Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأربعاء، 9 يناير 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات الأربعاء 09-01-2008


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
دروس مستفادة من زيادة القوات الأمريكية في العراق
مايكل بارون
واشنطن
تايمز
هنالك ثلاثة دروس مستفادة من النجاح المذهل الذي حققته استراتيجية زيادة القوات الأمريكية المعروفة باسم «التجييش» في العراق.
الدرس الأول يتمثل في أنه ليست هناك مهمة مستحيلة أمام الجيش الأمريكي. فمنذ عام واحد، ساد اعتقاد على نطاق واسع، ليس لدى زعماء الحزب الديمقراطي الجدد في الكونجرس فحسب بل في العديد من الدوائر في البنتاجون، أن احتواء العنف في العراق بات من الأمور المستحيلة. والآن رأينا جميعا أن هذا المستحيل قد تحقق.
لقد رأينا ذلك من قبل في التاريخ الأمريكي. كانت قوات جورج واشنطن على وشك الهزيمة عدة مرات خلال السنوات المرهقة قبل يوركتاون. وكان جنرالات أبراهام لينكولن غير متفوقين في الحرب الأهلية لدرجة أنه كان يعتقد وعلى نطاق واسع في أغسطس 1864 أن لينكولن سوف يتعرض لهزيمة ساحقة خلال الانتخابات. لكن لينكولن استطاع في نهاية المطاف العثور على الجنرالات المناسبين. تولى الجنرال ويليام تيكرميش شيرمان أطلانتطا وتوجه نحو البحر، وتقدم جرانت في فرجينيا.
لقد اختار فرانكلين روزفلت الجنرالات والقادة البحريين المناسبين من البداية خلال الحرب العالمية الثانية، لكن السنوات الأولى من الحرب كانت مليئة بالأخطاء.
حتى فيتنام، فهي ليست بالضرورة مثالا مضادا. فكما يقول لويس سورلي بشكل مقنع في كتابه «الحرب الأفضل: الانتصارات غير المدروسة والمأساة النهائية التي تعرضت لها أمريكا خلال السنوات الأخيرة في فيتنام»، أتى الجنرال كريتون أبرامز باستراتيجية للانتصار بحلول عام .1972 لقد سقطت فيتنام الجنوبية بعذ ثلاث سنوات عندما شن جيش فيتنام الشمالية هجوما شاملا، ورفض الكونجرس توفير المساعدات التي كانت الولايات المتحدة قد وعدت بها.
إن الرئيس جورج بوش، شأنه شأن لينكولون، أخذ وقته في البحث عن الجنرالات المناسبين. لكن يتضح الآن إن استراتيجية التجييش الأمامية التي ابتكرها الجنرالان ديفيد بترايوس ورايموند اوديرنو نجحت حيث فشلت استراتيجية الوقوف في الأطراف التي استخدمها الجنرالات السابقون.
لا شك في أن القوات الأمريكية هي أكثر الجيوش كفاءة وقدرة في التاريخ. فهم لا يحتاجون إلا إلى الحصول على الأوامر السليمة.
الدرس الثاني ويتمثل في أن المجتمعات يمكن تغييرها بسهولة كبيرة من القاعدة الأساسية العريضة وليس بالأسلوب الفوقي. ما زال منتقدو الرئيس بوش يركزون على فشل الحكومة المركزية في العراق في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الهامة - على الرغم من أن الإيرادات النفطية يجري توزيعها بالفعل على مختلف المحافظات العراقية.
لقد نجحت الولايات المتحدة في إقناع العراقيين بانتخاب برلمانهم من قائمة الأحزاب الوطنية (لكي تتضمن كما يقال أكبر عدد من النساء)، وليس من مناطق وأحياء العضو الواحد التي كان يمكن أن تنتخب قادة المجتمع الأكثر اتصالا بالرأي الداخلي.
بيد أن الدافع إلى التغيير أتى من القاع إلى القمة، أي من المشايخ الليبراليين في محافظة الأنبار الذين شعروا بالإنهاك من العنف ومن القمع الذي تعرضوا له على يد مقاتلي تنظيم القاعدة في العراق، ومن الشيعة والسنة الذين، بمجرد ما اقتنعوا بالحماية التي توفرها لهم القوات الأمريكية والجيش العراقي الجديد، قرروا التوقف عن قتل بعضهم البعض، ولم ينتظروا حتى تأتيهم الأوامر من بغداد أو إلى أن يتم تمرير التشريع بكل تفاصيله.
كان ينبغي علينا أن نتعلم درسا من تاريخنا الحديث مفاده أن التحول والتغيير من القاعدة إلى القمة في عمليات الإصلاح يمكن أن يحقق تلك النتائج التي كانت تبدو مستحيلة بالنسبة للقادة المحليين.
كان يبدو في بداية التسعينات أننا نواجه مشاكل عسيرة تتمثل في ارتفاع معدلات الجريمة والتبعية فيما يتعلق بالرفاهية. قال الخبراء، اننا لا يمكن أن نأمل في التحسن. لكن الدولة والزعماء المحليين عملوا بجد وكشفوا للجميع أن التغيير إلى الأفضل كان ممكنا.
من بين هؤلاء الزعماء يأتي حاكم ويسكونسن تومي تومسون فيما يتعلق بالرفاهية، وعمدة نيويورك رودي جوليان فيما يتعلق بالسيطرة على الجريمة والعديد من الشخصيات الأخرى، معظمهم من الجمهوريين فضلا عن العديد من الديمقراطيين أيضا. ولم تتدخل الحكومة إلا عندما تحقق النجاح بالفعل في كافة الولايات والمدن في كافة أرجاء الدولة. وقد انخفضت معدلات الجريمة والتبعية في مجال الرفاهية الاجتماعية إلى أكثر من النصف، وقد اختفت هذه القضايا تماما عن الساحة السياسية. الدرس الثالث ويتمثل في حقيقة أن أحدا لن يكسب إذا راهن ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وكما قال والتر راسل ميد في كتابه «الله والذهب: بريطانيا وأمريكا وصنع العالم الحديث»، إن بريطانيا أولا ثم أمريكا هما اللذان حققا أكثر اقتصاديات العالم رخاء وإبداعا، وحققا الانتصار في أكبر الصراعات العسكرية (باستثناء ذلك الصراع الذي خاضاه ضد بعضهما البعض) منذ الثورة المجيدة في عام .1688
وقد تحقق الكثير من تلك الانتصارات في صراعات أكثر حدة وشراسة من تلك التي نواجهها في العراق.
يبدو أن بعض منتقدي الرئيس جورج بوش أدركوا إمكانية تعرض أمريكا للهزيمة، والبعض الآخر يرفض الاعتراف بالنجاح الذي تحقق. لكن يبدو أنهم لم يفهموا قدر الرئيس بوش وقللوا من كفاءة الجيش الأمريكي ومن قدرة الشعوب الحرة التي تعمل من القاعدة العريضة إلى القمة على تحويل مجتمعاتها إلى الأفضل.
هذا شيء ينبغي علينا أن ننظر إليه بما يستحقه من تقدير مع بدء السنة الجديدة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
بغداد توقظ أحفاد "كريزي هورس" من سباتهم
فيصل جلول
الخليج الامارات
مر الخبر في الصحافة العالمية مرور الكرام مع أنه عميق الدلالة: “جاء وفد من قبائل لاكوتا الهندية إلى واشنطن في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2007 برئاسة الكاتب والممثل الهندي الأصل راسل مينز، وسلم كتاباً إلى أحد ممثلي الدولة وفيه إعلان صريح بالانفصال عن واشنطن على قاعدة رفض الاتفاقات الموقعة بين اليانكي والهنود عامي 1851 و1868” ويؤكد الوفد: “لم نعد مواطنين أمريكيين. سنعمد إلى اصدار جوازات سفر ورخص للآليات وتشكيل بعثات دبلوماسية”. ورغم أن مينز لم ينجح في عام 2006 في تولي زعامة قبائل ال “سيو اوغلالا” أبرز قبائل لاكوتا فإن حركته تتسم بأبعاد رمزية كبيرة من بينها أن السفير البوليفي في واشنطن حضر المؤتمر الصحافي للانفصاليين، وعبر عن دعمه لحركتهم، علماً بأن بوليفيا تعيش في ظل رئيس هندي منتخب للمرة الأولى في التاريخ الحديث، وثانياً لأن المبادرة تسلط الضوء على قسم كبير من الهنود الحمر: “سكان لاكوتا” (داكوتا الجنوبية) هم الأكثر فقراً في الولايات المتحدة وفي العالم إذ إن 97 في المائة منهم يعيشون تحت خط الفقر و85 في المائة عاطلون عن العمل. متوسط العمر بينهم 44 عاماً، وثالثاً لأن الانفصال يطعن في تمثيل الهنود المزيف بحسب مينز الذي يقول “اعترف بأنني لا أمثل “هنود فيشي” الذين عينتهم الولايات المتحدة الأمريكية من أجل ضمان فقرنا وسرقة أرضنا ومصادر ثروتنا”. ورابعاً لأن الانفصال يأتي بعد محاولات فاشلة لتسوية الأزمة التي وقعت منذ عام 1980 حين رفض الهنود صفقة مع الدولة قضت بإبقائهم في المعازل الطبيعية مقابل 122 مليون دولار.
وخامساً وربما هذه النقطة الأهم يعتبر إعلان الانفصال الخطوة الأولى من نوعها منذ 132 عاماً تاريخ انتصار الهنود في معركة “ليتل بيغ هورن” الشهيرة وهو الانتصار الهندي الأبرز في التاريخ الأمريكي والذي ربما أنقذ هنود هذه المنطقة من الإبادة.
موجز هذا الحدث أنه في 25 يونيو/ حزيران عام 1876 وقعت معركة طاحنة حول النهر المذكور بين الهنود والأمريكيين بعد ان خرق الجيش اتفاقية العام 1868 اثر اكتشاف الذهب في المناطق الهندية عام 1874. طلب الجيش من الهنود بيعهم أراضي المناجم ب 6 ملايين دولار رفضوا العرض بقوة وقال “كريزي هورس” أحد زعمائهم: نحن لا نبيع الأرض التي نمشي عليها “علماً بأن كريزي هورس هو الذي تسبب باتفاق 1868 الذي تم اثر معركة طاحنة أباد خلالها 90 جندياً أمريكاً. وتقضي الاتفاقية بأن تعترف الحكومة بالمنطقة الواقعة بين “ميسوري ووايومينغ وروشيز ويلوستون ريفير كأرض هندية” من جانبهم يلتزم قبائل لاكوتا بالسماح للضباط والموظفين الحكوميين بالتجول في أرضهم على أن يكونوا مزودين بتراخيص” بيد أن الانتصار الهندي سيكون مؤقتاً فقد جرد الأمريكيون حملات عسكرية أدت إلى تحييد بعض القبائل وإخضاع البعض الآخر وإبادة المصممين على القتال حتى النهاية من دون أن تلغي الاتفاقيات المذكورة.
تبقى الاشارة إلى أن مبادرة الهنود الانفصالية تأتي في وقت تتراجع قوة الردع الأمريكية في جنوب القارة وفي العالم بسبب تداعيات الحرب في العراق وافغانستان وإخفاق الضغوط الأمريكية على إيران والتراجع في الملف النووي الكوري الشمالي والاضطراب الذي يعاني منه النظام الباكستاني الحليف الاستراتيجي الأبرز لواشنطن في شبه القارة الهندية والشرق الأوسط.. الخ.
الواضح أن مبادرة هنود لاكوتا الانفصالية لا تثير قلقاً كبيراً لدى السلطات الأمريكية التي لم تعلق على المبادرة والسبب في ذلك أن واشنطن تمكنت خلال عقود طويلة من تطويع زبانية هندية يصفها راسل مينز ب “هنود فيشي” نسبة إلى حكومة “فيشي” الفرنسية التي خدمت الاحتلال النازي لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية. فهؤلاء يمثلون الهنود الأصليين زوراً وفق نظام تمثيلي تموله واشنطن وتسهر على دوامه بوسائل مختلفة من بينها السماح لبعض القبائل الهندية المطواعة بالإفادة من عائدات الكازينوهات المنتشرة في هذه المنطقة وحجبها عن بعض قبائل لاكوتا المتمردين منذ قادتهم الكبار سيتنغ بيل وكريزي هورس.
ورغم أن نظام السيطرة على تمثيل الهنود ما زال قويا فمن المرجح أن يضعف اذا ما واصلت قوة الردع الأمريكية تراجعها على الصعيد العالمي واذا ما واصلت الأقليات الهندية في أمريكا اللاتينية التعبير عن حضورها السياسي من خلال اللعبة الديموقراطية. في هذه الحال يمكن لصوت الكاتب الهندي راسل مينز أن يلاقي أصداء واسعة في الخارج، ويمكن لهذه الأصداء أن تصل إلى الداخل وأن تضعف نظام التمثيل الهندي الذليل وتتيح لأحفاد كريزي هورس الوصول إلى زعامة قبائل لاكوتا وبالتالي استعادة أراضيهم التي تنص عليها اتفاقات رسمية موقعة بين الهنود والحكومة الفدرالية في واشنطن.
إن أحداً قبل كارثة العراق الأمريكية لم يكن يتخيل انتخاب الهندي ايفو موراليس رئيساً لبوليفيا وأن احداً لم يكن يحلم بوصول قادة ممانعين لواشنطن في نصف دزينة من البلدان اللاتينية وأن احداً لم يكن يتوقع أن يحتفظ هوغو تشافيز بكرسيه. ولعل أحداً لم يكن يراهن على الاختراق الذي سجله باراك أوباما في الرئاسيات التمهيدية الأخيرة ما يعني أن آفاق التمرد الهندي على نزعة التذويب والاقتلاع المستمرة منذ قرون هذه الآفاق ستظل مفتوحة وبالتالي قد تتحول مبادرة هنود لاكوتا الانفصالية من خطوة رمزية إلى فعل استقلالي مؤسس وربما إلى بناء دولة تعيد لسكان أمريكا الأصليين كرامتهم وحقهم التاريخي في التصرف بأرضهم. بالانتظار لن يكون بوسع واشنطن بعد هذه المبادرة أن تتجاهل حال هنود لاكوتا الذين يعيشون تحت خط البشر وليس الفقر، وإن فعلت ستجد من يذكرها بالامتيازات التي منحتها كندا وأستراليا لسكان البلاد الاصليين.
في واحدة من رسائله التي وجهها للمستعمرين البيض يقول ستنغ بيل المرشد الروحي والتنظيمي لمعركة “ليتل بيغ هورن: بعد ان تقتطعوا آخر شجرة وبعد أن تسمموا آخر نهر وبعد أن تصطادوا آخر سمكة بعد هذا فقط ستكتشفون أن الأموال التي تجمعونها غير صالحة للأكل” ولو عاش بيننا اليوم لربما أصيب بدوار جراء حملة العراق الشبيهة بأسبابها ودوافعها بالحملة الهندية. فهناك كان الذهب الأصفر وهنا الذهب الأسود مع فارق أن الهزيمة الأمريكية في بلاد الرافدين قد تؤسس لخلع الملك الأمريكي عن عرش العالم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
حقائق من المشهد العراقي
حسين الرواشدة
الدستور الاردن
هل نجح المشروع الامريكي في العراق ؟ بوسعنا ان نقول نعم ، مع بعض التحفظات ، أما لماذا فلأن المشهد بعد نحو خمس سنوات من الاحتلال (وقبلها 12 سنة من الحصار ) ، قد افضى الى حقيقتين مؤلمتين : اولاهما تدمير بنية الدولة العراقية وهدم اساساتها التي قامت عليها ، وثانيهما تخريب النسيج الاجتماعي العراقي وتشويه هويته والانقضاض بشكل متدرج ومدروس على منظومة قيمه وثقافته ، والعبث بتاريخه وتراثه ايضا. هذا الكلام يؤيده العراقيون ، والمثقفون منهم بالتحديد(آخرهم فاضل الربيعي في حوار له مع موقع واحة العرب الالكتروني )كما تؤكده ايضا مؤسسات ومراكز دولية(بينها مراكز امريكية ايضا)ولا يعني - بالتأكيد - ان نفقد الامل من اصلاح ماحدث ، او التسليم بما يفكر به المحتل الامريكي والعجز عن مواجهته بقدر ما يعني الاعتراف بالحقيقة ، تشخيصا ووعيا ، لابداعً ما يمكن من مناهج وادوات لمعالجتها - هل نقول ازالتها؟ - وتجاوز ما فرضته من واقع ملموس.
الربيعي يرى ان الخطة بدأت مع بريمر بالتحالف مع طائفة ضد طائفة اخرى ثم انتقلت الى التحالف مع الطائفة الضعيفة"(السنه هنا)" بعد ذلك تحول الاحتلال الى التحالف مع القبيلة (صحوة القبائل نموذجا) ، ويضيف بأن الصراع لم يكن في اي وقت صراعا طائفيا وانما صراع سياسي بأدوات طائفية ، وقد اصبح مؤخرا داخل الطائفة الواحدة (هجوم الوقف على مقر هيئة علماء السنه) ، وهو يحذر هنا من هذا التدرج المقصود ، ويرى ان المحتل انجز تماماً اهدافه في تدمير الدولة وفي اعادة تفكيك وتركيب النسيج الاجتماعي ، وان مواجهته لا يمكن ان تتم الاّ من خلال الاتفاق على مشروع عابر لسلطة الطائفة والقبلية والمليشيا ، كما يحذر من المبالغة والانشغال بالخطر الايراني على حساب الخطر الامريكي ...فالاول موجود ويمكن معالجته سلميا بالحوار ولا يجوز تحويله الى نزاع عربي - فارسي او ان يكون بديلا عن النزاع العربي الاسرائيلي ، اما الخطر الثاني فهو الاهم ، ومواجهته تحتاج الى مقاومة وطنية منبثقة عن مشروع سياسي وطني ناجز.
في آخر التقارير ان عدد السجناء العراقيين يقدر بمئات الالاف وأن نسبة الذين جرى اغتصابهم - ومن بينهم النساء طبعا - تزيد على %90 ، كما ان نسبة المهاجرين تجاوزت الاربعة ملايين (بعضهم من العلماء والمثقفيين والضباط الذين يشكلون عصبة الدولة) ، وبالتزامن مع ذلك زادت اعداد المنتسبين الى المليشيات وقطّاع الطرق واللصوص ، وانتشرت قيم الفساد والرشوة والسطو وهتك الاعراض ، وزادت اعداد الارامل ، وارتفعت نسبة العزوبية والعنوسة ، وتراجعت كثير من الاعراف الاجتماعية وجرى اغلاق كثير من الجامعات او تم تحويل بعضها الى مراكز طائفية ، كما جرت مطاردة العلماء وقتلهم ، وتغيير التشريعات ..الخ ، مما يعني ان الدولة انتهت تماما ، وان البنية الاجتماعية قد تم افسادها وتخريبها ، وهذا بالتأكيد جوهر المشروع الامريكي الذي استهدف شطب العراق من خريطة المنطقة الى زمن لا يمكن معرفته اوتحديده بعد.
التحفظ الاهم الذي يمكن اثباته هو ان نجاح المشروع الامريكي ليس نهائيا ، ولم يكن - بالطبع - "ناعما"كما كان مخططا له ، كما ان تكاليفه كانت باهضة ، وامكانية تعميمه أصبحت شبه مستحيلة ، وبالتالي فان ما حدث كان نجاحا ولم يكن انتصارا...ويبقى ان لدى العراقيين الطاقة الحضارية والوطنية ما يمكنهم من تحويل عدم الانتصار هذا الى هزيمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
اتفاقية 1975 اجترار لماضٍ ملتبس
د. حميد السعدون
الخليج الامارات
ما ميز شكل وطبيعة العلاقات الحاكمة بين العراق وايران، منذ أن ظهرت الدولتان الصفوية والعثمانية على مسرح الأحداث في بدايات القرن السابع عشر الميلادي أنها كانت تأخذ في أوقات عديدة منحى عنيفاً، يكون مسرحه الفعلي في الغالب الاقليم العراقي، الذي خسر جراء تلك المواجهات الشيء الكثير من رجاله وموارده، وأضعف لحمته الوطنية حتى وقتنا الحاضر.
والمؤكد أن كل من انحاز لهذا الطرف أو ذاك على حساب المسار الوطني لم يربح خياره الاستراتيجي وإن تمتع بانتصارات تكتيكية في أوقات معينة.
وبالأمس القريب طلع علينا الرئيس العراقي جلال الطالباني ليصرح من أعلى قمة سد دوكان ان اتفاقية عام 1975 بين العراق وإيران ملغاة، لأنها في رأيه لم تحظ بموافقة المعارضة يوم كانت معارضة للنظام السابق، التي باتت هيمنتها اليوم على الحكومة والسلطة العراقية لا غبار عليها، والسبب أنها عقدت بين نظامين سابقين هما نظام صدام حسين ونظام شاه ايران. لكنه عاد وتنصل من هذا التصريح بعد عودته لبغداد.. المهم في الموضوع أن المتمعن في مدلوله يواجه جملة من الحقائق التي يجري تغييبها عمداً.
أولاً، ان أية اتفاقية تحصل تتحقق بين الدول وليس بين الأنظمة.
ثانياً، ان الطرف الآخر من الاتفاقية (إيران) كان الراعي والحامي والمساند والداعم لكل قوى المعارضة لتمكينها من التحكم في سلطة البلاد، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام ،2003 ولم نسمع من تلك القوى يوم كانت في إيران، بما فيها حزب الطالباني، رفضها لتلك الاتفاقية أو التنديد بها.
ثالثاً، إن عقد أية اتفاقية أو إلغاءها منوط حسب الدستور العراقي الذي جرى تمريره بالخداع والتزوير بمجلس الوزراء ومجلس النواب وفقاً لمنطق المادة (86) من الدستور العتيد.
فبعد تطبيق بيان 11 مارس/ آذار عام 1974 كان للقيادة الكردية التي كان الطالباني أحد اطرافها الفاعلين رأي مغاير لما طرح للتطبيق وتحديداً حول عائدية مدينة كركوك ما دفع الأمور للصدام العسكري بين الحكومة العراقية والقيادة الكردية، وهيأ الأسباب الموجبة للتدخل الايراني في هذا الشأن بدعم الأكراد عسكرياً وسياسياً ومالياً مسنودين بالدعم الأمريكي الواضح الذي كشف تفاصيله لاحقاً وزير الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر.
وحينما تم ذلك انهارت المقاومة الكردية وفرت باتجاهات شتى كانت في غالبها نحو إيران الشاه الذي آواها وضمد جراحها من دون أن يخرج تصريح واحد من القادة الأكراد إزاء ما فعله الشاه من غدر بهم، وسكتوا وبلعوا ما حدث، علماً أن هذه الاتفاقية كانت من أهم الأسباب في قيام الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 والتي هدرنا فيها الكثير الكثير من الرجال والموارد والفرص الضائعة.
إن ايران وهذا ما يعرفه كل مهتم بالشأن السياسي ليست بحاجة إلى تالوك شط العرب، فهي تملك ساحلاً بحرياً طويلاً عليه العديد من الموانئ والمرافئ التي تلبي كل حاجاتها لكنها أرادت مناصفة شط العرب مع العراق هيبة ونفوذاً وخدمة لسياساتها، ولها الحق في ذلك خاصة عندما تكون إحدى فواعله المساعدة من داخل الطرف الآخر، وكانت في حينه القيادة الكردية بقديمها وجديدها، ولذلك فإن تصريح الرئيس الطالباني أشبه بطبعة جديدة من حدث ماض، لكنه هذه المرة مسنود بقوة عظمى تهيئ خططها لإيقاع الضرر بإيران بأشكال شتى، وحينها يجوز لنا أن نستعيد ما قاله المفكر هيجل من أن التاريخ لا يكرر نفسه مرتين، فإن حدث فهو في الأولى دراما وفي الثانية مهزلة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
حوار السواعد... والأدمغة
مطلك سعود
عكاظ السعودية
ألفنا مع كل صباح تلك الأخبار اليومية الدموية القادمة من العراق، أعداد من القتلى في انفجارات انتحارية، ضحايا أبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم وقعوا فريسة اختيار المصادفة يضيعون بلا ثمن، عشرات الجثث المجهولة التي لا نعرف هل كانت لخونة أم كانت طرفا في تصفية خلافات شخصية قديمة، الفرصة مواتية لمن يشاء، جنود عراقيون ربما كان للفريق الآخر – سمهم ما شئت – رأي فيهم، يرى أنهم خونة متعاونون مع قوى الاحتلال، وربما كان الأمر مجرد استهداف لجندي أمريكي جاء ثمنه فادحا حين أودى الحادث بحياة عشرة جنود عراقيين وخرج المستهدف مصابا أو حتى ميتا يبقى الثمن مدعاة للحزن والأسى للدم البريء، وأسواق شعبية خرج إليها رب أسرة لإحضار الطعام فتركهم جوعى مسجونين في إسار أبدي للزمن بعد رحيله... المشهد العراقي اليومي دامٍ، وإنما لأ ننا لسنوات نراه كل صباح فقد ألفناه، كأننا نعيش بمشاعر جزار وذبيحة، لم نعد نهتز كما كنا في السابق، توجسا أو ارتقابا أو يأسا مع كمد في كل هذه الحالات لا يفارق.
الإحصائيات التي تعلن كل فترة وأخرى ترصد آلاف القتلى من الجنود الأمريكيين، ويظهر الرئيس الأمريكي أحيانا للمواساة وفي يقينه أن عدة آلاف من الجنود لا يعدون شيئا، أمر طبيعي لأنه في الحروب لا يولد الجنود أو يتزوجون بل يموتون! كنت أرى وجهه حين يلقي خطابا عقب حادث كبير، وأدعي أنني كنت أقرأ فيه كل أشكال المغالطات، لا سيما حين يتحدث عن وصايته على العالم بإرساء الديمقراطية.. أنا الآن في توق مؤجج أن أراه بعد حادث صغير مررته وكالات الأنباء بلا تعليق، وإن كان بالنسبة لي – كما بالنسبة للرئيس الأمريكي- بالغ الخطورة. الخبر يقول إن جنديا عراقيا قتل جنديين أمريكيين كانا معه في دورية واحدة...
لم يقل لنا أحد ماذا كان الموقف من الجندي العراقي، هل اعتبروه خائنا لواجبه؟ أم اعتبروه وطنيا مناضلا (دمه حامي)؟ لم نعرف أيضا ملابسات الحادث؟ هل أهانه الأمريكيان؟ هل سخرا منه؟ هل أغاظاه ؟ هل أفهماه أنهما أصحاب السلطة والوصاية عليه؟ هل كان يختلي بنفسه ويتأمل أوضاعه فانفجرت الدماء في عروقه؟ هل رأى أنهما يصوبان الأسلحة نحو طفل عراقي فأرداهما قبل أن يصيباه، لم يقل لنا أحد شيئا إضافيا إلى اختزالات الوكالات للخبر غير أنني في كل الحالات، ومع افتراض صحة أي احتمال أرى أن الحادث بالغ الأهمية والخطورة.. الرئيس الأمريكي يقول إن الديمقراطية تأخذ مجراها في العراق بفضل تعاون الجنود الأمريكان والجنود العراقيين.. والحادث بيان رسمي بالتكذيب والنفي..
الإرهابيون يرون أن تعاون العراقيين مع المحتل خيانة، والحادث نفي رسمي مدعوم بالأدلة والبراهين..
الناس خارج العراق يقولون بعض العراقيين فر خارج بلاده، وبعضهم وهب نفسه للموت، وبعضهم استكان لليأس ولا أمل في انسحاب وشيك أو بعيد للمحتل، وقد بدأت بشائر التعاون بين الجهات الرسمية الوطنية والرسمية الاحتلالية تأخذ مجراها في التطبيع .. وحادث الجندي دعوة الى مراجعة كل الحسابات..
هذا الذي يدور بداخلي هو نفسه ما يدور في دماغ الرئيس الأمريكي، لهذا أحب أن أرى انفعالاته، فإن شاء أحد القراء أن يتهمني بما أنا بريء منه في تشجيع مثل هذا الحادث والحض عليه فليتهم معي الرئيس الأمريكي بما ليس بريئا منه، ولكني أنصح ذلك القارئ بأن يكون منصفا، فأنا فقط (و حصريا كمصطلح هذه الأيام) مجرد كاتب له رأي، ويحلم بعالم يتأمل حجم ما أنجزه على الأرض، فيدرك أن الحرب والاغتصاب والعدوان والعنف سلوكيات تهدر انسانية المعتدي قبل المعتدى عليه، عالم تكون اللغة فيه للدماغ وليس للعضلات...
Mutlaq12@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الديمقراطية والاقتراب من نقطة التحول
بثينة شعبان
اليوم السعودية
رغم المأساة الكبرى والخسارة الفادحة لامرأة استثنائية في عالم السياسة المضطرب اليوم، فإن الإعلام لم يسأل الأسئلة الجوهرية المعمقة التي أدت إلى هذه الخسارة، ولم ترَ الولايات المتحدة حاجة للجنة تحقيق دولية، مع أن عودتها كانت نتيجة تشاور وتنسيق دقيقين مع الإدارة الأمريكية، التي كان آخرها اتصال وزيرة الخارجية كونداليزا رايس بالسيدة بوتو قبل أسبوع من عودتها إلى باكستان. ولست هنا بصدد الإسهام بالآراء حول هوية القاتل، ولكن إذا افترضنا حسن النيّة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، فإن أقل ما يُقالُ في هذا الشأن هو أن الإدارة الأمريكية تجهل ديناميات العمل السياسي في باكستان، وواقع الحال في الشارع الباكستاني، وإن يكن من المعروف أن سياسات الولايات المتحدة في المنطقة قد أسهمت بإيصال باكستان إلى ما وصلت إليه اليوم من اضطرابات وصعوبة في سيادة الأمن والاستقرار والهدوء. من الناحية المنطقية، ليس هذا بغريب، إذ كيف يمكن لمن يعتمد على معطيات مراكز أبحاث في غرف مغلقة، وعلى باحثين تتملكهم دوافع سياسية وأيديولوجية مختلفة، أن يفهم مجتمعاً وثقافة لا علاقة له بها؟ بالطبع ليس بالضرورة أن تكون الدولة الأقوى عسكرياً واقتصادياً في العالم، هي الدولة التي تمتلك الفهم الأعمق والأدق لحالات الشعوب، وثقافتها، وتفاعلاتها المجتمعية، والحضارية، والفكرية. في اختلال هذه المعادلة، يكمن جذر العديد من المآسي الدموية التي تعيشها شعوب العراق، وفلسطين، والصومال، ولبنان، وأفغانستان، وباكستان، ومؤخراً وليس آخراً شعب كينيا. إذ أن الدولة الأقوى في العالم عسكرياً، تستخدم هذه القوة العسكرية لدعم «حلفاء» لها ضدّ كل معطيات الواقع الذي يعيشون ضمنه، وسواء كان هذا الدعم نابعاً من أطماع في النفط، أو الغاز، أو الموقع الجغرافي، أو لدعم إسرائيل على حساب الوجود العربي، فهو، بشكل متعمّد، يتجاهل واقع الشعوب، وتقاليدها، وتكوينها العرقي، أو الديني، أو القبلي، والنتيجة مآس، وخراب، وحروب، واضطراب دموي، تعاني منها هذه الشعوب، وفشل سياسي من الجانب الأمريكي، لا يقلّ عن فشل الأنظمة الشمولية الأخرى، التي حاولت فرض قيمها ونمط أنظمتها على الشعوب الأخرى.
والمشكلة أن القوى الامبراطورية الكبرى كالولايات المتحدة، التي لم تنفض عن نفسها الشعور بأنها الأقوى، وبالتالي فهي الأكثر تفوّقاً وتحضرّاً، ولذلك يحق لها ان تتعامل مع «أصدقائها» بفوقية السيد تجاه تابعه، وإلا كيف يمكن لوزير خارجية بريطانيا دافيد ميليبان مثلاً أن يقول لرئيس وزراء باكستان شوكت عزيز «ما الأعمال التي يتوقع من حكومته أن تقوم بها»؟ وهناك أمثلة لا تحصى على مثل هذه المعاملة من قبل دول أوروبية وأمريكا لدول أخرى في آسيا وإفريقيا. والذريعة التي يخجل الكثيرون من التصدّي لها، هي أن هذه البلدان الغربية، التي تنعم بالديمقراطية، تحاول أن تنشر الصبغة الغربية من الديمقراطية في البلدان التي لم تتمكن من التوصل إليها، وبهذه الذريعة، التي اقترنت بذريعة الحرب على الإرهاب، تمّ غزو واحتلال أفغانستان، والعراق، وتوجيه ضربات قاسية إلى كيان الصومال، واستمرار تهديد أمن واستقرار شعب السودان، والتدخل بشؤون لبنان إلى حدّ شنّ حرب وحشية على المدنيين بأيد إسرائيلية، وأخيراً تخريب النسيج الاجتماعي في كينيا. أوَ لم تثبت مسار الأحداث في جميع البلدان، التي دفعت شعوبها من دم أبنائها واستقرارها ثمناً غالياً لسياسات واشنطن، إن هذه الصيغة من الديمقراطية الغربية، القائمة على حكم الأكثرية السياسية، غير قابلة للتطبيق في العديد من بلدان آسيا، وإفريقيا، وحتى أوروبا الشرقية، لسبب بسيط يعود إلى تاريخ مختلف لتكوين هذه الشعوب، وحضارة مختلفة من القيم والتقاليد، وتركيبات سكانية واجتماعية تتميز بالتنوع العرقي، أو الديني، أو المذهبي، أو القبلي، أو كلّها معاً، وبالتالي هناك أولويات مختلفة تماماً. ففي الوقت الذي يصرّ فيه بوش على أن الديمقراطية هي الأولوية الأولى على سلم وأمن واستقرار وازدهار الشعوب، تبين تجربة روسيا والصين أن الاستقرار والازدهار يشكلاّن الأولوية الآن بالنسبة لشعوبهما، وهما الطريق السلمي إلى الديمقراطية، ذات الصيغة الملائمة لقيم وتكوين واستقرار شعوبهما. من اجل نشر الشيوعية، وفرض أساليبها السياسية والاقتصادية، قتل ستالين الملايين في الغولاك، فيما يقتل بوش مثله، ولكن من أجل الديمقراطية، الملايين في العراق، وفلسطين، ولبنان، والصومال، وأفغانستان، وباكستان..الخ، بالإضافة إلى تهجير ملايين أخرى، ويتسبب في فقدان الأمن والحياة الكريمة لمعظم هذه الشعوب، من أجل فرض هذه الصيغة من الديمقراطية التي تناسب مجتمعاً متجانساً إثنياً، ودينياً، ومذهبياً.
إن حقيقة هذه المعضلة، هي أنّ الغرب الأوروبي، الذي أمضى قروناً في حروب دينية وطائفية، شكلّت نوعاً من التطهير العرقي والديني في بلدانها، بحيث تشكلّت الدولة ذات القومية الغالبة، والدين السائد، والمذهب الواحد، فتمّ بناء الديمقراطية على أساس تنافس أحزاب سياسية متماثلة قومياً، ودينياً، ومذهبياً، فيما تبقى الدول العربية، والآسيوية، والإفريقية، التي كانت عبر التاريخ مزيجاً من أبناء الديانات والمذاهب المتعددة المتعايشة، والأعراق المختلفة أنموذجاً مختلفاً من كيانات الدول المتعددة الأعراق، والقوميات، والأديان، والمذاهب، والقبائل، ولذلك فهي بحاجة إلى صيغة من الديمقراطية تتناسب وقيمها، وتاريخها، وأعرافها، وتقاليدها، وثقافاتها، وبالتالي صيغة تحفظ هذا التعايش بين فئاتها المتعددة. وبالأساس، فإن القوى الغربية، عندما خطّت حدود الدول، أهملت هذه التمايزات بطريقة مثيرة للقلاقل والفتن والاضطرابات، وتحاول هذه القوى اليوم، مرة أخرى بعقليتها الشمولية تجاه الشعوب الأخرى، فرض هذه الصيغة من الديمقراطية في بلدان تختلف تماماً عن كيانات الدول الغربية، ولها أولوياتها، وتطلعاتها، وأسلوبها المختلف. إن الافتراض بأن الخبرة الغربية في السياسة والاجتماع صالحة لكلّ زمان ومكان، هي نظرة شمولية تنمّ عن مشاعر التفوق العنصرية، التي ما زالت سائدة في السياسة الغربية. كما أن الافتراض بأن التحضّر يعني تقليد الغرب بكل سلوكه، هي نظرة عنصرية في حدّ ذاتها، تقلّل من شأن خبرات وتجارب وثقافات الشعوب في بلدانها المختلفة.
ينطلق هذا التحليل من حسن نيّة تجاه سياسات القوى الغربية، التي تتدخل اليوم بشؤون شعوب آسيا وإفريقيا تحت مسميّات وذرائع مختلفة، ولا يخفى على أحد أنّ الأمر ليس بهذه البراءة، وأنّ الأطماع بمواقع هذه البلدان وثرواتها، تشكّل حافزاً مهماً لدى البلدان التي ما زالت العقلية الاستعمارية تتحكم بسياسات حكوماتها للتدخل بشؤون البلدان الصغرى، وإملاء سياساتها عليها. ولكن الخطير في الأمر هو أنّ هذه التدخلات تصبّ غالباً- إذا لم نقل دائماً- في مصلحة القوى الهامشية المحليّة، التي تستقوي بالحكومات الغربية وجيوشها على شعوبها، التي لا يهمّها سوى المصالح الضيقة للحكام.
وبنظرة سريعة، نستطيع أن نرى أن عائلة غاندي الوطنية في الهند، قد أبيدت إبادة كاملة، كما أبيدت عائلة بوتو في باكستان، ومقابل هذين المثالين الصارخين، هناك آلاف الأصوات الوطنية الحرّة، التي يتمّ إسكاتها كلّ يوم، كي تعتلي أصوات بعض الانتهازيين لصالح التبعية لقوى خارجية لا تمثل مصالح البلاد. إن ما تميز به عام 2007 هو أنه أظهر إلى النور بعضاً من الثمن الذي تضطر القوى الغربية لدفعه من أجل الحفاظ على تبعية حكومات بلدان بعيدة عنها جغرافياً، ومختلفة عنها ثقافياً، عبر الاحتلال والاستيطان، كما هو الحال في فلسطين.
ربما يشكّل العام 2008 بداية الشعور الحقيقي بأنّ هذا المسار الاستعماري العنصري غير قابل للاستمرار، وأنّ الشعوب سوف تعمل من أجل استعادة حريّتها، وكرامتها، وقيمها، وهويتها مهما طال الزمن، ومهما ارتفع الثمن. وربما تكون الانتخابات التمهيدية، التي أجريت في إياوا، بداية إدراك الشعب الأمريكي نفسه، بأن مصلحته الوطنية في خطر، لأن بعض المستفيدين يقودون السياسة الأمريكية الخارجية إلى مواقع تلحق بالغ الضرر بسمعة الولايات المتحدة ومكانتها، ومصالحها على مستوى العالم. هل يمكن لشعوبنا التي أغرقها التفوق الغربي بحروب دموية لا تنتهي، أن تفتح نوافذ البيت الأبيض ليسمحوا لنسمة من الحقائق أن تهبّ على الأوراق الرطبة، التي تستقي نظرياتها من جذور الهيمنة والاستعلاء والربح الماديّ؟ ولكن ربما على الشعوب المثخنة بجراح سياسات بوش الديمقراطية في أفغانستان، والعراق، وفلسطين، ولبنان، والصومال، وكينيا، والسودان، أن تقود المسيرة نحو الاستقلال الحقيقي والديمقراطية، النابعة من الحرص على الأمن، والاستقرار، والكرامة، والمستوى اللائق للعيش، وليس الديمقراطية التي تنشر الفتنة بين أبناء البلد الواحد، وتحوّلهم إلى قتلى، أو مهجّرين، أو معاقين، أو متسولين أذلاء للمساعدات الدولية.
إن نقطة التحول المرتجاة في هذا العام، هي أن تكون كرامة الإنسان، وحقوقه، وأمنه، واستقراره، هي المعيار الحقيقي للتحوّل نحو الديمقراطية، التي تضمن التعايش، والازدهار، والحريّة، وليست الديمقراطية التي تنشر نيران الحروب الأهلية. إنه لغرور لا مثيل له، أن يفترض أحد في الغرب أنه يستطيع أن يوجّه مسار الشعوب من خلال خطّ هاتفي يصل إلى مسامع من اعتاد أن يتلقى الأوامر دون احترام لواقع شعبه، وطموحاته، وحلمه بالمستقبل الأفضل، وإنه لمن أول واجبات الحكومات الديمقراطية، أن تدع الآخرين يصيغون ديمقراطيتهم المناسبة لهم بعيداً عن تدخلاتها المغرضة حيناً، والجاهلة حيناً آخر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
النزاعات الدموية وأفول القوة الأميركية
توفيق المديني
اليوم السعودية
في ظل استمرار “الحرب ضد الإرهاب” التي أطلقها الرئيس جورج بوش بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أصبحت منطقة الشرق الأوسط التي تمتدّ من باكستان إلى المغرب مروراً بالقرن الإفريقيّ، المنطقة الأساسيّة لانتشار القوّة الأمريكية وحلبة المواجهة الأساسيّة، لا بل حتى الوحيدة، لما يصفه البيت الأبيض بالصراع العالميّ. فهذه الحرب يصفها بوش بالحرب الأيديولوجية المصيريّة لزمننا هذا. ونظراً إلى مصادرها النفطيّة، وموقعها الاستراتيجيّ ووجود “إسرائيل”، فكثيراً ما وردت المنطقة ضمن أولويّات الولايات المتحدة، ولا سيما منذ العام 1956بعد أفول القوتين الاستعماريتين الأوروبيتين فرنسا وبريطانيا. إذ باتت منطقة الشرق الأوسط، تحتل مكان أمريكا اللاتينية في كونها “حديقة خلفيّة مباشرة” للولايات المتحدة؛ مع منحى إضافيّ، لم يسبق لأمريكا الجنوبية أن شهدته من قبل، وهو أن تكون حلبة صراع حيويّة لحرب عالميّة ثالثة.
في خضم الحرب الباردة، كانت الحروب المحلية والصراعات الإقليمية تنظر إليها الولايات المتحدة من خلال منظور المواجهة بين الشرق والغرب. أما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ودخول العالم في القرن الحادي والعشرين، الذي اعتبره “المحافظون الجدد” وتوقعوه في أواخر تسعينات القرن الماضي “القرن الأمريكي الجديد”، فقد أصبحت إدارة الرئيس بوش تنظر إلى الصراع “الإسرائيلي”- الفلسطيني، أو الوضع في الصومال، أو أزمة لبنان، من خلال منظور المواجهة العالمية بين الخير والشرّ. وفي المقابل، يغذّي هذا الخطاب الإيديولوجي خطاب تنظيم القاعدة حول حربٍ تتجدّد باستمرار ضدّ “الصليبيّين واليهود”.
لكن العديد من المفكرين الغربيين بدأوا يشككون في مقولة المحافظين الجدد بأن القرن الواحد والعشرين هو القرن الأمريكي بامتياز، فهاهو الكاتب البلغاري (وصاحب الهوى الأمريكي)إيفان كراستيف يطرح السؤال التالي : هل يكون القرن الحالي هو “القرن المناهض لأمريكا”، ثم يبشر بنهاية “وهم قرن الحرية”.
ما يدعم هذا التساؤل المشروع هو الأزمة العاصفة التي تعاني منها السياسة الخارجية الأمريكية في تعاطيها مع ملفات المنطقة. فهناك النتائج الكارثية والمأساوية المترتبة عن سياسة إدارة بوش في بلاد الرافدين. كما أن جميع أنواع التدخّلات العسكرية للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق والقرن الإفريقي، وتلاعب كل منها بالأطراف المحلّية، واستغلالها للانقسامات الدينية والقومية (الإثنية) وتوظيفها، قادت إلى تفكك وتقويض سيادة الدول الوطنية، وإلى غياب الدولة، وأفضت إلى صراعات لا نهاية لها، وأفسحت في المجال لانبعاث الهويّات الإثنيّة-الدينيّة، وهو انبعاثٌ تشجّعه واشنطن، نتيجة تخطيطٍ مسبق، لجهة تقليص المنطقة إلى مجرد فسيفساء من “الأقليّات”، التي تدفع كلّ واحدٍ إلى التماهي مع طائفته، على حساب أيّ انتماءٍ وطنيّ أو قومي. وقد أدّت “إسرائيل” في الواقع، منذ الثمانينات، دوراً وظيفيا أساسياً في بلورة استراتيجيّة التفتيت هذه للمنطقة.
وأما في ما يعود إلى علاقة إدارة الرئيس بوش بالقضية الفلسطينية، فإن الطريق مسدودة سياسياً في فلسطين بعد مؤتمر أنابولس، والسبب في ذلك أن “إسرائيل” حليفة الولايات المتحدة لا تزال ترفض استحقاقات التسوية النهائية، أو أي اقتراب من القضايا الرئيسية لمعرفتها أن ذلك يعني حتمية تطبيق القرارات الدولية بشأنها.
من النتائج الكارثية “لاستراتيجية الفوضى الخلاقة” التي اعتمدها المحافظون الجدد تنامي المجموعات الأصولية التي تتبنى عقيدة متطرّفة، وتدّعي الانتماء إلى القاعدة، وترفض أيه تسوية، ولا تشعر بأنها مرتبطة بقوانين اللعبة السياسية.
لقد حصلت تحولات راديكالية خلال السنوات الأربع الأخيرة من الاحتلال الأمريكي للعراق. غير أن هذه التحولات ليست مفصولة عما سبقها من تحولات، والتي كان فصلها الأول سقوط الاتحاد السوفييتي، وفصلها الثاني أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 وبروز الإرهاب المعولم وتقدمه المسرح الدولي. وقد توجت هذه التحولات بتغير موازين القوى بين الدول الكبرى، مع تعثر الولايات المتحدة الأمريكية في العراق وخسارتها الدالة والسلطان الرادع، وتألق الصين والهند وعودة روسيا إلى المسرح الدولي بقوة.
الفصل الأول انتهى، أما الفصل الثاني، فلا يزال ينذر بكارثة يخلفها قران التعصب والتقنية على حد قول جورج بوش، ولكن تأثيراته في العلاقات الدولية ارتبطت بالرد الأمريكي الحاسم من خلال خوض الحرب على الإرهاب، وبالردّ العالمي على الردّ الأمريكي. وفي ظل التورّط المباشر لجيوش منظمة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان وهي تغوص في الفوضى، فيما الجيوش الأمريكية تغوص في وحول العراق.
وعلى الرغم من الدعوات التي تنادي ببناء عالم متعدد الأقطاب على مثال القرن التاسع عشر كما هو الحال بالنسبة للمدرسة الواقعية، والتقليدي الديغولي، وعلى ما ترغب المدرسة الليبرالية، فإن تأثير هذه الدعوات لا يزال محدودا في العلاقات الدولية، وإن كان حملها على بعض العقلانية والاعتدال لا ينكر.
وفي الواقع، لا يزال النظام الأحادي القطبية، أو النظام الأمريكي على ما يعتريه من تناقض وتنافر، هو المسيطر، وهو نظام ينزع إلى المواجهة بين الغرب وبين عالم الجنوب، وتتولى الصين وروسيا دوراً معقداً أو لنقل دوراً معرقلاً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
تركيا على طريق السلام
سردار عبد الله
السياسة الكويت
نشرت جريدة (آسو) اليومية التي تصدر باللغة الكردية في مدينة السليمانية, خبرا عن محاولة يقوم بها الرئيس العراقي جلال طالباني للتوسط بين تركيا وحزب العمال الكردستاني, وأشارت الى ان مصادر مطلعة اكدت للصحيفة احتمال حدوث لقاءات بين الجانبين من المقرر ان تتم هذا الأسبوع في احدى الدول الاوروبية. وكانت قنوات اعلامية اشارت الى ان الرئيس العراقي ينتظر رسالة من قيادة حزب العمال الكردستاني لم يتم الافصاح عن فحواها, لكن الرئيس العراقي طالب تركيا بإصدار عفو يسمح لمسلحي الحزب الكردستاني بالعودة الى تركيا, فماذا يمكن ان يكون خلف هذه الاخبار?
من واقع معرفتي وعلاقتي الشخصية باعلى القيادات في حزب العمال, وعلى اساس الثقة التي تسم علاقتهم بي, استطيع ان اؤكد جازما ان مطالبات حزب العمال ودعواته بخصوص السلام حقيقية ونابعة من ايمان راسخ بالسلام وبحل المسألة الكردية في تركيا عن طريق الحوار وليس العنف, على الجانب الآخر, كنت أبديت رأيي الصريح لقيادة الحزب وفي لقاءات ومناسبات عدة, حول جدوى الحديث عن السلام في ظل وجود قيادات تاريخية وحكيمة مثل رجب طيب اردوغان على رأس السلطة في تركيا.
المؤشر الآخر الذي يمكن ان يؤكد صحة الخبر الذي نشرته الصحيفة الكردية هو ان الرئيس جلال طالباني هو من يقوم بالوساطة, والمعروف ان هذه المحاولة ليست الاولى التي يتبناها طالباني, فمنذ بداية التسعينات من القرن الماضي وهو لايكل من طرح المبادرات التي كادت تصل احداها في عهد الرئيس التركي الراحل تركوت اوزال الى نتائج مثمرة.
هناك ايضا زيارة الرئيس التركي عبدالله غول لواشنطن ولقاؤه بالرئيس بوش, والمؤكد ان المباحثات الاميركية ¯ التركية سوف تركز في الغالب على هذه القضية التي اظهرت التطورات الاخيرة انها تجاوزت اطرها الداخلية بكل المعايير وباتت تشكل خطرا اقليميا ينذر بتداعيات دولية ان لم يتم التعامل معها بقدر اكبر من الحكمة.
على الارض لم تثمر العمليات العسكرية التركية عن نتيجة يمكن ان يعود بها الجيش التركي كمكسب عسكري يبرر عمليته المكلفة في هذا الفصل بالذات, على العكس دفعت حزب العمال الى التصعيد في الداخل التركي, ثم لم تكن الكلفة السياسية والدولية والديبلوماسية التي تكبدتها تركيا بالهينة.
في المحصلة النهائية ليس هناك خيار سوى السلام, ولاننسى بأن منظمة التحرير الفلسطينية كانت الى وقت طويل مصنفة في العالم كمنظمة ارهابية وهاهي الايام اثبتت ان لاسلام من دونها وتحولت الى شريك رئيسي في السلام الاقليمي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
لصوص الرفاهية في العراق الجديد
داود البصري
السياسة الكويت
يبدو أن قدر العراقيين الدائم هو الوقوع تحت هيمنة حكومات وقيادات تعيش على (الهبر) وتعرف من أين تؤكل الكتف, وتمارس سياسة النهب الشامل, فيما يعاني الشعب بأسره من سياسة التكسيح والتهجير الشامل ويعتمد في حياته اليومية على بطاقة صدام التموينية, وتباع لحوم نساء العراق في أسواق النخاسة العربية والدولية بأبخس الأثمان, فيما الرفاق المؤلفة قلوبهم في الائتلاف المؤمن, وفي التحالف الكردي العتيد وفي التوافق والحوار وأعضاء البرلمان المحروس يغرفون ما شاء لهم من الرواتب والأجور الخيالية وبدلات التنقل والسفر والتمتع بمباهج الحياة على حساب النصب على المواطن العراقي المسحوق بين نيران الفقر والحاجة ورصاص الميليشيات وسكاكين العصابات المتناحرة, ففي عهد النظام الصدامي البائد كانت أدبيات المعارضة السابقة والحاكمة حالياً تزدحم بالبيانات المستنكرة لسياسة النهب والإثراء غير المشروع الذي كانت تمارسه العائلة الحاكمة السابقة, وقيلت الروايات وتداولت الأساطير حول حجم النهب في النظام السابق فيما كان الشعب العراقي يسحق ويذل تحت طائلة أقسى حصار في التاريخ البشري القديم والحديث, والطريف أن صدام البائد الذي كان يحب مباهج الحياة بعد أن شيد القصور والقلاع واشترى اليخوت التي لم يتمتع بها. كان يمتلك طائرة رئاسية واحدة اسمها (صقر القادسية) مركونة اليوم في إحدى مدارج مطار عمان منذ 18 عاماً بعد أن أكلها الصدأ وتناهبها النسيان, وبعد إسقاط النظام الصدامي على يد الرفاق الأميركان تهيأت الفرصة لأحزاب المعارضة العراقية للوصول للسلطة على طبق من ذهب, لأنه بصراحة مطلقة ما كان للمعارضة أن تحلم أبداً بدخول بغداد لولا النيران الأميركية العاصفة التي أبدلت المعادلة السياسية وفرضت واقعاً جديداً تسنى لتلك الأحزاب من خلاله تسلق دروب السلطة بعد الفراغ السياسي الكبير الذي حدث بسقوط النظام الديكتاتوري, الذي كان يفرض ظلاله وبصماته على كل زوايا العراق, فتلك الأحزاب دخلت في حالة موت سريري معلن بعد نهاية الحرب الإيرانية العام 1988 وأفلست بالكامل بعد نهاية المشروع الإيراني بتصدير الثورة, فحزب الدعوة مثلا عاش سلسلة من الانشقاقات التي عجلت بنهايته وتشتت الأخوة المؤمنون طلباً للجوء في ديار الله الواسعة وهرع بعض قادتهم للانضواء تحت حماية (دول الغرب الكافر), بينما بقي البعض الآخر من قادتهم الدعاة يزورون جوازات السفر وليتحولوا لسماسرة لأجهزة المخابرات السورية تحديداً! ولتجار شنطة وتهريب ماهرين على خط بيروت - دمشق العسكري, فيما بقيت جماعة المجلس الإيراني الأعلى في إيران تمارس اللطم والدعاء, وتوزعت الأحزاب القومية واليسارية على منتجعات لجوئها الأوروبية تحديدا, فلما جاءت الحماقة الصدامية الكبرى بغزو وتدمير وضم دولة الكويت في الثاني من أغسطس 1990 نفخت الروح فجأة في أجداث الموتى, وضخت دماء الحياة في العروق اليابسة وتحول الإرهابيون الذين أحرقوا الكويت ذات يوم بالتعاون مع الحرس الثوري الإيراني لمدافعين أشداء عن سيادة الكويت, في أكبر حفلة نفاق وارتزاق في التاريخ العربي المعاصر واغتنى القوم بعد أن فتحت بوابات الرزق من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون, وجرت مياه عدة تحت كل الجسور ليدخل القوم تحت ظلال دبابات المارينز (قدس سرها) لبغداد ويتحولون لحكومة ولأصحاب معالي وفخامة وسيادة يتمتعون بمباهج السلطة وامتيازاتها ويودعون أيام التشرد والصعلكة والتسول (الإيماني).. وليدخلون وهذا هو الأهم في حلقات الفساد السلطوي حتى تحول العراق اليوم لأكبر غابة فساد في العالم المعاصر وفقا لتقارير هيئات النزاهة الراحلة أو الهاربة أو التي في طريقها للهروب, وقائمة الوزراء الحرامية معروفة وبعضهم تمت حمايته وتهريبه من خلال قنوات قوات التحالف الدولية ذاتها, ويبدو أن (حلف الحرامية) العراقي المناقض تماما لحلف (الفضول) الجاهلي قد ازدادت شعبيته مؤخراً عبر صفقات خيالية تم عقدها من خلال مؤسسات الدولة العراقية لصالح شخوص قيادية أخذت تغرف من الأموال العامة من دون مراعاة الحاجة الحقيقية للشعب العراقي المسحوق, وفي ظل برلمان متواطئ وسيئ لا يبحث أعضاؤه إلا عن زيادة رواتبهم ومخصصاتهم.
صفقة الخطوط الجوية العراقية الخيالية
في عالم (علي بابا) العراقي الجديد, ثمة صفقات ستدخل التاريخ في حجمها وطبيعتها وبشكل غير مسبوق في التاريخ العراقي المعاصر, إذ يبدو أن الميزانية العراقية الفخمة للغاية (أكثر من 40 بليون دولار) والتي أعلنها الرئيس الحالي جلال الطالباني قد تمت الاستفادة من أبوابها من خلال الصرف على برامج الرفاهية للقيادات الحالية, ففي معلومة وصلتني من شركة بوينغ الأميركية لصناعة الطائرات تبين أن شركة الخطوط الجوية العراقية عقدت صفقة لشراء سبع طائرات رئاسية بمواصفات خاصة جدا بقيمة 11 بليون دولار اميركي ستخصص واحدة للرئيس العراقي وأخرى لرئيس الوزراء وثالثة لرئيس إقليم كردستان, فيما ستخصص الأربع الأخريات لبعض كبار المسؤولين العراقيين, لربما (الحكيم) أو (الصدر) أو(الهاشمي) أو بقية فرقة حسب الله الحكومية! مع ملاحظة أن قيمة الصفقة خيالية لكون التعديلات المطلوبة في الطائرات لأغراض الرفاهية والكمال قد رفعت فارق السعر لسقف كبير علما بأنه في الفترة نفسها عقدت الخطوط الجوية القطرية مع الشركة الاميركية نفسها عقدا لشراء 26 طائرة لتحديث الأسطول الجوي القطري بقيمة 12 بليون و8 ملايين دولار, فلاحظوا الفرق البسيط في السعر والهائل في العدد, ترى هل أن ظروف العراقيين الحياتية العامة تسمح لحكومتهم بكل هذا التبذير غير المبرر بل السفيه, هل حلم متشردي الأمس القريب بكل هذه النعمة التي يرفلون بها والتي انتقدوا صدام أشد انتقاد من أجلها ذات يوم... لا نقول سوى .. والله حالة, والله طرطرة, ولك الله يا شعب العراق وأنت تقارع البلوى وتجوع من أجل أن يشبع المرتزقة والمنافقون.

ليست هناك تعليقات: