Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 24 نوفمبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات الجمعة 23--11 -2007


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
المأزق الغربي في العراق وأفغانستان

ويليام فاف

الاتحاد الامارات
في كلمته عن السياسة الخارجية التي ألقاها في المأدبة التي أقامها عمدة لندن في الثاني عشر من نوفمبر الجاري، قال جوردون براون إنه في حين أن علاقات بلاده مع أميركا "تعتبر أهم علاقاتها الثنائية على الإطلاق، إلا أنها لا تأتي على حساب علاقات بريطانيا الأخرى، بما في ذلك علاقاتها متعددة الأطراف".في نفس الوقت حثت أنجيلا ميركل التي أمضت يومين في مزرعة كروفورد، للرئيس جورج بوش على "مواصلة مساره الدبلوماسي مع إيران".. كما تم أيضاً الترحيب بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تحت القبة الكبرى للكابيتول (مقر الكونجرس) حيث صدرت النداءات الشهيرة لمقاطعة "البطاطس الفرنسية" وإحلال "بطاطس الحرية" محلها.. كما صفق له أعضاء الكونجرس عندما قال إنه يفخر باللقب الذي يطلقه عليه شعبه وهو "ساركو الأميركي".مع كل ذلك، لا تزال هناك أزمة صامتة ومستمرة بين واشنطن وحلفائها في "الناتو" بشأن إيران. فالبريطانيون في الوقت الراهن يتلمسون طريقهم إلى باب الخروج من العراق، تاركين البصرة وغيرها من المناطق التي كانت خاضعة لاحتلالهم في أيدي الجماعات المحلية المسلحة، التي يطمع كل منها في إدارة المنطقة والتحكم في مواردها في المستقبل. تطوير الإحساس بالمخاطر الكامنة في التدخل بأفغانستان سيكون له تأثير مهم على "الناتو"، وخصوصاً أن القوات الرئيسية في الحلف تنتمي إلى دول كولونيالية.
وبالجملة فلم يعد لدى البريطانيين سوى القليل من الأوهام الآن، بعد أن خرج بلير من منصبه، وذهب كي يمارس حياته العادية، وهو ما يجعل الاحتمال الأرجح هو أن يسعى جوردون براون إلى مغادرة العراق فوراً، لأنه إن لم يفعل ذلك فسيبدو في صورة سيئة أمام شعبه. وفي الوقت الراهن، نجد أن معظم القوات التي أرسلها تحالف الراغبين إلى العراق، إرضاء لواشنطن قد عادت إلى بلادها، أو باتت غير ذات أهمية. وعلى رغم أن عدد أفراد الوحدة البولندية على وجه الخصوص لا يزال كبيراً، إلا أن رئيس وزراء بولندا الجديد "دونالد تاسك" قال إنه وإن كان يرغب في تجنب الانسحاب المتعجل من العراق، إلا أنه مقتنع بأن بلاده "قد وفت بالتزاماتها تجاه أميركا".في نفس الوقت لا تزال السفارة الأميركية، ومقر قيادة التحالف في بغداد يصران على أنهما يعملان على تجهيز العناصر الوطنية العراقية، لتولي وظائف في حكومة بلادهم التمثيلية، على رغم أن الحقيقة على أرض الواقع تختلف عما يدعى بهذا الشأن. ففي الوقت الراهن، نجد أن هناك مجموعة سُنية تتعاون مع الجيش الأميركي من أجل محاربة "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين". وهذه المجموعة وصفت في تقرير في العاشر من نوفمبر الحالي نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، بأنها جماعة تعمل من أجل إبعاد عناصر تنظيم "القاعدة" عن حي الأميرية في غرب بغداد، وأن هذه المجموعة قد نجحت على ما يبدو في مهمتها. وعلى أي حال، فإن ما يفعله الأميركيون في حي الأميرية في غرب بغداد في الوقت الراهن، سبق أن قام به البريطانيون في البصرة من قبل، والفارق بين الحالتين هو أن البريطانيين يشرعون في مغادرة العراق أما الأميركيون فلا. وهو أيضاً نفس الشيء الذي يحدث في أماكن أخرى من العراق حيث تقوم قوى مناطقية وعشائرية، وجماعات تعمل تحت قيادة زعماء عشائر أحياناً بإعادة تأسيس النظام -أو ما يشبه النظام- في ذلك البلد الذي مزقته الحرب. وهناك مشكلة مماثلة تواجه "الناتو" في أفغانستان في الوقت الراهن. فعلى رغم أن حكومات غرب أوروبا على استعداد للاستماع إلى الحجج الأميركية بوجوب التصدي لعودة خطر "طالبان"، فإن هناك عدم رغبة شعبية وسياسية في خوض القتال، وهو موقف تتناقض فيه الشعوب والحكومات. قد يرجع هذا كما يقول بعض المنتقدين إلى عدم خشونة الأوروبيين، أو عدم استعدادهم لتقديم التضحيات، ولكن سببه أيضاً اعتقاد شعبي راسخ، بأنه في أفغانستان -وكما في العراق- كلما زاد عدد القوات الغربية التي تخوض القتال، كلما ازداد الموقف تدهوراً وتأججاً. لو كانت هذه الحرب حرباً بين الأفغان الأصليين -بصرف النظر عن الأصل العرقي- ومحاربة لحركة "طالبان" والراديكالية الأفغانية والإسلامية، فإن الأمر كان سيصبح عادياً، وكانت ستصبح لهذه الحرب حدود. أما عندما تأتي قوات "الناتو" من شمال أميركا أو أوروبا، فإن الموقف في هذه الحالة قد يتغير في نظر بعض السكان المحليين، لأن ما يحدث في تلك الحالة هو أن "القومية" قد تتحول لتصبح عنصراً مؤثراً من عناصر الصراع. وتدويل الحرب، قد يؤدي أيضاً إلى مفاقمتها. فهناك تقارير حديثة تشير إلى أن هناك جماعات أجنبية تساعد "طالبان"، وأن هذه الجماعات ليست من باكستان وحدها ولا من الدول الإسلامية فقط، وإنما من سيبيريا والشيشان والجزء الغربي من الصين، ومن أماكن أخرى غريبة. ونظراً لأن هؤلاء الناس يأتون إلى أفغانستان انطلاقاً من التعصب الأيديولوجي، فإنهم عادة ما يكونون أكثر عنفاً، وغير قابلين للسيطرة، وأشد تطرفاً. ومما يفاقم من خطورة الأمر، أن هؤلاء الأجانب المتعصِّبين يأتون إلى أفغانستان وهم مزودون بخبرة قتالية، اكتسبوها من أماكن أخرى، وهو ما يجعلهم أكثر قدرة على جعل تدريب التمرد وتكتيكاته أكثر احترافية.. كما أنهم قد يجلبون معهم الأموال والإمكانيات. ولاشك أن تطوير الإحساس بالمخاطر الكامنة في التدخل في أفغانستان سيكون له تأثير مهم على حلفاء "الناتو"، وخصوصاً أن القوات الرئيسية في هذا الحلف تنتمي إلى دول كولونيالية سابقة، تبدي في الوقت الراهن نوعاً من التمنع والإحجام عن القيام بدور أكبر في حرب غربية عبثية أخرى في أماكن بعيدة للغاية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
الطريق إلى «الشجاعة» الخلاقة

عمار علي حسن
البيان الامارات
بعد محاورة طويلة حول معنى الشجاعة أشاح سقراط بيده وقال لأصحابه: لقد فشلنا في أن نكتشف ماهية الشجاعة». ولم يكن مرد هذا اليأس إلى كسل عقلي أو سؤال من ليسوا من أهل الاختصاص، بل كان منبعه تعقد معنى الشجاعة إلى الدرجة التي تجعل فهم الشجاعة مرتبطا بفهم الوجود نفسه.


لكن البشر لم يهملوا في تاريخهم الطويل البحث عن معنى للشجاعة، حتى لو كان غير جامع ولا مانع. وفي المعنى العام المتواتر استخدامه في قواميس العرب تعني الشجاعة الجرأة والإقدام التي تقوم على شدة القلب في البأس، والصبر والثبات على جلب الأمور النافعة ودفع الأمور الضارة، واستطاعة التغلب على رهبة المواقف.


ويرى الفقيه العظيم ابن حزم الأندلسي أنها بذل النفس للذود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو المستجير المظلوم، وعمن هضم ظلما في المال والعرض، وسائر سبل الحق سواء قل من يعارض أو كثر.


أما عالم اللغويات عبد القاهر الجرجاني فينظر إليها باعتبارها هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور والجبن بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها. ويعتبرها الجاحظ الإقدام على المكارة والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت.


ويعتقد الفيلسوف عبد الغفار مكاوي أن هناك نوعين من الشجاعة، سياسية وصوفية، الأولى تقاوم ما يعترضها من صعاب في سبيل تحقيق العدل، والثانية تسير بالنفس في ليل العالم وتخترق بها ظلام المادة والحواس. ومع أنهما مختلفتان فإنهما ينهلان من نبع واحد، يتمثل في التخلي عن الذات أو العالم والاستعداد للتضحية بالنفس في سبيل قيمة أسمى، وكلاهما يحارب الشر في العالم، ويحدوه الأمل في النصر، حتى لو تطلب الأمر التضحية بالنفس.


وهنا نرى أن الشجاعة تتعلق بإدراك الموت، ولذا لا يمكن للحيوان أو الملاك أن يتصفا بالشجاعة. فالشجاع هو الذي يواجه الموت في كل وقت، ويستعد أن يلاقيه في أي مكان، ولذا فإن الاستشهاد هو غاية الشجاعة، والدم تاجها، سواء كان في سبيل العقيدة الدينية أو في سبيل الوطن والمبدأ أو تحقيق رسالة في الحياة.


وفي المعاجم الأجنبية تشتق كلمة الشجاعة Courage من الكلمة الفرنسية Coeur ومعناها القلب. فكما يضخ القلب الدماء في أجسادنا فيمكننا من استعمال كل أجزائها لتؤدي وظائفها، فإن الشجاعة تضخ في أوصالنا كل ما يجعل الفضائل النفسية الأخرى ممكنة، وبدونها تتحلل الفضائل جميعا، والشجاعة ضرورية لتجعل الوجود والصيرورة شيئا ممكنا.


ويعرف القائد الإغريقي نيكياس الشجاعة بأنها «العلم بما ينبغي أن يخشاه الإنسان وما يستطيع أن يتجاسر على الإقدام عليه، سواء في الحرب أو في غيرها من الأحوال».


واعتبر أفلاطون أن الشجاعة هي الجهد الذي يقع بين العقل والحس، ويجعل المرء يسعى سعيا غير إرادي إلى كل ما هو عظيم ونبيل. وهي بذلك تحتل موقعا وسطا ومركزيا من النفس، ولا يحوزها إلا الحراس أو الأرستقراطية المسلحة.


ووافقه أرسطو في حصر الشجاعة في طبقة المقاتلين، ليكون الشجاع في نظره هو من يقدم على الفعل من أجل ما هو نبيل، وما يستحق الثناء، وما يبتعد عن الاحتقار، وهي تفرض التضحية بكثير من العناصر التي تتعلق بوجود الإنسان، وهي التي تثبت جوهر الإنسان وهدفه الباطن، وتحقق في الفعل كماله وقدراته، رغم المصاعب والمتاعب والأهوال.


ويعرف الأديب الأميركي الكبير أرنست هيمنجواي الشجاعة بأنها الصبر الجميل على الشدائد، والعنصر الجسور الملهم من عناصر الروح، التي تمكنها من الانتصار على أعتى الأخطار. ويتفق الفلاسفة الأوربيون نيتشة وسارتر وكامو وكيركجور على أن الشجاعة لا تعني غياب اليأس، وإنما القدرة على التقدم في الحياة رغم اليأس.


وفي سياق فلسفة القوة التي يؤمن بها والتي تقول للإنسان في صراحة جلية: «عش في خطر» يرى نيتشة أن الخير يكمن في الشجاعة، إذ يقول في كتابه الشهير (هكذا تحدث زرادشت): «تسألون ما هو الخير. الخير هو أن تكون شجاعا... والخير ألا تهتم بالحياة الطويلة، ولا بالنجاة من الأخطار، وألا تحب الحياة حبا يجعلك تتعلق بها مهما نفت إرادة القوة والحياة فيك».


ويوزع المفكر وعالم النفس الأميركي روللو ماي الشجاعة على أربعة أصناف، الأول يتضمن الشجاعة البدنية، والتي هي أبسط أنواعها وأوضحها. ودار هذا النوع طيلة التاريخ الإنساني حول العضلات المفتولة وخفة اليد ومهارة الاشتباك في المعارك والقدرة على ممارسة العنف المادي ضد الآخرين.


لكن ظهرت في الآونة الأخيرة اتجاهات ترمي إلى تحويل الطاقة الجسدية للشجاعة من العنف إلى اكتساب حساسية التفكير بالجسد، واستخدامه في التعاطف مع الآخرين، والتعبير عن الذات بوصفها شيئا جميلا، ومصدرا ثريا من مصادر المتعة الحياتية. وهنا يصير الجسد ليس موضعا للإدانة بل مصدرا للكبرياء.


والصنف الثاني هو الشجاعة الأدبية التي تعني القدرة على اجتياز الصعاب ومواجهة المتاعب بالاعتماد على قوة الإرادة والتمسك الصارم بالمبادئ والتحلي بالصبر والإيمان بانتصار الحق في النهاية. ويشترط هذا النوع من الشجاعة الإحساس بالناس وإدراك معاناتهم، والالتزام بالدفاع عنهم، وتبني قضاياهم.


ويحفل التاريخ الإنساني برجال تحلو بشجاعة أدبية كبيرة مثل تلك التي امتلكها صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم في تحملهم لأشد ألوان التعذيب دون أن يفرطوا في عقيدتهم، وتلك التي تملكت أحمد بن حنبل فأعانته على تحمل التعذيب على أيدي رجال الخليفة المأمون كي يقبل فكرة «خلق القرآن»، وكذلك تحمل حبيب بن زيد الأنصاري تقطيع جسمه إربا إربا صامدا حتى آخر قطرة في دمه على أيدي مدعي النبوة مسليمة الكذاب. ووقف خبيب بن عدي على المشنقة وهو ينشد:
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي - وذلك في ذات الإله وإن يشا يبارك على أشلاء شلو ممزع
وحلت الشجاعة في نفس سقراط فتجرع السم الزعاف حتى لا يخون المبادئ التي نادى بها، وحلت في رأس وقلب نيلسون مانديلا فتحمل السجن طويلا من دون أن يفقد الأمل أبدا في أن بلاده ستنال حريتها. وتحلى الكاتب الروسي ألكسندر سولجنستين بشجاعة فائقة في مواجهة استبداد الحزب الشيوعي الروسي، ودخل بسببها السجن، لكنه لم ينحن.


وتكرر هذا النوع من الشجاعة مرات لا حصر لها في تاريخ البشرية من خلال القائمين على حركات وتنظيمات وجماعات النضال والمقاومة والتمرد والخروج على الظلم والاستبداد، والمدافعين على الأرض والعرض في مواجهة الغزاة والمحتلين.


أما الصنف الثالث فهو الشجاعة الاجتماعية التي تعني المخاطرة بالنفس أملا في تحقيق علاقات إنسانية حميمة وذات معنى، تجعل الإنسان يتقاسم مع الآخرين آمالهم وأحلامهم ومخاوفهم وتطلعاتهم، ويدخل معهم في تفاعل جدي، لقتل الاغتراب، والتمتع بالتعرف على أفراد جدد.


والصنف الرابع هو الشجاعة الخلاقة التي تقوم على اكتشاف أشكال ورموز ونماذج جديدة تشد عربة الحياة إلى الأمام. ولا تخلو مهنة من المهن التي عرفها البشر من فرص متعددة لتحقيق الشجاعة الخلاقة، بدءا من الهندسة وانتهاء بالدبلوماسية، مرورا بالشعر والفن والموسيقى.


ونحن في العالم العربي في حاجة ماسة إلى الشجاعة الخلاقة كي ننتشل أنفسنا من التخلف والقهر، ونملأ حياتنا بالمعاني الجميلة والنبيلة والحقيقية، بقدر ما نحن في حاجة إلى الشجاعة الأدبية في مواجهة الاستبداد والظلم بشتى صوره، والشجاعة الأدبية في مواجهة الغزاة الذين احتلوا أرضنا، وانتهكوا حرماتنا، ولن ينفكوا عنا إلا إذا أذقناهم بأسنا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
"دولة" كردستان على وقع "سنابك الخيول التركية"
محمد الصياد
الخليج الامارات
ذهبوا بعيداً في تطلعاتهم فراحوا يتصرفون في الثروة النفطية العراقية الكائنة في شمال العراق حيث الغالبية الكردية، بصورة مستقلة تماماً عن الحكومة المركزية في بغداد. فأبرموا العقود مع بعض شركات النفط والغاز الإقليمية والدولية لاستثمار وتطوير الطاقات الإنتاجية لحقول الشمال العراقي النفطية والغازية.

حتى أن رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني أعلن في مؤتمر صحافي عقده في السابع من اغسطس/آب الماضي بعد مصادقة برلمان إقليم كردستان على قانون النفط والغاز الخاص بالإقليم، “ان الشعب الكردي بات للمرة الأولى صاحب النفط والغاز، وان هذا يعد يوماً تاريخياً لنا كشعب كردستان”.

طبعاً لا اعتراض بالمطلق على حق الشعب الكردي في التعبير عن أمانيه والعمل على تجسيد تطلعاته في الحرية والنهوض والرخاء.

فبخلاف اندراج هذا الحق الطبيعي في اطار منظومة الحقوق العادلة التي كفلتها الشرائع والقوانين الدولية لكافة شعوب الأرض، فإن للشعب الكردي علينا كأمة عربية حقاً مضاعفاً في الاعتراف بحقوقه كاملة غير منقوصة بما فيها حقه في ممارستها بعيداً عن أي نوع من أنواع الوصاية، وحقه الآخر علينا في الاعتذار له عن كل سنوات الظلم والقمع والتهميش التي عانى منها نتيجة لسياسات بعض أنظمتنا الخائبة.

كل هذا يقر به كافة الساسة وغير الساسة العقلاء في العالم العربي في إطار الأخوة العربية الكردية الطبيعية المتشكلة، تلقائياً وليس قسراً، عبر سنوات النضال المشترك والتواصل والتداخل المصلحي والثقافي.

ولكن هذا شيء وأحكام السياسة وموجبات تعاطيها بحسابات دقيقة وفقاً لما تمليه ظروف ممارستها من داخل موازين القوى السائدة وليس من خارجها، شيء آخر تماماً.

فكما يعلم الجميع أن ظروفاً استثنائية (نعم طارئة ولا يتوفر لها أي شرط من شروط الديمومة)، قد خدمت الشعب الكردي في شمال العراق وقواه السياسية والعشائرية، في تأسيس كيان يكاد يكون قائماً بذاته وإن كان داخل حدود الدولة العراقية.

فلقد وفرت الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال منطقة حظر الطيران إبان حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين شمال العراق، مظلة آمنة وهيأت أسباب عزل الشمال العراقي عن بقية المناطق العراقية، وذلك على مدى أكثر من عقد، تمكن خلاله الأكراد العراقيون من تطوير مناطقهم بعيداً عن سلطان ونفوذ الحكومة المركزية في بغداد.

وعندما جاء الاحتلال الأمريكي للعراق، عمل الأكراد بكل ما أوتوا من أوراق ضاغطة من أجل تكريس الواقع الذى أنشأوه في شمال العراق على الورق، أي في الدستور العراقي الذي تم التصويت عليه في ظروف استثنائية غير طبيعية، وقبل ذلك من خلال مجلس الحكم الذي أنشأه الحاكم العسكري الأمريكي بول بريمر.

ولأن ذلك قد تم في ظروف استثنائية طارئة عكست حينها ميزان القوى العراقي الداخلي والإقليمي والدولي، فقد كان لا بد وأن يأتي الوقت الذي تصبح فيه تلك التدخلات القسرية، الذاتية جداً، والمزورة موضوعياً جداً (أي أن موضوعيتها لم تكن مكتملة الأركان والشروط)، أوهى من أن تصمد أمام عودة الأمور إلى بعض نصابها.

ولم يتأخر ذلكم الوقت الذي كشف عن هشاشة “موضوعية” الظروف التي أنشأت الوقائع ( المفروضة قسراً) على الأرض. إذ سرعان ما راح ميزان القوى الداخلي يتبدل شيئاً فشيئاً مع عودة العرب السنة للانخراط في النظام السياسي وبروزهم مرة أخرى كرقم أصيل في المعادلة العراقية لا يمكن غض الطرف عنه ناهيك عن استبعاده أو تهميشه. وكذا الحال بالنسبة لميزان القوى الإقليمي بعد أن بدأت الدول المجاورة تعبر بصوت واضح عن امتعاضها وعدم موافقتها على سياسة “اعادة الهيكلة” الأمريكية للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العراقية، مثلما تغير ميزان القوى الدولي مع تنامي الضغط العالمي ضد الإدارة الأمريكية وسياستها الحربية والتصعيدية في العراق.

وهكذا أدى تداعي هذه المعطيات إلى تداعي الحلم الكردي الذي كان قد وصل إلى ذروته بالتهديد بإعلان الانفصال التام من العراق اذا لم توافق بغداد على

ضم مدينة كركوك إلى إقليم كردستان العراق.

وذهب مسعود البرزاني الذي توج نفسه زعيماً لإقليم كردستان، إلى أبعد من ذلك باحتقاره للعلم العراقي ورفعه للعلم الكردي على المؤسسات السيادية التي أنشأها الحزبان الكرديان الرئيسيان، الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البرازاني نفسه والحزب الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالباني رئيس الجمهورية العراقية.

ليس هذا وحسب، بل ان مسعود برازاني يكاد لا يزور بغداد إلا لماما مع أن منصب رئاسة الجمهورية قد أضحى وفقا “لترتيبات” مجلس الدولة “البريمري” من نصيب الأكراد. وهو أمر بالمناسبة لا اعتراض عليه لأننا لا نفرق بالمطلق بين العربي العراقي والكردي العراقي.

فالحال ان طموحات الزعامات الكردية العراقية قد تجاوزت بعض الخطوط الحمر التي لا تقبل بعض القوى الإقليمية المجاورة والدولية وحتى بغداد نفسها بتجاوزها، فبخلاف اعتراض بغداد على ضم مدينة كركوك ذات الأهمية الاستراتيجية الجيوسياسية والنفطية إلى إقليم كردستان العراق، فإن تركيا والتركمان العراقيين في المدينة لن يسمحوا بتمرير هذا التحويل الحاد في الوضع الجيواستراتيجي للمدينة.

وهذا ما حدث بالضبط، إذ سرعان ما وجدت مراكز القوى الكردية المحركة لنزعة التوسع والنفصال، نفسها في وضع ضعيف للغاية لم ينقذها منه سوى الوساطات والتوسلات الأمريكية لتركيا بعدم المضي في الدخول إلى شمال العراق (وإرجاعه عملياً إلى ما كان عليه قبل تمتعه بمظلة الحماية الجوية الأمريكية).

بهذا المعنى فإنه يتعين على أكراد العراق على ما نرى أن يكونوا أكثر واقعية سياسياً وأن يستظلوا بمظلة الدولة العراقية التي ثبت لهم بالملموس انها حاضنتهم في أوقات الشدة. وهذا لن يقلل أبداً من شأن وقيمة حكمهم الذاتي الحافظ لحقوقهم وامتيازاتهم.


alsayyadM@yahoo.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
من يدفع "ريع" المقاومة؟
د. محمد السعيد ادريس
الخليج الامارات
الحرب التي يشنها الرئيس الأمريكي جورج بوش على العراق منذ مارس/ آذار 2003 وحتى الآن سواء كانت بسبب اغراءات ثروة العراق النفطية، أو من أجل إعادة ترسيم الخرائط السياسية واقامة “شرق أوسط جديد” على أنقاض ما كانوا يسمونه، عقب تفجيرات نيويورك وواشنطن في 11/9/،2001 ب “الدولة الفاشلة”، واقامة دويلات بديلة طائفية وعرقية تتجانس مع الدولة اليهودية في فلسطين، أو بسبب ما أعلنه مؤخراً، الرئيس بوش بحماية الأمن الأمريكي الداخلي من وصول الارهاب “إليه مرة ثانية”، هذه الحرب يدفع الشعب العراقي بسببها مليارات الدولارات، لكن الأخطر هو ما يدفعه يومياً ليس فقط من الضحايا والشهداء ولكن أيضاً من تدمير لنسيجه الوطني الاجتماعي والثقافي منذ أن نجحوا في تفجير العنف الطائفي بين شيعة وسنة العراق. هذا الثمن الذي يدفعه الشعب العراقي بسبب عدم استسلامه للاحتلال، واصراره على تحرير الأرض واستعادة الاستقلال الوطني، هناك من يجنون ثماره، ويحصدون ثمار المقاومة، ولا يشاركه في دفع مثل هذا الثمن الفادح غير الشعب الأمريكي.

فقد كشفت دراسة حديثة أعدتها لجنة ديمقراطية تابعة للكونجرس عن أن التكاليف الاقتصادية التي تكبدتها الولايات المتحدة في حربها على العراق وأفغانستان بلغت 1،5 تريليون دولار. وتقول هذه الدراسة ان تمويل هذه الحرب يحول مليارات الدولارات عن مسار الاستثمار الانتاجي في قطاع الأعمال بالولايات المتحدة، كما ان هذه الحرب تنزع جنود الاحتياط والحرس الوطني من أعمالهم ما يؤدي إلى تعطيل اقتصادي لأرباب العمل الأمريكيين يقدر بمليار إلى ملياري دولار. هذه الدراسة خلصت إلى نتيجة مؤداها ان التكلفة المادية والبشرية التي يدفعها الأمريكيون ثمناً لهذه الحرب “غير مقبولة بتاتاً”، وعلى الأخص في ظل ضبابية النصر حسب ما أكد زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ هاري ريد “لا يمكننا، بكل بساطة، أن نشتري النصر في العراق”، مشيراً إلى ان 3860 جندياً قتلوا و38164 أصيبوا هناك.

أول من يقبض ثمن الحرب في العراق هم أباطرة شركات النفط في العالم، بعد أن اقترب سعر برميل النفط من المائة دولار بعد أن كان ثمنه يتراوح بين 30 36 دولاراً للبرميل قبل الحرب. بالطبع ليست الحرب في العراق هي العامل الوحيد للاضطراب الحادث الآن في أسواق النفط ولكن التوتر الهائل في أهم مناطق منابع النفط سواء كانت الحرب الأمريكية على العراق وتداعياتها، أو الأزمة المتصاعدة حول البرنامج النووي الإيراني، سبب أساسي للصعود الهائل في أسعار النفط الذي يصل أغلبه إلى أرصدة أصحاب الشركات النفطية، سواء كانت شركات الانتاج أو التوزيع أو التكرير وكلها لها علاقة مباشرة بادارة السياسة الخارجية الأمريكية التي تدفع باتجاه في الخيار العسكري ضد ايران لتدمير منشآتها النووية والعسكرية.

هناك أيضا أطراف اقليمية كثيرة استفادت من الحرب الدائرة في العراق، وان كانت هذه الأطراف تدفع أو سوف تدفع هي الأخرى أثماناً لهذه الحرب سواء عاجلاً أم آجلاً.

لقد استفاد البرنامج النووي الايراني كثيراً من التورط الأمريكي في العراق. هذا التورط كان ومازال أهم عوائق صدور قرار أمريكي بضرب المنشآت النووية الايرانية إلى درجة أضحى من الممكن ان نقول معها ان كل يوم جديد تتورط فيه الولايات المتحدة بالعراق هو يوم جديد في عمر البرنامج النووي الإيراني الذي ليس في حاجة ماسة إلى شيء، مثلما هو في حاجة إلى الزمن كي يكتمل وعندها يكون لكل حادث حديث.

الحرب في العراق وأهوالها وفشل الأمريكيين في الرهان طويل المدى على احراز النصر أطال عمر البرنامج النووي الإيراني.

ايران مدينة للعراق وللمقاومة ب “ريع” هائل وعليها أن تدفع “ريع المقاومة” للشعب العراقي نظير كل ما حققته من مكاسب وفوائد كانت المقاومة هي “بطلتها”.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
اقرار قانون المساءلة والعدالة .. سيكون ضربة قاصمة لمستقبل الشعب العراقي ... بنود وفقرات ذكية لاعادة البعثيين الى السلطة من الشباك بعدما هربوا من الباب !!

نهرين نت


فيما يلي نص الفقرة الرابعة من قانون المساءلة والعدالة ، لنكتشف اية ضربة قاصمة ستوجه لمستقبل الشعب العراقي عندما يقر هذا القانون بضغط امريكي ، و يعود عشرات الالاف من الببعثيين الى مناصب في الجيش والشرطة والاجهزة الحساسة فيهما : "ينقل العاملون في الاجهزة الامنية - الامن العام، جهاز الامن الخاص، الامن القومي، فدائيو صدام، الامن العسكري - الى مناصب موازية لدرجاتهم في الجيش والشرطة والقطاع المدني العام، ويحال الى التقاعد من لا يتوافر بدرجتهم في القطاعات المشار اليها ويستثنى من ذلك العاملون في جهازي المخابرات والاستخبارات العسكرية لعدم ارتباط طبيعة عملهم بحياة المواطنين العادية." وفيما يلي نص هذا القرار الذي جاء ليلغي قانون اجتثاث البعث الذي اقره الدستور ، ويستبدل بهذا القرار الجديد ليسمح بعودة البعثيين الى الحكم :

نص المشروع
قانون المصالحة والمساءلة
ان الشعب العراقي الذي انتفض وتغلب على كل مظاهر الخوف والخضوع والتقسيم والذي تجاوز المحن كأمة مقتدرة على بناء ما هدمه الاعداء، هذا الشعب الذي تقدم بشجاعة قل نظيرها ليملأ صناديق الاقتراع بإرادته الحرة التي لا تستكين ولينتخب قياداته وليسطر دستوره الدائم ويسترد حريته المفقودة.
هذا الشعب الحر والملتزم بكل صدق بالمبادئ الديمقراطية وسيادة القانون، توحد مرة اخرى من اجل فتح صفحة جديدة لمستقبل عراقي واعد خال من الارهاب والفساد والتخريب، مستقبل قائم على اسس الوحدة والمصالحة الوطنية.
وليثبت هذا الشعب أصالته وتمسكه بقيمه القائمة على التسامح والمحبة والتعايش السلمي، مع ادراكه العميق بحجم الجرائم التي ارتكبت تجاه العراقيين جميعاً من قبل رموز النظام السابق وقيادات حزب البعث المنحل، ولأننا نمتلك دستوراً يصون مستقبل الاجيال ويمنع عودة البعث أو اية جهة اخرى تتبنى آيديولوجيات قائمة على استخدام العنف والارهاب والشمولية والاستبداد والطائفية والعنصرية لحكم البلاد والعباد.
ولأننا ندرك اليوم اكثر من أي وقت مضى مدى معاناة العراقيين من اعمال وممارسات النظام السابق ولان هذا الادراك هو جزء مهم من عملية دفع المسيرة الديمقراطية الى الامام وركن من اركان بناء مصالحة وطنية حقيقية لطي صفحة الماضي البغيض، غير ناسين ولا متناسين تضحيات شعبنا الكبيرة ومعاناته القاسية خلال تلك الحقبة السوداء ما يتطلب تعويضه بما يساعده على نسيان مآسي التاخر والتخلف والحرمان، وليبدأ مرحلة المعافاة والشفاء والعافية والتقدم والرفاهية في ظل قانون قادم على مبدأي المصالحة والمساءلة.
من اجل ذلك نقدم (قانون المصالحة والمساءلة) لتشييد عراق منفتح على كل العراقيين العاقدين العزم على بناء عراق حر ديمقراطي بعيد عن الطائفية والعنصرية والاستبداد والتمييز والاقصاء والتهميش ويتوازى ذلك مع تقديم اولئك الذين اجرموا بحق الشعب العراقي ومارسوا انواع القمع والاذلال بحقه الى قضاء عادل ينالون من خلاله جزاءهم العادل.. املين ان يفتح هذا القانون افاقاً واسعة امام الجميع للعمل على بناء وطننا وتعبيد الطريق امام الاجيال القادمة لرسم مستقبل مشرق وزاهر.
اولاً:- المساءلة:
1- يحال الى التقاعد كل من كان بدرجة عضو فرع فما فوق في حزب البعث المنحل.
2-يشمل قرار الاجتثاث من كان بدرجة عضو شعبة فما فوق وثبت عليه او عليها تهمة ارتكاب جرائم بحق الشعب العراقي مع توصيف تلك الجرائم.
3-يحال الى التقاعد كل من وصل سن التقاعد وكل من يثبت بحقه ارتكاب الجرائم من المنتسبين الى الاجهزة الامنية من رتبة عقيد فما فوق.
4-ينقل العاملون في الاجهزة الامنية (الامن العام، جهاز الامن الخاص، الامن القومي، فدائيو صدام، الامن العسكري) الى مناصب موازية لدرجاتهم في الجيش والشرطة والقطاع المدني العام، ويحال الى التقاعد من لا يتوافر بدرجتهم في القطاعات المشار اليها ويستثنى من ذلك العاملون في جهازي المخابرات والاستخبارات العسكرية لعدم ارتباط طبيعة عملهم بحياة المواطنين العادية.
5-تلغى الدرجات الوظيفية والعسكرية والاوسمة والالقاب كافة التي تمتع بها اعضاء الشعب والفروع والمكاتب القطرية والقومية.
6--يمنع خلال السنوات العشر القادمة اعضاء الشعب والفروع والمكاتب القطرية والقومية من المناقصات الحكومية (صنف 2، 1).
7-لا يصرف الراتب التقاعدي أو المنحة لكل من كان منتمياً "للبعث المنحل" وقت السقوط ويقوم بتقديم طلب اللجوء السياسي خارج الوطن.
8-تسقط جميع الاستثناءات والحقوق كافة ويفصل من الخدمة بتهمة الاخلال بالشرف كل من استفاد من هذا القانون وثبت لاحقاً تقديم معلومات كاذبة أو عودته على احدى التشكيلات المحظورة، أو تقديم العون لها، ويطالب قضائياً بتسديد ما استحصله من حقوق وأموال.
9-تشكل هيئة تسمى بـ "هيئة التمييز العليا للمصالحة والمساءلة" والمشار إليها في هذا القانون بهيئة التمييز من سبعة قضاة من الدرجة الاولى يعينهم المجلس الاعلى للقضاء ويوافق عليهم مجلس الوزراء ويصادق عليهم مجلس النواب، يرأسهم القاضي الاقدم منهم، وقراراتها باغلبية اربعة اصوات.
10-تنظر "هيئة التمييز العليا" في جميع قرارات هيئة الاجتثاث وفي جميع المظالم ولتدقيق القضايا المرفوعة حول اجراءات هيئة الاجتثاث.
11-في قضايا الاجتثاث أو الاستثناء، يحق للشخص المشمول أو دائرته أو عضو البرلمان أو عضو مجلس المحافظة ان يقدم طلب التمييز، خلال الفترة المحددة، ويكون قرار هيئة التمييز العليا نهائياً.
12-يجب ان تتخذ هيئة التمييز العليا قرارها خلال ستين يوماً من تاريخ تسلم الطلب. وفي كل الاحوال يستمر الموظف في وظيفته بعد منحه اجازة براتب لحين صدور القرار.
13-تستكمل "هيئة الاجتثاث" اجراءاتها خلال فترة (6) اشهر من نفاذ هذا القانون.
14يحق لكل مواطن عراقي اقامة دعوى قضائية ضد أي عضو في "البعث المنحل" أو في الاجهزة الامنية للنظام السابق امام المحاكم الجنائية في جرائم حق خاص أو عام خلال ثلاثة اشهر من صدور هذا القانون امام هيئة التمييز العليا للمصالحة والمساءلة، وتقوم الهيئة بفتح فروع لها في جميع المحافظات العراقية لتلقي الدعاوى خلال الفترة المحددة اعلاه ويحدد فترة لا تتجاوز ثلاثة اشهر من تقليها الدعاوى للبت فيها وبشكل نهائي وقاطع، ولا يحق تمييز تلك الدعاوى امام اية جهة قضائية اخرى.
ثانياً: المصالحة:
1-يسمح لمجالس المحافظات ان تتخذ قراراً يختص بدوائر محافظاتها لخفض أو رفع مستوى اجراءات المساءلة درجة واحدة حسب الظروف التي تقدرها في محافظتها لتطبيق مبادئ المساءلة والمصالحة.
2-اولئك الافراد الذين تلقوا في السابق اوامر اجتثاث البعث طبقاً لامر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (1) والقرارات المتصلة، والذين يستحقون بموجب هذا القانون اعادة تعيينهم إلى الخدمة، واذا لم يتوفر منصب مناسب في القطاع العام أو اذا كان الفرد قد بلغ العمر التقاعدي اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون عندئذ يقدم له راتباً تقاعدياً وبدون اجراءات اخرى.
3-تؤسس طبقاً لهذا القانون هيئة مستقلة محايدة تسمى (هيئة المصالحة والمساءلة) مهمتها خدمة الذاكرة التاريخية للفظائع والمعاناة في ظل نظام "البعث المنحل" لتحصين الاجيال القادمة من السقوط مرة اخرى في براثن الطغيان والاضطهاد ولبث روح التعايش والمصالحة والسلم الاهلي والعدالة والمساواة والمواطنة بين العراقيين، وتعمل بشكل خاص على تحقيق ما يلي:
أ- استكمال هوية اولئك الافراد المشمولين باجراءات الاجتثاث خلال فترة لا تتجاوز ستة اشهر ونشر قائمة بها طبقاً لاجراءات الاجتثاث المقرة في هذا القانون، بحيث تجمع قائمة باسماء جميع الأفراد الذين خضعوا لهذه الإجراءات موضحة درجة كل فرد وتاريخ صدور أمر اجتثاث البعث ذات الصلة. ويتم الاحتفاظ بهذه القائمة في أرشيف حزب البعث المنحل.
ب- يتم نقل جميع ملفات حزب البعث المنحل إلى المنظمات غير الحكومية و / أو المنظمات الحكومية المناسبة من أجل الاحتفاظ بها حتى يتم تأسيس أرشيف عراقي دائم بالقانون. ويحق لممثل المنظمة التي ستحفظ فيها الملفات النظر في هذه الملفات وجردها اعتباراً من تاريخ هذا القانون تمهيداً لنقلها وتوفير الحفظ الآمن لها.
ت- المساهمة في تطوير البرامج الاجتماعية والتثقيفية التي تؤكد على التعددية السياسية والتسامح والمساواة. وتشجب في الوقت نفسه الجرائم والفظائع التي ارتكبها النظام السابق وثقافة الحزب الواحد والتهميش والإقصاء.
4-تحل هيئة اجتثاث البعث بعد انتهاء عملها ولمدة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون.
5- تشكل لجنة مؤقتة من مجلس النواب وفقاً للمادة (135) من الدستور العراقي تتولى تقييم عمل الهيئة وتصحيح الأخطاء وإزالة الآثار السلبية التي خلفتها القرارات الباطلة على أن تنتهي أعمالها خلال ستة أشهر.

انتهى نص القانون
بقي ان نشير الى ان قانون المساءلة والمصالحة الذي يناقشه مجلس النواب ويضغط الامريكيون بقوة لتمريره ، واخذوا وعودا من الجميع بتاييده الا التيار الصدري والفضيلة ..هو ببساطة مشروع جاء ليلبي رغبة محلية واقليمية ودولية ، لاعادة الروح الى حزب البعث ، وليساهم بادخال البعثيين للسلطة من الشباك بعدما هربوا من الباب !! كلمات كثيرة منمقة كتبت وادرجت فيه ، ولكن فقرات بسيطة وزعت فيه تؤكد على ضمان عودتهم وبقوة الى أجهزة الدولة الامنية والعسكرية ، كما اتضح في نص المشروع .
بقي ان نذكر ان ثلاثة اشهر بعد تعريف قياديي البعث واجهزة المخابرات انفسهم ، سينتظرون ثلاثة اشهر حتى يبت في قرار ارجاعهم اذا لم يتقدم احد ممن المواطنين بشكوى ضدة !! أي بعبارة اوضح ان هذا الذي يعرف نفسه سيبقى مجهولا ، حتى يستلم وظيفته ، واذا تعرف عليه مواطن ما بعد ذلك ، ،بان هذا البعثي مشترك في عمليات قتل او جرائم اخرى ، فسوف لايحق له تقديم اي شكوى ضده، لان ثلاثة اشهر مرت ولم يتقدم احد بشكوى كما ينص القانون ’ وبهذه الطريقة سوف تعطل كل الشكاوى وتكون بدون اية نتيجة اذا اكتشف الشعب ان مجموعات القتلة عات الى قيادات في الداخلية والجيش اذا مر على تسجيل اسمائها ثلاثة اشهر !! وهذه الفقرة ضمانة قوية لعدم محاكمة اي بعثي متورط بعمليات اجرامية من قتل او تعذيب وغيرها من الجرائم .

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
إدارة بوش... والتستر على الفساد في العراق

د. عادل الصفتي
الاتحاد الامارات
كما لو أن مصائب إدارة الرئيس بوش في العراق -الحرب، والعنف اليومي، والنزوح، وتفشي الفقر- لم تكن تكفي؛ وكما لو أن الخداع والأكاذيب التي سعت إلى تبرير الحرب والغزو لم تكن تكفي؛ وكما لو أن الإيهام الذاتي ورفض رؤية الإخفاق الذي آلت إليه حرب العراق لم يكن هو أيضاً يكفي؛ وكما لو أن زيف الادعاءات بشأن جلب الديمقراطية وحكم القانون لم يكن كذلك؛ بتنا اليوم نعرف أيضاً أن إدارة بوش تحاول التستر على واحد من إخفاقاتها الكثيرة: حجم الفساد المستشري في العراق -الذي وصفته منظمة "ترانسبارنسي إنترناشيونال" بأنه واحد من أكثر دول العالم فساداً.



ففي تقرير رسمي حصل صحافي إذاعة "بابليك راديو" في بغداد، كوري فلينتوف، على نسخة منه، أعلن محققو وزارة الخارجية الأميركية في العراق أن حجم الفساد المتفشي في الحكومة العراقية كبير إلى درجة أن الحكومة تعجز عن فرض حتى أبسط قوانين محاربة الفساد. كما أفاد محققون أميركيون بأن الوزارات العراقية ترفض التعاون مع "اللجنة العراقية للنزاهة العامة" التي كان مسؤولوها يُمنعون من الوصول إلى المكاتب الحكومية. وقد أعلنت إذاعة "بابليك راديو" أن موظفاً من وزارة الداخلية العراقية أخبر مراسلها بأن "مسؤولين كبارا في الوزارة يجنون أموالاً طائلة من العقود المخصصة لشراء التجهيزات"، وبأن "أفراد الشرطة يقدمون الرشاوى من أجل الحصول على الترقيات".



إلى ذلك، نُقل عن القاضي العراقي راضي حمزة الراضي، الرئيس السابق لـ"اللجنة العراقية للنزاهة العامة" الذي طلب اللجوء في الولايات المتحدة، قوله للجنة من الكونجرس الأميركي حول الفساد في العراق إن محققيه كشفوا عن فساد "متفشٍّ" في الوزارات العراقية قد يكون كلف البلاد ما يناهز 18 مليار دولار. وفي هذا السياق، قال الراضي: "لقد توصلنا إلى أن الفساد طال كل شيء"، مضيفاً: "إن الفساد ينخرهم إلى درجة أنهم سيهاجمون منتقديهم وأسرهم بالأسلحة والاتهامات المضادة بالفساد". (واشنطن بوست، 5 أكتوبر 2007)


إدارة بوش خلقت في العراق بيئة حبلى بإلاخفاقات؛ وبدلاً من حكم القانون والشفافية، تسببت في الفوضى والفساد. وبدلاً من المجتمع المدني، تسببت في حرب أهلية.
وبالفعل، فقد طال الفساد المئات من مشاريع الإعمار وإصلاح الشبكة الكهربائية وأنابيب النفط؛ إذ يُظهر تدقيق للحكومة الأميركية بخصوص إعادة الإعمار أنه من بين الـ30 مليار دولار التي وافق عليها الكونجرس لإعادة إعمار العراق، فإن 8 مليارات دولار على الأقل اختفت عن الأنظار. أما المسؤولون الذين يتحلون بالشجاعة ويعلنون عن وجود ممارسات غير قانونية، فإن مصيرهم يكون في الغالب تشويه السمعة وتنزيل الرتب وأموراً سيئة أخرى. فالمجند السابق في سلاح البحرية دونالد فانس مثلاً، والذي تجرأ على الإعلان عن مبيعات أسلحة غير قانونية، زج به الجيش الأميركي في العراق في السجن، و"تعرض لأساليب استنطاق قاسية". وهو ما أكده تحقيق لوكالة "أسوشيتد بريس" حول حالات مماثلة، وخلص إلى أنه "لا توجد عواقب محمودة بالنسبة للأشخاص الذين يطلقون صيحات التحذير" (أسوشيتد بريس، 25 أغسطس). كما رفضت إدارة بوش الانضمام إلى أي من الدعاوى المرفوعة في المحاكم الأميركية منذ 2004 حول ممارسات غير قانونية طالت عقود إعادة الإعمار العراقية التي يقال إن قيمتها بعشرات الملايين. علاوة على ذلك، فعندما طلبت لجنة من الكونجرس الحصول على نسخة من تقرير وزارة الخارجية حول الفساد في العراق، رفضت وزارة الخارجية التعاون، وقررت بدلاً من ذلك إضفاء طابع السرية على التقرير. وقد كان ذلك قراراً غريباً على اعتبار أن التقرير كان قد تعرض للتسريب من قبل، كما أن التقرير الكامل سبق نشره في موقع "فيدرالية العلماء الأميركيين" على شبكة الإنترنت. وهكذا، أرادت وزارة الخارجية الاحتفاظ بتقرير رسمي، هو في الأصل متداول على نطاق واسع، بعيداً عن المشرعين الأميركيين في محاولة لإخفاء الإخفاقات وتفادي المحاسبة. وقد غضب هنري وكسمان، رئيس لجنة المراقبة التابعة لمجلس النواب الأميركي، من رفض وزارة الخارجية التعاون، فكتب إلى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس يقول: "من الواضح أن موقف وزارة الخارجية من هذه المسألة سخيف". وأضاف قائلاً: "إذا كان الفساد مستشرياً داخل حكومة المالكي، فهذه معلومة من حق الكونجرس والجمهور أن يعرفاها"، محذراً من أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قد تجد نفسها في مواجهة مع الكونجرس لأن "هذه الجهود الرامية إلى إسكات النقاش محرجة للغاية" (واشنطن بوست، 5 أكتوبر 2007). كما حذر أربعة مشرعين أميركيين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من أن "استشراء الفساد" في العراق يغذي التمرد، واتهموا وزارتها بالتستر عليه (وكالة الأنباء الفرنسية، 13 أكتوبر 2007). ومن جانبهم، كتب 12 نقيباً من الجيش الأميركي سبق لهم أن عملوا في العراق في صحيفة "واشنطن بوست" حول حتمية الفشل العسكري في العراق، فأشاروا من جملة ما أشاروا إليه إلى أن "تفشي الفساد على جميع الأصعدة إنما يكرس حالة العجز عن الحكم... فالعديد منا كان شاهداً على استغلال أموال الضرائب الأميركية من قبل مسؤولين وعسكريين عراقيين... ومع ذلك، فإن محاسبة الأشخاص تبين أنها أمر صعب" (16 أكتوبر 2007) إن فضيحة الفساد والتستر، وفضيحة التعذيب ومذكرات التعذيب السرية التي أعقبتها، والأكاذيب والتضليل بخصوص الحرب، وعدم احترام الأرواح البريئة العراقية كلها أمور تنضاف إلى قائمة طويلة من الإخفاقات في العراق. وبدلاً من نموذج للحكم الديمقراطي في العراق، فإن إدارة بوش خلقت في العراق بيئة حبلى بإلاخفاقات؛ وبدلاً من حكم القانون والشفافية، تسببت في الفوضى والفساد. وبدلاً من المجتمع المدني، تسببت في حرب أهلية. فكم من الإخفاقات الأخرى تستطيع إدارة بوش أن تتحملها، من دون أن يضر ذلك بمصداقيتها؟

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
«الصحوة العشائرية» بعد «الصحوة الإسلامية»
عريب الرنتاوي
الدستور الاردن
تصدرت ظاهرة "الصحوة العشائرية" في العراق ، الأخبار على امتداد العام الفائت ، فلهذه الظاهرة يعود الفضل في ملاحقة القاعدة واستئصال شأفتها من مدن وبلدات الأنبار وبغداد و"المثلث السني" ، وهي المسؤولة عن ارتفاع منسوب اهتمام "العرب السنة" بالعملية السياسية الجارية في العراق ، وانخراط أبنائهم المتزايد في أجهزة الدولة الجديدة من مدنية وعسكرية وأمنية ، وقد باتت "مجالس الصحوة" أطرا تفاوضية وتمثيلية ، تحل تدريجيا محل الأحزاب السياسية وفصائل المقاومة و"المجاهدين".

وإذ بدا أن تجربة "الصحوة العشائرية" قد نجحت في أوساط "العرب السنة" ، فقد بدأت مفاعيلها تنتشر في أوساط "العرب الشيعة" كذلك ، فكل المتضررين من تنامي النفوذ الإيراني في العراق من هؤلاء ، وكل "القرفانين" من تغوّل الفصائل والمليشيات والجيوش الشيعية وفسادها في الأرض ، بدأوا ينضوون تحت راية "الصحوة" وينتظمون في مجالسها ومليشياتها النظامية و"نصف النظامية" ، أو السائرة على طريق التحول إلى مليشيات نظامية.

ويبدو أن الولايات المتحدة التي أراح إدارتها وجنرالاتها ، هذا الإنجاز غير المتوقع الذي حققته "مجالس الصحوة" ، قد بدأت التفكير جديدا بنقل هذا الأنموذج وتصديره إلى بؤر التوتر الأخرى في العالم ، ففي أفغانستان مثلا ، بدأ العمل على إنشاء "مجالس صحوة عشائرية" مماثلة ، ويجري إقناع الرئيس الباكستاني برويز مشرف على تعميم هذه التجربة في مناطق القبائل والحدود ما بين الباكستان وأفغانستان.

لقد اهتدت الولايات المتحدة إلى معرفة حلفائها الجدد على الطريق لـ"نشر الديمقراطية" وبناء "الشرق الأوسط الجديد" ، فالعشائر وليس الأحزاب هي أدوات التحول الديمقراطي وقنوات نشر الحرية والتعددية ، وشيوخها ومجالسها هي بديل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ، ومجالسها هي نواة البرلمان الذي من المفضل أن يأخذ اسم المجلس العشائري (الوطني) ، والذي قد يتشكل من الاتحاد الطوعي لمجالس الصحوة العشائرية المنتشرة في البوادي والأمصار ، ومليشياتها هي البديل الأنسب لأجهزة الأمن ، وأعرافها وتقاليدها وقانونها العشائري ، هي المعادل الموضوعي لدولة المؤسسات وسيادة القانون العصري والحديث.

الغاية تبرر الوسيلة ، وطالما أن الليبراليين والديمقراطيين والعلمانيين عاجزون عن مواجهة "الصحوة الإسلامية" ومعادلة نفوذها في الشارع العربي ، فلا بأس من اللجوء إلى "المؤسسة" الثانية القوية والنافذة في المجتمعات العربية والاستقواء بها ، واعني بها "مؤسسة" العشيرة ، فالمجتمعات العربية - عموما - وبعد سنوات وعقود من الركود والديكتاتورية والشمولية وانحباس التنمية الاقتصادية - الاجتماعية والإصلاح السياسي ، باتت تخضع عمليا لنفوذ "مؤسستي" الدين والقبيلة ، ولا بأس من منظور أمريكي من ضرب الواحدة بالأخرى ، أو الاستقواء بالواحدة على الأخرى.

"الصحوة العشائرية" في العراق ، ترادفها صحوات مماثلة في كثير من الدول العربية ، وإن بأشكال أقل تفاقما وتأثيرا ، وفي المجتمعات الريفية غير العشائرية ، يتنامى نفوذ العائلات الممتدة و"الحامولة" ، وفي غياب سلطة الدولة المركزية أو ضعفها في بعض الساحات العربية ، تحرك الدين والقبيلة كوسائل للتأطير والتعبير والتنظيم ، ومع تراجع "الصحوة الإسلامية" كان من الطبيعي أن تتقدم "الصحوة العشائرية" الصفوف في كل انتخابات ومناسبات ومنعطفات تشهدها مجتمعاتنا المعاصرة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
مسؤولية واشنطن في الأزمة الكردية - التركية
نقولا ناصر
الخليج الامارات
لكي تحمي النموذج الناجح لتقسيم العراق على أسس عرقية وطائفية، المتمثل في “واحة الأمن والأمان” الكردية التي كانت واشنطن ترعاها منذ عام 1991 في كردستان العراقية، من اجتياح عسكري تركي يتهدده، قامت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بزيارة أنقرة لتسوق حلا “دبلوماسيا” يقوم على تقسيم الأكراد إلى “إرهابيين” تقف واشنطن إلى جانب أنقرة ضدهم و”غير إرهابيين” تطلب واشنطن من أنقرة الوقوف إلى جانبها في دعمهم.

لكن زيارة رايس لأنقرة ثم مشاركتها في اليوم التالي في اجتماع الدول المجاورة للعراق في اسطنبول، الذي حضره أيضا أمين عام الأمم المتحدة بان كي-مون، إنما تسلط الأضواء أولا على الدور الأمريكي في تفجير الأزمة الكردية التركية الراهنة وثانيا على مدى الأهمية التي توليها واشنطن لنزع فتيل هذه الأزمة التي تهدد ركنا أساسيا في مشروع الاحتلال الأمريكي للعراق.

وفي معمعة الحرب الكلامية الدائرة حاليا بين الأتراك والأكراد ووسط لعلعة الرصاصات الأولى في القتال بين الطرفين تكاد تضيع حقيقة أن الصاعق الذي فجر الأزمة الراهنة كان أمريكيا ويغيب عن طرفي الأزمة أن العامل الأمريكي، الذي يحرص على بقاء الأضواء بعيدة عنه، هو الغائب الحاضر في هذه الأزمة.

اجتمعت دول الجوار العراقي في استانبول في الثاني من الشهر الجاري لتغرق في تفاصيل الأزمة الكردية التركية بينما كان ينبغي أن يكون على جدول أعمالها بند واحد فقط هو مسؤولية القوة الأمريكية المحتلة للعراق عن الفوضى الإقليمية غير الخلاقة التي أعقبت احتلالها للجار العربي المسلم نتيجة لتحول الولايات المتحدة إلى أكبر دولة داعمة للإرهاب داخل العراق في العالم.

هل هناك مبالغة؟

لنلجأ إذن إلى تفصيل موجز للمنظمات التي تمارس الإرهاب تحت مظلة الاحتلال الأمريكي في العراق. فقد استدرجت واشنطن إلى داخل العراق منظمة “القاعدة” التي يصنفها القانون الأمريكي نفسه بأنها إرهابية، كي تتخذ منها قميص عثمان يسوغ للإدارة الأمريكية أمام شعبها المعارض للحرب على العراق استمرار إبقاء قواتها فيه من ناحية ولكي تشوه صورة المقاومة الوطنية العراقية بالخلط المدروس بينها وبين القاعدة من ناحية أخرى.

كما احتضنت واشنطن منظمات يصنفها القانون الأمريكي أيضا بأنها إرهابية لكنها كانت موجودة قبل الاحتلال إما بحكم الأمر الواقع مثل حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) التركي أو بموافقة رسمية مثل “منظمة مجاهدي خلق” الإيرانية، بهدف استخدامها لهذا الغرض أو ذاك ضد الجوار العراقي.

وحولت واشنطن احتلالها العسكري إلى حاضنة لمنظمات طائفية تكاثرت كالفطر في البيئة الأمريكية المواتية لكي تمارس الإرهاب والتطهير المذهبي.

ثم أنشأت واشنطن منظمات إرهابية للعمل ضد إيران مستغلة العامل القومي داخل العراق لدى الأكراد والعرب على حد سواء ومستغلة أيضا العامل ذاته في أوساط العرب والأكراد الإيرانيين إضافة إلى ما لدى هؤلاء من تظلمات ومآخذ على النظام الإيراني، وهكذا لجأت واشنطن إلى خلط الأوراق في أوساطهم لتشوه كذلك نضالهم من أجل إزالة هذه التظلمات، فبات المراقب يسمع عن عمليات إرهابية داخل إيران تنسب إلى حركات وطنية أصيلة بين عرب إيران وأكرادها.

يقول ريس إيرليش الصحافي والمنتج الإذاعي المستقل ومؤلف كتاب سيصدر قريبا بعنوان “أجندة إيران: القصة الحقيقية لسياسة الولايات المتحدة وأزمة الشرق الأوسط” في تقرير له نشره في “موذر جونز” مؤخرا إن مصادر كردية وأمريكية أكدت له أن الولايات المتحدة تدعم غارات يشنها “رجال عصابات ضد إيران، وتمدهم بالمال عبر منظمات داخل كردستان العراقية”، ويضيف، كما نقلت عنه “تيركيشويكلي. نيت” في 28 الشهر الماضي: “عندما كنت في شمال العراق تأكدت بأن ذلك النوع من النشاط مستمر من الأراضي العراقية الخاضعة للسيطرة الكردية”.

وفي تعليق له على نفي حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الأمريكية لوجود رجال عصابات كهؤلاء قال إيرليش إن مكالمتين بالهاتف النقال والذهاب بالسيارة إلى الجبال تكفي لدحض نفي علم الحكومتين بوجودهم. وتحقق إيرليش بنفسه من وجود معسكرات لل “بي كيه كيه” ول “حزب الحياة الحرة لكردستان” (بي جيه إيه كيه) التابع له للعمل في إيران.

وأضاف أن ال “بي كيه كيه” قبل حوالي سنتين انقسم إلى أربعة أحزاب يعمل كل منها في العراق وتركيا وإيران وسوريا، لكن الأحزاب الأربعة هي في الأساس جزء من التنظيم الأم، لكن الولايات المتحدة لا تعترف بالفرع التركي بسبب علاقات واشنطن الاستراتيجية مع أنقرة، ثاني أكبر قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، غير أنها تدعم الفرع الإيراني لل “بي كيه كيه”.

ولا بد أن ازدواجية واشنطن هذه كانت على جدول أعمال اللقاء الذي تم في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي جورج دبليو. بوش، وكان أردوغان قد صرح بأن العلاقات الثنائية سوف تتأثر سلبا أو إيجابا نتيجة لهذا اللقاء، وبالتأكيد فإن قرار الاجتياح العسكري التركي لقواعد ال”بي كيه كيه” في شمال العراق سوف يتحدد أيضا نتيجة للقاء.

والجدير بالذكر أنه لم يكن في العراق من الإرهاب قبل الاحتلال عام 2003 سوى عمليات متفرقة لا قيمة لها كانت تقوم بها فصائل “المعارضة” العراقية التي تمولها وتدربها ال “سي آي إيه”.

إن عشرات الآلاف من الأمريكيين الذين خرجوا إلى شوارع مدن سان فرنسيسكو ولوس انجلوس ونيويورك وشيكاغو وبوسطن وفيلادلفيا وسياتل وعشرات أخرى من المدن الأمريكية للتظاهر ضد استمرار الحرب التي تشنها حكومتهم على العراق ولمنع وقوع الحرب التي تعد إدارتهم لها على إيران لا بد وأن يفاجئوا بحرب لم تكن في حسبانهم يتم الحشد لها حاليا بين حلفاء أمريكا الأتراك والأكراد فوق الأرض العراقية نفسها التي تحتلها القوات الأمريكية، نتيجة للمغامرات العسكرية والحسابات الخاطئة والسياسات الخرقاء لإدارة رئيسهم جورج بوش التي تدفع شعوب الشرق الأوسط أولا ثم الشعب الأمريكي ثمنها من دماء أبنائهم.

وربما سوف يصاب بعضهم بالصدمة لمدى اتساع العداء لبلادهم حتى لدى شعوب تربطها بها علاقات تاريخية واستراتيجية عريقة وتاريخية، عندما يعرف مثلا بأن 11 في المائة فقط من الأتراك لهم وجهات نظر “إيجابية” في الولايات المتحدة، حسب استطلاع أخير للرأي أجرته مؤسسة “صندوق مارشال الألماني”، وكان أحد الأسباب الرئيسية التي أوردها الاستطلاع للعداء لأمريكا في تركيا عدم استعداد واشنطن للضغط على “حليفها” مسعود البرزاني لكي يوقف الهجمات “الإرهابية” التي يشنها حزب العمال الكردستاني “التركي” على تركيا انطلاقا من أراضي حكومة إقليم كردستان العراق.

صحيح أن لحوالي ثلاثين مليون كردي موزعين على دول المنطقة التي انبثقت عن هزيمة الدولة الإسلامية العثمانية أمام الحلفاء الغربيين في الحرب العالمية الأولى مشاكلهم السياسية مع هذه الدول التي كانت تنفجر عنفا ودما بين وقت وآخر بسبب طموح الأكراد إلى إنشاء دولة قومية لهم لأول مرة في التاريخ وبسبب معارضة الدول التي يتوزعون مواطنين فيها لهذا الطموح.

لكن صحيح أيضا أن واشنطن، التي تثقف مواطنيها لكي يفخروا ب “بوتقة الصهر” الأمريكية التي تذيب الفوارق بين شتات القوميات والجنسيات والأعراق واللغات للمهاجرين إليها من أصقاع الكرة الأرضية الأربع، قد سعت عامدة متعمدة إلى تدمير المصهر العربي الإسلامي الذي كان يوحد العراقيين، الذين لم يهاجروا إلى العراق بل كانوا أهله الأصلاء طيلة آلاف من السنين، عربا وكردا، شيعة وسنة، مسيحيين ومسلمين، علمانيين ومتدينين، في سعيها لإسقاط نظام صدام حسين.

ولأن المصهر العربي الإسلامي الموحد للعراقيين كان الهوية الأعرق والأقدم من أي نظام سياسي أو حاكم في بغداد، لم يجد الغزو فالاحتلال الأمريكي مناصا من تدمير الدولة العراقية وتفتيتها إلى دول، “فيدرالية” أم غير فيدرالية لا فرق، تمهيدا لتفتيت كل منها إلى أقليات قومية أو دينية أو طائفية تتنازع على النفوذ والثروات وتستقوي على بعضها البعض بطلب الدعم الأجنبي الطامع فيها جميعا، لأن هذه هي البيئة السياسية الوحيدة التي تتيح لأي قوة أجنبية غازية أو محتلة ممارسة سياسة “فرق تسد” لضمان استمرار وجودها، ولأن الوحدة الوطنية هي النقيض الأكيد لأي وجود كهذا.

وكان “الخيار الكردي” هو المدخل الأمريكي الأسهل، لأسباب غنية عن البيان، لقلب “المصهر” العربي الإسلامي على رؤوس كل المستفيدين منه والمستظلين بثقافته التعددية الأصيلة المجربة عبر قرون طويلة من الزمن، والتي جاء الإسلام ليرسخ هذه التعددية بالنص في القرآن الكريم على التعددية الدينية في عقيدة الإسلام نفسه في زمن امبراطوريات كانت تقيم “محاكم التفتيش” لمن يختلفون معها في المذهب، ناهيك عمن اختلفوا معها في الديانة.

ومنذ فرض سلاح الجو الأمريكي منطقتي الحظر الجوي في شمال العراق وجنوبه عام 1991 زرعت واشنطن بذرة الأزمة، بل الأزمات، ليس بين كردستان العراق وبين تركيا فقط بل بين أكراد العراق وبين مواطنيهم العراقيين الآخرين أولا ثم بينهم وبين جيرانهم الآخرين في إيران وسوريا، البلدين اللذين كان كرد العراق يجدون فيهما ملجأ ومنهما دعما طوال نزاعهم مع السلطة المركزية في بغداد، بغض النظر عن النظام الحاكم في العاصمة العراقية.

لقد وقعت القيادات الكردية العراقية في الفخ الأمريكي الذي داعب الطموحات القومية للأكراد لأسباب تكتيكية لا علاقة لها بهذه الطموحات، واهمة في قدرتها على استغلال “الورقة الأمريكية”. وطالما لعبت القوى الإقليمية ب “الورقة الكردية” في صراعاتها ومنازعاتها لفترة طويلة كان ينبغي أن تكون كافية لكي تتعلم القيادات الكردية بعامة والكردية العراقية بخاصة الدرس لكي لا تزج شعبها مرة أخرى في أتون هذه الصراعات والمنازعات، لكنها بدلا من ذلك اختارت أن تقحم شعبها في مغامرة تاريخية لم يعد من الممكن فيها التفريق بين مصير القوات الأمريكية الغازية وبين مصير أكراد العراق.

وسوف يكتشف الأكراد العراقيون، عاجلا لا آجلا، الفخ القاتل الذي أوقعهم قادتهم فيه بدعوة الغازي الأمريكي إلى احتلال بلدهم وشعبهم وبتحويل موطنهم إلى قاعدة ارتكاز لهذا الغزو وبتقديم أبنائهم وقودا متطوعا لخدمة الغزو والاحتلال بينما جنود الغزو أنفسهم وما يقل قليلا عن تعدادهم من “المتعاقدين الأمنيين” يلتحقون بالقوات الغازية على أساس “الارتزاق” لا على أساس “الخدمة العسكرية الوطنية” في جيش بلادهم، لكن بعد أن يدفعوا الثمن فادحا من دماء أبنائهم.

لقد استهدف الأمريكيون تحقيق عدة أهداف من مداعبة الطموح القومي للأكراد. فهم أولا أرادوا استخدام كردستان العراق قاعدة عسكرية للحشد والتعبئة والتجسس لغزو العراق فاحتلاله، وهو ما حدث فعلا، وأرادوا ثانيا طابورا خامسا عراقيا يسهل مهمتهم، وقد وجدوا للأسف في “البشمركة” قوة جاهزة “تحت الطلب” لخدمتهم وخدمة النظام الموالي لهم الذي ما زالوا يحاولون إخراجه من حصاره في المنطقة الخضراء في بغداد، من دون نجاح بعد أكثر من أربع سنوات دموية من الاحتلال.

وسعى المحتلون الأمريكيون ثالثا، حتى قبل الغزو، إلى تأهيل كردستان العراق لكي تكون مثالا للأمن والاستقرار والازدهار لمن يتعاونون مع الاحتلال تشجع الأقليات العرقية أو الطائفية العراقية الأخرى على الاقتداء بها. فشجعوها على قطع صلاتها الإدارية والسياسية والوطنية وحتى اللغوية مع المركز العراقي ومع بقية أطراف هذا المركز على حد سواء، “مداعبين” الطموح القومي الكردي، حد أن توهم قادة أكراد العراق أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من حلمهم في الانفصال فالاستقلال، وحد أن تأخذهم العزة بالإثم الوطني العراقي إلى البدء في تنفيذ أطماع إقليمية تقتطع من الوطن الأم مناطق يضمونها إلى كردستان “المستقلة” بحكم الأمر الواقع الأمريكي حاليا بانتظار الفرصة السانحة لإضفاء صفة قانونية وشرعية دولية على هذا الاستقلال المرجو.

ورابعا استهدف الغازي الأمريكي استغلال الوضع الناجم عن مداعبته لطموحات كرد العراق القومية كاحتياطي استراتيجي يستخدمه ضد دول الجوار التي لا تتساوق مع مخططات الهيمنة الإقليمية الأمريكية.

لقد نجح الإعلام الأمريكي وتواطأ قادة كرد العراق معه في حجب الأسباب “الأمريكية” الكامنة وراء قيام إيران أواخر شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بإغلاق معابرها الحدودية الخمسة مع كردستان العراقية بعد فترة شهدت قصفا مدفعيا إيرانيا لقرى كردية عراقية حدودية. إن التصريحات الأمريكية الرسمية عن اعتقال ضابط في فيلق القدس الإيراني في محافظة السليمانية وقبل ذلك اعتقال دبلوماسيين إيرانيين في المنطقة الكردية، بتهمة التجسس أو دعم “الإرهاب”، قد ضللت المراقبين بعيدا عن تسليط أضواء الإعلام على الأسباب الحقيقية للإجراء الإيراني، تماما مثلما يجري حاليا التعتيم على الأسباب “الأمريكية” للأزمة الكردية التركية.

إن غرق قوات الاحتلال الأمريكي في مستنقع المقاومة الوطنية وعجزها عن السيطرة حتى على بغداد حتى الآن يجعلها أعجز من أن تخصص ولو بعض جهدها العسكري لطمأنة حليفها التركي على حدوده المشتركة مع العراق، ومن هنا الحل “الدبلوماسي” التي حاولت الوزيرة رايس تسويقه في اسطنبول.

أما “وعد” رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بضبط هذه الحدود فإنه لا يعدو كونه جعجعة دون طحن، فحكومته التي تعلن حاجتها لبقاء قوات الاحتلال من أجل حمايتها حتى يشتد عودها هي حكومة بلا أسنان، عاجزة حتى عن ضبط أمن المنطقة الخضراء المحاصرة فيها. وبالتأكيد ليس للإيرانيين أي مصلحة في المغامرة بمصالحهم المتنامية مع جارهم التركي من أجل حماية قادة أكراد حولوا مناطقهم إلى قاعدة أمريكية للتآمر على إيران. وكانت تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد بعد زيارته الأخيرة لأنقرة كافية لكي لا يتوقع قادة كرد العراق أي نجدة تأتيهم من جارهم السوري.

لقد عزل قادة كرد العراق شعبهم عن عمقه الجيوبوليتيكي الذي كان تاريخيا عونا لهم وملجأ على قاعدة التآخي العربي الكردي والتآخي الكردي الإسلامي واستبدلوه بحليف استقدموه عبر المحيطات والبحار البعيدة لمناصبة عمقهم الطبيعي العداء. وها هي السياسة الخارجية الأمريكية الخرقاء في الشرق الأوسط بعامة وفي العراق بخاصة تحاصر الأكراد العراقيين بخطر محدق يأتيهم من الشمال التركي من دون أي معين إقليمي لهم ومن دون أن يكون الحليف الأمريكي قادرا على نجدتهم.

وكان الدعم الأمريكي خارجيا و”الفيدرالية”، التي يحاول الغزاة إنجاحها كنظام في العراق، داخليا هما ركيزتا “الوهم” الذي يراود قادة كرد العراق، وهم لم يخفف من سرابه تعثر مشروع الاحتلال بفضل المقاومة المتنامية له والمعارضة الوطنية الواسعة للفيدرالية بفضل الوعي الوطني العراقي الذي أدرك منذ البدء أن الفيدرالية هي المدخل لتقسيم الوطن.

إن الغازي الأمريكي الذي يسعى إلى تقسيم العراق من أجل ضمان بقائه فيه لن يتردد في تقسيم الأكراد للهدف ذاته. فها هي رايس تفرق بينهم فتصنف بعضهم إرهابيين يمثلون “عدوا مشتركا” لبلادها وتركيا كما قالت في أنقرة و”غير إرهابيين”، ومما لاشك فيه أن الرئيس الكردي للعراق جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني لا يتفقان معها في هذا التصنيف، لأنهما إذا فعلا سيكونان كمن يطلق النار على قدميه. إن رايس تحاصرهما بين الموافقة على تصنيفها وبالتالي فقدان مصداقيتهما “القومية” أمام أبناء جلدتهما وبين الوقوف مع الوحدة “القومية” للأكراد وبالتالي مواجهة القرار التركي بالحسم العسكري للأزمة، وفي الحالتين الخاسر الوحيد الرئيسي هم الأكراد العراقيون الذين لم يترك لهم قادتهم سندا وطنيا عراقيا قادرا على إغاثتهم عندما يستغيثون أو يؤويهم في الملمات.
nicolanasser@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
جرح العراق النازف
يوسف الغزو
الاتحاد الامارات
حينما يقتل في العراق عشرون ويجرح خمسون.. توصف الحالة العراقية بانها هادئة نسبيا... او هناك تراجع في حجم الارهاب لان العشرين هم وجبة صغيرة سريعة تقدم على قربان الارهابيين ولهم... وجبة من دم العراقيين يتناولها اولئك الذين اضحوا هم والشر والجريمة والارهاب في خندق واحد.. بل اضحوا هم الشر والجريمة والارهاب دون منازع.

العشرون مثلا هم وجبة سريعة... ولكن الوجبة العادية هي الخمسون والستون والسبعون من ابناء هذا الشعب العربي الاصيل يقتلون في المساجد والمعابد والاسواق وحافلات الركاب ،اما اذا ما رغب الارهابيون في وجبة مميزة فان العدد يتجاوز المائة... ونرى الشهداء -لان كل من قتل مظلوما فهو شهيد - وقد تناثرت منهم الاطراف المقطوعة ، والرؤوس المفصولة عن الاجساد.... وبحور الدماء الحمراء القانية كبركة اعدت ليسبح فيها الشيطان. ويبقى السؤال الكبير : لماذا لم يقتل هؤلاء ؟.. باي ذنوب قتلوا؟ ماذا سيجاب عليهم يوم الحشر الاكبر حينما يسألون : باي ذنب قتلنا؟ احمد شوقي قبل تسعين عاما قال :

اذا ما اشتكى في العراق جريح.
لمس الشرق جنبـــه في عمانه.

فماذا يقول لو شاهد الوجبات السريعة والمتوسطة ومهرجانات الدماء القانية ؟ اذا كان الجريح الذي اشتكى - في العراق قد حرك وجدان امير الشعراء....فلماذا تصمت الدنيا.. دنيا العرب خاصة عن هذا الذي يجري في العراق ؟ ولماذا لا توضع النقاط على الحروف ؟ ولماذا تصر بعض فضائيات العروبة على ان قتلى العراقيين ليسوا شهداء ؟ وان قاتليهم ليسوا ارهابيين مجرمين ؟ ولماذا الاحتفاء بروايات الارهابيين كل هذا الاحتفاء فتفسح لهم ساعات البث كي يقولوا ما يريدون ؟ ولماذا كل هذا العهر الاعلامي لبعض الفضائيات التي جعلت من ساعات بثها اداة للنفاق وطمس الحقائق ؟ ولماذا يعلقون تبريرهم للجرائم على شماعات الاخرين حينما تحاصرهم دماء العراقيين فلا يجدون عنها محيصا ؟ يفعلون ذلك رغم ان بيانات القتلة تبث علانية... ويتبنون فعل كل هذه الجرائم ؟ فمتى تنهض الامة كلها.. وتتحدث بمنطق حضاري يشير دون مواربة الى اولئك الذين استمرأوا الوجبات اليومية من دم العراقيين ؟ وغير العراقيين وتعتبرهم الفئة الباغية. وتقول فيهم كلمة سواء - وتتصدى لهم حتى يفيئوا الى امر الله ويبرأ العراق من جرحه النازف دون انفطاع.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
المصالح الأميركية والنوايا الإيرانية
عبدالمجيد جرادات
الدستور الاردن
لماذا يتم التركيز خلال هذه الفترة على المخاوف المحتملة من المشروع النووي الإيراني؟ ، وهل يمكن القول أن فشل مهمة قوات الاحتلال الأميركي والبريطاني في العراق وأفغانستان ، يتطلب البحث عن دور عربي يتحمل وزر هذه التبعات؟ ، وفيما إذا استمرت الجمهورية الإيرانية ببرنامجها النووي ، فهل ستقوم الإدارة الأميركية بمحاربتها كما فعلت في العراق منذ مطلع عام 2003 ؟ . تؤكد القراءة المتأنية لحجم الضخ الإعلامي الموّجه في هذا الميدان أننا أمام مرحلة متجددة من الحرب الباردة وصراع المصالح بين الجهات التي تسعى للمحافظة على أهدافها الاستراتيجية وأسواقها التجارية في هذه المنطقة ، وبحدود التجارب العملية وما نتج عنها من دروس ، يمكن التذكير بالحقائق والمعطيات التالية : _

أولا : أشرنا فيما مضى بأن فرضية المواجهات الميدانية داخل الأراضي الإيرانية ، غير واردة ، ذلك لأن الجنود الذين تورطوا في غزو العراق ، عجزوا عن حماية أنفسهم ، ولن يكون بوسعهم خوض منازلات ميدانية ، خصوصا إذا فكروا بالانطلاق من الحدود التي تربط العراق بإيران ، والتي تزيد عن"الألف كيلو متر".

ثانيا : يستطلع خبراء السياسة في الولايات المتحدة خلال هذه الفترة أهم النتائج التي ستترتب على توجيه ضربات جوية من حاملات الطائرات الأميركية المتواجدة في مياه الخليج العربي ، باتجاه المنشات الإيرانية ، ومن الواضح أن هنالك جملة محاذير ترتكز على أمرين ، أولهما ، أن طبيعة الرد ، والنوايا الإيرانية"غير معروفة"لصناع القرار في الإدارة الأميركية ، أما الأمر الثاني ، فهو يتلخص بالترتيبات التي تمثلت بالزيارة التاريخية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيران مؤخرا حيث تم التوصل لاتفاق بين الدول المطلة على بحر قزوين ، ينص على إيجاد ميثاق ، يحفظ حق هذه الشعوب بصون ممتلكاتها ، وُيحرّم استقبال قوات أجنبية على أراضيها .

في مجمل الأحوال ، فإن معظم المحللين والمتابعين ، يرون أن الترويج للخطر الإيراني على الدول العربية ، يعتبر مطلبا أميركيا ، لأنه يمنح قواتهم الفرصة لتوطين تواجدها في العراق ، وبالمقابل ، فلنا أن نشير إلى أن لغة الخطاب بين القيادات الإيرانية والجهات الرسمية في الولايات المتحدة تتسم بالندية والدبلوماسية ، وبخلاف ما اعتدنا عليه في العديد من المواقف بالنسبة لبعض الدول العربية ، فهل من وقفة ، تضع الشخصية العربية في الإطار الذي يليق بها؟.

نطمئن لمضمون البيان الختامي لملوك ورؤساء الدول المنتجة للنفط ، والذي صدر في العاصمة السعودية الرياض في الثامن عشر من هذا الشهر ، فهو يشكل خطوة احترازية من شأنها الحيلولة دون المضي برفع أسعار البترول والتي ستكون على حساب الاستقرار الاقتصادي في معظم الدول العربية ، ونحسب أن استفحال"تغوّل الأسعار"سيؤدي لغياب الأمن الاجتماعي ، وهذا هو المشهد الذي تخطط له الصهيونية العالمية ، والذي فرض في فلسطين المحتلة ، وتفشى في العراق ، وهي الحقيقة التي نتوقع الأخذ بأسبابها ، مع مراعاة الاستفادة من عبر الماضي ، حتى لا تكون الأغلبية موضع الاستدراج الذي لا يخدم تطلعاتها .

Email: am_jaradat@yahoo.com

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
بيان شيعة العراق الوطنيين رد على بيانات الشيعة العملاء
داود البصري
السياسة الكويت
البيان الجديد لشيعة العراق من الحريصين على وحدة الوطن والشعب بكل طوائفه وأديانه وقومياته والذي هو بمثابة إعلان رفض شامل وإدانة تاريخية لسلوكيات النظام الإيراني التآمرية في العراق والخليج العربي يشكل واحداً من المنعطفات التاريخية الحادة التي تشهدها الساحة العراقية وحيث ترتب القوى الوطنية أوراقها للوقوف بوجه التيارات التدميرية التي أجهزت على الوطن والشعب العراقي وأدخلته في أتون متاهات وخيارات مرعبة لعل أبشعها الحرب الأهلية التدميرية, لقد كان بيان شيعة العراق الجدد واضحا ومباشرا ويؤشر على مكامن الخلل وينزع فتيل الحرب الطائفية المجنونة التي سعت لها أطراف عدة بعضها للأسف متمركز في السلطة ومالك لأدواتها ويعمل لصالح المشروع الإرهابي المعروف للنظام الإيراني »المتهستر«.
لقد قلناها أكثر من مرة: لا توجد أي مشكلة بين الطوائف العراقية وأعلناها من واقع معرفتنا بطبيعة شعبنا المتسامحة وتدينه المعتدل والرافض للتطرف بكل أشكاله من أن شيعة العراق كسنته تماماً لا يعانون من عقد التاريخ ولا من أوهام الخرافات والأساطير وأن الخلافات المذهبية هي في أمور العبادة وممارسة الشعائر ولا تنسحب تلك الخلافات على العلاقات الإنسانية ووشائج الود والقربى والأخوة والمصاهرة, فالعوائل العراقية تضم أكثر من مذهب ديني أو عقيدة سياسية, ولاتوجد جدران للفصل بين الشيعة والسنة وجميعنا نمتلك روابط عائلية قوية فالأم شيعية والأب سني والعكس هو الصحيح, وكان ذلك التعايش التاريخي سر ديمومة وتألق المجتمع العراقي رغم عصور الظلام والاحتلال الكثيرة, جميعنا نحب أهل بيت النبوة الكرام وجميعنا نزور أضرحتهم الطاهرة وجميعنا نصلي على محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلى آل بيت محمد رضوان الله عليهم أجمعين, لا يجمعنا سوى المودة في القربى, وظاهرة البغض والتباعد الطائفي هي من الظواهر التي ركز عليها نظام البعث الفاشي المقبور وعزف على أوتارها النشاز النظام العنصري والعدواني الطائفي القائم في إيران وحيث رعى وربى وساهم في تسمين دعاة له وأنصار من بين بعض فئات الشعب العراقي التي غسلت أدمغتها بشعارات الدجل والكراهية والتحريض الطائفي وأعتقد أن سنوات الحرب العراقية/ الإيرانية العجاف وبناء إيران لجيوش المرتزقة والعملاء الذين يعملون بجد من أجل (تصدير الثورة) قد خلقت أنماطاً وشخوصاً وأحزاباً يكون ولاؤها المركزي للنظام الإيراني وليس ذلك بسر رهيب بل أنه من الحقائق التي يعرفها كل من عاش في إيران خلال تلك الأعوام العجاف, ولقد مارس النظام الإيراني من صنوف العنصرية والإضطهاد ضد شيعة العراق الذين عاشوا في إيران ما تعجز الأقلام عن وصفه, وأعتقد أننا جميعا نتذكر إجراءات وقرارات وزير الداخلية الإيراني الأسبق عبد الواحد موسوي لاري الذي مارس وسن قوانين نازية وعنصرية تمنع العراقيين من العمل والزواج وحرية التنقل وتمنع عن أطفالهم حتى الدراسة. فهل هذه أخلاقيات الإسلام وتعاليم أهل البيت? لم ننس ولا يمكن أن ننسى وسنظل نذكّر الغافلين والعملاء بأن النظام الإيراني ليس مخلصا ولا محبا لشيعة العراق بل ان إخلاصه الوحيد لعرشه الطاووسي المتخفي تحت عباءة وعمائم الأباطرة الجدد, وما تمارسه عصابات الحرس الثوري الإرهابية في العراق من تمزيق لأواصر الشعب العراقي ومن زرع للفتنة من الأمور التي باتت مفضوحة, وبعد أن تحرك الأحرار من سنة العراق لطرد عصابات القاعدة وبقايا البعث النازي فإن مسؤولية شيعة العراق مضاعفة في التخلص من الزوائد والطفيليات العميلة وفي بناء مشروع وطني عراقي حقيقي يسمو على قيم الطائفية المريضة, إنها الصحوة العراقية الشاملة التي سترسم لا محالة خريطة مستقبل جديدة ستقلب كل التوقعات.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
كارثة الفلوجة في ميزان عدالة الغزاة!
فيصل حسون
القبس الكويت
في الاسبوع الاول من نوفمبر 2007 حلت الذكرى السنوية الثالثة لمعركة الفلوجة في ظل الاحتلال الاميركي للعراق، وقد احيت احدى الفضائيات المرئية العربية هذه الذكرى الأليمة، بل المأساة التي لم تنته فصولا بعد.. اذ اكتشف متابعو برنامج ذكرى معركة الفلوجة ان تلك المدينة العراقية لم تزل باقية منذ بدء غزو العراق ثم منذ محاصرتها واقتحامها عسكريا بالدبابات وقصفها بصواريخ وقنابل الطائرات وسد منافذها بالقوات للحيلولة دون حركة اهلها وساكنيها في الدخول اليها او الخروج منها، فتشرد مئات الالوف من اهلها، ان بمنعهم من العودة الى بيوتهم حين كانوا خارج المدينة عند محاصرتها وشن الهجوم عليها، او كانوا آمنين في مساكنهم او محلات عملهم او مدارسهم ومساجدهم ومستشفياتهم حيث انصبت القنابل عليهم لتهلك الحرث والنسل وتشرد من كتبت له النجاة من ذلك المصير الاسود.
وقد استفز ما جرى للفلوجة قبل ثلاثة اعوام، وما لا تزال عراته ونتائجه ماثلة للعيان ومتمثلة في الحصار المضروب على المدينة الممنوع التجول فيها او دخولها والخروج منها حتى لاهلها من الساعة السابعة مساء حتى الساعة السادسة صباحا.. كل ذلك لانه حدث ان قبض على اربعة من منتسبي شركة المرتزقة العسكرية Black Water الامنية وقتلوا من جانب عناصر لم يثبت انهم من اهل الفلوجة.. استفز ما جرى للفلوجة مخرجا مسرحيا بريطانيا، فقدم على مسرح لندن، عرضا مسرحيا طعم بمشاهد حقيقية مصورة عن الفلوجة ومأساتها، وقد شهد ذلك العرض اكثر من عشرة الاف مشاهد، وقدمت الفضائية العربية لقطات معبرة من العرض وحوارا مع مخرجه اعرب فيه عن تعاطفه الانساني مع شعب الفلوجة وما واجهه على ايدي الغزاة وحلفائهم وعملائهم.
وفي سياق الحديث عن ضحايا ما تعرضت- ولا تزال تتعرض - له الفلوجة، فقد ورد في اخبار وسائل الاعلام العالمية ان الجهات المسؤولة عما اصاب سكان الفلوجة او غيرها من مدن العراق، قررت ان تعوضهم بنسب متفاوتة من مبالغ التعويض.... وعندما سمعت الارقام التي اوردتها الفضائيات، ذهلت بل اصابني دوار، فهل كنت في حلم ام في علم، عندما اسمع المذيع يقول ان تعويض الشهيد الذي قتل ظلما وعدوانا وكان مقيما في مسكنه عندما تعرض واسرته ودارهم بكل ممتلكاتهم لنيران قذائف الدبابات ولصواريخ... هذا العراقي المظلوم دفع ثمنا لدمه مبلغ الفين واربعمائة دولار اميركي اما التعويض الذي قدر لمن لم تورده اصابته مورد الهلاك فقد تقرر ان يمنح تعويضا بمقدار نصف ما يقدم لذوي الشهيد.. وعلى الرغم من انقضاء ثلاثة اعوام على كارثة الفلوجة، وعلى الرغم من استمرار فرض الحصار عليها وعلى ساكنيها، ومنع الكثيرين من اهلها من العودة الى بيوتهم فيها واضطرار عشرات الالوف منهم الى عدم العودة الى بيوتهم، لان تلك البيوت قد ازالتها نيران وقذائف الغدر من الوجود.. فان التعويض المزعوم - على تفاهته بالنسبة للشهيد او الجريح - لم يصل - في كثير من الحالات الى مستحقيه! اي انطبق عليه القول العربي 'أحشفا.. وسوء كيلة؟'
ثم اين العدل يا دولة الغزو التي جلبت كل هذه المصائب للعراقيين - عندما يكون تعويض الشهيد العراقي 2400 دولار ثمنا لدمه الطهور.. بينما تقاضت اسرة كل مواطن اميركي من جمهورية القذافي الليبية مبلغ عشرة ملايين دولار تعويضا عن مصرعه في في جملة من ازهقت ارواحهم في حادث اسقاط طائرة KLM فوق قرية لوكيربي الاسكتلندية!
ولعل ميزان العدل الاميركي المقلوب لم تقتصر زلاته على ضحايا كارثة الفلوجة، اذ ان ما يدفع تعويضا لدم كل من يسقط شهيدا برصاص وقذائف ونيران مرتزقة البلاك ووتر Black Water لا يبلغ - ان قدر لعائلة الشهيد ان تقبضه - قيمة الاجر اليومي الذي يتقاضاه المرتزق الوالغ في دماء العراقيين!
وحكاية الدم العراقي مع منظمة 'الماء الاسود' Black Water حكاية ولا كالاساطير!
ففي يوم 15 سبتمبر الماضي، حيث يمر موكب 'قبضايات الماء الاسود في اكبر شوارع حي المنصور الراقي - سابقا طبعا - في بغداد، وحيث يقف المواطنون على طرفي الشارع للتفرج على المواكب المتلاحقة المارة فيه.. ودون ان يحدث ما يستعيد ان يفعل 'قبضايات الماء الاسود' شيئا، تنهمر نيران موكب المرتزقة على اولئك العراقيين الوادعين بلا سبب ودون استفزاز حتى ولو كان اشارة استنكار لوجود الاحتلال، وتحصد النيران ارواح سبعة عشر عراقيا على الفور وينقل سبعة وعشرون جريحا الى المستشفيات وهم بين الحياة والموت.. وعندما تستيقظ النخوة النائمة عند الحكومة المحلية - حكومة الامر الواقع فيعلن المتكلم باسمها بانها ستسحب الترخيص بالعمل في العراق.. يجيء الرد عليه ب لا ولا ادري من بالضبط! ومنذ متى كان لوزارة داخليتكم سلطة الترخيص بالعمل او الغائه بالنسبة لقوات الغزو وملحقاتها من عصابات المرتزقة الذين يهدرون دماء العراقيين ويستبيحون حرماتهم ولا يتعففون عن استباحة وهتك اعراض العراقيات كما يفعل جنود الغزو في مدن وقرى العراق او في سجون ومعتقلات الاحتلال، ما لم تستطع حتى صحف ووسائل اعلام دولة الاحتلال اغضاء الطرف عنه او انكار وجوده، حفاظا على اقل مما بقي للاعلام الاميركي من مصداقية التحرر والتمسك بتقاليد النزاهة والايمان بحريات وحقوق الانسان.
وعلى الرغم مما اكدته تحقيقات كل الاطراف المسؤولة ـ عراقية ام اميركية ـ بان عدوان قبضايات الماء الاسود على المواطنين كان جريمة ارهابية بكل المقاييس، وقد مضى على وقوعها شهران دون ان يحرك ساكن للاقتصاص من المجرمين او حماية العراقيين من تكرار مثل تلك الجريمة، حيث تزهق الارواح وتنتهك الحرمات وتسفك الدماء رخيصة.. ويقول الذين لا يخافون حساب الضمير والتاريخ: اننا نعيش في ظل الديموقراطية التي وفرها لنا دستور، وقضاء مستقل، وبرلمان هو سيد قراره.. فماذا يريد العراقيون وهم يعيشون هذا العرس الديموقراطي الذي توشم حناء الدم العراقي؟!
لم يبق لنا او علينا الا ان نردد: دقي يا مزيكا.. وشوباش لديموقراطية الدم المهدور، يا ويلتاه!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
المهجرون قسرياً داخل العراق
منيرة فخرو
الوقت البحرين


هناك أكثر من مليوني عراقي من ضحايا الحرب مرحّلين قسرياً من بيوتهم إلى الحدود السورية والأردنية ودول الجوار. هؤلاء اللاجئون يفتقرون إلى الحد الأدنى من وسائل العيش الكريم من كساء وغذاء وتعليم للأطفال. معظمهم يعيشون في خيام لا تقيهم جو العراق الحارق صيفاً ولا برودته في الشتاء، وشتاء العراق مقبل على الأبواب، وخصوصاً المناطق الصحراوية. كل جريمتهم أنهم كانوا جيراناً لأسر من غير ملّتهم أو دينهم أو عرقهم فتم تهديدهم بالموت أو باختطاف الأبناء والبنات إن هم لم يستجيبوا لأوامر عصابات الشر في بلد انعدم فيه الأمن والأمان فتركوا بيوتهم على عجالة ولجأوا إلى حدود الوطن.. ونحن هنا لا نتحدث عن المهجرين إلى الخارج (6,1 مليون في سوريا وأكثر من نصف مليون في الأردن ومئات الآلاف في دول الخليج الست، ناهيك عمن استقروا في دول العالم المختلفة، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة).
نحن نتحدث عن العراقيين الذين هربوا مع أسرهم من مدن وقرى العراق المختلفة وتجمعوا على حدود سوريا والأردن ودول الجوار ويقدر عددهم بـ 2,2 مليون عراقي من رجال ونساء وأطفال يحتاجون لمساعدة عاجلة تتنوع كالآتي:
؟ مدارس ومدرسات للأطفال، ويمكن توفير المدرسات من داخل المخيمات.
؟ ماء للشرب، وربما حفر بعض الآبار بالقرب من المخيمات.
؟ حمامات ومراحيض متحركة وإن كان بالإمكان عمل ما يشبه وسائل الصرف الصحي.
؟ فريق من الأطباء والممرضين والمساعدين وما يلزم من الأدوية ووسائل التعقيم وبناء مركز صحي صغير لاستقبال الحالات المستعصية.
؟ مشاغل ووسائل خياطة لربات البيوت والأمهات.
وبمعنى آخر خلق معسكر منظم للاجئين تتوافر فيه وسائل البقاء إلى حين استتباب الأمن مرة أخرى في العراق الجريح. ولكن ربما يطول انتظارهم، فالدلائل تشير إلى توسع الحرب وإلى فتح جبهات في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.
ما هو المطلوب إذاً، لإنقاذ إخواننا العراقيين القابعين على الحدود السورية والأردنية ودول الجوار؟ بالطبع، هم يحتاجون إلى مساعدات مادية ولكن لو سلمنا بالأمر وبادرنا إلى جمع المال المطلوب في دول الخليج الست.. فهل ستصل المعونة إلى من يستحقها؟ وما أدرانا إن كانت بعض النفوس الضعيفة ستتلاعب بها أو ببعضها مثلما يحدث دائماً؟ هل تسلم المبالغ إلى الجهات الرسمية؟ ربما لن تصل أبداً إلى مستحقيها بفعل الفوضى والاحتلال.
ولنا تجربة حدثت في الثمانينات من القرن الماضي أيام المجاعة في السودان، وذكرت لي سيدة فاضلة من الكويت هي السيدة فاطمة جوهر حيات أنها استطاعت جمع كثير من المال من أهل الخير الكويتيين وذهبت بنفسها إلى السودان حيث اشترت القمح والحليب وغيره من لوازم البقاء على الحياة وذهبت إلى جنوب السودان مع فريق العمل ووزعت عليهم ما يحتاجونه. تقول فاطمة إنها كانت تجربة مؤلمة حين كانت ترى الأطفال يموتون حولها وهي لا تستطيع عمل شيء لإنقاذهم عدا تزويد أسرهم بالطعام الضروري لبقائهم على قيد الحياة. لن نستطيع إعادة تجربة فاطمة، فالزمان والمكان مختلفان، وربما لم تصل الأمور إلى هذا السوء في العراق ولكن علينا ألا ننتظر تدهورها كي نهرع للإنقاذ. ونقترح على جمعيات الهلال الأحمر في مجلس التعاون أن تبادر بالقيام بتلك المهمة الصعبة.
وبعد الانتهاء من جمع التبرعات يتشكل فريق من كل جمعية ويشتري ما يلزم لهؤلاء اللاجئين بحيث لا تتضارب قوائم المشتريات، بل أنْ تكمل بعضها.
وهناك جمعية تشكلت حديثاً في لندن اسمها «رسل الأمل» هدفها توصيل كل ما يمكن جمعه شخصياً إلى المخيمات والإشراف على توزيعه.. أعضاؤها مجموعة من عراقيين وعرب وأجانب هدفهم تخفيف معاناة هؤلاء المهجرين. والعنوان لمن يريد معلومات أكثر عن الموضوع هو: aziz_alnaib@hotmail.com
ونحن هنا نهيب بوسائل الإعلام، خصوصاً محطتي «الجزيرة» و«العربية» لنقل صورة واضحة للمشاهد الخليجي والعربي ومعرفة ما تحتاجه هذه المخيمات كي نساهم في انتشال إخوتنا في العراق من محنتهم.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
النافذة الضيقة في العراق

واشنطن بوست
لا شك في ان زيادة اعداد القوات الامريكية بالعراق هذا العام حققت وفقا للمصطلحات العسكرية المحضة نجاحا ملحوظا. وبكل المقاييس التي استخدمت لقياس الحرب - الهجمات الاجمالية والخسائر الامريكية والخسائر العراقية والتفجيرات الانتحارية والقنابل التي تزرع على الطرق - فان هناك تحسنا واضحا منذ التقرير الذي اصدره القادة الامريكيون في يناير الماضي الذي قال انه تم طرد القاعدة من مناطق كبيرة كانوا يسيطرون عليها وان قواتها المتبقية في العراق بدأت تتراجع وتفقد توازنها. لقد أعيد فتح الاسواق بالعراق وبدأ تخفيف حظر التجول وعودة اللاجئين الذين فروا من البلاد . ويعزو الفضل في ذلك الى حد كبير للجنود الامريكيين في العراق الذين اطلقوا استراتيجية جديدة لمناهضة الارهاب ونجحوا في تطبيقها وايضا للجنرال ديفيد بتريوس مهندس الاستراتيجية وللرئيس الامريكي جورج بوش الذي اتخذ قرار زيادة الجنود على عكس نصيحة معظم صفوة اعضاء الكونجرس والسياسة الخارجية. غير انه من السابق لاوانه الاحتفال كما اشار الجنرال بتريوس وقادته في العراق .
ان الهدف الاساس لزيادة القوات لم يكن عسكريا بل سياسيا . لقد استهدفت تهيئة الظروف التي تشجع الساسة الشيعة والسنة والاكراد على التوصل الى تسوية بشأن قضايا تمثل الشروط الاساسية لوجود نظام فيدرالي حكومي وتوزيع عائدات النفط . وبهذه المعايير فانه لم يتم احراز تقدم منذ يناير. ان الحكومة الوطنية العراقية تبدو عاجزة تقريبا ولا يستطيع زعماؤها التخلي عن جدول اعمال طائفي رغم تصاعد الحرب الطائفية . ورغم ان المسؤولين الامريكيين يشيرون الى حدوث تقدم على الصعيد المحلي ويتحدثون عن وجود اصلاح فان هذه الاشياء لا يمكن ان تصل لدرجة ملموسة دون حدوث انفراجة على المستوى الوطني . ان القوانين التي ستحدد سلطة الحكومات الاقليمية والتفويض لاجراء انتخابات محلية على سبيل المثال من بين هذه الاشياء التي لاتزال دون حل .
ورغم ان الخسائر في العراق لاتزال في تراجع هذا الشهر فان القوات الامريكية ربما تقترب من حدود ما يمكن تحقيقه . ان مستوى القوات الامريكية سيبدأ في الانخفاض الشهر القادم وربما يعود الى مستويات ما قبل زيادة القوات بحلول الصيف القادم. وليس غريبا ان عددا من الضباط الامريكيين ابلغوا صحيفة واشنطن بوست بان الحكومة العراقية تواجه خطر ضياع الفرصة التي اتاحتها القوات . وقال قائد عمليات القوات الامريكية انه ليس واضحا الى اي مدى ستظل هذه الفرصة سانحة .
ان الساسة العراقيين ليسوا الوحيدين الذين يعانون القصور الذاتي . ففي الاسبوع الماضي اقر الديمقراطيون في مجلس النواب مشروع قانون بشأن الانفاق في العراق يتطلب من الجنرال بتريوس احباط استراتيجيته الناجحة والحد من عمليات مكافحة الارهاب والتدريب وسحب جميع القوات بحلول نهاية العام القادم . ان الزعماء الديمقراطيين تصرفوا كما لو ان شيئا لم يتغير في العراق منذ يناير الماضي . وربما التفسير الجيد لمبادرتهم هو انهم يعرفون انها لن تفلت من تمحيص مجلس الشعب الذي رفضها على الفور.
لكن سلبية ادارة بوش اكثر ازعاجا . لقد غمرت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس نفسها في تفاصيل المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين وتم ارسال مبعوثين امريكيين كبار الاسبوع الماضي الى باكستان وحتى جورجيا . ولكن لم تكن هناك جهود واضحة من الادارة لمساعدة السفير ريان كروكر لحث الساسة في بغداد على التحرك .
ان الدبلوماسية الكبيرة التي اتخذتها الادارة مؤخرا استهدفت الحيلولة دون غزو تركي لشمال العراق . ويبدو ان البيت الابيض بدأ مع وزارة الخارجية تحويل الانتباه عن العراق في الوقت الذي يجب فيه تكثيف الجهود الدبلوماسية لتأمين خطوات محددة نحو التوصل الى تسوية سياسية . ومثل هذا الاهمال سيكون خطأ قاتلا في مجرى هذه الحرب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
هل بدأ العد التنازلي للقاعدة ؟

حسن عبدالهادي بوخمسين
اليوم السعودية

قبيل الاحتلال الأمريكي الأخير للعراق بأشهر عدة توافد إلى هذا البلد الآلاف من الشبان العرب الذين تطوعوا للدفاع عنه أمام الغزو الأمريكي البريطاني, لكن في حقيقة الأمر كان كثير من هؤلاء الشباب من أتباع تنظيم القاعدة التي وجدت فرصتها الذهبية في تصفية حسابها مع الأمريكيين الذين أسقطوا نظام طالبان الذي كان يأويها ويحتضنها في أفغانستان.
ومنذ سقوط النظام السابق وتشكل المعادلة السياسية القائمة والقاعدة قد آلت على نفسها إفشال الوضع السياسي الجديد أو تخريب هذه المعادلة السياسية على الأقل, وتبنت لذلك منهج المقاومة والجهاد ضد الاحتلال وأعوانه المحليين الخونة من الكفار والمرتدين !.
لكنها اضلت الطريق في هذه المقاومة فبدل المقاومة والقتال مع الاحتلال وجنوده إذا بها تصب جهودها وجام غضبها على العراقيين أنفسهم من مختلف الفئات والطوائف المتعايشة طوال تاريخ العراق وراحت تعيث قتلاً وتدميراً في مختلف البقاع والمدن العراقية وتحت حجج وذرائع واهية مختلفة, فتارة من منطلق الطائفية المقيتة وبسبب الإنتماء لهذا المذهب أو ذاك تجيز لنفسها التفجير والتدمير بالأجساد الناسفة أو السيارات المفخخة في الأوساط أو المجمعات الأهلية الآمنة البعيدة تماماً عن هموم السياسة وشجونها حتى لو كانوا مجتمعين ومتجمهرين لإقامة الصلاة في أحد المساجد !.
وتارة أخرى باسم الارتداد لخدمة المحتل كما تروج له, تزهق الأرواح وتقتل الأبرياء ولو كانت راضية عن الانتماء المذهبي لهذا المرتد !.
ولأنها كانت ترفع شعار المقاومة والجهاد في سبيل الله وتحرير الأرض وتحتمي وراء الشعارات والمقولات الدينية البراقة, فقد وجدت في بداية الأمر نوعاً من القبول والاحتضان والدعم والمساندة من قبل بعض الأوساط الشعبية التي انخدعت بشعاراتها تلك واعتقدت بسلامة وصفاء أهدافها ومقاصدها فتعاونت مع أفرادها وآوتهم في بيوتها بل وحتى تبرع الكثيرون من أبناء هذه الأوساط للتطوع والإنخراط في صفوفها للقتال جنباً إلى جنب معها وتحت رايتها, لكن حينما تكشفت يوماً بعد يوم نواياها الحقيقية وتوضحت غاياتها الأساسية في إيجاد الفرقة أولاً وقبل أي هدف آخر وزرع الخلاف والشقاق ومن ثم الصراع والتطاحن بين فئات الشعب العراقي الموحد من أصله كما تبين ذلك جلياً في أدبياتها ومنشوراتها السرية التي تم العثور عليها في أماكن عديدة في مناطق اختباء أفرادها ومن خلال التصريحات العلنية التي وجهها بعض رموز وقادة القاعدة المتواجدين في بعض البلدان إلى ممثلهم وزعيم حركتهم داخل العراق المتضمنة للانتقادات الصريحة القاسية إلى طريقة وأسلوب عمله في التركيز على استهداف الأبرياء العراقيين على حساب مواجهة المحتل وبهذه الوسائل الوحشية في القتل التي أضرت حتى بسمعة الإسلام نفسه وسيرته الناصعة وقدمت صورة سلبية عنه أمام الرأي العام العالمي لا بسمعتها فحسب , وبعد ما طفح كيل أهالي هذه المناطق الحاضنة لها من شدة طغيان القاعدة وتجبرها وتسلطها على كل الأمور والمقدرات فيها إلى درجة افتقارها لأبسط مقومات المعيشة والحياة وانعدام الأمان فيها وتصاعد أسعار السلع الغذائية الضرورية فيها إلى درجات خيالية وانتشار الجريمة بكل أنواعها وبشكل لاسابق له فيها , بعد هذا كله تجرأ بعض زعماء العشائر على رفع النداء عالياً ضد ما يجري من أهوال وترد للوضع وطالبوا الناس بالاصطفاف معهم لإيقاف القاعدة عند حدها ومنع حدوث المزيد من جرائمها وإن تطلب ذلك محاربتها ومقاتلتها , وبالفعل استجاب في البداية بعض الأهالي لخوف الكثيرين من شدة انتقامها , لكن سرعان ما تكاثر عدد المنضوين لمواجهتها عسكرياً حتى الفصائل المسلحة الأخرى التي كانت تتعاون معها بدأت بالانقلاب عليها ، وراحت هذه الظاهرة تنتقل من بقعة لاخرى وبدأ نجم القاعدة يأخذ بالافول والانحسار في معظم مناطق تواجدها وصارت تخسر الكثير من مواقعها بعدما كانت حاكمة وصاحبة اليد الطولى فيها , وبدأت الحياة تدب مرة أخرى في تلك المناطق وتشهد انفراجات أمنية واجتماعية واقتصادية واسعة.
* بداية الانهيار
حال الطلاق والانفصام الشعبي الذي وصلت إليه القاعدة في العراق لا بد وأن يترك أثره الكبير والسريع ليس فقط على من تبقى من أفراد تابعين لها هناك بل سيتعداه إلى الخارج أيضاً, فتفاصيل الأحداث ومجريات الأمور تنتقل سريعاً وتصل إلى كل من ينضوي تحت هذا الكيان الإرهابي المتستر بغطاء الشرع والدين, لا بل حتى إلى جميع من يتعاطف ولو بالقلب معه لانخداعه به وظنه بصدق نواياه واعتقاده بصحة منهجه وسلامته من المخالفات الشرعية.
وأعتقد جازماً بأن بداية النهاية للقاعدة في مختلف البقاع الإسلامية قد حان أوانها, فإذا كانت قد تمكنت سابقاً من خداع البعض من الجمهور المسلم بشعاراتها وأهدافها الزائفة فهي لن تستطيع اليوم بالتأكيد أن تكسب تعاطف أي فرد مسلم بصير وواع لها بعد نهايتها الفاضحة في بلاد الرافدين, وسوف نجد قريباً بإذن الله تكرار التجربة في المواجهة الشعبية معها بالإضافة إلى محاربة السلطات لها في كل بلد مسلم تتواجد فيه وتدفع أتباعها للموت والانتحار باسم الله والدين !.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
التضليل الإعلامي أهم أسلحة أمريكا.... ولكن!!.
أ. د. سليمان صالح
الشرق قطر
منذ بداية العدوان الأمريكي على العراق أكد مسئولون كبار في البنتاجون أن أمريكا سوف تستخدم التضليل الإعلامي باعتباره أهم الأسلحة الإستراتيجية.
يقول رمزي بارود إن تلك التصريحات كانت تكشف نوايا البنتاجون في إمداد الصحفيين بمعلومات زائفة، وأن الحكومة قد تحالفت مع وسائل الإعلام الأمريكية لنشر الكثير من المعلومات التي تضلل الجماهير، كما أن الحكومة الأمريكية تستخدم الكثير من الخبراء وتدفع لهم بسخاء لتنفيذ إستراتيجيتها في التضليل الإعلامي.
ومن الواضح أن آلة الدعاية الأمريكية كانت قوية بحيث تمكنت من أن تشكل تغطية وسائل الإعلام الأمريكية للأحداث طبقا لأهدافها.

تمثال صدام
لقد خدعت الحكومة الأمريكية العالم كله والشعب الأمريكي عن طريق دفع وسائل الإعلام للتركيز على أحداث معينة وتجاهل الكثير من الأحداث الأخرى، بحيث يصل للجمهور جزء من الحقيقة التي تستخدم لتزييف وعي الشعوب.
ولقد كان ذلك واضحا عندما سيطرت القوات الأمريكية على بغداد حيث دفعت وسائل الإعلام للتركيز على مشهد دعائي مصنوع هو إسقاط تمثال صدام حسين، بحيث أصبح العنوان الرئيسي للواقع كله الذي قدمته وسائل الإعلام هو سقوط الطاغية، وبحيث تدفع الجماهير لتأييد العدوان على العراق باعتبار أن الهدف تحقق، وأن القوات الأمريكية المنتصرة قد تمكنت من إسقاط الطاغية في مشهد رمزي مثير.
لقد أثبت خبراء الدعاية في البنتاجون أنهم يمتلكون خبرات متطورة في تصنيع الأخبار وتزييف الوعي، وتضليل الصحفيين واستخدامهم لتحقيق أهدافها.

أين الحقيقة؟
ويبدو أن وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية أيضا قد توقف بها الزمن عند مشهد سقوط تمثال صدام الذي يمكن اعتباره بداية مرحلة جديدة في تشكيل الواقع الإعلامي، ويبدو أيضا أن حرية الإعلام قد سقطت مع تمثال صدام.
وسائل الإعلام الأمريكية لم تحاول أن تبحث عن الحقائق، واكتفت بتقديم أنصاف الحقائق والمعلومات المضللة التي يقوم خبراء الدعاية في البنتاجون بتصنيعها.
وعلى سبيل المثال فإن وسائل الإعلام الأمريكية لم تحاول أن تتحدى المعلومات التي يقدمها البنتاجون عن عدد القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمريكية، واكتفت بنقل المعلومات الرسمية.
ورغم أن الواقع يتحدى الرواية الرسمية الأمريكية، وهناك الكثير من المعلومات التي تؤكد أن الحكومة الأمريكية والبنتاجون يقومان بإخفاء الحقائق عن أعداد القتلى والجرحى، وذلك لكي يتجنبا مصير حرب فيتنام، فمن الواضح أنها قد تعلمت الدرس جيدا ولذلك فقد قللت من قدرة الصحفيين الأمريكيين على الوصول للحقائق في الواقع العراقي وتغطية الأحداث بشكل مستقل. كما تحالفت مع وسائل الإعلام الأمريكية ولذلك لم تحاول تلك الوسائل الدفاع عن حريتها وحقها في البحث عن المعلومات ونشرها.

من يكشف مأساة العراقيين
كما عملت الحكومة الأمريكية على منع وسائل الإعلام الأمريكية من كشف حقائق المأساة التي صنعتها القوات الأمريكية للعراقيين، واستخدام هذه القوات لليورانيوم الذي أدى إلى صنع مذبحة، وعملية إبادة للشعب العراقي.
بالإضافة إلى نشر الكثير من الأمراض من أهمها السرطان نتيجة استخدام الأسلحة الأمريكية.... ولذلك فإن ما قامت به القوات الأمريكية في العراق هو جريمة حرب وعملية إبادة وتطهير عرقي ومأساة إنسانية.
العدوان على العراق لم يكن ذلك المشهد المصنوع الذي ظلت وسائل الإعلام في العالم كله تكرر إذاعته بدون وعي، وهو مشهد إسقاط تمثال صدام حسين، ولكن هذا العدوان صنع مأساة إنسانية تاريخية، بالإضافة إلى أن المقاومة العراقية قد قدمت نموذجا نضاليا متميزا، واستطاعت أن تلحق بالقوات الأمريكية خسائر كبيرة، وأن تلقنها درسا لم تستطع أن تستوعبه بعد لأن خبراء الدعاية في البنتاجون بالرغم من اعترافي بكفاءتهم لم يتوقعوه، وهذا الدرس سوف يكون له الكثير من النتائج على أمريكا وعلى العالم كله.

الحاجة إلى الشفافية
خبراء الدعاية في البنتاجون هم الجنرالات الجدد الذين أداروا الحرب العالمية، وعملية التضليل الواسعة للشعب الأمريكي وللعالم كله، وهم قد نجحوا حتى الآن، لكن ما يتعرض له الجيش الأمريكي في العراق، سوف يتعرض له خبراء الدعاية، وربما يكون الاعتراف بالهزيمة، وتغيير الإستراتيجية وإتاحة الفرصة لمزيد من الشفافية هو الحل.
إن البقاء في العراق تحول إلى عبء ثقيل على الشعب الأمريكي وهذه الحرب لن تنتهي، والأرقام الحقيقية للقتلى والجرحى قد تزيد على ضحايا حرب فيتنام، والتكلفة الاقتصادية أكبر بكثير من أن يتحملها الاقتصاد الأمريكي.
وسائل الإعلام الأمريكية استطاعت أن تنقذ أمريكا من حرب فيتنام يوم أن امتلكت الشجاعة والحرية لتنشر أوراق البنتاجون التي كانت تتضمن التقارير السرية التي يرسلها القادة الميدانيون لقادتهم في واشنطون.
والشعب الأمريكي امتلك الشجاعة ليخرج إلى الشوارع ويرغم الإدارة الأمريكية على الانسحاب من فيتنام.
لكن الواقع تغير كثيرا فالشركات عابرة القارات أصبحت تسيطر على وسائل الإعلام الأمريكية، وهذه الشركات تحالفت مع اليمين المسيحي والإدارة الأمريكية والبنتاجون.
ولذلك ساهمت في تنفيذ الإستراتيجية الأمريكية في التضليل الإعلامي ومنع وصول الحقائق للجماهير، وتقييد حرية تدفق الأنباء والمعلومات.
هل يجهل الصحفيون الأمريكيون الحقائق ولا يعرفون المعلومات ؟! قد يكون ذلك صحيحا فالقوات الأمريكية عزلت الصحفيين الأمريكيين عن الواقع العراقي لتتحكم في إعطائهم المعلومات... ولكن هناك أيضا الكثير من المعلومات التي يمكن الحصول عليها من مصادر بديله مثل مصادر المقاومة العراقية... والصحفيون الأمريكيون لم يحاولوا الحصول على هذه المعلومات ونشرها لأنهم يعرفون أن وسائلهم الإعلامية قد دخلت في إطار التحالف، وتم تقييد حريتها عندما سيطرت عليها الشركات عابرة القارات.
لذلك لم يتمكن الصحفيون الأمريكيون وربما لم يرغبوا في الدفاع عن حريتهم وحقهم في البحث عن المعلومات ونشرها وخضعوا لخبراء الدعاية في البنتاجون الذين يقدمون لهم الأخبار المصنعة لتضليل الجماهير... ولكي تتوقف وسائل الإعلام الأمريكية عند مشهد سقوط تمثال صدام.
لقد تحالفت الشركات عابرة القارات التي تمتلك وسائل الإعلام الأمريكية مع آلة الدعاية في البنتاجون والإدارة الأمريكية لتزيف وعي الشعب الأمريكي ولتقيد حقه في المعرفة... لقد تحالفوا جميعا على الجمهور الأمريكي.

تناقص العنف في العراق
من أهم الأحداث التي جرى الترويج لها في الفترة الأخيرة أن معدل العنف في العراق قد تناقص، وأن عدد الضحايا في الجيش الأمريكي قد تناقص أيضا، وهو ما يؤكد أن الجيش الأمريكي قد حقق نجاحا كبيرا في الواقع. ولقد قامت وسائل الإعلام الأمريكية بالتوسع في نشر التقارير التي تؤكد ذلك، لكن هناك ما يؤكد أيضا أن وسائل الإعلام الأمريكية تتجاهل نشر الكثير من المعلومات التي تتحدى هذه التقارير.
وربما تكون هناك بعض الحقيقة في التقارير التي تنشرها وسائل الإعلام الأمريكية عن تناقص العنف والضحايا في الجيش الأمريكي لكن هذه الوسائل لم تحاول أن تجيب عن سؤال لماذا، أو تبحث عن الحقائق بشكل مستقل.
خطورة هذه التقارير أن الشعب الأمريكي قد يتعرض لصدمة عندما يكتشف أن الواقع العراقي المعقد أفرز ظواهر جديدة أكثر خطورة، وقد تأتي أحداث مفاجئة تنهار في فيها دعاية الجيش الأمريكي عن النجاح الذي تحقق.
هذه التقارير أيضا يمكن أن تغري الإدارة الأمريكية بإرسال المزيد من القوات للعراق بناء على تفسيرها لتناقص العنف، وأن ذلك يرجع إلى إرسال بوش ثلاثين ألفا من القوات لدعم جيشه في العراق.
لذلك فإن هذه التقارير قد تزيد مشكلة الجيش الأمريكي في العراق تعقيدا، وتزيد أزمته التي سوف تمتد لسنوات دون التوصل إلى حل حقيقي.

سيناريو فيتنام
قد يكتشف الشعب الأمريكي أن وسائل الإعلام قد كذبت عليه وخدعته وضللته، وأنها كانت السلاح الذي استخدمه خبراء الدعاية في البنتاجون لتنفيذ إستراتيجيتهم في التحكم في المعلومات وتضليل الجمهور.
فقد يكون معدل الضحايا في الجيش الأمريكي قد تناقص بالفعل خلال الشهرين الماضيين، لكن ليست تلك هي كل الحقيقة فمازال الضحايا من الجيش الأمريكي يتساقطون، ومازالت القنابل تتفجر في كل أنحاء العراق، ومأساة الشعب العراقي تتزايد بحيث لم يعد أمامه سوى المقاومة باعتبارها الطريق الوحيد للدفاع عن حق الحياة.
والقنابل الأمريكية ما زالت تتساقط على رؤوس العراقيين حتى على أولئك الذين تحالفوا مع الجيش العراقي ضد قوى المقاومة فوجدوا أن القنابل الأمريكية لا تفرق بين الأعداء والحلفاء فليس لها عقل أو ضمير.
إن أهم الحقائق التي تتجاهلها وسائل الإعلام الأمريكية أن الجيش الأمريكي لم يترك للشعب العراقي أملا إلا في المقاومة، فليس هناك ديمقراطية ولا وسيلة للتغيير السلمي.
حكومة المالكي تزداد أزمتها نتيجة وضوح ارتباطها بالجيش الأمريكي وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة، وهي حكومة محاصرة داخل المنطقة الخضراء تماما مثل قيادة الجيش الأمريكي.
الواقع العراقي يقوم على حقيقة أساسية لا يمكن أن يتجاهلها عاقل هي أن المقاومة لا يمكن القضاء عليها، وهي تزداد قوة، وربما يكون تناقص العنف مؤشرا على أن هناك قدرا من الالتزام بين قوى المقاومة على تجنب تعريض المدنيين للخطر، وهذا مؤشر على النضج، وإشارة لإمكانية الوحدة بين قوى المقاومة أو على الأقل الاتفاق على مجموعة من المعايير الأخلاقية.
وربما يكون تناقص العنف خلال الفترة الأخيرة، وتناقص مشاهد السيارات المحترقة في شوارع العراق دليلا على نجاح المقاومة العراقية في الوصول إلى ميثاق غير مكتوب، وتعاون وتنسيق، وتركيز على مقاومة الاحتلال، وعلى أن الفتنة التي حاول الاحتلال أن يصنعها توشك أن تخمد.
لذلك قد يكون تناقص العنف ليس نتيجة لنجاح الجيش الأمريكي في حملاته العدوانية التي لا أستطيع أن أتذكر أسماءها، وإنما قد يكون بداية لانطلاقة جديدة لقوى المقاومة العراقية أكثر حكمة وعقلانية وتركيزا.
لذلك فإن وسائل الإعلام الأمريكية تخدع الشعب الأمريكي مرة أخرى وتضلله، والحل الوحيد هو أن تمتلك هذه الوسائل الشجاعة لتكرر سيناريو حرب فيتنام، فتكشف الحقائق عن مأساة العراقيين وأرقام القتلى والجرحى في الجيش الأمريكي، وبذلك تستطيع وسائل الإعلام الأمريكية أن تنقذ أمريكا مرة أخرى.
يقول توماس جيفرسون إنني أفضل الحياة في دولة يوجد بها صحافة حرة حتى وإن لم يكن لها حكومة.. ذلك أن الصحافة الحرة تتيح للمجتمع أن يعرف ويناقش ويغير ويتوصل لأفضل الحلول للمشكلات.



ليست هناك تعليقات: