Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 16 ديسمبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات السبت 15-12-2007


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
(ثورة التصحيح) الصدرية !

جامي جومبريشت:

إم.سي.تي


بعد أن فرغن من صلاة ظهر الجمعة السابقة في مدينة الصدر، سار ثلاثمائة من النسوة المرتديات للسواد في درب ضيق بالمدينة حتى وصلن إلى (بوستر) كبير للزعيم الشاب الناري مقتدى الصدر زعيم الحركة الشيعية في العراق وهناك نددت النسوة اللاتي كن يحملن اللوحات السياسية والاعلام في أيديهن بالوجود الأمريكي في العراق وباعتقال القوات الأمريكية لمئات الشيعة التابعين للزعيم مقتدى الصدر وقد أصدر الصدر بيانا حماسيا مناهضا لأمريكا في الأسبوع الماضي لكنه أمر تابعيه والمخلصين له بمواصلة تجميد العمليات والصبر في المرحلة الحالية.
ومظاهرة النسوة هذه لم تكن بأوامر منه لكن صمت النسوة ضاق بدوي الطلقات النارية المستفزة والصدر نفسه كان صامتا منذ أن بدأ جيشه (جيش المهدي) وقف إطلاق النيران منذ ثلاثة أشهر مضت وانخفضت أعمال العنف الطائفي والهجمات التي تستهدف القوات الأمريكية جراء ذلك الوقف الشيء الذي هيأ الأمر أكثر لانسحاب بعض من القوات الأمريكية من العراق وشجع البعض على أن يؤمن بأن العراق نال ما يكفيه من القتل والقتلى ويرى حازم العراجي أحد مساعدي الصدر أن وقف إطلاق النيران قد يستمر لأكثر من الستة أشهر المقررة له وهذا بالتأكيد وضع سيسعد له القادة الأمريكان والكثير من العراقيين.
وسيعزز من مكانة الصدر فقط في حال أن يقتنع تابعوه بإمكانية حصولهم على مكاسب أكبر لو وضعوا (سيوفهم) في أغمادها عما سيربحونه لو أزكموا بنادقهم برائحة البارود لكن هناك وحسبما قال الشيخ التميني زعيم ديني تابع للصدر في مدينة كربلاء مجموعة داخل الكيان الصدري لا ترغب في هذا التجميد للعمليات وهذه المجموعته ترى أن لهم الحق في استخدام العنف والقوة ويرى الشيخ التميني أن قرار الصدر بتجميد العمليات يصب في صالح العراق لذا فهم ملتزمون به لكنه (التميني) يظن أن الكثيرين غير راضين عن هذا القرار وأن هؤلاء سيتركون الكتلة الشيعية الصدرية بكل تأكيد.
ويقول بيتر هارلينج الخبير في جماعة الصدر في مجموعة إدارة الكوارث: إن قرار الصدر يهدف في المقام الأول إلى غربلة جيش المهدي من العناصر المناوئة والتي تستغل اسمه في تنفيذ عمليات إجرامية لمصالح خاصة تخرج عن خط الميليشيا الأيديولوجي.
ومن المؤكد أن أي خرق لقرار وقف إطلاق النار سواء بأوامر من الصدر أو على يد المتمردين من الصدريين سيعيد العراق لمرحلة الحرب الطائفية وستكون هذه المرة من الشدة حتى أنها ستضطر أمريكا إلى إلغاء سحب القوات الاضافية (قوات خطة تأمين بغداد) خاصة إذا ما كانت هذه الحرب الطائفية مصحوبة بهجمات على القوات الأمريكية وحتى الآن مازال الصدر عدوا لأمريكا لكنه إلتزام بألا يفعل أكثر من الصلاة في المسجد.
وفي يوم الجمعة الماضية خرج الصدر عن صمته (ربما لطمأنة تابعيه بأنه لم يستسلم) وقال: نحن لا نريدكم (الاحتلال) ولا نريد جيوشكم فلتخرجوا من أرضنا.
ويأمل البرلماني الكردي محمود عثمان أن يستمر الصدر في استخدام الوسائل السياسية في حربه ضد أمريكا أو ضد الحكومة وألا يلجأ للعنف مرة أخرى.
أما قياديو العسكرية الأمريكية فقد غيروا من نبرتهم الخطابية وأسلوبهم منذ أن بدأ تنفيذ وقف إطلاق النيران واستخدموا لقب (السيد) قبل اسم مقتدى الصدر في أحاديثهم عنه ووصفوا وقف إطلاق النار بأنه (ميثاق شرف) ويقول أحد عناصر الاستخبارات العسكرية الأمريكية إنه بسبب عدم وجود حوار مباشر للعسكرية مع الصدر لذا وهي تستخدم هذه الوسيلة لنقل موقفها تجاهه بعد أن غير الرجل من موقفه في نفس الوقت قامت قوات الشرطة العراقية بمساعدة القوات الأمريكية بإلقاء القبض على المئات من عناصر جيش المهدي قائلين إنهم فعلوا ذلك بناء على رغبة الزعماء الدينيين الذين يرون أن هذه العناصر خائنة وفاسدة.
وحتى لو عاد المهدي لميدان القتال فلن يضحي العراق بسهولة (بالهدوء) الذي استمتعت به العراق منذ وقف إطلاق النار.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
هل تؤثر الأزمة الكردية على التحالف التركي مع واشنطن وإسرائيل؟

د. عبدالله الأشعل

عمان اليوم
«لا شك أن اعتبارات عديدة سوف تدفع تركيا إلى إعادة النظر في حساباتها مع تحالفها الإسرائيلي والأمريكى، في ضوء أزمتها الحادة في أدق قضايا أمنها القومي مما قد يدفع تركيا ولو بالتدريج من مواقعها الحالية صوب العالم العربي، وهذا الاحتمال بالذات يمكن أن يكون ورقة تركية رابحة في الضغط على إسرائيل وأمريكا في هذا المجال».
يبدو أن مجمل التطورات في الملف الكردي سوف تؤثر خلال الشهور القادمة على وضع تركيا كحليف لواشنطن وإسرائيل. ذلك أن تركيا تنظر منذ عام 1991 بقلق شديد نتيجة ما حدث في العراق وخاصة تشجيع واشنطن لأكراد العراق على التمرد على صدام حسين، ثم تابعت تركيا بقلق شديد تطور الحكم الذاتى في شمال العراق والصراع بين الحزبين الكرديين، حزبي البرزاني والطالباني ثم التوافق بجهود أمريكية بينهما نحو هدف مشترك ضد حكومة بغداد في وقت يشتد فيه الصراع العسكري بين حزب العمال التركي الكردي والحكومة التركية واستمرار العمليات الإرهابية ضد تركيا.
وتعتقد تركيا أن تشجيع الحكم الذاتي في شمال العراق هو نقطة البداية لهاجس الدولة الكردية التي تبدأ من شمال العراق وتمتد إلى أكراد تركيا وإيران وسوريا، ولذلك بدأت تركيا منذ عدة سنوات تنظر جدياً إلى مخاطر التلاعب الأمريكي بالورقة الكردية، رغم أن واشنطن أفهمت تركيا أن موقفها من أكراد العراق يختلف تماماً - لأسباب أمريكية -عن موقفها من بقية أكراد الدول المجاورة.
وإذا كانت تركيا قد تحسبت بحق من زحف الملف الكردي على كل أولوياتها، فإنها نظرت باهتمام شديد للسياسات الأمريكية والإسرائيلية المزدوجة إزاء مساندة الأكراد والتحالف مع تركيا. وقد لاحظت تركيا أن تحالفها مع إسرائيل ايجاد حساسية دون داع مع الدول العربية المجاورة خاصة سوريا، كما أن تحالفها مع إسرائيل كان أحد تداعيات تحالفها مع واشنطن، مما يعني أن اهتزاز تحالفها مع أحدهما سوف ينسحب على مجمل التحالف التركي معهما.
ولعل القراءة التركية لمجمل علاقات تركيا بواشنطن وإسرائيل من منظور المشكلة الكردية لابد أنها سوف تبرز أمامها عدداً من الاعتبارات والتطورات التي تدفعها إلى إعادة النظر في حساباتها مع الدولتين، خاصة وأن الدولتين لا تظهران سعادتهما بثبات أقدام حزب العدالة والتنمية في الساحة السياسية التركية، وذلك حتى في مواجهة سلطة الجيش الذي يعتبر نفسه ضامناً للنظام السياسي العلماني.
الاعتبار الأول، هو قناعة تركيا بأن أمريكا وإسرائيل تساندان عملياً بروز العامل الكردي في المنطقة بدءاً بأكراد العراق، وتأكد القلق التركي كلما اتضحت المواقف الأمريكية المنادية بتقسيم العراق مما يعني في النهاية ظهور دولة كردية في الشمال تكون قاعدة للدولة الكردية الكبرى، ولذلك فإن كلمة السر التي تؤرق تركيا هي (تقسيم العراق)، فأصبحت تركيا تلتقي مع الدول العربية في المحافظة على وحدة العراق وعروبتها، بل يمكن القول إن تركيا أشد حرصا على ذلك رغم عدم ارتياحها تاريخياً من أن يكون العراق أحد مراكز الفكر القومي. وقد ظنت تركيا أن المشكلة الكردية لديها قد انسحبت إلى الصفوف الخلفية من الاهتمامات والهواجس، ولكنها ربطت ربطاً مباشراً بين بروز أكراد العراق واستمرار النشاط العسكري لحزب العمال الذي ركز عملياته على جنود الجيش التركي وهي رسالة واضحة لإحداث الفرقة بين الجيش والحكومة، ولكن تحريك الرأي العام ضيق هامش المناورة السياسية لدى الحكومة ووحد الموقف بين الحكومة والجيش والبرلمان مع شعور جارف معاد للولايات المتحدة.
الاعتبار الثاني: تدرك تركيا أن تورط جيشها في عمليات في شمال العراق سوف يكون بداية لحرب استنزاف لا نهاية لها، كما تدرك أن تركيا قدر لها أن تتصدى لمستوى الاستقلال في شمال العراق، وعجزها عن الفصل بين أكراد العراق وأكراد تركيا، مثلما تدرك السياسة المزدوجة لواشنطن وإسرائيل حيث تظهر واشنطن تفهما للقلق التركي، مقابل تحذيرها من العمليات العسكرية شمال العراق، كما تدرك تركيا أن سعي واشنطن لردع ايران يدفعها الى موالاة حزب العمال وشقيقه الإيراني kajeP ورئيسه رحمان حاج أحمدي حيث استقبلت واشنطن وفداً من هذا الحزب للتنسيق معه ضد طهران في الوقت الذي تعلن فيه وضع KKP على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو نفس الموقف المتقلب الذي اتخذته واشنطن من منظمة مجاهدى خلق.
الاعتبار الثالث: هو ذلك الإحباط الذي أصاب تركيا بسبب جهود المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة ودورها في استصدار قرار من الكونجرس باعتبار مذابح الأرمن عام 1913 إبادة جماعية، وفشل زيارة وزير خارجية تركيا في دفع إسرائيل إلى عمل شيء لصالح تركيا باسم التحالف بين البلدين، وقد صدم الوزير التركي بشكل خاص عندما أبلغ المسؤولين في إسرائيل أن القرار يسيء إلى صورة إسرائيل في تركيا، فلم يكترثوا وأكدوا له أن موقف إسرائيل الثابت هو إدانة أصحاب (الهولوكوست) ضد اليهود والارمن. وقد أثار هذا القرار الأتراك ضد واشنطن وإسرائيل، مما أحرج الحكومة التركية في ضوء تحالفها معهما.
الاعتبار الرابع: هو صدور التقرير السنوى للاتحاد الأوروبي لعام 2007 والذى يشير إلى تراخي الإصلاحات في تركيا بسبب الأزمة الدستورية الناجمة عن انتخاب الرئيس من خلفية إسلامية مما اعتبرته الأوساط الأوروبية والتركية ضربة قاصمة في توقيت سيء لآمال تركيا في الانضمام إلى الاتحاد.
فهل تدفع هذه التطورات تركيا إلى إعادة النظر في تحالفاتها مع واشنطن وإسرائيل، وفي جدوى هذه التحالفات في الوقت الذي لم تفلح في مساعدة تركيا في أزمتها مع الأكراد، وتغير الظروف التي كانت مبررا لمثل هذه التحالفات؟
لا شك أن هذه الاعتبارات سوف تدفع تركيا إلى إعادة النظر في حساباتها مع تحالفها الإسرائيلي والأمريكي، في ضوء أزمتها الحادة في أدق قضايا أمنها القومي مما قد يدفع تركيا ولو بالتدريج من مواقعها الحالية صوب العالم العربي، وهذا الاحتمال بالذات يمكن أن يكون ورقة تركية رابحة في الضغط على إسرائيل وأمريكا في هذا المجال، ويبدو أن الطرفين التركي من ناحية والأمريكي والإسرائيلي من ناحية أخرى سوف يجدان صعوبة كبرى في التوصل إلى صيغة مرضية تماماً لهما.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
قصة اسمها بريطانيا والعراق.. الانسحاب في يوم العطلة
د.رنا خالد
البيان الامارات
بريطانيا لم تكن يوما دولة من الدول التي سبق لها ان احتلت الوطن العربي فحسب، بل إن الإمبراطورية التي كانت يوما ما لا تغيب عنها الشمس، تجيد اللعبة الشرق أوسطية بجدارة. وحتى لو كان اللاعبون ماهرين بمستوى تشرشل وتاتشر أو مبتدئين بمستوى جون ميجور او توني بلير، فان الأداء البريطاني في الشرق الأوسط له خصائصه المميزة، وأهمها أن بريطانيا تعرف كيف وأين تدخل مثلما تعرف كيف ومتى تخرج.


مغامرتها الأخيرة في العراق هي واحدة من دلائل تمسك بريطانيا بالمكان الذي تعرف انه الأكثر تأثيراً على الشرق الأوسط، فبريطانيا لم تترك ملف العراق منذ قصة تأميم النفط وحتى يومنا هذا.


وعلى عكس دول أوروبية أخرى فشلت في تمثيل دور الصديق للنظام العراقي السابق، فان انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت وانتهاء الحرب الباردة والتغيير في توازنات القوة والهيمنة في العالم، كل تلك الأسباب جعلت بريطانيا تاتشر تفكر في نقطة تغيير شروط وشكل العلاقات والأحداث في الشرق الأوسط.


وحتما كان ابرز محددات تلك النقطة هو العراق. فالمتتبع لحركة السياسة البريطانية في الشرق الأوسط منذ نهية الثمانينات وحتى 2003، يجد أن جل التحرك البريطاني كان يتجه حيال العراق وقضاياه وأحداثه. وإذا ما استبعدنا فكرة التبعية للسياسة الأمريكية، التي لا أصدقها كثيرا وإذا ما رغبت في تصديقها فربما اسميها التوازي والانسجام في الأهداف.


فنحن نجد أن بريطانيا وضعت العراق هدفا واضحا للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، فنصيحة تاتشر لبوش كانت صريحة وواضحة وهي أن العراق هو شرط التغيير الأمثل في الشرق الأوسط.


عموما بريطانيا شاركت الولايات المتحدة بلا انقطاع حملتها ضد النظام العراقي، منذ حرب الخليج الثانية وانتهاء بغزو العراق. وبريطانيا كانت تنظر للعراق على أنه مركز استراتيجي وحيوي، كما كانت ترى أن طبيعة التركيبة البشرية في العراق هي بحد ذاتها تمثل جزءا من عقلية الرفض والمقاومة في الشرق الأوسط، وبالتالي فقد كانت محقة تماما في إصرارها على المضي في عملية إبعاد العراق من معادلة القوة والتوازن الشرق أوسطية، علما أن هذه المعادلة تضم أيضا عنصر النفط..


عيون الساسة في بريطانيا لم تفارق يوما ذلك الكنز الأسود المدفون بغزارة في ارض العراق، وبالتالي فان وضع اليد على العراق يعني بالضرورة التحكم في اكبر احتياطي نفطي في العالم، وهو خطوة حاسمة تستحق المجازفة وهذا ما فعلته بريطانيا التي كانت حليفا صلبا للمغامرة الأميركية في غزو العراق.


الواقع أن غزو العراق المتفق عليه بين الأميركيين والبريطانيين في السر قبل العلن، وعلى غير المتوقع، أحدث شرخا في الرؤية والتوصل بين الولايات المتحدة وبريطانيا صار يتسع بشكل غير منظور ولكنه مستمر.


هذا الشرخ مرده أن بريطانيا بخلاف الولايات المتحدة لم تكن تريد إدارة العراق بأوهام القوة والسيطرة التامة التي أحبها الرئيس الأمريكي جورج بوش كثيرا، إذ إن بوش اعتقد أن ما ينتظره في العراق هو الورود والموسيقى، بينما أدركت بريطانيا أن العراق أبدا لن يكون بلدا سهل المنال، ولذلك اكتفت القوات البريطانية بتواجد في البصرة وبعض مدن الجنوب.


بريطانيا استفادت كثيرا من هذا المكان الذي هي شديدة التعلق به، ربما من أيام الاحتلال البريطاني للعراق والذي كانت بوابته ميناء الفاو في البصرة.


فالبصرة لم تكن مدينة عادية في الخرائط الإستراتيجية البريطانية، ليس فقط لموقعها المتميز، بل وأيضا لاحتوائها على الجل الأعظم من احتياطي النفط في العراق وقربها من الخليج العربي عبر شط العرب، المنفذ البحري الوحيد للعراق، وبالتالي فهذا المنفذ محمي تلقائيا.


السبب الأهم هو أن البصرة في معظم حدودها محاددة لدول عربية حليفة مثل الكويت والسعودية، وبالتالي فان القوات البريطانية لن تجد صعوبة كتلك التي قابلتها القوات الأميركية في وسط العراق والتي واجهت مشكلة الحدود المفتوحة.


وبالتالي فان القوات الأميركية كانت تقاتل على جبهات متعددة، الأمر الذي قلل خسائر القوات البريطانية مقابل خسائر القوات الأمريكية، فخسائر البريطانيين عندما وصلت 100 قتيل كانت خسائر الأميركيين تتجاوز 2500 قتيل وضعفهم من المعوقين والجرحى.


أداء الإدارة الأمريكية ومشرعيها في العراق كثيرا ما لاقى امتعاض السياسيين وقادة الجيش الذين يعون بخبرتهم مخاطر التصرف الأهوج في العراق، ويعون فعلاً أن الأخطاء سوف تكلف الحلفاء في العراق أثماناً باهظة. وهذا ما حدث فعلا.


ومع تسارع دراما الأحداث في العراق والتي كان أبرزها ازدياد الخسائر البريطانية، قررت بريطانيا الانسحاب من البصرة مدعية أن العراق صار يتمتع بحكومة ديمقراطية وان العنف قد انخفض بنسبة 90%، حسب رأي رئيس الوزراء البريطاني غولدن براون الذي حاول إتمام ما قرره سلفه توني بلير بالانسحاب من العراق.


وبالتالي ينتظر أن تقوم القوات البريطانية بتسليم السيطرة الأمنية على محافظة البصرة للقوات العراقية الأحد المقبل. وأعلن ناطق باسم الحكومة العراقية أن (تسليم البصرة سيمضي قدما في السادس عشر من الشهر الجاري)، وقال الميجور جنرال مايك شيرر من الأمم المتحدة إن (تحديد موعد لتسليم المحافظة للسلطات الأمنية، أمر إيجابي للغاية وخطوة في الطريق الصحيحس.


عموما، انسحاب القوات البريطانية الذي لم تعلق عليه الإدارة الأميركية ربما ينهي فصلا طويلا من فصول قصة بريطانيا والعراق، ولكنه في الحقيقة سيفتح فصلاً جديداً من فصول قصة انتهاء التحالف البريطاني الأمريكي، لن يكون انسحاب بريطانيا فصله الوحيد بل أن هناك فصولاً أخرى.


أبرزها الملف النووي الإيراني والدفاع والتوازن الاستراتيجي في أوروبا والصراع العربي الصهيوني واشتراطات التحالف بين بريطانيا والولايات المتحدة، وسط عالم متغير صار صعب المزاج نحو كل ما هو أمريكي. وبالتالي فان على بريطانيا أن تستثمر أخطاءها في قصة العراق، لكي لا تكرر ذات الأخطاء وتنقاد في مغامرات وحسابات خطرة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
في انتظار من سيأتي بعد بوش
أحمد المرشد
الخليج الامارات

لقد انفض مولد انابولس من دون أن تتحقق آمال الفلسطينيين منه، رغم انطلاق المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي” مجددا بعد انقطاعها منذ اندلاع الانتفاضة، وكان آخرها في مدينة طابا المصرية في يناير/كانون الثاني ،2001 وحينما حاول الأمريكيون تبني خطوة جادة تجاه العرب والفلسطينيين عبر تقديم مشروع قرار للأمم المتحدة لتحديد ماهية اتفاقية السلام المرتقبة سارعت الإدارة الأمريكية بسحب المشروع بسرعة البرق، بحجة أن مندوب أمريكا لدى المنظمة الدولية لم يستشر وزيرة خارجيته أو العاصمة واشنطن وأنه تقدم بمشروع القرار دون الرجوع لواشنطن، وهو ما لم يعقل أن يحدث في بلد مثل الولايات المتحدة.

ولكن تبقى المشكلة الأمريكية كما هي، فمحاولات واشنطن في طرح المبادرات تلو الأخرى ستظل تراوح مكانها ما لم تركز على معالجة القضايا الأساسية وحسم النزاع العربي - “الإسرائيلي” من خلال حل هذا النزاع بإعادة الحقوق إلى أصحابها طبقا لقرارات الشرعية الدولية التي صدرت عن مجلس الأمن بموافقة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها منذ بداية الأزمة في الشرق الأوسط عام 1948 وحتى الآن.

فالحديث عن السلام في المنطقة جار منذ فترة طويلة وبالتحديد منذ مبادرة روجروز في عام ،1970 وحتى الآن، مرورا بمؤتمري أوسلو ومدريد، وقبل ذلك معاهدة كامب ديفيد بالإضافة إلى العديد من المبادرات العربية الواقعية والايجابية ولعل آخرها المبادرة العربية للسلام التي اعتمدتها قمة بيروت العام ،2002 ثم اكدت عليها قمة الرياض التي عقدت في مارس/آذار الماضي.

وإذا كانت الولايات المتحدة تسعى فقط الى إقامة تطبيع بين الدول العربية و”إسرائيل” مجانا فهذا مرفوض ولن يحدث لأن الشعوب تعلم ما يدور تماما على الأرض وبذلك على واشنطن التعامل بواقعية مع قضية العرب المركزية.

إن مرحلة بوش ستنتهي بلا فائدة تذكر للعرب حتى لو صدق وجاء في زيارة للمنطقة قبل انتهاء ولايته الثانية، فالرئيس الأمريكي مثل غيره من رؤساء الولايات المتحدة يأتون بمبادرات اللحظة الأخيرة وهم يهمون بمغادرة البيت الأبيض، ومن ثم فإن أي تصرف للرئيس الأمريكي في الوقت الحاضر لن يجدي نفعا للعرب.

والمشكلة أن يكون عهد ما بعد بوش أيضا لا يبشر بالخير بالنسبة للعرب، رغم الرسالة التي نشرتها مجلة “نيويورك ريفيو أوف بوكس” الأمريكية في عددها الأخير وعليها توقيع ثماني شخصيات مرموقة وهي موجهة لرئيس الولايات المتحدة. الرسالة تحذر جورج بوش من المخاطر المترتبة على فشل قمة أنابولس.

واقترح الموقعون على الرسالة على بوش تبني عدة توصيات تبعد سياسة واشنطن عن الخط المتبع اليوم من اجل إزالة الخطر المحدق الذي يتوقعونه. وهذه التوصيات موجهة للإدارة الأمريكية وللحكومة “الإسرائيلية” على حد سواء مع فوارق بسيطة. بين الموقعين كل من زبيجينو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأسبق في عهد جيمي كارتر، ولي هاملتون الرئيس الأسبق للجنة الشؤون الخارجية في الكونجرس، وبرنت سكوكروفت مستشار بوش الأب للأمن القومي، والسفير السابق في “إسرائيل” توماس بيكرينج. ونبهت الرسالة بوش الى أن مؤتمر انابولس كان فرصة حقيقية للتقدم نحو حل الدولتين، وهم يعتقدون أن الشرق الأوسط غارق في أزمة خطيرة جدا وأن جوهر التسوية للأزمة هو التقسيم لدولتين على أساس خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967 مع تبادل للأراضي بنسبة 1:1 وأن تكون القدس عاصمة للدولتين، وحل مشكلة اللاجئين بطريقة تتلاءم مع مبدأ الدولتين وتستجيب للظلم العميق الذي لحق باللاجئين الفلسطينيين وتساعدهم في التعويض وعادة بناء أنفسهم.

تأثير الرسالة المذكورة هو إظهار أن هناك معارضة جادة من الداخل وأنها تسعى لبلورة جدول الأعمال الأمريكي لمرحلة ما بعد بوش قبيل الانتخابات الرئاسية، وليست هذه التجربة الوحيدة المبذولة في هذا السياق، فهناك مراكز وهيئات أخرى تعكف على إعداد تقارير خاصة بها حيث يتطلع الجميع لعودة سياسات إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في الشرق الأوسط، إذ يتوقع بعد الانتخابات بيوم واحد أن تبدأ المنافسة لإقناع الرئيس الجديد - أو الرئيسة- بأنه لا يوجد خيار أفضل من التنصل من تركة بوش لإحداث تغيير معمق في السياسات الشرق أوسطية.

فشل الرئيس الأمريكي في حل الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” لا يكفيه بل يريد أن يضيف إليه فشلا آخر يتعلق بوحله في العراق، فالإدارة الأمريكية الراحلة عما قريب تنشغل بترتيب أوراق الخريف قبيل سقوطها وانكشاف عورة الرئيس جورج بوش الذي يغادر البيت الأبيض خالي الوفاض وصفر اليدين بل ملاحقا بتهم إهلاك الجنود الأمريكان في الوحل العراقي وكذلك الأفغاني، ومسددا العديد من الأهداف في المرمى الأمريكي على صعيد السياسة الدولية.

عندما قام الرئيس الأمريكي مؤخرا بزيارة خاطفة للعراق مع أركان إدارته، كان يريد إظهار مدى تمسكه بحل أزمته في هذا البلد الشقيق وكوسيلة ضغط إعلامية وسياسية على الكونجرس للحصول على موافقته باستمرار تمويل القوات الأمريكية في العراق، ووقف الضغط من أجل جدولة انسحابها، وذلك بعد أن رفضت هذه الإدارة في بدايات العام الحالي الأخذ بتوصيات لجنة بيكر/هاملتون التي دعت لتخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق وتحويل دورها إلى قوة إعداد وتدريب للقوات العراقية. والمعروف أن اللجنة المذكورة قد دعت الإدارة الأمريكية الى التفاوض مع إيران والجوار الإقليمي للعراق، ولإقامة مؤتمرات دولية لمعالجة أزمات العراق والمنطقة بكاملها.

إننا نعيش الآن نتيجة اخفاق بوش في سياساته نحو المنطقة، فقد فضحته صحيفة “الواشنطن بوست” عندما سربت تقريرا عن الأهداف التي تحققت في العراق منذ غزوه. وذكر التقرير الذي أعده مكتب محاسبة الحكومة وهو جهاز تحقيق تابع للكونجرس أن ثلاثة أهداف فقط من بين 18 هدفا حددتها واشنطن تحققت في العراق.

إن أي مبادرة من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش ستذهب أدراج الرياح ونخشى أن تكون زيارته للمنطقة والتي سبق وأعلن عنها، مجرد مناسبة تذكارية فقط، وليس طرح مبادرات جادة لحل مشاكلها، حتى لو تقدم بوش بمبادرة فهي بالتأكيد لن ترى النجاح، فالمعروف أن مبادرات الوقت الضائع لا تجدي معنا في منطقتنا المليئة بالأزمات التي تتسبب فيها واشنطن.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
نفط كردستان من النقمة إلى النعمة
صلاح بدر الدين
السياسة الكويت
هذا ما جاء على لسان السيد رئيس حكومة اقليم كردستان في سياق كلمته المعبرة المهمة بكونفرانس " مصطفى بارزاني - البحث عن الهوية - " الذي عقد في العاصمة الأميركية واشنطن في منتصف ابريل للعام 2000 أمام حشد من رجال السياسة والأكاديميين والاعلاميين وممثلي مراكز الأبحاث ومنظمات المجتمع المدني وحسب فهمنا فقد حاول بمقولته هذه أن يعيد الى أذهان العالم أجمع في عاصمة الدولة الأعظم بأن موارد كردستان الوفيرة وخيراته الغنية المعطاءة في باطن الأرض أو خارجها وفي المقدمة النفط بما يمتاز به من نوعية متقدمة واحتياطات هائلة فائقة الجودة قد حالت من دون تحرر الشعب الكردي منذ اكتشافه وتسويقه تجاريا وتحديدا في أوائل القرن التاسع عشر الذي شهد فيه مختلف مناطق كردستان ثورات وانتفاضات ومحاولات سياسية كانت تهدف نيل الحرية والاستقلال الا أنها أخفقت دون سائر حركات الشعوب الأخرى التي حققت دولا وكيانات بسبب اصرار ورفض القوى الاستعمارية آنذاك من بريطانيين وفرنسيين وقياصرة روس كانت تتقاسم النفوذ والسيطرة الفعلية على منابع النفط وطرق النقل والامداد البرية والبحرية والجوية في سائر أرجاء المنطقة وكانت ترسم ستراتيجيتها انطلاقا من رؤيتها أن مصالحها تتطابق مع مصالح أغلبيات أشرفت هي على تنصيبها وصارت حاكمة في البلدان التي وزعت عليها أجزاء كردستان على حساب الكرد الذين أصبحوا بقدرة قادر - أقليات - منسية في أوطانهم بعد توزيعهم على بلدان أربع تفوح منها أو بعبارة أدق من مناطقهم رائحة الذهب الأسود , من جهة أخرى وبمرور الزمن وبعد أن تسلطت الطغم العسكرية الدكتاتورية ومعتنقوا الآيديولوجيا الفاشية والشوفينية الشمولية على أنظمة البلدان المقتسمة للشعب الكردي عبر الانقلابات وبفعل العصبيات القوموية والحزبية والطائفية وبشكل أخص في العراق وبعد الوفرة النفطية وارتفاع الأسعار تحول البترودولار الى أداة في شراء الأسلحة الفتاكة بما فيها الكيميائية لتحرق كردستان كما حصل في حلبجة وغيرها وقد أراد السيد بارزاني اشعار العالم مرة أخرى بمسؤوليته السياسية والأخلاقية اذا ما أريد للكرد أن يعانوا من وفرة المياه أيضا في موطنهم باتجاه التأثير السلبي في كفاحهم العادل من أجل الحرية كما عانوا سابقا من - لعنة - النفط الغزير خاصة بعد - تسييس - المسألة ومقايضتها وتجييرها في صفقات أمنية وسياسية واقتصادية تلحق الضرر بقضايا الكرد ومصيرهم في بلدان المنطقة ومازالت بوادر الصراع الاقليمي على مياه دجلة والفرات التي ترفدها ينابيع كردستان والمارة في مناطقهم تظهر بوضوح وبكل امتداداته ومحاوره الدولية منذ حقبة الحرب الباردة وحتى الآن وان شهد فترات هدوء نسبي بين الحين والآخر .
بعد أكثر من سبعة أعوام ونصف العام من كلمة السيد رئيس حكومة الاقليم وبعد أكثر من أربعة أعوام من سقوط الدكتاتورية الشمولية وبعد صدور دستور العراق الجديد بتوافق مكوناته واستفتاء غالبية العراقيين والذي يجيز للأقاليم في حال اقامتها وتنظيم اداراتها وبينها اقليم كردستان الفدرالي المعلن حسب الارادة الشعبية الحرة منذ حوالي العقدين الذي تقوده حكومة شرعية منبثقة عن البرلمان المنتخب من شعب كردستان استثمار الموارد واستخراج وتسويق النفط حسب بنود الدستورين الاتحادي والاقليمي وبحصص مثبتة ومقررة تتوزع بين الجانبين والمقصود هنا ليس ماتم استخراجه قبل تحرير العراق من الديكتاتورية وصدور الدستور بل ما يتم من عقود مع الشركات والمؤسسات المختصة المعنية اعتبارا من اقرار قانون النفط والغاز بصيغتيهما المتوافقتين عموما في المركز والاقليم نقول بعد كل ذلك تصدر أصوات تتباكى ظاهريا على أموال الشعب وخيرات الوطن وهي تضمر السوء في واقع الحال عندما ترمي ليس الى حرمان شعب كردستان من موارده الطبيعية ليعيد بناء ما هدمته الشوفينية فحسب بل الى مصادرة جميع موارد الاقليم بما فيها النفط وقد تستثمره كما حصل سابقا في ايذاء الكرد وتطبيق الشراكة في الثروة بصورة معكوسة وغير عادلة على غرار : - بترول العرب للعرب وبترول الكرد للعرب - وقد يكون من مصادفات التاريخ أن يتصدى الشخص ذاته الذي ناشد العالم في واشنطن بل وذكرهم بمعاناة الكردي من - نفطه ومياهه - ليتوجه الآن الى المعترضين بالقول : " أن عقودنا النفطية المبرمة مع الشركات العالمية للاستخراج والتسويق والتي ستليها عقودا جديدة أخرى حق دستوري ولمصلحة العراقيين جميعا ونؤكد على توزيع الثروات النفطية على عموم مناطق العراق وحسب نسب سكانها " وبذلك وبهذا الوضوح الحاسم سيكون نفط اقليم كردستان العراق وللمرة الأولى في تاريخ البلاد مصدر شراكة عادلة في الثروة الوطنية حسب ما نص عليه الدستور ومؤتمنا عليه في ظل عقود معلنة وموثقة مع شركات ومؤسسات دولية تخضع لقوانين الشفافية والرقابة من بلدانها ومن الدولة العراقية وحكومة الاقليم ومن المنظمات العالمية المعنية بشؤون النفط والغاز مقابل ما تعرضا له كثروة وطنية استراتيجية من نهب تحت ظل حكومات الاستبداد والأنظمة الشمولية التي كانت تديرها انتاجا وبيعا وتسويقا في الخفاء وتسجل أموالها ببلايين الدولارات باسم أفراد العائلات الحاكمة بل وتوزعها على الأتباع لأغراض سياسية كما حصل مع فضيحة - كوبونات النفط - التي كشف النقاب عن قوائم تضم أسماء المستفيدين بعد سقوط الدكتاتورية .
من الواضح أن الأصوات المعترضة من بعض الكتل السياسية في الحكم وخارجه على ما تم ابرامه من عقود بين حكومة الاقليم والشركات العالمية تتخطى الاجتهادات الدستورية حول صلاحيات كل من المركز والأقاليم وقانونية العقود أو بطلانها ( حيث يمكن في هذه الحالة الاحتكام الى المحكمة الاتحادية الدستورية بكل سهولة ) الى القضية الأساسية وهي قبول أو رفض العراق الجديد بدستوره وقوانينه وتوافقاته وعمليته السياسية الديمقراطية ومرحلته الراهنة مابعد الحكم الشمولي المقبور وبدائله الحديثة المختلفة شكلا ومضمونا والتي تجسد فعلا وعلى أرض الواقع الشراكة الحقيقية بين عناصر الوطن الواحد ومكوناته القومية وأطيافه الدينية والمذهبية وتلاوينه السياسية والثقافية المتعددة في مسألتي السلطة والثروة تلك المنظومة من الشراكة التي تحققت بفضل التضحيات الجسام وعقود من كفاح الشعوب واحدى تقديمات النظام الدولي الجديد في ظل التطور البشري واحترام حق الشعوب وحقوق الانسان نحو مجتمعات أكثر عدلا تجاه المقهورين قوميات أو أديانا وعقائد أو طوائف وجماعات , وما الاعتراضات الراهنة على جهود حكومة الاقليم في تعزيز الاقتصاد الوطني والمنفعة العامة الا جزء من نهج الممانعة تجاه كل تطور نحو الأمام في عراق ما بعد الدكتاتورية الذي تتبعه قوى وجماعات معروفة تحاول العودة نحو الوراء وتمارس أساليب ضد الدستور والقوانين بما فيها الارهاب واثارة الفتن القومية والدينية والمذهبية ولا ترى حرجا حتى في التعاون مع جهات اقليمية معادية للعر اق ووحدته ومنظمات أصولية تكفيرية وعلى رأسها القاعدة , من جهة أخرى وكما بات معروفا للقاصي والداني أفرزت السنوات الأخيرة نتيجة الفوضى وفقدان الأمن والادارة في المركز ومحافظات الجنوب والوسط فئات واسعة من المستفيدين ومن مافيات النفط بشكل أساسي حيث يتم تهريبه وبيعه في الأسواق السوداء عبر مياه البصرة أساسا ومن خلال المنافذ البرية الحدودية الايرانية والسورية لذلك لايمكن انتظار قبول الرضى من تلك الجهات بل يجب توقع مواجهة شرسة الآن وفي المستقبل من ممثلي مصالحها في الكيانات والأحزاب والادارات والمؤسسات لكل عمل للصالح العام بما في ذلك جهود حكومة اقليم كردستان في انقاذ وترسيخ وتعميم وتطبيع خيرات وموارد الاقتصاد الوطني الجوفية والظاهرية والنفطية على وجه الخصوص

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
القاعدة في العراق.. إلى أين؟

الجنرال وفيق السامرائي
القبس الكويت

قبل انقلاب العرب السنة عليها، لم تحقق القاعدة موقفا كما حققته في العراق.
واذا كانت هجمات 11 سبتمبر حدثا مذهلا من ناحية التخطيط والتنفيذ والقدرة على تعبئة الانتحاريين في لحظة واحدة وببراعة غير عادية في الاخفاء، واذا كانت أفغانستان قد تحولت الى مركز رئيسي للقاعدة في مرحلة ما، فان ما حصل في العراق كان أكبر كثيرا من ذلك كله. فقد تمكن هذا التنظيم، الذي لم يكن يمتلك قواعد تذكر في هذا البلد قبل سقوط النظام السابق، من الاستحواذ على النشاطات الفكرية والعسكرية في المناطق ذات الأغلبية العربية السنية. وبلغ عدد مقاتليها، ممن هم تحت السن القانوني لحمل السلاح أكثر من 12 ألف مسلح، فضلا عن الآلاف من المتعاطفين والمؤيدين والداعمين. وهذا كله تحقق خلال ثلاث سنوات من القتال وعمليات الانتشار.
صحيح أن العمليات المسلحة الأولى التي أعقبت سقوط النظام السابق نفذها بعثيون عموما وعسكريون تحديدا. وما لا يمكن انكاره أن الرئيس الراحل صدام حسين كان مبادرا في ذلك، على الرغم من عدم وجود خطط مسبقة لديه لنقل المجابهة في الحرب الى عمليات غير نظامية، تعتمد على عمل المجموعات الصغيرة. فقد تمكن صدام من اعادة تنظيم هياكل مهمة من حزب البعث، مركزا على المكتب العسكري للحزب، للمباشرة الفورية بشن هجمات مسلحة تحت لافتة المقاومة. لكن، وبحالة غير عادية من التسابق، تمكن تنظيم القاعدة من دفع مجموعات كبيرة من عناصره من خارج العراق، معتمدا على دعم مالي كبير، لم يكن متوافرا لدى البعثيين. فبدأ التنظيم بالسيطرة على الساحة، مستخدما أقصى درجات العنف لتحقيق الغاية. حقق انتشارا مذهلا في الوسط المتناسق عقائديا. وبحكم التركيبة الديموغرافية والطائفية، وحالة التعاطف ضد الاحتلال، تمكن من تحويل محافظة الانبار الى قاعدة كبرى لتوجهاته. ومن الانبار عزز حركة انتشاره في المحافظات الاخرى، مستغلا عوامل عدة يتقدمها الفراغ الأمني. ومن حالة ارهاب الناس، الى تدفق الموارد، الى توافر كميات ضخمة من السلاح والعتاد، انتزعت القاعدة من البعثيين الموقع الأول في تنفيذ النشاطات، وقد ساعدها في ذلك ان كل الهجمات الانتحارية كانت في بداية الحال قاعدية الانتماء والتنظيم، حيث لم تكن العمليات الانتحارية من ثقافة العراقيين.
.. وبدأ الانقلاب
على الرغم من استحواذ القاعدة على حقل النشاطات المسلحة، فان ذلك لم يحد من نشاطات الآخرين، فانتشرت المجاميع المسلحة من كل حدب وصوب. وكان الاعلان عن تشكيل دولة العراق الاسلامية بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير. فقد اعتبر الاعلان تحديا لمشاعر الآخرين، وتجاهلا لدورهم. وهو خطأ كان تاريخيا، لأنه كان بمنزلة الشرارة التي أشعلت نار الانقلاب على القاعدة.
وحتى ذلك التاريخ، لم يكن الشعور العربي في الخارج متحسسا من هيمنة القاعدة على العراق أو جزء منه. وكان الأميركيون وحدهم منهمكين في عملية التصدي والتخبط معا. الا أن الاعلان عن ما يسمى ب'دولة القاعدة' كان بمنزلة قرع جرس الانذار في منطقة الخليج والجوار وغيرها. بدأ التحرك من خلال دعم الجماعات الأخرى بشكل أو بآخر، بعيدا عن علم الأميركيين، الذين كانت حساسيتهم مفرطة ضد الجماعات المسلحة كافة، من دون تمييز كبير تجسد في ما بعد. ثم تحولت الحال الى تعاون مفتوح بين العرب والتحالف لمحاولة كبح القاعدة، وجر العرب السنة من خنادق القتال الى جبهة الحماية الذاتية، خصوصا مع ظهور فرق الموت الطائفي. اضافة الى أن الانتشار المذهل للقاعدة كان من المستحيل السيطرة على تحجيمه داخل العراق، اذا ما استمرت الحال على ما كانت عليه.
.. وبدأ التآكل
ليس ممكنا توقع تآكل تنظيم القاعدة في العراق نتيجة ضربات التحالف والقوات العراقية، من دون انقلاب وثورة في قلب الحواضن، وهو ما بدأ بالتحقق للأسباب التالية:
قتال القاعدة للتحالف يشكل مشروعا للقتال طويل الأمد، وهذا يعني تحول العراق من دولة حضرية الى أرض محروقة ربما أكثر تخلفا من افغانستان، وهو ما لم يكن العراقيون مستعدين لتحمل تبعاته، لأن صراعهم مع التحالف لم يكن أمميا أو عقائديا، بقدر ارتباط الموضوع بالوضع العراقي فقط.
ردة الفعل الكبيرة على تشكيل دولة القاعدة، كما أشرنا.
القسوة المفرطة التي اتبعها مقاتلو القاعدة ضد كل من يتقاطع معهم سلبا، حتى في قلب الحواضن. فمن يعمل معهم ويترك العمل يعتبر مرتدا في كثير من المناطق، فسالت دماء بين أبناء الجلدة.
شعور البعثيين والعسكريين السابقين بخطورة مشروع القاعدة على مستقبلهم، وامتدت المشاعر الى العشائر.
تغيير القوات الأميركية لاستراتيجيتها السابقة بعدم التعامل مع أي طرف يحمل السلاح. لأن لا خيار آخر لديها، فاما الهزيمة من العراق، وقد ظهرت ملامحها في أكثر من مكان، واما التعاطي بطريقة مغايرة.الملل والجزع من الدمار المستمر.الاستماع الى نصائح تغيير المسالك والسبل.الى أين؟يبقى السؤال قائما عن مصير الآلاف من عناصر القاعدة وعن اتجاهات تحركهم وعن مصير الجماعات المسلحة الأخرى. ويمكن تصنيف المسارات في ضوء المعطيات الراهنة طبقا لما يأتي: الآلاف من عناصر القاعدة تركوا السلاح كليا أو التحقوا بالجماعات المسلحة الاخرى، تحت نظر وعلم قوات التحالف، من دون الحاجة الى عفو خاص أو عام. لأن من محصلة التحالف عدم التمسك بالماضي.
التحاق الجماعات المسلحة أو قسم كبير منها بوحدات المتطوعين والحراس المحليين لتأمين الحماية الذاتية لمناطقهم، كمرحلة أولى للاندماج في وحدات الجيش والشرطة.
تغيير القاعدة لتكتيكاتها السابقة والعمل على تكوين بؤر اختراق في المؤسسات والوحدات وتجمعات العشائر وهو وضع يعتبر متأخرا جدا عما تحقق لهم في السابق.
ان من الخطأ القول ان القاعدة قد انتهت في العراق أو انها ستنتهي بين ليلة وضحاها، الا ان عودتها الى ما كانت عليه أصبحت مستحيلة ان بقيت المعطيات ذاتها قائمة.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
جيش العراق.. وجيش لبنان
فواز العجمي
الشرق قطر
فور غزو العراق واحتلاله أعلن ممثل الاحتلال الأمريكي للعراق السفير بول بريمر حل الجيش العراقي، وهذه الخطوة كانت في صدارة اهتمامات المحتل الأمريكي لأن جيش العراق كما هو معروف للجميع جيش وطني عربي، والتاريخ يشهد لهذا الجيش مواقفه الوطنية والقومية، خاصة في تلك الحروب العديدة التي شارك فيها اخوانه من الجيوش العربية ضد العدو الصهيوني وفي كل الحروب التي خاضها هذا الجيش الباسل ضد اعداء الوطن والأمة العربية.

ولأن الإدارة الأمريكية تدرك وطنية وعروبة جيش العراق الأبي سارعت الى القضاء عليه بحل وتسريح هذا الجيش، تمشياً مع الإرادة الصهيونية التي ترى في جيش العراق قوة لا تقهر وإرادة وطنية وعربية تتحطم على صخرته كل الأطماع والمآرب والخطط الصهيونية بالنيل من الأمة العربية لأن العدو الصهيوني ومعه حليفته الإدارة الأمريكية والغرب عموماً يريدون من الجيوش العربية ان تكون حارساً للصهيونية وحارساً لمصالحه فقط.

اليوم وبعد أن استطاع المحتل الأمريكي حل الجيش العراقي نراه يحاول النيل من وطنية وعروبة الجيش اللبناني عندما قام الإرهابيون باغتيال اللواء الركن فرانسو الحاج، وهذه الجريمة تهدف الى القضاء على وطنية وعروبة جيش لبنان من خلال اغتيال رموزه الوطنية لأن اللواء الشهيد كان عقبة أمام تنفيذ مخطط العدو الصهيوني وحليفته الإدارة الأمريكية في «أمركة» أو «صهينة» الجيش اللبناني، وبناء على مواقفه الوطنية حاول العدو الصهيوني اغتياله عام 1976 عندما فجر سيارته لكن قدرة الله انقذته من هذا العمل الإرهابي الصهيوني، وهذه المحاولة الصهيونية كافية لمعرفة الجناة الحقيقيين وراء اغتيال اللواء الركن فرانسو الحاج، والتي مع شدة الأسف غابت عن أغلب الساسة اللبنانيين ولم نستمع الى أحد منهم يعلن صراحة أن العدو الصهيوني أو الإدارة الأمريكية أو عملاءهما قد يكونون وراء هذه الجريمة الإرهابية بل إننا سمعنا بعض العبارات والتلميحات التي تشير الى الشقيقة سوريا التي هي الخاسر الأول من غياب اللواء الحاج، لان الشهيد يرى أن الجيش اللبناني يجب ان يبقى محافظاً على عقيدته الوطنية وهذه العقيدة ترى بالعدو الصهيوني عدواً، وهذا ما تؤمن به عقيدة الجيش العربي السوري والقيادة السورية، مما يخرس كل لسان أ إشارة باتهام الشقيقة سوريا، وهي تعلم جيداً ان الشهيد الحاج هو المرشح الأوحد لقيادة الجيش اللبناني بعد انتخاب قائد الجيش الحالي ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية.

أما توجيه الاتهامات من البعض حول القاعدة أو جماعة فتح الإسلام، فقد رد عليه بعض المحللين بالقول: ان اغتيال الحاج بهذه الطريقة أضعف من القاعدة وأكبر من فتح الإسلام مما يؤكد ان هناك عناصر من الموساد الصهيوني أو من عملائهم وراء هذه العملية الإرهابية والبعرة تدل على البعير، كما يقال عندما حاول العدو الصهيوني اغتياله كما ذكرت عام 1976، وهذا بحد ذاته يعتبر مؤشراً ودليلاً على تورط هذا العدو بهذه الجريمة.

إن الجيش اللبناني مستهدف اليوم بالقضاء على عقيدته الوطنية والقومية، لأن العدو ومعه الإدارة الأمريكية لا يريدون جيشاً وطنياً عربياً، ويؤمن بأن عدوه الحقيقي هو العدو الصهيوني، ويريد هؤلاء جيشاً عميلاً مثل جيش انطوان لحد الذي فر إلى الكيان الصهيوني بعد انتصار المقاومة اللبنانية في الجنوب، إنهم يريدون القضاء على وطنية الجيوش العربية، ويريدون جيوشاً حارسة للعدو الصهيوني فبالأمس جيش العراق واليوم جيش لبنان..


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
بين الأمة والدولة ... الأكراد إذ يقلّدون العرب في القوميّة

نزار آغري
الحياة

يبدو القوميون الكرد كما لو لأنهم يبدأون من حيث انتهى القوميون العرب. هاهم يحملون العدة ذاتها وبالقدر نفسه من الحماسة والنزوات والأهواء. إنهم يتغنون، شأن زملائهم من القوميين العرب، بانتمائهم إلى أمة واحدة مغروسة في تربة التاريخ. وهم، شأن أقرانهم العرب، يرددون أن أمتهم تعرضت لمؤامرات خارجية سعت في تشتيتها وإضعافها وكسر شوكتها والنيل من شموخها. وهم يزعمون أن الحدود التي تفصل بين أبناء أمتهم هي حدود مصطنعة رسمها المستعمرون وأذنابهم من القوى المعادية التي اعتمدت سياسة «فرق تسد» بهدف تمزيقهم والتفريق بينهم.

وعلى غرار الزملاء العرب، دائماً، يرسم هؤلاء صورة ناصعة لوطنهم بحيث يبدو بديهياً أن كردستان كانت مهد الحضارة وأن الأكراد هم من وضعوا اللبنات الأولى لكل ما تحفل بها خزينة البشرية من إنجازات.

الخطاب القومي الكردي، شأن قرينه العربي، يتكىء على الأساطير. يتم إخضاع التاريخ، وكذلك الجغرافيا، للرغبات الآنية ويجري ضخهما بالعواطف والانفعالات . الأمة الكردية، في هذا الخطاب، كانت قائمة منذ فجر التاريخ وستظل كذلك إلى يوم القيامة. لقد ولدت كاملة الأوصاف ناجزة الكيان سليمة القوام وهي ما برحت منذ البدء تحتضن شعباً واحداً يجمع بين أبنائه حبل الرحم ويشدهم قدر واحد يمتد في الوجدان والضمير والآمال والغايات والثقافة والرؤية المشتركة للدنيا والآخرة. يجري إسباغ طابع رومانسي على ماض غامض ويتم إطلاق تصريحات بليغة عن الشعب الواحد والدم النقي وأرض الآباء واللغة الأم بكلمات مأخوذة من قاموس القرابة الأسرية.

إن تأثر القوميين الكرد بالقوميين العرب واضح من جهة التركيز على العرق واللغة والتاريخ بديلاً من الفرد والمؤسسة والمواطنة. وعلى خطى الزملاء العرب، وهم في هذا الميدان رواد، يمجد القوميون الكرد الكتلة الكبيرة والجماعة الواحدة ويحتقرون الفروقات وينبذون الاختلافات. مثل دعاة القومية العربية يطلب دعاة القومية الكردية من أتباعهم إظهار الولاء تحت طائلة الوقوع في صف العدو وارتكاب الخيانة العظمى.

مقابل العروبة تنهض الكردايتي، وهو الاسم الكردي للإيديولوجية القومية. وهذه الإيديولوجية تنهض على ترسيمات نمطية وتصورات كاريكاتورية عن الذات والآخر. نحن طيبون، نبلاء، أفاضل، محبون للخير والسلم، والآخرون أشرار، أنذال، يعشقون القتل والجريمة. النزعة القومية طاغية إلى درجة أن الكرد الذين ما انفكوا يعانون من طغيانها لا يرون مخرجاً سوى باللجوء إليها.

هناك رغبة شبه صوفية لدى القوميين الكرد في تجاهل الوقائع على الأرض والقفز فوق التفاصيل سعياً وراء ذات منتفخة ورسم صورة وردية عن الكرد بوصفهم أمة واحدة (ذات رسالة خالدة؟). فتنهض شعارات التجييش القومي ودق طبول «الجهاد المقدس» القومي. يتم الاستهزاء بالعيش اليومي والمصالح الاقتصادية والسيرورة الاجتماعية من أجل إيديولوجية شمولية تحلق في الهواء وتتحدث عن مطلقات بلاغية غالباً ما تكون مخادعة. تجري المطالبة بالتضحية بالمكتسبات المحققة في الواقع على مذبح الأخوة المجردة ويتم الاستهزاء بمن يركض «وراء المصالح الآنية» التي ينبغي أن تؤجل بانتظار أن ينتهي الثوار من تحرير الوطن ليقيموا عليه « كونفيدرالية الكومونات».

في الخطاب القومي الكردي تمثل الأمة عائلة رمزية. إنها تفتح حضنها الآمن لأبناءها. الرموز والمعاني المرتبطة بالعائلة تنتقل إلى الميدان. تحل الأمة محل العائلة ويكون الحديث دوماً عن أرض الآباء واللغة الأم وأبناء الجلدة الواحدة.

القوميون الكرد، الذين يعشقون وحدة الدم بين أبناء الأمة الواحدة ويزعجهم تبدل الأحوال، يملكون حنيناً عميقاً للعصر الذهبي الذي كان فيه أبناء الشعب الواحد يعيشون معاً.

وهذه أشياء خرافية بالطبع. الكرد، مثل العرب، لم يكونوا يوماً جماعة واحدة. لم يمزقهم الاستعمار «وأذنابه» بل هم كانوا، مثل العرب، قبائل وإمارات وكيانات غالباً ما كانت تتناحر. لم تقم قط دولة كردية موحدة بالقدر الذي لم تكن هناك دولة عربية موحدة طوال التاريخ. الحدود التي تقسم الكرد، والعرب، هي بالطبع حدود اصطناعية. ولكن هذا هو حال الحدود في العالم أجمع. كل الحدود هي خطوط اصطناعية وضعها البشر لترتيب العلاقات وتيسير المعاملات وتعيين المهام بين الجهات. ليست هاك حدود دولة تتطابق بالتمام مع حدود انتشار أبناء القومية الواحدة. الأمة الجرمانية تتوزع على أكثر من أربع دول وكلها دول عصرية ومتطورة جداً. ليس هناك من الجرمانيين في ألمانيا أو النمسا أو سويسرا من يلعن المستعمر، وأذنابه، أو التاريخ والقدر جراء توزعهم على كيانات عديدة.

ليست الإختلافات القومية هي التي تعين الحدود. كما أنها ليست هي التي تخلق النزاعات، بل إن الإيديولوجيات القومية هي التي تفعل ذلك وتضفي أهمية كبيرة على هذه الإختلافات.

لا يعني هذا أنه ليست ثمة فروقات قومية أوأنها محض تراكيب إيديولوجية. ولكن ينبغي التمييز بين هذه الفروقات من جهة وبين السعي إلى استغلالها من أجل رسم أطر منغلقة حول المجموعات البشرية من جهة ثانية. ينبغي ألا ننسى أن المجموعة الإثنية ليست سوى واحدة من الوحدات الكثيرة التي ينتمي إليها الفرد وليس ثمة ما يشير إلى أن الأمة أكثر موضوعية من غيرها من الأشياء.

تعمد الإيديولوجية القومية إلى تجميد ما هو متحرك وتحويل ما هو متعدد الجوانب إلى شيء وحيد الجانب. إن حدود الدولة لم تكن يوماً، وهي ليست اليوم، ولن تكون في المستقبل، متطابقة مع الحدود القومية. داخل الحدود هناك شعوب مختلفة. وهناك شعوب واحدة تفصل بينها حدود «مصطنعة». هكذا سيكون الأمر على الدوام. ليس هناك ما هو معيب في ذلك. إن الانتماء للأمة شيء والانتماء للدولة شيء آخر. إذا اتخذنا الانتماء القومي معياراً لقيام الدولة فإن نزاعاً أبدياً سيكون مدفوناً تحت تراب الوطن. هذه وصفة ممتازة لحرب مضمرة بشكل أبدي.

الحق أن الإيديولوجيات القومية، شأن الايديولوجيات الدينية، تتمتع بقدرة كبيرة على تعبئة الناس.الأيديولوجية القومية مفبركة ومصطنعة ولكنها في الوقت نفسه تتمتع بأقصى درجات الجاذبية حيث يهرع إليها الناس ويتعلقون بها ويصنعون منها رموزهم ويؤدون القسم بالولاء لها وللعلم والدولة. بل هناك من يضحي بحياته من أجلها. هذه الأيديولوجية تنتعش في أجواءالأحلام النوستالجية التي تحن إلى جذور مشتركة وانتماء للدم الواحد. ولكن هذه الأحلام تصبح خطرة حين تدخل الحيز السياسي حيث تصبح الخريطة أهم من الواقع ويتحول الأجانب إلى أعداء محتملين ويغدو أولئك الذين يترددون في إظهار الولاء للقومية والوطن خونة. كثير من القوميين الكرد بدأوا يتهمون حكومة إقليم كردستان العراق بالأنانية لأنها تهتم بمصالح الإقليم وبنهضته وتحسين مستوى عيش الناس فيه أكثر من اهتمامها بالشعارات الضخمة عن الأمة الواحدة.

القوميون المتزمتون وسواهم من الأصوليين يتمسكون بوحدة الأمة ويلاحقون أولئك الذين يتخلون عنها. وهم لا يتورعون عن اللجوء إلى الأساليب الاستبدادية لملاحقة المخالفين في الرأي سواء تعلق الأمر بالترهيب المعنوي أو بالأذى الجسدي.

السيادة الحقيقية، في عالم اليوم، للفرد لا للأمة. الفرد هو الذي يقرر ما يكون عليه وما هي الاتجاهات السياسية أو الفكرية التي يحبها أو لا يحبها. الأمة تتحرك في ميدان الطقوس والشعائر، أما الفرد فيتحرك في مضمار الواقع. وإذ يغدو العالم كله قرية واحدة متصلة بألف رباط، يصير ممكناً للمرء أن يتمسك أو يتنصل من الإنتماء القومي أو الديني أو الثقافي ومن دون محرمات. وينبغي أن يتحقق ذلك من دون أن يوصم فاعله بالخيانة أوالكفر. يتحتم أن يصير ممكناً للمرء أن يملك الحق ليس فقط في تبني هوية محددة بل في عدم تبنيها أيضاً.

كان يمكن للقومية الكردية، بوصفها ضحية، أن تقف في طليعة الساعين في هذا الاتجاه. ولكن أنى لها ذلك هي التي نشأت في كنف ثلاث نزعات قومية مصابة بتخمة الشوفينية والتمييز القومي.


ليست هناك تعليقات: