Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 5 يناير 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات السبت 05-01-2008


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
عراق 2008.. الوضع كما هو عليه !

أحمد المرشد

الشبيبة عمان
عام وبضعة أيام مروا علي إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين والأوضاع في العراق لم تتحسن بعد لا علي المستوي الأمني أو الاقتصادي أو حتى السياسي..فالشواهد المتوفرة لأي متابع للشأن العراقي لا تؤهل للخروج بتحليل متوازن تجاه هذا البلد الشقيق الذي راح ضحية لقناعات أمريكية زائفة..ولو شئنا الدقة لقلنا إنها مجرد قناعات لشخص يتوهم القوة والعظمة في نفسه وقدراته ..شخص أراد استخدام هذه القوة في الشرق الأدنى من العالم ولم يجد مكانا أفضل من العراق ليجرب فيه طاقاته التسليحية وخططه العسكرية.
ويكفي أن نرصد عناوين الصحف خلال الأيام القليلة الماضية لنخرج بنتيجة واحدة مفادها أن هذا البلد يعيش الأمرين ويمر بحالة من السواد يصعب تجاوزها في الوقت الراهن. فالجيش الأمريكي باق في العراق خلال عام 2008 رغم إعلان البنتاجون عن بدء الانسحاب التدريجي اعتبارا من منتصف العام الذي هلت بشائره. وهذا يعني أن المخاوف لا تزال مستمرة وأن احتمال الانزلاق إلى حرب أهلية أو طائفية في العراق هو احتمال قائم وبقوة أيضا.
وإذا كان حكمنا نابع من عناوين الصحف في الأيام القليلة الماضية كما أسلفنا فهاهو قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس يحذر من انسحاب سريع للوحدات الأمريكية باعتبار إن ما سماه التقدم الأمني الذي أحرز لا يزال هشا ومتواضعا في عدة مجالات. فهذه شهادة قائد أمريكي لا يزال في الخدمة وليس علي التقاعد حتى نتهمه بالضعف لأنه يتحدث وهو خارج المنصب.
وعلي المستوي الحكومي ربما نسترجع ما نقل عن الرئيس العراقي جلال طالباني قبل أيام بأنه سيعلن قريبا تشكيل حكومة وحدة وطنية علي أسس جديدة تحددها الخريطة السياسية في البلاد. ويبرهن هذا الإعلان علي فشل حكومة نوري المالكي ذات الصبغة الشيعية باعتبار إن الشيعة يشكلون النسبة الأعلى في الحكومة وفقا لعدد المقاعد التي يحتلونها في البرلمان. وهذا وضع ناجم عن الدستور الجديد الذي أفضي إلى تدشين حالة من التقسيم وليس التقاسم كما زعم الأمريكيون وأعوانهم في العراق. هذا الوضع الذي سيكرس للأسف فكرة تقسيم العراق وتفتيت ثرواته ومقوماته التي كان يعتمد عليها قبل الاحتلال الأمريكي.
وقطعا نحن ليس مع من يقول من أنصار صدام حسين في ذكرى إعدامه :" لا حياة بلا شمس ولا كرامة بلا صدام" فهو الذي ادخل العراق في هذا النفق المظلم ومنح الفرصة للأمريكيين لوضع أقدامهم بل كل أجسامهم في المنطقة وهو الذي منحهم الفرصة لبعثرة الاتهامات يمينا ويسار وإلى هذا وذاك وأمامنا سوريا التي تترقب سقوط سيف ديموقليس - وفقا للأسطورة الإغريقية – عليها في أي وقت ويكفيها تحذير بوش بأن صبره قد نفد تجاهها وهو ما يضعها في المرتبة الثانية من الإستراتيجية الأمريكية للسيطرة على المنطقة.
ومن الإنصاف أن نشير إلى تراجع صور الوكالات المفزعة والتي تصور جنودا أمريكيين مدججين بالسلاح وهم يقتحمون المنازل بأحذيتهم ليروعوا الناس الآمنين في بيوتهم ولكن بالرغم من ذلك لم تتراجع العمليات الانتحارية التي تتعرض سوريا لاتهامات أمريكية مباشرة بأنها وراء تسلل الإرهابيين . والسؤال:" أين رجال الأمن العراقي والجنود الأمريكيين الذين يفترض إنهم يتولون عملية حماية وحراسة الحدود وتوفير الأمن والأمان للمواطنين".
لا شئ تغير علي أرض الواقع في العراق فالمشهد المأساوي يظل علي حاله من حصار واقتحامات واغتيالات واعتقالات.
إن الذاكرة مثقلة بعد عام من إعدام صدام حسين مثقلة بذكريات إليمة ومريرة بسبب ما يتعرض له العراق الشقيق وشعبه العربي الأصيل من نكبات وويلات. وإذا كان جيلنا لم يعش نكبة فلسطين في عام 1948 فحظه العاثر أوقعه في نكبة أخري وربما أشد إيلاما في العراق منذ عام 2003 وبدلا من أن نري عراقا ديمقراطيا وواحة غناء ونموذجا يحتذي به للجيران سواء الأخيار أو الأشرار وجدنا بلدا تشتد فيه العواصف وتستعر فيه النيران ووجدنا صورة مخيفة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يروجون له. هذا الشرق الأوسط الذي يحقق ما جاء في خطاب بوش عام 2001حول إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي وقال فيه :" إن الوجود الأمريكي وراء البحار هو واحد من أعمق رموز التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها وأصدقائها..ومن أجل الوقوف في وجه التحديات الأمنية التي نواجهها تحتاج الولايات المتحدة إلى قواعد ومحطات داخل ووراء أوروبا الغربية وشمال شرق أسيا وكذلك إلى ترتيبات وجود مؤقت من أجل توفير الإمكانية لتحريك القوات الأمريكية لمسافات بعيدة".. وهاهو بوش يطبق ما أورده في خطابه قبل ستة أعوام إذ تضع الولايات المتحدة يدها علي الموارد الطبيعية للشعوب خاصة النفط وتفرض الوصاية السياسية عليها وتملأ العالم بقواعدها العسكرية وتمسك بزمام الاقتصاد العالمي.

لقد مر عام علي إعدام صدام حسين ولم تظهر إستراتيجية جديدة في العراق وفشلت كل المراهنات الأمريكية علي تحديث هذا البلد الذي مني بتدهور خطير في ظل احتلال أمريكي عسكري وتنامي النزعة الطائفية فيه و لم تتوصل حكومته – حكومة المالكي – إلى سياسة تتخطي من خلالها ما وصل إليه الحال من خطورة مع تنامي الأزمات ولذا سيظل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على الرغم مما اقترفه من أخطاء ذلك الرجل الذي استطاع أن يحكم الشارع العراقي من الغليان الذي نراه اليوم ومن هذا الانقسام الطائفي.
لقد أصبح العراق نموذجا للفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بعدما تحللت مؤسسات الدولة به وخاصة الجيش والشرطة ولعبت الحكومة علي وتر الخلافات الطائفية فيما ركزت القوات الأمريكية علي وسائل القوة العسكرية لفرض إملاءاتها علي العراقيين وأيضا كون الإدارة الأمريكية تعمدت بصورة غير مباشرة إقصاء المعارضين للاحتلال من العملية السياسية ورفضت تحديد أفق لإنهاء احتلال العراق مع التعمد أيضا في تبني سياسة " فرق تسد" وهو ما أسهم في زيادة النفوذ الإيراني في العراق.




ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
.. وما زال مسلسل اغتيال علماء العراق مستمرا
ابراهيم العبسي
الدستور الاردن



لم يعد سرا ، ان احد اهم الاهداف الاميركية لغزو واحتلال العراق عام 2003 هو تصفية العلماء النوويين العراقيين وكذلك اساتذة الجامعات من ذوي الاختصاصات العلمية. والتصفية هنا تعني اما قتل واغتيال هذه العقول العلمية او ارغامهم على الهجرة الى الولايات المتحدة واستيعابهم في المنشآت النووية الاميركية. ففي احدث واخطر تقرير لوزارة الخارجية الاميركية صدر اواخر الشهر الماضي هكذا علنا وبكل وقاحة واستخفاف غير عابئة بما يمكن ان يثيره هذا التقريرالذي رفعته الى الرئيس الاميركي جورج بوش ، كشفت الخارجية الاميركية ان مجرمي الاجهزة الامنية من حثالات القتلة الاميركيين وغير الاميركيين كان لهم الدور الاكبر في ملاحقة وتصفية هؤلاء العلماء والاساتذة.

والاخطر من ذلك اعترف التقرير بان الدور الاكثر اهمية في ذلك كان لجهاز المخابرات الاسرائيلية الموساد المدعوم بوحدات من قوات الكوماندوز في الجيش الاسرائيلي الذين انتشروا في العراق منذ اليوم الاول للاحتلال اي منذ اربع سنوات تقريبا ، وبين التقرير ان عملاء الموساد ورجال الكوماندوز ما زالوا يواصلون هذه المهمة الاجرامية تحت سمع وبصر الاميركيين المحتلين ، فمصلحة الاميركيين والاسرائيليين هي في التخلص من هؤلاء العلماء والاساتذة باي ثمن حتى لا يعود العراق قادرا على اعادة بناء نهضته العلمية.

وكانت بعض الصحف العراقية قد اشارت الى هذه الجرائم في وقت مبكر بعد الاحتلال الاميركي مباشرة ونشرت اسماء ما يربو على الالف عالم واستاذ جرت تصفيتهم في ذلك الوقت اضافة الى ثلاثمائة وخمسين اخرين قتلوا عام 2004 ، والحبل على الجرار حتى يتم التخلص من هذه العقول العلمية العراقية تماما.

رغم ذلك فان عددا غير قليل من هؤلاء العلماء الذين يعدون بالالاف رفضوا الهجرة الى اميركا واختاروا الفرار اما داخل العراق او خارجه في بلاد الله الواسعة ـ الضيقة ، هذا عدا عن اولئك الذين القت عليهم القبض قوات الاحتلال وعملاء الموساد وجرى زجهم في معتقل ابوغريب ، حيث تعرضوا وما زالوا لابشع الوان التعذيب والامتهان والاذلال.

والغريب ان عمليات القتل والابادة والاجرام تجري في وضح النهار وتحت سمع وبصر العالم والامم المتحدة والمنظمات الدولية الانسانية دون ان يجرؤ احد على فضح هؤلاء الفاشيين الامبرياليين والصهاينة المجرمين.

والاغرب ان الامة العربية تكتفي بالتفرج على هذه المذابح والجرائم دون ان تملك الجرأة على فتح ابوابها لهؤلاء العلماء الافذاذ واستيعابهم في مؤسساتها او حتى مجرد حمايتهم من القتل وفضح ممارسات الاحتلال الاميركي الاجرامية التي تجاوزت كل الاعراف والقوانين والشرائع الدولية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
نظرة قانونية: مبدأ التدخل الفيدرالي 1-2

د. فلاح إسماعيل حاجم
اخبار العرب الامارات
شكّلَ تنظيم العلاقة بين المركز وأقاليم الدولة الفيدرالية واحدة من المسائل الأكثر حساسية في التاريخ الدستوري للكثير من البلدان التي اتخذت من الاتحادية شكلا للدولة. وإذا كان العقل البشري (والاَباء المؤسسون) قد اعتمدوا الفيدرالية تاريخيا لتوحيد ولايات وأقاليم ومقاطعات وكنتونات، وفيما بعد، دول مستقلة وذات سيادة، ووضعوا الأسس السياسية والقانونية وابتدعوا اَليات واقروا أعرافا أصبحت فيما بعد ثوابت للعيش المشترك، اذا كان كل ذلك تعرض ، وما يزال، لهزات تصل في الكثير من الأحيان إلى حالة الصراع العنيف، نتيجة تصادم المصالح، فان تداعيات التطور العكسي المتمثل في انتقال الدولة من شكلها البسيط إلى الفيدرالية تكون اشد وطأة، ذلك ان الصراع في الحالة الأولى يتم حول ما هو موجود وما يمكن أن يظهر مستقبلا، في حين يجري الصراع في الحالة الثانية على ارث الدولة القديمة وكل ما يتمخض عن ذلك من إشكالات، هي نتاج لعيش أزلي مشترك بين مكونات الدولة المختلفة. ويتخذ الصراع على السلطة والإرث طابعا اشد ضراوة في البلدان كثيرة الخيرات، وخصوصا تلك التي تتميز بتعددية الإثنيات القومية والاختلافات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية . . . الخ، وهذا ما يمكن ملاحظة مقدمات فصوله الأولى بكل جلاء في الحالة العراقية الراهنة. من هنا الضرورة القصوى لدراسة الموروث الدستوري للبلدان التي تمكنت من تثبيت قواعد متينة للحفاظ على وحدة الدولة وضمان الحقوق الأساسية لجميع مكوناتها، والحيلولة دون انتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ولمنع تعسف سلطات الأقاليم. إن مساهمة الأطراف الفيدرالية (الأقاليم) في رسم سياسة الدولة وفق اَليات دستورية محددة، تقابلها رقابة السلطات الاتحادية (المركزية) على نشاطات سلطات الأقاليم، وفق أشكال واَليات يقوم دستور الدولة والتشريعات الاتحادية الأخرى برسم أطرها. وعادة ما يتضمن الدستور الاتحادي أشكال الرقابة تلك، ويمكن ان يكون تنظيم البعض من تلك الأشكال موضوعا للعرف الدستوري (غير المكتوب). وتتوزع أشكال الرقابة بين العادية (الطبيعية) والطارئة. فالرقابة المالية، على سبيل المثال، تعتبر من بين اكثر الأشكال العادية شيوعا، ذلك أن الموارد المالية لأقاليم الدولة (الكنتونات، الأراضي، المقاطعات. . . الخ) عادة ما تكون ضئيلة، ربما بسبب ذهاب الغالبية العظمى من الضرائب إلى ميزانية الدولة المركزية. فيما تقوم سلطات الأخيرة بتحويل ما تحتاج اليه الولايات، اما على شكل مساعدات او من خلال بتمويل المركز لمشاريع التنمية داخل الأقاليم، وفي بعض الأحيان يتم تحويل الأموال اللازمة لميزانية الإقليم على شكل قروض . فيما تتولى الأجهزة المختصة التابعة للسلطات الاتحادية مهمة مراقبة سبل صرف تلك الأموال من قبل الإقليم، ولاسيما الأموال الممنوحة على شكل مساعدات. وكثيرا ما تلجأ السلطات المركزية للدول الاتحادية الى استخدام الرقابة القضائية بالعلاقة مع أقاليمها، وخصوصا اذا ما تعلق الأمر بالنزاعات بين المركز والأطراف حول الاختصاصات، حيث تقوم السلطات المركزية للدولة الفيدرالية بتحريك دعوى قضائية ضد سلطات الأقاليم، إذا ما وجدت ان في نشاط الأقاليم ما يخالف الدستور والقوانين الفيدرالية. وتعتبر الرقابة عن طريق الأجهزة التنفيذية واحداً من اكثر أشكال الرقابة على نشاط اجهزة السلطة في الأقاليم انتشارا. فبخلاف الأجهزة التشريعية للأقاليم، والتي تتمتع بالاستقلالية -كونها منتخبة من الشعب ومفوضة من قبله- تشكل أجهزة الأقاليم التنفيذية في الكثير من البلدان الفيدرالية امتدادا لمثيلاتها المركزية، مع كل ما يترتب على ذلك من خضوع أجهزة الاقاليم التنفيذية لأجهزة الدولة العليا (وخصوصا اذا ما تعلق الأمر بالاختصاصات الاتحادية الحصرية). هذه القاعدة بالذات منحت رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية الاعتماد على قطاعات المتطوعين في القوات المسلحة المتواجدة في الولايات الأمريكية (الحرس الوطني للولايات) في فترة تمرد حكام الولايات وبروز الحاجة لتطبيق القانون الفيدرالي وقرارات المحكمة الفيدرالية العليا القاضية بتامين عمل المؤسسات الاجتماعية مثل المدارس والمستشفيات وخدمات المياه والكهرباء والإطفاء . . . الخ، بغض النظر عن كون تلك الأجهزة حكومية أو بلدية أو خاصة. وقد ظهر ذلك جليا أثناء أحداث العنف التي رافقت احتجاجات الزنوج والهنود الحمر، وكذلك خلال الكوارث الطبيعية.

ان تجربة البلدان التي اتخذت من الفيدرالية شكلا للدولة في مجال تفعيل مبدأ التدخل الفيدرالي تفيد بان هذا المبدأ يشكل الوسيلة التقليدية لسياسة المركز بالعلاقة مع أطراف الدولة. على انه لابد من الإشارة هنا إلى أن التدخل كثيرا ما يأخذ طابعا خفيا (سريا)، وخصوصا في فيدراليات ’’العالم الثالث’’ حيث الثأثير الكبير لنظام الدولة السياسي (ديمقراطي او غير ديمقراطي) على شكلها المساحاتي (الفيدرالي في حالتنا هذه). وفي جميع الأحوال فان اغلب دساتير الدول الفيدرالية تضمنت حق التدخل الفيدرالي كأحد الاختصاصات الحصرية لهرم السلطة التنفيذية الاتحادية. فيما اشترطت موافقة جهاز الدولة التشريعي (البرلمان الاتحادي) للقيام بالتدخل. فالمادة 37 (1) من القانون الأساسي الألماني، على سبيل المثال، تقول ’’ في حال عدم تنفيذ الأراضي للالتزامات المنصوص عليها في الدستور الاتحادي او القوانين الفيدرالية، فان بإمكان الحكومة الفيدرالية، وبموافقة البندوسرات اتخاذ الخطوات اللازمة لإجبار الأراضي على تنفيذ التزاماتها’’.

أما الوسائل غير العادية (الطارئة) للرقابة على الأقاليم فيمكن تمييز أربع أساسية، وهي: إعلان حالة الطوارئ في الإقليم او في أجزاء منه، وإخضاع الإقليم للإدارة الرئاسية المباشرة، واجتياح أراضى الأقاليم، وحل أجهزة السلطة في الإقليم او إيقاف نشاطها. فقد تضمنت الغالبية العظمى من دساتير البلدان الفيدرالية إمكانية إعلان حالة الطوارئ. حيث تناولت التعديلات التي أجريت على الدستور السوفيتي لعام 1977 والتي أقرت في عام 1990 هذا المبدأ، غير أن حالة الطوارئ لم تفرض ولا مرة واحدة أثناء وجود السلطة السوفيتية. على العكس من الاتحاد الروسي، والذي تضمن دستوره لعام 1993 هذا المبدأ أيضا (المادة 88)، اذ قامت السلطات الفيدرالية بالفعل بإعلان حالة الطوارئ في الأجزاء الجنوبية من روسيا في التسعينات من القرن الماضي. وعادة ما يتم إعلان حالة الطوارئ وفق مرسوم رئاسي وبموافقة البرلمان (أو أحد مجلسيه)، مما يترتب عليه تعطيل بعض الحقوق الدستورية مثل منع الحركات الاحتجاجية كالتظاهر والاعتصام ووقف نشاط الأحزاب السياسية والتضييق على حرية الصحافة وإمكانية الحبس الاحتياطي للمواطنين، وخصوصا المتهمين بارتكاب نشاطات إجرامية (180 يوما للمتهمين بالإرهاب في الهند مثلا)، بالإضافة إلى تفتيش وسائط النقل وتحديد حركة الأفراد وإبعاد المقيمين بشكل مؤقت إلى مناطق سكناهم الدائمة، والقيام بحل بعض الأجهزة المحلية وإبدال الموظفين المحليين باَخرين من المركز. . . . الخ. ويترافق إعلان حالة الطوارئ كذلك بتعبئة المواطنين وإلزامهم القيام ببعض الأعمال، وخصوصا عند إعلان حالة الطوارئ بسبب الكوارث الطبيعية. وتقوم السلطات المختصة بإدخال تغييرات على مواعيد عمل المؤسسات الخدمية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتامين الضرورات الحياتية وتوفير ما يلزم للتغلب على عواقب الكوارث (وسائل النقل مثلا).

وما زلنا بصدد الحديث عن إعلان حالة الطوارئ، أجد من المفيد التذكير بان الولايات الهندية كانت الأكثر تعرضا لإعلانها، قياسا بأقاليم البلدان الفيدرالية الأخرى، وربما كان ذلك ناتجا عن النشاط المتزايد للحركات الانفصالية في الهند. وشهدت ولايات باكستان وماليزيا وجزر القمر إعلان الطوارئ أيضا والتي شملت، في بعض الأحيان، البلاد بكاملها. فيما شهدت بعض الولايات المكسيكية حالة الطوارئ في أوقات مختلفة. وكثيرا ما أعقب الانقلابات العسكرية إعلان الطوارئ في بعض البلدان الفيدرالية (البرازيل، نيجيريا، باكستان . . . وغيرها)، غير أن إعلان حالة الطوارئ بعد الانقلابات العسكرية تأتي مخالفة لدستور الدولة، وليس تنفيذا لقواعده التي عادة ما تقوم برسم الحدود اللازمة لإعلان الطوارئ. الأمر الذي ينتج عنه، كما تثبت التجربة، التجاوز على الاختصاصات الحصرية لأقاليم الدولة الفيدرالية وإقامة نظام المركزية المفرطة. وفي كثير من الأحيان تمتد فترة الحكم العسكري لسنوات، تتخللها فترات قصيرة من الحكم المدني (باكستان مثالا) فيما أمضت نيجيريا الجزء الأكبر من فترة استقلالها السياسي في ظل الحكم العسكري، وكان مجموع سنوات الحكم العسكري الذي شهدته البرازيل اكثر من عشرين عاما، أخرها امتد من عام 1964 ولغاية 1970.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
هذا بعض ما قالوه وتعهّدوا به.. ثم نفّذوا عكسه على الأرض!إنفصام الشخصية من أبرز صفات "القيادة" الكردية في العراقماذا تعني العودة للتمسّك باتفاقية الجزائر الملغيّة بعد أن أصبحت إيران هي التي تدير شؤون العراق المحتل؟
نبيل أبو جعفر

شبكة البصرة

اتفاقية الجزائر التي وُقعّت بين العراق وايران في العام 1975، ووضعت حداً لتجاوزات وعدوانية نظام الشاه، يمكن أن يراها أي واحد منا خطوة ايجابية، أو يراها العكس، ذلك أمر طبيعي تجاه أية قضية أو موقف. أمّا أن يعارضها الإنسان ويعتبرها سيّئة، ويحمل عليها في تصريحاته ومواقفه، ثم يعود بعد حين من الزمن ليشيد بها نفسها، ويعتبرها مهمّة وواجبة النفاذ على كلا الطرفين، فهذا هو الخطل بعينه.

الرئيس العراقي – الكردي – الأميركي جلال الطالباني مثل صراخ على هذا النموذج من البشر، ليس بالنسبة لهذه القضية فحسب، بل في سائر مواقفه من مختلف القضايا. فعلى هامش لقائه في الأيام الأخيرة من العام الماضي مع السفير الايراني ببغداد كاظمي قمي ومباحثاته "الايجابية" معه حول العلاقات المستقبلية بين البلدين الجارين، دعا الطالباني الحكومة الايرانية إلى إبرام اتفاق استراتيجي طويل الأمد مع العراق "المحرر"، وأعرب عن تمسّكه باتفاقية الجزائر.

ولما سئل كيف يوفّق بين هذا الموقف وموقفه السابق المناقض بالكامل تجاه هذه الاتفاقية ردّ البرميل المنفوخ بالهواء الأميركي قائلاً "ان الظروف قد تغيّرت. فاتفاقية الجزائر كنّا ضدها ونعتبرها سيّئة لأنها بين نظام صدام حسين والشاه. أما وقد تغيّرت الظروف وتحرّرت ايران وذهب الشاه وأصبحت دولة إسلامية صديقة، كما تحرّر العراق وأصبح صديقاً لايران، فإن الموقف لا بدّ أن يتغيّر، ولذا فإنني اعتبر أن هذه الاتفاقية – أي نفس التي كان لا يعترف بها وبكل بنودها – ما زالت قائمة وهي نافذة المفعول، ولا يجوز لأي طرف من طرفيها أن يلغيها من جانب واحد"!



التناقض وانفصام الشخصية

جاء هذا الكلام بعد يوم واحد فقط من تصريح سابق له أعلن فيه عدم اعترافه بهذه الاتفاقية، فأثار حنق الإيرانيين على مزاجه الفجائي الأهوج، ودفعهم إلى الرّد بعنف عليه، ثم تحذير الاميركان من اللعب في هذا الموضوع من جديد. وفي هذا الرّد اتهام صريح للطالباني بأنه بيدق بيد الاميركان ويعبر عن صوت أسياده.

الجدير بالتنويه هنا أن هذه الاتفاقية قد أُلغيت رسمياً من قبل العراق في أواخر شهر ايلول/سبتمبر 1980، بعد أن أُلغيت عملياً من قبل نظام الخميني فور قيام "الجمهورية الاسلامية"، وفقدت مبررات وجودها في ظل عودة العلاقات إلى أسوأ من تلك التي أدّت إلى ابرامها مع الشاه، إثر مبادرة من قبل الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين.

فالمعروف أنه قبل الخميني وحكم الملالي المحيطين من حوله، المتعلّقين بـِ "روحه" وفتاويه، كان نظام الشاه قد تمادى في كيل الاتهامات والتطاول على العراق منذ استلام حزب البعث السلطة فيه، وتصرّف معه كما تصرّف الخميني من بعده، ولكن دون اطلاق شعارات "تصدير الثورة" أو ما شابه. فقام بسلسلة من الاعتداءات على الحدود والمواقع العراقية، ثم واصل تحرّشاته وحشد قواته، وأقام تحالفات كيدية معادية مع القيادات الكردية الانفصالية في شمال العراق، وقدّم لها العون المادي والعسكري بشكل مباشر في عمليات المواجهة مع قوات النظام الرسمية.

لقد وصل توتّر الأوضاع بين البلدين الجارين في حينها الى نقطة الانفجار باتجاه حرب مفتوحة، لولا قيام بومدين بمبادرة استضافة الطرفين على طاولة المحادثات بغية إطفاء فتيل الحرب وتجاوز حالة التوتر السائدة بينهما، وهذا ما حصل، حيث تم الوقوف أمام كل النقاط الخلافية والأعمال العدائية، وأعيد النظر بترسيم الحدود البرّية وكذلك مياه شط العرب، وجرى تجميد الصراع لعدة سنين حتى تمّ خلع الشاه واعلن عن قيام " الثورة الاسلامية ".



عودة "الثورة" لاساليب الشاه

وكان أول ما إختطّتهُ هذه "الثورة" بدفع علني من قبل الخميني شخصياً العودة الى معاداة العراق تحت شعار "تصدير الثورة" إلى الجيران، وبدأ شريط التحرشات والاعتداءات على العراق يُعيد نفسه من جديد، انتقاماً من قبل الخميني شخصيا لما تضمّنته الاتفاقية بالنسبة لوقف نشاطه المعادي لنظام الشاه انطلاقاً من الاراضي العراقية، وقد استهّل الايرانيون فعالياتهم العدوانية بتنفيذ العديد من التفجيرات الارهابية في بغداد والمدن العراقية، كان من ضمنها التفجير الذي وقع في جامعة المستنصرية واستهدف عضو القيادة طارق عزيز، الذي أصبح نائباً لرئيس الوزراء في وقت لاحق. ثم قاموا بتوثيق علاقاتهم مع الجماعات الكردية الانفصالية، أنطلاقاً من نفس التوجّه الذي اعتمده الشاه لضرب اسفين في وحدة العراق وشعبه.

ودون الغوص في متاهة التفاصيل على أهمّيتها يمكن القول أن هذا الوضع كان مقدمة طبيعية لاندلاع الحرب الطاحنة دفاعاً عن البوابة الشرقية لوطننا العربي، وكان من المنطقي والمفروض أمام هذا التدهور أن يقوم العراق بالغاء هذه الاتفاقية رسمياً بعد أن أصبحت غير قائمة أصلاً، ولم يعد معترفاً بها من قبل نظام الخميني ذاته.



مع أتباع الاميركان

يداً بيد؟

لقد رضيت إيران في علاقتها مع القيادات الكردية الإنفصالية أن تضع أيديها بأيدي أتباع الأجهزة الاميركية مثلما فعل الشاه الذي عملت على إزالته، وعملت على توطيد علاقاتها بهم أكثر وأكثر كلما ارتفعت وتيرة الهجمة على العراق، مع أن موفديها وأزلامها الذين كانوا في الصفوف الأولى من مؤتمرات المعارضة العراقية في الخارج قد سمعوا بآذانهم ما طلبه الأميركان والانجليز منهم علناً وصراحة في مؤتمر لندن الذي انعقد قبل سنة من شنّ الحرب الاحتلالية على لسان رئيسة منظمة إنديك البريطانية، وثيقة الصلة بالاستخبارات، وواجهتها وسط "منظمات المجتمع المدني"، التي خاطبتهم قائلة بالحرف: نريدكم أن تكونوا عيوننا وآذاننا داخل العراق، وأن توافونا بتقارير مفصّلة عن أحوال البلد وقواته المسلحة، عددها وعدادها وتنظيمها وتحركاتها، فضلاً عن رصد تحركات كل مسؤول عراقي يغادر الى الخارج في أي مهمة لكي نتحرك للقبض عليه من قبل "الانتربول"؟

هذا "الفَرمان" الاميركي – البريطاني سمعه بآذانهم كل ممثلي المنظمات والأحزاب العراقية الجالسة الآن في مقاعد سلطة الاحتلال ببغداد، وهزّوا رؤوسهم سمعاً وطاعة، وكان في مقدمتهم أحمد الجلبي وأصحاب العمائم البيضاء والسوداء، و"الشريف" علي، وبعض الساقطين من مسيرة حزب البعث والحزب الشيوعي، الى جانب مجموعتي الطالباني والبرزاني.



المبالغة في النّفاق

والتآمر أيضاً!

والحقيقة أن مواقف الطالباني – كرفيقه الانفصالي – كانت من يومها ومنذ أن شاءت الأقدار السيئة أن نسمع باسم هذا البرميل المنفوخ بالهواء الأميركي، على منوال موقفه الأهوج والمتذبذب من موضوع اتفاقية الجزائر وسائر القضايا الأخرى. ولا أنسى هنا كيف تكلّم بهوجائية وأسلوب نفاقي حين "استنطقناه" أواسط الثمانينات من القرن الماضي في صحيفة "الطليعة العربية" التي كانت تصدر بباريس عن رأيه بالأسلوب الممكن لحل النزاع المتفاقم بينه وبين البرزاني وكان سؤالنا المحدّد يومها: هل تقبلون أن يكون الرئيس صدام حَكَماً بينكم؟، فأجاب بانفعالية ممزوجة بالاستغراب: حكم؟!، سيادة الرئيس ليس حَكَماً فقط، بل يأمر فننفّذ!

قال هذا الكلام في الوقت الذي كان يوغل بالتآمر على بلده العراق وحتى على رفيق دربه الانفصالي البرزاني.

ولا تقتصر حالة انفصام الشخصية عليه وحده، بل تشمل البرزاني أيضاً الذي كان يتنقّل كالمكّوك بين واشنطن وتل ابيب ويلتقي سائر المسؤولين في الادارة والمخابرات ويلتقط الصور التذكارية معهم ثم تقوم ميليشياته "البيش مرقة" بالاعتداء عن الجيش والمواطنين وحتى جماهير الأكراد أنفسهم، ورغم ذلك لم يكن يتورّع عن بعث رسائل "حسن النية" للرئيس الشهيد صدام بين حين وآخر!



كذب على المكشوف

وعلى الأغلب، فإن هذا الموقف المزدوج هو الذي دفعه – كالطالباني – الى النفاق العلني في كلامه والإيغال الفعلي في التآمر، ومما يُذكر هنا كأحد الأمثلة الدقيقة على هذه الحالة قوله رداً على سؤال وجّه اليه في عزّ تركيز أركان حزبه – قبل شن الحرب الاحتلالية – على ترويج أخبار مضخّمة ومقصودة عن تواجد كثيف للقاعدة في مناطق كردستان، وادعاء ممثّله في لندن دلشاد ميران عن "وقوف هذا التنظيم الارهابي وراء التفجيرات التي حدثت في مصيفي سقلاوه وشلال علي بيك في محافظة اربيل". يومها ردّ البرزاني على سؤال حول مدى التعاون بينه وبين الأميركان، وحول الإعلان عن ترحيب قادة المعارضة الكردية المتأمركة بـ "فكرة تحرير العراق من صدام حسين"، فقال بالحرف الواحد: "سأكون صريحاً فيما يتعلق بهذا الأمر نحن لا نساند من جانبنا أي عملية عسكرية للإطاحة بالرئيس صدام"؟ لكن الذي حصل على الأرض بعد ذلك مباشرة كان نقيض هذا الكلام تماماً!

لقد خطّط قادة الحزبين الكرديين وتصرّفوا بخبث وباطنية مثلما خطّط ملالي طهران وتصرّفوا أيضاً. فلم يمضِ عام واحد على هذا الكلام حتى كانت "عيون وآذان" الأميركان والإنجليز تدخل بلدها غازية على دبابات الاحتلال. وكان من أبرز نتائج هذا الاحتلال وجرائمه أن حكم الانفصاليون الأكراد شمال العراق، وحكمت ايران بشخوص اتباعها باقي العراق المحتل، وأصبحت تفاوض الاميركان على أمنه وومصير مستقبله حتى أن نائب مسؤول أمنها القومي "صحراوردي" المطلوب من قبل الانتربول هو الذي كان وما يزال يدير دفّة المحادثات مع الوفد الاميركي، لا سفيرها في بغداد كما تم الاعلان عن ذلك بشكل رسمي.

أما بالنسبة للأكراد فلم يكفهم رئاسة العراق واقليم كردستان في الآن عينه، بل أخذوا يتصرّفون حتى مع أكبر المنظمات الدولية على أساس أن هذا الاقليم دولة مستقلة تماماً عن العراق. هذا على الاقل هو الانطباع الذي تركه لدى الجميع رفع الحكومة المحلية لكردستان علم الإقليم بدل العلم العراقي أثناء مباحثاتها مع الممثل الخاص العام للأمم المتحدة في العراق ستافان دي ميستورا الذي لم يبدِ اعتراضاً، ولم يسأل نفسه : هل إقليم كردستان عضو في الأمم المتحدة؟!

لقد اختلط الحابل بالنابل في العراق المحتل وأصبح الحال واحداً بين الأميركان وقادة الأكراد والملالي.. ثم المالكي فالجعفري فالحكيم..

إنها "تشكيلة" الشرق الأوسط الجديد؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
المشروع الأميركي الجديد

د. عاهد مسلم المشاقبة
الراي الاردن
تسيطر على الإدارة الأميركية الحالية منذ،2002وبعد أحداث 11 سبتمبر، مجموعة من المعايير والقيم الثقافية المحافظة المستمدة من أفكار تيار اليمين الديني، وتيار المحافظ الجديد،ومن ثم، التم شمل مجموعة من السياسيين والمفكرين والباحثين ضمت ديك تشيني ودونالد رامسفلد وبول وولفوتيز بسكوتر الرامز ويليام وآخرين، وقد أسست المجموعة مركز أبحاث سمي (مشروع القرن الأميركي الجديد) وتضمن إعلان مبادئ المشروع. إن الولايات المتحدة إذا أرادت القوة والعظمة في القرن الجديد فأنه من الضروري ان تنظم قوتها العسكرية وتمنع صعود أي قوة عسكرية عالمية منافسة،أي السيطرة العسكرية الأميركية،وفي خضم الحملة الانتخابية الرئاسية عام 2000 اصدر مشروع القرن الأميركي وثيقة،إعادة بناء دفاعات أميركا وكتاب (الإخطار الراهنة )وفي الوثيقة والكتاب شاعت أفكار التفوق العسكري الأميركي ومنع صعود أي قوة منافسة،وتغير النظام في كل من العراق وإيران وكوريا والضربة الاستباقية،وربط المقاومة الفلسطينية بالإرهاب الإسلامي،ومع تولي جورج بوش الابن الرئاسة في،2001 وصل رجال مشروع القرن الأميركي إلي البيت الأبيض وبعد هجمات الطائرات الانتحارية على نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر، تحولت أفكارهم إلى سياسات عملية للقرن الجديد. ويريد المشروع الأميركي الجديد من العراق كسر قوس الاستقواء الإقليمي الذي كان قد تكون من سوريا والعراق وإيران من دون تنسيق استراتيجي فيما بينها،والمعادي للسياسة الأميركية في المنطقة.،واحتلال العراق يعني كسر القوس من الوسط بما يؤدي إلى انهيار بعده إيران وسوريا بعده أو يتم خفض مستويات وأسقف ممانعتها وعداوتها إلى إن ينتهي إلى الاندماج في التوافيق مع ما تريده واشنطن.ويريد كذلك المشروع من العراق خلق حليف جديد على نمط وشكل إيران ما قبل الثورة أي إيران الشاه،أو على اقل تقدير حليف برتبة تركيا ولكن بكل تأكيد اعلى من رتب الصداقة مع كل الدول العربية الحليفة، بإيجاد مثل هذا الحليف الإقليمي الجديد تكون واشنطن قد أمنت جسرا لإستراتجيتها التطويقية الجديدة،وقاعدة لتهديد الخصوم الواضحين والحلفاء المترددين،على حد سواء بهدف انصياع الجميع مباشرة أو غير مباشرة للأطروحات والتوجهات الأميركية العامة الجديدة في القرن الجديد. إذن من أسباب الوجود العسكري الأميركي في الخليج هو منع ظهور قوة إقليمية مهيمنة،ويحذر المشروع الأميركي الجديد من أنه إذا لم تتحرك الولايات المتحدة نحو دعم القوة المحورية الواضحة القادرة على إشاعة الاستقرار في المنطقة فمن المكن إن تفعل ذلك دولة أخرى،ولكن ليس بالطريقة التي تتماشى مع المصالح الحيوية للولايات المتحدة،ولم يكن المشروع الأميركي الجديد هو المؤثر الوحيد لهذا التوجه في التفكير السياسي الأميركي للمرحلة الانتقالية منذ بداية التسعينات والى ان تكون الولايات المتحدة قد استقرت على الشكل النهائي لرؤيتها الإستراتيجية ومفهومها السياسي للسياسة الخارجية،فلقد صدر العديد من التقارير الرسمية المؤثرة على احداث العالم في تلك المرحلة الانتقالية صاحبة التفوق على ما عداها.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
سلاماً يا عراق.. عام مضى.. عام انقضى

د. اياد محمد الصقر -
الدستور الاردن
عام يمضي وعام جديد مقبل والعراق في ظل الاحتلال ، والذي لم يخلف سوى القتل والدمار والفساد ، والكل يتحدث عن المصالحة وادارة الدولة. وما زال الفساد قائم. هنالك عصابات قتل وهنالك عنصرية وطائفية لم تشهدها الساحة من قبل. وللأسف كل الاحزاب متورطة في ذلك الفساد وغارقة فيه حتى الاذقان.

ولا احد يحاول كشف الثاني السبب الكل متورط في الفساد والسرقة ونتيجة لذلك التخبط والعشوائية في ادارة الدولة. نرى ان هنالك اخفاقات عظيمة أدت بالشعب العراقي الى مازل وكوارث عصفت فيه ودمرته ، وكان السبب في ذلك الاحزاب التي ليست لها خبرة في ادارة الدولة وليس لها تاريخ سياسي ، مما جعل الكثيرين يتم ترشيحهم من قبل احزابهم كوجوه وليس كسياسيين تمخض عن ذلك ترشيح حكومة معينة من قبل الاحتلال. تلك الحكومة وتلك الوجوه لم ينتخبها العراقيون بل جاءوا نتيجة للانتخابات المشكوكة والمباركة من قبل المحتلين ومرتزقتهم. كل ذلك ادى الى تدمير العراق والمساهمة في المخطط الاستعماري والاستيطاني وما تبعه من خطط فاشلة كخطة فرض القانون بقوة السلاح والتي لم تتمخض الا عن المزيد من العنف والدمار.

أما الحكومات السابقة ، والمتعاقبة فلم تحقق اي شيء بالنسبة للعراق اما العراقيين فهم المتضرر الاول في العملية السياسية كما يسمونها ونتيجة للسياسة الخاطئة والمصالح الانانية الشخصية وتغليب العصبية الحزبية المقيتة ، وعدم المبالاة بمشاعر العراقي بل باتوا يراعون مشاعر أسيادهم واحزابهم ومسببات بقائهم في السلطة وللتذكر فقط خمسة ملايين عراقي هربوا وهاجروا نتيجة تلك الاخطاء وعدم الخبرة السياسية في ادارة الدولة ادى الى فقدان الأمن والأمان وشجع على ظهور مليشيات تعمل لصالح اجندات خارجية. وقاتلين وخاطفين وشركات امنية شكلوا جميعهم هما كبيرا بالنسبة للعراقيين اضافة الى همهم الاكبر وهو احتلال بلدهم واهانتهم.

وان الطروحات والمشاريع والمصالحة التي نسمع فيها بين الفينة والاخرى باتت لا تسمن ولا تغني من جوع ، الخطط كثرت والعمائم كثرت بأنواعها وملأت الشوارع والمدن والكل ينادي ولكن لا حياة لمن تنادي.

ولكن مستقبل العراق أمانة في اعناق الشرفاء ودين في رقاب كل الوطنيين وكل من يحاول ان يخلص العراق من هذه المحنة ، والكل معنيين سياسات وحكومات ورؤساء من اجل تغيير كل الوجوه السياسية في العراق وابدالها بوجوه جديدة لها القدرة والمهنية علي ادارة الدولة ، وليس كالوجوه التي جاءت لتجرب حظها وكثيرا منهم لم تطرق السياسة بابه لقد جربوا حظهم فامتلأت جيوبهم وباتت النتائج. كما ومن الضرورة اختيار برلمان حقيقي يأتي عن طريق انتخابات حرة وديمقراطية وباشراف دولي حتى لا يتم تغييب اية شريحة نتيجة التزوير او ما شابه وباشراف عادل من قبل الامم المتحدة ولو ان العراقيون باتوا لا يثقون فيها نتيجة لتطرفها الى الجانب الامريكي ، وعدم حياديتها وفاعليتها.

للوقوف في صد العدوان على العراق الأبي. ولكن ما في اليد حيلة ، لقد تقطعت السبل والاسباب وباشراف من قبل منظمة الدول الاسلامية وخصوصا من الدول التي لم تبارك الاحتلال.. ولم تساند اية دولة ساهمت في تدمير العراق ولا بأس فليشارك من يشارك وكل الاحزاب لها حقها في الدخول في العملية السياسية والانتخابية ليكونوا ممثلين شرعيين لابناء العراق الغيارى.. وبذلك لا حجة للجميع فالكل عاش الطائفية والفتنة لعنها الله ، حينها ستتم المصالحة.. بين كل الاطراف عرباً واكراداً سنة وشيعة مسلمين ومسيحيين وطوائف اخرى.. ولكن بشرط ان يكونوا من القوى الوطنية غير المرتبطة باية اجندات اجنبية تسهل بقاء الاحتلال واعوانه ، وان يكونوا فعلاً من ابناء العراق ومن اصول عراقية ليس ممن حصلوا على الجنسية العراقية بعد الاحتلال او ممن حصلوا على جواز سفر سوق مريدي حينها سيعيشون في ود ومحبة ، ويعود العراق عراقاً.. وسيجبر المحتل على الرحيل لا كما نرى الآن.. برلمان يطالب ببقاء قوات الاحتلال ويبررون ذلك بشتى الوسائل والطرق ، والاغرب كبير المتحدثين يتحدث عن بقاء قوات الاحتلال لمدة عشرة اعوام ويعلن ذلك امام شاشات التلفاز.

وآخر يلغي اتفاقية الجزائر.. وكأن العراق ملك لهم.. علماً بان كل الاتفاقيات الدولية لا يتم الغاؤها بتلك الاساليب لان مصائر الامة يهددها الخطر ، فلا بد من الحذر في الغاء او توقيع الاتفاق ولا يجب ان يغيب عن الاذهان ان كل الحكومات التي سبقت والحكومات اللاحقة هي مؤقتة هي ودساتيرها وكل معاهداتها لان ما بني على الباطل هو باطل ، والعراق الان محتل وتحت الوصاية ، وما من دولة في العالم مهما كان وضعها غنية او فقيرة كبيرة او صغيرة الا وأبسط مواطن فيها يطالب برحيل قوات الاحتلال التي دنست ارضه وانتهكت حرماته وسرقت تاريخه وتراثه.

اين انت يا صلاح الدين ويا خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعاً؟، ، فمتى تقرون عيون الامة وابطال الاسلام الذين ما نامت أعينهم وهم يصولون ويجولون ويفتحون الامصار والاقاليم باسم الاسلام لنشر راية «الله اكبر» في حين ان اخوتنا يحاولون ويناضلون جاهدين لبقاء قوات الاحتلال مدة اطول لتمتلىء جيوبهم اكثر واكثر ونراهم يناضلون من اجل تغيير علم العراق ورفع كلمة الله اكبر.

عاش العراق والله أكبر.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
العراق.. لا وقت للتفاؤل
أحمد المرشد
الخليج الامامرات
نكاد نقترب من نهاية العام الرابع لاحتلال العراق والأوضاع فيه لم تتحسن بعد لا على المستوى الأمني ولا الاقتصادي ولا حتى السياسي. فالشواهد المتوفرة لأي متابع للشأن العراقي لا تؤهل للخروج بتحليل متوازن تجاه هذا البلد الشقيق الذي راح ضحية لقناعات أمريكية زائفة، ولو شئنا الدقة لقلنا إنها مجرد قناعات لشخص يتوهم القوة والعظمة في نفسه وقدراته، شخص أراد استخدام هذه القوة في الشرق الأدنى من العالم ولم يجد مكاناً أفضل من العراق ليجرب فيه طاقاته التسليحية وخططه العسكرية.

ويكفي أن نرصد عناوين الصحف خلال الأيام القليلة الماضية لنخرج بنتيجة واحدة مفادها أن هذا البلد يعيش الأمرين، ويمر بحالة من السواد يصعب تجاوزها في الوقت الراهن. فالجيش الأمريكي باق في العراق خلال عام ،2008 رغم إعلان البنتاجون عن بدء الانسحاب التدريجي اعتباراً من منتصف العام الذي هلت بشائره. وهذا يعني أن المخاوف لا تزال مستمرة وأن احتمال الانزلاق إلى حرب أهلية أو طائفية في العراق هو احتمال قائم وبقوة أيضاً.

وإذا كان هذا الحكم نابعاً من عناوين الصحف في الأيام القليلة الماضية كما أسلفنا فها هو قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس يحذر من انسحاب سريع للوحدات الأمريكية باعتبار أن ما سماه التقدم الأمني الذي أحرز لا يزال هشاً ومتواضعاً في عدة مجالات. فهذه شهادة قائد أمريكي لا يزال في الخدمة وليس في التقاعد حتى نتهمه بالضعف لأنه يتحدث وهو خارج المنصب.

وعلى المستوى الحكومي ربما نسترجع ما نقل عن الرئيس العراقي جلال طالباني قبل أيام بأنه سيعلن قريباً تشكيل حكومة وحدة وطنية على أسس جديدة تحددها الخريطة السياسية في البلاد. ويبرهن هذا الإعلان على فشل حكومة نوري المالكي.

وقطعاً نحن ليس مع من يقول من أنصار صدام حسين في ذكرى إعدامه: “لا حياة بلا شمس ولا كرامة بلا صدام” فهو الذي أدخل العراق في هذا النفق المظلم ومنح الفرصة للأمريكيين لوضع أقدامهم بل كل جيوشهم في المنطقة، وهو الذي منحهم الفرصة لبعثرة الاتهامات يميناً ويساراً وإلى هذا وذاك، وأمامنا سوريا التي تترقب سقوط سيف ديموقليس وفقاً للأسطورة الإغريقية عليها في أي وقت، ويكفيها تحذير بوش بأن صبره قد نفد تجاهها وهو ما يضعها في المرتبة الثانية من الاستراتيجية الأمريكية للسيطرة على المنطقة.

ومن الإنصاف الإشارة إلى تراجع صور الوكالات المفزعة والتي تصور جنوداً أمريكيين مدججين بالسلاح وهم يقتحمون المنازل بأحذيتهم ليروعوا الناس الآمنين في بيوتهم، ولكن بالرغم من ذلك لم تتراجع العمليات الانتحارية، كما تتعرض سوريا لاتهامات أمريكية مباشرة بأنها وراء تسلل “الإرهابيين”. والسؤال: “أين رجال الأمن العراقي والجنود الأمريكيين الذين يفترض أنهم يتولون عملية حماية وحراسة الحدود وتوفير الأمن والأمان للمواطنين”.

لا شيء تغير على أرض الواقع في العراق، فالمشهد المأساوي يظل على حاله من حصار واقتحامات واغتيالات واعتقالات.

إن الذاكرة مثقلة بذكريات أليمة ومريرة بسبب ما يتعرض له العراق الشقيق وشعبه العربي الأصيل من نكبات وويلات. وإذا كان جيلنا لم يعش نكبة فلسطين في عام 1948 فحظه العاثر أوقعه في نكبة أخرى وربما أشد إيلاماً في العراق منذ عام 2003 وبدلاً من أن نرى عراقاً ديمقراطياً وواحة غناء ونموذجاً يحتذي به للجيران سواء الأخيار أو الأشرار وجدنا بلداً تشتد فيه العواصف وتستعر فيه النيران ووجدنا صورة مخيفة لمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يروجون له. هذا الشرق الأوسط الذي يحقق ما جاء في خطاب بوش عام 2001 حول استراتيجية الأمن القومي الأمريكي وقال فيه: “إن الوجود الأمريكي وراء البحار هو واحد من أعمق رموز التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها وأصدقائها، ومن أجل الوقوف في وجه التحديات الأمنية التي نواجهها تحتاج الولايات المتحدة إلى قواعد ومحطات داخل ووراء أوروبا الغربية وشمال شرق آسيا، وكذلك إلى ترتيبات وجود مؤقت من أجل توفير الإمكانية لتحريك القوات الأمريكية لمسافات بعيدة”. وها هو بوش يطبق ما أورده في خطابه قبل ستة أعوام إذ تضع الولايات المتحدة يدها على الموارد الطبيعية للشعوب خاصة النفط، وتفرض الوصاية السياسية عليها وتملأ العالم بقواعدها العسكرية وتمسك بزمام الاقتصاد العالمي.

وندخل عاماً جديداً على الاحتلال ولم تظهر استراتيجية سلام جديدة في العراق، وفشلت كل المراهنات الأمريكية على تحديث هذا البلد الذي مني بتدهور خطير في ظل احتلال أمريكي عسكري وتنامي النزعة الطائفية فيه ولم تتوصل حكومته حكومة المالكي إلى سياسة تتخطى من خلالها ما وصل إليه الحال من خطورة مع تنامي الأزمات.

لقد أصبح العراق نموذجاً للفوضى السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بعدما تحللت مؤسسات الدولة وخاصة الجيش والشرطة ولعبت الحكومة على وتر الخلافات الطائفية، فيما ركزت القوات الأمريكية على وسائل القوة العسكرية لفرض إملاءاتها على العراقيين وأيضاً كون الإدارة الأمريكية تعمدت بصورة غير مباشرة إقصاء المعارضين للاحتلال من العملية السياسية ورفضت تحديد أفق لإنهاء احتلال العراق مع التعمد أيضاً في تبني سياسة “فرق تسد”.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
أكثر دموية وأسوأ عام في عدد القتلي

كاظم الموسوي
الراية قطر
انتهي عام وجاء آخر. تنوعت الأمنيات واختلفت الرغبات والاحتفالات وظلت وحدها الوقائع صارخة تدق النواقيس لكل ذي عقل وبصر وضمير. من بينها ما نقلته وسائل الإعلام عن إحصائيات القتلي في اكثر البلدان التي تحتلها قوات أجنبية، تقودها الولايات المتحدة، والأبرز فيها ما حصل في العراق ومن ثم البلدان الاخري.. فلسطين وأفغانستان وحتي باكستان و...الخ. بدلا عن نقل ما أنجزته الدولة الكبري، وحققته لهذه البلدان، وتثبت مصداقيتها في الشعارات التي رفعتها وما تزال في فرض وجودها واحتلالها. ارقام تستهين بحياة الانسان وحقوقه والقانون الدولي والانساني والاتفاقيات الدولية التي عدت، علي اهميتها وضرورتها واستغلت اعلاميا، منجزا عالميا ودوليا لكل البشرية علي المعمورة. وعرفت بأسماء التفضيل وكأنها قليلة ومحددة زمنيا وليست متواصلة، وهي في كل الأحوال كارثية. الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الحالية لا تعير اهتماما لها وتتناقض مع نفسها فيما تشير إليه وتدعيه وتنفذه علي الأرض، فهذه الأرقام خطيرة وكبيرة في عدد القتلي، والإعلان عنها إعلاميا بشكل عام ودون إثبات موضوعي أو بحث علمي، ومن جهات مشكوك بها وبمحاولات دوران حول الحقائق والفظائع، في زمن التضليل ينبغي ألا يصمت عليها، ويتوجب أن تحسب كليا بصوت عال ومحاسبة شعبية ومحاكمة تاريخية.

الأرقام دليل ومستمسك قانوني لإدانة الغزو والحرب والاحتلال، تتحمل الإدارة الأمريكية مباشرة المسؤولية عنها. وتكشف سياساتها العدوانية وأعمالها العسكرية وقواعدها المنتشرة في العالم ضخامة الجريمة المقترفة وحقيقة المخططات الاستعمارية والأهداف الإمبراطورية التي تعيد إنتاج حلقات تاريخ سوداء، دفعت شعوب العالم وحركات التحرر فيها أثمانا باهظة من اجل التخلص منها وبناء عالم جديد آخر خال من آثارها وتداعياتها المهينة للحضارة الإنسانية والتقدم البشري. لابد من التوقف عندها وقراءتها بوعي تاريخي ومساءلة حقوقية وأخلاقية وقانونية لوقف نزيف الدم المستمر بسببها وبقراراتها وتواصلها في مخططاتها ومشاريعها الوحشية، علي مختلف الصعد والمجالات، بما فيها البيئة والخيرات الطبيعية وثروات الشعوب والأوطان. والتصدي لمساعي الإدارات المتنفذة إلي التزوير في هذه الوثائق الدامغة.

العراق مثلا، ما نقل عنه وبالأرقام الرسمية التي هي كما عرفت بالتجربة لا تمثل الوقائع ولا تعكس ما حصل فعلا وتشوه صورته دائما بما يصعب الوثوق بها. حتي هذه الأرقام أشارت إلي أن عام 2007 أكثر الأعوام دموية في العراق منذ الغزو في مارس 2003، ناسبة إلي الداخلية العراقية أن 16.232 مدنياً قتلوا العام الماضي، وتعليق بالرغم من أن المحصلة هي الأعلي منذ الغزو، إلا أن آخر شهور العام شهد أدني محصلة ضحايا بمقتل 481 مدنياً. في حين ذكر أنه خلال العام 2006 قتل 12.371 مدنياً. وتضاربت أرقام الإحصائيات الأخري عن اختلافات في العدد خلال شهر واحد فكيف بالسنوات وحقائق ما يجري وحصل علي الأرض؟. وأوضحت اغلب الوكالات بالمصطلحات التي تعمل من اجل نشرها وبثها وضخها في كل ما تنشره عنها وسائل الإعلام الأخري، أن 480 مدنيا قتلوا وأصيب 730 آخرون بجروح خلال الفترة ذاتها. ومن ضمنها جرت الإشارة إلي مقتل 88 من عناصر الأمن بينهم 24 عسكرياً و64 شرطياً واصابة 277 آخرين منهم بجروح، مقارنة بمثل هذه الشهر من العامالأسبق، لخلط الأوراق بين الضحايا المدنيين ومن يقترف جرائم قتلهم.

وقفت الوكالة الفرنسية في تقريرها عند الأرقام وكيفية إحصائها بالإشارة إلي أن تقديم إحصائية دقيقة للقتلي المدنيين تتسم بصعوبة بالغة، وتساءلت بشأن الإجراء الذي تتبعه المصادر الحكومية لتحديد ضحايا الحرب. ونقلت تقدير الأمم المتحدة لمصرع أكثر من 34 ألف مدني عراقي جراء العنف (؟!) عام 2006. فكم ستقدر العام الماضي وكيف هي المفارقة بين تقديراتها والحكومية التي أشارت لها الوكالة، بينما نشرت منظمة بريطانية أن اكثر من 24 ألف مواطن عراقي قتلوا عام 2007. والحصيلة كم من الضحايا ذهبت خلال سنوات الاحتلال؟.

أرقام متناقضة بقصد وإحصاءات منقوصة وتناقضات واضحة مصحوبة بحملات إعلامية مضادة علي ما يفضحها، مثل ما حصل ضد التقارير العلمية التي نشرتها المجلة البريطانية الرصينة (لانسيت)، وقد بينت علميا طرق إحصاء الضحايا ومعدلات تصاعدها مع موازاتها بما تهوّله قوات الاحتلال من عمليات أمنية كما تسميها. ومقارنة أخري بما ينشر من هذه الأرقام مع ما ينشر من أعداد القتلي الأمريكيين، العسكريين والمدنيين في العراق، وما تؤشر له الأرقام من وقائع الحياة والغضب والدمار والمقاومة. ورغم تصاعدها المستمر أيضا وضرورة تحميل مسئوليتها إلي أصحاب القرار في تقديمها ودفعها إلي هذه النتائج المأساوية تبقي التأكيدات عليها بحاجة إلي التوثيق والرصد والتسجيل المستقل. وكأن هذه الإحصائيات تسليات إعلامية لا تهم الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ الذي فشلت الأغلبية فيه عن تحقيق المهمة التي انتخبت علي أساسها. واعتراف زعيمها هاري ريد بالإحباط إزاء عدم القيام بالمزيد لإنهاء الحرب في العراق. وقوله انه ضمن الحدود التي فرضها رئيس متعنت ومتشبث وبرلمانيون جمهوريون لا يسعهم سوي الامتثال لخياراته فان الديموقراطيين أحدثوا تغييرا . وأشار بصورة خاصة بهذا الصدد إلي أن المعارضة الديموقراطية فضحت تهور الرئيس . ولم يشر إلي التصديق علي ميزانية الحرب وتهديد مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية في تقليص المساعدات السنوية وتحذيرهما أو مقايضتهما كالعادة للضغط عليهما، ولا عدد ضحاياه ايضا!.

اجل... اكثر دموية واسوا الأعوام في عدد القتلي عموما، ولكن السؤال: ما هو المطلوب قبل الإحصاءات والتوصيف والإحباط والتهديد وصرف المليارات لاستمرار آلة الحرب؟!!.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
حدث في سجن البصرة
حميد المالكي
الراي الكويت

أثبت اللواء الركن عبدالجليل خلف قائد شرطة البصرة كفاءة أمنية مهنية مستقلة عن السياسة والميول نحو هذا الطرف أو ذاك، وكذلك كفاءة اجتماعية وتربوية عالية، ونال شعبية كبيرة من خلال معايشته المستمرة للمواطنين وتجواله المستمر بالأسواق وأماكن العمل، رغم تعرضه المستمر لمحاولات الاغتيال. آخر ما أبدعته شخصية اللواء خلف انشاء فريقين لكرة القدم من السجناء بعضهم محكوم عليه بالاعدام، وجرت مباراة بين الفريقين في ساحة سجن البصرة، أسفرت عن فوز أحدهما لينال الجوائز والكؤوس وسط تصفيق السجناء، وفي كلمة له قال اللواء خلف: «سوف نستمر في هذا النشاط لنحول السجن الى مكان آمن ومضمون لحقوق الانسان، لان السجناء بشر وهم بحاجة الى الاصلاح والرعاية، ولكسر الروتين الحياتي، ولاشعارهم وأسرهم والمجتمع بأنه بالامكان اصلاحهم وعودتهم الى المجتمع كاناس صالحين، وسوف نفتح لهم دورات لمحو الأمية ونشغلهم بما ينفعهم ويبعد اليأس والانطواء عن أنفسهم، فهم أولا وأخيرا مواطنون لكنهم ارتكبوا جرائم لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وعادات وتقاليد وأعراف متخلفة».
وأضاف: «سنطور برنامجا متكاملا سيحول هؤلاء الناس من التخلف والأمية الى التقدم والثقافة»، وأهاب بالمؤسسات الاجتماعية والتعليمية العمل على رعاية هؤلاء المواطنين. الجدير بالذكر ان السجون، وبموجب القانون، تتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية من ناحية الادارة والحراسة والرعاية، ولا تتبع وزارة الداخلية ومع ذلك فان مبادرة قائد شرطة البصرة جديرة بالاهتمام والتعميم على كافة السجون وتكريسها، وتزويد السجون بورش لتعليم المهن وتنمية المبدعين في العلوم والآداب والثقافة، والمعروف ان السجون في العراق ومنذ الحكم الوطني عام 1921 قد تحولت، على أيدي السجناء السياسيين، الى مدارس وذلك بجهودهم وامكانياتهم الخاصة، وحولوها الى منتدى ثقافي، تضم الكتب والدروس ومحو الأمية والمحاضرات والعروض المسرحية وغير ذلك. وهذا ما يجب على الباحثين توثيقه باصدار موسوعة شاملة وابراز الشخصيات التي كانت لها أدوار ومآثر مجيدة في هذا المجال والمعارك التي خاضها السجناء والمراحل التاريخية التي عايشوها.
مبادرة قيادة شرطة البصرة لاقت استحسانا واشادة لا نظير لهما من منظمات المجتمع المدني، والاختصاصيين في العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية وأفرزت دلالات مهمة لا بد من دراستها واثرائها بالمزيد من المقترحات والمشاريع والافكار، واصدارتشريع ملزم ينظم ويؤكد على قانونية تلك الممارسات وعلى ضرورة تطبيقها بقوة القانون بالتعاون مع متخصصين في علوم (البسيكولوجيا الاجتماعية) المؤلفة من علمين اثنين هما علم النفس وعلم الاجتماع وفوق ذلك إعادة السجون لتتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
هل يتطلب الانسحاب من العراق 6 أعوام أخرى؟
وليم اركين
الشرق الاوسط بريطانيا


أصبح الجيش الأميركي أكثر تفاؤلا حول العراق، لكن بينما تدفع الأغلبية في بلادنا باتجاه الانسحاب، فإن أغلبية أفراد القوات العسكرية تعتقد أن ذلك سيتطلب ستة أعوام أخرى قبل وصول الولايات المتحدة إلى تحقيق أهدافها، حسبما كشف استطلاع اجرته مجلة «ميليتاري تايمز».

وفي الاستطلاع الذي شارك به 5000 شخص مساهم في شراء المجلة الأسبوعية والعاملين في قطاعات مختلفة من القوات المسلحة، اتضح أن 62% منهم عبروا عن قدر من التفاؤل حول النجاح في العراق، وهذا بزيادة واضحة عن السنة الماضية عندما بلغت النسبة 50%، لكن ذلك أقل مما كانت عليه نسبة المتوقعين للنجاح في عام 2004، التي بلغت 83%.

ما الذي كان وراء هذا التغيير؟ أظن أن هناك جملة تحولات ساهمت في النتيجة الجديدة، منها التغيــــير الذي طرأ على قيــادة البنتــاغون وزيادة عدد القوات في العراق والثقة المطمئنة التي عكسها ديفيد بترايوس، بل حتى الحقائق على الأرض. وكل من هذه العوامل ساهمت في التحول الذي طرأ على الرأي العام لا على العسكريين فقط، بل على الجمهور بشكل عام.

فحسب استطلاع الرأي الذي اجرته «واشنطن بوست» ومحطة «أيه بي سي نيوز» التلفزيونية في ديسمبر الماضي، اتضح أن 41% من المشاركين قالوا إن الولايات المتحدة تحقق تقدما كبيرا في إعادة النظام داخل العراق، وهذه النتيجة أعلى مما كانت عليه في ديسمبر 2006، حيث بلغت 31%، وأقل بقليل مما كانت عليه في عام 2004 عندما بلغت 44%.

المسألة ليست ان الكل الآن يرى ان الغزو كان فكرة صائبة، أو انه يؤيد استمرار الحرب. فقــد أشارت نتائج الاستطلاع الذي أجرته «ميليتاري تايمز»، إلى ان 46% من الذين استطلعت آراؤهم يؤيدون شن الولايات المتحدة للحرب، مقارنة بنسبة 41% في العام السابق و60% عام 2004. ثمة انقسام أيضا وسط أفراد القوات الاميركية إزاء تعامل الرئيس بوش ـ قائدهم العام ـ مع الوضع في العراق، إذ تتفق نسبة 40% منهم مع الطريقة التي يدير بها الرئيس بوش الأوضاع في العراق، مقابل نسبة 38% من المعارضين لها. ويلاحظ هنا ان هذه النسبة أفضل حاليا مما كانت عليه العام السابق (35%-40%)، لكنها اقل بكثير مما كانت عليه عام 2004 (63% مقابل 20%).

يلاحظ أيضا ان الشعور بالخطر المحدق لم يعد موجودا، ذلك ان النجاح العسكري فتح الطريق أمام حوار أكثر انفتاحا، حول ما يجب فعله في الخطوة المقبلة.

هناك تتباين وجهة النظر العسكرية مع موقف الرأي العام، إذ طبقا لنتائج الاستطلاع المشار إليه ترى نسبة 63% من أفراد القوات الاميركية ضرورة بقاء الولايات المتحدة في العراق لفترة ست سنوات أخرى، لتحقيق الأهداف المطلوبة مقارنة بنسبة 53% في الشارع الاميركي تريد خروج الولايات المتحدة من العراق.

ما يمكن قوله هنا هو انني أرى ان الرأي العام لا يعتقد بان هذه القضية تستحق التكلفة والتضحيات التي قدمت. إلا ان العسكريين إذا رأوا انه لا بد من توفير المزيد من الوقت، وانه يمكن كسب الحرب، فإن ذلك قد يصبح مصدر خلاف ونزاع هائل وسط المجتمع الاميركي لدى وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1 1
صناعة "الانتحاري" في بلاد الرافدين

خليل العناني

الوطن عمان


هل يمكن لأحد أن يتخيل إقدام امرأة على تفجير نفسها؟ هذا ما وصلت إليه الأمور في العراق الآن ، وذلك في فصل جديد يعبر أيما تعبير عن حقيقة الوضع المأساوي الذي بات يقذف إلينا كل يوم بظواهر وحالات دخيلة على ثقافتنا العربية والإسلامية.
فقبل أيام قليلة قامت امرأة عراقية بتفجير نفسها عند نقطة تفتيش كي تخلف وراءها عشرة قتلى فضلاً عن المصابين، وذلك في عملية لم يكن لأحد أن يتوقعها خاصة في مجتمع محافظ كالعراق.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل وصلت الأوضاع في العراق إلى الدرجة التي تدفع بإمرأة كي تفجر نفسها بهذا الشكل المرعب؟ وهو سؤال تبدو إجابته واضحة إذا ما تفحصنا جيداً حال الإحباط واليأس التي أصابت فئات كثيرة من العراقيين باتوا يشعرون بأن الموت، بأي طريقة كانت ، أفضل بكثير من تلك الحياة البائسة التي يعيشونها تحت ظروف من القهر الاجتماعي والتسلط السياسي والانفلات الأمني.
دخول النساء على خط العمليات التفجيرية فى العراق لا يعد مكسباً لتنظيم "القاعدة" الذي نجح في تحوير ثقافة الجهاد والاستشهاد في عقول هؤلاء، بقدر ما هو تعبير عن مدى الإفلاس الإنساني والأخلاقي الذي وصل إليه التنظيم.
فكيف يمكن لامرأة ، وهي ذلك المخلوق الذي أودعه الله السكينة والطمأنينة كي ينثرها في الجنس البشري ، ويفترض أنها مخلوق مرهف الحس وينعم بمساحة من الرحمة تفوق نظيرتها لدى الرجال، أن تقدم على القيام بمثل هذه الأعمال الجنونية.
بل بالأحرى هي انتصار لمعانى الهزيمة النفسية والاجتماعية التي باتت الملمح الأساسي في عراق اليوم، خاصة بعد أن فشلت الحكومات العراقية المتعاقبة في إيجاد مجتمع متكافئ وصحي يحتضن جميع المذاهب والطوائف. كما أنه أيضا فشل ذريع للولايات المتحدة التي يفترض أنها مجتمع تعددي متسامح، وإخفاق كبير لها في تجذير ثقافة الإقصاء في نفوس العراقيين بسبب سياساتها التي مزقت العراق عاطفياً ونفسياً، قبل أن تمزقه اجتماعيا وسياسياً.
والمؤسف أن هذه ليست هى الحالة الأولى التى تقوم فيها امرأة بتفجير نفسها، ولكنها الثالثة، فقبل أقل من شهر شهد العراق أول حالة انتحارية تقوم فيها امرأة عراقية بتفجير نفسها، حيث قتلت حينها عشرات الأبرياء الذين لم يتوقعوا مطلقاً إمكانية حدوث ذلك.
بيد أن الملفت هنا تلك القصة التي تقف وراء إقدام هذه المرأة على القيام بمثل هذا العمل، حيث كانت أماً لثلاثة أولاد قتلوا في المواجهات بين الميليشيات الشيعية والسنية، وهو ما ولد لديها شعوراً بالحسرة والألم، ما دعاها للتفكير في الانتقام ولكن على طريقتها الخاصة، حينئذ تلقفها تنظيم القاعدة، كما يتلهف الصياد فريسته كي يجعل منها انتحارية تقوم بقتل أضعاف من قتلوا أولادها.
ويحضرني هنا تلك المرأة التي حاولت تفجير نفسها قبل عامين في أحد فنادق عمان "ساجدة الريشاوي" ولكنها فشلت وتم اعتقالها، وهي المرأة التي أثارت الدهشة حين أصرت على استكمال عملية تفجير نفذها زوجها. أي أنها رأت الموت بعينيها ولكنها أصرت علي استكمال الطريق للتنفيس عن شعورها بالإحباط واليأس.
لن يتوقف تنظيم القاعدة عن ابتكار أساليب جديدة للهجوم والمباغتة، فمن كان يتخيل أن تتحول إمرأة إلى أن تصبح قنبلة متحركة يمكن أن تنفجر في وجه الجميع؟ ومن كان يتخيل أن يقوم شخص عجوز بتفجير نفسه في الجزائر قبل أقل من شهر؟
باعتقادي أن هؤلاء النسوة هن ضحايا ليس فقط لعمليات غسيل العقل التي يقوم بها التنظيم في العراق وخارجه، بقدر ما أنهن ضحايا لحالات الظلم والقهر الاجتماعي الذي يمارس بحقهن وحق عائلاتهن. ومن خلال تجنيد النساء بديلاً عن الرجال يمكن لتنظيم القاعدة أن يحقق أهدافه باستهداف أكبر عدد من المواطنين، وهو الذي لا يتورع عن تحويل الجميع لأدوات يستخدمها كيف يشاء. وهو التنظيم الذي يبدو كالحرباء التي تغير جلدها كلما شعرت بخطر يتهددها، المهم أن تبقي على قيد الحياة بغض النظر عمن يدفع ثمن بقائها.
أي ثقافة تلك التي أصابت عقول نساء وأبناءالعراق؟ وأي مجتمعات تلك التي تحولت فيها الأنثي كي تصبح قنبلة موقوتة بدلا من أن تكون مصدراً للحياة كما ورد في قرآننا الكريم؟ باعتقادي أن التاريخ سوف يتوقف ملياً أمام هذه الحوادث التي تحولت بفعل التكرار إلي حالٍ عامة نتفرج عليها دون خجل، فإسالوا الله أن يرحمنا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12

24 ألف قتيل والقادم أعظم

عبدالله الأيوبي

اخبار الخليج البحرين

يقترب العراق من إتمام السنة الرابعة على جريمة الغزو الأمريكية لهذا البلد منهيا عام 2007 بحوالي 24 ألف قتيل من المدنيين بحسب ما أوردته مجموعة «ايرك بودي كاونت« الأمريكية المستقلة التي دأبت على وضع إحصائيات لضحايا العنف في العراق، فهي أرقام تؤشر على أن طريق الدمار والتيهان في معمعة ما خلفته تلك الجريمة البشعة من نتائج سوف يستمر وأن بصيصا من الأمل في الخروج من هذه المعمعة لم يبزغ بعد، فلا أكذوبة الديمقراطية الأمريكية التي جاءت بها الولايات المتحدة الأمريكية على ظهور دباباتها تحققت ولا

استقرار وأمان الشعب العراقي في طريقهما للتحقق، باختصار يمكن القول ان تداعيات الجريمة آخذة في التفاعل وإنتاج مساوئ جديدة ومتنوعة لم يعرفها الشعب العراقي طوال تاريخه الحديث. حين يسقط حوالي 24 ألفا من المدنيين في عام واحد، وهو العام الأقل دموية في العراق، فلسنا بحاجة في مثل هذه الحالة لأن نعود لنجمع أعداد الضحايا الذين خلفتهم الجريمة الأمريكية منذ مارس 2003 حين بدأت جحافل الغزاة تنتهك حرمة الأرض العراقية، فهي أعداد مخيفة لا تنتجها غير الجرائم الجماعية البشعة، نقول حين تسقط عشرات ومئات الآلاف من الضحايا دون أي نتيجة إيجابية لصالح الشعب العراقي فإن أي تبرير أو حجة تسوقها الإدارة الأمريكية وأعوانها في العراق لتبرير جريمة الغزو هي حجج ومبررات أقبح من وجوه المجرمين أنفسهم. فجريمة الغزو البشعة التي فتحت على الشعب العراقي بكل طوائفه وقومياته ودياناته أبواب جهنم على مصاريعها لم تؤد إلى تحويل العراق إلى مرتع ومأوى لجماعات إرهابية غريبة على المجتمع العراقي ودخيلة على ثقافته وتقاليده وتجعله رهينة الأعمال الإرهابية البشعة التي ساهمت بقسط كبير جدا في ارتفاع أعداد الضحايا العراقيين من المدنيين الأبرياء بفعل جرائم التفجيرات العشوائية في الأسواق وأماكن العبادة المختلفة، بل ان هذه الجريمة تسببت في ظهور جماعات عراقية متزمتة دينيا ومتطرفة عقائديا أخذت تعيث تخريبا وتهديدا للخصوصية الاجتماعية للعراقيين كما هو حاصل بالنسبة إلى النساء العراقيات في البصرة وغيرها من المدن التي تحولت إلى رهينة في أيدي الميليشيات الدينية المتطرفة. هذه الجريمة تفرز وتفرخ سنة بعد أخرى نتائج مأساوية يدفع ثمنها مختلف مكونات الشعب العراقي بحيث أصبح العراق مجهول المستقبل رغم تبجح الإدارة الأمريكية وأعوانها في العراق بما تسميه «تحسن« الوضع الأمني في هذا البلد رغم سقوط حوالي 24 ألف مدني عراقي ضحايا الأعمال الإرهابية سواء الناجمة عن العمليات الإجرامية التي ينفذها المحتلون الأمريكان وباقي القوات الغازية أم تلك التي تتسبب فيها الجماعات الإرهابية التي جعلت من المواطنين العراقيين هدفا أساسيا تؤكده أعداد الضحايا الذين يسقطون جراء جرائم التفجير العشوائية في الأماكن المدنية. فالعراق بدلا من أن يشق طريقه في التطورين السياسي والاجتماعي بعد سقوط النظام السابق نراه يعود إلى الوراء على مختلف الأصعدة وأخطرها الصعيدان الاجتماعي والسياسي، فالديمقراطية والانتخابات اللتان تحدثت وتتحدث عنهما الإدارة الأمريكية وأعوانها في العراق ما هما إلا ديمقراطية التكتلات الطائفية التي أفرزت بدورها نظاما المحاصصة على أسس مذهبية وعرقية في حين ان العراق قطع شوطا طويلا لتجاوز مثل هذه التكتلات، فالتاريخ العراقي سواء إبان حكم حزب البعث العربي «الاشتراكي« أو خلال الحكومات الجمهورية والملكية التي مرت عليه لم يشهد طأفنة سياسية كالتي ترسم صورته الآن. وإذا ما تمعنا النظر في الحالة الاجتماعية التي دخل العراق فيها بعد جريمة الغزو فإننا نرى ردة خطرة تهدد كل منجزات الشعب العراقي الحقوقية وفي مقدمتها حقوق المرأة التي كفلتها القوانين التي كانت تحكم المجتمع العراقي قبل الجريمة ومنها على سبيل المثال قانون الأحوال الشخصية الذي يعتبر على المستوى العربي من القوانين المتطورة التي كفلت حقوقا كثيرة للمرأة العراقية في مختلف المجالات. لكن بعد أن آلت مقاليد التشريع والحكم إلى القوى الدينية الرجعية التي أفرزتها جريمة الغزو الأمريكية فإننا نرى تراجعا كبيرا في هذه الحقوق فكتبت العقلية الدينية الرجعية قانونا للأحوال الشخصية ينتقص كثيرا من حقوق المرأة العراقية، فهل هاتان هما الديمقراطية والحرية اللتان جاءت بهما أمريكا إلى العراق؟ بل نتعدى مثل هذا التساؤل ونقول: إن ما نراه الآن ليس سوى بداية المشوار المظلم القاسي الذي فرضته إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش على الشعب العراقي، ففصول الجريمة لم تكتمل بعد، إذ القادم أعظم وأبشع حتى لو تشدقوا بما يسمونه التحسن الأمني في العام الماضي.

ليست هناك تعليقات: