Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 4 نوفمبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات 4-11-2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
بين العراق وجيرانه
افتتاحية
الجزيرة السعودية
فرضت الأزمة الساخنة على الحدود العراقية التركية نفسها على مؤتمر دول الجوار العراقي، ومع ذلك فقد حاول العراق ممثلاً في رئيس وزرائه نوري المالكي توجيه المؤتمر إلى مساره الأصلي الذي يُفترض أن يسير فيه دون السماح بتشويش الأزمة على المداولات. ولهذا فقد حرص المالكي على التأكيد على أهداف المؤتمر المتمثلة بشكل خاص في مساعدة العراق، ومن ثم ركز على تقديم جرد حساب حول الإنجازات التي تمت منذ مؤتمر شرم الشيخ لدول الجوار، مشيراً بشكل خاص إلى أن العراق بات قريباً من إعلان الانتصار على تنظيم القاعدة وتفكيك الميليشيات، مع التركيز على الإشارة إلى ازدياد قدرات القوات العراقية في السيطرة على الوضع، والتنبيه إلى ضرورة بذل المزيد من العمل مع دول الجوار للحدّ من الهجمات الإرهابية، وهذه المسألة تعتبر واحدة من الموضوعات الرئيسة لهذا المؤتمر.
ومع إعطاء وقت أكبر لإنجازات حكومته فإن المالكي لم يجد بداً من الاستجابة لدواعي الأزمة المتأججة على الحدود؛ فلا سبيل إلى تجاوز وقائع بمثل هذه الحدة لها تأثيراتها على مجمل الأوضاع في المنطقة، خصوصاً أن بين الموجودين في قاعة مؤتمر إسطنبول أطرافاً وثيقة الصلة بهذه الأزمة التي تثيرها المسألة الكردية؛ إلا بتجديد العراق وصف المقاتلين الأكراد بالإرهابيين، مؤكداً مرة أخرى أنه سيعمل بكامل جهده لتجفيف منابع إمداداتهم وإغلاق مكاتبهم.
وبشكل عام، فإن مسألة الإرهاب تفرض نفسها على المؤتمر أياً كان مصدر هذا الإرهاب؛ فهو يسبّب للعراق جلّ المصاعب التي يعاني منها الآن، كما أن الظروف المترتبة على النشاط الإرهابي تخلق حالة من الضبابية بين العراق وجواره، كما تجعل من العراق الساحة المثلى لتصفية خلافات القريبين والبعيدين، وهذا ما حذّر منه رئيس الوزراء العراقي بقوله إن بلاده ترفض أن تكون مكاناً لتصفية الحسابات بين الدول.
وفي كل الأحوال، فإن خطورة الأزمة على الحدود نجحت في استقطاب الاهتمام، وقد تكون الفرصة مواتية مع كل هذا الوجود الدولي الكبير في إسطنبول لابتدار تحركات من شأنها تبريد الأزمة والانتقال بها إلى بر الأمان. وإذا كانت سلامة العراق وتأمينه هي من أهم أهداف المؤتمر فإنه لا يمكن تجاهل هذه المشكلة التي تعتبر واحدة من أكبر المهدّدات لأمن العراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
باختصار
زهير ماجد
الوطن عمان
مؤتمر الجوار العراقي على مدى الترابط بين مشاكل المنطقة حين أصبح البند اللبناني والمشكلة الكردية ينافسان المشكلة العراقية.. وبدل أن يتخصص المؤتمر بقضية رئيسية، تراه قد تشعب ليؤكد عمق الترابط ومعناه في بانوراما مشاكل المنطقة عموما. فإذا أردت أن تعرف المشكلة العراقية عليك أن تفهم معنى الاحتلال، وحين يراد حل ما للوضع العراقي تتضح أبعاد التداخل بكل الأبعاد الملحوظة والمرئية المباشرة وغير المباشرة.. وإذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في لبنان، يكشف لنا المؤتمر أن أول كلام قالته وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس كان عن لبنان موضحة بشكل علني طبيعة الحل الذي تراه الولايات المتحدة لقضية الرئاسة اللبنانية، وأيضا حين يلتقي وزيرا خارجية سوريا وفرنسا في لقاء ودي هدفه الرئاسة اللبنانية وابعاده بكل تشعباته وبصور التدخلات فيه.. أما العراق فما يزال الحضور أكثر إصرارا على أن حلوله الداخلية عالقة على تراث التدخلات المتعددة الأوجه وأن التعقيدات التي تأكل الحلول لن يتم فكها إلا إذا ابتعدت الشياطين عن التفاصيل " لأن الشيطان يكمن عادة في التفاصيل " كما يقولون.
هكذا أبحر مؤتمر الجوار العراقي وهكذا تتم فعالياته وهكذا سينتهي.. وحتى مابعد انتهائه فإن دورة العودة إليه لن تكون فاعلة مالم يتم من جديد إقامة جسور بين القوى التي يتألف منها المعضلة العراقية. لكن كثيرين أملوا بأن يتمكن المؤتمر من وضع خطط تنفيذية تساعد على حلحلة للقضايا الصعبة سواء للملف العراقي أو للملفين اللبناني والكردي. مشاكل المنطقة إذن تحتاج لعناصر درامية تدرس تسلسلها، فهي على ترابط ضمن سلسلة محكمة لايمكن النظر الى جزء منها دون الرؤية الشاملة لعملية الترابط.
قد نراجع بكل أسف ماقاله المسؤول السابق في القوات الاميركية في العراق جون ابي زيد ان الجيش الاميركي قد يبقى في العراق خمسين عاما، مراهنة مستحيلة على رقم قابل للتغيير الدائم وخاضع للمتغيرات التي لن تبقى على أسسها. وهذا يعني في النهاية أن مشاكل المنطقة لاحل لها طوال مدة البقاء الاميركي في بلاد الرافدين، يستدل من هذا الكلام أن بناء أكبر سفارة أميركية في العالم في بغداد يشكل صورة من المعنى الذي ذهب اليه الجنرال الاميركي ابي زيد، ومعناه ايضا ان التسويات لأزمات المنطقة طويلة وعمرها لن يكون أقل من عمر الوجود الاميركي في العراق.
الأزمات إذن حطت في تلازم ومساراتها وضعت على أرض قابلة للاحتراق ساعة يراد لها ، والولايات المتحدة التي تظهر انزعاجها من الفلتان الأمني في المدن العراقية، إنما هي مرتاحة أيضا لأن تستمر حاضرة حيث وجودها الحالي. وسيكون على العراقيين التأقلم مع الواقع المستمر، إذن من قال بأن الاميركي يستعد للرحيل فيما هو يتعايش ايضا مع مراحل داخلية عراقية أسست لأفرازات من القضايا الاخرى محكومة الترابط فيما بينها.
والسؤال المطروح: هل بعد كل ذلك من أمل في مؤتمرات من هذا النوع تسعى للبحث بحل للمشكلة العراقية، أم هي لذر الرماد في العيون من أجل المزيد من التأجيل بحثا عن حل لإيراد له فعليا أن يقوم بالسرعة المطلوبة التي يسعى إليها جوار العراق والعالقون أيضا في مطبات مشاكلهم المترابطة بتلك الأزمة المستعصية!.
مؤتمر الجوار العراقي تمرين على تفاهمات كيفية إدارة الأزمات وتشذيبها أو ضبط إيقاعهادون أن يراد له حل يعني في النهاية المصير النهائي للقوات الاميركية ووجودها في المنطقة .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
تركيا.. جبهة جديدة في الحرب ضد الإرهاب
ويليام أركين
واشنطن بوست
لقد ازدادت فرص الغزو التركي لشمال العراق منذ هجوم الأحد قبل الماضي الذي أودى بحياة 12 جنديا تركيا. وتشير كافة الدلائل إلى أن الجيش التركي يحشد قواته على طول الحدود مع العراق. وعلى الرغم من أن العراق وعدت بتعزيز جهودها للسيطرة على مقاتلي حزب العمال الكردستاني، إلا أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يتعرض لضغوط داخلية كبيرة للاهتمام بالوضع التركي.
يبدو الآن إن دق طبول الحرب من جانب تركيا قد دفعت الولايات المتحدة الأمريكية والعراق والسلطات في كردستان العراق إلى القيام بعمل ما ضد الجماعات الكردية على الحدود العراقية، والتي تقوم منذ فترة بالتسلل إلى داخل تركيا. ويبدو أن الأزمة قد انتهت. لكن الواقع إنها ربما تكون مجرد البداية، أي بداية جبهة جديدة في الحرب على الإرهاب.
من المتوقع أن تتوجه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس إلى تركيا خلال نهاية الأسبوع المقبل في إطار جهود الإدارة- المتأخرة والمكثفة في نفس الوقت- لاثناء تركيا- التي تعد حليفة أمريكا في حلف شمال الأطلنطي- عن غزو العراق. من جانبها، ناشدت الولايات المتحدة الأمريكية السلطات الكردية العراقية وقف الهجمات الكردية على تركيا من داخل الأراضي العراقية. ومن جانبه أيضا، أدان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حزب العمال الكردستاني ووصفه بأنه منظمة إرهابية، وتعهد بمنع مقاتلي الحزب من شن أي هجمات ضد تركيا من شمال العراق.
تجدر الإشارة إلى أن حزب العمال الكردستاني يواصل منذ عقود طويلة حرب عصابات في المناطق ذات الأغلبية الكردية في تركيا على طول الحدود العراقية بهدف إقامة دولة كردية مستقلة. لقد وجد مقاتلو حزب العمال الكردستاني ملاذا آمنا في شمال العراق خلال عهد صدام حسين، كما أن تركيا كانت تشن هجمات مستمرة بالمدفعية الثقيلة والغارات الجوية والعمليات الخاصة بل والكثير من التوغلات داخل العراق لملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني. تقول وزارة الخارجية الأمريكية أن هذا الصراع أودى بحياة أكثر من 37000 شخص منذ عام .1984
وفي العام الماضي، واعترافا منها بالمشكلة الكبيرة والمتنامية وصحة الشكاوى التركية حول استخدام العراق كملاذ آمن لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، قرر البيت الأبيض تعيين جوزيف رالستون، وهو جنرال متقاعد بالقوات الجوية، ونائب رئيس الأركان المشتركة كمبعوث خاص للولايات المتحدة ويحمل حقيقة حزب العمال الكردستاني. وقد سافر رالستون بين واشنطن وأنقرة وبغداد، وناشد المسؤولين العراقيين بأهمية عدم السماح لمقاتلي حزب العمال الكردستاني باستخدام منطقة شمال العراق كملاذ آمن.
من ناحيته قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للمبعوث الأمريكي رالستون أنه يقدر المشكلة، لكن الأخير قال خلال مؤتمر صحفي منذ عام، «لدى العراق مشاكل عديدة.» ولما لم يحدث أي تقدم جوهري من الجانب العراقي قرر رالستون الانسحاب من المهمة.
وعلى الرغم من كافة تعهدات المالكي، أدرك الجيش الامريكي أن العراق لن تفعل شيئا ملموسا بشأن حزب العمال الكردستاني. قال الرئيس العراقي جلال طالباني، وهو نفسه كردي، إن الحكومة الإقليمية الكردية لن تسلم أي كردي- ولا حتى قطة كردية- إلى تركيا.
وفي نفس الوقت ذكرت صحيفة شيكاجو تريبيون أن الولايات المتحدة تفكر في شن هجمات ضد حزب العمال الكردستاني للحيلولة دون قيام تركيا بغزو العراق. وقال المتحدث باسم الحكومة الإقليمية الكردية في واشنطن قباد طالباني «إذا قامت الولايات المتحدة بقصف معسكرات حزب العمال الكردستاني في الشمال، فإننا سنحرق تركيا غدا».
هذه مبالغة. لكن يبدو أن الولايات المتحدة سوف تدعم حربا جديدة ضد الإرهاب بمساعدة الجيش التركي في القضاء على حزب العمال الكردستاني.
قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس الكثير لنظيره التركي على هامش مؤتمر أمني في العاصمة الأوكرانية كييف خلال الأسبوع الماضي، وتعهد بزيادة الدعم المخابراتي للأتراك. وفي ضوء الأهداف الأمريكية المختلطة في كردستان العراق، يمكن القول بأن هذه جبهة جديدة سوف يثبت مدى صعوبتها وحساسيتها شأنها شأن جبهة باكستان.
تجدر الإشارة إلى أنني كتبت خلال الأسبوع الماضي عن إمكانية دخول القوات التركية إلى شمال العراق للقضاء على مقاتلي حزب العمال الكردستاني وقلت أن هذه العملية يمكن أن تتسبب في سلسلة من ردود الأفعال التي يمكن أن تؤدي إلى صراع دولي كبير.
لقد ازدادت فرص الغزو التركي لشمال العراق منذ هجوم الأحد قبل الماضي الذي أودى بحياة 12 جنديا تركيا. وتشير كافة الدلائل إلى أن الجيش التركي يحشد قواته على طول الحدود مع العراق. وعلى الرغم من أن العراق وعدت بتعزيز جهودها للسيطرة على مقاتلي حزب العمال الكردستاني، إلا أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يتعرض لضغوط داخلية كبيرة للاهتمام بالوضع التركي.
يبدو في الوقت الراهن على الأقل إنه يمكن الحد من الآثار الدولية للغزو التركي لشمال العراق. وقد إعرب الرئيس الأمريكي جورج بوش عن قلقه من أن الاتراك يرسلون أعدادا كبيرة من قواتهم إلى داخل العراق، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تغض النظر في حالة قيام تركيا بعملية محدودة. أنا شخصيا أعتقد أن بغداد سوف تتقدم باحتجاج بسيط، وأن إيران وسوريا سوف يكونا على استعداد للاستفادة من الفرصة المواتية لشن هجمات من أراضيهما.
أما الخطورة الأكبر فهي أن الأكراد في شمال العراق وفي الحكومة العراقية في بغداد سوف يستخدمون التوغلات التركية والإيرانية والسورية لتعزيز أجندتهم، وهي إقامة كردستان مستقلة إلى الجنوب.
إن المنطقة الكردية في العراق يهيمن عليها حزبان سياسيان، هما الاتحاد الوطني لكردستان، وهو الحزب المهيمن في القطاع الشرقي ويرأسه الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني. وهناك مسعود برزاني رئيس كردستان الذي يتحكم في القطاع الغربي.
ناشد طالباني رسميا المقاتلين الأكراد الذين يعملون ضد تركيا وإيران بوضع أسلحتهم، وهو يعرف تماما أن هذا الموقف لن يكون مقبولا لدى أنصاره من أكراد العراق. أما برزاني فكان أكثر دهاء وخداعا، ويقول المراقبون الأكراد إنه يستخدم حزب العمال الكردستاني كورقة في المفاوضات من أجل الحصول على تنازلات من تركيا في سبيل تحقيق المزيد من الاستقلال. وفي نفس الوقت فإن الشارع الكردي يرفض القضاء على حزب العمال الكردستاني.
إن الحكومة التركية تناشد الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة باتخاذ موقف قوي في شمال العراق للقضاء على وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المنطقة. لكن، الجيش الأمريكي يشعر بالرضا لأن قوات البشمرجة الكردية تستطيع مراقبة أراضيها والسيطرة عليها.
إذا كانت هناك ثمة مصلحة في المحافظة على الاستقرار في أكثر مناطق العراق رخاء، فهناك أشياء كثيرة يتعين تغييرها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
بلاكواتروجرائم الحرب
وليام أركين
واشنطن بوست
تطالب الحكومة العراقية الآن بطرد شركة بلاكواتر الأمنية، وفي الواقع هذه رغبة مقبولة تماما من جانب حكومة ذات سيادة حتى ولو لم يكن لهذا الطلب ما يبرره في هذه الحالة بالذات. وفي نفس الوقت، يقترح مسؤولو الأمم المتحدة في بغداد ومنظمات الحريات المدنية الأمريكية إجراء تحقيق مع أفراد أمن الشركة في العراق عن «جرائم حرب».
لننحي جانبا ولو للحظة افتراض الإدانة، واللغة الملتهبة الخاصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ونقول إن هذا الاقتراح الأخير يدخل في صميم مشكلة أكبر. هل الولايات المتحدة لا تفرق بين الجيش والمدنيين، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي ملابسات ذلك على الحرب ضد الإرهابيين؟
انتهى التحقيق الذي أجرته الحكومة العراقية في حادث بلاكواتر الذي وقع في السادس عشر من سبتمبر الماضي والذي راح ضحيته 17 مدنيا بخمس توصيات، إحداها ينادي بأن تتوقف الولايات المتحدة عن استخدام شركة بلاكواتر في العمليات الأمنية. ويتفاوض مسؤولون أمريكيون وعراقيون حاليا حول طرد شركة بلاكواتر واستبدالها «بمؤسسة جديدة أكثر تنظيما بحيث تلتزم بالقوانين العراقية» حسب النص الحرفي للتوصية العراقية. إن الولايات المتحدة ليست بالضرورة تدافع عن شركة بلاكواتر: إنها تريد فقط مجيء مؤسسة أمنية بديلة قبل مغادرة شركة بلاكواتر.
تولى مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في بغداد للتعرف على ما حدث بالضبط وما إذا كان قد تم ارتكاب جريمة بالفعل. ومع التسليم بأن المقاولين الأمنيين يعملون في إطار قانوني خارج المحاكم العسكرية وخارج النظام المدني العراقي، أقر مجلس النواب تشريعا من شأنه أن إخضاع أفراد الحرس المدني الذين يعملون بعقود للمحاكمة في المحاكم الأمريكية. ومن المتوقع صدور تشريع مماثل في مجلس الشيوخ الأمريكي.
وبينما تركز السلطات العراقية على طرد شركة بلاكواتر، يتبع مسؤولو الأمم المتحدة في بغداد مسارا مختلفا تماما. قالت إيفانا فوكو كبيرة مسؤولي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بغداد: «إننا نولي اهتماما كبيرا للتحقيقات فيما إذا كان قد تم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو لم يتم ارتكاب تلك الجرائم والعواقب الواضحة لذلك هي بالفعل ما يهمنا وما ندعمه تماما.» وفي نفس والوقت رفع مركز الولايات المتحدة للحقوق الدستورية قضية ضد شركة بلاكواتر قائلا إنها انتهكت القانون الأمريكي بارتكاب أعمال قتل وجرائم حرب خارج الحدود.
بينما أقر مؤسس شركة بلاكواتر في الولايات المتحدة إريك برنس بأن مستقبل شركته في العراق أصبح أمرا منتهيا، إلا أنه دافع عن شركته دفاعا مستميتا. قال برنس خلال الأسبوع الماضي، «لم يكن هناك أي قتل متعمد، ولم يكن هناك أي عنف متعمد من قبل موظفينا».
لننحي جانبا أيضا ولو للحظة الدوافع السياسية لكل من الأمم المتحدة والمركز. بموجب القانون الدولي، تعتبر جرائم الحرب انتهاكا لقوانين الحرب إذا أرتكبها أي شخص سواء كان عسكريا أو مدنيا. أما أي جريمة ضد الإنسانية فهي تعبير أوسع كثيرا ويتضمن ارتكاب تجاوزات كبيرة وعلى نطاق واسع ضد مجموعة من الناس. أما جريمة الحرب التي تنطبق على حادثة بلاكواتر فهي تلك التي تتضمن «القتل العمد» أو إحداث ضرر كبير أو خطير بالجسد أو بالصحة- بحيث يكون ذلك متعمدا ولا يتضمن أي اعتبار للتمييز بين الوضع العسكري للضحية.
هذا معيار كبير جدا، لذلك لا ينبغي استخدام تعبير «جريمة الحرب» بشكل عشوائي وبدون تعقل. ربما ينبغي التأكد من أن حراس شركة بلاكواتر قد استهدفوا المدنيين عمدا وأنهم كانوا على علم بأنهم مدنيون وقت ارتكاب الجريمة.
وهذا يقودنا إلى السؤال التالي: من هؤلاء الأشخاص؟ إنهم في منطقة حرب، يحملون السلاح، ولديهم تفويض من الحكومة الأمريكية بالدخول في حرب باسم «الأمن.» تجدر الإشارة إلى أن شركة بلاكواتر لديها حوالي 1000 موظف في العراق، ويشكلون أقل من 1٪ من المقاولين في تلك الدولة.
هذا يعني أن هناك عشرات الآلاف من المدنيين المشابهين موجودون في العراق وفي دول أخرى بوضع قانوني غامض. هناك العديد من الرجال المسلحين الذين لا يرتدون الزي العسكري لأي دولة، قالت الحكومة الأمريكية أنهم يخضعون لقوانين الحرب وليس قوانين المجتمع المدني. وعلى الرغم من ذلك نجدهم لا يرتدون زي الولايات المتحدة، وليسوا محاربين شرعيين بموجب قوانين الحرب.
بدأنا فقط في التعامل مع قشور ما يعنيه عصر بلاكواتر، لكن السؤال المحوري بالنسبة لي هو التزامنا كمجتمع بالمحافظة على التمييز بين ما هو عسكري وما هو مدني، ومن هو المدني. هنا أقول أنه كلما زاد اعتماد الجيش (والحكومة الأمريكية) على المقاولين المدنيين وتزويدهم بالسلاح في مناطق الحرب أو على جبهات القتال، كلما دل ذلك على أن أولئك الذين يرتدون الزي العسكري لدولة معترف بها هم مجرد واحد من عديد من المقاتلين الموجودين هناك.
إن التمييز بين ما هو عسكري وما هو مدني لم يعد واضحا. ففي الحرب الحالية - تلك الحرب التي سعى أعداؤنا إلى إلغاء هذا التمييز - أنا لست واثقا من أننا نريد له أن يتلاشى.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
أكراد العراق وخيارات الجحيم
د. باسم طويسي
الغد الاردنية
طرحت الاستعدادات التركية لشن عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال العراق هشاشة الإقليم الكردي وتهافت نخبه السياسية. فالعملية التي لم تكد تبدأ بالفعل وتستهدف المقاتلين الأكراد من حزب العمال الكردستاني الذي قام قبل أسبوعين باختطاف ثمانية من الجنود الأتراك، وضعت الحقيقة السياسية للإقليم الكردي في شمال العراق تحت الضوء وفي النهار بعيدا عن المكياج السياسي الأميركي الذي استثمر فوضى احتلال العراق وعمم دعاية مفرطة بالخيال والأمنيات حول الاستقرار والإقليم الذي يتحول الى دولة جديدة وقوية في شمال العراق، وجعل من هذه الأسطورة الأساس لاستراتيجية تقسيم العراق والتبشير بها، وإنهاء الدولة الوطنية العراقية.
مشهد الرعب الذي عاشه القادة الأكراد ونقلت بعض تفاصيله الفضائيات في أكثر من مكان يؤكد مجموعة من الحقائق والنتائج العراقية ثم الإقليمية والدولية..
أولا، ان كل الخيارات المنظورة والبعيدة المدى المتاحة بالسياسة وبالنضال امام أكراد العراق خارج نسق ومسار الدولة العراقية هي خيارات الجحيم، وان المستقبل الحقيقي للشعب الكردي العراقي لا يمكن ان يتحقق في إطار الحقائق السياسية والجغرافية التاريخية إلا في إطار الوحدة الوطنية العراقية.
ثانيا، ان خيار الدولة الوطنية العراقية بالنسبة لأكراد العراق هو محصلة مصالح تاريخية ومصيرية لها أبعادها الاستراتيجية والسياسية، كما انها لا تتناقض مع الحقائق الاجتماعية والقومية، والإرادة المتبادلة بالاندماج والاستمرار في نسج الهوية المشتركة التي صانها العراقيون على مدى مئات السنيين.
ثالثا، ان ضعف موقف الإقليم الكردي والفوضى السياسية التي انتابت نخبه الحاكمة في ضوء الموقف الأميركي السلبي قد كشفت ان أكراد العراق مرشحون للتحول الى ساحة رئيسية للصراع في المنطقة، وان القضية الكردية إذا ما خضعت للمزيد من التفتيت والغرور والتضليل السياسي سوف تدخل في فصول جديدة من المآسي والآلام التي سيدفع ثمنها الشعب الكردي.
كما يعرف الجميع ان السياسة لا تخضع لقاعدة الحلفاء الدائمين، لكن تتبع تاريخ النخبة السياسية في إقليم كردستان العراق توضح حجم التقلب وضياع الدليل والبوصلة في مواقفهم على حساب بناء تراكم من الشراكة في مستقبل الدولة العراقية؛ من حلفاء مع الأتراك قبل حرب احتلال العراق 2003 بسبب مواقف تركيا غير الداعمة للحرب، الى حالة من الاستعداء الواضحة والتي جعلت احد الزعماء الأكراد الكبار في السلطة يسخر من دعوة اوردغان بتسليم تركيا بعض قادة حزب العمال الكردستاني بالقول "لن نسلمه قطة كردية إذا عبرت إلينا من تركيا".
لقد تصرفت السلطة الكردية في شمال العراق طوال سنوات الاحتلال عكس الحقائق السياسية والاستراتيجية السائدة منذ عقود في المنطقة تحت إغواء الأحلام الانفصالية، حتى انها نشرت إعلانات في الولايات المتحدة بأنها "العراق الحر" وتمادت حتى في رفض رفع العلم الوطني العراقي، ولاحظنا كيف تهاوت هذه الادعاءات أمام أول تهديدات خارجية، حينما عاد الزعماء الأكراد الى الدعوة الى رفع العلم العراقي على المنشآت العامة في الإقليم خوفا من القصف التركي.
المسألة الكردية في الشرق الأوسط اكبر من ان يتحملها العراق ولها امتداداتها الإقليمية الواسعة. لقد تم التعبير عن ذلك بوضوح في السلوك الإيراني والسوري خلال الأيام الماضية، ولطالما استطاع أكراد العراق تحقيق الكثير من امنياتهم القومية في إطار الوطنية العراقية أكثر من أي جماعة عرقية كردية أخرى في الدول المحيطة، فإن من الحكمة عدم الرهان على خيال سياسي يفتقد العقلانية وفهم الوقائع، ويهدد مستقبل دولتهم الوطنية المنجزة في العراق الموحد.
السؤال الملح في هذا الوقت، هل تلجأ السلطات الكردية في شمال العراق تحت ضغط التهديدات العسكرية الجدية، الى استخدام القوة وتوظيف مليشياتها في مهاجمة المقاتلين الأكراد الأتراك والإيرانيين الذين يتحركون داخل حدود شمال العراق، بعد ان تبين تسارع تهاوي ادعاءات الاستقرار والانفصال.
كل خيارات أكراد العراق خارج حقيقة الدولة الوطنية العراقية مصيرها الجحيم، وهذا الدرس الذي حان الوقت لكي يستوعبه الأكراد وغيرهم من مكونات الشعب العراقي. basimtwissi@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
تراث بوش من المهازل
ريتشارد كوهن
`واشنطن بوست
عندما يراجع الرئيس بوش فترته الرئاسية ، سوف يرى حربين بدأ بهما ولم ينهيهما ، أسامة بن لادن ما زال طليقا ، هيبة أميركا سجلت رقما قياسيا في الهبوط في ارجاء العالم ، الجيش مكسور ويعاني من سوء المعاملة ، ودولة يعتقد القطاع الأكبر من سكانها أن حكومتهم كاذبة. موسوعة غينيس الدولية بحاجة لتفرد فصلا كاملا لبوش وحده.
أعتقد أن افتقاد الثقة بالحكومة ربما يكون الجزء الأكثر أهمية والذي يصعب احتماله. الأجزاء الأخرى يمكن تصحيحها. بالنسبة للعراق هناك على الأقل نهاية. بالنسبة للجيش العلاج هو المزيد من المال وتلاشي الذكريات المريرة. بالنسبة لبن لادن... هناك الموت نفسه. أما بالنسبة لأفغانستان فمن يدري ما سوف يحدث. لكن الشأن المتعلق بثقة الناس بحكومتهم أمر مدمر. إننا نراها الآن وهي تتلاعب بقرار مجلس النواب الذي يصف قوات القدس التابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني باعتبارها منظمة إرهابية. القرار نفسه صريح إلى حد كبير ، ويتعلق بشأن مقنع هو أن قوات القاعدة تدخلت في العراق وتسببت بمقتل اميركيين. بغض النظر عما تشعر به حيال حرب العراق ، لا يمكن لأي كان أن يقتل أميركيين ويتمتع بالحصانة.
تبعا للقرار ، الجيش الأميركي لديه "دليل" - الكلمة للجنرال بترايوس - على النشاطات الإيرانية. وقد قال الجنرال للكونغرس "هذه ليست معلومات مخابراتية ، إنها دليل من أجهزة الكومبيوتر التي أمسكنا بها ، ووثائق وغيرها". بترايوس لم يحصل على رتبته العسكرية من فراغ. إنه يعرف مستوى السخرية الذي يمكن أن ينشأ عن استعمال كلمة "استخبارات" الآن في الكونغرس. دليل ، إنه يتحدث عن دليل.
بالنسبة للغالبية العظمى من الناس ، ربما يكون بترايوس حالما. هؤلاء الناس ، ومعظمهم من اليسار الديمقراطي ، يرون في القرار تكرارا لألعوبة قديمة تمارسها إدارة بوش: الخطوة الأولى على طريق الحرب مع إيران. لكن نائب الرئيس تشيني ليس بحاجة لأي قرار لشن الحرب ، سيقول "قرار.. قرار ، لست بحاجة لأي قرار عفن" - وما أكده النواب للعالم أصبح معروفا منذ بعض الوقت: الحرس الثوري هو نفسه جماعة إرهابية.
حتى بالعودة لعهد إدارة كلينتون ، لم يكن لدى المسؤولين أي شك بأن الحرس الثوري يمول حزب الله ويسلحه. وكانوا يعرفون متى تحول النقود ومتى تدفع المكافآت بعد عملية إرهابية ناجحة. أكثر من ذلك ، مدعون عامون من الأرجنتين - ليس من بينهم أي شخص في إدارة بوش - حملوا إيران المسؤولية عن التفجيرات التي حصلت عام 1994 في مركز يهودي في بيونس آيرس وأدت إلى مقتل 85 شخصا. هل كان الحرس الثوري تحديدا هو من يقف وراء هذه التفجيرات أم لا ، لا أدري ، لكن الملف الإيراني يضم عمليات من هذا النوع.
إن ما أخشاه أكثر من الحرب مع إيران ، هو ذلك النوع من القلق الذي احاط بأميركا بعد حرب فيتنام ، أو ذلك الشلل الذي اصاب بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى. كلا الدولتان كانتا مسحوقتان ومنهكتان. كان أفراد النخبة المثقفة في بريطانيا يجاهرون بمعارضتهم للعنف ، وبأنهم لن يقاتلوا لا من أجل الملك ولا من أجل البلد. وكانت فرنسا قد هزمت هزيمة ساحقة في الحرب العالمية الأولى.. كانت أمة من الأرامل أو ممن فقدوا أحد أطرافهم.
الوضع الآن ليس مأساويا أو يائسا كذي قبل. لكن سنوات من مبالغات بوش ، وأكاذيب تشيني ، ومن النقاط التي فشلت بشكل ما في أن تكون متصلة ، ومن الاستخبارات التي كانت إما كاذبة أو مضللة ، ومن الحروب التي بلا هدف ، ومن الخطابات الصبيانية الفارغة - "أحضرو بن لادن إلى هنا"... جعلت منا جميعا مسخرة. تلك هي الواقعية الجديدة. لكن الواقعية الجديدة أيضا هي أن إيران تشكل خطرا - على الأرجح خطر شديد - وأن الحرس الثوري مشارك في ذلك العمل القذر من قتل الأميركيين وغيرهم. وحقيقة ، أن إدارة بوش هي من يقول ذلك لا تشكل أي فرق.
إن قرار مجلس النواب كان خطوة ضرورية لتشديد العقوبات على إيران - طريقة لتجنب الحرب ، وليس مقد مة لها. لقد كان المقصود به إرسال رسالة للحل ، لكن الرسالة التي أرسلت أظهرت بدلا من ذلك أن جزءا كبيرا من أميركا يظن أن بوش هو عدوها الأول - وأن إيران هي مجرد هوس بالثرثرة. هذا هو الإرث المؤسف لجورج دبليو. بوش - سوء استخدام للثقة ادى إلى إضعاف البلد الذي أقسم على حمايته.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
الحرب العادلة!!!
صقر العنزي
اليوم السعودية
لا أحد يريد ان تقرع طبول الحرب من جديد في منطقة الشرق الاوسط, هذه المنطقة التي ملت من الحروب وسئمتها, والتي كثيرا ما جاءت بسبب اطماع الدول الكبرى التي لا تنتهي الساعية نحو الهيمنة على مصادر الطاقة التي تزخر بها المنطقة.
الحرب أرغمت الشعب الفلسطيني على الشتات والهجرة حيث عاش ويعيش ازمة احتلال وحرب دائمة طوال السنين الماضية, ومع ذلك ضرب هذا الشعب اروع الامثلة في الصمود المقدس ومقاومة التكبر والاستبداد العالمي. والحروب والنزاعات هي التي أرهقت الشعب العراقي والايراني على مدى ثماني سنوات متواصلة في حرب عبثية لا طائل منها لمجرد ارواء شهوات النفس وتحقيق الذات. ومن ثم تأثر الشعب الكويتي والعراقي على حد سواء بحرب الخليج الثانية التي جاءت لتحقيق نزوات فردية, حرب أضرت بالشعب الكويتي كثيرا وقضت في الوقت نفسه على موارد الاقتصاد العراقي عبر حصار جائر دام لسنوات, ليختتم هذا المسلسل الشنيع بالاحتلال الامريكي للعراق الذي يعتبر الطامة الكبرى التي صدمت كل ذي قلب حي.
الناس هنا تبحث عن السلام والأمان بعيدا عن اصوات المدافع والقنابل وأزيز الطائرات, وبعيدا عن صور الاشلاء وقطع الرقاب, وتناثر الجثث لتكون طعاما لأسد الغاب. فالحروب تأتي على كل شيء, تأكل الاخضر واليابس, وتقضي على موارد البلاد, وتحول العمران الى خراب ودمار, وتورث العداء المستمر, وتنتفي فيها الاخلاق والقيم, ويغيب عنها العدل ويكثر الظلم, وتورد المهالك, وتزهق فيها الارواح بغير حساب.
ومع ذلك, أصبحت الحرب في عالم اليوم الوسيلة الاساسية للهيمنة على مقدرات الدول, ولإرغام الخصوم واخضاعهم للسير في فلك المنتصر, مع أن الحرب لا يمكن ان تكون وسيلة اصلاحية, او طريقا لتحقيق العدل ورفع الظلم, فهي في كثير من الاحيان وسيلة هدم لا بناء, ولا يوجد هناك ما يسمى (الحرب العادلة) فالحروب كلها غير عادلة, ولن تكون عادلة مهما كان. فالعدل ينتفى عند ازهاق النفس البشرية دون وجه حق, أو من اجل تحقيق مصالح شخصية, او السيطرة على منطقة من العالم ونهب خيراتها. ويستثنى هنا ما يقوم به المصلحون اذا سدت السبل في وجوههم لتحرير الانسان لتعنت المتكبرين في الارض, فهي عندهم اخر الحلول وآلمها, كما فعل المسلمون القدامى في كثير من حروبهم لنشر الإسلام في الأرض.
هذه التسمية الجائرة جاء بها حاكم مستبد يهوى الحرب ويعشقها, ويريد جعل الحرب مقبولة عند الجمهور, عبر تبرير فعله الشنيع هذا وتغليف هوسه للقتل بشعارات ارساء العدل وتحقيق الاستقرار, كما يفعل بوش اليوم في العالم من حولنا. فقد جاء الى العراق تحت مسمى الحرب العادلة او الحرب من اجل ارساء الديمقراطية, وهاهو الشعب العراقي يتذوق طعم الديمقراطية الامريكية, التي تكلف الشعب العراقي كل يوم العشرات من القتلى. فهل يستحق هذا الدرس الديمقراطي كل هذه التضحية!!. وليس هذا وحسب, بل اصبح السيد بوش منجما, عبر تنبؤه بعدوه القادم, وضرورة القيام بما يسمى (حربا استباقية) لتلافي خطره الداهم على بلاده, والغريب ان كل اعداء بوش يبعدون عنه آلاف الكيلومترات ومع ذلك يظن بوش ان باستطاعتهم الوصول اليه, وتهديد أمنه القومي, لذا هو يقوم بضربات استباقية ضدهم.
الحرب العادلة هي كمقولة العادل المستبد, التي شاعت وذاعت في اوساط المجتمعات العربية, لتبرير الاستبداد والتسلط على حقوق الناس بغير وجه حق. وهي مقولة اطلقها انسان محبط في مجتمعه, يائس من الاصلاح والتغيير, والنهوض في وجه الاستبداد والقهر والتسلط, حيث يعتقد ويظن في قرارة نفسه ان بمقدور الحاكم المستبد والمتسلط على رقاب الناس وارزاقهم ان يكون عادلا برغم استبداده هذا. ونسى هذا المحبط أن اولى الخطايا التي ارتكبها هذا المستبد العادل هو الاستبداد نفسه الذي لا يمكن ان يجتمع مع العدل في اي وقت او زمان. وهي مقولة منافية للعقل متناقضة مع الواقع ولا ريب. ومع ذلك ومع مرور الزمن ايقنت بعض العقول بضرورة تصديق هذه المقولة قهرا, في ظل غياب القدرة الكافية على احداث التغيير المنشود. بل ذهب البعض الى ابعد من هذا عبر اضفاء هالات القداسة على سيادة العادل المستبد, وتبرير استبداده بالمصلحة العامة للأمة. وضرورة الالتفاف حوله من اجل الوقوف في وجه عاديات الزمان.
كفانا الله شر الحرب العادلة, وجبروت كل عادل مستبد..smanazi@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
رأي الراية .. مؤتمر اسطنبول
افتتاحية
الراية قطر
رغم الزخم السياسي والإعلامي والاهتمام الدولي الذي صاحب المؤتمر الوزاري حول العراق والذي اختتم أعماله امس باسطنبول باصداربيان طالب فيه بمنع استخدام اراضي العراق قاعدة للإرهاب ضد دول الجوار إلا انه من الواضح ان المؤتمر لن يكون فعالا في استتباب الامن بالعراق واعادة الأوضاع الي طبيعتها ما لم تكن هناك جهود حكومية تجاه المصالحة الوطنية التي تضمن مشاركة جميع العراقيين في أمور بلادهم السياسية والاقتصادية والامنية..
ولذلك المطلوب دعم الجهود تجاه تحقيق المصالحة الوطنية العراقية باعتبار ان ذلك ركيزة اساسية لمنع اي اعمال إرهابية سواء كانت داخل العراق او عبره للدول المجاورة اضافة الي تعزيز التعاون بين العراق والدول المجاورة للسيطرة علي الحدود المشتركة وان هذا التعاون يقتضي ان يكون هناك قدر من الثقة المتبادلة بين الجميع.
مما لاشك فيه ان التوتر بين تركيا وحزب العمال الكردستاني وتهديد تركيا باجتياح شمال العراق قد سيطر تماما علي المؤتمر وقراراته وبالتالي ركز علي منع استخدام اراضي العراق كقاعدة للإرهاب ضد الدول المجاورة وان في هذه القرارات اشارة واضحة للموقف الموحد من حزب العمال الكردستاني والذي التزم العراق بمنعه من استخدام أراضيه.
ان المطلوب من المجتمع الدولي ان يكون له دور واضح في استقرار العراق وان ذلك لن يتم الا باشراك الامم المتحدة في الأمر خاصة وان المنظمة الدولية قد اكدت في أكثر من مناسبة بأن يكون لها دور في العراق خاصة تجاه استحقاق المصالحة الوطنية وان مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة شخصياً في مؤتمر اسطنبول لهي دلالة واضحة علي اهتمام المنظمة الدولية بمايجري في العراق.
فالجميع بمن فيهم دول الجوار يدركون ان الاستقرار في العراق مفتاح لاستقرار المنطقة ومن هنا جاء تأكيد المؤتمر بتجديد تعهدات المجموعة الدولية ودول الجوار بتشجيع السلام والاستقرار والامن في العراق ودعم جهود الحكومة العراقية اضافة الي احترام سيادة ووحدة اراضي العراق وهويته .
ولكن رغم هذه التعهدات الا ان المطلوب أفعال لا أقوال لان الوضع بالعراق يحتاج الي تعامل جاد من قبل الحكومة العراقية تجاه المصالحة الوطنية ومن قبل المجتمع الدولي ودول الجوار بدعم هذه الجهود ومن قبل دول التحالف بقيادة امريكا لتسريع الانسحاب وتمكين العراقيين من تولي أمورهم ولذلك فالجميع مطالبون بتفعيل قرار المؤتمر حول أهمية التوصل الي مصالحة حقيقية بالدخول في حوار شامل ومصالحة وطنية خاصة وان الحكومة العراقية الحالية تعاني من أزمات ومشاكل بسبب انسحاب عدد من الكتل السياسية منها.
مشكلة العراق الأساسية التي يعاني منها لا تكمن في تدخل دول الجوار أو علاقاته معها انما في تمدد النفوذ الطائفي في جميع مرافق الدولة ومؤسساتها المختلفة وارتباط هذه القضية بالعنف والقتال الطائفي المقنن الذي تقوم به الميليشيات الطائفية، الأمر الذي جعل الوضع اكثر تعقيدا وفشلت في التعامل معه جميع المؤتمرات السابقة لدول الجوار والمجتمع الدولي رغم القرارات العديدة التي صدرت تجاه ملفات العراق والتي ستظل عالقة مالم يتفق العراقيون كشعب علي موقف موحد من الإرهاب والطائفية بعدما اتفق المجتمع الدولي ودول لجوار علي منع عبور الإرهاب من العراق لتركيا والدول الأخري.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
فلسطين مخرج من المأزق العراقي
خيرالله خيرالله
الغد الاردن
ثمة إشارات عدّة مثيرة للقلق مصدرها الشرق الأوسط من بينها الارتفاع المفاجئ والسريع وغير الطبيعي لسعر النفط ليقترب من مائة دولار. مثل هذا السعر كان إلى ما قبل سنة أقرب إلى الخيال من أي شيء آخر. انه ارتفاع غير طبيعي في السعر لمادة حيوية تعتبر عصب العالم الصناعي. وتدل التجارب التاريخية على أن سعر النفط لا يرتفع لأسباب اقتصادية مرتبطة بالعرض والطلب فقط، وإنما لأسباب سياسية أيضا.
لم يكن الارتفاع المثير لسعر برميل النفط العامل الوحيد وحده قد أدّى إلى طرح تساؤلات لدى الخبراء في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن وخارجها، بل إن من عوامل القلق الأخرى أن الرئيس بوش الابن لفظ عبارة "الحرب العالمية الثالثة" لدى تطرقه أخيرا للسياسات الإيرانية. وجاء الخطاب الناري الذي ألقاه قبل أيام نائب الرئيس ديك تشيني وأعلن فيه صراحة أنه لن يكون مسموحا لإيران بامتلاك السلاح النووي، وهددها بـ"عواقب وخيمة" وليس بمجرد عقوبات جديدة، ليدعم التوجه الأميركي نحو التصعيد.
كان في الإمكان القول إن التصعيد في اللهجة الأميركية عائد إلى أسباب داخلية مرتبطة بالحاجة إلى تغطية المأزق الذي وجدت فيه الإدارة نفسها بسبب المغامرة العراقية.. لولا التصرفات الإيرانية المقابلة التي ترافقت مع التصعيد الأميركي أو تسببت به، وتعكس -في والوقت نفسه- وضعا غير طبيعي داخل "الجمهورية الإسلامية" نفسها. إنه وضع من يعتبر أن المنطقة مقبلة على أحداث كبيرة. ولذلك استقال فجأة الأمين العام لمجلس الأمن القومي، علي لاريجاني، الذي كان يفاوض باسم إيران في موضوع الملف النووي وذلك بعدما أعلن الرئيس محمود أحمدي نجاد أن الملف النووي الإيراني "أغلق" وأن إيران منصرفة إلى إعداد نفسها لمواجهة مع الولايات المتحدة بعدما قررت المضي في تخصيب اليورانيوم.
ما لا يعرفه كثيرون أن لاريجاني يعدّ نفسه للرئاسة كي يكون خليفة أحمدي نجاد في الوقت الذي سيكون فيه هاشمي رفسنجاني مرشدا أعلى للجمهورية خلفاً لعلي خامنئي. وليس صدفة أن رفسنجاني أخذ مبادرة المزايدة على الرئيس الإيراني الحالي بإعلانه أن على الإيرانيين اعداد نفسهم لمواجهة مع الأميركيين، ملتقيا بذلك مع قادة "الحرس الثوري" الذين يهددون بعمليات انتحارية وبإحراق الخليج في حال تعرض إيران لأي هجوم.
لم تأت الإشارات التي تدل على مواجهة قريبة من واشنطن وطهران وحدهما. جاءت أيضاً من النظام السوري الذي يشعر أكثر من أي وقت بأن الحلف الذي أقامه مع النظام الإيراني يمكن ان يكون في مهب الريح عندما يتعلق الأمر بالمصالح المباشرة لطهران. أكثر من ذلك، ظهر تباين بين المصالح الإيرانية والسورية في لبنان. إيران بنظامها الحالي الذي يسعى إلى احتكار الإسلام وجعل قمّ قبلة المسلمين في العالم، من الزاوية السياسية، تعارض بشدة مواجهة شيعية- سنّية في لبنان. أما النظام السوري فهو على استعداد للذهاب إلى أبعد ما يمكن تصوره، بما في ذلك إحراق لبنان بحروب صغيرة أو كبيرة وبكل أنواع المواجهات الطائفية والمذهبية من أجل التخلص من المحكمة الدولية التي ترفض الولايات المتحدة التفاوض معه في شأنها.
هل من مجال لتفادي التصعيد وكسر الحلقة المفرغة التي أوجدتها تلك الهوة بين المجتمع الدولي من جهة وإيران وحلفائها، كالنظام السوري و"حزب الله" و"حماس" ومن لفّ لفهما من جهة أخرى؟ الجواب أنه لا بد من البحث عن نافذة ما، العراق ليس نافذة، الصراع على العراق تحول إلى جزء من الصراع على المنطقة وعلى من يتحكم بمستقبل المنطقة.
ليس في استطاعة الأميركيين، لأسباب نفطية أولا، الدخول في أية مساومة ذات علاقة بالعراق. هل يمكن تخيل عالم تسيطر فيه إيران على العراق ونفط العراق، إضافة إلى سيطرتها على نفطها؟ دفع صدّام حسين حياته وحياة نظامه وحياة العراق الموحد ثمنا لارتكابه جريمة احتلال الكويت ودعوته الأميركيين إلى التفاوض معه من منطلق أنه "ابتلع الكويت" وحولها محافظة عراقية، على حد تعبيره. كانت الكويت الدولة الحرة ذات السيادة بمثابة سمّ في الجسد العراقي أدخله اليه صدّام حسين.
يبقى مكان واحد يمكن ان يتحقق فيه اختراق. هذا المكان هو فلسطين حيث في الإمكان التوصل إلى تسوية على أساس حل الدولتين. كل المعطيات موجودة من أجل تسوية في حال كان مطلوبا الانتهاء من الاحتلال وتشكيل جبهة ضد التطرف بكل أنواعه في المنطقة، فلسطين هي المكان الوحيد الذي تستطيع فيه الإدارة الأميركية عمل شيء ما.
هل تقدّم واشنطن ذلك، أم تريد المنطقة مسرحا للمتطرفين يمرحون ويفرضون أجندتهم الخاصة في المنطقة الممتدة من طهران، إلى بغداد فدمشق، مرورا بجنوب لبنان وانتهاء بغزة؟.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
التكاذب والخداع في استانبول
راكان المجالي
الدستور الاردن
استبقت رئيسة الدبلوماسية الامريكية وصولها لاستنبول أمس الأول بتصريحات تحريضية ضد اي مصالحة او توافق في لبنان ، وعبرت الوزيرة رايس عن ذعر امريكي من الاتصالات بين رموز الموالاة والمعارضة ، مؤكدة حق الاكثرية على انتخاب رئيس تطبيقا لوصفة الديمقراطية التي هي في جوهرها وصفة للفتنة وتعريض مصير لبنان للخطر، ،
في استانبول كان يفترض أن عنوان اللقاء هو لقاء دول جوار العراق مع السلطة في العراق وبالتالي امريكا هي الطرف الرئيسي في هذا المؤتمر لان العراق واقع في قبضتها ، ولو ان هنالك سلطة فرعية تابعة تحت تسمية الحكومة العراقية..
وفي استانبول كان يفترض ثانيا ان يكون الحدث الساخن والمواجهة الحادة بين تركيا وكردستان العراق هي الموضوع الثاني الذي تطغى احداثه وتفاعلاته على المشهد العراقي الذي اصبح ليله سرمديا،، واذا كانت المأساة العراقية هي صناعة امريكية بامتياز فان الازمة الكردية هي من تأليف وتخطيط امريكا ايضا، ،
في استانبول يدرك كل المتحاورين والمشاركين انهم لن يتوصلوا الى أية نتيجة الا اذا واجهوا الحقيقة التي تخص كل المنطقة بشكل عام ، والحل لا يكون الا بزوال الاحتلال.. الخ والمتمثلة في الحرب الوقائية التي اطلقت صيحاتها الادارة الامريكية بعد 11 ايلول 2001 وعمليا بشرت بها بعد وصول ادارة بوش للحكم في العام 2000 ، وهذه الحرب لمن يذكر أن وصفتها الادارة الامريكية بانها ستكون حربا طويلة الامد واسعة النطاق.
ولقاء استانبول هو مناسبة اخرى للتكاذب وخداع النفس ما دام ما يجري الكلام عنه في استانبول لا يتناول تجليات الحرب الوقائية المكشوفة ما دام لا أحد ، ولا يجرؤ احد على الجهر بالقول أن الكارثة العراقية تسبب بها احتلال امريكا وذبح هذا البلد وتخريبه وتفتيته ، والحل لا يكون الا بزاول الاحتلال..الخ
اما تركيا التي ظلت مرتاحة في السنوات الماضية فقد انفجرت في وجهها تحديات حزب العمل الكردستاني .. وتركيا تدرك ان اقليم كردستان هو تحت سلطة الاحتلال الامريكي منذ احتلال العراق وقد كان هذا الاقليم في السابق في دائرة النفوذ الامريكي ، وامريكا هي التي رعت وشجعت التمرد الكردي لانها لا تريد تركيا مستقرة آمنة واكثر من ذلك لا تريد لها ان تنضم للاتحاد الاوروبي الذي يتخذ من صراع تركيا مع الاكراد ذريعة ويعتبر رفضها لمنحهم حقوق خاصة داخل تركيا مناقضة لمواصفات الديمقراطية والشروط الاخرى للاتحاد الاوروبي.
وليس سرا ايضا ان الازمة اللبنانية ابتداء وانتهاء هي من تدبير وتنفيذ امريكا.. وياليت المجتمعين في استانبول صارحوا امريكا بحقيقة دورها في العراق وانها هي العلة وعندها الحل ، وياليتهم اخبروها انها وراء ما يتفاعل في بين الاتراك والاكراد وانها هي التي زرعت بذور الفتنة ولا زالت تغذيها في لبنان.
ربما يكون المشهد اوسع والقصة اكبر فامريكا تحصيل حاصل تستهدف ابتداء كل العرب بشكل خاص ، وهي تعمل على تفكيك المنطقة باكملها واعادة تركيبها في اطار مشروع الشرق الاوسط الكبير ، ولذلك هنالك هجمة على ايران وارباك لتركيا وفي الاطار الاوسع ولعزل المنطقة هنالك ضغوط على روسيا تحديدا بما هو ابعد من الدرع الصاروخي ، وذلك حديث اخر يتناول اتساع الحرب الوقائية ابتداء من الخليج والشرق العربي مرورا بتركيا وايران وصولا الى روسيا وغيرها..
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
/ يا قاعدة... اخرجي من العراق
د. وائل الحساوي
الراي العام الكويت
اتهمت مؤسسة السحاب للانتاج الفني المختصة بنشر أشرطة القاعدة قناة الجزيرة بتزييف الحقائق والتلاعب بالتسجيل الصوتي الذي بثه زعيم القاعدة أسامة بن لادن بعنوان «رسالة إلى أهلنا في العراق»، حيث نقلت الجزيرة من الشريط ما يفيد تخطيء بن لادن لتنظيم القاعدة وتبرؤه من جهادهم ومن نسبتهم إليه، بينما ضربوا صفحا عن نهيه الفصائل من الدخول في العملية السياسية والأعمال الشركية كالانتخابات والبرلمانات، ودعوته للعشائر بأن تحارب المحتل (كما ذكرت سحاب).
لا شك ان ما نشر من الشريط يدل دلالة واضحة على حزن بن لادن لما آلت إليه أمور تنظيم القاعدة في العراق بعدما وجد بأن أهل السنة الذين كان التنظيم يدعي بأنه يدافع عنهم قد انقلبوا عليه وقاتلوه وأخرجوه من ديارهم لا سيما في منطقة ديالى ووسط العراق بعدما ضاقوا ذرعا من أساليبه الوحشية في قتل المدنيين وتدمير المنشآت وايقاع الفتنة بين الناس، ولا يعني ذلك بأن الفتنة قد انتهت، بل مازالت الميلشيات الطائفية المنضوية تحت راية الجيش والداخلية تفتك بالابرياء وتطرد الناس من ديارهم وتحتل بيوتهم، ولئن احتفل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالامس من تركيا بقرب انتهاء وانحسار الارهاب عن العراق - وهو أمر ملاحظ - ولكن السبب لا يرجع الى بطولة جنوده وشرطته وانما الى الدور النبيل الذي قامت به المدن السنية في طرد فلول القاعدة من ديارها، بينما أصبحت مدن الجنوب وأغلب العاصمة بغداد تحت سيطرة الميلشيات الطائفية، وبذلك انتهت المقاومة في تلك المناطق. ولست اليوم في مجال بيان ما ستؤول اليه الاوضاع في العراق لا سيما في ظل تلك الحكومة المتطرفة التي تضع نصب عينيها تقسيم العراق ونصرة طوائف على حساب طوائف أخرى، فهي أشد تطرفا من بن لادن ومن تنظيم القاعدة، ولكن أردت سؤال بن لادن وقاعدته عن سبب عدم اعتبارهم واتعاظهم مما يدور حولهم في بلدان العالم الاسلامي من فوضى ودمار وتراجع للمسلمين كلما تدخل تنظيمهم لنصرة الدين - كما يدعي -؟! ولماذا يفسرون كل ما يحدث بأنه بسبب اختلافهم أو عدم بذلهم ما يكفي من الجهود؟!
ولننظر الى حصيلة ست سنوات منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكيف تراجعت أوضاع المسلمين في كل مكان على الرغم من الخطابات المفوهة التي يتفنن فيها بن لادن والظواهري في كل مناسبة وتأثيرهما على الشباب المتحمس الذي لا يدرك ما وراء تلك الكلمات المنمقة والأسلوب العذب من كوارث على المسلمين.
فليبتعد بن لادن وقاعدته عن بلاد المسلمين قبل ان يتصدى لهم الناس كما فعل أهل ديالى وغيرهم في العراق! wae_al_hasawi@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
مسؤولية واشنطن في الأزمة الكردية - التركية
نقولا ناصر
السياسة الكويت
زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس لأنقرة يوم الجمعة الماضي ثم مشاركتها في اليوم التالي في اجتماع الدول المجاورة للعراق في إستانبول تسلط الأضواء أولا على الدور الأميركي في تفجير الأزمة الكردية التركية الراهنة وثانيا على مدى الأهمية التي توليها واشنطن لنزع فتيل هذه الأزمة التي تهدد ركنا أساسيا في مشروع الاحتلال الأميركي للعراق .
وفي معمعة الحرب الكلامية الدائرة حاليا بين الأتراك والأكراد ووسط لعلعة الرصاصات الأولى في القتال بين الطرفين تكاد تضيع حقيقة أن الصاعق الذي فجر الأزمة الراهنة كان أميركيا ويغيب عن طرفي الأزمة أن العامل الأميركي, الذي يحرص على بقاء الأضواء بعيدة عنه, هو الغائب الحاضر في هذه الأزمة .
لقد اجتمعت دول الجوار العراقي في استانبول في الثاني من الشهر الجاري لتغرق في تفاصيل الأزمة الكردية التركية بينما كان ينبغي أن يكون على جدول أعمالها بند واحد فقط هو مسؤولية القوة الأميركية المحتلة للعراق عن الفوضى الإقليمية غير الخلاقة التي أعقبت احتلالها للجار العربي المسلم .
فقد استدرجت واشنطن إلى داخل العراق منظمة القاعدة التي يصنفها القانون الأميركي نفسه بأنها إرهابية , كي تتخذ منها قميص عثمان يسوغ للإدارة الأميركية أمام شعبها المعارض للحرب على العراق استمرار إبقاء قواتها فيه من ناحية ولكي تشوه صورة المقاومة الوطنية العراقية بالخلط المدروس بينها وبين القاعدة من ناحية أخرى .
كما احتضنت واشنطن منظمات يصنفها القانون الأميركي أيضا بأنها إرهابية لكنها كانت موجودة قبل الاحتلال إما بحكم الأمر الواقع مثل حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) التركي أو بموافقة رسمية مثل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية , بهدف استخدامها لهذا الغرض أو ذاك ضد الجوار العراقي .
وحولت واشنطن احتلالها العسكري إلى حاضنة لمنظمات طائفية تكاثرت كالفطر في البيئة الأميركية المواتية لكي تمارس الإرهاب والتطهير المذهبي لكن بدل أن تدرجها الإدارة الأميركية في قائمتها للجماعات الإرهابية كافأت قياداتها السياسية بتسليمها مقاليد الحكم المحمي بقوات احتلالها في المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية .
ثم أنشأت واشنطن منظمات إرهابية للعمل ضد إيران مستغلة العامل القومي داخل العراق لدى الأكراد والعرب على حد سواء ومستغلة أيضا العامل ذاته في أوساط العرب والأكراد الإيرانيين إضافة إلى ما لدى هؤلاء من تظلمات ومآخذ على النظام الإيراني , وهكذا لجأت واشنطن إلى خلط الأوراق في أوساطهم لتشوه كذلك نضالهم من أجل إزالة هذه التظلمات , فبات المراقب يسمع عن عمليات إرهابية داخل إيران تنسب إلى حركات وطنية أصيلة بين عرب إيران وأكرادها .
إن عشرات الآلاف من الأميركيين الذين خرجوا إلى شوارع مدن سان فرنسيسكو ولوس انجيلوس ونيويورك وشيكاغو وبوسطن وفيلادلفيا وسياتل وعشرات أخرى من المدن الأميركية للتظاهر في الأسبوع الماضي ضد استمرار الحرب التي تشنها حكومتهم على العراق ولمنع وقوع الحرب التي تعد إدارتهم لها على إيران لا بد وأن يفاجئوا بحرب لم تكن في حسبانهم يتم الحشد لها حاليا بين حلفاء أميركا الأتراك والأكراد فوق الأرض العراقية نفسها التي تحتلها القوات الأميركية .
وربما سوف يصاب بعضهم بالصدمة لمدى اتساع العداء لبلادهم حتى لدى شعوب تربطها بها علاقات تاريخية وستراتيجية عريقة وتاريخية , عندما يعرف مثلا بأن 11 في المئة فقط من الأتراك لهم وجهات نظر "إيجابية" في الولايات المتحدة , حسب استطلاع أخير للرأي أجرته مؤسسة "صندوق مارشال الألماني" , وكان أحد الأسباب الرئيسية التي أوردها الاستطلاع للعداء لأميركا في تركيا عدم استعداد واشنطن للضغط على "حليفها" مسعود البرزاني لكي يوقف الهجمات "الإرهابية" التي يشنها حزب العمال الكردستاني "التركي" على تركيا انطلاقا من أراضي حكومة إقليم كردستان العراق .
صحيح أن لحوالي ثلاثين مليون كردي موزعين على دول المنطقة -- التي انبثقت عن هزيمة الدولة الإسلامية العثمانية أمام الحلفاء الغربيين في الحرب العالمية الأولى - مشكلاتهم السياسية مع هذه الدول التي كانت تنفجر عنفا ودما بين وقت وآخر بسبب طموح الأكراد إلى إنشاء دولة قومية لهم للمرة الاولى في التاريخ وبسبب معارضة الدول التي يتوزعون مواطنين فبها لهذا الطموح .
لكن صحيح أيضا أن واشنطن -- التي تثقف مواطنيها لكي يفخروا ب"بوتقة الصهر" الأميركية التي تذيب الفوارق بين شتات القوميات والجنسيات والأعراق واللغات للمهاجرين إليها من أصقاع الكرة الأرضية الأربع - قد سعت عامدة متعمدة إلى تدمير المصهر العربي الإسلامي الذي كان يوحد العراقيين , الذين لم يهاجروا إلى العراق بل كانوا أهله الأصلاء طيلة آلاف من السنين , عربا وكردا , شيعة وسنة , مسيحيين ومسلمين , علمانيين ومتدينين .
وكان "الخيار الكردي" هو المدخل الأميركي الأسهل , لأسباب غنية عن البيان , لقلب "المصهر" العربي الإسلامي على رؤوس كل المستفيدين منه والمستظلين بثقافته التعددية الأصيلة المجربة عبر قرون طويلة من الزمن والتي جاء الإسلام ليرسخ هذه التعددية بالنص في القرآن الكريم على التعددية الدينية في عقيدة الإسلام نفسه في زمن امبراطوريات كانت تقيم "محاكم التفتيش" لمن يختلفون معها في المذهب , ناهيك عمن اختلفوا معها في الديانة .
ومنذ فرض سلاح الجو الأميركي منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه العام 1991 زرعت واشنطن بذرة الأزمة , بل الأزمات , ليس بين كردستان العراق وبين تركيا فقط بل بين أكراد العراق وبين مواطنيهم العراقيين الآخرين أولا ثم بينهم وبين جيرانهم الآخرين في إيران وسورية, البلدين اللذين كان كرد العراق يجدون فيهما ملجأ ومنهما دعما طوال نزاعهم مع السلطة المركزية في بغداد , بغض النظر عن النظام الحاكم في العاصمة العراقية .
وسوف يكتشف الأكراد العراقيون , عاجلا لا آجلا , الفخ القاتل الذي أوقعهم قادتهم فيه بدعوة الغازي الأميركي إلى احتلال بلدهم وشعبهم وبتحويل موطنهم إلى قاعدة ارتكاز لهذا الغزو . لقد استهدف الأميركيون تحقيق أهداف عدة من مداعبة الطموح القومي للأكراد, فهم أولا أرادوا استخدام كردستان العراق قاعدة عسكرية للحشد والتعبئة والتجسس لغزو العراق فاحتلاله , وهو ما حدث فعلا , وأرادوا ثانيا طابورا خامسا عراقيا يسهل مهمتهم , وقد وجدوا للأسف في "البشمركة" قوة جاهزة "تحت الطلب" لخدمتهم .
وسعى المحتلون الأميركيون ثالثا , حتى قبل الغزو , إلى تأهيل كردستان العراق لكي تكون مثالا للأمن والاستقرار والازدهار لمن يتعاونون مع الاحتلال تشجع الأقليات العرقية أو الطائفية العراقية الأخرى على الاقتداء بها . فشجعوها على قطع صلاتها الإدارية والسياسية والوطنية وحتى اللغوية مع المركز العراقي ومع بقية أطراف هذا المركز على حد سواء , "مداعبين" الطموح القومي الكردي , حد أن توهم قادة أكراد العراق أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من حلمهم في الانفصال فالاستقلال . ورابعا استهدف الغازي الأميركي استغلال الوضع الناجم عن مداعبته لطموحات كرد العراق القومية كاحتياطي ستراتيجي يستخدمه ضد دول الجوار التي لا تتساوق مع مخططات الهيمنة الإقليمية الأميركية .
لقد عزل قادة كرد العراق شعبهم عن عمقه الجيوبوليتيكي الذي كان تاريخيا عونا لهم وملجأ على قاعدة التآخي العربي الكردي والتآخي الكردي الإسلامي واستبدلوه بحليف استقدموه عبر المحيطات والبحار البعيدة لمناصبة عمقهم الطبيعي العداء . وها هي السياسة الخارجية الأميركية الخرقاء في الشرق الوسط بعامة وفي العراق بخاصة تحاصر الأكراد العراقيين بخطر محدق يأتيهم من الشمال التركي من دون أي معين إقليمي لهم ومن دون أن يكون الحليف الأميركي قادرا على نجدتهم .
إن الغازي الأميركي الذي يسعى إلى تقسيم العراق من أجل ضمان بقائه فيه لن يتردد في تقسيم الأكراد للهدف نفسه . فها هي رايس تفرق بينهم فتصنف بعضهم إرهابيين يمثلون "عدوا مشتركا" لبلادها وتركيا كما قالت في أنقرة و"غير إرهابيين" , ومما لاشك فيه أن الرئيس الكردي للعراق جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني يجدان نفسيهما محاصرين بين الموافقة على تصنيفها وبالتالي فقدان مصداقيتهما "القومية" أمام أبناء جلدتهما وبين الوقوف مع الوحدة "القومية" للأكراد وبالتالي مواجهة القرار التركي بالحسم العسكري للأزمة , وفي الحالتين الخاسر الوحيد الرئيسي هم الأكراد العراقيون الذين لم يترك لهم قادتهم سندا وطنيا عراقيا قادرا على إغاثتهم عندما يستغيثون .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
تركيا أمام مخاطر إستراتيجية الاستفزاز
ناصيف حتي
البيان الامارات
التصعيد العسكري المدروس في طبيعته وفي توقيته والذي يقوم به حزب العمال الكردستاني على الحدود العراقية التركية يهدف لاستفزاز تركيا وجرها لاجتياح المنطقة الكردية في العراق وبالتالي لإغراقها في معركة مفتوحة عسكرية ودبلوماسية.
معركة تسمح بطرح المسألة الكردية وتحديدا مسألة الاستقلالية الكردية من وجهة نظر حزب العمال بقوة على الأجندة الشرق أوسطية بعد الشعور ببهتان هذه المسألة في ظل حالة الاسترخاء التي خلقها قيام إقليم كردستان العراق والخوف ضمن هذا التصور دائما على «تقسيم» المسألة الكردية على حساب أكراد تركيا.
«قراءة» حزب العمال الكردستاني ضمن هذا التصعيد المدروس تعتبر أن حزب العدالة والتنمية سيضطر للأسباب السياسية الداخلية التركية إلى المزايدة على القوميين الأتراك وعلى المؤسسة العسكرية حيث تبقى المسألة الكردية خطا أحمر، وبالتالي الانجرار بسرعة إلى «المستنقع العراقي» بغية سحب الورقة الكردية من الأطراف التركية المعارضة أو المعادية له والمشككة دائما بانتمائه إلى الإرث القومي للدولة التركية.
جملة من الأسباب دفعت إلى هذه المغامرة مغامرة إستراتيجية التفجير منها : حالة التفكك التي يعيشها العراق ووجود «دولية» كردية وحالة من فراغ القوة والسلطة الذي يعطي لحزب العمال الكردستاني حرية الحركة العسكرية والسياسية التي صار يتمتع بها في المنطقة الحدودية مع وجود عمق استراتيجي له يوفره «تضامن الهوية» عند الأكراد،
حالة السيولة الكبيرة في المنطقة والاضطرابات الحاصلة في العراق وحول العراق وانشغال الجميع من دولي وإقليمي بالمسألة العراقية والمسألة الإيرانية والتطورات التي سمحت بتهديد الوحدة الترابية للدول القائمة في المنطقة مع حالة الانقسامات المذهبية الاثنية التي استقرت في المشهد السياسي الشرق أوسطي والتي تلوح للبعض بوجود لحظة تاريخية
بسبب مختلف هذه العناصر لطرح الاستقلالية الكردية في ظل الميوعة والضعف اللتين أصابتا القاعدة الذهبية في الحرب الباردة والمتعلقة بالوحدة الترابية للدول القائمة ومنع المساس بها حفاظا على توازنات مستقرة.
ارتباك أميركي بشأن اتخاذ موقف بين حليفين أساسيين: تركيا على صعيد الشرق الأوسط والأكراد ذوي الدور والوزن الأساسي في الإستراتيجية الأميركية في العراق، حسب قراءة حزب العمال الكردستاني في العراق، قد يدفع واشنطن إلى تقييد الحركة السياسية التركية بدرجة كبيرة والحركة العسكرية بدرجة اقل وذلك لمصلحة الأكراد.
وأخيرا الأزمة التي تعيشها تركيا مع الولايات المتحدة ومع الاتحاد الأوروبي بشأن المسألة الأرمينية والتي أحدثت توترا ولو مقيدا في علاقة تركيا بحلفائها الغربيين إلى جانب اضطرار تركيا إلى تقييد حركتها ضد الأكراد وهي التي تتطلع إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في ظل التعاطف الغربي الإنساني والسياسي مع الأكراد.
إذا كانت هذه هي العناصر التي شجعت على إستراتيجية التفجير فإن هنالك مخاطر كثيرة على مصلحة الأكراد الذين دفعوا دائما تهميشا وقمعا لهويتهم الثقافية ثمنا للعبة المصالح الكبرى في الشرق الأوسط ولضرورة احترام «منطق الدولة» كقاعدة أساسية في السياسات الإقليمية لا مصلحة لأحد في إضعافه عند الخصم لأنه قد يطاله لاحقا ولو انه جرى اللعب بالورقة الكردية ضمن صراعات النفوذ في المنطقة.
من هذه المخاطر تعريض الحالة الكردية المستقرة في إقليم كردستان الذي صار واحة أمنية جاذبة للاستثمار وموفرة للحياة الطبيعية، تعريض هذا الوضع لخطر السقوط مجددا في حروب ونزاعات يدفع ثمنها الأكراد وكذلك «خنق» كردستان العراق ومحاصرتها اقتصاديا عبر شريان الحياة التركي والإيراني.
والجدير بالذكر أن مرونة الموقف الإيراني في عدم دعمه المباشر لتركيا لأسباب تتعلق بالسياسة العراقية الداخلية والتحالف الموضوعي بين الأكراد وأصدقاء إيران لا يعني إن إيران سترضى بقيام حالة دولتية كردية على حدودها، اصطفاف دول المنطقة وراء تركيا ووجود تفهم سياسي دولي ولو بدرجات متفاوتة في محاربة السياسة الانفصالية،
سياسة البلقنة التي يتبعها حزب العمال الكردستاني بما تحمله، والنموذج العراقي واضح في هذا المجال، من مخاطر تفكيك المشرق العربي، وأيضا تعريض المكاسب ولو جاءت متأخرة ومازالت محدودة نسبيا التي حققها الأكراد في تركيا من خلال دخول نواب أكراد إلى البرلمان ضمن سياسة حملت انجازات أخرى تشكل بداية الطريق لتكريس احترام الأكراد كمكون أساسي والمهم في تركيا
باعتبار انه يبقى شرطا ضروريا وفيزا لدخول تركيا للبيت الأوروبي، تعريض هذا كله للمخاطر. وأخيرا خلط الأوراق في العراق ذات الجسم الوهن من خلال تعزيز التناقضات ضمن العراق وخلق توترات جديدة تضعف الدولة العراقية الضعيفة أساسا والسائرة في طريق تثبيت التفكك والتفتت، من خلال دفع إقليم كردستان لدعوة تركيا للتفاوض معه بشأن هذه المسألة وكأنه دولة مستقلة عن العراق.
خلاصة الأمر أن هنالك سيناريوات خمسة محتملة للتعامل مع هذه الأزمة المتفجرة والمتجددة: أولا ما يعرف بنموذج 1998 أو النموذج السوري حين وصلت العلاقات التركية السورية إلى حافة الحرب بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني حينذاك
وتمت تسوية الأزمة عبر رسائل تركية واضحة تجاه سوريا وتجاوب سوريا مع تلك الرسائل من خلال إطفاء الحريق المشتعل عبر «سيناريو» تسليم عبد الله اوجلان بشكل غير مباشر. لكن مشكلة هذا السيناريو في الحالة الراهنة انه لا توجد دولة مركزية قادرة وممسكة بكافة الأوراق على الناحية الأخرى أمام تركيا.
ثانيا، اجتياح كامل يؤدي إلى تورط تركيا في العراق وخلط الأوراق الدولية الإقليمية المحلية مجددا وزيادة منسوب التوتر ودرجة الفوضى في العراق وحول العراق دون أن يؤدي ذلك إلى نتائج حاسمة إذا استمر ذلك السيناريو على حاله.
ثالثا، القيام بعملية عسكرية محددة وناجحة تؤدي إلى خلق حزام آمن أو منطقة آمنة على الحدود العراقية التركية يساهم في تعزيزها ولو بشكل ضمني زعماء إقليم كردستان. رابعا، التوصل إلى هدنة متوترة ضمن سياسة تأجيل الانفجار
ولكنها تبقى هدنة مؤقتة مفتوحة على أي من السيناريوهات الأخرى. خامسا، خلق وضع حرب ذات وتيرة منخفضة مفتوحة أيضا على التصعيد والتحول إلى اجتياح كامل أو ربما إلى ضبطها ضمن سيناريو الهدنة المؤقتة.
خلاصة الأمر أن المسألة الكردية صارت مطروحة بقوة عبر البوابة العراقية وكذلك العراقية التركية المشتركة بسبب التداخل والتشابك بين الحالتين، فلا الاجتياح الشامل يحل المشكلة الكردية ولا إبقاء الوضع الكردي على ما هو عليه في تركيا وفي الدول الأخرى المعنية بالمسألة الكردية، يؤدي إلى تسوية نهائية لهذه المسألة.
فالمطلوب التوصل في كل من الدول المعنية وحسب خصوصيات كل دولة إلى بلورة عقد وطني جديد بين الدولة ومكونها الكردي يؤمن للأكراد حقوقهم الثقافية الأساسية باعتبارهم مواطنين ذات حقوق متساوية مع الآخرين، حتى لا تبقى المسألة الكردية قابلة للاشتعال من نقاط تماس مختلفة وورقة يستعملها الجميع في لعبة النفوذ في المنطقة ولكن دائما على حساب مصالح الأكراد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
تظاهرات اميركية!
فخري قعوار
الراي الاردن
منذ ان بدأت الولايات المتحدة الاميركية باحتلال العراق، كان العنف حاداً، وما يزال حاداً حتى الآن، ويبدو انه لن يتغير ما دامت القوات الاميركية مصرة على مكافحة الشعب العراقي والوصول الى السيطرة عليه، وما دامت المقاومة العراقية ترفض الغزو الاميركي، وتناضل ضد الاحتلال، علماً ان هذه المقاومة تتصاعد، واصبحت اكثر حدة من المقاومة الفيتنامية التي كافحت الاحتلال الاميركي، وادت الى تأكيد فشله بعد مفاوضات موجزة حصلت في باريس.
ولأن العنف الذي بدأ في اوائل عام 2003، قد واظب على عدم الانسحاب وعدم الوصول الى الفشل، وتكاثرت الاعمال الارهابية وتزايد عدد القتلى العراقيين الى اكثر من مليون خلال اكثر من اربع سنوات، كما تزايد عدد قتلى جنود الاحتلال، وصل الى ما يقارب الاربعة آلاف حسب الاعتراف الاميركي، ووصل الى اكثر من ثلاثين الف قتيل حسب المعلومات التي وصلت من مناضلين عراقيين، ويحدث في كثير من الايام اننا نقرأ اخباراً حول العثور على جثث، مما يدل على ان كثيراً من القتلى لا تصلنا اخبارهم الا بعد العثور على جثثهم، ومن المؤسف والمؤلم اننا قرأنا مؤخراً نبأ حول العثور على عشرين جثة مقطوعة الرؤوس!.
فالشعب العراقي ضد الاحتلال، ومع الاستقلال والسيادة، ولن يتراجع او يخضع للاحتلال الاميركي، كما ان الشعب الاميركي ضد الاحتلال وضد السياسة الاميركية المتعلقة بغزو العراق، وقد تظاهر عشرات الالاف من الاميركيين في العديد من المدن الاميركية وطالبوا بانهاء الحرب في العراق، وبلغ عددهم اكثر من مائة الف شخص من المتظاهرين في مدن نيويورك ولوس انجليس وبوسطن وشيكاغو وسان فرانسيسكو وسياتل وغيرها. ومن اللافتات التي انتشرت اثناء التظاهرات، ظهر في بعض منها: اوقفوا الحرب الآن و اوقفوا بوش و اسوأ رئيس عرفناه !.
ولأن الشعب العراقي يتوافق مع الشعب الاميركي في مسألة التخلص من الاحتلال، فان موضوع الاستقامة والنزاهة في الادارة الاميركية يحتاج الى الانسحاب والاعتذار للشعب العراقي!.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
مؤتمر اسطنبول وتشعب الأزمات الإقليمية
علي الصفدي
الدستور الاردن
تبرز في هذه الآونة عدة أزمات إقليمية تتفاعل وتتشابك معاً على سطح المشهد السياسي الشرق أوسطي وتحتل صدارة المداولات الجارية بين أطراف تلك الأزمات وممثلي القوى الدولية المؤثرة في سير الأحداث ، فبالرغم من عقد المؤتمر الثاني الموسع لدول جوار العراق في اسطنبول خلال اليومين الماضيين حول محور رئيسي خاص بالأمن داخل العراق وتفعيل التعاون بين الدول المجاورة له في مجال ضبط حدودها المشتركة مع العراق وتضافر إمكاناتها الجماعية لمكافحة الإرهاب ، فقد هيمنت الأزمة التركية - الكردية على المؤتمر ، وجرى البحث على هامشه بين وزيري الخارجية الأمريكية والتركية في وضع خطة شاملة للتعامل مع متمردي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في شمال العراق ، وقد حظيت تركيا بدعم ومساندة أمريكية لخططها ، وإلى جانب هذه الأزمة فقد فرضت مجريات الوضع اللبناني نفسها على المداولات الجانبية لمؤتمر اسطنبول حيث حذّرت (كوندوليزا رايس) عشية وصولها إلى تركيا من أي خطوة دبلوماسية من شأنها أن تقدم تنازلات للمعارضة اللبنانية الموالية لسوريا من أجل حل الأزمة السياسية في لبنان في إشارة منها إلى لقاء باريس الذي تم بين رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشيل عون والذي تم الاتفاق خلاله على ضرورة إجراء الاستحقاق وفق المهلة والأصول الدستورية ، مما يعد تدخلاً أمريكياً مباشراً في الشأن اللبناني من شأنه أن يعطل لقاءات المصالحة بين الأغلبية النيابية والمعارضة ويعيق التوافق اللبناني حول اختيار رئيس الجمهورية قبل الموعد الدستوري في الرابع والعشرين من الشهر الحالي ، وتشدد رايس في هذا الصدد على وجوب انتخاب رئيس لبناني يلتزم بالدستور ويدافع عن سيادة لبنان واستقلاله ويخدم قرارات مجلس الأمن الدولي ويعد بالمضي قدماً في تشكيل المحكمة الدولية المكلفة بمحاكمة المتهمين بقتل رفيق الحريري ، وتحث رايس الأغلبية النيابية إلى عدم الانجرار وراء مواقف يمكن أن تؤثر على معارضتها للنفوذ السوري في لبنان.
وحول ذات القضية اللبنانية عقد وزيرا الخارجية السوري (وليد المعلم) والفرنسي (برنار كوشنير) اجتماعي عمل أسفرا عن صياغة ورقة توافقية لحل الأزمة اللبنانية تتضمن ست نقاط منها دعم البلدين لأي رئيس جديد ينتخب الغالبية وبموافقة معظم الأطراف المعنية ، ورفض أي فيتو يمنع التوافق ، واستعداد باريس لدعم رئيس يؤمن بعلاقة طبيعية مع دمشق ، وكان وليد المعلم قد أكد أن مشكلة لبنان ليست في دمشق بل في واشنطن التي تقف ضد مرشح توافقي وضد مبادرات الحوار بين اللبنانيين.وكان للمؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط الذي اقترب موعد عقده نصيب من المداولات الهامشية لمؤتمر اسطنبول حيث تسعى إسرائيل إلى خفض مستوى التوقعات من نتائج المؤتمر.
إن الأيام والأسابيع المقبلة حافلة بالتطورات على صعيد سائر الأزمات المتشعبة في المنطقة والتي قد تحمل أكثر من مفاجأة قد تؤثر على حاصر المنطقة ومستقبلها السياسي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
اسطنبول وتقاسم المكاسب!
طارق مصاروة
الراي الاردن
أفرز مؤتمر اسطنبول ظاهرتين مهمتين لا يمكن تجاوزهما في المنطقة:.الاولى: ظهور تحالف اميركي - تركي - عراقي يتولى سحب تهديد حزب العمال الكردستاني، وتهديد تركيا بالتدخل العسكري الواسع النطاق في الشمال العراقي.. واخراج ايران من اية مكاسب!!.
الثانية: خلوة فرنسية - سورية تحاول ايجاد مخارج للازمة اللبنانية.. دون ايران والولايات المتحدة!!.
والصفقات في اسطنبول ليست صفقات بالمعنى التجاري، فايران لا تعارض اطلاقاً كبح جماح الامال الكردية، وهي تدرك خطورة التدخل العسكري التركي.. ليس في اقتطاع قطعة من قالب الحلوى العراقي، وانما في تخريب التوازنات الاميركية - الايرانية. والاميركية - العراقية، والاميركية - التركية. فأدوات ايران العراقية ليست متماسكة، وما خططت له طهران من تحالف البيت الشيعي ، بدأ يتفكك بين التيار الصدري، وحزب الدعوة، والمجلس الاعلى، والتحالف الشيعي - الكردي هو الاخر بدأ يتفكك لأن حكومة بغداد غير قادرة على السيطرة على طموحات اكراد العراق في احتضان اكراد تركيا واكراد ايران واكراد سوريا!!.
واجتماع كوشنير - المعلم واتفاقهما على النقاط الست لحلحلة الازمة اللبنانية.. لا يعني طلاقاً بين دمشق وطهران في الشأن اللبناني. ولا يعني انفكاكاً بين باريس وواشنطن. ولكن لسوريا دور في الحركة الايرانية، مثلما ان لفرنسا دور في الحركة الاميركية. واذا كانت رايس قد نفت قبولها بأية حلول وسط في لبنان، مثلما نفى كوشنير اية خلافات مع الاميركيين فإن لذلك اسبابه الوجيهة لأن حلفاء اميركا وايران في لبنان لم يصلوا الى ما يوجب الحلول الوسط. فالتابع يستطيع تحريك المتبوع.. كما ان العكس صحيح!!.
تحجيم اثر وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق قد يكون من مصلحة الجميع.. عدا المصلحة الكردية والمصلحة الايرانية، فالطرفان وجدا نفسيهما خارج الموضوع.
وتحجيم الازمة اللبنانية بحصرها في انتخاب رئيس الجمهورية قد يكون في مصلحة الجميع. عدا مصلحة الاستقرار اللبناني. فرئيس الجمهورية الجديد سيكلف الاكثرية البرلمانية لتشكيل الحكومة، وهكذا نعود الى الثلث المعطل والى الاعتصامات حول السراي الحكومي والى تعطيل اجتماعات مجلس النواب.
قد يكون ختام كل تحليل لأزمات المنطقة هو القاعدة القديمة التي تقول: اذا لم تسترد منطقتنا قرارها الوطني والقومي فإنها ستبقى تعاني من القرارات الاقليمية والدولية. لكن هذه القاعدة الذهبية لم تعد في وارد أحد!!.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
رفض الذهاب للعراق... "تمرد" دبلوماسي أم "تقليد ثقافي"؟!
تامي سكولتز
لوس انجلس تايمز
مما لاشك فيه أن احتجاج موظفي البعثات الدبلوماسية والقنصلية الأميركية على إمكانية إرسالهم بشكل إجباري إلى العراق، قصد تعويض النقص المسجل في عدد الموظفين المتطوعين هناك، سيواجَه بشعور بالإحباط من قبل جهات كالقوات المسلحة ووكالات مدنية أخرى تابعة للحكومة. ولكن رد دبلوماسيي أميركا، والإحباط الذي أصاب العسكريين بسبب شعورهم بأنهم وحيدون في هذه الحرب الطويلة، هما من أعراض مشكلة أعمق بكثير، وليسا من أسبابها. وللتذكير، فقد اشتكى المئات من الدبلوماسيين يوم الأربعاء الماضي من سياسة جديدة قد تكلفهم وظائفهم في حال رفضهم أداء مهمات في بغداد أو غيرها من المدن العراقية. وفي هذا الإطار، يقول موظف من البعثات الدبلوماسية والقنصلية: "أن يكون شخصٌ ما مقنعاً بما يجري في العراق ويتطوع بالذهاب إلى هناك شيء، أما أن ترسِله إلى هناك في مهمة إجبارية، فذاك شيء آخر"، مضيفاً "إنه بمثابة حكم بالإعدام وأنت تعلم ذلك. ثم من سيتولى رعاية أبنائك وتربيتهم في حال قُتلتَ أو أصبت إصابة خطيرة؟".يا له من سؤال وجيه بالفعل! وهو سؤال لاشك طرحه بصمت آباء الـ4000 موظف عسكري تقريباً الذين فقدوا أرواحهم، وطرحه الـ30 ألف جريح، الذين أصيبوا منذ اندلاع حرب العراق. لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في خوض حروب القرن الحادي والعشرين بأدوات مدنية تعود للقرن العشرين. آن الأوان للبدء في الخيارات البديلة.
لقد أجريتُ حوارات ومقابلات مع المئات من الجنود العائدين من العراق في إطار وظيفتي السابقة كمدير لقسم السياسات والبحوث في "معهد عمليات حفظ السلام والاستقرار" التابع للجيش الأميركي. ولعل أول شكوى يشترك فيها هؤلاء الموظفون هي: أين هم نظراؤنا المدنيون؟ الواقع أنه بغض النظر عما إن كان إرسال الموظفين الدبلوماسيين والقنصليين ينبغي أن يكون إجبارياً أم لا، فإن الأكيد هو أن هذا السؤال الجوهري سيظل مطروحاً لفترة طويلة بعد حرب العراق -والأكيد أن إيجاد جواب عليه ليس بالأمر السهل. الحقيقة أنه يمكن تفهم امتناع بعض الدبلوماسيين ممن عارضوا غزو العراق عن المشاركة في إعادة إعمار بلاد الرافدين، إلا أن بعض الموظفين العسكريين كانوا ضد الغزو أيضاً. فلو كانوا ينتقون مهماتهم، لكنا اليوم أمام أزمة مدنية- عسكرية. وتلافياً لأزمة مدنية- مدنية أيضاً، فإن موظفي البعثات الدبلوماسية والقنصلية يؤدون اليمين ويقسمون بالذهاب إلى حيث يُرسَلون. هناك بعض الاعتبارات العملية التي تجعل حساب الخطر الشخصي بالنسبة للدبلوماسيين مختلفاً عما هو عليه الحال بالنسبة لنظرائهم العسكريين. فبوليصة تأمين موظف من البعثات الدبلوماسية والقنصلية، مثلاً، تصبح لاغية في منطقة حرب -وهو ما يعد أمراً جسيماً بالنسبة لشخص لديه أسرة عليه أن يعولها. بيد أن المشكلة الأهم هي ذات طابع ثقافي؛ ذلك أن دبلوماسيينا غير معتادين على وضع أنفسهم في مناطق خطيرة. فمما لاشك فيه أن العديد منهم يعملون في أماكن مضطربة من العالم، ولكن ما يفسر حقيقة أن ثلاثة موظفين فقط من وزارة الخارجية لقوا حتفهم في العراق منذ اندلاع الحرب، هو أن جلهم لا يغادر أبداً أجواء الأمن والسلام النسبيين السائدة في المنطقة الخضراء. والحال أن الحرب الطويلة ستكون في حاجة متزايدة إلى الخبرات المدنية في "بيئات غير اختيارية" حيث يصادف المرء مفاجآت كثيرة قد يكون من ضمنها الرصاص المتطاير. والواقع أن معضلة "بلاك ووتر" لا تكشف سوى عن جزء صغير من الأسئلة الكثيرة بخصوص المدنيين الأميركيين العاملين في مناطق حرب. فهل ينبغي أن يكون سفير الولايات المتحدة في العراق، أو أي بلد آخر، مسؤولاً عن جميع الموظفين الحكوميين الأميركيين، بمن فيهم الموظفون العسكريون، حتى يمكنه أن يأمر بحماية الدبلوماسيين العاملين -لا أن يطلبها؟ وهل ينبغي أن يُمنح دبلوماسيونا الصلاحية والتدريبات والوسائل اللازمة للدفاع عن أنفسهم في "بيئات غير اختيارية"؟ ثم هل سيتطلب هذا التغيير في هذه الحالة إعادة النظر قانونياً في دورهم كـ"محاربين" بدلاً من عملهم كدبلوماسيين؟
جواب الدبلوماسيين التلقائي هذا الأسبوع يوحي بأن التغلب على الميل الثقافي لوزارة الخارجية سيكون أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً. غير أن ذلك ينبغي أن يكون بداية النقاش، وليس نهايته. وثمة خياران على الأقل: الأول، يمكن إنشاء قسم منعزل في وزارة الخارجية ويكون خاصاً بموظفي البعثات الدبلوماسية والقنصلية. والواقع أن "الهيئة المدنية الاحتياطية" التي يتم التفكير حالياً في إنشائها من أجل توفير مدنيين يرسَلون إلى مهمات في الخارج تمثل بداية جيدة، غير أنه مازال من الضروري تناول ومعالجة المشاكل الجوهرية التي لها علاقة بالثقافة السائدة في وزارة الخارجية عموماً. ويمكن أن يخلق هذا القسمُ ثقافةً جديدة عبر التوفر على بنيات وتوقعات تحفيزية مختلفة من بقية وزارة الخارجية، علماً بأن فصل هذا القسم عن بقية وزارة الخارجية أمر مهم وضروري حتى لا تقتله بيروقراطيةُ الوزارة المعهودة.
الخيار الثاني: إذا كان المرء يعتقد أن قسماً من هذا القبيل سيضعف ويتآكل حتى قبل إقلاعه، فإنه ينبغي إنشاء "وكالة للعمل الميداني" لاحتضان الموظفين المدنيين خارج وزارة الخارجية. ويمكن أن يكون هؤلاء المدنيون خاضعين مباشرة للرئيس. ويستحسن أن يكون لرئيس "وكالة العمل الميداني" منصبٌ في الحكومة حتى يمنح الشبكة المدنية مزيداً من القوة.
في الختام، لابد من التشديد على أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في خوض حروب القرن الحادي والعشرين بأدوات مدنية تعود للقرن العشرين. فقد آن الأوان للبدء في مناقشة الخيارات البديلة، داخل وزارة الخارجية أو خارجها، من أجل معالجة هذه الهوة في ترسانة السياسة الخارجية الأميركية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
لا تلوموا بلاك ووتر وحدها
ار. جي. هاوس
كرسيتان ساينس مونتر
هناك أمر بالغ الأهمية، ظل مفقودا في النقاش الدائر حول تصرفات شركة بلاك ووتر في العراق، فهذه الشركة الامنية تعمل وفق ما هو متوقع منها، كعميل لوزارة الخارجية الامريكية وقد عملت تماما وفق ما حددته الخارجية الأمريكية في العقد الذي ابرمته معها، واعطاء وزارة الدفاع مزيدا من الاشراف على بلاك ووتر والشركات المتعاقدة الآخرى، في العراق حسب الخطة التي اعلنت مؤخرا، لن يغير من الأمر شيئا.
ومنذ تورط بلاك ووتر في أحداث سبتمبر الماضي في بغداد والتي تسببت في مقتل سبعة عشر مدنيا عراقيا، تعرضت الشركة لانتقادات مكثفة بسبب ما يسميه العديدون تكتيكات مبالغ فيها لحجب الحقيقة.
فالموضوع ليس شركة متعاقدة ذات عدوانية زائدة، وانما هو موضوع حساسية وزارة الخارجية الامريكية وعدم تحملها لأية إصابات وسط موظفيها في العراق، وهذا الاسلوب هو الذي يجعل تلك المآسي التي وقعت في سبتمبر الماضي أمرا متكررا مما يهمش من أهمية أرواح العراقيين الابرياء الذين قد يكون ذنبهم الوحيد وجودهم في المكان الخاطئ في الوقت الخاطئ، فوضع عدد كبير من الدبلوماسيين وموظفي الخدمة المدنية في مهمات تتعلق ببناء الدولة في العراق ووسط حرب أهلية مستعرة لابد أن يكون له ثمن باهظ، بل باهظ جدا كما بدأ مسؤولو الخارجية الامريكية مدركون أخيرا.
ويبدو أن الحكومة الامريكية يمكن ان تتحمل عددا معينا من الاصابات وسط جيشها المكون بالكامل من المتطوعين، لكن الموظفين المدنيين قصة مختلفة فصور الدبلوماسيين الموتى وهم يسحلون في الشوارع العراقية أو تصوير عمليات قطع رؤس موظفي الخدمة المدنية، ترى الحكومة الامريكية أنه يقوض التأييد المتناقص بالفعل للحرب في العراق.
إن فرع الحكومة الامريكية المسؤول عن تمتين العلاقات مع الحكومة والشعب العراقيين هو نفسه المسؤول عن هذا السلوك الذي ساعد في محو أي تأييد للحكومة الامريكية من جانب الجمهور العراقي.
لقد وضعت خدمة الامن الدبلوماسي بوزارة الخارجية الامريكية قوانين متشددة تخص الشركات المتعاقدة على استعمال القوة فيما يعرف باسم (سياسة مهمة الأسلحة النارية) وهذه القوانين أكثر تشددا من المستخدمة من قبل الجيش وفي الحقيقة فإن لجنة وزارة الخارجية لخدمات الحماية الشخصية في العراق، أوصت الشهر الماضي بتعديل هذه القوانين لتحقيق الضمانات الأساسية لسلامة المارة الابرياء وأوصت ببذل كل الجهود لتحاشي وقع اصابات وسط المدنيين، وتبقى حقيقة أن فراغ المجموعات من طلقات البنادق عشوائيا لم يمنع منعا باتا في هذه التوصية.
ومنذ عام 2005 قامت بلاك ووتر بأكثر من 16.500 عملية حماية بموجب عقدها مع وزارة الخارجية الامريكية في 1% فقط من هذه العمليات لم يستخدم رجال بلاك ووتر الأسلحة وكان مسؤولو الحكومة الامريكية الذين تحرسهم بلاك ووتر حاضرين في قسم كبير من هذه العمليات، وكانوا على الاقل يحتملون سلوك بلاك ووتر العدواني.
ومع ذلك، فإن مسؤولية وزارة الدفاع الامريكية، أكثر مباشرة مما ذكر، فخدمات الامن الدبلوماسي، قد احتفظت بالسيطرة المباشرة على كل مهمة أدتها بلاك ووتر وكما وصف ايريك برنس، الرئيس التنفيذي لبلاك ووتر الامر لقناة (cnn) فإن رجال خدمات الامن الدبلوماسي بوزارة الخارجية هم الذين يحددون المهام والمركبات ويوفرون الاسلحة وهم الذين يقولون لنا إلى أين نذهب وماذا نفعل.
ويتطلب عقد وزارة الخارجية الامريكية أن يتم التدريب على عمليات الحماية الامنية بنفس الطريقة التي تتصرف بها فرق بلاك ووتر ويلاقون الانتقادات بسببها، خاصة العمليات التكتيكية المصاحبة لمواكب السيارات والتي تتضمن فنيات القيادة العنيفة مثل الاصطدام بالسيارات الاخرى.
ومن المشكوك فيه أن يحدث استبدال بلاك ووتر بشركة متعاقدة أخرى أو حتى بمسؤولي خدمات الأمن الدبلوماسي أن يحدث فرقا في الكيفية التي ينفذ بها العقد والحاق سياسات المهام المسلحة بتعليمات القيادة العسكرية المركزية هي الخطوة الاولى الجيدة.
ونقل الاشراف على الشركات المتعاقدة من وزارة الخارجية إلى وزارة الدفاع، سوف يسمح للاخيرة بمراقبة عناصر هذه الشركات وأماكن وجودهم التي لم تكن معروفة من قبل مما يسبب ازعاجا للقادة العسكريين الميدانيين.
غير أن هذا التغيير لن يكون له سوى تأثير محدود على الاوامر والتعليمات التي تتلقاها الشركات المتعاقدة من مسؤولي العقود بوزارة الخارجية كما من شأن هذا التغيير ايضا ان يفاقم من وضع المسألة فلدى وزارة الدفاع سجل كئيب لمراقبة الشركات بما فيها شركة هاليبورتون والشركات المتعاقدة التي تورطت في قضية أبو غريب.
وواحد من الاخطار الرهيبة لقيام الحكومة الامريكية خصخصة ما قيمته 400 مليار دولار من الخدمات الامنية،/ أن هذه الخصخصة تحول مسؤولية افعالها الى القطاع الخاص ليتحمل اللوم بدلا منها.
إن مكتب الامن الدبلوماسي يضمن الحصانة للمتعاقدين الذين يتورطون في حوادث اطلاق النار، وهذا المكتب هو الذي تعاقد مع بلاك ووتر وظل مسؤولا عن مراقبة العقد معها.
ويجب مسآءلة الشركات المتعاقدة بنفس المستوى والقوانين التي تسائل الموظفين الفيدراليين، وإذا صار من السهل جدا للحكومة أن تخصخص مسؤولياتها ثم تبرئ الشركة المتعاقدة عندما يقبض عليها بالجرم المشهود، ويجب محاسبة المذنب الحقيقي في حادثة بلاك ووتر ببغداد.
ومع ذلك، لا يجب تضليل الجمهور الامريكي والكونجرس بحقيقة أن عمل وزارة الخارجية الاكثر صعوبة أوكل للشركات المتعاقدة، على الجمهور والكونجرس ألا يسمحا للحكومة ان تحمل المسؤولية للشركة المتعاقدة بينما تتجنب هي المسؤولية من أجل حسابات باردة حول حماية دبلوماسييها بأي ثمن حتى لو تضمن هذا الثمن أرواح بعض العراقيين الأبرياء.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
خصائص العراقيين في الأردن
رنا الصباغ
العرب اليوم الاردن
في ختام الفصل الأول من مسح أوروبي حدّد خصائص وطبقات العراقيين المتواجدين في الأردن, تجاهد المملكة لتحديد حجم وأبعاد مشكلة أكثر من نصف مليون عراقي على أراضيها بما في ذلك تعديل سياساتها الأمنية والإقتصادية وحتى المجتمعية بينما تئن تحت أفواج اللاجئين من كل حدب وصوب.
المسح الذي أجراه معهد العلوم التطبيقية النرويجي "فافو", بموجب مذكرة تفاهم مع الحكومة الاردنية قبل ستة شهور, أظهر شبوبية ورفعة تعليم غالبية العراقيين المهجّرين من بلادهم عقب الحرب والإجتياح الأمريكي في ربيع .2003
إذ وجد المسح أن أعمار ما يزيد على نصفهم فوق 25 عاما, كما أن 80% منهم هربوا من بغداد والمناطق المحيطة بها, والبقية من البصرة, نينوى والأنبار بسبب تردّي الاوضاع الامنية والاقتصادية تحت الاحتلال الامريكي. قدّر عدد العراقيين المقيمين في الأردن بـ 450.000 مواطن ومواطنة فضلا عن 50.000 متحرك يدخل إلى ويخرج من الأردن باستمرار, بحسب المعلومات الأولية التي حصلت عليها "العرب اليوم". (مصادر رسمية أخرى تتحدث عن تقديرات مختلفة قد ترفع النسبة الإجمالية إلى أكثر من 600.000 عراقي).
على أن الأرقام النهائية طبقا للمسح الأول -في دول جوار العراق - تبقى في خانة التقديرات لأن هدفه الأساسي كان تحديد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتعرف على خصائص التقسيم المذهبي, العرقي, الاجتماعي, التعليمي والجندري.
منظمو المسح لم يعتمدوا على طرق أبواب جميع العراقيين المقيمين في الاردن, بل أجروا مقابلات شخصية مع عينات مختارة بناء على عنقودية تمثيلية حيثما تواجدوا بالارتكاز إلى قاعدة إحصائية أساسها المسح الأخير لعدد السكان في الأردن الذي أجري عام 2004 - المرجعية الرقمية للمسح.
أظهر المسح تقاربا في عدد الرجال والنساء وأن متوسطهم العمري 29 عاما, أي أعلى من متوسط أعمار الأردنيين بأربع سنوات.
بحسب الأرقام الأولية, فإن 52% من العراقيين تزيد أعمارهم على 25 عاما, 28% منهم أقل من 15 عاما والباقي يتأرجح بين 15 و25 عاما.
غالبية العراقيين في الأردن من أصول عربية والبقية من اثنيات مختلفة مثل الكردية أو التركمانية, 80% منهم مسلمون أغلبهم من السنة يليهم المسيحيون بحدود 15%.
تلك المعادلات والنسب ستعين المملكة على التعامل بجدّية ومنهجية مع تحدي اللجوء العراقي بعد سنوات من الصمت الرسمي والشعبي في بلد يعاني أصلا من عقدة اللاجئين. إذ استقبل هذا البلد, الواقع على مفترق طرق صراعات وحروب, موجات هجرة ونزوح متواترة كانت كبراها لجوء غالبية الشعب الفلسطيني عقب قيام دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين التاريخية عام .1948
بعد تحديد الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والمالية لتواجدهم, يستطيع الأردن أن يحدد الآن الاحتياجات الفعلية لهؤلاء العراقيين لجهة خدمات الإغاثة, الصحة, التعليم, العمل والبنى التحتية. هذا الأمر سيمكنه من مساعدة المهجرين بناء على طلب إسناد ودعم من المجتمع الدولي المتقاعس أصلا.
وتجري الآن فرق من "فافو" ومن الجهات الرسمية المختصة عملية تقدير التكاليف الحقيقية في عملية تشهد بطءاً بسبب اجراءات بيروقراطية وصعوبة تحديد أثمان سلع استراتيجية مثل المياه أو مدعومة كالخبز ومشتقات النفط سيما وأن الاردن لا يفرق بين أردني وأجنبي.
وكان الاردن قد قدر كلفة استضافة العراقيين منذ بدء الحرب عام 2003 بحوالي مليار دولار خلال مؤتمر استضافته جنيف بعد أسابيع على بدء مسح "فافو".
وتساءل مسؤول: "كيف للأردن أن يحسب كلفة استهلاك كوب من الماء إذا ما تذكرنا أن المملكة من بين أفقر عشر دول في العالم من حيث مصادر المياه... فكل نقطة ماء تستهلك لن تعوض". مشكلة القادمين من بلاد "ما بين النهرين" أنهم لا يدركون أهمية تقنين المياه وبالتالي يستهلكون أضعاف ما يستهلكه المواطن الأردني.
فتحت الاستنزاف المتسارع يفكر الأردن حاليا ببناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية لتحلية المياه وتوفير الطاقة.
وبعدد سكان يناهز ستة ملايين نسمة, يحذّر الأردن قليل الموارد من اقتراب بنيته التحتية وقطاعات الصحة والتعليم من حد الإشباع. وتزداد شكوى غالبية السكان, لا سيما الطبقة الوسطى المتآكلة, من ارتفاع تكاليف المعيشة, وتضاعف كلف شراء واستئجار المسكن.
مثلا تصل كلفة كل طالب في المدارس الرسمية إلى 1000 دولار سنويا في حين يدفع الطالب العراقي فقط 100 دولار بعد أن فتحت المملكة المدارس هذا العام أمام العراقيين بصرف النظر فيما إذا كانوا حاصلين على إقامة رسمية.
وزير التربية والتعليم خالد طوقان يقول إن الطلبة العراقيين في المدارس الأردنية لا يتجاوزون 25.000 ألفا موزعين, منهم 15 ألفا في المدارس الحكومية والبقية في المدارس الخاصة. تخطط الوزارة لإقامة عشر مدارس جديدة لاستيعاب العراقيين ومواجهة الطلب المتنامي من الطلاب الأردنيين في مناطق انتشارهم- وهي شرق عمان وبلدة الرصيفة ومحافظتا الزرقاء وإربد.
على أن الأردن لن يخصص مدارس أو مستشفيات للعراقيين ولن يسمح بإقامة أنظمة موازية لخدمتهم, بحسب المسؤولين.
وقد أظهر المسح أن واحدا من كل أربعة عراقيين وصل إلى الأردن قبل عام 2003 - مع أولى موجات التهجير مطلع العقد الماضي هربا من القمع السياسي والانهيار الاقتصادي آنذاك.
البقية فجاءوا بعد سقوط بغداد ويتواصل اللجوء رغم إجراءات الدخول الصارمة منذ قدح ثلاثة عراقيين أحزمة ناسفة في فنادق عمانية أواخر عام 2005 ما أودى بحياة 60 شخصا. فالعدد الأكبر من العراقيين وصل إلى الاردن خلال ذلك العام.
وبحسب المسح, فإن العراقيين أرجعوا سبب خروجهم إلى تدهور الوضع الأمني في بلادهم وضرورات لم شمل العائلة.
نصف الفئة العمرية 25 سنة فما فوق تحمل شهادة جامعية أولى أو عليا, 40% من النساء ضمن هذه الفئة جامعيات.
بالطبع ترتفع المداخيل مع ارتفاع مستويات التعليم التي وصلت إلى نسب عالية جدا لا سيما ضمن فئة الأكبر سنا.
كذلك فإن حوالي 98% من العراقيين المشمولين بالمسح لا يحملون أي جنسية أخرى.
يصر أصحاب القرار على أن المسح لا يعني مطلقا إصباغ صفة اللجوء بحكم الأمر الواقع على مئات آلاف العراقيين المقيمين في الأردن, بعكس مطالبات منظمات حقوق انسان دولية. تسعى لمنع ملاحقتهم ثم تغريمهم فترحيلهم باعتبار أن الحكومة تعاملهم معاملة مهاجرين غير شرعيين.
في ضوء المشهد الملتهب أردنيا وعربيا على خلفية الأزمات الإقليمية في فلسطين والعراق, يصر الأردن- الذي لم يوقع الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين لعام 1951 والبروتوكول الملحق بها لعام -1967 - على رفض توطين أي لاجئ من أي جهة كانت.
لن يتراجع الأردن عن تقنين دخول العراقيين لأسباب, يرجعها مسؤولون إلى, الأمن الوطني "الإرهاب" والمجتمعي. لذلك ترفض عمان الإذعان لضغوط أمريكية وأوروبية, لكنها تحاول في المقابل تسهيل دخول وإقامة بعض العراقيين من باب احترام وتفعيل حقوق الإنسان. وحمل العراقيون معهم طرق حياتهم, مقاهيهم ومطاعهم.
ينبّه خبراء اجتماع إلى مخاطر حدوث تغييرات في وجه عمان الديمغرافي, في وقت يطلق سائقو التاكسي ألقابا عراقية على مناطق انتشار العراقيين مثل "الكاظمية", "الكرادة" و"الاعظمية".
ويتداخل مع التواجد العراقي الكثيف تحد آخر يتمثل في أن المملكة لم تحسم بعد أمر هويتها الوطنية بسبب استمرار الصراع العربي- الإسرائيلي وتداعيات ذلك على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في بلد نصف عدد سكانه تقريبا من أصول فلسطينية, غالبيتهم يحمل الجنسية الأردنية. إلى ذلك منح الأردن الجنسية لأعداد كبيرة من المهجّرين لا سيما من لبنان, سورية, مصر والعراق ممن وفدوا إليه هربا من القمع السياسي أو الأوضاع الاقتصادية بعد الاستقلال.
قد يتعاطف الأردن مع بعض قضايا اللاجئين بسبب طبيعتها الإنسانية. لكنه لا يستطيع أن يفتح الباب أمام تدفق المزيد من العراقيين, في غياب حل في الأفق للأزمة العراقية. ويرفض مسؤولون تسوية مشكلة اللجوء العراقي على حساب الأردن معتبرين أن المتسبب في معاناتهم- لا سيما أمريكا ومن بعدها بريطانيا- يتحمل المسؤولية الكبرى بالنسبة للكارثة الإنسانية التي حلّت بالعراقيين.
يخشى مسؤولون من أن فتح الحدود مع العراق قد يسرّع الهجرة لا سيما في صفوف السنّة, الفئة الأكثر تذمرا وشكوى- الأمر الذي سيفرغ العاصمة من أهل السنة ما يتعارض مع الموقف الرسمي الداعي لصون وحدة العراق وعدم تفسخ فسيفساء شعبه.
سيعني ذلك أيضا تغييرا في البنية الديمغرافية في العراق وسيعمق من خلل التركيبة الديمغرافية للمملكة وقد يفرز تناحرا بين الشيعي-السني في بلد أغلبيته من السنة.
تدفق مزيد من العراقيين سيجلب المزيد من المخاطر الأمنية مثل تزوير جوازات السفر في العراق, مخاطر دخول عناصر من تنظيم القاعدة أو من الميليشيات الشيعية والسنية التي تضمر شرا للأردن بسبب مواقفه السياسية أو لأنها تريد الثأر من شخصيات عراقية مقيمة هنا.
تسربت معلومات أخيرا عن إحباط عدة عمليات كانت تستهدف شخصيات عراقية مقيمة في الأردن لأسباب سياسية أو مالية, لكن لم يعلن عن حيثياتها.
ثمّة 70 ألف عراقي يقيمون في الأردن بصورة مشروعة, غالبيتهم بفضل استثماراتهم, إذ أن مئات رجال الاعمال نالوا جوازات سفر مؤقتة لتسهيل سفرهم".
يرى الأردن أن تسهيل أوضاع العراقيين يكمن في تكثيف عمل مكاتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في عمّان, استمرار جمع الأموال لتقديم المساعدة للمهجرين والنازحين داخل العراق, حيث تعمل المفوضية السامية من خلال 20 منظمة غير حكومية, فضلا عن تفعيل الضغوط باتجاه إعادة توطين من يرغب في بلدان ثالثة, لاسيما أوروبا وأمريكا.
لا بد أن يقترن ذلك بإقامة ملاجئ أمان أو محميات داخل الحدود العراقية, خصوصا لحماية الفلسطينيين المقيمين في العراق- وبعض الأقليات مثل المعارضين السوريين الذين لجأوا للعراق هربا من حكم البعث السوري قبل عقدين- إذ تواجه هذه الفئات خطر التقتيل والتشريد اليومي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
عهد المؤتمرات أو الانزلاق نحو الوصاية
طاهر العدوان
العرب اليوم الاردن
اتسعت قائمة جدول الاعمال امام مؤتمر "جوار العراق" الذي عقد امس في استنبول حتى لم يبق للعراق من المؤتمر الا اسمه. لقد انشغل المؤتمرون بقضيتين رئيسيتين, هما (1) الازمة بين تركيا واكراد العراق (2) مسألة انتخاب رئيس جديد للبنان.
واذا ما نظرنا الى المشاركين, وهم, الولايات المتحدة, واعضاء مجلس الامن الخمسة الدائمون, ومجموعة الثماني الصناعية, وممثلون عن الاتحاد الاوروبي. ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية بالاضافة الى دول جوار العراق, سنجد اننا امام (اطار جديد) يُبنى بقيادة امريكا من اجل تقرير مسائل تتعلق بالحرب والسلام في المنطقة العربية.
لقد بدأ مؤتمر (دول جوار العراق) بالظهور الى حيز الواقع بعد سقوط بغداد واحتلالها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها, وكانت الفكرة المعلنة دائما هي (امن العراق) لهذا كان المشاركون محدودين, ومقتصرين على الدول التي لها حدود مع البلد المحتل.
والحقيقة ان هذه الدول لم تكن معنية بامن العراق بقدر اهتمامها بالوقاية من تأثيرات التدهور الامني فيه على سلامة وامن كل بلد مجاور, فالاحتلال الامريكي لم يكن كارثة على العراقيين فقط, بل على جميع دول المنطقة, ومن هذه الزاوية فان جدول اعمال مؤتمر استنبول يمثل تجسيداً للتنبؤات السابقة حول خطر امتداد العنف من العراق الى الدول المجاورة.
ان الازمة الحالية المتفجرة على الحدود التركية العراقية والتي تهدد باندلاع حرب مفتوحة هي مجرد نموذج صغير للاسوأ الآتي, وهو توقع اندلاع حرب عالمية (وفق تعبيرات بوش) بين الولايات المتحدة وايران. او توقع اندلاع اشتباكات واسعة بين الامريكيين والايرانيين على طول الحدود مع العراق حسب توقعات الصحافة العالمية.
غير ان (الانهيارات) على المستوى الامني ليست وحدها التي تجسدت في جدول اعمال مؤتمر استنبول, على المستوى السياسي والقومي يمثل هذا المؤتمر انهيارا غير مرئي للنظام العربي الذي بدأ الالتحاق بأطر دولية واقليمية لها اجنداتها ومصالحها ومخططاتها, فيما تنهار صيغ العمل العربي المشترك ويتراجع دور الجامعة العربية نحو حافة الهاوية.
مؤتمر استنبول, يعتبر الثاني بعد مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد في ايار الماضي. واذا كان المؤتمر الاول, في العاصمة السياحية المصرية, قد ركز على حاضر ومستقبل العراق, فان مؤتمر الامس في العاصمة السياحية التركية, يمد عباءة الوصاية لتشمل لبنان من خلال تحويل اروقة الاجتماع الى ورشات عمل ولقاءات تدور حول تسمية رئيس جديد للبنان.
نحن بالفعل على ابواب مرحلة الانزلاق الى ساحات الوصاية الامريكية والدولية على شعوبنا وقضاياهم. ومع التحضيرات الاوروبية والدولية لمؤتمر انابوليس ولمؤتمر آخر حول السودان ودارفور فان مؤتمر الصلح (الذي شرع الولاية للعرب) عام 1919 كان واحة امانٍ للحرية والاستقلال بالمقارنة مع المؤتمرات التي تتكالب على هذه المنطقة ومن حولها. وقد لا نستغرب ان سمعنا قريبا, عن مؤتمر دولي, لبحث مسألة ارتفاع اسعار النفط (واخطاره) على الحضارة وعجلة الصناعة العالمية!!.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
لماذا يرسل قادة العراق »نسوانهم« لبريطانيا العظمى ?
داود البصري
السياسة الكويت
قد يبدو السؤال موضوع العنوان خروجا عن المألوف والمتعارف عليه, ولربما يعتبره البعض نوعا من قلة الادب, بينما قد يثير عند البعض هواجس وظنونا ويشعل فتيل حملات إعلامية تسقيطية ضد كاتب المقال, ولكن المهم في الموضوع برمته هو النوايا الحسنة ولا شيء سوى النوايا, وبما أن الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى, فإنني وعملا بتلك القاعدة أطرح هذا التساؤل الذي أعتبره مشروع جدا جدا لانه ينظر للحاكم من باب المحاسبة الشعبية والرقابة العامة والمسؤول هو أول من تنطبق عليه كل مواصفات الالتزام الحرفي بالقوانين , فقد لاحظت مثلا أن كبار المسؤولين العراقيين الحاليين بدءا من (دولة) رئيس الوزراء نوري المالكي وليس إنتهاء بمدير إدارة المجاري في بلدية الناصرية مثلا يرسلون عوائلهم ونسوانهم وأطفالهم للعيش في بريطانيا العظمى وإلى لندن الصمود والتصدي تحديدا ويبقون هم في أماكنهم المحروسة من عين البشر في المنطقة الخضراء (حماها الله ), بل أنني أعرف أحد البرلمانيين العراقيين من حزب المالكي ( الدعوة) يعيش في دمشق الصمود, بينما زوجته تعيش في بريطانيا العظمى وتستلم مساعدات من صندوق الضمان الاجتماعي رغم أن المحروس زوجها المستشار والنائب الهمام يقبض رواتبه الخرافية بالدولار من الحكومة العراقية وسع الله مخرجها, فهل للجشع والطمع لدى الاخوة المؤمنين حدود أو سدود أو آفاق نهائية ? أعود للمسؤولين الاخرين الذين يعيشون بمفردهم في الغابة العراقية التناطحية وحقيقة لا أعرف السبب سوى الرغبة على مايبدو بحماية الاهل والاقارب من دورات الموت والقتل والاغتيال العشوائية في مدن العراق المختلفة, ولكن السؤال هو إذا كان المسؤولون لا يستطيعون ضمان أمن عوائلهم فكيف يستطيعون ضمان أمن الانسان العراقي الذي إنتخبهم كما يقولون في تلك الانتخابات العجيبة المطبوخة وفق مواصفات العمائم الثقيلة والمرجعيات المختلفة, خصوصا أنها كانت الانتخابات الوحيدة التي جرت تحت تهديد من (صاحب الزمان) عجل الله فرجه بتطليق النسوان إن لم ينتخب فلان وفقا لاوامر الانس والجان, كيف يحلو للمسؤول العراقي وخصوصا من الحزب القائد ( الدعوة وشركاه) أن يستلم رواتبه ومخصصاته المليونية التي ما خصصت له إلا لاجل العمل على حماية دماء وأعراض ومصالح عباد الله بينما يعيش أهله في سعة من العيش وفي حرية يمارسون التسوق في أكسفورد ستريت واللطم في مؤسسة أهل البيت ويقرأون الدعاء كل ليلة, أليس في الامر مهزلة كبرى واستهانة فظيعة بدماء العراقيين ومصالحهم, ولكنني أتساءل أيضا هل وجود النسوان في بريطانيا هو بمثابة إنشاء القواعد الامنة إنتظارا ليوم الزحف والهروب الكبير حين تحل الواقعة وينسحب الرفاق الاميركان من المنطقة الخضراء ويعود الرفاق لقواعدهم الامنة التي كانت لهم رغم أن بعضهم أيام المعارضة ومنهم رئيس الوزراء المالكي لم يعش في بريطانيا أبدا بل كانت بريطانيا قاعدة من قواعد الرفيق المناضل الملا إبراهيم الجعفري (قدس سره) وطبعا لم يكن يمارس الطب في منفاه البريطاني بل كان يمارس اللطم والوعظ والارشاد, فسبحان مغير الاحوال, ويا رب إرزقنا كما رزقتهم, أما بريطانيا فقد تحولت اليوم لقاعدة من قواعد نسوان من يعدون أنفسهم ليوم الهرب الاكبر, والله حالة, والله طرطرة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
أزمات المنطقة تدخل غرف العمليات السياسية
جاسر عبدالعزيز الجاسر
الجزيرة السعودية
النشاط الذي تبديه الدوائر السياسية والأجهزة التنفيذية للدبلوماسية لدول المنطقة والدول التي لها مصالح في هذه المنطقة يشير إلى أن حزمة الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية في طريقها إلى المعالجة الدبلوماسية الهادئة بعد أن أوشكت بعض من هذه الأزمات على إيصال المنطقة إلى حافة الحرب كالمواجهة الحالية في منطقة الحدود العراقية- التركية.
أولى تباشير تغليب العمل الدبلوماسي على العمل العسكري ظهرت بوادره في اسطنبول أثناء انعقاد جلسات مؤتمر دول جوار العراق وقبلها وبعدها من خلال اللقاءات الثنائية التي أجراها وزراء الخارجية المشاركون في المؤتمر ورئيسا حكومتي العراق وتركيا.
ولقد أسهمت المقترحات التي قدمها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لحل الإشكال الذي تسبب فيه المتمردون الأكراد الذين صعدوا في عملياتهم الإرهابية داخل الأراضي التركية منطلقين من الشمال العراقي حيث تسيطر حكومة إقليم كردستان العراق على الأوضاع هناك. وكانت مقترحات المالكي قد استجابت للعديد من الشروط التركية التي أبلغتها للحكومة العراقية ومن أهمها اعتبار حزب العمال الكردي منظمة إرهابية، وإغلاق مكاتب الحزب ووقف أنشطته السياسية والإعلامية، ومن ثم تسليم قادته السياسيين والعسكريين. وقد حرص رئيس الحكومة العراقية أن يضمن كلمته في افتتاح (مؤتمر الجيران) الإجراءات العراقية المتخذة ضد حزب العمال الكردي، الذي وصمه بالإرهاب ناعتاً إياه بالنعوت نفسها والصفات التي يستعملها الأتراك في لفتة قصد بها إرضاء الحكومة التركية التي لا بد وأنها استقبلت وعود إغلاق مكاتب الحزب والحظر على أنشطته السياسية والعسكرية بكثير من الرضا، خاصة بعد ورود معلومات من شمال العراق بأن إجراءات إغلاق مكاتب الحزب قد بدأت بل وشملت حتى الأحزاب الكردية العراقية المتعاطفة مع المتمردين الأكراد.
مبادرة رئيس الحكومة العراقية والإجراءات العراقية التي اتخذت ضد حزب العمال ومقاتليه في العراق أنقذت مؤتمر جيران العراق وجعلت جلسات المؤتمر تسير وفق ما يتمناه العراقيون والذين يريدون الخير للعراق، خاصة في توجه المؤتمر إلى اعتماد آليات لتفعيل قرارات (مؤتمرات الجيران) التي عادة ما تتخذ قرارات تحتاج إلى تفعيل ومتابعة، إذ لا تزال قرارات مؤتمر جيران العراق الذي عقد في شرم الشيخ في مارس الماضي حبيسة الأدراج، ولهذا فإن اقتراح تشكيل سكرتارية لجيران العراق بإشراف منظمة الأمم المتحدة لضمان تواصل دول الجوار والحكومة العراقية والعمل بصورة جماعية ومتضامنة لتنفيذ قرارات المؤتمرات ومراقبة إجراءات الانتقال من حالة الإضراب إلى البناء والتعمير، لا بد وأن يساعد على علاج الوضع في العراق كبداية لمعالجة أزمات المنطقة.
jaser@al-jazirah.com.sa
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
اليابان بعد الحرب العالمية الثانية ... لماذا نجحت التجربة بينما فشلت في العراق؟
د. شفيق ناظم الغبرا
الراي العام الكويت
إن الطيار الذي ألقى القنبلة النووية على اليابان توفي الأسبوع الماضي، ومعه تم دفن قصة أول قنبلة نووية ألقيت في التاريخ. كانت الطائرة التي ألقت القنبلة قاذفة كبيرة من نوع بـ29، وكانت المجموعة التي شاركته في هذه المسؤولية ضمن فريق الطائرة تتكون من ستة أفراد آخرين. كانت المهمة محاطة بالكثير من الدقة، وكان الطيار على علم بما سيقوم به.
أخذ قرار إلقاء القنبلة هاري ترومن، الرئيس الأميركي، والقائد الأعلى للقوات الأميركية، وقد حددت حينها الولايات المتحدة خمسة أهداف يتم ضربها اعتماداً على حالة الطقس. وكثرت التساؤلات عن أسباب هذا القرار، إذ ذكرت الولايات المتحدة في تقديراتها أن الاستمرار في الحرب والسعي إلى احتلال اليابان سيؤدي إلى خسارة ما يقارب نصف مليون جندي. أراد الرئيس ترومان استسلاماً شاملاً ينهي الحرب ووجد في القنبلة النووية ضالته المنشودة التي ستنهي الحرب. وتم إلقاء أول قنبلة على مدينة هيروشيما، وهي مدينة صناعية كبرى في اليابان في السادس من أغسطس عام 1945، ثم على مدينة ناكازاكي في التاسع من أغسطس عام 1945، وقُتل على الفور في هيروشيما ثلاثون ألفاً من سكانها، وفي ناكازاكي قتل عشرون ألفاً، ثم توفي عشرات الآلاف بعد الانفجار بأسابيع وشهور من جراء الإشعاعات النووية.
وهناك قصة أخرى لهيروشيما وناكازاكي. فاليابان ضربت بالأسلحة النووية من دون أي انذار، والتقديرات للكثيرين من المحللين كانت تؤكد أن اليابان كانت على وشك الاستسلام، وأن ضربة بهذا الحجم لم تكن ضرورية لإنهاء الحرب. كانت الولايات المتحدة قد جربت القنبلة في صحراء المكسيك الجديدة وكانت التجربة ناجحة، ولكن معرفة نتائجها وآثارها بعيدة الأمد لم تكن قد قيّمت بأبعادها كلها. في هذا الإطار استسلمت اليابان للقوات الأميركية، وانتهت الحرب العالمية الثانية. ولكن اليابان المستسلمة التي خسرت الصناعة، والاقتصاد، المدن، والحياة، وخسرت أكثر من ثلاثة ملايين قتيل وملايين الجرحى، واستطاعت إعادة البناء بسبب شروط مهمة ورئيسية قلما تتوافر في كل حرب، ولا نجدها اليوم في حرب العراق منذ عام 2003!
كانت الهزيمة اليابانية ساحقة إذ لم يكن هناك مجال للتأويل في حجم الهزيمة وفي شرعية «المحرر»، بينما لم يكن الأمر كذلك في العراق. لقد اكسب الاستسلام غير المشروط في ظل حرب كونية كبرى الولايات المتحدة شرعية كبيرة في احتلالها لليابان من دون وجود أدنى معارضة من اليابانيين (وهذا غير متوافر في العراق)، وصاحب ذلك الاستسلام بقاء الحكومة اليابانية والامبراطور بكل ما للكلمة من معنى على رأس البلاد (لم يحصل شيء من هذا حتى على مستوى الإدارة في العراق)، إذ استمر الإمبراطور على رأس البلاد حتى عام 1971، وساعد اليابان في مرحلة إعادة البناء وجود تاريخ في اليابان للمؤسسات المدنية (غير متوافر في العراق) وكون الشعب الياباني مكوناً من كتل اجتماعية متجانسة تجمع كل فئاته (فهم ليسوا أعراقاً وقوميات مختلفة)، كما ساعدهم غياب التدخلات الخارجية (اليابان جزيرة والعراق محاط بدول لكل منها سياسة خاصة تجاهه). لقد توافرت الشروط للانتقال الديموقراطي بعد الاحتلال الأميركي لليابان، خصوصاً وأن الهدف الأميركي في اليابان لم يكن نفطاً أو تياراً سياسياً محدداً في آسيا، بل كان يتلخص في إنهاء تسلح اليابان وتأكيد الديموقراطية فيها ومساعدتها على إعادة البناء، ثم التحالف معها في مواجهة الشيوعية.

ليست هناك تعليقات: