فالون لإدارة القيادة الوسطى، الذي يعتبر أهم منصب عسكري في القوات المسلحة اليوم. وهي تشرح أيضا أسباب انهيار فالون، مقدما استقالته يوم الثلاثاء بعد تعليقات صريحة الى كاتب في مجلة «اسكواير» الأميركية وضعته في نزاعات مع البيت الأبيض والقيادات العسكرية.
وركزت معظم الموضوعات المنشورة حول استقالة فالون على «قعقعة سيوف» الإدارة بخصوص إيران. فقد ذكر في حديث مع قناة «الجزيرة» في الخريف الماضي عندما كانت حمى الحرب عالية «أتوقع عدم وقوع حرب، وهذا ما يجب أن نعمل من اجله». ولكن هناك هوة اقل بين فالون والإدارة حول إيران مما تشير اليه التعليقات. فكبار المسؤولين في الإدارة أوضحوا منذ شهور أنهم يعرفون بعدم وجود بديل عسكري جيد ضد إيران.
أما مشاكل فالون فهي اقل درامية ـ ولكنها تصل الى جوهر ما يجب أن تريده أميركا من كبار قادتها العسكريين. فبعد ما اعتبره العديد الأسلوب المختلف للرئيسين السابقين لقيادة الأركان المشتركة جنرال القوات الجوية ريتشارد مايرز، وجنرال المارينز بيتر بيس، قرر البيت الأبيض اختيار شيء مختلف في قائد عسكري كبير ـ رجل قوي. لقد سافرت مع فالون عدة مرات منذ أن أصبح قائدا للقيادة الوسطى وتحدثت معه طويلا، ولذا ربما يمكنني إلقاء نظرة على تقاعده المبكر. أول احتكاكات فالون كانت مع الجنرال ديفيد بترايوس، الذي وثق فيه الرئيس بوش لتطبيق عملية زيادة القوات الأميركية في العراق. والغريب أن بترايوس أيد تعيين فالون في المنصب. ولكن قائد القيادة الوسطى الجديد غضب من علاقة مرؤوسه القوية بالبيت الأبيض. وكان التوتر واضحا في شهر مايو عندما سافرت لبغداد مع فالون. فقد دعاني الي كل اجتماعاته مع المسؤولين العراقيين، بالرغم من اعتراض السياسيين في المنطقة الخضراء. وأكدت المناقشات ذات الطبيعة الاحتكاكية قلق فالون من أن التفاخر بزيادة القوات، بالرغم من انه أدى الى تحسين الوضع الأمني العراقي، لم يؤد الى إتاحة الفرصة للمصالحة السياسية. وبحلول فصل الخريف الماضي، كان من الواضح لفالون أن الموضوع الرئيسي هو معدل الانسحاب الأميركي. إذا كانت استراتيجية الانسحاب هي «مشروطة» وكانت الزيادة تسير على ما يرام، فقد طرح فالون: لماذا نضغط على هذه الميزة ونعمل من اجل جدول زمني أسرع.
وقد استمرت رغبة فالون في إثارة جدل عام، حتى لو أدى ذلك الى مواقف صعبة، عندما سافرت معه لمدة أسبوع في شهر يناير. فقد توقف أولا في راولبندي في 22 يناير للاجتماع برئيس الأركان الباكستاني الجديد الجنرال اشفاق كياني، الشخصية الهامة في الاحتفاظ بالاستقرار في البلاد بعد انتهاء حقبة برويز مشرف. وحاول فالون ترتيب حضوري للاجتماع، وعندما أصبح ذلك مستحيلا، قدم لي تفصيلات للاجتماع، ظهرت في الصحيفة في 24 يناير.
وشعر كبار المسؤولين في البنتاغون والبيت الأبيض بالحيرة من تعليقات كياني، إلا أن فالون لم يعترض. فقد أظهر حديثه أن القائد الباكستاني الجديد يعمل من أجل إعادة تشكيل حرفية الجيش ووقف القاعدة في المناطق القبلية، واعتقد أن على الرأي العام معرفة ذلك.
وآخر حماقات فالون هي الحديث خلال وجودنا في العراق بخصوص ما إذا كان يجب وقف عمليات الانسحاب هذا الصيف، كما أراد بترايوس وبوش. وكان يفضل التوقف، ولكن ليس لفترة طويلة بحيث تحجب الرسالة للعراقيين والأميركيين أن القوات العسكرية الأميركية في طريقها للانسحاب ـ بطريقة بطيئة ومنتظمة ولكن مؤكدة. وأفهم رغبة البيت الأبيض من أجل تسلسل قيادي منظم وحاجة الضباط الى الثقة ببعضهم البعض. ولكن في حالة فالون، أرى وضعا جيدا في شخص قوي الشخصية يقول الحقيقة للسلطة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
الخليج والفتنة مراجعات عند منتصف الطريق‮ ‬1‮/‬2
مهنا الحبيل
الوطن البحرين
كنت قد تعرَّضت في‮ ‬مقال سابق بعنوان‮ (‬حرب الخليج الباردة مَن‮ ‬يدفع الثمن؟‮) ‬إلى إرهاصات هذه المرحلة التي‮ ‬تشهد صراعاً‮ ‬وتوتراً‮ ‬بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وتوافقاً‮ ‬سريَّاً‮ ‬يخضع لمعايير المصالح المرحلية لكل من الطرفين‮ ‬غير أن ذلك وبطبيعة الحال‮ ‬ينعكس على الميدان الأول لهذه الحرب الباردة وهو الخليج خاصة وأن الجمهورية الإيرانية تعتقد بأنها لاتزال قادرة على ملء الفراغ‮ ‬في‮ ‬التوازن الاستراتيجي‮ ‬الذي‮ ‬برز بعد تراجع الولايات المتحدة على إثر اضطراب مشروعها في‮ ‬العراق وفي‮ ‬أفغانستان وهي‮ ‬كذلك في‮ ‬حالة صراع محتدم مع الإيرانيين على الساحة اللبنانية والتي‮ ‬أضاف اغتيال عماد مغنية بعداً‮ ‬آخر لحرب التصفيات بين الجانبين‮.‬
الخليج المتوسط بين اللبننة والعرقنة
ذكر بعض الباحثين والمحللين السياسيين بأن اندلاع الأحداث في‮ ‬لبنان والمواجهات العسكرية المتوقعة بين فرقاء الساحة اللبنانية المذهبية قد تقود الخليج إلى ما اصطلح عليه باللبننة والحقيقة أن وضع الخليج بحسب ما أعتقد مختلف في‮ ‬بعض التوازنات والسمات العامة للحياة الاجتماعية والفكرية والنظم السياسية القائمة وإن كان متفقاً‮ ‬على أن فصائل الثقافة الإيرانية من التنظيمات الشيعية الحركية ترجع إلى مركزية واحدة محسومة بيد طهران في‮ ‬العلاقة الأيدلوجية والولاء المختلط دينياً‮ ‬وسياسياً‮ .‬
غير أن هذا الخليج الملاصق للعراق تؤثر عليه بصورة حادة اضطرابات العراق الطائفية وتداخل الحالة السياسية في‮ ‬علاقتها مع طرفي‮ ‬النفوذ في‮ ‬واشنطن وطهران وما‮ ‬ينسحب على هذه العلاقات والجسور بين المجموعات الطائفية التي‮ ‬اندمجت واتحدت مع الولايات المتحدة الأمريكية في‮ ‬غزو العراق وإقامة العراق البديل له صور مشابهة وإن كانت بالطبع ليست متطابقة كالمشهد العراقي‮ ‬وذلك من خلال علاقة الولايات المتحدة الأمريكية ودوائرها الأمنية والسياسية والإعلامية بهذه المجموعات الطائفية التي‮ ‬بنيت أصلاً‮ ‬من خلال مفاهيم وثقافة الثورة الإيرانية وهو ما‮ ‬يُعقد حالة الخليج ويزيد تجاذباته توتراً‮ ‬واحتقاناً‮.‬
شواهد خليجية من احتقانات المرحلة
ومع اضطرابات الساحة العراقية وخاصة في‮ ‬جنوبه والتي‮ ‬تشهد حالة احتقان طائفي‮ ‬داخلية لدى أبناء الطائفة الشيعية وصراع سياسي‮ ‬بدا فيه بأن إيران تسعى إلى إعادة توظيف تلك المليشيات والجماعات السياسية الطائفية في‮ ‬سياق هذه الحرب الباردة‮ ‬غير أن صعوبة الوضع العراقي‮ ‬برغم كل النفوذ الإيراني‮ ‬شكل عائقاً‮ ‬أمام الإيرانيين في‮ ‬إعادة تنظيم هذه المجموعات لتكون بطاقات مؤهلة للصراع مع الولايات المتحدة ولذا فليس من المستغرب أن‮ ‬يُحرك الإيرانيون مجموعات خليجية سواءً‮ ‬بصورة مباشرة أو إيحاء ضمني‮ ‬لبعض التوجهات لديهم وبعض الأحداث التي‮ ‬تساهم في‮ ‬توتير المنطقة وخلط الأوراق ولعل ثلاثة مشاهد رئيسة أعطت إشارة ولو رمزية لمثل هذه التحركات وإن كان ذلك لا‮ ‬يعزلها كلياً‮ ‬عن الحالة الوطنية الداخلية لكن الإشكالية الكبرى هي‮ ‬تداخل الخطاب الطائفي‮ ‬السياسي‮ ‬بل وتجذره مع كل حِراك‮ ‬يصدر في‮ ‬الخليج عن هذه المجموعات المحسوبة على البناء العقائدي‮ ‬الإيراني‮. ‬وغدا نستعرض هذه الشواهد إن شاء الله‮.‬
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
كوسوفو وبغداد
سمير عطا الله
الشرق الاوسط بريطانيا
يعني استقلال كوسوفو أشياء كثيرة ومختلفة لأناس كثيرين ومختلفين، أولهم الصرب والألبان. ولكن بالنسبة إلي، كقارئ سياسي أو عامل صحفي، لا أستطيع أن أنزع من رأسي فكرة المقارنة بين ديكتاتورين مزقا، بعنادهما، وافتقارهما إلى الشعور بالرحمة، بلديهما وخسرا كل شيء، بدءا أو انتهاء، بالنفس.
صدام حسين وسلوبودان ميلوشيفتش. ولنبدأ من النهاية: لقد مات كلاهما في الاعتقال. الأول في محاكمة على الطريقة العراقية، أسوأ أو أفضل، من المحاكمات التي أحال عليها موت الآخرين وسجونهم وعذاباتهم. والثاني مات ذليلا في محكمة دولية، وليس من حوله أحد. الأول أدى سقوطه إلى سقوط وحدة العراق، والثاني أدى بروزه إلى سقوط وحدة يوغوسلافيا.
خسر الأول جميع الحروب التي شنها على الآخرين وخسر الثاني جميع الحروب التي شنها في كل الاتجاهات. ومن بعده خسر الصرب حرب الحروب: كوسوفو. كلاهما ترك بلدا ممزقا وشعبا ممزقا. مستقبل صربيا الآن يشبه مستقبل بغداد، في حين تحولت جميع الأقاليم اليوغوسلافية الأخرى إلى دول مزدهرة.
في ذكرى وفاة الماريشال تيتو قبل أسابيع قام الألوف بزيارة قبره. كل عام يزداد العدد عن عام. بدل أن تنسى الناس مع مرور الزمن موحد يوغوسلافيا يزداد حنينها إليه.
دخل سلوبودان بعد وفاة تيتو كما يدخل دب جائع إلى مخزن للخزف. حل الحقد محل التاريخ والرؤية. حل التجهم مكان الانفراج. وحل رجل لا يصغي إلى أحد مكان رجل كان يصغي إلى إيقاع التاريخ ويحاول قراءة متغيراته كل يوم.
لم يصغ صدام وسلوبودان إلى احد. يروي وزير خارجية المغرب السابق الأستاذ محمد بن عيسى أنه كان يلتقي نده العراقي طارق عزيز في الزيارات والمؤتمرات. وكان يفهم من إيحاءاته أن صدام حسين لا يصغي إلى أحد، خصوصا في المغامرات الكبرى. فلنتخيل الآن ماذا هو العراق لو لم يشن صدام حروبه وماذا هي يوغوسلافيا لو أن الدب الصربي لم يدخل مخزن الخزف. جميع الدول التي انفصلت عن صربيا هي اليوم على درب المستقبل الأوروبي. إلا بلغراد. لا تزال في الفقر والمافيا والتخلف والتفكك. مسكينة الدول التي يرفض حاكمها قراءة الكتب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
في ذكرى حلبجة ماهي الحقيقة ؟؟ وهل ان «سي آي إيه» دعمت فعلا القوات العراقية ضد الهجمات الايرانية وهل ياتي يوما تنفي فيه امريكا مسرحية حلبجة مثلما نفت علاقة العراق بالقاعدة بعد موقفها المؤيد لتركيا ضد الاكراد!!!!!!!!؟؟؟؟
المحامي علاء الاعظمي
شبكة الرافدين
هل تتذكرون اخوتي الاعزاء ماذا فعل اهالي حلبجة الطيبون العام الماضي حيث حرقوا نصبا اقامته واشنطن في مدينتهم افتتحه المجرم الكذاب كولن باول بعد الاحتلال باشهر لان ابناء حلبجة وجدوا ان الله والتاريخ لن يغفر لهم اذا ما سكتوا على الترويج لمايسمى بمذبحة حلبجة فارادوا ان يعلنوا للعالم براءتهم من هذه الكذبة الكبرى لكن الاعلام وعلى رأسه الاعلام العربي لم يتناول هذه القضية وسكت منها تلبيه لمن يقودونه من حكام
فعلى رأس التبريرات التي قدمتها ادارة المجرم بوش هو استخدام للاسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية، وصلاته مع القاعدة الا ان تقرير البنتاعون قبل ايام اوضخ ان لاصلة بتاتا بين العراق والقاعدة قبل الغزو وقد استخدمت ادارة بوش هذه الذريعة لتحشيد علوجها في العدوان على العراق مثلما استخدمت ذريعة حلبجة ضد العراق
تقول وثائق وزارة الخارجية الامريكية التي كشف عنها اخبرا ونشرتها صحيفة واشنطن بوست الموالية لحزب المجرم بوش
ان رامسفيلد وبعد معركة حلبجة في 11-3-1988 وفي مقابلة اجراها مع شبكة «سي إن إن»، زعم انه «حذر» الرئيس صدام حسين من استخدام الاسلحة الكيماوية وهو زعم _ والقول للخارجية الامريكية - يتناقض مع التقارير السرية التي نشرت اخيرا عن ذلك الاجتماع. ويقول مسؤول بـ«البنتاغون»، هو برايان ويتمان، ان رامسفيلد أثار الموضوع مع وزير الخارجية العراقي طارق عزيز، وليس مع صدام حسين . وتقول وقائع الاجتماع لدى وزارة الخارجية انه اشار اليه اشارة عابرة باعتباره من المواضيع التي «عرقلت» جهود الولايات المتحدة لمساعدة العراق!!!!.
وقال رامسفيلد ايضا ان «لاصلة له» بمساعدة العراق في حربه ضد ايران. وفيما يؤكد مسؤولون اميركيون سابقون ان رامسفيلد لم يكن مهندس ادارة الرئيس الاسبق ريجان في الميل باتجاه العراق،وكتب مساعد وزير الخارجية الاميركية ريتشارد ميرفي في سبتمبر(ايلول) 1988 بعد معركة خلبجة بشهر مذكرة حول مسألة الاسلحة الكيماوية والبيولوجية اورد فيها: «العلاقات الاميركية-العراقية مهمة لأهدافنا السياسية والاقتصادي البعيدة المدى .. اعتقد ان العقوبات الاقتصادية لن تكون ذات فائدة او انها ستأتي بنتائج عكسية في محاولة التأثير على الجانب العراقي». ورغم ما اعلن في الاعلام عن ماجرى في حلبجة فان الصادرات الاميركية الى العراقظلت مستمرة فقد باعت شركة «داو كيميكال» ما قيمته 1.5 مليون دولار من المبيدات الحشرية للعراق كما أورد مسؤول في بنك الاستيراد والتصدير في مذكرة كتبها انه لم يجد «أية اسباب» لوقف مبيعات المبيدات الحشرية الى العراق، رغم الدليل على نسبة السموم العالية في المبيدات التي بيعت الى العراق وخطورتها على الانسان واحتمال ان تتسبب في الموت بسبب «الاختناق». فلو كانت امريكا تصدر غازات كيمياوية او مواد تستخدم في الاسلحة الكيمياوية لاعلنت وقتها بل كانت مواد مبيدة للحشرات ليس الا الا ان الاعلام المعادي للعراق والموالي لامريكا وفي مقدمته الاعلام العربي العميل ظل يجتر ما تنتجه الماكنة الاعلامية الغربية ضد العراق وانقل هنا ما كتبه الاستاذ محمد العبيدي وتحت عنوان ماذا جري في حلبجة الكردية؟ حقائق لا يعرفها الناطقون بالعربية وذلك عام 2004 أي بعد عام من الاحتلال العلوجي للعراق ( وقبل اعدام الشهيد البطل صدام حسين ) رحمه الله فيقول :-
النظام العراقي السابق اقر باستخدامه غاز الخردل ضد الجيش الإيراني وليس ضد المدنيين هل تعرضت مذبحة حلبجة لتضخيم.. وهل قامت جماعات كردية باستثمارها وتسويقها للاعلام الغربي؟هذه قراءة تتساءل عما جري في مدينة حلبجة الكردية، وتحاول تحليل الاراء والاراء المضادة والاستخدام الاعلامي لمأساة حلبجة. وظلت حلبجة بعيدة عن الموقف الرسمي الامريكي، لانها كانت ستدينها باعتبار ان صدام حسين كان اثناء الحرب مع ايران كان سيدين الادارة ولهذا تجنب بوش الاشارة اليها. ومع ان القصة اختفت من الخطاب الرسمي والاعلامي في الثمانينات والتسعينات الا انها عادت للظهور اثناء حملة بوش الانتخابية وعادت القصة للظهور وبقوة اثناء عام 2002 عندما بدأت ادارة بوش التحضير فعليا لغزو العراق، فقد جري ذكر حلبجة 57 مرة في شهر واحد، وفي اذار (مارس) 2003 وهو الشهر الذي بدأت فيه الحرب جري ذكر حلبجة (145 مرة). ويبدو ان العودة لحلبجة جاء لانها انمحت من الاذهان ولهذا اصبح من المناسب ذكر القصة دون التورط في لعبة لوم امريكا علي الدعم الذي قدمته في السابق لصدام حسين.
سمعنا ابان احتلال القوات العراقية للكويت عام 1990 بقضية حاضنات الأطفال حين إدعي كويتيون أن نظام صدام قد سرق تلك الحاضنات من المستشفيات عند إحتلاله للكويت مما أدي لوفاة الأطفال الرضع الذين كانوا يعالجون بها، ثم تتبين أن الفتاة التي صرحت بتلك المعلومات في مؤتمر صحافي والتي قلبت الدنيا ولم تقعدها
لم تكن إلا إبنة السفير الكويتي في واشنطن والتي لم تكن في الكويت حينذاك علي الإطلاق. كما ثبت بعدئذ أن هذه التمثيلية كانت من نسج خيال شركة علاقات عامة أمريكية دفع لها الكويتيون المال الكثير من أجل تأليب المجتمع الدولي، والأمريكي بالذات، علي نظام صدام. تلك الحادثة تراودني كلما فكرت بتداعيات أحداث حلبجة عام 1988 وما جري فيها من قتل لأبنائها والتي أصبحت فيما بعد، وخصوصاً بعد ماسمي بحرب تحرير الكويت، عنواناً إستخدمه ويستخدمه القادة السياسيون الأكراد لتنفيذ مآربهم في الإنفصال عن العراق. فقد أصبح واضحاً الآن وبما لا يقبل الشك أن القادة الأكراد ومن خلال شبكة واسعة في أوروبا وأمريكا وبمساعدة المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي قد وظفوا أيضا شركات متخصصة بالعلاقات العامة لتضخيم وتحريف حقيقة ما جري في حلبجة ذلك العام. قبل أكثر من ثلاثة أعوام سألني صديق أمريكي إسمه جود وانسكي عن حقيقة ما جري في حلبجة عام 1988، وذلك نظراً لما كان الرجل يقرأه من أنباء متضاربة عن حقيقة ما جري هناك والتي كانت تنشرها ولحد الآن أجهزة الإعلام الغربية والأمريكية منها بوجه خاص. والسبب في سؤاله ذلك هو أنه كان من كبار رجال الإعلام الأمريكان، حيث كان يشغل منصب مساعد رئيس تحرير صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الشهيرة، وعمل بعدها مستشاراً إقتصادياً للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان. بعد ذلك، ولحد الآن، ترأس شركة إستشارات إقتصادية/سياسية خاصة تتمتع بموقع متميز وذلك لما له من خبرة إقتصادية وسياسية جعلته متفوقاً علي الكثيرين من أقرانه العاملين في هذا المجال. ولكون وانسكي إستمر بالكتابة عن قضايا الساعة الساخنة، فقد كانت إهتماماته بما كتب ويكتب عن حلبجة تؤرقه لما في الموضوع من فجوات لم يجد الإجابة عليها في ذلك الحين رغم كل ما إطلع عليه مما نشر حول الموضوع. وفي ذلك الوقت كانت أسئلته التي وجهها لي عن هذا الموضوع تجعلني في حيرة من أمري لأني لم أكن أيضاً ملما بالكثير من المعلومات عن هذه القضية، خصوصاً وأني مقيم في إحدي الدول الأوروبية وبعيد عن موقع الأحداث في العراق، ولم أستطع في حينه أن أزوده بمعلومات قاطعة عن حقيقة أشياء كثيرة تخص هذا الموضوع كنت أجهلها انذاك . وكانت هذه مناسبه بدأت معها رحلتي مع هذا الإعلامي والسياسي البارز في سبر أغوار كل ما نشر عن قضية حلبجة، ولم يفتنا في ذلك حتي الإطلاع علي أبسط الأخبار والمعلومات سواء التي نشرت حول الموضوع في وسائل الإعلام الغربية، الأمريكية منها والأوروبية، أو لدراستنا المعمقة لآلاف الوثائق التي حصلنا عليها من هنا وهناك. كما وإستطعت شخصياً الإتصال بأصدقاء وأقارب لي في العراق كانوا ضباطاً في الجيش العراقي طيلة الحرب العراقية الإيرانية، ومنهم ضباط كانوا علي معرفة وثيقة بما جري في تلك الفتره في حلبجة لقربهم من مواقع الحدث. وطيلة حوالي ثلاثة أعوام من البحث والتمحيص إستخدم وانسكي المعلومات التي توصلنا إليها في كتابة عدة مقالات أدهشت محتوياتها كل الساسة ورجال الإعلام الأمريكان وحتي مسؤولي البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، ذلك لأن المعلومات الموثقة التي نشرها وانسكي لا يمكن لأحد إلا أن يعترف بصدقيتها وحقيقة وقوعها. وسألخص في هذه المقالة ما توصلنا إليه من حقائق وفقاً لما نشره الرجل من معلومات.
ولكن قبل ذلك، لا بد لي من أن أضع النقاط علي الحروف حول الكيفية التي عمل فيها الأكراد علي تحريف حقيقة ما حدث في حلبجة عام 1988 وكيف سوقوا لها في الإعلام الغربي والأمريكي بالذات.
البداية
في عام 1993 تأسست في تل أبيب منظمة صهيونية بإسم جامعة الصداقة الكردية الإسرائيلية التي يرأسها الصهيوني اليهودي الكردي (أصلاً من مدينة زاخو العراقية) موتي زاكن ، والذي عمل ولا زال يعمل مع اللوبي الصهيوني ـ الأمريكي. إنتهي الأمر في عام 1996 إلي تشكيل مؤسسة في واشنطن تحمل إسم معهد واشنطن للأكراد والذي أسسه، بمساعدة مالية وإشراف من الموساد، الصهيوني المعروف موريس أميتاي . والصهيوني أميتاي هذا هو مشرّع قديم في الكونغرس الأمريكي وعضو اللوبي للجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية المؤثرة ومستشار لمركز فرانك جافني للسياسة الأمنية و نائب الرئيس السابق للمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي (مؤسسة صهيونية في الولايات المتحدة تتولي الدفاع عن حزب الليكود وتتخصص في التعاون المشترك بين كبار ضباط الجيش الأمريكي ونظرائهم في القوات المسلحة الإسرائيلية). ومن أعضاء المعهد اليهودي والأمن القومي المعروفين هم كل من ديك تشيني (نائب الرئيس الأمريكي حالياً)، جون بولتون، دوغلاس فيث وريتشارد بيرل. كما أن أميتايش أيضًا عضو مهم في الجناح المؤيد لنزعة المحافظين الجدد الذين يدافعون عن التدخل الأمريكي الواسع والمباشر في الشرق الأوسط. ويشرف علي معهد واشنطن للأكراد مجموعة من الأكراد المعروفين بإتصالاتهم وولاءهم للمخابرات الإسرائيلية والأمريكية أمثال د. نجم الدين كريم (رئيس المعهد الحالي)، عمر حلمت، د. عثمان بابان، د. أسعد خيلاني، د. كندال نيزان، د. إسفنديار شكري و د. محمد خوشناو.
هل قام صدام حسين بإستعمال الغازات السامة ضد الأكراد أثناء ارتكابه لجريمة الإبادة الجماعية للأكراد العراقيين، والتي هي الصورة السائدة في أمريكا عن العراق؟ إن منظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch تلك المنظمة الأمريكية غير الحكومية قد ناصرت تلك الادعاءات. ووفقاً لتقاريرها فقد قتل 50.000، وربما 100.000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال بعد أن فلت زمام الأمور في الفترة ما بين شباط (فبراير) و أيلول (سبتمبر) 1988، وأن الضحايا كانوا من الأكراد العراقيين الذين قتلوا بطريقة منظمة حيث إستهدف القتل أعداداً كبيرة بناء علي أوامر الحكومة المركزية في بغداد . وزعمت المنظمة أن العراق قد إستخدم الأسلحة الكيمياوية في أربعين محاولة لشن هجوم علي الأهداف الكردية خلال حملة وصفتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان بأنها إبادة جماعية. ويعد أهم هجوم ذكر في تلك التقارير هو هجوم بالسلاح الكيمياوي الفتاك الذي وقع في آذار (مارس) 1988 والذي راح ضحيته، وفقا لدراسة أعدتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان أكثر من 3.200 شخص أو ربما يصل عدد الضحايا إلي 5.000 شخص أو حتي إلي 7.000 شخص. حقا إنها مزاعم مخيفة، ولكن هل هي حقيقة؟ تلك هي المسألة. نحن نعلم جيداً باستخدام كل من العراق وإيران للأسلحة الكيمياوية ضد بعضهما البعض في الحرب الضروس التي إستمرت بينهما طوال ثماني سنوات والتي إنتهت في 20 آب (اغسطس) عام 1988 حيث تم إعلان وقف إطلاق النار. فمعظم الهجمات العراقية المزعومة علي الأكراد حدثت بينما كانت تلك الحرب مشتعلة بالرغم من أن منظمة مراقبة حقوق الإنسان إدعت أن الهجمات إمتدت حتي شهر أيلول (سبتمبر) ولقد أقر النظام العراقي باستخدامه غاز الخردل ضد الجيش الإيراني ولكنه أنكر الإستخدام المستمر والمتعمد للأسلحة الكيمياوية ضد المدنين.
ولكن ماذا حدث في حلبجة؟
إن أهم أحداث قتل للمدنيين الأكراد من جراء إستخدام الأسلحة الكيمياوية قد وقعت في حلبجة التي هي قرية عراقية تقع بالقرب من الحدود الإيرانية حيث قتل عدة مئات من الأفراد إثر تعرضهم للغازات السامة في منتصفآذار (مارس) 1988، ولقد علمنا أن إيران إكتسحت القرية بما فيها من أعداد قليلة من أفراد القوات المسلحة العراقية؛ ولكن نشب الخلاف حول من هو المسئول فعلياً عن الضحايا: إيران أم العراق، وكم عدد القتلي. إن أفضل دليل كان ذلك التقرير الذي صدر عام 1990 عن معهد الدراسات الإستراتيجية بكلية الحرب العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد خلص التقرير إلي أن إيران وليس العراق هي التي إرتكبت جرائم حلبجة ! أما ستيفن بلتير الذي كان كبير المحللين السياسيين في وكالة الاستخبارات المركزية ومسؤولاً فيها عن مكتب العراق أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية قد وصف النتائج التي توصل إليها فريق العمل لما حدث في العراق خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية كما يلي: إن الغالبية العظمي للضحايا ـ كما رأي المقررون والمراقبون الآخرون الذين شهدوا علي الأحداث ـ قد مُثل بهم وإرتكبت ضدهم فظائع وقتلوا بواسطة سلاح فتاك، ربما بواسطة غاز كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد ولكن العراق لم يكن يستخدم تلك الأسلحة الكيمياوية من قبل بل كان تنقصه القدرة علي إنتاج تلك الأسلحة الكيمياوية في حين أنها كانت في حوزة الإيرانيين، وهكذا يكون الإيرانيون هم قتلة الأكراد . ذكر بلتير أن عدد القتلي كان بالمئات وليس بالآلاف كما زعمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان والإدارة الأمريكية وإلي يومنا هذا تتفق وكالة الاستخبارات المركزية مع هذا الرأي. بينما يقر تقرير كلية الحرب بان العراق إستخدم غاز الخردل خلال الهجوم علي حلبجة. كما ذكر التقرير أن ذلك الغاز يصيب المصاب بالضعف، ولكنه ليس فتاكاً، أما معدل الوفيات من جراء إستخدامه فيصل فقط إلي 2% وبذلك لا يمكن أن يكون قد تسبب في مصرع آلاف القتلي وهذا عكس ما ذكرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان. بينما أقر تقرير كلية الحرب الذي إستهدف إعادة صياغة الأحداث أن إيران هي التي بدأت بالهجوم وإستولت علي المدينة، وقام العراقيون بهجوم مضاد باستخدامهم لغاز الخردل ثم هجم الإيرانيون ثانية، وفي هذه المرة إستخدموا عنصراً فتاكاً ألا وهو كلوريد السيانوجين أو هيدروجين السيانيد. وإستولوا ثانية علي المدينة وأحكمت إيران قبضتها عليها لعدة أشهر. وبعد أن سيطروا علي القرية وأصبح عدد القتلي كبيراً ألقت إيران باللوم علي العراقيين وتأصــــلت الادعاءات الخاصة بالإبادة الجماعية (التي إرتكـــــبها العراقيون) من خــــلال الصحافة العالمية، والأمريكيــــة منها بشكل خاص. وبعد ذلك بفترة وجيزة، تم وضع تلك المزاعم في إطار ساخر من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الشيوخ الأمريكي وذلك لدواع سياسية. وصف بلتير مستنداته في آخر عدد من الـ نيويورك تايمز ـ الذي أصبح عرضة للبحث ـ قائلا: إنني في وضع يجعلني أعلم بكل صغيرة وكبيرة لأنني كبير المحللين السياسيين في الشؤون العراقية في وكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية وكأستاذ في كلية الحرب منذ عام 988 إلي عام 2000. كما كنت مهتماً بالاطلاع علي الكثير من المعلومات المحظور نشرها والتي تسربت من واشنطن وكانت كلها معنية بحرب الخليج . بالإضافة إلي ذلك كنت رئيساً لتحقيقات الجيش في عام 1991 فيما يتعلق بكيفية دخول العراق في حرب ضد الولايات المتحدة، ولقد تم سرد تفصيلات كثيرة تخص موضوع حلبجة في النسخة المحظور الاطلاع عليها .
هل كانت هناك حقاً حملة للإبادة الجماعية؟
رفض بلتير أيضا الإدعاء المؤكد بأن ـ بالرغم مما حدث في حلبجة ـ صدام حسين قد تورط في شن حملة طوال أشهر عديدة من الإبادة الجماعية ضد الأكراد العراقيين وقتل فيها 50.000 أو 100.000 شخص أو أكثر. ووصف ذلك بأنه خدعة تفتقد إلي الوقائع؛ وجاء شرحه كالآتي: يمثل هذا الموضوع معضلة لعدم وجود أي ضحايا للغازات السامة. أما الواقعة الوحيدة التي تثبت أن الغاز قد استخدم فهي شهادات شهود عيان من الأكراد الذين هربوا إلي تركيا جمعها موظفي مجلس الشيوخ الأمريكي. ولقد أرينا تلك الشهادات لخبراء عسكريين ذكروا لنا أنها لا تحمل أي قيمة. أما الأعراض التي وصفها
الأكراد فلا تتفق مع أي سلاح كيمياوي أو مجموعة من الأسلحة الكيمياوية. ذكر بلتير أيضا أن منظمات الإغاثة الدولية التي فحصت حالات اللاجئين الأكراد في تركيا قد فشلت في إكتشاف وجود أية غازات سامة.
ويعد ميلتون فيورست مفكراً مشككاً آخر، وهو مراسل الشرق الأوسط لمجلة نيويوركر ومؤلف لعدد كبير من الكتب، حيث أنه قد زار مناطق الأكراد في العراق عندما ظهرت علي السطح إدعاءات إستخدام الغازات السامة في عام 1988 وأقر بالآتي: مما رأيته ومن واقع مشاهداتي، استنتجت أن الغاز الفتاك إذا تم استخدامه فإنه لا يستخدم في الإبادة الجماعية فالأكراد يمثلون خمس السكان العراقيين وهم جماعة مترابطة للغاية. وإذا كانت هناك عملية قتل واسعة النطاق كانوا سيعلمون بها ويشهدوا للعالم كله علي ذلك. ولكنني أو أي شخص غربي آخر لم نسمع بمثل تلك الإدعاءات ! . وفي صميم الموضوع، ذكر فيورست أن الصحافيين الذين زاروا مواقع الأكراد رأوا اللاجئين بقرح في الجلد ونظراتهم زائغة. وكما يبدو فهي أعراض تدل علي تعرضهم للغازات السامة. وذكر أنها قد تكون أعراضا ناجمة عن غازات مسيلة للدموع قوية ولكنها ليست فتاكة . وفي كتابه قلاع الرمال الذي صدر عام 1994 أضاف فيورست لتقريره: عندما عدت للمنزل تحدثت مع خبراء أكاديميين لم يستبعدوا بشكل قاطع إستخدام الغاز ولكن كان أصوب شيء الاعتماد علي رأيهم لأنهم كانوا متشككــــين. وحدها واشنـــطن وخاصة الكونغرس هم المتأكدون بالرغم من أن السفارة الأمريكية في بغداد (والتي كانت في أفضل موقع لمعرفة أهم الأحداث والاطلاع عليها) قد أصرت علي القصة الأصلية وحيّر هذا الإصرار العراقيين أنفسهم. وفي الكتاب المذكور نفسه وصف فيورست برنامج إعادة الإستيطان الخاص بالأكراد العراقيين فأوضح أن صدام قد أرسل ـ بعد وقف إطلاق النيران ـ جيوشه لقمع عصيان الأكراد نهائياً، وأمر جيوشه بالوصول إلي الحدود الإيرانية وإخراج السكان الأكراد من الإقليم إلي بعد ثمانية أو عشرة أميال في العمق مع تحييد منطقة كان يستخدمها اللاجئون كملاذ . كانت أهداف صدام مفهومة ولكن الأهداف التكتيكية كانت وحشــــية. وقام الجــــيش بنسف عشرات القري بالديناميت حتي تركوها أنقاضاً ونقــــل آلاف السكان من بيوت أجدادهم إلي قري إعادة الاستيطان في داخل المنطقة الكردية .
في هذه العملية قام 60.000 كردي بعبور الحدود مع تركيا حيث ذكروا للصحفيين أنهم يهربون من الهجوم بالغازات، وأنكر العراقيين بغضب هذا الاتهام ولكن وزير الخارجية الأمريكي شولتس إدعي بأنها صحيحة، وأن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ وبدون إجراء أية تحقيقات إقترحت مشروع قانون لفرض عقوبات مشددة علي العراق. وأجج اللوبي الموالي لإسرائيل نيران الصراع وتمت الموافقة علي القانون وتمريره. ولكن في معسكرات اللاجئين الأتراك كانت فرق الأطباء الدولية أكثر تشككاً بادعاءات اللاجئين وذكروا أن الفحوصات لم تؤكد إستخدام الغاز علي الإطلاق. واجه كل من بلتير و فيورست الادعاءات الخاصة بإطلاق العراقيين للغازات السامة علي الأكراد كونه كان المحور الرئيسي لإدعاءات الإبادة الجماعية. فقد تحولت تلك الادعاءات إلي مزاعم بأن طرق قتل العراقيين تضمنت إستخدام الغازات والنسف بالقنابل وإعدام أعداد كبيرة من الأكراد. وهناك صوت معارض لذلك غريب جداً وهو خاص بوكالـــة الاستخبارات المركزية في ملف تشرين الأول (اكتوبر) 2002 عن برنامج أسلحة الدمار الشامل الخاص بالعراق . حدد هذا الملف عشرة حالات فقط لإستخدام العراق للأسلحة الكيمياوية، ولم يتم إستعمال أياً منها ضد الأكراد وبشكل خاص خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية. تمت الإشارة إلي سبعة هجومات إستخدمت ضد الإيرانيين وثلاثة فقط كان ضحاياها من الإيرانيين والأكراد بما فيها حلبجة، ودعم هذا إدعاء العراق بأنه إستخدم غاز الخردل فقط في العمليات الحربية ضد إيران.
والأهم من ذلك زعمت وكالة الاستخبارات المركزية إصابة 20.000 شخص ما بين قتيل وجريح في الحملة العراقية المزعومة ضد الأكراد، بعكس تأكيد منظمة حقوق الإنسان علي وفاة 50.000 أو 100.000 شخـــص. إن تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية يجب أن يتم تفسيرها كأرقام قصوي ممكنة.
تحليل تقارير عن الإبادة الجماعية
أصدرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان عدة تقارير تشكل العمود الفقري لموضوع الغازات السامة وادعاءات الإبادة الجماعية، وأن تقريرها الرئيسي كان عن الإبادة الجماعية في العراق ، إضافة إلي تقرير عنوانه حملة الأنفال ضد الأكراد لمنظمة أطباء لحقوق الإنسان وهي منظمة أطباء ملحقة بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان وتتعاون معها ولكن تقريرها ليس علي أساس من البراهين وإنما هو واه بشكل كبير ويتكون من لقاءات مع 350 من الأكراد في كردستان في عامي 1992 و 1993 بعد أربع وخمس سنوات من وقوع الأحداث ونبش للقبور في ثلاث قري وفحص وثائق حصل عليها المتمردون الأكراد من موظفي الحكومة العراقية الذين تم إعتقالهم. إن البيئة السياسية التي تم في إطارها إجراء اللقاءات تتمثل كونها أجريت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وهي بالطبع دولة تدعم بقوة حركة الأكراد وتتعاون مع ممثلي وزارة الخارجية الأمريكية ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وهذا ما يضعف من مصداقية كل ما تم ذكره عن اللاجئين. كان لدي الذين أجروا هذه اللقاءات الدوافع الكاملة لإرضاء منظمة مراقبة حقوق الإنسان التي كانت في وضع يتطلب منها مساعدة الأكراد ولم تجد للقيام بذلك سوي نشر تقارير عن تلك الجرائم الوحشية. وما لا يصدقه عقل هو تأكيد تلك المنظمة علي وقوع عمليات إبادة جماعية بالرغم من الصعوبة الشديدة في العثور علي دليل مادي. ومن خلال نبش ثلاث مقابر تم إخراج 26 جثة لرجال وفتيان تم إعدامهم. بالفعل كان هذا عملاُ وحشيا ولكنهم تركوا 99.974 جثة لم يتم التعرف علي ظروف وفاتها. كما أن هناك مقبرتين، وجد بهما جثث لعدة أفراد تم دفنهم علي حدة وتوفوا لأسباب غير معروفة، الأمر الذي لم يقدم أي دليل يدعم المزاعم الخاصة بالإبادة الجماعية. إن قول منظمة مراقبة حقوق الإنسان بأن حوالي مائة ألف شخص (99.974) تم نقلهم إلي مناطق بعيدة وإعدامهم رميا بالرصاص في مقابر جماعية، هذا القول ليس هناك ما يدعمه من أدلة. كما ادعت منظمة مراقبة حقوق الإنسان بأن القوات الإيرانية في حلبجة قد تمكنت من دفن 3.000 ضحية تحت طبقة رقيقة من الرمال في 16 آذار (مارس) في مقابر جماعية في مجمع عنب، وبعد أربع سنوات كانت الجثث لا تزال هناك وقد بدأت في تلويث المياه الجوفية. كيف علموا بذلك؟ إننا لا ندري، كما أنه لا توجد أية أدلة تثبت تلك الادعاءات. وننتقل إلي سؤال المحلل السياسي الأقدم لوكالة الاستخبارات المركزية ستيفين بلتير حين قال، إذا كان قد تم قتل 100.000 شخص فأين جثثهم؟ .
هناك عدة أسباب أخري للتشكيك في دقة تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان:
1ـ ثمة آخرون حققوا في الموقف ولم يصلوا إلي نتائج مماثلة عدا جماعتين أمريكيتين فقط هما (منظمة مراقبة حقوق الإنسان وأطباء تابعون لها) وهؤلاء يعملون مع أعداء صدام حسين، الذين هم المعارضة الكردية والحكومة الأمريكية.
2ـ بالرغم من أن تقرير كلية الحرب الذي يقع في تسعين صفحة هو في متناول عامة الشعب طوال ثلاث سنوات عندما نشرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان تقريرها المعنون الإبادة الجماعية في العراق عام 1993 إلا أن التقييم الأول لم يذكر عنه شيئا. ولم يهتم أحد بملاحظات ميلتون فيورست المتزامنة والمباشرة. كما لا يوجد تقييم جاد لأي تساؤل عن الأدلة المضادة للإبادة الجماعية.
3ـ إن التقارير والكيفية التي تناولتها بها منظمة مراقبة حقوق الإنسان تظهر تحيزاً سياسياً مقصوداً لصالح حركة الأكراد في العراق. يصور تقرير الإبادة الجماعية في العراق الحكومة العراقية وسيادة الدولة العراقية التي يعترف بها العالم كإدارة دمي . بينما عملت منظمة مراقبة حقوق الإنسان عن قرب مع الاتحاد الوطني الكردستاني وهو احدي الجماعات المعارضة الأساسية.
4ـ وبكل بساطة لا يوجد دليل علي إستخدام أي عنصر من المواد الكيمياوية كالغازات المسيلة للدموع وهي العناصر المحرم إستخدامها قانونا أو حتي عنصر غير كيماوي يؤدي إلي حدوث أعراض من التي تم وصفها في تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان. أما أفظع ما ذكره التقرير فهو أن الإصابات التي تم نقل وصفها عن الأكراد كانت تتماشي مع تعرضهم لغاز الخردل. وهذا ما يثبت الفشل التام في إدراك أية أسباب أخري ممكنة. علاوة علي ذلك، نحن نعلم وعلي حد قول ستيفين بلتير بأن غاز الخردل لا يقتل أعدادا كبيرة من الأفراد. وفي كل الأحوال كانت إيران أيضا قد إستخدمت غاز الخردل. وكمثل للاستنتاجات التي تم التوصل إليها بدون دليل مقنع ـ أو أي دليل مادي ـ هو ما يخص سبباً أوردته منظمة مراقبة حقوق الإنسان في تقريرها تدمير كوريم خلال حملة الأنفال . هذا التقرير يشرح عملية نبش القبور وإخراج جثتين زعموا أنهما قد قتلا خلال هجوم بالأسلحة الكيمياوية في القرية الكردية برجيني.
ومع ذلك تذكر المنظمة أن الفحص الهيكلي لعظام الجثتين اقتصر علي تحديد ما إذا كانت هناك إصابة أو آثار تحيط بظروف الوفاة يمكن أن تتناقض مع ما قاله أهل القرية بأن المتوفيين قد تعرضا لأسلحة كيماوية. ولم توجد أية شواهد تدل علي وفاتهما بسبب الأسلحة الكيمياوية، وفي الواقع لا توجد هناك أي علامة عن كيفية وفاة هذين الشخصين. ومن المحال إستخدام هذا كدليل قاطع علي شن هجوم بالأسلحة الكيمياوية.
5ـ تظهر قرارات منظمة مراقبة حقوق الإنسان ـ المبالغة في إطلاق المزاعم ـ الميل للتأكيد علي أن هناك أعدادا أكبر من الضحايا. وحدث تغير جذري في طبيعة هذا الإدعاء في تقرير عام 1993 تحت عنوان الإبادة الجماعية في العراق إدعت فيه المنظمة أن عدد الضحايا كان علي الأقل 50 الفا وقد يصل إلي 100 الف شخص. وفي عام 2003 إرتفع العدد فجأة إلي 100 الف شخص بشكل مؤكد. كما وحدث تغير في وصف الإصابة لجنس دون الآخر. مثلا في عام 1993 كان الكثير من الضحايا نساء وأطفالا، أما في عام 2003 كان كل المئة ألف ضحية من الرجال والفتيان. وربما في عام 2003 أيضا تم نقل الرجال والفتيان إلي مناطق بعيدة وتم قتلهم رميا بالرصاص، ثم نقلت جثثهم إلي مقابر جماعية. ولم تذكر لنا منظمة مراقبة حقوق الإنسان اطلاقا لماذا لم تكن هناك جثث، سواء أكانت لذكور أم إناث لإثبات تلك المزاعم.
6ـ في عدة مواقف، دعت تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان بوضوح إلي أنه كانت هناك محرقة تماثل محرقة النازيين، وأن النظام العراقي أخفي أفعاله وسط إستخدام العبارات الرقيقة، وكان هناك تواز بين المحرقة والحملة المزعومة ضد الأكراد. إن اللجوء إلي هذه البئر العميقة من المشاعر ضروري فقط عندما تكون الحقائق غير كافية للإقناع.
وثائق على الانترنت
إعتمدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان علي وثائق الحكومة العراقية التي إستولت عليها (المعارضة) الكردية. وتم حفظ هذه الوثائق داخل مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد. إن هذا المشروع ـ الذي يمثل تعاون المنظمة مع وزارة الخارجية الأمريكية ـ قد وضع عدداً من الوثائق في موقعه علي الإنترنت، بعد إضافة عبارات مستفزة لتلك الوثائق مثل الإعدام البيروقراطي و المغتصب المحترف وذكروا في ذلك الموقع الإليكتروني بعض الادعاءات الوحشية وأهمية بعضها. ولكن ماذا لو تأملنا الوثيقة المعنونة: الإعتراف بإستخدام السلاح الكيمياوي والتي يذكر فيها ما يلي: من أمن شقلاوة، العدد 2034، التأريخ 10/5/1987 علمنا ما يلي:
1ـ قام العدو الإيراني بتزويد عائلات المخربين في القري والأرياف الحدودية بعقاقير طبية وخاصة أدوية ضد المواد الكيمياوية ويتدربون علي زرق الإبر التي تستعمل لهذا الغرض وكذلك التدريب علي كيفية إرتــداء أقنعة الوقاية في الرأس.
2ـ يوجد هناك حوالي مائة مخرب من مختلف زمر التخريب في منطــــقة ورته التابعة لقضاء الصِدّيق علي طريق خانقاوه وذلك لصدّ القوة التي ترافق ترحيل القري، علمــــاً بأن أغلـــب العوائل في تلك المنطقة قد غادروها إلي إيران. يرجي تدقيق صحة المعلومات وإعلامنا خلال 24 ساعة لطفاً. توقــــيع: رائد الأمن، مدير أمن شقلاوة .
قد تم تفسير هذه الوثيقة كما يلي: إن الوثيقة هامة للغاية لأنها تفسد أي ادعاء من قبل حكومة صدام حسين بأنها لم تستخدم الأسلحة الكيمياوية ضد الشعب الكردي. أما التاريخ ومصدر ونص الوثيقة فكانوا إثباتا لا يقبل الشك عن حملة الإبادة الجماعية التي يقوم بها النظام العراقي؛ والمعروفة بالأنفال ضد الأكراد. إن موضوع استخدام النظام العراقي للأسلحة الكيمياوية كجزء من حملة الأنفال قد إنتشر للغاية، وكان لزاماً علي الإيرانيين تزويد الأكراد بمواد تحميهم وتقيهم من المواد الكيمياوية. بينما كان ذلك هو التفسير الممكن، يمكن أن تكون الوثيقة إما :(1) تقريراً للواقع أو (2) تحذيراً من أن الإيرانيين إستخدموا أيضا تلك الغازات (مواد مميتة أو غاز الخردل) وقد أنتجوا مواد طبية وثياباً واقية لكل من يساندهم، ويمكن أن يعدوا أنفسهم لشن هجوم كيماوي. إننا لا ندري حقاً ومن السخف أن نقدس هذه الوثيقة الهينة عن الموافقة علي استخدام الأسلحة الكيمياوية من قبل العراق .
ادعاءات باستخدام غاز الأعصاب
إن الأطباء التابعين لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان والذين تعاونوا مع منظمتهم قد أصدروا عدداً من التقارير كانت معظم إدعاءاتهم فيها مماثلة للتقارير الصادرة عن منظمة مراقبة حقوق الإنسان وهي خاضعة لنفس الاعتراضات. أحد هذه التقارير هام للغاية ويتطلب فحصاً مشخصاً وهو بعنوان غازات الأعصاب المستخدمة في شمالي العراق ضد الأكراد وصدر في 29 نيسان (ابريل) 1993.
ووفقا لهذا التقرير قام فريق من الأطباء التابعين لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان بجمع عينات من التربة في 10 حزيران (يونيو) 1992 من فجوات حدثت بسبب انفجار قنابل بالقرب من قرية برجيني الكردية شمالي العراق إدعي فيه أن الجيش العراقي قام بإلقاء قنابل علي برجيني في 25آب (اغسطس) 1988. وتم تحليل تلك العينات بواسطة مختبر بريطاني والذي أقر بوجود دليل قاطع لبقايا من حوامض ميثايل فوسفونك وآيزوبروبايل ميثايل فوسفونك ومنتجات مشتقة من غاز الخردل. فحامض ميثايل فوسفونك هو ناتج عن التفاعل مع الماء وليس من الغازات أو المواد المؤثرة علي الأعصاب، أما حامض آيزوبروبايل ميثايل فوسفونك (والذي أطلق عليه التقرير بشكل خاطئ إسم حامض آيزي بروبايل ميثايل فوسفونك) هو مادة ناتجة عن تفاعل الماء مع السارين .
إذا اعتبرنا أن العينات صحيحة والظروف المناسبة (في حالة وجودها) للتفاعل بالماء كانت متاحة، تكون هذه النتيجة هامة. حيث يمكن للسارين أن يكون عاملا في وقوع وفيات لأربعة أفراد من قرية برجيني وقد أعلن ذلك في نفس اليوم. ومع ذلك فإن السارين ليست له رائحة، ووفقا لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان، ذكر سكان القرية أنهم قد شمّوا روائح مختلفة ومحددة بعد القصف بالقنابل. قالوا: كانت الرائحة طيبة في البداية مثل رائحة التفاح أو شيء حلو المذاق، ثم تحولت إلي رائحة تشبه رائحة مبيد الحشرات في الحقول، ثم أصبحت كريهه للغاية. وللموافقة علي هذا التقرير يكون من الممكن القول ان العراق قد خلط السارين وغاز الخردل معاً أو مع عنصر ثالث، كما ذكر كاتبوا التقرير وجود ثلاث موجات لأربع قنابل، وكلها كانت تبدو متطابقة.
وتدعي مصادر أخري ان العراق قد إستخدم غاز الأعصاب، فتقول وكالة الاستخبارات المركزية ان العراق إستخدمها ست مرات: خمس مرات ضد القوات الإيرانية والمرة السادسة في حلبجة ضد الإيرانيين والأكراد. وتتضمن ست مرات أو أربع منها علي الأقل إستخدام غاز التابون الخام وليس السارين، وزعموا أن تلك العناصر التي إستخدمت في الحالتين الأخيرتين لم يتم تحديدهما. ذكر ريك فرانكونا ، وهو ضابط أمريكي متقاعد باستخبارات القوات الجوية وعمل كضابط إتصال حول الجيش العراقي، بأن تلك الوقائع قد حدثت أربع مرات في عام 1988.
مساندون آخرون لادعاءات وقوع عمليات إبادة جماعية:
هناك آخرون تبنوا إدعاءات ومزاعم وقوع عمليات إبادة جماعية، علي رأسهم جيفري غولدبرغ الذي كتب قصة في 18 ألف كلمة أسماها: الرعب الأكبر في 25 آذار (مارس) 2002، وصدرت عن مجلة نيويوركر ، ووضعت علي الموقع الإليكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية عن عمليات الإبادة الجماعية المزعومة. فقصة غولدبرغ مليئة بالأحداث المثيرة حيث ذكر من خلالها علي سبيل المثال، أن إمرأة تدعي حميدة محمود ماتت وهي ترضع طفلتها ابنة العامين، ثم ذكر قول منظمة مراقبة حقوق الإنسان إن حملات الهجوم التي شنها صدام حسين علي مواطنيه تؤكد أن هذا هو الزمن الوحيد منذ محرقة النازيين الذي إستخدم فيه الغاز السام لإفناء النساء والأطفال . ولم يذكر غولدبرغ لقرائه، أنه مزدوج الجنسية ويحمل جنسيته الإسرائيلية بجانب الجنسية الأمريكية، وكان يعمل في قوات الدفاع الإسرائيلية قبل ذلك بعدة سنوات أو أنه تجاهل عن عمد تقرير كلية الحرب والذي بالطبع طرح نتائج أخري لم تكن علي هواه.
وبتفصيلات غريبة إتبع غولدبرغ ما ذكرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان عن حلبجة وأكد أن العراقيين قد أسقطوا وابلاً من قنابل الغاز علي المدينة الكردية بعد أن سيطر عليها الجيش الإيراني بالرغم من أن الإيرانيين لم يذكروا أي إصابات بالغاز. كما أن هناك جزءا مهما من سرد غولدبرغ لم يكن مناسباً علي الإطلاق له ولكل من ساند الإدعاء بقيام العراقيين بارتكاب عمليات إبادة جماعية ضد الأكراد، وهو أن الأكراد في رواياتهم ذكروا أنهم أصيبوا بقروح جلدية وفي بعض الأحيان سقط منهم قتلي علي الفور بسبب غاز الخردل علي الرغم من أن غاز الخردل لا يظهر أعراضاً فورية. ووفقا لمذكرة واقعية صدرت في كانون الأول (ديسمبر) 2002 من وزارة الصحة البريطانية إن غاز الخردل عادة لا يسبب ألماً وقت التعرض له، وقد يتأخر ظهور الأعراض لأربع أو ست ساعات، وفي بعض الأحيان تظهر علي الفور أعراض مثل: الغثيان، الدوار، القيء وألم بالعين . وبالمثل ذكرت مراكز الولايات المتحدة للسيطرة علي الأمراض أن غاز الخردل يحرق الجلد ويسبب قرحاً خلال أيام قليلة . وقد وافقت مصادر أخري علي ذلك. وعلي نحو مثير، تم زج قصة غولدبرغ علي الفور في حملة إدارة بوش ووضعت مقالته في قسم الحقائق في مجـــلة نيويوركر. ويمكن تفسيرها كجزء من الحملة الأمريكية ـ الإسرائيلية المشتركة ضد صدام حسين، حيث يدعم غولدبرغ بحماس شديد فكرة الإطاحة بصدام. أما كرستين جوسدن وهي أستاذه في علم الوراثة الطبية في جامعة ليفربول البريطانية، فكانت مدافعة عن تلك الإدعاءات رغم أنها قد بدأت تهتم بذلك فقط بعد زيارتها لحلبجة عام 1998. إنها مؤمنة حقا بالوضع السائد هناك في تلك السنوات العليلة وحولت نفسها إلي خبيرة في الإرهاب وأيدت ذلك أمام الكونغرس. ثم شاركت في تأليف عمل ظهر مؤخراً (وهو شديد الإثارة) مع الصهيوني المعروف موريس أميتاي المدير التنفيذي لمعهد واشنطن للأكراد. لم تقم جوسدن بإضافة أي دليل لفهمنا للوقائع سوي أنها رفعت عدد إجمالي الوفيات إلي 200 قتيل علاوة علي أنها أضافت إستخدام أسلحة بيولوجية وإشعاعية لقائمة العناصر التي يزعمون أنها قد إستخدمت بواسطة النظام العراقي ضد الأكراد.
هناك خبير إنتقد بشدة إدعاءات جوسدن هو د. جوردون براثر وهو عالم بالفيزياء النووية كان سكرتيراً مساعداً للجيش الأمريكي للعلوم والتكنولوجيا في فترة رئاسة الرئيس الأمريكي ريغان والذي أدلي به بنفسه عن المواد الكيمياوية حينئذ لما كان يضطلع به من مسؤوليات وبصيرة نفاذة في ذلك العالم، وأكد براثر في تعليقه التالي علي إدعاءات الإبادة الجماعية كرد منه علي مزاعم الدكتورة جوسدن : إن تأكيد الدكتورة جوسدن بأن 280 قرية قد قصفت بالغازات السامة ما هي إلا مزحة وكان لزاماً عليكم أن تعرفوها دون مراجعة الحقائق. لقد كانت هناك مئات القري علي الحدود العراقية قد أزالتها بغداد ولكن المقيمين فيها تم نقلهم لقري جديدة تم بناؤها خصيصاً لهم في الداخل (داخل البلاد في المنطقة الكردية). وتمت دعوة الصحافيين الغربيين لتلك الأماكن ليشاهدوا عن كثب تلك العملية، بمن فيهم كارين اليوت هاوس التي تعمل في وول ستريت جورنال وهي الآن رئيسة لمجلة داو جونز الدولية كما وأن هناك سجوين روبرتس وهو مراسل التليفزيون البريطاني الذي زار معسكرات اللاجئين الأكراد في عام 1988. لقد دخل روبرتس أيضا الإقليم العراقي وأخذ معه بقايا قنابل وجد بها المختبر البريطاني أجزاء من غاز الخردل. ولكن روبرتس لم يحدد علي الإطلاق من أين أحضر تلك البقايا، ومن المعروف أن إيران والعراق لديهما غاز الخردل. لقد كان أغرب تقرير قدمه روبرتس عما أسماه بالمذبحة في شمال العراق في 29 آب (اغسطس) 1988، وراح ضحيتها كما هو مفترض من 1.500 إلي 4.000 قتيل معظمهم من النساء والأطفال قتلوا جميعاً بواسطة مزيج من غازات الأعصاب المختلفة. ولقد تم تفسير عدم وجود الجثث بأن الجنود العراقيين قد أحرقوها بينما هم كانوا يرتدون أقنعة واقية علي وجوههم. ونعود مرة أخري إلي ستيفن بلتير ، محلل وكالة الاستخبارات المركزية، حيث يقول ان الجيش الأمريكي قد درس بدقة تلك التقارير ووجد أنها تفتقد إلي المصداقية والأساس السليم. ويضيف ستيفن بلتير في تعليقه علي تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية بأنه مرعب جداً. كما وأضاف يقول، هناك إيمان راسخ كما أنا أؤمن به اليوم من أن ما حدث في حلبجة لم يحدث بالطريقة التي وصفها تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية، وأن هذه المسألة حساسة جداً حاليا . وأضاف يقول، نحن نقول بأن صدام وحشي ومهووس لأنه قتل أبناء شعبه بالغازات السامة وأن العالم يجب أن لا يتحمله، ولكن السؤال هو لماذا؟ والجواب هو لأن ذلك هو الجدل الأخير الذي تستخدمه الولايات المتحدة لشن الحرب علي العراق .
كما يقول تقرير المخابرات المركزية الأمريكية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية والذي نشر في تشرين الأول (اكتوبر) 2002 أن هناك فقط دليلا علي أن المئات قد قتلوا في حلبجة في آذار (مارس) 1988، وأن غاز الخردل وغاز الأعصاب فقط قد إستخدما من قبل العراقيين. يبدو من ذلك أن المخابرات المركزية الأمريكية تساند الآن ما جاء بتقرير كلية الحرب الأمريكية الذي أصدرته في نيسان (ابريل) 1990 من أن عنصراً في الدم يعتمد علي السيانيد وليس غاز الخردل أو غاز أعصاب هو ما قتل الأكراد في حلبجة. كما أنه لا يوجد هناك في تقرير المخابرات المركزية الأمريكية ما يشير إلي أنه كان هناك هجوم بالأسلحة الكيمياوية علي 40 قرية عراقية كردية كما يشير تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية وادعاءات الجماعات الكردية.
وفي 3 ايار (مايو) 1990، أشارت صحيفة الـ واشنطن بوســـــت إلي دراسة أخري تقول فيها أنه في عملية إحياء وتقــــييم للمراحل النهائية للحرب العراقية ـ الإيرانية أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية أجمع فيها المحللون علي أن المعلومات المخابراتية الحاسمة تؤكد أن ما حدث في حلبجة هو أحد أســــوأ المذابح المدنية في الحرب العراقية ـ الإيرانية، والتي كان سببها إستعمال القذائف الكيمياوية من كلا الجانبين المتحاربين. هـــــذا وكـــــتب روجر تريلينغ في صحيفة Village Voice الأسبوعية بعددها الصادر في 1ـ 7/5/2002 معلقاً علي التقرير الذي نشرته منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية في الفصل الخاص بالأسلحة الكيمياوية من أن ذلك الفصل كان مخصصاً للتكتيكات العسكرية العراقية، بإستثناء جملة واحدة تسترعي الإنتباه تقول: ان عنصرا خاصا بالدم (كلوريد السيانوجين) كان مسؤولاً ظاهرياً عن غالبية الإستعمال سيئ السمعة للمواد الكيمياوية في الحرب، ألا وهو قتل الأكراد في حلبجة. وبما أنه ليس لدي العراقيين أي تأريخ عن إستخدام هذه المادة، في حين كان للإيرانيين ذلك، فإننا نستنتج أن الإيرانيين هم من إرتكبوا ذلك الهجوم . والنتائج أعلاه التي توصلت إليها وزارة الدفاع الأمريكية تفرض الآن سؤالاً ملحاً عن أسباب المبالغة التي أدت بمنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية والجماعات الكردية إلي تحميل العراق مسؤولية وفاة المئات من الأكراد العراقيين نساء وأطفال وعجائز ممن يقال انهم قضوا نحبهم في حلبجة.
هل هناك دليل قوي علي ذلك؟ تم العثور في المنطقة علي مقبرة بها 26 أو (27) جثة لأفراد أطلق عليهم النار، ولم يصابوا بأي مادة كيماوية؛ وبقايا نوعين من الغاز في موقع واحد به أربعة أفراد متوفين. هذا كل ما في الأمر.
لا يمكن إلا لشخص يسهل خداعه فقط أن يجد في هذا دليلا كافيا للإبادة الجماعية.
ورغم تشكيكات الخبراء الواردة أعلاه، وبعد سنوات من حملة قادتها لحساب القيادات الكردية شركات العلاقات العامة بالتعاون والتنسيق مع المخابرات الصهيونية تم تسويق موضوع الإبادة الجماعية للأكراد لدي المجتمع الدولي.
يستدل من الأنباء التي أوردتها وسائل الإعلام الإيرانية وتصريحات المسؤولين الإيرانيين أثناء وبعد أحداث حلبجه تناقضاً واضحاً بخصوص أعداد القتلى من المدنيين إضافة لتواريخ حدوث العملية العسكرية، وكما مبين في النصوص أدناه (لاحظ التناقضات في النصوص ).
16 آذار/مارس 1988
وكالة الأنباء الإيرانية تعلن أن العراق قد قصف حلبجه بالأسلحة الكيمياوية في تمام الساعة 18:00 بتوقيت غرينتش، وهو ما يعني أن "حوالي 4000 شخصاً قد قُتلوا".
"Iranian Military Communiqués and Reports," Islamic Republic News Agency, 17 March 1988, reported in British Broadcasting Corporation, BBC Summary of World Broadcasts, 23 March 1988, Part 4, p. A1.
16-17 آذار/مارس 1988
وكالة الأنباء الإيرانية تزعم أن الطائرات العراقية قد هاجمت القرويين الأكراد بالقرب من ماريفان بالأسلحة الكيمياوية في 16 و 17 آذار/مارس، مما أدى لقتل عدد غير محدد من المدنيين.
"Iranian Military Communiqués and Reports," Islamic Republic News Agency, 18 March 1988, reported in British Broadcasting Corporation, BBC Summary of World Broadcasts, 23 March 1988, Part 4, p. A1.
17 آذار/مارس 1988
راديو طهران يزعم أن القوات العراقية إستخدمت قنابل كيمياوية ضد حلبجه مما أدى لمقتل العديد من السكان العزل". التقرير يشير إلى أن 4000 مدني في حلبجه وحدها قد قتلوا في الهجمات العراقية بالأسلحة الكيمياوية في 16 آذار/مارس.
Martin Marris, "Iraqi Missile Strikes Tehran, Iran Says it Seized Two Border Towns," Associated Press, 17 March 1988.
17 آذار/مارس 1988
وكالة الأنباء الإيرانية تزعم أن الطائرات العراقية قد قصفت حلبجه والدجيلة عدة مرات بالأسلحة الكيمياوية بالإضافة إلى القنابل العنقودية في 17 آذار/مارس، مما أدى لمقتل أو جرح "أعداد ضخمة من النساء والأطفال والشيوخ من الأكراد الأبرياء".
"Iran Sets Condition for Halting Attacks on Iraqi Cities," Xinhua General Overseas News Service (PRC), 18 March 1988, item number: 0318245.
20 آذار/مارس 1988
راديو طهران يعلن أن القوات العراقية قد أطلقت غازات السيانيد والخردل والأعصاب أكثر من عشرين مرة ضد المدن والقرى الكردية في شمال شرق العراق في حملتها الأخيرة ضد الأكراد. وزير الخارجية الإيراني يزعم أن 5000 كردي قد قُتلوا و4000 غيرهم قد أصيبوا بواسطة الأسلحة الكيمياوية المستخدمة ضد مدينة حلبجه في 18 آذار/مارس.
"Gulf War Missiles and Land Battles; Iraqi Raid Kharg," Tehran Radio, 20 March 1988, reported in British Broadcasting Corporation, BBC Summary of World Broadcasts, 21 March 1988, Part 4, p. A1.
21 آذار/مارس 1988
مندوب إيران الدائم في الأمم المتحدة، محمد جعفر محلتي، يعلن في مؤتمر صحفي أن القوات الجوية العراقية قد أسقطت قنابل عنقودية وأطلقت غاز الخردل وغاز الأعصاب والسيانيد على المدن الكردية في شمال شرق العراق منذ 17 آذار/مارس. وقد إدعى أن قرابة 5000 مدني قد قُتلوا وأصيب عدد مماثل (لاحظ التأريخ الذي ذكره مندوب إيران في الأمم المتحدة الذي يغاير ما تم نشره في الإعلام ومن قبل إيران بعد أحداث حلبجه).
"Iran Asks UN to Investigate Iraq's Use of Chemical Weapons," Xinhua General Overseas News Service (PRC), 21 March 1988, item number: 0321023; Jamal Halaby, "Jordan Asks Arabs to Support Rebellion against Israel," Associated Press, 21 March 1988; "Iran Says Iraq Killed 5,000 with Gas," United Press International, 21 March 1988.
23 آذار/مارس 1988
إيران تزعم أن المدينة تم قذفها بثلاث موجات من الهجوم بالغاز بدءً من ظهر 16 آذار/مارس واستمرت حتى اليوم التالي.
"Iraqi Gas Leaves 'a Modern Pompeii'," Washington Times, 23 March 1988, p. 1A.
24 آذار/مارس 1988
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ابريل غلاسبي السفيرة الأميركية السابقة في بغداد تتحدث لـ«الحياة» عن ذكرياتها مع زعيمي جناحي «البعث» (2 من 2): «حافظ الأسد كان صاحب ذكاء متعدد الأشكال ... وصدام لم يسمح لأحد أن يقول رأيه» * كيف بنت إيران مع «رجل المهمات القذرة» أجهزة «حزب الله» منذ العام 1984؟
رندة تقي الدين
الحياة
تروي السفيرة الاميركية في بغداد عشية غزو الكويت في العام 1990 ابريل غلاسبي ذكرياتها عن «الخدمة» في كل من بغداد ودمشق. وتُقارن، في الحلقة الثانية من حديثها الى «الحياة»، بين شخصيتي زعيمي جناح حزب «البعث» في كل من سورية والعراق. وبدت غلاسبي معجبة بشخصية الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وقالت رداً عن سؤال عن مقارنة الطرفين ومعاونيهما «انهما مختلفان تماما. فالكل حول الرئيس الأسد كان يحترم سلطته والأسد كان أذكى وأبرع من أن يطلب من المحيطين به أن يقولوا له نعم كل الوقت».
الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر. (الأرشيف)
وتحدثت «السفيرة المتقاعدة» الخبيرة بشؤون الشرق الاوسط عن رؤيتها للموقف في العراق والشرق الأوسط وقالت «أنا على قناعة حقيقية بأن المفتاح الوحيد لجعل الأمور تتطور ايجاباً في الشرق الأوسط يبقى فلسطين، بسبب تأثيرها في المنطقة». واشارت الى انه اذا ما تحقق أمر ما على الصعيد العربي - الاسرائيلي، فلن يعود باستطاعة أشخاص مثل اسامة بن لادن، ضرب المدنيين العرب باسم فلسطين... وشدّدت على الحاجة الى ديبلوماسية بالغة الشجاعة وإلى قادة وإلى اجتماع مماثل لذلك الذي اقترحته لجنة بيكر - هاملتون «الذي ينبغي ان يضم مسؤولاً ايرانياً رفيعاً وينبغي اشراك الجميع وعدم استبعاد الأتراك عن التعامل مع الموضوع العراقي وعدم تغييب المشكلة الاسرائيلية - العربية».
ابريل غلاسبي
ومن أبرز ما لاحظته غلاسبي ان «الايرانيين كانوا يبنون «حزب الله» تحت انوفنا منذ العام 1984»، وقالت: «لم نكن ندرك ان الإيرانيين أقاموا دائرة للخدمات الاجتماعية في البقاع منذ 1984، وأنهم كانوا يتولون أمر المرضى والمسنين في المنطقة. وكانت السفارة الايرانية على مقربة من السفارة البريطانية في دمشق وفجأة ارسل الايرانيون سفيراً كان يعرف باسم رجل المهمات القذرة في طهران وكانت النكتة الشائعة عنه انه يمكن ان يفتح عن طريق الخطأ رسالة فخخها بنفسه... وبعد وصوله كنا نرى ارتالاً من السيارات التي تحمل لوحات لبنانية وتنقل اشخاصاً مثل نصرالله (السيد حسن نصرالله) وغيره. فكان يعمل على تأسيس «حزب الله» تحت انوفنا وكنا نرى ذلك». وفي ما يأتي نص الحلقة الثانية والأخيرة من الحديث:
> من الذي وبّخك؟
- رئيسي هو الذي وبّخني. وأنا على قناعة حقيقية ان المفتاح الوحيد لجعل الأمور تتطور ايجاباً في الشرق الأوسط يبقى فلسطين، بسبب تأثيرها في المنطقة. والبعض في الغرب لا يتفهم مدى عمق هذا التأثير في المنطقة وليس فقط على الدول المجاورة. فـ «التطرف الإسلامي» هو نوع جديد من الكولونيالية التي تسعى لأن تفرض على العالم العربي فكرة، لا تتيح للشعب العربي حرية وإمكانية تحديد طريقه في ظل التسامح واحترام الآخر. واذا ما تحقق أمر ما على الصعيد العربي - الاسرائيلي، فلن يعود باستطاعة أشخاص مثل اسامة بن لادن، ضرب المدنيين العرب باسم فلسطين، كما ان الفلسطينيين لن يقبلوا بذلك. هذا بالإضافة الى الاستقرار الذي سينشأ شمالاً وصولاً الى لبنان والعالم العربي. نحن في حاجة الى ديبلوماسية بالغة الشجاعة والى قادة والى اجتماع مماثل لذلك الذي اقترحته لجنة بيكر - هاملتون. لكن الأمر لن يقتصر على اجتماع واحد، إذ ينبغي مثلاً الاجتماع والتباحث مع مسؤول ايراني رفيع وينبغي اشراك الجميع وعدم استبعاد الأتراك عن التعامل مع الموضوع العراقي وعدم تغييب المشكلة الاسرائيلية - العربية. وقد دهشت بالأصوات البالغة الشجاعة التي ارتفعت في الصف الفلسطيني وايضاً الاسرائيلي، نحن نحتاج الى هؤلاء الأشخاص للتقدم. خلال سنوات عملي في العالم العربي، كنت أرى اينما توجهت شعارات تقول «وحدة حرية اشتراكية». وبالنسبة إليّ فإن الأكثر أهمية اليوم، هو الحرية بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ. فبعد أحداث قناة السويس، فرح المصريون ليس فقط بهزيمتهم الاستعمار، بل ايضاً لأنهم شعروا بأنهم كسبوا حرية تطوير أنفسهم وتطوير دولهم.
وبعد هذه الأحداث كان الأميركيون بمثابة أبطال لأنهم كانوا ضد الاستعمار، وايضاً بسبب هذا التعطش للحرية الذي كان الأكثر أهمية بالنسبة إلهم. والفرق بالغ بالطبع مع ما يريده ابن لادن، نظراً إلى ضرورة توقد التسامح والاحترام اللذين بدونهما لا يمكن التوصل الى تسوية سياسية واستقرار للأجيال المقبلة.
> بالعودة الى العراق والكويت، ما هو حجم موضوع النفط في الحرب التي خاضها صدام؟
- لا يسعنى سوى ان أتكهن. فأنا لا اعتقد انه كانت للنفط أهمية كبرى على هذا الصعيد. الواقع انه كان يفكر على الشكل التالي: «نحن العراقيين نزفنا من أجلكم وسقط من بيننا مئات بل وألوف من الضحايا في الحرب ضد ايران، وأنتم لم تقاتلوا الى جانبنا، ونحن قمنا بذلك لأجلكم ولأجل العالم كله وعليكم مساعدتنا، فنحن في حاجة الى المزيد من المال».
> لا يزال هناك سؤال لم تجيبي عليه بوضوح، وهو لماذا تعرضت للوم من قبل وزارة الخارجية؟
- لم يلمني الرئيس ولا الناطق الاعلامي ولا زملائي، إذا كان هناك من لامني، فيجب توجيه السؤال اليه. وربما انه إذا استوجب لومي، فإنه لم يكن ليُلام على ما اعتقد.
> لكن لوم جيمس بيكر كان غير عادل لدرجة انه أثار هذا السؤال؟
- لقد قال لنا الرئيس كندي ان «الحياة غير عادلة»، وأنا لا اعرف الرجل ولم التقه ابداً قبل الحرب. لم التق ابداً بيكر في حياتي قبل الحرب. حتى ان المدة الأولى التي تحدثت فيها معه كانت عندما استدعاني الرئيس بوش لمقابلته وكان بيكر حاضراً خلال اللقاء، كانت هذه المرة الأولى التي التقي به.
> عندما التقيته كيف جرت الأمور؟
- لا أعرف كنت أتحدث الى الرئيس. فكان اللقاء مع الرئيس. وقد رأيته مرات عدة لاحقاً، وكان اللقاء مع الرئيس مرضياً جداً.
> ألم يدل بيكر بأي تعليق خلال اللقاء؟
- ليس بوسعي ان أتذكر. كان كولين باول موجوداً خلال اللقاء، وكان رئيساً لهيئة الأركان العامة، وكان ذلك قبل الهجوم الأميركي لإخراج العراقيين من الكويت.
> لماذا قابلتِ الرئيس؟
- أراد الرئيس ان يناقش ما يمكن القيام به في العراق فدعا فريق عمله وطلب مني الحضور.
> الرئيس إذن لم يستدعك ليوبخك؟
- كلا إطلاقاً، فما قاله هو ماذا نفعل الآن؟
> هل كان يقرأ تقاريرك عن العراق؟
- أظن انه كان يقرأ موجزات لها. ففي إطار حكومتنا التقارير التي تأتي من الخارج تُلخص وترفع الى الرئيس كل صباح.
> عندما كان الرئيس بوش يناقش ما يمكن القيام به في الكويت، هل كنت صوتاً مشجعاً له على الهجوم وإخراج العراقيين من الكويت؟
- لن أناقش ما قلته للرئيس لكن من الواضح اننا جميعاً اعتبرنا ان على العراقيين مغادرة العراق فوراً وتحدثنا عما يمكن القيام به.
> كنت تعرفين الرئيس حافظ الأسد، فكيف ترين شخصيته مقارنة بشخصية صدام؟
- لقد خدمت في بغداد ابتداء من سنة 1988 ومن سنة 1985 حتى 1988 كنت في واشنطن حيث كنت مسؤولة في وزارة الخارجية عن سورية ولبنان والأردن. وغادرت دمشق سنة 1985 حيث كنت المسؤول الثاني في السفارة الأميركية في دمشق مع بيل ايغلتون وقبلها مع السفير باغاتيلي. وكنت أعمل مع العديد من اللبنانيين في دمشق. وأمضيت وقتي اراقب عبر الحدود الفوضى التي كانت تعم لبنان. وهكذا تعرفت على وليد جنبلاط ومروان حمادة. كنت مقيمة في دمشق واعتدت على رؤيتهما هناك.
> متى بدأتِ مهامك في بغداد؟
- سنة 1988 غادرت واشنطن الى بغداد.
> بين 1985 و1988 كنتِ تقومين بمهمات في لبنان؟
- كنت أقوم بعمل مكوكي بين عبدالحليم خدام وأمين الجميل الذي كان رئيساً للجمهورية.
> كيف وجدت خدام عندما كنتي تتفاوضين معه؟
- كان شخصاً من الصعب جداً معرفته، كما لو انه يرتدي قناعاً. ويمكنني أن أحكم عليه فقط من خلال ما نعرفه عن تاريخه. فهل تذكرين عندما ضغط على الموارنة الى حد ان أدى ذلك الى انتفاضة؟ كنت أعمل ذهاباً وإياباً في محاولة تنفيذ ما توصل اليه صديقنا الجزائري الأخضر الإبراهيمي، وهو ديبلوماسي رائع، في الطائف. لكن البعض كان يطلب مني القيام بأمور اعتبرتها مستحيلة. وخدام كان مفاوضاً صلباً جداً، حملُه على القبول بتسوية أمرٍ من الأمور كان يأخذ وقتاً طويلاً.
وكنا بدأنا بالعمل انطلاقاً من وضع صعب جداً تضمن مثلاً اقتراحاً بأن أقوم بصوغ دستور للبنان، وكان جوابي هو أنني لا استطيع صوغ دستور لبلدي ولن افعل هذا للبنان. فلم يسبق ان سمعت بأمر على هذه الدرجة من السخف في حياتي، وقلت إن هذا ما ينبغي على اللبنانيين القيام به إذا رغبوا بأن يكون لهم دستور مكتوب.
إذن بدأنا من مواقف متصلبة وانتهينا الى محاولة وضع عناوين لاتفاق وافكار عامة يمكن التفاوض عليها. وأتذكر ان خدام قال لي في وقت من الأوقات: «سوّقي هذا لدى أمين الجميل»، فأجبته ان أمين الجميل ينبغي ان يكون الحكم في شأن ما إذا كان بوسعه ان يسوق هذا لدى شعبه. كما قلت له انه سبق ان ارتكبتم هذا الخطأ في إحدى المرات، فقال خدام: نعم، فهو يمكن ان يكون مسلياً في بعض الأحيان.
الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل مع عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق. (الأرشيف)
> ماذا كان رأيك بأمين الجميل في ذاك الوقت؟
- اعتقد انه كان مفاوضاً جدياً، وكان بالتأكيد قلقاً على بلده. ولم أشعر ابداً انه يعمل لأجل نفسه. وكان لديه مستشارون يثق بهم وإلا لما كانوا الى جانبه، ومنهم مستشارون مثل غسان تويني، وهو شخص من المفيد الاصغاء اليه.
وكان أمين الجميل يحاول بذل كل ما في وسعه من أجل بلده، وكان يدرك أن أي تعديل جدي للدستور من أجل قائد الجيش مثلاً سيكون من الصعب جداً تقبله. وكذلك الأمر بالنسبة، مثلاً، إلى تعديل صلاحيات رئيس الحكومة وتخويله المزيد من صلاحيات الرئيس. فهذه المبادئ كان من الصعب جداً على الطائفة المعنية التسليم في شأنها.
> هل التقيتِ عندها العماد ميشال عون؟
- لم التقه أبداً، ولم تكن لي رغبة بذلك. لم أكن اعتبر أن ميشال عون كان الشخص الذي ينبغي التحدث إليه، إذ أن الشعب اللبناني كان ممثلاً برئيس الحكومة والرئيس، وكانا الشخصين اللذين التقيتهما.
> لكن أمين الجميل عيّنه رئيساً للحكومة؟
- لقد غادرت قبل مدة طويلة من الطائف حيث قام الأخضر الإبراهيمي بعمل ممتاز، فاستدعى الجميع الى هناك بفضل مساعدة كبيرة من السعوديين، وأتم الأمر.
> هل كنت على إدراك في حينه لدور رفيق الحريري؟
- كان الحريري يتردد الى دمشق باستمرار، وكان دائماً يتصل بسفيري وكنت حاضرة دائماً. كان وراء الكواليس، وكان يريد المساعدة فكان هذا بلده ايضاً. وأنا واثقة بأنه شعر بأن لديه الكثير مما يمكن تقديمه عبر علاقاته في مختلف العالم العربي، لكن المشكلة كانت تكمن في ايجاد مفهوم سياسي يحظى بموافقة كل اللبنانيين، وجميعنا اعتبرنا أن الأمور يمكن أن تسوى بهذه الطريقة. كنا نعمل باتجاه الطائف من دون أن ندرك ذلك. وانجزنا عملاً كثيراً.
> هل التقيتِ سمير جعجع؟
- لا أبداً. بالطبع عندما كنت في لبنان التقيت بكثيرين ولكن عندما غادرت دمشق إلى واشنطن طلبت أن أساعد وقمت بزيارات مكوكية بين دمشق وبيروت. كان ذلك من أجل مقابلة الرئيس ورئيس الحكومة.
> الكل اعتبر في تلك الفترة أن الإدارة الأميركية سلمت لبنان لسورية؟
- العكس هو الصحيح فالأميركيون تنحوا جانباً لمدة طويلة جداً، ولم نقم بشيء طوال الحرب الأهلية.
> ولكن ماذا عن الفترة التي عادت فيها سورية عسكرياً الى لبنان؟
- لا أعرف. انتِ تسألين عن الفترة التي عملت فيها هناك. فكان يؤذن لنا ببحث ما يمكن فعله وما إذا كانت هناك تسويات ممكنة بين سورية ولبنان. وبالنظر الى الأمور على الجانب السوري كنت أرى أنه من الأفضل لنا أن نسرع.
دعيني أروي لك قصة جديرة بالاهتمام. كان لدي صديق في دمشق استدعي للخدمة العسكرية وأمضى ما بين ستة أو ثمانية اسابيع في البقاع (كان مسيحياً) وعندما عاد التقيته خلال حفل عشاء فقال لي هل لنا أن نتحدث قليلاً على انفراد؟ وقال لي عليكم ان تقدموا على أمر ما، لأن ما يجري في البقاع مخيف لي ولأصدقائي الذين كانوا معي هناك.
لم نكن ندرك ان الإيرانيين اقاموا دائرة للخدمات الاجتماعية في البقاع منذ سنة 1984، وأنهم كانوا يتولون أمر المرضى والمسنين في المنطقة. وكانت السفارة الايرانية على مقربة من السفارة البريطانية في دمشق وفجأة ارسل الايرانيون سفيراً كان يعرف برجل المهمات القذرة في طهران وكانت النكتة الشائعة عنه انه يمكن ان يفتح عن طريق الخطأ رسالة فخخها بنفسه. وبعد وصوله كنا نرى ارتالاً من السيارات التي تحمل لوحات لبنانية وتنقل اشخاصاً مثل نصرالله (السيد حسن نصرالله) وغيره. فكان يعمل على تأسيس «حزب الله» تحت انوفنا وكنا نرى ذلك.
واذكر انه خلال عشاء دولة اقامه الرئيس حافظ الاسد على شرف رئيس الوزراء اليوناني، جاء السفير الباكستاني، وكان شخصاً مرحاً وقال لي هناك شخص اريدك ان تقابليه، فأمسك بذراعي وادارني على نفسي لأجد أني وجهاً لوجه مع السفير الايراني الذي تراجع وأدار ظهره وابتعد. فقد شعر وكأنني «غير نظيفة».
> هل حدثك الرئيس حافظ الاسد عن لبنان؟
- الرئيس الأسد لم يكن يتحدث معي، فأنا كنت المسؤول الثاني في السفارة. التقيته مراراً برفقة السفير أو برفقة عضو في مجلس الشيوخ أو وزير الخارجية.
> كيف كان رأيه بلبنان وهل كان يرى ان لبنان مقاطعة سورية؟
- حافظ الأسد كان صاحب ذكاء متعدد الاشكال. وأذكر انه قال في احدى المرات، لا تعتبروا أني أحمق لدرجة انني اعتقد بأن بإمكاني بناء قوات جوية (واعتقد انه اختار القوات الجوية لأنها القطاع العسكري الذي يعرفه أكثر من سواه كونه انتمى اليه) قادرة على منافسة الاسرائيليين خلال جيل. لماذا؟ لأنها لسيت الطائرات المتطورة التي تصنع القوة الجوية الجيدة، وانما الطيارون الحائزون على تربية رائعة منذ طفولتهم وليس فقط على تدريب تقني. وهو كان محق بذلك. لكني أتمنى لو أني سألته عن أمر لم أفهمه أبداً، وهو لماذا أتاحوا للإيرانيين تصدير ثورتهم من السفارة الايرانية في دمشق الى لبنان.
كان يبدو لي ولكل من يراقب الأمور ان ما كان يجري ويُنقل الى البقاع وايضاً الى الجنوب من سلاح، يؤمن لمجموعة من الاشخاص استقلالية سيكون من الصعب جداً السيطرة عليها بوقف وصول القنابل اليها، لأنه بات لديها كمية منها مخبأة وتتيح لها القتال لسنوات. وهذا كان يبدو لي خطيراً بالنسبة لسورية. انها ثورة اسلامية، ولنتذكر ما حصل لسورية عندما تحرك «الاخوان المسلمون» في الشمال. أنا لم أفهم أبداً لماذا كان على يقين بأن هذا لن ينقلب عليه وينقض على سورية لأنه غير قادر على السيطرة على «حزب الله».
> هل كان مقتنعاً بأن لبنان جزء من سورية أم أنه كان بحاجة الى لبنان في أجندته الاقليمية؟
- كان أذكى من أن يطرح علينا مثل هذا الطرح. فهو لم يكن ليقول هذا أبداً. فهذا من الأمور التي يمكن لصدام والعراقيين قولها في شأن الكويت واعتباره جزءاً تاريخياً من العراق. اما الاسد فكان أكثر حنكة من البوح بأمر كهذا.
> لكنه رفض تبادل السفارات بين البلدين (سورية ولبنان)؟
- طبعاً، لكنني لست على اطلاع على ما كان يفكر به. فلو نظرنا الى الأمر من زاوية الجيل القديم لكان يمكن مناقشة ما إذا كان مقتنعاً أم لا بأيديولوجيا البعث. وإذا كان مقتنعاً بها، فعندها ينبغي ألا تكون هناك أي سفارة سورية في أي مكان.
> كيف تقارنين صدام ومعاونيه وحافظ الاسد ومعاونيه؟
- انهما مختلفان تماما. فالكل حول الرئيس الأسد كان يحترم سلطته. فالأسد كان أذكى وأبرع من أن يطلب من المحيطين به أن يقولوا له نعم كل الوقت.
> وماذا عن النظام الاستخباراتي في البلدين؟
- انه أقل ثقلاً في سورية. وعلى سبيل المثال، أنا كديبلوماسية في سورية كنت بدرجة الحرية نفسها التي كانت لدي في بيروت. ولا شك بأنه كان هناك من يراقبنا ويعرف مكان وجودنا، لكن ما من مواطن سوري كان يفكر مرتين بالأمر قبل أن يدعوني الى منزله، وكنت محاطة بأشخاص درسوا في الجامعة الأميركية في بيروت.
أما في بغداد فما من عراقي كان يحق له دعوة ديبلوماسي أجنبي الى منزله وإذا أراد أي أجنبي حتى إذا كان ديبلوماسياً عربياً أن يدعو أحد العراقيين الى منزله كان يتوجب عليه تقديم طلب رسمي بذلك الى وزارة الخارجية، وعرض بطاقات الدعوة عليها بحيث تقرر أياً منها يمكن ارسالها. وأنا لم أدخل أبداً أي منزل عراقي باستثناء مرة واحدة ولمناسبة ثقافية.
> كنت تلتقين الأسد بصفتك المسؤول الثاني في السفارة وأيضاً مع صدام وهما قائدا البعث اللذين كانا يكره كل منهما الآخر، فما كان رأيك بهما؟
- كان الاسد شرقي متوسطي، وكان يمكنه أن يظهر جاذبية بالغة، على رغم افتقاره لمؤهلات ذلك. كان شديد الثقة بالنفس، وكان بإمكانه أن يكون ربة بيت بيروتية، وكان حقيقة مرحاً. كان دائماً يتكلم بالعربية لكنني علمت من مدربه في حقل الطيران أنه يعرف بعض الانكليزية.
وفي احدى المرات زاره السيناتور تاور، في مكتبه وكنت برفقته، وكان السيناتور تاور يدخن، وكان هناك صحناً مليئاً بالسجائر، وعندما أنهى السيناتور تاور سجائره دفع الرئيس الاسد الصحن باتجاهه. فكان مليئاً بالسجائر السورية وبالطبع لم يكن السيناتور على علم بذلك. فقال له الاسد باللغة الانكليزية جملة معقدة جداً، اعذرني ليس لدي أي سجائر اميركية أو بريطانية، أعرف انك تفضلها. ولو كنت على علم بأنك تدخن لكان لدينا منها، وعلى رغم من انه كان من المتوجب علي عدم إبداء أي تعابير على وجهي، فإن تعجبي بدا واضحاً الى حد جعله ينظر الي ويقول للسيناتور بالعربية لقد سقط القلم من يديها، فقد صدقها، فضحك فعلاً وضحكنا ايضاً.
أما صدام فإن حضوره كان مرفقاً دائماً بقدر هائل من التوتر لأن كل من يحيط به كان يخاف منه. ولم يسمع يوما يدلي بنكتة ولو فعل لكان على الجميع ان يضحك. فهالته الشخصية مختلفة تماماً.
وفي شمال سورية مثلاً لم أكن اتجنب مغادرة سيارتي لشراء بعض الحاجات، وعندما فعلت ذلك مرة في كردستان ادركت انها جنون لأن الكل يعلم انه لا يمكن ان أتحدث الى أحد العراقيين، من دون ان يستدعى لاحقاً الى التحقيق. لكنني كنت في بلدة عراقية صغيرة، فأخرجت رأسي من نافذة السيارة وسألت عما اذا كان هناك عسل لأن العسل الكردي الأبيض مشهور. فرد علي البائع بالقول كلا ليس لدي ذلك، فالتفت الى الوراء ورأيت ان هناك سيارة تتبع سيارتي.
> ماذا فعلت بعد الحرب في الكويت؟
- درست لمدة سنة في جامعة كاليفورنيا، ثم طلب مني السفير اد بيركينز لدى الأمم المتحدة العمل معه على مؤتمر كبير حول البيئة، ثم خلفته مادلين اولبرايت في الأمم المتحدة في نيويورك وطلبت استبدالي. لم أكن أعرفها ولا أعلم السبب الذي حملها على استبدالي.
ثم عدت الى واشنطن حيث طلب مني مكتب شؤون افريقيا العمل معه، لأنه كانت هناك مخاوف في شأن السودان في ذاك الوقت. ولا بد من القول إن العمل كان مثيراً للاهتمام، وكان ذلك قبل قضية دارفور بمدة طويلة، وكنا نحاول التقريب بين واشنطن ونيويورك (الأمم المتحدة)، ثم طلب مني ادارة مكتب شؤون افريقيا الجنوبية، وذلك قبل سنة على الانتخابات التي حملت نلسون مانديلا الى الحكم، وقبل سنة من أول انتخابات ديموقراطية في موزمبيق واتفاقية السلام في انغولا. إذن كانت هناك ثلاثة ملفات كبرى ينبغي العمل عليها، فذهبت لفترة وجيزة الى الصومال وكان ذلك صعباً بالفعل، فالأمم المتحدة ارسلت جنرالاً تركياً لإدارة الشؤون العسكرية وأميركياً لتولي الشؤون المدنية، فبقيت هناك ثلاثة أشهر لمساعدته. وكان المشهد في ذاك البلد محزن جداً.
> وماذا تفعلين الآن؟
- أنا متقاعدة.
> سمعت اشاعات عن ناشر اميركي طلب منك وضع كتاب عن العراق ورفضت، ومن ثم جرى ابتزازكِ فدفعوا لك مبلغاً لاعداد كتاب ورفضت؟
- لم يتحدث إلي أي ناشر على الاطلاق عن أي كتاب ولم يطلب مني كتابة أي كتاب ولم أتلق أي مبلغ سلفاً ولم أطلب من أي ناشر أن ينشر لي كتاباً.
> لم يطلب منك أحد أن تتناولي تجربتك مع صدام حتى في الصحافة؟
- لم يطلب مني أحد أن أكتب كتاباً ولم يطلب مني أحد أن أكتب مقالاً من أي نوع حول أي موضوع على صلة بالولايات المتحدة، فأنت الشخص الوحيد الذي تحدثت اليه، وفي الولايات المتحدة كان هناك من يكتبون كتباً وأرادوا مقابلتي من أجل هذه الكتب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20

ليست هناك تعليقات: