Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 24 نوفمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية الأفتتاحيات والمقالات السبت 24-11-2007


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الوجه الآخر لشركات الأمن الخاصة في العراق
سمير عواد
عمان اليوم عمان
(ألمانيا تعارض حرب العراق وترفض حتى اليوم إرسال عسكريين إلى بلاد الرافدين. لكن يجري إرسال مرتزقة من باب خلفي إلى هذه الحرب. في مكتب يقع في منزل يقوم صاحبه بترتيب إرسال مرتزقة ألمان إلى العراق وإلى مناطق نزاع أخرى في العالم. وهذه الرحلة تعني لهم كسب المال الوفير أو رحلة سفر دون عودة. ما عجز عنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بإقناع ألمانيا بالمشاركة في حربه الخاصة ضد صدام حسين، يقوم به مكتب صغير في مدينة ألمانية حيث يعد صاحب المكتب المرتزقة الألمان بأجور عالية).

ألقت جرائم القتل التي قامت بها شركة المرتزقة الأمريكية(بلاك ووتر) ضد مدنيين عراقيين وعدم مبالاة المحاكم الأمريكية بإلزام هذه الشركة دفع تعويضات كبيرة لأقارب الضحايا العراقيين الضوء على نشاطات المرتزقة من أنحاء العالم في العراق والتي تنشط عبر شركات في الولايات المتحدة وأوروبا في بلاد الرافدين في مهام تخفف عبء نتائج الغزو عن كاهل الاحتلال الأمريكي. من مهامها على سبيل المثال حماية الأشخاص. وأصبح العراق بعد الاحتلال مكانا جذابا لشركات المرتزقة وتوفر للذين يستهوون لعب دور(رامبو) على أرض الواقع فرصة كسب المال الوفير، أو في أسوأ الأحوال العودة في صندوق خشبي من حيث أتى. وكتبت لأربعة من عناصر(بلاك ووتر) نهاية مروعة. فحين وقعوا في قبضة جماهير عراقية غاضبة عقب مجزرة أدت إلى مقتل مدنيين في الفلوجة تم قتلهم والتمثيل بجثثهم التي علقت على حبال.
وكانت هذه أول حادثة تشير إلى نشاطات المرتزقة في العراق والتي تخضع وفقا لقانون الاحتلال إلى حماية دبلوماسية وتعتبر نشاطاتها فوق القانون العراقي أيضا. بينما أشارت جرائم(بلاك ووتر) ضد المدنيين العراقيين إلى دور شركات المرتزقة الأمريكية تشير تقارير نشرت فى برلين إلى أن العراق المحتل اجتذب مرتزقة من أوروبا أيضا. فبينما كان العراق في عهد رئيسه السابق صدام حسين خاليا من وجود التنظيمات الأجنبية خاصة(القاعدة) وغيرها فإنه اليوم وتحت الاحتلال الأمريكي تحول إلى مكان للمرتزقة. وخلافا لعهد صدام وعهد الاحتلال الأمريكي فإن وجود المرتزقة مشروع ويتمتعون بحماية دبلوماسية!
المعروف أن ألمانيا تعارض حرب العراق وترفض حتى اليوم إرسال عسكريين إلى بلاد الرافدين. لكن يجري إرسال مرتزقة من باب خلفي إلى هذه الحرب. في مكتب يقع في منزل يقوم صاحبه بترتيب إرسال مرتزقة ألمان إلى العراق وإلى مناطق نزاع أخرى في العالم. وهذه الرحلة تعني لهم كسب المال الوفير أو رحلة سفر دون عودة. ما عجز عنه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بإقناع ألمانيا المشاركة في حربه الخاصة ضد صدام حسين، يقوم به مكتب صغير في مدينة ألمانية حيث يعد صاحب المكتب المرتزقة الألمان بأجور عالية.
تفيد المعلومات بهذا الشأن أن بعض المرتزقة الألمان قتلوا والبعض لم يعودوا حتى في صناديق خشبية لأنه لم يتم العثور على جثثهم. صاحب الشركة أيضا خسر بعض معارفه لكنه بالتأكيد ليس الوحيد الذي يعمل في ابشع تجارة في العالم. هناك عشرات الأشخاص يديرون شركات المرتزقة والزبون الأول: الاحتلال الأمريكي في العراق.
تحت اسم شركة خدمات الأمن التي تعد بتأمين الحرس للحماية الشخصية، اكتشفت سوق جديدة مع ازدياد حاجة الاحتلال الأمريكي إلى مرتزقة يحلون مكان الجنود الذين ينتمون إلى ائتلاف الحرب والذين تقوم حكومات بلادهم باستدعائهم معلنة انسحابها من ائتلاف الحرب بعدما خابت آمالها منها ولم تحصل على نصيب من نفط العراق ومشاريع إعادة التعمير التي حصلت عليها من الأمريكيين في بداية الأزمة. بالنسبة للمرتزقة الألمان فإنهم يقومون بنشاطهم على حافة القوانين الألمانية. إذ لا تعارض هذه القوانين قيام المواطنين الألمان بالقتال في مناطق نزاع طالما أنهم لا يرتكبون جرائم حرب. لكن محظور عليهم العمل كمرتزقة في حروب تجري بين دول أخرى. لكن شركات المرتزقة في ألمانيا تعرف أيضا بوجود ثغرات وطرق ملتوية وأن هناك مجموعة من الدول العربية والإفريقية تستعين بخدماتها مما يجعلها تعمل بعيدا عن مراقبة القضاء الألماني. كما من شأن نشاطات شركات المرتزقة أن تجر الحكومة الألمانية إلى مستنقع العراق إذا شارك مرتزق ألماني في مجزرة أو وقع بأيدي المقاومة العراقية وعندها تحاول أجهزة الإعلام الألمانية الحديث عنه كمواطن ألماني تعرض للخطف على أيدي من يوصفون بالإرهابيين!
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية ردا على التقارير التي تتحدث عن نشاطات المرتزقة الألمان في العراق إن الوزارة تحذر كل مواطن ألماني من الذهاب إلى العراق وهذا ينطبق حسب كلامه على الأشخاص الذين يعملون في شركات خدمات الأمن. ولم يستطع متحدث وزارة الخارجية الألمانية الإفصاح عن عدد المرتزقة الألمان الذين لقوا حتفهم في العراق، لعدم توفر معلومات للوزارة إذ في المعتاد يقوم الجيش الأمريكي بنقل الجثث دون إبلاغ قنصليات الدول التي ينتمي إليها المرتزقة الذين خسروا حياتهم في بلاد الرافدين.
أصحاب شركات المرتزقة الذين يتسترون باسم خدمات الأمن شخصيات تقليدية. إذ كغيرهم من أصحاب هذه الشركات وغالبية العاملين فيها كان ينتمي إلى فرقة خاصة تابعة للجيش الألماني وعملوا لاحقا في شركة يملكها ألماني شرقي. كثيرون من أعضاء جيش ألمانيا الشرقية تحولوا إلى هذه المهنة بعد نهاية عهد جمهورية ألمانيا الديمقراطية عقب استعادة ألمانيا وحدتها في عام .1990 كما يعمل كثيرون من القبضايات وأصحاب السوابق في هذه المهنة ويستثمرون عضلاتهم في الحصول على المال الوفير. يقول صاحب الشركة الذي رفض ذكر اسمه إن الدول العربية تتصدر قائمة الزبائن، ولا تتردد شخصيات عربية بالاتصال بشركات الأمن الخاصة والحصول على حرس شخصي. بالنسبة للعراق تعمل شركات المرتزقة بحماية الأشخاص العاملين في الحكومة وأيضا الأشخاص المنتدبين للعمل في شركات أجنبية. لكل منطقة أسعارها والعمل في بغداد يكلف الزبون مبالغ طائلة إذ تقع في العاصمة العراقية انفجارات وأعمال قتل بشكل يومي غير منقطع. وأصبحت بغداد بعد الاحتلال وانسحاب جنود ينتمون لدول ائتلاف الحرب إلى مرتع لشركات المرتزقة. في الغضون يبلغ عدد العاملين بهذه المهنة نحو 180 ألف شخص وهو عدد يزيد عن عدد الجنود الأمريكيين في العراق. 30 ألف مدني يعملون في مجال الأمن تحت إمرة جيش الاحتلال وهم يتقاضون رواتبهم من شركة المرتزقة التي ارتكبت الكثير من الفضائح (بلاك ووتر) التي تعمل في العراق بعقد مبرم مع الإدارة الأمريكية. لا أحد يعلم بالتحديد عدد الألمان الذين يعملون ضمن هؤلاء المرتزقة. عقب الكشف عن جرائم (بلاك ووتر) قررت الحكومة العراقية حماية نفسها من غضب المواطنين وطلبت من شركات المرتزقة أن تقوم في المستقبل بتسجيل سياراتها والحصول من الحكومة على إذن بحيازة السلاح. لكن الكثير يقولون إن هذه الشركات لا تهتم بما تقوله الحكومة العراقية والمهم ما يقوله الجيش الأمريكي. وأصبحت شركات المرتزقة طرفا في الحرب. في سبتمبر الماضي قتل مرتزقة ينتمون إلى شركة (بلاك ووتر) 17 من المدنيين العراقيين وكل ما فعلته أمريكا أن وزارة الدفاع الأمريكية قالت إنها سوف تزيد الرقابة على عناصر الشركة.
يحصل صاحب شركة المرتزقة على ألفي دولار يوميا عن كل عنصر تابع له، ويحول من ثمانمائة دولار إلى 1200 للعنصر. يقول صاحب الشركة أنه يتعامل مع ألمان وأحيانا يستخدم نمساويين. يأتي الغالبية من قوى الأمن والقوات المسلحة وجنود سابقين في القوات الخاصة والشرطة الجنائية. بينما العنصر التابع للفرقة الخاصة على سبيل المثال يحصل على راتب قدره 2500 يورو قبل استقطاع الضريبة فإنه يجمع ثروة صغيرة لقاء المجازفة بحياته. غالبية المرتزقة الألمان يقيمون في مخيمات تابعة للجيش الأمريكي. ويقول صاحب الشركة إن رجاله تعلموا تحويل رواتبهم على الفور إلى الخارج لضمان الحصول على الثروة الصغيرة عند نهاية الخدمة. في الغالب يحولون رواتبهم على حسابات في مصارف في موروشيوس أو الفلبين والاستمتاع بهذه الأموال بعد نهاية العيش في جحيم العراق وقضاء إجازة طويلة على الرمال الذهبية وأشجار جوز الهند. لكن لا تكتب نهاية سعيدة لكل مرتزق، فالبعض يعود بصندوق خشبي والبعض لا يحصل أحد على جثته. في الغالب لا أحد يعرف بمصيرهم غير عائلاتهم.
منذ عام يعتبر المرتزق النمساوي بيرت نوسباومر البالغ 25 سنة من العمر في عداد المفقودين ويحتمل أنه قتل. آخر مهمة قام بها نوسباومر الذي كان يعمل رسميا لشركة المرتزقة الأمريكية كان مرافقة أربعة من زملائه الأمريكيين كانوا يرافقون موكب المهندسين وتعرض الموكب إلى هجوم أسفر عن اعتقال نوسباومر ورفاقه وقيل لاحقا إنه تم إعدامهم. كما قتل الجندي الألماني السابق كارل سافيل (33 سنة) في مايو عام 2006 في تفجير انتحاري وقع في بغداد. وكان سافيل يعمل لشركة مرتزقة (دنوبيا) المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأمريكية يقع مقرها في مدينة بوخارست عاصمة رومانيا. وقالت أرملة سافيل إن الشركة أبلغتها أنه قتل في حادث وقدمت لها التعازي. في رسالة سابقة بعثها إلى زوجته كتب سافيل: أحيانا يصاب المرء بالرعب عند الخروج إلى الشارع لكننا نفكر دائما بالرواتب العالية التي نحصل عليها. تحصل أرملة سافيل وابنه الصغير على راتب سنوي قدره 110آلاف دولار لأن وزارة العمل الأمريكية تدفع تعويضات للأشخاص الذين يلقون مصرعهم في العراق، من أجل أمريكا!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
الانتصار في حرب الأفكار
روبرت ستالوف
واشنطن بوست
جاءت استقالة كاري بي هيوز من منصبها كوكيل لوزارة الخارجية للشئون الدبلوماسية العامة لتمنح الرئيس بوش فرصة تصحيح أكثر آيات التخبط افتضاحا في تعامل إدارته مع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أي الفشل في ترتيب أولويات الحرب الأيديولوجية حول العلاقات العامة.
إن أغلب الأمريكيين اليوم يعتقدون أن أمريكا تخوض ثلاثة حروب: في العراق، وفي أفغانستان، وثالثة ضد المتطرفين الإسلاميين حول العالم (أي الحرب المعروفة بالحرب ضد الإرهاب). ولكن لجنة الحادي عشر من سبتمبر أوضحت اننا ـــ نحن الأمريكيين ـــ وتحريا للمزيد من الدقة، نخوض حربا رابعة هي الحرب ضد انتشار أيديولوجية التطرف الإسلامي. وهذه الحرب ميدانها في المدن الكبيرة والبلدان والقرى التي يسعى المتطرفون إلى أن يفرضوا فيها رؤيتهم المطلقة للحكم على أساس الشريعة. والحظوظ في هذه الحرب ليست أكثر ميلا إلى لصالح الولايات المتحدة منها في الحروب الثلاثة الأخرى.
ففي الحدود الضيقة لاصطلاح »الحرب ضد الإرهاب«، يمكن القول بأن الإرهابيين يخسرون. فما تم الحصول عليه من وثائق القاعدة يكشف عن حركة تعاني أزمة وتخشى من الهزيمة. كما أن القاعدة وحلفاءها عاجزون عن الإطاحات بالحكومات الإسلامية، أو حشد تأييد شعبي يمهد لها طريق إحلال وحدة إسلامية عالمية محل النظام الدولي.
غير أن الإسلاميين المتطرفين يبلون بلاء حسنا في الميدان الأيديولوجي. حيث استفادوا من «أجندة الحرية» التي تتبناها الإدارة فحققوا تقدما كبيرا في كل من لبنان ومصر والمناطق الفلسطينية. كما أن الإسلاميين ـــ في أماكن أخرى ـــ يوسعون دوائر نفوذهم بسبل أخرى مستغلين ضعف الحكومات أو فشلها في إدارة النظم التعليمية والمالية والخدمات الاجتماعية.
تتحمل الحكومة الأمريكية نصيبا كبيرا من هذا النتاج . ومع ذلك فإنها تتصرف كما لو لم يكن لتلك الحرب وجود، مركزة جهودها جميعا على المشكلة الخطأ.
لقد وجهت إدارة بوش تركيزها منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001 على استطلاعات الرأي العام الكئيبة في البلدان الإسلامية محددة المهمة الرئيسية لدبلوماسية العلاقات العامة في (كيفية تصحيح مفهوم الولايات المتحدة لدى الأجانب). وكانت النتيجة ـــ برغم تواصل النتائج السيئة ـــ أن نجحت هيوز في تحسين قدرات علاقات أمريكا العامة. وذلك من خلال تكوين فرق إعلامية »للرد السريع« وتحفيز الدبلوماسيين على تكوين علاقات مع الصحفيين في الدول التي يعملون فيها، وإصلاح مضمون ورسالة برامج »المتحدث إلى العالم«.
ولكن هذه الإنجازات التكتيكية لا تستطيع أن تواري فشلا استراتيجيا صاعقا. فلأن هيوز كانت أكبر مسئول حكومي معني بـ »معركة الأفكار« فقد كان ينبغي لمهمتها الأساسية أن تتمثل في الإجابة عن هذا السؤال: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تعمل على تقوية المناهضين للتطرف الإسلامي في شتى أنحاء العالم لمواجهة انتشار التطرف الإسلامي؟ وذلك لأن «معركة الأفكار» ليست في نهاية المطاف سباقا في شعبية الولايات المتحدة، وإنما هي معركة حول السلطة السياسية بين المسلمين، لا علاقة لها بعدد النقاط التي تحصل عليها أمريكا في مسابقة الشعبية.
لقد كان من الواضح أن كارين هيوز انجذبت إلى نتائج استطلاعات الرأي باعتبارها مقياسا للنجاح. ففي مقال لها بواشنطن بوست في 17 سبتمبر أشارت مرتين إلى أرقام إيجابية في استطلاعات للرأي باعتبارها دلائل تقدم في القتال ضد القاعدة. وبذلك لا يكون لها الحق مطلقا في الزعم بأن النضال الأيدولوجي ـــ كما كانت تقول أحيانا ـــ »هو مهمة أجيال«. أما الصحفيون الذين انتقدوا هيوز لفشلها في تحسين صورة أميركا معتمدين في نقدهم على أرقام استطلاعات الرأي فقد حاكموها بموجب المعيار الذي اختارت أن تمجد به نجاحات أمريكا.
إن استقالة هيوز تمنح لبوش فرصة أخيرة في تصحيح هذا كله. وذلك يتطلب ثورة في المفاهيم، وليس مجرد بذل المزيد من الجهد من أجل الظفر بصداقة المسلمين، فاشتباكنا مع الجماهير الإسلامية ـــ أو ما يسمى بالدبلوماسية العامة ـ ينبغي أن يركز على البحث عن المناهضين للتطرف الإسلامي بين الليبراليين العلمانيين والمؤمنين الأتقياء الذين يخشون تجاوزات المتطرفين والمستعدين للوقوف بجانبهم. هؤلاء هم الذين ينبغي أن تبحث عنهم الإدارة الأمريكية وتساعدهم وتناصرهم.
ينبغي لتلك الاستراتيجية أن تنتهج سبلا سرية وأخرى علنية لمساعدة الأحزاب السياسية المناهضة للتطرف الإسلامي وكذلك المنظمات غير الحكومية والاتحادات النقابية ووسائل الإعلام والجماعات النسائية والمؤسسات التعليمية، والحركات السياسية التي تنافس التطرف الإسلامي. كما ينبغي لهذه الاستراتيجية أن تحشد شتى مواردنا الحكومية من سفارات وهيئات إغاثة ووحدات إعلام عالمية وأجهزة تخابر وكذلك ما لنا من علاقات تجارية وتعليمية ومدنية لإعطاء المناهضين للتطرف الإسلامي ما يحتاجون إليه من دعم معنوي وسياسي ومالي وتقني ومادي.
إننا نهدف إلى مساعدة المناهضين للتطرف الإسلامي على منع المتطرفين من السيطرة على المجال العام. ولو قدر الانتصار لحلفائنا فسوف تتمكن مجتمعاتهم من اللحاق بركب العالم المتعولم، وإذا خسر مناهضو التطرف الإسلامي، فسوف نكون معهم من الخاسرين، ولن يكون لأرقام استطلاعات الرأي أي معنى.
ومع وجود خمسة عشر شهرا فقط في ولاية بوش، فإن الرئيس الأمريكي لن يستطيع أن يشهد بنفسه تحقق الانتصار في معركة الأفكار. ولكنه قادر على أقل تقدير على وضع أمريكا على طريق القتال.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
مقاومة الجنون... على إيقاع عراقي موحد!
غازي العريضي
الاتحاد الامارات

إذا كان الإنسان يبحث في حياته عن السلام والأمن والاستقرار والهدوء والفرح، فالموسيقى هي الطريق أو الوسيلة ولغة الخطاب المعبّر عن كل هذه الحاجات، فضلاً عن كونها على تنوعها لغة التخاطب بين شعوب الأرض قاطبة ولغة التواصل بينها، وقد تكون لغة توحيد المشاعر أو التعبير عنها لدى الفقراء كما لدى الأغنياء، ولدى أبناء الثقافات والحضارات المختلفة. إنها لغة التفاهم لا التصادم بينها. إنها لغة الروح وروحها الفرح.



قد يتساءل كثيرون لماذا الحديث عن الموسيقى اليوم، ولبنان دخل في الأيام الحاسمة لانتخابات رئاسة الجمهورية والجو السياسي فيه محتقن، والقلق عام، والأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات، والأنفاس محبوسة، فهل الوقت وقت الموسيقى؟ أليس ثمة همٌّ غير هذا الهم؟ أليس ثمة موضوع غير هذا الموضوع؟
وإذا ألقينا نظرة على الوضع في المنطقة لأدركنا أن ثمة غلياناً واحتقاناً كبيرين، وأن الخطر قائم أيضاً، وثمة شعوباً تعاني الإرهاب والاحتلال والمذابح والمجازر اليومية، من العراق إلى فلسطين، مروراً بالتهديدات التركية باجتياح المناطق الكردية، وبالتهديدات الإيرانية الأميركية المتبادلة، وكأن المنطقة على "كف عفريت" كما يقال أو في مهب العاصفة. أوليس ثمة اهتمام إذن إلا بالموسيقى؟ وهل الموسيقى تتصدر طليعة الأخبار والأحداث السياسية لتخصيصها بموضوع في هذا الوقت بالذات؟ أجر الموسيقي في العراق بعد حرب 1991 كان 22 دولاراً في الشهر، أما بعد الغزو الأميركي فبلغ 570 دولاراً لبعض الموسيقيين!
ما هي السياسة؟ ولماذا الساسة ولماذا الأنظمة والقوانين والدساتير والأحزاب والتجمعات السياسية؟ أليست لخدمة الإنسان وتطوير حياته ومجتمعاته؟ وإذا كان الإنسان هو الغاية في النهاية فإن ثمة حافزاً بل واجباً بتناول الموسيقى اليوم وإنسانها العراقي. نعم، الإنسان العراقي الذي عانى من قهر نظام الرئيس السابق صدام حسين لا يزال يعاني من قهر الاحتلال الأميركي وأتباعه ومن سهّله ومن قهر نتائجه سواء على مستوى الإرهاب أو الميليشيات أو أطماع المتدخلين في شؤونه الداخلية. الإنسان العراقي الموهوب. العالم. القادر. المثقف. الشاعر. الأديب. الكاتب. المفكر. الباحث. الرسام. الأكاديمي. الديموقراطي. الأخلاقي. النحّات. العامل. العربي. الموسيقي... يعاني من الحرب. والقتل. والدمار. والتهديد. والتجزئة والتفتيت. والتعصب... ومن نظام قيم جديد يحاولون فرضه عليه، نظام قائم على الانغلاق والتعصب الديني. ومع ذلك فهو يقاوم موحداً! نعم ثمة في مكان ما مقاومة موحدة بروح واحدة ولغة واحدة هي لغة وروح الموسيقى المجسدتان في فرقة الأوركسترا السيمفونية الوطنية. هذه الفرقة تأسست أواخر خمسينيات القرن الماضي. خلال الحرب على العراق نهبت مكتبتها الموسيقية ومخازن الآلات. خطف بعض أفرادها. قتل آخرون منهم. هدد آخرون. هاجر قسم منهم إلى الخارج... لكنها، ورغم الانقسام الطائفي والمذهبي، والحكايات الخطيرة التي لا تكاد تصدق عن الفرز المذهبي في البلاد واضطرار بعض الناس ليس فقط إلى ترك الأحياء التي عاشوا فيها وعاش فيها أسلافهم على مدى مئات السنين، بل أيضاً إلى تغيير أسمائهم تجنباً لاستهدافهم، رغم ذلك استمرت الفرقة الموسيقية تعمل. واستمرت تضم في صفوفها عشرات الأفراد الذين ينتمون للطوائف والمذاهب المختلفة، من سنة وشيعة وعرب ومسيحيين وتركمان وأكراد.
إنهم مقاومون للحرب. للإرهاب. للخوف. للقلق. للحزن. للألم. لليأس. للاستسلام. للتعصب. للجنون. للحقد. للفوضى. للنشاز. للفلتان... إنهم عناصر الأوركسترا المتكاملة المنضبطون والضابطون إيقاعهم على أوتارهم وآلاتهم، على إيقاعات حاجة الشعب العراقي إلى عناصر القوة والى الفرح العميق والاستقرار الداخلي والأمن. الأوركسترا الوطنية العراقية أنموذج راق من نماذج المقاومة الصادقة الصافية والقوية، حتى قيل عنها في الأيام الأخيرة إنها أشجع أوركسترا في العالم. إنه التعبير الأجمل عن فرقة موسيقية في العالم. نعم، قد يقال هي الفرقة الأرقى. الأروع. الأكفأ. الأجمل. الأكثر تناغماً وتناسقاً. الأكثر عدداً. الأضخم... ولكن لم يقل عن فرقة موسيقية أخرى إنها الفرقة الأشجع. هي الأشجع لأنها لا تزال تجتمع. تنتج. تعزف. تقدم الحفلات التي توجه الدعوات إليها في السر. كأنها دعوات إلى خلايا مقاومة سرية! فلا إعلان عن الحفلات مسبقاً وقبل وقت طويل لأن أي تجمع سيكون عرضة لعمل إرهابي. تقام الحفلات عند الظهيرة. والدعوات شفهية. وأحياناً عبر الهاتف. الهدف هو الاستمرار وبث الفرح في نفوس العراقيين ومعهم والتأكيد للجميع أن إرادة الحياة هي أقوى من كل شيء، وأن الموسيقى -الأغنية هي مبعث الفرح ومصدر قوتها في آن معاً. المؤلم في كل هذا، أن البلد الذي كان بين البلدان الأغنى في العالم، والذي أعطى نخباً وطاقات كبيرة، بات العالم فيه مستخدماً برواتب متدنية جداً ولدى كل الذين تربصوا شراً بوطنه يستفيدون اليوم من خبراته وعلمه وإبداعه لخدمة مشاريعهم، وأن أجر الموسيقي بعد حرب الخليج عام 1991 بلغ 22 دولاراً أميركياً في الشهر زاد بعد الغزو الأميركي للعراق وبلغ 570 دولاراً لبعض الموسيقيين لكن ذلك غير كاف فتقدم المساعدات لهم من الأجانب إن على مستوى الأجور أو على مستوى تحديث الآلات الموسيقية. أعضاء الفرقة الموسيقية هذه مصرون على التأكيد أنهم الوجه الثقافي للعراق، ومصرون على أن تحتضنهم بلادهم وأن تكون خيراتها في خدمتهم! رغم الاحتلال ورغم القهر ورغم الفوضى والإرهاب، يبقى ثمة أمل كبير في الإنسان العراقي الذي اعتصم بالموسيقى. تحصن بها. استقوى بها ليقوى بلده ويستمر. تحية للفرقة السمفونية العراقية الشجاعة. إنها وجه من وجوه المقاومة.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
عن السلام العراقي
أحمد المرشد
الخليج الامارات
لا أدري لماذا تذكرت تعليق الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيسة الدورة السابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما أعربت عن تقديرها أن “معالجة الأزمة العراقية مسألة وقت، لأنه بعد سنوات طويلة من الديكتاتورية، يتخذ المجتمع العراقي الآن خطوات نحو حكم نفسه بالشكل الذي يراه مناسباً، وأعتقد أنه خلال مدة وجيزة سيتم التخلص من العنف الحاصل الآن، وهو- أي العنف- أمر ليس طبيعياً. فما يحدث الآن أمر مرحلي وسيتجاوزه الشعب العراقي لأنه شعب أصيل وله تأثيره الكبير في المنطقة”. فالأزمة العراقية ليست مجرد عنف وتراجع في مستوى الأمن، وإنما الأزمة هي مجموعة من المشكلات التي لا نقول عنها مستعصية على الحل، ولكنها تحتاج وقتاً بلا شك كي ترى طريقاً يمهد لهذا الحل.

ما مناسبة هذا الكلام الآن؟ المناسبة هي التصريحات التي وردت على لسان الرئيس العراقي جلال الطالباني لدى جولته العربية الأخيرة التي شملت مصر والسعودية والكويت. وهي جولة مهمة للغاية بالنسبة للعراق كبلد وللشعب العراقي، لأن الطالباني حدد خلال جولته هذه آليات تعامل العرب مع العراق، وحاول من خلال التركيز الإعلامي أن ينقي الصورة السيئة التي يرسمها الإعلام الغربي عن بلاده.

فمسألة التعامل العربي مع الواقع العراقي لجهة رفضه أو القبول به، تثير جملة من التساؤلات، لعل من أهمها: هل الدول العربية تقف بقلبها مع العراق كما هو عليه الآن؟ هنا ينقسم العرب على أنفسهم قبل أن ينقسموا بشأن التعامل مع العراق، فالكثير من الساسة العرب يدخلون طرفاً في تأييد هذا الفريق أو ذاك، بحجة واهية مفادها أن دعم فريق على حساب آخر هو لمصلحة العراق كقضية، بحيث يجعلها أقرب لجهة الفهم من طرف المجتمع الدولي، ما يعني أن المساهمة في تأييد العراقيين تبدأ من الاعتراف بحقهم في تحديد مصيرهم، حتى لو كان ذلك بالاقتتال بينهم.

لنعد مرة أخرى إلى الواقع السياسي العربي في عمومه لنتأمل، بعيداً عن العواطف، الأخطاء السياسية التي ترتكب كل يوم في التعامل مع ملف الأزمة العراقية، ما دفع الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى القيام بجولة عربية مصغرة، ليشرح خلالها التغيير الذي طرأ في الوضع الأمني في اتجاه التحسن حيث أنجز ما يزيد على 75% من خطة فرض القانون، بعد زيادة قدرات قوات الأمن العراقية الى الحد الذي أصبحت فيه قادرة على استلام الملف الأمني من الاحتلال الأمريكي. ولم يقتصر التحسن على إطار الأمن، بل تحقق- وفقا الطالباني- على الصعيد الاقتصادي، مشيراً في ذلك الى التحسن الذي طرأ على أوضاع السوق بعد تحريرها من احتكار الدولة وعودة الحياة الى بعض المصانع، كما أن الموازنة العامة للحكومة وصلت هذا العام الى نحو 50 مليار دولار.

لقد حاول الطالباني في جولته العربية شرح مقتضيات الواقع العراقي الراهن، فالرجل لم يحاول نقل صورة وردية لبلاده الى الخارج، وإنما اجتهد في رسم صورة شاملة بالمشكلات والأزمات، وبالطبع لم يغفل الإنجازات.

فهو مثلاً حاول خلال الجولة توضيح موقفه من مسألة المصالحة التي اعتبرها ضرورية من أجل مستقبل العراق والعراقيين، إذ يعترف بأن هناك نقصاً خطيراً في المسيرة السلمية بالعراق، تتمثل في عدم تحقيق المصالحة العراقية بعدما فشلت حكومة الوحدة الوطنية بعد انسحاب عدة كتل سياسية منها. ومن ثم، فإن المطلوب الآن هو إعادة اللحمة والوحدة الى الحكومة بأن تصبح حكومة وطنية شاملة تتسم بالتوافق والإجماع الوطني، لا أن تكون حكومة أكثرية برلمانية. الطالباني لا يخفي تفاؤله بإمكان تحقيق هذه المصالحة بنهاية العام الحالي وفق مشروع يستند الى مبادئ أساسية للحكم المشترك في العراق وتفعيل دور المجلس السياسي للأمن الوطني، مع تشكيل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لجنة لتلبية طلبات المنظمات المنسحبة من الحكومة والتي من المتوقع أن تنجز عملها قريباً.

شأن عراقي آخر ولكنه يقلق العرب، حاول جلال الطالباني طمأنة العواصم التي زارها حيال هذا الشأن وهو مسألة الفيدرالية. فهذه القضية حسب الطالباني لا خوف منها على العراق، لأن هذا البلد غير قابل للتقسيم، لأن مكونات الطوائف الثلاث الرئيسية (الشيعة والسنة والأكراد) تحول دون الانفصال، لأن التركيبة الاجتماعية متداخلة في ما بينها، وان مصلحة كل منها تكمن في العراق الموحد، ومن ثم يستحيل الانفصال. ومن هنا يعتقد الطالباني أن الفيدرالية هي مجرد أسلوب حكم أخذت به نحو 76 دولة في العالم المعاصر لتصريف شؤون أبناء كل منطقة بما يضمن الاستقرار والأمن ويمنع صراعاتهم مع الآخرين.

ومن بين الملفات التي حملها الطالباني الى القاهرة والرياض والكويت هي ملف أساسي بالنسبة للعراقيين حيث يؤرقهم بشدة، وهو ضعف العلاقات العربية- العراقية. ولهذا السبب طلب من عمرو موسي الأمين العام للجامعة العربية دعم الجامعة في هذا الصدد، فالعراق يأمل علاقات طيبة على كافة الصعد مع العرب.

المهم الآن ألا يترك العرب العراق وحده حتى يظل العراقيون يشعرون بعروبتهم، وعلى الإعلام العربي أن ينقل الصورة الحقيقية عن علاقات الشيعة والسنة تحديداً لا سيما وأن مخاطر الحرب الأهلية لم تعد موجودة وأن المناخ الشعبي العام بات مهيأ للمصالحة.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
المجتمع الدولي ومسؤولية الفكر المتطرف

افتتاحية
اليوم السعودية
في الوقت الذي يشكو فيه العالم من حمى التطرف، ويبحث عن حلول عاجلة، لهذه الآفة التي تسري في غالبية العواصم سريان النار في الهشيم، يبدو أن البعض لا يدرك جيداً مسببات هذا التطرف، أو أنه «يعلم لكن يتجاهل».
لهذا، كانت المملكة من أوائل الأصوات التي دعت لدراسة المسببات، والاعتراف بها، كمقدمة منطقية لعلاج هذا التطرف، خادم الحرمين الشريفين سبق وأن نبه العالم لوجود بؤر ساخنة ساهمت في تغذية الفكر المتطرف، وأعطته وقوداً للاستمرار في غيه، ودعا بصراحة إلى حل الإشكالات العالقة بشكل عادل ـ وفي مقدمتها أزمة الشرق الأوسط ـ لإبطال حجج المتطرفين وسد ذرائعهم، وها هو ولي العهد يعلن في العاصمة الروسية موسكو بوضوح، أن فشل العالم في حل الصراعات أنتج الفكر المتطرف الذي ينمو في ظل مشاعر الإحباط والخيبة واليأس، ما يدفع كثيرين لانتهاج هذا النهج الانتحاري بشكل عام.
وعندما تأتي هذه التصريحات من بلد له مكانته عربياً وعالمياً، فإنها تأتي من أرضية دفعت ثمنا غالياً جراء هذا التطرف، وتعرضت في نفس الوقت لحملة تشويه متعمدة من قبل متطرفي الإعلام الغربي الذين انجروا وراء أوهام واتهامات بشعة لا مثيل لها.
للأسف، العالم ـ والغرب تحديداً ـ لم ينتبه لسياساته ونتائجها، ظناً منه أن تقدمه التكنولوجي وتفوقه العلمي يمكن أن يحميه من مثل هذه الأفكار، وللأسف، انساق إعلامه أيضاً في الترويج لاتهامات طالت العرب والمسلمين تحديداً، متناسياً أن هذا الغرب، كان أول بيئة خصبة لنمو الفكر الإرهابي داخل حدوده، بفعل سياسات محلية أو أيديولوجية معينة، ولم نعمم نحن اتهاماتنا لهذا الغرب بالتطرف أو نصمه به.
قد يقول البعض، إن الإرهاب صناعة غربية، وهذا صحيح، لكنه تحول لأن يكون فيروساً عالمياً يصيب الجميع، وساهمت سياسات غربية بعينها تجاه قضايا عربية وبالذات فلسطين والعراق، في تغذية الشعور بالاضطهاد والظلم، ومن ثم تفريخ هذه المعامل الإرهابية المتحركة.
ولي العهد قالها، والمليك سبق له إعلانها، أنه بدون حلول عادلة تقوم على الشرعية الدولية، فإن المناخ سيظل كئيباً، وستصبح الأفكار الإرهابية ملاذاً للمضطهدين وحصناً للمغرر بهم، يرون فيها خلاصهم، وهذه هي الأزمة التي يجب الانتباه لها وحلها بسرعة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
نحن وإيران الحرب والسلام

فوزية رشيد

اليوم السعودية
لأن منطقة الخليج كلها ستكون في أزمة، وليس إيران وحدها، في حال نشوب أية حرب كارثية الآن أو مستقبلاً، فهل بالإمكان اليوم عبور جسور الأحقاد المفتعلة والكراهية في جانبيها الطائفي والعِرقي، لبناء سياسة عاقلة تتصرف فيها الأطراف كلها، العربية والإيرانية، بما تمليه لغة المصلحة المشتركة، وليس مجرد البحث عن مصالح آنية أو زائفة، أو أوهام قوة إقليمية على حساب الآخرين، أو الوقوع في فخ التحالفات الخاطئة من الجانب العربي، على حساب المصالح الحقيقية لشعوب هذه المنطقة؟ وعلى خلفية التراكمات التاريخية السلبية،
وتحديداً تلك المرتبطة بحقبة نظام إيراني سابق بالمعنى التاريخي القديم والحديث، هل بالإمكان جلوس الأطراف الخليجية والعربية القيادية مع الطرف الإيراني، لمعرفة أبعاد السياسة الإيرانية الراهنة، وطرح أسس الثقة بدلا من أسس الشكوك، بما يتعلق بالنيات الإيرانية، التي تؤججها الأقلام الطائفية، إلى الحد الذي وصل فيه الوعي السياسي لدى البعض، إلى اعتبار إيران أكثر خطراً على العرب من إسرائيل وأمريكا؟ هل بالإمكان أن تدخل المنطقة حقبة جديدة، من حيث سد أبواب الفتن، والبناء على تلك الفتن لإيجاد عداوات إقليمية لا مبرر منطقيا لها، إلا الأوهام التي تعشش سواء في بعض العقول العربية، أو بعض العقول الإيرانية، ولن ينال منها أحد شيئا، سوى ما يناله العراقيون اليوم، بعد أن نجح الاحتلال في تقسيمهم وشرذمتهم داخل البلد الواحد، ولا يعلم إلا الله نهاية مثل هذه الفتن المضطربة هناك، التي يريد البعض استيرادها وتوريثها إلى كل دول المنطقة المجاورة؟ مهما قيل، ومهما سيقال، فإن لغة الحكمة وحدها، وليس لغة التشنج أو التجييش أو الاحتراب، هي التي من المفترض أن تسود العلاقات سواء بين الشعب الواحد، أو دول الخليج وإيران، لأن إصلاح العلاقات الخليجية، ومن ثم العربية مع إيران، كفيل بسد الكثير من الثغرات والمخاطر التي تنبئ بها أجواء المنطقة، في خضمّ الصراع العولمي والأمريكي الصهيوني عليها، مثلما هي كفيلة بإيجاد لغة المصالح المشتركة. وإذا كانت سياسة المهيمنين هي (فرق تسد) سواء داخل البلد الواحد، أو ما بين دول المنطقة، فإن لغة الحكمة والحوار والسلم والمصالح المشتركة ذاتها هي التي يجب أن تقف بالمرصاد لسياسة المتلاعبين بشعوبنا من أجل مصالحهم الاستعمارية البحتة. لإيران، التي تحاول أن تجد لها موقعاً قوياً في المنطقة والعالم، من خلال تأكيد حقها النووي السلمي، لإيران هذه، بالطبع أجندة خاصة سواء في الاقتصاد أو في السياسة أو في مناهضة من يريد سلبها تلك الحقوق، ومن المفترض أن يكون لدول الخليج قاطبة، وليس البحرين أو السعودية، أجندتها الخاصة، القائمة على مصالحها ومصالح شعوبها في كل المجالات، لكي يتم بناء لغة المصلحة (المشتركة) على تلك الأجندات العربية والإيرانية، سواء المتقاطعة والمشتركة أو تلك المفارقة والمختلفة، لينطلق حوار تاريخي وحضاري حقيقي بين الجهتين، وبما يضمن التزام كل طرف بمصالح الطرف الآخر، من دون أن يعني ذلك فقط الالتزام بالمصالح الجوهرية الخاصة بكل طرف.
ومن هنا بالإمكان فتح ملفات حوار مشتركة سواء عن الوجود الإيراني داخل العراق وأبعاده، أو عن الجزر الإماراتية الثلاث، أو عن وضع العرب داخل إيران، أو عن السياسة الدولية تجاه الأطماع الخارجية في دول المنطقة وثرواتها، أو الموقف من المقاومتين اللبنانية والفلسطينية أو الموقف من سوريا، أو مدى صحة التحالفات العربية أو خطئها، والبناء على تلك التحالفات لإيجاد لغة عداء بين العرب وإيران... إلى آخر كل ما هو عالق، يتطلب تعاوناً وتفاهماً عربياً - إيرانياً، وليس تناحراً بين الطرفين، وانما في ظل رؤية استراتيجية عربية وخليجية وإيرانية جديدة قائمة على فرز الأعداء الحقيقيين من الأعداء الوهميين، وفي ظل ايجاد مجالات رؤية متقاربة قدر الإمكان من كيفية مواجهة التحديات، التي تحيط بمنطقة الخليج أكثر من غيرها، وفي ظل التقارب المذهبي، ومن دون كل ذلك، ستبقى مسألة التقارب الخليجي - الإيراني أو العربي - الإيراني مسألة وقتية ومزاجية، أكثر من كونها مسألة دخول في حقبة جديدة قائمة على الشفافية المطلقة، من أجل ايجاد الاستقرار والسلام اللذين تحتاج إليهما اليوم كل شعوب هذه المنطقة أكثر من غيرها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
في العراق: بوادر أمل.. ونذر خطر
ديفيد اغناتيوس

واشنطن بوست


يوم عيد الشكر مناسبة للاحتفاء بالأنباء الواردة من العراق حول تراجع العنف وتحسن الوضع الامني. إلا ان الوقت قد حان ايضا كي نتحدث بأمانة حول دلالات هذه الأنباء.

المؤشرات على تحسن الوضع الأمني في العراق باتت تظهر اكثر وضوحا كل اسبوع. وتشير آخر الأرقام الى تراجع الهجمات بنسبة 55 بالمائة منذ تطبيق استراتيجية زيادة القوات الاميركية في العراق، بالإضافة الى تراجع الخسائر وسط المدنيين العراقيين بنسبة 60 بالمائة. يدل ذلك في مجمله على بداية عودة الحياة الطبيعية، فقد بدأ الناس يرتادون المطاعم ويقيمون حفلات الزفاف.

هذا الوضع يدخل الفرح في نفس أي شخص إلا من كانت قلوبهم من حجر. وعندما يتأمل الشخص المعاناة التي ظل يتحملها العراقيون، فإن اي قدر من التحسن مهما كان محدودا يستحق الاحتفاء فعلا. فالعراقيون ظلوا يعانون على مدى عقود من وحشية صدام حسين ثم سنوات العقوبات الاقتصادية ثم الغزو الاميركي والتمرد والنزاع الطائفي.

ولكن، ماذا تعني هذه التغييرات الايجابية؟ هذه هي القضية التي تحتم علينا التعامل بحذر. فما حدث ليس انتصارا اميركيا في مواجهة عدو واضح ومحدد، ذلك ان الحرب ليست من هذا النوع. كما ان العراقيين الآن لا يستقبلون محرريهم الاميركيين بالورود مثلما لم يحدث في ابريل عام 2003. هناك مجموعة من العوامل المعقدة الآن تستحق ان ننظر الى اثنين منها بعناية.

اولا، من الواضح ان تنظيم القاعدة في العراق يتعرض لخسارة، حتى اذا لم تحقق أميركا انتصارا بالفعل. في هذا السياق قال مسؤول بارز في الخارجية الاميركية كان في زيارة الى بغداد هذا الاسبوع ان تنظيم القاعدة في العراق في حالة فوضى وتراجع. كما ان تكتيكات التهديد التي يتبعها أفرزت نتائج عكسية سيئة وتسبب في ثورة وسط قادة العشائر السنية. هذه «الصحوة» بدأت تنتشر في المناطق السنية معتمدة على البعثيين السابقين وشيوخ العشائر.

ثانيا، المكاسب الأمنية التي تحققت في الآونة الاخيرة تعكس حقيقة ان ايران تراجعت في الوقت الراهن. فجيش المهدي، الذي تدعمه ايران، حد كثيرا من عملياته. كما ان قصف المنطقة الخضراء بواسطة الميليشيات المدعومة ايرانيا في مدينة الصدر توقف. يضاف الى ذلك ان عمليات إرسال العبوات الناسفة التي تزرع على جنبات الطرق من ايران قد تراجعت او توقفت، ولإضفاء صفة رسمية، اعلنت ايران يوم الثلاثاء انها ستستأنف مباحثاتها الأمنية في بغداد مع السفير الاميركي ريان كروكر.

اشك في ان تكون السياسة الايرانية الجديدة تحولا في التكتيك. فطهران لا تزال ترغب في ممارسة النفوذ على مستقبل العراق، لكنها توصلت الى ان افضل السبل الى ذلك يتمثل في العمل مع القوات الاميركية ـ وتسريع خروج قواتها من العراق ـ بدلا عن مواصلة سياسة المواجهة. ويمكن القول هنا ان أي تفاهم اميركي ـ ايراني بشأن استتباب الأمن في العراق سيكون تطورا مهما، ولكن يجب ان ننظر الى جوهر الأمر. بمعنى آخر، ايران ستحتوي القوى التي تعمل لصالحها بالوكالة في العراق لأن ذلك في مصلحتها.

ويبقى القول ان أخطاء القاعدة وتراجع ايران التكتيكي لا يقلل من اهمية الانجازات التي حققها الجنرال ديفيد بترايوس والقوات الاميركية. إلا ان المهمة الصعبة المتمثلة في إقامة دولة عراقية مستقرة لا تزال أمامنا. ادارة بوش في حاجة الى اغتنام هذه السانحة لتسريع عملية وضع الامور تحت سيطرة العراقيين. اذا كان مستوى القوات الاميركية في العراق قائم على اساس اوضاع محددة وهذه الأوضاع بدأت في التحسن، فيجب ان يعود المزيد من أفراد القوات الاميركية الى البلاد في عيد الشكر المقبل.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
شخصيات سياسية كويتية تحركها السفارة الإيرانية !
مشعل النامي
السياسة الكويت
نعم هناك شخصيات سياسية تحمل الجنسية الكويتية وتتحرك بموجب تعليمات من السفارة الإيرانية , وأنا شخصيا أعرف بعض هذه الأسماء وأعرف ماذا فعلت وماذا قالت ولا حاجة للتوضيح أكثر من ذلك .
عندما حدثت أزمة التفجيرات الإرهابية في الثمانينات , والتي طال أحدها موكب سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد , أظهر أحد التقارير الأمنية تورط شخصيات سياسية بارزة تحمل الجنسية الكويتية , فآثرت القيادة آنذاك السكوت لعدم إثارة الفتن على حد قولها , وهذا الكلام فعلا صحيح في ذلك الوقت .
وأما في الوقت الراهن, فإن إيران قد وجهت الكثير من التهديدات الصريحة للكويت ولدول الخليج بأنها ستدخلهم طرفا في الحرب , وكذلك تشير التقارير الإخبارية أن حرب أميركا مع إيران باتت وشيكة, وقد صرح بعض المسؤولين في أميركا أن الحرب ستكون في النصف الأول من العام 2008 , ما يعني أن هناك خطرا كبيرا من أي تحركات إيرانية داخل الكويت في ظل هذه الظروف وفي ظل التهديدات الإيرانية للكويت , وإذا كان بديل الفتنه هو إحتلال البلد أو زوالها, لا سمح الله, فإن الفتنة أهون من ذلك ولا يمكن أن ينزع الشوك إلا بالألم ولو ترك الشوك لأحدث ألما أكبر.
ومن سمع أو قرأ ما جاء في الصحف أن جمارك ميناء الدوحة أحبطت عملية تهريب 300 بدلة عسكرية كويتية إلى إيران , فإنه لن يتبادر إلى ذهن من سمع بهذه الحادثة إلا أن يفكر بأن هذه الملابس ستستخدم في الحرب ضد الكويت بطريقة أو بأخرى .
إن للخيانة الداخلية عواقب لا تحمد عقباها , ومن منا لا يتذكر خيانة ابن العلقمي الذي خان الدولة الإسلامية وساعد هولاكو في غزو بغداد وقتل مليون وثلاثمئة ألف من المسلمين و كذلك خليفتهم وقادتهم, وتدمير حضارتهم , وقد عبر التتار نهر دجلة بعد أن جعلوا مئات الآلاف من كتب المسلمين جسرا ليعبروا عليها بخيولهم , ما جعل نهر دجلة ينقلب لونه أسود لثلاثة أيام بسبب الحبر, ما جعل هذه الفاجعة من أهم أسباب إنهيار الحضارة الإسلامية وانتقالها إلى الغرب إلى يومنا هذا , وكل ذلك بسبب خيانة رجل واحد فما بالكم بمجموعة لا يعرف عددها إلا الله ?
وما بالكم بمن يحمل الجنسية الكويتية, و يهدد الكويت بأن إيران ستهاجمها إن ساعدت أميركا في حربها مع أيران , فهل نتوقع منه أن يحمل السلاح ضد إيران إن قامت بيننا وبينها الحرب ? أترك الإجابة على هذا السؤال للجهات الأمنية , فإن مجرد التصريح بهذا الأمر في الصحف أمر خطير و فتنة , فإن هذه الجرأة ستشجع الغير على أن يحولوا ولاءهم وحبهم للبلدان الأخرى إلى مواقف يمكن أن تكون قنبلة موقوتة ضد هذا البلد الذي نسأل الله أن يجعله آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين , وأن يوفق ولاة أمره إلى ما يحبه ويرضاه .


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
جوّا يا إستعمار
حازم صاغيّة
الحياة
في أواسط السبعينات أخرجت السينمائيّة اللبنانيّة هيني سرور فيلماً عن «ثورة ظفار» في سلطنة عُمان، أسمته «برّا يا استعمار». يومها كانت كلمة «الاستعمار» مرذولة وكلمة «الاستقلال» أقرب الى القداسة الممهورة، طبعاً، بـ «دماء الشهداء» ممن جُعلوا مليوناً شهيراً في الجزائر.

لكن كثيرين من اللبنانيّين لو أتيح لهم اليوم أن يصنعوا فيلماً سينمائيّاً لجعلوا عنوانه «جوّا يا استعمار». يكفي القول إن عيد الاستقلال تزامن مع انفجار أزمة وجوديّة تضع استمرار البلد نفسه على المحكّ. وهذا بعد عام واحد على عيد استقلال سابق شهد اغتيال أحد نوّاب البرلمان اللبنانيّ بيار أمين الجميّل، وبعد أعوام على عيد استقلال اغتيل فيه رئيس جمهوريّة منتخب هو رينيه معوّض. والحال أن هذا التزامُن الرمزيّ وهذه العناوين البارزة لأحداث مفصليّة لا تستنفد مآسي العيش في استقلال لم يُجد الشعب تدبّره والتعامل مع مشكلاته، حتى بات الاستقلال كأنّه عبء على الشعب أو كأنّه فخّ منصوب له.

فمنذ أواسط السبعينات، أو بالأحرى منذ أواخر الستينات، غدا الاستقلال أشبه بإطار تجري في داخله الحروب الأهليّة والإقليميّة. وهو ما يعني، حتّى لو لم نحتسب حرب 1958 المصغّرة، أن زمن الاستقرار في دولة ومجتمع أقصر، في الحقبة الاستقلاليّة، من زمن التنازع والاقتتال. أما المرحلة الانتدابيّة ما بين 1920 و1943 فلم تسل خلالها نقطة دم! وتجنّب العنف، لا غيره من الأغراض، هو ما ينبغي أن يكون غرض السياسة الأوّل.

وإذا ما وضعنا جانباً المسلّمات الأوروبيّة التي نسخناها وردّدناها ببغويّاً، من دون أن نملك مقوّماتها، كـ «الاستقلال» و «التحرر» و «الشعب»، صحّ القول إن اللبنانيّين أثبتوا، ويثبتون، أنهم لم يكونوا مؤهّلين، عام 1943، لنيل الاستقلال، وأنهم، اليوم، أقلّ تأهيلاً مما كانوا عهد ذاك. وما ينطبق عليهم ينطبق، بدرجات متفاوتة، على معظم البلدان التي تجاورهم. فأن تصبح الجماعات شعوباً فهذه مسألة ليست آليّة ولا حتميّة بقدر ما هي مسؤوليّةٌ وإرادةٌ وجدارة. ولا تكفي عضويّة الأمم المتّحدة ووجود علم ونشيد كي تصبح الجماعات شعباً ووطناً. ذاك أن تحوّلاً كهذا ليس مسألة كرامة وعصبيّة بقدر ما هو عمليّة إما أن يتعلّمها المعنيّون بالأمر ويندرجوا فيها وإما أن لا يفعلوا. فحين لا يقدم شعب افتراضيّ على تحويل نفسه شعباً فعليّاً، لا يكون تعييره بذلك عنصريّة تجاهه أو كرهاً له، كما قد يقول بخفّة دعاة «الصواب السياسيّ» والمساواتيّة التي لا تسندها حقيقة ولا تنهض على تاريخ.

أبعد من هذا أننا لا نعرف كيف تنفكّ الشعوب وكيف تفرط عقدها حين تنوي الكفّ عن كونها شعوباً. فها هي بلجيكا عرضة للانقسام، وفي بريطانيا مشكلة اسكتلنديّة بينما تنطوي كندا على مشكلة كيبيك. بيد أن تشيكوسلوفاكيا السابقة أسّست النموذج للطلاق المتمدّن الذي قد تندفع إليه البلدان المذكورة. فهي تفرعّت بلدين اثنين من دون ضربة كفّ.

أما لبنان ففي أفقه يكمن شبح العراق نموذجاً يخشاه الجميع من دون أن يطرح أيّ كان مسائل الشعب والوحدة والاستقلال على المساءلة. هكذا لا نجد حيال الفراغ الدستوريّ إلا التعلّق بالجيش ضامناً للأمن والتعلّق بـ «المعجزة» أداة للخلاص. عبر الأوّل نعلن عن مخاوفنا، وندلّ الى مدى استيلائها علينا، وعبر الثانية نرسم حجم افتقارنا الى جوامع فعليّة وواقعيّة. ومع هذا نمضي في شتم «الاستعمار» الذي نستحضره لعناً لأننا لم نصنع شيئاً ولم نخرج بتعريف لأنفسنا ما خلا مناهضتنا الاستعمار. فحين نكون مضادّين للاستعمار فحسب، يغدو وجود الاستعمار شرطاً لوجودنا نفسه. لكنّه لشديد أسفنا لن يعود.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
التوازن العسكري وأمن الخليج
د. خالد نايف الهباس
عكاظ السعودية
يمكن القول إن منطقة الخليج هي أكثر مناطق العالم عدم استقرار خلال الثلاثة عقود الماضية, حيث شهدت عدة حروب هي الأشد ضراوةً ودماراً منذ الحرب العالمية الثانية. ويمكن القول أيضاً إن الإرهاصات لعدم الاستقرار الإقليمي تعود لعوامل تاريخية ومعطيات معاصرة. ففي السابق كان أمن الخليج مسئولية الدولة المستعمرة.
وكانت بريطانيا هي القوة الأولى في المنطقة وتعهدت من خلال قوتها الجوية فرض وضع أمني مستقر. لكن بعد انسحاب بريطانيا النهائي من المنطقة عام 1971 حدث ما عرف بـ «فراغ القوة» الذي أدخل المنطقة في سباق تسلح محموم, خاصةً بين الدول المركزية في النظام الإقليمي الخليجي.
يضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة, لم تكن مستعدة للعب الدور البريطاني, فحرب فيتنام ولدت عزوفاً أمريكياً عن التدخل العسكري في مناطق مختلفة من العالم. فرأت أمريكا أن المسئولية لحفظ الاستقرار تقع على عاتق الدول المركزية في المنطقة, إلا أن الاعتماد على الدول الإقليمية لتحقيق السلام والاستقرار أثبت عدم جدواه.
ففي عام 1979 حدثت الثورة الايرانية وكان أيضاً الغزو السوفيتي لافغانستان ما حدا بالإدارة الأمريكية إلى تغيير استراتيجيتها وتم الإعلان عن مبدأ كارتر القائم على أهمية الخليج وأن أي اعتداء عليه يعتبر اعتداء على المصالح الحيوية الأمريكية ويجب التصدي له, حتى إن تطلب ذلك استخدام القوة العسكرية.
من هنا تم إنشاء قوات التدخل السريع عام 1980, التي تحولت في عهد رونالد ريجن إلى القيادة الوسطى الأمريكية عام 1983.
خلال هذه الفترة كانت هناك الحرب الايرانية العراقية وكان الأمن الخليجي يقوم على دعم التوازن العسكري من خلال مساندة أمريكا للعراق, الذي تزايدت قوته العسكرية بعد الخروج من الحرب حيث قام ببناء ترسانة عسكرية ضخمة, لكن لم تكن تسندها قوة اقتصادية كافية, فالعراق خرج من الحرب بديون قاربت الثمانين مليار دولار. فكان غزوه الكويت ومن ثم تبني أمريكا لسياسة « الاحتواء المزدوج» الموجهة إلى كل من ايران والعراق.
هذه الاستراتيجية سقطت هي الأخرى بعد غزو أمريكا للعراق عام 2003. حيث تسبب ذلك في خروج العراق من حسابات القوة في المنطقة لفترة مستقبلية طويلة مما أحدث خللاً واضحاً في ميزان القوى الإقليمي.
وهذا أدخل المنطقة في مرحلة جديدة من التوترات وفتح الباب على مصراعيه لحسابات وسيناريوهات استراتيجية مختلفة.
إذاً, يمكن القول إنه دائماً ما كان التوازن العسكري في المنطقة مسئولية الدول الكبرى, وغالباً ما كانت هذه الدول الضامن للاستقرار وأيضا المقيَض له. لكن الاختلاف هنا يكمن في دخول العامل النووي في معادلة الأمن الخليجي.
السعي من قبل بعض الدول الإقليمية إلى تطوير قدراتها العسكرية تجاوز هذه المرة الجانب التقليدي للقوة العسكرية. وهذا يتعارض مع الالتزامات التي تفرضها اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي وقعتها دول المنطقة. وكان موقف مجلس التعاون الخليجي واضحاً في هذا الشأن من خلال التأكيد على ضرورة تجنيب المنطقة أي حروب جديدة عطفاً على تزايد حدة الخلاف بين أمريكا وايران, لكنها في نفس الوقت شددت على أهمية التقيد باتفاقيات حظر انتشار الأسلحة النووية وأن تكون الطاقة النووية للاستخدام السلمي.
وقد ذكر معالي أمين عام مجلس التعاون الخليجي في منتدى الأمن الذي عقد في البحرين الأسبوع المنصرم على أن العامل النووي يجب ألا يدخل في عملية التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
وتبذل الدول الخليجية جهوداً حثيثة في هذا الشأن لنزع فتيل التوتر بين أمريكا وايران في سبيل دعم الاستقرار الإقليمي, كما في المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية السعودي حول كونسورتيوم لتخصيب اليورانيوم يمكن من خلاله سد احتياجات دول المنطقة منه.
knhabbas@hotmail.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الفيدرالية العراقية
حسين العودات
البيان الامارات
لعل تطبيق نظام الحكم الفيدرالي هو حاجة للبلدان التي تطبقه وليس اختياراً كيفياً أو مزاجياً ذلك لأن هذا التطبيق هو استجابة لظروف موضوعية، لأن الفيدرالية أسلوب حكم أكثر عدالة من غيره في كثير من البلدان خاصة تلك التي تقوم فيها تباينات داخل مكوناتها الثقافية أو القومية (كما هو حال العراق) وهي ـ أي الفيدرالية ـ أقدر على توزيع عادل للثروة وتحقيق مساهمة نشطة لجميع القوى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. أشير في البدء إلى أنه من الخطأ إعطاء النظام الفيدرالي في بعض المجتمعات صفة أخلاقية (خيراً أو شراً) فهو نتاج تطور الدولة الحديثة في بعض المجتمعات، واستجابة لحاجات سكان الدولة ضمن حدودها التي تشكلت تاريخياً ووسيلة لتنظيم أحوال البلاد ونظام الحكم بما يحقق المساواة بين أفراد المجتمع وفئاته وتكافؤ الفرص والعدالة والسلم الاجتماعي، ويخفف التفاوت الاقتصادي والاجتماعي القائم بين السكان، ويعطي لتجمعاتهم (ومكوناتهم) إمكانية استيعاب ظروفهم وشروط تطورهم، فهي (أي الفيدرالية) والحالة هذه محددات لنظام حكم وأساليب ووسائل تجعل من نظام الحكم في بلد بعينه الوسيلة الأفضل لتحقيق مصالح الناس وتوافقاتهم وتطور حياتهم إلى الأفضل والمساواة بين الأفراد والعدالة بين مكونات المجتمع مهما كان تعددها وتنوعها. هذا هو الإطار العام للنظام الفيدرالي وهذه هي أهدافه، ولعله في ظروف بعينها النظام الأفضل للمكونات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لدولة من الدول. لكن هذا الإطار العام لا يصلح لأن يكون نموذجاً لكل الدول ومثالاً يحتذى، ويتعذر أن تكون إيجابياته وسلبياته واحدة في كل مكان، فقد يصلح لهذا البلد ولا يصلح لذاك، ويتعلق الأمر بالشروط الموضوعية القائمة في البلد المعني، وإلا أصبح وسيلة لدمار البلد والمجتمع والدولة وتفكيكها ووضعها في خضم صعوبات ومشاكل كانت بغنى عنها، لأنه ليس دائماً النظام الصالح لمعالجتها وتفادي نتائجها السلبية، كما هو حال العراق اليوم. كان العراق دولة ذات نظام حكم مركزي بل شديد المركزية وهذه واحدة من سلبياته لأنه يضم عدداً من المكونات القومية والثقافية التي لابد للمركزية من أن تهضم حقوق بعضها ويصعب تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص وتقاسم الثروة بالعدل فيما بينها مع وجود هذه المركزية، ومن المرجح أن نظام حكم لا مركزياً في العراق هو من حيث المبدأ واحد من الخيارات الأفضل التي تحقق مصالح جميع فئات المجتمع أو معظم مصالحها، ولكن الفيدرالية التي تعمل بعض الفئات العراقية لتحقيقها تختلف عن أصول هذا الخيار وحقيقته الجوهرية وتؤدي إلى تفكك العراق، وهذه هي المخاطر التي رآها الرافضون للنظام الفيدرالي واعتبروها تقسيماً للعراق وليس توحيداً له كما يزعم أنصار الفيدرالية. فعلى نطاق الواقع العراقي المحسوس من المتوقع أن يؤدي النظام الفيدرالي حسبما تطرحه بعض الفئات العراقية إلى إلغاء الدولة العراقية بما هي دولة وتحويلها إلى تجمع دويلات قد تتشاور في هذا الأمر أو ذاك دون أن يوجد من يلزمها على القبول أو الرفض، ويهيئ المناخ لهذه الدويلات كي تتحول إلى دويلات مستقلة أو شبه مستقلة تتلاشى مع قيامها الدولة العراقية الواحدة الموحدة سواء كانت فيدرالية أم مركزية أم بأية صفة. في الواقع الملموس حالياً يتصرف إقليم كردستان العراق كدولة شبه مستقلة، فله علمه ونشيده ويرفض رفع علم الدولة المركزية أو عزف نشيدها كما يطبق مناهج تعليم خاصة لا يقع ضمنها تعليم اللغة العربية وهي اللغة الرسمية للدولة، وله تمثيل دبلوماسي (تحت مسمى ممثل الإقليم) في معظم بلدان العالم، كما له جيشه وأجهزة أمنه وموازنته فضلاً عن مؤسساته التشريعية والتنفيذية المستقلة التي لا سلطة للدولة المركزية عليها، وتوقع حكومته اتفاقات اقتصادية وأخرى لاستثمار النفط مع شركات ودول أجنبية دون معرفة الدولة المركزية أو موافقتها، وباختصار للإقليم استراتيجيته وسياساته بما فيها إعلان الحرب والسلم والتعامل مع الدول الأخرى بمعزل عن الدولة المركزية، فأية فيدرالية هذه التي يتحدثون عنها، وهل من حق أية ولاية أميركية أو ألمانية أو روسية (وهي دول فيدرالية) مثلاً أن تقيم علاقات اقتصادية أو سياسية أو دبلوماسية مع الدول الأخرى؟ وفي الواقع الملموس أيضاً تعمل بعض الفئات العراقية في جنوب العراق لإقامة فيدرالية مماثلة على أمل أن تعطى لإقليمها الصلاحيات التي حصل عليها الشمال، وبالتالي تنشئ علمها ونشيدها ودبلوماسييها واتفاقياتها الاقتصادية مع الخارج وتحالفاتها السياسية وخاصة مع إيران وربما جيشها وذلك كله بمعزل عن الدولة المركزية وإذا طبقت الفيدرالية بهذا الشكل في العراق لابد أن يكون للوسط الصلاحيات التي انتزعها الشمال والجنوب، ويكون في العراق عندها مشروع دويلات ثلاث على طريق التشكل بل على طريق استكمال التشكل، لا يحتاج انفصال بعضها عن البعض الآخر سوى بلاغ إذاعي من أي إقليم أو زعيم، خاصة مع عدم وجود جيش مركزي قوي قادر على مواجهة جيوش الفيدراليات أو ميليشياتها، ومن يستطيع عندها أن يمنع إقليم كردستان العراق من إعلان دولة كردية منفرداً أو إقليم الجنوب من إعلان دولته والوسط والغرب من إعلان دولته بدوره، ويكون العراق عندها أثراً بعد عين ولن يبقى له سوى بغداد (إن بغداد تكفيني ولا يستكثرونها عليّ) من الأمور الخطرة أنه يتم الآن الحديث عن توزيع الثروة النفطية على الأقاليم، حسب حصص متفق عليها وثابتة، وإعطاء الحق لكل إقليم إقرار الضرائب وجبايتها، وبالتالي إبقاء الدولة المركزية عالة على الفيدراليات (تستعطي) رواتب موظفيها، والقيام ببعض الواجبات، وتحرم من صلاحيات الدولة الاتحادية فهي والحالة هذه مرجعية كاذبة لتبرير الانفصال الفعلي. إذا كان لكل إقليم جيشه وعلمه ونشيده وموازنته وجيشه وحقوقه في عقد الاتفاقات مع الدول الأخرى وتمثيله الدبلوماسي المستقل، ومؤسساته التشريعية والتنفيذية المنفصلة، فماذا يبقى للدولة المركزية، وهل ستكون فعلاً دولة فيدرالية أو حتى دولة كونفدرالية، أم أنها ستكون صورة مشوهة عن الدولة؟ وفي الحالات كلها ينبغي أخذ أمرين بعين الاعتبار في مجال الفيدرالية:

الأول: أن للفيدرالية مهمات إيجابية في بناء بعض الدول منها استيعاب التنوع والاختلاف وتحقيق العدل والمساواة بين الأفراد والأقاليم لا توزيع خيرات وإمكانيات الدولة المركزية على شكل محاصصة. والثاني: أنها لا تصلح في كل زمان ومكان بل تستجيب لشروط بعينها ينبغي عدم تجاهلها. وبهذا المعنى فهي ليست شراً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
...أميركا: الخلط بين الإرهاب والدفاع المشروع

عيد بن مسعود الجهني
الحياة
تعتبر الفوضى إحدى العلامات التي تشوب الحياة والعلاقات الدولية المعاصرة، وهي لا تتمثل في الحروب التي تُشَنُّ رغم انف الشرعية الدولية فحسب، إنما تتمثل أيضاً في إرهاب الجماعات المتطرفة والدول المتغطرسة التي أغرتها قوتها والتي تعمل على إدارة الصراعات المسلحة مخلفة الرعب والدمار والأمراض والمجاعات والأزمات الاقتصادية.

والإرهاب ليس وجهاً جديداً، ولا ضيفاً حل قريباً، فقد عرف في كل العصور وهو منطقة مظلمة من مناطق السلوك البشري ومن أعقدها وهو قديم قدم التاريخ، فقد ظهر أول اعتداء على النفس في بدايات ظهور الحياة البشرية على الأرض حيث قتل هابيل أخاه قابيل قال تعالى: (فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله).

وكما أن الإرهاب قديم قدم التاريخ، فإن محاولة التصدي له قديمة قدم التاريخ أيضاً، فاتفاق «قادش» الذي صيغ عام 1281 قبل الميلاد يعتبر أقدم اتفاق في التاريخ، حيث عقد حلف بين تحتمس ومانوسيل لمواجهة الجرائم التي كانت ترتكب في ذلك الزمان الغابر ضد الآلهة أو المعابد.

وإذا كان الإرهاب الدولي يعد انتهاكاً لحقوق الشعوب والأفراد، فإنه أيضاً يصطدم مع العديد من المبادئ المتعارف عليها في القانون الدولي ومفهوم العلاقات الدولية، وفي مقدمها وجوب عدم استخدام القوة والتهديد بها ضد أية دولة، وعدم التدخل في شؤون دولة أخرى، والامتناع عن دعم الحروب الأهلية وتمويلها وتشجيعها وعن القيام بأي عمل يعد إرهابياً من دولة على ارض دولة أخرى وانتهاك حقوق الشعوب والأفراد، والسياسات غير العادلة، وكل هذه الممنوعات تؤدي إلى الفقر والبطالة وحياة البؤس والأمراض وغيرها.

إن الواقع يؤكد ان الدول الكبرى تطبق معايير مزدوجة في ما يخص التفريق بين الإرهاب وكفاح الشعوب من اجل تقرير مصيرها. فأميركا وبريطانيا مثلاً تعتبران أن الإرهابيين «قتلة» في بعض الأحيان، و «أبطال مغاوير» في أحيان أخرى، وليس هناك مثال حي أوفى ولا أصدق لازدواج المعايير من إضفاء الشرعية على أعمال إسرائيل وأفعالها ضد الفلسطينيين، وما ارتكبته ضدهم من جرائم بشعة في مخيمات صبرا وشاتيلا وجنين وكل ارض فلسطين ومجازر قانا وغيرها في لبنان وما ترتكبه اليوم من قتل وهدم وقهر تحت سمع العالم وبصره، بل وتأييده، وهو أقبح مثال لازدواج المعايير في محاربة الإرهاب الدولي.

إنه عمى الغرض الذي جعل أميركا وحلفاءها يخلطون الأوراق بهذه الصورة السمجة، ويقلبون الموازين بهذه الطريقة الظالمة فيعتبرون المقاومة الفلسطينية الباسلة وكفاح الشعب الفلسطيني الصامد إرهاباً، بينما يعتبرون ما تقوم به إسرائيل من قتل وهدم وتشريد واحتلال الأرض جوراً وظلماً دفاعاً عن النفس وحقاً مشروعاً من اجل البقاء.

ونحن نقول لهم ان أعجزتكم أغراضكم وأمراضكم عن إنصاف شعب احتلت أرضه وقتل أبناؤه وشردوا، فلا اقل من ان تسكتوا ولا تزيدوه ظلماً على ظلمه وقهراً على قهره بتصنيف جهاده إرهاباً وتصنيف إرهاب عدوه بطولة وحقاً مكتسباً بمعاييركم المزدوجة وأحكامكم المغرضة الظالمة.

ان الدول إذا أرادت الوقوف في وجه الإرهاب لا بد لها من وضوح الرؤية والاقتراب من الجماهير والصدق في التخاطب معها، ولا بد من حل مشكلاتها بالأسلوب الذي يحدده النظام الشرعي والقانوني، لتوفير الأمن والاستقرار للأفراد والجماعات، وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى محاصرة الإرهاب الذي يعد خروجاً على مبادئ الشرع وقواعد القانون.

وإذا كان الرئيس الأميركي قد قَبِلَ استقالة فرانسيس تاونسيند كبيرة مستشاريه المسؤولة عن مكافحة الإرهاب لتنضم إلى قافلة من تخلوا عن رئيسهم بوش ومنهم العقل المدبر لحرب العراق وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، وكارل روف كبير المستشارين السياسيين وغيرهم، فإن السيد بوش الذي سيغادر البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير) 2009 لن يتمكن هو وزملاؤه من القضاء على الإرهاب والإرهابيين، كما وصفهم. لماذا؟

لأن الهدف لم يكن في الأساس القضاء على الإرهاب، إنما كان وما زال ضمان أمن إسرائيل وضرب كل قوة يمكن ان تهدد ذلك الأمن، مع تأكيد استمرارية السيطرة الأميركية دعماً لسياسة القطب الواحد باسم محاربة الإرهاب وتحت غطاء من الشرعية الدولية.

وإذا كان السيد بوش قد أعلن للعالم فور وقوع حوادث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 انه لا حياد وان الدول صنفان «معنا أو ضدنا» وانه قام باسم محاربة الإرهاب بغزو أفغانستان والعراق واحتلهما بقوة السلاح، فإنه اليوم وبعد مرور أكثر من 6 سنوات لم يقدم لشعبه والعالم سوى الدمار والهلاك بينما بن لادن الذي صرح بوش قائلاً انه سيقبض عليه حياً أو ميتاً لا يزال حياً يرزق، وذهبت وعود بوش أدراج الرياح.

ولكن الحصيلة كانت أن أعاد رجل الحروب والدمار (بوش الابن) أفغانستان والعراق من اجل النفط وأمن إسرائيل إلى عصور ما قبل التاريخ وأهدى لمواطنيه أكثر من 4 آلاف قتيل وأكثر من 20 الف جريح ومعوق من شباب أميركا، وفي العراق وحده أزهق جيشه الجرار أرواح أكثر من مليون عراقي وأضعافهم من الجرحى إضافة إلى حوالي 6 ملايين مهاجر تم تهجيرهم داخل بلادهم وخارجها، وزاد سيد البيت الأبيض ورجاله من «الشياطين الجدد» الطين بلة، حيث قدموا العراق لإيران من دون ان يطلق ذلك البلد رصاصة واحدة فيما وقف العراق في وجه إيران 8 سنوات في حرب ضروس لم يستطع جيشها اقتطاع شبر واحد من أراضيه.

إن نضال بوش، قصد او لم يقصد، كان من اجل إيران. فقد جاء بجيوشه الظالمة من وراء البحار تحت شعار نشر الديموقراطية والحرية وتدمير أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب والإطاحة بالرئيس العراقي الراحل، لكنه لم يجد أسلحة دمار شامل ولا إرهاباً ولا من يحزنون، وغرق في مستنقع اسمه العراق، ومهّد الطريق لإيران بالأسلحة الأميركية المدمرة وحقق لها حلمها، ناهيك عن تغلغل إسرائيل في العراق بخاصة في شماله، ونقل بوش المنطقة والعالم من حال الأمن والاستقرار إلى حال من الفوضى والانزلاق نحو الهاوية وتسبب في رفع سعر النفط من 25 دولاراً إلى 100 دولار، وتكسرت على صخرة صلدة مقولته الناقصة انه سيجعل العالم أكثر أمناً! والمضحك المبكي ان السيد بوش لا يزال - على رغم تخلي معظم معاونيه ومؤيديه عنه - يحشد التأييد لمعركة إدارته ضد ما يسميه بالإرهاب. لقد وصلت شعبية بوش إلى الحضيض نتيجة حروبه على أفغانستان والعراق التي كلفت مئات الآلاف من الأرواح البريئة ومئات البلايين من الدولارات إذ دفعت الخزانة الأميركية من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين أكثر من 600 بليون دولار والحبل على الجرار، وكان حصاد كل تلك الأرواح والبلايين لا شيء غير عالم اقل أمناً واقتصاد أميركي يتهاوى.

إن بعض الدول تستخدم حقها الشرعي في الكفاح، من اجل التحرر من الاستعمار والتخلص من الاحتلال، ولكن بعض الدول الكبرى، وبخاصة أميركا وبريطانيا، وبسبب عنادها ومكابرتها أو «لغرض في نفس يعقوب» تعتبر ذلك إرهاباً، وهذا ينفي مقولة وجود تعريف واحد مقبول لظاهرة الإرهاب، والمؤكد ان هذا المصطلح او التعبير (الإرهاب) أفلت حتى كتابة هذه السطور من محاولات تقنينه وتعريفه على رغم الاتفاق على خطورته وتهديده للإنسانية.

وإذا كانت مكافحة الإرهاب قد أصبحت إحدى الضرورات المهمة اليوم شأنها شأن تقرير المصير وحق الشعوب في الاستقلال والحرية، وإذا كانت مطاردة الإرهابيين تتم من اجل توفير الأمن والأمان والاستقرار للمجتمعين الداخلي والدولي، لأن الإرهابيين يشكلون خطراً على البشرية بأسرها، فإن استعمار الشعوب واحتلال أراضيها بالقوة هو إرهاب أيضاً، وان كان إرهاب دولة وليس إرهاب أفراد، وهو أولى بأن يتم الاتفاق على مقاومته من قبل الأسرة الدولية، لأن الدول تملك من وسائل البطش ما لا يملكه الأفراد مهما كانت قوتهم، كما انه يمثل فساداً في العلاقات الدولية وخرقاً لقواعد القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإخلالاً بالسلام والاستقرار العالميين.

وخلاصة القول انه لتحقيق العدل يجب التخلص من الازدواجية والمعايير المزدوجة وعدم الكيل بمكيالين. فخلط الأوراق ووصف القتلة والمحتلين بالمجاهدين، ووصف المدافعين عن أرضهم وعرضهم بالإرهابيين، هي التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة العنف، فلا أحد يقابل الصفعات بالقبلات، والقنابل بالورود والرياحين، والتاريخ لم يحدثنا عن ظلم تمخض فولد أمناً... فأي مولود ينتظره هؤلاء مما يفعلون؟

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
الكويت حجر الأساس في سياسة الولايات المتحدة الخليجية (6)
العمالة الوافدة ضعف عدد المواطنين ولكنها تخضع للقانون
السؤال اليوم: هل تصمد الكويت أمام الأحداث الدراماتيكية في العراق؟
ديفيد بولوك
القبس الكويت
من التطورات الجديرة بالانتباه في المجتمع الكويتي هو التصويت في مجلس الامة عام 2005 على منح المرأة حقوقها السياسية، ومع ذلك فان هذا هو الاستثناء الذي يثبت القاعدة في النهج التعطيلي لمجلس الامة.
وكانت هذه الخطوة الدراماتيكية التي تحظى بدعم العائلة الحاكمة ومنظمات غير حكومية مهمة، معطلة منذ عام 1991 بسبب رفض البرلمان المحافظ لها، ولكن لم تتمكن اي امرأة من الفوز بمقعد في البرلمان في انتخابات 2006، وفي الواقع عزز الاسلاميون مواقعهم في المجلس وفازوا بسبعة عشر مقعدا بدلا من اربعة عشر مقعدا كانوا يسيطرون عليها في المجلس السابق، وبدعم من النساء المحافظات.
من المخاطر المحتملة بالنسبة للكويتيين، وان ثبت حتى الان ان من السهل السيطرة عليها، هي وجود اكثر من مليوني وافد اجنبي في الكويت معظمهم من الرجال والذين يفوقون عدد الكويتيين بنسبة 2 الى 1.
ويتحدر معظم هؤلاء من جنوب شرق آسيا ومن الشرق الاوسط. ويدين نصف هؤلاء تقريبا بالاسلام، اضافة الى حوالي ثلاثمائة الف الى اربعمائة الف هندوسي ومثلهم من المسيحيين.
ومع ذلك، فمن النادر ان تتحدث تقارير عن حوادث احتجاج سياسي، ويشير سجل الكويت الى القدرة على ضبط وعزل او ابعاد من يشتبه في اثارتهم للاضطرابات.



الاتجار بالبشر
وفي الواقع، هناك رقابة اجتماعية وبوليسية، بل واحيانا تقع تجاوزات تتمثل بسوء المعاملة، لا سيما مع العمالة المنزلية من الاناث، في يونيو ،2007 اشار تقرير وزارة الخارجية الاميركية الى استمرار وجود ظاهرة 'الاتجار بالبشر' في الكويت، بعد ان اشار تقرير العام الماضي الى احراز الكويت تقدما على هذا الصعيد.
ومن دواعي المفارقة ان وزارة الخارجية الاميركية اضطرت للاعتراف في اغسطس 2007 ان بعض العمالة الذين جلبتهم الشركة الكويتية العامة للتجارة والمقاولات من اجل بناء السفارة الاميركية في بغداد، قد تعرض للتضليل بشأن الاجور وظروف العمل. ولكن مسؤولا في الحكومة وآخر في الشركة رفضا هذه الانتقادات، واشارا الى ان حكومتهما تبذل جهودا اكبر للتعامل مع هذه المشكلة.
وفي الواقع، وقعت الكويت في اوائل عام 2007 بروتوكولا رسميا مع الهند يهدف الى ضمان حقوق العمالة الهندية التي يصل تعدادها الى حوالي نصف مليون شخص ويمثلون الجالية الاكبر في البلاد، وعلى اي حال، آخر احتجاج جماعي للعمال، كان للعمال المصريين في عام ،1999 وتحدث اضرابات عمالية على نطاق اضيق في اماكن العمل بين الحين والآخر، كما فعل اكثر من مائتي عامل بنغالي في يونيو 2007.



26 ألف مهندس
وعلى الرغم من انها لا تعتبر مشكلة امنية خالصة، فإن اعتماد الاقتصاد الكويتي على العمالة الاجنبية يشمل كل القطاعات المهنية وتلك التي تتطلب المهارة العالية. وعلى سبيل المثال، فإن عدد المهندسين الاجانب في عام 2007 وصل الى 26.500 مهندس مقابل 6500 مهندس كويتي فقط. وبلغ عدد الاطباء والعاملين في الميادين العلمية الاجانب الى 9500 شخص مقابل ثلاثة آلاف كويتي فقط، وعدد الخبراء الاقتصاديين والمحامين، الى 36500 مقابل 9600 كويتي. اما رجال الاعمال الاجانب فعددهم 31500 مقارنة ب 2600 كويتي. وبالنظر الى قدرتها على عرض رواتب عالية، فليس امام الكويت اية مشاكل في استقدام الحرفيين الاجانب الذين تحتاجهم. ولكن من شأن حدوث ازمة امنية كبيرة ان يشل الاقتصاد الكويتي بسرعة، كما حدث خلال اسابيع قليلة عند وقوع الغزو العراقي عام 1990.
ضبط الحدود: الحدود العراقية مع الكويت هي الوحيدة المنضبطة من بين كل حدود العراق مع دول الجوار. فهذه الحدود التي يبلغ طولها 222 كيلومترا تخضع لرقابة صارمة وفعالة هي عبارة عن سياج ومجسات الكترونية وعمليات تفتيش وانتشار لقوات الامن على جانبي الحدود.



مشكلة أمنية
ومع ذلك، يمكن ان تقع مشكلة امنية نتيجة لانسحاب القوات البريطانية الجزئي من البصرة، الامر الذي سيجعل الحدود بين البلدين عرضة للعبور من قبل المهربين والارهابيين والمهاجرين. ولكن الحدود العراقية - الكويتية تتسم بالهدوء والاستقرار حاليا، وتعج بحركة العربات العسكرية والشاحنات، لكنها مغلقة امام المسافرين الآخرين.
ونتيجة لذلك، لا يوجد لاجئون عراقيون في الكويت، كما هو حال الاردن وسوريا اللتين تستضيف كل منهما حوالي مليون لاجئ عراقي او يزيد، لدرجة ان المسؤولين العراقيين يجدون صعوبة في الحصول على فيزا لدخول الكويت.
وليس مصادفة ان يجري تسفير العراقيين الذين تريد الولايات المتحدة تدريبهم في اراضيها، عبر الاراضي الاردنية او التركية او اللبنانية او مناطق اخرى وليس عبر الاراضي الكويتية الاقرب الى العراق.



أمن الكويت الخارجي
بعد وقوع الغزو العراقي للكويت عام 1990 اندفع احد الخبراء في المنطقة للقول إن هذا هو الطوفان الذي يسبق 'نهاية التاريخ، او ربما نهاية تاريخ الكويت' وثبت انه كان مبالغا كثيرا في ذلك، وفي الواقع، لم تصمد الكويت على الغزو الصدامي فحسب، بل شهدت انهيار ذلك النظام بأكمله، بل والتمتع بقدر اكبر من الاستقرار من عراق ما بعد صدام.
والسؤال اليوم، ليس ما اذا كان بوسع الكويت تحمل اية 'تبعات' للازمة العراقية المستمرة، بل كيف تمكنت الكويت من الصمود امام الاحداث الدراماتيكية التي تقع بالقرب منها، دون ان تتأثر فيها، ويبدأ السؤال بتجربة الكويت الفريدة مع العراق، لاسيما في عهد صدام، ومهما تكن الاوضاع غير مستقرة في العراق اليوم، الا انه اصبح اقل تهديدا للكويت مما كان عليه حين كان صدام لايزال في الحكم.
ولهذا السبب، كانت الكويت على العكس من الدول العربية الاخرى، سعيدة لسقوط صدام ولاتزال تشعر بالامتنان لذلك بعد اربع سنوات على 'سقوطه الذي لا يمثل ثأرا لاعتداءات صدام فقط، بل وضع حدا للاحساس بأن مثل ذلك العدوان قد يقع ثانية، واليوم، يرى 30 في المائة من العرب في الكويت ان العراق يمثل تهديدا خطيرا، وحين اعدم صدام في شهر ديسمبر 2006، كانت لدى الكويتيين 'من سنة وشيعة' مشاعر مختلفة ازاء الحدث، ومن النادر ان تسمع احدا، في الكويت - على العكس في السعودية - يتذمر من ان الغزو الاميركي للعراق - ارى - بقصد او من دون قصد - الى تعزيز الموقع الاقليمي لايران.
فخلال السنوات الاربع منذ اسقاط صدام وعلى مدى المستقبل المنظور، لا تخشى الكويت اي تهديد مباشر من العراق، كما حدث في عهد صدام او غيره من حكام العراق في الماضي.
وكما صرح رئيس جهاز الامن الوطني الشيخ احمد الفهد الصباح لاحدى الصحف العربية: 'نحن نشهد اليوم اكبر تقارب بين الكويت والعراق في التاريخ الحديث للعلاقات بين البلدين'.
ففي اوائل عام 2007، حدث بعض التقدم في مسألة رمزية لكنها عاطفية جدا وتتمثل في التعرف على هوية اكثر من 600 اسير كويتي مازالوا مفقودين منذ الغزو الصدامي لكويت ،1991/90 وكذلك حدث تقدم على صعيد التخطيط لمشروعات مشتركة للتنقيب وانتاج النفط في المناطق الحدودية.



الخوف من الضعف
حتى منذ سقوط صدام، وبما يدعو الى المفارقة أن ضعف العراق، بدلا من قوته، هو الذي أصبح يثير مخاوف الكويت، لاسيما الفراغ الامني الهائل الذي يعود الى عاملين، الأول تفكيك الجيش العراقي، والثاني، تقويض مؤسسات الدولة، ويقول الشيخ الفهد: نحن نخشى ثلاثة امور في العراق: 'الأول، التقسيم، لأن الكويت تريد وحدة العراق، والثاني الحرب الأهلية، والثالث الحرب الطائفية'.
وينبع خوف الكويت من تقسيم العراق، من احتمال اندلاع حرب على حدودها وتدخل القوى الاقليمية فيها، ومواجهة الكويت للضغوط من اجل التدخل وتأثير ذلك على التركيبة الطائفية في البلاد. وان من شأن اندلاع حرب أهلية شاملة كخطوة باتجاه التقسيم، ان يثير مشاكل مماثلة. واندلاع حرب طائفية منفلتة العقال تحديدا قد يهدد موقف الكويت المحايد والقائم على الاجماع الاقليمي واستقرارها الداخلي وعلاقاتها الطيبة مع السعودية وايران، اللتين ستجدان اغراء للتدخل، المباشر أو بالوكالة، في العراق، وربما الضغط على الكويت للتدخل.
ومع ذلك، فطوال السنوات الاربع ونصف السنة الماضية، وعلى مدى المستقبل المنظور، وطالما ظل الوجود العسكري الاميركي في الكويت، فلا يتوقع ان تكون هناك تأثيرات امنية مباشرة للوضع في العراق، على البلاد، وحتى دون انزلاق العراق الى حرب اهلية شاملة، فإن تدهور الاوضاع هناك يثير اسئلة مختلفة حول قدرات ايران العسكرية واحتمال بروز نوايا معادية لها تجاه الكويت.



إيران ونزعة المغامرة
هل يعني إضعاف العراق ان الكويت اصبحت الآن مكشوفة امام تهديد عسكري جديد ومباشر من إيران؟ الجواب قد يكون لا، لثلاثة أسباب:
أولا، لم تبد إيران اي نية لتهديد او مهاجمة الكويت عسكريا على مدى العشرين عاما الماضية منذ انتهاء الحرب الايرانية - العراقية. ثانيا، القوات المسلحة الكويتية - وفقا لبعض المحللين - تشكل رادعا مهما ضد اي مغامرة عسكرية ايرانية. وكما اشار مايكل نايتس، فإن الجيش الكويتي لديه قدرات فعالة، وان كان اصغر بكثير من الجيش الايراني، وشهد عملية تحديث 'محسوبة وناجحة' على مدى العقد المنصرم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود ممر بري بين إيران ودول مجلس التعاون ووجود أجهزة الانذار المبكر، يجعل من الممكن التعاطي مع أي هجوم إيراني، وفقا لتقديرات نايتس. وتنقل دراسة أجريت عام 2005 عن عدد من الضباط الأميركيين قولهم ان الجيش الكويتي شهد بعض التحسن، لا سيما في مجال القوات الجوية.
وثالثا، تمتلك الكويت عددا من الخيارات لمواجهة أي تهديد إيراني. ومن الواضح ان الكويت يمكنها الاعتماد على الحماية الأميركية من أي تهديد عسكري خارجي، فمن الناحية القانونية، ترتبط الولايات المتحدة والكويت باتفاقية دفاعية لمدة عشر سنوات.



وضع الحليف الرئيسي
وبالإضافة الى المصلحة الاستراتيجية والالتزام التاريخي والموقع القانوني، تتمتع الكويت بوضع الحليف الرئيسي من خارج الناتو، للولايات المتحدة، هناك عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين المرابطين في الكويت أو يمرون عبرها على مدار العام، اضافة الى شبكة واسعة من المرافق والمعدات العسكرية.
وقد تجسدت هذه العلاقة الخاصة أخيرا، باستضافة الكويت اجتماع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليسا رايس بوزراء خارجية دول مجلس التعاون، اضافة الى مصر والأردن في يناير ،2007 والذي أصدر بيانا يؤيد سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق، وتحذيرا ضمنيا ضد المخططات الإيرانية في المنطقة.
ثم عقد اجتماع مماثل في الكويت في يوليو 2007 بحضور وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، وهو ما أكد عليه أيضا السفير الأميركي المنتهية ولايته في الكويت ريتشارد ليبارون، في مؤتمر صحفي عقده بهذه المناسبة، والذي قال فيه ان 'مشاوراتنا مع الكويت في القضايا العسكرية والسياسية تسارعت على مدى العام المنصرم، اقرارا بحقيقة ان الايرانيين ما انفكوا يطلقون التصريحات ويستخدمون خطابا معينا، ويتصرفون بناء على مواقف لا تبعث على الثقة لنا ولاصدقائنا في المنطقة'.

سيناريو الهجوم على إيران
ربما يكون احد السيناريوهات المستبعدة، ان تشن الولايات المتحدة أو اسرائيل هجوما ضد المنشآت النووية الإيرانية، وقيام ايران بالرد على مثل هذا الهجوم، بعمل عسكري مباشر أو هجمات ارهابية ضد أهداف أميركية أو غير أميركية ترابط في دول مجلس التعاون. وهذا خيار يجب توقعه في ظل استمرار الدعاية الايرانية بهذا المعنى.
وكان رئيس البرلمان الإيراني غلام علي حداد عادل قد أعلن أثناء زيارة له للكويت في يونيو ،2007 انه اذا استخدمت القوات الأميركية قواعد خليجية لمهاجمة ايران 'سوف نضطر للدفاع عن أنفسنا.. وسوف نهاجم هذه القواعد'. ورد عليه وزير الداخلية والدفاع الكويتي الشيخ جابر مبارك الحمد في اليوم التالي، بالقول ان 'الولايات المتحدة لم تطلب، وحتى لو طلبت، فإننا لن نسمح لأحد باستخدام أراضينا'.
وهكذا تجد الكويت ودول مجلس التعاون الأخرى نفسها في مأزق. فهي تخشى المفاعل النووي الإيراني، وتخشى كذلك من انعكاسات أي ضربة عسكرية لإيران. ولا يبدو ان هذا الوضع الصعب والغامض سينتهي في وقت قريب.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
القاعدة تحاول العودة

محمد عبد الجبار الشبوط
الوطن الكويت
تسعى القاعدة والمليشيات المسلحة التي تقتل الناس المدنيين الابرياء بحجة مقاومة "الاحتلال" الى استعادة زمام المبادرة بعد الضربات القوية التي تلقتها منذ زيادة القوات الامريكية والشروع بالخطة الامنية في فبراير الماضي، والتعويض عن الهزائم التي تلقتها خاصة على صعيد انفضاض الشباب العراقي عنها بعد ان اكتشفوا حقيقتها وانتقلوا الى محاربتها جنبا الى جنب مع القوات الامريكية.
ولا تستهدف عمليات القاعدة الاخيرة المواقع العسكرية الامريكية بقدر ما تستهدف المواقع المدنية لإيقاع المزيد من الضحايا من الناس العاديين، كما في التفجير الذي حصل في الساعات الاولى من صباح يوم الجمعة في سوق الطيور، وهو سوق شعبي يرتاده محبو الحيوانات الاليفة وراح ضحيته اكثر من 70 مدنيا بين قتيل وجريح في عملية لا تلحق اذى بالقوات الامريكية، او المحتلة، كما تقول القاعدة والمليشيات المسلحة، وانما تلحق الاذى بالناس العاديين وتفقدهم الثقة بالتحسن الامني الذي بات ملموسا منذ حوالي ثلاثة اسابيع. هذه الثقة الامنية هي الهدف المركزي الان لهذه العمليات الارهابية، لأنها سوف تكون قاعدة استعادة الاوضاع الطبيعية في بغداد وعموم العراق، وبوابة عودة العراقيين النازحين والمهاجرين الى مناطقهم وبيوتهم واعمالهم، ما يؤدي في نهاية المطاف الى دوران عجلة الحياة من جديد.
لا تستطيع القاعدة بعد الان توجيه ضربات قوية وقاصمة للخطة الامنية، بعد ان حدث العكس وتلقت هي الضربات القوية والقاصمة، لكنها قد تستطيع توجيه ضربات ذات اثر نفسي ومعنوي كبير على الناس، وذات قيمة رمزية، تؤثر في المناخ السياسي الاخذ بالتبلور الان.
لكن هذا ليس مدعاة للشعور بحالة الاسترخاء ازاء الضربات المحتملة للقاعدة والمليشيات المسلحة، وليس سببا يدعو للتقليل من اهمية وخطورة التحدي الذي تمثله محاولة القاعدة استعادة زمام المبادرة وتوجيه ضربات من هذا النوع. لذلك، بات من الضروري ان يتم تعزيز التقدم على المستوى الامني، بالمزيد منه، اولا، وثانيا، وهذا هو الاهم، التحرك الموازي على المحاور الاخرى ذات العلاقة، وهي: المحور السياسي، والمحور الاجتماعيـالاقتصادي والمحور الثقافيـ التربوي، لقطع الطريق على محاولات القاعدة العودة ولعب دور مؤثر في المسرح العراقي.
ويخشى ان يؤدي التباطؤ في التحرك على هذه المحاور الثلاثة في نهاية المطاف الى افراغ التقدم الامني من محتواه وجدواه، ما يشجع القاعدة والمليشيات المسلحة على استثمار هذا الفراغ والسعي الى العبث بالوضع الامني مرة اخرى



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
هوامش على المسألة التركية

ممدوح الشيخ
البيان الامارات
أكتب هذا المقال بعد أيام من عودتي من زيارة محفوفة بالمخاطر لإقليم كردستاني العراقي كان فيها شبح التدخل العسكري التركي لا يكاد يغيب، وكان هناك ما يشبه الإجماع على استحالة التدخل وكنت أراه محتملا بل الأرجح، وللأمر قصة في عالم الأفكار لا في سراديب الأسرار.

فخلال قرنين من الزمان انشغل العالم الغربي بالدولة العثمانية وانعكس انشغاله في مجموعة من التعبيرات الموحية: «المسألة الشرقية»، «الرجل المريض»، وغيرهما من التعبيرات التي دخلت تاريخ العلاقات الدولية لتلخص المخاوف الغربية من هذه الإمبراطورية الكبيرة، ولتصف أيضا عملية تفكيكها، واليوم ينشغل الأتراك وبالتحديد النخبة العسكرية التركية بما يعتبرونه محاولات مماثلة هدفها تفكيك تركيا. وعلى خلفية هذه المخاوف تدور عجلة الحرب وتتصاعد درجة الحرارة على الحدود التركية العراقية، ومن قبيل التبسيط المخل تصور أن تحشد تركيا كل هذا الحشد في مواجهة مقاتلي حزب العمال، فالأزمة أعمق والمخاطر أكبر والواجهة غير كافية لإخفاء ما يحدث خلفها.

العسكر والعثمانيون الجدد أولى الحقائق التي يجري إغفالها - أو إخفاؤها - أن تركيا أصبحت تعيش بشخصيتين: شخصية قومية متشددة تمثلها النخبة العسكرية وشخصية تعددية منفتحة يمثلها الإسلاميون أو «العثمانيون الجدد»، وبينما يتمدد الإسلاميون ويمدون الجسور مع العالم ويميلون للتواؤم والتهدئة ينكمش العسكر ويتقلص نفوذهم وبالتالي يشعرون بالمزيد من التوتر ويجنحون للمزيد من التشدد. وفي الحقيقة فإن رغبة العسكر في الاحتجاج أكبر وأعمق من أزمة حزب العمال الكردستاني. وحسب قائد القوات المسلحة التركية فإنها تواجه هجوما منتظما من «الأعداء» في الداخل والخارج لكنها «لن تتراجع عن دورها في الدفاع عن الدولة المركزية ونظام الحكم العلماني». ولم يفت الجنرال يشار بويوكانيت رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة أن يؤكد معارضة الجيش الشديدة لقيام دولة كردية مستقلة في العراق المجاور، على أساس أن هذا يمثل خطورة على الأمن القومي التركي». وقال حرفيا «إن القوات المسلحة التركية هدف لهجمات منتظمة ومنحازة سواء في الداخل أو الخارج. هناك حد لصمتنا الجزئي». (الشرق الأوسط 2 أكتوبر 2007) التلويح بالغضب إذا ليس وليد عملية عسكرية يقوم بها حزب العمال بل هناك شعور عميق بأن البيئة الإقليمية المحيطة بتركيا تتغير على نحو يهدد بقاءها كـ «دولة مركزية» وبأن تحولات تحدث في الداخل تهدد صبغتها العلمانية، ولا يكاد أحد يتطرق بشكل جاد لدلالة هذا الموقف الذي يقترب من التقديس للدولة المركزية كشكل للتنظيم السياسي. وبديهي في ظل هذه الحقيقة أن زوال الدولة المركزية في العراق مع زوال النظام البعثي والتوافق الأميركي العراقي على الفيدرالية يشكل متغيرا إقليميا من العسير جدا التكيف معه، ولكن في الوقت نفسه يعد من قبيل المجازفة الخطيرة الوقوف في وجهه علنا كونه خيارا تحميه الإرادة الأميركية وإدارتها!

رسائل الكونغرس

وفي تقديري فإن رسائل الكونغرس الأميركي للنخبة العسكرية التركية يشكل محركا أقوى بكثير من العمليات العسكرية لحزب العمال، فخلال أسابيع قليلة كان هناك مشروع قرار لإدانة المذابح التي تعرض لها الأرمن في تركيا عام 1915 وقرار آخر غير ملزم بتقسيم العراق. وقرار إدانة مذابح الأرمن يثير القضية نفسها التي يثيرها التدخل العسكري في شمال العراق وهو أن الأمن القومي «مقدس» يجوز في سبيله استباحة أي شيء. وفي تقديري فإن رد الفعل التركي قد عكس عجزا واضحا عن استيعاب الدروس القريبة في علاقاتهم مع الولايات المتحدة، إذ أدى تشددهم في المطالبة بدخول عسكري كثيف (3 جنود أتراك مقابل كل جندي أميركي) مقابل السماح بدخول الأميركيين من تركيا لإطاحة نظام صدام إلى جفوة في العلاقات بينهما أعقبت رفض أميركا المطالب التركية والاكتفاء بدخول القوات الأميركية من الحدود الكويتية، ولو تأملوا مغزى السلوك الأميركي لأدركوا إلى أي حد هم مصرون على تنفيذ أجندتهم مهما كانت الكلفة. وفي هذه المرة أيضا اختار الأتراك الرد الأسوأ على مشروع القرار وهو التلويح بمنع الأميركيين من استخدام قواعدهم العسكرية في تركيا محاولين بذلك مقايضة «المبادئ» بـ «المصالح»، وهو ما أشار إليه الرئيس بوش في تصريح ملفت حين قال مخاطبا أعضاء الكونغرس: «إننا نأسف جميعا لمعاناة الشعب الأرمني» وأضاف بوش أن «هذا النص ليس الجواب المناسب لعمليات القتل الجماعية التي شهدها التاريخ»، هو إذن يقر بوضوح اتفاقه مع مؤيدي القرار في الإقرار بالمذابح وإدانتها مع اختلافها حول جدوى الرد. وهذا هو في الحقيقة ما يثير غضب النخبة العسكرية التركية.
التفكيك الصامت
وإذا استعدنا التصريح الوارد في صدر المقال لقائد الجيش التركي والتحذيرات الغربية من أي مسعى للانقلاب العسكري على الإسلاميين لمنعهم من التطلع لمنصب رئيس الجمهورية ثم الأجواء التي خلقها انتخاب «الإسلامي» عبدالله غول رئيسا للجمهورية، ثم تغيير قانون الانتخاب، يمكننا فهم الارتباط بين ما يحدث في الداخل والخارج، فهناك إحساس يعكسه سلوك عسكر تركيا بأن بلادهم هدف لعملية تفكيك تدريجي تتم في صمت والهدف هو بالتحديد ما يعتبرونه مقدسا: الدولة المركزية والعلمانية.
وغني عن البيان طبعا أن المشكلة تتكرر بسيناريوهات متقاربة في السودان وفي المطالبات الأميركية للدول العربية التي يأخذ التنظيم السياسي فيها شكل الدولة المركزية. والخلاف إذن في الأفكار قبل السياسات، والإدانة التي ناقشها الكونغرس لمذابح الأرمن تعكس مزاجا يزداد ترسخا في أميركا وهو ليس كما يتصور بعض السذج ولا كما يصور بعض المضللين انعكاسا لقوة اللوبي الأرمني فهذا تفسير ينم عن جهل شديد بالكيفية التي تدور بها ماكينة السياسة الأميركية، وربما لو كان بإمكان لوبي أن يرتهن القرار السياسي على هذا النحو لما هذا التأثير مقصورا على اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة فليس الأكبر ولا الأغنى ولا الأقوى ولا الأكثر تنظيما ولا الأفعل تأثيرا. وشكل التنظيم السياسي للدولة والطريقة التي ينبغي أن تدار بها كان في حقيقة الأمر لب الصراع الأميركي السوفييتي طوال أكثر من نصف قرن ولم تفلح سياسة الوفاق التي دشنت عام 1972 بمبادرة روسية في إقناع الأميركيين بالتخلي عن هدف هدم الاتحاد السوفيي0تي رغم أن هذه السياسة أتاحت للأميركيين ولسنوات الحصول بسلاسة على الكثير من المصالح بالاتفاق مع الدب الروسي، لكن «المصالح» في النهاية لم تكن صالحة لأن توضع في الميزان مقابل «المبادئ» أيا كان رأينا في هذه المبادئ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
...القنوات الفضائية تقطف ثمار الترويج للارهاب الامريكي

هيفاء زنكنة
القدس العربي

في خضم التضليل الاعلامي المكثف من قبل ادارة الاحتلال الانكلو ـ أمريكي ـ الصهيوني للعراق، تولي الادارة الامريكية ومؤسساتها الناشطة في مجال الاعلام الدعائي الاستخباراتي، أهمية خاصة للعمل المشترك مع المتعاونين معها ممن تطلق عليهم المنشورات المطبوعة لقيادة جيش الاحتلال الامريكي مصطلح (الدولة المضيفة)، أي البلد المحتل.
وقد قام الجنرال دافيد بترياس، القائد العام لقوات الاحتلال الامريكية في العراق، بالاشتراك مع الجنرال جيمس أموس باعادة كتابة وتحديث مطبوع عنوانه (الدليل الميداني للجيش الامريكي ومشاة البحرية لمكافحة التمرد) ليتلاءم مع الاستراتيجية العسكرية الامريكية في القرن الحادي والعشرين وليستخدم بشكل خاص في العراق المحتل. وكان دليل الجيش قد كتب في عام 1986 ودليل مشاة البحرية في 1980 ولم تتم مراجعتهما وصياغتهما في مطبوع واحد غير الان. وأنا اعتقد بان ترجمة الدليل وقراءته ضرورية لفهم منظور العدو الاعلامي ضمن القوات المسلحة بدءا من استخدام المصطلحات المضللة وتشويه دور المقاومة وانتهاء بكيفية تسخير العملاء سياسيا واغواء ضعفاء النفوس بالمال.
وتوجد بين المرحلتين مراحل فرعية متعددة يطرحها الدليل كأسلوب لقيادة وتطبيق العمليات العسكرية مع التأكيد علي تخطيط الدور السياسي للعملاء وجعلهم واجهة لاية عملية عسكرية مهما كانت طبيعتها، للتأكيد ، كما نشهد في العراق اليوم، بأن عمليات العنف والاقتتال هي داخلية بحتة ونتيجة التفرقة والعنف المستشري بين ابناء (الدولة المضيفة) وليس بين قوات الاحتلال من جهة والقوات المناهضة للاحتلال من جهة أخري.
ويشير الدليل المطبوع باشراف الجنرال بترايوس ، الاب الروحي لعملية (فرض القانون) التي أدت الي اضافة 30 ألف جندي أمريكي في منطقة بغداد لوحدها، وبمباركة حكومة الميليشيات، في الفصل الخامس المعنون كيفية اجراء العمليات المضادة للتمرد، الي ان النقطة الاولي المهمة هي التنسيق بين القوات الامريكية وقوات (الدولة المضيفة) وسياسييها لاظهار حكومة الدولة المضيفة بانها حكومة شرعية أو العمل علي اضافة صبغة الشرعية عليها!
ولن اتناول هنا طبيعة العمليات العسكرية وكيفية التخطيط لها وتطبيقها علي ارض الواقع العراقي بل سأركز علي جانب التضليل الاعلامي لأهميته الموازية، ضمن منظور ادارة الاحتلال، للعمليات العسكرية نفسها.
حيث يؤكد الدليل، بشكل خاص، علي اهمية القيام بما يسمي (العمليات المعلوماتية) للاغراض الدعائية ووجوب تطبيقها مهما كان الثمن. ويلخص الدليل أهداف العمليات المعلوماتية باربع نقاط اساسية، وهي: أولا العمل علي خلق صورة ايجابية عن شرعية (الدولة المضيفة) وقدراتها. ويتم فعلا تطبيق المنظور من خلال اصرار اجهزة الاحتلال الاعلامية علي تقديم حكومة الميليشيات باعتبارها حكومة شرعية تمثل الشعب العراقي عبر الانتخابات (الديمقراطية). ويكفينا ان نصغي لاي منخرط في صناعة عملية الاحتلال في العراق سواء كان امريكيا ام بريطانيا ام عراقيا لندرك بان صيغة البسملة المفضلة لديهم هي: (الحكومة العراقية حكومة شرعية منتخبة ديمقراطيا). وتغنينا هزالة الادعاء عن مناقشته.
تتناول النقطة الثانية في الدليل أهمية تأمين الدعم المحلي والاقليمي والعالمي لعمليات الجيش الامريكي (المضادة للتمرد في الدولة المضيفة). وهو ما يجري عمليا في العراق حيث تتسابق الاحزاب والمنظمات، وليدة اللحظة والحاجة الاعلامية للاحتلال، مع بعض الهيئات والدول الاقليمية لعقد المؤتمرات، خارج العراق بطبيعة الحال، التي تجعل من (تحقيق السلام الامريكي) في العراق وفلسطين، شعارا لها. معتمة في الوقت نفسه علي الحقيقة الواضحة وهي ان السلام هو صنو العدالة وان السلام لن يتحقق في ظل احتلال غاشم يغتال ويشرد ابناء البلاد بلا مساءلة او عقاب.
تركز النقطة الثالثة في دليل مكافحة المتمردين علي (اهمية الترويج الاعلامي المكثف لعنف المتمردين وارهابهم). حيث تصرف ادارة الاحتلال ملايين الدولارات (وهي اموال منهوبة اساسا من نفط الشعب العراقي) علي كتابة المقالات والاعلانات والدعايات التلفزيونية الترويجية، المدفوعة الثمن بسخاء، التي باتت تشغل حيزا متزايدا في معظم القنوات الفضائية التلفزيونية العراقية والعربية، ويهدف معظمها الي الترويج بان ما يجري في العراق من قتل وتشريد واستهداف للحياة الانسانية انما هو بسبب (ارهاب المتمردين)، أو لتشويش الصورة أكثر لدي المشاهد، خلط (ارهاب المتمردين) مع (الحرب العالمية علي الارهاب)، مع مراعاة عدم الاشارة من قريب او بعيد الي الاحتلال وقواته ومرتزقته من شركات الحماية التي تكون جيشا موازيا لجيش الاحتلال متعدد الجنسيات وكلهم يتمتعون بالحصانة من المساءلة القانونية محليا ودوليا. وقد وصلت فترة الاعلانات الترويجية عن (ارهاب المتمردين) في بعض القنوات مدة تزيد علي الربع ساعة ولعدة مرات في اليوم. ولاننا نعرف جيدا بان لكل ثانية اعلانية في التلفزيون سعرا كبيرا، سيتبين لنا من بعض الحسابات الرياضية البسيطة مقدار ما تربحه القنوات الفضائية العراقية والعربية من ميزانية الاحتلال لتشويه صورة اي شكل من اشكال المقاومة بشكل مباشر او غير مباشر وتحت غطاء محاربة الارهاب. مما يدفعنا الي الاعتقاد بان جوهر الاعلام الترويجي المشوه للمقاومة العراقية وخلطها بالارهاب العالمي ما هو في النهاية غير ترويج معلوماتي مبطن لارهاب الاحتلال الامريكي ـ الصهيوني.
وتشير النقطة الرابعة في الدليل علي ضرورة بث المعلومات المناهضة لاعلام (المتمردين) وتقديم البديل الواقعي لايديولوجيتهم وخطابهم، بعد التعرف علي طبيعة المشاهدين من خلال العمل مع اعلاميي (الدولة المضيفة)، ورسم استراتيجية مخاطبة كل فئة اجتماعية علي حدة. وافضل مثال علي اسلوب الاحتلال في تطبيق البند هو تأسيسهم او دعمهم لتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات وفتح العديد من القنوات التلفزيونية التي يخاطب كل واحد منها فئة دينية او طائفية او عرقية معينة لاغراق المشاهد بخطاب المظلوميات والمرجعيات والانتقام الطائفي والعرقي ولايعنيها الشعب العراقي ككل.
وتحت البند نفسه ينصح الدليل قوات الاحتلال العسكري بان تكون ملمة بكل جوانب (العمليات المعلوماتية) وألا تهملها مهما كانت طبيعة عملياتها العسكرية. وان يتم تحميل (المتمردين) كل اسباب (الارهاب والعنف) المستشري في العراق. ولعل قراءة واحد من البيانات العسكرية الصادرة عن قيادة قوات الاحتلال الامريكية تعطينا مثالا واضحا علي طبيعة تطبيق البند.
فقد أصدر جيش الاحتلال الامريكي قبل اسبوعين بيانا جاء فيه: (إن عناصر مشبوهين من القاعدة قتلوا خلال عمليات نفذت غرب الطارمية. وأن هذه العمليات أسفرت أيضا عن اعتقال 21 شخصا، وإن القوات الامريكية استدعت الطائرات لمهاجمة مسلحين شوهدوا وهم يتحركون بشكل معاد في منطقة العمليات وإن أحدهم قتل. وأن القوات البرية تقدمت بعد ذلك نحو المنطقة وتعرضت لاطلاق نار، مما اضطرها لاستدعاء الطائرات مجددا وأسفر ذلك عن مقتل 24 مسلحا). وقد تم التركيز في التصريح العسكري اعلاه علي ان من تم قتلهم هم من المشتبه في كونهم من القاعدة لتغطية حجم الجريمة الكبيرة بحق المواطنين وخطواتها الارهابية العسكرية من استهداف وقتل (للمشبوهين) وهو ادعاء شائع في كل تصريحات قوات الاحتلال وليس بامكان احد التحقق من مدي صحته الي استخدام الطائرات في قصفها الاحياء السكنية وتهديم البيوت علي رؤوس ساكنيها من نساء ورجال واطفال الي حملات الدهم والاعتقال والقتل بحجة تحرك المواطنين العراقيين (بشكل معاد)!
لقد خصصت القيادة العسكرية الامريكية للاحتلال اموالا طائلة، تختلسها يوميا من نفطنا وتحفنا ومواقعنا الاثرية المتروكة لاعمال النهب والسلب، للترويج الاعلامي المضلل لشرعية حكومة الميليشيات ولتشويه صورة المقاومة وتقديمها الي العالم باعتبارها المسؤولة الاولي والاخيرة عن (الارهاب) بينما تتغاضي وعملاؤها الاوفياء من العراقيين عن التطرق الي أصل الارهاب وجرائمه البشعة. متجاهلين ان غالبية الشعب العراقي، ووفق استفتاءات الرأي العالمية، يؤيدون عمليات المقاومة ضد قوات الاحتلال وأنهم ضد مخططات التقسيم والتجزئة وانهم يريدون انهاء الاحتلال الغاشم ليعود العراق مستقلا، موحدا أبيا.

ليست هناك تعليقات: