Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 1 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الجمعة 31-8-2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
العراق إلى أين ....؟
* نزيه القسوس
الدستور الاردن
ما زال الرئيس الأميركي جورج بوش يصر على بقاء القوات الأميركية في العراق وعلى عدم تحديد جدول زمني للإنسحاب رغم الخسائر التي تتكبدها قواته كل يوم ، ورغم الخراب الذي حل بالعراق وتدمير بنيته التحتية تدميرا كاملا وعشرات القتلى والجرحى الذين يسقطون كل يوم من أبناء الشعب العراقي الأبرياء .
لقد مضى على الاحتلال الأمريكي للعراق أربع سنوات والرئيس بوش يصر على أن النصر سيتحقق في النهاية ، مع أن هذه السنوات الأربع هي من أسوأ السنوات بالنسبة للجيش الأميركي منذ انسحابه من فيتنام ، فلا يمر يوم لا يقتل أو يجرح فيه عدد من الجنود الأميركيين وكل يوم تصل الطائرات العسكرية إلى بعض المدن الأميركية وهي محملة بجثث الجنود القتلى ، والمقاومة العراقية تزداد اشتعالا يوما بعد يوم ، وكل الخطط التي حاول الجيش الأميركي تطبيقها لم تنجح في القضاء على المقاومة العراقية الشرسة ، مع أن الادارة الأميركية أرسلت عشرات الآلاف من الجنود وكميات كبيرة من الدبابات والطائرات إلى العراق لتعزيز القوات الأميركية هناك ، وقد فشلت كل هذه الخطط ولم تنجح أي خطة حتى الآن لأن الشعب العراقي لا يقبل ولو جنديا أجنبيا واحدا فوق أراضيه ويرفض الاحتلال رفضا قاطعا مهما كانت الأسباب والمبررات .
لقد عاش السنة والشيعة والأكراد والتركمان والمسيحيون آلاف السنين مع بعضهم البعض ، ولم نسمع عبر التاريخ أن خلافات وقعت بينهم ، لكن الاحتلال هو الذي فجر النعرات الطائفية ليطبق مبدأ فرق تسد ، ولا يمر يوم لا يتم فيه العثور على جثث بعض الشباب العراقيين وهي ملقاة على الطرقات وآثار التعذيب واضحة عليها ، وهذا القتل العشوائي هو بالتأكيد قتل طائفي وهو من نتائج الاحتلال البغيض الذي يجثم على صدور العراقيين.
يستطيع الرئيس بوش أن يرفض الانسحاب وأن يرسل المزيد من القوات إلى العراق ، لكنه لن يستطيع الاستمرار في تحمل الخسائر الكبيرة التي يتعرض لها جنوده إلى ما لا نهاية ، فالأميركيون لا يقبلون أن يفقدوا أبناءهم في قتال لا مصلحة لهم فيه والأميركيون لا يقبلون أن تذهب أموال الضرائب التي يدفعونها من أجل تمويل حرب خاسرة ليس لهم فيها ناقة أو جمل ، أما ادعاء الرئيس بوش بأن أمن الولايات المتحدة من أمن العراق فهو ادعاء باطل فالحرب على العراق هي التي فجرت الارهاب وزادت من أعداد المتطرفين بل إن أعدادا كبيرة من هؤلاء المتطرفين سافروا إلى العراق فقط من أجل محاربة الأميركيين وهم مقتنعون مئة بالمئة بهذا العمل ، وأفضل مثل على ما نقول هو عدد الانتحاريين الين يفجرون أنفسهم كل يوم داخل السيارات المفخخة ومعظم هؤلاء الانتحاريين جاءوا من خارج العراق .
في الحرب الفيتنامية استعملت الولايات المتحدة كل أنواع الأسلحة الحديثة والمعقدة واتبعت كل الأساليب الممكنة وغير الممكنة ضد الفيتناميين ومع ذلك لم تستطع تحقيق النصر ، وفي النهاية انسحبت بشكل مذل وتركت عددا كبيرا من القتلى هناك ، وما حدث في فيتنام سيحدث في العراق وسينهزم الجيش الأميركي لأن الشعوب لا تهزم وسينتصر الشعب العراقي.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
العملاء يتمردون ومجرم الحرب يهدد
: أحمد عزالعرب
الوفد مصر
قام زعيم العصابة الحاكمة في واشنطن بغزو أفغانستان بعد أحداث سبتمبر 2001 التي تقطع كل الدلائل بأنها مصنوعة في واشنطن وكانت الأكذوبة التي ساقها أن حربه للقضاء علي الإرهاب، ثم قام في ربيع 2003 بغزو العراق تحت أكذوبة أن لديها أسلحة دمار شامل ثبت للعالم كله أنه كاذب فيما زعم. وبعد شهر من غزو العراق وتدمير الدولة هبط في حركة مسرحية فوق إحدي حاملات الطائرات الأمريكية

وعلي وجهه ابتسامة بلهاء ليعلن أن الحرب انتهت وأنه انتصر وهلل له جنوده المرتزقة فرحاً. ووصل أحد بلطجيته المحترفين ليحكم العراق المحتل فقام بحل الجيش والبوليس وتفكيك الدولة لإعادة بنائها كمستعمرة أمريكية تنفرد أمريكا بثروتها النفطية الهائلة. وظن مجرم الحرب أن الدنيا قد دانت له، ولكن بعد شهور قليلة من الغزو كان مارد المقاومة الوطنية الذي أخرجه الاحتلال من القمقم قد تفجر تماماً في وجه الغزاة وفشلت كل المحاولات الهائلة لسحق المقاومة الوطنية وفشل مائة وستون ألف جندي نظامي ومائة وثلاثون ألف جندي مرتزق، رغم كل إمكانيات أعتي آلة عسكرية في التاريخ في سحق المقاومة وأصبح واضحاً للعالم أن مصير المخطط الاستعماري في كل من أفغانستان والعراق سيكون نفس مصير حرب فيتنام العدوانية.

زرع أشرار واشنطن في كلتا الدولتين حكومات من العملاء ليحكموا من خلالها وقاموا بإجراء انتخابات هزلية لإقامة برلمانات من الدمي التي يحركونها، ورغم الدمار الهائل الذي سببوه ومئات الآلاف من المدنيين الأبرياء الذين قتلتهم الآلة العسكرية الشريرة وعملاؤها المحليون ورغم الملايين التي اضطرت للفرار من بيوتها خصوصاً في العراق إلي أماكن أخري أو إلي دول الجوار، وأصبحت من اللاجئين، رغم كل هذا الشر البشع عجز العملاء وأسيادهم عن سحق المقاومة أو حتي عن تمرير قوانين النفط التي وضعها الاستعمار لنهب ثروة العراق النفطية. وشاءت سخرية القدر أن يكون كل ما ارتكبه الأشرار من جرائم هدايا مجانية تقدم لعدو أمريكا اللدود في المنطقة وهو نظام الحكم الإيراني وحلفاؤه في سوريا ولبنان وفلسطين المعارضون لمخطط السيطرة الاستعمارية الأمريكي علي المنطق.

في أفغانستان فشلت قوات حلف شمال الأطلنطي مجتمعة في إخضاع المقاومة والقضاء علي حركة طالبان وأسر أو قتل أسامة بن لادن وعصابته رغم الدمار الهائل الذي أنزلته بالبلد والغارات الجوية الوحشية التي قتلت فيها عشرات الألوف من المدنيين الأبرياء وهدمت بيوتهم أو عششهم، وفشلت حكومة العملاء التي نصبتها أمريكا برئاسة قرضاي الذي يحميه حرس جمهوري من جنود أمريكا لعدم ثقته في جنود بلاده، فشلت حكومته في توفير الأمن رغم الأموال الطائلة التي يجنيها أمراء الحرب وبارونات المخدرات وغيرهم من الملتفين حول حكومة العملاء. ومازالت طالبان تسيطر علي مساحات واسعة من جنوب البلاد وتزداد اتساعها كل يوم، وفي حركة متعمدة لإذلال أمريكا أسرت طالبان 23 كورياً جنوبياً وطالبت بالإفراج عن بعض أسراها مقابل إطلاق سراحهم، وأصرت علي مفاوضة ممثلي كوريا الجنوبية في ذلك فوق الأرض الأفغانية التي تسيطر عليها ونجحت في ذلك، ولما أحس قرضاي باقتراب نهايته وتخلي سادته عنه بعد انتهاء صلاحيته سارع بزيارة طهران والتودد للملالي، عسي أن يجد في مساندتهم ما يعوض قرب تخلي سادته عنه. وبلغت به الجرأة خلال مؤتمر صحفي مشترك مع بوش في البيت الأبيض أن يعلن أن إيران قد ساعدت بلده، وثار بوش وأعلن أمامه أن إيران ليست من قوي الخير. وبلغ الاستهتار بأمريكا خلال الاجتماع المشترك لزعماء القبائل الأفغانية والباكستانية أوائل شهر أغسطس الحالي في مقر اللويادرجا وهو »البرلمان« الأفغاني الذي أقامته أمريكا أن يطالب المجتمعون بإجراء حوار مع ممثلي طالبان علي أمل الوصول للسلام في أفغانستان.

وفي العراق فشلت حكومة العملاء التي نصبها الأمريكان برئاسة جواد المالكي في كل ما عهد إليها الاستعمار الأمريكي بتنفيذه، فالوضع الأمني يزداد تدهوراً والقتلي من جنود أمريكا يرتفع عددهم رغم الزيادة غير المسبوقة في عدد قوات الاحتلال النظامية والجنود المرتزقة الذي قارب عددهم الثلاثمائة ألف شخص ورغم البربرية الهائلة التي يواجه بها الاستعمار المقاومة العراقية وقتل عشرات الألوف في الغارات الهمجية. وكان أكبر فشل لحكومة المالكي من وجهة النظر الأمريكية هو عجزها عن تمرير قانون النفط الذي وضعته أمريكا لنهب ثروة العراق النفطية فقد فض البرلمان العراقي دورته وقام بإجازته الصيفية دون إقرار مشروع القانون الأمريكي الذي تعارضه كل القوي العراقية من سنة وشيعة وأكراد، لدرجة أن كتلة إياد علاوي عميل المخابرات الأمريكية ورئيس وزراء العراق السابق، أعلنت رفضها المشروع وسحبت وزراءها من حكومة المالكي الائتلافية، كما انسحب منها وزراء المجموعة السنية ووزراء مجموعة مقتدي الصدر أقوي الفئات الشعبية، ولما وجد المالكي أن حكومته تترنح وأن تصريحات الساسة والعسكريين الأمريكيين العلنية أصبحت تتحدث صراحة عن فشل حكومته وضرورة تغييرها مما يعني انقلاباً عسكرياً أمريكيا ضده أو اغتياله هرول بدوره إلي طهران في زيارة رسمية أوائل أغسطس الحالي اجتمع خلالها بقمة السلطة في إيران من مرشد الثورة ورئيس الجمهورية وكبار المسئولين، وبدا واضحاً خلالها مدي العلاقة الوثيقة بين طهران وحكومة المالكي الشيعية والزيادة المطردة في حجم التجارة والتعامل بين البلدين. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعلن المالكي أن إيران لها دور إيجابي بناء في العمل علي استقرار العراق. وثار بوش ثورة مضرية وأنذر المالكي خلال خطابه يوم 9 أغسطس الجاري في واشنطن قائلاً إن إيران خطر علي الشرق الأوسط بسبب مساندتها للإرهاب وبرنامجها النووي وتهديدها لإسرائيل، وأنه ما لم يشاركه المالكي في هذه الرؤية فسيكون له معه حديث »من القلب للقلب«. وطبعاً ليس المقصود لغة القلوب التي نفهمها، التي يستحيل أن تخطر علي قلب مجرم الحرب في واشنطن، ولعل الأقرب إلي الصحيح أن يكون المقصود »قلب« حكومة المالكي واستبدال عميل آخر به.

تضطرنا المساحة المحدودة إلي إنهاء المقال بتذكير القارئ أن بوش لا يجرؤ حتي هذه اللحظة علي مهاجمة إيران والمخاطرة بإغلاق خليج هرمز في وجه النفط المتجه إلي الغرب وتعريض إسرائيل لدمار هائل وإشاعة الفوضي الشاملة في المنطقة مهما كان حجم الدمار الذي قد يسببه هجوم أمريكي علي إيران. وسترينا الأيام المقبلة كيف سيرد بوش علي الكارثة الجديدة المتمثلة في تمرد عملائه عليه وكأن القدر يخرج له لسانه مرة أخري.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
هل بدأت واشنطن بفهم العراق؟
أحمد جميل عزم
الغد الاردن
يبدو النقد الأخير الذي وجهه الرئيس الأميركي جورج بوش، وسياسيون أميركيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لرئيس الحكومة العراقية نوري لمالكي، كما لو كان المالكي قد فشل في الاختبار، الذي اختير لأجله، بدلا من سلفه إبراهيم الجعفري، أي تحقيق المصالحة الوطنية العراقية، بعيدا عن السياسات الطائفية. فهل أصبحت واشنطن مدركة للتركيبة الاجتماعية الطائفية العراقية؟، وهل وصلت لدرجة من الفهم تتيح لها وضع أسس الحل في العراق؟ أم أنّ هذا الفهم متأخر وناقص؟ بالمجمل يمكن القول إنّ واشنطن وعلى مدى سنوات أزمتها بالعراق طورت فهم في ثلاث اتجاهات رئيسية، وهو ما يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:

1-الخريطة القبلية: أدركت الإدارة الأميركية خطأ جهلها التركيبة القبلية العراقية، ولعل "اكتشاف" العامل القبلي، أخيرا، هو ما جعل "نيويورك تايمز" تجري تحقيقا يوم الاثنين الماضي كشفت فيه أنّه كان مقررا حتى يوم 6 آيار 2003 إرسال زلماي خليل زادة، مبعوثا إلى العراق، لتنظيم تجمع قبائل على غرار "اللويا جارغا" الأفغانية، وإرسال بول بريمر لمتابعة الشؤون المدنية، ولكن الأخير وعلى مأدبة غداء آنذاك،أقنع بوش أنّه لا يجوز إرسال مبعوثين رئاسيين للعراق، فاكتفى بوش بإرسال بريمر،واستثنى زاد دون مناقشته أو إبلاغه، أو مناقشة وزير الخارجية الأميركي، آنذاك كولين باول.وهذا القرار يعكس حالة الغرور والثقة المفرطة بأنّ ترتيب الشأن العراقي لا يحتاج لجهد كبير، وهو شعور سيطر على أشخاص مثل وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، والحاكم الأميركي للعراق بول بريمر. وبعد أن اتضح عمق المأزق الأميركي، في العراق، بدأ المسؤولون بدراسة التركيبة القبائلية، وأذكر أنّ أنباء نشرت قبل نحو عامين،عن عودة هؤلاء المسؤولين لقراءة دراسة أعدت في عشرينيات القرن الماضي لصالح الانتداب البريطاني،حول الخريطة القبلية، ويبدو أنّه صاحب ذلك البدء بدراسة جديدة، وهذا ما كشفته"واشنطن بوست" يوم الاثنين الماضي، وقالت الصحيفة إنّ دراسة أعدت لصالح وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" منذ14 شهرا بعنوان "دراسة العراق القبلي: محافظة الأنبار"، وقام على الدراسة ضباط متقاعدون في مكافحة الإرهاب وأكاديميون بارزون.

2الخلخلة الطائفية: كثيرون يذكرون الدراسة المشهورة التي أعدتها شاريل بينارد، زوجة زلماي خليل زاد، الباحثة في مؤسسة "راند"، في عام2003، حول "الإسلام الديمقراطي المدني"، وتقدم فيها توصيات لكيفية التعامل مع المسلمين، ولكن قليلون توقفوا عند غياب دراسة البعد الطائفي في تلك الدراسة، فقد تحدثت الباحثة عن المسلمين وقسمتهم بطرق شتى، مثل العلمانيين، والمتشددين، والتقليديين، وتحدث عن الوهابية والصوفية، وعن المذاهب الحنفية والحنبلية، ولكنها أغفلت البعد الطائفي. وربما تكون حرب واشنطن، وسوء إداراتها للمعركة، هي التي أعادت الانقسام الطائفي للسطح، وأججته، إلا أنّ الانقسام موجود، ويبدو غريبا عدم مقدرة المخططين الأميركيين، التنبه للآثار المحتملة للحرب على علاقات الطوائف في العراق والمنطقة، ولا سيّما إذا أخذنا بالاعتبار أنّ مرحلة النظام السابق لم تكن دون توتر طائفي، يضاف لذلك البعد الإيراني في التوازنات الطائفية. والجهل الفادح بالتركيبة الطائفية، كشفها مقال كتبه جيف ستين، محرر الدورية الفصلية المتخصصة في شؤون الكونجرس الأميركي CQ، الذي التقى العام الماضي2006، العديد من المسؤولين الأميركيين يسألهم عن الفرق بين الشيعة والسنة، وقال إنّ أغلبهم "لا يوجد لديه أدنى فكرة"، بما في ذلك مسؤولون في الكونجرس يشرفون على أجهزة الاستخبارات الخارجية، ويشير ستين أنّ فكرة هذه الدراسة جاءت عندما اكتشف عام 2005 أنّ مسؤولي مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفدرالية، الأميركي،(إف بي آي)، لا فكرة لديهم عن الموضوع، بما في ذلك، جاري بالد، الذي كان آنذاك، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب. ومن بين من سألهم ستين، كان ويلي هيلون، رئيس فرع مكتب الأمن الوطني في"إف بي آي"، الذي تظاهر في البداية بمعرفة الفارق بين الطائفتين، والذي أجاب بعد محاولة التملص من الإجابة، أنّ إيران وحزب الله والقاعدة، هم من السنّة، وقال آخرون إنّ الشيعة هم العنصر الأقوى داخل تنظيم "القاعدة"!.

3-الإسلام السلفي الجهادي والوطني: أدرك الأميركيون على ما يبدو مؤخرا، الفرق بين الإسلاميين السلفيين الجهاديين، وبين الإسلاميين الوطنيين، فأدركوا أن تبني فكرا أو شعارا إسلاميّا، لا يتنافى دائما مع الاعتبارات الوطنية، وأنّه بينما هناك إسلاميون مستعدون للتضحية بأنفسهم وببلادهم ولحرقها بالعمليات الانتحارية، من أجل معاركهم مع كل العالم ومع مجتمعاتهم التي يكفرّونها، فإنّ هناك من يستعدون للتجاوب مع عملية سياسية لها أهداف ملموسة واقعية، مثل زوال الاحتلال الأجنبي، وإقامة حكومة وطنية(ربما تكون إسلامية).

في المحصلة يبدو هناك اعتراف أكبر في أوساط المسؤولين الأميركيين، حول الأخطاء التي ارتكبوها أثناء التخطيط لحرب العراق، من خلال إهمال التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، وإهمال فهم البعد الاجتماعي والديمغرافي للحرب، ولكن لا يمكن التفاؤل كثيرا بأنّ هذا الفهم وصل مداه، أو على الأقل أنّه يتم بناء استنتاجات سليمة استنادا له. فرغم أنّ الغضب من المالكي، قد يبدو مفهوما من وجهة النظر الأميركية، من ثلاث زوايا، هي عدم مواجهته النفوذ الإيراني بالعراق، وعدم نجاحه في التعامل مع مليشيات شيعية تمارس العنف الطائفي، سواء بإقناعها أو قمعها.

وعدم قيامه بدور حقيقي في تحقيق المصالحة مع القوى السنيّة الوطنية والقبلية، حيث يشعر الأميركيون أنّهم يحققون نتائج إيجابية عسكريّا في محاربة "القاعدة" وفي استقطاب قوى سنيّة متزايدة، لمحاربة الإرهاب، دون أن تفعل الحكومة الشيء ذاته. رغم ذلك كله لا يبدو هناك آلية أميركية واضحة لجعل العراق يخرج من حالة الاستقطاب الطائفي والقومي، وسيكون من العبث تخيل أنّ أي بديل للمالكي سيقوم بتغيير جوهري في العراق.

وإذا كان أفضل السيناريوهات أن يتم الضغط على القوى المسيطرة في العراق للمصالحة، وأن يتم دفع القادة العراقيين من مختلف الطوائف للجم قوى الإرهاب والعنف الطائفي، والقوى الخارجة عن القانون، والبدء بعملية للقضاء على الطائفية في الوزارات والأجهزة الأمنية، فإنّ أسوأ السيناريوهات، أن يستبدل مسؤولون أميركيون خيارا روّج بعضهم له سابقا، ويقوم على أساس أن الشيعة هم الأغلبية بالعراق، ويجب التحالف معه ضد "القاعدة" والتمرد السني، بخيار ساذج جديد يمكن صياغته في عبارة غير دقيقة جديدة، كتلك العبارات التي حكمت الأداء الأميركي في العراق مثل: التحالف مع قبائل السنّة، ضد المليشيات المتحالفة مع إيران! فيبقون في دائرة الطائفية المدمرة والمغلقة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
حلُّ (الحكومة المركزية) في العراق.. هل يغدو هو (الحل)؟!

جواد البشيتي*

الوطن عمان

مع كل يوم يَنْقُص من الزمن القليل المتبقِّي لإجراء انتخابات الرئاسة الأميركية يزداد ويتَّسِع الانفصال في المصالح بين الرئيس بوش وكبار المتورِّطين معه (والمورِّطين له) في حرب العراق وبين حزبه (الحزب الجمهوري) وكبار الطامحين إلى الفوز بترشيح الحزب لهم لتلك الانتخابات، والذين، في يأس متزايد، ينتظرون أوَّلا أن تنجح إدارة الرئيس بوش الجمهورية في أن تُحقِّق، قبل بدء واحتدام المعركة الانتخابية، إنجازا يُعتدُّ به، ويمكن أن يُتَرْجَم سريعا بتغيير في ميزان القوى الانتخابي لمصلحة الجمهوريين ومرشَّحهم الرئاسي، فرياح الحرب في العراق ما زالت حتى الآن تجري بما تشتهي سفينة الحزب الديمقراطي، وتُكْسِبه قوَّة شعبية وانتخابية وسياسية يبدو عاجزا عن الحصول عليها بقواه الذاتية فحسب.
الرئيس بوش مع بقايا فريقه الحاكم لا يملك الآن، وليس في مقدوره أن يملك من الآن وصاعدا، في ما يخصُّ أزمته وأزمة إدارته وحزبه وبلاده في العراق، من سياسة إلا تلك التي تجتمع فيها المكابرة مع الحسابات الشخصية والفئوية الضيِّقة، فليس من ولاية رئاسية ثالثة يمكن أن تُوْجِد له من المصالح ما يَحْمِله على أن يجنح لبرغماتية، أو واقعية، أو عقلانية، يمكنها أن تؤسِّس لسياسة جديدة، جيدة بحسب المعيار الانتخابي.
ومع ذلك لا يستطيع الرئيس بوش مع بقايا فريقه الحاكم تجاهل المصلحة الانتخابية لحزبه التي تقضي بأن يفعل شيئا، في ما بقي من وقت، يمكن أن يُغيِّر في ميزان القوى الانتخابي لمصلحة الجمهوريين، وكأنَّ الأمر الذي يحضُّونه عليه هو "الاستثمار القصير الأجل والجزيل الربح"، فما بقي لديه من قوَّة يمكن ويجب، بحسب دعوة الجمهوريين لرئيسهم، أن يسرع في توظيفه في العراق أوَّلا، وعلى وجه الخصوص، وما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإذا تأكَّد وثَبت عجزه عن جَعْل العراق موضعا لاستثمار كهذا فإنَّ عليه أن يَجِد موضعا آخر؛ ولكن من غير إبطاء.
القضية المثيرة للجدل والخلاف والانقسام في داخل الولايات المتحدة، بين المواطنين والناخبين، بين الجمهوريين والديمقراطيين، بين الجمهوريين أنفسهم، وبين الديمقراطيين أنفسهم، إنَّما هي، على ما تَظْهَر لنا، أو على ما يُظْهِرونها لنا، "قضية الانسحاب"، بأبعادها وجوانبها المختلفة، فثمة من يدعو إلى انسحاب تام وعاجل، وثمة من يدعو إلى انسحاب جزئي، أو على مراحل، وثمة من يدعو إلى وضع برنامج زمني للانسحاب، وثمة من يعترض ويعارض، وثمة من يدعو إلى انسحاب ينتهي إلى احتفاظ الولايات المتحدة بوجود عسكري استراتيجي بعيد الأجل في العراق على غرار وجودها في اليابان، أو كوريا الجنوبية، أو ألمانيا.
ولكن الحقيقة الأساسية والجوهرية الكامنة في تلك القضية، وفي ما تثيره من جدل وخلاف وانقسام، والتي يحاولون منع ظهورها أو إظهارها، وجَعْلِها بعيدة عن الأبصار والبصائر، إنَّما هي "الخسائر" العظيمة والمتعاظِمة التي تُمنى بها الولايات المتحدة في العراق، أو بسبب غزوها واحتلالها له، فلولا خسائرها التي تَنْفُد قدرتها على احتمالها لَمَا ظَهَرت تلك القضية، ولَمَا أثارت، لو ظَهَرَت، ما أثارته وتثيره من جدل وخلاف وانقسام.
هنا، وهنا فحسب، يكمن التحدِّي الأوَّل والأعظم الذي ينبغي لإدارة الرئيس بوش أن تواجهه، وأن تعرف كيف تواجه. وهنا، وهنا فحسب، يكمن مأزقها الكبير. إنَّ السؤال الكبير الذي يتوفَّر الرئيس بوش مع بقايا فريقه الحاكم على إجابته إجابة عملية مُقْنِعة، والذي يُظْهِره في استمرار على أنَّه أعجز من أن ينجح في ذلك، هو الآتي: كيف يمكن أن تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري استراتيجي طويل الأجل في العراق على أن تغدو الخسائر الأميركية قليلة ويمكن احتمالها، والأرباح الأميركية (النفطية والاقتصادية والسياسية والاستراتيجية) كبيرة، ويمكنها بالتالي أن تجتذب إلى "سياسة البقاء" تأييدا شعبيا؟ إذا كان "البقاء (العسكري الاستراتيجي طويل الأجل)" هو الغاية التي تكمن فيها مصلحة حيوية للولايات المتحدة فإنَّ إدارة الرئيس بوش نجحت في أن تخوض الصراع في العراق في طريقة أفْقَدَت الولايات المتحدة كل ما كان لديها، أو كل ما كان يمكن أن يكون بين يديها، من وسائل لبلوغ تلك الغاية. حتى الوقت المتبقي ما عاد كافيا، وما عاد يسمح بالتالي إلا لخيارات سياسية ـ استراتيجية يرتفع فيها منسوب التهوُّر والمغامرة..
في سبيل تحويلها العراق إلى ما يشبه اليابان، أو كوريا الجنوبية، أو ألمانيا، لجهة الوجود الاستراتيجي الأميركي فيه، اتَّبَعت إدارة الرئيس بوش سياسة "فَرِّق تَسُد"، معتقدةً، أو متوهِّمةً، أنَّ "العراق المركزي الفيدرالي" يمكن أن ينجو من عواقب تلك السياسة. لقد تصوَّرت "الأقاليم الثلاثة" التي بها وفيها يَظْهَر ويتأكَّد ويترسَّخ الانقسام العرقي (أو القومي) والطائفي (أو المذهبي) مع "الدولة المركزية الفيدرالية" التي تنبثق منها على أنها الطريق إلى هيمنتها على ذلك البلد هيمنة استراتيجية طويلة الأجل لا تلقى مقاومة تُذْكَر.
هنا وقع الفشل الأكبر، وكانت العاقبة الكبرى هي هذا الخليط الرهيب من "المقاومة" و"الإرهاب" و"الحرب (أو الحروب) الأهلية"، فهل من بديل يُمْكِنه أن يُنْقِذ ما يمكن إنقاذه من "سياسة البقاء" مع أهدافها الأساسية؟ لَمْ يبقَ من بديل سوى الذي ترتضيه سياسة فَقَدَت كل ما يجعلها منتمية إلى السياسة بوصفها بنت العِلْم والفن.
وهذا "البديل" إنَّما هو "بديلان" أحلاهما مرُّ، ويشتركان في أمر جَعْل الانقسام العراقي الذي غذَّته الولايات المتحدة وأظْهَرته وعمَّقته ووسَّعته وأنشأت له ما يحتاج إليه من تشريعات ومؤسسات وأحزاب وقيادات وميليشيات..
ويقوم هذا البديل، أو البديلان، على تقويض ما بقي حتى الآن في الحفظ والصون من مقوِّمات وأسس "الحكم المركزي الفيدرالي"، وكأنَّ القضاء على البقية الباقية من "الدولة العراقية" هو مهمة الساعة التي يُعْمَل من أجلها في السر والعلن.
أمَّا ما بعد ذلك فهو ما يجعل البديل بديلين، فبعد القضاء على "الدولة" يمكن أن يتحوَّل الانقسام والتقسيم إلى دُوَلٍ لن تقل عن ثلاث، أو يمكن أن نرى امتزاجا بين "التقسيم العراقي" و"التقاسم الإقليمي"، فشمال العراق الكردي يمكن على سبيل المثال أن ينفصل نهائيا عن العراق ليصبح جزءاً من تركيا التي في هذه الحال يمكن أن تمنح أكرادها وأكراد العراق معاً حكما ذاتيا مع احتفاظها بالسيطرة على نفط كركوك. وفي هذه المنطقة التي يُفْتَرَض أن تكون آمنة مستقرة بعد ذلك، وبفضل ذلك، يمكن أن تركِّز الولايات المتحدة جزءا كبيرا من وجودها العسكري الاستراتيجي، فالاحتفاظ بالسيطرة على جزء، أو أجزاء، أفضل كثيرا من التفريط في السيطرة على الكل. أمَّا الجنوب الشيعي فمصيره النهائي لن يرى في وضوح إلا بعد، وفي ضوء، النهاية التي سيصل إليها النزاع بين الولايات المتحدة وإيران.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
دولارات ودماء.. بين بوش والكونجرس
افتتاحية
الجمهورية مصر
طلب الرئيس الأمريكي بوش من الكونجرس اعتماد 50 مليار دولار أخري لتغطية نفقات الحرب في العراق. إضافة إلي 120 مليار دولار كان قد طلبها في مايو الماضي للغرض نفسه.
تتصادم مطالبات البيت الأبيض بمزيد من دولارات الحرب. مع مطالبات أغلبية الكونجرس بانسحاب القوات الأمريكية من المستنقع العراقي وتحديد جدول زمني لذلك.
المتوقع أن يتمسك بوش بالحصول علي المال المطلوب الذي يترجمه إلي دماء تنزف من الأمريكيين الذين قادهم للحرب الظالمة. والعراقيين الذين شاء حظهم العاثر أو قدرهم أن يعيشوا. أو يموتوا. فوق كنز من النفط يسيل له لعاب الغرب كله.
فهل تتراجع أغلبية الكونجرس عن مطلب الانسحاب أم تمضي في صدام محتوم مع بوش إلي آخر الشوط؟!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
بورتريه (المثقفوقراطي)العراقي وثقافة التسامح!
هيفاء زنكنة

اخبار العرب الامارات
تناقلت وكالات الانباء ان ستة مدنيين قتلوا واصيب خمسة اَخرون يوم الثلاثاء 21 اب /أغسطس اثر تعرضهم لاطلاق نار من قبل قوات الاحتلال الأمريكية التي حاولت ’’تفريق تظاهرة للاهالي تطالب بتحسين الخدمات والوضع الامني المتردي في قضاء الخالص شمالي بعقوبة. ولم يصدر عن الجانب الأمريكي أي توضيحات في هذا الشأن. ’’ ولمن يسأل عن توضيح ’’الجانب العراقي’’ فان الجواب واضح: انه بانتظار ان يصدر المحتل الأمريكي توضيحه ليبصم عليه، كما لم يسأل أحد من حكومة ’’المصالحة الوطنية’’ لماذا قتل المتظاهرون المسالمون وهم يمارسون حقا من حقوقهم ’’الديمقراطية’’؟ وتعيد هذه الجريمة البشعة الى الاذهان تفاصيل الجريمة التي دفعت اهل الفلوجة الى الثورة في نيسان/ابريل 2003، حيث تظاهر عدد من الاهالي امام مدرسة ابتدائية ليطالبوا قوات الاحتلال باخلاء المدرسة لكي يعود اطفالهم الى مقاعد الدراسة فكانت نتيجة المطالبة السلمية مجزرة استشهد فيها 17 مواطنا. وليست حوادث اطلاق النار على المتظاهرين في الخالص والفلوجة غير مثالين بسيطين على كيفية تعامل قوات الاحتلال بالعنف والارهاب القاتل مع المواطنين الذين يحاولون الاحتجاج او المطالبة بحق من حقوقهم بالوسائل السلمية. مما ينقلنا الى بدعة مفهومي الارهاب وثقافة العنف التي يتم ترويجها في صفوفنا من قبل بعض المثقفين باعتبار ان كل من يقاوم الاحتلال بأسلوب الكفاح المسلح هو ارهابي، مسؤول عن قتل المواطنين الابرياء ويحمل في داخله جذور القسوة وثقافة العنف وان كل من ساهم في غزو العراق ويساهم في بناء هيمنة الاحتلال السياسية والاقتصادية وتقييد المواطنين بسلاسل المعاهدات والعقود الاستغلالية البعيدة المدي وساهم حتى الان بشكل او اخر بقتل مليون مواطن هو وطني يحمل في داخله حب السلام والديمقراطية ومقاومة الاحتلال بالطرق السلمية. ولنتوقف قليلا عند تهمة ثقافة العنف التي اضيفت الى التهم المنهمرة على رأس المواطن العراقي مثل القنابل والصواريخ التي يصبها عليه طيران الاحتلال. فقبل قتل المتظاهرين المحتجين سلميا برصاص قوات الاحتلال بأيام نقلت احدي القنوات الفضائية ندوة تحدث فيها الخارجية لتخليص العراقي من عنفه وقسوته وشراسته التي تجلب الخراب على نفسه وعلى الاخرين. الخلل اذن فيما يصيب العراق الان هو العراقي نفسه وكما يبدو من مسار الاحداث ان الحل الوحيد هو في التخلص من العراقيين أنفسهم. وبينما يحلل المثقف قراط كل خلية في جسد المواطن العراقي المبتلي تأكيدا لوجود جينات أحد المثقفي قراط، أي من يعرضون خدماتهم كمثقفين لمن بيده السلطة والنفوذ في أي وقت كان، عن الوضع الامني والسياسي المتردي في العراق بلباقة موضحا في النهاية بان السبب وراء ما يجري هو ثقافة العنف المتوارثة في المجتمع العراقي، كما نشر احد الشعراء المتمايلين يمينا ويسارا موضوعا بين فيه ان ثقافة العنف مترسخة في دواخل العراقيين منذ العهود القديمة، وأدلى مثقف قراط اَخر، في حزيران/يونيو السابق بتفسيره معترضا بان ثقافة العنف والكراهية المستأصلة في ذات العراقي محيرة حقا وان كان لديه ما يثبت بان اصولها السيكولوجية تعود الى الثقافة العربية الاسلامية تحديدا وهي التي ’’أشاعت العنف وجعلته الوسيلة الوحيدة لحل النزاعات ولإجبار الخصوم على الطاعة والخضوع. وهذه خاصية سيكولوجية في العنف، أنها تغلق كل نوافذ التفكير وتحشد كل قوي الحقد والعدوان باتجاه الانتقام. ’’ وقد خلص المثقفوقراط الثلاثة ضمنيا الى ان ’’ثقافة العنف المتجذرة’’ في داخل العراقيين تمنعهم من رؤية محاسن ’’الديمقراطية والسلام وثقافة التسامح’’ وتدفعهم الى التخريب المتعمد للبناء الحضاري فضلا عن ممارستهم الارهاب. هذه الامثلة ليست فريدة من نوعها، فقد بدأت عملية تهميش المواطن العراقي ووصفه بالقسوة والعنف والتخلف قبل غزو العراق بسنوات طويلة وبموازاة استئجار صوت المثقف قراط لينطق باسم سيده في تسويق المشروع الأمريكي للاحتلال والهيمنة الاقتصادية والثقافية. فوجود المثقف قراط ضروري جديدا لنجاح المشروع الأمريكي للهيمنة الثقافية وهي الاخطر من الهيمنة العسكرية المباشرة لما قد يترتب عليها من نتائج بعيدة المدي. واذا ما اردنا رسم بورتريه المثقف قراط العراقي فعلينا ان نبدأ منذ البداية. فهو من يحدثنا في كتاباته ولقاءاته الاعلامية التي غالبا ما تجري بعد ان ينتهي من كتابة رسالة موجهة الى الرئيس الأمريكي جورج بوش ، كما بتاريخ حزيران/يونيو 2004 تعبيرا عن شعوره بالامتنان ’’لتحرير العراق’’ وتثمينا لجهد القوات الأمريكية ’’المستشهدة’’ على ارض العراق، عن عمله الهادف الى ’’نشر ثقافة السلم والديمقراطية ومواجهة ثقافة الارهاب والتعصب الطائفي والعنصري والتطرف بأشكاله’’، ثم يتدرج في حديثه المنمق السلس الى وصف اعراض ثقافة العنف السائدة في العراق والمتجذرة في تاريخه ويستطرد اكثر فيصبح العنف سمة مركبة في جينات العراقي مما يستدعي بالضرورة الاستعانة بالقوى العنف والقسوة يتعامى عن رؤية قوات الاحتلال الجالسة في بيته وعلي صدره، الخانقة لانفاسه، القاتلة لابنائه والمشردة لعوائله، الناهبة لثرواته، فلا يراها وقد بلغ عددها ما يقارب النصف مليون عسكري ومرتزق ومتعاقد وحارس منشاَت. ما يختار ان يراه المثقف قراط من موقع المستخدم هو انهم بناة ’’الديمقراطية وثقافة السلام والتسامح’’ بينما يختار ان يري ابناء جلدته المدافعين عن كرامتهم ووطنهم كإرهابيين حاملين لثقافة العنف والقسوة. ومن بين الامثلة الصارخة على مواقف المثقف قراط من ابناء الشعب العراقي هو خطاب أحد ’’الرفاق’’ الموظف في وزارات الاحتلال المتعاقبة، في شهر حزيران من العام الحالي والذي تحدث فيه عن كارثة الاحتلال والجرائم والانتهاكات الواضحة وضوح الشمس بعتب ناعم رقيق مختزلا احتجاجه على ’’الطريقة التي تم بها القضاء على النظام السابق’’، بينما تحدث عن شخصية الفرد العراقي المتميزة الان ولاسباب عديدة ’’بتكريس نزعات التطرف والتعصب وثقافة العنف’’، متناسيا بانه هو وليس المواطن العراقي من اختار العمل ضمن منظومة الاحتلال بمحاصصاتها الطائفية والعرقية، متجاهلا بان ردود افعال الناس على جرائم الاحتلال أمر طبيعي وان الاحتلال لم يضع ولو للحظة واحدة مصلحة الشعب العراقي نصب عينيه. ويعتقد المثقف قراط ان أحد اسباب انتشار جرائم القتل والانتهاكات المستهدفة للعراقيين بشكل عام وللاكاديميين والصحافيين والمثقفين بشكل خاص هو ’’تراجع احترام الرأي الاَخر وعدم التزام مبادئ الحوار والتسامح، وصعود ثقافة الكراهية والتعصب والطائفية والعنف’’. والحل الوحيد هو ’’المصالحة الوطنية’’ في ظل حكومة المالكي وهو حل لم يعد بحاجة الى النقاش حتى مع اكثر الناس جهلا وسذاجة. وكأن المثقفي قراط في حالة سباق لتبرئة ساحة المحتل من مسؤولية جرائمه ورميها على كاهل المواطن المثقل بالاَلام والنكبات، فها هو مثقف قراط اَخر يكتب لصحيفة الصباح الرسمية مزيفا صورة ما يجري حولنا ليترك القارئ ازاء صورة مبهمة، غامضة المعالم، حيث يقول ’’تهيأ العراقيون بسقوط النظام السابق لاستقبال الثقافة الديمقراطية بديلا عن ثقافة العنف التي عمت جميع اوجه الحياة والمشهد الثقافي العراقي، ولكن ظروف ما بعد الحرب تحالفت مع اعداء العراقيين وديمقراطيتهم المنشودة، لديمومة ثقافة العنف في العراق في عهده الجديد’’، واقصى ما نفهمه من التصريح هو ان المثقف قراط كان حذرا من اغضاب رؤسائه الى حد دفعه الى استبدال مفردة الاحتلال، وهي المفردة القانونية حسب الا· المتحدة، ب’’ظروف ما بعد الحرب’’. ان ما يمر به الشعب العراقي من ماَس ونكبات على قسوتها مماثلة لما مرت به شعوب عديدة اخرى وخاصة في فترات محاربة الاستعمار والتحرر الوطني. فنضال الشعب الجزائري لم يكن خاليا من الماَسي وكذلك الشعب الفيتنامي ولا يزال الشعب الفلسطيني يعيش في كل لحظة من لحظات النضال ضد العدو الصهيوني قصص المعاناة والتفرقة وسياسة خلق الجبهات المختلفة. ان أحدى يدي المستعمر مليئة بالنقود والمناصب لاغواء الضعفاء والثانية بأسلحة الارهاب وخلق الفتنة والاقتتال الداخلي وهي اسلحة تخطئ احيانا وتصيب في احيان أخرى حسب قوة الشعب وحرصه على استقلاله وسيادته ووحدته الوطنية بمواجهة اسلحة المحتل المتعددة المستويات ومن بينها سلاح استخدام المثقف قراط المغلف بالحرص على بناء ’’الديمقراطية والسلام’’ ووصف مقاومي الاحتلال بانهم: ’’يتمسكون بالسلاح والعنف والارهاب وسائل حصرية للوصول الى اهدافهم السياسية! ’’، تكريسا للنظرية الاستعمارية القديمة المستندة الى القاء اللوم على الضحية بدلا من الجلاد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
بوش والمالكي ومماحكة (الحبايب
عبدالزهرة الركابي
القبس الكويت
لم يكد نوري المالكي، رئيس حكومة ضاحية الاحتلال العراقية، يهضم تهديد الرئيس الأميركي بوش بدفع الثمن غاليا عندما كان في طهران، تعسر لديه هضم التهديد اللاحق من الرئيس نفسه عندما صرح بأن أمر إقصاء المالكي، الذي كان هذه المرة في زيارة لدمشق، منوط بالعراقيين، ولم ينس بوش في الوقت نفسه الإبداء عن خيبة أمله في سياسة المالكي، الأمر الذي دفع الأخير الى احتساء 'حليب السباع' وتوجيه انتقادات صريحة ومقابلة للرئيس الأميركي الذي خرج عن حدود اللياقة والأعراف الدبلوماسية وفق ماورد في تصريح المالكي في المؤتمر الصحفي الذي عقده في دمشق بمعية رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري. اللافت ان بوش حاول استدراك تهديداته للمالكي بناء على نصيحة من مساعديه حيث عاد الى الإشادة بالمالكي واصفا إياه بالشخص الجيد الذي يقوم بعمل صعب!
الواضح ان المالكي في زيارته لدول الجوار الثلاث تركيا وإيران وسوريا، كان يسعى للالتفاف على الوضع الخانق الذي بات عليه، من جراء الخلافات المحتدمة بين صفوف الجماعات المنضوية في العملية السياسية، حيث رأينا انسحاب وزراء جبهة التوافق السنية من حكومته، كما ان وزراء قائمة 'العراقية' التي يتزعمها أياد علاوي علقوا عضويتهم من دون الانسحاب منها، ناهيك عن حالة العداء التي استشرت بين المالكي والتيار الصدري، بعدما تنكر الأول للأخير الذي كان له القسط الأكبر في وصوله لمنصبه هذا، يضاف الى ذلك الانشقاقات التي طالت قائمة الائتلاف الشيعية والتي تعتكز عليها حكومة المالكي مثلما هو معروف.
وعلى هذا الواقع، ظل المراقبون للشأن العراقي يلحظون شقة التباعد تتضاعف يوما بعد آخر بين المالكي والإدارة الأميركية على الرغم من المكابرة الأميركية في محاولاتها الرامية الى إخفاء ذلك من خلال كيل المديح من هذه الإدارة للمالكي وحكومته، ولكن حتى هذه المحاولات أخفقت في مراميها بعدما أصبح الطافي على السطح السياسي مرئيا وضاجا في فوضاه وانعكاساته وتشظياته، خصوصا ان الأميركيين راحوا يتحركون بمعزل عن المالكي في حملاتهم الأمنية والسياسية، فعلى الصعيد السياسي تقرب الأميركيون من العشائر السنية وبعض الجماعات المسلحة التي كانت تقاتل الأميركيين، وفي هذا الجانب استاء المالكي، واعتبر مثل هذا التقرب محاولة من الأميركيين لإضافة كم آخر من الميليشيات التي طالما ألحت أميركا على المالكي من أجل محاربتها والقضاء عليها، وقد انصاع المالكي لهذه المطالبات الأميركية من خلال ابتعاده عن التيار الصدري بميليشياه المعروفة (جيش المهدي)، ومن المؤكد ان هذا الابتعاد سيكلف المالكي ثمنا غاليا على صعيد قائمة الائتلاف، وبعد التهديد الأميركي الأخير للمالكي أصبح واضحا ان هذا الأخير سوف يدفع أثمانا وليس ثمنا واحدا بما في ذلك الثمن الذي سيدفعه داخل حزبه (حزب الدعوة) من جراء إقصاء موقع ابراهيم الجعفري في زعامة الحزب، ومن المؤكد ان الأخير لن ينسى هذا الأمر للمالكي.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الشارع المصري وابوالغيط
علي فهد العجمي
الوطن الكويت
التصريحات التي ادلى بها ابو الغيط ونشرت في الجرائد الكويتية وغيرها وبخاصة في جريدة «الوطن» الصادرة يوم الأحد الموافق 2007/8/26 وما صرح به ابوالغيط يصب في نقد الحكومة الكويتية حول بعض الممارسات التي تتم مع بعض الاخوة المصريين المقيمين في الكويت والذين أخطأوا وتجاوزوا النظم والقوانين المتبعة في الدولة التي آوتهم وعاملتهم معاملة كمعاملة مواطنيها.
وقد جاء في تصريحه ان الشارع المصري يغلي من سوء الممارسات التي تنهجها حكومة الكويت انهم فئة خرجت على النظام والقانون وبعضهم مارس الشذوذ مع ابناء جلدته.
ياسيد أبوالغيط اسعد الله أوقاتك دائما ان شئت وقبل ان تنتقد الآخرين انتقد ممارسات وزارة الداخلية في مصر مع كثير من السياسيين والمعتقلين وما اكثرهم ولعل آخر هذه الاعتقالات زعماء حزب الأخوان المسلمين، وهناك من يموتون من جراء انهيار العمارات السكنية وهناك من يعانون من قسوة الظروف المعيشية في القاهرة وغيرها من المدن والقرى وأود أن أذكر ابوالغيط وغيره بان اخواننا المصريين والمقمين على أرض الكويت الطيبة يتمتعون بكافة حقوقهم إلا الخارجين على القانون سواء كانوا مصريين أو غيرهم إن الجالية المصرية في الكويت هي أكثر عدداً ونكن لهم محبة وتقديرا ولو أنهم لم يجدوا هذه المعاملة لغادروا إلى بلادهم، وان تصريحاتك يا أبا الغيط غير موفقة ولا أعرف ما الهدف منها.
نحن ككويتيين لا ننكر المعروف فلقد كنا في حقبة من الزمن طلابا لدى اساتذة مصر ومدرسيها ولقد تخرج كثير من الرعيل الأول الكويتي على أيدي هؤلاء وأود ان اذكرك ببلد ينعم بالديموقراطية وليس لدينا بوليس قمعي ولا زوار الفجر.
وتذكر جيداً يا أبا الغيط الخمسة آلاف الذين طردتهم قطر وحتى أن مصر قد طلبت واسطة من السعودية لإعادتهم وفعلاً تحت الواسطة اعيدوا إلى قطر ونحن في الكويت ليس لنا مثل هذا الطبع.
وأود أن اذكرك بالخمسة الاف جثة مصرية التي ارسلها المقبور صدام للقاهرة ولم تحرك القاهرة ساكناً ولم توجه نقدا لصدام المقبور.
اقسم بالله العظيم انك لا تعرف الحقيقة عن أحوال المصريين في الكويت أو غيرها وكم كان جميلا رد الشيخ الدكتور محمد الصباح على تصريحاتك ولو ارادت وزارة الداخلية الكويتية التصيد في المياه العكرة لبثت التحقيقات مع المصريين المتهمين بالتزوير على شاشة التلفاز حتى يعرف الشعب المصري حقيقة هؤلاء امثال وحش حولي وغيره وأود أن أذكر ابوالغيط بأن الكثير من الكويتيين يعشقون مصر وأهلها ومع ذلك يتعرض عدد منهم للاساءة فنرى أن أملاكهم تتعرض احيانا للنهب والسرقة.
حكومتنا من الحكومات المتواضعة ودائما تحاول طمطمة مثل هذه الأمور.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
جريمة العصر بلا عقوبة
افتتاخية
الشرق قطر
لم يكن إفلات العقيد ستيفن جوردان من العقوبة في جرائم أبو غريب أمرا مفاجئا بعد تقلص عدد المتهمين بشكل مثير والإبقاء عليه وحده، فالغريب هو بقاؤه المتهم الوحيد وبالتالي كان تحميل كل تلك الجرائم لفرد واحد أمرا غير معقول مما قاد إلى الاستنتاج أنه لن يعاقب.

هذا الحكم سيعطي رسالة واضحة للجنود الأمريكيين أنهم بمنأى عن العقوبة إن هم ارتكبوا جرائم، يسميها البيت الأبيض والصحف الأمريكية تجاوزات أو إساءة معاملة، مما يفتح المجال للمزيد منها سواء في العراق أو أفغانستان.

أي أن الولايات المتحدة تطلق تصريحات وتعمل عكسها، فالخارجية الأمريكية أطلقت من قبل حملة لتحسين صورتها وخصصت لها ميزانية هزيلة جدا، لينتهي بها الأمر إلى النسيان، لكن ما يبقى هو الممارسات على الأرض.

بعد الآن ليس واضحا ما سيقوله المسؤولون الأمريكيون للعراقيين الذين يرون جلاديهم ينجون بجرائمهم وفي إطار القانون، كما أنه ليس واضحا بعد الآن أن تقدم أمريكا نفسها راعية لحقوق الإنسان فتتهم دولا بانتهاك هذه الحقوق وتدعو لمعاقبتها، إذا كانت هي لم تعاقب جنودها الذين ارتكبوا جرائم مروعة في العراق.

وبعد إخلاء سبيل العقيد جوردان، من أين للعراقيين أن يثقوا في أمريكا للحصول على حقوقهم؟ ففي هذه الحالة تتسبب أمريكا بنفسها في فقدان قلوب وعقول العراقيين، ولن تجد وسيلة واحدة تكسب بها تعاطفهم.
التصريحات وحدها لا تكفي، وعرض الأرقام دون واقع على الأرض لن يحقق الانتصار، فما يجري في العراق يكشف أن واقع العراقيين شيء وما تمارسه أمريكا شيئا آخر، فهي وعدت العراقيين بالحرية والديمقراطية والأمن والرفاهية، لكنهم ما وجدوا من ذلك شيئا، كما أن قيادتها العسكرية تتحدث عن عمليات كثيرة وتعرض إنجازاتها بتقديم إحصاءات عمن تقتلهم أو تأسرهم، لكن الواقع يشهد استمرار المواجهات، وإذا كان الوضع يتحسن كما لا يفتأ الرئيس الأمريكي جورج بوش أن يعلن في كل مناسبة، فلماذا يطلب من الكونجرس ميزانية إضافية بخمسين مليار دولار؟ وبعبارة أوضح أين ستصرف هذه المليارات إذا لم تكن للمجهود الحربي الذي لم يحقق شيئا، وماذا يقول الرئيس بوش للأمريكيين عندما يصور لهم تحسن الوضع في العراق وفي الوقت نفسه يدعوهم لتمويل مجهوده العسكري؟

هذا يكشف أن البيت الأبيض مصمم على المضي قدما في الحل العسكري الذي لم يحقق شيئا منذ 19 مارس 2003، بل أن الجيش الأمريكي يغوص في وحل العراق يوما بعد آخر، فلا هو ينتصر ولا هو يقدم صورة أخلاقية نظيفة.

إذا كان البيت الأبيض يتصرف بهذه الطريقة، فبأي أسلحة يخوض معركة الأفكار؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
اعتقال رغد .. وحجة البليد في العراق

السيد عبدالرءوف
الجمهورية مصر
أصبحت حكومة المالكي في العراق وإدارة بوش في الولايات المتحدة تبحثان عن شماعة تعلقان عليها فشلهما أما المالكي فقد فشلت حكومته في إدارة العملية السياسية في العراق. وتبدو السياسات التي تتبعها من فرط فشلها وكأنها تمهد لعملية تقسيم العراق بعد ان صار انشقاق الاكراد حقيقة متمثلة في كردستان في الشمال.
وبجانب عدم رضا الشعب العراقي.. أو علي الأقل طوائف عدة منه علي سياسة المالكي وحكومته فإن هذه الحكومة تتعرض لانتقادات حادة بل لمطالبات باسقاطه من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا مما حدا بالمالكي ذاته لمهاجمة الحكومتين الامريكية والفرنسية والتلويح بالبحث عن اصدقاء آخرين ومن الطبيعي ان تبرز روسيا والصين باعتبارهما أهم صديقين بديلين.
***
وأما إدارة الرئيس جورج بوش فقد فشلت في العراق فشلا ذريعا فلا هي استطاعت ان تحقق الامن والاستقرار رغم وجود 15 الف جندي امريكي في العراق ورغم وجود قواعد عسكرية أمريكية في كل دول الجوار العربية منها علي الأقل .. ولا هي استطاعت ان تقضي علي عناصر المقاومة ولا ان تميز بين العناصر التي تستهدف قواتها وبين العناصر التي توجه ضرباتها وتفجيراتها بشكل يبدو عشوائيا لكنه يؤدي في النهاية الي زعزعة الاستقرار في العراق والي بث روح الهزيمة بين الجنود الامريكيين مما دعا فئات كثيرة في الولايات المتحدة لمهاجمة الادارة الامريكية واتهامها بالفشل ومطالبتها بالانسحاب من العراق ولعل الاسباب الرئيسية لاصرار الادارة الامريكية علي بقاء قواتها في العراق هي:
** العناد الشخصي للرئيس الامريكي جورج بوش الذي يسمي نفسه رئيس زمن الحرب فقد قاد بلاده لحرب غير مدروسة وغير محسوبة ومن المعلوم أن أي رئيس أو أي قائد يمكن ان يعرف متي وكيف يبدأ حربا.. ولكنه لايستطيع ان يعرف بالضرورة متي وكيف يمكن ان ينهيها.. وهذا هو بالضبط ماحدث في العراق فقد بدأت الادارة الأمريكية الحرب في العراق ولكنها عاجزة حتي الان عن انهائها فلا هي حققت انتصارا ظاهرا ولا هي قادرة علي الخروج المشرف من العراق.
** السبب الثاني هو ان لدي الادارة الامريكية اجندة وخطة للسيطرة أو الهيمنة علي العالم انطلاقا من منطقة الشرق الاوسط بامكاناتها النفطية وموقعها الاستراتيجي وبعدها التاريخي ووجود ربيبتها اسرائيل فيها وتطابق المصالح بين الادارة الامريكية في الماضي والحاضر والمستقبل مع المصالح الاسرائيلية.
** السبب الثالث هو محاولة الحفاظ علي هيبة الامبراطورية الامريكية التي تمرغت في تراب العراق علي ايدي جماعات اقل عددا وامكانات وتدريبا عن القوات الامريكية.. والشعور بأن الفشل في العراق يحبط الاجندة الامريكية في مجملها ويعطي دول الجوار العربية وغير العربية اسبابا قوية لتحدي الهيمنة الامريكية ويفتح الابواب علي مصاريعها لعودة روسيا بقوة الي المنطقة بعد كل المحاولات التي بذلت لابعادها وحلول الولايات محلها بالكامل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
حجة البليد
فشلت حكومة المالكي اذن في حكم العراق وفي توحيد طوائفه المتنازعه وفي توفير الاستقرار اللازم لتنفيذ خطة اعادة الاعمار وفشلت الادارة الامريكية في "دمقرطة" العراق وجعلها نموذجا لدول المنطقة وفشلت في اتخاذها منطلقا لارهاب قوي المعارضة للهيمنة الامريكية في المنطقة وفشلت في اتخاذها قاعدة لتهديد ايران بسبب منا وأتها لامريكا وبسبب مشروعها النووي ولم تجد الادارة بدا من التفاوض مع ايران بشأن الاوضاع في العراق. وعلي طريقة "حجة البليد" بحثت الحكومة العراقية والادارة الامريكية عن مشجب "شماعة" يعلقان عليها فشلهما أو جزءا من فشلهما فبعد قتل ابني صدام حسين "قصي وعدي ومصطفي ابن قصي" وبعد القبض علي صدام ومحاكمته واعدامه بصورة تمثل رسالة ارهابية لكل الحكام العرب استدارت الحكومة العراقية والادارة الامريكية الي من تبقي من أسرة صدام باعتبارهم مصدر تهديد ومنطلقاً تحريضياً للمقاومة العراقية.
***
تنفيذا لخطة البحث عن مشجب يعلق عليه فشل الحكومة العراقية والادارة الامريكية او كبش فداء تتم التضحية به قام موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي في صيف عام 2006 بطرح لائحة تضم اسماء 41 شخصية عراقية اعتبرهم مسئولين عن التفجيرات التي تهز العراق وطالب دول الجوار بالقبض عليهم وتسليمهم للحكومة العراقية.. ومؤخرا وضع اسم رغد صدام حسين "ابنة صدام حسين الكبري وعمرها 38 عاما" علي لائحة المطلوبين للشرطة الدولية "الانتربول" وأكدت المحكمة الجنائية العليا العراقية المختصة بمحاكمة رموز النظام العراقي السابق ان مذكرة اعتقال رغد تستند الي معلومات ووثائق.
***
الحكومة الاردنية التي منحت رغد وافراد أسرتها حق اللجوء السياسي منذ عام 2003 اعتبرت ان مذكرة الاعتقال التي تلقتها من الشرطة الدولية "الانتربول" هي مجرد تنبيه.. وان البت فيها غير مطروح الآن في ظل الدوافع الانسانية والاجراءات القانونية الدولية والعربية التي تحكم مثل هذه الحالات ومن ناحية اخري فإن القانون الدولي لايلزم الحكومة الاردنية بتلبية طلب الانتربول أو الحكومة العراقية.
***
وكان فريق من الانتربول قد سافر الي العراق للاطلاع علي المعلومات التي تتهم رغد بتمويل وتوجيه عمليات ارهابية داخل العراق.. من هذه الدقائق اسطوانات مدمجة "سي دي" تدعي الحكومة العراقية ضبطها لدي عناصر مسلحة وتتضمن تعليمات موجهة لقادة الميليشيات بصوت رغد تحث علي القيام بعمليات مسلحة تستهدف عرقلة العملية السياسية.
***
المعلوم ان رغد قد غادرت العراق في بداية الغزو الامريكي عام 2003 ومعها اولادها واختها رنا ووالدتها ساجدة خير الله حيث منحهم الملك عبدالله ملك الاردن اللجوء السياسي ومنذ ذلك الحين لم تلعب رغد أي دور سياسي وكل ماقامت به هو المطالبة بمحاكمة عادلة لوالدها خارج العراق ثم المطالبة بعد اعدامه بتسليم جثمانه لدفنه خارج العراق ولم يعرف عنها الالتقاء او الاتصال بأي قوي عراقية ولكن يبدو ان مجرد وجودها يمثل قلقا وهاجسا لدي حكومة المالكي والادارة الامريكية اللتين يريان فيها رمزا يمكن ان يذكر العراقيين بزمن كان فيه العراق موحدا وقويا تحت حكم صدام حسين رغم كل ماكان فيه من مساوئ لذلك تطالب الحكومتان العراقية والامريكية باعتقال رغد صدام حسين لعل ذلك يكون ورقة ضغط علي قوي المقاومة ولكن الواضح انه لا الحكومة العراقية ولا الادارة الامريكية تتعلمان من الاخطاء.
فاعتقال صدام حسين نفسه ومحاكمته واعدامه لم يقض علي المقاومة العراقية. ولم يحقق نجاحا للعملية السياسية ولم يؤمن وجود القوات الامريكية في العراق بل ان العمليات العسكرية والتفجيرات التي تقع في العراق منذ اعدام صدام حسين وصلت الي اضعاف ماكانت عليه قبل اعدامه عددا وضحايا وتأثيرا لكنها حجة البليد وفلسفة البليد.
غذاء القلوب
قال الله تعالي : "فآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون"

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
فشل امريكي
ابو بكر الحسن
الوطن قطر

كل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لكسب ود العرب والمسلمين لم تأت اكلها رغم ما يصرف عليها من اموال طائلة تؤخذ من افواه دافعي الضرائب الاميركان، آخرها قيام قوات الاحتلال الاميركية في افغانستان بتوزيع كرات قدم عليها علم المملكة العربية السعودية المنقوش عليه كلمة التوحيد «لا اله الا الله».

وبدلاً من ان تحصد الولايات المتحدة ما زرعته مروحياتها في سماء وأرض مدينة خوست الافغانية اضطرت للاعتذار ومجابهة تظاهرات «الخوستيين» الهادرة وحسب تصريحات منسوبة إلى المتحدث الرسمي باسم قوات الاحتلال الاميركية في افغانستان ان الهدف من القاء الكرات هو التودد وادخال الفرح والسرور إلى قلوب الاطفال الافغان وليس اهانة دينهم.

ما حدث في خوست ليس استثناء لان كل قنوات الاتصال والدعاية التي توجهها اميركا للعرب والمسلمين تواجه دائما بالصد والتشكيك مثل قناة الحرة الفضائية التي صدرت بحقها فتوى من مرجعيات سنية بأن من يتابعها آثم قلبه، كذلك الحال بالنسبة لمجلة «هاي» وراديو «سوا» فضلاً عن برامج التبادل الثقافي الموجه لشباب المسلمين.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: لماذا تتعرض سلعة الدعاية الاميركية الموجهة للعرب والمسلمين للكساد في حين تجد المنتجات الصناعية الاميركية رواجاً كبيراً في اسواق المنطقة لدرجة يصعب معها انجاح حملات المقاطعة الاقتصادية؟!

الاجابة عن السؤال سالف الذكر لا يحتاج إلى دراسات أو استطلاعات رأي عام لان الجهات المختصة الاميركية اقرت بفشلها في كسب المعركة الاعلامية الموجهة للعرب حتى ان مجلس النواب الاميركي (الكونغرس) ناقش جدوى استمرار بث قناة الحرة واخواتها في الرضاعة مجلة «هاي» وراديو «سوا» في جلسة عاصفة اتهمت خلالها إدارة الرئيس بوش بتبديد اموال دافعي الضرائب في خطط فاشلة وغير مدروسة لا تأتي سوى بنتائج عكسية.

وللحقيقة فإن فشل الدعاية الاميركية يرجع لسبب واحد الا وهو اقتناع الشعوب المسلمة باختلاف اقاليمها بأن الولايات المتحدة ليست صادقة في دعواها للتقرب من المسلمين وما تفعله لا يعدو ان يكون سوى لعب على الذقون لانها ببساطة مرتبطة بعقود مقدسة مع الكيان الصهيوني تقضى بنصرة اسرائيل سواء كانت ظالمة أم مظلومة.

لذلك يشق على الشعوب الإسلامية ان تجابه الكرم الاميركي تجاهها بالمثل لانها تعلم ان ذلك السخاء محدود بمجالات معينة لا تؤخر ولا تقدم في معضلة التنمية أو اعادة التوازن الاستراتيجي في الشرق الاوسط، فالسلاح الاميركي المتطور يذهب إلى اسرائيل على سبيل الهبة أو المنحة بينما يرمى لشعوب المنطقة كرات أو ذبذبات أو مجموعة اوراق مصورة لاخر تقليعات الموضة في الازياء والمكياج والديكور لمسخ الهوية. لا

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
بوش يقارن ما بين العراق وفيتنام.. كيف؟!
ادوارد لوس

الوطن قطر

ذكر الرئيس الاميركي بوش في خطاب القاه قبل عدة ايام انه يتوجب على الولايات المتحدة ان تحرر نفسها من عفاريت فيتنام من خلال البقاء على نفس الطريق في العراق، ويأتي خطاب الرئيس ليفتح نقاشا واسع النطاق حول العراق وذلك قبل ان يعمل الكونغرس في الشهر المقبل على تحديد موعد محدد للانسحاب بعد الاطلاع على التقييم الذي سيتم لسياسة التصعيد التي اخذ بها بوش والتي ادت الى رفع اعداد القوات الاميركية في العراق بحوالي 30 ألف جندي. القليلون يعتقدون بقدرة الديمقراطيين على حشد ثلثي الاصوات للوقوف في وجه الفيتو الذي قد يمارسه الرئيس على القوانين التي يقرها الكونغرس وهو الذي سبق له ان استخدم هذا الحق مرتين في هذا العام لقتل قرارات اتخذها الكونغرس، وسيتعرض الرئيس للمزيد من الاضرار في سمعته خاصة اذا ما التقى بعض المشرعين الجمهوريين مع الديمقراطيين، احدى الشخصيات التي استهدفها بوش هو السناتور جون وورنر من فيرجينيا الذي كان وزيرا للبحرية في ادارة نيكسون عندما تم سحب القوات الاميركية من فيتنام في 1973. قبل ايام رفع وورنر صوته تجاه تعامل بوش مع التاريخ قائلا: «لقد قرأت ما تم جيدا واستطيع ان اقول انه لا يوجد هناك تشابه بين العراق وفيتنام، ان الوضع في الحالتين مختلف للغاية»، آخرون مثل تيد كيندي الديمقراطي وصف حرب العراق بانها «فيتنام بوش»، الكثير من المحللين عجزوا عن فهم السبب الذي دفع بوش لاستحضار اكبر هزيمة مذلة واجهتها اميركا في تاريخها المعاصر.

في خطابه ذلك ربط بوش بين المشروع في العراق بعملية احتلال ونشر الديمقراطية في اليابان ودفاعها عن كوريا الجنوبية ضد الانتفاضة المدعومة صينيا في 1950 ويبدو ان بوش اراد اظهار الحنين العالمي للحرية الذي ترى الولايات المتحدة نفسها راعية له وهو شيء يمتد ليشمل العراق، يقول بوش: اعتقد ان التاريخ ليس بوسعه ان يتنبأ بالمستقبل ولكن بإمكان التاريخ ان يذكرنا بالدروس المستقاة مما حدث لنستفيد منها. يقول المحلل السياسي شارلي كوك : معظم الشعب الاميركي ينظر للحرب الفيتنامية على انها كانت خطأ، هل يعني الرئيس انه كان يتوجب علينا البقاء في فيتنام حتى الآن؟ ألا يوجد بين اميركا وفيتنام حاليا علاقات جيدة، ويضيف: «بإمكانك ان تستدعي خمسة من ألمع الادمغة للمشاركة في ندوة تستمر لخمسة ايام لمناقشة خطاب بوش وانا اراهن انهم لن يعرفوا السبب الذي دفع بوش لتذكير الشعب الاميركي بفيتنام»». وقال زبيغنيو برزنسكي مسشار الامن السابق في عهد الرئيس كارتر وأحد منتقدي سياسة بوش «المنطق يقول ان الاميركيين قبلوا حقيقة ان الحرب في العراق غير قابلة للكسب، ولكنهم لا يريدون ان يشاهدوا مرة اخرى صور الطائرات المرحية و هي تقلع من المنطقة الخضراء في بغداد في الوقت الذي سيبدأ فيه الجنود الاميركيون بالتخلي عن اسلحتهم ودباباتهم ويتراجعون كما حصل في فيتنام، لقد كان بوش يناشد الاميركيين لتجنب اذلال آخر على الطريقة الفيتنامية». يقول مسؤولون سابقون آخرون ان الرئيس بوش يعمل حاليا على ايجاد موقع متميز له في التاريخ، وكان الرئيس بوش قد اشار في خطابات اخرى وتصريحات سابقة له الى الرئيس هاري ترومان الذي ترك البيت الابيض في 1952 كشخصية لا تتمتع بالتأييد الشعبي، ولكن تم لاحقا انصافه من قبل الاجيال المتعاقبة التي نظرت اليه على انه واحد من اكثر الرؤساء الاميركيين بعدا في النظر، يقول كاتب خطابات سابق لبوش ان الرئيس بوش لا يعتزم سحب القوات الاميركية من العراق الا اذا تحسن الوضع هناك بصورة جذرية، انه يعتقد ان الاجيال المستقبلية ستنظر الى حرب العراق على انها تشكل نقطة تحول في عملية زرع الديمقراطية في الشرق الاوسط، ان هذا الاعتقاد راسخ لديه الى ابعد الحدد، الرئيس بوش يصر على ان الولايات المتحدة كانت تكسب الحرب في العراق الى ان هزم الحزب الجمهوري في انتخابات منتصف الفترة في نوفمبر الماضي، في اليوم التالي لتلك الانتخابات اقال بوش وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وامر بإجراء مراجعة للحرب، ومع بقاء 16 شهرا لبوش في البيت الابيض فمن غير المحتمل ان يلجأ لاعداد وتبني استراتيجية عسكرية اميركية جديدة في العراق، يقول برزنسكي «ان ربط العراق بفيتنام يعني اقراره بفشل الحرب التي يشنها، من المشكوك فيه ان يقنع خطابه الكثير من الاميركيين».
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
لماذا تدير الجامعة ظهرها.. للعراق؟

عبد الرحمان براهمي
الشروق تونس
«إن أنظمة الحكم المتعاقبة في إيران تعتبر العراق والوطن العربي، وخاصة منطقة الخليج العربي مجالا حيويا للسيطرة والنفوذ».* صدام حسين
«الجيوبوليتيك» مصطلح استعمله لأول مرة «رودولف كيلين» (1864 ـ 1922) أستاذ التاريخ والنظم الحكومية في جامعة جوتبرغ بالسويد، في كتابه: «الدولة كائن حيّ» سنة 1917، رغم ان رائد هذا العلم هو الألماني راتزل (1844 ـ 1904) وأهم ما يعنى به هذا العلم هو دراسة الوحدة السياسية ـ الدولة ـ في بيئتها الجغرافية من حيث مطالبها في مجال السياسة الدولية، وتستمد الجيوبوليتيك مادتها من الجغرافيا السياسية، ومن الاستراتيجية العسكرية، ومن متغيرات التسلّط الاستعماري والتاريخ.
وقبل توضيح منهج العداء الفارسي تجاه العرب يتعيّن معرفة الفروق بين «الجيوبوليتيك» والجغرافيا السياسية:
* الجيوبوليتيك تهتمّ برسم خطة لما يجب أن تكون عليه الدولة أي ترسم حالة الدولة في المستقبل، بينما تدرس الجغرافيا السياسية كيان الدولة كما هو فعلا أي أنها تقنع برسم صورة الماضي والحاضر.
* الجيوبوليتيك متحركة، دينامية بينما الجغرافيا السياسية أميل إلى الثبات.
* الجيوبوليتيك تجعل الجغرافيا في خدة الدولة بينما تظل الجغرافيا السياسية مجرّد صورة للدولة.
وانطلاقا من فهمنا لعلم الجيوبوليتيك يمكن التمييز بين منظورين جيوبوليتيكيين متناقضين في المنطقة، الأول فارسي عنصري عدواني يعتمد فكرة التوسّع الإقليمي والمجال الحيوي، والثاني عربي تقدّمي يعتمد الفكر القومي الإنساني.
ففيمَ يتمثل المنهج الفارسي التوسعي؟
وما هي مرتكزات المنهج القومي العربي الإنساني؟
1) المنهج الفارسي التوسعي: تطبيق معاصر لمبادئ راتزل:
إن مبادئ راتزل السبعة تدور حول محور واحد هو فكرة المجال الحيوي، ومحتواها تبرير فكرة العدوان والتوسع فراتزل يرى في المبدإ الأول أن الدولة تنمو بنموّ ثقافتها، وكلّما انتشر السكان وحملوا معهم ثقافتهم كلّما زادت مساحة الدولة التي ينتمون اليها، وايران تطبّق ما يراه راتزل، فهي ومنذ زمن طويل تنشر سكانها في الخليج العربي والعراق، وهؤلاء السّكان يحملون معهم سفرا من العادات والتقاليد والبدع والأفكار الرجعية والخرافية (اللّطم في عاشوراء مثلا) محاولين تطبيع العرب بطابعهم.
وإيران تطبّق ما يراه راتزل في مبدئه الثاني حيث يؤكد ان نموّ الدولة يستمرّ حتى تصل الى مرحلة الضم وذلك بإضافة وحدات صغرى اليها. وهو ما تؤكده المحاولات الفارسية منذ عهود قديمة حتى اليوم، فهي تمارس القضم والضمّ من أرض العراق والخليج العربي منذ كان للفرس مع اليهود دور في اسقاط مدينة بابل (538 ق.م)، ثم حملهم السيف بوجه الاسلام عندما جاءهم العرب المسلمون لتحريرهم من العبودية والضلالة (معركة القادسية سنة 15هـ)، فالفرس وحسب ما عرف عنهم كانوا ومازالوا يتحيّنون الفرص المناسبة للايقاع بالعرب والتوسّع على حساب اراضيهم.
وفي مبدئه الثالث يرى راتزل ان نموّ الدولة عملية لاحقة لمختلف مظاهر نموّ سكانها ذلك النمو الذي يجب ان يتمّ قبل أن تبدأ الدولة بالتوسع، وايران تعتمد في التطبيق على حجم السكان ومدّ الجسور لانتشارهم داخل الجسم العربي للاخلال بالتركيبة السكانية والبناء الاجتماعي، وهي تعتمد الكمّ وليس النوع خدمة لأغراضها التوسعية فهي بذلك تعمل على أن تكون فعلا قوّة ضاغطة في منطقة الخليج العربي والعراق، ومقتدرة على ضرب أي توجّه قومي عربي تقدمي.
ويرى الفرس كما تصوّر راتزل في مبدئه الرابع الناصّ على ان حدود اية دولة هي العضو الحي المغلّف لها فإيران كالامبراطورية الفارسية بالأمس لا تقرّ بوجود حدود بينها وبين العراق والخليج العربي وترى ان هذه المناطق مجالا حيويا لنموّها، فهي ومنذ احتلال الصفويين للعراق سنة 1508م وعقد معاهدة اماسيّة سنة 1555م مع الدولة العثمانية لحل مشاكل الحدود ثم معاهدة «ارضروم» الثانية سنة 1847 وبروتوكول طهران سنة 1914 ثم معاهدتي 1937 و1975 تعتمد استغلال الفرص وتغيّر الظروف للانقلاب على التاريخ وإلغاء الاتفاقيات من طرفها ومحاولة العدوان قصد عقد معاهدة أخرى لتحقيق مكاسب جديدة، وهكذا شأن ايران منذ مئات السنين ومازالت تمعن في التدخل والتغلغل في الخليج العربي (احتلال الجزر الاماراتية: ابو موسى ـ طنب الصغرى ـ طنب الكبرى) وكذلك في العراق خاصة بعد الاحتلال الامريكي.
ان الدافع الأول للتوسع الارضي يأتي للدولة البدائية من الخارج، هذا ما اكده راتزل في مبدئه الخامس، والنفوذ الأجنبي كان ومايزال في ايران مؤثّرا في توجهها الجيوبوليتيكي وخطة هذا النفوذ مكرّسة لإحكام التخلف والرجعية والعدوان والبدائية في ايران تظهر في فكر النظام القائم فيها (ولاية الفقيه) وممارساته كما تظهر في الشعب المغلوب على امره.
ويؤكد راتزل في مبدئه السادس على نزوع الدولة ـ في عملية التوسع ـ الى ضم الارض السهلية الخصبة ذات الأنهار والسواحل والارض ذات الموارد، وإيران تستحوذ على اقليم عربستان العربي منذ 1925 لما فيه من خيرات زراعية وثروة نفطية، وتعمل على السيطرة على شط العرب والخليج العربي ومضيق هرمز لتكون لها قدرة على احكام السيطرة على الأقطار المستفيدة من هذه المجالات الحيوية.
ان الشواهد التي تؤكد رغبة الأنظمة الفارسية المتعاقبة في التوسّع ـ دون انقطاع ـ كثيرة وان أي توسّع يدفع بهم الى توسع أكبروهذا السلوك يؤكد ما ذهب إليه راتزل في مبدئه السابع حين قال: «إن شهية توسّع الدولة تزداد بعد أول توسّع لها».
هكذا تعمل ايران على تسخير مبادئ الجيوبوليتيك لتحقيق أطماعها التوسعية التي بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة في ظلّ الصمت الرسمي العربي، خاصة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، وذلك بتسريب فيالق من الصفويين الجدد للتحكم في العراق وتخريب نسيجه الاجتماعي، وتهديد الأمن القومي العربي، كاشفة عن وجهها التوسعي المتأصّل في ذات النظام الفارسي مهما تباينت أغطيته.
2) مرتكزات المنهج القومي العربي الإنساني:
لم يُسخّر الفكر القومي العربي التقدمي العلاقة بين الأرض والسياسة إلا لأغراض وطنية وقومية وانسانية ثابتة، وإذا كانت الجيوبوليتيك قد استمدّت مادتها من معارك تاريخية سابقة، فهي اليوم تستمدّ مضامينها الجديدة من معين الفكر الذي يؤمن بأن العروبة وعاء جوهره الاسلام والذي تعتنقه معظم فصائل المقاومة الباسلة في العراق، وهي مضامين جديدة تعبّر عن قيم الأخلاق الثورية الضامنة لكرامة الأمة، وهي مبادئ جديرة بالتطبيق السياسي في التعامل العربي والدولي وتؤكد جيوبوليتيك التحريروالسلام، وتوطيد العلاقة بالأرض لأغراض سامية يمكن اختزالها في:
أ) رفض تواجد الجيوش الأجنبية والقواعد العسكرية في الوطن العربي.
ب) عدم اللجوء الى استخدام القوة ضد الاقطار المجاورة للأمة العربية الا في حالة الدفاع عن السيادة العربية.
ج) تضامن الأقطار العربية ضدّ أي عدوان أو انتهاك تتعرّض إليه السيادة الاقليمية ووجوب تصدّي كل الأقطار العربية لهذا العدوان وبخاصة إذا كان حربا معلنة امبريالية أمريكية وصفوية حاقدة كما هو الحال في العراق.
إن جيوبوليتيك القوميين العرب على اختلاف مشاربهم تدور حول محور واحد هو الحق الصريح في أن أرض العرب ومياه العرب وثروة العرب للعرب، بينما جيوبوليتيك سياسة النظام الفارسي تدور حول محور واحد أيضا هو الاعتداء على الحق العربي بالتوسّع على حساب أرض العرب ومياه العرب وثروة العرب. أخيرا يبقى السؤال مطروحا أمام جامعة الدول العربية، لماذا أدارت ظهرها للعراق الذي يتعرض لأبشع احتلال عرفه التاريخ المعاصر؟ وما موقفها من التغلغل الفارسي في الجسم العربي؟!

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
ما جرى في كربلاء! (البرهان الساطع!)
د نوري المرادي
شبكة البصرة
أرتق أولا فتق بلادك يا نجاد!كانت النار تحت الرماد، والآن فوقه!هذا برهان الله أيها السماسرة المتآمرونأموال آل الحكيم ومقراتهم فيء مباح أيها الفقراء!بينما بوش يلقي خطابا عن بحبوحة الأمن التي عملها للعراق 20 الف جندي إضافي أرسلهم وبعد أن ساعدته إيران وسوريا بما يريد؛ وبينما منى أحمد نجاد نفسه الأماني بالإحلال محل الأمريكان المطرودين من العراق، وبينما غازلت جهات عدة الأمريكان باستعدادها لمحاربة المجاهدين في العراق،، تناقلت الأخبار بضع نتف عن صدام عنيف حدث قبل يومين في كربلاء خلال الزيارة الشعبانية. وهذا الصدام كان محتوما ولأمور كثيرة، قد نحصر منها مثلا:

1 - الكابوس الذي يقع على كاهل الشعب العراقي جملة جراء الاحتلال،

2 - شدة وكثافة وإيلام ضربات فتيان شنعار في كل العراق العظيم التي بينت للأمريكان وعملائهم أن كل الترقيعات التي توخوها كتسليح العشائر المنبوذة أو تقديم لإغراءات المالية والوظيفية وما إليه، كل هذا ذهب هباء. فالتحرير وبقوة السلاح ماض وبوتيرة أشد وأمضى من سني الاحتلال السابقة. وخطاب بوش ليلة أمس كان إحباطا أكثر منه أملا. بله مجرد مقدمة منمقة لطلب 50 مليار دولار إضافية لتغطية نفقات الحرب في العراق. وفاقد الأمل غالبا ما يفقد الأعصاب أيضا ليستثار لأدنى حركة.

3 - اتضاح الخديعة الكبرى التي أوقعت بها المرجعية الإيرانية الشعب العراقي حين دفعت الجنوبيين منه للتصويت إلى هذه الحكومة. كما صار واضحا أن هذه المرجعيات لا تفقه، أو لم يظهر أنها تعرف، من الحكم غير النعي والخيانة وضرب الأعراف بالمتعة والمخدرات والقتل على الهوية وسرقة الخموس والنذور والنفط والمال العراقي. هذا بينما تتفاقم كل الأزمات على الأتباع، ولم يعد متاحا أي أمل لهم بالانفراج.

4 - لم يعد أحد في الوسط والجنوب يشك بأن الإيرانيين وراء تفجير المرقد العسكري. بدليل أن التفجير الثاني مر ولم يحظ كالتفجير الأول من ردة فعل عنيفة. مثلما مرت الدعاية السفيهة التي رددتها بعض المواقع من أن قد ألقي القبض على عضو في القاعدة متهم بهذا التفجير، دونما اعتبار أو انتباه من أحد. وهو ما أجج الحقد على آل الحكيم ومن يسندهم.

5 - النهاية البشعة لآل العقور الحكيم الإيرانيين، بمقتل الملعون باقر قصاصا، ومرض المأفون عبد العزيز بالسرطان عقابا من الله سبحانه، وانتهاك عرض عمار كيكة مرجعية باغتصاب جهارا نهارا، فضلا عن استقبالهم بأحذية الجماهير أينما ذهبوا، كل هذا أزال ما تكون عند بسطاء العامة من هالة لهم، وجعل هذه العامة على أهبة الاستعداد للانقضاض عليهم.

6 - تلكؤ(!!) أو امتناع المهدي ع من الظهور. وهذا الأمر وإن يبدو مزحة، فبه للأسف شيء من الحقيقة. فمن تابع أحاديث المراجع أو وكلائهم وما قالته العامة في الوسط والجنوب خلال السنة الأولى من الاحتلال، لن يشك أن المهدي أما كان على وشك الظهور أو قد ظهر. وقبل عامين وعلى فضائية العراقية، قال أحد المعممين: "إذا قال لك أحدهم بأنه المهدي المنتظر فلا تكذبه وإنما اسأله عن دليله، فقد يكون المهدي ظهر وهو بيننا نحن لا نعرفه!". لكن المهدي لم يظهر. والرأي السائد أن عدد القتلى الذي يسبقه هو 77 الفا، بينما عدد القتلى الآن فاق المليون ونصف المليون عراقي. ويخشى الله من عباده العلماء، وليس العامة. فالعامة مزاجيون سريعو غضب. وها قد بدأ تململهم من الانتظار. هذا التململ الذي ظهر بشكل عدم اعتبار حتى لمقام له، فتقاتلوا عنده وعند مرقدي جده الحسين وأخيه العباس ع ع.

7 - الكثرة غير المعقولة للزيارات والعزيات والمواكب والمجالس الحسينية بدأت تثقل كاهل الناس بتبعاتها النفسية، حيث لا يرى المواطن أمامه سوى الحزن والألم واللطم والسواد. كما تثقل الكاهل بتبعاتها الشعائرية، فاي دين هذا الذي ليس فيه للمرء فرحة أو بشرا، ويجري التلاعب حتى بأعياده الدينية. فضلا عن الثقل الاقتصادي حيث لا أقل من 200 يوم في السنة تذهب هباءً ما بين زيارة ومولد وممات وذكرى وغيرها تحتاج إلى مصاريف باهظة. ناهيك عن تكاليف الحمايات والمقرات وأدوات الزنجيل والتطبير وما إليها. أضف إلى هذا كله تدمير الذوق الثقافي العام بإشاعة ثقافة الرواديد وتفاهات الخوارق والمتناقضات في مجتمع كالعراقي هذا الذي كل ثالث فيه شاعر أو أديب.

8 - قد أدخلت أمريكا أول أيام الاحتلال وباعتراف نيغروبونت ما مقداره 360 طن من أوراق النقد (الدولارات) واشترت بها الذمم وأسست العصابات والقتلة والدكاكين السياسية. لكن هذه الأموال شحت، أو انتهت، وامتنعت الدول عن التمويل عوضا عن أمريكا التي أفلست، وعن إيران المشرفة على الإفلاس. الأمر الذي جعل هذه العصابات والدكاكين على استعداد لأي شيء للحصول على التمويل من جديد.

9 - صحوة من تبع فتوى المرجعية بإباحة المتعة، وسمح بها للأفراد عائلته. فلم تعد خافية نظرات العار التي تلاحقه، والامتناع عن الزواج من عائلته أو تزويجها. ومما زاد الطين بلة أن بعض العائلات اشتكت إلى مراجعها من التبعات، فكان الرد " نحن لم نجبركم! ".

- تفاقم الوجود الإيراني في السوق والإدارة وتهريب النفط لدرجة أن لم يعد الإيراني مهتما بالحاجة إلى مترجم معه. فهو صاحب الشأن ومن يحتاجه يأتي بمترجمه.

10 - التنافس بين آل الحكيم والصدريين على مواقع القوة في الجنوب، ونهوض قطاع كبير من التيار الصدري بمهام المقاومة التي منها أساسا محاربة آل الحكيم. إضافة إلى هذا صار الكثير يشكون بوجود شيء اسمه سستاني حيا.

11 - انتباه العراقيين عامة والشيعة خاصة أن حكومة قائمة الخمسات الثلاث، كلما حاقت بها المصائب واتجهت نحو السقوط، تعمد إلى مذبحة مفجعة للشيعة، لتتهم بها الغرماء أو لتكسب العطف وما إليه من لعب الإيرانيين والخونة في العراق.

هذه العوامل جملة أو فرادى، شكلت ضغطا نفسيا شديدا على العامة استدعى ردة فعل شديدة هي الأخرى، وظهرت بشكل دموي تناحري خلال السنتين الأخيرتين، بالمعارك ضد آل العقور الحكيم والمراجع الأربعة السحوت. وما جرى في الزرقا أحدها.

وما جرى في كربلاء، وما تبعه في الكاظمية والشعلة قبل يومين، لا يخرج عن هذا النطاق من الأسباب. سوى عوامل أضيفت إليه شديدة الخطورة على الوضع العام.

فكربلاء حوصرت قبل موعد الزيارة بثلاثة أطواق محكمة الأول داخل المدينة من قبل فيلق بدر وشرطة حزبي الدعوة وآل الحكيم، والطوق الثاني على محيط المدينة من قوات المغاوير والثالث في محيط خارجي من القوات الأمريكية. وهذا الحصار بدأ منذ أسبوعين واستمر حتى اليوم. والتطويق سيعتبر طبيعيا لولا غياب عنصر أساس اعتمدته المرجعية وآل الحكيم والحكومة والأمريكان معا. وهو الاستعراض.

فتسليط الكامرات على مناطق الزحام أو جعل ارتفاعها بمتسوى البشر، سيظهر عدد الزوار أكبر من حقيقته بشكل هائل، فيوحي للعالم والعراقيين بوجود الأمان، ويعكس للشيعة مدى اهتمام الأمريكان والحكومة بهم.

وحكومة مالكي بحاجة إلى هكذا استعراض، والأمريكان أحوج حيث كان استعراض الأمان هذا يتزامن وخطاب بوش، وحديثه عن الأمان الذي تحقق بجهوده. والمراجع السحوت هم أيضا بحاجة إلى هكذا استعراض، ليظهروا مدى شعبية توجههم. وهم الذين اعتادوا التفخيم وجعل الألف مليونا. وكلنا يتذكر ما حدث في الزيارة العاشورية الأخيرة حيث فخم العدد من مئة ألف زائر ليصبح سبعة ملايين وفي بعض الأحاديث عشرة ملايين.

لكن، الصحف والمراسلين والفضائيات بما فيها الفرات التابعة لابن العقور الحكيم ومالكي والمحتلين منعت من التغطية، ولم يسمح حتى للتصوير بالهاتف. حيث سحب الهاتف النقال من عدة أشخاص لحظهم مسلحون من فيلق بدر يصورون. ومنع التصوير مع التطويق المسبق أثار شكوك المواطنين الزوار. خصوصا وكل التفجيرات التي طالت المراقد سابقا بدأت بحصار لعدة أيام قبل الحدث ومنع التصوير.

وذبح الشهيدة أطوار بهجت شاهد.

والمتهمون تقليديا بضرب الزوار الشيعة، وأعني عشائر الجنابيين والغرير والفتلة والجبور، هؤلاء على العكس حموا مسيرات الزائرين التي مرت بهم قادمة من بغداد ووفروا لهم المراحات والماء والطعام. الأمر الذي فقد به آل الحكيم والمخابرات الإيرانية المتهم الوحيد المتاح الذي سيوجه إعلامها الموجه أمريكا وإيرانيا وبديلها، الاتهام بالجريمة التي كان مخططا لها ذلك اليوم لتثار الأحقاد.

وهنا، فقد تقابل وفي مدينة لا تتعدى نصف الكيلومتر المربع مساحة وتتخللها الشوارع الضيقة والحارات، متحفزان عدوّان مستنفران. أحدهما هو جماهير الزوار وهم يعلمون أن مؤامرة تحيق بهم ومن قبل مرجعية سافلة عميلة عدوة للمذهب والدين والعراق، ويساعدها آل العقور الحكيم وحكومة مالكي المتهالكة والأمريكان المزنوقين بورطة تاريخية. والمتحفز الآخر، هو حكومة الغلمان ومراجعها والأمريكان من خلفهم، وهم يحاولون انتهاز أية فرصة لتنفيذ جريمتهم التي خططوا لها لتزهق أرواح آلاف الأبرياء، ليمتد بحكومتهم العمر ولو شهرا.

وحيث يوجد عدوان متحفزان دونما ضابط، فأية حركة من أحدهما تؤخذ على أنها استفزاز للغريم، وأي استفزاز لابد ويرد عليه هذا الغريم بأعنف منه.

وهناك غريم ثالث، مدفوع بصراع الحياض في جزء منه، وفي جزئه الأكبر مدفوع بمقاومة الاحتلال وعملائه، وهذا المتحفز الثالث هو التيار الصدري في الوسط والجنوب، والذي لن يبقى مكتوف الأيدي إذا ما حدث أي تصادم.

وميليشيا آل العقور الحكيم، والوقت يداهما خوف أن تنتهي الزيارة ولم تنفذ جريمتها، بدأت تستعدي المواطنين. فقد رمى واحد من فيلق بدر عقال أحد الزوار وطلب منه أن ينحني ويأخذه، ثم صار جلفا يتعمد إهانة من يفتشهم ويبدع بالإهانة. الأمر الذي تكرر في غالبية نقاط التفتيش. كذلك صار أعضاء فيلق بدر يفتشون النساء بأنفسهم وليس عبر نساء. وحيث مذبحة الزركا لازالت ماثلة بأذهان المواطنين، لذا انفجر غضبهم، بصيحات استهجان معنونة إلى المحتلين والمالكي. الأمر الذي قابله فيلق بدر بفشار لا يحتمل. فتعالت من بعض الزوار صيحات مجمل ما عنته أن " إين هي المرجعية، أين السيد سستاني، هل يحدث هذا وقرب مرقد الحسين والعباس وبميلاد إمام العصر، "، الخ. هذه الصيحات رأت بها ميليشيا فيلق بدر تطاولا على مقام المرجعية، فأطلقت النار مباشرة على صدور المواطنين. لذلك كل الإصابات التي وردت إلى المستشفيات في البطن أو الصدر أو الرأس. ثم وبدون سابق إنذار دخلت المدينة وعبر الأطواق الأمنية الثلاثة عصابات بالبدلات السوداء ومسلحة بالبنادق وقاذفات rbg، وصارت تطلق مباشرة على حضرتي العباس والحسين، وبعض المحال التجارية.

وهذا هو العمل الذي كانت حكومة مالكي وأل العقور الحكيم يبيتوه كما يبدو.

وحقيقة قد نله موقع الكادر قبل ثلاثة شهور إلى نية بضرب صحني العباس والحسين ع ع، حين وردته معلومات من قسم المتابعة.

المهم، بدأت هذه العصابات تطلق النار و rbg، إلا أن الزوار ازدادوا عنفا بالمواجهة وصاروا على العكس يبادرون بالهجوم، تحت وزاع الانتقام لهذه الجريمة المبيتة ووازع والاستشهاد بهذه المناسبة الجليلة عليهم. ثم ظهر مسلحون صدريون يعاونون المواطنين انتصارا لهم وحقدا على آل الحكيم والمحتلين. وهم مسلحون جيدا، فسقط بيد آل العقور الحكيم ومالكي، وسقط لهم الكثير من القتلى، وبدأوا يفقدون السيطرة على المواقع تباعا. من هنا استدعوا الجيش الأمريكي الذي أعانهم قليلا ثم تقوقع في أحجد أكراف المدينة حين تحسس شدة القتال. من هنا عمد أل العقور الحكيم إلى العلاج الوحيد المتاح لهم لإدارة الموقف، وهو التقليل من عدد الخسائر.

وعادة آل العقور الحكيم ومن لف لفهم من المراجع هي المبالغة كما قلت. ولو لم يفشل المخطط ويبدي المواطنون هذه البسالة في المواجهة بالحجارة والعصي فقط، أعني لو تم المخطط وتمكن آل العقور من ضرب الزوار والصحنين، وتمكنوا من السيطرة على الجريمة إعلاميا، لبالغوا، وبتأثير اليهودية التي أسبغوها على مخيلة أتباعهم، في عدد الضحايا أي مبالغة. ولأصبح العشرة الذين يقتلون ألفا. وعموما فنحن متعودون على مبالغاتهم ولا مبرر للتذكير ببقية البراهين. وكل مسؤولي كربلاء من آل جماعة آل الحكيم، لذا أعلنوا أن القتلى 6 (لاحظ الرقم التوراتي) والجرحى 22. هذا في الوقت الذي أعلنت المستشفيات أن أول دفعة من القتلى بلغت 27 والجرحى 140. بل وفي دليل لا يقبل الدحض، أن محافظ كربلاء وهو من آل العقور الحكيم قال بالحرف: " إن المسلحين الذي قاموا بالأحداث هم عصابات اجرامية مأجورة عملهم القتل والاجرام وليس لهم اي مرجعية سوى القتل" وهو القول التقليدي الذي اعتاد أن يردده آل العقور الحكيم وحكومتهم بعد كل حدث إجرامي يقومون هم به. مثلما خرج مسؤول من آل الحكيم هو عبد العال الياسري ليقول: " وردتنا معلومات استخباراتية، تفيد بأن مجاميع مجهولة مسلحة ستقوم بأعمال عنف وخروقات امنية، من اجل إثارة الفتنة" وهو ما يذكرنا بقول صولاغ بعد ساعتين من تفجير المرقد العسكري في سامراء، وأقوله في حالات غيرها أيضا.

وهم يدعون أن معلومات وردت دعما لمصداقيتهم، أو هكذا يفترضون. لكن من يدعي علمه المسبق بالحدث وبحسب معلومات وردته، لزومه يخبرنا لم لم يتخذ الإجراء لمنعه.

إن هذه الانتفاضة المجيدة لزوار كربلاء، ربما تعطي الاستنتاجات التالية:

1 - أن قد ختم الدهر على آل العقور الحكيم وأنهاهم ملعونين إلى الأبد. فإضافة إلى السيماء التي في وجوههم من أثر قنادر جماهير صفعتهم في مسجد أعظم وطهران وحيانية البصرة والسليمانية وبغداد، جعل موت أحدهم قصاصا فلم يبق شيء منه يدفن، والآخر أطال احتضاره لشهور تحت ألم السرطان، والثالث، عمار كيكة مرجعيه أصابه بأبنة بعد اغتصاب جهور. بل قد عاجل عمار وأبيه بالنهاية المشؤومة قبل أن يجلسا على رأس حلمهما في فدرالية في الجنوب. وفي هذا الصدد فعلى فتيان شنعار في الوسط والجنوب، الإجهاز على آل العقور الحكيم في إخراج رميم الملعون محسن حكيم من الصحن الحيدري في النجف، ليعيدوا دفنه خارجا أو يسلموه إلى إيران. فلا يدنس آل العقور الحكيم تربة في العراق مطلقا.

- لا أفترض أن هناك حظا ما لنجاح أي مشروع فدرلة في العراق بعد الآن. ففتيان شنعار في الوسط والجنوب، وهذه الانتفاضة الكربلائية المجيدة لاشك وأعطت إشارة إلى كل السماسرة، بأن شنعار هي أرض الله المقدسة التي ليس للخونة والإنفصالين مكان فيها أبدا. ووحدة العراق عند الفتيان أجل حتى من المذهبية.

- قد أثبت فتيان التيار الصدري في الوسط والجنوب، أنهم عكس قياداتهم المنخورة، أهل للشدة والانتصار إلى الشعب العراقي عامة.

- ما حلم به نجاد من ملء فراغ، صار فرغا. فمع بأس فتيان شنعار في العراق كله، ومع بأسهم هذا الذي عشناه في كربلاء، ومع هذا البأس العظيم لجماهير الجنوب المنتفضة أصلا ضد مراجع التلمودواصفهان وأحزابهم سيقبض نجاد الهواء، وسيقبض سيده بوش من أحلامه أقل منه. المجد لفتيان شنعار الأبطال كافة!لمجد لفتيان الاستشهاد الطير الأبابيل! الموت للخونة والعملاء وسماسرة الاحتلال!حيث ثقفتموهم،، ولا رأفة، يا فتيان العراق الميامين!

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
مقارنة بوش العراق بفيتنام..غير صحيحة وغير مفيدة
ترودي روبين*

الوطن عمان


نعرف جميعا العبارة المشهورة للمؤرخ جورج سانتيانا الذي حذر قائلا "اولئك الذين يجهلون التاريخ يكون مقدر عليهم تكراره."
غير ان اولئك الذين اثاروا المقارنات التاريخية الزائفة ربما يضرون قضيتهم بأكثر مما تتحدى الذاكرة. وهذا هو الحال مع الرئيس بوش الذي قارن مؤخرا العراق باليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام.
ندخل في جدل قومي على قدر كبير من الاهمية بشأن كيفية انقاذ سياستنا في العراق من كارثة وشيكة، حيث يرغب المناصرون الجمهوريون ـ الذين ربما يكون دعمهم مثيرا بشكل كبير ـ في دعم دعوة بوش بالاستمرار على النهج في الوقت الذي تعتقد فيه القاعدة الديمقراطية انه يتعين علينا مغادرة العراق في اسرع وقت ممكن.
وفي الوسط هناك كثير من الاميركيين الذين يدركون ان ازمة العراق سيكون لها انعكاسات سيئة ولا يزالون يأملون بأن نستطيع تجنب ذلك. واعتقد ان قدرا كبيرا من الجماهير تتوق الى تقييم صريح في كيف يمكن ان نتفادى كارثة من مغامرتنا في العراق.
مع ذلك فإن هذا الجمهور المهم لا يمكن ان تستهويه الكلمات الرئاسية الرنانة. ولا يمكن ان تقنعه المقارنات التاريخية التي ليس لها صلة او التي ترسل بعكس الرسالة التي يريدها الرئيس. وهذا ما فعله بالضبط بوش في كلمته يوم الاربعاء امام قدامى محاربي الحروب الخارجية.
فقد عرض الرئيس نموذج اليابان بعد الحرب بوصفه دليلا على ان العراق يمكن تحويله الى بلد ديمقراطي. غير ان اليابان كانت منهزمة بشكل تام في حرب عالمية وتم التخلص من كل المعارضة. فضلا عن ذلك فإن البلد كان متحدا عرقيا (كما كان حال كوريا الجنوبية) وكان لها بعض الخبرة بالديمقراطية.
وكان كل من اليابانيين والكوريين الجنوبيين يريدون حماية الولايات المتحدة لهم من الاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية ابان الحرب الباردة. ولا يوجد شيء من ذلك يتفق مع الوضع في العراق الآن.
بل انه من الصعب ادراك لماذا اثار بوش المقارنة بين العراق وفيتنام. فغني عن القول انه لم يستخدم ابدا كلمة مستنقع. ووجهة نظره كانت في ان انسحابنا من فيتنام سبب معاناة كبيرة للشعب الفيتنامي تماما مثل ما يمكن ان يعمله الانسحاب من العراق. وهذا حقيقي. وقد دفعت بأن سببا وحيدا للبقاء لفترة اطول في العراق هو التزامنا الاخلاقي تجاه الشعب العراقي.
غير انه بالتسليم بالمعاناة الحالية للعراقيين ـ والنزوح الكبير لمليوني عراقي حتى الآن الذين غادروا وطنهم ـ فإن هذه الحجة غير كافية لحسم الجدل.
اذاً لماذا اثار الرئيس مشهد الحرب التي سيطر شبحها على الاميركيين لاكثر من جيل؟ ويبدو انه يلمح الى ـ وان كان المرء ليتساءل لماذا لم يذكر ذلك ـ الى انه كان يمكن ان نفوز بحرب فيتنام لو اننا بقينا لفترة اطول. ومثل هذا الادعاء منتشر ومحل قبول وسط جزء من قاعدته المحافظة.
غير انه من المستحيل البرهنة عليه وهو محل شك كبير. وانه يذهب الى صميم مشكلة بوش: وهي ان عليه ان يقدم حجة قوية لكيف يمكننا احلال الاستقرار في العراق من خلال البقاء فيه.
ان المقارنة بفيتنام تسلط الاضواء على هذه المشكلة بشكل اشك في ان بوش كان يقصده. ففي وقت متأخر في فيتنام الجنوبية شرع الجيش الاميركي في تنفيذ استراتيجية تصدي للمقاومة والتي حققت بعض النجاح. غير ان حكومة فيتنام الجنوبية الضعيفة لم تكن قادرة على البناء على هذه المكاسب او استغلالها.
في العراق اليوم وتحت امرة الجنرال ديفيد بترايوس فإن مبدأ التصدي للمقاومة الجديد يحقق نجاحا بين بعض عناصر المقاومة السنية. غير ان مشاكل العراق تجعل مثل ذلك في حرب فيتنام يبدو بسيطا. فعلى خلاف فيتنام فإن العراق يدخل في اتون حرب اهلية طائفية. والحكومة الضعيفة التي يقودها الشيعة لا تريد تحقيق مصالحة مع الجماعات السنية والعكس صحيح.
وكان الغرض من الزيادة في القوات هو شراء وقت لمثل هذه المصالحة السياسية التي اذا لم تحدث فإن المكاسب العسكرية قصيرة الاجل في الاشهر الاخيرة قد يتم خسارتها. اذ ربما ان نفس عناصر المقاومة السنية المتحالفة معنا الآن ربما تتحول ضد الحكومة الشيعية وتعجل بالحرب الاهلية.
ويرى تقرير جديد من قبل وكالات مخابرات اميركية املا ضئيلا بتحقيق مصالحة سياسية عراقية في المستقبل المنظور. فضلا عن ذلك فإن ضباطا كبارا بالجيش الاميركي يعتقدون انه يتعين على وزارة الدفاع ان تخفض بشكل جدي مستويات القوات بحلول العام المقبل او انها ستضع ضغطا لا يحتمل على قواتنا. وعلى خلاف ما كان في ايام فيتنام فإنه لا يوجد مخطط للتزويد مجددا بالقوات او استكمالها.
والقضية هي ان مقارنات بوش التاريخية تتجاهل كيف يمكن تحويل المكاسب العسكرية التكتيكية الى تقدم استراتيجي. واحد الخيارات هو تغيير الحكومة المركزية العراقية. لكن ذلك ليس سوى اضغاث احلام.
لو كان هناك درس واحد من فيتنام ذات صلة يكون هو اننا لا نستطيع املاء او فرض زعماء للعراق. لقد عاقبت ادارة كنيدي انقلابا عسكريا في سايغون في 1963 وهو ما لم يأت إلا بحكومات قليلة الحظ. اننا لسنا في وضع يسمح لنا بالاطاحة برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وحتى اذا استطعنا فإنه من غير المحتمل ان يعمل خلفه بشكل افضل. لقد انشأنا نظام حكم عراقي صار فيه للمركز سلطة ضئيلة جدا.
وهذا يعيدنا الى قضية كيف يمكن تعزيز المكاسب العسكرية التكتيكية الاخيرة اذا تعين على القوات الاميركية الانسحاب العام المقبل واذا ما استمرت الحكومة العراقية في ضعفها.
احتج انا وآخرون كثيرون ان الاجابة الوحيدة تكمن في مبادرة دبلوماسية اميركية جادة في الشرق الاوسط وهي المبادرة التي تشجع جيران العراق بمن فيهم ايران والسعودية على دفع الجماعات العراقية الموالية لهم صوب اتفاق وليس حرب اهلية. وحتى الآن لم يبد البيت الابيض اهتماما يذكر بهذه الخطة.
اذا لم تكن هذه استراتيجية البيت الابيض فما هي استراتيجيته اذاً؟ ان اجراء مقارنات تاريخية حمقاء لن يجيب على المخاوف المشروعة للشعب الاميركي. بل انها ستزيد فقط من الغموض بشأن ما اذا كان بوش يدرك حقيقة ما يجري في العراق ام لا.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
وضع عراقي مؤسف
افتتاحية
الراية ..قطر
يبدو أن الوضع بالعراق يتطور فجر كل يوم إلي الأسوأ بحيث بات الأمريكيون والعراقيون عاجزين تماما عن مواجهة كوارث العراق وأن الجميع في انتظار الفرج من السماء باعتبار أن ما يجري من أحداث يومية شيء وما تمارسه وتدعيه الإدارة الأمريكية شيء آخر بعدما فشل بوش في تحقيق احلامه واحلام العراقيين من الاحتلال بأن فجراً جديداً قد حل.

فهذا الفجر في الواقع يتمثل في الدمار والخراب اليومي والاقتتال المقنن الذي أكل الأخضر واليابس وتبخرت معه أحلام العراقيين بالحرية والديمقراطية والأمن والرفاهية وانهم لم يجدوا إلا سرابا بعدما تحولت بلادهم الي معمل تجارب عسكرية سياسية عرفت لأول مرة الطائفية والمحاصصة السياسية.

ونتيجة لذلك يشهد العراق يوميا دمارا وخرابا مقننا ومدعوما بآليات سياسية موجهات فكرية وأن ما حدث بكربلاء خلال اليومين الماضيين يؤكد تحول القتال الطائفي الي قتال داخل الطائفة الواحدة ويؤكد خطورة الوضع الناجم عن المحاصصة ولذلك فان الأمر يحتاج إلي مراجعة شاملة علي مستوي تكوين الجيش واجهزة الشرطة والأمن حتي تتحول هذه الأجهزة من الطائفية الي أجهزة وطنية تعمل لحماية تراب العراق.

هذا الواقع المظلم لا يمكن الخروج منه الا بحل جميع المليشيات الطائفية وتفكيك اية روابط بين أجهزة الأمن والشرطة والجيش بطائفة بعينها حتي يصبح الأمر الأمني بيد السلطات الرسمية فقط وان هذا ايضا لن يتم الا في اطار سياسي مجمع عليه من الجميع ليس علي شاكلة ما يتم الآن باعتبار انه يقنن لوضع شاذ أضر بالعراق.

مما لاشك فيه ان تفكيك الجيش العراقي واجهزة الشرطة كان خطأ يتحمله التحالف الذي ابقي علي الجماعات المسلحة تحت مسميات عديدة بحجة انها كانت تقاتل النظام السابق الامر الذي مكنها من الاستقواء والتسلل لاجهزة الدولة الجديدة وبدأت تنفذ برامج وخططاً خاصة بطوائفها فيما عجز الامريكيون عن مواجهة هذا الواقع المؤلم.

إن القرار الذي اتخذه مقتدي الصدر بتجميد قوات جيش المهدي لفترة ستة أشهر ليس حلا لازمة العراق باعتبار ان مليشيات جيش المهدي ليست الوحيدة بالساحة وانما المطلوب استئصال جميع المليشيات بلا استثناء لان في ذلك ضرورة وطنية ملحة وعاجلة حتي يكون للعراق جيش وطني واحد وقوات امنية موحدة تعمل علي حفظ الأمن والنظام وبذلك تختفي تماما النزعات الطائفية وأسلوب المحاصصة السياسية الذي أضر بالعراق كوطن للجميع.

فما يؤسف له حقا ان يتجاهل عدد من القادة العراقيين حقيقة الوضع الذي تعيشه بلادهم ويتحدثون عن الانسحاب الأمريكي او عدم الانسحاب ويستبقون التقرير الذي سيرفعه قائد القوات الامريكية بالعراق والسفير الامريكي ببغداد رغم ان كل القرائن والحقائق تشير الي ان هذا التقرير لن يكون لصالح بوش وبالتالي ليس لصالح الحكومة العراقية المطالبة شعبيا وعربيا ودوليا باتخاذ قرار حاسم بالاصلاح السياسي والأمني.

فليس من المعقول ان تفقد الحكومة 17 وزيرا وتتحدث عن قوميتها وقوتها والواقع يدحض ذلك. فانقاذ العراق يبدأ من داخل الحكومة التي أصبحت حكومة لا تمثل الجميع وليس من واشنطن أو التعلل بانتظار التقرير الأمريكي الذي سيكشف الحقائق علي الطبيعة.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
بريطانيا ومراجعة سياستها في العراق
عبدالزهرة الركابي
الراية قطر
أعلنت قوات الاحتلال البريطانية، أخيراً، أنها بدأت انسحابها الشامل من جنوب العراق، فيما كشفت صحيفة بريطانية عن عزم القوات الأمريكية ملء الفراغ الذي سيتركه البريطانيون في الجنوب بلواء من 3500 جندي أمريكي، وقالت قوات الاحتلال البريطانية، إنها انسحبت من مقر قيادة مشترك مع الشرطة العراقية في البصرة، في إطار خطط الانسحاب الشامل من المدينة، ويذكر أن القوات البريطانية انكفأت في تواجدها ولم يعد لديها تواجد سوي في مطار البصرة.

ومن هذا، فقد توقع المراقبون والمتابعون للسياسة البريطانية في وجهتها الخارجية أن تكون هذه السياسة في حقبة رئيس الحكومة الجديد غوردون براون متمايزة عن السياسة الأمريكية أو علي الأقل ألا يكون براون علي خطي سلفه بلير الذي أنهك السياسة الخارجية البريطانية من جراء سيره خلف الرئيس الأمريكي بوش من دون تحفظ، في أمر الحرب علي العراق، ولو أخذنا هذه الحقبة في بدايتها من المفيد القول إن حكومة براون ليس في نيتها القيام بعملية إنقلابية في سياسة بريطانيا الخارجية بقدر ما هي ستعمد ببطء الي تصحيح هذه السياسة بشيء من التمايز عن السياسة الأمريكية، وهناك إشارات مبكرة عن هذا التصحيح بدت تتضح عندما أوكل براون مناصب وزارية رفيعة الي شخصيات عُرفت بانتقادها للسياسة الأمريكية مثل السير مارك مالوك براون كوزير ثان بالخارجية (وزير آسيا وأفريقيا والأمم المتحدة) له الحق في حضور اجتماعات مجلس الوزراء، وبالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون سجل السير مارك كنائب للأمين العام للأمم المتحدة , فإن الاهتمام الوحيد حول تعيينه قد انصب علي الدرجة العالية من التحذلق التي يتصف بها هذا الرجل، كما أن أمر تعيينه له مغزي كبير لاسيما أن عدوه القديم جون بولتون السفير الأمريكي السابق بالأمم المتحدة عقب علي هذا التعيين بالقول : إذا كان غوردون براون يعرف ما كان يفعل عندما عين السير مارك , فإن ذلك مؤشر رئيسي علي أنه يريد علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة، وإذا لم يعرف ما كان يفعل , فإن ذلك أيضا ليس بالمؤشر الجيد.

لا شك أن إدارة بوش لم تغفل عن مثل هذا التعيين، حيث رأته أكثر من مجرد إشارة صادرة من براون الي الرأي العام البريطاني، بإبعاد حكومته عن السياسات الأمريكية، وفي تأكيد من براون بعكس سلفه بلير، علي جماعية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء، وعدم الارتياح الأمريكي من هذا التعيين متأت من أن السير مارك عندما كان مساعداً للسكرتير العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، شن هجوماً مستمراً علي السياسة الأمريكية، واتهمها بتضخيم الفضيحة المالية المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء للعراق وتورط ابن أنان فيها.

وهناك عدم ارتياح أمريكي ثان من تعيين جون دينهام وزيراً للدولة في شؤون الجامعات والاختراعات والمهارات، من واقع أن دينهام استقال من حكومة بلير احتجاجاً علي سياسة الأخير في التماهي مع السياسة الأمريكية في الحرب علي العراق، ومن هذا فإن الأوساط الأمريكية تتوقع أن ينضم دينهام الي زميله مارك في المطالبة بإنسحاب القوات البريطانية من العراق، الأمر الذي بات يقلق حلفاء أمريكا الذين شعروا أن هناك مؤشرات حقيقية علي تعديل في السياسة البريطانية، خصوصاً وأن حكومة براون لم تعد تستخدم عبارة الحرب علي الإرهاب في خطابها السياسي والإعلامي.

هذا وقد وصفت صحيفة الإندبندنت البريطانية الخطوات التي يقوم بها براون علي طريق الابتعاد عن السياسة الأمريكية علي أنها قفزة براون قائلة، إن مظهر الفترة الحالية التي عرفت باسم قفزة براون هو كما يلي: سئم الإعلام والرأي العام اللذان يقودان بعضهما البعض إلي الأمام , توني بلير لدرجة أنه مهما فعل براون فلن يكون ذلك سوي تغيير للأفضل، وأضافت الصحيفة إننا في واحدة من تلك الفترات التي تبدو فيها جميع أفعال براون صائبة، المهم الآن أن براون ليس هو بلير وهذا يكفي، وحملة براون في واشنطن تبدو شديدة الإختلاف عن بلير في واشنطن , حتي إن كان ما يقولانه هو الشيء نفسه.

لذلك، إن ما ظهر من إشارات قوية في سياسة براون الخارجية علي صعيد التعامل مع أمريكا فاجأ المراقبين الذين توقعوا لأول وهلة أن يعمد براون الي إحداث تغييرات جزئية وشكلية لا تمس مستوي التعامل الجوهري وبإيقاع بطيء، من اعتبار انه سيمضي في مقدار من الاستمرارية في التعامل السابق لأسباب أقلها، أنه شارك في تلك السياسة السابقة سياسة بلير ولم يبد اعتراضاً معلناً عليها هذا من جانب، ومن جانب آخر لا يريد أن يظهر بمظهر إنقلابي حيال العلاقة التحالفية التي تجمع بريطانيا بأمريكا، لكن براون مثلما يبدو قد حسم الكثير من الخطوط التي لها علاقة بالتعامل مع أمريكا، وهو من هذا الحسم سيبرهن علي النتائج تدريجياً وعلي نحو هاديء ومن دون ضجة، بل أنه سيجعل من الأمر عادياً وعلي صفحتين، الصفحة الأولي أن يكسب ثقة الرأي العام البريطاني بدون استعراض وتظاهر، والصفحة الأخري هي عدم تحمل تبعات وراثة السياسة السابقة التي اتبعها بلير، أي أنه بهذه النتائج سيكون في حل من هذه الوراثة التي جعلت رئيس الوزراء البريطاني السابق بلير يفارق منصبه بشيء من المرارة والامتعاض، حتي لو تظاهر بروح رياضية عند وداع منصبه الذي أدي من خلاله دوراً تبعياً للسياسة الأمريكية.

لا شك أن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في هذا الوقت يتعرض الي ضغوط عدة بشأن سحب القوات البريطانية من العراق، وفي هذا الإطار حذر مجلس العموم البريطاني في تقرير للجنته الخارجية من أن استراتيجية الرئيس الأمريكي جورج بوش في العراق مصيرها الفشل، وجاء في هذا التقرير أن الاستراتيجية الأمريكية التي قام الرئيس جورج بوش بمراجعتها في يناير مع إرسال تعزيزات قوامها 30 ألف عسكري، مصيرها الفشل كما يبدو.

ودعت اللجنة الحكومة البريطانية الي عرض الاجراءات التي تنوي اتخاذها لتسهيل مصالحة سياسية بين مختلف الفئات في العراق وتقديم الأدلة علي الدعم الإقليمي الذي يتلقاه المتمردون في جنوب العراق.

كما حذر قادة الجيش البريطاني رئيس الوزراء غوردون براون من أن تأخير سحب قواته من البلد المحتل سيؤدي إلي زيادة عدد قتلاها، إذ نقلت صحيفة التايمز البريطانية عن ضباط بارزين في الجيش البريطاني اعتقادهم بأن حشداً وشيكاً للقوات في قاعدة واحدة في مطار البصرة الدولي من المؤكد أنه سيسفر عن تشديد الميليشيات العراقية لهجماتها.

وقالت الصحيفة إن هذا التحذير يأتي في وقت ظهرت فيه أرقام جديدة تفيد بأن المطار وقاعدة ثانية في البصرة قد تعرضت للقصف بأكثر من 300 صاروخ وقذيفة هاون علي مدي الشهرين الماضيين وهو رقم يتجاوز ما وقع خلال السنوات الأربع الماضية، وأشارت التايمز الي أن وزارة الدفاع البريطانية كشفت عن أن 50 ضابطاً قد أصيبوا بجروح خطيرة في العراق في الفترة ما بين يناير الي منتصف يوليو الماضي، وهو العدد الذي يتجاوز الأعداد التي سجلت علي مدي أي عام من الأعوام السابقة بما في ذلك عام 2003 عندما بدأ غزو وإحتلال العراق.

وعلي كل حال، إن الاختبار الحقيقي الذي سيخضع له براون في معرفة المدي الذي يستطيع من خلاله استخدام هذا الحسم في العلاقة مع الرئيس الأمريكي بوش في الأشهر السبعة عشر القادمة من أجل تعزيز السلام في المنطقة والعالم، وهو في هذا الحال لا يمكنه التغافل عن المحاولات السابقة لتوجيه إدارة بوش في الاتجاه الصحيح والتي لم تنته نهاية سعيدة، مع تسليمنا من أن الفترة القصيرة التي استلم فيها براون منصبه الجديد لم تشهد خللاً كبيراً في العلاقة، من واقع أن الطرفين حرصا علي الإشادة بالتحالف التأريخي من دون الإشارة الي التفاصيل التي لا تخلو بطبيعة الحال من الاختلافات، لكن هذا الأمر لا يمنعنا من القول إن سياسة التبعية التي سادت علاقة بلير ببوش ليس في وسعها الامتداد الي براون الذي ينظر الي الحقبة التي ستأتي برئيس أمريكي جديد، عندها سيكون الأمر مختلفاً في التوجه العام وفي التفاصيل التي سوف تظهر من خلالها السياسة البريطانية المتمايزة عن السياسة الأمريكية، وحتي تلك الحقبة فإن براون ليس بمقدوره القفز من فوق أسوار الحلف البريطاني الأمريكي الثابت وخطوطه الاستراتيجية، لكنه بلاشك سوف يعمد الي ترشيد السياسات الخاطئة التي اتبعها بوش وبلير علي السواء، مع تأكيد منه علي عدم الاستمرار فيها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
"مونت بيليرين" وليس بوش الحاكم الحقيقي للعالم
سعد محيو
الخليج الامارات

لم يسبق لكاتب هذه السطور أن سمع قبل الآن بجمعية سرية اسمها “مونت بيليرين”، إلى أن قرأنا مؤخراً دراستين عنها للكاتبين البريطانيين جورج مونيبيوت وديفيد هارفي.

في الدراستين يتكشّف أن مؤسس هذه الجمعية هو فريدريك فون هايك، الذي ينتمي إلى جمعية أخرى أكثر سرية، وأن “مونت بيليرين” (وهو اسم منتجع في سويسرا) عقدت أول اجتماع لها العام 1947. بيد أن هذا الاجتماع كان كافياً لتغيير العالم ودفعه إلى ما هو عليه الآن.

ماذا حدث في الاجتماع؟

تقرر الآتي: العمل على نسف دور الدول والحكومات في إدارة الشؤون الاقتصادية، وإزالة كل/وأي عقبة تعترض سيطرة المصارف والشركات الخاصة العملاقة وكبار رجال الأعمال على جداول الأعمال التجارية والاقتصادية والسياسية.

وهكذا ولدت في “مونت بيليرين” قبل 60 عاماً فلسفة الليبرالية الجديدة التي تطبق الآن في كل أنحاء الكرة الأرضية، بصفتها الصيغة الاخيرة ل”نهاية التاريخ” ولبنية النظام العالمي، وبما أن فون هايك وأركان حربه كانوا يدركون سلفاً أن هذه الفلسفة الجديدة ستحظى بمقاومة شديدة، بسبب تقويضها لكل المكاسب الاجتماعية والتأمينية التي حصلت عليها البشرية عبر تطبيق سياسة جون ماينارد كيننز القائمة على تدخل الدولة، فقد اقترح وضع خطط مفصلة “لتغيير قلوب وعقول الناس من الآن وحتى جيل كامل” لحملهم على قبولها.

الخطط نجحت بعد أن انفقت الجمعية مئات ملايين الدولارات لتأسيس مراكز الأبحاث والأكاديميات الاقتصادية التي تروج لفلسفة الليبرالية الجديدة، مثل مؤسسة “هاريتيج” و”هوفر” و”أمريكان إنتربرايز” و”مؤسسة الشؤون الاقتصادية” و”مركز آدم سميث” في بريطانيا. هذه المراكز طورت الأفكار واللغة التي ستسيطر لاحقاً على العقول، مثل الديمقراطية الاستهلاكية، والحكومة الكبيرة، وثقافة التعويض، وبناء الثروات وخفض الضرائب. وكل هذه التعابير باتت السائدة حالياً في العالم بين الأكاديميين والسياسيين على حد سواء.

ويوضح جورج مونيبيوت ان “الهدف الحقيقي لخطط جمعية مونت بيليرين لم يكن حتماً إطلاق النمو الاقتصادي، بل إعادة كل الثروات إلى “النخبة العالمية”، هذا في حين يشير ديفيد هارفي إلى أن تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة أدى إلى تحولات كبرى في ملكية ثروات العالم، ليس فقط بين ال 1 في المائة الذين يسيطرون على جل الاقتصاد العالمي، بل حتى أيضاً بين العشرة بالمائة الأوائل من فئة ال 1 في المائة هذه. وعلى سبيل المثال، كبار الأغنياء في أمريكا الذين لا تتجاوز نسبتهم 1،0 في المائة من إجمالي الشعب الأمريكي، باتوا مع الليبرلية الجديدة أكثر ثراء مما كانون عليه قبل عشرينات القرن العشرين (أي قبل تطبيق فلسفة كينز التدخلية).

وفي المقابل، كانت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في كل العالم، وليس فقط في العالم الثالث، تتوسع بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ، وتغرق العديد من الدول إما في لجج ديون كاسحة (كبريطانيا مثلاً التي بلغت ديونها أكثر من 35،1 تريليون دولار)، أو في الحروب، أو في الاضطرابات الاجتماعية. وهذا ما كان يسمح ل”النخبة العالمية”، بجني المزيد من الأرباح، وباللعب على التناقضات بين كل الأطراف المتصارعة في العالم لإحكام السيطرة عليها.

من هي هذه “النخبة العالمية”؟

إنها ليست المصارف الكبرى التي تتحكم بكل شاردة وواردة في اقتصادات العالم، ولا مديري الشركات متعددة الجنسيات، ولا حفنة العائلات (مثل روتشيلد وروكفلر ومورغان.. إلخ) فحسب، بل أيضاً الجمعيات السرية التي هي في أساس كل هذا الهرم الاقتصادي العملاق.

مونت بيريلين، ليست سوى واحدة من عشرات الجمعيات السرية الأخرى، مثل الجمجمة والعظمة (التي ينتمي إليها الرئيس بوش) والماسونية وفرسان مالطا وغيرها، التي تضع خططاً قد يصل مداها الزمني إلى 50 و100 سنة والتي تستهدف أمرين اثنين: إحكام سيطرة حفنة من الرجال (النساء ممنوعون من الصرف في هذه الجمعيات) على العالم، والتمهيد لإقامة نظام عالمي جديد يدار من مراكز خفية إما في سويسرا أو الولايات المتحدة.

كل هذه الجمعيات وجوه لعملة واحدة. وحين تقرر إحداها خطة عمل ما، تتداعى لها سائر الجمعيات الأخرى بالدعم والتنسيق.

مونت بيريلين، والتي ينتمي إليها الاقتصادي الليبرالي الشهير فريدمان، هي الآن الحاكم الحقيقي للعالم، وليس جورج بوش. أو هذا على الأقل ما يراه جورج مونيبيوت وديفيد هارفي. هل هم على حق؟ حتماً.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
شعيط ومعيط وشداد ذيله بالخيط

جاسم الرصيف *
اخبار الخليج البحرين
تقول حكاياتنا الشعبية: إن ثلاثة من (العفطية) السائبين الجهلة - و(العفطي) هو من يعفط من دون حياء في أي مكان وزمان - حكموا في غفلة من التأريخ قرية فألغوا عاداتها وتقاليدها تحت شعار انها (قديمة)، واشاعوا ثقافة (العفطية) فيها التي الغت كل ما كان محرما، فنالت قريتهم الجديدة لقب قرية (العرض واحد) على كل معاني مفردات (العرض) وفق نظرية الفوضى الخلاقة التي آمنوا بها وفرضوها بالقوة على من غزوهم. تفقعنا في كل يوم من هذه الايام (الديمقراطية الجديدة) في العراق المحتل اجهزة العملية السياسية بكل ما هو مضحك مبك يؤسس لنمط جديد من الوطنية والاستقلال.

نشرت جريدة (الاندبندنت فري برس) يوم 5 يوليو من (عام الكلب) هذا، وفق الفقه الصيني لطالع الشعوب، مقابلة اجراها (دارا سنغ) مع (مسؤول رفيع) - ارفع من شعرة ذيل الحصان بقليل - من وزارة الأمن (الوطني) في العراق المحتل. واطرف ما فقعنا به هذا (الرفيع) - ملاحظة عدم استبدال الفاء بالقاف رجاء - قوله: (ان الوزارة تتلقى دعما ماليا من الحكومة إلا انها غير خاضعة للمساءلة أمام البرلمان). نعم. هذا الضرب من الخيال العلمي، أو أعمال التنجيم وقراءة الطالع (على الهوية)، موجود في قرية (شعيط) و(معيط) و(شداد ذيله بالخيط)، استثناء من وزارات أمن العالم كله، كعلقة تنفق على نفسها من أموال العراقيين رغما عنهم ومن دون الخضوع لمساءلة منهم بوصفها، أي الوزارة (معصومة) بأمر (الفقيه الأعلى) عن شعبها بإرادة ربانية استمطرتها منظومة (العفطية) بقوة السلاح، وكل من يحاول التخلص من مصاصات الدم هذه يتهم بأنه (إرهابي) يستحق أن ينال مصير (جثة مجهولة معصوبة العينين موثوقة اليدين) ولا بأس من عرض (اعترافاته) في فضائية الدجل. والأعجب والأغرب والأنكى! على مفردة (وطني) التي استعارتها وزارة (الأمن) هذه ان (رفيعيها) - تجنبوا تبديل الفاء بالقاف رجاء - يعترف للجريدة: (ان الوزارة تتلقى الدعم المالي من مصادر عديدة بينها الحكومة العراقية). بعبارة أخرى: ليست الحكومة العراقية وحدها هي من يمول وزارة (الأمن) العراقي زورا، اي انها وزارة متعددة الجنسيات والولاءات تسهر على تدمير الأمن العراقي لصالح اصحابها غير العراقيين بكل تأكيد. ببساطة اكثر: وزارة مرتزقة أجانب وجوههم المعلنة عراقية ومضمونها لا نكهة ولا طعم للعراق فيه قط، تعمل خارج صلاحيات برلمان (شعيط) و(معيط) و(شداد ذيله بالخيط) العاجز عن تنفيذ كل ما هو وطني حقا، الذي وضع كدريئة شرعية فارغة من مضمونها، من أهم واجباتها ان تجدد لقوات الاحتلال في منظمة الأمم (المتحدة على اهانتنا يوميا). ولتأكيد فاعلية قرية (العرض واحد) هاجم وزير الدولة لشؤون الأمن العراقي (شيروان الوائلي)، ولا ادري لماذا يتشبثون بصفة (عراقي) لحد الان بعد ان كشف العراقيون كل اوراقهم، جهاز المخابرات (العراقي) - هو الآخر ما شاء الله - بشخص مديره -(محمد الشهواني) واتهمه بأن قوات الاحتلال الامريكية هي التي تموله كدليل على عدم (وطنيته). وقال الغراب للغراب ساخرا مستهجنا: وجهك أسود. فنعق واحد من امريكان (محمد الشهواني)، يدعى (محمد رجب عبدالمجيد) - كثر الله من اسمائهم الإسلامية العربية- وقال ردا لهذه التهمة الخطرة في (وطنية) الجهاز: (ان جهاز المخابرات هو الجهاز الوحيد الذي يتسم بالوطنية، وهو الدعامة الأخيرة للتصدي للهيمنة الإيرانية على العراق). عندئذ طلقت مفردة (الوطنية) بالثلاث البائنات الواضحات ومن دون تردد: معناها ومبناها وطعمها ولونها ورائحتها اينما وردت في محابس المراعي الخضراء، واينما جاءت في تعاطي حكومة (شعيط) و(معيط) و(شداد ذيله بالخيط) ممن راحوا يبترون ذيول بعضهم بقسوة، لعلهم يحظون بموطئ قدم في العراق بعد رحيل نبي تجار الحروب و(هدية الله) المزورة للحمقى من آل البيتين وثلاث ورقات اللذين حلا غازيين في احتلال مركب تحول الى سمك (مسكوف) في (بغداد). الجدير بالذكر، وكلمة حق لابد ان تقال، ان جهاز المخابرات العراقي - وسهوا - منع (نوري أو جواد المالكي) من دخول قسم المعلومات الخاص بإيران للاشتباه في علاقته الايرانية الوثيقة ضد الأمريكان وبذلك تفرد بنيل أول انجاز لجهاز مخابرات يطرد رئيس وزرائه لئلا يطلع ولو على عناوين الملفات من بعيد، كما هو جدير بالذكر ايضا ان وزارة (شيروان) لشؤون مرتزقة الأمن في العراق هي: ايرانية بامتياز. وهنا حق لنا كعراقيين ان نستعيد معنى الأغنية الشعبية الشهيرة في كل دول الشرق الأوسط: (يا حيّة يم راسين) واهديها لقادة الأمن متعددي الجنسيات والولاءات آملا سماعها في افضل قاعة استعمروها في حاضرة (شعيط) و(معيط) و(شداد ذيله بالخيط).


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
خطا امريكي اخر
افتتاحية
الجزيرة السعودية
هل يعقل أن التعذيب الذي وقع في سجن أبو غريب بالعراق كان ناتجاً فقط عن سلوكيات فردية من قبل مجموعة جنود ساديين؟. وأنه ليس ممنهجاً وبرعاية كبار الضباط في الجيش الأمريكي؟. الأحكام التي صدرت عن القضاء العسكري الأمريكي تقول ذلك، إذ لم تدن أي ضابط، وحتى ستيفن جوردان الضابط الوحيد المتهم في قضية أبو غريب تمت تبرئته، واكتفت المحكمة بتوجيه اللوم له.

وبعد أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام على نشر صور تظهر المعتقلين العراقيين في سجن أبو غريب - سيئ السمعة - يعذبون ويجردون من إنسانيتهم وتساء معاملتهم من جانب حراسهم الأمريكيين باستخدام أسوأ أنواع التعذيب، لم يحاكم سوى أحد عشر جندياً فقط وصدرت بحقهم عقوبات أقصاها السجن عشرة أعوام.

الرئيس الأمريكي جورج بوش وصف فضيحة التعذيب في أبو غريب بأنها أكبر خطأ للولايات المتحدة في العراق. ولكن يبدو أن الخطأ الأكبر منه هو عدم إدانة الضباط الكبار المتورطين في هذه القضية، كما أوضح الادعاء العام. هذا عدا عن المجهولين منهم. ولذلك ندد كثير من المثقفين الأمريكيين النزيهين بسير القضاء الأمريكي في هذه القضية. وقد قالت المؤلفة الأمريكية تارا ماكيلفي إن الأشخاص المسؤولين فعلاً عن الانتهاكات وإساءة معاملة معتقلي سجن أبو غريب في بغداد لا زالوا مجهولين، مؤكدة أن انتهاكات مماثلة لا تزال مستمرة وتجري دون مراقبة وفي الخفاء. وهو ما دفعها إلى تأليف كتاب جديد بعنوان (الوحشية: داخل السياسة الأمريكية للتحقيقات السرية والتعذيب في الحرب على الإرهاب) وتسعى من وراء الكتاب إلى الكشف عن الحقيقة وراء فضيحة سجن أبو غريب التي ظهرت إلى العلن عام 2004م.

لقد فقدت أمريكا كثيراً من مصداقيتها بسبب ما يسمى الحرب على الإرهاب، وسجلها حول انتهاك حقوق الإنسان امتلأ حسبما أفادت منظمات حقوق الإنسان الدولية، والسؤال هو: كيف يمكن لأمريكا أن تنادي بحقوق الإنسان وهي ترتكب باسمه أفظع الانتهاكات، فضلاً عن تبرئة المتورطين فيها؟!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
لاتتخلصوا من المالكي
افتتاحية
لوس انجلز تايمز
ما الذي تعنيه كلمة سيادة ؟ في حالة العراق لا تستطيع واشنطن ان تحدد ذلك على ما يبدو. ففي يوم 28 يونيو عام 2004 انهت الولايات المتحدة بشكل رسمي احتلالها للعراق بنقل السيادة الى رئيس وزراء مؤقت اختارته بنفسها وهو اياد علاوي. وبعد ثلاثة انتخابات لاحقة وحكومتين تزايدت بشكل كبير خيبة الامل تجاه حكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي وصف بالتحيز وعدم الكفاءة. وفي الاسبوع الماضي اتحد الرئيس الامريكي جورج بوش مع اربعة سناتورات بارزين في محاولة لتحديد كيفية التخلص من حليف فاشل فيما عبروا عن احترامهم لحق العراق في تقرير المصير.
ورد المالكي على ذلك بالقول انه يستطيع ايجاد اصدقاء في اماكن اخرى من العالم اذا لم يكن يروق لواشنطن الطريقة التي يدير بها زعيم عراقي منتخب بلاده. والسؤال الان هو كيف تستطيع الولايات المتحدة ممارسة النفوذ الذي تعتقد انها اكتسبته باراقة دماء 3725 جنديا امريكيا على الاقل وانفاق ربما عشرة مليارات دولار شهريا دون ان تملي على ما يبدو شروطا على امة مستقلة. ومثل معظم المشكلات التي تواجهها الولايات المتحدة في العراق فانه ما من حل لهذه القضية. وبالطبع تستطيع الولايات المتحدة تدبير الاطاحة بالمالكي من دون اللجوء الى انقلاب مشين. انها لا تحتاج الا ان توقف المعونة الى ان تنهار حكومة بغداد المترنحة بالفعل. وربما كانت النداءات التي اطلقها اعضاء مجلس الشيوخ كارل ليفن وهيلاري كلينتون وديان فينتشتين للمالكي بالاستقالة او استبداله من قبل البرلمان بالاضافة الى دعم بوش الفاتر امورا كافية لاسقاط المالكي . ولكن كونوا حذرين فيما تطلبونه. ان خليفة المالكي قد يكون اسوأ. ويعتقد الكثير من المحللين الامريكيين ان الرجل المرجح ان يأتي الى السلطة في حالة سقوط المالكي هو مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة وزعيم ميليشيا وعلى علاقة قوية مع ايران. ان اي حكومة عراقية ليس بمقدورها تحقيق النجاح ما لم يكن لديها ادعاء موثوق به لتكون حكومة وحدة تتغلب على الانقسامات الطائفية وتكون على استعداد لاقتسام السلطة والثروة لمصلحة جميع العراقيين. وكما ادركت ادارة بوش الان فان الانتصار العسكري في العراق اصبح امرا يتألف من مجموعة اشياء. ان وجود حكومة عراقية ومستقرة وبناءه لا يمكن ان يظهر الا من خلال عملية مصالحة سياسية وطنية لم يبدأها المالكي واقرانه الشيعة بعد. وخلصت تقديرات المخابرات الوطنية الامريكية الى انه ليس من المتوقع احراز تقدم سياسي ذي مغزى في العراق خلال الستة اشهر الى الاثني عشر شهرا القادمة في الوقت الذي ستصبح فيه حكومة المالكي اكثر اضطرابا.
وليس هناك شيء يمكن ان يرفعه الجنرال ديفيد بتريوس قائد الجيش الامريكي في العراق في تقريره للكونجرس الشهر القادم ان يقلص الحاجة الى استراتيجية سياسية جديدة في العراق.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
العودة إلى فيتنام
افتتاحية
بوسطن جلوب



لا تزال حرب فيتنام حدثا مثيرر للجدال تماما في تاريخ الولايات المتحدة لدرجة ان مقارنتها بالعراق ستحاط بالتأكيد بالانفعالات والعواطف . لكن الرئيس الأمريكي جورج بوش ابدى مقارنة غير معقولة امام قدامى الحروب الاجنبية. واضاف اشياء اخرى من الحرب العالمية الثانية ومن حرب كوريا. ونظرا لإثارته للموضوع فمن المعقول ان نأخذ المقارنات الى الاماكن التي ربما لن تذهب اليها وها هي واحدة.. كان سيكون من الافضل تسليم فيتنام الجنوبية الى الشيوعيين في فيتنام الشمالية اوائل الستينيات بدلا من الدخول معهم في صراع حصد ارواح 58 الف امريكي وملايين الفيتناميين قبل ان ينتهي عام 1975 بنفس النتيجة.. وهي انتصار هانوي وقمع المعارضة غير الشيوعية في الجنوب. وهل سيوافق بوش على انه بالمثل كان سيكون من الافضل السماح لصدام حسين بالبقاء في السلطة عن الدخول في حرب مستمرة منذ اكثر من اربعة اعوام ونصف العام مزقت اوصال العراق وقتل فيها 3700 امريكي وعدد اكبر بكثير من العراقيين؟
على الاقل في فيتنام كان هناك عدو محدد بشكل واضح. وكانت ادارة نيكسون قادرة على التفاوض من اجل التوصل الى اتفاق مع هانوي في عام 1973 بشأن انسحاب امريكي. وبالمثل كانت تعرف الولايات المتحدة المدن الكبيرة للاعداء في الحرب العالمية الثانية وفي حرب كوريا. ولكن ما هو عنوان العدو في العراق وهو دولة ممزقة الى اقطاعيات طائفية وعصابات اجرامية؟ ورغم القلق من ان الهزيمة في فيتنام كان سيكون لها تأثير كبير والاطاحة بانظمة غير شيوعية في اماكن اخرى فان الاضرار كانت محدودة بالنسبة لاندوشينا. وبرهن الشيوعيون الذين سيطروا على كمبوديا في عام 1975 في اعقاب هزيمة الامريكيين على انه يهيمن عليهم هوس ابادي. وحاول بوش استخدام نموذجهم كتحذير ضد الانسحاب من العراق ولكن لا احد يعرف ما اذا كانت اراقة دماء بهذا القدر قد تحدث بين الفصائل المتحاربة هناك. وقال بوش «اذا انسحبنا قبل اتمام مهمتنا فسوف يلاحقنا العدو في بلادنا» مشيرا الى التأثيرات المتعاقبة. والتناظر لن يكون مفيدا عندما نتنبأ بمستقبل العراق. ان موقعه على خط التصدع بين السنة والشيعة وتمتعه باحتياطات نفطية ضخمة والزج به قسرا في الكفاح الامريكي ضد الارهاب لا يقارن بفيتنام في الستينيات. ان الحرب في العراق عمرها الان اربعة اعوام ونصف العام. ولم يتحدث بوش عن اي كلل من الحرب التي ابلى بها الامريكيون مثل الحرب الكورية التي استمرت ثلاثة اعوام والحرب العالمية الثانية التي تخطت حاجز الأعوام الثلاثة ونصف العام. وبعد اربعة اعوام ونصف العام من الضلوع الامريكي في فيتنام بدأ نيكسون في سحب القوات. وقال بوش :»في العراق التزاماتنا الاخلاقية ومصالحنا الاستراتيجية واحدة.»
ولن تكسب الولايات المتحدة هذه الحرب ولاتوجد استراتيجية تماثل استراتيجية نيكسون لسحب الجنود والتوصل الى حل دبلوماسي يشمل الدول المجاورة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
تقرير المخابرات المركزية الأمريكية
افتتاحية
نيويورك تايمز


على ما يبدو. فلقد اصبح مدير المخابرات مستهلكا على ما يبدو بتشبثه بوظيفته.
وكان فريق بوش منهمكا جدا في عام 2001 في محاولة توجيه علاقات امريكا العالمية وفقا لاجندة المحافظين الجدد لدرجة ان مستشارة الامن القومي الامريكي لم تر اي ضرورة ملحة في تقارير تفيد بان القاعدة عازمة على شن ضربة في الولايات المتحدة.
وساهم السيد تينيت بعد ذلك في تضخيم معلومات المخابرات التي استخدمها بوش لتبرير تحويل اهتمام الجيش من حرب ضرورية ضد القاعدة في افغانستان الى حرب اختيارية في العراق. وتمثلت السمة المزعجة الاخرى من التقرير الذي نشر الاسبوع الماضي في الكشف عن موعده وهو يناير 2005 الذي يلخص سياسات بوش بشأن الشفافية والمسؤولية وهو لا يؤمن باي منهما.
وربما ليس مفاجئا ان التقرير لم ينشر في عام 2005.
فلقد كان السيد بوش اعطى للتو تينيت وسام الـحرية الرئاسي لـدوره المحوري في القتـال ضد القـاعـدة. ولكن من المثير للقلق ان مدير وكالة المخابرات المركزية الجنرال مايكل هيدن مازال يقول انه ما كان سينشر التقرير اذا لم يطلب منه الكونجرس الذي يهيمن عليه الديمقراطيون ذلك. ومثل سلفه بورتر جوس الذي انتقد التقرير لا يبدو ان الجنرال هيدن كان لديه الكثير من الثقة في الشعب الامريكي. وقال ان «التقرير يستهلك الوقت والانتباه « مضيفا ان مكتب المفتش العام لا يستطيع القيام بمهامه ما لم تكن سرية. ولا يمكننا الاختلاف اكثر. فتوصيات المفتش العام كانت فاترة ويجب ان تحدد لجنة ما اذا كان يجب استدعاء قادة كبار لتقديم تقرير بشأن قضايا ضيقة نسبيا ورفضت الادارة بالفعل الامتثال. ولم يتوفر للامريكيين بعد القصة الكاملة للكيفية التي زج بوش بهم في حرب يحاصر فيها جنود الولايات المتحدة بدون امل في الانتصار.
وسارع الكونجرس لاقرارت تغييرات خطيرة تماما على النسيج الدستوري باصدار قانون اللجان العسكرية عام 2006 وتغييرات حديثة على قانون مراقبة المخابرات الاجنبية دون اجراء مداولات حقيقية. وتمثلت الاخبار الجيدة في ان السناتور جاي روكيفيلر وهو ديمقراطي يدير الان لجنة المخابرات بالكونجرس وضغط من اجل نشر هذا التقرير. كما يدعو اللجنة الى انهاء تحقيقاتها بشأن نسج اسطورة اسلحة الدمار الشامل العراقية.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
الديمقراطيون.. أفكار خيالية حول مستقبل العراق
امير طاهري
الشرق الاوسط بريطانيا


ما الذي ستفعله اذا كنت سياسيا أميركيا يتساءل عما سيقوله بشأن العراق ؟.. حسنا، يمكنكم الافتراض ان العراق ورقة بيضاء يمكنكم ان تظهروا عليها مواهبكم في «بناء البلد». أو ان بوسعكم ابلاغ العراقيين عمن يتعين ان يحكمهم وما الذي ينبغي ان تكون عليه سياساتهم.

وإذا لم يقنعكم أي من الخيارين يمكنكم، على الدوام، أن تلقوا باللوم على العراقيين بشأن المشاكل وتوصوا بأن تتركهم بقية دول العالم يعانون من مرارة نزاعهم الطائفي.

وأخيرا يمكنكم ببساطة ان تنفوا وجود حرب على الاطلاق.

الخياران الأولان هما الخياران الحاليان بين زعماء الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة.

وتوصل بعض الزعماء الديمقراطيين، التواقين الى ابهاج قاعدتهم النشطة المناهضة للحرب بدون أن يظهروا باعتبارهم متساهلين تجاه الارهاب، الى طائفة من الأفكار الخيالية حول مستقبل العراق. ويريد السناتور جوزيف بايدن، الذي يتطلع الى الرئاسة، تقسيم العراق الى ثلاث دويلات صغيرة، على الرغم من أنه ليس هناك من بين المعنيين في الصراع الحالي داخل البلد من يريد ذلك. ولا يقول بايدن شيئا عن كيفية القيام بذلك ومن الذي سيقوم به. غير ان زميلته باربرا بوكسر، السناتور من كاليفورنيا، أكثر قدرة على الحديث عن ذلك. فهي تعتقد أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يجب ان يقسم العراق الى ثلاث دويلات قبل رحيله. وما لا تخبرنا عنه هو كيف ان قوة المهمات الأميركية، التي تجد من الصعوبة تهدئة بغداد وضواحيها في الوقت الحالي، ستكون قادرة على فرض السلام على ثلاث دول منفصلة قبل الانسحاب، وكل ذلك قبل حلول الكريسماس! والسناتور هيلاري كلينتون، زميلة بايدن وبوكسر، والمتطلعة الديمقراطية الى الترشيح للرئاسة، ليست ساذجة. وهي تعرف أنه ما من احد في العراق يريد لعبة «الدول الثلاث» التي اقترحها زميلاها، وانه ما من قوة على الأرض قادرة على فرضها. كما انها تعرف ان الحل المزعوم لا صلة له بكثير من المشاكل التي يواجهها العراق اليوم.

غير أن هيلاري، هي الأخرى، غير مستعدة أو انها تواجه ضغطا من قاعدة حزبها المناهضة للحرب، وغير قادرة على دعم موقف عقلاني حول العراق عبر تبني وجهة النظر البعيدة المدى والتوجه نحو ما هو اقل من النصر الكامل على الارهابيين. وهكذا فان السناتور من نيويورك اختارت الخيار الثاني: ابلاغ العراقيين من يختارون كزعيم، وما هي السياسات التي يتبنوها. وبدعم من الجناح «الواقعي» لحزبها دعت السناتور كلينتون الى اقالة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي.

ولو لم يكن مرتبطا بالوضع المأساوي في العراق فان هذا النمط من الموقف السياسي ربما يكون قد استحق شيئا من الجدل. والسياسيون الذين لا يحلمون بصياغة سياسة للحزبين حول العراق في واشنطن ينصحون نظراءهم في بغداد بالقيام بما لن يقوموا به هم أنفسهم. وإذ فعلوا كل ما بوسعهم لتخريب سياسات الرئيس جورج دبليو بوش بشان العراق، فإنهم يقولون للسياسيين العراقيين: «افعلوا كما أقول لا كما أفعل!».

غير ان هناك زاوية مضحكة في كل هذا.

فالسياسيون الديمقراطيون الذين يلومون بوش على التدخل «الامبريالي» في العراق هم أنفسهم، يتمنون التحكم بالقضايا السياسية في العراق كأي ضابط استعماري كلاسيكي في القرن التاسع عشر.

والخيار الثالث، أي توجيه اللوم الى العراقيين في الإخفاق والخروج السريع، يتمتع بإعجاب اوسع في واشنطن. فالسناتور الديمقراطي باراك أوباما، وهو متطلع آخر للترشيح الرئاسي، يعتقد ان العراقيين ليسوا مستعدين لنظام حكم اكثر تحضرا وانه ليس من شأن الولايات المتحدة أن تحاول فرض نظام معين بالقوة.

ويبدو ان زميله الجمهوري السناتور جون وورنر السياسي المخضرم في مؤسسة الدفاع في واشنطن، يشاركه وجهة نظره. فهو يدعي ان الولايات المتحدة بذلت كل ما في وسعها ويجب ان تبدأ في الانسحاب الآن، تاركة العراقيين يدافعون عن انفسهم ضد الارهابيين والجيران المستغلين.

وترجمة ذلك بلغة واضحة يعني ذهبنا للعراق وقضينا على بنيته السياسية، لكن الآن تبين لنا اننا نفتقد الى الطاقة لدعمها حتى تطور بنية جديدة.

وبالطبع، فإن بعض السياسيين في واشنطن لا يحاولون التعامل بطريقة غير مباشرة بخصوص العراق. وواحد من هؤلاء هو جاك مورثا، وهو واحد من الديموقراطيين القلائل الذين عارضوا اسقاط صدام حسين من البداية. ولا يخفي مورثا وجهة نظره ان حزبه يحتاج الى هزيمة اميركية واضحة في العراق للسيطرة على البيت الابيض والفوز في الانتخابات النيابية القادمة في عام 2008. ولا يعبأ مورثا بمن ينتصر في العراق. الامر الذي يهمه هو عدم انتصار الولايات المتحدة في العراق، على الاقل ما دام بوش في البيت الابيض.

والعديد من زملائه بمن فيهم زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قد اعتبرا ان الحرب فقدت وان الولايات المتحدة يجب ان تعترف بهزيمتها وتخرج من هناك.

وفي الجانب الجمهوري، لدينا السناتور تشاك هاغل المعارض لتحرير العراق. ففي العام الماضي ابلغ زملاءه في مجلس الشيوخ بضرورة مواجهة العواقب الحقيقية: هل هناك حرب ضد الارهاب ام لا؟ هل العراق جزء من الحرب؟ وإذا لم يكن ذلك صحيحا الا يجب على الكونغرس وقف كل الاموال المخصصة للحرب، وبالتالي يجبر الرئيس على اعادة القوات الى الوطن؟ اليس من المفارقات معارضة الحرب ومحاولة وضع العديد من العراقيل امام القتال فيها، وفي نفس الوقت، الاستمرار في تمويلها؟

وقد اختار السناتور جون ادواردز، وهو مرشح ديموقراطي اخر للرئاسة، دعم تحرير العراق في عام 2003، الا ان ادواردز يقول الان ان امامه سنوات عديدة للتفكير بخصوص اشياء وقد توصل الى ان ما يطلق عليه الحرب على الارهاب هي من بنات افكار جورج بوش. اذا لم يكن هناك ارهاب ولا حرب على الارهاب، فلماذا يجب على الولايات المتحدة القتال في العراق او افغانستان. والأخبار السيئة في كل ذلك هو عدم السماح للشعب الاميركي بفهم ما هو الامر ولا ما الذي يجب ان يفعلوه او لا يفعلوه بخصوص ذلك.

ولكن، كما هو الامر دائما توجد انباء جيدة. ففي البداية ليس بايدن ولا بوكسر الذي يمكنه تقرير من هو الذي يمكن ان يصبح رئيس وزراء العراق. وما دام المالكي يحتفظ بأغلبيته البرلمانية، فلا يمكن لأحد ان يعزله من منصبه.

كما اننا لا نعيش في اوائل القرن العشرين عندما كان بناة الامبراطوريات يجلسون حول حمامات السباحة ويقسمون الشرق الاوسط كما يريدون. ولا يمكن لأحد تقسيم العراق اليوم، ما دام الشعب العراقي يرغب في الوحدة في اطار هوية ديموقراطية وفيدرالية واحدة.

وبالنسبة لانسحاب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق، من الواضح ان ذلك لن يحدث قريبا. ويعلم الديموقراطيون، بالرغم من موقفهم، انه لا يمكنك سحب 180 الف جندي وكميات ضخمة من المعدات بدون نشر الاستقرار في البلد المعني سواء عن طريق هزيمة العدو او الاستسلام له واكتساب حمايته وأنت تهرب.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
المنطق المفقود في فلسطين والعراق
احمد ماهر
الشرق الاوسط

من المستحيل، عندما ننظر الى الساحة العراقية وما يحيط بها ويرتبط بها أن نجد أن الاحداث تدخل في إطار بناء منطقي يمكن أن تترتب فيه الأمور بحيث نجد مقدمات تؤدي الى نتائج يمكن أن نقول عنها شيئاً لا يخرج عن دائرة المعقول والمقبول.

ولنضرب أمثلة على ما نقول:

1 ـ الولايات المتحدة التي دعمت وصول المالكي الى رئاسة وزارة لا تستجيب الى متطلبات وحدة وطنية، أخذ موقفها منه يتذبذب، فهي تارة تدافع عنه، ثم تتهمه بأنه عاجز أو غير راغب في الالتزام بالإصلاحات المطلوبة، ويهاجمه الرئيس بوش، ثم ينفي أنه يريد إبعاده.

2 ـ وفي نفس الوقت فإن الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي لم يهدأ منذ انتخابه، وكأنه يتسابق مع نفسه في ماراثون، يريد أن يثبت فيه أنه مختلف تماما عن سابقيه، وأنه يفضلهم في كل شيء.. الرئيس ساركوزي يطالب باستبعاد المالكي ثم يعود في اليوم التالي فيعتذر عن ذلك.

3 ـ وفي نفس الوقت فإن الانقسام الطائفي يتفاقم والحرب الأهلية تزداد اشتعالاً، ويزداد عدد الضحايا.. والديمقراطية التي ادعى الامريكيون أنهم أقاموها وأنها ستكون محل حسد بعض الدول وقلق البعض الآخر، تتساقط إلى أشلاء. وتتصاعد المطالبات بانسحاب القوات الامريكية، بينما تبدأ القوات البريطانية في تخفيف وجودها. وينتظر الجميع التقرير الذي سيقدمه في سبتمبر كل من السفير الأمريكي في بغداد ريان كروكر، وقائد القوات بترايوس، والذي يتوقع أن يكون محاولة لكسب الوقت وإمساك العصا من المنتصف بالادعاء كذباً أن تعزيز القوات أفاد في تحسين الأوضاع ثم يخلص من ذلك تدليساً بأنه يمكن تخفيض تلك القوات.

4 ـ وفي إطار هذا الموقف الملتبس، فإن جنوداً بريطانيين ماتوا خطأ بنيران القوات الأمريكية فيما يسمى «نيراناً صديقة» وهو تعبير اضافي عن الفوضى السائدة عسكرياً وسياسياً.

5 ـ وفي نفس الوقت فإن هناك شعوراً لدى الكثيرين بأن إيران هي التي تستفيد من الأخطاء الأمريكية، وأياً كانت نواياها أو حدود طموحاتها، فليس من شك أنه يهمها أن يزداد التورط الأمريكي الذي يقوم على العناد في رفض النظر الى الواقع، فيما وصفه مفكر استراتيجي فرنسي بأنه حالة رفض النظر الى الحقيقة نابعة من تقييم مبالغ فيه للامكانيات الذاتية، وتقليل غير واقعي لإمكانيات الخصم، الى درجة أن ذلك المفكر أشار في هذا الصدد الى تشبيه مفاده أن كلاً من نابليون وهتلر، حين هاجما روسيا، أظهرا ثقة مبالغا فيها في القدرة العسكرية أدت الى كارثة، كما أن صدام حسين ذاته بالغ في «لعب أوراقه» متصوراً أن الولايات المتحدة لن تجرؤ على مهاجمته.

6 ـ في هذه الاجواء فإن تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران قد ينذر بوقوع صدام يبدو أن البعض يدفعون في اتجاهه. وإذا كنت أعتقد أن الولايات المتحدة قد لا تريد الانزلاق الى عمليات عسكرية جديدة قد تكون لها عواقب وخيمة، وأن إيران أيضاً يهمها أن تتجنب مثل هذا الصدام وأن يظل الصراع محكوماً، فإن الأمور قد تفلت تحت ضغوط متنوعة قد تقترن بحسابات خاطئة.

وما زلت في هذه الاجواء أكرر الدعوة الى تجديد بذل جهود عربية من أجل العمل على خلق حد أدنى من الوفاق الوطني العراقي، يخلق الظروف للإسراع بانسحاب القوات الأجنبية، وبدء حوار جاد مع إيران يحدد الخطوط الحمراء العربية وليس الأمريكية، ويضع أساساً لإعادة الاستقرار في المنطقة. وأنا أعرف أن ذلك ليس بالأمر السهل، ولكنه يستحق المحاولة وتكرار المحاولة لأنه يجنب الجميع مخاطر يصعب التكهن بمداها وإن كان من غير الممكن تجنب انعكاساتها اذا وقعت. وليس من شك في أن الاستقرار في المنطقة يتطلب أيضاً التوصل الى تسوية جدية للقضية الفلسطينية عن طريق جهود حقيقية وبعيداً عما نراه من نشاز ونشوز ومن محاولات الدس والوقيعة، والتشبث بأوهام ثبت زيفها وسراب «الاجتماع أو المؤتمر الدولي» الذي لا أرى فيه جهداً حقيقياً للتسوية بل محاولة للتمويه على سياسات هي تكرار لممارسات قديمة كانت تدفع الأمور في اتجاه طرق مسدودة تصطدم في نهايتها بأسوار عالية ترتد بعدها الى مزيد من التوتر والتدهور. ولست أرى حتى اليوم ـ رغم زيارة المسؤولين الغربيين والدوليين وآخرهم توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق ـ أية محاولة جادة للتسوية. فالشعب الفلسطيني منقسم، وبالتالي في أضعف حالاته، وإسرائيل سادرة في غيها وفي سياسات السيطرة والعدوان والغطرسة من دون ان تجد من حليفها الأساسي، الذي يدعي الرغبة في إقامة سلام حقيقي، إلا مساندة معنوية ومادية تبرر الاخطاء وتشجع بالتالي على المضي قدماً فيها.

وهنا أيضا لا أتصور أن الدول العربية ـ مهما كانت اتجاهاتها وميولها ـ تستطيع أن تتحمل هذا الوضع من دون أن تسعى جدياً لتسوية النزاع الفلسطيني ـ الفلسطيني الذي يجعل الجبهة العربية في موقف ضعْف، اذا انعقد الاجتماع أو المؤتمر. وأنا اعرف الصعوبات في هذا الصدد سواء من الناحية العربية او الفلسطينية، ولكني اعرف ايضاً أن استمرار الأوضاع الحالية للعلاقات الفلسطينية ـ الفلسطينية او العربية ـ العربية إنذارٌ بكارثة لا أتصور أن أحداً مستعد لتحمل مسؤوليتها. ولسنا هنا نتحدث عن أحلام أو آمال ولكن عن واقع إذا استمر ترديه فإن أحداً لن يسلم منه، وبالتالي فإن التكاتف من اجل وضع حد له هو مصلحة مشتركة ـ مهما كانت الاختلافات ـ بل هو فرض على الجميع. ولست أشك في أنّ بين الفلسطينيين ـ كما بين العراقيين ـ من لا تعميهم مصالح آنية مؤقتة، وأوهام نابعة من الذات أو من اغراءات الغواية الخارجية، فيدركون أن الطريق التي يسلكونها سوف لن تؤدي إلا الى مزيد من الخراب يصيب القضايا والآمال التي يجب أن تكون لها الصدارة لأنها تتعلق بالمصير وليس بحسابات خائبة لا تعي دروس التاريخ القريب والبعيد.

وليس يعني هذا أن نرفض اي جهود، او وعود بجهود، يتبرع بها البعض ـ سواء لأغراض في نفس يعقوب او عن رغبة قد تكون حقيقية للرجوع عن نظريات الفوضى الخلاقة أو المحكومة ـ ولكنه يعني أن نتعامل مع تلك الجهود والوعود بجدية ووعي حتى يمكن أن ندفع بها اذا أمكن في اتجاه مصالحنا ونتجنب مزالقها، وهذا يقتضي ـ بالإضافة الى جهود مع العراقيين والفلسطينيين ـ جهداً عربياً مشتركاً ينظر الى الافق وليس الى الوراء، ويتجاوز حساسيات ويتجنب أن تنكأ جروح ما كان يصحُّ من الأصل أن تحدث، ويبتعد عن التناول التكتيكي للأمور وصولاً الى نظرية استراتيجية تعكس ان المصالح المشتركة هي أقوى من كل ما يفرق او يمكن ان يفرق.

وأتصور ان هذا ليس أضغاث أحلام بل هو ممكن، وأتصور أن هناك دولاً مؤهلة لذلك، ومن بينها بالطبع مصر، ولكنه على أية حال يجب أن يكون جهداً جماعياً يشارك فيه ـ كلٌ وفق قدراته ـ كل من يدركون ان أحداً لن ينجو وحده أو يغرق وحده، وإذا كان البعض لا يعجبه التشبيه بالسفينة الواحدة فإني لا أملك تشبيهاً غيره يعبر عن الواقع.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
العراق وفيتنام: أين يكمن وجه الشبه الرئيسي؟
عبد الله مهاجري
الشرق الاوسط


قال الرئيس جورج بوش خلال مخاطبته رابطة العسكريين الاميركيين السابقين الذين شاركوا في حروب خارجية ان ثمة تشابها بين حرب العراق وحرب فيتنام، وبدأ قصة بلا نهاية. قال بوش ايضا: «التقدم الذي حدث في مجال الحريات في هذه البلاد يجب ان يمنحنا الثقة في ان عملنا المضني في منطقة الشرق الاوسط يمكن ان يؤدي الى نفس النتائج التي حققناها في قارة آسيا إذا أبدينا نفس الحرص على تحقيق الاهداف المرجوة».

قال بوش ايضا: «ثمن انسحاب الاميركيين من فيتنام دفعه ملايين المواطنين الابرياء الذين أضافت آلامهم ومعاناتهم مفردات وعبارات جديدة مثل معسكرات إعادة التعليم وحقول الموت ولاجئي القوارب».

ساق بوش سببا آخر لتبرير بقاء القوات الاميركية في العراق، وقال في هذا السياق ان الولايات المتحدة اذا تركت العراق، فإن ذلك سيشجع الارهابيين ويدفعهم الى استغلال انتصارهم في ضمان مجندين جدد، واستطرد قائلا: «كما رأينا في 11 سبتمبر 2001، من الممكن ان يجلب أي ملاذ آمن للارهابيين على الجانب الآخر من العالم الدمار في شوارع مدننا. على العكس من فيتنام، اذا انسحبنا قبل استكمال المهمة في العراق، فإن هذا العدو سيتبعنا الى بلادنا، وهذا هو السبب في اننا يجب ان نهزمهم في الخارج من أجل أمن أميركا حتى لا نواجههم داخل البلاد».

السبب الأخير الذي ساقه بوش يتعلق بما قاله اسامة بن لادن وأيمن الظواهري في وقت سابق عندما قارنا بين الحرب في العراق وحرب فيتنام. بوش يعتقد في كلا الحربين. فقد قصد ان الولايات المتحدة انتصرت في حربها ضد اليابان وكوريا الجنوبية فيما خسرت في فيتنام لأنها لم تستكمل المهمة. لذا، فإن الولايات المتحدة الآن في مفترق طرق في العراق. ويجب عليها ان تحدد النمط الذي يفترض ان تتبعه: اليابان أم فيتنام؟ يدرك بوش ان حرب فيتنام كانت بمثابة درس لن تنساه اميركا. لذا فإن هذا السبب جعل بوش يقول: «هناك ثمن آخر لانسحابنا من فيتنام، ويمكن ان نسمع ذلك من خلال كلمات الأعداء الذين نواجههم اليوم، وهم الذين جاءوا الى اراضينا وقتلوا الآلاف من مواطنينا في 11 سبتمبر 2001».

قال اسامة بن لادن ان «الشعب الاميركي وقف ضد حرب الحكومة في فيتنام، ويجب ان يفعلوا ذلك الآن»، فيما أشار ايمن الظواهري في خطاب وجهه الى مدير عمليات القاعدة الى «انهيار سلطة اميركا في فيتنام وكيف انهم فروا وتركوا عملاءهم».

يعني ذلك ان فيتنام لا تزال جرحا مفتوحا في التاريخ المعاصر للولايات المتحدة.

لم تكن تلك هي المرة الاولى التي يقارن فيها الرئيس بوش العراق بفيتنام. فقد أجرت شبكة «إيه بي سي نيوز» لقاء مع بوش في 18 اكتوبر 2006 وجه خلاله مقدم البرنامج، ستيفانوبولوس، سؤالا الى بوش حول ما اذا كان يتفق مع وجهة نظر الكاتب الصحافي توماس فريدمان الذي كتب في «نيويورك تايمز» ان الوضع في العراق مشابه لما حدث في فيتنام قبل 40 عاما. أجاب بوش قائلا ان فريدمان ربما يكون على صواب. إلا ان هذه المقارنة اوجدت بعد مرور عام تقريبا جوا سلبيا ضد الرئيس بوش.

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، هاري ريد، سارع بالتعليق على موقف بوش قائلا: «محاولة الرئيس بوش مقارنة الحرب في العراق بالنزاعات العسكرية السابقة في شرق آسيا تجاهلت الفارق الرئيسي بين النزاعين. شعبنا تعرض للتضليل من جانب ادارة بوش سعيا لضمان تأييد غزو العراق على اساس ذرائع كاذبة، الأمر الذي أدى الى واحد من أسوأ أخطاء السياسة الخارجية في تاريخنا».

وقال ماكنامارا، الذي عمل وزيرا للدفاع خلال الفترة من 1961 حتى 1968، انه كان بالإمكان منع حدوث هذه المأساة.

ترى، ما هي رؤية الرئيس بوش؟ انه معجب بقوة اميركا.

حرب فيتنام استمرت 15 عاما وأودت بحياة 58 ألف اميركي وثلاثة ملايين فيتنامي.

هل يريد بوش فيتنام اخرى بدون هزيمة او انسحاب؟ قدم بوش نفسه كرئيس في زمن حرب،على الرغم من انه قال «كنت اتمنى ألا اقول ذلك».

السؤال الآن: هل يعتقد بوش ان الحرب في العراق كارثة، على حد وصف ماكنامارا؟

وهل نستطيع القول ان الرئيس بوش في حاجة الى حزم امره؟ انه في حاجة الى قراءة الكثير عن الحرب في فيتنام. هناك تقرير نادر أعده البنتاغون وجرى تسريبه الى وسائل إعلام اميركية، وهو تقرير من 7000 صفحة، 3000 منها تحليلات، ويمكن القول انه افضل مصدر لفهم الحرب في فيتنام.

عقب قراءة هذا التقرير يتضح ان القوة العسكرية ليست عصا سحرية يمكن ان يستخدمها الرئيس بوش لحل كل المشاكل.

استمر بوش في خطابه في إبداء إعجابه بالقوة العسكرية للولايات المتحدة. فقد قال، على سبيل المثال، «اميركا حاربت في أماكن تمتد من نورماندي الى بوسان الى خي سون الى الكويت والصومال وكوسوفو وأفغانستان، وفي العراق لدينا اعظم قوة تحرير للبشرية عرفها العالم».

السلطة تسكر البعض أحيانا، وفي أحيان اخرى تصبح مثل المخدرات. ويبقى السؤال: ما هو وجه الشبه الرئيسي بين العراق وفيتنام؟

بالنسبة لي، كلاهما مأساة انسانية لن ينساها التاريخ ابدا.


ليست هناك تعليقات: