Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 12 أبريل 2008

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات 09-04-2008


فهرست الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
تاريخ انتهاء صلاحية الحرب
بروس أكرمان وأونا هاثاواي
واشنطن بوست
2
خمس سنوات على غزو العراق لولا بطولات العراقيين وتضحياتهم لكانت صورة أخرى.. للعالم..،،
جورج حداد
الدستور الاردن
3
احتلال العراق ما بين 2 آب و 9 نيسان
راكان المجالي
الدستور الاردن
4
هل انتهت أم بدأت أزمة المجتمع مع المليشيات في العراق؟
كاظم حبيب
اخبار العرب الامارات
5
بغداد يا بغداد
باسم سكجها
الدستور الاردن
6
: العراق يتشظى والاحتلال في مأزق
رشيد حسن
الدستور الاردن
7
يوم السقوط
أحمد حسن الزعبي
الراي الاردن
8
نيسان والاحتلال
: د. هدى فاخوري
الدستور الاردن
9
إنه التاسع من نيسان.. أين العراق من التغيير والتحول الديمقراطي؟
محمد خروب
الراي الاردن
10
ما بعد الاستياء
وليد الزبيدي
الوطن عمان
11
سنة سادسة احتلال
عمـاد عريـان
الاهرام مصر
12
همس النخيل المقاوم...
محمد كعوش
العرب اليوم الاردن
13
أعيت من يداويها !
خالد الاشهب
الثورة سوريا
14
المقاومة العراقية : المرحلة الثانية بدأت
ناهض حتر
العرب اليوم الاردن
15
مات مخدوعا في العراق
هدا السرحان
العرب اليوم الاردن
16
يُمّه حمودي
جمعة اللامي
الخليج الامارات
17
مستنقع العنف في العراق.. متي ينتهي؟!
افتتاحية
الاخبار المصرية
18
الحكومة العراقية والأوراق الأخيرة
سفيان عباس
السياسة الكويت
19
منهجية الاحتلال تزيد المستنقع العراقي عمقاً
د.نسرين مراد
البيان الامارات
رابعا نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
تاريخ انتهاء صلاحية الحرب
بروس أكرمان وأونا هاثاواي
واشنطن بوست
يخيم على الأفق فيما يختص بالجدل الدائر بشأن العراق موعد نهائي حاسم ولكنه مهمل: فالحرب سوف تفقد شرعيتها بحلول الأول من يناير 2009 ما لم يتم اتخاذ إجراء.
فبرغم الاحتجاجات، كان الكونجرس يفهم بوضوح أنه يفوض الرئيس الأمريكي للتدخل العسكري عندما قام بتمرير القرار المشترك بالتفويض باستخدام القوة في العراق وذلك في أكتوبر من عام .2002
ولكن الكونجرس لم يعط للرئيس صلاحية مطلقة. بل رهن استخدام القوة بشرطين. الأول منهما زال منذ وقت طويل. فقد سمح الكونجرس للرئيس بـ «الدفاع عن الأمن الوطني للولايات المتحدة ضد التهديد المستمر الذي يشكله العراق».
وقد انتهى هذا التهديد بتدمير حكومة صدام حسين. وليس من المنطقي القول باستمراره إلى اليوم، أو بأن الأمن الوطني الأمريكي مهدد من قبل حكومة عراقية يرأسها نوري المالكي.
بدلا من ذلك، نجد أن التدخل العسكري الأمريكي مفوض بموجب الشرط الثاني من قرار عام .2002 إذ ان القرار يفوض الرئيس بـ «تفعيل جميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلقة بالعراق».
وقد أتاح ذلك التفويض للرئيس أن يلتزم بالقانون الأمريكي باستصدار سلسلة من القرارات التي تفوض الولايات المتحدة بالعمل في قيادة القوة متعددة الجنسيات في العراق.
وهنا تكمن المشكلة.
إذ ان أحدث قرارات الأمم المتحدة ينتهي في 31 ديسمبر القادم وقد أعلنت الإدارة أنها لن تسعى إلى استصدار قرار آخر في .2009 وهي تتفاوض الآن بدلا من ذلك على اتفاقية ثنائية مع الحكومة العراقية لتكون بديلا محل تفويض الأمم المتحدة.
ومهما يكن ما سوف تتضمنه هذه الاتفاقية، فإنها لن تملأ الفراغ القانوني.
وذلك لأن الإدارة لا تعتزم عرضها على الكونجرس للتصديق عليها. وبما أن الدستور يمنح الكونجرس حق «إعلان الحرب»، فليس بوسع الرئيس الأمريكي أن يتجاهل الشرطين المفروضين عليه من قبل الكونجرس بموجب قرار 2002 بدون العودة إلى ضمان جديد للسلطة. وهو لا يستطيع أن يكتفي بموافقة الحكومة العراقية كبديل يغنيه عن موافقة الكونجرس الأمريكي.
غير أن هذه النقطة البسيطة لم تلق بعد ما هي جديرة به من اهتمام. وفيما يتجادل المرشحون للرئاسة فيما إذا كان ينبغي أن نبقى في العراق لسنتين قادمتين أم لمائة عام قادمة، فإن أحدا لا يركز على الاشهر القليلة القادمة.في الوقت نفسه، تواصل الإدارة الأمريكية دعم التوسيع الأحادي لأهداف الحرب دونما حجج كافية. وفي شهادة أدلى بها ديفيد ساترفيلد ـــ منسق الإدارة المسؤول عن حرب العراق ــــ مؤخرا أمام الكونجرس، زعم أن قرار الكونجرس الصادر في عام 2002 قد فوض باستمرار استخدام القوة ضد القاعدة في العراق. في حين أن القاعدة لم تأت إلى العراق إلا نتيجة للتدخل الأمريكي.
وفي حين أن الكونجرس لم يفوض باستخدام القوة إلا في الدفاع عن «التهديد المستمر» الذي تشكله العراق، وليس أي تهديد قد ينشأ من العراق.
ولا تعدم الإدارة ما هو أسوأ من هذا من الحجج. فقد أشارت إلى أن قرار الكونجرس الخاص بـ «الحرب على الإرهاب» الصادر بعد اسبوع من هجمات 11/9 يوفر دعما قانونيا كافيا لاستمرار الحرب في .2009
وذلك قول يتجاوز الحدود.
فلو صح ذلك، لكان بوسع الرئيس أن يقوم بغزو العراق في 2002 بدون اللجوء إلى قرار من الكونجرس. ولا يذهب إلى هذا المدى غير من أعماهم الولاء الرئاسي.
كما أشارت الإدارة إلى أن الكونجرس قد أجاز الحرب قانونيا بمواصلته تخصيص التمويل.
ولكن توفير المخصصات المالية لا يكفي كتفويض للقيام بعمل عسكري.
ولو كان الأمر كذلك، فإن للرئيس الحق في دخول أي حرب، ثم يرغم الكونجرس على الاختيار ما بين ممارسة سلطاته الدستورية ودعم القوات.
هناك حل بسيط لكل هذه المشكلات: تمديد تفويض الأمم المتحدة لعام .2009 فيكون من شأن ذلك أن تقف القوات المسلحة الأمريكية على أرض قانونية صلبة محليا وعالميا. ويتيح ذلك للرئيس القادم وللكونجرس وقتا كافيا للنظر في المستقبل.
ولقد اقترح بعض النواب الديمقراطيين تشريعا للقيام بذلك بالضبط، فهي مبادرة تستحق الدعم من كلا الحزبين، إذ إنها الطريقة العملية الوحيدة لمواجهة غياب القانونية عن أحادية خطط الإدارة فيما يتعلق باليوم الأول من العام القادم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
خمس سنوات على غزو العراق لولا بطولات العراقيين وتضحياتهم لكانت صورة أخرى.. للعالم..،،
جورج حداد
الدستور الاردن
التاريخ.. ليس ورقا وكلمات كما يتوهم ابناء العيش، وابناء العيش ، بالمناسبة يختلفون عن ابناء الحياة. ابناء العيش هم.. ابناء يومهم لا يرون الى أبعد من انوفهم ، يأتون ويذهبون ، كما اوراق الشجر. أما ابناء الحياة فهم الذين فهموا ويفهمون الحياة «وقفة عز فقط»، ، والعز.. قيمة مجتمعية حياتية ولا تزيدها السنوات والقرون الاّ غنى والاّ.. توهجا،،.
العيش حيلة أما.. الحياة فلا يدرك معناها وقيمها الاّ من تمرّس بتقاليدها الراقية ، فبات لا يرى في الموت الاّ.. رفيق درب وشرطا من شروط انتصار الحياة على.. العيش ، والحرية على.. العبودية و.. الخلود على .. العدم والفناء،،.
والتاريخ.. كما قلنا ، ليس ورقا وليس كلمات.. وتاريخ امة ما هو.. سجّل سير حياتها بكل ما حفل به من وقائع واحداث وتجارب وعبر،. والشعوب الحيّة الحضارية العريقة ، كشعبنا العراقي العظيم المتفوّق في جوهره الانساني ، حتى في ايام كبواته التي مرّ بها عبر التاريخ ، ظل الاحرص على التعبير عن ميزاته الراقية ، في احلك العتمات والازمات ، مثل هذه الازمة الفظيعة.. المريعة التي تعصف به الان،.
في ذروة هذه الازمة ، كان العراق ، ولم يزل ، يعطي الدرس للشعوب ، كما سبق له ان اعطاها قواعد الحضارة والتقدم،.
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات تمكن الغزاة البرابرة من عبيد المادة ورموز الوثنية المادية ، من اجتياح العراق واحتلاله كخطوة اولية للسيطرة على العالم والشعوب بعد تحطيم ارادتها وتهشيم حريتها بقصد استعبادها ونهب مواردها والتحكّم في مساراتها،.
ونجح الاجتياح وخيم الاحتلال وتوهم الغزاة أن الدروب اصبحت سالكة امام العودة بالتاريخ والانسان الى العصور الحجرية البدائية حين كان الانسان البدائي يقتل اخاه الانسان ويشرب دمه ظنا منه بأن قوة القتيل أُضيفت الى قوة القاتل،،.
ومثل هذا الوضع الموغل في رجعيته وتخلّفه وبدائيته ، هو أبشع وافظع واشد ظلمة وظلما من.. شريعة الغاب.
بعد خمس سنوات على هذا الاجتياح والغزو بكل ما حفلت فيها من فظائع وجرائم القتل والاغتيال والتهديم والاغتصاب والنهب والقمع والتشريد ودقّ اسافين الفرقة والتفتيت بين ابناء الشعب العراقي الواحد ، بعد كل هذا الذي فاق التصوّر في درجات انحطاطه ووحشيته وهمجيته يكتشف الغزاة البرابرة ان محصلة الغزو والعدوان لم تعد عليهم الاّ.. بالويل والخسران والكلفة العالية والفشل الذريع،،.
في صحف أمس فقرات من تقرير اعده خبراء اميركيون من معهد (يو اس اينستيوت اوف بيس) اي.. «المؤسسة الاميركية للسلام» نُشرت فقرات منه قبل ثلاثة ايام جاء فيها.. من بعض ما جاء: «.. ان الولايات المتحدة تواجه خطر الغرق في مستنقع مكلف لا نهاية له في العراق»،، ، و .. «.. ان الوجود الاميركي في العراق يحمل كلفة هائلة على الصعيدين البشري والمادي فضلا عن المصالح الاخرى الكبيرة التي تضحي بها الولايات المتحدة»،،.
بالطبع.. كان هناك عشرات بل مئات بل الوف الدراسات والتحقيقات والمحاضرات والمقالات التي انتهت الى النتيجة نفسها التي انتهت اليها الدراسة الجديدة،،. ومع ذلك.. مع كل ذلك ، فان العصابة الحاكمة في واشنطن التي يرأسها «كليم الله،،» جورج بوش ما زالت ترى ان تصحيح الخطأ الكبير يمكن ان يتم بالاقدام على ارتكاب خطأ اكبر من خلال التحرّش والهجوم على سورية أو ايران أو فصائل وحركات مقاومة العدوان والاغتصاب في لبنان وفلسطين،،.
وبالطبع.. مرة اخرى وثانية وعاشرة ومائة ، فان صورة العالم ومسيرة التاريخ الحالي ، ما كانت لتكون ابدا على ما هي عليه الان ، لولا.. بطولات العراقيين وتضحياتهم واحتقارهم لحيلة العيش على حساب فن الحياة وقيمها الاصيلة النابعة من وجدان العراق وتراثه ومخزونه الحضاري،،.
وصحيح أن البرابرة وعبيد الطغاة قتلوا صدام حسين ورفاقه الاّ ان الاصح.. الاصح أن موت العظيم واستشهاد الكبير ، هو احد شروط الحياة والخلود لابن الحياة،،
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
احتلال العراق ما بين 2 آب و 9 نيسان
راكان المجالي
الدستور الاردن
في مثل هذا اليوم 9 نيسان سقطت بغداد في يد الاحتلال الامريكي وبدأ التمثيل الانتقامي بالروح العراقية بنهب متحف بغداد وكل التراث العراقي المتراكم عل مدى 7 آلاف عام يوم 9 نيسان ، ثم بدأ التمثيل بالجسد العراقي هذا التمثيل بالجسد القتيل الذي لا يزال مستمرا حتى اليوم عبر تمزيقه اشلاء والعبث بكل مكوناته،،.. الخ
كم من الاشجان والآلام تبعث هذه الذكرى وكم كانت حرب «الصدمة والترويع» وحشية وهمجية وسعت بتخطيط خبيث تسحق العراق وتسحق معه روح الانسان العربي في كل مكان ، واسهمت مأساة العراق في انقسام الضمير الوطني العراقي كما اسهمت في انقسام الضمير الوطني والقومي للعرب داخل اوطانهم وفيما شجر من خلافات وتناقضات وانانيات بين اقطارهم،،.
انها مناسبة للحزن والتأسي ، ولكن قد تكون مناسبة للتفكر والعبر حيث وفر العرب عن جهل وفي غياب الوعي مقدمات احتلال العراق وكذلك الغطاء لاحتلاله.
وقد لا يعجب البعض مواجهة الحقيقة المرة وهي ان احتلال العراق نظريا تحقق يوم 2 آب 1990 يوم احتل العراق الكويت ، ويوم فتح ذلك الباب امام التدخل الاجنبي وحشد التحالف الدولي المتأمرك قواته في الخليج والتي لا زالت متمددة في مياه الخليج وعلى أرضه.
كنا نقول ان الفخ الذي نصب للعراق باحتلاله الكويت في 2 آب وهذا الاحتلال كان كارثة عابرة ألمت بالكويت والكويتيين بصورة بشعة ، لكن حدود هذه الكارثة كانت معروفة وعودة الكويت لاهلها كانت حتمية وبرغم كل ما الحقه الاحتلال بالكويتيين من مآس الا ان ما هو اسوأ هو أن ما حدث في 2 آب كان وقوع العراق في الشرك وسقوطه عمليا بعد حين في 9 آب 2003 في قبضة الاحتلال بعد ان كان سقط العراق نظريا في قبضة الاحتلال في 2 آب...،،
على اثر 2 آب لم تقبل اكثرية الانظمة العربية بحل عربي وشككت بجدواه وأمكانية ايجاده ، ولم يتنبه النظام العراقي ولا الانظمة العربية ان الحدث على السطح هو احتلال الكويت لكن الحدث في ابعاده ومراميه هو احتلال العراق.. كنا نقول هذا الكلام من اليوم الاول وكان هذا الكلام يغضب اخوان واصدقاء مباشرين لي في الكويت ، وكل الكويتيين الى اليوم لا يقبلون هذا التحليل أو حتى سماعه ويقاطعون كل من يردده،،
وبالتأكيد كان رفض اخواننا في النظام العراقي السابق لهذا التحليل قاطعا ومطلقا،،
وكانت لديهم على الأسف حساباتهم الخاطئة وكان لكل العرب الآخرين حسابات خاطئة سهلت احتلال العراق بعد 13 عاما من حصاره وفرض العقوبات وحتى الحصار وفرض العقوبات الطويل لم يفهم على أنه تمهيد للحرب وغزو العراق واحتلاله والاستيلاء عليه كليا حيث كان العراق كما قلنا ونقول «وليمة التاريخ الكبرى» والفريسة السهلة هو وكل المنطقة كنتيجة للامبراطورية الامريكية المشحونة بالحقد الصهيوني والتطرف والارهاب والكراهية التي تمثل عقيدة عصابة الحقد اليمين المحافظ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
هل انتهت أم بدأت أزمة المجتمع مع المليشيات في العراق؟
كاظم حبيب
اخبار العرب الامارات
لم يكن تفاقم الصراع السياسي وبدء النزاع المسلح في ما بين الحكومة والجناح العسكري للتيار الصدري غير متوقع ، بل كان متوقعاً حصوله منذ فترة غير قصيرة ، وربما قد تأخر وقوعه. وتكمن وراء هذه المسألة عدة عوامل يفترض دراستها والتمعن في احتمالاتها والتي أشار إليها الكثير من الباحثين والكتاب والصحفيين في مقالات نشرت في الصحف وفي المواقع الإلكترونية. إلا أن وضع الحكومة العراقية ضعفها وتمزقها سمح بتفاقم دور هذا التيار السياسي والعسكري وقاد إلى تفجير الأزمة بالشكل الذي ما تزال تداعياتها قائمة. ولا شك في احتمال تفجر أزمات أخرى في الفترة القادمة مع هذا التيار ومع غيره. ولكن ما هو جوهر المشكلة مع التيار الصدري الذي يقوده السيد مقتدى الصدر؟ أحاول فيما يلي الإجابة عن هذا السؤال وفق رؤيتي للأحداث الجارية في العراق منذ خمس سنوات مع هذا التيار الإسلامي السياسي العسكري : 1. يلتزم التيار الصدري من الناحية الدينية ومن حيث المبدأ بولاية الفقيه المتمثلة باَية الله العظمى السيد على خامنئي. ويتم ذلك عبر وكيل له للعراق هو اَية الله العظمى السيد كاظم الحائري الحسيني المقيم حالياً ومنذ سنوات طويلة في مدينة قم ، وهو الموجه الرئيسي للتيار السياسي والعسكري الصدري وفق تقديرات الخامنئي والتشاور بينهما. والتيار الصدري يماثل في نهجه السياسي والديني والعسكري حزب الله الطائفي في لبنان. ويمكن للمتتبعة والمتتبع أن يتبينا ذلك من خلال دور أعضاء مجلس النواب الصدريين الذين يحاولون تعطيل الحياة السياسية ، كما يحصل منذ شهور طويلة في لبنان ، من خلال مقاطعاتهم ومحاولاتهم تشكيل تجمع يساهم في إعاقة دور الحكومة وتعطيل عملها.
2. وكما هو معروف يتشكل التيار الصدري السياسي والديني والعسكري من مجموعات من الشباب المغامرين المستعدين للتضحية ، ولكن تنقصهم المعرفة والخبرة السياسية والتكتيكات الناجحة في التعامل مع الأحداث الجارية أولاً ، ويؤمنون بممارسة القوة والعنف والتهديد والتخويف في سبيل إنجاز المهمات التي يسعون إلى تحقيقها ثانياً ، والتوجه نحو الهيمنة الكاملة على الساحة السياسية والشارع العراقي والتفرد في الحكم وإقامة الدولة الإسلامية وفرض الاستبداد الديني الأشد تقوقعاً والأكثر تطرفاً مما يجري حالياً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
3. تعدد وتنوع طبيعة الجماعات المكونة لبنية التيار الصدري السياسية والعسكرية والدينية، إذ يمكن أن نجد في هذا التيار القوى التالية: أ. جماعة مؤمنة إسلامياً ومقتنعة بالتيار الصدري تستند في ذلك إلى الشهيد الراحل السيد محمد صادق الصدر ، والد السيد مقتدى الصدر ، وليس الشهيد الراحل محمد باقر الصدر . وهذه الجماعة المؤمنة تختلف وتخالف الدور الذي يمارسه السيد مقتدى الصدر ، ولكنها غير قادرة وعاجزة عن تغيير هذا الخط المغامر والصبياني ، كما أنها تخشى على نفسها من الصقور العاملة والمؤثرة في التيار الصدري ، إذ يمكن أن تتهدد بالغياب عن هذه الدنيا ، وهي غير راغبة بمثل هذه النهاية.
ب. جماعات طائفية متطرفة تجد الوضع الجديد مناسباً لممارسة الهيمنة والانتقام من أهل السنة وممن تعتقد بأنه يخالف الفقه الذي تلتزم به ، كما في الموقف من الكثير من القضايا التي تحرمها والموقف من المرأة ، إذ تتصور أن هؤلاء السنة هم الذين اضطهدوا العرب الشيعة ، في حين أن النظام السياسي هو الذي مارس ذلك وليس أهل السنة كأفراد وجماعات ، إذ كان بين قوى نظام الحكم المقبور الكثير من الشيعة ، إضافة إلى أكثرية سنية عربية. ت. جماعات تعمل في صفوف جيش المهدي تتبع خطى أجهزة الأمن الإيرانية والحرس الثوري أو جماعة البسيج والقوى الأكثر تطرفاً في إيران ، إذ تدربت هذه الجماعات أثناء وجودها في إيران على أيديهم وأصبحت تابعةً لهم ، كما في حالة ميليشيات في أخرى أيضاً ، وتسعى إلى تحقيق أهداف إيران العراق ، سواء أكان ذلك بتشديد الصراع مع القوات الأجنبية ، أم مع القوات العراقية ، أم مع المليشيات المسلحة العراقية الأخرى. وأن هؤلاء ، وأن امتلكوا الجنسية العراقية ، فهم يحملون الذهنية والهوية الفارسية والمذهبية الشيعية الصفوية المتشددة فعلياً. فهم والحق يقال حصان طروادة داخل التيار الصدري وداخل قوى الإسلام السياسي العراقية وداخل المجتمع العراقي. ث. جماعات شيعية قادمة من حزب البعث وأجهزته العسكرية والأمنية واستخباراته وأجهزة التعذيب وشرطة السجون ممن ادعى التوبة على أيدي الصدر ، وهم مدربون جيداً ويمتلكون الخبرة القتالية والتلغيم والقتل والسطو على البيوت وذبح الناس . إن المهم بالنسبة إلى هذه الجماعات هو الاغتناء وبث الخلافات في صفوف المجتمع وتنشيط الصراع والقتل وإشاعة الفوضى باسم ميليشيات جيش المهدي والاستفادة من الأوضاع لتحقيق ماَربهم الشخصية ومصالحهم ، وهم في ذلك ينفذون أهدافاً ومصالح أخرى ويستخدمون التيار الصدري وجيش المهدي غطاءً ساتراً لهم. وهم يشكلون جزءاً من التيار الصدري وجيش المهدي ويحتلون مواقع مهمة فيه. إلا أن عورتهم مكشوفة أمام الناس في العراق ، ومعروفة لدى المؤمنين من قوى التيار الصدري الأخرى أيضاً. ج. جماعات مرتبطة بقوى الجريمة المنظمة التي تمارس جرائمها بكل حرية وتستخدم وجودها في جيش المهدي كستار واقٍ لها يحميها من غضب السلطات العراقية والقوات المتعددة الجنسية والناس . كما أن بعضهم يعمل في زراعة المخدرات والمتاجرة بها والتي تساهم في تخريب وعي الإنسان وتحطيم إرادته الحرة. والتحقيقات التي تجري في ما يرتكب من جرائم في العراق لا تنتهي إلى نتيجة واضحة بسبب طبيعة هؤلاء والغطاء المناسب المهيأ لهم.
إن الجماعات الأربع الأخيرة تشكل الأداة الرئيسية التي يستخدمها السياسيون الصدريون المتطرفون ، وخاصة شيوخ الدين الشباب منهم والكثير من أعضائهم في مجلس النواب العراقي ، بهدف السيطرة على الوضع في العراق ، كما أنها تنفذ مهمات أخرى في غير صالح المجتمع العراقي ووحدته الوطنية. ورغم الادعاء بعدم استخدام السلاح وإعلان تجميد العمل العسكري ، إلا أن هذه الجماعات كانت ولا زالت تمارس القوة والعنف والقتل على نطاق واسع للسيطرة على الوضع في العراق وتمتلك كميات هائلة من الأسلحة من مختلف الأنواع ، أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة ، وهي حديثة تأتي من إيران وأخرى من ترسانة صدام حسين وثالثة من الجيش والشرطة العراقية الراهنة. والفساد المالي يساعد على ذلك.
4. التلاقي النسبي بين قوى التيار الصدري وقوى الإسلام السياسية الأخرى من حيث الموقف من الدولة الدينية في العراق ومن حيث أهمية توسيع قاعدتها المشتركة والتصدي للقوى العلمانية واللبرالية والديمقراطية الأخرى ، وبالتالي تميزت ، ولفترة طويلة ولا زالت ، بالمساومة والسكوت عن أفعال قوى في التيار الصدري ، إذ لم تترك تلك القوى في التيار العمل المسلح ضد المجتمع رغم تجميد العمليات العسكرية بقرار من السيد مقتدى الصدر.
5. تحققت للتيار الصدري تعبئة جماهيرية واسعة بسبب الأخطاء الفادحة لقوات الاحتلال الأجنبية والحكومة العراقية من جهة ، والقدرات العسكرية والتحدي والسلاح والتهديد الذي يمارسه وتفاقم الخوف منه من جهة ثانية ، والموارد المالية الكبيرة التي يوزعها على المحتاجين والفقراء من الناس في المناطق المختلفة والرواتب التي يدفعها إلى أفراد ميليشيات جيش المهدي وغيرهم من جهة رابعة ، وعدم محاسبة القتلة والمجرمين ممن هو ضمن التيار بسبب الأغطية الكثيرة التي يمتلكها هذا التيار وتوفرها له قوى أخرى من جهة خامسة ، إضافة إلى الفساد المالي والإداري المنتشرين في البلاد من جهة سادسة. إلا أن تمادي الجناح العسكري للتيار الصدري في هذا النشاط وتعرض قوى الائتلاف العراقي لمزيد من المضايقات واشتداد منافسته لقوى الإسلام السياسية الأخرى ، وخاصة جماعات المجلس الإسلامي الأعلى في العراق ، في المحافظات ، وتفاقم المحاولات السياسية للإطاحة بحكومة المالكي وتشكيل التيار الصدري حكومة وميليشيات مسلحة داخل الحكومة والجيش والشرطة العراقية عملياً ، والضغط المتزايد من جانب الإدارة الأمريكية ، لأنها بدأت تتعرض لمزيد من الضغط في بلادها ومن جانب قواتها في العراق ، وشعور المالكي بضعفه إزاء قوى التيار الصدري ، دفع السيد المالكي وبالتنسيق مع القوى المساندة له في العراق إلى تفجير الدملة الصدرية وتصريف القيح المتراكم ، لأنها أصبحت لا تطاق. ويبدو أن السيد المالكي اختار الوقت المناسب في أعقاب زيارة رئيس الجمهورية الإيراني محمد أحمدي نجاد للعراق لبدء حملته المناهضة للعمليات التي تمارسها تلك المليشيات. وقد كان موفقاً في هذه العملية ، إذ أجبر التيار الصدري على التراجع بتأييد مباشر من مرجعيتهم الدينية التي أدركت خطأ زج التيار الصدري في هذه المعركة حالياً ولكي لا يفقد كل رصيده ويضعف تماماً ، خاصة وأن المرجعية الدينية الإيرانية لا تريد أن تخسر قوى هذا التيار وتأييد قوى إسلامية أخرى لها في العراق. إن المساومة التي تمت بين التيار الصدري والحكومةأوقف القتال حالياً ، ولكنه لا ولن ينهي الأزمة ، بل أجل تصعيدها ثانية وفي فترة لاحقة. فما السبب في ما أقول؟ أرى ما يلي: 1. الموافقة على احتفاظ قوى التيار الصدري بالأسلحة الخفيفة مع وجود كميات كثيرة أخرى من الأسلحة المتوسطة والثقيلة غير المسلّمة للحكومة والمخزونة في مواقع كثيرة من العراق ، كما يمكن تسريب المزيد منها في كل لحظة من إيران ومن دول الجوار الأخرى دون أدنى ريب في ظل الأوضاع العراقية الراهنة ، إضافة إلى وجود السوق السوداء والقدرة المالية على الشراء والفساد المالي الذي ينشط كل ذلك.
2. إن الجناح العسكري للتيار الصدري يدار من عناصر إسلامية سياسية متطرفة وانتقامية لا تقبل بالخسارة بالطريقة التي جرت ، كما أنها متداخلة مع قوى انتقامية بعثية يصعب تنظيفها من جانب مقتدى الصدر ، لأن الأمر ليس بيده كلياً ، إضافة إلى تلك القوى المؤمنة بدور إيران الشيعي في المنطقة والتي تأخذ تعليماتها دينياً وسياسياً من ممثل ولاية الفقيه المسئول عن العلاقة مع مقلديها في التيار الصدري. 3. ضعف الحكومة العراقية التي لم تنجز حتى الاَن مهمة إقامة حكومة وحدة وطنية حقيقية لا شكلية وناقصة ، رغم محاولتها الضعيفة جداً في مواجهة الطائفية والفساد في البلاد وعدم الكف عن مشروع إقامة فيدرالية الجنوب الشيعية التي تثير الكثير من البشر. ويفسر البعض الكثير بأن سبب الضربة الأخيرة جاء لإضعاف التيار الصدري السياسي بسبب رفضه لفيدرالية الجنوب التي يؤيدها المجلس الأعلى الإسلامي في العراق وشل مقاومته لها في المحافظات بشكل خاص . 4. استمرار شكوى وتصاعد تذمر الناس بسبب قلة الخدمات العامة ، الكهرباء والماء والهاتف والبطالة ، إضافة إلى التضخم الزاحف والمتواصل الذي يتجلى بارتفاع غير معقول لأسعار السلع والخدمات الذي يرهق جداً كاهل الكادحين وذوي الدخل المحدود من صغار الكسبة والحرفيين وصغار الموظفين إلى جانب استمرار الفساد والغنى الفاحش وغير المشروع في البلاد . . . الخ.
5. ضعف الجناح العقلاني والمقبول واللاعنفي في قوى التيار الصدري وعجزه عن مواجهة الصقور في التيار أو القوى العدوانية التي تسيطر فعلياً على المليشيات المسلحة الطائفية باعتبارها الجناح العسكري للتيار. 6. استمرار نهج القوات الأجنبية في التأثير السلبي على الوضع القائم في العراق ومشاركتها في إضعاف الحكومة بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، والتي تعطي القوى الأخرى القدرة في التأثير على كسب المزيد من المناهضين. 7. رغبة بعض دول الجوار ، وليس إيران وحدها ، في استمرار الفوضى وعدم الاستقرار في العراق لأسباب كثيرة بما في ذلك رفضها للوجود الأمريكي الراهن في العراق ورفضها للديمقراطية أو حتى رفضها للنظام الفيدرالي بالنسبة لإقليم كُردستان العراق بذريعة بائسة وغير واقعية هي تقسيم العراق . إن انتهاء القتال مع التيار الصدري لم ينه المعركة مع قوى هذا التيار وخاصة العسكرية منها ومع قوى مساندة ومشجعة له في العراق وفي المنطقة ، بل تم تأجيلها ، كما أرى ، رغم إضعاف هذا التيار حالياً من الناحية العسكرية والسياسية. وهو أمر سيكون قاسياً على العراق حين يتفجر من جديد.
وحل المعضلة يكمن في حل المشكلات العراقية والكف عن مواصلة النهج الطائفي لقوى الائتلاف العراقي الموحد ومشروعات المجلس الإسلامي الأعلى الذي يترأسه السيد عبد العزيز الحكيم والسيد عمار الحكيم في العراق ، وإبعاد الدولة عن مواصلة النهج الديني والتجاوز على حقوق الإنسان وحرياته الفردية ومكافحة الثقافة والفنون الإبداعية وحقوق المرأة العراقية وإقامة حكومة وحدة وطنية حقيقية وانتهاج سياسة تلتزم بمبدأ ’’الدين لله والوطن للجميع’’ وتطهير القوات المسلحة العراقية من العناصر الطائفية المرتبطة بمليشيات مسلحة أخرى في العراق ، رغم وضعها السلاح حالياً جانباً ، فهي أشبه بالجيش الشعبي البعثي ، يتنادى حين تطلب قيادة هذا الحزب أو ذاك تحركه ومشاركته في عمليات عسكرية. العراق يقف أمام مهمة جديدة وجدية يفترض أن تشرك الحكومة الجمعية العامة للأ· المتحدة في حل مشكلات العراق وزيادة دورها وتبني وجود قوات عسكرية دولية في العراق التي يمكن أن تحل تدريجاً محل القوات الأمريكية والأجنبية أو أن يصبح جزء من القوات الأمريكية جزءاً من القوات الدولية ، لكي تعالج إشكالية قوى الاحتلال بطريقة مناسبة وضرورية على مدى السنة أو السنتين القادمتين. العراق أمام مهمة زيادة التنسيق بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كُردستان العراق لمعالجة المشكلات المعلقة ، بما فيها مشكلة كركوك ، بما يساعد على نزع فتيل الصراع الداخلي والنزاع المسلح المحتمل في كركوك وعلى المستوى الوطني العراقي لصالح الوحدة العراقية وبما يستجيب لمصالح كل الأطراف. العراق يقف أمام مشكلات اقتصادية واجتماعية عويصة وكبيرة لا بد من معالجتها لصالح الناس ولصالح كسبهم إلى جانب النهج المخالف للعنف والقوة والإرهاب والتسلح غير الشرعي والتطرف الديني والطائفي، وأمام تعزيز الحريات العامة وحرية التنظيم والصحافة والنشر وعدم التجاوز على حرية الصحفيين وحمايتهم وتوفير مستلزمات عودة الكفاءات العراقية والعائلات المهجرة في فترة البعث الدكتاتورية وفي فترة الإرهاب الدموي والطائفية التي اكتنفت السنوات الخمس المنصرمة والاستجابة لمطالبهم وضمان استعادة حقوقهم المغتصبة. إن مواجهة القوى الإرهابية والمليشيات المسلحة والطائفية المتطرفة لا تتم بالقوة العسكرية ونزع أسلحتها فقط ، بل تستوجب المواجهة ممارسة وتنفيذ حلول سياسية عقلانية وحلول اقتصادية مناسبة لقوى المجتمع الكادحة ومحاربة جادة للفساد المالي والوظيفي والتخلي الفعلي الجاد عن الطائفية السياسية ومشروعاتها غير العقلانية. إنها سياسة الالتزام بالديمقراطية ، كفلسفة وأداة حكم ، وبمصالح الشعب وحقوق الإنسان وحقوق القوميات وحقوق المرأة والمساواة في المواطنة الحرة والعدالة الاجتماعية. إنه التحدي الذي تواجهه حكومة المالكي ، فهل ستنهض به؟ إن الإنسان يأمل أن يتحقق ذلك ، ولكن ليس بالحكومة الراهنة ، بل بتشكيل حكومة جديدة وتنوع جديد وقوى إضافية جديدة ونهج جديد وسياسات جديدة. وهو ما يتطلع إليه الشعب ويرجو حصوله ويعمل من أجله!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
بغداد يا بغداد
باسم سكجها
الدستور الاردن
قبل خمس سنوات ، وفي هذه الزاوية ، ومن وحي مشاهد الدخول الأميركي إلى بغداد ، كتبنا المقالة التالية ، ونعيد نشرها باعتبار أنّ الموقف ما زال هو الموقف ، والدموع هي نفس الدموع: غضب ، حزن ، قهر ، احباط ، ومشاعر أخرى كثيرة تنتاب الواحد منّا وهو يشاهد عاصمة ثالثة تجتاحها دبابات الشرّ ، ولكنّ هذا كلّه يتصاحب مع شعور بالفخر ، فالقُدس ما زالت بعد ستّ وثلاثين سنة من الاحتلال تهتزّ تحت أقدام الأقذار ، وبيروت نفضت عن جسدها غبار الحرب والاحتلال وصارت ثكنة باتجاه استعادة القُدس ذاتها.
وبغداد ، يا بغداد ، يا العاصمة الجديدة التي دخلها احتلال جديد ، لن تكوني إلاّ كالقدس وبيروت ، وتلك الصور التي امتلأت بها شاشات التلفزيونات أمس ليست سوى تعبير مؤقّت مفهوم من حقد على عهد يمضي ، لا تعبيراً عن فرح؟ لاحتلال جديد ، وحين دخلت قوّات الاحتلال الإسرائيلي إلى جنوب لبنان استقبلت بالأرز والورود ، ولكنّها حين طُردت بعد رميها بالرصاص والقنابل لوحقت بالأحذية والبصاق.
نبكي على تلك الصور التي تأتينا من الحبيبة بغداد ، ولكنّنا نعرف أنّها ليست سوى وحي اللحظة ، وحين دخل المغول إليها وجدوا من يرمي معهم الكتب في دجلة من العراقيين ، وحين دخل النازيون إلى باريس وجدوا حكومة كاملة بانتظارهم ، وحين بدأ الأميركيون حرب استقلالهم ضد الاحتلال الانجليزي وجدوا من يقف منهم مع الإنجليز ، وقد تكرّر المشهد في التاريخ كثيراً ، ولكنّه كان مشهداً مؤقتا فالاحتلال يُكنس في النهاية كما تُكنس القاذورات.
وستظلّ في ذاكرة العرب والمسلمين ذكرى ذلك الصمود الاسطوري ضدّ أكبر آلة حرب عرفها التاريخ الإنساني ، وستظلّ في ضمير الإنسانية مشاهد الهمجية الأميركية التي تفتتح القرن الحادي والعشرين بأساليب العصور المظلمة ، وفي مطلق الأحوال فقد قال العالم الحرّ كلمته في رفض البربرية ، ونعرف أنّ العراقيين الشرفاء سيقولون كلمتهم المؤكدة للمقاومة.. فالعواصم تسقط ، ولكنّها تُستعاد أيضاً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
: العراق يتشظى والاحتلال في مأزق
رشيد حسن
الدستور الاردن
في الذكرى الخامسة لسقوط بغداد ، يتردد السؤال التقليدي ، هل حقق الأميركيون ما وعدوا به الشعب العراقي ، فأصبح ليل أهلنا "قمرة وربيعا" ؟ .
إن المتأمل للمشهد العراقي يتأكد ليس من سقوط ادعاءات ومبررات وأسباب الغزو ، التي اختبأ وراءها بوش والمحافظون الجدد المتصهينون وتابعهم بلير لتبرير العدوان ، ونقصد كذبة أسلحة الدمار الشامل وغيرها من افتراءات ، وإنما سقطت ادعاءاتهم بنشر الديمقراطية ، والحرية وحقوق الإنسان ، فحال العراق اليوم ليس بحاجة إلى شرح وتفصيل ، فشهادات المنظمات الدولية ، ونقصد منظمة العفو والصحة العالمية والصليب الأحمر ، تؤكد أن العراق أخطر بلد في العالم ، وأن أكثر من نصف السكان لا تصلهم الكهرباء ولا المياه النظيفة ، وأن أربعة من كل عشرة عاطلين عن العمل. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، فمنظمة الشفافية العالمية المعنية بالتأشير على الفساد ، أشارت في تقريرها الأخير إلى أن العراق أصبح في ذيل القائمة ، فيما أكدت هيئة النزاهة الوطنية العراقية أن حكومات الاحتلال سرقت أكثر من تسعة مليارات دولار من أموال الشعب العراقي ، كما أن أكثر من %15 من النفط العراقي يسرق في وضح النهار ، ويتم تهريبه وبيعه وتفريغه في سفن راسية في عرض البحر. ولاستكمال المشهد المؤلم ، لا بد من الإشارة إلى أن أكثر من أربعة ملايين عراقي هربوا من وطنهم إلى الدول المجاورة ، كما أن أكثر من مليوني عراقي هجروا داخل البلد الشقيق فانتقلوا من مدينة إلى أخرى ، بعد اندلاع شرارة الحرب الطائفية القذرة التي أشعلها الاحتلال ، في حين بلغ عدد القتلى أكثر من مليون ، من بينهم علماء وأساتذة جامعات وطيارون سابقون ، وأصبحت ظاهرة القتل على الهوية هي السائدة ، إضافة إلى ظاهرة الجثث التي تطفو على مياه دجلة ، وتتناثر على أرصفة الشوارع والساحات العامة.
هذا المشهد بخطوطه العريضة لم يكتمل بعد ، ويكذب ادعاءات أميركا وحلفائها السابقة واللاحقة ، ويؤكد أن أميركا لم تسقط أخلاقيا فحسب ، بل سقط مشروعها الامبريالي الإمبراطوري بإقامة شرق أوسط جديد ، بفعل المقاومة الباسلة ، التي كلفتها حتى الآن أكثر من أربعة آلاف جندي ، وستين ألف جريح ، وأربعة تريليونات دولار توشك ان تجر الاقتصاد الأميركي إلى مربع الكساد. فهذه المقاومة هي التي أجبرت إدارة بوش أن تعيد النظر في حساباتها ، بعد أن سقط مشروع المحافظين الجدد ، وغادر أغلبهم البيت الأبيض ، وعلى رأسهم وزير الدفاع رامسفيلد ، وكانت توصيات لجنة بيكر - هاملتون تأكيدا لهذا الفشل ، حينما أكدت استحالة تحقيق نصر أميركي في العراق. لا نريد أن نستفيض كثيرا في فتح ملف هذه الذكرى الأليمة ، وإن كانت الموضوعية تستدعي الإشارة إلى ما جرى ويجري بين أبناء الشعب العراقي الشقيق ، ونجاح المحتل بإشعال الحرب الطائفية بين السنة والشيعة ، وإصرار البعض أن يبقى معصوب العينين ، رافضا اعتبار الجيش الأميركي جيشا محتلا ، في حين أن قرارات الأمم المتحدة اعتبرته كذلك ، مما يعني ويؤكد أن هذا البعض ربط وجوده بوجود القوات الأميركية ، فكما جاء إلى بغداد على ظهر الدبابات الأميركية فسيرحل حتما على ظهر هذه الدبابات. سقوط بغداد أصاب الأمة في المقتل ، ولكن صعود المقاومة الباسلة وتصديها بجرأة للاحتلال ووصولها إلى معاقله في المنطقة الخضراء ، يؤكد ان ليل العراق ، وليل المحتل ، وليل الطائفيين إلى زوال ، وان فجر عاصمة الرشيد ات ، ان شاء الله.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
يوم السقوط
أحمد حسن الزعبي
الراي الاردن
في 9-4-2003- دبي
لم يفارقني صوت مارسيل خليفة في غنائيته: ''احمد العربي''، طيلة الحرب..كنت أنقل شريطه من البيت الى السيارة، ومن السيارة الى البيت، أراجع من خلال صوته وشعر محمود درويش، ''منهاج الثورة'' وانتصاب القامة''،وأتابع باهتمام ''نمو الكرامة'' في عشرين يوماً بعد قحط دام سنوات ..كنت مثل المجانين أضع ''راديو'' صغير على أذني ..بالكاد أستخلص من بين زنين الموجات و''وشيش'' إذاعة لندن خبراً عاجلاً، أو خطاباً عربياً يأتي مسجّلاً من تلك الحنجرة..
طيلة أيام الحرب ..كنت أقف على البحر وقت الغروب،أدعو للنصر، ثم أنشد بصوتي المبحوح بالعجز والغربة ما حفظته من الغنائية: ''احمد الآن الرهينة..تركت شوارعها المدينة وأتت إليه لتقتله.. ومن الخليج الى المحيط، من المحيط الى الخليج كانوا يعدّون الجنازة وانتخاب المقصلة''..وعندما يرتفع الموج الى أعلى وتزّف النوارس الشمس الغائبة كنت انشد بصوت أعلى: ''كل ما أخيت عاصمة..رمتني بالحقيبة..فالتجأت الى رصيف الحلم والأشعار،كم أمشي الى حلمي فتسبقني الخناجر ..آه من حلمي ومن روما.. جميل أنت في المنفى..قتيل أنت في روما''..أنشد وأنشد ..حتى أتعب فأعود الى بيتي وأنا مسكون بصوت الموج وبصوت الرصاص و الانتصار..
في ظهيرة التاسع من نيسان..عدت باكراً الى غرفتي المعتمة - التي تشبه الزنزانة- بيدي كيس خبز..وأشياء لا أذكرها، خلعت قميصي كالمعتاد،وفتحت ''التلفزيون''..صور سريعة لشوارع خالية، عجائر يركضن، ورجل يهين ''الصورة'' بحذائه، خبر عاجل يفيد السقوط / وطفل يرقص ''بمزهرية'' مبتهجاً هي نصيبه من وطن محتل.. ثمة، عاصفة رمل وأوراق تتطاير من دائرة رسمية، كان يوم السقوط بروفه حقيقية ''ليوم القيامة''.. وجوه المذيعين العرب كانت شاحبة بشحوب شمس التاسع من نيسان..قال أحدهم :سقطت بغداد..فسقطت دمعة على كفّي..لا أعرف كيف خرجت من عيني دون أن تستأذن حزني، كيف مرّت مباغتة وموجعة ''كالسقوط''..نسيت الجوع من وجعي..غمرت رأسي في الوسادة وانتحبت كما الأطفال في عتمة الغرفة والرطوبة المشبعة برائحة الموت..
مرّت خمس سنوات، ولم أزل أغمر وجهي في وسادة الحزن على بغداد، ولم أزل أحيا في زنزانة ''ألوجع'' المقيم..كلما مرّ نيسان، فتح لنا جرح بحجم العراق..بلون ثوب ''ام كاظم'' التي نبشت الأرض بحثاً عن ولدها الجندي المفقود بعُرى قميص نيسان..
خمس سنوات، وفي صوتي بقايا النشيد: ''يا أيها المتفرجون تناثروا في الصمت..وابتعدوا قليلاً عنه ..كي تجدوه فيكم، حنطة ويدين عاريتين،وابتعدوا قليلاً عنه..كي يكتب وصيته على الموتى إذا ماتوا، وكي يرمي ملامحه على الأحياء إن عاشوا''..
أيها العراق العربي..لا تمت كما مات ''أحمد العربي''...
ahmedalzoubi@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
نيسان والاحتلال
: د. هدى فاخوري
الدستور الاردن
أتى نيسان الرمادي الذي يذكرنا ببساطير العسكر المدججين بالسلاح والجشع والرغبة في السيطرة على بلادنا الخيرة المعطاء الرافضة لمبدأ وجود العسكر المحتلين.
بغداد الأبية تقاوم المحتل بكل ما تملك من إمكانيات وإرادة وقدرة على الرفض ، والمحتل يعاني ويلف قتلاه بالعلم المقلم والمزين بالنجوم المطفأة ، ويخفي جرحاه في مستشفيات بديلة ، ويزيف الحقائق أمام شعبه ليستمر في استنزاف العراق وأرضه وبتروله وشعبه وتاريخه والمبدعين من أبنائه ، ولكن لا يزال الشعب يقاوم ويعمل على تعظيم خسائر المحتل الغاشم.
إذا ذهبنا إلى لغة الأرقام سنكتشف حجم المأساه التي يعانيها شعبنا المقاوم ، فبغداد العلم والتعليم يعاني شبابها وشاباتها من عدم القدرة على الاستمرار في الدراسة في المدارس ، %28 فقط من الشباب اجتازوا امتحانات الثانوية العام الماضي ، وتخلف عن الدراسة مئات الآلاف من الطلبة خوفا من الوضع الأمني ، وأصبح عدد المعتقلين في 36 سجنا على شاكلة أبو غريب يقترب من نصف مليون سجين منهم عشرة آلاف امرأة عراقية يعانين من كل صنوف العذاب.
وإذا كان الهدف من هذا الاحتلال البغيض هو إعادة تشكيل المجتمع عن طريق التعذيب والقتل الجماعي والتهجير والإفقار والفساد وكل ما من شأنه تهديم مجتمع كان يعيش برفاهية اقتصادية ، وانخفاض نسبة الأمية بين النساء والرجال إلى أدنى مستوى ، وينتج العلماء والمفكرين والشعراء والكتاب بالآلاف يغنون الثقافة العربية ، هذا إلى جانب الفنانين والرسامين التشكيليين الذين يقيمون معارضهم في كل بقاع الدنيا ، فإن هذا الهدف لن يتحقق ، فهم الأقدر على إعادة بناء الذات فور اندحار المحتل.
إن احتلال العراق واحتلال فلسطين والظروف الصعبة التي يعيشها لبنان كلها تعمل لصالح العدو الأزلي للأمة العربية ، وهي الصهيونية العالمية ، التي تعتقد أن احتلال العراق سيسهل مهمتها في تصفية المقاومة العربية في فلسطين وفي كل أجزاء الوطن العربي ، وقد تبين للمحتل ان المقاومة للوجود الأجنبي على الأرض العربية مستمرة ، وهو زائل لا محالة تماما كما زالت كل الاحتلالات عبر التاريخ القديم والحديث ، ولن يكون حظ هذه الاحتلالات أفضل من سابقاتها ، هم زائلون ونحن باقون حتى لو اعدموا نصف الشباب ونصف الشابات ، فالباقون قادرون على إعادة بناء الأمة وتخليصها من الغازين.
سيكون نيسان لهذا العام هو آخر النيسانات وأرض العراق يعاني من الاحتلال ، نبشركم بأننا سنحتفل في نيسان القادم في بغداد بعد أن تكون قد خلعت الاحتلال من جذورة ورمته في مزبلة تاريخية خاصة بالدولة الإمبريالية التي تعدت على حقائق التاريخ والجغرافيا.
المقاومة العراقية ستنتصر لأنها على حق ، وستكنس الاحتلال ، وسيكون ما يجري درسا لكل من يعتقد ان القوة تهزم الإرادة ، فالعراق سيظل عربيا وسيحرره أبناؤه بدمائهم وبقدراتهم وبإيمانهم بحقهم في وطنهم الذي لن يهون. وكل من يعتقد غير ذلك من المتخاذلين ، عليه أن يقرأ التاريخ ليعرف أن بلادنا وأمتنا تجترح أساليب نضال تجبر المحتل على الهرولة والندم ، فالأرض يحميها المقاتلون الذين يخرجون من بين الصخور المتجذرة في الأرض تقاوم مع الإنسان الذي لا يقبل الهوان.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
إنه التاسع من نيسان.. أين العراق من التغيير والتحول الديمقراطي؟
محمد خروب
الراي الاردن
تدفقت مياه ودماء غزيرة من تحت جسور العاصمة بغداد، التي تربط رصافتها بكرخها منذ ذلك اليوم المشهود، الذي سقطت فيه عاصمة الرشيد بفعل الغزو الاميركي البريطاني لها تحت دواع ومزاعم كاذبة ومفتعلة..
سيجد الكثيرون ممن فرحوا وابتهجوا لهذا الزلزال المدمر، الذي غيّر وجه المنطقة واشعل فيها حرائق الطائفية والمذهبية والعرقية، وانعش الفكر الظلامي والتكفيري واطلق مارد الارهاب من قمقمه، على النحو الذي نشهده الآن، وهو مرشح للاستمرار والتوسع الافقي والعامودي، رغم كل ما يقال عن نجاحات مزعومة وغير مرئية في واقع الحال، في هذه الساحة أو تلك وخصوصاً في العراق..
نقول: سيجد كثيرون في هذه الاشارات بمثابة حنين الى النظام الديكتاتوري والدموي، الذي سقط في ذلك اليوم وسيرى فيه كثيرون انه بمثابة انكار للتغيير الذي طرأ على العراق ووضعه في طريق التحول الديمقراطي، كما قال السيد مسعود بارزاني في مقالة له نشرتها صحيفة الشرق الاوسط اللندنية في عددها الصادر يوم أمس، بل ان رئيس اقليم كردستان حاول في مقالته دحض مثل هذه الاراء ملصقاً بها تهماً ليست صحيحة وانتقائية عندما قال ... ويغلب على خطاب هؤلاء النزوع الى تبرئة النظام السابق من كل ما ارتكبه من جرائم ضد الانسانية ورفع أي مسؤولية عنه لما جره على العراق من كوارث وبلايا، وما ترتب على نهجه الدموي المغامر من نتائج مدمرة أدت في المحصلة النهائية الى ما آل اليه الوضع من تداعيات بعد السقوط..
حسناً.
لا داعي للدخول في سجال وجدالات حول توصيف وتشخيص طبيعة النظام السابق الذي لا يختلف اثنان حول استبداده وظلمه وارتكاباته بحق الشعب العراقي وخصوصا الكرد منهم.. والمناسبة والحقائق الميدانية لا تسمح بالدخول في مناقشة كهذه وخصوصا في شأن ما آل اليه النظام السابق الذي ذهب قادته بعيدا في ازدراء شعبهم والقانون الانسان الدولي وحقوق الانسان ومارسوا ابشع انواع البطش وارهاب الدولة ضد معارضيهم حتى من داخل الحزب الحاكم وليس فقط الاحزاب الاخرى التي اوصلت البعث الى السلطة في تموز 1968 ثم ما لبث ان انقضّ عليها ونكّل بقادتها ناهيك عن تنكره لكل الاتفاقات التي وقعها مع الاحزاب الكردية والتي لم تكن بالنسبة اليه سوى محطة استراحة والتقاط انفاس لاعادة تجديد آلة القتل العنيفة التي توفر عليها حتى لحظة اسقاطه في مثل هذا اليوم من العام 2003.
لكن ذلك كله ايضا.
لا يمنع من عقد مقارنة بين عراق ما قبل التاسع من نيسان 2003 والعراق الجديد الذي اقامه الاحتلال الاميركي بعد ذلك اليوم، دون أي خشية من اتهام بالحنين الى ذلك العهد الدموي او المسارعة الى القول بغلبة النزوع الى تبرئة النظام السابق.
يمكن للكرد ولغيرهم (بل من حقهم) ان يروا في ذلك التاريخ بداية مرحلة جديدة عبروا فيها الى الحرية والديمقراطية والتعددية، يحدوهم الامل بقيام عراق جديد يحترم حقوق الانسان وينبذ العنف ويقيم دولة القانون والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص والتوزيع العادل للثروة ولا ينتقص من حقوق القوميات الاخرى الشريكة في الوطن ذات الثقافات والاسهامات الحضارية المعروفة ويرفض أي تفرقة على اسس طائفية او مذهبية او عرقية او جنسوية.
لكن شيئا لم يتغير، وان تغير فانه اتجه الى النموذج البديل والاسوأ على نحو يصعب - وبعد خمس سنوات - البقاء في دائرة تحميل النظام السابق مسؤولية ما آلت اليه الامور، وخصوصاً في تحويل العراق الى مصنع للعصبيات المذهبية والطائفية والى شلل في اجهزة الدولة، التي لم تعد موجودة والى انتشار الفساد ونهب المال العام والتسيب، والى اقتطاع ادارات ومحافظات باكملها تحت دواع طائفية واخرى مذهبية وثالثة عرقية، والأهم من ذلك كله هو انخراط الجميع في الاحتماء بجيوشهم وميليشياتهم الخاصة، والحرص على مراكمة المزيد من المكاسب والامتيازات الجهوية والفئوية والشخصية دونما اكتراث لمصلحة الشعب العراقي، أو وقوف على مسؤولياته السياسية والاخلاقية والوطنية، التي زعم انه يتحملها سواء عندما دعا الى اسقاط النظام السابق وحمل السلاح من اجل هذا الهدف، أم عندما جاء على ظهر دبابات الاحتلال وقبل الانخراط في برنامجه الذي لم يكن خافياً على احد، وهو البقاء في العراق لعقود طويلة مقبلة واحتكار نفطه انتاجاً وتسويقاً وعقوداً خارجية وامتيازات تنقيب ، وثالثاً اقامة نظام موال له يكون مخلب قط لتنفيذ مشروعه لاقامة شرق اوسط جديد يدين بالولاء لواشنطن ويؤمن لاسرائيل المزيد من الامن والهيمنة، ويحتفظ لها بكتابة جدول اعمال المنطقة، ليس فقط كوكيل للمجمع الصناعي العسكري البترولي الاميركي، وانما أيضا شريك له ومسؤول أول فيها يصدر أمر العمليات لكل دول المنطقة وبما يتجاوزها ربما..
لا تقف المسألة عند حدود الرغبات والتمنيات بل هي تغرف من واقع العراق الممزق الان والمسلوب الهوية والارادة والقرار، والخاضع لحكم الميليشيات وامراء الحرب وملوك الطوائف، والذاهب بعيون مفتوحة الى الهاوية والمفرغ من حياته السياسية مضامين وتشكيلات حزبية، تماماً كما كانت الحال في النظام الاستبدادي السابق، كما وصفه السيد مسعود بارزاني.
السنوات الخمس الماضية، كانت اكثر من كافية للحكم على فشل الاحتلال واخفاق المعارضة السابقة في تنفيذ الوعود التي بذلتها، والتي تتكشف الان عن خيبة امل شعبية وعن عمق الكارثة التي لحقت بالعراق، وعن الزمن الطويل الذي يحتاجه عراق ما بعد التاسع من نيسان لترميم ذاته واعادة الاعمار، والسير على سكة التغيير والتحول الديمقراطي، الذي يبدو بعيداً بعيداً.. بعيداً .
.. من أسفkharroub@jpf.com.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
ما بعد الاستياء
وليد الزبيدي
الوطن عمان
اختارت إحدى الصحف العراقية عنوانا بارزا يقول استياء في الشارع العراقي بسبب تجديد عقد شركة بلاك ووتر, وقبل كل شيء فإن العنوان يوحي للمتلقي, أن للشارع رأيه وثقله وتأثيره, والواقع يؤكد خلاف ذلك تماما, وليس ثمة تأثير لهذا الشارع على أي قرار أو إجراء يتم اتخاذه واعتماده والعمل به.
أما قضية شركة بلاك ووتر, التي ارتكبت الكثير من الجرائم بحق العراقيين, فإنها من بين الجهات التي يجب ان تحال الى القضاء, وان يتم القصاص من افرادها ومجاميعها, التي اقتحمت حياة العراقيين ودمرت بيوتهم وقتلت الرجال والاطفال والشيوخ والنساء.
إن قرار تمديد العمل مع بلاك ووتر, يؤكد دقة ما يجري في العراق, فالحكومة العراقية, التي اطلقت التصريحات وأصدرت البيانات, عندما ارتكبت هذه الشركة جريمتها البشعة. والتي راح ضحيتها 17 عراقيا في السادس عشر من سبتمبر عام 2007.
يكشف هذا القرار الحقيقة كاملة, فقد جاء من واشنطن وتحديدا من قبل وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس, التي جددت العقد, ولم تأخذ رأي حكومة المالكي, التي التزمت الصمت, ولم تعلق على هذا القرار, الذي يؤكد عدم وجود سيادة للحكومة الحالية, وان جميع الاجراءات التي تصدر من مكاتب هذه الحكومة يتم اصدارها من السفارة الاميركية, وما على الاطراف المعنية إلا نشرها امام الرأي العام, ليقولوا ان القرار تم اتخاذه من قبل الحكومة.
المسألة التي يجب التوقف عندها. ان اطراف العمليه السياسية الحالية, ما انفكوا يتحدثون عن السيادة والاستقلال وان البرلمان هو الجهة الوحيدة, التي تصدر القوانين وتوافق عليها, إلا اننا لم نسمع بموقف برلماني من وجود القوات الاجنبية في العراق.
كما ان هذا البرلمان, لم يقدر على طرح اسم شركة بلاك ووتر التي تنشر عشرات الآلاف من جنودها وضباطها في العراق للنقاش وبحث عدم شرعية وجودها, وهي جزء من قوات الاحتلال, وفي واقع الحال, فإن هذه المؤسسة العسكرية, تمتلك من القوة والسلاح مايؤهلها لخوض معارك طاحنة, فالمعلومات الاستخبارية الاميركية تقدم لها, اضافة الى معلومات جهازاها الاستخباري الذي يعمل لصالحها, وتمتلك المروحيات, وتؤمن الحماية لكبار المسؤولين في السفارة الاميركية وقادة الجيش في المنطقة الخضراء ومناطق اخرى.
ان تجديد عقد بلاك ووتر لعام إضافي, يتناقض وقرار عدم التجديد للقوات الاميركية وغيرها, التي يفترض ان ينتهي مع نهاية هذا العام, في حين يذهب وجود بلاك ووتر الى شهر ابريل من العام القادم, ما يعني ان اسم هذه الشركة سيكون الغطاء الذي تتحرك تحته العصابات الاميركية, التي تستهدف علماء العراق ورجاله, وتقتل من تريد, ومن لاتريد وتعتقل وتوجه الاهانات والاذلال للعراقيين.
أما الشارع العراقي فإذا استاء أو أجهش البكاء, فلا أحد يصغي إليه. wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
سنة سادسة احتلال
عمـاد عريـان
الاهرام مصر
اليوم التاسع من أبريل عام‏2008,‏ تحل الذكري الخامسة لسقوط بغداد ليبدأ الاحتلال الأمريكي للعراق عامه السادس‏,‏ دون أن تبدو في الأفق أية بوادر لتسوية تلك المأساة الكارثية‏,‏ التي فتحت بوابات الجحيم في منطقة الشرق الأوسط‏,‏ وهناك بالقطع عشرات بل مئات السلبيات التي يمكن رصدها في تلك المناسبة كنتائج مباشرة لسياسات الاحتلال علي مدي السنوات الماضية‏,‏ كتمزيق المجتمع العراقي وصنع مأساة إنسانية غير مسبوقة علي تلك الشاكلة‏,‏ وتشريد أربعة ملايين عراقي داخليا وخارجيا‏,‏ والقضاء علي إمكانات العراق السياسية والاقتصادية والثقافية والصحية‏,‏ وتبديد جهود التنمية في المستقبل في ضوء الفساد المستشري في المؤسسات الرسمية العراقية‏.‏
ويضاف الي ذلك إذكاء نيران الحرب الأهلية وتصعيد النبرة العرقية والانقسامات الطائفية‏,‏ ومصرع مئات الآلاف من المدنيين العراقيين وإصابة أعداد مماثلة لهم من الأبرياء رجالا ونساء وأطفالا‏,‏ ليس هذا فحسب‏,‏ ولكن المأساة الكبري التي صنعها بوش وإدارته دون مبرر قوي اللهم إلا رغبتهما في ممارسة القوة العسكرية في صورتها الفاشية وتأمين مصالح اقتصادية واضحة‏..‏ تلك المأساة ضربت أيضا الولايات المتحدة في قلبها الحيوي‏,‏ فعندما ترصد التقارير مقتل واصابة نحو‏50‏ ألف جندي أمريكي في العراق خلال السنوات الخمس الماضية‏,‏ فإننا بذلك نتحدث عن‏50‏ ألف مأساة إنسانية وبشرية وأسرية صنعها بوش‏,‏ فضلا عن الأزمة الاقتصادية الكبري التي تضرب الولايات المتحدة حاليا بسبب مئات المليارات التي أنفقت علي الحرب‏.‏
وقد كتبت بالفعل عشرات الكتب وآلاف المقالات التي تعدد مظاهر الفشل الأمريكي في العراق‏,‏ والمأساة الكبري التي تعيشها تلك الدولة‏,‏ ولكن يضاف اليها أحدث التقارير التي تحذر من انسحاب أمريكي مبكر من الأراضي العراقية حتي لا تحدث موجات من الإبادة الجماعية‏,‏ وهذا التحذير في حد ذاته يعكس قمة الفشل الأمريكي ويؤكد أن واشنطن لا تملك مشروعا متكاملا أو واضحا لتسوية الأزمة العراقية‏,‏ ويؤكد أيضا أن القادم أسوأ بكثير مما فات خلال السنوات الخمس الماضية‏.‏
وتبقي نقطة أخيرة تستحق الإشارة إليها في تلك المناسبة‏,‏ وهي أن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام المأساة العراقية التي صنعتها بنفسها لصنع مآس جديدة‏,‏ وأغلب الظن أن الأوضاع في العراق سوف تستغل كذريعة إضافية لضرب إيران عسكريا علي أساس أنها مسئولة عما يحدث من توتر وصراعات داخل العراق‏,‏ وتقرير الجنرال بيتريوس أمام الكونجرس يسير في هذا الاتجاه بعدما ظهرت مؤشراته‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
همس النخيل المقاوم...
محمد كعوش
العرب اليوم الاردن
صباح الخير يا عراق.. يا بلاد الرافدين حاضرة العرب وحاضنة الحضارة المفعمة بعبق التاريخ..
سلام عليك يا بغداد, يا نبع الصبر والصمود, بغداد الكبرياء والمجد وغابات النخيل المقاوم..
ما حدث في صبيحة التاسع من نيسان هو احتلال ارض واغتصاب بلد وعملية سطو على ذاكرة العراق, وابادة جماعية للحالمين بخلق بلد عربي عظيم...
هو غزو بربري غير مسبوق في التاريخ هدفه طمس الهوية العربية لهذا البلد الاصيل واغتيال العلماء واحراق المكتبات ونهب المتاحف وهدم دور العلم والمعرفة والابداع, وتهجير المبدعين وتشريد الكتاب والشعراء..
ما حدث في صبيحة مثل هذا اليوم هو جريمة تفكيك دولة, وليس تحرير شعب, هو اغتيال تاريخ واغتصاب حضارة ونهب ثروة واذلال شعب.. ولكن العراق قادر على النهوض هذه المرة كما نهض دائما عبر مراحل التاريخ القاسي.. وبغداد العاشقة للحياة ستكون قوية عظيمة منتصرة كما كانت بعد غزوها في كل مرة..
فالشعب العراقي العربي المقاوم يعرف ان الحياة اقوى من الموت, وان العراق اقوى من الانكسار وان بغداد الاسيرة ستكون منتصرة وتستعيد لونها وسحرها والقها وتستعيد مكانتها كمدينة الفن والثقافة والتراث والحضارة العربية الاصيلة...
بغداد, القصيدة, واللون الجميل, والاسطورة الخالدة والنهر المتمرد والشعب المقاوم, لن تخضع ولن تستكين مهما نزف دمها القاني من جرحها الرعاف, فصمودها وصبرها يشكلان تكوينها الجديد ويبشران بالنصر الآتي مع ضجيج الفجر وهمس النخيل المتمايل المتململ الغاضب...
نحن نعرف ان من حولك جماعة من المتشفين والمتملقين والمتخاذلين او الطامعين, وبين ظهرانيك وفي ربوعك من جاءوا على ظهور الدبابات فانكروا وطنهم وباعوه بثلاثين من الفضة, وفوق ارضك قوات احتلال اجنبية يجهل قادتهم طبيعة العراق وطبع اهله فرموا بجنودهم في اتون الجحيم وقايضوا دمهم بالنفط!!.
بعد احتلال بغداد بقليل اعلن الرئيس الامريكي من على ظهر السفينة الحربية ان "المهمة انتهت", ودوى التصفيق المبرمج, صحيح ان الاحتلال الامريكي للعراق قد اكتمل باحتلال بغداد, ولكن الرئيس بوش تناسى فلم يعلن امام جنوده ان المقاومة قد بدأت وان العراقيين العرب تجاوزوا الصدمة فورا وفكروا بالمستقبل وبدأوا بالرد عبر مقاومة باسلة اشعلت الارض تحت اقدام الغزاة.
الان, نرى اهلك يا بغداد العرب وهم يكتبون بدمهم آخر سطور المجد والكرامة في صفحة النصر الكبير, رغم مقاومتهم الاحتلال في ظروف معقدة صعبة وفي حالة غير مسبوقة ولأن انتصار ثوار فيتنام تم بدعم ومساندة ومباركة من الدول المحيطة ببلادهم ومن كافة شعوب الارض التي تتوق الى الحرية وتدعم حركات التحرر والاستقلال..
ولكن في العراق الاوضاع مختلفة فالمقاومة محاصرة عربيا ودوليا ومن كافة دول الطوق, ومن فئات داخلية محمية من الجيوش الغازية ومستقوية بها تعمل على تشكيل درع عراقي لحماية الاحتلال من هجمات المقاومين..
ولكن رغم كل الظروف فالنصر لكم والمجد لكم... يا عرب العراق..
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
أعيت من يداويها !
خالد الاشهب
الثورة سوريا
منذ مدة, والتقارير الأميركية وليس غيرها, تقدم كل يوم دليلاً جديداً على فشل المهمة التي أوكلتها إدارة الرئيس بوش لنفسها في العراق, وسقوط الاهداف البعيدة والقريبة لاحتلال هذا البلد,
ماخفي منها وما انفضح, فإذا كان نشر الديمقراطية هدفاً معلناً للاحتلال فقد سقط سقوطاً مروعاً والدلائل بادية للعيان في النتائج الأمنية والسياسية التي وصل إليها العراق والعراقيون يعيشون اليوم أسوأ فصولها, وإذا كان النفط هدفاً متخفياً فقد سقط بدوره, إذ لا ينتظم نهب هذه الثروة من دون أمن واستقرار الاحتلال, وبالتالي, لاشرق أوسط جديداً بتركيبة جيوسياسية مختلفة وفق المزاج الاميركي بعد الهزيمة الاميركية الاسرائيلية المشتركة امام صمود المقاومة في عدوان تموز .2006‏
اذاً فالحال الاميركي في المنطقة متعطل بالتقارير وبالوقائع معاً, ولعل الولايات المتحدة لم تشهد في تاريخ اداراتها المتوالية أوضاعاً أكثر حرجاً وإخفاقاً مما هي عليه اليوم في ظل ادارة سياسية هي الاحمق, لاتلبث الانخراط في ورطة حتى تنزلق إلى أخرى, وينزلق العالم معها, والمنطقة العربية في المقدمة . غير أن ذلك كله لايعني المراهنة مجدداً على امكانية أو احتمال أن ترتدع هذه الادارة عن سياساتها وهي ترى ماصنعته بأيدي قادتها وصناع القرار فيها, إذ كيف للحماقة أن تتحول فجأة إلى نباهة في عقل سياسي واحد?‏
الأرجح, أن يراهن المرء على ماهو من طبيعة ومكونات تلك الإدارة, وأن يتوقع من الحماقة ألا تنتج ... سوى الحماقة, كي يستقيم منطق النقاش ومنطق الاحتمالات معاً.‏
ولأننا لانتوقع رحيلاً اعتيادياً أو هادئاً لإدارة تتصف بهذه المواصفات كإدارة الرئيس بوش, المشبعة بالجنوح والضجيج, فإننا بالمقابل نتحسب لما يمكن أن تجنح إليه هذه الإدارة المفترسة والمجروحة في آن معاً, ولو في أيامها الأخيرة, خاصة أنها وطيلة سبع سنوات مضت .. أعيت من يداويها !!‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
المقاومة العراقية : المرحلة الثانية بدأت
ناهض حتر
العرب اليوم الاردن
يظهر زعيم التيار الصدري, مقتدى الصدر, الكثير من التردد في قيادة الحركة الثورية الصاعدة في جنوب العراق ووسطه. هذا ما يدفع العديد من المراقبين الى النظر, بكثير من الحذر, الى التطور الكفاحي الحاصل في العراق, رغم عنف المواجهات وتصاعد عمليات المقاومة ضد المحتلين الامريكيين, كما ضد حكومة المنطقة الخضراء.
ولهذا الحذر, بالطبع, ما يبرره. فمقتدى لا يظهر الصلابة, ويتراجع امام العدو في حين ان تياره يحقق انتصارات ميدانية. وفي حين يستعد عشرات الاف المقاومين, تحت راية جيش المهدي, لخوض معركة رئيسية ضد التحالف الحاكم دفاعا عن مدينة الثورة ـ الصدر, المهددة باجتياح لمليشيات بدر والصحوة والبشمرجة , المدعومة من الاحتلال الامريكي, فان مقتدى وضع على مائدة المرجعيات , طلب الفتوى حول حلّ ذلك الجيش, كما يطلب رئيس الوزراء المهزوم , نوري المالكي.
علينا ان ناخذ بالاعتبار, ايضا, التاثير الايراني السلبي على الصدر وقياداته. فطهران تخشى ثورة شيعة العراق, اكثر مما تخشى الهجوم الامريكي. فالاخير يقوّيها, بينما تفقدها تلك الثورة ليس فقط عامل قوتها الاقليمية الرئيسي, بل تؤذن, ايضا, بعملية عكسية يمتد فيها النفوذ الشيعي العراقي الى ايران نفسها. وهو ما يعني ضربة لايديولوجية ولاية الفقيه والظلامية السلفية.
ومع ذلك كله, فان الذكرى الخامسة لاحتلال بغداد ,اليوم الاربعاء 9 نيسان ,2008 سوف تكون موعدا لبدء المرحلة الثانية من المقاومة العراقية. واذا كان مقتدى الصدر في عجزه عن اتخاذ موقف المجابهة حتى النهاية, حتى انه طلب تاجيل المسيرة المليونية ضد الاحتلال. وهي كانت مقررة اليوم " حفظا للدماء " امام الاستعدادات الامنية الامريكية و الحكومية, فان الوقائع تظهر ان اغلبية الشعب العراقي في حالة عداء صريح للمحتلين و " اذنابهم". ويظهر مئات الالاف من العراقيين, من السنة والشيعة والمسيحيين والطوائف والاتنيات الاخرى, الاستعداد للتظاهر والاعتصام والقتال ضد المحتلين. وهؤلاء كانوا, قبل خمس سنوات, بضع مئات , وغالبا من العرب السنة, وتحديدا من انصار النظام السابق. فنحن , اذن, امام هزيمة سياسية مدوية للمشروع الامريكي في العراق, ولعمليته السياسية ومجلس نوابه وحكومته. فكل هذا الركام الذي تاسس على قاعدة ولاء الاكثرية الشيعية لائتلاف مذهبي مرتبط بطهران وموال للمحتلين, اصبح الان في مزبلة التاريخ. لقد خسرت واشنطن , " معركة العقول والقلوب" في العراق الجريح.
وبغض النظر عن مآل الاتجاه السياسي لمقتدى الصدر ومجموعته القيادية, فان القوى الشعبية الجبارة الداخلة الان , توأ, الى الكفاح , سوف تفتتح المرحلة الثانية من المقاومة, اقوى واكثر شعبية واصالة واقداما وتاهيلا لاحراز النصر, بفضل التطورات التالية:
اولا, سقوط مؤامرة الحرب الاهلية المذهبية على صخرة المجتمع العراقي الذي , رغم ما تعرض له من مذابح الفتنة المصطنعة الاتية من خارج الحدود, صحا, بسرعة , على نداء داخلي عميق لانقاذ العراق من مستقبل التقسيم والخراب والضياع.
ثانيا, انتقال اغلبية الشيعة العراقيين الى المقاومة السياسية والعسكرية, سوف يمنح هذه المقاومة طابعا وطنيا عاما, ويغذيها بطاقات اجتماعية وجماهيرية, كانت مجمدة خلال المرحلة الاولى من المقاومة التي كانت , الى حد بعيد, حكرا على العرب السنة. وهذه الطاقات هي اكبر كميا , بحكم النسب الديموغرافية, وامضى نوعيا , بحكم التقاليد الثورية في مناطق جنوب العراق, ووجود تيارات يسارية ومدنية في قلب المجتمع والحركة الجماهيرية.
ثالثا, الانشقاق الشيعي سوف يؤدي , بدوره, الى توضيح الانشقاق السني , ويستنهض الانشقاق الكردي, بين حركة وطنية عراقوية , لا مذهبية ولا اتنية, وبين تحالف الدمى الامريكية.
رابعا, نهوض الحركة الوطنية العراقية سوف يؤدي , تلقائيا, الى تراجع النفوذ الايراني في العراق, ويلز طهران الى اتخاذ موقف غير ملتبس : مع الاحتلال واعوانه ام مع المقاومة.
خامسا, ان تذبذب مقتدى الصدر لا يمكنه ان يستمر طويلا, فاما ان يكون قادرا على اللحاق بحركة الجماهير الوطنية الصاعدة ضد الفقر والجوع والتهميش والاستبداد والظلام والاحتلال , واما ان يلتحق بالعملية السياسية الميتة. فمقتدى لم يصنع حركة الجماهير... بل هي التي صنعته. وبغض النظر عما اذا تراجع ام لا, فانه غير مؤهل لقيادة التطورات العراقية القادمة, مما يجعلنا بانتظار ظهور قيادات جديدة واعية لاستراتيجية التحرير والنهضة. ومن البداهة ان تلك القيادات لن تكون من ذوي العمائم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
مات مخدوعا في العراق
هدا السرحان
العرب اليوم الاردن
"لقد رفضت الذهاب الى العراق و هربت لأنني ببساطة لم أود ان يكتب على قبري في يوم من الأيام: مات مخدوعا في العراق".
العبارة قالها احد الجنود الأمريكيين الهاربين من الحرب الى كندا محتجا على لاعدالة الحرب وكذب قادته في واشنطن.
وتذكر التقارير ان عدد هؤلاء الجنود وصل الى اكثر من 5500 جندي امريكي تحولوا الى قضية خلافية بين الولايات المتحدة و كندا.
معظم الجنود الهاربين كانوا ضمن القوات البرية أو قوات مشاة البحرية المارينز الذين وجدوا انفسهم امام مقاومة حقيقية على الأرض فكان الهرب وسيلتهم الوحيدة للنجاة.
وتشير الاعداد المتزايدة للهاربين في صفوف الجنود الامريكان الى هبوط معنوياتهم بسبب عدم ايمانهم بالقضية التي يقاتلون من اجلها بعد تأكدهم من كذب القيادة السياسية في بلادهم حول اسلحة الدمار الشامل وعلاقة العراق بالقاعدة و كذبة نشر الديمقراطية في بلاد ما بين الرافدين..
وعلق احد الجنود الفارين: لو منحت الديمقراطية لشعب ما على طبق من ذهب فقد يبيعها صبيحة اليوم التالي وهذا ما لم تفهمه الحكومة الأمريكية.
المشهد تكرر خلال حرب فيتنام حيث هرب حوالي 55 الف جندي امريكي الى كندا التي رحبت بهم ومنحتهم حق الاقامة على اراضيها.
وقد تناولت محطة "سي بي اس" هذه القضية التي تقلق القيادة السياسية في واشنطن وقيادة الجيش في البنتاغون و تحدثت عنها باسهاب, كما تناولتها صحيفة الدايلي تلجراف و كشفت الكثير من الحقائق على لسان الجنود الفارين.
وفي خضم قضية فرار الجنود من الحرب واستنكاف البعض الاخر عن القتال واصابة العديد منهم بامراض "حرب الخليج " النفسية والعقلية التي تكتسح الالاف منهم, يقف بوش ومع دخول غزو العراق سنته السادسة ليلقي خطابا في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون), معتبرا أن النجاحات التي نراها في العراق لا يمكن انكارها.
ومع دخول غزو العراق سنته السادسة, يتابع بوش غفوته الطويلة وحلمه بالنصر يشاركه فيه الكثير من الحالمين المارقين.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
يُمّه حمودي
جمعة اللامي
الخليج الامارات
“إذا كان السقوط بشرياً، فإن بوسعنا أن نقول على نحو معين إن النهوض أمر إلهي” (ريمون فنسان)
خاطبتني، وهي على الخط الآخر في بغداد، صارخة، وفي صوتها غيظ أم ثكلى: “أريد حمودي منكم. ها يا عمي لا تتعذر. ترى الدنيا وقفة عزّ، وكلمة، ويا سعد اللي ما نكّس بيرقه”. قلت لأم محمد، لخديجة التي عرفتها فتاة ذات سنة، “عونك، يا أم حمودي” ثم لزمت صمتاً، لا يعرف قساوته، إلا الذين يملكون كلمتهم فقط. وجاءني صوت أم محمد، ليكسر صمتي: “قتلوا حمودي يا ابن العراق. حمودي قتله الأمريكان، قناص امريكي قتل حمودي، من طيارته الامريكية، والجاسوس عراقي من داخل العراق”. ثم سمعت صوتها ينادي عليّ: “عمي، أقسم بدم اللي ماتوا من العطش. أقسم بشيلة جدتي زينب، ما يطول شعر براسي، إلا بعد ما آخذ بثار حمودي من الأمريكان”. وهذا قسم عراقي، لو تعلمون، عظيم.وكانت أم حمودي تنتحب، وهي تكلمني، أو تتحدث الى محمد، أو تفزّع كل عربي على رأسه عقال، وكل من تعمّم بِعمّة رسول الله عليه الصلاة والسلام، “يمّه حمودي، سودة عليّ، أقسم بالله، ما يغمض لي جفن، إلا بعد الثار”.
وستبرّ خديجة بقسمها، فهي أخت حسين، وهي زوجة رجل من سكنة “مدينة الثورة”، اسمه عمر البدري، لم أره ابداً، لكنني أعرف والده، الذي لا تأخذه بالعراق لومة لائم.
وأما أخوها حسين فقد قضى دفاعاً عن العراق، داخل الحدود العراقية، بنيران ايرانية، قبيل وقف اطلاق النار بين العراق وإيران سنة ،1988 وحين أوصله اخوته الجنود الى داره في مدينة الثورة، وقفت خديجة، وكانت لا تزال فتاة لم تتزوج بعد، وأطلقت صوتها مزغردة. - “أخوي حسين، جاراته خَواته”.
ثم تقدمت من التابوت، وأزاحت خشبته العليا، وأحنت صدرها على رأس أخيها، ومررت جديلتها قرب أنف حسين، وهي تعيط: - “وين يروح المطلوب إلنه”.
نعم، يا خديجة، أين يفر قتلة العراقيين وشركاؤهم في المنطقة الخضراء؟ حين تركب خيل الله، وينادي منادي العراق: حي على التحرير. حمودي عمره خمس سنوات، والقاتل قناص أمريكي بطائرة هليوكبتر في سماء بغداد، بينما يلزم جحره وحفرته، كل من وضع يده بأيدي الأمريكان. مرت أيام على صوت أم حمودي، لكنه لا يزال يتردد، حيثما اقتبلت الكعبة: “الخاين شعبه انقصْ إيده”.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
مستنقع العنف في العراق.. متي ينتهي؟!
افتتاحية
الاخبار المصرية
مهما كانت تفاصيل التقرير الذي قدمه قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس ورايان كروكر السفير الأمريكي في بغداد للكونجرس بشأن الوضع في هذا البلد.. فإن الواقع يؤكد ان العراق مازال يغوص في مستنقع مخيف لا تبدو له نهاية في الأفق. فمازالت الانفجارات والاشتباكات وأعمال العنف تجتاح مناطق عديدة في انحاء البلاد ومازالت دماء العراقيين تسيل كل يوم ومازالت التكتلات السياسية تواصل المناورات والمشاحنات رغم كل الجهود التي تبذل من أجل وضع حد لهذه الخلافات التي تمزق النسيج السياسي والاجتماعي لهذا البلد المنكوب.
ومما يزيد من معاناة العراقيين استفحال خطر الميليشيات المسلحة التي أصبحت سطوتها تفوق قوة الدولة بكل اجهزتها الأمنية والعسكرية وقد كشفت معركة البصرة عن هذا الخلل الخطير في موازين القوي بين الدولة والميليشيات حتي أن بعض التقارير تحدثت عن فرار أكثر من ألف جندي من الجيش العراقي في هذه الحرب. ولولا تدخل القوات الامريكية بثقلها ولولا الاتفاق الذي تم مع مقتدي الصدر بوقف الاشتباكات وسحب المظاهر المسلحة من الشوارع لا نكشفت اجهزة الدولة العراقية الوليدة.
ورغم الانذار الأخير الذي وجهه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الي التيار الصدري بحل ميليشيا جيش المهدي والتهديد بحرمان مقتدي الصدر من المشاركة في العملية السياسية فإن الاشتباكات تواصلت في حي مدينة الصدر مما ينذر بالمزيد من القتلي من المدنيين.. وهو ما يحتم ضرورة ان تتفق جميع القوي السياسية في العراق علي صيغة مقبولة لحل كل الميليشيات ودعم أركان الدولة ومواجهة جميع أوجه الخروج علي القانون بكل حسم.. لتكون الخطوة الأولي نحو المطالبة بانهاء الاحتلال ورحيل القوات الاجنبية عن اراضي العراق. أما بقاء الوضع المتدهور علي ما هو عليه وبهذا الشكل المخيف فإن ذلك يمثل أقوي ذريعة لاستمرار الاحتلال الي اجل غير مسمي
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
الحكومة العراقية والأوراق الأخيرة
سفيان عباس
السياسة الكويت
الحكومات حينما تواجه المأزق تلجأ عادة إلى سياسة اللعب بالأوراق القديمة والحديثة لمواجهة الضغوط الشعبية داخليا أو الدولية خارجيا وفي كلا الحالتين أصبحت هذه الأساليب بالية عفى عليها الزمن ولم تعد تجدي نفعا أمام وعي الشعوب أو قوة التأثير للتشريعات القانونية الدولية من معاهدات ومواثيق تعزز مكانة الفرد ودعمه في الحصول على حقوقه المشروعة باعتباره مصدرا لكل السلطات والمتمثلة بالمشاركة الواسعة بصناعة القرار أو حقه بإسقاط الأنظمة الدكتاتورية والفاشية والقمعية ذات النهج العنصري والطائفي بشتى أنواع الوسائل المتاحة من ضمنها القنوات الديمقراطية . فالحكومات التي أخفقت في إدارة الحكم وتحسين أوضاع الشعب عليها الرحيل منذ الوهلة الأولى للفشل وألا تبحث عن أية أوراق ترى فيها الوسيلة للإنقاذ لأنها لن تجد ما هو نافع ومفيد في تلك الأوراق ربما تجدها محروقة أصلا لان حكومة كهذه لم تترك خلفها الأثر الساند كونها اعتمدت بالأساس سياسة الأرض والورقة المحروقة عند قيادتها للجماهير ما يجعلها خارج العمق الوصفي المعتاد للحكومات الرشيدة . إن فلسفة استخدام الصفحات الورقية مع الشعب ابتدعها الطغاة الظالمون من الحكام عبر التاريخ وأثبتت عقمها وفشلها بل وهشاشة تفكير الساسة الحاكمين وقيادتهم الذين يترنحون خلف عقولهم البائسة . فالحكومة العراقية طرحت حزمة من الأوراق العتيقة لإدامة وضعهم في السلطة منها المصالحة وحكومة الوحدة ومواجهة الإرهاب والمليشيات وإصدار التشريعات القانونية كل هذه الأطروحات تعتبر أوراقا محروقة لم تقدم أو تؤخر من الحالة الميؤس منها في البقاء على سدة الحكم كونها تعالج نتائج الكارثة والمحنة التي كانت هي ذاتها احد أهم الأسباب في وقوعها وتتجاهل المعالجة الشاملة للمسببات . فكان عليها الأخذ بمبدأ الحكمة في التعامل مع الوضع بعيدا عن النهج الطائفي أو قبول الضغوط الإيرانية كورقة خاسرة تجاه رفض الشعب لأي شكل من أشكال التدخل الخارجي بالشأن العراقي وان تطرح مشروع المصالحة الوطنية بصورة حقيقة وليست كتكيك مرحلي لإغراض الدعاية والحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا وعدم اللجوء إلى النصوص الدستورية في إبعاده عن محيطه العربي تحت أي ظرف كان . كذلك رفض مبدأ الفدراليات كونه مقدمة للتقسيم إضافة إلى ضرورة ابتعادها عن المساس بالثروة القومية للشعب في النفط والغاز وان لا تستجيب للضغوط الاميركية الهادفة بالاستحواذ على تلك الثروات إن هذه المبادئ كفيلة وحدها لإعادة الأمور لنصابها الصحيح . إن الحالة الأمنية المتأججة طرحت نفسها كصفحة أخيرة عنوة على مجريات الأحداث المأساوية . ولعل الأسباب باتت جلية ولها صلة وثيقة بالصراع الإيراني الأميركي حيث رفضت الولايات المتحدة الاميركية عقد جولة جديدة من المباحثات في بغداد وبدأت السفن التابعة لأسطولها تفتيش البواخر والسفن الخارجة والداخلة من والى إيران وصدور قرار مجلس الأمن بالرقم 1803 الذي يشدد الخناق على النظام الإيراني كل هذه مجتمعة دفعت بالحكومة صاحبة الورق الخريفي المحروق بالتعاون مع نظام الملالي في إحداث الفوضى الأمنية بواسطة المليشيات التابعة للأحزاب الحاكمة وإدخال البلاد من جديد تحت رحمة النظام الحاكم في طهران إلى ما لا نهاية بعد إن شهدت الساحة العراقية مجازر راح ضحيتها الاف من الأبرياء كانت محاولة يائسة لإسكات التيار الوطني العراقي في الجنوب الرافض لتدخل حكام طهران بالشأن الداخلي وقد تزامنت هذه الخدعة أثناء انعقاد قمة دمشق بعد أن قاطعته الزعامات بتمثيلها الشخصي وخروج قراراته اليتيمة التي لا تشد أزر مواطن عربي واحد كونها جاءت مخيبة للآمال ومنافقة للنظامين السوري والإيراني ولعملائهم في لبنان والعراق ممن ذبحوا نظرية الأمن العربي حتى النخاع ولم يعد من وجود لما يسمى التضامن ووحدة الموقف إلا في الأحلام . إذن اللعب بالأوراق مع الشعب كالغثيان الذي يصيب النعامة حين هيجانها المسعور وسط الصحارى أو مثلما هو حال قطيع الذئاب حينما يجرح احدها فالباقي يمزقونه اربا هذه هي مرابضنا وتلك هي مواضعكم يا حكامنا .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
منهجية الاحتلال تزيد المستنقع العراقي عمقاً
د.نسرين مراد
البيان الامارات
منذ بداية التسعينات من القرن الماضي قام الإعلام والساسة الغربيون بتقسيم العراق إلى ثلاث ديموغرافيات، في الشمال والوسط والجنوب، هدفت الإدارات الغربية إلى تقسيم العراق بل تفتيته بهدف إضعافه لتسهيل غزوه واحتلاله، الحوافز الداخلية ليست نبيلة وتتمثل بتحقيق الأطماع في خيراته الطبيعية والبشرية وموقعه الاستراتيجي المهم.
إضافة إلى إقصائه عن حلبة الصراع مع إسرائيل وتخليه عن عضويته الفعالة في الأسرة العربية الكبيرة، قُسّم العراق جوياً إلى ثلاثة أجزاء رئيسية هي الكردية والشيعية والسنية وفي ذلك برعت أبواق الدعاية والإعلام الغربية، الأنجلو ـ صهيو ـ أميركية بصورة خاصة، في ترسيخ وتعميق صورة العراق المقسم إلى ثلاث مناطق وعلى مدى ما يزيد على عقد من السنين وعلى مدار الساعة تُروى تفاصيل الأخبار عن العراق تحمل في ثناياها تلك التقسيمات الإثنية المصطنعة الجديدة.
في العام 2003 وبمبررات وهمية قائمة على أكاذيب ملفقة قامت الولايات المتحدة بقيادة تحالف لغزو العراق، وأضيفت حجج ومبررات أخرى للتمويه والتغطية على ما سبق من حوافز وطموحات آخرها تحرير تلك الإثنيات العراقية من قبضة النظام الحاكم، يعلم المخططون للغزو والاحتلال علم اليقين ما يحتويه العراق من إثنيات قابلة للانفصال والتمرد بمجرد حصولها على الحد الأدنى من الدعم.
ومنذ البداية كشف الاحتلال الأنجلو ـ أميركي عن نواياه في تقسيم البلاد وأهلها، وشرع الاحتلال في الترويج لفكرة الأقلية والأكثرية والخوض في استنهاض فئات عراقية سياسية انفصالية لم يكن يُسمع بها من قبل وبسرعة قياسية انقسم المجتمع العراقي على نفسه ما بين مسلم ومسيحي وسني وشيعي ويزيدي وصابئي وكردي وتركماني وآشوري وكلداني وعربي وفارسي.
إلى جانب التقسيمات الدينية والمذهبية التقليدية ظهرت تقسيمات أخرى تتبع شخصيات سياسية ومذهبية وحزبية، ووُلدت هذه التقسيمات في الصحافة وأبواق الدعاية والإعلام الغربي قبل أن تنتقل إلى الإعلام المحلي والإقليمي والعربي والدولي وانتشرت ظاهرة الولاء والانتماء إلى أشخاص وأئمة مذاهب دينية وعرقية سياسية.
في ذلك ظهرت الكتل الصدرية والحكيمية والطالبانية والسيستانية والبرزانية والهاشمية (نسبةً إلى طارق الهاشمي) والضاريّة (نسبةً إلى حارث الضاري) وغيرها تقود جميعاً تمثيلاً لفئات مذهبية أو دون ـ مذهبية دينية أو عرقية قابلة للتصارع طويلاً في الساحة العراقية.
رسمياً رسّخ الحاكم المدني الاستخباراتي الأميركي السيد «بول بريمر» التقسيمات أعلاه بتبني نظام المحاصصة الطائفية، بعد أن حل الجيش العراقي السابق والأجهزة الأمنية للدولة، وتؤدي هذه الخطوة إلى ترسيخ وتعميق وتوسيع هوة الخلاف والاختلاف بين الفئات المتناحرة مما يبقيها في حاجة ماسة إلى وجود قوة استعمارية «محايدة» على مسافة واحدة من تلك الأطراف على أرض الرافدين.
القوة الاستعمارية متوفرة على شكل جيش قوامه أكثر من مائة ألف عنصر يدعم تشكيلات إدارية وفنية تستبيح العراق أرضاً وشعباً وتاريخاً وثقافة وقوى بشرية إلى أجل غير مسمى، والعراق مقسّم عملياً إلى عدد لا حصر له من الدويلات الإثنية داخل الدولة الرمز الأكبر، وبدورها انحسرت رموز الكيان السياسي الناشئ على هامش الغزو الأنجلو ـ أميركي في عدة مبان داخل المنطقة الخضراء وحيل بينهم وبين عموم الشعب العراقي.
بعد وقوعه في براثن الاحتلال شكّل العراق عامل جذب للأطماع الداخلية والإقليمية والخارجية بما تحمله من تجاذبات تضيف بؤساً على بؤس المشهد العراقي، كل فئة حزبية سياسية طائفية عراقية، وحتى تقف على قدميها، عليها أن تستعين بقوة إقليمية أو دولية مهما تكن الأخيرة صديقة أو ماكرة معادية، إلى جانب التواجد الغربي والإسرائيلي في الشمال تسابقت تركيا وإيران على الاعتراف بالكيان السياسي الكردي الجديد وفتح علاقات اقتصادية وتجارية واسعة معه.
ووصل الأمر بالساسة الأتراك والإيرانيين إلى درجة الاعتراف السياسي المقنّع بالنظام الكردي في الشمال العراقي بالرغم من الظروف الصعبة التي يلاقيها الأكراد في هاتين الدولتين. في الجنوب العراقي والعاصمة بغداد ونتيجةً للخصائص العرقية والمذهبية توسّعت دائرة التواجد والتأثير الإيرانية وأصبح الجنوب والشرق يُحسب ولو إعلامياً جزءاً من التمدد الإيراني الجديد بعد الاحتلال، وأخيراً هنالك تدخل من الدول العربية المجاورة وبشكل محدود، لكنه قابل للتضخيم والتهويل الإعلاميين.
يمر الجنوب العراقي في هذه الأيام بفترة مخاض عسيرة في مسلسل المخاض الذي وُضعت فيه جل المناطق العراقية على أيدي الاحتلال الأنجلو ـ أميركي. ما جرى ويجري في مدن كركوك وأربيل والموصل وتلعفر وغيرها في الشمال يجري تجريبه على مدن البصرة والسماوة والعمارة وكربلاء والنجف وغيرها بنفس الطريقة مع اختلاف ظاهري في السلوك العام. هنالك مشروع للاحتلال بدأت نذره بالظهور يُنفذ لإحداث فتنة وحرب أهلية طويلة داخل المذهب الواحد نفسه، سنياً كان أم شيعياً.
ما أُطلق عليهم بعد الاحتلال الصدريون أو أتباع التيار الصدري يصارعون صراعا دموياً عنيفاً أتباع التيارات السيستانية والحكيمية والمالكية وهلم جرا، الحرب الأهلية في العراق تأخذ أبعاداً ميدانية واتجاهات دون ـ مذهبية جديدة مضيفةً مهاجرين ومهجّرين ولاجئين وأيتاماً وأرامل وثكلى من هذا النوع أو ذاك!.
يد الاحتلال خاصة البريطاني واضحة في إذكاء الفتنة في المدن الجنوبية وبالذات مدينة البصرة، قاوم أهل البصرة الاحتلال البريطاني منذ اليوم الأول لدخوله إليها ورفع العلم البريطاني الاستعماري على بعض منشآتها السيادية والإدارية، ولا تقل مقاومة الشعب العراقي الجنوبي للاحتلال البريطاني ضراوة عن نظيرتها في الوسط والشمال لكن وسائل الإعلام تتكتم على ذلك.
لا بل إن مجمل الأخبار عن الجنوب العراقي جعل الرأي العام المحلي والإقليمي والعربي والدولي ينظر إلى البريطانيين والأميركيين كمحررين للطائفة الشيعية من النظام السني! في بغداد، الاستعمار البريطاني وبطريقته التقليدية المعتمدة على المكر والخبث والخديعة يريد أن ينتقم لمئات القتلى والجرحى من جنوده في الجنوب وبالذات في مدينة البصرة التي أذاقت المحتل البريطاني مرارة الهزيمة في شوارعها والضواحي والمناطق البعيدة.
ومثله مثل غيره من الحركات الشعبية العراقية، فالتيار الصدري تيار شعبي وطني مقاوِم للاحتلال وله قاعدة عريضة لا تقبل كل أشكال الاحتلال والتبعية له، وتذوق مدينة البصرة حالياً مرارة الانتقام البريطاني الذي لا يفرق فيه بين أطفال ونساء وشيوخ ورجال ومسلحين مقاومين أو إرهابيين مفترضين خارجين على القانون.
أثبتت السنين الخمس الماضية أنه لا يمكن تقسيم العراق حتى وهو رازح تحت احتلال غاشم همجي كالاحتلال الأنجلو ـ أميركي وبوجود مكثف لنزعات سياسية انفصالية قوية.
الفئات العراقية متعايشة ومتجاورة ومتصاهرة وتحتاج بعضها بعضاً كل يوم وعلى مدار الساعة. يحتاج الكردي إلى العربي والعكس، ويحتاج السني إلى الشيعي والعكس بالعكس؛ ينسحب الأمر على الفئات العراقية الأخرى، والمياه والجغرافيا والمصادر الطبيعية والتهديدات الدولية والإقليمية والمحلية تزيد من حاجة أهل العراق إلى الوحدة والتوحد.
فعلياً يعني تقسيم العراق إنهاء وجوده الديموغرافي والتاريخي بشكل شبه كامل على الأقل، وذلك يعني التخلص من الأنهار والجبال والصحارى وحتى البشر المتواجدين على أرضه والطامحين لرؤية العراق قوياً واحداً موحداً، وفي الماضي البعيد والقريب لم تستطع قوة غاشمة كبيرة تقسيم العراق.
لا يقبل العراقي الشيعي والسني والكردي والمسيحي بالاحتلال الأنجلو ـ أميركي حتى وإن وعد الأخير بتحويل العراق إلى أرض للعسل واللبن، ومدنه إلى سنغافورات وهونغكونجات وجاكرتات أخرى بما فيها من مبان شاهقة وبروج تجارية مشيدة.
الاحتلال الأنجلو ـ أميركي في العراق زرع بذور رفضه ومقاومته بيديه، وهو لم يُدْعَ إلى ذلك البلد منذ البدء، ومن كان يحمل أملاً في الاحتلال الأنجلو ـ أميركي للمنطقة فإن الأخير مندحر وزائل، ومن كان أمله في العراق فالأخير باق لأهله وإقليمه وأمته ومنطقته الجغرافية، وهو لن يكون إلا هكذا.

ليست هناك تعليقات: