Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الخميس، 27 مارس 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات الاحد 23-03-2008


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
خواطر عراقية في الذكري الخامسة للغزو الأمريكي
د. سعد الدين إبراهيم
المصري اليوم مصر
تجمعني بالعراق ذكريات وروابط ومواقف متعددة، وقد استضافني مؤخراً الإعلامي اللامع جاسم العزوني، في برنامجه الأسبوعي علي شبكة الجزيرة الإنجليزية «في داخل العراق».
وكان ذلك بمناسبة الذكري الخامسة للغزو الأمريكي للعراق، وقد شاركني كضيف لنفس الحلقة عالم الذرة العراقي، وصديق الدراسة، الدكتور عماد خدوري. ولم أكن قد رأيته منذ ثلاث وثلاثين سنة. وكان اللقاء مفعماً بالمشاعر، وكانت حلقة البرنامج نفسها غنية وحزينة.
وكانت خلاصة ما انتهينا إليه في الحلقة هي أنه مهما كانت خطايا نظام صدام حسين، وهي كانت عظيمة وفادحة للعراق والأمة العربية، فإن خطايا الغزو الأمريكي للعراق كانت أعظم وأفدح.
في نهاية البرنامج، أعدت احتضان د. عماد خدوري، الذي زاملته وصادقته هو وشقيقه الأكبـر د. وليد خدوري، في الولايات المتحدة، وبيروت وعمان، وبغداد، كما تعرفت علي والدهما الطبيب يعقوب خدوري ووالدتهما الفاضلة ماري يوسف عباجي طيب الله ثراهما.
كان الوالدان والأبناء نموذجاً لأسرة مهنية، وطنية وعروبية حتي النخاع. صحيح أن السنوات الأولي لتعرفي بوليد (١٩٦٣-١٩٦٧) كانت بيننا منافسة حامية الوطيس، عمن يقود الطلبة العرب في الولايات المتحدة وكندا.
كان وليد مسؤولاً عن التشكيلات الطلابية لحزب البعث العربي الاشتراكي في أمريكا الشمالية بينما كنت أنا في تلك السنوات أقود الطلبة الناصريين، ومعظمهم مصريون، وحلفاءهم من القوميين العرب.
ووصلت هذه المنافسة أقصاها في انتخابات منظمة الطلبة العرب (OAS) في تلك السنوات. وقد نجحنا ـ كناصريين ـ في انتخاب رؤساء ناصريين للمنظمة، هم علي التوالي نبيل شعث، وأسامة الباز، وسعد الدين إبراهيم.
ولكن جاءت هزيمة ١٩٦٧ قاصمة لنا جميعاً ـ ناصريين وبعثيين وقوميين. وبدأت مرحلة جديدة من المراجعات، كان أهمها هو قرارنا بالالتفاف حول النضال المسلح الذي كانت تقوده منظمة التحرير الفلسطينية، بأجنحتها المختلفة.
وقررت أنا ووليد خدوري معاً الالتحاق بالجبهة الديمقراطية، التي كان يقودها نايف حواتمة، ورحلنا إلي عمان، تحت غطاء العمل لإنشاء الجمعية العلمية الملكية. وظللنا مع المقاومة في الأردن إلي أن وقعت الأحداث المأساوية بين المقاومة والسلطات الأردنية، فيما عّرف باسم «أيلول الأسود»، فخرجنا معها إلي سوريا، ومنها إلي بيروت.
رأينا معاً، أخطاءً فادحة لأجنحة منظمة التحرير في الأردن، ثم في لبنان ـ من فتح للجبهتين الشعبية والديمقراطية. ولكن المنظمة كانت قد أصبحت مع ذلك الوقت (١٩٧٠) مثل «البقرة المقدسة»، التي لا ينبغي المساس بها.
وطالما تبادلنا النظرات الانتقادية الصامتة، دون التصريح بالكلمة المنطوقة أو المكتوبة. وعملت أنا ووليد خدوري معاً مرة أخري في بيروت مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، تحت قيادة المفكر الفلسطيني الكبير د.وليد الخالدي، في أوائل السبعينيات.
ثم مع حرب أكتوبر، وما تحقق فيها من إنجاز، عسكري ومعنوي واقتصادي، صعد نجم صدام حسين، الذي كان وقتها نائباً للرئيس العراقي أحمد حسن البكر.
واستدعي صدام عدداً من رفاق الدرب البعثيين الذين كانوا يعيشون خارج العراق، للمساهمة فيما أسماه هو استراتيجية «التنمية الانفجارية» للوطن العربي كله، بدءاً بالعراق. والتأمت نفس المجموعة من نشطاء الطلبة العرب في السبعينيات، وحزمت حقائبها مولية وجهها نحو العراق، تحت قيادة العالم الفلسطيني القدير د.أنطوان زحلان.
والتقينا دورياً بالرفيق صدام حسين، الذي طلب منا المساعدة في إعداد وتنفيذ خطة خمسية لتنمية القوي البشرية العليا، بحيث يكون لدي العراق من العلماء والمهندسين، قدر ما لدي إيران (الجارة الشرقية) وتركيا (الجارة الشمالية) مجتمعتين.
وحينما شرحنا له الاستحالة العلمية لذلك، نظراً لأن سكان العراق كانوا فقط ثلث سكان إيران، وثلث سكان تركيا، أي تُسع سكان البلدين مجتمعين، رد علينا صدام بأن قاموسه لا يحتوي علي كلمة "استحالة"، أو كلمة «مستحيل»، وأنه استدعانا للعراق لكي نجد الطرق والوسائل للتنفيذ!
وكان ما اهتدينا إليه، بعد طول جدال، هو اعتبار أبناء الأمة العربية جميعاً، هم القاعدة السكانية للعراق. وبالتالي، أصبحت الخطة هي كيفية جذب علماء ومهندسين عرب إلي العراق للتوطن فيه، والحصول علي جنسيته لمن يرغب، مع حزمة مغرية من الحوافز المادية.
انتهينا من إنجاز الخطة، وبدأ آلاف المهندسين ومئات العلماء يتوافدون علي العراق من منتصف السبعينيات. وتركت أنا العراق عائداً إلي مصر بعد غيبة ثلاثة عشر عاماً وقد تصادف وجودي في سجن مزرعة طره أثناء الأحداث التي ستؤدي إلي غزو العراق. وكنت أتابع الأحداث بقلق شديد، وطالما استرجعت حواراتنا ـ نحن مجموعة الخبراء العرب ـ مع صدام حسين،
وكيف انسقنا في السبعينيات بدوافعنا العروبية النبيلة، إلي الإسهام في تنمية العراق، ثم ها أنا أري أننا في الواقع قد أسهمنا في خلق مستبد أعظم، لم تر العراق مثله منذ الحجاج بن يوسف الثقفي، بل ولم تر المنطقة بأسرها مثله منذ هولاكو، وجنكيز خان.
ومع كل ألمي في محبسي، إلا إنني بادرت بكتابة رسالة، سمحت إدارة السجن بخروجها، إلي صدام حسين، أنبهه فيها إلي جدية التهديدات الأمريكية. وأن الكونجرس حينما يعطي ضوءاً أخضر، بالموافقة علي اعتمادات طلبها الرئيس الأمريكي، فإن ذلك هو الخطوة الأخيرة قبل شن الحرب.
وأن هذا هو نفس السيناريو الذي حدث مع جورج بوش الأب، قبل اثني عشر عاماً. واقترحت علي صدام حسين وقتها (نوفمبر ٢٠٠٢) أن يتخلي عن السلطة طواعية لأحد القيادات الحزبية أو العسكرية، وأن يغادر العراق هو وأسرته إلي أحد سبعة بلدان، كنت قد أخذت موافقة سفرائها في القاهرة، حينما كانوا يأتون لزيارتي في السجن.
أكثر من ذلك حصلت الناشطة الحقوقية الإيطالية، إيما بونينو، Emma Bininono علي نسخة من نفس الرسالة، وأضافت إليها فقرة، وافقت عليها فوراً، تدعو أمريكا للتراجع في المقابل عن خططها لغزو العراق. وقامت الناشطة الإيطالية، التي أصبحت فيما بعد وزيرة التجارة والشؤون الأوروبية في إيطاليا، بجمع توقيعات مئات الشخصيات العامة في العالم،
بما في ذلك عدد من أصحاب نوبل علي هذه الرسالة المزدوجة ـ لصدام للتخلي عن السلطة، ولجورج بوش للتراجع عن الغزو. وقد نشرت الرسالة في عديد من الصحف العالمية والعربية (منها «وطني» المصرية و«الوطن» السعودية)، ولكن لا استمع لنا صدام وتخلي، ولا جورج بوش وتراجع. والبقية هي تاريخ معروف للقراء.
لقد ظللت إلي آخر لحظة وأنا أتشبث بالأمل، خاصة بعدما حكمت أعلي محاكم الديار المصرية ـ ببراءتي من كل التهم التي وجهها إلي النظام، يوم ١٨ مارس ٢٠٠٣، ولكن فرحتي بالبراءة ورد الاعتبار، لم تطل أكثر من ٢٤ ساعة، ففي اليوم التالي لحكم البراءة ـ أي ١٩ مارس ٢٠٠٣ ـ بدأ الغزو الأمريكي للعراق ولم يصمد نظام صدام أكثر من أسبوعين، وبدأ الدمار المادي والخراب المعنوي لهذا البلد العريق.ومع ذلك فإن العراق الذي أنجب أمثال وليد وعماد خدوري، وجاسم العزوني، والشعراء العظام من أمثال الزهاوي والرصافي، وحيدر النوري ونازك الملائكة، لا بد أن ينهض من جديد. وربما كان غزو العراق في ٢٠٠٣، مثل الحملة الفرنسية علي مصر عام ١٧٩٨، وقد قاوم المصريون الغزاة الفرنسيين، كما يقاوم العراقيون الغزاة الأمريكيين اليوم. وخرج الفرنسيون، كما سيخرج الأمريكيون. وكما كانت الحملة الفرنسية بداية النهضة المصرية الحديثة، فربما يكون الغزو الأمريكي هو بداية نهضة عراقية جديدة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
صحوة مؤقتة
سلوي حبيب
الاهرام مصر
بخلاف الأيام الماضية التي خرج فيها الأمريكيون للإحتجاج علي حرب العراق في ذكراها الخامسة‏,‏ كانت أخبار الحرب قد توارت عن وسائل الإعلام الأمريكية طوال عدة أشهر‏,‏ حتي بلغت نسبتها‏3%..‏ لم تعد موضع اهتمام المواطن الأمريكي ـ‏6%‏ فقط كانوا يتابعونها‏.‏ و‏28%‏ فقط كانوا يدركون أن عدد ضحاياهم اقترب من أربعة آلاف قتيل و‏80‏ ألف مصاب‏..‏ كثيرون لم يعلموا أن الضحايا العراقيين بلغوا مئات الآلاف‏,‏ علاوة علي ملايين المهجرين والمشردين‏..‏
وأن تكلفة الحرب الشهرية تبلغ‏12‏ مليار دولار‏,‏ والتكلفة الاجمالية قد تصل الي ثلاثة تريليونات دولار‏,‏ لم يدرك الكثيرون أن تلك الحرب دمرت اقتصادهم‏,‏ ورفعت سعر البترول الي الرقم المخيف الحالي‏,‏ وقضت علي المشروعات الخدمية بالداخل‏..‏ وكاد الأمريكيون أن ينسوا ما قيل لهم عن أهداف غزو العراق‏..‏ وهم معذورون‏..‏ فالبيانات الرسمية المضللة بلغت‏935‏ بيانا‏,‏ ليس من بينها هدف الوصول الي آبار البترول‏..‏ فلماذا كان هذا التجاهل في وقت مازالت تراق فيه دماء الأمريكيين والأبرياء العراقيين؟
ربما لأن حملة الانتخابات التاريخية بما تشيعه من إثارة وبهجة وتطلع للتغيير نجحت في شد اهتمام الأمريكيين ولأن الأزمة الاقتصادية التي تهدد بإغراق البلاد في مرحلة كساد فرضت نفسها علي الإعلام والمواطنين‏..‏ ولأن الهدوء النسبي علي ساحة القتال أبعد أخبار الحرب عن دائرة الاهتمام‏..‏ وقد يكون الملل من التكرار اليومي لنفس الأخبار جعل من التفجيرات والمعارك والضحايا علي الجانبين أمرا عاديا‏..‏ أو ربما هي محاولة مقصودة لمحو ذكراها الأليمة من الأذهان‏.‏
ثم إن الحرب ليست من الموضوعات المحببة لدي مرشحي الرئاسة‏..‏ المرشح الجمهوري ماكين الذي يصر علي مواصلة الحرب حتي النصر‏..‏ مشغول بقضية الاقتصاد أولا‏..‏ والمرشحان الديمقراطيان يصران علي الانسحاب الفوري دون دراسة متعمقة‏.‏
أليست الذكري الخامسة لتلك الحرب المشئومة فرصة لإنعاش الذاكرة ومناقشة مصيرها؟ إن الأسئلة التي يجب طرحها هي‏:‏ أين نحن الآن وإلي متي؟ هل أمامنا سنوات طويلة كما يتوقع القادة الأمريكيون؟ هل ستملك الإدارة المقبلة الإرادة والقدرة علي إنهائها بكرامة أو مواصلتها؟ حتي النصر كيف سيكون الوضع حينما ينتهي تفويض مجلس الأمن للقوات الامريكية نهاية هذا العام؟ش
ولكن اذا ما ابتعدت الذكري واستمر هذا التجاهل‏,‏ فسوف يفضل الأمريكيون المرشح الذي يركز علي الأزمة الاقتصادية وليس من يخلصهم من حرب العراق‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
استقالة فالون كشفت الفجوة بين العسكريين والسياسيين الأمريكيين
د. عبد العاطي محمد
عمان العمانية
«ما أزعج بوش ورفاقه بشكل أكبر أن صرامة فالون الشديدة وآراءه المضادة ألقت بظلالها على الانتخابات الأمريكية حيث تلقفها الديمقراطيون وأشادوا بها وراحوا يكيلون المديح لفالون بوصفه صوت العقل والحكمة المفقود عند بوش وإدارته الجمهورية حسب تعبيرهم، ومن المنطقي أن يفسر بوش وحزبه الجمهوري الموقف على أنه رسالة مضادة للحزب في الانتخابات ستعمل لصالح الديمقراطيين، ومن ثم يجب أن يخرج من اللعبة سريعا».
كشفت استقالة الأدميرال ويليام فالون قائد المنطقة الأمريكية العسكرية الوسطى عن عمق الأزمة التي تمر بها إدارة الرئيس بوش بعد نحو 8 سنوات من استعمالها للقوة في تنفيذ أهداف السياسة الخارجية. كان من الممكن أن تمر الاستقالة دون ضجيج، بل وتتحول لصالح الرئيس وإدارته أو يجرى احتواء الموقف كما حدث من قبل في أكثر من أزمة بين العسكريين والسياسيين في الإدارة الأمريكية الحالية كان من أبرزها الخلاف مع قيادة المخابرات الأمريكية عقب حرب العراق واتهامها بتقديم معلومات خاطئة للرئيس والمحيطين به. ولكن موقع فالون الوظيفي بوصفه قائد المنطقة التي تشمل العراق وأفغانستان وباكستان، والأجواء التي أحاطت باستقالته أضفى كل منهما قدرا عاليا من الإثارة والسخونة على هذه الاستقالة وجعلها مثالا بارزا على التخبط لدى الإدارة الأمريكية منذ نحو عامين إثر الفشل في تحقيق الأهداف الأمنية للحرب في العراق وتجدد العنف في باكستان واستمرار العمليات العسكرية لبقايا نظام طالبان في أفغانستان، وتصاعد المواجهة بين واشنطن وطهران.
لم يكن فالون يتوقع أن يؤدي نشر مقال في مجلة «سكواير» يصفه بأنه الرجل الوحيد في الإدارة الأمريكية الذي يعارض شن الحرب على إيران، إلى ضجة تطيح به من هذا المنصب الرفيع، فقد كان خلاصة لقاء تم بينه وبين أحد الصحفيين الذين رافقوه في زيارة كان قد قام بها إلى مصر، وتم نشره وسط موضوعات أخرى مصورة لا تبدو مهمة للسياسيين في مجلة منوعات بين صور نساء شبه عاريات!.. وقد كتب بارنت كيف في المقال إن فالون قال له إنه في ورطة بعد أن نشرت صحيفة مصرية مقالا يستبعد قيام الولايات المتحدة بالهجوم على إيران، وعندما سأله الصحفي إذا ما كان ذلك الاستبعاد هو بالاتفاق مع البيت الأبيض، أطرق برأسه إيجابا. وما أقلق وزير الدفاع روبرت جيتس والرئيس بوش هو تعليق المجلة على هذا المقال عندما توقعت رحيل فالون وزادت بأن الرحيل المبكر للأدميرال سيؤذن ببدء الاستعدادات لشن حرب على إيران، انطلاقا من تقديرها بأن التخلص من فالون يعني أن واشنطن قررت شن هذه الحرب. وقد سارع فالون بنفي النتيجة التي توصلت إليها المجلة وحاول أن يقلل من جدوى المقال، كما حاول نفي وجود أي خلافات في التوجهات بينه وبين الرئيس بوش، ولكنه كان قد توصل إلى قناعة بأن الأمر في مجمله أحدث إرباكا في مرحلة حرجة يعرقل جهود القيادة في المنطقة الوسطى، ولذا قرر الاستقالة وقيل إن جيتس قبلها على مضض. ولكن هناك من يرون أن المقال كان فقط السهم الأخير في علاقته المتوترة أصلا مع الإدارة منذ أن تولى المسؤولية في يناير .2007 فقد تحدثت عنه وسائل الإعلام الأمريكية مرارا طوال هذه الفترة القصيرة من الزمن بأنه من معارضي شن حرب على إيران مؤيدا في ذلك بآراء عدد كبير من القادة العسكريين لاقناعهم جميعا بأن حربا كهذه ستضر كثيرا بمصالح أمريكا في العالم الإسلامي. وكان قد سبق له أن أدلى بحوار لقناة الجزيرة طالب فيه بأن يتوقف البيت الأبيض عما سماه بقرع طبول الحرب وأن يركز بدلا من ذلك على أشياء أكثر بنائية في المنطقة تصب في تحقيق الحاجات الملحة للناس.
والغريب أن فالون وهو الرجل العسكري المحنك لم يكن مختلفا مع الرئيس بوش ولا مع وزير دفاعه جيتس فيما يتعلق بأن تبحث واشنطن عن خيارات أخرى غير الحرب لحل مشكلاتها مع بعض دول المنطقة أي أن تعمل أكثر على إنجاح الحلول الدبلوماسية. وكان قد سمع هذا الكلام من رؤسائه المدنيين في واشنطن وقت تسلمه مهام منصبه ضمن التوجه الجديد الذي بدأت الإدارة في العمل به بجانب استراتيجية الحروب الاستباقية، ألا وهو تجريب الحلول الدبلوماسية. وهو نفسه تم تكليفه بالقيام بعمليات دبلوماسية مع جيران العراق. كما أن جيتس نفسه أعلن في بداية وصوله إلى وزارة الدفاع أنه سيسعى لحل مشاكل الشرق الأوسط بالأساليب الدبلوماسية. فما الذي جد في الموقف لتصل العلاقة إلى نهايتها المؤسفة بين هذا القائد والبيت الأبيض؟. هناك من يقول إن فالون فشل في المهام الدبلوماسية التي أوكلت إليه وتحديدا في الوصول إلى اتفاقات أمنية مع جيران العراق تمنع تصعيد المواجهات المسلحة وتحقيق الأمن هناك. وبما أنه فشل في مهامه فإن الثقة لم تعد قائمة بينه وبين مسؤوليه المدنيين. ويتعزز الشعور بعدم الثقة مع نشر هذا المقال لأنه يشير هنا إلى أن الرجل لن يقوى على العمل بتلقائية وفي مناخ مناسب فيما يتعلق بالقيام بواجباته العسكرية على الوجه الدقيق. وهناك من يرى أن الخلاف بينه وبين الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية في العراق كان سببا قويا في احتقان الخلاف بينه وبين البيت الأبيض إلى حد القول إن الرجل أجبر على الاستقالة بعد ان اتسعت هوة الخلاف. وكان فالون من المتحمسين للتسريع بخفض القوات الأمريكية في العراق لتجنب المزيد من الخسائر (بلغت الخسائر البشرية في هذه القوات نحو 4 آلاف قتيل على مدى السنوات الخمس الماضية وارتفعت تكاليف الحرب الشهرية هناك إلى نحو 12 مليار دولار). ويقال إنه عمل على إضعاف مهمة بترايوس المقرب من البيت الأبيض في العراق، وعليه فإنه بإضعاف بترايوس يكون قد أخفق في تأييد سياسة بوش قائده الأعلى. كما يقال أيضا إن فالون أقحم نفسه في السياسة وهو رجل عسكرى لا يتعين أن يتحدث فيها وإنما ينفذ ما يمليه عليه السياسيون في الميدان العسكري. فحتى لو كان متفقا مع استراتيجية بوش فيما يتعلق باستخدام القوة في تحقيق أهداف السياسة الخارجية فإنه بآرائه حول تخفيض القوات في العراق وإعادة ترتيب انتشار القوات الأمريكية لتعطي تركيزا أكبر في مناطق أخرى مثل أفغانستان وباكستان وبعض مناطق آسيا، فإنه بذلك يختلف حول الأولويات حتى وان اتفق في الاستراتيجية مع بوش، والاختلاف في الأولويات يعكس وجهة نظر سياسية في نهاية المطاف ولم يكن من المتعين أن يتحدث بصفته رجلا عسكريا أعلن ولاءه لقائده الأعلى الذي يختص وحده بالنظرة السياسية للمهام المطلوبة من القوات الأمريكية.. وعندما يقع الخلاف على هذا النحو وسط أزمات قائمة بالفعل وليس قبل وقوعها، فإن فالون يصبح عقبة صعبة في تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية لا يمكن السكوت على استمرارها.
وما أزعج بوش ورفاقه بشكل أكبر أن صرامة فالون الشديدة وآراءه المضادة ألقت بظلالها على الانتخابات الأمريكية حيث تلقفها الديمقراطيون وأشادوا بها وراحوا يكيلون المديح لفالون بوصفه صوت العقل والحكمة المفقود عند بوش وإدارته الجمهورية حسب تعبيرهم، ومن المنطقى أن يفسر بوش وحزبه الجمهوري الموقف على أنه رسالة مضادة للحزب في الانتخابات ستعمل لصالح الديمقراطيين، ومن ثم يجب أن يخرج من اللعبة سريعا. وكانت هيلارى كلينتون المترشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية المقبلة قد قالت في بيان لها «إن فالون كان يمثل صوت العقل في إدارة تستخدم خطابا استفزازيا حيال إيران».
وبوجه عام فإن استقالة فالون تشير إلى اتساع الفجوة بين العسكريين والسياسيين في الإدارة الأمريكية الحالية فيما يتعلق بتسيير شؤون السياسة الخارجية، وهي فجوة نجمت عن أمرين بينهما عناصر للتلاقي وأخرى للخلاف مما يزيدها خطورة. فمن ناحية تعترف الإدارة وبلسان الرئيس بوش نفسه بأن الحرب في العراق وكذلك في أفغانستان لم تحقق الأهداف الأمنية المرجوة من وجهة النظر الأمريكية، بل ربما تكون نتائجها في تراجع.
ومن ناحية أخرى فإن هذه الإدارة ذاتها لا تثق في قدرة الدبلوماسية على القيام بما فشلت فيه الحرب. وهكذا بينما هناك الإحساس بعدم الثقة في الانجاز سواء بالحرب أو الدبلوماسية، لا يبدو أن إدارة بوش عازمة حقا على تغيير استراتيجيتها الأصلية وهى استعمال القوة. وهي ترى أن استمرار التلويح بها والعمل أيضا حتى وإن كان بقدر أقل من الاستفزاز يؤدي إلى ترسيخ منطق الهيمنة على العالم، ويضمن سيطرتها على مصادر الطاقة الحالية والمتوقعة مستقبلا، ويتفق تماما مع منطق التخويف الذي نشرته بين الأمريكيين عقب أحداث 11 سبتمبر، أي جعلهم دائما يعيشون تحت الشعور بالخوف الدائم.
وإذا ما تم اللجوء إلى الدبلوماسية فإنما يتم ذلك بما يخدم استراتيجية استعمال القوة وليس الحيدة عنها ولذلك فإن أشكال الدبلوماسية تأخذ طرقا أخرى غير الحوار والوصول إلى حلول وسط مثل الحصار والاحتواء، ربما أنها تحصر أشكال الدبلوماسية في هذا أو ذاك فإنها تفقد هذه الآلية مصداقيتها عند الآخرين والنتيجة عدم التجاوب معها.
وليس من الواضح أن هذه الإدارة ستتخلى عن هذا المنهج المزدوج برغم ما يسببه من خسائر، والأرجح أنها تسعى إلى توريث الإدارة المقبلة تركة ثقيلة من الأزمات لا تستطيع الفكاك منها سواء كانت هذه الإدارة جمهورية أو ديمقراطية، فليس هناك سلام دائم ولا أمن دائم بل مواجهات مفتوحة عسكريا وسياسيا واقتصاديا في كل المناطق الساخنة التي تسمح بفرص للهيمنة والسيطرة على العالم.
ولن يكون فالون هو آخر المحتجين على هذا السلوك أو مؤشرا على التغيير، لأن الولايات المتحدة في حاجة إلى وقت طويل لكي تتخلص من تأثير المحافظين الجدد ومن عقدة الحادى عشر من سبتمبر. وليس من الواضح أيضا أن يحدث تغيير مؤثر على جانب القوى المحلية والدولية يسمح بالتخلص من تركة إدارة بوش الثقيلة بالنظر إلى حدة ما أحدثته هذه التركة من تأثيرات جذرية على الأصعدة المحلية والدولية، فمثلها هي في ارتباك وتخبط يمر الآخرون بنفس هذا الارتباك والتخبط بدرجات وأشكال مختلفة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
أين كانت الخطة؟
بول بريمر
نيويورك تايمز الأمريكية
قبل خمسة عشر شهرا من هجمات الحادي عشر من سبتمبر قامت اللجنة الوطنية للإرهاب (وهي لجنة مكونة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي) التي شرفت برئاستي لها برفع تقرير إلى الرئيس والشعب الأمريكي مفاده نواجه تهديدا رهيبا جديدا، يتمثل في الشبكة القائمة بين الدول والتي تدعم الإرهاب والقتلة الراغبين في اغتيال آلاف الأمريكيين والمستعدين للموت في سبيل القيام بذلك.
على مدار عقود، كانت الإدارات الأمريكية ترى في عراق صدام حسين دولة إرهابية. فقد كان يساند «الإرهابيين الفلسطينيين» - من وجهة نظر برايمر بالطبع - ويثني عليهم. وكان يصنع أسلحة دمار شامل ويستخدمها ضد مواطني بلده. وكان باستخفاف بالغ يرفض الانصياع لسبعة عشر قرارا أصدرها مجلس الأمن مطالبا إياه بالتخلص من هذه البرامج.
وكان جنودنا عظاما وهم يحررون العراق. ولكنني بعد أن وصلت إلى هناك، تبين لي أن الحكومة الأمريكية غير مهيأة بما يكفي للتعامل مع التهديدات الأمنية المتزايدة. فقد استشرت أعمال النهب في المدن الكبرى. ولم نكد نقترب من نهاية عام ،2003 إلا وقد تنامى الإرهاب والتمرد، وبدا واضحا للعيان أنه ليس لدى التحالف استراتيجية لمقاومة التمرد.
أظهرت قواتنا على الأرض بسالة وتجردا، ولكن تخطيط ما قبل الحرب لم يتوفر إلا لأقل من نصف عدد القوات الذي أشارت الدراسات المستقلة إلى أنه سيكون لازما في العراق. ولم تكن لدينا خطة لتوفير أهم ما تحتاج إليه أي حكومة: توفير الأمن للشعب. فبدا للإرهابيين والمتمردين والشعب العراقي أن التحالف ليس بحام أو قادر على حماية المدنيين.
كان ينبغي أن أضغط مبكرا من أجل وضع استراتيجية عسكرية أكثر فعالية، وذلك لأن القاعدة استفادت فيما بين 2004 و2007 من وجود هذه الفجوة، فاستخدمت أسلوب القتل العشوائي مستفزة بذلك ميليشيات الشيعة لترد بالمثل. ولم تنته هذه الدوامة البشعة إلا بتغيير الاستراتيجية الذي أحدثه الرئيس منذ عام.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
ما أثقلها من يد
ريتشارد بيرل
نيويورك تايمز الأمريكية
بعد الانتصار على ديكتاتورية لطالبان في أفغانستان وإقامة ديمقراطية ناشئة بدلا منها، بدأت إدارة بوش تولي انتباهها للخطر الذي كان يعتقد أن عراق صدام حسين يمثله بالنسبة لبلد لم يفق بعد من هجمات 11/.9
كنت أشارك الإدارة في اعتقادها، ليس بأن العراق كان يمتلك المقدرة على إنتاج أسلحة دمار شامل وحسب، بل وأن لديه مخزونا خفيا منها. كان صدام حسين مسؤولا عن حربين مات فيهما مليون نسمة، ومتورطا مع الجماعات الإرهابية على مدار عقدين من الزمن، وكان يكافئ التفجيريين الانتحاريين بالمال على نحو منتظم، كما كان يرفض توثيق التخلص من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية (التي استخدم بعضا منها بالفعل) وكان بذلك يرغمنا على مواجهة هذا السؤال: هل ينبغي أن نتركه ونتمنى ألا يحدث مكروه، أم نحطمه في ضربة خاطفة فنقضي على خطر يكمن في احتمال أن يتعاون مع الإرهابيين فيؤدي هذا التعاون إلى هجمة أكثر تدميرا من 11/9؟
واتخذ القرار السليم، وسقطت بغداد في غضون 21 يوما دون وقوع خسائر تذكر في كلا الجانبين. وتحرر خمسة وعشرون مليون عراقي وتبدد خطر نظام صدام «الوحشي».
وعندذاك بدأت المشاكل. وبدلا من تسليم العراق للعراقيين ليستهلوا عملية بناء دولتهم، إذا بجماعة تعارض هذه الخطة، وكانت هذه المجموعة تضم وزير الخارجية كولن باول ومستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس ومدير المخابرات الوطنية جورج تينيت، وبمباركة من الرئيس جورج بوش.
وبدلا من تسليم العراق للعراقيين، إذا بنا نتورط في احتلال مقيت أدى إلى تمرد دموي بدأنا مؤخرا نحن والعراقيون في الخروج منه. وبثقة في غير موضعها سولت لنا أننا أكثر معرفة بالعراق من العراقيين، أتينا بأمريكي ليحكم العراق. وكان أن هون بول بريمر من جسامة المهمة، وإن بذل أقصى الجهد في محاولة منه لإنجاح سياسة حمقاء. وكنت من جانبي أقلل كثيرا من تقديري لمقدرة الإدارة على خلط الأوراق والتسبب في الفوضى.
لم أكن أعتقد أن بوسع تحالف ذي قيادة أمريكية أن يغادر العراق يوم سقوط بغداد. فقد كانت هناك ضرورة لوجود قوات التحالف لمساندة الحكومة العراقية. ولكن الدهشة تملكتني (وكذلك الخوف) عندما لم نتحول إلى ممثلين لخصوم نظام صدام حسين وتولينا مسؤولية حكومة مؤقتة أثناء الإعداد للانتخابات. لقد كان من الممكن أن تبقى قواتنا، بموجب اتفاقية يتم التفاوض عليها بشفافية، لمساعدة شعب العراق على إقامة المجتمع، وهو أمر لم نعرف كيف نقوم به ولم نحاول. وبعد خمس سنوات من الخسائر الرهيبة، ربما ينتهزون هذه الفرصة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
النهب
آن ماري سلوتر
نيويورك تايمز الأمريكية
في ابريل من عام ،2003 وقبيل أن تقوم القوات الأمريكية بتأمين بغداد، قام العراقيون بنهب المتحف الوطني العراقي. ولم تبذل القوات الأمريكية الواقفة على مرمى حجر أي محاولة لإيقافهم، كما لم تقم بتوفير حراسة. وذلك لسبب من اثنين: إما أنه لم يكن لدينا ما يكفي من القوات لحماية المتحف، أو أننا لم نبال بالمحاولة.
كان الفشل ببساطة «مسألة أولويات» بحسب ما قال الجنرال ريتشارد مايرز رئيس أركان القوات المشتركة. أما وزير الدفاع دونالد رامسفيلد فقد اعتبر أنه من «التزيد» أن يوعز الدمار والسرقة التي تعرضت لهما مصنوعات حضارة ما بين النهرين التي لا تقدر بثمن إلى «اي عيب في الخطة الحربية».
كانت حكومتنا تعرف كيف تهدم لا كيف تبني. فقد أطحنا بالنظام، وفي الاشهر التالية لذلك قمنا بتفكيك نظام صدام حسين الإداري كما قمنا بحل جيشه. ولكننا فعلنا ذلك دون أدنى تصور لكيفية بناء دولة ديمقراطية ليبرالية، أو حتى حكومة متزنة مستقرة تحظى بتأييد شعبي عريض.
حكومة كهذه تحتاج إلى اقتصاد غني، ومجتمع آمن، ووحدة ثقافية كافية لكي يتفاعل الجميع من مختلف الجماعات العرقية في أماكن العمل، والمدارس، والمستشفيات، والجيش والشرطة. وتمثل حماية رموز التراث الذي تشترك فيه وتعتز به مختلف الجماعات العرقية أول صفحة في كتاب بناء الدولة الديمقراطية، أو هكذا هو الأمر لكل من يفهم شيئا عن تاريخ العراق وثقافته.
إن الأمريكيين لا يزالون يعيشون عواقب ذلك الجهل، ولسوف نبقى نعيش عواقبه لعقود قادمة. لقد كان الخبراء يتجادلون في 2003 و2004 فيما إذا كان بناء العراق سيحتاج عاما واحدا أم ثلاثة أعوام. أما الآن فإننا نتجادل فيما إذا كان الأمر سيحتاج ما بين عشرة أعوام وخمسة عشر عاما، أو إن كان من الممكن تحقيقه أصلا.
وتبقى تلك التماثيل المكسورة والمسروقة من المتحف رموزا على ما تم ارتكابه من أخطاء لا تغتفر. فقد كان من السهل تحطيمها، ولا يزال من الصعب للغاية إصلاحها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
من فيتنام الى الصومال ومن لبنان الى العراق
خالد محادين
الراي الاردن
انتهيت من مشاهدة فيلم سينمائي اميركي - شاهدته اكثر من عشر مرات - وانتقلت لمتابعة الاخبار، الفيلم يقدم الهزيمة الاميركية في الصومال، عندما اقتحمت قوات واشنطن هذا البلد الصغير وتصورت ان انتصارها عليه مجرد مسألة ايام، لن يسقط فيها قتيل اميركي واحد، ولن يجرح فيها جندي اميركي واحد، وهذا الفيلم ليس من انتاج الاتحاد السوفييتي قبل انهياره ولا من انتاج الصين الشعبية، وهو ايضاً ليس من انتاج واخراج تنظيم القاعدة او حركة طالبان، ولكنه فيلم اميركي مائة بالمائة ممثلوه اميركيون ومصوروه أميركيون، وانتجه اميركيون حرصوا على ان يقدموا هزيمة بلدهم وقواتهم المسلحة وتفوقهم العسكري كما حدثت على ارض الواقع، حيث ارجل جنود ملقاة في شوارع مقديشو، وايد ورؤوس جنود منثورة على الأرصفة وفي الأزقة او محترقة داخل الآليات الاميركية والطائرات العمودية الاميركية وتحت بقايا الاعلام الاميركية التي تشتعل بالنار الصومالية.
امام متابعة الاخبار، كان الرئيس الاميركي جورج بوش لا يتوقف عن الحديث عن الانتصارات الاميركية في العراق، وكيف ان قواته حالت دون وقوع حرب اهلية في هذا البلد العربي، ويرفع تحذيرات من أي انسحاب مشرع من العراق، ثم قمة الانتصارات فيما اكد عليه السيد الرئيس عن ان التعزيزات العسكرية ادت الى تحقيق نصر استراتيجي في العراق.
كل هذا سبق وقاله الرؤساء والعسكريون والساسة الاميركيون عن انتصارات استراتيجية تحققت للولايات المتحدة في كل بلد غزته وقتلت ابناءه واحرقت الاخضر واليابس فوق ترابه، من فيتنام حيث الهزيمة الكبرى الى الصومال حيث العار الكبير الذي لحق بأكبر قوة عسكرية على وجه الأرض الى بيروت حيث لم تستطع القوات البرية والبحرية الاميركية لم تستطع الصمود بضعة اسابيع امام ارادة الشعب اللبناني وشجاعته في الحاق الهزيمة والعار بالغطرسة الاميركية، ثم في افغانستان فالعراق، حيث - وبعد خمسة اعوام من الاحتلال الاميركي له - ما يزال الاميركيون يدفعون ثمناً كل يوم، ويعيشون داخل المنطقة الخضراء في ذعر، وحيث يعودون بالآلاف الى الولايات المتحدة فاقدين لعقولهم او فاقدين لأطرافهم او فاقدين لعيونهم او فاقدين لآذانهم، وحيث يتحولون بعد عودتهم الى قنابل من الخوف والكوابيس والكراهية والبحث عمن ينتقمون منهم فيبدأون بأزواجهم وبأطفالهم.
دخل الأميركيون بغداد في التاسع من نيسان من عام 2003 وفي مطلع ايار من نفس العام، وقف الرئيس جورج بوش بكامل زيه العسكري واوسمته ونياشيه ليعلن عن انتهاء الحرب على العراق وتحقيق الانتصار الذي جاءوا من اجله، وبعد اقل من شهر كانت المقاومة العراقية تحيل ارض العراق الى جحيم حقيقي للأميركيين، فبدأت الخسائر بالآف القتلى وبكلفة وصلت الى 3000 مليار دولار، وتحول الولايات المتحدة الى اكثر دولة مكروهة في العالم، لكن الرئيس بوش سيواصل البقاء في العراق حتى آخر يوم في رئاسته الثانية، حيث سيغادر البيت الأبيض ليفتقد العالم رئيساً كان يلقي خمسة خطابات كل اسبوع، وكان يدلف على رؤوس الاميركيين ما يعرفون انه ليس الحقيقة عن انتصارات في العراق، والذي بلغت شعبيته لدى مواطنين الاقل في تاريخ الرؤساء الاميركيين، وفوق هذا ان الاميركيين سيفتقدون بعد رحيله - كما سيفتقد العالم الرئيس الذي لا يجيد لغة وطنه حتى بات الاميركيون يتندرون بالأخطاء التي يرتكبها.
لن يخرج الاميركيون من العراق ولكنهم سيطردون منه، وسيقدم لنا اميركيون شرفاء صوراً عن واقع هذا الطرد يعيد للذاكرة الانسانية الهزائم الاميركية في فيتنام، وفي الصومال وفي لبنان وفي افغانستان واليوم في العراق، اما الرئيس بوش، ورجال ادارته السياسيون والعسكريون فان التاريخ سيخصص لهم مكاناً، لا يكون مثله في العادة للزعماء والقادة الذين يحبون الخير ولا يحملون الكراهية والحقد ولا يستمتعون بعمليات الابادة كما هو الآن حادث في العراق بعد قتل مليون عراقي عشرات الآلاف منهم اطفال ومسنون وعجائز وعلماء ومرضى في مستشفيات.
الرئيس الاميركي جورج بوش كان يرد على منتقديه بالتأكيد على انه عنيد ورأسه ناشف، اما هيلاري كلينتون فقد سألتها مقدمة برنامج تلفزيوني عن السؤال الذي طرح عليها وسبب لها حرجاً فأجابت السيدة هيلاري: انه السؤال الذي يطرحه عليّ الاميركيون كلما التقيت بهم: لماذا يكرهنا العالم؟ والاجابة لا تحتاج الى جهد للبحث عنها. kmahadin@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
دخول السنة السادسة للاحتلال الاميركي للعراق!
فخري قعوار
الراي الاردن
بمناسبة دخول الاحتلال الاميركي للعراق في السنة السادسة، بعد انتهاء خمس سنوات في التاسع من شهر آذار، تكاثرت الاخبار في الفضائيات والاذاعات والصحف، بسبب تكاثر المظاهرات في عدة ولايات اميركية، وفي نتائج استطلاع الاراء المتعلقة بمواقف الشعب الاميركي حول احتلال العراق، وجاء في بعض هذه الاخبار ان مجموع العراقيين القتلى بلغ واحدا وثمانين الفا، وان مجموع الجنود الاميركيين القتلى بلغ ثلاثة الاف وتسعمائة وواحد وتسعين، وان مجموع الجنود المتحالفين مع الاميركيين في عملية الاحتلال بلغ ثلاثمائة وسبعة فقط! مع ان مجموع القتلى العراقيين ربما كان قريبا من المليون، بسبب كثرة القتلى كل يوم، وبسبب عدم اصدار اخبار شاملة لكل القتلى بدليل ان بعضا من الاخبار المتكررة في كثير من الايام، تشير الى العثور على مجموعات عديدة من جثث القتلى، مما يعني ان عمليات العثور على الجثث لا تعني انها تعثر على كل جثث القتلى العراقيين، لسببين، اولهما عدم توفر الميل نحو ذكر كل القتلى من اجل عدم الاساءة لسمعة الولايات المتحدة، وثانيهما ان اتساع مساحة وطن العراق، وكثرة المقاومة في معظم الانحاء، لا تستطيع الجهات المختصة بنشر الاخبار ان تطلع على كل الاحداث او كل القتلى وبالمقابل فان الجنود الاميركيين القتلى ليسوا مجرد العدد القريب من الاربعة الاف، لان المصابين الكثيرين الذين يموتون بعد مرور ساعات او ايام، لا يتم نشر اخبارهم، كما ان الكثير من الجنود الاميركيين ليسوا من ابناء الشعب الاميركي، بسبب ضم بعض الجنود من بعض دول العالم، وهؤلاء الجنود غير الاميركيين لا تعتبر الولايات المتحدة انهم قتلى من الاميركيين..
وبعد كل هذه التحليلات الصحيحة، وبعد انتهاء العام الخامس للاحتلال الاميركي للعراق، تكاثرت المظاهرات في الولايات الاميركية، ضد الحرب، وقامت السلطة في واشنطن وفي سان فرانسيسكو باعتقال مئات من المواطنين الاميركيين المعارضين لخطة جورج بوش ولسياسة الدولة من ناحية كثرة المصاريف التي وصلت الى خمسين مليار دولار، ومن ناحية عدم وجود أي مبرر واقعي وصحيح لاحتلال العراق واغتيال الرئيس العراقي الكبير صدم حسين! ومع ان العنف ما يزال متكاثرا ودائما في العراق، وان السيطرة على الشعب العراقي لن تحصل، وان ستة وستين بالمئة من الشعب الاميركي يرفضون حرب العراق، فان على الادارة الاميركية ان تتجاب مع فشلها ومع ادارة الشعب الاميركي ومع ارادة ابناء الامة العربية!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
عين عراقية على الأقرب
وليد الزبيدي
الوطن عمان
ما عدا الارض العربية، فان الرفض الشعبي للغزو الأميركي للعراق ينتشر في مختلف بقاع الارض ، فلا تظاهرات ولا احتجاجات ضد غزو العراق من قبل الولايات المتحدة واحتلاله.
عين عراقية ترقب تلك الحشود، التي تنطلق في كل يوم من هذه المدينة وتلك الولاية،معبرة عن احتجاجها ورفضها لسياسة الادارة الأميركية العدوانية، رافعة الشعارات التي تفضح الممارسات والجرائم، التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأميركي ومازالت ترتكبها بحق العراقيين.
العين العراقية ، ترقب الاقرب الينا ، اخوة يعيشون لصق العراق في المعايير الجغرافية، ويفترض انهم لصقنا بالمقاييس الاخرى، لكن الصمت والهزال يلف هؤلاء، فلا احتجاج ولا تنديد ولا اعتراض.
العين العراقية،لا تريد من الاقرب ما تفرضه عليهم القيم والمبادئ والاخوة، لكن تريد ان يتساوى الاخوة القريبون مع ا لآخرين البعيدين.
لو كان الاحتلال الأميركي قد تمكن من العراقيين وفرض سطوته وسيطرته عليهم واسكتهم الى الابد، لسقطت الحجة بيد الصامتين، ووجدوا عذرا يتلبسون به، ويتلبس بهم، ويقول الجميع، ماذا نستطيع ان نعمل، واهل الدار استكانوا وصمتوا وقبلوا بالذل والهوان.
لو كان الاحتلال قد جاء بالرفاهية والبناء والتنمية لهذا البلد، وقدم جميع الخدمات للعراقيين الذين طحنهم حصار السنوات الطويلة، وانتقل بهم من ذلك الجوع والمرض الى صورة اخرى، لسقط بيد الاقربين، العذر الذي تمسكوا به، ولقالوا شتان بين واقع ما قبل ربيع 2003، وحال العراق اليوم، الذي ينعم بالرفاهية والامن والاستقرار، وعجلة التنمية تتسارع ، فالعمارات الشاهقة انتصبت في عموم المدن العراقية، وناطحات السحاب ترتفع في جانبي العاصمة، وتتبارى ناطحات الكرخ مع مثيلاتها في الرصافة.
الا ان الاقربين ، هم الادرى بحال العراق في ظل الاحتلال الأميركي وعمليته السياسية ، فابرز العناوين في عراق السنوات الخمس ، هو العثور على جثث العراقيين صباح كل يوم في المزابل والطرقات ، واصبح ذلك احد الاخبار اليومية في جميع نشرات الانباء العالمية .
عناوين الخراب والدمار تنتشر في كل يوم،فقد وصل التعليم الى ادنى مستوياته ، والاوضاع الصحية تتردى ساعة بعد اخرى،وشوارع بغداد والمدن الاخرى مخربة ، وعدد الباحثين عن العمل يتجاوز التسعة ملايين،والمشردون داخل العراق وخارجه يصلون الى ستة ملايين،وعدد القتلى تجاوز المليون وربع المليون عراقي.
ان القائمة تطول،والصورة محزنة قاتمة،بل ان تفاصيلها الدقيقة تصل حد الرعب، الا ان كل ذلك لم يحرك الاقربين، في حين يتحرك البعيدون ويخرجون في تظاهرات واحتجاجات، لفضح مشروع أميركا في تدمير وتخريب العراق.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
الوقائع 'الحقيقية' وراء استقالة رئيس القيادة الأمريكية المركزية في الشرق الأوسط..!
مها عبدالفتاح
اخبار اليوم مصر
ما يخفي في الحياة السياسية و الدولية بنحو خاص وعلي أحسن الفروض أكثر بكثير مما يعلن.. أما أسوأ الفروض ففي التلفيق والتضليل والافتعال الذي يصل أحيانا إلي حد أكاذيب تدخل التاريخ كما شهد العالم في عملية غزو العراق وغيرها من احداث سوف تتأكد فيما بعد..
لذا لم أشتر من البدء تلك الرواية 'المعلنة' لأسباب استقالة ادميرال ويليام فالون رئيس القيادة الأمريكية المركزية في الشرق الأوسط.. فما نشر لا يستقر في العقل.. مقال بمجلة شهرية نصف معروفة (اسكواير) أثار لغطا وغضبا في البيت الأبيض دفع شخصية مهمة في هذه الظروف الدقيقة إلي الاستقالة التي قبلت 'بكل الأسف' وفق ما أعلنه صديقه الشخصي وزير الدفاع روبرت جيتس...! ثم لاحظ أن جميع الأحاديث والتصريحات التي جمعها المقال المشار إليه سبق ونشرت وأذيعت علي لسان الادميرال منذ شهور عديدة.. فهل يتفجر الغضب في البيت الأبيض بأثر رجعي؟! ثم كاتب المقال هذا يتبين أنه صديق مقرب من الادميرال، أي لا يمكن أن يكون متطوعا مثلا لإقصائه أو تعمد الإساءة إليه... شيئا ما يبدو مفتعلا في هذه التوليفة من رواية منشورة تعلل أو تفسر أسباب الاستقالة.. هكذا قدرت من البداية وإذا بالظروف تسوقني للتوصل إلي ما كتبه اخرون ويؤكد حدسي وتحديدا وقائع رواية مختلفة تماما توقفت أمامها.... طبعا ليس لدي أدلة تؤكد مصداقيتها وإنما أعتمد فقط علي عدة عناصر أراها مقنعة.. أولا هذه الرواية أو لنقل الوقائع التي سجلها الصحفي الفرنسي الليبرالي 'بيير ميصان' كلها تحمل أسماء معروفة بوظائفها وتواريخ محددة غير انها تغلق فجوات ناقصة لأنباء سبق وأعلنت ثم سقطت من سياق الأحداث دون تفسير... ولنبدأ الوقائع باختصار غير مخل قدر الإمكان لكنني قبل البدء أبادر بإنعاش ذاكرة القاريء بالآتي:
لجنة بيكر هاملتون التي انتدبها الكونجرس من شخصيات في الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) لتقييم الوضع المتردي في العراق ورسم سياسة توجد مخرجا مشرفا للقوات الأمريكية... وصدرت توصيات هذه اللجنة بعد عدة أسابيع وكان لها دوي إذ دعت صراحة إلي ضرورة التفاهم دبلوماسيا مع طهران ودمشق سبيلا لإيجاد الاستقرار المؤدي إلي مخرج مشرف للقوات الأمريكية... اضطر بوش وقتها ابتلاع هذا الموقف ولم يقبل ولم يرفض توصيات لجنة يرأسها اثنان من أكثر الشخصيات التي تحظي بالاحترام...
أذكر القاريء مرة أخري بأن بوش أطاح بدونالد رامسفيلد تجاوبا مع الجو السائد في أعقاب نشر تقرير اللجنة وقام بتعيين روبرت جيتس وزيرا للدفاع.. وهنا أذكر القاريء أيضا بأن جيتس كان عضوا في لجنة بيكر هاملتون تلك التي أوصت بالطريق الدبلوماسي والتفاوض... وتذكرة أخيرة أو ربما هذه معلومة قد يكون لها ذيول في المرحلة القادمة فوق عضوية روبرت جيتس في لجنة الدعوة إلي التفاوض هذه فهو تربطه صداقة شخصية مع ادميرال فالون حتي انه بادر بعد تعيينه وزيرا للدفاع إلي نقل صديقه الادميرال من قائد القوات البحرية في المحيط الهادي إلي رئيس القوات المركزية في الشرق الأوسط فكان أول قائد بحري يتولي هذا الموقع الهام علي البر!
نبدأ برواية الصحفي الفرنسي بيير ميصان... ما أن عين جيتس وزيرا للدفاع إلا وسارع بخطوات تنفيذية لتوصيات لجنة بيكر هاملتون (التي لم تقبل رسميا ولم ترفض أيضا من قبل البيت الأبيض) وقام باختيار مجموعة شخصيات ذات خلفيات عسكرية عالية مخولا لهم ايجاد خاتمة مشرفة للانسحاب من العراق بالتفاوض مع طهران... المجموعة محددة بالاسم: مدير المخابرات الوطنية (مايك ماك كونيل) ومدير المخابرات المركزية (مايكل هايدن) وجنرال جورج كيسي ومايك مولين (رئيس الأركان) ويشارك بالمشورة جنرال سكوكروفت مستشار الأمن القومي علي عهد الرئيس بوش الأب... أما ادميرال هاملتون فقد عهد إليه بمهمة الاتصالات المباشرة من موقعه خاصة وثبت أن له تأثيرا معنويا قويا علي أعضاء المجموعة... في 3 ديسمبر الماضي سجلت المجموعة رأيها في تقرير سري تضمن تفنيدا لما يروجه البيت الأبيض عن الخطر الإيراني.. بهدف دفع الرئيس بوش إلي ايجاد نوع من التوازن في سياسته تجاه الشرق الأوسط. تم التفاوض علي ثلاث وجهات مع ثلاثة عواصم: طهران وموسكو وبكين وتوصل التفاوض إلي حلول وسط قبلت من العواصم الثلاث وفق سيناريو يبدأ من مجلس الأمن ولا تتسع هذه السطور لعرضه إنما الأهم أن بنود هذا الاتفاق تؤدي إلي حالة من الاستقرار المنشود في العراق الذي يؤدي بدوره إلي الانسحاب بكرامة وفق المستهدف.. من أهم المطلوب ايرانيا مقابل تعاونها في العراق أن توقف واشنطن دعمها لجماعات المعارضة الإيرانية المسلحة 'مجاهدين خلق'.. وتمكن الادميرال من الحصول علي تأييد موسكو وبكين اللذين حرصا علي الرجوع إلي البيت الأبيض مقدما لعدم تعقيد الأمور.. فلاديمير بوتين تعهد بعدم السعي إلي تحقيق مزايا عسكرية من وراء الانسحاب الأمريكي ووعد بتسهيل الأمور بين واشنطن وطهران ولم يطلب مقابلا إلا عقد مؤتمر كبير عن الشرق الأوسط في موسكو لمواصلة أعمال مؤتمر أنابوليس (ولم يكن قد عقد بعد) أما التفاوض مع بكين فكان أكثر تعقيدا ولكن العلاقة الطيبة لادميرال فالون مع الصينيين خلال موقعه السابق قائدا لقوات البحرية الأمريكية في المحيط الهادي سهلت الكثير..
بدأت خطوات التنفيذ بموافقة كل من موسكو وبكين علي القيام بدورهما من الحضور إلي مؤتمر أنابوليس.. كما تمت موافقتهما في مجلس الأمن علي القرار رقم 1803 ضد إيران (وفق السيناريو المتفق عليه من الثلاثة) وذهب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلي زيارته الرسمية إلي بغداد حيث قابل سرا هناك رئيس أركان الجيش الأمريكي (مايك موللين) ليتفقا علي ترتيبات الحد من التوتر في العراق... عند هذا الحد بدأ انقلاب البيت الأبيض علي الاتفاق! فلا مؤتمر في موسكو كما أعلن.. بل صعدت إسرائيل الموقف بهجومها المكثف علي غزة.. وحلف الأطلنطي نشر سفن الأسطول علي مرمي البصر من لبنان... ولم يحدث التزام البيت الأبيض بوقف الدعم إلي مجاهدين خلق.. وتم تدمير الاتفاق الذي توصل إليه الادميرال في خطوات متتابعة... فما كان من الروس إلا أن نشروا أسطولا تجاه جنوب قبرص لمراقبة سفن الأطلنطي وأرسلو مبعوثا (سرجاي لافروف) في جولة بالشرق الأوسط بمهمة محددة هي بحث تسليح دمشق وحماس وحزب الله لإيجاد توازن في هذه البقعة... هذا بينما شاط الإيرانيون غضبا لهذا الخداع الذي تعرضوا له فشجعوا المقاومة العراقية علي العودة إلي الضرب من بعد تهدئة... فلما بلغت الأمور هذا النحو وشهد الادميرال افشال جهوده بهذا الدم البارد لم يكن أمامه إنقاذا لمصداقيته أمام من تفاوض معهم سوي أن يستقيل...! إذن مقال المجلة الشهرية اسكواير الذي كتبه صديقه ونشر أول الشهر الحالي ليس غير غطاء متفق عليه لتبرير الاستقالة... إنما لا أسرار تبقي طويلا في أمريكا ونحن بانتظار إفصاح الادميرال نفسه بعد أن يترك منصبه نهائيا في نهاية هذا الشهر...!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الصاعق الجوال !!
خالد الاشهب
الثورة سوريا
ساترفيلد حضر ولمح , حرض البعض وشد ازر البعض الآخر , وتبعه وولش فأوحى وصرح ونصح , ثم جاءت رايس شخصيا وألحت في الطلب والتحريض والنصح , وهاهو تشيني , المهندس المنفذ لكل كوارث العالم في السنوات السبع الماضية يجول بدوره , يرسم على الورق هنا , يفخخ ويلغم هناك , ويوصل الاسلاك بالصواعق في جيبه.. ولم لا :
اذا كانت سنوات الاحتلال الخمس للعراق لم تأت بالنفط ) الآمن ) لاميركا , ولا بالديمقراطية للعراق والعراقيين !‏
واذا كانت الحرب الطاحنة على لبنان تموز 2006 , لم تعد بالشرق الاوسط الجديد , بل ولم تبق حتى على القديم !‏
واذا كان حصار الموت والتدمير أنعش غزة بدل ان يقتلها او يلوي ذراع مقاومتها .‏
واذا كانت كل محصلات القوة والضغط الاميركي , مشفوعة بالترهيب والوعيد من جهة وبالترغيب والترغيد من جهة ثانية ... لم تثن دمشق عن إعادة جمع العرب في قلبها .. وقلب الطاولة على المناورين المراهنين , ولتجعل من الاحتفال بتأسيس الجامعة العربية أفعل من مجرد ذكرى !‏
واذا كان لايزال امام ادارة الرئيس بوش متسع من وقت وحماقة , ومن حراجة وتهور!‏
لم لا ?‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
بانتظار ولادة المشروع العربي الجديد
الافتتاحية
صحيفة تشرين
روسيا الاتحادية بلسان وزير خارجيتها السيد سيرغي لافروف مرتاحة لأن القمة العربية التي ستحتضنها دمشق بعد أسبوع ستتخذ قرارات من أجل استعادة التضامن العربي، فحري بنا كعرب أن نكون أصحاب الفرح الحقيقي، والسعادة المطلقة لأننا على أبواب قمة تستعيد التضامن العربي وتبعث الروح في شرايين العمل العربي المشترك.
لا يمكن أن تكون روسيا الصديقة أكثر حرصاً على العرب وتضامنهم وقضاياهم من العرب أنفسهم، فالجرح لا يوجع إلاّ صاحبه. ‏
لكننا نسجل لروسيا هذا الموقف الداعم لنا والمؤيد لحقوقنا وقضايانا العادلة، فهذه الدولة العظمى تثبت يوماً بعد يوم أنها فعلاً الوريث الشرعي والحقيقي للاتحاد السوفييتي الذي كان المدافع العنيد عن قضايا الشعوب، وخاصة المناضلة منها من أجل الحرية والكرامة في وجه قوى الشر والاستكبار، صاحبة المشاريع الاستعمارية. ‏
أن يتعاطف الآخرون مع قضايانا، ويؤيدون مواقفنا، ويدافعون عن حقنا المشروع، أمر يستحق التقدير والاحترام، وهو في الوقت نفسه شهادة دولية لعدالة هذه القضايا وحكمة هذه المواقف ووضوح ذلك الحق. ‏
لكننا يجب ألاّ نتوقع أن يتبرع هؤلاء الآخرون بالنضال نيابة عنا لتحقيق هذه الأهداف، فمن المنطقي والطبيعي أن نكون في الخندق الأمامي دفاعاً عن الحدود والوجود والهوية، كي يقف الآخرون معنا يساندون حقوقنا. ‏
وعليناً أولاً، أن نكون قادرين على إيصال رسالتنا الحضارية، وأصالة قيمنا، وعدالة قضيتنا وحقنا للعالم أجمع، قبل أن نطلب من هذا العالم مؤازرتنا وتأييدنا. ‏
لا نريد، ونحن على أبواب قمة رفعت شعار التضامن، إثارة ما كان من واقع عربي لا يسرّ إلاّ أعداء العرب، ما يهمنا هو أن تكون قمة دمشق فعلاً قمة في التضامن والتعاون العربي المشترك في المجالات كافة لبلوغ المرحلة التي نستطيع فيها القول: إن العرب عازمون على أخذ موقعهم الطبيعي تحت الشمس واستعادة حقوقهم كاملة، وترميم بيتهم الداخلي الذي نخر فيه سوس الاستعمار الحديث «جداً»، ومؤامرات تجار الحروب والدمار والدماء والنفط، والوقوف صفاً واحداً لمواجهة المشاريع السرطانية، أكان المشروع الصهيوني بكل ما يحمله من مخاطر على وجود العرب وهويتهم، أم مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الذي هو في حقيقته ترجمة غربية ـ استعمارية أمينة للمشروع الصهيوني نفسه. ‏
التضامن العربي هو سلاحنا الفعّال القادر على إسماع صوتنا للعالم أجمع، وبشكل خاص للإدارة الأميركية التي ترى في حالة التشرذم والخلافات العربية ـ العربية، أرضية خصبة لتنفيذ مشاريعها ومؤامراتها، ولإعمال سكينها المسموم في جسد الوطن العربي تقسيماً وتقطيعاً. ‏
الإدارة الأميركية هذه التي احتلت العراق منذ خمس سنوات وأنتجت فيه إرهاباً ونعرات طائفية وعرقية وانتهاكاً لحقوق الإنسان وملايين القتلى والجرحى والمشردين، هذه الإدارة التي شجعت إسرائيل على الإيغال في إرهابها وفي عمليات الإبادة التي تقوم بها، بل شاركتها في عدوانها على لبنان الذي تعمل على نشر الفوضى فيه؛ الإدارة الأميركية هذه يسوءها طبعاً أي تقارب عربي ـ عربي ويقلقها أي اجتماع عربي، ويدمر مشاريعها التضامن العربي، فهي ـ والحال هذه ـ تقف اليوم ضد قمة دمشق علناً ودون أدنى خجل، وتحث العرب، أو بعضهم على الأقل، على عدم المشاركة في قمة دمشق في محاولة ترى أنها يائسة لمنع ولادة تضامن عربي من رحم معاناة الشعب العربي التي طالت. ‏
الإدارة الآيلة للسقوط أمام العالم، والراحلة بعد أشهر معدودات، لا تريد أن تضيف قمة دمشق بأجندتها العربية الخالصة، هزيمة جديدة لها ولمشروعها وهي تبذل أكثر من طاقتها لتفشيل القمة العربية.. وتفشيل التوجه العربي الجديد نحو التضامن. ‏
نعم.. إدارة بوش منيت بهزائم كبرى: فهي لم تقض على الإرهاب بل فاقمته، ولم تجلب الديمقراطية والحرية للعراق بل الكارثة والدمار، ولم تنجح في القضاء على المقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة، بل أججتها وجعلتها أكثر قوة وعزيمة، وها هي هذه الإدارة على أعتاب فشل مريع سيتمثل بنهوض عربي من بوابة دمشق وقمتها التي ستكون المخاض لولادة المشروع العربي الكبير.. والجديد. ‏
العرب على موعد بعد أسبوع مع ولادة جديدة نرجو أن يكون الجميع شهوداً عليها كي لا يفوتهم قطار التاريخ في هذه المرحلة التي تحتاج فيه الأمة، أكثر ما تحتاج إلى وقفة عز ومجد وكرامة وإباء. ‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
حروب الشيعة ... مرحلة انهاء الخط الصدري
داود البصري
السياسة الكويت
بعيدا عن اي ضوضاء او جعجعة اعلامية فان المراقب للامور والتطورات الامنية في العراق ومتابعة كيفية ادارة الصراع سيكتشف على الفور من ان هنالك جولة عسكرية ساخنة جديدة على صعيد تشكيل الصورة السياسية والطائفية ورسم معالم لمرحلة جديدة يراد لها ان تبدا ضمن قضية ادارة صراع جديدة للوضع الداخلي المعقد في العراق , فبعد خمسة اعوام على الحرب التي اطاحت بالنظام السابق, وموجات الفشل المتراكمة التي صاحبت المشروع الاميركي لا لتغيير العراق فقط بل وجه الشرق برمته, وبعد وصول كل الاوضاع لطرق مسدودة يبدو جليا اليوم ان العمل جار وعلى قدم وساق لتوحيد الرؤية الطائفية للكثير من الملفات والمهام المستقبلية الجاهزة والمعدة سلفا والتي يصطدم تطبيقها بمخاوف واحتكاكات ورفض من هذا الطرف او ذاك, ولما كانت الخلافات الشيعية / الشيعية تعبر عن طبيعة الخلافات الشرسة في التوجهات الداخلية في العراق , فان خيار توحيد الخطاب الشيعي والمصدر القيادي الشيعي بات الخيار المطلوب اميركيا واقليميا وحتى ايرانيا , فحروب الشيعة البينية خلال الاعوام السابقة قد خلقت وكونت مراكز استقطاب حادة عوقت العملية السياسية وساهمت في تعكير الملف الامني مما سبب الكوارث الرهيبة للعراقيين عموما وللشيعة في العراق بوجه خاص , فالحرب ضد الجماعات المهدوية المختلفة قد شارفت على نهايتها بعد القضاء التدريجي عليها اثر حملات المطاردة والتعقب والتصفيات التي ازهقت ارواح الالاف في مناطق النجف وكربلاء والبصرة , فجماعات مثل ( جند السماء ), او( اليماني), او ( الصرخي )!! وغيرها قد استهلكت طاقات كبيرة في الصراع ضدها وانتجت مجازر بشرية مروعة لم يتحدث الاعلام العراقي عنها كثيرا ليضاف ضحاياها لجبال الجثث المتراكمة في العراق والتي انتجت كل هذا الفشل السياسي المريع .
اليوم يبدو واضحا من ان الاستعدادات العسكرية والامنية في جميع مناطق النفوذ الشيعية في العراق موجهة بشكل خاص لاجتثاث التيار الصدري وتجريد ( جيش المهدي ) من اسلحته وقوته الضاربة واعتقال او تصفية قياداته المدنية والعسكرية والروحية وهي المهمة التي بدات على مراحل متفاوتة منذ فترة وتشهد اليوم استعدادا حقيقيا وواضحا لتنفيذها وبشكل لا عودة عنه خصوصا وانه قد تم ابعاد زعيم التيار مقتدى الصدر ليقيم تحت الرقابة والرعاية والعناية الايرانية التي ستكسب بدورها اكبر المكاسب من نتيجة الصراع لكونه سيجعل انصار وموالي النظام الايراني في العراق بمثابة القوة الاكبر بل الوحيدة التي تمثل الشيعة واعني هنا جماعة المجلس الاعلى للثورة الايرانية في العراق وفيلق ( بدر ) تحديدا الذي بات يمثل اليوم العمود الفقري للترتيبات الامنية المقبلة , وستشهد البصرة خلال الايام المقبلة حربا شرسة ستقوم بها القوات الامنية وبتخطيط من قائد الجيش العراقي في البصرة الجنرال موحان حافظ الفريجي الذي تشير المعلومات الى كونه من اكبر المتحمسين لتجريد الميليشيات من سلاحها وفي طليعة تلك الميلشيات جيش المهدي الذي تعمل قياداته برعونة واستهتار ونزق مما يجعلها مكشوفة بالكامل على العكس تماما من نشاط فيلق بدر الذي يتخذ صفة السرية المطلقة المعجونة بالخبث والدهاء والتخطيط الستراتيجي الايراني الهاديء ولكن المسموم!! والذي يعمل وفقا لاجندة وتخطيط عالي المستوى لا يظهر من خلاله في الصورة بالكامل بل ان ظلاله هي التي تظهر في حواشي الصورة وانهاء جيش المهدي عسكريا سيوفر الفرصة السانحة لاهل دعوى الاقليم الجنوبي الشيعي او الفيدرالية الشيعية او الدولة الشيعية تحت قيادة عائلة الحكيم الحريصة على انجاز وتحقيق هذا الحلم وتعمل من اجله بكل طاقاتها وحيث يقف الصدريون منه موقف التوجس بل والمعارضة العلنية الواضحة , فالحرب الشيعية / الشيعية قادمة لا محالة لانها سترسم سيناريوهات المستقبل ليس في العراق فقط بل في عموم الاقليم , وبصراحة قد يراها البعض مبالغا بها فان صراع المستقبل القريب في الخليج العربي سيدور حول حدود وافاق الدولة الشيعية المقبلة ومجالاتها الحيوية الممكنة, وهو ما سيفتح سيناريوهات الجحيم في منطقة الخليج, والامر ليس مجرد سيناريو تحريضي مرعب بل انه حقيقة ستراتيجية , وبرغم فوضوية التيار الصدري فان انهياره سيفرض الكثير من المتغيرات في المنطقة , واذا كان انهيار الدكتاتورية البعثية في العراق قد ادى لتمزق العراق وتشظيه فان انهيار التيار الصدري سيرسم خطوطا واضحة لسيناريوهات طائفية مستقبلية تتجاوز العراق بكثير.. ولعل شواهد الاحداث في بعض دول الجوار العراقي تؤيد ما ذهبنا اليه..!! الدم يستسقي الدم , وحجم الفتن الخارجة من العراق ستكون براميل البارود التي ستدخل منطقة الخليج العربي في متاهات جديدة , فتاملوا الاحداث المقبلة , فالجعبة العراقية حافلة بكل صور الرعب
اما التيار الصدري فهو يعيش حاليا لحظات العد التنازلي الذي سيغير وجه المنطقة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
منطق الأرقام ولغة الأحلام
سعد محيو
الخليج الامارات
حين نشرت ليندا بيلمز وجوزف ستيغليتز قبل أيام تقريرهما حول كلفة الحرب الأمريكية في العراق (3 تريليون دولار والعد مستمر)، اعتقد الكثيرون أن منطق الأرقام سيتغلب على لغة الأحلام في واشنطن ويقوض، أو على الأقل يفرمل، اندفاعة الجمهوريين إلى “استكمال المهمة” عسكرياً في بلاد الرافدين.
لكن شيئاً من هذا لم يحدث. ما حدث كان العكس تماماً: لغة الأحلام والتمنيات وهي هنا تعني احتفالات النصر وكرنفالات “لقد سدنا” (we prevailed) البوشية الشهيرة على متن حاملات الطائرات، واصلت شق طريقها غير عابئة بمنطق الأرقام. هذا برغم أن الاقتصاد الامريكي وصل، أو يكاد، إلى مرحلة الركود، وبات التضخم وارتفاع أكلاف المعيشة وتصدير قوى العولمة لوظائف الأمريكيين إلى الهنود والصينيين، يهدد بنسف مكانة الطبقات الوسطى والعمالية الأمريكية.
منطق “استكمال المهمة” لم يترجم نفسه فقط في خطب الرئيس بوش اللاهبة في واشنطن، وفي لعلعة صوت نائبه تشيني في بغداد، وفي صيحات حرب جون ماكين في تل أبيب، بل أيضاً في سيل الدراسات التي أفرج عنها فجأة بعض مراكز الأبحاث والدراسات الأمريكية والتي تركز كلها على “الفوائد الجمة لحرب العراق”.
كريستوفر هيتشينز أشرف على إحدى هذه الدراسات. وهو خرج باستنتاج يقول إن كلفة حرب العراق تستحق العناء. فهي أسقطت أهم نظام ديكتاتوري في الشرق الأوسط، فاتحة بذلك الباب أمام تغيير بنية المنطقة كلها. وهي مكنت إقليم كردستان العراق من الازدهار اقتصادياً ومن التحول إلى نموذج ناجح لاقتصاد السوق الحر والديمقراطية الليبرالية النسبية. والأهم أنها منحت القوات المسلحة الأمريكية فرصة التدرب على حروب ما بعد نهاية الحرب العالمية الباردة، خاصة ضد “الدول المتشردة” والمنظمات الإرهابية.
قال: “الآن، وبعد عمل شاق لا حدود له، أصبح لدينا قوات مسلحة تعلمت بالمراس والتطبيق كيف تحطم الإرهاب الإسلامي في أرض المعركة، وأيضاً كيف تعزله وتشهر به في الأزقة والقرى. هذا ما كنا نحتاجه في العراق وأفغانستان، وما سنحتاجه في المستقبل. لغة الأرقام هنا ليست مفيدة. الأهم هي المحصلات النوعية بعيدة المدى”.
لغة الأرقام ليست مفيدة؟ هل هذا يشمل أيضاً ال 600 ألف عراقي الذين قضوا نحبهم بسبب الغزو الأمريكي، ومعهم مئات آلاف الجرحى وملايين المهجرين والمهاجرين العراقيين؟ وهل هو يتضمن الأربعة آلاف قتيل وعشرات آلاف الجرحى من الجنود الأمريكيين؟ وهل هو يعني أنه يجب التغاضي عن الحقيقة بأن الحرب أدت إلى رفع أرباح شركات النفط الخمس الغربية الكبرى من 40 مليار دولار إلى 121 مليار دولار دفعة واحدة، وإلى ملء خزائن المجمع الصناعي العسكري الأمريكي بالأموال الطائلة التي تشكّل الجزء الأكبر من كلفة الثلاثة تريليونات دولار، وإلى تدفيع دافعي الضرائب الأمريكيين وغير الأمريكيين كلفة فواتير أسعار النفط الشاهقة؟
أجل. منطق أنصار مواصلة الحرب يتضمن أكثر من ذلك: إنه يستخف بعقول الناس حين يقول إن حرب العراق دربت القوات الأمريكية على حروب القرن الحادي والعشرين، وكأن حروب العصابات التي خاضتها هذه القوات في أدغال فيتنام وحقول الأرز في بقية الهند الصينية وفي أكثر من 40 دولة فقيرة أخرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت مجرد تدريب بريء على الألعاب النارية. لكن، من قال إن الحرب تحتاج إلى منطق؟ ومن قال إن هذا المنطق، في حال وجوده، يجب بالضرورة أن يتضمن الاعتبارات الإنسانية الأخلاقية؟ ليس حتماً الرئيس جورج بوش.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
المختبر العراقي" في الإصلاح
محمد أبو رمان
الغد الاردن
تمثِّل التجربة السياسية العراقية، بعد مرور خمس سنوات من الغزو الأميركي، اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الشعوب والمجتمعات العربية على تنظيم شؤونها المدنية والسياسية وبناء النظام الذي يكفل الدرجة الدنيا من العدالة والحرية. لذلك فإنّ إخفاق التجربة إلى الآن بمثابة كابوس مفزع للإصلاحيين الذين يخشون من انعكاسات هذه التجربة على أفكار ومشاعر الشعوب العربية، وهي الملاحظة التي يلتقطها بذكاء المحلل والكاتب السوري المعارض، أكرم البني، ويلُخِّصها بالقول: "إنّ العراق يحتل مساحة الرؤية كاملة لدى المواطن العربي".
لقد استثمرت أصوات عربية وغربية، على السواء، في تدهور المشهد العراقي، وبدأت تنادي بأنّ معضلة الإصلاح السياسي في العالم العربي لا تكمن في البنية السياسية الفوقية، على فسادها وتسلّطها، بقدر ما تكمن في البنية التحتية الثقافية والاجتماعية، وقد استُدعيت فرضيات ومقولات تتحدث عن "عدم أهلية المجتمعات العربية للإصلاح السياسي". الردّ على تلك الأطروحة جاء عبر مدرسة فكرية عربية وإسلامية ترى أنّ المشكلة ليست في البنية الاجتماعية والثقافية العربية بقدر ما هي في طبيعة الاحتلال نفسه الذي أشعل النزعات الطائفية والعرقية ودفع بها إلى المشهد السياسي العراقي لتكون العائق الأساسي في بناء العراق الجديد وهي محاولة للخروج من أزمة "جلد الذات" واتهام الشعوب والمجتمعات العربية بالدونية إلى الحديث عن دور العامل الخارجي الذي يشكل بصورة مستمرة عائقاً دون تمكين مشروع الإصلاح والنهضة!
المقولتان والرؤيتان السابقتان كلتاهما تحملان مشكلات في التركيب المنطقي والتجانس البرهاني؛ فالمدرسة الأولى التي تلقي الثقل على البنية الاجتماعية والثقافية العربية هي من الجانب الآخر تمنح مسوّغات ومبررات للاستبداد والتسلط، وتهدف إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتقفز على حقيقة مهمة أنّ الاستبداد القائم هو أحد أبرز معاول تهديم البنية الثقافية والاجتماعية، ويكفي المقارنة بين "شيعة العراق" قبل تسعين عاماً عندما كانوا يقودون الحالة الفكرية والسياسية في العراق، بما في ذلك ثورة عام 1920، وبين الشيعة اليوم الذين تحوّلت قواهم السياسية الفاعلة إلى فواعل بيد الأطراف الخارجية من ناحية، وابتعدوا عن الهاجس الوطني نحو الطائفية الضيقة من ناحية أخرى.
أمّا المدرسة الثانية التي تضع اللوم على الاحتلال، فهي مدرسة تبريرية دفاعية تهرب من المشكلات البنيوية في واقعنا السياسي والثقافي ولا تواجهها، فإذا سلّمنا بصدق مقولات هذه المدرسة فإنّ من المفروض أنّ خروج الاحتلال من العراق سينهي المشكلة، وهي فرضية من المعروف أنّها غير صحيحة بتاتاً، بل إنّ خروج الاحتلال من العراق سيؤزم الصراع ويدفع به إلى أقصى الحدود الدموية. من ناحية أخرى؛ فإنّ هذه المدرسة تُغمض العين عمّا يسميه مالك بن نبي "القابلية للاستعمار"، فإذا كان من السهولة على الاحتلال إشعال الأزمات الطائفية والإثنية وتفكيك المجتمعات، فإنّ هذا يؤكد أنّنا أمام مجتمعات هشّة ضعيفة، لا مجتمعات متماسكة وصلبة وقوية ثقافياً ومدنياً. وإذا كانت هنالك بؤر مضيئة في الواقع العربي المعتم تتمثل بمقاومة الاستعمار والهيمنة في العراق وفلسطين، فإنّ هذه البؤر هي نتاج المشاعر الدينية والوطنية الطبيعية، في المقابل فإنّ حقائق الأمر الواقع من تخلف اقتصادي وفساد واستبداد سياسي وأمية ثقافية ومعرفية وأزمات اجتماعية كلها مؤشرات على أنّ الاستعمار هو نتيجة وليس سبباً.
الجدليات السابقة بمثابة مقدِّمة ضرورية لدراسة مداخل أزمات "العراق الجديد" وملامح الحل. فإذا كانت الأزمة ذات أبعاد ثقافية واجتماعية، مرتبطة بضعف البنية السياسية والمدنية في المجتمع العراقي نفسه، ما انعكس على المؤسسات الوليدة وسماتها وطبيعتها، فإنّ المطلوب هو البحث عن "الجماعة الوطنية" التي تحمل الخطاب السياسي المدني الذي يرتفع عن النزعة الطائفية والإثنية، ويتجاوز إرث الشك والصور النمطية السالبة المتبادلة بين الأطراف المشكّلة للمعادلة السياسية في العراق، ولأنّ هذه الجماعة الوطنية المطلوبة، لا تزال ضعيفة ومغيّبة عن المشهد السياسي الذي تسود فيه النزعات الأوّلية لا المدنية، فإنّ البنى المؤسسية والمدنية العراقية الحالية لا تصلح أن تكون روافع حقيقية للمشروع الوطني الموحّد العراقي.
ربما يعترض البعض على ما سبق بالقول إنّ النظام السياسي العراقي الجديد يعتمد صيغة "الديمقراطية التوافقية"، وهي الصيغة الأنسب للمجتمعات العربية التعددية، في ظل عدم التوافق على نظام سياسي مدني علماني يتجاوز إشكالية الطائفة والعرق. لكن (هذا) الاعتراض منقوض بأنّ "الديمقراطية التوافقية" تعني محاصصة في المؤسسات السياسية، وتجنيب المؤسسات المدنية الصراعات الطائفية، وذلك ما تفتقده المؤسسات المدنية والسياسية، التي تقوم على منطق الصراع الطائفي لا المحاصصة، وتوظيف المؤسسات المدنية والسياسية لخدمة مصالح طائفية وإثنية، وفق منطق المقايضة والتحالف والصراع، خارج سياق الحسبة الوطنية الكلية.
إنّ تعريف المؤسسات السياسية والمدنية الحالية بالطابع الطائفي والإثني لا يعني إغلاق الآفاق السياسية، فالحل المطلوب يتمثل على المدى القصير بإعادة بناء التوازنات داخل المؤسسات المدنية والسياسية وعدم السماح لطائفة أو اثنية معينة بالاستحواذ عليها من ناحية، ومساهمة المثقفين والإصلاحيين العراقيين - الذين لا يزالون يتجاوزون في تفكيرهم منطق الحسابات الطائفية- في بناء الجماعة الوطنية العراقية التي تحمل المشروع الوطني وتفرض خطابه ومفاهيمه وقيمه على العراقيين جميعاً، وتكون مستقبلاً بمثابة المظلة الجديدة للعراق، فتشمل العراقيين من الطوائف والأعراق المختلفة.
بالضرورة؛ إنّ إنقاذ العراق وخروجه من المحنة التاريخية الحالية يقوم على إعادة بناء الجماعة الوطنية العراقية التي تصوغ الخطاب الوطني وتفرض إحداثياته الحقيقية فوق النزعات الدينية والطائفية والعرقية.
m.aburuman@alghad.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
بوش والعراق... وحرب بدأت بالأكاذيب ولا تستمر إلا بها!
عبداللطيف مهنا
الوطن عمان
حرب، ولا كل الحروب. لم يعد أحد في هذا العالم اليوم يجهل ، وإن تجاهل الكثيرون ، أنه كان قد تم التحضير لها مسبقاً ، وهي كانت غزواً مبيتاً، ثبت الآن للجميع أنه كان قد تقرر سلفاً ... ثم فيما بعد لحق دور الالتفات إلى وجوب الانتقال إلى حيث مهمة البحث عن تبريراتها، أو الحاجة إلى نسج بيارق ذرائعها، واختلاق مسوّغات دق طبولها...
بدأت الحكاية بأكذوبة، فاثنتين، ثم تناسلتا، فتواتر نسلهما أكاذيب توالت، وكثيراً ما نسخت الواحدة سابقتها. والآن، وبعد احتلال أعقبها للبلد الضحية المستهدف يدخل عامه التدميري السادس، هل يمكن لهذه الحرب الجريمة أن تستمر وقائعاً ونتائجاً واستهدافات، أو أن يبقى الاحتلال المباشر قواعداً عسكريةً، أو الاحتلال المستبدل بالهيمنة الدائمة كنتيجة منشودة لها بدون مثل ما بدأت به من أكاذيب؟!
في البدء كانت الأكاذيب التي تناسلت لتوصل صاحبها اليوم طائعاً، بل مصمماً، إلى حيث لا انفكاك من ربقتها!
لعل هذا هو أول انطباع، بل الأهم، لدى من استمع إلى جورج بوش الابن، الرئيس الأميركي الذي يعدّ ما بقي له من أيّام في بضعة شهور تبقّت له في البيت الأبيض، وهو يقف بين جنرالااته في البنتاجون، قبل أيّام، محتفياً بمرور خمسة أعوام بالتمام على غزوه للعراق...
في السابق لم يلتفت مفبركو وضاخّو سيل الأكاذيب إلى تهافتها وانفضاحها أول فأول والواحدة تلو الأخرى. المهم عندهم كان هو تسويق الحرب داخلياً و كونياً، وانجاز الغزو وتحقيق استهدافاته الكامنة وراء شنّه، وبعدها، ليصدق باطلها من يصدق، أو ينخدع بها من ينخدع، ومن لا يفعل فماذا بوسعه أن يفعل وقد دارت عجلة آلة الموت الأعظم و الأضخم و الأكثر تطوراً والأبشع هولاً في هذا العالم فانفلتت من عقالها سادرة بلا وازع أو رادع!
في البدء كانت أسلحة الدمار الشامل، فالعلاقات المزعومة مع "القاعدة"، فمكرمة "التحرير"... أو تحرير العراق من دولته ومن عصره ، فجلب بركة الديموقراطية إلى بلاد الرافدين و المنطقة... أو الدمقرطة عبر زرع بذور الفتن الطائفية و العرقية بالمحاصصات، لتثمر هذه مشاريع دائمة كانت منشودة لحروب أهلية تؤبد الاحتلال، وتؤدي مهمتها التي لا تبقي ولا تذر... ومن يومها بدأ "التحرير" الذي انتهى إلى "الدمقرطة" بالهدم الممنهج المبرمج لكل أسس الدولة العراقية، لتستبدل الدولة بموعودة يجري تأسيسها وفق المواصفات المطلوبة تحت لافتة بائسة اسمها "العملية السياسية"... العملية السياسية لصاحبها ومرجعها وولي أمرها وصاحب كلمتها الأخيرة، الاحتلال!
حاول الرئيس الأميركي استعادة زهواً أطل به على العالم بعيد سقوط بغداد. تجاهل خمسة أعوام من كارثةٍ عراقيةٍ متواصلة، وتكاليف حرب أثقلت كاهل دافع الضرائب الأميركي، وتتجسد في اقتصاد يتراجع ودولار يفقد سطوته الكونية، ونتائجها مظاهرات بدأت بأمهات ثكلى، وهكذا حتى عمّت مدناً أكثر فأكثر تجلّت اتساعاً في يوم ذكرى الغزو، ليقول، بعد اعترافه ب"التكلفة العالية في الأرواح والمال"، بأن فعلته كانت "قراراً صائباً" رابطاً، دون أن تهمه الحقائق، جرائم الغزو المستمرة، واستمرارية فظاعة الاحتلال، بمعركته العالمية ضد "القاعدة"!
فهو دائماً مستعد لأن يؤكد ما ذهب إليه طيلة الأعوام الخمسة المنصرمة، وهو أن بلاده قد أصبحت على الطريق الذي أراده هو لها لتحقيق "نصرٍ استراتيجي" على الإرهاب، أو هذا العدو اللالحبها ومرجعها وولي أمرها، وصاحب كلمتها الأخيرة، الاحتلال!ج لكل أسس الدولة العراقية، لتستبدل بموعودة يجري تأسيسها وفق المواصفمرئي الممنوع من التعريف. وعليه، يصرّ على أن يخبر شعبه ليس للمرة الأولى ولا الأخيرة بحقيقة ربما هو يراها وحده دون سواه، وهي، كما يقول، تتمثل في أن "النجاحات التي نراها في العراق لايمكن إنكارها"!
بيد أن بوش الذي لاشك يعلم أن لا أحد يصدقه، حتى في بلاده، باستثناء بقايا من لم يتخلّى عنه من المحافظين الجدد بعد، ومرشح الحزب الجمهوري لخلافته جون ماكين، يعود فيكرر ما كرره بلا عدد طيلة الخمسة أعوام السابقة، ربما ليطمئن نفسه قبل تطمين سواه، أو إمعاناً في خداع مستمعيه، و بذات المقولة: إنها "معركة يمكن لأميركا أن تكسبها ويجب أن نفعل ذلك"!
أما مبرر هذا الاصرار لديه، فهو هو، أي ما عهدناه منه: "لأننا تحركنا، فإن العالم أصبح أفضل، وأميركا أكثر أمناً"!
أما لماذا يقول "يجب أن نفعل ذلك"، والكلام يوجهه لثلثي الأمريكان، الذين يقولون اليوم ، وفق الاستطلاعات، أنها حرب لم تستحق عناء شنّها، وغالبية منهم تؤمن أن لا إمكانية لنصر فيها، ومن بين هؤلاء ما نرى من المتظاهرين الذين يرفعون شعارات، مثل "لا للدماء من أجل النفط"؟!
فلأن، وهذه إجابته، "المكاسب التي حققناها هشّة ويمكن أن تضيع"، كما أن "التراجع الآن سيقوى شوكة تنظيم القاعدة وإيران"... اللتين يعلم الأميركان، أو أغلبهم، أنه لم يكن للأولى وجود في العراق قبل غزوه، ولا للثانية تأثير قبل ذلك... وأخيراً، فالمهم عند بوش هو إقناع من يخاطبهم، أو من هم على رأس قائمة ذلك، أي الأميركان، أن ارسال المزيد من الجنود إلى العراق من شأنه أن "فتح الباب أمام نصر استراتيجي كبير" في حربه الكونية الشاملة على عدوه المسمى الإرهاب!
وعليه، فهو يحذر معارضي حربه هذه في بلاده من أنهم "لن يحظوا بمصداقية بعد الآن إذا قالوا إننا نخسر الحرب "... وهنا، ربما بهدف تعنيفهم، يذكرهم، وهو يقف على أطلال العراق، وأجداث أكثر من مليون ضحية عراقية، ومتسبباً في تشريد ما يقارب الثمانية ملايين إنسان، نصفهم في منافي الخارج ومثلهم في حقول رعب الداخل، بمنجزه الاستراتيجي هذا، بالإشارة إلى مبتكره الأخير المعروف ب"مجالس الصحوة" العراقية، التي هي عنده "أول انتفاضة عربية واسعة النطاق"... وإن أحجم متواضعاً عن ذكر ما دعي بمؤتمر المصالحة العراقية الأخير، الذي حضره من لا يختلفون وحدهم!
... بوش، لم يقل في خطابه وهو يحتفل بذكرى غزوه للعراق، ويستعد لأن يودّع البيت الأبيض، ما تقوله الإدارة بلغات شتى، ويكرره بعض من متصالحي من لا يختلفون لا مع أنفسهم ولا مع الاحتلال، بأن بقاء الاحتلال يمنع الحرب الأهلية التي زرع الاحتلال بذرتها!
... لكنه هذه المرة، ولأول مرة، لم يعد مستمعيه بنصر صريح، كما كان يقولها طيلة الخمس سنوات السالفة، أو بذات النبرة المكررة سابقاً، وإنما كان منه، وحيث الحرب دارت طاحونتها بوقود من الأكاذيب، أن أخبرهم ضمناً:
لكي لا تتوقف طاحونتها، أو حتى إن أجبرت عليه، فلا بد لها من ذات الوقود..!
هذا هو شأن بوش بعد خمسة أعوام على غزو العراق، وقبل شهور من مغادرته للمكتب البيضاوي... إنها ذات الأكاذيب التي لم ولن تخفي دوافع هذا الغزو واستمراره... دوافعه الإمبراطورية الحقيقية، ببوش ومن دون بوش، وهي:
الإمساك بتلابيب العالم عبر وضع اليد على النفط، ليس في العراق وحده، وإنما في المنطقة بأسرها... وبسط الهيمنة على منطقة هي سرّة العالم استراتيجياً... وسبب آخر لا يتبدل دائماً: هو أمن إسرائيل!
أي إنها دوافع استراتيجية امبراطورية أميركية لن تتغير بعد بوش، حتى وإن لم يفز جون ماكين، وفازت هيلاري كلينتون أو حتى باراك أو باما، فالفارق حينئذٍ بين من خسر أو فاز هو بين من يريد نوعاً من بقاء لجيوش الغزو، ومن يريد سحبها مع بقاء الهيمنة!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
بأي حال صرت يا عراق؟!
افتتاحية
الوطن عمان
خمس سنوات مرت على غزو العراق، ولا هدف واضحاً لأهله من عملية الغزو، ربما يكون الاميركيون والاسرائيليون قد حققوا أهدافهم، ولذلك فمن حقهم أن يؤكدوا أن عملية غزو العراق كانت مبررة وتحققت أهدافها وتتحرك في اتجاه ما اسماه الرئيس الاميركي جورج بوش ونائبه ديك تشيني بـ (نصر استراتيجي).
من وجهة نظرهم فإن الأهداف الناجحة تتمثل في تدمير هذا البلد الذي كان في طليعة العمل القومي والعروبي الأصيل الذي ما زال يشكل طموحاً لكافة الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج. وتتمثل في تدمير حضارته وثقافته وثرواته التاريخية التي تؤرخ لأمجاد يكرهها أعداء العراق منذ القديم ووجدوا في جهل الادارة اليمينية الاميركية، فرصة سانحة لطمس امجاد هذا البلد الفريد في مكوناته وتاريخه وجغرافيته وتركيبته الاثنية ولتسامحه مع الجميع.
وتتمثل أهدافهم الناجحة في اشعال الفتنة الطائفية بين أهل العراق لينشغلوا في نزاعاتهم، وفي نفس الوقت يقوم الغزاة باستنزاف ثرواته النفطية وغير النفطية. كما تتمثل في إخراج العراق من طليعة الجبهة العربية لمقاومة أطماع الطامعين في ابتزاز العرب وتقليص حقوقهم الى أدنى حد ممكن.
وبخلاف تلك الأهداف لا يمكن القول إن هناك نجاحات تحققت للشعب العراقي على اي نحو من الانحاء، والغريب في الامر ان تجد وسائل إعلام تتحدث عن (نجاحات) في العراق الذي كان قبل الغزو نموذجاً في الرعاية الصحية والاكتفاء الذاتي من الموارد والمظلة التعليمية والاسكان والطرق والصناعات الثقيلة، وها هو الآن مسرحاً لأعمال العنف والموت والدماء الجارية وتصفية الحسابات الوهمية والتطهير العرقي والقتل على الهوية.
نعم عاد الغزو على الغزاة بالنفع فحق لهم ان يتغنوا بما اقترفت يداهم. لكن الغزو لم يعد على أحد من أهل العراق او محيطه الإقليمي بأية فائدة وها هي الحال التي آل إليها العراق تتحدث عن نفسها، وتفقأ عيون أجهزة الاعلام المتهافتة التي لا هدف لها الا التعمية على هذه المأساة التاريخية التي وقع فيها الشعب العراقي ولا بصيص أمل في نهاية هذا النفق المظلم.
لقد انتقل الغزاة في مسلسل التبريرات على مدى الخمس سنوات من عمر الغزو المشين من مبرر الى مبرر اكثر سخافة من الاول واكثر كذباً ونفاقاً، من اسلحة الدمار الشامل الى (إنقاذ الشعب العراقي) الى تطبيق قيم الديمقراطية والعدالة وحقوق الانسان.
فهل تحقق من هذه (الاهداف) اي شيء؟
الصدق مع النفس ضرورة محتمة على كل إنسان يعيش على الارض العربية، وأبسط اشكال الصدق مع النفس ان يكون الانسان موضوعياً في تقديره للأمور، وها هي أمور العراق مطروحة على كل بساط للبحث والتحليل، وها هي الملايين في شوارع المدن الكبرى في العالم بما فيها عواصم الدول الغازية نفسها تصرخ في وجه الكذابين والمتهافتين وأدعياء (النجاح) في العراق، ومن الآن فصاعدا سيعيش العراق في وجدان العالم كجرح نازف وليس كهدف منجز، فأي عمل خارج عن القانون ليس إنجازاً، وغزو العراق كان خروجاً على القانون الدولي واستخفافاً بكل قيمة يحرص عليها العالم، ولا مفر اليوم من إعلان الفشل لكل المعايير الأخلاقية التي تم توظيفها للإيحاء بموضوعية الغزو ومعقوليته. وحتى يقود حمرة الخجل الى وجوه الكذابين والمنافقين سنظل ندعو لأهل العراق برفع الغمة وزوال الملمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
الكذابون
محمد طمليه
العرب اليوم
* أمريكا كذّابة, ومن لا يصدق هذا يكون هو نفسه كذّابا..
* كنا نظن أن صفحة القمر طويت لصالح أمريكا عندما هبط رائد الفضاء الأمريكي "أرم سترونغ" قبل سنوات وسنوات على سطح ذلك الكوكب, وزرع العلم الامريكي هناك, ليتضح ان هذه كذبة أيضاً, وأن رائد الفضاء المشار اليه أعلاه هبط فعلاً في صحراء "نيفادا", وهناك تم تصوير الفيلم الخدعة: هذا ما قاله مؤخرا مسؤولون وعلماء امريكيون قدامى, ونشرته صحف عديدة, بما في ذلك صحفهم, كما نشرته قبل أسبوعين واحدة من صحفنا اليومية.
* حتى في هذه يكذبون, فمن يصدق أمريكا بعد ذلك?..
* وها هي الذكرى الخامسة لغزو العراق تمر متزامنة مع اعترافات الكذابين بأن "أسلحة الدمار الشامل" كانت "كذبة"/ ومتزامنة مع عملية تلصص قذرة على جوازات سفر مرشحي الرئاسة. ومع شريط مسجّل بصوت "اسامة بن لادن"/ هذا الاعرابي الذي ألحقوا به جريمة "تفجيرات سبتمبر" من خلال شريط قاموا بتسجيله لتحقيق أغراض معينّة, مع قناعتي أن تنظيم القاعدة هو نفسه "كذبة أمريكية" هدفها استيفاء الشروط لتحقيق أغراضهم الشيطانية. ثم ان غواصة نووية أمريكية عبرت "قناة السويس" قبل يومين في طريقها الى الخليج, مع جولة يقوم بها "ديك تشيني" لاقناع الدول المنتجة للنفط بضخ المزيد من هذا السائل اللعين. وكأنما هناك كذبة قذرة اخرى يريدون اطلاقها قريباً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
حقائق عن حرب العراق ذهبت أدراج الرياح
جو غالاوي
أنجلوس تايمز
إحدى أكبر نقاط القوة التي يتمتع بها الجيش الأميركي الذي أعيد بناؤه في أعقاب حرب فيتنام الكارثية تمثلت في وجود مراجعة بعد كل أداء وعملية تعلم من الدروس التي مر بها الجيش بعد كل تدريبات ميدانية وعمليات قتال على ساحة المعركة.
لا يجري إعفاء أي جنرال من الوقوف والاعتراف بأخطائه في برنامج تدريب قيادة المعركة حيث يقوم قادة اللواءات والوحدات والفيالق بعرض مهارات تلك الوحدات في إطار هذا البرنامج من خلال تدريبات ومناورات عسكرية إلكترونية.
وهناك قوات مقاومة في تلك المناورات تفعل أقصى ما بوسعها بهدف تصعيب أجواء هذه المناورات وجعلها أقرب إلى الحروب الحقيقية، وفي حال تغاضى جنرال عن خطأ أو أكثر، يلحق به أحد قادة قوة المقاومة ويوجهه إلى الصواب ويصحح أخطاءه.
هذا البرنامج جرى توسيعه في آخر عقد الثمانينات للمساعدة في إعداد قادة للحرس الوطني والجنود لما قد يواجهونه بعد ذلك في أفغانستان والعراق. وتملكت الدهشة المراقبين العسكريين بسبب ما ينطوي عليه هذا البرنامج من مطالب تفيد أن يقوم الجنرال مهما كانت رتبته بانتقاد نفسه أمام من هم أقل مرتبة منه.
وقد استعان الجيش الأميركي بشركة راند، وهي مؤسسة بحثية تتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرا لها، حيث دأبت هذه المنظمة على القيام بهذا النوع من العمل البحثي للجيش والحكومة الأميركية على امتداد عقود من الزمن.
وقد تم استخدام هذه الدراسة في تقييم دور الجيش الأميركي في غزو العراق، وهو الغزو الذي أطلق عليه اسم عملية تحرير العراق، غير أن المفاجأة تمثلت في أنه بعد مرور ثلاثة أعوام من بدء عملية الغزو، تبين أن تقرير مجموعة راند عن عملية إعادة إعمار العراق.
وهو التقرير الذي استغرق إعداده 18 شهرا وتم تقديمه إلى الجيش في صيف 2005، لا يزال موجودا حبيس أدراج البنتاغون، وعادة ما تقوم منظمة راند بعمل نسخة سرية من هذه التقارير للاستخدام الداخلي فحسب من قبل قادة الجيش ونسخة عامة للجمهور توضح فيها النقاط البارزة .
والتي يوصى بعرضها على الإعلاميين والباحثين الأكاديميين، وقد تبين أن نسختي القرار اللتين حملتا عنوان «إعادة بناء العراق» موجدتان في درج واحد في وزارة الدفاع الأميركية، حيث تنعدم فائدتهما في إعلام الجنود أو الشعب الأميركي بالحقائق التي قادت إلى فشل كارثي.
تسبب فيه الجيش والمدنيون عندما عجزوا عن التخطيط لما يمكن أن يحدث بعد إسقاط نظام صدام حسين وافترضوا سيطرتهم على أمة ظنوها متشرذمة ومتخاصمة تتكون من 25 مليون نسمة.
وقد وضعت صحيفة «نيويورك تايمز» يدها على مسودة نسخة من التقرير وقالت إن باحثي شركة راند قد أكدوا وجود مشكلات تقريبا في كل هيئة لها علاقة بالتخطيط للحرب، وهو الأمر الذي لم يكن يحمل أي مفاجأة للمتابعين لمقالات الصحيفة وكتبها عن حرب على وشك أن تدخل عامها السادس من دون أن يكون هناك أي بوادر لإنهائها.
وقد ألقت الدراسة التي وضعتها الشركة باللوم على الرئيس بوش ضمنيا وعلى مستشارة الأمن القومي وقتها كوندوليزا رايس بسبب فشلهما في تسوية الخلافات بين الطرفين المتخاصمين وقتها في الإدارة الأميركية.
وهما وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية السابق كولن باول، فقد طالب رامسفيلد بسلطة منفردة على وزارة الدفاع لمراقبة عمليات ما بعد الحرب في العراق على الرغم مما أسماه التقرير «عدم وجود قدرة على التخطيط وتنفيذ عمليات إعادة الإعمار المدني».
وقد أصدرت وزارة الخارجية في عهد باول دراسة كبيرة عن كيفية إدارة فترة ما بعد الحرب وتفعيل جهود إعادة الإعمار، وهي الدراسة التي تجاهلها رجال رامسفيلد على الرغم من عدم قيامهم بأي تخطيط من تلقاء أنفسهم. ووصفت راند هذه الدراسة التي تقوم بها وزارة الخارجية بأنها غير قابلة للتطبيق وقليلة الجودة.
وقالت الدراسة إن الجنرال المتقاعد تومي فرانكس الذي كان يتولى مسؤولية العمليات العسكرية في العراق كان يعاني من سوء فهم كبير لما كان ينبغي فعله لتأمين العراق بعد سقوط بغداد وافترض أن المدنيين العراقيين سيتولون عمليات إعادة الإعمار بنجاح.
وبما يحمله من حقائق غير مريحة ذهب التقرير إلى مكاتب قادة الجيش الأميركي في وقت كان فيه الرئيس الأميركي وحاشيته يحاولون تفادي أي نقد على سلوكهم في إدارة الحرب وأقدموا على اختلاق قصة وهمية جديدة في صورة تقرير حمل في عام 2005 اسم «الإستراتيجية القومية لتحقيق النصر في العراق».
التفسير الرسمي لسبب إخفاء الدراسة ومحاولة طيها في ملف النسيان جاء على لسان متحدث رسمي للجيش في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة « ذا تايمز»: «بعض من النتائج التي توصلت إليها تحقيقات راند تبين أنها خارج إطار سلطة الجيش ومن ثم فإنها ذات قيمة محدودة في التعريف بسياسات الجيش وأولوياته».
غير أن ما يجب أن يدركه المرء في مثل هذا الموقف هو أن ما احتواه التقرير كان حقائق خطيرة غير مريحة للبعض تماما مثل تلك التي حملها أحد كبار الجيش السابقين وهو إيريك شينسكي أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ عشية الحرب، غير أن أحدا لم ينصت إليه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
هل تتفكك الولايات المتحدة قريباً؟
د. خير الدين العايب
البيان الامارات
بدأ العد التنازلي في تراجع هيبة الولايات المتحدة الأميركية الدولية بفعل أخطاء ارتكبتها الإدارة الأميركية الحالية والتي اتصفت سياساتها بالعنجهية والرغبة في السيطرة والتفرد بالإدارة الدولية ولم تحسب بأن عالم اليوم يحتاج إلى الاعتماد المتبادل بين الدول لمواجهة الهموم الدولية مشتركة مثلما تطالب به الدول رغبة منها في تحقيق التوازن والعدالة الدولية.
لقد ظنت الولايات المتحدة الأميركية أنها أسست إمبراطورية نجحت في تفكيك الإمبراطورية السوفييتية والمنظومة الاشتراكية وأنها باتت قوة دولية يحق لها لوحدها إدارة الشؤون الدولية ولم تحسب بأن معايير القوة الدولية اليوم لم تعد تتحدد في الجوانب العسكرية والاقتصادية فحسب بل تتحدد أساسا في المقدرة على التكيف مع الرهانات الدولية الناجمة عن التسارع والتداخل في الروابط بين الدول في المجالات الاقتصادية والمعلوماتية والأمنية.
وظلت الولايات المتحدة الأميركية، منذ التسعينات، حبيسة التفكير الاستراتيجي الضيق وهمها الوحيد هو الرغبة في الجلوس بمفردها على عرش الإدارة الدولية وكانت تتخوف من أي قوة دولية تشك في أنها سوف تضر بمستقبل زعامتها ولم تنتبه الولايات المتحدة إلى هذه القوى الدولية التي تخوفت منها وعملت على إبعادها قدر المستطاع من الإدارة الدولية لم ترغب بالمشاركة في الإدارة الدولية ولم تطمح إليها البتة.
بل ما كانت تفكر فيه هذه القوى كدول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين هو البحث عن آليات تستطيع بموجبها من أن تتعاون فيما بينها على حل مشكلاتها الداخلية ومواجهة الرهانات الآتية من البيئة الدولية.
وهكذا نجحت دول الاتحاد الأوروبي مثلا في تجسيد مشروعها الاتحادي بآليات مكنتها من البروز كقوة دولية جديدة يحسب لها الحساب وتتمتع باقتصاد متماسك وبإدارة مرنة استطاعت أن تتكيف مع تحولات العالم ومتغيراته وكانت النتيجة أن تحول الاقتصاد الأوروبي إلى اقتصاد متماسك رفع من النمو الاقتصادي لأوروبا وأعطى للعملة الأوروبية مكانة وهيبة.
وهذه المكانة الدولية الجديدة لأوروبا هي التي فرضت واقعا دوليا جديدا تمثل في مطالبة أوروبا الولايات المتحدة الأميركية في البدء بسحب صواريخها من بعض العواصم الأوروبية معللة ذلك بمقدرة اوروبا في الدفاع عن أمنها بمفردها وذات الإجراء سارت عليه روسيا الجديدة التي استطاعت هي الأخرى أن تتجاوز مشكلاتها وتعيد هيبتها وهاهي تعارض الولايات المتحدة الأميركية اليوم وبقوة في مشروع الدرع الصاروخية.
إن الهيبة تتولد من العقلانية وحسن الإدارة ومراعاة مصالح الآخرين واحترام إرادة الشعوب ولا تتولد من احتلال وتخويف الشعوب مثلما هو الشأن بالنسبة للإدارة الأميركية الحالية التي كانت السبب في بداية انكماش الإمبراطورية الأميركية وربما هي بدايات التراجع الحتمي لإمبراطورية حكمت العالم بالحديد والنار.
وربما نشهد ميلاد عهد دولي جديد في المستقبل القريب يكون التوازن فيه لكتل وتجمعات سياسية واقتصادية جديدة قد تعيد النظر في الوضع الدولي الراهن الذي يتسم بالفوضى وبغياب العدالة وعدم احترام قواعد القانون الدولي.
الأكيد أن تراجع مكانة الولايات المتحدة الأميركية الدولية لصالح قوى دولية جديدة سوف يخدم المجتمع الدولي أكثر مما يضره، ولكن يبقى على دول هذا المجتمع أن تطالب بالعدالة الدولية وبالمشاركة في الإدارة الدولية .
وهنا يقع العبء الأكبر على الدول العربية التي من مصلحتها الأساسية أن تسارع إلى حل خلافاتها ومشكلاتها المتراكمة وتبدأ بالتفكير في البحث عن آليات للتكيف مع الواقع الدولي الجديد، هذا الواقع الذي لم يعد يعترف بالكيانات السياسية المجهرية والمهزوزة سياسيا واقتصاديا بل يعترف بالدول المتماسكة اقتصاديا وتتمتع بقدر من الاحترام والنضج السياسي.
فعهد الأنظمة السياسية الشعبوية انتهى والمستقبل للأنظمة التكنوقراطية التي تستطيع أن تنقل شعوبها إلى عهد جديد ومتفتح على الثقافات والحضارات وقادرة على الدفع بشعوبها للنهوض من هذا الخمول والكسل الذي يغلف السماء العربية ومن ثمَّ المساهمة في التنمية الدولية.
العرب مطالبون بصنع مستقبلهم والظفر بمكانة دولية. لكن التساؤل الذي يدور في خلد أي عربي: هل الأنظمة الحالية قادرة فعلا على صنع مكانة وهيبة لشعوبها؟ الواقع يقول عكس ذلك، فما تختلف فيه الدول العربية أكثر مما يجمعها، وفي حالة التمادي في هذا الوضع سوف نظل على هامش الحياة الدولية ولا ندري ربما كتب علينا الزمان أن نبقى عبيدا ننتظر الرغيف الذي يأتينا من الخارج.
وها نحن عاجزون حتى على الالتقاء ومناقشة وضعنا، ويجب أن لا نتحسر على هذا الوضع ونرمي باللوم على الولايات المتحدة والاستعمار والإمبريالية، بل العيب فينا، وصدق من قال ان العرب سوف ينقرضون من عالم الدول كما انقرضت حضارات سابقة قبلنا، وإذا كنا بدأنا نشهد انكماش الحضارة الأميركية فنحن انكمشنا من يوم اتفقنا على أن لا نتفق.

ليست هناك تعليقات: