Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الخميس، 27 مارس 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات الأثنين 24-03-2008


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
من العراق: مشروع المصالحة الوطنية هو الحل
قناة العربية
مشروع المصالحة الوطنية جبهة الحوار الوطني تعلن المقاطعة لمؤتمر المصالحة الوطنية المالكي يدعو المعارضة إلى عدم الاستعانة بأطراف خارجية
اسم البرنامج: من العراق
مقدم البرنامج: سهير القيسي
تاريخ الحلقة: الجمعة 21-3-2008
ضيوف الحلقة: نصير العاني (رئيس ديوان الرئاسة) علي الصكري (نائب عن جبهة الحوار الوطني)
سهير القيسي: حياكم الله مشاهدينا، أهلاً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج من العراق. خمس سنوات مرت منذ بدء حرب العراق ومشروع المصالحة الوطنية لم يتحقق بعد، في وقت يؤكد فيه الجميع بأنها أي مصالحة أصبحت حاجة ماسة كونها طريقاً يوصل إلى تسوية سياسية منشودة تضمن مصالح الجميع، المؤتمر الثاني للقوى السياسية الذي عُقد في بغداد وبرعاية رئيس الحكومة والكلمات التي قيلت تكشف بشكل واضح عمق الخلاف بين اللاعبين في العملية السياسية وفي خارجها، حيث قاطع جبهات مهمة ومكونات مشاركة في العملية السياسية قاطعت المؤتمر ووصفته بالفاشل لعدم استكمال شروط الحوار المؤدي إلى المصالحة الحقيقية، فغياب جبهة التوافق والقائمة العراقية وجبهة الحوار الوطني والكتلة الصدرية والعديد من النواب الذين لعبوا دوراً في إثراء أفكار المصالحة في وقت سابق يؤكد بأن الطريق إلى المصالحة شاملة ما زال طريقاً طويلاً، ضيفي لهذه الحلقة هما نصير العاني رئيس ديوان الرئاسة، ومعي أيضاً السيد علي الصكري النائب عن جبهة الحوار المقاطعة بدورها للمؤتمر أي مؤتمر المصالحة، وأرحب بكم ضيفي وأشكركم على وجودكم معي في الاستديو اليوم، وقبل أن أبدأ معكما الحوار ومع مشاهدينا نتوقف مع هذا التقرير كالمعتاد من بغداد أعد هذا التقرير جواد الحطاب.
مشروع المصالحة الوطنية
جواد الحطاب: أربع لجان عمل للخروج بتوصياتٍ تخدم مشروع الوفاق بين أطياف الشعب العراقي، باعتباره الخيار الإستراتيجي الذي أنقذ البلاد من هاوية الحرب الأهلية.
نوري المالكي (رئيس الوزراء العراقي): نجدد الدعوة للقوى السياسية كافة لبذل المزيد من الجهود لدعم مشروع المصالحة الوطنية، لأنه قارب النجاة الوحيد والوسيلة الأمثل لبناء عراقٍ ديمقراطيٍ تعددي اتحادي، وإذا كانت تأكيدات المشاركين في الحكم تنص على ضرورة إشراك القوى الداخلة في العملية السياسية أو تلك التي لم تدخل فإن المعترضين على الآليات وعلى وجود القوات الأجنبية لهم أسبابهم في المقاطعة.
نصار الربيعي (الكتلة الصدرية في البرلمان): دخلنا المؤتمر لنؤكد على المصالحة، خرجنا من المؤتمر لنرفض أي مؤتمرات صورية للمصالحة الوطنية وإنما نريد مؤتمرات حقيقية.
عبد الكريم السامرائي (الحزب الإسلامي العراقي): أن المصالحة الحقيقية ليست بحاجة إلى مظاهر احتفالية لا مغزى لها.
جواد الحطاب: أكثر من 500 شخصية سياسية وشعبية ودينية، وإعلان من المالكي عن استيعاب أكثر من 35 ألفاً من أفراد الصحوات، وتوفير 5000 درجة وظيفية لمنتسبي التصنيع العسكري المنحل، مؤتمر يضاف إلى سلسلة مؤتمرات سابقة، ويبقى الطموح أن تتوجه المصالحة إلى السياسيين أولاً لأن الطموح الوحيد لمكونات الشعب العراقي هو توفير الأمان ولقمة العيش الكريمة بعيداً عن المزايدات على دمه وماله وعرضه. جواد الحطاب - لبرنامج من العراق.
سهير القيسي: إذاً أرحب بكما ضيفي من جديد، وأبدأ معك سيد نصير العاني أبدأ من كلمات السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي، ذكر بأنه هناك أهداف تحققت من وراء مؤتمر المصالحة الوطنية، حدثنا أكثر يعني ما هي الأهداف التي فعلاً تحققت؟
نصير العاني: بسم الله الرحمن الرحيم، لا شك أن المؤتمر الذي عقد قبل يومين في بغداد هو المؤتمر الثاني والذي ضمّ حوالي أكثر من 600 شخصية اشتركت فيها شخصيات مختلفة مع مقاطعة جهات وجبهات مهمة في الوسط السياسي، ومع كون أن هذه الجبهات قد قاطعت إلا أن هذه الشخصيات قد توصلت في الورش التي حضرتها إلى نتائج غير مرئية، ولكنها نشعر بأنها شعور موحد..
سهير القيسي: مثل ماذا سيد نصير؟
نصير العاني: عندنا مسألتين مهمتان، أستطيع أن ألخص ما وصلت إليه تلك الورش، وهي طبعاً استخلاص مهم جداً وأرجو من الجميع أن يفهموه ويعرفوه، هو بالتأكيد إحنا موضوع المؤتمرات هو يبقى شيء شكلي، لكن ما يتمحض عن المؤتمر وما يجري من حوار تحت أروقة هذا المؤتمر خلال اليومين هو النتيجة المهمة التي نستطيع أن نصلها، هناك مناداة وهناك كلام وهناك تفاهم وهناك نستطيع أن نقول آراء شبه موحدة باتجاهين مهمين، الاتجاه الأول: ظهور يعني حالة غابت لفترة واستعيدت مرة أخرى، يعني موضوع وحدة البلد وموضوع الحفاظ على وحدة البلد هو الروح الوطنية التي رأيناها بين الجالسين، وهذه من خلال ورش كما ذكرنا، والمسألة الأخرى هو موضوع الصوت العربي، الصوت العربي يعني أدرك قسم أو يعني مجموعة كبيرة من الذين حضروا والذين هم من جهات مختلفة أن الصوت العربي وعروبة العراق تحتاج إلى تثبيت، تحتاج إلى إسناد، وتحتاج إلى يعني..
سهير القيسي: طيب، إذن هذه الأمور المهمة التي تعتبر..
نصير العاني: هي مسألة المهمة الحقيقة مفصلية، هذه غير معلنة بالحقيقة لكن أنا أستشف وأخرج من يعني من داخل الأروقة من داخل الورش التي عندنا..
جبهة الحوار الوطني تعلن المقاطعة لمؤتمر المصالحة الوطنية
سهير القيسي: خليني أشوف رأي السيد علي الصكري وحضرتك من جبهة الحوار الوطني اللي قاطعت المؤتمر، بدايةً هل ترضيكم هذه النتائج التي تحدث عنها السيد نصري العاني؟ وما الأسباب الحقيقية وراء مقاطعتكم؟
علي صكري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحقيقة مع احترامي للأخ الدكتور نصير، موضوع المصالحة خاصةً هذا الأخير يعني أنا أعتبره مهرجانات سياسية حقيقة تعقد لغايات إعطاء دفعة للحكومة أو لإنعاش الحكومة، للفشل طبعاً الفشل في كثير من المسائل، فشل الحكومة في كثير من المسائل، قضية المصالحة تتطلب الآن كحكومة يجب عليها أن تقدم على ثلاث خطوات من المصالحة، الخطوة الأولى: هي المصالحة مع الشعب من خلال تقديم أداء جيد لإعادة البنية التحتية وإعادة الخدمات للشارع العراقي والشعب العراقي هذا أولاً المصالحة مع الشعب، ثاني نقطة: المصالحة مع القوى السياسية اللي داخل العملية السياسية اللي هي أصبحت عائق أمام أي تقدم سياسي والخروج بحكومة قوية ممكن أن تقدم الخدمات لهذا الشعب، النقطة الثالثة: وهي أعتقد صعبة جداً اللي هي المصالحة مع الأطراف الخارجة خارج العملية السياسية، هناك كثير من الخطوط الحمر حقيقةً تطرحها الحكومة قبل عقد المؤتمرات في وضع خطوط حمراء ووضع شروط للمصالحة، فبالتأكيد المصالحة المشروطة رح يكون نهايتها الفشل، وبالتالي أنا أسأل أنه أي من الأطراف اللي خارج العملية السياسية عنده علم في موضوع المؤتمر اللي حصل في بغداد، الأطراف اللي حضرته هي داخل إطار العملية السياسية مو خارج الحكومة، لم تكن متخاصمة مع الحكومة حتى تجلس، ولهذا إحنا مسبقاً نعرف أن هذه مهرجانات سياسية فلا يجب أن يحسب علينا هذا الموقف وندخل وبعدين، فانسحبنا لهذه الأسباب.
سهير القيسي: نعم. أودّ أن آخذ من حضرتك سيد نصير تعليق على شروط المصالحة اللي ذكرها السيد علي الصكري، ذكر بأنه المصالحة مع الشعب غائبة بين الشعب والحكومة، ذكر بأنه المصالحة مع الأطراف السياسية الأخرى في الداخل غائبة، والمصالحة مع الأطراف في الخارج غائبة تعليقك؟
نصير العاني: موضوع غائب على وجه الإطلاق أنا لا أؤيده، يعني ليست بهذا الإطلاق هناك عقبات وهناك إشكالات بين الجهات السياسية وبين الحكومة، هناك إشكالات بين الجهات السياسية الغير مشتركة بالعملية السياسية وبين الحكومة، لكن أنها غائبة على وجه الإطلاق لا أستطيع أن أؤيدها بأي حال من الأحوال، حيث أن هناك يعني جهود مضنية وهناك عمل دؤوب لإيجاد مد جسور بطريقة أو بأخرى بلجان مشتركة..
سهير القيسي: إذا كان فعلاً سيد نصير إذا كان فعلاً فيه جهود، لماذا حتى الآن المصالحة غائبة؟ يعني كان هناك مؤتمر في يونيو 2006 والآن هذا المؤتمر تكرر ذات الشيء، هناك كتل قاطعت المؤتمر، هناك انتقاد كونه مؤتمر شكلي، هناك انتقال الحكومة كونها غير جدية في تحقيق المصالحة، إذن لم تثمر كل جهود الحكومة في شيء؟
نصير العاني: أكو حقيقة بالنسبة للمصالحة، المصالحة عبر التاريخ هو مشروع طويل، مشروع يحتاج إلى صبر يحتاج إلى معاناة يحتاج إلى مجاهدة ويحتاج إلى جهود غير طبيعية، عندما يعني نقرأ التاريخ نشوف المصالحة في إيرلندا دامت سنتين بطريقة سرية، لقاءات سرية غير معروفة غير معلنة، مشروع المصالحة هو مو موضوع بناء انهدم ونرجع نبنيه، موضوع نفوس تباعدت، دماء سالت يعني أمور كثيرة حدثت، إعادتها بهذه السرعة هذا لا يمكن يعني هذا خارج الحسابات..
سهير القيسي: خلينا نشوف نعم سيد نصير خلينا نشوف رأي السيد علي الصكري، يعني هل الثقة أصبحت غائبة؟ هل الموضوع موضوع أزمة ثقة بين الحكومة وبين الأطراف السياسية الأخرى أم ماذا؟ لماذا لا يوجد تصالح أصلاً في الداخل بين الحكومة والأطراف السياسية؟
علي صكري: بالحقيقة الحكومة تخشى من مشاركة بعض الأطراف في القرار الحكومي يعني هذه أول نقطة، النقطة الثانية: المصالحة ما تحتاج إلى أنه ناخذ دورات في فنيسيا أو في جنوب أفريقيا أو كذا، نحن شعب عراقي في أجندة وطنية ممكن أن يتفق عليها جداً، أجندة تفاوضية للأطراف المعنية تكون تقدم للأطراف خارج العملية السياسية، ومن الحكومة، وبالتالي هي حتى النقاط اللي مختلف عليها نقاط بسيطة، ولكن روح التسامح روح المشاركة وروح سابقاً كنا نقول أن هناك نظام دكتاتوري في العراق لا يقبل أن يشاركه تشاركه جهة معينة في القرار، الآن بنفس الطريقة ولكن بغطاء ديمقراطي، نفس الحالة الآن الموجود أنه أنا أوكي أنا أقبل ممكن أصالح فلان وكذا، ولكن لا أسمح لهذا الطرف أن يشاركني في القرار الحكومي أو في قيادة هذا البلد أو في المشاركة في أو اعتباره حتى كمواطن عراقي يشعر في وطنيته في داخل العراق.
سهير القيسي: طيب سيد نصير يعني لو تابعنا تصريحات السيد المالكي أثناء المؤتمر هناك حديث وإعطاء أهمية لموضوع النظام السابق المقابر الجماعية ما ارتكب في السابق، هل تجد بأنه إثارة مثل هكذا موضوع يعني والمسؤولين عنه هم يعني مقدمون للمحاكمة، والرئيس العراقي السابق أُعدم، هل تجد بأنه يخدم المصالحة الوطنية؟
نصير العاني: بالتأكيد الكلام عن المصالحة يجب عدم إثارة أي شيء يؤثر على مشروع المصالحة، المصالحة يعني أن هناك تنازل، هناك أمور أنا أتنازل لو ما في تنازل ما تكون مصالحة أصلاً يعني، هناك مجموعة بيني وبينها مشكلة أنا أتنازل عنها حقي في هذه المشكلة، وهم يتنازلون إلى أن نصل إلى نقطة الوسط..
سهير القيسي: ولكن هناك بالعكس فرض شروط يعني؟
نصير العاني: فرض شروط مو بهذه لم يحدث أن تفرض شروط بهذا الأمر، ولكن إحنا عندما نرى أن المصالحة نستطيع أن نتقدم بها من خلال الحوار، يعني أنا أجلس وأتحاور وأنتقد وأشخّص كل مواضع الخلل، يعني فيه جلسة أستطيع أن أقول أن الحكومة قامت كذا ولكن ضمن..
سهير القيسي: بس الحكومة ما وجهت دعوات مثلاً لجبهة التوافق؟
نصير العاني: هناك طبعاً أنا لست في موقف المدافع عن الحكومة لأنني لست أصلاً في إعداد المؤتمر، وهناك جهة مسؤولة عن إعداد المؤتمر، هناك خلل في يعني توجيه الدعوات، وجهت إلى شخصيات دون الجبهات، وكان المفروض أن توجه الدعوات إلى الجبهات حتى يسد باب الذرائع، ولا يبقى هناك مجال لأن أحد يعني يتكلم أو ينتقد، الدعوة موجهة إلى الجميع إلى كل من يريد أن يتكلم يجلس ويتحاور ويتكلم وينتقد ضمن الروح التي يجب أن تسود في الوقت الحاضر يعني.
سهير القيسي: نعم. إذن السيد علي الصكري أنتم أخذتم دور المنسحب المنعزل، لا تشاركون في موضوع المصالحة، تعطون أو تلقون بالمسؤولية على الحكومة، ألا تتحملون مثلاً مسؤولية كونكم طرف سياسي بالسعي إلى تحقيق هذه المصالحة بالتنازل نوعاً ما بفتح حوار مثلاً؟
علي الصكري: إحنا كنا بالعكس منذ البداية كنا من المطالبين أو اللي وضعنا شروط أيضاً أثناء دخولنا للعملية السياسية، على أنه يجب أن تجري مصالحة ويجري أيضاً إدخال أطراف اللي خارج العملية السياسية، وطرحناه حتى ضمن مشروعنا الانتخابي..
سهير القيسي: يعني كل طرف يفرض شرط حتى يدخل المصالحة؟
علي الصكري: لا.. لا إحنا أقول أقصد أنه يعني دخلنا ضمن حتى المشروع الانتخابي، أنه إحنا قلنا أنه رح ندخل العملية السياسية لاحقاً يجب أن يجتمع كل العراقيين في هذا البلد، وأن يقودون بلدهم ككل بصورة عامة، لكن الحقيقة انصدمنا في الواقع، واقع داخل العملية السياسية، الواقع هذا أنه الأطراف اللي موجودة في الحكومة يعني للأسف أنا ما أقول بس الحكومة الآن الأطراف السياسية أيضاً تخشى أن تدخل أطراف أخرى يعني حتى عملية المصالحة كثير من الكتل السياسية ما تؤيد عملية المصالحة بشكل مطلق.
سهير القيسي: رح نكمل أتوقف عند هذه النقطة وأكيد نكمل ومشاهدينا هذا الحوار، مشاهدينا فاصل قصير راجعين بعد الفاصل نتابع برنامج من العراق خليكم ويانا.
[فاصل إعلاني]
سهير القيسي: أهلاً بكم من جديد، مشاهدينا نكمل هذه الحلقة حول موضوع المصالحة الوطنية.
المالكي يدعو المعارضة إلى عدم الاستعانة بأطراف خارجية
أكمل معك سيد علي الصكري من التصريحات التي وردت على لسان رئيس الوزراء السيد نوري المالكي ذكر أو دعا الأطراف المنسحبة مثل حضرتكم إلى عدم الاستقواء بالأطراف الخارجية، أريد تعليق من حضرتك على هذا الموضوع؟
علي الصكري: والله الحقيقة هناك مفارقات يعني الاستقواء أولاً إحنا استوقائنا في الله سبحانه وتعالى ومن ثم في شعبنا بس فقط، ما عنا أي جهة أخرى يعني غير هذا، إذا كان يقصد السيد رئيس الوزراء على أنه في دعم دولي أو خارجي إحنا يعني عكس اللي جرى مع الكتل يعني مع الحكومة ومع الكتل السياسية الأخرى، يعني لم ندعم من الاحتلال، لم ندعم من دول إقليمية أخرى، حتى الدول العربية بالحقيقة خاصةً الآن الخط الوطني إحنا بصراحة أقولها محاربين من يعني خلينا نقول أنه بالمعنى الآخر أنه إحنا..
سهير القيسي: بس ملاحظة دائماً يذكرون على حضرتك مثلاً عن جبهة الحوار أنه حضرتك ما تحضر في البرلمان، وحضرتك عضو ومقيم في أغلب الوقت بعمان، طيب هذا ما يدعم تصريحات المالكي بأنه أنتم بالخارج ما موجودين بالداخل؟
علي الصكري: لا.. لا إحنا بالخارج شاركنا في الداخل وجينا للداخل ولكن أنا بصراحة أقول أنه الآن دورنا نمارسه من خلال سواء كنا بالخارج أو في الداخل، الداخل هو داخل برلمان بالعكس داخل البرلمان الحكومة ما تأبه ترى إلى أي قضية يعني ممكن أن تطرح داخل البرلمان، لأنه في العكس الأمور مسكرة داخل البرلمان من خلال قناة حكومية واحدة تنقل هي اللي يحدث في داخل البرلمان، وبالتالي المنبر الوحيد لدور المعارضة هو الإعلام حقيقةً الحكومة تحرج من الإعلام الخارجي، إذا سمحتِ لي بس فيه نقطة، نحن لم ندعم لا من الاحتلال ولا من.. إن موقف أيضاً هناك موقف ركيك من الدول العربية اتجاه الخط الوطني، لو قلبنا المعادلة الآن في بيروت في لبنان عفواً في لبنان المعارضة من جهة معينة مدعومة من قبل جهات إقليمية أخرى ومن إيران بالتحديد، ونحن الآن في العراق نعتبر نفسنا أيضاً المعارضة، تخيلي أنه المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول العربية لكذا شهر مو قادرين يعينون رئيس جمهورية في لبنان لكون المعارضة في لبنان ما سامحة..
سهير القيسي: إحنا ما نريد كثير نطرق في الحديث عن لبنان، إحنا موضوعنا عن العراق.
علي الصكري: أوكي، بس إحنا عفواً عنا المعارضة اللي عدنا يعني ما عنا إحنا الآن الخط الوحيد اللي معتمدين عليه اللي هو خط الشعب العراقي الخط الوطني كعراقيين، هذا تعويلنا عليهم، يعني ما تعويلنا على جهة خارجية قطعاً.
سهير القيسي: خليني أرجع للسيد نصير العاني، سيد نصير يعني إذا كانت الحكومة تتهم الأطراف اللي هي منسحبة من المؤتمر أو منعزلة عن موضوع مشروع المصالحة بالاستقواء بالدعم الخارجي، الحكومة ألا تعتبر نفسها مثلاً مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية مثلاً؟ ألا يعتبر ذلك دعم خارجي؟
نصير العاني: بالتأكيد، أن الآن البلد هو لا يزال الملف الأمني بيد الاحتلال الأميركي، يعني لا يزال الملف الأمني لم يسلم إلى الحكومة العراقية، وموضوع الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة لا زال قيد النقاش، هو الفصل السابع لا زلنا تحت نيله نيل الفصل السابع من يعني نحن لا نستطيع أن نسوق حتى منتوجاتنا النفطية بطريقة رسمية، لأن هذا الأمر هذا واقع موجود، لكن هذا الواقع يشمل الجميع الكل يعرف هذا الواقع، ونحن نتحرك ضمن هذا الواقع هناك بلد يريد أهله أن ينقذوه، كيف ينقذوه؟ هل ينقذوه بأن يصرحوا ويجلسوا ويتكلموا أم ينقذوه من خلال..
سهير القيسي: بس في النهاية سيد نصير أصبح العراق ساحة لصراع أقليمي، يعني كل قوة خارجية تحرك طرف ما في العملية السياسية، بالتالي أصبح العراق ساحة صراع إقليمي؟
نصير العاني: هذا معروف أن العراق أصبح ساحةً لتصفيات إقليمية، هذه حقيقة موجودة ولا ننكرها، ولكن ما العمل؟ هل نستطيع نبقى نبكي على العراق، ونقول العراق هو ساحة إقليمية وساحة صراعات والعراق محتل والعراق والعراق كيف ننقذ هذا البلد؟
سهير القيسي: بالزبط، هناك لا بد من خطوات عملية، لو تحدثنا عن الخطوات العملية بما أنه حضرتك سيد نصير تتحدث عن الخطوات العملية هل تجد بأن الحكومة قدمت خطوة عملية فعلية خلال السنتين اللي فاتت حتى تجذب الأطراف الأخرى لمشروع المصالحة الوطنية مثلاً؟
نصير العاني: هناك خطوات قامت بها الحكومة لا ننكرها، أنا ذكرت حتى في كلمتي لا نميت موضوع المصالحة الموضوعية ولا نغرقه ولا أيضاً نطري عليه بالمدح والثناء، هناك يعني خطوط مدت مع رجع للصحوة، هناك لقاءات كثيرة مكثفة مع المجاميع المسلحة، وهناك فهم أصبح جديداً للمجاميع المسلحة والتي حملت السلام وبدأت تتفهم لوضعها في العملية السياسية، وبدأت تفهم بأنهم أصحاب المصيبة الحقيقيون، فإن الناحتة الثكلى ليست كالمستأجرة هم الذين عانوا هم الذين تلقوا الضربات هم الذين فهموا من هم مع من يجب أن يقفوا، ومع من يجب وضد من يجب أن..
سهير القيسي: ولكن الحكومة تنتقد بكونها تتعامل مع حزب البعث بالضبط مثل ما عاملها حزب البعث خلال 35 عام؟
نصير العاني: هناك ردة فعل..
سهير القيسي: إذن مسألة ثأثر هي؟
نصير العاني: لأ. صحيح أنا معكِ إحنا في موضوع المصالحة الوطنية يجب أن لا نتعامل بردود فعل، وهذا شعار رفعناه منذ بداية تشكيل الهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية، موضوع ردود الفعل لكن هذا واقع موجود أيضاً في البداية كانت ردود الفعل عالية جداً وكبيرة جداً، الآن مسائل كثيرة اختلفت، هناك رتب عالية كثيرة من الضباط تتسلم مواقع في الجيش العراقي، ولديها أداء في القوات المسلحة هناك تحسن أمني، أنا لا أستطيع أن أقول بأن الأمور كلها تأخذ بالاتجاه السلبي، هناك يعني لا ذكر الحقائق يعيننا على أن نصل إلى الهدف بأقصر طريق.
سهير القيسي: أود أن أضع أمامكم تقرير هو الأخير من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هذا التقرير يتحدث عن الوضع الإنساني في العراق، هذا التقرير اللي صدر يقول بأنه الوضع الإنساني بالعراق هو الأخطر في العالم، هناك مشكلة جمّة وهي مشكلة المياه النظيفة، مشكلة الخدمات، مشكلة الكهرباء، ثلث المدخول لكل فرد عراقي يصرف على موضوع المياه النظيفة، إذن هذا الوضع الإنساني اللي هو أخطر بالعالم ما يدفعكم كأطراف سواء حضرتك أو السيد علي الصكري من جبهة الحوار إلى التغاضي عن هذه الأمور، موضوع الخلافات السياسية، والاهتمام بالعراقي الفرد العراقي اللي يريد أمن اللي يريد مي (ماء) اللي يريد كهرباء، اللي يريد راتب مثلاً لك التعليق سيد علي.
علي الصكري: الحقيقة الحكومة يعني فشلت فشل كبير في تقديم الخدمات، للشارع العراقي والشعب العراقي، على مستوى يعني على مستوى الكهرباء أو المياه أو كذا، يعني فيه قضية مهمة جداً، يعني أنا ما أعرف أن حكومة أربع سنوات المفروض يعني سواء على الكهرباء أو على المياه تضع خطة لأربع سنوات، أنه كيف رح تعمل خلال هذه الأربع سنوات، حنتفاجأ أنه سواءً في الماء أو المياه أو.. من خلال متابعتنا لأعمالهم، أنه يعملون دائماً Report أو Recondition يعني تصليح أو كذا، بالفترة اللي هو يمكن خلال سنتين أن يبنون محطات كهرباء ومحطات مياه بأقل كثير من هي الفترة، محطات كهرباء خلال سنتين لكل محطة مجاورة لها محطة أخرى أيضاً، وممكن أنه العراق الآن كان الكهرباء تكون فيه خلال هذه السنتين من عمر الحكومة ما تنقطع ولا دقيقة واحدة، فالمهم الحكومة بهذا الاتجاه طبعاً سواء على مستوى الخدمات فشلت في هذا الـ.. بصراحة يعني، لأنه فساد موجود، فساد مالي وإداري كبير في الحكومة بصراحة، وإحنا قلنا قبل فترة يعني حقيقةً تشكيلة البرلمان الداخلية نحن ما ندبّ اللوم الآن بس فقط على الحكومة، الكتل السياسية داخل برلمان هي اللي بتشجع الفساد، يعني كيف بتشجع الفساد أنه دائماً الوزير اللي تابع لهذه الكتلة من يجي يستدعى أو يستجوب في داخل البرلمان يلقى أن مجموعة محامين..
سهير القيسي: سيد علي يعني هذه مسؤوليتكم كلكم أنتم في البرلمان، وحضرتك عضو بالبرلمان، أتحول إلى السيد نصير العاني، إلى أين هذه أزمة الخلافات السياسية والمناكفات داخل العملية السياسية بالعراق، شنو الأفق اللي نتوقعه؟
نصير العاني: هناك حقيقةً أريد أن أقولها في هذا المجال، الشعب العراقي بعد مرور خمس سنوات تقريباً على سقوط النظام الشعب الآن وصل إلى حقيقة المصالحة، هناك تغيّر كبير في أمزجة الشعب، هناك تغيّر كبير في علاقات بين شرائح الشعب العراقي، فهم الجميع بأن هذا الشعب لا يمكن أن يعيش كل أن تعيش كل شريحة لمفردها لا تستطيع، المشكلة بقيت الآن عند السياسيين، السياسيين هم الذين يعني ما يعني هل هم يريدون أن تستمر هذه التشنجات حتى تبقى الأصوات ترتفع؟ وحتى تبقى يبقى محرومي الجاه يريدون أن يظهرون على المنابر اللي يتكلموا منابر الإعلام ليتكلموا ويقولوا وينتقدوا؟ أم هي يعني ناس تريد يعني تظهر بطريقة أو بأخرى لم يكن يكونوا ليحلموا أن يظهروا على الساحة السياسية في يوم من الأيام، وإذا بهم يظهروا على حساب وضع الشعب، على حساب دماء الشعب، على حساب مشاكل الشعب، على حساب حتى خدمات الشعب، أنا عندي كثير من الملاحظات ومجلدات من الملاحظات، لكن نقول إيقاد شمعة في الظلام خير من سبّ الظلام.
سهير القيسي: طيب عند هذا الحديث ننهي هذه الحلقة، أشكر ضيوفي السيد نصير العاني رئيس ديوان الرئاسة العراقي، وأيضاً السيد علي الصكري النائب عن جبهة الحوار الوطني، مشاهدينا كالمعتاد أشكركم ختاماً على حسن متابعتكم لهذه الحلقة، لآرائكم ومقترحاتكم بريد الحلقة الإلكتروني موجود: fromiraq@alarabiya.net ومحتوى الحلقة دائماً أذكر به موجود على موقع العربية في أرشيف البرامج، أستودعكم الله على أن يتجدد اللقاء.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
بغداد على الخط.. صور بالهاتف النقال
ساسكيا فان رينين
اذاعة هولندا
يرغب المصور الفوتغرافي الهولندي خيرت فان كيستيرن في تصوير المحنة في العراق دون أن يضطر إلى الذهاب بكاميراته الخاصة والتقاط الصور في وسط المعركة، لأن الوضع خطير. بالصدفة عثر المصور على مصدر جديد للمعلومات وهو الهاتف النقال. اللاجئون العراقيون في سوريا والأردن يرسلون له صوراً التقطها أهاليهم الذين بقوا في العراق بواسطة كاميرا الموبايل. ثمة رعشة يحس بها اللاجئون عندما تقرع هواتفهم النقالة منبهة بمكالمة من العراق: من على الهاتف من وسط بغداد التي مزقها العنف؟
بحقيبة سفر فارغة والكثير من الفضول عما يجري في العراق توجه خيرت فان كيسترن في العام 2006 إلى سوريا والأردن ليتحدث مع اللاجئين العراقيين حول الحرب في العراق والتي بلغت عامها الخامس هذا الشهر. من اللاجئين السنة والشيعة والأقليات الأخرى سمع فان كيسترين تكرارا القصة نفسها: يوميا يعاني أهالي العراق من العنف العرقي. ولكن كيف يمكنه أن ينقل هذه المشاهد إلى العالم الخارجي دون المجازفة بحياته؟ يقول فان كيسترن الذي كان يعمل في السنوات الماضية مصورا لوكالات الأنباء العالمية في العراق:
"قُتل خلال العامين الماضيين 200 صحفي في العراق، وهنالك احتمال كبيرة للتعرض للاختطاف".
يقول المصور فان كيسترين:
"الألم، الأسى، والحنين للأهل أو حتى للحيوانات الأليفة، أردت أن أصور المعاناة الشخصية والمشاعر التي تدور في أعماق العراقيين، ولكنني لم أدر كيف". وفي إحدى الأمسيات عندما كان يتحدث مع رجل عراقي وزوجته اللذان كانا طبيبين في العراق، شاهد صورة أُرسلت لهم من العراق على الموبايل، وهي صورة لأحد أصدقائهم بعد إصابته بعيار طائش أطلقته القوات الأمريكية وتسببت في مقتله. وجد فان كيسترن أن الأهل في العراق غالبا ما يرسلون صورا لأقاربهم اللاجئين من العراق. جميع هذه الصور تشكل صحيفة أخبار أو ألبوم صور عائلي حسب فان كيسترن، فهي تنقل أخبار الأهل والأصدقاء بوضوح.
(C) صور من خيرت فان كيسترن، مشروع بغداد على الخط
شهود
و من هنا جاءت فكرة ألبوم الصور بعنوان "بغداد على الخط". يمزج فان كيسترن صور اللاجئين التي التقطها في مخيمات اللاجئين بصور أرسلت للعراقيين من الداخل بواسطة الموبايل. وبين الصور يروي فان كيسترن شهادات العراقيين أنفسهم مثل قصة الطبيب سعدون، الذي يقول:
"عملت حتى فترة قصيرة في مستشفى الرمادي. كان الأمر فظيعا. قال أحد الأئمة في خطبته بأن الميليشيات المسلحة يجب أن تمتنع عن إلقاء جثث ضحاياهم في الشوارع خوفا من انتشار المرض. لهذا قررت الميليشيات بأن تقوم بعمليات الإعدام بجانب المستشفى لكي تنقل الجثث مباشرة إلى مستودع الجثث حتى يتم إدخالها إلى المبردات. ورأيت بأم عيني كيف تم إعدام خمسة أشخاص قرب المستشفى. بترت الميليشيات ذراع وساق رجل سوري وهو على قيد الحياة. وشهدت عدة عمليات إعدام بقطع الرأس، هذا في الحالات التي لم تكن المليشيات في عجلة من أمرها".
عواميد الدخان
التقطت الكثير من الصور من داخل السيارات. وتظهر معظمها أعمدة الدخان المتبقية بعد التفجيرات وإطلاق النار. يقول فان كيسترن: "إذا تصفحت ألبوم الصور بسرعة تشعر وكأنك تتجول بالسيارة في شوارع بغداد". يستعرض المصور الهولندي صورة لبقايا سيارة محترقة وصورة أخرى لعائلة مبتسمة وهي تلبس قبعات السانتا كلوز، وصورة أخرى وهم يتناولون الطعام على المائدة. وفي الصفحة التالية يظهر صورة جثة ملقية في الشارع. يقول فان كيسترن: "هذه هي الحرب في كل وجوهها. بالإضافة إلى العنف ترى في الحرب أيضا وجوه الناس الصامدة والمتأقلمة مع الأوضاع. أنظر هنا: هذه صورة رجل يسبح في بحيرة، فهو يمارس حريته لينتعش بالسباحة".
لا يشكل جهاز الموبايل خطا مباشرا مع الأهل فحسب بل أيضا مدخلا لعالم العنف في العراق. فقد أصبح جهاز الموبايل سلاحا جديدا في المحنة العراقية. فإذا قرع جرس جهاز الموبايل بأنغام عربية يرتعش اللاجئون العراقيون، ربما بسبب الفرحة، أو بسبب الخوف. فغالبا ما يسلب المختطفون جهاز موبايل ضحيتهم ويتصلون بوالد الضحية مطالبين بدفع الفدية مقابل إطلاق سراح نجلهم. وغالبا ما تنتهي القصة نهاية حزينة كما حدث لسيدة عراقية أخرى. تقول السيدة:
رمضان
"اسمي هنا شريف ماجد. قبل ثلاثة أشهر انتقلت إلى دمشق مع أولادي. وخلال شهر رمضان تلقيت مكالمة هاتفية. كنت أعرف رقم هاتف الشخص المتصل وهو رقم شقيقة زوجي. توقعت أن تتحدث معي لكنني فوجئت بصوت رجل سألني: هل تعرفين الرقم الذي أتصل منه. أنه رقم هاتف امرأة مقتولة. أعمل مترجما للقوات الأمريكية. أرجو التوجه إلى مستودع الجثث لاستعادة الجثة. لقد وجدت جثتها المصابة بستة عيارات نارية".
يتأكد فان كيسترن من صحة الصور التي تصله. يقول المصور: "ترى بوضوح أن بعض الصور تم التلاعب بها وتغييرها. مثل هذه الصورة لجندي أمريكي يركب الحمار وهو يطلق النار. وبعض الصور الأخرى عبارة عن دعاية من قبل المجاهدين تصورهم وهم يطلقون النار من بنادقهم الآلية في الهواء. كما وصلني عدد كبير من صور الجثث الملقاة في الشوارع. استخدم هذه الصور لتوضيح قصص اللاجئين عن جثث القتلى في الشوارع أو الجثث الملقاة في حاويات النفاية لبعث الرعب في نفوس الأهالي. وبهذا أتأكد إذا كانت الصورة صحيحة أم لا".
يأمل فان كيسترن أن يحث ألبوم صوره الناس على التفكير: "حاولت في مشروعي أن أهب العراقيين صوتا، وأصور الحرب بأكثر من التقارير الإخبارية حول قنبلة انفجرت في سوق بغداد وراح ضحيتها عشرات العراقيين".
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
خمسة أعوام في المختبرتعليق
شعلان شريف
اذاعة هولندا
عشية اندلاع الحرب كان عراقيو المنافي منقسمين إلى معسكرين. لم يكن الخيار هو مع أو ضد الحرب، بل ضدّ الحرب أو ضدّ الدكتاتورية. كثيرون كانوا يقولون إنهم ضد الاثنين معاً، لكن الترتيب كان يختلف من معسكر لآخر. أما العراقيون في داخل البلاد، فلم يكن أحد يعرف آراءهم، ولم يكن بوسع أحد أن يعرف ذلك.
أسئلة مؤلمة كان يصارعها العراقيون آنذاك. وكنتُ واحداً منهم. لم أجد صدى لتلك الأسئلة في التظاهرات الحاشدة التي نظمها أنصار السلام في أوربا وخارجها. "لا للحرب. لا للدكتاتورية." كان هذا هو الشعار الأكثر مقبولية، لكنه أيضاً شعار لا يقول شيئاً. في أجواء السجال وأثناء التظاهرات، عليك أن تختار موقفاً من الحدث الراهن، وهو آنذاك التهديد الأمريكي بغزو العراق. الدكتاتورية لم تكن حدثاً راهناً. وهي لم تكن كذلك في يوم ما. الدكتاتورية حالة مستمرة، حرب مزمنة. ثمّ ماذا يتبقى من شعار "لا للحرب. لا للدكتاتورية" حين تندلع الحرب؟ ألا تصبح مواصلة المعارضة للحرب بعد اندلاعها محاولة لإنقاذ الدكتاتورية؟ أسئلة مؤلمة كان يصارعها العراقيون آنذاك. وكنتُ واحداً منهم. لم أجد صدى لتلك الأسئلة في التظاهرات الحاشدة التي نظمها أنصار السلام في أوربا وخارجها. لم يكن بوسعي أن أتصرف كما لوكنت "مواطناً عالمياً" لا يهتم إلا بمصير السلام في العالم. لم يكن العالم يهمني، بقدر ما يهمني مصير العراق، الأخطار الكبيرة التي يواجهها، والآمال الكبيرة أيضاً، التي تلوح بها تلك الحرب. كانت المحتجون على الحرب "مواطنين عالميين"، لكنهم لم يعيشوا يوماً في ظلّ دكتاتورية بقسوة دكتاتورية صدّام حسين. كانوا يرون الخطر الراهن المحدق، لكنهم لا يعرفون شيئاً عن الحرب المزمنة التي اسمها الدكتاتورية. لم أسر مع المتظاهرين، بل بحثتُ عن العزاء في تجمعات العراقيين الحائرين، الذين يصارعون الأسئلة الصعبة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
عراقي يقاضي ضابطاً هولندياً قتل ابنه
إذاعة هولندا العالمية
قدم مواطن عراقي اليوم شكوى إلى محكمة هولندية يطالب فيها بملاحقة ضابط هولندي بتهمة القتل العمد. وكان الضابط الهولندي يخدم في قوات حفظ الاستقرار الهولندية في محافظة المثنى العراقية، وأطلق النار على سيارة تقل مدنيين اثنين، مما أدى إلى مقتل أحدهما. سبق للنيابة العامة الهولندية أن أجرت تحقيقاً في القضية وتوصلت إلى عدم وجود ما يستوجب الملاحقة القانونية. في حال موافقة المحكمة على ملاحقة الضابط جنائياً، فسوف تكون هذه سابقة لها آثار مهمة.
الطريق المظلم
كان الملازم إيريك ف، يقود وحدة إسناد هولندية، حين تعرضت نقطة تفتيش عراقية على الطريق السريع الذي يربط جنوب البلاد بالعاصمة بغداد، إلى إطلاق نار. أسرعت الوحدة الهولندية إلى مكان الحادث. كان الملازم إيريك ف، بصحبة زميل هولندي، وأفراد من الحرس الوطني العراقي يشرف على عملية البحث عن مخلفات عملية إطلاق النار كأدلة يمكن أن تساعدهم في تحديد هوية المهاجمين، وقد ابتعدوا حوالي مائة متر عن حاجز التفتيش. في تلك اللحظة سيارة مدنية مسرعة من الجهة الأخرى. كان الطريق مظلماً، ولم يكن هناك أي دليل على وجود نقطة تفتيش. لم يتمكن السائق من إيقاف سيارته في اللحظة المناسبة، فاصطدمت بالحاجز المكون من براميل وأحجار كبيرة. ترنحت السيارة بفعل الاصطدام لتنحرف إلى جانب الطريق نحو الجهة التي كان الضابط الهولندي وزملاؤه يقفون فيها. وحين اقتربت من الضابط الهولندي أفرغ الأخير مخزن بندقيته كاملاً على السيارة. نجا السائق بينما أصيب الراكب الآخر، تاجر السيارات أزهر صباح جلود البالغ من العمر 29 عاماً، بسبع رصاصات اخترقت جسمه، ليفارق الحياة سريعاً. يدافع الضابط إيريك ف عن نفسه بأنه أطلق النار دفاعاً عن النفس، في موقف خطر، وأنه استخدم العنف وفقاً للتعليمات العسكرية حول كيفية التصرف في حال التعرض لخطر مباشر. ولا يكتفي بهذه الحجة، إذ يتضمن ملف القضية اتهاماً ملتبساً لأفراد الحرس الوطني العراقي، الذين كانوا موجودين عند نقطة التفتيش أيضاً، بأنهم هم الذين بدؤوا بإطلاق النار على السيارة، وأن الرصاصات القاتلة جاءت من بنادقهم. كما إن هناك إشارة غامضة إلى أن النار قد انطلقت أولاً من داخل السيارة.
لا مبرر للقتل
أجرت الشرطة العراقية آنذاك تحقيقاً في الموضوع، وعادة تتم تلك التحقيقات بالتنسيق مع القوات الهولندية، التي كانت مسؤولة عن الأمن في المحافظة. توصلت التحقيقات العراقية إلى أن الضابط الهولندي قد تسرع بإطلاق النار، دون وجود خطر مباشر، وأنه لم يتصرف وفق ضوابط استخدام العنف، حيث كان يمكنه الاكتفاء بإطلاق النار بطريقة تجبر السائق على التوقف، دون التسبب بالقتل. كما خلصت التحقيقات العراقية إلى أن الضابط الهولندي هو الشخص الوحيد الذي أطلق النار، وليس أفراد الحرس الوطني، ولا ركاب السيارة. وهذا ما أكده أيضاً جندي هولندي كان يراقب الموقع حينها بناظور ليلي. تعتقد المحامية الهولندية ليزبيت زخفيلد، التي تتابع القضية نيابة عن والد القتيل، أن هناك مبررات كافية لملاحقة الضابط جنائياً. وأعربت في تصريحات لصحيفة "دي بيرس" اليومية الصادرة الثلاثاء 18 مارس، عن عدم فهمها لقرار النيابة العامة في ديسمبر 2004 عدم وجود ما يستوجب الملاحقة القضائية. تشير المحامية زخفيلد إن الملف السابق قد أغلق دون الإجابة على الأسئلة الكثيرة التي يثيرها. فقد ورد مثلاً في الإفادة التي أدلى بها سائق السيارة أمام الشرطة العراقية، بعد الحادث مباشرة، إن المترجم العامل مع الجنود الهولنديين قد طلب منه أن يقول للشرطة أن النار أطلقت عليهم من قبل أفراد الحرس الوطني العراقي. لكن الملف يتضمن أيضاً صوراً للسيارة بعد الحادث، تـُظهر ثقوباً مختلفة الحجم، بعضها لا يمكن أن تـُحدثها رصاصات بندقية الضابط الهولندي.
تساؤلات بلا أجوبة
أسئلة كثيرة تثيرها إعادة فتح الملف. لعلّ السؤال الأكثر إثارة، هو ماذا ستعني موافقة المحكمة، إذا وافقت، على ملاحقة الضابط، بالنسبة لأفراد الجيش الهولندي العاملين في مهام قتالية دولية. حادثة مقتل العراقي أزهر صباح جلود هي واحدة من حوادث متفرقة حدثت في محافظة المثنى، أثناء وجود القوات الهولندية هناك. أدت تلك الحوادث إلى مقتل ستة عراقيين مدنيين على الأقل. جميع حوادث القتل التي شارك فيها هولنديون، حدثت في الليل، وتتعلق بإطلاق النار على سيارات لم تتوقف عند حواجز التفتيش. يزداد الأمر تعقيداً حين يتاح المجال للمواطنين الأفغان لرفع دعاوى ضد الجنود الهولنديين المسؤولين عن مقتل مدنيين في مقاطعة أوروزغان. تتواجد حالياً قوات هولندية هناك، منذ عام 2006، وفي العام الماضي تكررت حوادث العنف التي سقط جراءها مدنيون أفغان، لا يـُعرف عددهم بالضبط، لكنه بالعشرات. يـُفترض أنّ تصدر المحكمة قراراً بشأن طلب الملاحقة في الأسابيع القليلة الماضية. المحامية ليزبيت زخفيلد لديها أمل كبير بأنّ القضاء سيأمر بملاحقة الضابط الهولندي. ولكن حتى في حالة رفض المحكمة للطلب، فلن تتوقف جهود المحامية، والعائلة العراقية التي تترافع نيابة عنها. تنوي المحاكية في حالة رفض الملاحقة الجنائية، أن تتقدم بدعوى مدنية ضدّ وزارة الدفاع، أو ضد الدولة الهولندية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
الانسحاب الأميركي من العراق
جورج مالبرونو
لوفيغاروالفرنسية
بعد مرور خمس سنوات على انتصار الولايات المتحدة في العراق ، لا تجد واشنطن ، نظرا لعدم تمكنها من تحقيق الاستقرار في العراق ، بُداً من أن تتفاوض مع جيران بغداد على انسحابها العسكري ، وفي مقدمتهم على الخصوص ، ألد أعدائها: الايرانيون ، ومن بعدهم السوريون.
بالطبع ، هذه القضية في واشنطن ، مطروحة بشكل آخر. ومع ذلك فليس من قبيل المفارقة أن نرى الاميركيين يضطرون لـ "أقلمة" المَخْرج من الأزمة العراقية ، بعد مرور خمسة أعوام على غزوهم الكاسح لبغداد.
لكن أي انسحاب سريع للقوات الاميركية ستكون له عواقب وخيمة على الشرق الأوسط برمته. إن ايران ، المنتصرة في ما بعد الحرب ، تمارس وصايتها في جنوب العراق ، وعن طريق وسائطها ، على قيادة الفصائل الشيعية التي تهمين على المسرح السياسي منذ العام ,2003
أما تركيا ، من ناحيتها ، فلن تسمح بالمزيد من الممارسات الكردية الانفصالية ، ولن تسمح بأن يضع الأكراد أيديهم على مدينة كركوك البترولية التي يطمعون فيها.
في هذه الحالة ، أو تلك ، سيضع الجيش التركي ، على الأرض ، الخطوط الحمراء التي أعدها السياسيون في أنقرة. أما العربية السعودية فهي لا تريد من القوات الاميركية ، قبل انسحابها ، سوى أن تلوي رقبة القاعدة ، الحركة الاسلامية التي تهدد استقرارها.
من حسن الحظ ، بالنسبة لواشنطن ، أن الفوضى جد عميقة في العراق ، لدرجة أنه ما من بلد مجاور يرغب في أن تنتشر خلايا السرطان في بيته. وهذا ما يمنح الاميركيين ، هامشا من الحركة ، بما في ذلك تجاه ايران تحديدا. ففي غضون خمس سنوات بنت طهران ، في صبر ومثابرة ، قوة ضارة بالعراق ، تجعلها شريكا لا غنى عنه في المفاوضات حول مستقبل عدوها القديم. لكن طهران لا تريد على الخصوص ، أي فوضى في بغداد ، قد تؤدي الى افلات العراق منها كلية. ان أولوية ايران هو تحقيق الأمن للدولة الاسلامية وديمومتها.
وفي ذلك ما يفسر اللقاءات المنتظمة مع ممثلين أميركيين في بغداد ، والتي تمت الجولة الأولى منها في الأسبوع الماضي. إن الايرانيين يأخذون على وكالة الاستخبارات الأميركية على الخصوص ، استغلال تحالفها مع القبائل السنية ، حتى يقوم هؤلاء بهجماتهم ضد أراضيها.
من ناحيتهم ، يتهم الاميركيون ، الايرانيين ، باستئناف تزويدهم الجماعات الشيعية التي تناصبهم العداء ، بالأسلحة. فأيا كانت حقيقة هذه الاتهامات فما من شك في أن العدوّين سيواصلان الحوار. وحتى وان كان اطار هذه المحادثات محصور بالعراق رسميا ، فقد يتسع في الوقت المناسب الى خلافات أخرى (المشروع النووي الايراني ، ودعم حزب الله اللبناني ، مثلا).
ومع بقية جيران العراق ، ثمة حوار جار الآن في اطار الاجتماعات الوزارية المخصصة للأمن الاقليمي. ونجد في قلب هذه المحادثات ملف التعاون السوري ، من أجل الوقاية من تدفق المجاهدين الأجانب نحو العراق. فقد تحسن هذا التعاون منذ بضعة شهور ، ولم يفت دمشق أن تضم لهذا التطور بعض السلوكات ذات الدلالة في اتجاه العراق.
وقد سمح السوريون أيضا ، لبعض الضباط الاميركيين ، بالحضور الى دمشق لمراقبة طلبات التأشيرات المقدمة من بعض اللاجئين العراقيين. ويبقى أن نعرف ، في حال ارتفاع التوتر بشكل مفاجىء ، ان كانت الولايات المتحدة ستتمكن من فصل السوريين عن حلفائهم العراقيين. وهذا أمر مشكوك فيه ، لأن دمشق اعتادت على اللعب بأكثر من نار واحدة.
لكن التحكم في البترول العراقي ، وراء تعقد الملفات الثنائية ، قد يجعل الأمور أكثر تعقيداً. فهل تستطيع واشنطن أن ترخص للإيرانيين باستغلال الحقوق البترولية المشتركة؟.
ففي حال فرض الفيتو ، قد تستمر ايران في تعطيل اقرار قانون النفط المطروح للنقاش في البرلمان العراقي منذ اكثر من عام ، حيث أنه بدون هذا القانون لن يستطيع الاميركيون أن يمارسوا أي نشاط بترولي في العراق. ومن المؤكد ان الولايات المتحدة لا يمكنها مغادرة بلاد ما بين النهرين قبل أن تفك بإحكام معادلة البترول.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الفرح العجيب
وليد الزبيدي
الوطن عمان
شاهدت امرأة من العراق، تحمل صفة برلمانية، تحدثت في إحدى الفضائيات، وقالت إنها تشعر بسعادة غامرة، ويجللها الفرح ، وأثناء تقييمها لسنوات الاحتلال الخمس، حافظت على رسم ابتسامة صفراء فاقعة على تقاسيم وجهها ، واستشاطت سعادة ، وهي تهذي بإنشاء سياسي فضفاض ، يشبه ذاك الذي انطلق على شكل موجات متلاحقة ، منذ الايام الاولى للاحتلال ، حيث تبارى سياسيون ورجال دين وعلمانيون ووجهاء عشائر في امتداح الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، لانه زج بالمارينز والطائرات والمدافع، لتدمير العراق ، واعتقال الرجال والنساء ، وتوجه اليهم مختلف انواع الاهانات والاذلال، منذ اليوم الاول للاحتلال.
هذه المرأة ، تريد ان تتبارك باطراف اصابع جورج بوش، ومن استشاطتها فرحا وهي تصف خراب العراق بأمواج السعادة الغامرة ، تريد ان تكسب رضا جندي المارينز، الذي يقف قرب كلاب التفتيش، التي لن تسمح لها بالدخول الى المنطقة الأميركية الخضراء، الا بعد ان تخضعها تلك الكلاب الى التفتيش الدقيق، وترمقها بنظرات ازدراء، وهذا الامر يحصل يوميا مع السياسيين والبرلمانيين والوزراء وعمال الخدمة الذين يعملون داخل المنطقة الخضراء.
لم يتوقف الامر عند التفتيش المذل ، بل انه تجاوز ذلك، الى ماهو ابعد، فالمرات التي يمنع المارينز البرلمانيين والسياسيين والوزراء، لاتعد ولاتحصى، واذا اعلن البعض ذلك، فان الكثيرين يخفون ذلك المنع، الذي يصل حد الطرد، بل وحصل ان ضرب المارينز البرلمانيين وطرحوهم ارضا، الا ان الكثيرين، لايعلنون ذلك، حتى امام اقرب الناس اليهم، ولايعلمون حتى عوائلهم، لمعرفتهم درجة الازدراء والاهانة، التي يتحملها هؤلاء، الذين ارتضوا بهذه الدرجات الحياتية والاجتماعية المتدنية.
لاأعرف اذا رسمت هذه المرأة ضحكتها، وهي تجري جردا للاموال التي حصلت عليها من جراء عملها برلمانية في ظل الاحتلال، ام زادها فرحا وسعادة مصافحتها لمسؤول أميركي زار العراق وجلس معهم ليدفع بهم الى المزيد من العمل خدمة للمشروع الأميركي، وربما افرحها ذلك السيل من الايفادات الى عواصم وبلدان العالم، في حين يغرق الاهل والاعمام في ظلام الليل الدامس وساعات النهار المرهقة، والتوتر الدائم الذي تزداد وتيرته في كل ساعة.
مالذي يقف وراء تلك الابتسامة الصفراء الشاحبة، فاذا كان الموقف السياسي، فيفترض بجميع الذين دخلوا هذا المضمار ان يبحثوا عن زاوية مظلمة، فكل ماجاؤوا به الى هذا الشعب، هو الخراب والدمار والقتل والتشريد.
اما اذا الاهواء والرغبات تقف وراء افكار وتحركات وسلوكيات السياسيين، فان ذلك يتناقض تماما مع ابسط المبادئ التي تحكم علاقة الانسان مع البيئة المحيطة به، فكيف اذا تعلق الامر، بمن يقول انه يقف في مقدمة قادة المجتمع، واذا به يبتسم ملئ شدقيه وهو يقف على تلال الخراب والدمار العراقي.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
إنه اقتصاد الحرب... أيها الغبي
افتتاحية
ذي نيشن
مع تأرجح البلاد على حافة الركود الاقتصادي ، إن لم تكن قد وقعت فيه أصلا ، فقد غطى الاقتصاد على الوضع في العراق بوصفه أهم القضايا الضاغطة في هذه اللحظة. لكن بدلا من التعامل معه كبند منفصل على قائمة القضايا ، يجب ربط الاقتصاد بالحرب.
وفي حين أن للتردي الاقتصادي الحالي أسباب أخرى ، فإن أحد أكبر العوائق التي نواجهها للخروج من تلك الأزمة هو التكلفة المذهلة للحرب في العراق.
في السنوات الخمس منذ بدء الحرب ، انفقت الولايات المتحدة أكثر من 522 مليار دولار في العراق. وسوف تصل النفقات هذا العام بسهولة إلى 160 مليار دولار. ومع ذلك ، وكما اوضح جوزيف ستيغليتز ولندا بيلميز في كتابهم الجديد ، "حرب الثلاثة تريليون دولار" ، فإن التكاليف على المدى القصير تبدو باهتة مقارنة بالمبلغ الاجمالي الذي ستنفقه دولتنا على المدى البعيد.
فتكاليف الرعاية الصحية المستمرة للجنود المسرحين ، وتسديد الديون وتكلفة إعادة تجهيز الجيش بالمعدات هي من ضمن أسباب الارتفاع الصارخ في تلك الفاتورة البالغة 3 تريليون دولار.
وفي الوقت نفسه فرضت هذه الحرب عبئا كبيرا على عاتق دافعي الضرائب ، وقد تسببت في واحدة من أكبر موجات انتقال الثروة والسلطة في التاريخ الحديث.
وبمساعدتها في رفع أسعار النفط العالمية ، فقد ولدت توزيعا شاملا للثروة ونقلتها من ايدي الأميركيين العاملين وغيرهم من مستهلكي الغاز والنفط إلى جيوب حفنة صغيرة من منتجي النفط.
بالنظر للمنطق الكينزي العسكري (نسبة الى الاقتصادي البريطاني جون كينز) ، قد يعتقد المرء أن الإنفاق على الحرب قد يبقي الاقتصاد نشطا.
مع تلقي الجنود علاوات تعيين تصل الى 10 آلاف دولار أو أكثر ، وارتفاع أسهم الصناعات الدفاعية بما يقارب %20 في العام الماضي ، ووضع المديرون التنفيذيون المتعاقدون مع الجيش عشرات الملايين في جيوبهم ، فقد انتفخت بعض المحافظ بالسيولة النقدية.
لكن ، وكما أوضح روبرت بولين وهايدي غاريت بيلتير في صفحة 15 ، فإن الانفاق العسكري واحد من الأدوات الاقل فاعلية لتحفيز الاقتصاد.
وإعادة توجيه أموال حرب العراق إلى التعليم والرعاية الصحية والطاقة المتجددة والبنية التحتية قد يضاعف عدد الوظائف المتاحة للمواطنين.
في خضم معركة الفوز بالترشح عن الحزب الديمقراطي ، تجاهل كل من هيلاري كلنتون وباراك أوباما التأكيد على العلاقة بين نفقات الحرب ومصائبنا الاقتصادية. والحقيقة أن خططهم في العراق - كلاهما يريد ابقاء بعض القوات في العراق بعد انسحاب الجنود المقاتلين - لا تقوم بما يكفي لكبح جماح التكاليف.
وبالنسبة لمرشح الحزب الجمهوري جون ماكين ، يشير بيانه أنه لن يزعجه إذا بقي جنود الولايات المتحدة في العراق "مئة سنة" ما يوحي بان التكاليف طويلة الأجل قد تتجاوز 3 تريليون دولار إذا تم انتخابه كرئيس.
وفي الوقت ذاته يرغب جميع المرشحين بزيادة الميزانية العسكرية الضخمة أصلا.
يشارك المرشح السابق جون إدواردز بصوته في حملة العراق ـ الركود الاقتصادي التي يقودها موقع "موف أون أورج" ، والتي تهدف إلى التأكيد على الصلة بين المليارات التي انفقت في العراق واقتصادنا المنهار.
ويصوغ موقع موف أون الأمر كما يلي ، "المقايضة واضحة: القنابل أم تأمين البطالة للناس الذين سرحوا من عملهم بسبب تباطؤ الاقتصاد؟ المليارات لشركات هاليبوتون وبلاكووتر ، أم مساعدة الناس الذين هم على وشك فقدان منازلهم بسبب انهيار الرهونات العقارية؟
الانسحاب من العراق قد يحرر مصادر الحكومة للانفاق على اعمال الإغاثة الإنسانية لفئات معينة في العراق ، من خلال منظمة إغاثة مستقلة.
إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تقدم تعويضات للحرب ، عليها أن تضع المال لدى الأمم المتحدة كوديعة للشعب العراقي ، كي تستخدم في إعادة البناء أو للمساعدة في تمويل قوات السلام متعددة الجنسيات.
على الولايات المتحدة أن لا تمزج خطأ استراتيجيا - اجتياح العراق وتحطيم الدولة العراقية - بخطأ آخر ، تمويل حرب أهلية شاملة وحكومة عراقية فاسدة.
بالنسبة لاميركا والعراق ، فإن السلام هو طريق الرخاء.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
المصالحة العراقية ضرورة وطنية
افتتاحية
عمان العمانية
في الوقت الذي يدخل فيه العراق عامه السادس الآن منذ الاجتياح الذي تعرض له في مثل هذه الأيام من عام ،2003 فإن النقطة التي تلتقي عليها كل الأطراف العراقية والعربية المحبة للعراق والحريصة عليه، وعلى استعادته لقوته ولدوره العربي والإقليمي المفيد في هذه المنطقة الحيوية من العالم هي ان السنوات الخمس الماضية قد كلفت العراق الشقيق الكثير والكثير جدا، ليس فقط على صعيد التدمير الذي تعرضت له الموارد العراقية والبنية الأساسية التي تم بناؤها على مدى العقود الماضية، ولكن أيضا على صعيد المواطن العراقي الذي دفع ثمنا غاليا لما يجري على أرض العراق، إذا أن الضحايا من العراقيين تعد بمئات الآلاف.
وإذا كان العراق قد عاد سنوات عديدة إلى الوراء بفعل أعمال الغزاة من ناحية وبسبب الظروف التي يمر بها على امتداد السنوات الخمس الماضية والتي دفعت بالعديد من التنظيمات الإرهابية والمتشددة إلى التجمع في العراق لخوض حروب ومواجهات لا علاقة للشعب العراقي بها، سوى ان أرضه تحولت إلى ساحة مواجهة مفتوحة بعد سيطرة قوات حلف شمال الاطلنطي على أفغانستان، فإنه آن الأوان لكي يخرج العراق الشقيق من هذه المحنة الشديدة.
ولأن الخروج من هذه المحنة ينبغي ان يكون له بالفعل الأولوية الأولى بالنسبة لكل الأطراف العراقية، وبالنسبة للأطراف العربية الأخرى أيضا، انطلاقا من ان الأوضاع في العراق تؤثر بالضرورة على المنطقة من حوله، فإنه من المهم والضروري العمل سواء على الصعيد العراقي أو على الصعيد العربي من أجل السير في هذا الطريق الذي لن يكون سهلا بالتأكيد، لأن هناك أطرافا وقوى يهمها ان تظل الأوضاع في العراق ولأطول فترة ممكنة تعاني من التفكك والتشرذم والتطاحن والتدهور على العديد من المستويات بحكم ان ذلك يصب في مصلحة تلك الأطراف بشكل أو بآخر.
ومع الوضع في الاعتبار ان الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تسعى بمختلف السبل، وتبذل الكثير من الجهود، وفي ظل الظروف والمعطيات التي يعيشها العراق، من أجل تهيئة المناخ لتهدئة الأوضاع في العراق ولاستجماع كل الامكانات للدفع نحو المصالحة الوطنية العراقية، وقد تم عقد مؤتمر المصالحة العراقية الأخير في هذا الإطار، فإنه يمكن القول ان ما حدث على امتداد السنوات الخمس الماضية هو من الفداحة بحيث يحتاج إلى تضافر كل الجهود العراقية ومن جانب كل القوى والفصائل والتيارات العراقية، دون استثناء حتى يمكن التخلص من تلك الآثار واستعادة روح العراق وحضوره المهم والحيوي في دائرته الخليجية والعربية.
وإذا كانت القوى والأطراف العراقية هي المعنية بترتيب ما يتصل بهذه المسألة الحيوية والعمل باخلاص لإنجاحها بعيدا عن عمليات الاقصاء أو النفي على الهوية، فإن الدول العربية مطالبة بالوقوف إلى جانب الشعب والدولة العراقية حتى تتمكن من النهوض مرة اخرى، والتنسيق مع الحكومة العراقية من أجل تقديم كل ما يمكنها في هذا المجال، وكل ما تراه بغداد مهما ومناسبا بالنسبة لها.
وبغض النظر عن الظروف والملابسات التي احاطت بمؤتمر المصالحة العراقية فإن مسؤولية كبيرة، بل وتاريخية تقع على عاتق القوى السياسية والقيادات العراقية لدفع العراق إلى الخروج من هذه المحنة التي طالت وحتى يمكن استعادة الأمن والاستقرار ومن ثم معاودة البناء والاعمار الذي سيحتاج بالضرورة إلى كل جهد مخلص وإلى كل ما يمكن ان يحشده العراقيون من امكانات وما قد يسهم به العرب من دور إيجابي لأن استقرار وتقدم العراق يفيد بالضرورة كل دول وشعوب هذه المنطقة التي تتوق إلى الهدوء والطمأنينة والسلام والاستقرار الذي تفتقده منذ سنوات طويلة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
النوايا الحسنة
كينيث بولاك
نيويورك تايمز الأمريكية
لم يعد الأكثر أهمية الآن هو كيفية دخولنا إلى العراق، وإنما كيفية الخروج. فلئن تركنا خلفنا عراقا أكثر استقرارا وأقل تهديدا لجيرانه من العراق الذي أطحنا به، فإن أخطاء المخابرات (وأخطائي أنا شخصيا) بشأن أسلحة الدمار الشامل الخاصة بالعراق، ومبالغات إدارة بوش حول ذلك الخطر، وإصرارها غير القائم على أي أساس أن ثمة صلات بين العراق والقاعدة، سوف تفقد أهميتها، وإن كانت لن تغيب عن الذاكرة، ولا ينبغي لها أن تغيب.
ولئن تركنا خلفنا حربا أهلية مستعرة يعيش العراقيون إجمالا في ظلها وضعا أسوأ مما كانوا عليه في ظل صدام حسين، وشرقا أوسط أكثر إحساسا بتهديد هذه الفوضى المنتشرة من العراق أكثر مما كان إحساسهم بتهديد من أسلحة الدكتاتور، فإن أحدا لن يبالي بأن ما دفعنا في المقام الأول لم يكن إلا النوايا الحسنة.
ولهذا السبب، فإن أكثر ما أتمنى لو كنت فهمته قبل الغزو هو الغطرسة المستهترة التي تتسم بها إدارة بوش. لقد كانت معرفتي بها سطحية فلم أكن على يقين، ومع ذلك حذرت من غياب الكفاءة عن بعض ما رأيت. ولكنني لم أدرك أنه بقدر ما تعاملت إدارة بوش الأب مع حربها في العراق بمهارة وحذر وصبر، بقدر ما تعاملت إدارة بوش الابن مع حربها في العراق بحماقة واستهتار وتعجل.
كاتب المقال عمل مديراً لشؤون الخليج في مجلس الأمن الوطني. هو زميل معهد بروكنجز.
ليست الحرية بالوراثة دانيال بليتكا
يردد اليسار ترنيمة ضد الحرب: كذب بوش، فمات شعب، وسيطرت ترنيمتهم هذه على كل نقاش لما قبل حرب العراق حتى منعت التناول الجاد لقضايا حقيقية جديرة بالبحث. أما بالنسبة لمن ساند الحرب بيننا فقد أصبح الاستناد إلى حجج أسلحة الدمار الشامل أشبه باللجوء إلى ردود أفعال جاهزة. وبتنا نشير إلى جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحليلات المخابرات المركزية الأمريكية، وتقرير سيلبرمان/روب، والنتائج التي توصلت إليها لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ، لنقول إننا كنا مخطئين، فقد كانت لنا في الخطأ صحبة طيبة ومخلصة.
ولكن ماذا عن الافتراضات الخاطئة التي لم تتم درسها؟ حين أنظر إلى الماضي، أجد أنني شعرت بالطمأنينة لمعرفتي أن كل من يطالبون بالحرية، سوف يحسنون استخدامها بمجرد أن ينالوها. ولكنني كنت مخطئا. فليس للحرية جين وراثي، ولا يوجد دليل داخلي يبين فضائل المجتمع المدني، والاقتراع السري، والأحزاب السياسية. ويتبين أن العيش لعقود في ظل استبداد صدام حسين قد جعل العراقيين يقبلون بقيادة غير مستحقة، وينتمون إلى العرق والقبيلة أكثر مما ينتمون إلى الفكرة، ويتساهلون مع فساد لا كابح له.
لقد استغل البعض عدم نضج العراقيين سياسيا ليدلل على أن الحرب كانت خطأ، وكأنما الأقل تطورا من الناحية السياسية لا يستحقون الحصول على حريات لن يحسنوا استخدامها. لا شك أننا سوف نكون أفضل حالا حين نفهم كيف يتسنى للعالم الحر أن يزيد من تقدير أسس المجتمع المدني بحيث يساعد ضحايا الاستبداد القادمين حينما يحين دورهم.
كاتب المقال نائب رئيس دراسات سياسات الدفاع والخارجية في معهد أمريكان انتربرايز.
الخوف من الكيميائيات ناثانل فيك
سهرت فصيلتنا العسكرية متحلقة حول مذياع رديء البث للاستماع إلى كولين باول وهو يدلي بشهادته أمام الأمم المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية. كان ذلك في فبراير ،2003 وكنا في معسكر يقع في صحراء شمال الكويت، بانتظار الأوامر لغزو العراق.
كان احتمال تعرضنا لهجوم بالأسلحة الكيميائية يسيطر على كل جزء من مخططاتنا. كنا نرتدي سترات خاصة ثقيلة لوقايتنا من الكيميائيات، ونثبت عوازل وقائية على زجاج مركباتنا، ونحقن أنفسنا بمضادات السموم.
وكنا نراهن بعضنا البعض لا على إن كان هذا سيحدث، بل على توقيته. لم نكن نعرف أي خط علينا أن نجتازه حتى نستفز صدام حسين إلى استخدام أسلحة الدمار الشامل، ربما خط الحدود، ربما الفرات، ربما دجلة، أو مدخل قصره الرئاسي، ولذلك كانت الأهداف تتسم بالسرعة: ادخلوا بغداد، واقطعوا رأس الأفعى.
في اليوم الثاني من الحرب ازددنا اقتناعا، وذلك عندما قمنا باستجواب ضابط عراقي وجدناه يحمل قناعا مضادا للغاز، وقفازات من المطاط. تراه كان يعتقد بحق أننا سوف نستخدم أسلحة كيميائية ضد العراق؟ أجاب بالنفي، وأضاف انه كان يتوقع أن يستخدم صدام حسين هذه الأسلحة ضدنا، وأن وحدته ستقع بينه وبيننا.
وقد كان لهذه الخدعة تأثير قوي على تغيير أولوياتنا. فقد كان إخلاء المناطق من مقاتلي الأعداء، ثم تأمينها وحماية أهلها، رفاهية لم نكن لنحتملها في مارس وابريل. وبحلول شهر أغسطس، ومع تفجر التمرد، صارت تلك الفرصة من أغلى الفرص الضائعة.
نعرف الآن أن الأسلحة لم تكن إلا مزيجا من الذخيرة والمبالغة والكذب. ولكننا في ذلك الوقت كنا نركز عليها، ففوجئنا بالتمرد. ليتنا نعود الآن إلى ليالي صحراء الكويت تلك، لأن تقييما أفضل للأمور كان سيغير طريقتنا في القتال، وربما كان ليقلل احتمال استمرارنا في القتال لمدة خمس سنوات أخرى.
كاتب المقال زميل مركز الأمن الأمريكي الجديد ومؤلف كتاب «رصاصة طائشة: كيف تصنع ضابطا في المارينز».
الكونجرس في إجازة باول إيتن
أكثر ما يصيبني بالدهشة هو عجز الكونجرس عن تأكيد وجوده أمام الجناح التنفيذي. فقد تسبب هذا العجز في استمرار مشكلات للجيش في مواجهة وزير دفاع ثبت عجزه عن إدارة معركة حربية.
لو كان الكونجرس دافع عن صالح قواتنا المسلحة وتحدى تركز السلطة في يد الرئيس ونائبه ووزير دفاعه، لما كانت قواتنا المسلحة سواء من الجيش أو من المارينز تواجه هذاالوضع الصعب الذي تواجهه اليوم.
لقد خذلنا الكونجرس عند سيطرة الجمهوريين عليه عندما رفض عقد جلسات الاستماع والتحقيقات التي ألح الجيش في المطالبة بعقدها. وبدون هذه الجلسات، لم يكن يتسنى للجيش أن يعرض حججه الرامية إلى زيادة القوات وإعادة تسليحها. والنتيجة هي معاناة الجيش والمارينز، في ظل وجود قوات لا تكفي للمهام الموكولة إليهما.
عميد متقاعد كان مسؤولا عن تدريب الجيش العراقي من 2003 إلى .2004 وهو مستشار لحملة هيلاري كلينتن الرئاسية
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
هل يأتي الخير من الشمال؟
يرون لندن
يديعوت احرونوت
في الاسابيع الاخيرة ، أدى العدد القليل من القتلى بين جنود الجيش الامريكي الى ميل طفيف في الرأي العام الامريكي ضد اخلاء متسرع ، ولكن الرئيس القادم ، حتى لو كان جون ماكين ، سيسحب من هناك جيشه في اسرع وقت ممكن.
مع غياب القوة الوحيدة التي تربط الاجزاء الثلاثة للدولة ، فانها ستتفكك الى عناصرها الاولية او ستسقط في يد الشيعة الذين يشكلون 60 في المائة من سكانها ، ويجب الافتراض بانه تحت حكم شيعي سيكون العراق تحت سيطرة ايران ، ومنذ الان يخضع الشيعة لتأثير متعاظم من ابناء طائفتهم خلف الحدود.
ووفقا لروح الزمن ، يتبدل العداء سحيق الزمن بين العراقيين العرب والايرانيين من غير العرب في ذوبان العامل الوطني وتعزز الاخوة بين المؤمنين ، والانتخابات للبرلمان الايراني والتي انتهت بهزيمة المحافل المعتدلة نسبيا ، تنبيء بانتصار احمدي نجاد في الانتخابات القادمة للرئاسة ، وعندها سيقف ارهابي متزمت على رأس قوة عظمى نووية تحتك بسوريا وبواسطة عملائها العراقيين الشيعة تكون قريبة على بضع مئات من الكيلومترات من الاردن.
وفي وقت قريب من استكمال هذه المسيرة سيسقط لبنان في يد حزب الله ، ومن بين جملة الطوائف المتنازعة في هذه الدولة الممزقة ، فان للشيعة ولحزب الله على رأسهم يوجد ما يكفي من القوة للقيادة ، وفي نهاية المطاف فانهم سيهزمون الاخرين بقوة السلاح او في صناديق الاقتراع.
الغبي وحده سيؤمن بان الدول العربية السنية ، بدعم من الغرب ، ستمنع هذا السياق ، وهكذا ، ففي منطقة يحرك فيها الدين السياسة ، ستجد سوريا نفسها عالقة بين ذراعين شيعيين ، واسرائيل تتحداها من الجنوب وتركيا من الشمال ، هذه خريطة اللعبة الاستراتيجية الكبرى التي سنشارك فيها في السنوات القليلة القادمة ، وفي هذه اللعبة المعقدة ، التي يشارك فيها عناصر اخرى غير تلك التي ذكرت ، تكمن مخاطر وفرص.
المنطق يقول ان القيادة السورية تتوقع المخاطر المحدقة بها وبحثها عن مفر كفيل بان يجعلها تمسك بيد اسرائيل الممدودة ، المدعومة بالدول الغربية ، هكذا فقط يمكنها أن تحرك اقتصادها الاعرج ، تجدد المعدات المتقادمة للجيش وان تحظى بمظلة دفاعية.
كلما تبدد الامل في اتفاق للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين تتعاظم الحاجة الى انطلاقة دبلوماسية في اتجاه الشمال ، فاتفاق سلام مع سوريا سيحقق لنا منفعة كبرى ، فهو سيضعف جدا المنظمات الفلسطينية وسيحسن وضع السلطة الفلسطينية البائسة ، لا حاجة للقول بان ازالة التهديد من الشمال سيحرر الجيش الاسرائيلي الى المهمات الثقيلة التي يتطلبها التهديد النووي الايراني.
ثمن السلام مع سوريا معروف ، في الماضي لم نتجرأ على دفعه ، خشية ثورة الرأي العام الاسرائيلي ضده ، ويخيل لي أن الامور تغيرت ، وان الجمهور مستعد الان لان يدفع ثمنا بدا في الماضي أثقل من الاحتمال ، الامريكيون يعارضون مصالحة سوريا ، وعلينا أن نقنعهم بازالة اعتراضهم.
اقدر بان الفرضيات آنفة الذكر ينظر فيها دون انقطاع من حكومة اسرائيل ، بل انها تفحص بوسائل سرية ، يحتمل أن تكون أعمال جس النبض هذه تظهر بان المنطق المقدر للقيادة السياسية السورية لا يتناسب مع الواقع وان صورة اسرائيل كوحش مفترس متجذرة جدا لدرجة أنه لن يجدي أي اغراء لتبريد كراهيتها للكيان الصهيوني ، واذا لم يكن الحال هكذا ، واذا كان تردد الحكومة ينبع من مخاوف سياسية داخلية ، فعلى من يعتقد مثلي ان يشد على يدها وان يقول لها: الى الامام سيري في هذا الطريق،
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
جريمة تصفية أطباء البصرة... المسؤولية المفقودة ؟
داود البصري
السياسة الكويت
التصاعد المريع والمرعب في جرائم الخطف والقتل والتصفية الجسدية التي طالت القطاع الطبي في مدينة البصرة العراقية كما طالت الكثير من القطاعات الاخرى بدءا من الخبازين والحلاقين وباعة المحلات الموسيقية وعدد من الاخوة المسيحيين واستهداف النساء في غزوات جاهلية جديدة تقوم بها فرق الموت والقتل والخرافة جميعها أمور وملفات تجعل من ما يسمى بهدوء الملف الامني في البصرة بمثابة كذبة سمجة ورخيصة وتطيح في الصميم بكل إدعاءات محافظها الاستثماري والخبير في تهريب البترول ومشتقاته والحريص كل الحرص على التجارة و( اللهلوب ) في تنمية الثروة الشخصية والعائلية حتى أضحى لاشقاء محافظ البصرة الهمام ( دواوين ) ومضافات أقاموها في دولة الكويت, في واحدة من أعاجيب وغرائب ونتائج حرب (حرية العراق) التي أنتجت في المحصلة النهائية أكبر كمية من اللصوص الرسميين المتغطين بالملاءات الدينية والطائفية في تاريخ البشرية العام, فالمحافظ وحزبه ( القائد )! الفضيلة في وادي , وتطورات الامور ومأساويتها في الشارع البصري في واد آخر, والتهديدات التي تطلقها وتنفذها العصابات الاجرامية المرتبطة بأجندات خارجية ضد القطاع الطبي تحديدا في المدينة تجعل من مسؤولية القيادات الميدانية مضاعفة وكبيرة , وتؤكد في الوقت نفسه على فشل مجلس إدارة المحافظة والمحافظ الاستثماري ومن خلفهم الحكومة المالكية التعبانة في المنطقة البغدادية الخضراء التي لا تستطيع حتى حماية نفسها لولا ( شهامة ونخوة الرفاق الاميركان ) أدام الله ظلهم الوارف, فبعد خطف وقتل مدير الجملة العصبية في مستشفى البصرة التعليمي المرحوم د.خالد المياحي قبل أسابيع توالت عمليات القتل الموجهة نحوالكفاءات والطاقات العلمية وقتل أطباء آخرون من بينهم المرحومة د. ميسون الطائي فيما نشرت بيانات تهديد واضحة ضد الدكتور ( سعد شاهين ) بل ضد عموم الاطباء في البصرة المحروسة!! بهدف واضح وهو إفراغ المدينة العريقة من طاقاتها وإحلال عناصر التخلف من قبائل وعشائر البرابرة الجدد ليهيمنوا على السلطة الفارغة والثروة المنهوبة في ظل تصاعد الصراع بين الاحزاب والتيارات والعشائر الهمجية المتخلفة كما هوالحال بين عشيرتي ( الكرامشة) و( الحلاف).. وغيرهم من بقايا همجية القرون الوسطى التي تحولت اليوم لعصابات حاكمة , كما تصاعدت جرائم الاغتيالات ضد رجال الامن والجيش والشرطة بشكل علني حتى أهينت الدولة بأسرها فيما محافظ البصرة الهمام يدعو المستثمرين في فنادق الكويت والامارات ( حيث تمتلك أسرته مكاتب تجارية هناك ) للاستثمار في البصرة, ( يا سلام عل فضائل أهل الفضيلة ) , الاستثمار بماذا ? بالجثث الممزقة ? أم بالرؤوس المقطوعة ? أم بالكهرباء المفقودة ? أم بالمجاري ( الخايسة ) التي لم يكلف المحافظ وعصابته نفسه عناء شمها ? وإستهداف الاطباء هي جريمة إنسانية كبرى تتجاوز نتائجها ومتبنياتها الشأن المحلي بكثير وتدخل ضمن قضايا وملفات الابادة الممنهجة للجنس البشري والتآمر الفظ على الحياة الانسانية وهي مسؤولية عظمى يبدوأن الحكومة المالكية التعبانة ومجلس المحافظة البائس وكل الاجراءات الامنية العقيمة التي ينفذها ضباط وعناصر أمن لا يمتلكون الاهلية ولا المقدرة ولا الامكانية ليسوا أهلا لها , وبات الامر يدعو فعلا لنوع من الحماية الدولية من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تتحول البصرة لصومال من نوع آخر في شمال الخليج العربي , ينبغي أن ترفع كل الاصوات عاليا من أجل الدفاع عن الطاقات والكوادر المستهدفة , وينبغي على الحكومة إن كانت تملك ذرة من المصداقية حماية الطاقات العلمية المهددة بالرحيل التام والشامل ليخلو الجو لعمائم التخلف والجريمة والنهب للانفراد بطريدتها ? ما هو المطلوب بالضبط من أهل البصرة ? هل المطلوب الرحيل إلى طهران للبحث عن طبيب ? وهل المطلوب تحويل وكلاء المراجع الدينية لاطباء مقدسين عن طريق البصق في الافواه ? أو بتعليق النذور? ومن يحمي المواطن إذا كانت القوى الامنية ذاتها ضحية للاغتيالات اليومية ولا تستطيع حماية نفسها ? المؤامرة على البصرة كبيرة جدا وخبيثة وهي بروفة تمهيدية لسيناريوهات رعب قادمة ستكون الساحة الخليجية المجاورة ميدانها ومجالها الحيوي , وإنقاذ البصرة من قطعان التخلف والجريمة هي مسؤولية إنسانية مشتركة ? من ينقذ البصرة بأطبائها وكوادرها العلمية من فشل القيادات السياسية والعسكرية والدينية الذين أثبتت الاحداث بأنهم بالونات فارغة , مقاومة الهمجية والتخلف مسؤولية مقدسة.. ولكن من يلبي نداء الحرية ? تلك هي المسألة
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
غلاسبي» والتوأمان اللّدودان
خيري منصور
الدستور الاردن
لم يرد اسم السفيرة غلاسبي منذ حادث السير الذي تعرضت له ، ورغم ان البعض نسبوا اليها الاحتفاظ بالحلقة المفقودة في الحرب على العراق ، الا انها بقيت صامتة ، الى ان نشر معها مؤخرا حوار تحدثت فيه عن بغداد ودمشق ، وعن التوأمين اللدودين لحزب البعث حافظ الاسد وصدام حسين ، لقد كان لقاء صدام حسين بغلاسبي قبيل اندلاع حرب الخليج الثانية مثارا لاخيلة وسيناريوهات لا آخر لها ، ويكفي ان نتذكر ما كتبه الفرنسي لوران عن ذلك اللقاء كما لو كان حاضرا ، اذ اضفى على الوقائع بعدا دراميا يصلح للتلفزة.
غلاسبي الان متقاعدة ، وبعيدة على ما يبدو عن الاضواء التي غالبا ما تتسلل الى امثالها ، فهي لم تنشر كتابا حول تجربتها في العراق ، على غرار المس بل والاخرين الذين يتاجرون بالذكريات في سنوات البطالة،
ما تقوله غلاسبي عن الاسد وصدام يوضح فروقا سايكولوجية بالاساس ، فالاول لم يكن يحب ان يسمع رأيا يعارضه ، اما الثاني فقد كان كما تقول اذكى من ان يتعرض لمثل هذه المواقف ، والحقيقة ان الحكمة لا تؤخذ من افواه السفراء ، وللسيدة غلاسبي تجربتها وبالتالي دورها في حرب لم تضع أوزارها حتى الآن.
البعض قالوا انها اوصت لصدام حسين اثناء اللقاء بان اجتياحه للكويت مسألة داخلية وشأن عربي ، وان كان آخرون قد ذهبوا الى ما هو ابعد من ذلك وتخيلوا السفيرة وهي تتلاعب بعواطف الرئيس وذكرياته بالتحديد عن مصر ، ويصعب على المرء ان يصدق بان ما قالته غلاسبي هو كل ما في جعبتها ، فهي شهدت عن كثب اهم الحلقات في ذلك المسلسل الدرامي ، وكانت تعرف ادق التفاصيل ، لكن ما تعرضت له وهو حادث سير نجت منه بصعوبة ربما وضع حدا لحريتها في الاعتراف ، وبالتالي حال دون اصدارها لكتاب يفصل ما جرى وهو كتاب مثير لو نشر.
لقد اختفت اسماء وبرزت اخرى خلال العقد الماضي ، لكن المواقف الحاسمة والمثيرة مثل لقاء بيكر مع طارق عزيز ولقاء غلاسبي بصدام حسين تبقى أقرب الى الالغاز لأن ما رشح عنها كان وما يزال أقل باضعاف مما قيل.
ان التحليل السايكولوجي الذي تقدمه غلاسبي على نحو مبتسر حول صدام حسين لا يوحي بأنها عرفت الرجل جيدا ، راغم ان تقاريرها عنه كما تقول حظيت باهتمام الادارة ووزير الخارجية ومختلف المؤسسات الامريكية في تلك الآونة ، ذلك ببساطة لان غلاسبي سفيرة وليست خبيرة في علم النفس ، كما أن امثالها غالبا ما يقعون في شراك التقارير الاستخباراتية التي يضعها متخصصون في التضليل اكثر مما هم متخصصون في أي علم ، ما دام الهدف النهائي هو خدمة اهداف استراتيجية وليس البحث عن الحقيقة،
وكنا نتوقع من السفيرة المتقاعدة اكثر مما قالت لكن الفم على ما يبدو فيه ماء أو نفط أو دم من ذلك الحادث الذي تعرضت له ، لقد باع توني بلير مذكراته بتسعة ملايين دولار ولا ندري كم هو ثمن مذكرات شوارتسكوف ورامسفيلد وبقية العائلة؟
لكن غلاسبي لا تزال صائمة ولم تخرج عن صمتها الا قليلا ، ولكي تقارن بين قائدين فرق بينهما الحزب الذي انتسبا اليه لهذا فالحلقة المفقودة لا تزال في بطون الساسة والجنرالات الذين اشعلوا حربهم الخاصة تحت ذرائع ملفقة لم تصمد سوى بضعة شهور اذ سرعان ما سقطت الأقنعة تباعا واستقال المخدوعون ، ومنهم من طوى حصته من الغنيمة تحت الابط ومضى يتلمظ بانتظار حرب أخرى،،
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
غزو العراق في ذكراه الخامسة ...
أندي رويل
الخليج الامارات
وأخيراً، وبعد أن دهمتنا الذكرى السنوية الخامسة لشن الحكومتين الأمريكية والبريطانية لأكثر حرب إيغالاً في الباطل والضلال، وأشنعها وأتعسها من حيث التصورات التي قادت إلى إيقادها والأفكار البائسة اللئيمة التي أججت مرجلها، ها هو رئيس وزراء بريطانيا جوردون براون يستجمع جرأته فيعد بفتح تحقيق حول هذه الحرب.
ورغم أن حكومة العمال سبق وأن أجرت من قبل أربعة “تحقيقات” سياسية، فإن هذ هي المرة الأولى التي يقرّ فيها رئيس وزراء بريطاني بضرورة القيام بتحقيق حكومي عام وشامل لاستقاء العبر الكارثية المترعة بالشؤم من هذا الصراع التعيس الذي فجروا بركانه. ويتناقض اعترافه هذا تناقضاً صارخاً ومباشراً مع تبجحات توني بلير الذي قال في العام 2005: “لقد أجرينا التحقيق إثر التحقيق، ولسنا بحاجة إلى تكرار ما صنعنا ومعاودة فتح هذه الملفات، فحسبنا ما قمنا به حتى الآن”.
لذا يعتمل في النفس سؤال: ما الذي يمكن لتحقيق حكومي عام وشامل أن يعثر عليه، وماذا سيكتشف؟ سيتعين على مثل هذا التحقيق ان يستمع إلى أدلة بشأن ما إذا كانت تلك الحرب مشروعة في المقام الأول، وسيخلص على الأرجح إلى أنها لم تكن مشروعة لا من قريب ولا من بعيد. وستكون اليزابيث ويلمشوريست من بين الشهود المحوريين، ولا غرو في ذلك، وهي التي كانت قد شغلت قبل الحرب منصب نائب المستشار القانوني في مكتب الخارجية البريطانية.
واستقالت ويلمشوريست في ذات اليوم الذي اندلعت فيه الحرب. وكانت تجادل وقتها وتبسط حججها التي تدور حول أنه ما لم يتم إصدار قرار ثانٍ في مجلس الأمن الأممي يخول القوى المعنية استخدام القوة وشن الحرب فإن الحرب باطلة وغير مشروعة. وجاء في خطاب استقالتها قولها إنها “لم تستطع حينها أن تتنكر لنوازع ضميرها فتجاري اللورد جولد سميث الذي كان يتبوأ آنذاك منصب النائب العام وتمضي قدماً في التعاون والتعامل معه بعد أن غير وجهة نظره وبدّل رأيه كي يتلاعب بالحقائق ويلفق الذرائع ويزوّر المعطيات ليقول إن الحرب كانت مبررة”.
كما ينبغي على أي تحقيق أن يسمع من جوناثان بويل، رئيس أركان توني بلير السابق، الذي أقرّ لتوه في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بأن الحكومتين، البريطانية والأمريكية أساءتا تقدير الأمور إلى أقصى الحدود وقللتا بشكل بالغ الخطورة من شأن مرحلة ما بعد انتهاء العمليات العسكرية واستهانتا بحجم وضخامة المهام كلها التي تنبثق بعد الحرب.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن حكومتي بلير وبوش قد استغرقتا في تلفيق الذرائع وابتداع الحجج واختراع حجج للحرب، فلم يبق لديهما ثمة من متسع ولا قدرة على فهم عواقبها كاملة أو استيعاب ما سيتمخض عن انفلات عفريت الحرب من قمقمه. ومن أمد بعيد افتضح زيف “التقارير القذرة” البريطانية والأمريكية وانكشف مدى خبث التزوير الذي استمات وهو يلوّح بشبح التهديد المزعوم الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل العراقية.
وحتى الحجّة الواهية التي تذرعوا بها لإزالة نظام صدام متعللين بدواع إنسانية، تداعت هي الأخرى الآن. وبعد مضي خمس سنوات تبدو اليوم غاية في التهافت بعد ما أدركنا ما تردى فيه العراق من كارثة كبرى يعجز المرء عن وصفها.
وخلصت هيئة الصليب الأحمر الدولية مؤخراً إلى أنه: “بعد نشوب الحرب بخمس سنوات في العراق لا يزال الوضع الإنساني في معظم أنحاء البلاد من أسوأ الأوضاع وأفظعها على مستوى العالم بأسره. فنتيجة لتفجر هذا الصراع صار ملايين العراقيين لا يجدون سبيلاً إلى ما يكفي من الماء النظيف للشرب، وحرموا من أي رعاية طبية وتردّت الخدمات الصحية. والبلاد برمتها على شفير كارثة إنسانية تكاد تعم الشعب العراقي بأسره.
وحين اقترب موعد الذكرى السنوية الخامسة لشن الحرب وغزو العراق انهمكت الصحافة والإعلام في التحضيرات وكثفت نشاطات التغطية الإعلامية ليتزامن كشف النقاب عنها وعرضها مع حلول الذكرى. واضطلع كثير من مؤسسات ووسائل الإعلام بمهمة إجراء دراسات ميدانية مختلفة لاستجلاء واستشفاف نوع الحياة التي يعيشها العراقيون اليوم. فإذا أخذنا في الحسبان الوضع المروع الذي يشهده عراق اليوم ندرك أن هيئة ال”بي بي سي” البريطانية قد رسمت صورة متفائلة بشكل واضح في الاستطلاع الذي أجرته وتوصل إلى أن ما يزيد على 50% من العراقيين يرون أن حياتهم “لا بأس بها”. وفي حين أن هذا الاستطلاع وهذه الأرقام تتماثل إلى حد كبير مع الإحصاءات التي تنشرها الحكومة العراقية، فإنها تخفي الانقسامات العرقية والطائفية والشروخ الاجتماعية والمذهبية التي ضربت أطنابها.
وبالتأكيد، فإن جحيم ما بعد الرؤى الكارثية هذا، الذي لفح لهيبه وجه العالم وفاقت فظائعه كلّ تصور، لم يدر في خلد الرئيس بوش ولم يخطر له على بال عندما قال في عام 2003: “الديمقراطية العراقية سوف تنجح وتنتصر”. وها هو شعب العراق يقطف مرّ الثمار بعد أن عانى مما تشيب له الولدان، وتشرّد خمسه إما داخل العراق أو خارجه.
كان جوردون براون قد قال عن هذا التحقيق الحكومي الشامل: “ثمة حاجة ملحّة إلى استخلاص كلّ ما يمكننا استخلاصه من دروس وعبر من العمل العسكري في العراق، وما نجم من تداعيات وما ترتب عليه من آثار”. والدرس المحوري، حسب هانس بليكس، كبير مفتشي الأمم المتحدة السابق عن الأسلحة، هو: “هناك حدود لما يمكنك تحقيقه بالوسائل العسكرية”. غير أنه كان ينبغي أصلاً أن يدرك الأمريكان والبريطانيون هذا ويعوه قبل إقدامهم على غزو العراق. وكما كان كتب روبرت فيسك، الحائز على جائزة الصحافة، الأسبوع الماضي، فإن “الدرس الوحيد الذي ما نفتأ نتعلمه أبد الدهر والمرّة تلو المرة هو ألا نتعلم أبداً ولا نتعظ”. ولسنا بحاجة إلى تحقيق عام وشامل ليخبرنا بذلك.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
عشاء عراقي أخير
خيري منصور
الخليج الامارات
ما إن فرغ ديك تشيني من تبشير جنوده في العراق بأن العنف قد تراجع حتى جاءت الاجابة من كربلاء. والكرادة، لتكون الذكرى الخامسة لاحتلال العراق، على غير ما اشتهى تشيني وسيده الذي أرسله في ربع ساعته الأخير.
لم تكن ذكرى الحرب الخامسة مختلفة عن الذكريات الاربع التي سبقتها، فالعراق كله كر وفر وبلاء، ومن سمى سامراء ذات يوم ليقول للناس إن اسمها مشتق من السرور، وهي سرّ من رأى، لم يخطر بباله ان تتحول الى زقورة من العظم والدم. لكن ديك تشيني مهندس الحرب وقارع طبولها يأتي الى بغداد ليرى من حرائقها ما يروق له، تماماً كما فعل نيرون مع روما، ولم يكن احتراق روما أصعب من مطالبة نيرون لأهلها بأن يرقصوا على غنائه بصوت أجش.
تشيني يطالب العراقيين بالرقص في مأتمهم، وبأن يشكروا من يشعل الحرائق كي يتدفأوا عليها ويستضيئوا بها كبديل عن الكهرباء المدمرة.
ان بإمكان أي معلق كسول أو يراهن على لامبالاة العرب بما يحدث لهم، ان ينتزع من أوراقه تعليقاً استخدمه قبل عام أو اربعة أعوام حول ما يحدث للعراق وفي العراق.
فالعناصر الأساسية المكونة للمشهد لم تتغير، لكن التفاصيل هي التي تغيرت، بحيث لم يعد الشيطان وحده كامناً فيها، فالملاك أيضاً له مكانه في تفاصيل مضادة.
إن العراق الموعود والجديد الذي بشرت به الولايات المتحدة ليس من تضاريس هذا الكوكب، هو عراق متخيل، لكن على سبيل الديستوبيا أو المدينة الراذلة وليس اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة، فالزمن معكوس، والدبابات لا العربات أمام الخيول، وثمة اصرار على اصدار معجم امريكي بطبعة عربية تتحول فيه كلمة تمزيق إلى وحدة، وكلمة تدمير إلى بناء، وكلمة شيطان الى قديس.
لقد رأى تشيني بأم العين عراقاً آخر لا يشبه العراق الذي زينوا له سماسرة الدم، والحالمون بالسلطة حتى لو كانت على خازوق، لكنه فعل ما فعله من قبل الرئيس بوش ووزيرة خارجيته وبلير وكل من زاروا العراق ليتأكدوا من أنه أصبح خالياً من العراق.
فعل مثلهم وأشاح عن المشهد الدموي لأنه يمكث في المنطقة الخضراء كما تمكث الدودة في التفاحة.
ومن راهنوا على أن العراق الجديد المنزوع الدسم قومياً ووطنياً سوف ينجز خلال خمسة أسابيع يرونه الآن عصياً بعد خمسة أعوام، ولن تكون السنة السادسة أو السابعة عطلة اسبوع امريكي طويل تحت تلك السماء الدافئة.
لقد تحولت متوالية الأخطاء الأمريكية الى كوميديا حمراء، وليست بحاجة إلى شكسبير كي يصوغها درامياً، لأن الجنرالات تولوا ذلك بدءاً من باول حتى فالون، والاستقالات لم تكن سوى أضعف الايمان العسكري للتعبير عن ورطة اضافت إليها الخديعة حمولة لم يعد حتى الجنرالات قادرين على حمل اعبائها.
ولن يعود تشيني من بغداد بباقة نرجس من سفوح الشمال أو بقبضة ياسمين مما يسميه العراقيون الرازقي من الجنوب، سيعود الى من أرسله واثقاً من شيء واحد فقط، هو أن الدبابة لا تكتسب التاريخ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
سنوات اليقظة
أمل الشرقي
العرب اليوم الاردن
في الذكرى الخامسة للحرب على العراق, لدي بخلاف الكثيرين, ما احتفل به وأفرح له وأحييه وهو نجاة العراق من الحرب الأهلية.
وكما أن الحرب الأمريكية على العراق لم تكن حرباً من أجل تغيير النظام ولا من أجل إزالة أسلحة الدمار المزعومة, فإنها كانت حرب إزالة للعراق الذي نعرفه بشكله ودوره وروحه التي تميز بها. وكانت طريق المحتلين وأصحاب المصالح والموتورين من القريبين والبعيدين إلى تحقيق ذلك هي الحرب الأهلية التي لم يقصر الجميع في إذكاء فتنتها وابتداع أشنع الوسائل وأبشعها لجر العراقيين, كل العراقيين, إليها.
ولقد كانت في العراق فعلاً بذور تصلح لزرع الفتنة وعوامل سياسية وظرفية تسمح بتأجيج النيران. ولعب الاحتلال دور المحفز ليس بمخططاته وتدخلاته فحسب بل بتأثيره كقوة فاعلة اقتحمت الميدان العراقي وقلبت موازينه ووفرت الفرصة لخفض هذه الكفة واعلاء تلك.
وجاء الانقسام الثلاثي السني- الشيعي- الكردي لا ليؤشر إلى فرقة متجذرة في الشعب العراقي إنما ليعبر عن توزيع جديد للمصالح على أساس علاقة كل طرف بالمحتل. ولا بد لنا, بعد كل ما أهدر من دم العراق وبنيته ومكانته, أن نسمي الأشياء بأسمائها وأن لا نجامل أحداً في قول الحقيقة. فالأكراد النزاعون أبداً إلى توكيد خصوصيتهم وجدوا في المحتل السند الذي يستقوون به على بقية مكونات الشعب وينتزعون بدعم منه ما لهم وما ليس لهم. والشيعة الذين يعانون من غبن تاريخي جنحوا إلى الاستفادة من انقلاب الموازين السابقة على يد المحتل لكي يقيموا حكم الانتقام والغلبة. والسنة المبعدون بمجيء المحتل عن صدارتهم ونفوذهم اندفعوا إلى حرب ثأرية ضده لم يكتفوا باستبعاد الآخرين عنها إنما شملوهم بنيرانها وصبوا عليهم الجزء الأكبر من زيتها ولهيبها.
كانت السنوات الخمس الأولى من الاحتلال, إذن, سنوات ردود فعل واستجابة لوجود المحتل وما أحدثه في الوسط العراقي من فوضى واختلال. لكنها, في الوقت نفسه, كانت سنوات اكتشاف ويقظة اكتشفت جميع الاطراف خلالها أن المحتل لا يمكن إلا أن يكون عدواً. وإن مصالحه مهما تلاقت مع مصالحها الضيقة لا بد أن تصطدم بتلك المصالح عند تصفية الحساب. كما اكتشفت تلك الأطراف عجز كل منها عن إزاحة الطرف الآخر أو تغييبه, وأن الرابطة التي جمعت بينها كل تلك القرون لها مقوماتها التاريخية والجغرافية والوجودية التي لا يمكن تغييرها بدخول محتل أو خروجه. وأخيراً, فقد اكتشف الشعب العراقي أن وحدته أسلم له من انقسامه, وأن زعماء الطوائف ليسوا زعماءه الوطنيين, وأن ما انغمس فيه وكابده خلال هذه السنوات العصيبة لا يصلح مادة للبقاء ولا أساساً للمستقبل.
في الذكرى الخامسة للحرب تزول الأوهام وتتأكد الحقائق ويبدو المشروع الاحتلالي متداعياً خائب المساعي في حين تتجمع الظروف المواتية لميلاد المشروع الوطني الموحد والقوي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
انحطاط حضاري!
احمد عمرابي
البيان الامارات
«هذه الحرب برهنت عملياً كيف أن دولة عظمى يمكن أن تنحط ـ بكل إدعاءاتها في التحضر ـ إلى مستوى الوحشية البدائية».
للوهلة الأولى قد تظن أن صاحب هذا القول يشير إلى الحرب الأميركية الراهنة في العراق لكن البروفيسور الأميركي ريشارد فولك أستاذ العلوم السياسية كان يتحدث في الحقيقة قبل 40 عاماً في سياق الحرب الأميركية التي كانت تدور آنذاك في فيتنام.
أوجه الشبه متعددة بين ما جرى في فيتنام بالأمس وما يجري اليوم في العراق، ومن بين هذه الأوجه أنه بينما يؤشر شهر مارس الذكرى الخامسة لبداية العدوان الأميركي على العراق فان هذا الشهر يمثل أيضاً الذكرى الأربعين لمذبحة رهيبة في فيتنام دخلت التاريخ من حيث الوحشية المتعمدة والقسوة في أعلى درجاتها.
وقعت المذبحة في قرية «ماي لاي» الفيتنامية عندما اقتحم القرية على نحو فجائي قوة من 30 جنديا أميركيا بقيادة ضابط بعد ورود معلومة استخباراتية غير مؤكدة ولم يجر تمحيصها للاستوثاق من صحتها أو عدم صحتها بأن القرية تؤوي عدداً من الثوار المقاتلين، وبعد أن قيام الجنود بتفتيش القرية منزلاً بعد منزل وزقاقاً بعد زقاق ولم يجدوا أي أثر لثوار شرعوا بأمر من الضابط في عملية قتل عشوائي.
الحصيلة النهائية للقتلى الفيتناميين كانت خمسمئة لكن دخول المذبحة صفحات التاريخ لم يكن بسبب العدد وإنما بسبب نوعية الضحايا: كانوا جميعاً ودون استثناء أطفالاً ونساءً وعواجيز، ودخلت التاريخ لسبب آخر التستر الإجرامي على أعلى مستوى، فقد تكتمت كل من القيادة العسكرية الأميركية في فيتنام ووزارة الدفاع الأميركية على المذبحة على مدى أكثر من 12 شهراً.
وكان من الممكن أن يمتد هذا التكتم زمنياً لأكثر من ذلك لولا أن الصحافي سايمون هيرش اكتشف السر بطريقته التخصصية في الصحافة الاستقصائية، وكذلك دخلت الحادثة التاريخ لسبب ثالث هو أن محكمة عسكرية أدانت الضابط وجنوده، لكنها لم توقع عليهم سوى عقوبات إدارية يسيرة تكاد تكون شكلية، وهناك سبب إضافي، ذلك أن مذبحة «ماي لاي» لم تكن في سياق الحرب الأميركية في فيتنام حادثة معزولة عن النمط العام لإدارة هذه الحرب.
يقول البروفيسور فولك في كتابه التوثيقي عن هذه الحرب: «سيكون من قبيل التضليل إذا عزلت هذه المذبحة القبيحة من الأسلوب العام الذي أديرت به هذه الحرب أو من الخط العام للسياسة الرسمية التي أسست لمناخ لا أخلاقي كان يتم من خلاله تجاهل كامل لسلامة المدنيين الفيتناميين».
في مكان «فيتنام» ضع «العراق» لتتبين لك صلة الماضي مع الحاضر. لم يتغير شيء في وحشية القوة العظمى. لقد أصبح من المألوف عبر السنوات الخمس الأخيرة منذ الاقتحام الأميركي للأرض العراقية وإقامة قوة احتلالية عليها أن يقتحم ثلة من الجنود منزل أسرة عراقية ويطلقوا زخات عشوائية متصلة فيسقط جميع أعضاء الأسرة صرعى: الزوج والزوجة وأطفالهما، وربما والد الزوج ووالدته ـ تماماً، كما جرى للأسر الفيتنامية.
ذبح المدنيين بالجملة يعكس دون شك انحطاطا حضارياً. لكنه يعكس أيضاً شعوراً حاداً بالإحباط ناتج عن شعور راسخ بالجبن.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
خمس سنوات على «المحرقة» العراقية
نواف الزرو
البيان الامراتية
حينما يقول 90 بالمئة من العراقيين «إن الوضع الآن هو أسوأ مما كان عليه قبل الحرب»، وحينما يؤكد «أكثر من 79 بالمئة بأن الوضع الاقتصادي العراقي اليوم أسوأ بكثير مما كان عليه قبل الحرب والغزو نقلاً عن استطلاع للرأي العام العراقي أجراه مركز العراق للبحوث والدراسات الاستراتيجية»، فإن هذه تعد أبرز شهادة عراقية استخلاصية يمكن الاستناد إليها في تقدير الموقف العراقي، فهذا هو قول الرأي العام العراقي القاطع...!.
وفي سياق تقدير الموقف في العراق أيضاً استخلصت مجلة «تايم» قاطعة «أن بغداد مازالت أكبر مركز لسفك الدماء على وجه الأرض وفي كل زمان»، ذلك أن المجازر والهدم والتدمير والهجرات الملاينية ونهر الدم العراقي لا تزال تتسيد المشهد العراقي بقوة مذهلة، على الرغم من ادعاءات المصادر السياسية والأمنية الأميركية أن «العراق أصبحت أكثر هدوءاً..!».
فعلى صعيد «المحرقة» والمجازر الجماعية على سبيل المثال جاء في دراسة أجراها أحد أبرز مراكز استطلاعات الرأي في بريطانيا «أن أكثر من مليون عراقي قتلوا في بلادهم منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003»، وتوصل الاستطلاع الذي أجراه مركز «او ار بي» لاستطلاعات الرأي «أن 20 % من الأشخاص شهدت أسرهم وفاة واحدة على الأقل نتيجة الصراع وليس لأسباب طبيعية»، وحسب آخر إحصاء كامل لعدد السكان في العراق أجري عام 1997 قد أفاد أن هناك 05, 4 ملايين أسرة في البلاد وهو العدد الذي اعتمد عليه الباحثون في المركز ليخلصوا إلى أن نحو 03, 1 مليون شخص تقريباً لقوا حتفهم نتيجة الحرب ـ وكالات-31/01/2008».
يضاف إلى ذلك- في عملية جرد مفصل لمدى تفاقم الأوضاع العراقية ، أفاد تقرير لمنظمة أوكسفام البريطانية على سبيل المثال «ان 8 ملايين عراقي، أي حوالي ثلث الشعب، بحاجة ماسة للمساعدات»، و«ان 40% غادروا العراق، حتى 2006 بينما يعاني 28% من الأطفال سوء التغذية ـ وكالات».
وفي مسألة التهجير القسري للعراقيين قال الكاتب العراقي عبد الواحد الجصاني في مقالة منشورة بصحيفة خليجية «ان التهجير القسري لخمسة ملايين عراقي هو من أكثر جرائم هذا الاحتلال البربري خسّة»، مضيفاً «في البدء لا بد من تأكيد حقيقة أن التهجير القسري للعراقيين ليس ناتجاً عرضياً غير مقصود من نتائج الاحتلال.
بل هو جزء مركزي من مشروع الاحتلال الأميركي الهادف إلى نزع هوية العراق العربية وتقسيمه إلى دويلات طوائف»، وقد اعترف جورج تينيت في مذكراته (في قلب العاصفة) المنشورة في أبريل 2007 بهذه الحقيقة عندما قال «وسرعان ما تبيّن لنا وللعراقيين بوضوح أنّ هدف الغزو الأميركي هو أساساً إعادة تشكيل مجتمعهم».
ومن جهتها أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) «أن حياة ملايين الأطفال العراقيين مازالت مهددة بسبب العنف وسوء التغذية وقلة المياه الصالحة للشرب» وأضاف التقرير «أن حوالي 25 ألف طفل وعائلاتهم يجبرون كل شهر على الخروج من منازلهم واللجوء إلى مناطق أخرى من البلاد».
مؤكداً «أنه في نهاية عام 2007 أصبح 75 ألف طفل عراقي يعيشون في مخيمات أو مساكن مؤقتة»، وذكرت يونيسيف في تقريرها «أن قوات الجيش أو الشرطة اعتقلت نحو ألف و350 طفلاً بينهم كثيرون بسبب مزاعم عن انتهاكات أمنية»، بينما قال ممثل المنظمة في العراق روجر رايت «إن أطفال هذا البلد «يدفعون ثمناً باهظاً».
وعلى المستوى التعليمي أظهر بحث أجرته المنظمة الأممية عن الانقطاع الدراسي «أن 28% فقط ممن بلغوا سن السابعة عشرة اجتازوا امتحانات الثانوية العام/2007»، مضيفاً «أن نسبة من اجتازوا الامتحان النهائي في وسط وجنوبي العراق لم تتعد 40%»، وأشار تقرير يونيسيف إلى «أن عدد تلاميذ المدارس الابتدائية المتخلفين عن الدراسة خلال 2006 بلغ 760 ألفاً، إلا أن هذا الرقم ارتفع خلال العام 2007 بسبب انقطاع الدراسة لعدد متزايد من الأطفال النازحين من ديارهم».
ليصبح أطفال وشباب العراق في المحرقة العراقية المفتوحة على نحو بالغ الإجرامية المبيتة على أيدي الاحتلال الأميركي.
وعلى صعيد القمع والتنكيل والاعتقالات الجماعية للعراقيين وعلى نحو متكامل مع المعطيات أعلاه أكدت ممثلة اتحاد الأسرى والسجناء السياسيين العراقيين المحامية سحر الياسري من جهتها «أن عدد المعتقلات والسجون في كافة محافظات العراق يبلغ 36 سجناً عدا أبوغريب الذي يعد الأرحم بين السجون رغم فضائحه الفظيعة».
وقالت في حوار أجرته مع العرب اليوم الأردنية على هامش مؤتمر نظمته اللجنة العالمية لمناهضة العزل بالتعاون مع جامعة بروكسيل الحرة بعنوان «إرهاب الحرب الأمريكية على الإرهاب» أن عدد السجناء العراقيين يصل إلى 400 ألف سجين منهم 6500 حدث و10 آلاف امرأة، تم اغتصاب 95% منهن «العرب اليوم».وهكذا كما نرى فإن العراق يعتبر عملياً أكبر معسكر اعتقال جماعي على وجه الكرة الأرضية .
وما يفاقم الكارثة العراقية أن هذه الأوضاع لن تتوقف وفقاً لرؤية الخبراء والمحللين، إذ أكد المحلل الاستراتيجي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن انتوني كوردسمان «أن حظوظ الجيش العراقي الذي تعول واشنطن على بنائه في حفظ الأمن والاستقرار في العراق لا تتجاوز 50 في المئة»، و«استبعد أن تستقر الأوضاع في البلد المحتل قبل العام 2012 إن لم يكن 2015»، وهو ما ذهب إليه أيضاً رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال بيتر شوميكر الذي أكد «أن مستوى القوات الأميركية في العراق سيبقى كما هو إلى حين حلول العام 2010».
وكان مواطنون عراقيون قد أعربوا عن رأيهم ملخصين الجرائم الأميركية بـ :«أن الاحتلال الأميركي لبلادهما نجح في تحقيق معجزتين هما: رافد ثالث يضاف إلى دجلة والفرات ويحمل اسم «نهر الدم»، و«سور السيارات العظيم» الذي يمتد أمام محطات الوقود في بلد يملك ثاني اكبر احتياطي نفطي في العالم».
وإذا ما أضفنا لذلك حقيقة ان العراقيين يتحدثون اليوم عن أكثر من مليون شهيد عراقي، فإن كل هذه المعطيات ترسم أمام العالم صورة سوداء للعراق اقرب إلى أن تكون كارثية هولوكوستية بكل ما تحمله هذه المصطلحات من مضامين وتداعيات واستخلاصات إجرامية لم يشهدها التاريخ.ويطل علينا الرئيس الأميركي في الذكرى الخامسة للغزو ليعلن انتصاره الاستراتيجي- تصوروا...!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
متى يحاكم مجرمو حرب العراق؟
باسل أبوحمدة
البيان الامارات
في العراق ثمة جريمة لم تزل فصولها تفتك على مدار الساعة بالضحية بلا رحمة، ولم يزل ثمة جدل حول هوية المجرم الذي يبدو أنه تمكن من نثر دم ضحيته على شتى القبائل والملل وإخفاء وجهه القبيح مرتديا عددا لا يحصى من الأقنعة المذهبية أو العرقية أو الطائفية أو الدينية، لكن وجه الضحية يبقى بعيدا عن أي إمكانية للتلاعب به مهما تحاذقت سكاكين قاتل مأجور يمارس مهنته بالوكالة عن غيره أم قاتل أصيل يمارس القتل بالأصالة عن نفسه وشركائه.
يقال في كواليس وسائل الإعلام إن الصورة سيدة الموقف ولها تعود الكلمة الفصل لأنها تعكس الواقع بأقل درجة ممكنة من تدخل الإنسان، وصورة «أزوريس» التي جمعت كل من طوني بلير وجورج دبليو بوش وخوسيه ماريا أثنار إثر إقرار غزو العراق في 16 مارس 2006 لم تزل حاضرة في أذهان الرأي العام العالمي، الذي تقاطرت جموع ممثليه بالملايين ونزلت إلى شوارع عدد كبير من مدن وعواصم العالم رفضا لذلك القرار الذي اتخذ في جو «مافيوزي» صرف تفوح منه رائحة جريمة قذرة كانت على وشك الحدوث، وحدثت على مرأى ومسمع العالم أجمع في مشهد يحيلنا إلى رواية «قصة موت معلن» للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز.
من بوسعه نسيان تلك الضحكة الخبيثة التي ارتسمت على ثلاثة وجوه في مشهد أحالنا منذ تلك اللحظة إلى ملامح وجه مصاص الدماء دراكولا في ليلة اكتمال القمر حين كان عواء الذئب يرسم صورة ليل طويل آت في انتظار ضحية جديدة؟
لكن مع فارق بسيط يكمن في أن تلك الشخصية الأسطورية الخارجة من ظلمات أوروبا العصور الوسطى كانت ترتكب جرائهما وفق نظام فيزيولوجي صارم خارج عن إرادتها، بينما أصحاب الوجوه المعتمة الثلاثة اتخذوا قرارهم بمحض إرادتهم في انتظار تناول وجبة لذيذة لم تغب الأنخاب عنها والتقاط الصور التذكارية في ممارسة توحي بطقوس روتينية اعتيادية.
من بوسعه ألا يفكر في محاكمة مجرم على جريمته؟ ومن لا يتحرق شوقا لرؤيته واقفا أمام قاض عادل يعيد للضحية شيئا من خسارتها ويرد عنها بعض الظلم الذي وقع عليها؟
لا أحد، إلا المجرمين أنفسهم ومن لف لفهم من الأعوان والتابعين والمنفذين والمرتزقة المأجورين الذين تلطخت أيديهم بدماء الضحية أيضاً وسيطالهم لهيب من عقاب منتظر آت عندما تحين ساعة الحقيقة ويوضع كل طرف في هذه الجريمة التاريخية في مكانه الصحيح.
أول الغيث قطرة، وهذه القطرة جاءت هذه المرة من إسبانيا، حيث تسعى جمعية تدعى «جمعية محاكمة أثنار» إلى رفع دعوى ضده لارتكابه جرائم حرب في العراق، ويبدو أن جهود هذه الجمعية بدأت تؤتي أكلها بعد أن تمكن ائتلاف اليسار المتحد المعارض من تأمين دعم الحزب الاشتراكي الحاكم لاقتراحه الخاص بمحاكمة رئيس الوزراء الإسباني السابق خوسيه ماريا أثنار أمام محكمة العدل الدولية لتوريط بلده مع الولايات المتحدة في جريمة غزو العراق.
ولقد اشتد وطيس هذه المعركة التي تخوضها بعض القوى السياسية والتي تعمل في ميدان حقوق الإنسان في إسبانيا ضد اثنار إثر إمعان الأخير في موقفه من الحرب ودفاعه عنها، ذلك أنه لا يدخر فرصة إلا ويؤكد من خلالها موقفه المشين ذاك، الذي جاء فصله الأخير في سياق مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية قال فيها إن الوضع في العراق أفضل بكثير مما كان عليه قبل خمس سنوات مما أثار حملة احتجاجات شعبية ورسمية ضده في العالم عموما وفي إسبانيا على وجه الخصوص.
هذه الدعوة وغيرها من الدعوات التي تظهر هنا وهناك يجب ألا تخبو وألا تذهب أدراج الرياح، كما يتعين على كل صاحب غيرة على السلم والاستقرار وحقوق الإنسان وكل القوى والأشخاص الذين لا تزال الفطرة السليمة حية ترزق فيهم البناء عليها وتطويرها ورفدها بدماء جديدة من أي مكان على وجه الكرة الأرضية.
ولا سيما البلدان التي يعيش فيها أحد مرتكبي جريمة الحرب على العراق أو بعضا منهم عموما والمسؤولين عنها على وجه الخصوص. هذه الدعوة يجب أن يطلق لها العنان وأن تأخذ كل مدى ممكن لها بحيث يتعين على قوى السلم حول العالم العمل فورا على تشكيل جمعيات مماثلة لجمعية محاكمة أثنار عل العالم يصبح مكانا أرحب للعيش
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
الدعاية الساذجة في احتلال العراق!!
افتتاحية
الرياض السعودية
خرجت شعوب معظم دول العالم في تظاهرات استنكار ضد الحرب على العراق في الذكرى الخامسة، وهي يقظة ضمير بدأت مع بدايات الحرب، ولم تنته بتقادم الزمن عليها، فقط الدول العربية التي اكتفت بنشر بعض الوثائق والتعليق عليها من باب المجاملة، أو تقليد الآخرين ومن مصادر نشوء الحرب وكل ما تعلق بها، جاء من نتاج مراكز بحث ونشر ليس للعرب إلا شراؤها وبثها، أو الكتابة عنها بوسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة والمشاهدة..
نحن لا ننادي باضطرابات ومقاطعات، أو حتى تظاهرات ضد من قام وتسبب بالحرب، لكن بإعداد منظومة بيانات ووثائق تكشف جرم الاحتلال، وكيف اندفع ما يزيد عن أربعة ملايين عراقي، إلى الأسر الآخر، حين توزعوا لاجئين إلى معظم دول العالم، ثم التذكير بجرائم القتل، والسجون، وفظائع الحرب أثناء المعارك، والتلوث البيئي والنتائج التي ترتب عليها انتشار العديد من الأمراض بما فيها أنواع السرطان، وأمراض لم يكشف عنها، ثم مسائل النهب للتراث العراقي، وأموال النفط وغيرها، والكلفة التي دفعها العراقيون بنشوء فواصل داخل العاصمة وغيرها، بين مختلف الفئات والمذاهب وتوزعها على دوائر إقليمية ودولية، وتمكين القاعدة أن تبني لها مسارب وممرات في معظم مدن وقرى العراق..
لو تم هذا بمصاحبة استراتيجية إعلامية توزّع على الجامعات ودور النشر ومراكز الأبحاث، وحقوق الإنسان، وكل ما يتعلق بالوسائل المتاحة من محطات فضاء وانترنت، ومواقع فاعلة في التأثير على الرأي العام العالمي، وبنموذج متقدم بعيداً عن التهديد والشجب وإثارة العواطف وغرائز الموت، لربما وضعنا العالم أمام مسؤولياته الكبرى، وبأن ناتج الحروب فعل مدمر وهمجي..
ثم لو اتجهنا بأفلام موثقة للشعب الأمريكي، وكل شعوب العالم بما تم قتله من الأمريكيين الذين خضعوا لطيش السياسة وهمجيتها، وخاطبنا أسر القتلى بمفهوم تعاطفنا الإنساني معهم، باعتبارهم أدوات ووسائل تسيّرها الرغبات والغرائز ومفاهيم طوباوية تبنى على أفكار دينية، وعقائد خارج مدار العقل تبناها ونفذها المحافظون الجدد وكذلك الكلفة المادية لجاء رد الفعل مضاعفاً، ولو كنا أكثر وعياً وأرفقنا بتلك الأحداث القتلى الفلسطينيين، والدمار اليومي الذي اعتمدته إسرائيل كجزء من أيدلوجيتها وعقيدتها، وأننا نقع تحت احتلالين في فلسطين، والعراق، وفتحنا ارشيفاً لكل مطلع أو راغب بالاطلاع على الحقائق ودون تزييف، ووضعنا صورة محمد الدُّرة ومعها صور أبو غريب وجوانتانامو لأحدثنا تغييراً في المواقف العالمية ربما أكثر أهمية من كل ما نردده عن الامبريالية، والصهيونية، وأساليب النشر الساذج، ولقلنا إن لنا مؤثراً إعلامياً يوازي ما تنتجه الدول التي ارتكزت في حروبها الدعائية على نموذج غسل العقول، وتغيير الإرادات، لكن ذلك لا يعيش إلا في تلافيف الحلم الذي لا يتحقق عند كل العرب..
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
خلاف قضائي أميركي يعطل تنفيذ حكم عراقي
صحيفة واشنطن بوست الأميركية
تحتفظ قوات الشرطة العسكرية الأميركية بمعتقلين عراقيين يخضعون للتحقيق في معسكر أميركي، ويطالب هؤلاء بأن يعرضوا على محكمة أميركية طبقا للقانون الأميركي،
في حين أن مسؤولين في الإدارة الأميركية في العراق يقولون ان المعسكر تابع للقوات متعددة الجنسية وأن وجود قوة أميركية في المعسكر لا يعني عدم عرض الموقوفين على محكمة عراقية كما يطلب المتهمون.وقالت الصحيفة ان المتهمين يحاولون الحصول على حقوق المواطنين الأميركان في مراجعة قضاياهم لكونهم يحملون الجنسية الأميركية، في حين ترفض الإدارة الأميركية ذلك لان المتهمين موجودون في سجن عسكري تابع للقوات المتعددة الجنسية لا في سجن مدني أميركي.ويقول رئيس الشؤون القانونية في اتحاد المحامين الأميركان وليم نيوكوم أن أحد المتهمين الأميركان موقوف على ذمة قضية خطف صحفيين رومانيين في بغداد، ولكنه يدعي انه كان مخطوفا وليس خاطفا، خصوصا بعد العثور عليه برفقة سبعة مخطوفين موثقي الأعين في مكان خارج مدينة بغداد ولمدة شهرين. وقد وجهت السلطات الرومانية للمتجنس الأميركي، الذي اطلق سراحه بعد الحادث، تهمة التخطيط لاختطاف الصحفيين، فيما تقول السلطات الأميركية انه اعترف بكونه شريكا في عملية الاختطاف أمام المحققين العدليين العراقيين.وبناء على فقرات قانونية يحق للمحكمة العراقية الحكم على المتجنس الأميركي من أصل عراقي، وقد حكمت محكمة عراقية عليه بالإعدام في الوقت الذي يحاول محامي الدفاع أن يطعن بالحكم ويصفه بأنه محاكمة صورية. وتسعى القيادة العسكرية الأميركية في سجن كامب كروكر الى إرسال المحكوم الى السلطات العراقية لغرض تنفيذ الحكم الصادر منذ ثلاثة أسابيع، بينما يبذل اتحاد المحامين الأميركان وذوو المتهم جهودا لوقف إجراءات الترحيل الى السلطات العراقية لإعادة مراجعة الحكم الصادر أمام محكمة أميركية عبر المطالبة بحقوق المواطنة الأميركية.وتقول الصحيفة ان من بين الموقوفين متهم أميركي من أصل أردني أوقف منذ الشهر العاشر من العام 2004 بتهمة التعاون مع منظمة القاعدة في بلاد الرافدين، وقد قررت السلطات الأميركية في السجن ترحيله الى المحاكم العراقية ولكن محكمة أميركية في إحدى المقاطعات أوقفت الإجراءات.وكانت وزارة العدل الأميركية قد أوضحت في 2005 أن قرارات سلطة التحالف المؤقتة قد تم نقضها بعد ان كانت تضع مؤسساتها تحت سلطة المحاكم الأميركية لكونها كانت كيانا سياسيا وإداريا أميركيا، حيث أشارت الوزارة الى أن الوضع الحالي للوجود الأميركي منتظم ضمن كيان القوات المتعددة الجنسية في العراق وهو كيان غير أميركي ولايخضع للقانون الأميركي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
فاجعة بوش 1-2
اطف عبد الجواد
الوطن عمان
قبل بدء عمليات غزو العراق في مارس 2003 عارض كثير من الساسة المحنكين الحرب وأعربوا عن معارضتهم لها علنا. وكان من بين المعارضين برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس بوش الأب الذي نشر مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال اشتمل على وجهة نظره ، ونظرا للعلاقة الوثيقة بين بوش الأب وبين سكوكروفت اعتبر كثيرون هذا المقال بمثابة تعبير عن وجهة نظر بوش الأب ، ووسيلة لإبلاغ بوش الابن بوجهة نظر والده المعارضة للحرب. وحذر سكوكروفت ايضا من ان الحرب سوف تؤدي الى تقوية نفوذ ايران ، ولكن الرئيس بوش الابن رد على سكوكروفت قائلا بسخرية إنه يشكل بديلا مملا عن والده بوش الأب. وقال ايضا: إن سكوكروفت اصبح مزعجا كلما تقدم في العمر.
في كتاب جديد صدر حديثا في الولايات المتحدة بعنوان (فاجعة بوش) يقول المؤلف جيكوب وايزبرج إن الرئيس بوش الابن دخل عالم السياسة القومية وهو مصمم على ان يكون عكس ابيه، الذي اعتبره رئيسا ضعيفا أخطأ عندما أبقى على صدام حسين في الحكم بعد حرب تحرير الكويت عام 1991، وعندما أخفق في اتخاذ موقف متشدد من الصين، وعندما لم يتباه علنا بانتصار أميركا في الحرب الباردة. لكن رغبة بوش الابن في ان يكون عكس ابيه كان لها دافع آخر وهو اقناع والديه بأنه يستحق الاحترام والإعجاب. لم يكن جورج هو الابن المفضل لدى والدته باربرا بوش. بل كان ابنها الأصغر جيب بوش هو اكثر حكمة وتعقلا وتفوقا من جورج ، الذي اتى الى والديه بمشاغبات ومشاكل كثيرة في صباه وشبابه المبكر.
لقد جاء بوش الابن بمجموعة المحافظين الجدد واحاط نفسه بهم لأن والده كان يزدريهم وينأي بنفسه بعيدا عنهم. ويقول مؤلف الكتاب إن هؤلاء المحافظين الجدد هم الذين جاءوا لبوش الابن بالحجج والأسباب لانتقاد سياسات والده ، ووفروا له بديلا عن هذه السياسات. ويقول المؤلف وايزبرج إن غطرسة المحافظين الجدد دفعتهم الى تجاهل حقائق التاريخ والتركيبة الدينية والطائفية للشعب العراقي. كانوا يستخدمون النموذج التاريخي للديموقراطية في اليابان والمانيا للتأكيد على ان العراق اليوم سوف ينهج نهج اليابانيين والألمان بعد الحرب العالمية الثانية. لقد صدم ثلاثة من المنفيين العراقيين عندما التقاهم الرئيس بوش قبل الحرب، في بداية عام 2003 ، لإطلاعه على الشأن العراقي. لماذا الصدمة؟ لأنهم اكتشفوا ان الرئيس بوش لم يعرف الفرق بين السنة والشيعة.
قبل الحرب بذل زعماء عرب من بينهم الملك عبد الله الثاني والرئيس حسني مبارك جهدا لإقناع الرئيس بوش بأن الحرب في العراق سوف تؤدي الى تقوية النفوذ الإيراني عن طريق انشاء مثلث الشيعة في العراق ولبنان وايران. ولكن بوش الابن كان يعتقد ان اباه اخطأ لعدم دخوله بغداد في عام 1991 وأن الديموقراطية في العراق كفيلة بمواجهة المد الإيراني في المنطقة.
لكن مؤلف الكتاب يعتقد أن قرار الحرب سوف ينظر إليه في التاريخ كقرار خاطئ مهما آل إليه مستقبل العراق. سنواصل مناقشة مضمون كتاب ( فاجعة بوش).
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
ماذا بقي من مصداقية الإدارة الأميركية؟
كاظم الموسوي
الوطن عمان
بماذا يفسر تسريب البنتاجون لوثيقته المؤكدة على عدم وجود اتصالات بين العراق ومنظمة القاعدة عشية الذكرى الخامسة لغزو العراق؟ ألا يعني أن كل الادعاءات التي اعتبرتها الإدارة الأميركية حججا لشن الحرب مزيفة وغير صحيحة؟!. رغم ان الوقائع والفضائح التي مارستها الإدارة وعصاباتها التي قادتها وخططت للغزو والتحضير للحرب ومن ثم الاحتلال قد اثبتت بطلانها. أو أن هذه الإدارة تريد أن تعترف بشكل آخر ومن ضمن أساليبها الملتوية وادعاءاتها البراقة بخطل ما ادعته وأعلنت على ضوئه عدوانها وخرقها لكل القواعد الدولية والقانون الدولي وحتى الدستور الأميركي؟. فإذا كان هذا الذي كشفه تقرير البنتاجون مؤخراً واقعاً من بين أبرز الأسباب المعلنة التي ادعتها الإدارة والبنتاجون ذريعة للغزو والحرب واستمرار الاحتلال ، فماذا بقي من مصداقية الإدارة الأميركية بعد هذا الكشف الرسمي من مؤسساتها؟ وما هي تبعات ذلك بنفس المستوى، قانونيا وسياسيا وأخلاقيا؟. وقد سبق لها أن كشفت ذريعتها الأخرى الرئيسية حول امتلاك العراق أسلحة دمار شامل ، وأكدت لجان بحثها المتتالية والمختصة زيف هذا الادعاء، وخلو العراق من هذه الاتهامات رسميا وباعتراف الخبراء أنفسهم الذين أوكلتهم الإدارة ولوبياتها، ومثله خداع شراء اليورانيوم من النيجر وغيرها من قائمة الحجج الكاذبة التي ادعتها الإدارة الأميركية وقامت بنفسها ولوحدها باتخاذ القرار بشن الحرب والعدوان على دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة وباقي المنظمات الدولية. واغلب هذه المنظمات والقرائن القانونية والتقارير الدولية تثبت أن ما قامت الإدارة الأميركية به هو عدوان سافر وجريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي والشرعية والعلاقات الدولية والإنسانية، ويترتب عليها حقوق للضحايا بالمطالبة بمحاكمة كل من اقترف هذه الجريمة والعدوان وتحمل المسؤولية عن الخراب والدمار الذي أحاق بالعراق ومستقبله. وإذا كانت الذكرى الخامسة تمر والعالم مازال مشدوداً لأيامها الأولى وكيفية حدوثها ومتابعا لما حصل على الأرض جراءها وبسببها فإن عددا من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان أصدرت تقارير تتحدث عن كارثتها على الشعب العراقي الذي تقول عنه استطلاعات الرأي العام التي تقوم بها مؤسسات من تلك البلدان التي اشتركت بالعدوان عليه بان نسبة كبيرة منه تتجاوز الثمانين بالمائة تريد رحيل هذه القوات التي احتلت العراق وانتهكت كل المعايير والقيم الإنسانية. وحين تتوافق مثل هذه التقديرات مع هذه الاكتشافات والفضائح وتغطى الفظائع والانتهاكات والارتكابات التي حصلت فأن الكارثة التي تصفها التقارير ليست إلا صورة من صور الواقع المرير الذي تكابده الضحايا يوميا وبصمت الضمير العالمي والعربي غير المبرر أبداً.
هل تسأل الإدارة الأميركية ومن والاها عما أجمع عليه تقريران لاثنتين من أبرز المنظمات الدولية على "كارثية" الوضع الإنساني في العراق؟ ولماذا رسما صورة قاتمة له؟. وهما تفضحان ادعاءات المؤيدين للحرب والاحتلال وأسانيدهم وصراخهم الفارغ. وهذه الصفة التي يجمع عليها الآن تشير إلى أن ما حصل في العراق مقارنة بأوضاع غيره من البلدان خطير جدا يفضح الأهداف الموضوعة في مخططات المحافظين الجدد ومشاريعهم وأوهامهم الاستعمارية.
فرغم مزاعم تحسن الوضع الأمني خلال الأشهر الأخيرة أكد تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" الذي صدر مؤخرا تحت عنوان "المذبحة واليأس" ، أن الوضع الإنساني في العراق بعد خمس سنوات كارثي. وأوردت "أمنستي" في تقريرها الدوري أنه بسبب فقدان الأمن فإن القانون والنظام والانتعاش الاقتصادي أصبحوا أموراً بعيدة المنال، حيث السواد الأعظم من العراقيين يعانون الفقر ونقص الغذاء والماء الصالح للشرب، فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة. ولفت التقرير إلى أن أكثر من أربعة عراقيين من بين كل عشرة يعيشون تحت خط الفقر، في وقت شارف فيه النظام الصحي والتعليمي في العراق على الانهيار، فضلا عما تعانيه المرأة من مخاطر متعددة. وأشار التقرير إلى أن الفشل في التحقيق بمزاعم انتهاك حقوق الإنسان في العراق يعد واحداً من أهم ما يستدعي القلق مستقبلاً.
ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها الصادر تحت عنوان: "العراق: أزمة إنسانية لا تلين" جاء فيه أنه: رغم التحسن الأمني المحدود في بعض المناطق ما زال العنف المسلح يخلف أثراً كارثياً. ومازال المدنيون يذهبون ضحية العمليات القتالية. أما الجرحى فلا يتلقون في غالب الأحيان ما يكفي من الرعاية الطبية. وتأتي هذه الإشارات عن أوضاع الصحة والأمن في مثل هذه التقارير كمثال لاهتمامات تلك المنظمات ولكنها كغيرها تتجنب حسب تصريحات مسؤولين فيها الخوض بالأسباب التي أدت إلى ذلك ومن هو المسؤول المباشر عنها، لاسيما وأنها تلتزم بمعايير القانون الدولي والإنساني.
ورغم ذلك فهذان التقريران يكشفان عمق المأساة من جهة وهي وحدها دليل عن ورطة الاحتلال والمحنة التي يعيش ضحاياه تداعياتها المباشرة، من جهة أخرى. وفي تأكيدهما على الصورة القاتمة والكارثية التي رصداها في العراق بعد خمسة أعوام عجاف بكل ما تعنيه الكلمة من معنى اكبر برهان على العدوان وجريمة الحرب التي تقوم على ارض العراق اليوم.
ليس هذان التقريران لهاتين المنظمتين وحدهما اللذان يؤكدان كارثية الأوضاع في العراق، ففي تصريحات كثيرة لأكثر من مسؤول أميركي وبريطاني وغيرهما إشارات كثيرة متقاربة عما توصلا إليه، وهي كلها تعري مصداقية الإدارة وكل من حالفها. ويأتي تقرير البنتاجون إضافة جديدة لأدلة العدوان والإصرار على الحرب والاحتلال والتهرب من المسؤولية التاريخية فيها. وبعد كل هذه التقارير والأوضاع ما زال الاحتلال جاثما ويبحث عن مخارج له في معاهدات طويلة الأمد وقواعد استراتيجية وهيمنة إمبراطورية، ولكن ماذا تعني كل هذه التقارير أمام وقائع الحال في العراق اليوم وغدا؟......!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
الجهاد سوف يتوالى في العراق
حافظ الشيخ صالح
اخبار الخليج البحرين
هذا بلد غير مستقر، ولم يعرف قَطّ الاستقرار في تاريخه كله، اللهم إلا في عهد الخلافة العبّاسية لماماً، ولذلك فليس من موجب أو مسوّغ أنْ تفرح الآن بالتفاحة التي قطفها لهم من الشجرة الأمريكان ووضعوها في أيديهم، في مفارقة غير مدهشة، وغير عجيبة، مع الصراع بين الإمبرياليتين العالمية الأمريكية والاقليمية الإيرانية، فالطرفان يعرفان في أعماقهما، وفي ضمائرهما وسرائرهما، أنّ الخطر عليهما، وعلى الكيان الصهيوني، إنما هو «المصبّ الرئيسْ«، أيْ أهل السنة والجماعة، وهذا «المصبّ الرئيسْ« هو عدوهما المشترك وحفّار قبورهما.
لا تزال أجندة الجهاد مترعة في العراق، على الرغم من روايات الأمريكان والصفويين عن عودة بعض الأمن الى البلاد، وعن اجتثاث بعض قواعد المجاهدين ومرتكزاتهم، وهي أجندة مديدة بعيدة الأمد، طويلة الأنفاس، ففي الغد عندما يندحر الأمريكان نهائيا، يبقى الجهاد ماضياً متوالياً ضدّ قواعدهم التي أقاموها، أو سوف يقيمونها، وضدّ عملائهم ووكلائهم الذين أنابوهم عنهم في السطوة على البلاد، وتحويل ثروات النفط الى شركات أمريكية لها وجود، مباشر وغير مباشر، في الادارة الأمريكية. وفوق كل ذلك يبقى الجهاد من جانب «المصبّ الرئيسْ« ماضياً ضد الوجود الفارسي والسطوة الصفوية وتغلغل الايرانيين في أعصاب البلاد وسيطرتهم على قرارها ومقدراتها، فها هنا ليس أسوأ من الأمريكان سوى الصفويين، فهؤلاء يعتدون على العقيدة ويهدّدون الإيمان، وبغضهم لأبناء الغالبية، غالبية الإسلام، يطاول الجبال ويملأ البحار. فهو إذن جهاد ذو دربين وذو وجهتين: فهو ضدّ الأمريكان (ومعهم الموساد والصهاينة)، وهو في الوقت نفسه، ولكنْ بخاصة في استطرادات الأشواط، ضد الوجود الفارسي والسطوة الصفوية. فلن يرتاح ألبتة الأمريكان (والصهاينة) ولا الصفويون في عراق الغد القريب، فالأغلبية، أيْ أغلبية الاسلام في العراق، تستيقظ من جراحها وتنهض من كبوتها وتشحذ من جديد سيفها من نبوته، وهي تستعد للجهاد من جديد، لتطرد الاستعمار بشقّيه: الاستعمار الأمريكي/ الصهيوني، والاستعمار الفارسي/ الصفوي. وغد قريب، والصبح قريب، والجهاد ماضٍ ومتوالٍ، فلا يفرحن أنصار الأمريكان والصفويين بهذه الساعة، بل السّويعة العابرة، ولا يسكرن بنشوة هذا اليوم القصير العابر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
البقعة الساخنة
احمد ضوا
الثورة سوريا
لم يشأ الرئيس الاميركي جورج بوش في اخر خطاب له بذكرى احتلال العراق الا ان يتوج خطابة بكذبة ( تحقيق الانتصار ) الذي ما زال صعب المنال و فقا للمصادر العسكرية الاميركية . كذبة ادعاء الانتصار لم و لن تكون الاخيرة في سجل هذه الادارة المتخم بالكذب على الشعب الاميركي و العالم الذي بدأ يقاوم عولمة الكذب الاميركية.
-نسأل ما هي المقومات التي دفعت بوش لاعلان الانتصار في العراق ? ان كان تهجير ملايين العراقيين داخل بلادهم و خارجها من هذه المقومات نحن نسلم بذلك !!.‏
و اذا كان تدمير البنية التحتية و كل مقومات الحياة العراقية جزءا من الأزمة نحن نبصم بذلك !!‏
ايضا اذا اعتبرت ادارة بوش ان مقتل حوالي مليون عراقي جزء من النصر فلاشك فيه !!‏
و اذا كانت التظاهرات التي عمت المدن الاميركية لتطالب بسحب القوات الاميركية من العراق في الذكرى الخامسة للغزو تندرج في اطار المقومات فالعالم كله يقر بذلك !!.‏
واخيرا و ليس اخرا اذا كان بوش يدرج كراهية شعوب الأرض للولايات المتحدة جزء اً من العملية فالامر يجمع عليه العالم .‏
واقع الحال يقول: ان بوش يعيش في واد وقادته العسكريين في اخر . فالقائد للقوات الاميركية و يليام فالون استقال او اقيل من منصبه لان آراءه و معلوماته حول العراق لا تتفق مع ما يدعيه بوش و كذلك تصريحات الكثير من القادة الميدانيين في العراق التي تجزم بأن النصر بعيد المنال كثيرا ادخلت التوتر و العصبية الى شخصية بوش اكثر من مرة حيث باتت مصطلحات ( اختلال التوازن في الجيش الاميركي , الكابوس العراقي , فقدان الإرادة على القتال , انكسار الروح المعنوية , عدم الكفاءة , الهزيمة الأمريكية ) السمة العامة لمعظم التقارير السرية للبنتاغون حول العمليات العسكرية في العراق .‏
بوش يتوهم النصر كما توهم استقبال العراقيين لجيشه المحتل بالورود و الزغاريد و لكن الوهم لم يصبح يوما حقيقة والمشروع الاميركي سائر الى الفشل و ليدع بوش الانتصار الى نهاية الزمن .‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
مقيدون في العقدة العراقية
فريد زكريا
اليوم السعوديو
ثمة مفارقة في الوضع الحالي في العراق . قيل لنا : إن زيادة عدد الجنود حققت نتائج رائعة وإن العنف تراجع إلى حد كبير. ومع ذلك يجب إرجاء خطة خفض عدد القوات ــ التي كانت في صلب استراتيجية زيادة العدد عند الإعلان عنها ــ وإلا ينفجر الجحيم من جديد . من الضروري أن نحاول فهم هذه المفارقة، لأنه في بعض النواحي الأساسية، لا تتحسن الأمور في العراق، وإذا لم تبدأ التحسن قريبا، فسوف تكون الولايات المتحدة أمام احتمال مريع يتمثل بإدارة عملية حفظ سلام مستمرة ــ مع تواصل سقوط الضحايا ولو بأعداد محدودة ــ في السنوات المقبلة.
في أغسطس 2007، كتب ديفيد كيلكولن، وهو ضابط أسترالي متمرس قدّم الاستشارة للجنرال ديفيد بترايوس في الأيام الأولى من زيادة عدد الجنود، في مقال لامع جرى تداوله على نطاق واسع بعنوان « تشريح ثورة قبلية » : « معضلتنا في العراق كانت ولاتزال إيجاد طريقة لهندسة سياسة أمنية مستدامة لا تتطلب « بقاء التحالف داخل العقدة »، مما يؤدي إلى نشر الاستقرار في العراق ويسمح للتحالف بأن يفك ارتباطه في ظروف مواتية ». لقد حققنا بعض الأمن في العراق، ولكن حتى هذا الأمر يجب ألا نعطيه أكثر مما يستحق . ( لايزال العنف عند مستويات 2005 التي كانت مروّعة جدا )، إلا أننا لم نبنً هندسة أمنية مستدامة. كيف يمكن بناء آلية ذاتية الاكتفاء تقود إلى الاستقرار؟ هل نحتاج إلى مزيد من الجنود؟ إلى فترات مناوبة أطول؟ يشير كيلكولن في اتجاه مختلف : « يتطلب إخراج التحالف من العقدة ونقله إلى موقع « الإشراف العام » إرساء توازن بين مجموعات المصالح المسلحة المتنافسة على المستوى الوطني والمحلي » . بعبارة أخرى، يجب أن نساعد على التوصل إلى اتفاق سياسي توافق المجموعات العراقية المختلفة بموجبه على العيش معا وعدم هيمنة الواحدة على الأخرى. ويوضح كيلكولن : « ليست هذه المجموعات في حالة توازن في الوقت الراهن، وأحد الأسباب هو التحيز المذهبي لبعض اللاعبين والمؤسسات في الدولة العراقية الجديدة، مما يعزز اعتقادا لدى السنة أنهم سيكونون الضحايا الدائمين للعراق الجديد. ويوجد هذا الاعتقاد مساحة للمجموعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم القاعدة في العراق، وتقود هذه المجموعات بدورها دورة عنف تبقي العراق غير مستقر وتمنعنا من فك الارتباط».
أمام الفورة الأخيرة في التفجيرات الانتحارية، يتساءل المرء إذا كانت تلك الدورة تبدأ من جديد . فالتشنجات المذهبية في العراق لم تسجل تحسنا ملحوظا، وباتت المليشيات السنية ــ التي بدّلت مواقعها في الأشهر الستة الأخيرة ــ تشعر ببعض الثقة حيال الولايات المتحدة، لكنها لا تثق في الجيش العراقي. وتشير التقارير إلى أنه مع اكتساب الجيش العراقي قوة أكبر وتدريبا أفضل وحصوله على أسلحة أغلى ثمنا ــ من دون تقاسم أي من هذه الأشياء مع السنة ــ ينتاب هؤلاء قلق متزايد بأنهم اتخذوا قرارا سيئا . ففي محافظة ديالى التي هي من المحافظات الأساسية، توقف آلاف المنتمين إلى مجموعات « مواطنون محليون معنيون » عن العمل الأسبوع الماضي احتجاجا على الممارسات المذهبية للشرطة المحلية وقائدها . لقد أطلق ضباط أمريكيون وعودا متواصلة بأن عددا كبيرا من المنتمين إلى مجموعات « مواطنون محليون معنيون » سيحصل على وظائف في الجيش النظامي والشرطة، لكن لا يبدو أنها تتحقق بالسرعة المطلوبة . وفي الوقت نفسه، أرجئت مرة أخرى الانتخابات الجديدة في المحافظات التي يطالب بها السنة وعدد كبير من المجموعات الشيعية منذ سنوات . وحذّر الميجور جنرال جون كيلي، قائد القوات الأمريكية في محافظة الأنبار، علنا من أنه إذا لم تُنفَّذ الوعود وتُجرَ هذه الانتخابات في الأول من أكتوبر، فقد يؤدي هذا إلى مزيد من العنف.
وردت بعض الأخبار الإيجابية في الأسابيع القليلة الماضية. لكن لدى النظر عن كثب، يتبين أنها دعاية أكثر منها تعبيرا عن الحقيقة . فقد جرى صوغ قانونَين، الأول يبطل اجتثاث البعث والثاني يمنح عفوا محدودا للمتمردين السابقين، بكلمات تجعل الكثير يتوقف على طريقة تطبيقهما، من جانب الحكومة الشيعية. ولا شك في أن السبب وراء تحويل هذه التطمينات إلى قانون ملزم هو أن السنة لا يثقون كثيرا في النوايا الحسنة لتلك الحكومة وإنصافها . فعندما تعد بغداد بإدارة عوائد النفط بحكمة وإنصاف، لكن دون قانون يملي عليها بالضبط ما يجب فعله، فإن كلامها لا يولد شعورا بالثقة والارتياح لدى السنة والأكراد.
أقر تقرير رفعه البنتاغون إلى الكونغرس الأسبوع الماضي بأن « تطبيق المكونات الأربعة لقانون المواد الهيدروكربونية متعثر »، وأُقًرّ قانون انتخابات المحافظات لكنه لقي رفضا آنذاك من مجلس الرئاسة، لاسيما نائب الرئيس الشيعي عادل عبد المهدي الذي يدير حزبه الآن الجزء الأكبر من جنوب العراق ولا يريد أن يجازف بخوض انتخابات جديدة . تجدر الإشارة إلى أن إقرار القوانين لم يحصل إلا بعد أشهر من المشاحنات الحادة، مما أدى إلى التعادل 82 ـ 82 في عدد القوانين التي أُقرّت وتلك التي رُفضت كسره رئيس مجلس النواب السني محمود المشهداني. وأخيرا، لا تلبّي كل هذه الإجراءات التي ذكرتها سوى ثلاثة أو أربعة من المعايير الـ « 18» التي وضعتها حكومة المالكي وإدارة بوش للحكم على التقدم في تطبيقها.
قد يكون تفاقم العنف والتشنجات في محافظة ديالى ومؤشرات أخرى مماثلة مجرد تعرجات وانعطافات في المسار العراقي المضطرب . وعلى الأرجح فإنه سيُنظَر إليها بهذه الطريقة في الأجواء الحالية من التهنئة الذاتية في واشنطن. لكنها قد تكون مؤشرا أيضا على أن مهندسي زيادة عدد الجنود ــ وعلى رأسهم الجنرال بترايوس ــ كانوا محقين منذ البداية عندما قالوا : إن هدف الانتشار العسكري هو كسب الوقت ليحقق العراقيون تقدما سياسيا. وبعد عام على زيادة عدد الجنود وخمسة أعوام على اندلاع الحرب، لم تتحسن تلك المقاييس، لهذا يبقى الجنود الأمريكيون مقيدين « في العقدة » بالعراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
خمسة أعوام على غزو العراق.. اعتذار لحلم العراق الحر!!
عبدالله القفاري
الرياض السعودية
خمسة أعوام مرت على غزو العراق، والأحداث لا تقاس بعامل الزمن وحده، إنما تقاس بآثارها، والحدود الفاصلة بين العصور التي تخلفها، والمراحل التي تعلن الدخول إليها.
اعتذر للقارئ في البدء عن تلك الأماني التي كنا نقرؤها حلماً بين عصرين. لم تكن المسألة حينها تهويناً من فعل الغزو الأمريكي للعراق، إنما كانت مراهنة على قدرة العراق على التحول الإيجابي من عصر الإلغاء والدولة الشمولية التي احتبست على حالة توقف وحصار وعذابات الى عصر دولة قانون وتوافق وحريات ودستور. لم تكن المسألة حينها مفاضلة بين حالة نظام يلفظ أنفاسه الأخيرة، وحالة غزو فاجع تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تحت يافطات التسويق الاستخباراتي وتحت شتى الذرائع، وهي تخفي أجندة الغزو في مكان آخر، وتسوّق له تحت عناوين أخرى. كانت المسألة بالتحديد المراهنة على قدرة العراق للخروج من كارثة الغزو إلى دولة أكثر احتراماً لحق الإنسان بالحياة، إلا أن الحلم أحياناً يتجاوز تحت ضغط التوقف والاستبداد والاحتباس، حقائق الواقع وقوى الصراع وخلفيات المشهد.
بعد هذا الاعتذار، ماذا تعني تلك الأحداث الجسام بعد خمسة أعوام من الغزو. لقد أكدت تلك الأحداث ومسلسل التراجع في الحالة العراقية، وحالة العطب السياسي في المنطقة العربية.. ما يلي:
- أكدت أن المنطقة ستظل المجال المفتوح لصراع القوى الكبرى، ولم تكن الحالة العراقية سوى المشهد الطافي على سطح الأحداث. إنها المختبر الكبير الذي تتم فيه هذه المواجهة اليوم. وهي تنقل آثارها إلى بلدان أخرى كنوع من تداعيات الضغط على مشروعات متضاربة، ولا يمكن لأي منها أن يسلم للآخر بسهولة.
قدر هذه المنطقة من العالم أن تعيش عقوداً وهي ميدان صراع. كان في الماضي يبدو صراعاً غير مباشر. النظام الدولي الذي خلفه تفكك الاتحاد السوفيتي السابق، والأخطاء الجسام التي ارتكبها النظام العراقي بغزو الكويت، وظهور منظمة القاعدة التي تخفي ما هو أبعد وأكبر من حجم القاعدة أو رموزها الظاهرة - وهي أداة لا يمكن لها أن تعيش بعيداً عن أجندة الصراع، إلا أنها تتوهم أنها فعل الصراع الأول - والحرب على الإرهاب، وهو العنوان الذي يسوّق لجمهور لا يقرأ سوى عناوين الفعل اليومي دون ادراك تركيبات المشهد المعقدة. كل هذا غطى على مشهد بالغ التعقيد لا تفسره سوى أجندة أكبر وأكثر تعقيداً، والأخطر أن تكون المنطقة بقواها المحلية، هي مادة الصراع ووقوده مهما دفعت تلك القوى الغازية أو المشاركة من تكاليف مادية أو بشرية. انها في المستوى الأخير تدفع ثمناً لكنه أقل بكثير من مكاسبها، واهون بكثير من العطب الذي أصاب المنطقة.
هناك عاملان، هما عناوين الصراع مهما اخفت الحالة من ملامح الحرب على الإرهاب. الأول النفط، والآخر أمن إسرائيل. في العامل الثاني تتفق القوى الكبرى على حماية الكيان الإسرائيلي إلى درجة التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والقوى الغربية الفاعلة على مستوى التأثير، مع اختلاف درجات الفعل ودرجات التأثير ومستوى المعالجة. في العامل الأول تبدو تحت السطح حالة صراع بين القوى الكبرى على قدرتها على السيطرة بشكل أو بآخر على ثروة المنطقة النفطية، التي لا يمكن لها عملياً - حتى اليوم - أن توفر بدائل مناسبة تحل محل هذه الطاقة الرخيصة والفعالة، ناهيك عن عوائدها الضخمة.
على من يقرأ حالة الصراع في المنطقة أن يربطها بالمصالح الاقتصادية وهي الإبقاء على قدرة التأثير والاستحواذ على مصادر وعوائد الطاقة دون أي نوع من التهديد. والأمر الآخر أمن إسرائيل كهدف استراتيجي، حيث ربطت تلك القوى نفسها في إطاره حتى لا ترى لها مصلحة كبرى سوى من خلال دعم هذا الكيان وضمان تفوقه والتأثير من خلاله، بغض النظر عن معادلة الاختلال في موازين قوى الصراع المحلية أو الإقليمية.
كل تحليل سياسي لا يأخذ هذين العاملين بعين الاعتبار، ويسرف في بحث التفاصيل، ويتعلق بالظواهر اليومية ومشاهد الحدث، لن يكون قادراً على فهم حالة صراع ما زالت في أوجها، ولم تعلن، ولا يتوقع أن تعلن قريباً حالة انتصار أي طرف فيها.
في الحالة العراقية تبرز مشاهد الدم اليومي والتفجير والتدمير والرفض والمواجهة، لكن تخفي تلك الحالة أطراف الصراع الحقيقي ووقوده ومدده وعلاقاته وأهدافه.
- أكدت الحالة العراقية والعربية عموماً بعد خمس سنوات من الغزو، أن الواقع الثقافي والسياسي العربي يحمل داخله هشاشة كبرى في مواجهة الأزمات، ويحمل بذور التفتيت أكثر من عوامل البقاء على لحمة الدولة والكيان. أي أن المحيط العربي الداخلي عند أي حالة اختبار لقدرته على التماسك يؤكد فاجعة اكتشاف حجم تشرذمه وقدرته الفائقة على تفتيت نفسه من الداخل إذا تعرض لضغوط الخارج. انبعاث الحالة الطائفية في العراق وفي لبنان حمل هذا المضمون لواجهة الأحداث. لم تقو الدولة العربية خلال عقود على بناء لحمة داخلية عبر واجهات التحديث، كانت أولويتها قسر الواقع لصالح قمع التناقضات الداخلية بالقوة، ولم تفعل الكثير من أجل مصالحة التناقضات لوجه الدولة والوطن. هاهي الحالة العراقية عنوان كبير لهذا المختبر، واليوم الحالة اللبنانية تتحرك في ذات المسار. يتحول الصراع الدولي في المنطقة والتي تشارك فيه القوى الإقليمية إلى استيلاد التكوينات الطائفية في مواجهة حالة صراع، لا مراكمة فعل وطني تلتقي فيه القوى الاجتماعية والسياسية والدينية على حالة دفاع عن مشروع وطن يتسع للجميع.
- كشفت أيضاً سنوات الغزو وتداعياتها، القراءة الهشة في أجندة الكثير من المثقفين العرب، وغياب المفاهيم الكبرى التي تعبر عن الإطار الأوسع في مهمة المثقف الحر. فالتسويق إما أن يكون لأجندة الغزو على طريقة رفض قوى الممانعة والمقاومة بالكلية والتبشير بالمشروع الأمريكي، أو على طريقة تمجيد وتنزيه أي قوى تعلن عن نفسها قوى مقاومة دون فرز أو استقصاء ودون فهم الإطار الذي تتحرك فيه، فهذه القوى في الحالة العراقية تحديداً والتي تستهدف الشارع العراقي البائس لا تبشر بمشروع إنساني أو قيمي أو قادر على الحياة. المقاومة لحالة الغزو فعل طبيعي ومشروع لكن في غياب الأفق السياسي والتركيز فقط على بقاء تلك المقاومة موجعة فقط وقادرة على الانهاك حتى لو طالت المفاصل الرخوة في المجتمع المتشرذم أصلاً والمفكك واقعاً، يضع الأسئلة الكبرى أمام عقل غير قابل للاستلاب وغير مهيأ لتسرقة مشاهد التفجير الذي يطال بسطاء الناس لا سواهم، دون أن يكون خلف كل هذا معادلة صراع، وقد تتحول المقاومة التي لا نعرف الكثير عنها إلى حالة جهاد عن الغير ولصالح الغير، مهما كانت النوايا حسنة والشعارات جميلة. انها تلبيسات تطال وعي المواطن العربي، فلا تعرف هل هو سعيد بمشاهد الخلل في تداعيات حالة عربية منهكة للجميع، أم هو رافض لها وباق على حلمه الذي انهار أمام أزمات أخرى تطال يومياته لا سواها.
القراءة في الحالة العراقية بعد خمسة أعوام من الغزو الأمريكي تستحق أن يتحرر القارئ، من سطوة المشهد اليومي للبحث في جذور الأزمات لا في ابتعاثاتها اليومية. الحالة تستدعي من القارئ أن يتجاوز حالة الهتاف بمع أو ضد، لفهم من يقف وراء تلك الحالة التي لا تعلن عن نفسها سوى بدوي التفجير والقتل لكنها تخفي أجندة خاصة، ولن تستقر الحالة العراقية على مشهد يمكن قراءته بسهولة إلا في حالتين: اتفاق بين قوى الصراع الكبرى على تقاسم غنائم الغزو، أو تضعضع إحدى تلك القوى لصالح الأخرى إلى درجة التسليم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
27
احتلال العراق.. إلى أين هذا الجنون؟
د. عبد الرحمن الحبيب
الجزيرة السعودية
كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد صرح قبيل الاحتلال الأمريكي للعراق أنها لفترة قصيرة، ثم تنتهي المهمة بسلام، مثله في ذلك مثل مزاعم مشعلي الحروب في كل الأزمنة.. لكن ها هي عذابات العراقيين دخلت عامها السادس.. وها هو بوش يعلن قبل أيام:
(أن القوات الأمريكية ستعمل دون كلل لملاحقة الإرهابيين، وسيكون هناك قتال عنيف في الأسابيع القادمة..).. إنها أسابيع.. فترة قصيرة مرة أخرى!!؟
منذ القدم أثبتت التجارب أنه يمكن بسهولة بداية الحرب، لكن لا يمكن التكهن بنهايتها ولا بنتائجها.. والاحتلال الأمريكي للعراق بدأ بكذبة، ويستمر بقاؤه على كذبة تلو أخرى.. وفيما أكد بوش أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر أمنا والعالم أصبح أفضل بعد الإطاحة بصدام حسين، فإن واقع الحال يوضح بجلاء أن العالم أصبح أكثر اضطرابا، وأن الضمير العالمي أصبح أقل إنسانية.. أما منطقة الشرق الأوسط فإنها غدت في فوضى مرعبة وتواجه مجهولا أكثر رعباً..
هل صحيح أن العالم أصبح أفضل باستخدام القوة العسكرية؟ وهل حلَّ الهجوم العسكري أية أزمة في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل الديموقراطية يمكن جلبها بالجيوش وبالاحتلال الأجنبي؟ لا الاحتلال الأمريكي، ولا الاجتياحات الإسرائيلية على لبنان أو غزة، ولا الهجوم الأثيوبي على الصومال ولا التهديد بضرب إيران.. كلها لم تثمر سوى مزيد من المآسي والفوضى، ناهيك أنها لا تستند على أية شرعية دولية أو أخلاقية.
مسلسل التخبط الأمريكي مستمر، لقد أشعل اليمين الأمريكي المتطرف الحرب، ولم يعرف ما بعد ذلك سوى الإخفاق تلو الآخر.. فلم تكتف الحرب بمجرد الإطاحة بنظام، بل تم إسقاط الدولة بكاملها تقريبا؛ بدءاً بإسقاط الجيش والشرطة وتاليا بتدمير كافة المؤسسات الأخرى.. وحتى عند إنشاء حكومة مؤقتة وقتئذ، لم يكن لها قوة على أرض الواقع وبالتالي لم تمتلك القدرة والإمكانات لإدارة شؤون البلد، سوى مكانة التبعية لقوات الاحتلال.. وعندما تشكل مجلس الحكم كان وصفة للإثارة الطائفية والقومية والاحتراب الداخلي وتكريس الخلافات عبر نظام المحاصصة على أساس مذهبي وعرقي وليس على أساس وطني..
وحاليا وإلى هذه اللحظة لا يثير مؤتمر المصالحة الوطنية سوى الشفقة في ظل سوء الأوضاع وتراكم الخلافات.. فما الذي يمكن أن يفعله هذا المؤتمر إذا كان الغائبون أو المغيبون عنه أكثر من المشاركين؟ وهنا، يتساءل نائب رئيس قسم الأبحاث في أيغروثغلوبال بواشنطن: ما الذي نفعله الآن للتحرك نحو الأمام؟ لأننا لا نستطيع أن نعمل أي شيء بصدد التكاليف التي حدثت، ولا نسمع أشخاصا يتكلمون عن ذلك!
لقد اتضح عدم وجود خطة أو استراتيجية مع بداية الحرب، ولا يوجد مثل ذلك حتى الآن، كما صرح السناتور الديموقراطي تشارلز شومر بأن الإدارة الأمريكية تفتقر لاستراتيجية لخروج القوات الأمريكية وليس لديها خطة واضحة للمصالحة الوطنية ولا حساب للتكاليف الاقتصادية! حتى وصل الأمر أن تتباين وجهتا النظر بين الجمهوريين والديموقراطيين في مسألة العراق لهذه الدرجة، فيما اعتدنا عدم وجود خلاف مهم في السياسة الخارجية بينهما، في الوقت الذي يعد به المرشحان الديموقراطيان باراك أوباما وهيلاري كلنتون بسحب القوات الأمريكية من العراق..
وبالمقابل فإن أكثر ما يردده اليمين الأمريكي هو التحذير من الفشل في العراق باعتباره خطراً على الولايات المتحدة وتهديداً لمصالحها واحتمال تعرضها للهجوم من قبل أعدائها.. وينتقد هؤلاء اليمينيون كل نقاد هذا الاحتلال ودعاة الانسحاب من الديموقراطيين، بأنه لا يوجد لدى هؤلاء سوى نقد لاذع بلا حلول واضحة! ولكن ما الذي يمكن طرحه عدا النقد الحاد للإدارة الأمريكية الحالية؟ وهل ثمة أمل في هذه الإدارة بأن تستفيد من الدروس، وتتراجع عن سياستها التي كبدت المنطقة خسائر جمة؟ لا يبدو في الأفق إلا تأكيد الجمهوريين على الاستمرار في الاحتلال حتى لو اقتضى الأمر بقاء الاحتلال مئة عام في العراق، كما صرح المرشح الجمهوري جون مكين.. يا لهذه الحرب، عندما بدأت قيل إنها لأسابيع وأصبحت لأجيال!
لم يكن المشروع الأمريكي مدمراً للعراق فقط، بل كان مدمراً للتوازنات الهشة في المنطقة.. كانت إيران تعاني من جارين ثقيلين شرقاً وغربا.. طالبان في أفغانستان وصدام في العراق، فأزاح المشروع الأمريكي هذين الجارين لكي تتنفس إيران الصعداء، ويمتد تنفسها إلى أبعد من محيطها.. ومع لعبة المحاصصة الطائفية والعرقية في العراق واحتقان المنطقة كان لإيران أن تعلن وجودها الاستراتيجي كلاعب أساسي بالمنطقة، وهذا حقها الذي وفره لها المشروع الأمريكي دون أن يدري أو يدري..
هنا تدخل إيران بمفهومها الديني المحافظ للسياسة، ويتراجع الإصلاحيون في إيران، ويغدو المزاج الانفتاحي للأطراف الأخرى في المنطقة العربية ضعيفا أمام احتقان المشاعر والمد المحافظ الإيراني الذي يستدعي مدَّا محافظا معاكسا في المنطقة العربية، وهذا يفسر - جزئيا - عودة الروح للفكر الأصولي في المجتمعات العربية، ويتضح أكثر في الدول ذات التمثيل البرلماني كما في الكويت والأردن ومصر.. إذ يحق للمجتمعات التقليدية أن تناقض المشروع الأمريكي الذي لم تر منه غير الدمار، ويحق لها أيضا أن تخشى المشاريع الوليدة الناشئة منه، خاصة الطموح الإيراني.. يحق لها أن تخاف من خلل التوازن الذي اعتادت عليه، عندما يكون هذا الخلل تهديداً لوجودها.
إلى أين تسير المنطقة؟ يستمر طرح السؤال الصعب الذي يواجه الجميع: ما العمل؟ الانسحاب الفوري للقوات الأمريكية يعد وصفة لمزيد من الفوضى.. البقاء لأجل غير محدد يكرس الفوضى، وينشر مزيداً منها لدول الجوار، ناهيك أنه غير شرعي وغير إنساني! الانسحاب المجدول والمبرمج لا تظهر له خطط واضحة في ظل النزاع الداخلي ونفوذ المليشيات والتدخلات الأجنبية وضعف الحكومة الحالية.. إن الاعتقاد بأن ثمة حلاً بدون خسائر كبيرة هو وهم كبير.. كل الحلول المطروحة تتضمن خسائر فادحة، لذا يتعدل السؤال إلى: أي الخيارات أقل فداحة؟
وفيما تحل الذكرى الخامسة لاحتلال العراق ثقيلة وكريهة على الجميع، هل تستطيع الإدارة الأمريكية الحالية أن تصيغ لنا حلا، طالما أنها هي التي صنعت الكارثة؟ لا رجاء في هذه الإدارة ولا فرص متاحة معها للسلام في الشرق الأوسط، ولن تسنح هذه الفرص إلا بقدوم إدارة جديدة عقلانية تراعي مصالح دول المنطقة واحترام مشاعر شعوبها، وتتفق مع القوى العالمية والإقليمية في توحيد عقلاني لوضع خطط سلام واضحة تشمل مواجهة العنف والتطرف من قبل كافة الأطراف في المنطقة بما فيها العنف الإسرائيلي.
alhebib@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
28
العراق... حرب ضائعة في متاهات السباق الرئاسي
نعوم تشومسكي
الاتحاد الامارات
لا يزال العراق مصدر قلق كبير بالنسبة للأميركيين، لكنه ليس إلا مجرد مسألة ثانوية في الديمقراطية الحديثة. منذ فترة قليلة، اعتبر البعض أنه من البديهي أن تكون الحرب على العراق في صلب الحملة الرئاسية، كما كانت عليه في الانتخابات النصفية سنة 2006. إلا أن الملف العراقي تبخّر في الهواء، ما أثار موجة من الارتباك بين الأميركيين. لكن ما من ضرورة للارتباك.
لامست صحيفة "وول ستريت جورنال" هذه الحقيقة عندما عنونت مقالة في الصفحة الأولى تناولت معركة "الثلاثاء الكبير" في الانتخابات التمهيدية بالتالي:"تركيز الناخبين على عامل الشخصية يُهمّش الملفات المحورية في معركة 2008"، أي بعبارة أخرى، إن تركيز المرشحين والمسؤولين في الأحزاب ووكالات العلاقات العامة ذات الصلة على عامل الشخصية يُهمّش الملفات المحورية في معركة 2008، كالمعتاد، ولأسباب صائبة، ذلك لأن الشعب الأميركي- إن وضعنا جانباً عدم درايته بالحياة السياسية- يمكن أن يشكل خطراً على السياسيين.
بما أن تكاليف الحرب بدأت تتصاعد بحدة، تبيّن بسرعة أن الأميركيين كافة يعارضون الحرب بشدة منذ انطلاقها، لكن بصمت عميق.
بحسب النظرية الديمقراطية التقدّمية، ينبغي للشعب - الذي يضمّ "أفراداّ جُهّلا ودخلاء فضوليين"- تأدية دور"المشاهد" لا "المشارك الفعلي" في أي عمل مرتبط بالحياة السياسية، كما كتب "والتر ليبمان".
أما المشاركون الفعليون فهم يدركون تماماً أن الحزبين "الديمقراطي" و"الجمهوري" لا يأبهان بآراء الناس حول سلسلة من الملفات المحورية، وأن الرأي العام يبقى ثابتاً ومتساوقاً على مرّ السنين، وهو ما أشارت إليه الدراسة المُجدية التي أجراها "بنجامين بيج" و"مارشال بوتن" حول ابتعاد السياسة الخارجية عن الرغبة الحقيقية للأميركيين، والتي حملت عنوان "فورين بوليسي ديسكونيكت". وانطلاقاً من هذه الاستنتاجات، تبرز ضرورة إلهاء الرأي العام عما هو مهم وتوجيه انتباهه باتجاه مواضيع أخرى.
العمل الفكري الحقيقي في العالم هو من اختصاص نخبة من الأفراد المستنيرين، أما الآراء المشتركة، فتتجلى في الأفعال أكثر منها في الكلام، علماً أن البعض عمد إلى تفسيرها، إذ قال الرئيس الأميركي السابق وودرو ويلسون، على سبيل المثال، إنه يتعين تسليم السلطة لنخبة من النبلاء يحملون "قيماً سامية" صوناً للاستقرار والمبادئ الأخلاقية، وذلك تماشياً مع رؤية الآباء المؤسسين للولايات المتحدة. وفي عصرنا هذا، تحوّل هؤلاء النبلاء إلى "نخبة من التكنوقراط" و"مُفكري كاملوت" ومحافظين جدد في إدارة بوش الثاني "من أتباع الفيلسوف الأميركي ليو شتراوس"، وغيرها من التركيبات. لكنّ أسباب اختفاء العراق عن الشاشة ينبغي ألا تكون مُبهمة لهؤلاء الروّاد الذين يرفعون عالياً القيم السامية وتقع على عاتقهم مسؤولية إدارة المجتمع والعالم. وقد فسّر المؤرخ الشهير "أرثور شليسينجر" هذه الأسباب ذاكراً موقف "الحمائم" قبل أربعين سنة عندما كانت عملية اجتياح الولايات المتحدة لجنوب فيتنام في عامها الرابع، وكانت واشنطن تتحضر لإرسال مئة ألف جندي إضافي لينضموا إلى المئة والخمسة وسبعين جندياً الذين حوّلوا جنوب البلاد إلى حطام. وفي هذه الفترة، كان الاجتياح الذي نظّمه الرئيس كيندي يواجه مجموعة من المشاكل ويفرض نفقات طائلة على الولايات المتحدة، لذا بدأ شليسينجر وغيره من الليبراليين من أنصار كيندي بالتحوّل، على مضض، من "صقور" إلى "حمائم".كتب "شليسينجر" في سنة 1966 أننا بالطبع "نصلي جميعاً" ليكون "الصقور" على حق بقولهم إن الحملة العسكرية ستؤول إلى "إلغاء المقاومة"، وفي حال تمّ ذلك، "قد نتمكن جميعاً من توجيه التحية إلى حكمة الحكومة الأميركية ورياديتها" في كسبها الحرب من جهة، وترك البلاد من جهة أخرى ممزقة ومدمرة بالقذائف ومحروقة بقنابل النابالم، محولةً إياها إلى أرض قاحلة نتيجةّ للترسبات الكيميائية، إلى أرض من الدمار والخراب" سحقت الحرب "نسيجها السياسي والمؤسساتي". إلا أن التصعيد لن يجدي ثماراً، وسيفرض تكاليف باهظة على دولتنا. لذا، قد يكون من المفيد إعادة بلورة استراتيجيتنا. وبما أن تكاليف الحرب بدأت تتصاعد بحدة، تبيّن بسرعة أن الأميركيين كافة يعارضون الحرب بشدة منذ انطلاقها (لكن بصمت عميق). منطق نخبة المفكرين الأميركيين والسلوك المصاحب له مستمران اليوم من دون أي تغيير على التفسيرات المتعلقة بالاجتياح الأميركي للعراق. وعلى الرغم من أن الانتقادات التي توجه ضدّ الولايات المتحدة بسبب الحرب على العراق أقسى بكثير وأوسع نطاقاً من الانتقادات التي أصابت أميركا خلال حربها على فيتنام في أي من مراحلها، فإن الأفكار التي ذكرها "شليسينجر" لا تزال تتردد في وسائل الإعلام والتفسيرات السياسية. والمثير للاهتمام هو أن "شليسيجر" نفسه اتخذ موقفاً مختلفاً تماماً من الحرب على العراق، وكان فعلياً الوحيد في وسطه لتبني مثل هذا الموقف. وعندما بدأت القنابل تنهار على العاصمة العراقية، كتب هذا الأخير أن "سياسات بوش شبيهة على نحو مقلق بتلك التي انتهجتها اليابان تحت وطأة النزعة الإمبريالية في "بيرل هاربر"، وهو تاريخ لا يزال يشكل وصمة عار حتى الآن، كما توقعه رئيس أميركي سابق. كان فرانكلين روزفيلت على حق. لكن اليوم، نحن من يشكل وصمة عار".مسألة ما إذا أضحى العراق أرضاً من الدمار والخراب، لم تعد موضع جدل اليوم. ومؤخراً، قامت الوكالة البريطانية "أكسفورد ريسورتش بيزنيس" المعنية بإجراء استطلاعات الرأي بتحديث تقديراتها حول الأعداد الإضافية للقتلى، رافعةً إياها إلى 1,03 مليون قتيل، باستثناء محافظتي كربلاء والأنبار اللتين شهدتا أعلى نسب أعمال العنف في البلاد.
وبغض النظر عما إذا كان هذا الرقم صحيحاً أم مبالغاً فيه بحسب ما يزعمه البعض، فإن عدد الضحايا في الحالتين كلتيهما من أفظع ما يكون، ودعنا لا ننسى ملايين المشردين داخلياً. وبفضل سعة صدر الأردن وسوريا، ما كان بالإمكان إنقاذ حياة الملايين من اللاجئين الهاربين من الدمار في العراق والذين نجد بين صفوفهم معظم أفراد الشرائح المهنية.
دمر الاقتتال الطائفي العراق، وتعرضت بغداد وغيرها من المناطق العراقية لحملات عنيفة من التطهير العرقي، وتُركت بين أيدي جنرالات الحرب والميليشيات التي شكلت محور استراتيجية مكافحة التمرّد التي بلورها الجنرال "بترايوس"، واشتهر من خلالها إثر نجاحه في إعادة الاستقرار إلى مدينة الموصل حيث يدور اليوم بعض أفظع أعمال العنف على الإطلاق. ومؤخراً، أصدر "نير روسن" أكثر الصحافيين التزاماً واطلاعاً على مجريات الأمور في العراق بين مجمل الصحافيين الذين ساهموا في تغطية هذه المأساة المروّعة، مقالاً صغيراً تحت عنوان "موت العراق" في مجلة "كارنت هيستوري"، كتب فيه "دُمّر العراق وحُرم إمكانية النهوض من الأنقاض". ويضيف قائلاً:"إن الاجتياح الأميركي أكثر فظاعةً من ذلك الذي نفّذه المغوليون في العراق في القرن الثالث عشر"، وهي وجهة نظرة يتشاطرها العراقيون كافة. ويتابع:(الحمقى وحدهم يتحدثون عن "حلول" اليوم. ما من حلول في العراق ولربما أن الأمل الوحيد المتبقي يقتصر على احتواء الضرر). على الرغم من الكارثة الحالّة بالبلاد، لا تزال مسألة العراق مُهمشّة في الحملة الرئاسية، وهو أمر طبيعيّ نظراً لضيق نطاق آراء نخبة "الصقور" و"الحمائم". فالليبراليون يؤيدون منطقهم وسلوكهم التقليدي، ويصلّون لكي يكون الصقور على حق، ولكي تكسب الولايات المتحدة فوزاً في أرض من الدمار والخراب، محققةً "الاستقرار"، تلك الكلمة المشفّرة التي تعني الرضوخ لإرادة واشنطن. وبصورة عامةً، يتمّ تشجيع الصقور، وإسكات الحمائم على وقع التقارير التي تلقي الضوء على انخفاض أعداد الضحايا. وفي شهر ديسمبر الماضي، بثّت "البنتاجون" أخباراً سارة آتية من العراق إثر دراسة شملت مجموعات من العراقيين من كافة أنحاء البلاد وخلصت إلى أن لهؤلاء "قواسم مشتركة"، مما يعني أن المصالحة الوطنية ممكنة، على عكس ما يزعمه بعض الجهات المعادية للاجتياح. أما القواسم المشتركة فتمثلت في فكرتين، الأولى هي أن الاجتياح الأميركي هو السبب وراء العنف الطائفي الذي مزّق العراق، والثانية هي أن على الغزاة الانسحاب وتسليم العراق للعراقيين. بعد مرور بضعة أسابيع على صدور تقرير البنتاجون، أعدّ "مايكل براون"، الخبير العسكري في شؤون العراق من صحيفة "نيويورك تايمز"، دراسة مُقنعة وشاملة حول الخيارات المتعلقة بالسياسة الأميركية في العراق والمتاحة أمام المرشحين الرئاسيين. إلا أن صوت العراقيين يغيب دائماً عن النقاشات المطروحة. وأراؤهم ليست مرفوضة، بل بكل بساطة غير جديرة بالذكر. ويبدو أن أحداً لا يتنبه لهذا الواقع. غير أن ذلك منطقياً إذا أخذنا في الاعتبار الاعتراف الضمني الذي يطبع كافة الخطابات حول الشؤون الدولية ومفادها أن "العالم ملكنا، فلماذا الاهتمام بآراء الآخرين؟" فهؤلاء "ليسوا من طينة البشر"، لتكرار التعبير الذي استخدمه المؤرخ الدبلوماسي البريطاني "مارك كورتس" في إطار كتابه عن جرائم الحرب التي اقترفتها بريطانيا. واليوم، ينضم الأميركيون إلى العراقيين في فئة الناس الذين ليسوا من طينة البشر. وآراء الأميركيين، شأنها شأن آراء العراقيين، لا تقدم أي خيارات يُعتدّ بها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
29
سنوات خمس.. وماذا بعدها
امين المشاقبة
الشرق قطر
يدخل الاحتلال الأمريكي للعراق عامه السادس دون أن تتحقق الأهداف التي أعلنت في السابق من إيجاد نظام ديمقراطي يشكل إنموذجاً في المنطقة، وتدمير أسلحة الدمار الشامل التي لا وجود لها وغيرها من الأهداف، فما الذي حصل في هذه الدولة؟ منذ اللحظة الأولى لدخول القوات الأجنبية وإسقاطها النظام السابق، سعت إلى الحفاظ على منابع النفط والثروة النفطية ووزارة النفط من السلب والنهب وتركت كل شيء آخر معرضا لكل أشكال النهب والسلب، ودبت الفوضى في كل أرجاء البلاد، وبدأت تظهر التقسيمات العرقية والطائفية والمذهبية على الساحة، مما أدى لإلغاء وتدمير وانهاء حالة التماسك الاجتماعي لكافة مكونات المجتمع، بمعنى انه تم تفكيك المجتمع إلى أصوله المذهبية أو العرقية، بالإضافة إلى تفكيك مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية «الجيش العراقي» الذي هو عماد الأمن، فلم يعد الأمن والاستقرار سائدين وحلت محلهما الفوضى والخراب والقتل والتدمير للإنسان والبنى التحتية، فلم تعد هناك كهرباء، أو ماء، أو غذاء إلى غيره من الأشياء والاحتياجات الأساسية لدولة يزيد عدد سكانها على 25 مليون مواطن قتل منهم وحسب تقديرات مختلفة ما بين 550 ألف و650 ألف ومائتي مواطن، ويضاف لذلك أعداد الجرحى، إذ يقابل كل قتيل ثلاثة جرحى، ناهيك عن أعداد النازحين واللاجئين التي وصلت ما يزيد على خمسة ملايين مواطناما نازح في بلدة أو لاجيء في بلاد أخرى. ومما جرى كذلك تدخل إقليمي خارج من إيران، إسرائيل، تركيا وغيرها من القوى التي لها مصالح سياسية أو اقتصادية، ومذهبية على أرض العراق، خمس سنوات مرت دون أن يتحقق الأمن والسلام والاستقرار، ودون أن تتحقق الديمقراطية الموعودة ومازال الأمن غائباً نسبياً، والمصالحة الوطنية بعيدة المدى والمهجرون بعيدين عن ديارهم، والفوضى الخلاقة تفعل مفاعيلها بأيدي العراقيين أنفسهم ولا يوجد بصيص أمل في الطريق الموحش والظلم والملون بلون الدم الأحمر القاني في كل الطرقات ويتبع ذلك صمت عربي شامل وأحياناً يصبح همساً على استحياء وكل الذي جرى للعراق كنموذج للنظام العالمي الجديد استند إلى منع أي قوة من السيطرة على المنطقة، تحجيم أو تدمير أي دولة تناهض الرؤى والمواقف الأمريكية، ضمان تدفق النفط والسيطرة على احتياطي عالمي يصل إلى 112 مليار برميل، والحفاظ على أمن وبقاء وتفوق إسرائيل في المنطقة.
إن من دفع ويدفع الثمن لهذه الحالة هو المواطن العراقي الذي عاش 5 سنوات عجاف وربما هناك خمس سنوات أخرى، ولا أحد يعرف ماذا بعدها؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
30
خمس سنوات وماذا بعد؟
عائشة المري
الاتحاد الامارات
بدأ الغزو الأميركي- البريطاني للعراق في 19 مارس 2003 بضربات عسكرية على بغداد لتسقط العاصمة وتسقط معها حكومة من ورق، ليعلن بعدها الرئيس الأميركي جورج بوش انتهاء الحرب في مايو 2003، ويدخل العراق مرحلة التدويل بقرار من مجلس الأمن حمل رقم1546 في 8 يونيو 2004، معلناً أن احتلال العراق سينتهي في 30 يونيو من العام ذاته، وأن القوة متعددة الجنسيات ستبقى في العراق حتى نهاية عام 2005. ومن حينها ومجلس الأمن الدولي والحكومة العراقية يمددان ويدعمان وجود القوة متعددة الجنسية سنوياً. وبعد مرور خمس سنوات على الغزو الأميركي- البريطاني للعراق وإسقاط حكومة صدام حسين، لازالت الأوضاع الأمنية خطيرة وتحقيق حلم واحة الديمقراطية الشرق أوسطية أبعد ما يكون، حيث تشير الأرقام الرسمية وتقارير المنظمات الحكومية وغير الحكومية إلى أوضاع أكثر من مأساوية.
إحصائيات منظمة الصحة العالمية، تشير إلى أنه مابين مارس 2003 ويونيو 2006 قُتل 151,000 شخص، خمس سنوات خلفت أربعة ملايين لاجئ وخمسة ملايين مهجر داخل الوطن. وبسبب نمو النزعات الطائفية والعرقية، حصدت الحرب الأهلية الطائفية ما يزيد عن نصف مليون عراقي، ويذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية بأن العراق يعد إحدى أخطر الدول في العالم، وأن وضع حقوق الإنسان "كارثي" فكل الأطراف المتصارعة سواء القوات الأميركية أو الميليشيات المسلحة أو قوات الأمن العراقية والقوات الأجنبية ومقاولي الأمن الأجانب، قد ارتكبوا انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لقد أنتجت الحرب حتى اللحظة دماراً لم ينقشع ضبابه إلا عن بلد خراب.
صعب أن نرسم لوحة من التفاؤل بعد خمس سنوات عجاف من العملية السياسية التي لن تؤدي إلا إلى انقسام العراق إلى دويلات طائفية.
وبمناسبة مرور خمس سنوات على الحرب، يُفردُ تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر عرضاً لأوضاع العراق سمي "العراق، أزمة إنسانية لا تلين"، يشير إلى أن الوضع الإنساني في أجزاء كثيرة من البلاد هو الأسوأ في العالم. وتحت عناوين جانبية متتالية، يمضي التقرير برصد أوضاع مأساوية لآلاف العراقيين والخدمات العامة في العراق معتمداً على استنتاجات وملاحظات عامة لموظفي اللجنة الدولية. ويبلغ عدد موظفي الصليب الحمر في العراق 600 بينهم 72 موظفاً أجنبياً. وقد خصصت اللجنة ميزانية سنوية تبلغ 106 ملايين دولار. وينتقل التقرير إلى جزئية أخرى، فتحت عنوان "عائلات مشردة"، يصف أوضاع العائلات العراقية خاصة النساء، إذ تعتبر اللجنة أنهن الأكثر تضرراً من الحرب، فعدم معرفة ما حدث للزوج، تضع النساء في وضع فريد، فهن لسن زوجات ولا أرامل، إنما في منزلة بين الأمرين لغياب المعرفة بما حدث للزوج، وتؤكد اللجنة على "حق المعرفة" وعلى واجب الدول في الكشف عما جرى للمفقودين وإبلاغ أسرهم.
ويذكر التقرير بأن عشرات الآلاف من العراقيين قد اختفوا منذ بدء الحرب عام 2003، وأن "العديد من ضحايا العنف الحالي لم يجر التعرف عليهم لأن نسبة قليلة جداً من الجثث التي يعثر عليها تسلم إلى السلطات الطبية القضائية.
يفرد التقرير فصلاً للحديث عن نظام الرعاية الصحية العراقي، مشيراً إلى أنه نتيجة لسنوات العقوبات والنزاعات المسلحة حتى قبل 2003 تدهورت حالة مرافق الرعاية الوقائية والعلاجية والتغذية والتعليم الصحي، وبعد خمس سنوات على بداية الحرب مازال العراقيون يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية، وبسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة، تفيد مصادر عراقية رسمية بأن أكثر من 2200 طبيب وممرض قتلوا كما جرى اختطاف 250 منذ عام 2003. ومن بين الأطباء المسجلين البالغ عددهم 34 ألفا عام 1990، غادر البلاد ما لا يقل عن 20 ألفاً. ويخلص التقرير إلى أن نظام العناية الصحية العراقي، هو الآن أسوأ من أي وقت مضى.
أما عن الماء، فمازال "قليلاً ومن نوعية سيئة" حسب تقرير اللجنة، ولا يزال الملايين من العراقيين يعتمدون على مصادر مائية غير صحية. ومع تزايد الاحتياجات أصاب الانهيار مرافق الماء والصرف الصحي منذرة بخطر حقيقي يكمن في تلوث ماء الشرب بمياه المجاري غير المعالجة، وتفشي مرض الكوليرا في العام 2007، هو مؤشر على الخطر الوشيك الذي يواجهه العراقيون. وإذا لم تتم صيانة البنية التحتية على نحو ملائم وتوعية الناس بخطر استهلاك الماء غير المعالج، ستزداد الأمور تدهوراً، حيث استمر انقطاع الكهرباء بصورة متكررة، بسبب تدهور شبكة الإمداد بالكهرباء. وفيما تبلغ معدلات درجة الحرارة 50 درجة مئوية صيفاً، لا تتلقى هذه المناطق سوى ساعة واحدة من الكهرباء في اليوم. هي أزمة إنسانية لا تلين بالفعل، ويخلص التقرير إلى أنه لابد من تكثيف الجهود من أجل تلبية احتياجات العراقيين اليومية، فالأولوية لتوفير الرعاية الصحية والكهرباء والماء النقي بانتظام لكل عراقي، إضافة إلى كل ذلك توفير الأمن.
وتذكر منظمة "أوكسفام" في تقرير لها بأن 70 بالمائة من العراقيين يفتقرون إلى مياه الشرب الآمنة، وأن 43 بالمائة منهم يعيشون على ما يوازي أقل من دولار واحد في اليوم، فيما نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً عن الأوضاع بالعراق معنون بـ"العراق: خمس سنوات من المجازر واليأس"، ترسم فيه المنظمة صورة سوداوية عن الأوضاع الإنسانية في العراق، مشيرة إلى أن وضع حقوق الإنسان بلغ حدوداً كارثيةً، إذ أدى تقاعس الحكومة العراقية عن التحقيق الفعال في الحوادث العديدة لانتهاكات حقوق الإنسان - سواء التي ارتكبتها قوات الأمن أو الميليشيات - وتقديم المسؤولين إلى العدالة من الوضع السائد في العراق.
وصرح "مالكوم سمارت"، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن"إدارة صدام حسين كانت مضرب مثل في انتهاكات حقوق الإنسان". وأضاف:"لكن خليفتها لم تمنح الشعب العراقي متنفساً على الإطلاق.".
ترسم التقارير الدولية صورة مأساوية كارثية لعراق ما بعد صدام حسين، فأي مستقبل ينتظر العراق، صعب أن نرسم لوحة من التفاؤل بعد خمس سنوات سياسية عجاف من العملية السياسية التي لن تؤدي إلا لانقسام العراق إلى دويلات طائفية في ظل أطول عملية عنف أهلي وطائفي، فهل بلغت الأزمة العراقية ذروتها؟ هل من بصيص أمل؟ نقول تفاؤلاً القادم أسوأ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
31
جهل ماكين يعني استمرار الكارثة)
جهاد الخازن
الحياة بريطانيا
اذا فاز جون ماكين بالرئاسة الأميركية، لا سمح الله، فستكون الولايات المتحدة والعالم أمام ولاية ثالثة لجورج بوش.
ما سبق رأيي الشخصي، غير أنه أيضاً رأي أميركيين كثيرين، فالسناتور من اريزونا الذي انتزع ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة يفاخر بأنه سيكون رئيس حرب، وهو على استعداد للبقاء في العراق مئة سنة، وخوض حروب أخرى، وقد دعا الى قصف ايران.
الأميركيون الذين يعارضون دخوله البيت الأبيض بدأوا يطلقون عليه أسماء اخرى، وقد قرأت McSame أي الشيء نفسه (كبوش)، و McShame بمعنى العيب، و Mclnsane، بمعنى مجنون.
القراء العرب تابعوا تصريحاته في اسرائيل، فهو معها الى درجة المزايدة على جورج بوش، وبصراحة لا أهتم بهذه التصريحات كثيراً، فهي في سنة انتخابية ما يتوقع من كل مرشح، وماكين قد يراوغ أو ينسى، أو يكذب، في قضايا أخرى الا أنه مع إسرائيل، ومع كل حل عسكري فهو «بطل» أميركي لأن طائرته اسقطت في فيتنام وأسر وعذب، لا لأنه انتصر في أي حرب.
باص حملته الانتخابية يرفع شعار الكلام الصريح (دوغري بالعامية)، ولكن هل يستحق ماكين سمعته كجمهوري يميني مستقل يقول الحقيقة دائماً؟
هو عارض خفض بوش الضرائب، ولكن أيد بقاءها منخفضة الى أجل غير مسمى، وهو عارض ادراج تحريم زواج الجنس الواحد في الدستور، الا أنه يؤيده على أساس الولاية، وهو طلب العفو عن المهاجرين غير الشرعيين، الا أنه صمت أخيراً في وجه اشتداد المعارضة لهم. وكان مع الإجهاض وأصبح ضده أو يفضل الصمت. وهو أيضاً ضد التعذيب ويريد إغلاق معتقل غوانتانامو، كما إنه يعارض التنقيب عن النفط في الاسكا، ويدافع عن البيئة.
غير أن أكثر ما يقلقني فيه هو موقفه من العراق، فهو ينطلق في التعامل معه من قناعات لم تغيرها زياراته المتكررة له، وقد رافقه في رحلته الأخيرة السناتور جو ليبرمان، وهو إسرائيلي بالكامل يعادي العرب والمسلمين، وقد أيّد الحرب على العراق ولا يزال، والسناتور لندسي غراهام، وهو جمهوري من ساوث كارولينا، وأيضاً من أنصار الحرب.
الزيارة بالتالي لم تكن لمعرفة أمر جديد، بل لإعطاء المرشح الجمهوري فرصة لترديد قناعاته المعروفة.
ماكين أيّد الحرب منذ البداية، ولكن عندما لم تسر كما يشتهي هو والإدارة أعلن أنه مع الحرب وضد ادارتها، ورأيه أن الانسحاب يعني انتصار القاعدة لذلك فهو ضده. ولعل من القراء من سمع بتصريحه الغريب في الأردن عن أن ايران تساعد القاعدة، ما جعل ليبرمان يهمس في أذنه، فيصحح نفسه ويقول إنها تساند التطرف.
جهل جورج بوش أدّى الى تدمير العراق وقتل مليون من أهله، وجهل ماكين يعني استمرار الكارثة، فهو لا يبدو كمن يفهم أن السنّة ضد الأميركيين، والشيعة مع ايران، والأكراد مع أنفسهم، ويعتقد بأن الغزو نجح وستقوم في العراق ديموقراطية. ويتجاوز اخطاءه فقد أصبح يقول إنه كان يعرف أن الحرب ستكون طويلة وصعبة، مع أن له تصريحات مسجلة تتحدث عن نصر سريع ونجاح وامتنان الشعب العراقي.
اليوم جون ماكين هو مرشح الجمهوريين للرئاسة، والحديث بالتالي هو عن الرجل الذي سيختاره نائباً للرئيس، أو المرأة وقد ورد اسم ميت رومني، وكذلك مايك هاكابي الذي كان آخر منافس حقيقي له. وقد زعم هاكاني أن ماكين قاد حملة شريفة لأنه رجل شريف، وهذا على رغم ما تراشقا به من وحل، ورد ماكين واصفاً هاكابي بكلمة «صديقي» مع أنهما لم يكونا صديقين يوماً.
سرني أنني لم أقرأ بين الأسماء المتداولة للمنصب الثاني اسم ليبرلمان، فهو مثل أن يكون نائب الرئيس الأميركي ارييل شارون أو بنيامين نتانياهو. وهو لا يصلح لأنه وماكين تجاوزا السبعين، والمرشح للرئاسة في حاجة الى مرشح شاب نسبياً يقف الى جانبه، وقد سمعت اسم مارك سانفورد، حاكم ولاية كارولينا الجنوبية، الذي يصف نفسه بأنه «يميني مجنون».
غير أن الاسم الذي يتردد أكثر من غيره هو اسم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، فهي توفر كل ما ليس عند ماكين، مع أنها أخطأت كثيراً في عملها فأساءت تقدير حجم الإرهاب قبل 11/9/2001، وسارت في سياسة العراق المدمرة، وتجاهلت الصراع العربي – الاسرائيلي حتى فات الأوان.
اعترف بأنني حاولت وفشلت، فلم أجد في إدارة محتملة لجون ماكين أي بادرة خير أو رجاء، غير أن الصورة لا تكتمل من دون الحديث عن مستشاريه فهم من أسوأ نوع ممكن في كل ما له علاقة بالعرب والمسلمين. وأكمل غداً.

ليست هناك تعليقات: