Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 2 ديسمبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات السبت 01-12-2007


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
مشروع تأسيس حركة التحرر العربية الديمقراطية

د . محمد السعيد ادريس
حركة القوميين العرب

أولاً: الدوافع والحوافز


لقد استطاعت الأمة العربية أن تفجر، في لحظة فارقة من تاريخها، حركة تحرر عربية مع ولادة ثورتها الناهضة في مصر بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، في الثالث والعشرين من يوليو/ تموز 1952. وقد جاءت حركة التحرر العربية هذه استجابة لطموحات الأمة العربية في النهوض وإقامة مجتمع العزة والكرامة في دولة عربية متحدة، كما جاءت رداً على كل التحديات والترتيبات الدولية والإقليمية، لاسيما في وطننا العربي التي فرضتها نتائج الحرب العالمية الأولي وعلى الأخص منها مشروع التقسيم والتجزئة الذي حول الوطن العربي إلى شظايا من الأقطار المتباعدة معنوياً رغم التصاقها جغرافياً، والنتائج التي فرضتها الحرب العالمية الثانية وعلى الأخص منها مشروع التبعية والاستقطاب العالمي وفرض الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي لترسيخ النتائج التي فرضتها الحرب العالمية الأولى.


ومثلما جاءت حركة التحرر العربية في عقدي الخمسينيات والستينيات استجابة لطموحات الأمة في الحرية والاشتراكية والوحدة التي تتجسد في مجتمع العزة والكرامة، مجتمع الكفاية والعدل، كما جاءت رداً على كل التحديات الدولية والإقليمية، فإنها جاءت أيضاً متزامنة مع ولادة حركة تحرر عالمية لم تكن حركة التحرر العربية مجرد أحد روافدها بل كانت في طليعة قيادتها التي تجسدت داخل مؤتمر باندونج عام 1955، ثم في مؤتمر بلجراد الذي أسس لحركة عدم الانحياز عام 1961. لقد كانت قيادة جمال عبد الناصر ومن خلفه حركة التحرر العربية ومعه كل من الزعيم الهندي جواهر لآل نهرو والزعيم اليوغوسلافي جوزيف بروز تيتو، لحركة التحرر العالمية دليلاً أكيداً على وحدة حركة النضال العالمية ضد الاستعمار الجديد وضد كل محاولات الهيمنة ورفضاً للاستقطاب العالمي.


من هنا جاءت مقولة الزعيم جمال عبد الناصر التي أكد فيها أن هزيمة الاستعمار في أي بقعة من العالم هي انتصار للقومية العربية ولحركة التحرر العربية، لذلك لم تكتف حركة التحرر العربية حينذاك بأن تكون شريكاً فاعلاً في قيادة حركة التحرر العالمية التي تجسدت في حركة عدم الانحياز التي أخذت على عاتقها محاربة الاستعمار والدعوة لإقامة نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر عدلاً وديمقراطية، ولكنها أخذت على عاتقها أيضاً مسؤولية دعم نضال شعوب العالم من أجل الحرية والاستقلال لكل دول العالم الثالث الناهضة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ودون انعزال عن التلاقي مع كل القوي المناهضة للاستعمار الإمبريالي الجديد داخل المجتمعات الغربية.


هذه التجربة النضالية العربية التي فجرتها حركة التحرر العربية في الخمسينيات والستينيات كانت لها خصوصياتها وفي مقدمتها أنها تجسيد للاستجابة لطموحات ومواجهة تحديات مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ورواسب الحرب العالمية الأولى، وانسجام مع القيم والمبادئ التي ارتكز عليها النظام العالمي الجديد كما هي مدونة في ميثاق منظمة الأمم المتحدة وخاصة مبادئ التعاون الدولي وحل المشاكل والأزمات بالطرق السلمية ونبذ الحروب، ورفض التدخل في الشئون الداخلية للدول والدفاع عن سيادتها الوطنية، لكنها كانت أيضاً، وهذا هو الأهم، تعبيراً عن واقع سياسي عربي جديد فرضه تفجر الثورة العربية في مصر، وبروز زعامة جمال عبد الناصر التي جعلت من مصر الناصرية قاعدة للنضال التحرري الوحدوي العربي، والتي استطاعت أن تلتقي مع نظم حكم عربية أخري شاركتها الأهداف والمبادئ، لكن الأهم هو أنها استطاعت أن تلتقي مباشرة مع الشارع العربي.

كان محور هذه التجربة النضالية العربية هو اللقاء المباشر ودون وساطة بين الزعيم في مصر وجماهيره في كافة أرجاء الوطن العربي متجاوزة حدود التقسيم والتجزئة ودون وساطة من أحزاب أو أنظمة حكم أو حتى جامعة الدول العربية التي بقت إطاراً نظامياً تلتقي فيه نظم الحكم العربية على قاعدة التنسيق الضيقة التي فرضها ميثاقها الذي فرضته اعتبارات التأسيس عام 1945 في ظل خضوع معظم الدول العربية للاستعمار الغربي.


والآن تواجه الأمة العربية تحديات أكثر ضراوة وقسوة فرضتها نتائج سقوط النظام العالمي السابق ثنائي القطبية وظهور معالم نظام عالمي جديد لا تتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادته فحسب، وإنما تسعى إلى فرض نظام إمبراطوري عالمي يؤسس من خلال سيطرتها الكاملة على ما تسميه بـ "إقليم الشرق الأوسط الكبير" الذي يهدف إلي فرض الهيمنة الأمريكية الكاملة على مقدرات وثروات هذا الإقليم وفي مقدمتها الثروات النفطية، من خلال السيطرة المباشرة ومن خلال إعادة تقسيم ما سبق تقسيمه بعد الحرب العالمية الأولى ومن خلال فرض ما سمي بـ "سياسة الفوضى البناءة" بإشعال الحروب الطائفية والمذهبية لتأسيس هذا النظام الشرق أوسطي على قاعدة الدولة الطائفية والعرقية التي يستطيع من خلالها الكيان الصهيوني القيام بدور القوة الإقليمية العظمي المهيمنة.


لقد كانت الحرب الأمريكية على العراق عام 2003 واحتلاله التي تعمدت بعض دوائر الفكر الاستراتيجي الأمريكي تسميتها بـ "الحرب العالمية الرابعة" (اعتقاداً بأن الحرب الباردة كانت بمثابة حرباً عالمية ثالثة) هي البداية لفرض هذا المشروع الإمبراطوري الأمريكي الذي ضرب عرض الحائط بكل مبادئ وأهداف النظام العالمي السابق وكل مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعلى الأخص احترام السيادة الوطنية للدول، وهي البداية أيضاً لفرض مبادئ بديلة تجسدها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي حملت اسم "استراتيجية الضربات الوقائية" التي تعطي للولايات المتحدة، دون غيرها، حق التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحق استخدام القوة ضد من تريد، وحق تقسيم العالم إلي معسكرين أولهما تابع للهيمنة الأمريكية تحت مسميات متنوعة أبرزها "محور الخير" أو "محور الاعتدال"، وثانيهما معارض يحمل اسم "محور الشر"، وعندما قررت الولايات المتحدة غزو العراق تجاوزت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كله، وأصدرت قراراً أمريكياً منفرداً بالغزو أيدته بريطانيا وإسبانيا وفرضت على العالم أن ينقسم بين مؤيد للغزو وشريك، بالتالي، في تأسيس التحالف الدولي لغزو العراق، وبين معارض للغزو ألصقت به تهمة "محور الشر".


ومثلما كانت بداية خوض معركة تأسيس الإمبراطورية في العراق، فإن بداية فرض مبادئ السياسة الأمريكية الجديدة كانت في عالمنا العربي من خلال الدعوة لتأسيس نظام الشرق الأوسط الكبير كنظام إقليمي بديل للنظام الإقليمي العربي يقوم على قاعدة الدولة الطائفية والعرقية التي يجري فرضها بداية في العراق استجابة لسياسة تغيير الخرائط السياسية وفرض خرائط سياسية بديلة جديدة لتأسيس دويلات طائفية وعرقية تكون قاعدة تكوين هذا الشرق الأوسط الكبير.


هذا الواقع السياسي الجديد المفروض على الوطن العربي لا يجسد تهديداً فقط لأمل الوحدة العربية، لكنه بات يستهدف الدولة الوطنية العربية ذاتها بالدعوة إلى إعادة تقسيمها. وهكذا فإنه بدلاً من المسعى العربي لحركة التحرر العربية في الخمسينيات والستينيات، لإعادة توحيد ما سبق تقسيمه من أرض العرب أثناء وبعد الحرب العالمية الأولي، يجد العرب أنفسهم الآن أمام مخطط إعادة تقسيم ما سبق تقسيمه بعد إكمال مخطط تفكيك رابطة النظام الإقليمي الرسمي العربي بفرض سياسة استقطاب جديدة على قاعدة محوري "الاعتدال" و"الشر".


هذا الواقع السياسي الجديد يشهد أيضاً تطابقاً بين إنتاج استقطاب طبقي اجتماعي- سياسي جديد على الصعيد العالمي تجسيداً لسياسة العولمة وانطلاق الرأسمالية العالمية المتوحشة لفرض سيطرتها متجاوزة كل الحدود التقليدية للدول ومعتمدة على سياسة التدخل القسري في الشئون الداخلية للدول، وبين إنتاج استقطاب طبقي اجتماعي - سياسي جديد داخل الدول العربية. ومثلما تم تقسيم العالم إلى مجتمعات (وليس دول) غنية مسيطرة ومجتمعات أخري فقيرة مسيطر عليها، يجري فرض استقطاب طبقي اجتماعي – سياسي داخل الدول العربية بين طبقات تحتكر السلطة والثروة وطبقات فقيرة محرومة ومعزولة ومهمشة ومسيطر عليها.


الأهم من هذا هو ذلك التلاقي، الذي يصل إلى درجة التحالف، بين قوي الهيمنة الرأسمالية الخارجية التي يقودها النظام الإمبراطوري الأمريكي وحليفه الصهيوني، وبين القوي المسيطرة على السلطة والثروة داخل الدول العربية التي تمارس الاستبداد والفساد.


هذا التحالف بين قوى الهيمنة العالمية التي يجسدها المشروع الإمبراطوري الأمريكي الجديد وقوي الاستبداد والاحتكار السياسي والاقتصادي في الداخل العربي ليس وليد تطورات عالمية فقط ولكنه أيضاً وليد تطورات عربية، على مستوى كل دولة عربية وعلى مستوى النظام العربي ككل عندما تراجع ثم اختفي دور دول الثورة ابتداءً من عقد السبعينيات وبالتحديد ابتداءً من نكسة يونيو/ حزيران 1967 ثم وفاة الزعيم جمال عبد الناصر وانتصار الثورة المضادة في مصر وسيطرتها على مقاليد الدولة والسلطة والانحراف بها في اتجاه القبول بالهيمنة الأمريكية أولاً ثم التطبيع مع الكيان الصهيوني ثانياً.


ومع تراكم الثروات النفطية وما سمي بـ "البترو دولار العربي" مع موجة ارتفاع أسعار النفط التي صاحبت حرب أكتوبر/ تشرين أول عام 1973، بدأت دول الثروة تسيطر على مقاليد النظام العربي وتنحرف به في اتجاه التحالف المصلحي مع الهيمنة الأمريكية والقبول بالحل السلمي للصراع العربي – الصهيوني ابتداءً من "مشروع فاس - 1" (مشروع الأمير فهد) عام 1981، ثم مشروع "فاس - 2 " عام 1982. وجاء احتلال الكيان الصهيوني لبيروت في ذلك العام ليفضح عجز النظام العربي ويكشف مدي تورطه في مخطط التطبيع المبكر مع الكيان الصهيوني.


هذه التطورات والتحالفات كانت لها امتداداتها داخل الدول العربية مع سياسة الانفتاح الاقتصادي والقبول بدعوة أو سياسة "التكيف الهيكلي" التي أدت إلى تراجع الدولة عن القيام بدورها الاجتماعي والانقضاض على المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الشعبية الفقيرة من عمال وفلاحين وطبقة وسطي مما أدى إلى مزيد من سياسات الإفقار وازدياد عدد الأغنياء وتراكم ثرواتهم، كما ازداد عدد الفقراء وازداد فقرهم.


وارتبط بهذا الواقع الاقتصادي - الاجتماعي العربي واقع سياسي لا يقل سوءاً أصبحت فيه "الدولة التسلطية" هي المسيطرة على مقاليد السلطة والثروة وفرضت معادلة احتكار السلطة، وتجريف بنية العمل العربي عبر ممارسات مؤسسات سياسية فاسدة حالت في بعض الأحيان دون قيام تعددية سياسية حقيقية وأدت في أحيان أخرى إلى قيام تعددية سياسية مشوهة فرضت معادلة أو لعبة سياسية قائمة على قاعدة وجود حزب أو عائلة أو قبيلة حاكمة تسعي إلى أن تظل حاكمة وإلى الأبد ووجود أحزاب معارضة تعارض فقط وقبلت أن تظل معارضة وإليى الأبد. وقد سقط أغلبها تحت ضغوط الترهيب والغواية التي تمارسها السلطات الحاكمة والتي استطاعت من خلالها أن تنتزع هذه الأحزاب من قواعدها الشعبية وتجعلها مجرد أدوات مزيفة لتجميل الوجه القبيح للدولة التسلطية والمعادلة السياسية المشوهة لمجمل العمل السياسي، وشاهد زور على فرض شرعية مزيفة لهذه الدولة التسلطية الحاكمة في أغلب الدول العربية سواء كانت ملكية أو جمهورية، التي هي الوجه الحديث والمعاصر للدولة المستبدة، والتي تسعي إلى الاحتكار الفعَّال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع لمصلحة الطبقة أو القبيلة أو العائلة الحاكمة، وهي خلافاً لكل أشكال الدولة المستبدة السابقة تحقق هذا الاحتكار عن طريق اختزال المجتمع المدني وتحويل مؤسساته إلى تنظيمات تضامنية تعمل كامتدادات لأجهزة الدولة، كما أنها خلافاً لكل أشكال الدول المستبدة الأخرى، تخترق النظام الاقتصادي وتسيطر على مقاليد الثروة إما بالمصادرة أو بالفساد، وتعتمد اعتماداً مفرطاً على الأجهزة الأمنية لدرجة توريط الجيوش في مهمة فرض الأمن الداخلي لحماية النظام الحاكم وفرض استمراريته بالترويج لمعادلة "الاستمرار والاستقرار"، أي أن استمرار هيمنة النظام الحاكم هو الضمان الأفضل للاستقرار الذي هو البديل المباشر للفوضى التي تحرص على أن تجعلها قرينة لدعوة التغيير لمصادرة هذه الدعوة واعتبارها ومن يقومون بها المصدر الأساسي لتهديد الاستقرار، أي تهديد الشرعية القائمة التي من خلالها تتمكن هذه القوى الحاكمة من ترسيخ سيطرتها على الحكم.


ثانياً: حركة التحرر العربية الجديدة وخصائصها


لقد استطاعت الأمة العربية أن تفجر حركة تحرر عربية رائدة لكل حركات التحرر في العالم وقت أن كان تحرير الأرض العربية المحتلة من القوى الاستعمارية ومن الحركة الصهيونية العالمية هو الهدف الاستراتيجي الأعلى، وقد ارتكزت هذه الحركة التحررية العربية على الزعامة الثورية للقائد جمال عبدالناصر وللدور المركزي لمصر الناصرية بالتعاون مع كل القوى الثورية والقومية والتحررية الموجودة على الأرض العربية وبالتحالف مع حركة التحرر العالمية. والآن فإن تلك البيئة التي تفجرت فيها تلك الحركة العربية التحررية لم تعد موجودة بل توجد بيئة أخرى شديدة الاختلاف تفرض التجديد والتطوير ليس فقط في تكوين حركة التحرر المطلوبة ولكن أيضاً في نوعية الأدوار والمهمات التي يجب أن تقوم بها. وثمة تغيرات عديدة ساهمت في الوصول إلى هذا الوضع.


أول هذه التغيرات أن الزعامة القومية لم تعد موجودة، كما أن تجربة التعويل الكامل على دور الفرد في قيادة أمة، مهما كانت قيمة دور الفرد في تاريخ الأمم قد أكدت أن هذا التعويل شديد الخطر في حالة غياب الفرد وفي حالة التفريط في مهمة إنجاز مؤسسات شعبية قادرة على أن تكون القوة الأساسية في قيادة المشروع، وفي حالة غياب الممارسات الديمقراطية وتوفير الحريات السياسية المركزية التي تتيح للشعوب أن تمارس دورها القيادي في تحمل مشروعاتها الوطنية والقومية.


وثاني هذه التغيرات أن دور الدولة المركزية أو "الإقليم القاعدة" الذي قامت به مصر الناصرية رغم كل إيجابياته، إلا أنه كان انتكاسة هائلة للأمة في حالة تعثر دور هذه الدولة المركزية وفي حالة حدوث تغيير في أولوياتها وفقاً لما يحدث من تغيرات داخلية في بنية السلطة داخل هذه الدولة. تجربة مصر بعد وفاة جمال عبدالناصر وبعد انقلاب الثورة المضادة على الثورة الناصرية في الثالث عشر من مايو 1971 بقيادة أنور السادات، وانحراف الرئيس المصري الجديد بالدور القومي المركزي لمصر الناصرية واتجاهه المبكر للتحالف مع الولايات المتحدة والتصالح مع الكيان الصهيوني وإحداث تغيير كامل في طبيعة نظام الحكم المصري، هذه التجربة باتت كافية للنظر إلى دور الدولة المركزية في قيادة حركة القومية العربية بأبعادها المختلفة التحررية والاشتراكية والوحدوية بمنظور وتقييم جديد يراجع هذا الدور ولا يعول عليه لصالح بديل أكثر قدرة وأكثر صلابة وأكثر استمرارية في تحمل المسئوليات النضالية للأمة.


أما ثالث هذه التغيرات فيتركز في تغير نوعية التهديدات الراهنة عن تلك التهديدات التي كانت تواجه الأمة في تجربة العرب التحررية في الخمسينيات والستينيات. فمع غياب الزعامة الناصرية التاريخية وغياب مصر الناصرية، غابت أيضاً حركة التحرر العالمية التي كانت تتمثل في حركة عدم الانحياز، بعد غياب زعاماتها التاريخية، وبعد الانقلابات الدرامية التي حدثت داخل الدول الرائدة في قيادة هذه الحركة ودخول أعداد كبيرة من الدول الموالية للغرب وللولايات المتحدة في عضوية هذه الحركة مما أدى إلى ترهلها وعجزها عن مواجهة التحولات الهائلة في بنية وطبيعة النظام العالمي بعد اختفاء النظام العالمي ثنائي القطبية وتفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف وارسو.


إن ما حدث على مستوى النظام العالمي لم يقتصر فقط على غياب القوة العالمية الموازنة للقوة العالمية الأمريكية المهيمنة متمثلة في الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو، أو على غياب الحليف الاشتراكي المدافع والمؤيد للنضال الوطني لحركة التحرر العالمية وفي قلبها حركة التحرر العربية، بل وأيضاً على التطور الخطير في قوة ودور القوة الأمريكية المهيمنة التي باتت تتحول إلى قوة إمبراطورية عالمية ومرتكزة على دور متوحش للرأسمالية العالمية بعد الضربة الخطيرة التي تعرضت لها التجربة الاشتراكية، مرتكزة أيضاً على حركة العولمة بأبعادها الأيديولوجية الرامية إلى فرض هيمنة أيديولوجية غربية وسيطرة أمريكية على العالم.


هذه التغيرات التي حدثت في النظام العالمي امتدت أيضاً إلى النظام الإقليمي في الشرق الأوسط ومنه إلى النظام العربي. فالولايات المتحدة وهي تسعى إلى تأسيس إمبراطوريتها العالمية اختارت إقليم الشرق الأوسط ليكون منطلقاً ومرتكزاًَ لبناء هذه الإمبراطورية، وهي هنا تسعي إلى تدمير النظام العربي وإلي فرض خرائط سياسية جديدة على حساب الدول العربية القائمة، وإليى تفتيت الدول العربية إلى دويلات طائفية وعرقية وقيام نظام إقليمي شرق أوسطي جديد عرقي وطائفي تقوده الدولة اليهودية كدولة إقليمية عظمي.


في ظل هذا الواقع لم يعد الخطر أو مصدر التهديد هو مجرد مساعي أمريكية للسيطرة أو استمرار بقاء الدولة اليهودية في فلسطين، بل إن الدول العربية التي كانت تسعي إلى الوحدة باتت مهددة في وحدتها الوطنية ولم تعد قادرة على حماية سيادتها واستقلالها الوطني. والكيان الصهيوني الذي كان يدافع عن استمرار احتلاله لفلسطين بات يتطلع مدعوماً بالحليف الأمريكي إلى الهيمنة الإقليمية على حساب تمزيق وتدمير النظام العربي.


هذا الواقع الجديد بكافة أبعاده الوطنية والقومية والإقليمية والعالمية يفرض قيام حركة تحرر عربية جديدة على أسس جديدة: أولها وأهمها، أن تكون حركة شعبية وديمقراطية بدلاً من أن تكون حركة نظم حكم عربية تحررية. وثانيها، أن تكون صاحبة مشروع قومي شامل في حجم خطورة وشمولية التهديدات التي تواجه الأمة. وثالثها، أن تكون قادرة على التحالف مع كل الحركات الشعبية العالمية المعادية للعولمة بأبعادها الأيديولوجية وبقوتها الرأسمالية المتوحشة.


1- شعبية وديمقراطية الحركة


إن التحديات الهائلة التي تواجه الأمة العربية الآن والمهام الوطنية والقومية المطلوب إنجازها تفرض قيام حركة تحرر شعبية في تكوينها أي مرتكزة على قوى شعبية ومؤسساتها الجماهيرية المختلفة من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني وحركات شعبية متنوعة تكون مؤمنة بهدف قيام حركة تحرر عربية شاملة، وأن تكون هذه الحركة ديمقراطية في تأسيسها ومؤسساتها وأدائها دون سيطرة أو هيمنة من أي طرف مشارك، وأن تتمتع بالقدر الأعلى من الشفافية والمحاسبة في الأداء، وأن تمتلك من أدوات الرقابة والمحاسبة ما يجعلها دائماً بمنأى عن أي شطط أو تعسف أو انحراف.


إن الحركات الشعبية المنتشرة في كثير من الدول العربية الآن هي علامات رائدة على ما يمكن أن تكون عليه حركة التحرر العربية الجديدة، من ناحية الاعتماد على العضوية الفردية وليس على العضوية الحزبية، بحيث لا تكون تكراراً لتجارب الجبهات الحزبية التي فشلت في معظمها داخل كثير من الدول العربية.



لقد كانت جبهات الأحزاب محكومة بالأهداف الخاصة بكل حزب، وأيديولوجيته الجامدة والمنغلقة الحاكمة لأدائه وبرنامجه السياسي وديكتاتورية بنيته التنظيمية وافتقاده للحراك الديمقراطي الداخلي، ومن ثم كانت مجرد جبهات أو تحالفات انتخابية سرعان ما تواجه التفكك والتحلل بعد تلك الانتخابات، وكانت أيضاً جبهات مؤقتة بأداء غرض معين في مواجهة السلطات الحاكمة، ولكنها ولكل ما تتمتع به من ممارسات انتهازية وسلطوية سرعان ما تنفجر إما بسبب خلافات داخلية أو اختراقات سلطوية من مؤسسات النظام الحاكم. أما تجارب الجبهات الحزبية التي استطاعت الصمود لفترة طويلة فإنها كانت في الغالب خاضعة لحزب قائد أو مهيمن أو مسيطر تشاركه بعض الأحزاب السلطوية الضعيفة العاجزة عن المنافسة والطامعة في الحصول على فتاة ممارسة السلطة، ويكون بقاءها مرهوناً بما تقدمه من تجميل للوجه غير الديمقراطي القبيح لذلك الحزب الحاكم المهيمن.


إن الحركة التحررية الجديدة يجب أن تكون شعبية بقدر ما تعكسه من المبادرات الفردية للأعضاء ولمن ينتسب إليها متجاوزة الانتماءات الحزبية والأطر الأيديولوجية الضيقة، وأن تضم كافة التيارات الوطنية الفاعلة داخل الأقطار العربية وعلى الأخص منها: التيار القومي والتيار اليساري الاشتراكي والتيار الليبرالي والتيار الإسلامي وخاصة المؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية وبالأهداف التحررية للمشروع النهضوي العربي الذي تسعي حركة التحرر العربية من أجل إنجازه.


إن الوعي بحقيقة وخطورة التحديات التي تواجه الأمة الآن وفداحة المهام التي يجب أن تقوم بها حركة التحرر العربية تفرض على كل تيار من هذه التيارات أن يكون واعياً بأنه وحده لن يستطيع مواجهة التحديات ولن يكون قادراً على إنجاز المهام النضالية الهائلة المطلوب إنجازها، إن التجربة العملية العربية الراهنة تؤكد أنه ليس في مقدور أي تيار من التيارات المكونة للحركات الوطنية العربية أن يواجه التحديات ويحقق المهام المطلوبة أياً كانت قوته. إن تحالفاً يجمع كل هذه التيارات بكافة تعدديتها وتنوع انتماءاتها هو وحده القادر على مواجهة التحديات وإنجاز المهام.


لقد شهدت بعض الساحات العربية تجارب ناجحة من هذا النوع الشعبي الديمقراطي الذي يجمع كل التيارات الوطنية معتمداً على العضوية الفردية وعلى الوعي بتلك الحقيقة، وقد استطاعت هذه الحركات أن تحقق إنجازات مهمة وأن تدفع بالقوى الشعبية وخاصة العمالية منها إلى اقتحام ساحة العمل الوطني السياسي والاجتماعي الأمر الذي يؤشر إلى أن أداء ودور مثل هذه الحركات عامل شديد الأهمية لتفعيل الحياة السياسية العربية وتحريك الركود المستحكم بها، والدفع بقوى التغيير الحقيقية وخاصة الطبقات الشعبية من عمال وفلاحين وكل الكادحين للتخلي عن ترددها والدخول بقوة كطرف كامل في التجربة الوطنية للتغيير. إن تجربة الحركة المصرية للتغيير "كفاية" في مصر هي نموذج لما يمكن أن تكون عليه حركة التحرر العربية الجديدة من حيث عمومية التجربة دون تقيد بخصوصياتها، وأن تكون العضوية فردية، وأن تكون جامعة لكل التيارات الوطنية.


إن قوة حركة التحرر العربية الجديدة لن تكون فقط بشعبيتها ولكن أيضاً بديمقراطيتها، فهي يجب أن تقدم النموذج الأمثل للتكوين وللأداء الديمقراطي وأن يكون على رأس مهامها فرض الديمقراطية كقيمة سياسية عليا لأهدافها الاستراتيجية ولمشروعها النهضوي الذي يجب أن تسعي إلى تحقيقه.


لقد عانت الأمة العربية وحركة القومية العربية طيلة العقود الماضية من افتقادها البُعد الديمقراطي على مستوي الممارسة الداخلية في الوقت الذي كانت ترفع شعار بُعدها التحرري على المستوي العالمي وفي مواجهة الحركة الاستعمارية. لقد اتهمت حركة القومية العربية بأنها بقدر ما اهتمت بتحرير الأوطان لم تهتم بتحرير الشعوب ولم تؤسس نظم حكم ديمقراطية ومؤسسات سياسية ديمقراطية قادرة على تأمين أدائها السياسي والدفع بالتجربة العربية نحو تحقيق غاياتها.


إن مثل هذه الاتهامات أياً كانت صدقيتها فإنها تفرض على حركة التحرر العربية الجديدة ليس فقط أن تكون ديمقراطية في ذاتها وفي أدائها بل وأن تسعى إلى أن تجعل الديمقراطية أهم أهدافها وتفرضها كقيمة سياسية عليا وأساسية في نظم الحكم العربية المستهدف تحديثها وتطويرها.


2- المشروع النهضوي الحضاري لحركة التحرير العربية الجديدة


تكتسب حركة التحرير العربية أهميتها وقيمتها من كونها تستهدف أولاً مواجهة التحديات والأخطار التي تتهدد الأمة على كافة المستويات الوطنية والقومية والإقليمية والعالمية، ومن كونها تستهدف ثانياً النهوض بالأمة وتحقيق الأهداف العليا كي تكون جديرة بأن تكون شريكاً فاعلاً ومؤثراً في النظام العالمي وأن تكون ممتلكة لكل مصادر القوة والتفوق والمنعة التي تجعلها عصية على الاستهداف من القوى المعادية.


إن تحقيق هذا كله لا يمكن أن يحدث إلا من خلال امتلاك مشروع نهضوي حضاري تجمع عليه كافة القوى والتيارات السياسية العربية القادرة على بناء "مجتمع الكفاية والعدل والحرية" وامتلاك القدرات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية الكفيلة بصون وحماية الأمن القومي العربي وتحرير الأراضي العربية المغتصبة والمحتلة، فضلاً عن امتلاك القدرات الذاتية للتحديث والتطور والتجدد الحضاري التي تمكن الأمة من التخلص من كل قيود التخلف والتراجع وامتلاك قدرات النهوض والتقدم وتحقيق وحدتها المأمولة.


إن المشروع النهضوي العربي الذي يجب أن تسعي حركة التحرر العربية الجديدة إلى تحقيقه هو مشروع صنع المستقبل العربي ذاته في مواجهة المعضلات والتحديات الست الأساسية الراهنة: الاحتلال والتجزئة والتخلف والاستغلال والاستبداد والتأخر والتراجع والجمود الحضاري، من خلال الأهداف والمهام النضالية القادرة على مواجهة هذه التحديات والمعضلات التي تتفاقم يوماً بعد يوم.


إن حركة التحرر العربية يجب أن تسعي إلي تحقيق أهداف ست لمواجهة تلك المعضلات الست: هدف التحرر والاستقلال الوطني والقومي لمواجهة حالة الاحتلال والخضوع للهيمنة الأجنبية التي تتفاقم يوماً بعد يوم، والحرية والديمقراطية لمواجهة الاستبداد الداخلي الذي تجسده الدولة التسلطية المتحالفة مع قوي الهيمنة الخارجية، والعدل القانوني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي لمواجهة الظلم والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والاحتكار السياسي للسلطة، والتنمية المستدامة القادرة على تحقيق مجتمع الكفاية لمواجهة التخلف والتبعية، والنضال المتجدد والمتواصل من أجل تحقيق الوحدة العربية يبقي هو الرد الحاسم ليس فقط لمواجهة التجزئة التي فرضت على الأمة في عقود طويلة مضت من الخارج ولكن أيضاً لمواجهة مشروع إعادة التقسيم الذي يسعى المشروع الإمبراطوري الأمريكي – الصهيوني إلى فرضه على الوطن العربي بالتعاون مع أطراف داخلية منحرفة الولاء الوطني والقومي ارتضت أن تكون بؤراً للعمالة الأجنبية ومرتكزات للتبعية والهيمنة. أما التجدد الحضاري والتحديث المتواصل وتحرير الفكر العربي من انغلاقه وجموده وانفتاحه الحر على كل مصادر التنوير والثقافة الحرة فهو الكفيل لمواجهة كل قيود التعثر والتأخر التاريخي وحماية الهوية القومية العربية من كل محاولات الانحراف بها إلى مزالق هويات طائفية أو عرقية أو نزعات شعوبية بغيضة تهدف إلى فرض خطط إعادة التقسيم الراهنة.


إن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة أو بشكل متزامن، لأن ذلك يفوق كل قدرات الأمة ولا يتناسب مع ضخامة التحديات التي تواجهها، ولكن الأمر يستلزم أولاً وضع استراتيجية واضحة لتحقيق الأهداف ترتكز أولاً على تحديد ما يمكن تسميته بـ "هدف الاختراق" أي الهدف النموذجي الذي يمكن من خلاله الانطلاق لبدء مشروع النهضة والقادر على جذب الأمة وتمكينها من تحقيق باقي الأهداف عبر سلسلة من المهام النضالية المتداخلة فيما بينها. ويستلزم ثانياً السعي لامتلاك القدرات والآليات والأدوات اللازمة للبدء في تحقيق وإنجاز المشروع النهضوي بأهدافه الست.


أ - الهدف المركزي القادر على تحقيق الاختراق


إن هدف العدل والحرية والكفاية هو المهمة المركزية الأساسية التي يجب أن تسعي حركة التحرر العربية الجديدة للنضال من أجلها لبناء مجتمع "الكفاية والعدل والحرية" الذي من خلاله يمكن تحقيق باقي الأهداف العربية عن طريق السعي لمواجهة الاستبداد والهيمنة والتخلف.


فمجتمع العدل الذي يجب أن يكون هدف التغيير المطلوب هو مجتمع العدل القانوني ومجتمع العدل الاقتصادي والاجتماعي ومجتمع العدل السياسي. والعدل القانوني هو حكم القانون في دولة مدنية قائمة على قاعدتين: السيادة للقانون وحده وليس لغيره من الاعتبارات، والمساواة بين المواطنين دون تمييز لأي سبب من الأسباب، أي المساواة القائمة على قاعدة المواطنة.


أما العدل الاقتصادي والاجتماعي فهو مجتمع العدالة التوزيعية أي عدالة توزيع الثروة الوطنية بين المواطنين بما يحقق تكافؤ الفرص ويذيب الفوارق بين الطبقات، ويؤمِّن الحقوق في العمل والتعليم والسكن والعلاج ويحول دون حدوث الاستقطاب الطبقي بين أقلية تملك وأغلبية محرومة لا تملك. أما العدل السياسي فهو الذي يحقق العدالة في توزيع القوة السياسية بين المواطنين، أي العدالة في النصيب المتكافئ من السلطة والحيلولة دون احتكارها لأي سبب من الأسباب لحزب أو قبيلة أو عائلة أو فرد أو طبقة. فالقوة السياسية، أي السلطة، هي ملك وطني عام يجب عدم احتكاره وذلك من خلال تفعيل مبدأ "تداول السلطة" ومن خلال عمليات ديمقراطية متعددة تؤمِّن الحق الكامل غير المشروط في المشاركة السياسية، والانتخاب الحر وتمكين المواطنين من الاختيار الحر النزيه لحكامهم، وتمكينهم من مجمل حقوقهم السياسية في التعبير الحر والتنظيم والتظاهر وغيرها من الحقوق السياسية.


أما مجتمع الحرية الذي يجب أن يكون الهدف الثاني لعملية التغيير المطلوبة فيعني تأمين ثلاثة حريات: حريات الأفراد وحرية المجتمع وحرية الوطن. ويكون تأمين حريات الأفراد بكفالة الحريات المدنية والإنسانية وفي مقدمتها حرية الاختيار وحرية الفكر وحرية العقيدة واحترام عقائد الآخرين، وحرية تبادل المعلومات، وحرية التنظيم، وحرية التعبير، والقضاء على كل أشكال القهر والاستبداد والتسلط السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، وإنهاء كل وجود للدولة التسلطية.


ويكون تأمين حرية المجتمع من خلال صيانة الحرية الكاملة للجماعات والثقافات الفرعية الوطنية وتأمين قاعدة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات دون تمييز بين كافة المواطنين في المجتمع.


فالمواطنة هي التعبير القانوني عن الوجود السياسي للوطن والمواطن معاً، وهي المدخل الأساسي للنهوض الوطني وهي حجر الزاوية لتطوير الوطن ابتداءً من نظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وامتداداً إلى النهوض الثقافي والارتقاء الحضاري. لأن افتقاد المواطنة هو الوجه الآخر لافتقاد الوطن بمدلولاته المعنوية والرمزية وليس فقط المادية. هذا يعني أن المواطنة تتجلي في أرقي صورها بارتقاء الاستقلال الوطني وثبات العزة والكرامة الوطنية من ناحية، كما تتجلى بتثبيت الحقوق السياسية للمواطن، ناهيك عن حقوقه الإنسانية وتمتعه بالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات دون تمييز، ووجود درجة عالية من الحريات الديمقراطية وانتفاء الحكم الاستبدادي السلطوي حيث تتوافق حرية الوطن مع حرية المواطن، فالمواطنة الحقيقية لا تتعالى على حقوق التركيبة الثقافية والاجتماعية والسياسية، ولا تمارس تزييفاً للواقع السياسي والاجتماعي، وإنما تتعامل مع هذا الواقع من منطلق حقائقه الثابتة وتعمل على فتح المجال للحرية والانفتاح والتعددية في الفضاء الوطني. فالأمن والاستقرار والتحديث، كل ذلك مرهون إلى حد بعيد بوجود مواطنة متساوية مصانة بنظام وقانون تحول دون التعدي على مقتضيات المواطنة الواحدة المتساوية ومتطلباتها.


أما حرية الوطن وهي الركن الثالث والأهم في بناء مجتمع الحرية فهي تستلزم تأمين استقلاله وسيادته الوطنية وإكسابه القوة والمنعة والاستعصاء ضد كل محاولات فرض الهيمنة والتبعية والتقسيم الجديد للخرائط السياسية، وتأمين حرية القرار الوطني من أية ضغوط أو شروط أو إملاءات خارجية، ورفض أية سياسات تنتقص من استقلالية وسيادة القرار الوطني التي هي التعبير المباشر عن حرية وسيادة الوطن ومصالحة الاستراتيجية.


إن بناء مجتمع العدل والحرية يستلزم أن يتزامن معه تحقيق الهدف الثالث وهو النضال من أجل بناء مجتمع الكفاية الإنتاجية عبر مشروع تنموي مستقل ومتواصل وقادر ليس فقط على مواجهة قيود التخلف ولكن تمكين الأمة أيضاً من امتلاك قدرات التقدم. فتوسيع قاعدة الثروة الوطنية عبر مثل هذا المشروع التنموي المتكامل المرتكز على العلم والتكنولوجيا لن يوفر فقط الشرط الموضوعي اللازم لتحقيق العدل الاقتصادي والاجتماعي المطلوب، حيث أنه لا عدل بدون كفاية، وإلا سيكون العدل مشوهاً ومقزماً في "العدل في الفقر" دون العدل المقترن بالرخاء، ولكنه سيفرض أيضاً الانخراط في العمل من أجل تحقيق الوحدة العربية أو سيقود حتماً إلى فرضها كضرورة لابد منها لتحقيق مجتمع الكفاية إذ أنه لا أمل في تنمية حقيقية في ظل ندرة الموارد وعدم تكاملها في كل قطر عربي. إن السوق العربية الواحدة هي التي تملك شرط تكامل الموارد وتنوعها وهي التي توفر القدرة الحقيقية على بناء مشروع تنمية قادر على تحقيق مجتمع الكفاية الذي هو الشرط الموضوعي لتحقيق مجتمع العدل وعلى الأخص في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية، والتخلص من عثرات "الدولة الفاشلة" التي باتت سمة مميزة للدولة الوطنية العربية الراهنة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، فهي لم تفشل فقط في بناء مجتمع الكفاية والعدل والحرية بل إنها عجزت، نتيجة لذلك، في الدفاع عن الأمن والسيادة الوطنية والقومية والحفاظ على عزة وكرامة الأمة التي يجري انتهاكها من جانب أطراف وقوي دولية وإقليمية تمتلك مشروعاتها للسيطرة والهيمنة في ظل غياب المشروع القومي العربي.


ب- القدرات والآليات اللازمة للمشروع


الاندفاع في تحقيق هذا الهدف المركزي الاختراقي لا يمكن أن يتحقق في ظل الظروف والتحديات العربية الراهنة التي سبق التأكيد عليها دون قيام حركة شعبية حرة قادرة على تنظيم الجماهير هدفها امتلاك ناصية المشروع النهضوي الحضاري والاندفاع به نحو المستقبل، وقادرة قبل هذا على تجاوز كل قيود الأطر التنظيمية والأيديولوجية المنغلقة التي حالت طيلة عقود طويلة مضت دون تحقيق جبهات نضالية عربية حقيقية.


إن تأسيس حركة التحرر العربية الجديدة التي تجسد هذه الحركة الشعبية هو الشرط الأساسي الذي يحقق هدف بناء تحالف شعبي عربي عريض يضم كافة التيارات الفاعلة في المجتمعات العربية والقادرة على التوحد على هذا المشروع النهضوي الحضاري وتحمل مسئولية السعي إلى تحقيقه.


أما الشرط الثاني فهو أن تمتلك هذه الحركة مشروعاً للمقاومة، وأن يكون شعار المقاومة العربية هو أداة النضال الحقيقية لتحرير الأرض المغتصبة والمحتلة، وتحرير الإرادة العربية السليبة، وبناء ثقافة مقاومة قادرة على القضاء على ثقافة الاستسلام والخضوع وهرولة نظم حكم ونخب عربية ورجال أعمال نحو الالتحاق بركب التبعية والتطبيع.


أما الشرط الثالث فهو تكوين شبكة متكاملة من أدوات التعامل الجماهيرية تضم القطاع الأوسع من منظمات وجمعيات المجتمع المدني من نقابات وجمعيات حقوقية وقانونية غير حكومية وأدوات إعلام من صحافة وتليفزيون وأدوات ثقافة من سينما ومسرح وغيرها، إضافة إلى توظيف كل أدوات الاتصال الإلكترونية وقبل هذا وذاك الارتكاز على قطاع واسع من المفكرين والمثقفين والطلائع الشبابية القادرة على التبشير بالمشروع النهضوي وتحمل مسئولية تأسيس حركة التحرر العربية والاندفاع بها نحو تحقيق الأهداف المطلوب إنجازها وفق برنامج عمل استراتيجي وآخر مرحلي يأخذ في اعتباره الأهداف الاستراتيجية والمرحلية التي يجب إنجازها وفق خطة محددة وعلى مدي زمني واضح ومحدد. تحقيق هذا كله يفرض تأسيس وتفعيل حركة نهوض عربية جديدة وحقيقية قادرة على الوعي بأن مهمة تحقيق أهداف مشروعها النهضوي الحضاري مقترنة بمهمة تحرير العقل العربي وإعادة الاعتبار إليه مقابل كل العناصر والقوى التي صادرته وفي طليعتها الحكم الاستبدادي ونظم الحكم التسلطية وأجهزتها القمعية الأمنية منها والإعلامية التي صادرت العقل عندما صادرت الحريات، إضافة إلى الانقسام المذهبي والطائفي والعرقي الذي صادر المواطنة وأفسد التعددية الاجتماعية والسياسية الطبقية التي هي من خصائص المجتمعات العربية. هذا يعني أن أول مهمات حركة التحرر العربية هو تفكيك بنية الاستبداد في العقل وفي الحكم وفي الاجتماع السياسي العربي.


3- التحالف مع الحركة الشعبية العالمية المناهضة للمشروع الإمبراطوري الأمريكي


إذا كان النظام الرسمي العربي، عندما استطاع أن يمتلك مشروعاً تحررياً في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وقت أن توفرت له القيادة القومية التاريخية ووقت أن كانت هناك دولة مركزية عربية أو "إقليم قاعدة" حاملة للمشروع القومي العربي بأهدافه الثلاث في الحرية والاشتراكية والوحدة، قد استطاع أن يؤسس حركة تحرر عالمية ممثلة في حركة عدم الانحياز، فإنه بقدر ما ساهم في تأسيس هذه الحركة وبقدر ما أعطاها، استطاع أيضاً أن يقوي ويصلب من حركته وأن يؤسس قوة عالمية حليفة قادرة على دعم النضال العربي، وهذا ما يجب أن يعيه المشروع التحرري العربي الجديد، أن يسعى وهو يؤسس حركته الجديدة للتحرر العربي إلى تأسيس حركة عالمية جديدة، حركة شعبية ديمقراطية أقرب إليه من أي تشكيل عالمي آخر لمناهضة المشروع الإمبراطوري الأمريكي – الصهيوني المدعوم بقوة الرأسمالية العالمية المتوحشة وبحركة العولمة وآلياتها ومؤسساتها وشركاتها العدوانية.


إن اختفاء الاتحاد السوفيتي وتفكك المعسكر الاشتراكي الذي كان يُعد ظهيراً داعماً لحركة التحرر العالمية وفي القلب منها حركة التحرر العربية وما ترتب عليه من مساعٍ أمريكية لفرض نظام عالمي إمبراطوري يعتمد على نظام القطب الواحد قد شجع القوى والمؤسسات العالمية الإمبريالية على دعم هذا المشروع والانقضاض على حريات شعوب العالم الثالث وتشجيع الولايات المتحدة على التورط في سياسات عدوانية ضد الشعوب وإهدار استقلالها وسيادتها الوطنية والارتكاز على استراتيجيات عسكرية أكثر عدوانية الأمر الذي بات يدفع في حال غياب الموازن العالمي أو القطب العالمي المنافس وعجز القوى العالمية الأخرى عن تأسيس نظام عالمي متعدد الأقطاب قادر على موازنة القوة الأمريكية المتغطرسة، إلى التعويل على الشعوب وحركة الشعوب للتصدي لهذا المشروع الإمبراطوري الأمريكي الصهيوني.


لقد شهد العالم طيلة السنوات الماضية إرهاصات لتأسيس مثل هذه الحركة التحررية العالمية الشعبية الديمقراطية ممثلة في ظهور العديد من منظمات حقوق الإنسان والحركات الشعبية المناهضة للعولمة.


إن ما حدث في يوم 12 فبراير/ شباط 2003 حيث تظاهر واحتشد أكثر من ثلاثة ملايين مواطن في جميع أرجاء العالم تضامناً مع قضايا العرب في فلسطين والعراق، ورفضاً للعولمة الأمريكية والاستعمار الجديد والمشروع الإمبراطوري الأمريكي يؤكد أن هناك فرصاً مواتية لتشكيل مثل هذه الحركة التحررية العالمية لتكون ظهيراً داعماً لحقوق وسيادة الأمم والشعوب والتصدي لكل نوازع الهيمنة والسيطرة الإمبراطورية الأمريكية. خصوصاً مع تنامي دور اليسار اللاتيني الجديد وبروز زعامات مؤمنة بهدف إعادة تأسيس حركة تحرر عالمية جديدة أمثال الزعيم الفنزويلي هوجو شافيز.


إن قيام مثل هذه الحركة سيكون بمثابة البديل الموضوعي لحركة عدم الانحياز أو الظهير الشعبي المساند لهذه الحركة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تفجر حركات تحرر شعبية في كافة أنحاء العالم الثالث وفي مقدمتها الوطن العربي كي تستطيع هذه الحركات الشعبية تأسيس حركة تحرير شعبية عالمية في مؤتمر عالمي على غرار مؤتمر بلجراد عام 1961 وقبله مؤتمر باندونج عام 1955.


مثل هذا المؤتمر في حالة قيامه سيحدث تحولاً مهماً في بنية النظام العالمي وسيكون قادراً على ضبط أدائه وآلياته والحد من هيمنة مؤسسات الرأسمالية العالمية المتوحشة وعلى الأخص المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات العالمية متعددة الجنسيات، وسيكون هذا التحول في صالح دعم حريات الشعوب وحقها في نظام عالمي أكثر عدلاً وأكثر انضباطاً وأكثر توازناً في تفاعلاته بما يحول دون نجاح المشروع الإمبراطوري الأمريكي – الصهيوني ويدعم حقوق الشعوب والأمم في الحرية والعدل والتقدم والنهوض. وهذه مهمة أساسية على جدول أعمال حركة التحرر العربية الجديدة بل هي أحد أهم معالمها وخصائصها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2

كل خمس دقائق يموت طفل في العراق في ظل الاحتلال

ترجمة: د. عبدالوهاب حميد رشيد
شبكة البصرة

عند إلقاء نظرة على صور أطفال العراق الذين شوهتهم الحرب، عندئذ من غير الممكن نسيان هذا الصراع. وبالرجوع إلى الأسباب التي قادت إلى هذه الحرب عندئذ من غير الممكن الصفح عن من أثارها. معلومات جديدة تتسرب ببطء ولكن بثبات عن آثار هذه الحرب على أطفال العراق، وكيف أنها تسببت في الإضرار العميق، ليس بصحتهم فقط، بل ونوعية حياتهم وآمالهم المستقبلية.

تم الاحتفال بيوم الطفل العالمي على مستوى عالمي، لكن من المؤكد ليس في العراق بعد أن أصبح أطفاله الضحايا الأكثر مأساوية لحصيلة هذه الحرب المستمرة.

يموت طفل واحد في العراق كل خمس دقائق بسبب الحرب، وأعداد أكبر منهم تُركوا في حالات إصابات شديدة. من مجموع أربعة ملايين عراقي مشرد داخل وخارج بلادهم، بينهم 1. 5 مليون طفل (37. 5%). والجزء الأكبر منهم لا يحصلون على رعاية صحية، تعليم، ملجأ، ماء ومحرومون من الوسائل الصحية. إنهم يحملون على أكتافهم العواقب المأساوية للحرب غير المعلنة.

"أطفال مرضى ومصابين ممن يمكن معالجتهم بطرق بسيطة، تُركوا يواجهون الموت بالمئات، لأنهم محرومون من الحصول على الأدوية الأساسية أو المصادر الأخرى. أطفال فقدوا بعض أو كل أطرافهم، تُركوا بدون جراحة أو تركيب أطراف صناعية. أطفال يُعانون من ضغوط نفسية شديدة، تُركوا دون رعاية. " وهذا هو تقييم 100 (مائة) طبيب بريطاني وعراقي.

اعترف قرار مجلس الأمن الدولي 1483 بأن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قوى محتلة للعراق، ووفق معاهدات جنيف تتحمل القوة المحتلة مسئولية توفير، ليس فقط النظام والأمن للسكان، بل كذلك الاستجابة لمتطلباتهم الأساسية، ومنها الصحية، ومواجهة هذه الحالات المأساوية بين أطفال العراق.

في نفس الوقت، تستمر مستويات سوء التغذية بين الأطفال نحو التصاعد، وهي الآن أكثر من ضعف مستوياتها لما قبل الاحتلال، ومماثلة لتلك في بوروندي- البلد الواقع وسط أفريقيا والممزق نتيجة الحرب الأهلية الوحشية- وأعلى من مستوياتها في هايتي.

أعداد الأطفال حديثي الولادة دون الوزن الاعتيادي أو من يُعانون من سوء التغذية مستمرة في الزيادة، وهي الآن أعلى مما كانت قبل الاحتلال، حسب تقرير صادر عن اوكسفام و 80 منظمة أخرى للمساعدة. وبحدود ثلث السكان (ثمانية ملايين) بحاجة إلى مساعدات عاجلة، وأن أكثر من أربعة ملايين عراقي يعتمدون على المساعدات الغذائية.

"كان لانهيار الخدمات الأساسية أثره في السكان كافة. على سبيل المثال 70% من العراقيين يُعانون من نقص مياه الشرب، خاصة في الضواحي، وأصبحت مشكلة خطيرة ربما تمتد لسنوات قبل معالجتها، " حسب تحذير أحد الرسميين في وزارة الصحة.

في نفس الوقت أخذت الأمراض البيئية المزمنة بالظهور بين الأطفال في ظروف تعرضهم لبيئة ملوثة. يُعتقد أن الحالات الكثيرة من التشوهات أثناء الولادة والسرطان المنتشرة بين الأطفال هي حصيلة الانكشاف على المواد الكيميائية والإشعاعية بما فيها اليورانيوم المنضب التي زادت بدرجة عالية أثناء الحرب المستمرة، وأحدثت أضراراً ملازمة قاتلة، علاوة على مقتل الكثير من الأطفال نتيجة التفجيرات وهجمات قوات الاحتلال والقصف الجوي المستمر.

أنظرُ ثانية في وجه الطفل البريء وأراه وقد احترقت ملامحه وصار من الصعب تمييزه.. الحزن يُغطي وجهه البريء ويقول للناظر إليه "ماذا فعلتُ لأستحق كل هذا!!؟؟" لكني لا استطيع شيئاً سوى التفكير بأولئك ممن تسببوا في حرمان هذا الطفل حياته الاعتيادية.. كم يستحق هؤلاء الخزي والعار نتيجة ممارساتهم تدمير حياة أطفال العراق وهو يتمتعون بحصانة كاملة!!؟؟



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
عبد الباري عطوان؟ انحراف عن الخط، أم زلة لسان؟؟

سعد السامرائي

شبكة البصرة

(في تصريح للسيد عبد الباري عطوان بقناة الجزيرة قال فيه- ما الضير أن يكون البديل حماس أو ايران؟!!)

كنا قد حذرنا كما حذر الكثيرين فيما مضى من خطورة تفضيل عدو للأمة العربية والإسلامية عن عدو آخر، ذلك انه لا يمكن،.. لا يمكن لأي كان (أن يرضى أو يستسيغ أي اعتداء يحيق بأي بلد عربي فجميع البلدان العربية تكون كيان واحد غير منفصل فهي كالجسم الواحد إذا تداعى منه عضوا تداعى له باقي الأعضاء) حين يدعي أنه كاتب قومي ويدافع عن القومية العربية وشعبها أن يقبل بهذا التفضيل والمنطق الأعوج، كما حذرنا أن نفرق بين قطر عربي وآخر أو نفضل احدهم على الآخرين بحجة هذا بلد المولد وذاك لا أو لأي سبب آخر..! نضرب لمن يخصه هذا الكلام مثلا بسيطا يفهمه طالب ابتدائية أو عربي غير متعلم- لديك اخوين اسميهما على سبيل المثال زيد وعبيد تدعي حبك لهما فهل تقبل وترضى أن تأتي ايران فتقتل أخاك زيد في مقابل ادعاء أن تنصر عبيد؟!..

السيد عبد الباري عطوان لمجرد إن ايران أعطت حزب الله العنصري والطائفي مجموعة صواريخ أطلقها فقتلت وأصابت عربا أكثر مما أصابت الصهاينة بدأ يطبل لإيران ويمجدها ونسى انه عربي وصاحب قلم قومي عربي ولم يهتم أن يدمر نصف لبنان ويشرد شعبه ليعيش في مدارس ومخيمات (ربما من اجل المساواة مع الشعب الفلسطيني!) ولم يعد يهتم إن العنصرية والطائفية البغيضة التي أوجدها أعداء الأمة العربية هي التي شلت الحياة السياسية في لبنان وهي التي تهدد في نشوب حرب طائفية جديدة فيه.. أن تحمل مسؤولية تحرير فلسطين تقع على عاتق الفلسطينيين أولا ثم بمساعدة العرب والمسلمين، نظفوا ما في داخلكم من خونة ومتوسلين ثم ابحثوا عن الدعم العربي والإسلامي مثلما يفعله صناديد القرن الحالي في العراق الذين لا يجدون مناصرا لهم غير الله سبحانه (ونعم بالله) بعد أن باعهم القريب والصديق، ولكن هل يأسوا أو استسلموا لا والله فبعث الحرية والقومية والسيادة وطاعة الله في تحرير الوطن وعودة الكرامة من جديد قادمة لا محالة.

نحن من هذا المنطلق لا شيء عندنا ضد حماس بل نؤيدها ونساندها ونساند كل الفصائل المجاهدة في فلسطين وغيرها كما يفترض ذلك وكما يفرضه علينا ديننا ومبادئنا لان خط حماس معروف وواضح للجميع وما كانت علاقتها تتم بهذه الطريقة مع مجوس ايران إلا لأنها قد دفعت واضطرت تحت ضغط وتخلي عربي شامل لنصرتها وما تمثله من الشعب الفلسطيني ومن خلفها الشعب العربي في الجهاد من اجل تحرير كامل التراب العربي في أي جزء منه لا نفرق بين ارض فلسطين وارض العراق أو ارض السودان أو أي جزء من الخليج العربي أو غيره فجميع الدول العربية مكملة لبعضها وتكـّون الأمة العربية المسلمة.. لا يمكن أن ننصر فلسطين على حساب ويلات العراق أو دماره أو بالعكس فعدو العراق هو عدو فلسطين وعدو كل الدول العربية والإسلامية هذه المسلمة التي لا يجب أن يزيغ عنها فكر وعقل وعيون أي عربي عنها. فمثلما أن أمريكا وإسرائيل اللقيطة هما أعداء للعرب فان الفرس المجوس لا يختلفون عنهما بالعداء علينا نحن العرب.

نطلب هنا من السيد عبدالباري عطوان أن يبين لنا كيف إن البديل الإيراني لا ضير منه ولا مشكلة؟!! الم يعي خطورة تصريحه هذا خصوصا انه يصدر منه من على منبر الجزيرة، لا بأس له إذا ما يأس من الحكومات العربية المريضة ولكن لا يفترض به أن يمحي أي بارقة أمل بالشعب العربي. ليطلب منه أن يتبع المجوس ويكونوا هم خيارهم!! هل يريد أن يخبرنا انه راضي عن كل الجرائم التي يقوم بها مجوس ايران في العراق الم يكفيه انه ما يعادل مجموع الشعب الفلسطيني ويزيد عليه في العراق إما قتل أو اسر أو عذب أو شرد بسبب بديله (ايران وعنصريتها) الذي لا يرى فيه مشكلة هل يمكن أن ينحدر الفهم القومي إلى الحد الضيق العنصري ألمصلحي أو الطائفي. هل تبيع العراق وما جاوره مقابل أحلام وأوهام ادعاءات كاذبة واضحة وضوح الشمس.. ألا يعطي السيد عبد الباري أحدكم كتب التاريخ ليطلع على أحلام المجوس الصفويين ليرى أن هدفهم ليس تحرير فلسطين من اليهود وإنما احتلالها والقضاء على المسلمين العرب من حدودهم الشرقية حتى البحر للتهيئة كما يزعمون للمهدي المنتظر في زحفه إلى أوربا، ألا يرى أنهم يحاولون أعادة الزمن للوراء من اجل حرب فارسية بيزنطينية؟ بعد تدمير قورش لأراضينا في طريقه إلى روما وخسارته الحرب مع الاسكندر في حدود اربيل العراق هل هذا الهدف غير واضح؟!!

لا ندري هل هي زلة لسان؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
تضارب أمريكي في الآراء حول الوضع في العراق «1- 2»

ديفيد ريفكن
بريان كاتوليس
لوس أنجلوس تايمز


تشير التقديرات إلى أن حوالي 4,5 مليون عراقي يعيشون إما كلاجئين خارج العراق أو أنهم نزحوا داخل العراق، كما أن حقيقة أن 1٪ تقريبا منهم ربما عادوا إلى العراق ربما تكون بسبب الإجراءات الصارمة التي فرضتها الدول المجاورة - مثل سوريا - على اللاجئين.
هل الأخبار السارة حول انخفاض عدد الضحايا في العراق دليل على نجاح عملية زيادة القوات الأمريكية المعروفة باسم التجييش؟ يتحدث ديفيد ريفكن جي آر وبرايان كاتوليس حول هذا الموضوع وكانت آراؤهما مختلفة تماما.
يناقش كل من مساعد البيت الأبيض للشؤون السياسية سابقا ديفيد ريفكن، وزميل مركز التقدم الأمريكي بريان كاتوليس ما يبدو وكأنه أخبار سارة من جبهة القتال في العراق: لقد انخفض عدد الضحايا من المدنيين والعسكريين على السواء بشكل كبير في العراق، كما أن هناك أخبارا تفيد بعودة آلاف اللاجئين إلى بلدهم.

ينبغي المحافظة على رباطة الجأش

يقول ديفيد ريفكن إن أي معيار موضوعي للأداء العسكري يشير إلى أن زيادة أعداد القوات الأمريكية في العراق قد حققت نجاحا كبيرا، حيث انخفض عدد الهجمات الإرهابية بشكل كبير. كما انخفض أيضا عدد الضحايا العسكريين الأمريكيين شأنه شأن عدد الضحايا المدنيين. وربما يتمثل الدليل الأقوى على نجاح سياسة التجييش في بدء عودة اللاجئين المدنيين العراقيين إلى بلادهم.
بل والأهم من هذا وذاك هو أن الولايات المتحدة لم تحقق هذه النتائج بمفردها. بل إنها أظهرت قدرة كبيرة على التعاون مع مجموعة متنوعة من العراقيين على المستويين القطري والمحلي. أضف إلى ذلك العلاقة التاريخية القوية مع سكان كردستان العراق، كما وصلت القوات الأمريكية وبنجاح كبير إلى محافظة الأنبار السنية فضلا عن أنها مدت يدها إلى عدد من الجماعات الشيعية بما فيها العناصر الصدرية المعتدلة. وتمثل هذه العلاقات الإيجابية أساسا متينا لبناء عراق مستقر وسلمي.
لقد أدت عملية زيادة القوات الأمريكية في العراق أي التجييش إلى جعل تنظيم القاعدة في العراق يترنح في أعقاب سلسلة من الضربات العقابية. وقد تم تقليل كادر القيادة من المستوى الكبير إلى المستوى المتوسط. واستطاعت القوات الأمريكية، بفضل عملية التجييش أيضا، ومن خلال التعاون والعمل مع حلفائها العراقيين تحييد الإرهابيين.
إن عدم قدرة النقاد على الإعتراف بالنجاحات التي تظهر يوميا في العراق توضح بما لا يدع مجالا للشك أن انتقاداتهم تبنى على حسابات سياسية وليس على أي رغبة لرؤية انتصار الولايات المتحدة والشعب العراقي. وبمقارنتها بأي عملية تاريخية لمكافحة التمرد المسلح، يمكن القول إن عملية التجييش في العراق قد حققت نجاحا باهرا بل ومذهلا.
هذا لا يعني القول بأن كل شيء يسير على ما يرام. فبالتأكيد هناك حاجة ماسة إلى تحقيق المصالحة السياسية فيما بين الفصائل الدينية والقبلية التي تشكل الحكومة المركزية في العراق. لكن هذه الحقيقة لا ينبغي عليها أن تصرف انتباهنا عن النجاح الجوهري لعملية التجييش. وحيث أن توفر بيئة أمنية جيدة يعتبر شرطا أساسيا لأية مصالحة سياسية جادة، تمثل عملية التجييش خطوة هائلة في الاتجاه الصحيح.
إن أولئك الذين يواصلون الحديث عن فض الاشتباك لا يبدو أنهم يعيرون أي اهتمام للتطورات الحقيقية التي يشهدها العراق. لقد باتت الدولة أكثر أمنا بفضل تدفق المزيد من القوات الأمريكية وبفضل التغييرات التكتيكية التي حدثت في عمليات مكافحة المسلحين التي تنفذها قوات التحالف بقيادة الجنرال ديفيد بترايوس. ولم تزداد أعمال العنف إلا في جنوب العراق حيث اتبعت القوات البريطانية استراتيجيات الانسحاب وفض الاشتباك التي ينادي بها منتقدو زيادة القوات.
ينبغي على الولايات المتحدة ان تشعر بالرضا والسعادة بالنتائج التي حققتها عملية التجييش في العراق. لقد تحسنت البيئة الأمنية في العراق بدرجة كبيرة الأمر الذي يعطي للولايات المتحدة المزيد من المرونة. وحيث أننا استطعنا شل حركة القاعدة، نستطيع الآن بذل المزيد من الجهود الموازية لتحسين العملية السياسية في العراق، ليس على المستوى المركزي فحسب بل على المستوى القطري والمحلي أيضا. لقد أصبحت الولايات المتحدة، بنجاحها في تدمير القاعدة، قوة لا غنى عنها في العراق. إذا احتفظ الشعب الأمريكي والقيادة الأمريكية بأعصابهم، سوف تكون الولايات المتحدة في وضع يمكنها من ممارسة نفوذ كبير وإيجابي وقوي في كافة أرجاء العراق والشرق الاوسط الكبير على المدى الطويل.

أهي أحلام يقظة أم قصر نظر
أما بريان كاتوليس فيتساءل: «هل عملية زيادة القوات الأمركية في العراق ناجحة؟» هذا سؤال يتحدى التوجهات الانتقائية التي يستخدمها ديفيد ريفكن لدعم حجته ورؤيته. فشأنه شأن الرئيس جورج بوش وهو يتحدث أمام لوحة كتب عليها «مهمة منجزة» في مايو ،2003 ونائب الرئيس ديك تشيني وهو يعلن أن التمرد المسلح كان في آخر أيامه في مايو ،2005 يقول ريفكن إن عملية زيادة القوات الأمريكية في العراق نجحت، وهذا مثال آخر لمؤيدي الحرب المحافظين الذين يرون ما يريدون رؤيته فقط ويتجاهلون الديناميكيات الخطيرة التي تتحرك في العراق وفي الشرق الأوسط ككل.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن أعداد الضحايا والقتلى من المدنيين العراقيين والجنود الأمريكيين قد انخفضت بالفعل من أعلى مستوياتها السابقة. بيد أن المستويات الكلية للعنف مازالت مرتفعة بدرجة خطيرة، ولا شك في أن عام 2007 يمثل أسوأ عام بالنسبة لقواتنا منذ أن بدأ الرئيس جورج بوش هذه الحرب التي ما كان لها داع في عام .2003
إن هذا الانخفاض في عدد الوفيات ربما يكون ببساطة شديدة مجرد استقرار للغبار بعد أحدث مرحلة في الصراع على السلطة في العراق. وكما أشارت آخر تقديرات المخابرات الأمريكية يرجع انخفاض أعمال العنف لا سيما في بغداد إلى نزوح السكان بدرجة كبيرة. بمعنى آخر، استمرت عمليات التطهير الطائفي بينما وصلت أعداد القوات الأمريكية إلى أعلى مستوياتها منذ الغزو. أشارت منظمات مستقلة للاجئين مثل المنظمة الدولية للهجرة وجمعية الهلال الأحمر العراقية أن عدد العراقيين الذين نزحوا بسبب الحرب تضاعف منذ بدء عملية التجييش، هذا بالإضافة إلى الملايين الذين خرجوا من ديارهم خلال الفترة من 2003 إلى .2006
تشير التقديرات إلى أن حوالي 4,5 مليون عراقي يعيشون إما كلاجئين خارج العراق أو أنهم نزحوا داخل العراق، كما أن حقيقة أن 1٪ تقريبا منهم ربما عادوا إلى العراق ربما تكون بسبب الإجراءات الصارمة التي فرضتها الدول المجاورة - مثل سوريا - على اللاجئين.
المشكلة الكبيرة فيما يقوله ديفيد ريفكن هي أنه لا يقدم مفهوما واضحا لكيفية التئام كافة الفصائل العراقية المتصارعة، أي مختلف الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية العراقية، في حل دائم للصراعات الداخلية العراقية. كان هذا هو الهدف الحقيقي لزيادة القوات الأمريكية في العراق. وبالتالي، يمكن القول ان عملية التجييش فشلت فشلا ذريعا في هذه الجزئية، ولا توجد أي دلائل على أن هناك عملية مصالحة مستمرة تلوح في الأفق.
إن ما يحدث في الوقت الحالي هو أن الولايات المتحدة تقوم بتسليح مختلف الأطراف في الصراعات الطائفية في العراق، فهي تدعم الجيش العراقي الذي يهيمن عليه الشيعة، كما انها تدعم عددا من القوات السنية غير النظامية، والعديد من العناصر القبلية في أطراف العراق. ومما لا شك فيه إن مثل هذه الأفعال تجعل التسوية السياسية المستدامة للصراعات العراقية أقل احتمالا.
علاوة على ذلك، هنالك خطر استراتيجي أكبر يتمثل في أن عملية التجييش أدت إلى تقوية شكيمة أكبر أعدائنا في المنطقة. هذا هو الدرس المهم الذي فشل المحافظون في تعلمه من تجاربهم السابقة في دعم المجاهدين في أفغانستان، أو في تورط الولايات المتحدة في الحرب الأهلية في لبنان في الثمانينات.
إن الأمن الأمريكي يعاني كثيرا عندما تتعاون الولايات المتحدة مع قوى دينية غير ليبرالية كما هو الحال في العراق.
إن الأحزاب الشيعية الكبيرة في العراق تعد من بين أقوى حلفاء إيران في الشرق الأوسط، كما أن القوات السنية تتشابه إيديولوجيا مع حركة حماس والإسلاميين الراديكاليين الآخرين الذين يعارضون مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين مثل إسرائيل.
وغالبا ما تؤدي مثل هذه التحالفات غير المناسبة إلى نتائج عكسية خطيرة على الأمن الأمريكي.
وأخيرا وبعد التضحية بآلاف الأرواح الأمريكية وإنفاق ما يزيد عن نصف تريليون دولار، تتمثل النتيجة النهائية لمغامرة العراق في أن الولايات المتحدة فتحت الباب للتوسع الإيراني السريع غربا داخل العراق. لقد أدت عملية زيادة القوات الأمريكية في العراق (التجييش) إلى الإضرار بالأمن القومي الأمريكي وتورط القوات الأمريكية بعمق في الحروب الأهلية في العراق، وجاء كل ذلك على حساب الإضرار بجاهزية القوات الأمريكية وتقوية أيدي القوات الإسلامية المحافظة المعادية للمصالح الأمريكية.
إن المفهوم القائل بأن الولايات المتحدة أصبحت «قوة لا غنى عنها في العراق» هو مجرد أحلام يقظة غير واقعية في أفضل صورها يا ديفيد، وهي قصر نظر غير مسؤول على أسوأ تقدير.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
عن قرب صدام حسين

د. مصطفى الفقي
صحيفة المصري اليوم

لم تثر شخصية من الجدل - علي امتداد العالم كله في العقود الأخيرة - مثل شخصية «صدام حسين» فقد ملأ الدنيا وشغل الناس وسيطر لسنوات علي أحاديث البشر في أركان الدنيا الأربعة، وإذا كانت الأغلبية تري فيه دكتاتورًا دمويا وحاكمًا مستبدًا فإن ما عرفته عنه من قرب يضيف إلي ذلك انطباعات مختلفة وآراءً متباينة،

فقد كان الرجل في اجتماعاته الرسمية وجلساته العادية ودودًا لطيفًا لايبدو فارغ العقل أو محدود المعرفة بل كان شأنه شأن معظم البعثيين الذين تربوا في مدرسة الجدل السياسي وارتبطوا بالفكر القومي، ومازلت أذكر في أحد الاجتماعات الرسمية بين الوفدين المصري والعراقي في أحد قصور «صدام» ببغداد أن وجدناه يقف فجأة ليحرك ستارة النافذة قائلاً (إن أشعة الشمس مركزة علي مقعد الدكتور «أسامة الباز»)

فعل ذلك في بساطة أمام ضيوفه ومعاونيه، كما رأيته أيضًا يقف وفي يديه عباءة عراقية يضعها علي أكتاف الرئيس «مبارك» في ود ومحبة شديدين ولا عجب فلقد كانت مصر والمصريون إحدي نقاط ضعف الرئيس المشنوق «صدام حسين» ففيها عاش بعض سنوات حياته وارتبط بشوارع «الدقي» ومقاهي «القاهرة» وظل حتي نهاية عمره يحمل لها أجمل الذكريات وقد انعكس ذلك بشكل ملموس في معاملته لمعظم المصريين المقيمين في العراق أثناء سنوات حكمه، ومازلت أتذكر ما جري لي ذات يوم في «بغداد»

ونحن نجلس علي مائدة الطعام المشترك للوفدين الرئاسيين المصري والعراقي حيث كان مقعدي علي طرف المائدة المستطيلة كأصغر عضو في الوفد المصري فإذا بالرئيس «مبارك» - وهو معروف بتواضعه وبساطته ومداعبته لمساعديه ورفاق العمل معه - ينظر إلي ويقول (هل أكلت بطيخ أم لا؟) فلقد كان يعرف شيئًا عن غرامي بتلك الفاكهة الشعبية وعندما سمعه الرئيس «صدام» يقول ذلك وقف يحمل الطبق الكبير بالبطيخ مناديا بعض الخدم قرب المائدة قائلاً (إن الدكتور «مصطفي» يبغي البطيخ)،

وعندما وقف الرئيس الراحل «صدام» وقف الوفد العراقي كله معه وشعرت بحرج شديد بينما الرئيس «مبارك» يبتسم مما جري هو وأعضاء الوفد المصري وأنا أتمتم بعبارات الشكر والثناء وأريد لهذا الموقف أن ينتهي في أسرع وقت، وفي ظني أنه لا يمكن أن تصدر مثل هذه التصرفات إلا عن شخص لديه حس إنساني وشهامة وكرم شديد وكثيرًا ما سألت نفسي كيف يكون ذلك الرجل هو ذاته الذي يشرف علي وجبات الإعدام وحفلات الموت،

ويقتل بمسدسه الشخصي أحيانًا! ولكن يبدو أن كثيرًا من الطغاة لم يكونوا رجال عنف واستبداد فقط ولكن كانت لديهم بضاعة أخري في أوقات مختلفة منها الفكر العميق والقدرة علي الجدل وسبر أغوار الناس، وربما كان الرئيس الراحل هو واحد من ذلك الطراز حيث كان ضعيفًا أمام بعض أصدقائه القدامي ورقيقًا مع المرأة ومعتزًا بذاته إلي أبعد الحدود،

أما عن تقديره لمصر ووعيه بمكانتها فإنني أظنه أكثر حكام العراق الحديث في هذا الشأن باستثناء حكم عائلة «عارف» - الراحلان «عبد السلام» و«عبد الرحمن» - وهما يحسبان علي زعامة «عبد الناصر» القائد العربي أكثر من ارتباطهما بمصر الدولة والشعب وفي هذا السياق فإن «صدام حسين» يعتبر شيئًا مختلفًا، ومازلت أتذكر أن الدكتور «أسامة الباز» قد ذهب يومًا من القاهرة إلي بغداد حاملاً رسالة شفهية من الرئيس «مبارك» إلي الرئيس «صدام حسين»

قبيل زيارة محددة للرئيس المصري إلي «باريس» حيث يتمتع بدلال شديد علي رؤسائها خصوصًا «ميتران» ومن بعده «شيراك» وقد كانت زيارة المبعوث المصري إلي الرئيس العراقي في أوج اشتعال الحرب العراقية الإيرانية وقد فوجئ الدكتور «الباز»

بالرئيس العراقي ينتحي به جانبًا عند مدخل حديقة القصر ويطلب منه أن يتكرم الرئيس «مبارك» بالحديث مع صديقه الرئيس «ميتران» للإفراج عن صفقة أسلحة فرنسية مشتراة من العراق فأبدي الدكتور «الباز» دهشته قائلاً للرئيس العراقي (إن معلوماتنا يا فخامة الرئيس أن علاقتكم وثيقة للغاية بفرنسا خصوصًا من الناحيتين الاقتصادية والعسكرية)،

فرد عليه الرئيس «صدام» بأن (ذلك قد يكون صحيحًا ولكنهم هناك في باريس لايثقون فينا كثيرًا، وينظرون إلينا أحيانًا باعتبارنا قبائل ترفع علمًا وتختار رئيسًا، أما نظرتهم لمصر فهي مختلفة إذ إن مصداقية الكنانة لديهم ولدي غيرهم تفوق ما عداها لذلك فإنني أريد أن يكون الرئيس «مبارك» - بثقل مصر ومكانته الشخصية - وسيطًا لنا في هذا الأمر)،

هكذا كان ينظر «صدام حسين» إلي مصر شعبًا وحكومة وقائدًا ورغم ذلك لم يستمع إلي نصائح الرئيس «مبارك» الشفهية والمكتوبة بعد غزوه للكويت، وأنا شخصيا شاهد علي عشرات الرسائل المكتوبة من «مبارك» إلي «صدام» والتي حمل بعضها سفير العراق في القاهرة حينذاك الصديق «نبيل نجم»

ولو أن «صدام» أخذ بنصيحة «مبارك» لتجنب العراق وربما المنطقة كلها جزءًا مما نعانيه الآن، وسوف يظل مشهد إعدام هذا الرجل فجر يوم عيد الأضحي مأساة إنسانية مروعة ظهرت فيها شجاعة إنسان صلب أمام جلاديه وبرزت قوة أعصابه علي نحو غير مسبوق، ثم يبقي بعد ذلك حسابه في النهاية بما له وما عليه عند خالقه وحده، فهو الآن في رحاب الله.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الفارس والفقي ورئيسه

عبد العظيم مناف
الموقف العربي
في ذكري أكبر مذبحة داخل طائرة عربية مصرية مدنية في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين ثان من عام 1985 يكتب هذا المقال في محاولة أو اجتهاد لمناقشة ادعاءً الدكتور مصطفي الفقي المنقول أو المرّحل من الرئاسة أن مأساة العراق تعود -ادعاءً- إلي أن الرئيس الفارس الشهيد - والذي أسماه الفقي بـ «الرئيس المشنوق»- قائلاً: (لم يستمع إلي نصائح الرئيس مبارك الشفهية والمكتوبة بعد غزوه الكويت(!!) وأنا شخصيا شاهد علي عشرات الرسائل المكتوبة من «مبارك» إلي «صدام» والتي حمل بعضها سفير العراق في القاهرة حينذاك الصديق «نبيل نجم». ولو أن «صدام» أخذ بنصيحة «مبارك» لتجنب العراق وربما المنطقة كلها جزءاً مما نعانيه الآن) «راجع المصري اليوم 22 نوفمبر الحالي».
ولأن هذا المقال يكتب في ذكري أسوأ مذبحة وبعد مذبحة طائرة «قبرص»، ولأن حكمة الأدعياء المدعاة لا تصمد أمام حكمة الحكماء الثقاة. فإن «سومرت موم» يقول:
(أحد أشكال الوحدة أن تكون لك ذاكرة وليس من يشاركك ذكرياتك) ولأن الشهيد الفارس الرئيس الأديب المؤدب.. الشاعر مرهف المشاعر صدام حسين عند ربه سبحانه جل شأنه في عليين مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ولأنه لا حاجة له بشهود زور أو وزراء أوزار أو كتبة تزوير.
ولأن سيد المرحلة -مؤقتا- هو «الرئيس الأسوأ» الإرهابي الصهيوني ساكن «البيت الأسود» بوش الصغير. فإن الرد علي المرّحل من الرئاسة أو النازل من مكاتبها وطائراتها حقبة وحقائب سوف تتولاه - الرد- شهادات أمريكية. وكلها تدحض أكذوبة الحكمة والنصائح المدعاة الفرية والتي لم تظهر لها ملامح خاصة داخليا رغم مرور ما يزيد علي 30 عاماً في الاختبار.
في كتابه (PAYBACK- الحصاد- حرب أمريكا الطويلة في الشرق الأوسط) علي الصفحتين 334، 335 كتب «جون كولي» الكاتب الصحفي الأمريكي الكبير، مراسل شبكة ABC News الأمريكية في لندن يقول:
(لم يصدر في الصحافة العربية في اليوم التالي-لدخول العراق الكويت- 3 أغسطس/آب أي شيء يساند موقف الكويت، ولم تنشر شيئاً من دعواتها المتهيجة لطلب المساعدة، ولكن سفير الكويت في واشنطن كان قد تقدم بطلب رسمي للمساعدة العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية كان الرئيس بوش ومستشاروه عاكفين علي دراسته.
في بغداد تمكن الملك حسين في اجتماع حاسم من الحصول علي موافقة صدام حسين علي حضور القمة المصغرة في المملكة العربية السعودية كي يطرح تأكيداته السابقة من جديد باعتزامه الانسحاب بشرط حل «خلافاته» مع الكويت. كما وافق صدام علي التفاوض مع الملك فهد وليس مع أفراد أسرة الصباح الحاكمة في الكويت، ولكنه -علي حد قول أحد مستشاري الملك حسين- توعد بأنه في حالة ادانته من قبل جامعة الدول العربية فإنه سوف يعلن عن ضم الكويت إلي العراق رسميا.
وجد الملك حسين لدي وصوله مطار عمان مكالمة هاتفية مستعجلة من وزير خارجيته السيد مروان القاسم فبادر بإخبار القاسم بقوله: «لدي أخبار سارة.. فقد أكد لي صدام حسين أنه سوف ينسحب من الكويت».. وقد كان ذلك ما أخبر به صدام حسين عددا من الرؤساء والملوك العرب، ولكن الأخبار التي كانت في حوزة السيد وزير الخارجية لم تكن سارة بنفس القدر.
أخبر وزير الخارجية العاهل الأردني بأن «المصريين قد أصدروا بياناً يهاجمون فيه صدام حسين لغزوه للكويت» وقرأ له مقتطفات مهمة من ذلك البيان. كان رد الملك أن «ذلك سوف يحطم كل شيء ويزيد من احتمالات توسيع النزاع» وانطلق لكي يتصل هاتفيا بالرئيس حسني مبارك يطلب منه توضيحا للأمر، أجاب حسني مبارك بأنه كان «تحت ضغوط كبيرة من قبل وسائل الإعلام ومن قبل شعبي في مصر.. وأن مخي يكاد يتوقف عن العمل»، رد الملك حسين علي ذلك بقوله: «إذاً رد علي عندما يعود إلي الشغل مرة ثانية».
لقد أخذ الإحباط من العاهل الأردني مأخذه... حيث إنه كان يعتزم السفر لمقابلة الملك فهد في السعودية بعد لقائه بحسني مبارك في الإسكندرية وذلك قبل لقائه بصدام حسين مرة أخري أو بعد ذلك مباشرة، علي أمل أن يحكم الترتيبات الخاصة بعقد لقاء القمة المصغر الذي وافق صدام حسين علي حضوره في السعودية ولكن الملك حسين لم يفلح في الاتصال بالملك فهد.
بعد مغادرة الملك حسين بغداد بقليل أصدر صدام حسين بياناً يقول فيه: إنه يعتزم الانسحاب من الكويت ابتداء من 5 أغسطس/ آب، ولكنه ذكر بالتحديد أنه لن يسمح لأسرة الصباح بالعودة إلي الحكم في الكويت.
مع حلول يوم الأحد أخذ التليفزيون العراقي يعرض لقطات مصورة لشاحنات مسطحة وحاملات الدبابات التي قيل إنها متجهة نحو العراق، كما أذاع راديو بغداد بياناً جاء فيه أن وحدات عسكرية أخري سوف تنسحب يوم 7 أغسطس/ آب.
« انتهي الاقتباس راجع المصدر المشار إليه في المقدمة»
وتؤكد الملكة «نور الحسين» علي ذلك فتقول : (وقد تمت فعلا الموافقة علي خطة الانسحاب من الكويت، وعندما اتصل زوجي.. لإبلاغ النبأ السار، فوجئ بأن وزير خارجية الأردن وجد لدي وصوله إلي اجتماع الجامعة العربية أن نظيره المصري د. عصمت عبدالمجيد كان يقود الحملة لإصدار إدانة عربية للعراق).
إن الانسحاب من الكويت قد تم فعلا ليس بشهادة الملكة نور فقط، ولكن بشهادة القائم بأعمال سفارة أمريكا في العراق وإلي القارئ الكريم، والباحث السليم غير المصاب بداء كراهية كل ماهو قومي، وماهو عقائدي سماوي، إسلاما ومسيحية، إلي هؤلاء الأصحاء الأسوياء المعافين من علة التصهين والتأمرك نقول نقلا عن محضر الاجتماع بين القائد العربي صدام حسين رئيس جمهورية العراق، وبين القائم بالأعمال الأمريكي ببغداد آنذاك والمنشور في صفحتي 55و56 بالجزء الأول من كتاب «التحدي الذهبي» مايلي:
(في حوار بين الأخ الرئيس صدام حسين بمكتبه في بغداد والقائم بالأعمال الأمريكي «جوزيف ويلسون» ببغداد الساعة الثانية ظهرا يوم 6 أغسطس/ آب 1990 يقول نص المحضر:
(«ويلسون»: جئت هنا بثلاثة أفكار في ذهني تعكس قلق حكومتي.
الأولي: طبيعة الغزو وتعلمون جيدا قلق حكومتي منه.
الثانية: النيات المستقبلية حول السعودية.
المؤلف: كان الأخ الرئيس صدام حسين في نفس اللقاء ومن نص المحضر قد قال لـ «ويلسون»..
تستطيع أن تأخذ إلي السعودية وإلي كل إنسان في الشرق الأوسط.. الذي لا يهاجمنا لا نهاجمه، الذي لن يؤذينا لن نؤذيه.. الذي يريد صداقتنا نحن نتحمس أكثر منه للصداقة وهذا منهج نحن نحتاجه ليس لفترة زمنية كما يتصوره البعض وإنما لأسباب إنسانية ولشعبنا.
أما بالنسبة للسعودية فلم يخطر ببالي مثل هذا السؤال فالعلاقة بيننا متينة إلا إذا كان لديكم شئ لا نعرفه.
الملك فهد عندما يزوره جابر وولي العهد الكويتي السابق فمن الطبيعي أن يستقبلهم ولا ننزعج من ذلك.. ننزعج فقط إذا ما أعطوا الفرصة لعمل ضد العراق من السعودية).
ونعود لنقاط «ويلسون» الثلاث أيضا تمشيا مع ثلاثية الكتاب.
ويلسون: (الثالثة تتعلق بسلامة المواطنين الأمريكان وخاصة توفير الفرصة للمواطنين الأمريكان للمغادرة وكما تعلمون أن الأمريكان حساسون جدا من مسألة أن يمنعوا من المغادرة وهذا يشمل الأمريكان في الكويت وبرغم الانسحاب.
ويمسك الأخ الرئيس صدام بفطنة وشجاعة بالقائم بالأعمال الأمريكي فيقول لـ «ويلسون»:
كيف تقولون إنه لم يحصل انسحاب ثم تقولون شيئا آخر بعد ذلك؟ «انتهي الاقتباس من التحدي الذهبي»
ولأن «الفقي» كان مسئول مكتب معلومات الولاية الخامسة فإليه النقاط الخمس الأمريكية المقترحة لحل الأزمة المعروضة علي العراق عبر وسيط ضمن رباعي «مجلس التعاون العربي» الذي يضم الجمهورية الرابعة. هذا الوسيط هو «صلاح عبدالله» مندوب الأردن في الأمم المتحدة، وذلك العرض الأمريكي قدمه لـ «عبدالله» نظيره السفير «توماس بيركيننج» ممثل الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، ونصا مما ورد علي الصفحة 329 من «الحصاد» مايلي:
(وضع السفير الأمريكي لنظيره الأردني قائمة بالنقاط المهمة التي يجب أن تحتويها رسالته:
أولا: لابد من انسحاب صدام العلني من الكويت وإعلان جدول زمني لذلك، وإن كان ذلك ليس مستعجلا وبالإمكان تحديده فيما بعد.
ثانيا: يمكن إرجاء قضية رجوع الأمير وأسرته إلي الكويت إلي وقت آخر.
ثالثا: إن الولايات المتحدة تعتقد أن لموقف العراق في النزاع القائم مع الكويت قدراً من الوجاهة، وبالرغم من أنها لن تتحيز لأي من الطرفين، فإن الولايات المتحدة ستبذل كل الجهود اللازمة من أجل توفير الوسائل المطلوبة من وساطة وغيرها لحل النزاع.
رابعا: إن الولايات المتحدة تقدر حاجة العراق لمنفذ أفضل علي ممرات الخليج المائية، ومن الوارد أن تميل الولايات المتحدة إلي توفير حرية الوصول إلي جزيرتي وربة وبوبيان.
خامسا: تقترح الولايات المتحدة أن يدعو العراق إلي إجراء استفتاء شعبي تدعه الأمم المتحدة لتمكين المواطنين في الكويت من تحديد مستقبلهم) «انتهي الاقتباس من الحصاد»
وحين استفسر رئيس الديوان السيد «زيد بن شاكر» عن تأكيد النقاط «الخمس» والتي وصفها بأنها «مدهشة» حين أيقظ سفيره من نومه ليعطيه تأكيده، رد عليه بعد دقائق بإبلاغ رئيس الديوان الرد الأمريكي عبر خط مباشر آمن قولهم:
(بإمكاننا القبول بهذه النقاط) «راجع ص330من المصدر السابق».
إذا أضيف إلي هذه الشهادة الأمريكية الاعتراف بحق العراق، وسواء حقيقة أو مناورة شهادة الملك حسين -رحمه الله إن شاء - وقد كان عضو رباعي «مجلس التعاون العربي» وعلاقته بـ «النوباتجية الثانية» أو الجمهورية الرابعة، وما سجله الملك في شهادته خلال كتابه «الأبيض» وما ورد في شهادة الملكة «نور» وأثارت ضدها غربان وجراد «كامب ديفيد» وصراصير مستنقعات العمالة والمتعاملين مع الإمارة «عديمة السيادة. عليلة السياسة. عيية الإرادة» المحتلة أمريكيا منذ يناير كانون ثان1991حتي الآن.
إذا أضيف إلي ذلك كله موقف الأخ العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر وغضبه حين اكتشف بيان الإدانة المدان، سابق التجهيز في اجتماع النقيصة في العاشر من أغسطس/ آب1990، وإجهاض الحل العربي. ربما تعود الذاكرة لعاشق «البطيخ» مسئول المعلومات النازل بحقائبه من طائرة الرئاسة مستبعدا بغير سبب معروف، هل هو سواد الصحيفة أم سواد القلوب- السريرة- أم هما معاً؟ وبالتالي تصبح شهادة «عاشق البطيخ» في رئيسه خلال الحالتين مجروحة.
ولأن «الفقي» يكتب ذكريات من الذاكرة، ولأن معرفته بنفسه لنفسه هي الشيء الأصدق، ولأنه أحيانا يعرّف نفسه، بأنه كاتب قومي(!!) وأحيانا مصري، فربما تكون بعض الأحداث -كما حدثت- قد تسربت من الذاكرة كتسرب أصوات نقيضه «جمال» في انتخابات مجلس الشعب فبدت -الأحداث- مشوشة بتأثر «الذاكرة» بـ «المعركة الانتخابية» مما انعكس علي الدور، أما الضمير فهو في حاجة إلي نوعية مثل الفارس الشهيد الرئيس النقيض لرؤساء من نوعية «عاشق البطيخ».
(في برنامجه الشهير «سري للغاية» استضاف الإعلامي الكبير «يسري فودة» يوم الثاني من أغسطس /آب 2002 وقبل العدوان الصهيوني الأمريكي بأشهر -استضاف فودة -السيدة الفاضلة «زنوبة الخشماني» أرملة الشهيد المجْد. الجدالمد «يحيي المشد» عن الفارس القائد صدام حسين، وبـ«اللهجة المصرية» الدارجة، وعذرا للقارئ العربي الكريم لاستخدام اللهجة» بدلامن «اللغة» قالت السيدة الخشماني:
(دخلنا أودة من جوة أودة ولقينا الرئيس صدام داخل علينا، وقعد جنبنا، وطبطب علي الأولاد، وقال: (أفديكم برقبتي. إنتم أهلي وأسرتي.. تحبوا تبقوا في مصر تحبوا تأعدوا في بغداد ابنلكم قصر جنب قصري)
وقد عرضت الشاشة في البرنامج «مانشيت» لجريدة الثورة يقول:
(«معاش شهري 300 دينار عراقي لأسرة الدكتور المشد» وهو مايوازي ألف دولار أي حوالي حوالي ستة آلاف جنيه شهريا!)
«راجع التحدي الذهبي ص 35 الجزء الثاني لكاتب السطور»
ولأن فروسية وإنسانية وموسوعية مواقف ومشاعر وثقافة الشهيد القائد الخالد «صدام حسين» ليست في حاجة إلي شهود مزايدة أو نقائص مزايدين أو مناقصين. مطففين أو منافقين. فلن تضيف شهادة «طبق بطيخ» إلي صفات «شهيد التاريخ» كما لن تنتقص أو تختلف فرية «جوحي» عن أكذوبة «الفقي» حين افتأت أو افتري قائلا: إنه سأل نفسه (كيف يكون ذلك الرجل هو ذاته الذي يشرف علي وجبات الإعدام(!!!) وحفلات الموت(!!!) ويقتل بمسدسه الشخصي أحيانا). (!!!)
والسؤال لـ «الفقي»: هل ثار هذا التساؤل لـ «النفس»- وكما يعلم الفقي أنها أمارة بالسوء- بعد دخول العراق إلي عمق البصرة جنوب وربة وبوبيان، أم كان ذلك معروفا قبل « حمراء البطيخ » و « سوداء المرسيدس » خلال معارك وملاحم المحمرة قبل نزول حقائب «ذاكر البطيخ» من الطائرة، واستبعاده من نادي الرحلات وبدل السفر؟ وفي الحالتين هي مناقضة للوظيفة حسب التوصيف أو «اللافتة- اليافطة» «سكرتير المعلومات» أو الجمل أو المفرد بالفرية عن «وجبات الإعدام».
ولأن «الفاسقون الخمسة أربعة هم: الجرذ والثعبان والعقرب»، فقد سبق «الفقي» «جوحي» وضابط من مراكسة المربد» الذين احتالوا إلي «مراقصة الجنادرية» ادعي في مقال له بجريدة الأهرام أكتوبر الماضي. أن الرئيس الشهيد أعدم فيما أسماه «المراقصي» قضية الأنفال مئات الآلاف، وهو مالم تستطع محاكم العملاء والأعداء إثباته، لكن «المراقصي» دائم الادعاء ضد الناصر عبدالناصر أو ضد الشهيد صدام. كيف لا و«المراقصي» صديق الصهاينة وطالباني، ومن أرباب «سوابق الادعاء» فحين كلف بواجب في الإسكندرية ليلة الثورة العربية الأم 23 يوليو 1952، وعجز عن القيام بالواجب جبنا ادعي الإصابة بـ «الدوسنتاريا».
وبذلك فلن تضيف أو تخصم شهادة «عاشق البطيخ» لما سبق لـ «جوحي» ونظيره «المراقصي» أن قالاه في «المحكمة» أو «الأهرام» أو ما قيل في أخيرة «المصري اليوم».
ولو أن «عاشق البطيخ» كان فعلا رجل معلومات. حريصاً علي الحقيقة. صحيح الشهادة. لذهب إلي عينات - مجرد عينات - من أسماء مئات الآلاف من الناخبين لـ «غريمه» في دائرته الانتخابية الفلاحين والعمال والمثقفين الذين اكتحلت عيونهم برؤية العراق والعمل بها ولها ومعها حقا له في الفرصة وواجبا عليه في الأخوة -لو ذهب الفقي وسأل- لعرف حين يسأل بعضهم عن شعبية الفارس الشهيد صدام حسين في البحيرة والبحار والقري والشواطئ ممرات وأنهار.
وإذا كان «عاشق البطيخ» يفاخر بحظوة رئيسه- الفرنسية التي زارها خمسين مرة أي عُشْر رحلاته للخارج- وما أسماه الفقي قائلا:
(قبيل زيارة محددة للرئيس المصري إلي «باريس» حيث يتمتع بدلال شديد علي رؤسائها خصوصا «ميتران» وبعده «شيراك» وقد كانت زيارة المبعوث المصري - د. أسامة الباز- إلي الرئيس العراقي في أوج اشتعال الحرب العراقية الإيرانية)، وفوجئ المبعوث المصري بطلب الرئيس صدام وساطة الرئيس المصري لدي الفرنسي -ميتران- للإفراج عن صفقة أسلحة عراقية مع فرنسا.
والسؤال: ألم تكن مصر نفسها مع العراق في هذه الحرب؟! وهذا عظيم وقد ارتقي هذا التواصل بإعلان «مجلس التعاون العربي».. فما الذي جعل الأمور تسير في الاتجاه المعاكس حتي وصل إلي العداء؟
ولأن «ميتران» عاشق لـ «المطبخ» كما نشرت الصحافة الفرنسية -آنرئاسته- فإن عودة «عاشق البطيخ» وهو رجل معلومات(!!) إلي برقية «ابن صباح» جابر الأحمد الأمير السابق(!!) إلي «سعد العبد» رئيس وفده في اجتماع جدة مع سيادة نائب مجلس قيادة الثورة الأستاذ عزة إبراهيم في يوليو/ تموز 1990 ومطالبة جابر لسعد بالتشدد وعدم الموافقة علي مطالب العراق. أو ضغوط السعودية خير شاهد علي الأدوار والأشخاص وغدة الشر التي استطاعت أن تخرب مصر والعراق أعظم دولتين عربيتين مركزيتين في آن واحد. أي شيطان وأي شرير ذلك الذي أحرق الأخضر واليابس رغم النيل والفرات؟.
وقد نشرت جريدة الأهالي - لسان حال حزب التجمع- في القاهرة نص البرقية علي صدر صفحتها الأولي تحت العنوان التالي وبنصها: (من أسرار جدة بين الكويت والعراق:
نص برقية الشيخ جابر للوفد الكويتي والتي أدت إلي تشدده في المباحثات
حصلت مجلة «جون أفريك» علي نص البرقية التي أرسلها الشيخ جابر أمير الكويت إلي وفد الكويت في جدة قبل مباحثاته مع الوفد العراقي آخر يوليو الماضي وهي البرقية التي أدت إلي تشدد الوفد الكويتي الذي رأسه الشيخ سعد العبد الله الصباح أمام وفد العراق برئاسة عزة إبراهيم
«الشيخ سعد :نحضر الاجتماع بنفس شروطنا المتفق عليها الأهم بالنسبة لنا مصالحنا الوطنية ومهما تسمعونه من السعوديين والعراقيين عن الأخوة والتضامن العربي لا تصغوا إليه..كل واحد منهم له مصالحه، السعوديون يريدون إضعافنا واستغلال تنازلنا للعراقيين لكي نتنازل لهم مستقبلا عن المنطقة المقسومة، والعرقيون يريدون تعويض حربهم من حساباتنا لا هذا يحصل ولا ذاك وهو رأي اصدقائنا في مصر وواشنطن ولندن صروا في مباحثاتكم نحن أقوي مما يتصورون تمنياتنا بالتوفيق)
وهكذا انهار اجتماع جدة قبل ان يبدأ.
«انتهي الاقتباس من جريدة الأهالي» في 6/2/1991
فهل يدخل هذا الرأي في إطار النصائح أم يدحض فرية «عاشق البطيخ»؟
إن الفلسطينيين في فتح لا يغادرون «شرم الشيخ» المنتجع أو قصور الرئاسة بين القاهرة والإسكندرية مرورا بـ «برج العرب» وغيرها من الاستراحة إلي وادي الراحة، كما أن مؤتمرات «إحياء أو تحريك أو دفع «عملية السلام» فاقت أضعاف رحلات «النوباتجية الثانية» بحثا عن السلام السراب، وهي خمسمائة ومساوية لعدد قوات استراليا (550 جنديا) في قوات الأطالسة الأبالسة الصهاينة جنوب العراق، كما أنها- الرحلات- بعدد آلاف «عربات التوك توك» وعددها خمسمائة ألف عربة، وهي تقارب تعداد شعب إمارة الكويت الأصليين بدون التجنيس أو البدون.
والسؤال: لماذا لم تُحل مشكلة الفلسطينيين أو القضية مادامت نصائح «الجمهورية الرابعة» ناجعةوكذلك الحريري الصغير الذي يأتي ذهابا وعودة ليستمع للنصائح لماذا لم تفلح في إصلاح أحوال الموالاة؟ وأمريكا أليست دائمة الحديث عن الحكمة فلماذا وقعت في مستنقع العراق؟ إذا كانت النصائح حقيقة تحول دون وقوع الكوارث والمصائب؟
ولماذا الخروج خارج الحدود الإقليمية أو الوطنية إلي العمق القومي مادام الاكتفاء الذاتي من النصائح لم يتحقق؟ فهل كانت «مافيا» توظيف الأموال.. أو تجريفها متمردة علي النصائح أو أقوي من الحكم؟ وهل كانت بطالة حجمها تسعة ملايين هي سياسة قُطّّاع الأعمال أم رئيس وزراء مثل «عبيد» لم يستمع للنصائح رغم أنه يشيد بالإنجازات؟.
وهل تنصيب حملة أسهم الشركات حملة لحقائب الوزارات، وغرق العبارات، وانقلاب القطارات، وسقوط الطائرات وفساد الدم ببنبوك سرور، والآفات في مبيدات الوالي مسرور، وانتشار «فيروس الكبد الوبائي» في فلذات ما يوازي عدد العاطلين، ببيع القطاع العام أو تعطيل الوحدات الانتاجية و«القطاعات المصرفية» مضافا إلي بطالة الخريجين هو عمل بهذه النصائح أو خروج عليها وعصيان لها؟.
هل إضرابات العمال من بورسعيد إلي أسوان، واضطرابات النقابات والاندية والاتحادات من الصحفيين» إلي القضاة مرورا بالمهندسين والأطباء وأساتذة وطلاب الجامعات والاحتباس الاستبدادي وانتشار الكساد، وتفشي الفساد هو إفراز هذه النصائح. أم تقاعس الوزراء التجار حملة أسهم الشركات وحقائب الوزارات انفصال عن تنفيذ هذه النصائح أو هو العجز عن استيعاب حكمة الحكيم؟
وهل كان فشل توشكي وأبو طرطور، وفساد أبراج أبونصير إلا عنوانا علي ادعاء جدوي النصح أو جودة النصائح؟!!! والمعروف أن «الحصانة» تعطي بالتزوير. لكن «الحصافة» توهب من القدير. وهل تفسد السمكة إلا من «رأسها»؟ والدول كالسمك كما يعلم مسئول المعلومات «عاشق البطيخ».
وإذا كان أحدث فضائح المرحلة وفساد السياسة والاقتصاد هو مؤتمر «أنابوليس» الذي ينعقد في ذكري وعد «بلفور» ومبادرة الشؤم مؤسس الحزب والنهج المستمر فسادا وكسادا واستبدادا فإن القومي العربي الكبير الراحل المرحوم الدكتور «عصمت سيف الدولة» -أبا العروبة - صاحب عنوان «الاعتراف المستحيل» هو القائل:
(الإقليمية تتآمر خفية. ثم تتآمر علنا. ثم تجتمع لتتآمر. ثم تعلن ما تآمرت به فإذا هو الاعتراف بـ «إسرائيل»).
بقي اعتراف بصدق إعدام الرئيس الفارس الشهيد صدام حسين للبعض كما جاء في الفرية أو الكذبة وفق مقولة «برنارد شو»:
(الحقيقة المحرفة هي أخطر الأكاذيب) نعم لقد أعدم -بعد محاكمة وإعطاء أكثر من فرصة- وزير زراعة ارتشي واحترف الانحراف فأعدم خلال سنوات الحصار وأيضا أعدم الشهيد الفارس الرئيس المنتصر صدام حسين وزير صحة استورد بالعمد تربحاً وتآمراً دواء فاسدا وأعدم في سنوات الحصار أيضا. فلم يكن في العراق نوع من نصائح سمحت بدم هاني سرور ومبيدات وأعلاف يوسف والي، وعبارات ممدوح إسماعيل وحسين سالم السلام وسالم اكسبريس، وقطّاع الأعمال ووزراء من نوع سليمان عدو النيل. سمسار الأرخبيل. عميل الأمير(!!) وناهب القرصاية، ومفتي الولاية وتاجر الإمامة. وهذا اعتراف بالقتل ربما يريح «عاشق البطيخ» وزمرة «المطبخ» و«البطيخ» عشق «ميتران» وعاشق الطبيخ.
وإذا كان عام 1989 يعتبر «عام البطيخ» حيث وردت «السلعة» في الكتابة والخطابة كتابة مسئول المعلومات والذكريات، وحكاية رئيسه حين تناول مسئولية المواطن عن شراء السلع مرتفعة الأسعار في عيد الثورة عام 1989 في الحكومة رقم 113 برئاسة الراحل المرحوم الدكتور «عاطف صدقي».
ففي 2 مايو / آيار بمناسبة عيد العمال-الذي لم يعد عيدا- من عام 1989 جاء في خطاب «الجمهورية الرابعة» مايلي:
(الخيار طول عمرنا كنا نأكله في آخر يونيو ويوليو وأغسطس شهرين ونص.. بلاش الخوجنة عايزين تأكلوه في كل شهر.. وعايز تاخده بنكلة
زي البطيخ أول مايطلع الموسم كل واحد يقول البطيخ بـ 15 جنيه !! ياسيدي استنا لما ييجي موسم البطيخ واشتري. مفيش فايدة). «راجع الأهرام 2 من مايو / آيار 1989»
وبعيدا قليلا عن المطبخ والبطيخ والمعدة وميتران وإلي المكتبة والمخ وجارودي وليس بعيدا عن فرنسا لئلا يحس الفقي بالغربة أو الاستغراب لغزارة ثقافة الفارس شهيد المثلث الثلاثي الثالث في الأجيال (الحفيد. الأبناء. الجد) الأخ الرئيس صدام حسين.
من فرنسا يقول «روجيه جارودي»:
(عندما كانت أوروبا غير قادرة في القرن التاسع علي معرفة القراءة افتتح الخليفة المأمون في بغداد بمساعدة جيش من الكتاب والمترجمين مكتبة ضخمة وكان يحفظ فيها جميع آثار الحضارات القديمة وكان للحاكم- أحد الخلفاء الأمويين- مكتبة في قرطبة تحتوي علي أكثر من مائة ألف مجلد.. بينما لم تضم مكتبة شاول الخامس ملك فرنسا الملقب بالحكيم إلا ألف كتاب بعد أربعة قرون)
«راجع التحدي الذهبي» جـ 1 صفحة 33 لكاتب السطور.
موقف «الفقي» وما فوقه ومادونه رئيس ومرءوس ضد العراق ليس جديدا ففي برنامج للإذاعة البريطانية تقدمه «صفاء فيصل» بعنوان (صورة عن قرب) أذيع مساء منتصف سبتمبر / أيلول 2003 ، قال الدكتور («مصطفي الفقي»: (إن غزو أمريكا للعراق هو رد اعتبار لأمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001). وكان استخدام العبارة اساءة للتعبير، وإهانة للاعتبار، ولم يتفق مع «مصطفي الفقي» في البرنامج من الشركاء الصهاينة والمتصهينين إلا «نبيل خوري» مستشار الخارجية الأمريكية، فأشاد بآراء «الفقي». ويبدو أن «قراءة» الفقي للأحداث وترديد الأمريكي من المفردات قد أصبحت موضع إعجاب الخارجية الأمريكية. فمن السفير الأمريكي «وولش» أو المندوب السامي الثاني الأمريكي بمصر الذي أثني علي «الفقي» إلي «خوري» الذي اتفق وأشاد بـ «الفقي» ربما لأن «الفقي» عمل بـ «فيينا» حيث ولد «هيرتزل») .
«راجع التحدي الذهبي» الجزء الثاني ص 19 مصدر سابق»
بقي مفرد -تعبير- ورد في ذكريات أو كتابات «عاشق البطيخ» مسئول المعلومات النازل أو المرّحل حقبة وحقائب من الطائرة والرئاسة، وهو مفرد «بضاعة» حين قال «الفقي»:
(ولكن يبدو أن كثيرا من الطغاة (!!) لم يكونوا رجال عنف واستبداد فقط ولكن كانت لديهم بضاعة(!!) أخري في أوقات مختلفة منها الفكر العميق، والقدرة علي الجدل وسبر أغوار الناس، وربما كان الرئيس الراحل واحداً من هذا الطراز)(!!!).
وإذا انحدر الجحود إلي هذ الدرجة، وإذا كان الفارس القائدالرئيس الشهيد قد صنع المعروف كثيرا في غير أهله فلأنه أهله.
وإذا كان الحرف الأول في مفرد «بضاعة» هو الحرف الثاني في الأبجدية العربية بعد الـ (أ)، فالخشية أن يكون استخدام المفرد، ونكران الفضل كأسرة التصهين في الكويت وسماسرة الكويز قد جعل المفرد الوارد لوصف ما حدث هو استخدام الحرف الثاني «و» أيضا قبل الأخير (ي) في نفس الأبجدية، ومن المعروف أن حضارة العراق عرفت أول أبجدية في التاريخ.
وإذا كان العراق وقائده وماجداته ونشاماه ليسوا في حاجة إلي شهادة من أحد. خاصة أمثال أقران ونظراء «هوشيار والفشار وطالباني والمالكي والربيعي والجلبي والسيستاني والصدر والحكيم وبقية الطغمة، فإن «القيادة العليا للجهاد والتحرير» بقيادة خادم الجهاد والمجاهدين عزة إبراهيم تتولي استعادة العراق إرادة وإدارة ودورا. ورحم الله «أبا تمام» ابن العراق وشاعره القائل:
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود
فانهضي يا مصر

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
السفارة العراقية في الاردن مكتب معارضة

امجد الحسيني -
براثا
ان سفارات الدول في العالم وكعرف من اعراف دول ارض الله الواسعة ان تكون السفارة هي الممثل لتلك الدولة سواء اكانت هذه الدولة حرة ديمقراطية ام كانت دكتاتورية امنية ولكن المفارقة العجيبة هي ان سفارة العراق في الاردن اشبه بمكتب من مكاتب المعارضة لا بل قد تكون السفارة العراقية ممثل من ممثلي اعداء دولة العراق وخلال رؤيتي للسفارة العراقية في عمان كما اكده اكثر الزائرين للسفارة العراقية ان هذه السفارة تستقبل اقطاب النظام البعثي الصدامي كما ترحب وبكل حفاوة بالمعارضين والمعادين للحكومة العراقية

والحقيقة الماثلة هي ان هذه السفارة لا تعادي الحكومة العراقية رغم انها ممثل لهذه الحكومة بل تعارض حتى الدولة العراقية وهي ليست مع الدولة العراقية وكأن موظفي هذه السفارة يعملون ويمثلون الدول التي تعتدي وتعادي العراق في العلن والسفارة العراقية في الاردن تحيي جميع مناسبات واحتفالات البعث الصدامي فيما تقاطع جميع فعاليات العراقيين الحقيقية

ولعل الحادثة الاغرب خلال هذا الاسبوع انها استقبلت ولاكثر من مرة حارث الضاري رئيس هيئة الضاري الارهابية كما انها وفي سابقة خطيرة قامت وبمساعدة ضياء الكواز باقامة مجلس عزاء وهمي لعائلة الكواز التي روجت العربية خبر مقتل عائلته الكاذب وراحت السفارة تبكي وتتباكى على عائلة عراقية قتل منها احد عشر شهيدا وان المليشيات التابعة للحكومة قتلتهم على مقربة من دورية ثابتة للجيش والشرطة في كذبة سرعان ما كشفت بعد ان اسف العراقيون واحتقروا حكومتهم البريئة في خطوة عاطفية واما اقامة الكواز مجلس فاتحة كاذب فهذا شئنه لانه قبض اجور كذبته ودنائته كما تعود ان يكتسب بقلمه الكاذب المأجور

اما ان يقوم السفير العراقي في عمان وبالاموال العراقية برعاية هذه الكذبة ودفع الاموال التي اقيمت بها مجالس الفاتحة الكاذبة على اناس خرجوا على شاشات الفضائيات وقالوا بان قريبهم الكواز الذي قبض اموال كذبته لم يعرفهم يوما ولم يتصل بهم ولا اعرف حقيقة هل ان السفير العراقي هو عراقي ام انه مجنس عراقي ولعله ينتمي الى دولة غير العراق ولعله قبض الثمن من المتاجرة بعائلته وكان ابناء عائلته ووطنه قطعة اثاث رخيص ومن يرخص اهله ارخص على اهله من القاذورات .


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الــعــراق والــــــــــگويت. . هاجس الخوف
د. محسن خليل
الموقف العربي مصر

لاعتبارات تتصل بخصائص دولة الكويت من حيث صغر المساحة وقلة السكان من جهة، وأخري لها علاقة بارتباطاتها بدول أجنبية، جند النظام الكويتي قدراته التأثيرية المالية وعلاقاته مع دول التحالف الأطلسي للتآمر علي العراق في عهد النظام الوطني، واستخدم مختلف الوسائل والأساليب لإلحاق الضرر به وإضعاف اقتصاده وإعاقة برنامجه التنموي والتكنولوجي والعسكري. . وفي الرسالة التي بعثها طارق عزيز إلي الشاذلي القليبي الأمين العام لجامعة الدول العربية في15/10/1990 أوجز بعض ما قام به النظام الكويتي ضد العراق، ومما جاء فيها (أن المسئولين في حكومة الكويت تعمدوا وبأسلوب مخطط ومدبر ومتواصل التجاوز علي العراق والإضرار به، وتعمدوا إضعافه بعد الحرب الطاحنة التي استمرت ثماني سنوات بل وقامت الكويت بتشييد المنشآت العسكرية والمخافر الحدودية والمنشآت النفطية والمزارع علي أرض العراق).
وحول دور الكويت في اغراق السوق النفطي العالمي وزيادة العرض علي الطلب بهدف خفض اسعار النفط وحرمان العراق من موارد نفطية مهمة هو بأمس الحاجة اليها لإعادة أعمار ما دمرته الحرب مع إيران أضافت الرسالة المذكورة (لقد قامت الامارات والكويت بإغراق سوق النفط بمزيد من الانتاج خارج حصتهما المقررة في الاوبك علما بأن معدل انتاج الدول العربية من النفط يبلغ (14) مليون برميل يوميا، وان تدهور الاسعار في الفترة 1981-1990 أدي الي خسارة للدول العربية بلغت (550) بليون دولار، وانه اذا اعتمدنا الحد الأدني للأسعار كما قررته الأوبك عام 1987 وهو (18) دولاراً للبرميل الواحد، فإن خسارة الدول العربية للفترة من 87-1990 بسبب تدهور هذا السعر تبلغ حوالي 25 بليون دولار. ومن المعروف ان السعر قد انخفض هذه السنة (أي سنة 1990) دولارات عدة عن سعر 18 دولاراً بسبب سياسة حكومتي الكويت والإمارات، وأن العراق يعاني ضائقة مالية بسبب نفقات الدفاع الشرعي عن ارضه وأمنه ومقدساته وعن ارض العرب ومقدساتهم. وان تدهور اسعار منتجات النفط أصابت كل الدول العربية لاشقيقة الاخري التي كانت تتلقي المساعدات من الدول العربية المنتجة للنفط، وأن الكويت نصبت منذ عام 1980 منشآت نفطية علي الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي وصارت تسحب النفط منه).
ثم تقول الرسالة: (إن العراق يري ان هذه السياسة جزء من المخطط الإمبريالي الصهيوني الذي يتعرض له الوطن العربي عامة والعراق خاصة من جانب «اسرائيل» والامبريالية الامريكية. ان اعتداء حكومة الكويت علي العراق هو اعتداء مزدوج فمن ناحية تعتدي عليه وعلي حقوقه، ومن ناحية اخري تتعمد تحقيق انهيار في الاقتصاد العراق، وهو عدوان لايقل في تأثيره عن العدوان العسكري، ونحن نطالب بوضع حد لهذا العدوان المتعمد.).
وبعد العدوان الأمريكي علي العراق عام 1991، مارست الكويت أخبث وأخطر دور ضد العراق، لإدامة الحصار عليه مدة 13 عاما، والحيلولة دون رفعه رغم أن العراق أوفي بكافة الشروط التي تُلزم الأمم المتحدة بإنهائه، وهو ما اتضح للعالم بأسره بعد ان تكشفت أكاذيب وافتراءات واشنطن القائلة بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل. وكان دور الكويت في هذا المجال توفير الأغطية والذرائع للإدارة الأمريكية لإبقاء الحصار واستنزاف العراق تمهيدا لإسقاط نظامه الوطني. وفي الوقت نفسه كان النظام الكويتي يستقبل طوابير العملاء فيما كان يعرف بأحزاب المعارضة ويحتفي بهم ويمدهم بالأموال ويفتح مكاتب لهم ويضع منابر إعلامية عديدة تحت تصرفهم، وبعد الاحتلال واصل النظام نهجه في تدمير العراق والانتقام منه مستخدما علاقته الشاذة والغريبة مع هؤلاء العملاء الذين شكل منهم المحتل حكومات دمي تهيمن علي مقدرات العراق، وعمل الفريقان بتناغم كامل علي دعم سياسة المحتل في تدمير العراق وتفتيت وحدته أرضا وشعبا، وتخريب مؤسساته الوطنية ونهب آثاره وثرواته وسرقة نفط حقول الرميلة في البصرة، وتشكيل فرق موت مرتبطة به لتنفيذ اغتيالات واسعة ضد ضباط الجيش العراقي والكفاءات العلمية والقيادات البعثية جنبا الي جنب مع ما تقوم به أمريكا وإيران، وتغذية الفتنة بين العراقيين، وكما كان النظام الكويتي يستقبل هؤلاء قبل الاحتلال، واصل استقباله لهم بعد الاحتلال، وكانوا يتبارون في تقديم التنازلات له والتفريط بحقوق الوطن علي حساب الشعب العراقي، بل كان الفريقان يتسابقان في تدمير وتخريب العراق وإشعال الفتنة بين العراقيين. .
لم يكتف النظام الكويتي باحتلال العراق وإسقاط نظامه الوطني وما ألحقه بشعبه من مآس وفواجع، فقد ظل هاجس الخوف من العراق قائما، والتطلع لتحويله أشلاءً ممزقة متعاظماً، وظل يتابع مع سلطة الاحتلال والحكومات التي أنشأتها عن تحقيق الهدف المشترك بين كل القوي المعادية للعراق والأمة العربية. فكان دعمه للميليشات، وللدستور التقسيمي وللفيدراليات ولإلحاق كركوك بإدارة مسعود وجلال. فهو يريد أن يطمئن علي مستقبله، ويتأكد أن العراق لن يعود دولة لها ثقل استراتيجي، ومع أن هذا هدف أمبريالي صهيوني بامتياز وتعمل سلطة الاحتلال علي تنفيذه، لكن النظام الكويتي يفتقد الاطمئنان، ويتخذ من جانبه خطوات وإجراءات، ويضع شروطا تعيد صياغة العراق ليكون محمية كويتية إذا جاز التعبير، وهو أمر لا يستقيم رغم الاحتلال، ذلك أن الاختلال بين قدرات العراق وقدرات الكويت كبير جدا، ليس في المقومات العسكرية والبشرية، وإنما في المقومات الاقتصادية أيضا، فمما يقلق حكام الكويت أن العراق حتي مع نزع سلاحه، ووقف صناعته العسكرية، يشكل كتلة اقتصادية لاتقوي الكويت علي منافستها، خاصة أن مكانة الكويت الاقتصادية تراجعت بشكل خطير بعد أن تطورت موانيء دبي وأبو ظبي وسلطنة عمان وعدن. ولذلك فإن الصورة التي يريد النظام الكويتي أن يرسمها للعراق تتشكل طبقا لهذه الهواجس، ومنها أن الدور الحيوي للعراق في الخليج وكدولة مجاورة للكويت، يمكن أن يرتكز علي الثقل الاقتصادي، وأن العراق يمكن أن يستبدل الهيمنة العسكرية بهيمنة اقتصادية. . هذا يفسر الصلات الوثيقة القائمة بين النظام الكويتي وحكومة الاحتلال، فمعظم رموزها اعتاشت علي دعمه ومساندته لها قبل الاحتلال، وظلت مخلصة ووفية له بعد الاحتلال، وخلال زيارة جلال الطالباني الأخيرة للكويت كان هناك تناغم بين ما يريده النظام الكويتي للعراق، وما تفعله حكومة وسلطة الاحتلال بالعراق. وحين سئل الطالباني عما إذا بحث مع المسئولين الكويتيين مسألة إلغاء ديون الكويت علي العراق، ومسألة إلغاء التعويضات، نفي ذلك وأكد ان هذه المسائل (محكومة بقرارات دولية)، أي أنه يدافع عن مصالح الكويت علي حساب مصالح العراق، علما بأن ديون الكويت علي العراق لا يوجد ما يثبتها، وهي مفتراة، وحكومة الاحتلال صدّقت علي مزاعم الكويت في هذا الشأن من غير تدقيق، والأمر نفسه ينطبق علي التعويضات التي فرضت علي العراق بشكل تعسفي ومخالف للقانون الدولي ولم يعط العراق الفرصة لتدقيقها والتحقق من دقتها، وتحولت مع الفساد المستشري لدي موظفي الأمم المتحدة المسئولين عن ملف التعويضات الي أداة لتمرير طلبات تعويض لا أساس لها إطلاقا. وكان العراق قد أثار هذه المسألة قبل الاحتلال مرات عديدة لكن الهيمنة الامريكية علي المنظمة الدولية أوصدت بوجهه الباب. ولماذا يدفع العراقيون تعويضات الي مشايخ الكويت والعراق قد احتل ودمر وعاثت به عصابات الكويت والمتواطئون معها فسادا وتدميرا وكانت شريكا في الاحتلال الأمريكي غير المشروع، ثم من الذي يجب أن يدفع التعويضات:: العراق أم الكويت التي تسرق نفط الرميلة. . ؟
موقف الطالباني من الديون والتعويضات شبيه بموقف عبدالعزيز الحكيم حين طالب العراق وهو رئيس لمجلس الحكم بدفع مائة مليار دولار لإيران مكافأة لعدوانها علي العراق في الثمانينات، فما أعجب هؤلاء (المسئولين) عن مقدرات العراق، وما اغرب تصرفاتهم التي يستهجنها القريب والبعيد. . والاغرب أن الطالباني أبدي استعداد جوقته الحاكمة لحماية الكويت وسد الفراغ الأمني الذي سينجم عن انسحاب القوات البريطانية من مدينة البصرة، والذي أوجد للكويت قلقا من زيادة عمليات تهريب السلاح والمخدرات الذي تغذيه إيران ضد الكويت ودول الخليج العربي، وقال (لدينا خطط أمنية لتأمين الجنوب العراقي والحدود مع الكويت وسوف نزيد من عدد القوات العراقية هناك). ورغم ان الطالباني لا يملك القدرة علي حماية المنطقة الخضراء وليس الكويت، إلا أن موقفه هذا يعبر عن نمط تفكيره ومدي تبعيته للنظام الكويتي وحرصه علي استرضائه حتي وإن جاء الاسترضاء علي حساب المصالح الحيوية للعراق. ولم يفت الطالباني كعادته أن يشيد بدور الكويت في احتلال العراق حين قال (ما كان للعراق ان يحرَّر من الدكتاتورية من دون الكويت).
لدي النظام الكويتي سياسة معدة ومرسومة للتعامل مع العراق ولإعادة تشكيله، ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة له سواء أكان العراق يخضع لنظام وطني أم لحكومة احتلال لأن هاجس الخوف من العراق متجذر لديه ولا تعالجه أي تطمينات، ، فثمة اعتقاد راسخ لديه أن مشكلته مع العراق لا ترتبط بالرئيس الشهيد صدام حسين وإنما بكل النخب السياسية العراقية وبالشعب العراقي بأسره، وأن الذي يحكم موقف النخب العراقية السياسية من الكويت هو إدراكها للضعف الاستراتيجي الذي يعاني منه العراق، وحاجتها إلي علاقة خاصة مع الكويت لمعالجة هذا الضعف. ويستدل النظام الكويتي للتدليل علي هذا بأنه خلال العهد الملكي في العراق طالب جعفر العسكري بجزيرتي وربة وبوبيان، وطالب توفيق السويدي بإقامة ميناء في (جون الكويت)، ونوري السعيد طالب بضم الكويت الي الاتحاد الهاشمي عام 1958 قبل قيام ثورة تموز 1958، وأن ما حصل في2/8/1990 هو تطبيق للتصور الاستراتيجي للنخب العراقية حول العلاقة الخاصة مع الكويت، والبعض يعتقد أن أزمة الكويت مع العراق في 1961 و1973 و1990 ليست أزمة تزول بزوال أسبابها أو أنها مرتبطة بأشخاصها مثل رئيس وزراء العراق في العهد الجمهوري عبدالكريم قاسم أو بالرئيس الشهيد صدام حسين، بل إن مسبباتها تكمن في العوامل البنيوية لتصور النخب العراقية الحاكمة لدور العراق كقوة إقليمية. .
هكذا النظام الكويتي يريد عراقا تحكمه جوقة العملاء والجواسيس، لأنهم غير معنيين بمصالحه الحيوية وعلي استعداد لأن يعطوا النظام الكويتي فرصة إدارة النظام عن بعد. وتحرص الكويت أن يسود العراق نظام يهيمن عليه القطاع الخاص الفاسد، وأن يعتمد علي ديمقراطية تقوم علي الفساد والرشوة والتزوير لكي يستطيع أن يوصل ادوات له الي مواقع السلطة ومن خلالهم يراقب أوضاع العراق.
هذه تصورات تتحكم في وعي النظام الكويتي بخصوص علاقاته مع العراق، ولو أنه استذكر أن العراق والكويت جزء من وطن عربي واحد وأن الشعب فيهما واحد، وأن هذا القدر أو ذاك من المساحة لا يؤثر إن كان مع الكويت أو مع العراق أو مع السعودية أو مع الأردن لأنها كلها دول عربية وأمنها مترابط، لما وقع تحت ضغط هواجس الخوف ولوجد أن ما يسمي بمشاكله مع العراق، لها حلول سهلة ويسيرة وتقوي الجميع بدلا من الاسلوب الذي اتبعه النظام وأدي الي استعداء الأجنبي علي العراق وإضعاف الجميع دون استثناء..
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
العراق...مشاريع الفيدرالية والتقسيم إلى أين؟
د. داخل حسن جريو
عمان اليوم عمان


«يعتقد مروجو فكرة الفيدرالية بأنها الإطار المناسب لتحقيق أحلامهم كل على طريقته. والفرصة التاريخية التي هبطت لهم من السماء، ينبغي استثمارها بكل الوسائل المكنة قبل ضياعها من أياديهم. ومهما يكن من أمرنقول أن الفيدرالية نظام حكم إداري بأهداف سياسية لا اعتراض عليه إذا إتفقت عليه جميع مكونات الشعب العراقي دون إكراه، وأقره الشعب العراقي في إستفتاء حر ومباشر في ظروف آمنة ومستقرة، تنعم فيها العراق بالحرية والسيادة الكاملة على جميع اراضيها، وخلوها من قوات الإحتلال، ودون تدخل دول الجوار او الدول الأخرى بأي شكل من الأشكال»
كان العرب في مطلع القرن العشرين يحلمون بقيام دولتهم الواحدة، ويا لها من مفارقة عجيبة نراهم في مطلع القرن الحادي والعشرين يجهدون انفسهم في اكثر من بلد عربي للحفاظ على وحدة بلدانهم التي باتت تتآكل وتتشرذم إلى كيانات هزيلة وضعيفة تتصارع فيما بينها تحت حراب المحتلين بدعاوى زائفة بنشر الديمقراطية وتأمين حقوق المجموعات وقيام شرق اوسط جديد ينعم بالرفاهية والحريات المدنية ويسوده القانون والنظام، وما إلى ذلك من مزاعم.
ومن سوء الطالع وقع العراق الأشم فريسة لهذه الأطماع الأجنبية، إذ بعد غزوه بدعاوى باطلة وتدميره، تجري حاليا محاولات محمومة لتقسيمه إلى كيانات بعد أن يتم ترويضه تدريجيا بحيث تصبح فكرة التقسيم مقبولة وكأنها الحل السحري لإنقاذه من المشاكل التي اوقعوه فيها من كوارث وصراعات طائفية وإثنية وفقدان الأمن والأمان ومجاعات وفساد مالي وإداري لم يشهده العراق من قبل، وتبديد الثروات وتهجير الناس من سكناهم وغير ذلك من مأس لا تعد ولا تحصى، ومن ثمة يأتون لاحقا ليلعبوا دور المنقذ والحامي لهذه الكيانات الضعيفة التي لا تقوى على العيش بدون مظلة حماية لها. لقد علمنا التاريخ القريب والبعيد أن الكيانات التي لا تولد ولادات طبيعية يصعب استمرار حياتها بصورة طبيعية لآجال طويلة بدون مهدئات ومسكنات لتخفيف الألم وليس لإسئصال المرض، إذ ستبقى كيانات كسيحة، لا سيما إذا كانت قائمة على أنقاض حضارات امم عريقة كما هو حال العراق الذي شهدت ارضه منذ عصور موغلة في القدم اعظم حضارات عرفها التاريخ، حضارات سومر وبابل وآشور وأكد، التي رفعت مشعل العلم والمعرفة يوم كانت الدنيا كلها تسبح في دياجير الجهل والتخلف والظلام، وليس من باب المصادفة أن يكون للعراق الفضل في اثنتين من الأدوات الأساسية في نشر الأفكار وحفظها وهما اختراع الكتابة ونشر الورق. وفي العراق دونت اقدم الشرائع ومجموعات القوانين التي تنظم المجتمع. وفيه إزدهرت الحضارة العربية الإسلامية في البصرة والكوفة وبغداد وسامراء والموصل، فبلاد الرافدين ليست كيانا اوجدته المصالح الإستعمارية في مطلع القرن العشرين كما يزعم بعض دهاقنة المستعمرين بدعوى أن العراق الحديث قد تكون بدمج ولايات البصرة وبغداد والموصل،متجاهلين عن عمد أن هذه الولايات هي أصلا تقسيمات العراق الإدارية ضمن الدولة العثمانية، بعدها قسم العراق إلى أربع عشرة محافظة في العهد الملكي، ليصبح عددها في العهود اللاحقة ثماني عشرة محافظة.
إن نقل سيادة أي بلد من جهة إلى أخرى وطنية كانت أم أجنبة وإعادة تنظيمه إداريا لا يعني ايجاد بلد جديد كما يزعمون عند انتقال سيادة العراق من الحكم العثماني إلى الإنتداب البريطاني، ومن ثمة إلى الحكومة العراقية فيما بعد. يروج دعاة التقسيم في السر والعلن إلى فكرة مفادها أن العراق يتكون من قوميات وطوائف يصعب تعايشها مع بعضها البعض دون ان تهيمن احداها على الأخرى وتصادر حقوقها وحرياتها متخذين من سيرة الحكام الذين حكموا العراق في الفترات السابقة دليلا على صحة أفكارهم، متناسين الطبيعة الإستبدادية لهولاء الحكام وتصرفاتهم المشينة تجاه جميع مكونات الشعب العراقي. وبصرف النظر عن مدى صحة هذه الأراء من عدمها، لا بد من دراسة ما سيترتب على تنفيذها من نتائج وتبعات ليس على العراق فحسب بل وعموم المنطقة، وقد يكون بعضها كارثيا. نقول هل حقا يمكن تقسيم العراق، فكما تعلمنا في دروس الكيمياء منذ ان كنا صغارا أن المواد في الطبيعة إما أن تكون موادا مركبة أو أن تكون موادا مخلوطة، فالمواد المركبة تتكون من عناصر، ولكل عنصر خواصه، وباتحاد هذه العناصر تتكون المادة المركبة بخواص اخرى، ولا يمكن فصل هذه العناصر عن بعضها بسهولة. فالماء مثلا يتكون من عنصري الاوكسجين والهيدروجين بنسبة معينة، وخواص الأوكسجين هي غيرخواص الهيدروجين ولايمكن فصلهما بسهولة إلا عبر عمليات أخرى معقدة. وعند فصلهما سيتصرفان بطريقة مختلفة لا تخلو من مخاطر إذا لم يحسن التصرف معها. اما المواد المخلوطة فيمكن فصلها بسهولة دون أية مشاكل، فخليط الزيت والماء مثلا يمكن فصله بسهولة. وهكذا هو حال الدول بعضها يمكن تجزئتها بسهولة إذا كانت أصلا هي كيانات مصطنعة اوجدتها مصالح معينة في ظروف معينة وذلك بمجرد أن تتغير هذه المصالح والظروف، وبعضها عصي على التجزئة إذا كانت بلدان اصيلة ذات تاريخ حضاري طويل، فالعراق إنما هو المركب الكيميائي الأصعب في الحياة المكون من عناصر جمعها الدين والتراث والحضارة والعيش المشترك لآلاف السنين يصعب معها فك اواصرها دون ان تحصل كوارث. يتكون العراق قوميا كما هو معروف من العرب والأكراد والتركمان وأقليات اخرى، ودينيا من المسلمين بشيعتهم وسنتهم، ومن المسيحيين بطوائفهم المختلفة، ومن الصابئة واليزيدين. وقد عاشوا في أمن وسلام في جميع ارجاء العراق في العصور المختلفة شأنهم بذلك شأن الشعوب ألأخرى التي عاشت في بلدانها، يتركز معظم ألأكراد في شمال العراق، والشيعة في وسط وجنوب العراق، والسنة في غرب وشمال العراق، وتتداخل القوميات والطوائف في أكثرمن مكان أبرزها: محافظات كركوك وديالي وبغداد واجزاء من محافظات البصرة وبابل وواسط وصلاح الدين ،مع ملاحظة ان تعداد مدينة بغداد اكثر من ربع تعداد سكان العراق لا بل هناك عشائر تختلط فيها الطوائف فكيف يتم الفصل يا ترى بين كل هذه المكونات؟ دون إراقة دماء وسلب ممتلكات الناس وتهجيرهم وايجاد كوارث إنسانية وصراعات لها اول وليس لها اخر.نخلص مما تقدم إلى حقيقة مفادها أن العراق بلد غير قابل للتقسيم أبدا شئنا ذلك أم أبينا، إذ كان على مر العصور رقما يصعب تقسيمه، ولا يقبل القسمة إلا على نفسه لتكون النتيجة دائما عراقا واحدا موحدا. نعود الآن إلى موضوع الفيدرالية التي يكثر الحديث عنها الآن، هل ستكون الحل المناسب لحل مشاكل العراق التي اوجدها الإحتلال ، وما تراكم قبله من مشاكل؟ فضلا عن تطلع بعض مكونات العراق السكانية إلى لعب دور اكبر في الحياة السياسية من منطلق شعورها بالأحقية، وتهميشها في الحقب السابقة،يقابله في الوقت نفسه شعور من مكونات أخرى بالخوف من انحسار دورها التاريخي القيادي في الحياة السياسية، وطرف ثالث يسعى لبناء تجربته القومية بفتح افاق عملية بناء دولته القومية المستقلة.ويعتقد مروجو فكرة الفيدرالية بأنها الإطار المناسب لتحقيق أحلامهم كل على طريقته. والفرصة التاريخية التي هبطت لهم من السماء، ينبغي إستثمارها بكل الوسائل المكنة قبل ضياعها من أياديهم. ومهما يكن من أمر نقول أن الفيدرالية نظام حكم إداري بأهداف سياسية لا إعتراض عليه إذا إتفقت عليه جميع مكونات الشعب العراقي دون إكراه، وأقره الشعب العراقي في إستفتاء حر ومباشر في ظروف آمنة ومستقرة، تنعم فيها العراق بالحرية والسيادة الكاملة على جميع اراضيها، وخلوها من قوات ألإحتلال، ودون تدخل دول الجوار او الدول الأخرى بأي شكل من ألأشكال.
إن مسألة مصيرية بهذا الحجم يجب أن لا تمر مرور الكرام لما لها من إنعكاسات مهمةعلى حاضر العراق ومستقبله. واخيرا نقول يتوهم كثيرا من يعتقد إن فرض مشروع الفيدرالية في ظروف شاذة يمكن أن يؤدي بالضرورة إلى إستقرار العراق وأمنه ورفاهية شعبه، والتخلص من الإستبداد السياسي وأشكال القهر والحرمان المختلفة، والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أبرزها تجربة الاتحاد السوفييتي وتجربة يوغوسلافيا السابقة، القائمة على الفدرالية بين جمهوريات مختلفة، إلاأنها جميعا كانت تعاني من اسوأ انواع ألإستبداد والقهر السياسي، وبالمقابل التجربة البريطانية المؤلفة من عدة شعوب من الإنجليز والإسكتلنديين وإلايرلنديين والولزيين في إطار دولة موحدة مركزيا تنعم شعوبها بأعلى درجات الحرية والديمقراطية.
أن ما يحقق ألأستقرارهو نشرالعدل بين الناس وبناء مؤسسات القانون والتداول السلمي للسلطة باسلوب حضاري وديمقراطي من منطلق أن العراقيين بقومياتهم وطوائفهم سواسية.
ومهما يكن من حال نعتقد أن مشروع الفيدرالية سيواجه صعوبات كثيرة ابرزها الآتي:
.1 مطالبة الأكراد بضم محافظة كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان العراق بدعاوى عائديتها إلى الأكراد تاريخيا، يقابل ذلك رفض بقية سكان المحافظة من العرب والتركمان الذين يشكلون غالبية السكان في الماضي والحاضر،مطالب الأكراد، اذا انهم يصرون على بقاء اوضاع المحافظة على ما هي عليها الآن، تدعمهم بذلك أغلبية الشعب العراقي.
.2 مطالبة الأكراد بضم عدد من المدن والقصبات ذات الأغلبية السكانية الكردية في محافظات الموصل وصلاح الدين وديالي إلى إقليم كردستان، أي سلخها من محيطها العربي، الأمر الذي سيفتح الباب على مصراعيه لمطالبات مماثلة في المحافظات الأخرى بدعاوى التصحيحات التاريخية لإوضاعها، وهو أمر ترفضه أغلبية الشعب العراقي.
.3 إختلاف رؤى القوى السياسية لمفهوم الفيدرالية، منهم من يراها نواة ومرتكز لدولة مستقلة في قادم الأيام، ومنهم من يراها فرصة لممارسة صلاحيات اوسع لإدارة مناطقهم بعيدا عن مداخلات السياسيين القابعين في العاصمة بغداد، ومنهم من يراها صمام امان لمنع قيام نظم استبدادية في المستقبل بتوزيع السلطة على اكثر من مركز، ويراها اخرون بانها نظام إداري اكثر مرونة وإستجابة لمتطلبات العصر.
.4 يرى البعض أن تشكيل الأقاليم قد يجعل منها مراكز نفوذ للدول المجاورة نظرا لوجود إمتدادات عرقية أو مذهبية لسكانها مع سكان تلك الدول، الأمر الذي قد تنجم عنه حالة من التنافس وعدم الاستقرار.
.5 وحيث ان ولادة فكرة الفيدرالية وتنفيذها في ظروف البلاد المضطربة وتحت حراب قوى غازية ومحتلة،واستقواء بعض القوى السياسية بالمحتلين للحصول على المكاسب، وإستبعاد قوى اخرى بذرائع شتى، يمكن ان يؤدي ذلك إليمشاكل كثيرة عندرحيل المحتلين إن عاجلا أواجلا،ما لم تعالج هذه الأمور بشفافية وبروح من التسامح والرغبة الحقيقية في المصالحة الوطنية ، والعمل الجاد على إشراك الجميع في قرارات الوطن المصيرية بعيدا عن التهميش أو الإقصاء.
.6 يوحي تصرف حكومة إقليم كردستان الحالية وكأن الإقليم دولة ذات سيادة لا ينقصه إلا التمثيل الدبلوماسى الكامل مع الدول الأخرى، فهي تتمتع بتمثيل قنصلي واسع مع الكثيرمن الدول.
وترفض رفع علم الدولة العراقية الرسمي على مبانيها الحكومية الممولة رسميا من موازنة العراق، وتبرم العقود النفطية مع الشركات الأجنبية دون الرجوع إلى الحكومة المركزية،لا بل خلافا لرغبتها، وتحتفظ بقوات عسكرية من الجيش والشرطة التي لا سيطرة للحكومة المركزية عليها،إذ انها تخضع لسيطرة رئيس الأقليم فقط، ولايختلف الحال بالنسبة لبقية الدوائر الحكوميةالتي تخضع لقوانين الإقليم بالدرجة الأساس، وللاقليم دستوره الخاص به. أي أن الإقليم يتمتع بكل مؤسسات الدولة ذات السيادة، فضلا عن مشاركته بإدارة الحكومة المركزية، والعكس ليس صحيحا.
إذ لا وجود للحكومةالمركزية بإدارة الإقليم أو تصريف شؤونه. وحال كهذه لا تشجع على إجراءات بناء الثقة بين مكونات الشعب العراقي التي تسعى لبناء دولة العراق الديمقراطي الموحد.
وخلاصة القول نقول أن الفيدرالية إذا ما اريد لها الحياة يجب أن تنبثق من إرادة شعبية مسقلة حرة موحدة ، بعيدا عن الإكراه وإنتهاز الفرص.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
التراث الذي تركه بوش
ريتشارد كوهين
اشنطن بوست

عندما يجري الرئيس الأمريكي جورج بوش مراجعة شاملة لفترتي رئاسته سوف يجد أنه بدأ حربين ولم ينه أيا منهما، فمازال أسامة بن لادن حرا طليقا، ووصلت مكانة الولايات المتحدة الأمريكية إلى أدنى مستوياتها في كل أنحاء العالم، جيشها محبط، ومنكسر، والدولة بوجه عام تعتقد أن حكومتها غير شفافة. وسوف تحتاج موسوعة جينس للأرقام القياسية إلى فصل كامل للرئيس بوش بمفرده.
نعم هذا هو الحال، على الرغم من أن الجزئية الخاصة بانعدام الثقة في الحكومة ربما تكون أكثر العوامل أهمية بل وأشدها صعوبة. أما العوامل الأخرى فيمكن تصحيحها. فبالنسبة للعراق، هناك حل - أو على الأقل نهاية لهذه المأساة. بالنسبة للجيش الأمريكي، هناك علاج يتمثل في دفع المزيد من الأموال وتلاشي تلك الذكريات السيئة. أما عن ابن لادن، فليس هناك حل إلا في وفاته. وماذا عن أفغانستان؟ من يعرف ما الذي سيحدث، فهذه هي الدولة التي ذهبت إليها الطموحات الغربية لتموت.
بيد أن قضية ثقة الشعب في حكومته هي من الأمور المدمرة. ونراها تبرز في الوقت الحالي بصدور قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يعتبر قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية. هذا القرار ذاته هو قضية مباشرة تماما، يثير قضية مفادها أن قوة القدس تدخلت في العراق وتسببت في مقتل الأمريكيين. ومهما كان شعورك بشأن الحرب في العراق، فلن يفلت من العقاب أي شخص يقتل الأمريكيين.
كما يقول القرار، لدى الجيش الأمريكي «دليل» - وهذا هو كلام قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس- على الأنشطة الإيرانية. قال الجنرال بترايوس أمام الكونجرس، «هذه ليست مجرد معلومات استخبارية». أضاف الجنرال بترايوس إننا استخلصنا هذا الدليل من أجهزة الحاسوب التي استولينا عليها ومن العديد من الوثائق ومن مصادر أخرى. مما لا شك فيه أن الجنرال بترايوس لم يحصل على النجوم التي يحملها على كتفيه من فراغ. فهو يعرف جيدا حجم السخرية التي تجلبها كلمة «مخابرات» في الكونجرس. لذلك، فهو يتحدث عن دليل مادي وليس مجرد معلومات. مرة أخرى إنه يتحدث عن الدليل.
لا يهم. في الواقع ربما كان بترايوس، بالنسبة لكثيرين، يتحدث عن تفسير أحلام. هؤلاء الناس، إن هؤلاء الناس، ومعظمهم من اليسار الديمقراطي، لا يصدقون الدليل فحسب، بل إنهم يعتبرون هذا القرار خطوة أولى على طريق الحرب ضد إيران مثلما فعلت إدارة الرئيس بوش الأولى. لكن الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني ليسا بحاجة إلى أي قرار لشن الحرب. أنا أتخيل تشيني يقول إن المسرح جاهز للحرب. وما أكده مجلس الشيوخ هو في الحقيقة أمر يعرفه العالم أجمع منذ فترة طويلة.
حتى في إدارة الرئيس كلينتون، لم يكن لدى المسؤولين الأمريكيين أدنى شك في أن الحرس الثوري كان يمول حزب الله ويزوده بالأسلحة. لقد كانوا يعرفون موعد إرسال الأموال، ومواعيد منح الجوائز بعد كل عملية إرهابية ناجحة. بل و الأكثر من ذلك، ان القضاة الأرجنتينيين يحملون إيران المسؤولية عن قصف مركز يهودي في بيونس أيرس مما أدى إلى مقتل 85 شخصا، على الرغم من أن هذا الموقف لم يأت على لسان أي مسؤول أمريكي. هل كان الحرس الثوري الإيراني بوجه خاص مسؤولا عن هذه العملية؟ أنا شخصيا لا أعرف. لكن العملية تحمل الطابع الإيراني.
إن حربا حمقاء مع إيران - بالتأكيد لم يحن أوانها الآن - تجعلني أخاف من الأثر السلبي الذي تعرضت له الولايات المتحدة بعد حرب فيتنام، أو الحالة الانهزامية التي تحولت إلى سخرية كبيرة التي أصابت بالشلل كلاً من بريطانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، حيث تعرضت الدولتان للإنهاك الشديد. وقد احتفلت النخبة المثقفة البريطانية بما يسمى باللا عنف ورفض حمل السلاح لأسباب أخلاقية، حيث قرروا عدم القتال لا من أجل الملك ولا من أجل الدولة. لقد تعرضت فرنسا فعليا إلى الهزيمة خلال الحرب العالمية الأولى. بل انها كانت دولة المشوهين والمقطعة أرجلهم وأياديهم والأرامل.
إن الوضع اليوم مأساوي أيضا. إن سنوات مبالغات بوش وتشيني، والنقاط التي لم نستطع توصيلها، والمخابرات الكاذبة والمضللة، و الحروب التي لا تؤدي إلى شيء، والأحاديث الطنانة والصبيانية جعلت منا جميعا مادة للسخرية من الجميع. تلك هي الواقعية الجديدة. بيد أن الواقعية الحقيقية هي أن إيران تشكل تهديدا، بل وربما تهديدا كبيرا، كما أن حرسها الثوري متورط في أعمال معادية وفي قتل الأمريكيين وآخرين. وحقيقة الأمر هي أن إدارة الرئيس بوش تقول ذلك، ولا تحاول تغيير الوضع.لقد كان قرار مجلس الشيوخ خطوة ضرورية نحو تشديد العقوبات على إيران - وهو وسيلة لتجنب الحرب، وليس مدخلا لحرب جديدة. لقد كان الهدف من القرار هو توجيه رسالة تصميم وعزم، لكن الرسالة التي خرجت من مجلس الشيوخ الأمريكي أظهرت أن جزءا كبيرا من أمريكا يعتقد أن الرئيس بوش هو عدوه الرئيسي - وأن إيران هي مجرد هاجس يستحوذ على تفكيره ولا يستطيع التخلص منه. هذا هو التراث المؤسف للرئيس جورج بوش.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
أمريكا في العراق: "البسمات العابسة"
سعد محيو
الخليج الامارات
“اخلق المشكلة، ثم قدم نفسك على أنك وحدك القادر على توفير الحل”.

هذا هو المبدأ الذي يدَعي خصوم أمريكا أنها تطبقه في العالم لتسهيل سيطرتها عليه. وهو اتهام خطير، يتضمن سلفاً إدانة أخطر. إذ هو يعني أن الولايات المتحدة، وفي كل توجهات سياساتها الخارجية، باتت عقبة في وجه السلام، أو على الأقل أصبحت شوكة في منتصف الطريق المؤدي إلى نظام دولي أكثر عدلاً واستقراراً.

وبديهي أن يرفض أنصار أمريكا هذا الاتهام جملة وتفصيلاً. فهم يعتبرون الولايات المتحدة “امبراطورية حميدة” لا غنى عنها لسلام العالم واستقراره. كما أنها الامبراطورية الوحيدة في التاريخ التي تبني شرعيتها ليس على أساس عدالة القوة، بل على قوة العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان.

كلا الطرفين يمتلكان ترسانة من المعطيات التاريخية والمنطقية لتبرير مواقفهما.

فالطرف الاول يسوق أحداثاً مثل حروب الشرق الأوسط (العراق- إيران، الكويت، الحروب “الإسرائيلية” ضد العرب، والآن الحروب الأهلية العربية المتصلة) والبلقان وإفريقيا في أواخر القرن العشرين، وقبلها الحروب ضد دول المحور في بداية ذلك القرن، لتبرير الدعوى بأن الزعامة الأمريكية على العالم لا تستوي إلا بتفجير التناقضات الدموية على الساحة الدولية.

الطرف الثاني يورد، في المقابل، وقائع لا تقل إقناعاً. فمن، على سبيل المثال، غير أمريكا حَول أوروبا من قارة عنيفة، نصفها كان فاشياً ونازياً، إلى قارة مسالمة وديمقراطية؟ ومن غير أمريكا نجح في ترويض الذئاب القومية اليابانية الشرسة وجعلها حملاناً تتغنى بالوداعة وتدير ظهرها للعنف؟ ثم: من أسس الامم المتحدة، وقبلها عصبة الأمم، لتكونا منتدى لحل الخلافات بين الدول ومنبراً لدعاة السلام والوحدة العالميين؟

“الامبراطورية الخبيثة” هنا تنتصب على قدم المساواة مع “الامبراطورية الحميدة”. ولأن كلا المفهومين له ركائز واقعية، لا مناص من الاعتراف بأن أمريكا تشبه تماماً الإله الإغريقي الشهير جانوس ذا الوجهين: الباسم والعابس، المسالم والمقاتل. إنه انفصام الشخصية وقد تجَسد في شكل امبراطوري كامل.

ما مناسبة هذا الحديث الآن؟ إنه “اتفاق المبادئ” الذي وقعه “الامبراطور” بوش مع “الوالي” نوري المالكي، لتنظيم العلاقات بين الطرفين بعد إعادة نشر القوات الأمريكية في العراق أواخر 2008.

الاتفاق، من حيث الشكل، يبدو ملائماً لظروف بلاد الرافدين الحالية: فهو يتضمن تسليم شؤون الامن بالتدريج للجيش العراقي، والسياسة للحكومة العراقية، والحكم الديمقراطي للمجتمع المدني العراقي. وهو ينتشل البلاد من عبودية البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي كان يعتبرها خطراً على السلام العالمي. لكنه، في المقابل، يتضمن نصوصاً ستؤدي، في حال تطبيقها، إلى نشر قواعد عسكرية أمريكية دائمة خارج المدن العراقية، وإلى تأبيد الاحتلال والسيطرة الأمريكيتين على البلاد، عبر منح واشنطن “حق” حماية النظام السياسي العراقي من الانقلابات الداخلية.

وجها جانوس هنا واضحان بأبهى صورهما، لكن مع منح الوجه العبوس غلبة واضحة على الوجه الباسم، حين نتذَكر أن العراق قبل الغزو الأمريكي لم يكن في حاجة لا إلى الحصانة الداخلية ولا إلى الحماية الخارجية. واشنطن خلقت مشكلة اللااستقرار حين حلت الجيش والدولة العراقيين، ثم تقدمت لتطرح نفسها على أنها الضمانة الوحيدة لإعادة الاستقرار. إنها كذلك خلقت زعم الإرهاب المرتبط بأسلحة دمار شامل لا وجود لها، وها هي تزعم الآن أنها موجودة في العراق لحماية النظام العالمي من الإرهاب.

ماذا يمكن لأنصار الامبراطورية الحميدة أن يفعلوا حيال هذه الوقائع؟

ليس الكثير على الأرجح، عدا ربما بعض “البسمات العابسة”!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
القفز على قطار السلام

مورين بود
نيويورك تايمز

لم ترغب كوندى أن يرتبط اسمها بالعراق فهي تريد أن يرتبط بالدولة الفلسطينية ففي الدولة الفلسطينية رنين من الأمل أقوى مما في العراق، من ناحية السمعة والإرث بعد الرحيل، وأقوى امرأة في التاريخ كما وصفها الرئيس بوش، هي شخص عادي.
ومثل رئيسها هي تحب الجداول الزمنية والروتين وتكره الفوضى، في صغرها انتخبت (رئيسة) لعائلتها وكان ذلك يسمح لها أن تملي التفاصيل التنظيمية لرحلات العائلة، وذلك حسب وما ورد في كتاب (كوندواليزا رايس حياة امريكية) للكاتبة بصحيفة (نيويورك تايمز) اليزابيث بوميلر.
وكامرأة ناضجة، كانت (كوندى) قلقة حول قبول وظيفة الدبلوماسية الاولى في امريكا، لأن ذلك سوف يعني الكثير من السفر والابتعاد عن أشيائها وعاداتها.
لهذا قيل أنها في انابوليس، كانت تدير عملية من النوع الذي يدار من المقعد ومن البيت، والتي يبدو أنها صممت لإنقاذ صورة وزيرة الخارجية وصورة الرئيس الذي أنفق في النادي الصحي وقتا أطول مما أنفق في العمل على العملية السلمية.
فدبليو بوش لم يستطع ان يكلف نفسه مشقة المكوث في انابوليس ومحاولة دفع الاشياء الى الامام وارشاد اسرائيل ودفعها بيد صعبة.
وبعد أن حزب الدبلوماسية في فترته الرئاسية الاولى، فإن (دبليو) يمارس الآن دبلوماسية عدم الجدية متخذا اسلوب الاستهتار إنه يريد أن يبدو كمن يدفع بالمشكلة في اتجاه معاهدة اسرائيلية - فلسطينية، بينما دافعه الحقيقي أبعد ما يكون عن ذلك، إنه يحاول تثبيت التحالف العربي وتماسكه حتى يستطيع ان يؤذي ايران.
وعندما قاما بغزو العراق بدلا عن العمل في المشكلة الفلسطينية، فإن دبليو وكوندى ساعدا في تحفيز النفوذ الايراني الأكبر، وأثارا التطرف الاسلامي والمشاعر المعادية لأمريكا، التي يحاولان في يأس الآن أن يلجماها.
وقد قارنت كوندى محاولة التوسط في اتمام صفقة في الشرق الاوسط بحدوث معجزة، وتحقيق الانفراج في أنابوليس، سوف يكون امرا مثيرا، ولكن سوف يكون من الصعب على المدام الوزيرة ان تغير من السمعة التي اكتسبتها بعد العديد من حالات سوء التصرف في الشرق الاوسط.
إن فريق دبليو وكوندي المتماسك، ظل باستمرار متلبد الذهن ثقافيا تجاه الشرق الاوسط، فأولا عجزت كوندي عن الامساك بمغزى ما جاء في التنوير الرئاسي اليومي، في اغسطس 2001 الذي كان عنوانه: (بن لادن مصمم على ضربة داخل الولايات المتحدة)، وكان ذلك (عنوانا متفجرا لموضوع غير متفجر) كما وصفته هي نفسها فيما بعد بعد ذلك فشلت هي ودبليو بوش في استنتاج أنه إذا حدث خطأ في العراق، فإن المستفيد سيكون ايران، وعندما كتب برينت اسكوكروفت، ذلك الرجل الذي أغرى خبيرة الشؤون السوفييتية الشابة بترك جامعة استانفورد والالتحاق بالوظيفة الاولى في أمن بوش القومي، عندما كتب مقالة في (وول استريت جورنال) قبل الحرب العراقية بعنوان: (لا تهاجموا صدام) لم تقم رايس بدعوته لاستكشاف منطقة، بل زجرته لاظهار اختلافه مع دبليو علنا، كما أسر بذلك اسكوكروفت لبعض اصداقائه وأضاف إنه لم يفهم رايس حينها وقد مكنت رايس لعدوانية بوش بدلا عن محاولة كبحها.
لقد خاب أمل كوندي ودبليو معا بما قدمته الـ(CIA) حول اسلحة العراق للدمار الشامل في 21 ديسمبر 2002 ومع ذلك وبعد ايام قليلة فقط، كتبت إليزابيث بوميلر أن رايس ودبليو كانا على انفراد في المكتب البيضاوي عندما فاجأها بسؤال مباشر عن الحرب قال: هل تعتقدين ان علينا ان نفعل هذا؟ قالت له: نعم وفي عام 2006، عندما غزت اسرائيل لبنان ومات العديد من المدنيين بمن فيهم الاطفال جلبت كوندي ودبليو غضب العرب والأمم المتحدة على امريكا بسبب عدم السماح بإجبار ايهود اولمرت على الموافقة على وقف لإطلاق النار بالسرعة الكافية.
وفي نفس العام، وفي حادثة أخرى تكشف عن الاصرار على الجهل، اغمضت عينيها عن حقيقة فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية.
وكما وصفت الامر لاليزابيث بوميلر، أنها قد صعدت الى الدور الأعلى في الساعة الخامسة صباحا في اليوم التالي للانتخابات الفلسطينية عام 2006، لغرفة الرياضة البدنية في شقتها بووترجيث للتمرن على آلة المشي، فرأت على شريط الانباء بالتليفزيون نبأ فوز حماس.
قالت: قلت لنفسي: (حسنا هذا ليس صوابا) واستمرت في تمرينها لفترة ثم أخيرا تحركت واتصلت بوزارة الخارجية، وقالت: (قلت: ماذا حدث في الانتخابات الفلسطينية؟ فقالوا لقد فازت حماس وفكرت ثم قالت: اه يا إلهي حماس فازت؟!
وعندما لم تستطع الاتصال بمسؤول وزارة الخارجية في الاراضي الفلسطينية، فعلت ما كان سيفعله أي مخلص لبوش، ثم عادت لمزاولة التمرين الجسدي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
هل يسعى بوش لقواعد دائمة بالعراق؟
هارلود ميرسون
واشنطن بوست
بعض ارث بوش يستحق الإشارة، وإن جاء متأخرا، خصوصا مساعيه لإحياء عملية السلام بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني بعد ان تجاهلها تماما على مدى سبع سنوات. إلا ان الركيزة الاساسية لهذا الارث تتمثل، في ما يبدو، في جعل سياسته تجاه العراق من ثوابت السياسة الاميركية.

فالرئيس بوش وقع مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يوم الاثنين الماضي بيانا تعهدت فيه الحكومتان العراقية والاميركية بالتوصل الى ميثاق أمني وسياسي طويل المدى العام المقبل. وقال الجنرال دوغلاس لوت، مسؤول حرب العراق بالبيت الابيض، ان شكل وحجم أي وجود اميركي طويل المدى، خلال أو ما بعد عام 2008، سيكون قضية رئيسية في أي مفاوضات بين الولايات المتحدة والعراق.

ولعله من شبه المؤكد ان الرئيس بوش يدفع باتجاه إقامة قواعد اميركية دائمة، تكون منصوصا عليها في اتفاق توقعه ادارته خلال الشهور الاخيرة قبل مغادرته البيت الابيض. وفي هذا الشأن لا يعتبر بوش ملزما بالسعي للحصول على مصادقة من الكونغرس على مثل هذه الخطوات.

قال لوت ايضا الا تكهنات لديهم في الوقت الراهن حول ما اذا كانت هذه المفاوضات ستؤدي الى اتفاق رسمي يقود الى مفاوضات رسمية. الادارة الاميركية تسعى الى توقيع اتفاق حول وضع القوات، وهو اتفاق يتطلب مصادقة مجلس الشيوخ، اذا جرى تصنيفه في خانة المواثيق، وإلا سيعتبر اتفاقا تنفيذيا.

ولكن اذا حاول بوش توريط الرئيس الاميركي المقبل في قواعد اميركية دائمة في العراق، فإن ذلك قد يؤدي الى فترة رئاسة ديمقراطية ثانية. يضاف الى ذلك ان الدفاع عن قواعد اميركية دائمة في العراق امر يصعب على الجمهوريين خلال حملة الرئاسة لانتخابات العام المقبل. مهما يكن من أمر، ثمة فوارق رئيسية بين العراق ودول مثل ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بقوات عسكرية منذ ما يزيد على نصف قرن. فهذه الدول تتمتع بسلام داخلي وحكوماتها معترف بها من جانب مواطنيها، ولا يوجد بها من يزرع عبوة ناسفة على جنبات الطرق او يطلق النار على القوات الاميركية او يتحدى سلطة حكومته.

ولكن دعونا نتخيل الورطة السياسية للمرشحين الجمهوريين اذا قال بوش انه سينفذ هذا الاتفاق حتى بدون مصادقة الكونغرس. رئيس مثل بوش، لا تتعدى نسبة تأييده داخل الولايات المتحدة 30 بالمائة، من المحتمل ان يقول انه يملك سلطة الإبقاء على القوات الاميركية في العراق لسنوات مقبلة، مستبقا بذلك سلطة كل من الكونغرس والرئيس المقبل. ترى، ما الذي يمكن ان يقوله المرشحون رومين او جولياني او ماكين إزاء ذلك؟ ماذا سيفعل الجمهوريون في الكونغرس؟ حتى الآن اثبتوا انهم عاجزون عن الاختلاف مع بوش حول حرب العراق.

اذا افترضنا وجود خط فاصل بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي قائم على اساس تأييد طرف للرئيس بوش في حرب العراق ومعارضة الطرف الآخر لذلك، فمن المحتمل ان يرشح الجمهوريون ديك تشيني رئيسا مقبلا. ما يمكن قوله باختصار هنا هو ان تركة بوش تشكل خطرا يتهدد الحزب الجمهوري نفسه.

افترض هنا ان الديمقراطيين سيعارضون أي اتفاق مع حكومة المالكي ينص على إبقاء القوات الاميركية بصورة غير محددة في بلد يعاني من الانقسام الطائفي. إلا ان مرشحي الرئاسة ليسوا واضحين تماما عندما يأتي الحديث حول دور الولايات المتحدة في العراق. مفاوضات بوش والمالكي ستركز تفكير الديمقراطيين على خطأ خيار الإبقاء على القوات الاميركية لأجل غير مسمى، في بلد ستستمر فيه حالة عدم الاستقرار والحرب الأهلية لأجل غير مسمى.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
هدية القائد

محمد عبد الجبار الشبوط
الوطن الكويت


وزعت وكالة الصحافة الفرنسية يوم الخميس صورة مواطن عراقي يحمل ابنته باليد اليسرى، وفي اليد اليمنى مظروفا كتب عليه «هدية القائد العام للقوات المسلحة المحترم، دولة رئيس الوزراء». وقالت الوكالة في شرح الصورة ان الظرف يحتوي على مليون دينار، أي ما يعادل 800 دولار اعطيت للعراقيين العائدين من سورية، وتم اسكانهم مؤقتا في فندق منصور مليا في بغداد، لتعذر ذهابهم الى منازلهم ومناطقهم.
بدأ سيل العائدين يتدفق على بغداد وبقية مناطق العراق منذ شهر اكتوبر الماضي، بالتزامن مع تحسن الوضع الامني، وجزئيا بسبب ذلك. وبقدر ما تمثل العودة الى الديار مناسبة فرح للعائدين، فانها تمثل مشكلة جديدة من نوع المشاكل التي لم يتم التفكير بها قبل حصولها. والآن بدأت المشكلة بالتراكم. والسبب الاساسي ان العائدين او معظمهم لن يجدوا بيوتهم بانتظارهم. وهذا هو ما دفع الحكومة الى اسكان دفعة منهم في فندق منصور مليا المطل على نهر دجلة والمعد من فنادق الدرجة الاولى في العراق. لكن الفندق لن يتسع بطبيعة الحال لحوالي 4 ملايين عراقي تركوا منازلهم وذهبوا اما الى مناطق اخرى اكثر امنا في البلاد، او هاجروا الى سورية والاردن وغيرهما من بلدان المنافي الاختيارية.
يشتكي القادة العسكريون الامريكيون الذي دفعوا الثمن الاكبر في تحسين الوضع الامني في البلاد من ان الحكومة العراقية لا تملك خطة لحل مشكلة العائدين، من حيث الاسكان ومتعلقاته، الامر الذي قد يهدد باستيلاد مشاكل جديدة وربما تفجير العنف الطائفي مرة اخرى. المتبادر الاول للذهن في هذا الموضوع هو عودة المهاجرين الى بيوتهم. لكن هذا ليس بالامر الهين اما لأنه تم تدمير هذه البيوت اثناء الحرب الاهلية، او لأن مواطنين اخرين يشغلونها حاليا، او لأنها تقع في مناطق لا يشعر العائدون بالامان بالعودة اليها. اوكلت الحكومة الى الدكتور احمد الجلبي، نائب رئيس الوزراء السابق، مهمة حل مشاكل العائدين، وهذا اختيار موفق لما يتمتع به الرجل من قدرة على اكتشاف الخيارات العملية، لكنه لن يكون قادرا على حل المشكلة بدون استراتيجية شاملة ودعم كبير خاصة من الناحية المالية، وبدون تعاون اجهزة الدول الاخرى معه. يخشى القادة العسكريون من ان تؤدي عودة اللاجئين الى اندلاع موجة من العنف الطائفي اذا قرر العائدون العودة الى منازلهم، ليجدوا فيها شاغلين آخرين، قد يرفضون الخروج، ليس من باب العناد والاستحواذ، ولكنهم لأنهم يعانون من نفس المشكلة. وبالتالي فنحن نتحدث عن ظاهرة معقدة وليس مجرد مشكلة بسيطة وسهلة. لكن هذا لا يعفي الحكومة من مسؤولية البحث عن حلول عاجلة واخرى بعيدة المدى لمشكلة اللاجئين العائدين. وبالتأكيد ليس الاسكان في فندق ذي خمس نجوم واحدا من الحلول، كما ان المليون دينار عراقي ليست حلا هي الاخرى.
بالمناسبة، ازعجتني كثيرا عبارة «هدية القائد العام» وقلت لنفسي لم لا تكون هدية رئيس الجمهورية، او هدية رئيس مجلس النواب، او أي اسم آخر؟ لكن الاهم من اسماء اصحاب الهدية، هو التساؤل: لماذا لا تكون هدية الدولة العراقية لمواطنيها؟ الحاق الهدية، المأخوذة من المال العام، باسم شخص بغض النظر عن موقعه في الدولة، يضفي على الهدية مسحة شخصية، كانت هي لب المشكلة في العراق ايام المقبور صدام حسين، واقصد بها: مشكلة شخصنة الدولة، التي ناضل رئيس الوزراء نوري المالكيـ مثله مثل الملايين من الناسـ من اجل اسقاطها واقامة دولة مستقلة عن شخص الحاكم. عجبي! الم يوجد في مكتب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة من ينتبه الى خطورة شخصنة الهدية مع انها مال عام وينصح بعدم كتابة العبارات السابقة على المظروف؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
عالم.. ما بعد هوارد
طلعت رميح
الشرق قطر
ليس تغييراً بسيطاً ما جرى في العالم، نتيجة غياب رئيس الوزراء الاسترالي "جون هوارد"، فنحن أمام تغير أخطر من غياب "بلير" و"أزنار" و"شيراك" و"شرودر". على الصعيد المحلي الاسترالي، فإننا أمام هزيمة غير عادية لرئيس وزراء، إذ هي السابقة الأولى في التاريخ الاسترالي منذ 87 عاماً، التي يفشل فيها رئيس الوزراء في الحفاظ على موقعه النيابي في دائرته، كما نحن أمام وصول تيار جديد في سياساته الداخلية للحكم، حيث المعركة الانتخابة التي شهدتها استراليا كانت حافلة بالصراعات حول القضايا الاسترالية الداخلية.

لكن الأهم هو أننا أمام سياسة خارجية مختلفة لاستراليا، تحدث تغييرات مهمة في الأوضاع الدولية، على صعيد التحالفات والخطط الاستراتيجية، ليس فقط لتأثيرها على الأوضاع في احتلال العراق، بل على مستوى التحالف الأمريكي - الياباني - الاسترالي - البريطاني الذي كان يخطط لتطويق المعمورة. الجانب المباشر الذي لمسناه أو أثر علينا في المنطقة العربية، هو أن حزب العمال الذي فاز في هذه الانتخابات، قد أعلن فور ظهورالنتائج عن وفائه بوعده لناخبيه بسحب القوات الاسترالية من العراق، بما يعني أن "قصة وحكاية" القوات "المتعددة الجنسيات" قد انتهت بفعل رفع الغطاء الاسترالي عنها، ذلك أن قوات دول كثيرة قد سبق سحبها من العراق أو هي انسحبت من أداء دور التغطية على احتلال القوات الأمريكية للعراق، كان أهمها الإسبانية والإيطالية، كما دول أخرى في الطريق منها اليابان وبولندا، إضافة إلى أن أمر القوات البريطانية بات في مهب ريح الانسحاب النهائي بعد الانسحابات الجزئية التي قامت بها، وبذا فنحن أمام وضع مشكوف للقوات الأمريكية والوجود السياسي الأمريكي في العراق.

غير أن التغيرات المتوقعة والمنتظرة دولياً بسبب هذا التغيير السياسي في استراليا، يتخطى هذا الفعل المباشر على مستوى الوضع في العراق، رغم أهميته بطبيعة الحال، سواء على صعيد دور قوات الاحتلال الأمريكية أو على صعيد اقتراب يوم نيل العراق حريته ووحدته واستقلاله.

إن غياب "جون هوارد" عن السياسية الدولية وإعلانه التوقف عن ممارسة العمل السياسي، إنما يعني اختفاء آخر حلفاء الرئيس "بوش" وداعميه في احتلال العراق وأفغانستان، وفي استراتيجية الحرب الاستباقية وألاعيب الحرب على الإرهاب.

لقد سبق غياب "هوارد" غياب العديد من رموز اليمين في قيادة العديد من دول العالم، أو القادة المتحالفين مع اليمين الأمريكي، كان أبرزهم "توني بلير" في بريطانيا و"أزنار" في إسبانيا، والآن يغيب عن التحكم في السياسة الخارجية الاسترالية ذاك الرجل الذي كان في نفس الحالة السياسية والنفسية لـ"جورج بوش". هنا نحن أمام أمر له دلالات مهمة على صعيد الفشل الاستراتيجي للسياسة الأمريكية وفق نظريات اليمين المحافظ. كما نحن أمام غياب الرموز الأشد عدوانية في هذا التيار على المستوى الدولي، إذ من المهم الإشارة هنا إلى أن الخسارة التي جرت لتيارات الاعتدال في السياسة الدولية بغياب "شرودر" في ألمانيا و"شيراك" في فرنسا، لم تنتج تياراً عدوانياً في نفس درجة "بوش" في ألمانيا، كما الحال في فرنسا، إذ إن "ساركوزي" لا يملك أوراق تغير في استراتيجية فرنسا على نحو حاد، رغم كل ما يثيره من ضجيج كلامي.

ومن ناحية ثانية، فنحن أمام ضربة مهمة لسياسة أو استراتيجية الولايات المتحدة في تشكيل حلف استراتيجي يحيط بالعالم، أقطابه استراليا في جنوب المعمورة، واليابان في الطرف الشرقي، وبريطانيا في الشمال الغربي، والولايات المتحدة في الطرف الغربي، لمحاصرة الصين وروسيا.

لقد سبق سقوط "هوارد"، إطاحة رئيس الوزراء الياباني الأقرب في تاريخ هذا البلد - ما بعد الحرب العالمية الثانية - إلى الخطة والاستراتيجية الأمريكية ولنهج المحافظين الجدد - "كويزومي" -، وهو ما أدى لاحقاً إلى تغيير تدريجي للخطوات التي كان اتخذها بشأن إمداد آلة الحرب الأمريكية بالطاقة، وبإرسال قوات يابانية إلى الدول التي تعتدي عليها الولايات المتحدة وتحتلها، أو بشأن تصعيد حدة التوتر مع الصين.

والآن إذ سقط "هوارد"، فالأغلب أننا سنشهد إعادة تقييم لذلك الاندفاع الاسترالي السابق، باتجاه الارتباط الشامل بالاستراتيجيات الأمريكية، أو بالدقة أننا سنشهد استراليا بعيدة عن المشاركة في خطط الحرب الاستباقية، التي أخذ بها "بوش"، وبعيدة عن خطة تحويل العالم إلى ساحة صراع للحضارات، وربما تسير استراليا باتجاه تطبيع علاقاتها على نحو أوسع مع القوى الدولية الأقرب إليها جغرافياً واستراتيجياً، خاصة الصين، وإن كان "هوارد" لم يعلن موقفاً استراتيجياً رسمياً معادياً لها.


هوارد.. وسياسته

المتابع لسياسة رئيس الوزراء الاسترالي السابق "جون هوارد"، يلحظ أنها قامت على تطوير دور السياسة الخارجية من الوضع الإقليمي إلى الوضع الدولي الواسع التأثير، ومن المشاركة الخلفية مع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى الشراكة والتحالف باعتبارها قوة ناهضة طامحة، وأن هذا التطوير جاء وفق رؤية باعتماد نمط متشدد من التحالف مع الولايات المتحدة إلى درجة الشراكة الاستراتيجية والعسكرية المباشرة كما في احتلالها للعراق وأفغانستان.

وفي ذلك كانت الضربة الأخطر لـ"هوارد" قبل الانتخابات،هي تلك التي جاءت من "بيتر كينلي" نائب قائد القوات الاسترالية الخاصة الذي شارك في تخطيط وتنفيذ العدوان على العراق، والذي اعترف بأن هذا التدخل يعاني من الفشل الاستراتيجي والأخلاقي، وطالب بسحب القوات الاسترالية من العراق.. فوراً، وأضاف أن إرسال القوات الاسترالية إلى العراق هو استخدام منحط - والتعبير له - لقوات الدفاع الاسترالية من جانب الحكومة، وأن تلك الحرب كانت استغفالاً للقوات والشعب الاسترالي الذي تَصَوَّر للحظة أنها حرب مشروعة. وقد زاد من خطورة تأثير تلك التصريحات أن مطلقها كان هو نفسه القائد الذي حصلت كتيبته على نوط التفوق من القوات الأمريكية تقديراً لدورها ومساهمتها المتفوقة في نجاح "قوات التحالف" خلال الغزو. كما زاد من خطورتها على شعبية "هوارد" وسياسته الخارجية، أن "كينلي" ضرب من الأساس مشروعية الحرب ومصداقية الولايات المتحدة إذ قال: "إن المعلومات التي كانت لدى المخابرات الأمريكية عن أسلحة الدمار الشامل العراقية لم تكن تتجاوز تخمينات وحوارات.. وأن البحث عن أسلحة دمار شامل فيما بعد لم يكن سوى "نكتة"!.

لكن المتابع لنمط السياسة الخارجية لـ"هوارد"، يدرك أن التحالف الاستراتيجي بين استراليا والولايات المتحدة قد وصل إلى مراحل تشكيل رؤية دولية مشتركة، وهو ما يظهر في فهم المغزى الاستراتيجي للاتفاقية الأمنية (اتفاقية عسكرية) التي عقدها "هوارد" مع اليابان. لقد كانت تلك الاتفاقية نقطة انطلاق مهمة للغاية في تغيير الوضع العسكري لليابان، باعتبارها الاتفاقية الدفاعية الأولى التي تعقدها اليابان مع أية دولة أخرى، خلاف الولايات المتحدة (المحتلة لليابان بعد الحرب العالمية الثانية)، وبالنظر إلى أنها جاءت على خلفية التوترات التي تصاعدت في تلك الفترة بين الصين واليابان. وفي ذلك كان قد أعلن وقتها عن أن تلك الاتفاقية قد جاءت تطويراً للعلاقات التي توثقت بين القوات الاسترالية واليابانية الموجودة في العراق، إذ كانت الاسترالية هي المسؤولة عن تأمين القوة اليابانية خفيفة التسليح، وهو أمر له دلالاته ومعانيه السياسية والعسكرية بطبيعة الحال.

وفي ذلك وبالارتباط معه، جرت وقائع الحوار الاستراتيجي بين استراليا واليابان والولايات المتحدة، فيما سمته وزيرة الخارجية الأمريكية بالمحادثات الأمنية الثلاثية، مشيرة إلى أنها ستتناول العراق والطموحات النووية لكوريا الشمالية، مضيفة إلى أن "هناك الكثير لنتحدث بشأنه". وهو ما دعا أحد كبار المعلقين الصينيين للقول: "إن الولايات المتحدة واليابان تريدان مشاركين أكثر في تحالفهما لكي يزيدوا النفوذ في منطقة آسيا والباسفيك، وهو ما يعكس عقلية الحرب الباردة وأن مثل هذه الاقتراب لن يكتب له النجاح".

قامت سياسة "هوارد" إذن على الارتباط بالاستراتيجية الأمريكية "الكونية" الساعية إلى تطويق جغرافيا الأرض بتحالف، يبدأ من واشنطن ويعود إليها ماراً باستراليا في الجنوب واليابان في الشرق وبريطانيا في الشمال الغربي والولايات المتحدة في الغرب. وهي لذلك بذلت كل الجهد لإدخال كل من الهند وجنوب إفريقيا في مثل هذا التحالف - بطرق غير مباشرة - لتتحقق لها السيادة الاستراتيجية المطلقة على بحار ومحيطات العالم.

لكن ذلك لا يعني أن "هوارد" كان "متحالفاً بالمطلق" مع الإدارة الأمريكية، أو أنه سلم زمام القيادة الاستراتيجية للولايات المتحدة في سياسته الخارجية دون خلافات أو تباينات في المصالح، لكنه يعني بالدقة أنه سعى لجعل استراليا قوة دولية ذات مصالح عالمية، واختار لتحقيقها التحالف مع الولايات المتحدة في ظل الإدارة اليمينية. لقد شارك "هوارد" في مغامرات بوش في العراق وأفغانستان وسعى إلى إيقاظ النزعة العسكرية لليابان.. إلخ، لكنه في ذات الوقت، لم يكن متفقاً تماماً مع سياسة الولايات المتحدة الرامية إلى حصار الصين، إذ إنه كان يميل إلى "نظرية احتوائها"، وهو ما كان محل نقاش وحوار "علني" مستمر بين الإدارتين. أو يمكن القول إن "هوارد" قد توافق مع الاستراتيجية الأمريكية في المناطق التي مثل فيها هذا التحالف نقلاً للسياسة والاستراتيجية الخارجية الاسترالية إلى مستوى العالمية، كما أنه اتبع بعض ملامح السياسة الخارجية والاستراتيجية الأمريكية في الوضع الكوني، فيما يتعلق بالحرب الاستباقية، وما يسمى أمريكياً بالحرب على الإرهاب. لكن كان متمايزاً بشأن سياستها واستراتيجيتها تجاه الوضع الإقليمي لاستراليا في بعض القضايا، فإذا كان قد حدث توافق استراتيجي أمريكي استرالي بشأن فصل تيمور الشرقية عن جسد الدولة الإندونيسية، وحول علاقات التحالف مع اليابان، فقد كان هناك خلاف حول الصين، إذ شهدت العلاقات الصينية - الاسترالية في عهده تطوراً في العلاقات الاقتصادية، حتى تجاوزت التجارة بين البلدين نحو 20 مليار دولار أمريكي العام الماضي، وبذلك أصبحت الصين هي الشريك التجاري الثالث لاستراليا. كما أن "هوارد" أعلن أكثر من مرة أن بلاده ستلتزم بسياستها القائمة على سياسة صين واحدة، وأنه لا يؤيد أية نشاطات تجاه استقلال تايوان.

لكن كل ذلك لم يشفع له لدى الاستراليين من أصول صينية وكورية، إذ رأى هؤلاء فيه رجلاً يمثل سياسة معادية لبلدانهم الأصلية، وفي ذلك نحن أمام مغزى آخر مهم، إذ إن الدائرة التي فشل "هوارد" في الحصول على مقعده البرلماني فيها، هي دائرة تزايد فيها عدد من هم من أصول صينية وكورية.


مغزى آخر

على كل، ففي نجاح رئيس الوزراء العمالي، نحن أمام مغزى مهم آخر، إذ لم يخض الرجل معركته الانتخابية على أساس التغيير في السياسة الخارجية "الحربية" لـ"هوارد" فقط، أو على الخروج من لعبة التحالف الأمريكي القائم على فكرة الحرب الاستباقية - من خلال سحب القوات المشاركة في العدوان على العراق - بل إنه نجح على أساس نقاط برنامجية تتعلق بالبيئة دولياً، وأهمها قضية الاحتباس الحراري.

وفي ذلك كله نحن أمام تغيير دولي مهم وكبير، يمكن أن تظهر نتائجه بصورة كبيرة على العلاقات والتوازنات والاستقرار في العالم، إذا حملت الانتخابات الأمريكية القادمة، ديمقراطياً إلى البيت الأبيض، يعيد تغيير نمط استراتيجية الحرب الاستباقية، ويحقق الخروج من العراق، ويعيد التوقيع على اتفاقية "كيوتو". العالم يستعد لاستقبال رئيس ديمقراطي.. والأمر بيد الناخب الأمريكي.


ليست هناك تعليقات: