Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 7 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاحد 7-10-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
سيناريو الشر..
سناء السعيد
الوفد مصر

لا شك أن قرار مجلس الشيوخ في السادس والعشرين من الشهر الماضي، والذي يقضي بتقسيم العراق إلي ثلاثة كيانات كردية وشيعية وسنية لم يكن مفاجئاً، فخطة التقسيم هذه كانت معدة حتي قبل الغزو الأمريكي لأرض الرافدين.. واليوم يتحقق الحلم الصهيوني في تفتيت العراق وإخراجه من الخريطة العربية ضماناً لاستمرار الهيمنة عليه نفطياً من قبل أمريكا وأمنياً لصالح إسرائيل. تحول العراق من دولة مؤثرة تملك زمام نفسها ومصيرها إلي كيان مدمر تضرب الفوض أطنابها فيه ويسوده التخلف والتشوه والتبعية بعد أن قطعت أوصاله عمداً علي يد المحافظين الجدد تنفيذاً لخطة صهيونية بزغت مع ظهور دولة إسرائيل إلي حيز الوجود،

تحول العراق من دولة قوية نامية متمدينة تتمتع بالرفاه إلي وضع ممزق مبعثر مشرذم في ظل الاحتلال الذي عبث بمقدراتها ومعادلة التوازن فيها.

ولقد تبلورت أهداف الاحتلال واتضحت بقرار مجلس الشيوخ حول تقسيم العراق، القرار كشف اللثام عن الهدف الحقيقي الذي من أجله غزت أمريكا أرض الرافدين في 20 مارس سنة ،2003 عمد الاحتلال وساعده العملاء من مرتزقة علي خلاف طوائفهم وعنصريتهم علي تفكيك الدولة وصهرها في بوتقة تحقيق المصالح للطرفين، ولذلك أطاحوا بكل معدلات القوة في العراق، فاجتثوا جيش العراق الفتي بقرار الحاكم الأمريكي بول بريمر، الذي تخذ قراراً بحله، وقضوا علي علمائه ونسفوا مؤسساته من صحية وتعليمية واقتصادية وخدمية، ونثروا الفتنة العرقية بين أطيافه توطئة للتقسيم الذي بدا ملبياً لمصالح الفئات الضالة التي منحها الاحتلال مقاليد إدارة البلاد في أيديها فعاثت فساداً ورسخت التناحر الطائفي ليحل بأرض الرافدين تدهور كبير.

عالجوا كل القضايا من خلال العنصرية البغيضة التي تم تسليطها علي نسيج المجتمع سعياً لتفتيته، ولهذا كان حرص أمريكا علي ترسيخ الطائفية الإثنية وشرع عملاؤها في ارتكاب جرائم كبري لنسف الثقة بين الأطياف وتحريك الحساسيات وإثارة النعرات من خلال تفجير مراقد الأئمة في سامراء بهدف إشعال الفتن، فساد القتل علي الهوية وبدأت عمليات التطهير العرقي بشكل أدي إلي هجرة الكثيرين من مدنهم وتفرقهم داخل العراق وخارجه.

كان نتاج ذلك كله ضعف دولة القانون في العراق، الأمر الذي شجع الأكراد وشيعة الحكيم إلي إظهار الميل لنهج التقسيم تحت شعار الفيدرالية وبدا وكأنهم قد قسموا العراق سلفاً واستبقوا بذلك قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الذي ما كان ليصدر لولا أن الأمريكيين أدركوا أن الفئات الضالة في العراق تنشد التقسيم وتريده، والغريب أن الأنظمة العربية لم تعترض ولم تشجب القرار رغم أنه يمثل سابقة لتدخل مجلس الشيوخ في تقرير مستقبل دولة مستقلة!.

ولا شك أن فكرة التقسيم كانت مدرجة علي جدول السياسات الأمريكية في العراق ولكن إعلانها اليوم من خلال التصويت علي قرار التقسيم بأغلبية أعضاء مجلس الشيوخ يعني أن الفكرة أصبحت احتمالاً وارداً للمرة الأولي منذ غزو العراق واحتلاله، شجع عليه نهج المحاصصة الذي اعتمدته الحكومات العراقية التي فرضها الاحتلال وهو النهج الذي انعكس علي النظام الانتخابي وعلي الدستور العراقي، ثم ما لبث أن ظهرت بوادر التقسيم في الدعوة إلي الفيدرالية التي تبنتها جماعة الحكيم بدعم من الحزبين الكرديين في شمال العراق، ولعل التوطئة لذلك ظهرت في عمليات القتل علي الهوية والتطهير العرقي في بغداد ومناطق أخري الأمر الذي أدي بالأطياف إلي تبادل المواقع فهاجر السنة من مناطق الشيعة وهجر الشيعة المناطق السنية.

ولا يخفي فإن التقسيم يعني المرحلة النهائية في خطة إخراج العراق من معادلة القوة في المشرق العربي الإسلامي، ولكن هل يمكن أن يمر التقسيم ويطبق بالفعل علي أرض الواقع؟ حتماً سيتعذر ذلك بالطبع إذا تم تفعيل معادلة الضمير العراقي الجمعي الذي يتشبث بوحدة الصف ووحدة الأرض بوصفها وحدة طبيعية تلقائية لا يمكن تجاهلها.

ويبقي القول بضرورة اليقظة إزاء التداعيات والعواقب الوخيمة إذا ما تم تطبيق التقسيم في العراق فخطورة المشروع أنه إذ طبق في العراق ـ لا سمح الله ـ ستمتد عدواه إلي دول الجوار بحيث يصبح مسوغاً في سوريا وتركيا وإيران والسعودية ومصر، فلا شك أن باب التقسيم هو باب الشر الذي سينفث سمومه علي كل المنطقة وعندئذ لن يستطيع أحد كبح جماحه أو وقفه بالتالي لن يكون أحد بمنأي عن التقسيم وهو شر ووبال وقانا الله وإياكم منه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
عن استراتيجية الأمن القومي العراقي

مهند حبيب السماوي
اخبار العرب الامارات
ربما لا يختلف معي أحد إذا ما زعمت أن أي مشروع أو عمل في هذه الحياة يحتاج إلى دراسة منظمة وتخطيط مسبق وتنظيم جيد لكي يحقق صاحب التخطيط ما يصبو منه من أهداف معينة وغايات ما في الزمان والمكان المناسبين، وإذا كانت هذه القاعدة تنطبق على الفرد في مخططاته اليومية وحياته المعاشه، فالأولى بها أن تنطبق أيضاً على الدول المعاصرة التي تُعرف بأنها ظاهرة متعددة الصور والعناصر والإشكال تضم وحدات سياسية وظواهر اجتماعية وبُنى هرمية وتراتبية قانونية والتي يتفق الباحثون في النظر إليها على ضرورة وجود واجتماع عناصر ثلاثة من اجل تكوينها. . . . هي الشعب أولاً. . . والإقليم ثانياً. . . والحكومة ثالثاً. . . كما قد استقر هذا المبدأ وأصبح عرفاً في القضاء والقانون الدولي والدليل القرار الصادر من محكمه التحكيم الألمانية البولونية في 1 أب/أغسطس 1929 والخاص بإحدى شركات الغاز الألمانية. ولا ريب أن هكذا كيان معنوي والذي أطلقنا عليه دولة لابد أن يكون لديها مشروع وفكرة واسمحوا لي أن اختصرها بكلمة منهج، نعم منهج محدد تسير جزئياته باتساق ونظام منذ البداية إلى النهاية، وللمنهج تعريف بصورة عامة بعيداً عن مصاديقه في علم ما علينا معرفته من اجل تسليط الضوء على مقالتنا هذه بصورة أكبر، فمناهج البحث في قواميس التعريفات تُعرف بأنها الطرائق المحدّدة المرسومة بدقّة والتي تُتّبع من أجل الوصول إلى نتائج صحيحة للفرضيّات الموضوعة، على النحو الذي يمكن فيه الاطمئنان إلى سلامتها العلمية والوثوق بمعطياتها واعتمادها. أن المنهج الذي يمكن أن تسير وفقاً لمقتضاه سياسة المؤسسات الرسمية الحكومية وغير الحكومية يُعبر عنه في القاموس السياسي المعاصر بالإستراتيجية.

كثيراً ما نقرأ ونسمع من فم الكثير من الباحثين والمحللين السياسيين لفظة الإستراتيجية سواء كانت في مقالاتهم وبحوثهم التي يكتبونها أو في البرامج والقنوات الفضائية حينما تلتقي بهم، وان كان البعض من هؤلاء ممن لا نشك في أنه يستخدم هذا اللفظ لكي يُقال عنه أنه مثقف وباحث في الشؤون الإستراتيجية ولذا نراه يجلس واضعاً قدم على قدم ليقول النظرة الإستراتيجية السياسية الإستراتيجية الخيار الاستراتيجي. . . . وكل ما يُضاف له كلمة استراتيجي من غير أن يعلم مديات هذه الكلمة وأصلها وتطورها ومعناها اللفظي والاصطلاحي الذي نأخذ به. وقبل الحديث عن مفهوم إستراتيجية الأمن القومي العراقي والتي هي محور هذه المقالة لابد لنا أن نقف قليلاً على كلمة الإستراتيجية لفظاً واصطلاحاً بالإضافة إلى كلمة الأمن القومي. فالإستراتيجية من الناحية اللفظية مشتقة من الكلمة اللاتينية الانجليزية.

وتشير دائرة المعارف البريطانية إلى أن الإستراتيجية كانت تعني شيئين: الأول: القائد الذي يمتلك معرفة عالية بقيادة الجيوش . الثانية: شيخ كل قبيلة من القبائل التي تمثل في حينها جيش أثينا. ولأن الحياة بكل ما فيها تغيرت وتطورت بل وتعقدت،فقد أصبح لمفهوم الإستراتيجية معنى وتعريف جديد هو التعريف الاصطلاحي. . . والذي يعني فن القيادة بعيداً عن ساحات المعارك، أو فن استخدام المعارك كوسيلة لتحقيق أهداف الحرب على حد تعبير كارل فون كلاوسفيتز كبير الكتاب العسكريين في القرن التاسع عشر بحيث تشمل الاستراتيجية معاني أكثر شمولية وابعد مستوى، حيث دخلت في جميع مجالات الحياة المعاصرة التي يحياها الإنسان العادي فلم تعد الإستراتيجية مصطلح يتحرك في المجال السياسي والعسكري فقط بل امتد ذلك ليشمل جوانب أخرى اقتصادية واجتماعية وتقنية ورياضية وغيرها وهو حينها يعني استخدام واستثمار كافة الوسائل المتاحة وفي مختلف الميادين وحسب الغاية المنشودة من اجل تحقيق أهداف معينة يضعها شخص أو مجموعة أو دولة نصب أعينهم في بادئ الأمر. وهذا يعني أن الإستراتيجية والياتها وحيثيات تنفيذها ترتبط بالفضاء التي نشأت به والتي استدعت من المسؤولين فيها كتابة هذه الإستراتيجية كحال العراق ألان الذي يحتاج في الفترة الحالية إلى إستراتيجية واضحة ومبنية على أسس علمية من أجل تحقيق جملة الأهداف المرجوة والتي تسعى إلى تحقيقها الحكومة العراقية وكما جاء في مقدمة الإستراتيجية حينما أوضح رئيس الوزراء نوري المالكي بأنه السبب الكامن وراء إخراج هذه الإستراتيجية هو من اجل بناء عراق ديمقراطي اتحادي.

يُعد مفهوم الأمن القومي من المفاهيم الحديثة الظهور في عالم السياسة على الرغم من اتفاق الجميع على الأهمية القصوى للأمن في الحياة المعاصرة واستعماله من قبل الكثير من الباحثين والمفكرين الاستراتيجيين، فالمصطلح ظهر للوجود في الفترة التي تلت انتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز تحالفات وأنظمة وقوى أرادت أن تعمل على الاستفادة من دروس الحروب البليغة التي راح ضحيتها اَلاف من الأبرياء الذي هم وقود الحروب على الدوام، حيث قام البعض بمحاولة البحث عن الطرق والأساليب التي يمكن من خلالها إحلال الأمن والسلام في ربوع العالم حتى لا يشهدوا ثانية المناظر المروعة للحروب العالمية التي حدثت أبان تلك الفترة. أما في العالم العربي فقد بدأ الاهتمام بالمعنى الذي يشير إليه الأمن القومي في نهاية الستينات من القرن الماضي حينما حاول البعض سواء كانوا كتاب يتمتعون باستقلالية ما أو مراكز ومؤسسات بحثية، حاولوا أيجاد تعريف متكامل وشامل لهذا المصطلح يستغرق ويغطي كل المجالات والمستويات التي يتضمنها في داخله مفهوم الأمن القومي، إلا أن المصطلح في حقيقته كان تحت عنوان الضمان الاجتماعي و لم يُناقش معناها الحالي إلا في اجتماع الجامعة العربية الذي انعقد سنة 1992 تحت عنوان الأمن القومي العربي. ولدينا في الواقع عشرات التعريفات التي تخص الأمن القومي، ويمكن اختصارها بتعريف جامع يقول بأن الأمن القومي هو أي سلوك وتصرف تسعى الدولة عن طريقه إلى المحافظة على كيانها ووجودها المادي والمعنوي.

إستراتيجية الأمن القومي العراقي منهج متكامل متعدد الإبعاد والجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية يهدف إلى قراءة الواقع العراقي قراءة صحيحة وتشخيصه وفقاً للتكاملية العلمية والحقائق الواقعية الملموسة، والنهوض بهذا الواقع والرقي والسمو بمصالحه الوطنية نحو حالة متقدمة متطورة، كما أن هذه الإستراتيجية تعتبر منهج لتحقيق الأخوة والمصالحة بين أبناء الوطن الواحد بالإضافة إلى الحد من التهديدات والمخاطر الخارجية والداخلية المحيقة بالعراق. وفي الحقيقة ينشغل الأعلام العراقي هذه الأيام بالتحضير لتسويق هذه الإستراتيجية والتي أطلق عليها العراق أولاً. . . وقد جاء في الرسالة التعريفية لمستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي الذي أشرف عليها أشرافاً مباشر مجموعة من الحقائق جاءت بمثابة نوع من تسليط الضوء على هذه الإستراتيجية والتعريف بها والتعرض إلى أساسها القانوني وكل ما يتعلق بتوجيه المالكي وتنفيذ موفق الربيعي لها. فقد أوضح الربيعي في رسالته التعريفة الأساس القانوني لفكرة إستراتيجية الأمن القومي العراقي حيث أرجع المسألة إلى الدستور العراقي 2005 وبالضبط المادة (110) الفقرة ثانياً والتي تؤكد على أن وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها هي إحدى الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية وهذا يعني أن الأساس النظري والقانوني لإستراتيجية الأمن القومي موجود ومتوفر ويحتاج لتوجيه ثم بعدها تنفيذ، وهذا ما قام به المالكي وهو أعلى سلطة تنفيذية في العراق حيث منح التوجيه دائرة مستشاريه للأمن القومي التي يترأسها الربيعي لوضع ’’إستراتيجية الأمن القومي العراقي 2007-2010’’، وفعلا بدأ التنفيذ على يد الربيعي والذي بدوره كلف إحدى الدوائر والمراكز المرتبطة به وهي مركز التخطيط المشترك بالبدء لإعداد هذه الإستراتيجية وكتابتها على النحو الذي تحقق فيه الأهداف المرجوة منها.

كان لإستراتيجية الأمن القومي العراقي الحالية ميزة مهمة تكمن في تسميتها حيث كان لشعارها وكما هو مشار إليه في الفقرة التي إنا بصددها العراق أولا اعتبارات مهمة ومدلولات كبيرة، فالعراق هو الهدف المنشود والغاية الأساسية من هذه الاستراتيجية وليست المصالح الفئوية أو المذهبية أو الطائفية أو القومية أو العرقية أو حتى الشخصية. هذا من حيث الشعار. . . أما تعريفها فقد أوضحه الربيعي قائلاً أنها تمثل سياسة الحكومة في تحقيق المصالح الوطنية وتحديد ودرء التهديدات والمخاطر واَليات مواجهتها، والتي تعتمدها كجزء من برنامجها السياسي والعملي من خلال المؤسسات الرسمية العراقية. وهذا التعريف يضم بين دفتيه محورين عسكري وسياسي، والجانب العسكري تركز في مواجه العنف بالقوة وتشخيص التهديدات التي تواجه العراق والتي هي الإرهاب والتمرد والتخريب والفساد والجريمة المنظمة والتهديد الإقليمي والتدخل في الشؤون الداخلية والمليشيات والفكر الدكتاتوري والعنف الطائفي والمهجرون والمهاجرون والبطالة وغيرها. أما الجانب السياسي فتمثل في أجراء مصالحة وطنية حقيقية بين أبناء الشعب العراقي سواء كانوا من الساسة أو من عموم الشعب العراقي، والمصالحة الوطنية اعتبرتها إستراتيجية الامن القومي من الوسائل الاستراتيجية المهمة التي تعمل على رأب الصدع وردم الهوة الطائفية التي صنعها الفكر التكفيري بين أبناء الشعب العراقي. أهمية الإستراتيجية أن لإستراتيجية الامن القومي العراقي أهمية كبيرة تكمن في النقاط التالية: 1. أدراك التهديدات والمخاطر الحقيقية التي تواجه العراق سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة وعلى كافة المستويات من اجل تهيئة السبل الكفيلة بمواجهتها والقضاء عليها. 2. توفير اَلية إستراتيجية فعالة لتوحيد وتنسيق الجهود والمواقف السياسية العراقية إزاء القضايا الحساسة الأمنية الكبرى التي تتطلب استجابة سريعة مدروسة وقرار حاسم فعُال. 3. تنظيم عمل الوزرات العراقية، حيث ستخلق الإستراتيجية بيئة سليمة لعمل رؤية منظمة وعمل منسق متكامل أذا استطاعت هذه الوزارات ومؤسسات الدولة العراقية أن تطبق الإستراتيجية وتستند لها في وضع سياستها وخططها فيما يتعلق بالأمن القومي العراقي. 4. فتح أواصر من العلاقات الجديدة الإيجابية مع المجتمع الدولي من جهة أولى والدولة الإقليمية المجاورة من جهة ثانية والتي سوف تؤدي إلى أقناع الجميع بتوجهات الحكومة العراقية ونواياها التي تكمن في بناء عراق ديمقراطي حر مستقل. 5. خلق رابط وطني بين الشعب العراقي وحكومته الحالية المنتخبة من اجل العمل المشترك يد بيد لبناء العراق وإعادة أعمارة وتأسيس دولة القانون وإرساء أسس الديمقراطية والعدالة. 6. إيجاد بيئة ايجابية مشجعة تفتح الباب للحوار والمصالحة والتلاقي بين الأحزاب والفئات والقوى السياسية الفاعلة من اجل وأد الخلافات الجانبية وأجهاض كل محاولات الفتنة.

هذه هي أستراتيجية الأمن القومي العراقي غرست نبتتها عقول عراقية ورعتها وسقتها سواعد بطلة حاولت أن تؤسس منهج واضح ورؤية سليمة لعمل الحكومة العراقية ومؤسساتها المختلفة، وهي لا تدعي الكمال ولا الخلو من المثالب فلا عمل كامل تام ولا أنجاز نهائي، وهي تنتظر الرأي الساند والأفكار الايجابية التي يمكن أن تعضدها وتبين مواطن الإيجاب والنجاح من جهة والسهو والخطأ من جهة أخرى خدمة لهذا الشعب الذي ضرب أروع الأمثال في صبره وقوة أيمانه.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
وعد بلفور أمريكي بتقسيم العراق ...
مسعود ضاهر
الخليج الامارات
تبنى مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 75 صوتاً مقابل 23 مشروع قرار غير ملزم قدمه السناتور الأمريكي جوزيف بايدن تضمن خطة لتقسيم العراق وإنشاء وحدات فيدرالية على أساس عرقي وطائفي. وأصر المدافعون عنه على توصيفه بأنه الحل الوحيد لوضع حد لأعمال العنف التي تجتاح العراق وأن النظام الفيدرالي المقترح يسرع في انسحاب القوات الأمريكية دون أن يترك العراق في حالة من الفوضى.

ما يجري الآن في العراق يذكر بوعد بلفور في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917. ففي الحالتين تدخلت دولة أجنبية لا تمتلك أية صفة قانونية بشؤون بلد آخر لترغم شعبه على القبول بتدابير مخالفة للشرعية الإنسانية والدولية. لكن الوقائع الدامغة تؤكد أن مصدر الفتن هو وجود الاحتلال الأمريكي، والسياسة الخاطئة المعتمدة في بناء السلطة العراقية على أسس طائفية وعرقية لم تكن موجودة في السابق. ويندرج القرار الجديد في إطار تلك السياسة الممعنة في تقسيم العراق وتجاهل عروبته، وتجاهل إرادة شعبه في الحرية والاستقلال والسيادة.

لذلك أثار القرار ردود فعل واسعة في العراق بين رافض،ومتحفظ،وداع إلى تقبل الفيدرالية كحق مكتسب للجماعة الكردية، وبموافقة العراقيين أنفسهم. لكن القرار الجديد خطير جداً لأنه يفتح الباب لتقسيم العراق وكافة دول الجوار. فإقامة ثلاث دويلات أو فيدراليات طائفية وعرقية على أرض العراق مدخل لحرب أهلية ولفتن مذهبية وعرقية لا تنتهي. وهي لا تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها فحسب بل تؤثر سلباً في الاقتصاد العالمي.

لقد أشار بعض المحللين إلى أن توقيت القرار ليس مجرد خطأ جديد ترتكبه أعلى سلطة سياسية في الولايات المتحدة ضد وحدة العراق، بل خطة مبرمجة لتعميم سياسة “الفوضى البناءة” في هذه المنطقة. فحين عجزت الإدارة الأمريكية عن فرض الديمقراطية على العراق ودول الجوار استبدلتها بمشروع اكثر سهولة، وقابل للتنفيذ الفوري بعد أن هيأت له التربة المذهبية العرقية الصالحة. ومشروع تقسيم العراق هو في جوهره، يلبي رغبة المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني. وعلى المجتمع الدولي، خاصة الأمم المتحدة، والعالم الإسلامي، والعالم العربي، وجميع الدول المتمسكة بوحدة العراق، أرضاً وشعباً ومؤسسات، مواجهة هذا المشروع بكل الوسائل المتاحة. فهو يشكل تدخلاً خارجياً سافراً ضد المصالح الحيوية للشعب العراقي، ولا يمنع من تعميمه على دول الجوار في حال نجاح تطبيقه في العراق. بالعودة إلى مضمون القرار، يبقى السؤال الأساسي مطروحاً: لماذا أيد الكونجرس بأغلبية كبيرة هذه الخطة باعتبارها “الحل الوحيد لوضع حد لأعمال العنف المفتاح السياسي لانسحاب القوات الأمريكية ومنع انتشار الفوضى في العراق؟”.

فهل صحيح أن الكونجرس الأمريكي جاهل بما يجري في العراق؟ وهل أن أغلبية أعضائه على قناعة تامة بأن تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات مذهبية وعرقية قابل للحياة، ويحقق ما عجزت عنه القوات الأمريكية خلال السنوات الأربع الماضية؟ أم المطلوب حالة من عدم الأمن والاستقرار المعمم، ليس في العراق فحسب، بل وفي المنطقة بأسرها تمهيداً لشن حرب باتت شبه معلنة ضد إيران وسوريا ولبنان؟

لقد دانت منظمات عربية كثيرة هذا القرار الأمريكي غير الملزم بتقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم اتحادية منفصلة على أساس طائفي وعرقي لكل من السنة والشيعة والأكراد. وتمسكت جميعها بوحدة العراق ورفض كل أشكال التقسيم لأنه يشكل كارثة كبيرة على العراق والمنطقة المجاورة. لكن تلك الإدانة عاجزة عن التصدي للقرار الأمريكي، لأنها مجرد بيانات إعلامية غير مقرونة بمواقف عربية وإسلامية صلبة، لحماية شعب العراق وباقي الشعوب العربية والإسلامية المعنية. فمسؤولية المواجهة الفعلية تقع أولاً على القادة العراقيين الذين يتخاصمون في ما بينهم في الوقت الذي يسلسون فيه قيادتهم للأمريكيين. ومن أول واجباتهم مقاومة كل القرارات التي تمس وحدة العراق، والتوحد على قاعدة الوحدة الوطنية والدفاع عن المصالح الأساسية للشعب العراقي. وفي حال تماسك القوى المناهضة للاحتلال الأمريكي داخل العراق على برنامج وطني موحد ستجد من يساندها في كثير من الدول العربية والإسلامية، ولدى المنظمات العالمية المساندة لوحدة العراق واستقلاله وسيادته.

بعد أربع سنوات من الاحتلال الأمريكي للعراق يتم الإعلان عن حل أمريكي يهدد وحدته وسلامة أراضيه. وقد وعى العراقيون على الفور تلك المخاطر، وبات عليهم الانخراط العملي في مجابهة شرسة معه لإفشاله، وإخراج القوات الأمريكية من بلادهم من دون قيد أو شرط. فللعراقيين وحدهم الحق في تقرير شكل نظامهم السياسي من دون تدخل خارجي، سواء كان فيدرالياً أو اتحادياً. فالتقسيم يزيد من حدة الأزمة ولا يلغي أسبابها الحقيقية المتمثلة بالاحتلال، ونظام المحاصصة الطائفية والعرقية، وتعميم الفلتان الامني وسيطرة الميليشيات، وتحكم الشركات الأمنية،خاصة شركة “بلاك ووتر”.

إن الحفاظ على وحدة العراق مسؤولية عراقية وعربية وإسلامية ودولية. وعلى هذه القوى أن تمنع تنفيذ القرار الأمريكي الجديد بكل الوسائل لأنه يؤسس لحروب لا تنتهي بين المذاهب والقوميات، وداخل كل طائفة وقومية، في العراق وفي دول الجوار. فهو الثمرة المرة لسياسة “الفوضى البناءة” التي تسلب شعوب منطقة الشرق الأوسط أمنها واستقرارها وحقوقها الأساسية، وتصادر مستقبلها لمصلحة مشروع الشرق الأوسط الكبير، ووفق المخططات الأمريكية و”الإسرائيلية”.

يتم الإعلان الأمريكي عن تقسيم العراق على مرأى من جميع قادة العرب، وتكتفي جامعتهم بالإدانة والشجب. فهل نجحت أمريكا في تخدير العرب أو إغرائهم بتطمينات وهمية؟ لكن الجميع يتحملون مسؤولية هذه الجريمة. وإذا ما استمر التخاذل العربي القاتل فعلى الدول العربية أن تتوقع قرارات أمريكية جديدة، تشعل حروباً أهلية داخل كل منها ليلقى مسؤولوها مصير ملوك الطوائف في الأندلس.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
تخريب التعليم في العراق (1)
وليد الزبيدي
الوطن عمان

مهما قيل عن حجم التخريب الممنهج، الذي حصل في قطاع التعليم في العراق، خلال سنوات الاحتلال الاميركي لهذا البلد، فان الصورة لن تكتمل، لان الكثيرين لا يؤمنون بمقولة، ان احد الاهداف المهمة لمشروع احتلال العراق، هو تحقيق ما يمكن تسميته بتصحير هذا البلد ثقافيا ومعرفيا، ولكن ثمة الكثير من الحقائق والوقائع والمؤشرات، تثبت بما لا يقبل الشك، ان عملية تخريب التعليم في العراق، قد جرت وفق خطة منهجية دقيقة، وتفاصيل ما حصل ويحصل يثبت ذلك، لهذا سابدأ من اخر السلسلة وصولا الى بداياتها.
ما سأرويه هنا، يتحدث به العراقيون على نطاق واسع، ويعرفون تفاصيله الخطيرة، فقد شهدت الامتحانات النهائية لمرحلة (البكالوريا) التي تؤهل الطلبة العراقيين الدخول الى الجامعة، ما لم يحصل في مدارس المعمورة من العالم، وقد حصل الآتي، ففي المئات من المراكز الامتحانية، التي تسيطر عليها الميليشيات وبعض المجاميع، التي تمتهن الجريمة من اختطاف وقتل وتعمل على اثارة الفتنة بين ابناء المجتمع العراقي، جرى في هذه المراكز الامتحانية تقديم الاجابات على الاسئلة المركزية الى الطلبة، ففي بعض المدارس امسك اشخاص بالميكروفون، وبدأوا بقراءة الاجوبة النموذجية، التي تجيب على الاسئلة، ولم يتردد هؤلاء الاشخاص المكلفين بهذه المهمة في اعادة القراءة عدة مرات، ليتمكن الجميع من اكمال الاجابة في الدفاتر الامتحانية.
في مناطق اخرى دخلت مجاميع من هذه العصابات، وهددوا الاساتذة والمراقبين ومدراء المراكز الامتحانات بالتصفية بعد تعذيبهم ورمي جثثهم في المزابل والطرقات، اذا لم يكتبوا حلول الاسئلة امام الطلبة، فما كان من هؤلاء الاساتذة الا الانصياع التام لأوامر الخارجين على القانون، وتقديم الاجابات كاملة الى الطلبة، الذين سارعوا لكتابة ذلك في الدفاتر الامتحانية، لانها جاءت من لسان الاستاذ المختص الى الورقة مباشرة، وهذا لا يحتاج الى أي جهد او تعب، فالوصول الى النتائج المطلوبة اصبح مضمونا، ليس بقوة المعرفة، وانما بقوة الخارجين على القانون.
اما في بعض المناطق، فقد تم توزيع اوراق الاجابات الى جانب اوراق الاسئلة، وهنا جرت عملية الغش بهدوء، وبدون حاجة الى استخدام الميكروفون، او التهديد المباشر للمدرسين ومدراء المراكز الامتحانية.
هذه الوقائع حصلت مطلع صيف هذا العام 2007، ويتناقل تفاصيلها العراقيون، ويتحدث الجميع عن هذا الخرق الفاضح لأسس التعليم، وجرى كل ذلك بعلم الاجهزة الامنية الحكومية، وبدراية القوات الاميركية، وتم التحذير من خطورة ذلك قبل بداية الامتحانات، لانها حصلت في سنوات الاحتلال الثلاث السابقة، لكن فضيحة الغش الجماعي في الامتحانات عام 2007، من اكبر واوسع عمليات الغش، وسنأتي على جوانب اخرى من عملية تخريب التعليم في العراق. wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
الخطاب المُهمّش في الحالة العراقيّة

صباح علي الشاهر
اخبار العرب الامارات
ليس من الصعب وضع اليد على ذاك الخطاب المُتشنج، الإقصائي، الهدّام، والعقيم، السائد في الساحة السياسية العراقية في الوقت الراهن. يتكرّس هذا الخطاب في اتجاهين: أوّلهما يتمثّل في من فقد السلطة، ففقد رشده، وبات لا هم لديه سوى استعادة هذه السلطة، مهما كانت الوسائل والأساليب. والخطاب الثاني لم يُصدّق أنه تسلم السلطة بعد طول حرمان، فبات لا همّ لديه سوى الحفاظ عليها، وبأي وسيلة كانت، حتى تلك التي تستوجب الارتهان الخنوع للمحتل. والخطابان يقرعان الطبول، ويهيجان الأتباع، ويدعوان بلا هوادة للقتل والتدمير. من أجل استعادة السلطة، أو الحفاظ عليها، تُستعمَل الوسائل الشريفة وغير الشريفة، وكل الذرائع، ويُعمق وعلى نحو مُريع الاحتراب الطائفي والعنصري، ويكرّس نهج التصفية الدموية التي تجاوزت كل تصور. يرى الاتجاه الأول أن استعادة السلطة المفقودة يُبرر أي عمل وفعل، حتى إذا كان على حساب تدمير كل شيء، وعنده أن كل ما دُمر أو سيُدمر سيُعاد بناؤه، وأن الذين يفقدون أرواحهم الاَن جراء العمليات التي يُقصد منها إفشال حكم من جاؤوا للحكم على ظهر دبابات الاحتلال، هم في الحسابات النهائيّة أقل بما لا يُقاس من عدد الضحايا الذين سيفقدهم البلد إذا ما ظلّ الاحتلال وعملاؤه في الحكم، وهو أمر بات الكثير من المحللين والمتابعين للشأن العراقي يشككون بصدقيته. فعدد الضحايا فاق كل تصور، وكميّة الخراب والدمار كارثيّة بكل المقاييس ، وخصوصاً أن هناك أطرافاً معينة تقتل وتدمر، ليس من أجل إخراج المحتل، بل لحسابات عقائدية خاصة بها، والبعض وجد في الساحة العراقية التي هي نتاج الفوضى الخلاقة، ساحة مناسبة تماماً لتصفية حسابات لا علاقة للعراق والشعب العراقي بها. وهذا يعني أن حجم الدمار الحاصل في البلد ليس بسبب النضال المشروع ضد المحتل وعملاء المحتل، لكن يمكن القول إن الدمار العشوائي الهمجي، الذي يستهدف الناس ومصالحهم، ليس ضمن أجندة القوى المقاومة للاحتلال، وقد يكون ضمن توجهات فئة قليلة تحسب حسابات خاطئة. أما الاتجاه الثاني، الذي لم يتسلم السلطة الحقيقية، بل تسلّم شكلها المشوّه، أو سُلّم له شكلها، والذي يعتمد بوجوده وبقائه على قوى الاحتلال، والذي يجد أنه بعد نحو خمس سنوات من تمتعه بسلطة ناقصة ووهميّة في جوانب عديدة، غير قادر على البقاء أو الحفاظ على هذه السلطة الناقصة والوهميّة ولا الاستمرار بها إلا من خلال دعم المحتل، فإنه من أجل التمتع بالسلطة التي حُرم إياها، والتمتع بمكاسبها المادية والمعنوية، مُستعد للذهاب مع المحتل إلى أبعد مدى، ليس بصفته حليفاً بل بصفته تابعاً، رغم أن هذه التبعية، وبالشكل المُقرف المُهين الذي ظهرت فيه تتعارض كلياً مع المنطلقات النظرية والعقائدية التي تأسست بموجبها غالبية أحزاب وحركات هذا الاتجاه، ما يضع علامة استفهام كبرى على حقيقة هذه الأحزاب، وهؤلاء يرون أن من هم في الجانب الاَخر لا ينشدون سوى إزاحتهم والحلول مكانهم، ومن ثمّ التنكيل بهم، وهم لا يعدمون تقديم الدلائل (التي يقدمها لهم، على طبق من ذهب خطاب الطرف الأول)، لذا ليس وارداً عندهم البحث عن نقاط التقاء لا يعتقدون بوجودها أصلاً. هذان الخطابان السائدان في الساحة السياسية العراقية في ظل الاحتلال، وهما اتجاهان مسنودان بكل ثقل وقدرات القوى الفاعلة في الوضع العراقي، دولية أو إقليمية، هذان الخطابان مأزومان بذاتهما وجوهرهما، لذا فليس بإمكانهما توفير المخرج المناسب من الأزمة العراقية المُستفحلة، التي بات استمرارها يهدد الجميع من دون استتثناء، بل إنهما في واقع الحال يؤبدان الأزمة الكارثة ويعمقانها، ويزيدان بؤس العراقيين، ويُسهمان بإرادتهما أو بدونها، في دمار البلد. من المؤسف أن يكون الخطاب الثالث الذي بإمكانه إنقاذ العراق من الحالة التي هو عليها مُهمشاً ومطوّقاً، ومُحاصراً من كل جانب، فهو خيار لا يضمن عودة السلطة لمن فقدها، كما أنه لا يتركها في يد من نصّبه الاحتلال. فبكل بساطة يضع هذا الخيار مصلحة الشعب العراقي والوطن العراقي في المقام الأول، دونما اعتبار لأي شيء اَخر، وهو لا يعد بتسليم السلطة لطرف من الأطراف، بل يضع هذه المهمة على عاتق الشعب العراقي الذي وحده سيقرر من سيحكمه، عبر صناديق الاقتراع، وهذا لا ولن يتم إلا بتحقيق شرطين أساسيين هما: تحرير البلد تحريراً كاملاً ناجزاً، والحفاظ التام على وحدته وسلامة أراضيه. الخطاب الثالث المُهمّش ، هو خطاب الوحدة والمصالحة الحقيقية بشروطه الجوهرية الثلاثة، هذه الشروط غائبة ومُغيبة فعلياً وعملياً، لا قولاً، من طرفي الصراع السائدين. ينبغي تفعيل هذه الشروط المُغيبة على قاعدة الثوابت الوطنية. وإذ ينطلق خطاب الوحدة الوطنية الحقيقية من المسلمات المُتفق عليها، فإنه يدعو لجعل هذه المُسلمات خطوطاً حمراً اليوم وغداً، لا يجوز تجاوزها، كما أنه انطلاقاً من موقفه الوطني الشامل، لا يستثني حزباً أو جماعة أو فصيلاً أو تشكيلاً عراقياً، فمهمة تحرير البلد وبنائه مهمة مُشتركة لكل أبنائه، وليس بمقدور أحد، ولا من حقه أن يحرم أي مواطن عراقي شرف الإسهام بهذا المهمة النبيلة. وهو بالإضافة إلى هذا يستوجب القطيعة التامة مع سلبيات الماضي، وجعل مهمات الحاضر والمستقبل هي الأساس في الاصطفاف الجديد، وهو ينطلق أيضاً في توجهه من حقيقة باتت بالغة الوضوح الاَن، ألا وهي أنه ليس كل الذين يعملون ضد المحتل، الذين يقاومون بالسلاح وبالكلمة والموقف هم من من التكفيريين أو الإرهابيين، أو المساندين للإرهاب، فالطلائع المقاومة هي أشد المقاومين للإرهاب، وهي تتصدى له في ساحات القتال. كما أنه من جهة أخرى ليس كل من دخل ما سُمي العمليّة السياسية، أو انخرط في أجهزة الدولة الحالية هو من مؤيدي الاحتلال ومن عملائه، وستكون هذه المُسلمة البداية الواعدة لإيجاد المخرج من الكارثة العراقية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
بوش.. يدافع عن المسلمين !!
افتتاحية
الجمهورية مصر
قدم الرئيس الأمريكي بوش نفسه مدافعاً صلباً عن المسلمين في حفل إفطار أقامه بالبيت الأبيض أمس الأول حضره. مع كبار وزرائه ومستشاريه. سفراء الدول العربية والإسلامية وممثلون عن المسلمين الأمريكيين.
زعم بوش أن الولايات المتحدة الأمريكية تفخر باعتبار الأمم الإسلامية لها صديقة مدافعة عنها. خاصة من وصفهم بالمسلمين الباحثين عن الحرية في العراق وأفغانستان ولبنان. ضد من وصفهم بالمتطرفين الذين لا يمثلون حقيقة الإسلام.
نسي الرئيس في خطاب الإفطار. تقديم العزاء لعائلات مئات الآلوف من المسلمين الذين راحوا ضحية الدفاع الأمريكي عن الحرية في أفغانستان والعراق اللتين دمرتهما الآلة العسكرية الأمريكية وتحولت إلي بحار الدم. وكذلك الآلاف من القتلي المسلمين في فلسطين ولبنان اللتين أوكلت الإدارة الأمريكية للآلة الإسرائيلية المتوحشة مهمة قهر إرادة المسلمين ورفضهم للعدوان والاحتلال.
هذا بعض ما اقترفه من جرائم دفاع الولايات المتحدة الأمريكية عن الشعوب الإسلامية. فهل في جعبة البيت الأبيض

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
عن أي رئيس كان يتحدث بوش؟
مها سلطان
صحيفة تشرين سوريا

من يسمع كلام بوش على قناة العربية أمس يظن أن منطقتنا تحولت إلى جنة على يديه .. فها هو العراق ينعم بالسلام والأمن منذ وصول جحافل جيشه إليه.

هذا السلام لا يعكر سماءه سوى الانفجارات التي تدوي صباح مساء، ولا تهتز أرضه سوى لبضع مئات من العراقيين يقتلون يومياً اما تفجيراً أو رمياً بالرصاص أو ذبحاً... هكذا جهاراً نهاراً فعن أي عراق كان يتحدث بوش؟ ‏

وفي فلسطين، يهنأ الفلسطينيون بالسلام والأمن اللذين لايقوضهما أبداً أن إسرائيل مستمرة في اغتيالاتها لأبنائهم واجتياحاتها لأراضيهم وتهديم البيوت فوق رؤوسهم وتخريب اقتصادهم وتركهم فريسة للجوع والعوز هذا بدوره لا يقوض أي أمل في قيام الدولة الفلسطينية التي يقول بوش : «إنه مؤمن بها»: إيمان يريد للفلسطينيين أن يكتفوا به ليواجهوا الإرهاب الإسرائيلي، بوش هذا الذي سيغادر بعد أشهر قليلة قادمة، فعن أي دولة وعن أي سلام كان يتحدث؟ ‏

أما مؤتمر السلام الدولي المقرر عقده الشهر المقبل فإن تفاؤل بوش به كبير جداً طالما التزم الجانبان ـ أي الفلسطيني والإسرائيلي ـ بخريطة الطريق بحسب تعبيره. هذه الخريطة التي بات ذكرها على ندرته مدعاة للسخرية والضحك المرّ، فعن أي مؤتمر كان يتحدث بوش؟ ثم يأتي دور إيران، حيث إن الدبلوماسية التي يدعي بوش ومسؤولوه انتهاجها لا تمنع من التهديد «بكل الخيارات» ويتفق الجميع على أن «كل الخيارات هذه» لا تعني سوى توجيه ضربة عسكرية فعن أي دبلوماسية كان يتحدث بوش؟ ‏

ويقول بوش: إنه ليس عدواً للإسلام بل صديق، بينما هو لا يكف مع مسؤوليه عن التحذير مما يسمونه الإرهاب الإسلامي حتى إنهم أعلنوا حرباً عالمية لمكافحته فعن أي صديق كان يتحدث بوش؟ ‏

ويقول بوش أخيراً: إنه رئيس سلام لا حرب وعهده شهد حربين كانت نتائجهما كارثية في منطقتنا وعلى العالم، بينما هو يلوح بالثالثة، فعن أي رئيس كان يتحدث بوش؟ ‏

بوش ينطبق عليه تماماً المثل القائل «أسمع كلامك أصدقك وأشوف أفعالك أستعجب» لكن بوش يخطئ تماماً إذ يعتقد أن أحداً في المنطقة سيصدق أحاديثه تلك. ‏


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
العشائر العراقية والدور الملتبس
عبدالزهرة الركابي
الخليج الامارات
كثيرة هي الأسئلة التي راحت تُطرح على الساحة السياسية في العراق المحتل، عن دور العشائر العراقية في حفظ الأمن ومشاركتها في العملية السياسية القائمة تحت سقف الاحتلال، خصوصاً أن هذه العشائر أخذت تتمتع بالصدقية وتكسب الثقة لدى الأمريكيين في محاربة تنظيم القاعدة الذي انتقل ثقله الإرهابي إلى الانتقام من هذه العشائر التي كانت في مرحلة ما، حاضنته الديمغرافية واللوجستية في أكثر من منطقة من المناطق الساخنة. ومن جراء هذا الدور أخذت جماعات المقاومة ذات القاعدة العشائرية يتحول دورها من التصدي للاحتلال إلى دور يتجه إلى خوض معركة كسر العظم مع تنظيم القاعدة الذي أخذ على عاتقه في الفترة الأخيرة مهمة تصفية رموز العشائر وجماعات المقاومة في آن، وقد كان اجتماع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي مع زعماء عشائر من مناطق محيط بغداد بعد سلسلة لقاءات عقدها في محافظات الأنبار وديالى وتكريت، بمثابة مؤشر على التباس الدور العشائري في هذه المرحلة، من واقع ان الهاشمي يسعى إلى دعم هذه العشائر بوجه المالكي الذي هو في الوقت نفسه يحاول ابتزاز جبهة التوافق من خلال التلويح بتسمية وزراء من هذه العشائر محل الوزراء المنسحبين من حكومته والذين يمثلون جبهة التوافق على الرغم من ان المالكي أبدى امتعاضه من الدعم الأمريكي لهذه العشائر، معتبراً إياه خطوة كبيرة على طريق تعزيز دور الميليشيات العشائرية في وقت يطلب الأمريكيون منه القضاء على دور الميليشيات الطائفية.

ومكمن الالتباس في دور العشائر هو ان هذا الدور لم يكن مرغوباً فيه من قبل الحكومة، وبعض الجماعات المسلحة، وكذلك من قبل الميليشيات الطائفية وكذلك من الجماعات الإرهابية التي على رأسها تنظيم القاعدة، وحتى الموقف الأمريكي حياله مازال متأرجحاً في أكثر من منطقة ماعدا الدور العشائري في محافظة الأنبار، بينما حال هذا الدور يمكن ترجمته من خلال تصريح أحد شيوخ عشائر الجنابات الذي قال: إن العشائر القاطنة في محيط بغداد، تواجه ضغوطاً كبيرة بعد إعلانها الحرب على تنظيم القاعدة في مناطقها، لكن الحكومة لم تف بالتزاماتها، وامتناع قوى الجيش والشرطة عن التدخل لدعمنا، بل إن الأمر وصل إلى تحريض بعض الأحزاب المنضوية في الحكومة لحل مجالس الصحوة التي انشأناها، وتلفيق تظاهرات تتهم مسلحين تابعين لنا بارتكاب أعمال قتل وتهجير.

بدا واضحاً أن هناك تنافساً أخذ يطفو على سطح العملية السياسية وارتباطاتها الأمنية بين حكومة المالكي من جهة، والعشائر من جهة أخرى ضمن سقف الاحتلال، وإذا كانت عشائر غرب العراق وتحديداً في محافظة الأنبار قد حسمت أمرها في محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي، وتحديد دور جماعات المقاومة التي انحسر نشاطها في هذه المحافظة بشكل كبير، بعدما انضمت إلى الميليشيات العشائرية (مجلس صحوة الأنبار أو مجلس انقاذ الأنبار) في جعل جهدها الأساسي ينصب في محاربة تنظيم القاعدة، سواء في محافظة الرمادي أم في ضواحي بغداد الغربية والجنوبية التي مازال تنظيم القاعدة ينشط فيها، ومن دون تواجد للقوات الحكومية التي تركت مثل هذه المهمة للميليشيات الطائفية.

ومن المؤكد ان الحكومة تخشى من غلبة دور الميليشيات العشائرية على دور قواتها المخترقة من قبل الميليشيات، وهي تعتقد أن مثل هذا الدور سيكون بديلاً لسلطتها الشكلية، أي ان سلطة العشائر ستكون موازية أو أكثر من ذلك لسلطتها، وأكثر ما يؤرق حكومة المالكي هو أن تتحول أو تنتقل تجربة (أبو ريشة) في محافظة الأنبار إلى محافظة البصرة ثاني مدن العراق الغنية بالنفط.

إن من أهم عوامل الالتباس في دور العشائر، هو عامل التعامل مع الاحتلال بذريعة محاربة الإرهاب الذي داهم العراق بعد مجيء الاحتلال، ومن نافذة هذه العشائر التي تهاونت وتهادنت مع هذا الإرهاب الذي وجد في مناطقها، حيث وجد ملجأ أميناً للتمركز والامتداد.

وعلى كل حال، ظل دور العشائر في مراحل الاحتلال دوراً ملتبساً ومضراً بالاتجاه الوطني والرامي إلى مقارعة الاحتلال إلى حين طرده، إذ بدأ في محاربة الاحتلال من خلال احتضان ودعم جماعات المقاومة، وانتهى إلى التعاون والتعامل مع هذا الاحتلال بشتى الذرائع ومنها محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي الذي كان لهذه العشائر دور في إيواء عناصره، ومثل هذا الدور في مقاربة تاريخية يذكرنا بدور العشائر أثناء الاحتلال البريطاني عندما حاربته وانتفضت عليه في ثورة العشرين الشهيرة، ومن ثم تحولت إلى التعامل معه تحت سطوة المال وإغراء المناصب الشكلية.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
لنهدأ بالاً فبوش منزعج
د. عيدة المطلق قناة
الخليج الامارات
وتتواصل الحرب على العراق، فتهدر في كل يوم أنهاراً جديدة من الدماء حتى جعلت من العراق بلاد الأنهار/ الروافد الثلاثة، العراق الجديد الحر، دم وعذابات لا تنتهي حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها. فكل الأمور والأحداث ربما تكون بمتناول النسيان أما الدم فمهما اجتهدت النفس البشرية في تجاوزه فإنه يستوطن الذاكرة الفردية والجمعية لا للعراقيين فحسب بل لكل من لا يزال على قيد من إنسانية في غابة الوحوش المتعولمة في هذا الكوكب.

قتل يومي عابر للمذاهب والألوان والأديان والجغرافيا، قتل اختزلت فيه “بلاك ووتر/ الماء الأسود وأخواتها” كل ما عرفته البشرية من وحشية وما تداولته روايات التاريخ من أفانين الموت ولكن تحت رايات الخصخصة والعولمة وبقوة دفعهما.

قتلة انقطعت صلاتهم بالإنسانية والبشرية منذ زمن بعيد، فباتت الجريمة نسق حياتهم ووسيلة رزقهم، وأما الدول الغازية فقد قدمت للبشرية دليلها الجديد لأبجديات الحرية والحياة والديمقراطية، واستقدمت مئات الآلاف من القتلة المتمرسين والمهرة للقيام بالمهمة.. قدمت الدرس النموذجي الأول للتعليم “بالعمل والقدوة” في الفلوجة (رمز عزة الأمة وصمودها ومقاومتها) فقتلوا وشردوا من أهلها الطيبين والمسالمين مئات الآلاف، وحملت أسلحتهم المحرمة الموت ليستوطن في ترابها ومياهها وهوائها لآلاف أخرى من قادم السنين. ملخص الدرس الأول، أن الحرية تعني تحرير أبدي من الحياة ومظاهرها، وأن الديمقراطية تعني نشر عدالة الموت والقتل على الكافة.. دونما تمييز.. وأما الحياة فتعني استعجال الحياة الآخرة في ملكوت الحي الذي لا يموت (سبحانه وتعالى).. وتمضي الدروس في التنقل من الفلوجة إلى أبو غريب إلى حي سكني بغدادي وادع حيث أطفال يلهون في حديقة بيتهم، إلى شارع حيفاً، إلى حي النسور.. وإلى.. وإلى.. دون توقف.. ولا ندري محطة خط النهاية.

أما المراقبون الحياديون أمثالنا- فلا يسعنا إلا أن نتوقف لنسأل الفراعنة والبابليين والسومريين والأكاديين والآشوريين والأنباط والعمونيين والمؤابيين والآراميين والحيثيين والأزتك والهنود الحمر وغيرهم، ممن مر ذات تاريخ على هذا الكوكب.. هل عرفت شعوبهم وحضاراتهم ذات ظلمة “اقتصاد تجارة الموت وخصخصة الجيوش”؟

فبحسب ما تناهى لنا من موروث وأرشيف من وصلتنا أنباؤه من أمم سادت ثم بادت.. لا أحد منها قد خبر ما خبرناه من حضارة بوش.. فالتاريخ اليوم أمام صفحة جديدة لا سابق لها.. صفحة تتفرد بكتابتها حواسيب بوش ورهطه. لقد وثقوا في الصحائف السود لظاهرة مرتزقة (بلاك ووتر وأخواتها ) حيث هناك جيوش جرارة من مقاولي الحروب يعملون فى جميع أنحاء العالم. جيوش فاق عديدها كافة جيوش العالم، إذ تقول الأرقام بأنها تزيد على (2،3 مليون فرد) مرتزق، جيوش مزودة بالدبابات والطائرات والقتلة وعتاة الإجرام من كافة أنحاء العالم، وقعت معهم مئات العقود وبمليارات الدولارات.

فمنذ الحرب على أفغانستان والعراق.. بدأ القتل والتعذيب يتخذ نهجاً جديداً امتد من قلعة جانجي، فغوانتانامو، مروراً بأبي غريب، ولن تكون مذبحة ساحة النسور آخر تجلياتها.

لقد بات العالم أجمع بكل ما تبقى منه على قيد إنسانية يدرك أن تلك هي بالفعل صورة أمريكا وحقيقتها الساطعة، صورة لسفر مفرداته، إبادة أجناس بشرية، قتل، ذبح، تدمير، وترويع ونهب ورشوة، وصفقات ومساومات، وغسيل أموال، ومتاجرة بالدين، وحماية أنظمة فاسدة، وكل ما يخطر على بال شياطين الإنس والجن.

لقد بات العالم يفهم معنى “إعمار العراق وأفعانستان” على أنه إعمار بالجثث والأطراف المقطعة والجماجم، يمارس المساواة بكل أبعادها الجندرية والعمرية والمناطقية والإثنية.. (المساواة المطلقة ضرورة تقتضيها التزامات أمريكا الحضارية أمام القانون الدولي ولجان المتابعة المختلفة في الأمم المتحدة).. إعمار قوامه النساء والرجال. الأطفال والشيوخ والشباب وكل الإثنيات والطوائف، فلا يستغربن أحد سقوط الآلاف أو الملايين، فإعمار العراق يلتهم كل ما هو متاح.. ويقول هل من مزيد؟

المهم علينا أن نطمئن.. فقد نقلت إلينا “ دانا بيرينو” (المتحدثة باسم البيت الابيض) انزعاج سيادة الرئيس، وكأن الموت ليس صناعته، والحرب الصليبية ليست دعوته؟

فللناطقة بيرينو التحية.. ونتمنى أن تجيب غيرنا ذات يوم: ألم تبدأ خصخصة الحرب من البنتاغون منذ أيام ديك تشيني الساكن الثاني للبيت الأبيض؟ ألم تقدم إدارة بيتك الأبيض كافة الحوافز والعقود المغرية لمقاولي الموت؟ ألم تقدم حروبكم الماضية والقادمة الفرصة لهؤلاء لمزيد من الاستثمار في صناعة الموت والتدمير؟ ألا يمارس تشيني وعصابته المزيد من الضغط لإشعال المزيد من الحروب لإبقاء الباب مفتوحاً لهذا “البيزنس” العابر للقارات والشعوب والدول؟ وأخيراً كيف يمكن لنا إعراب جملة “إنزعاج الرئيس” أمام تنامي الاتجار بالموت بعد استمراء شهوة الربح الفاحش؟

وأخيراً نتمنى على متحدثة البيت الابيض أن تهدئ من إنزعاج الرئيس، فالحكومة العراقية المنتخبة من الملايين ذات يوم قرمزي لن تكون من ناكري الجميل.. لقد صرفت النظر عن ملاحقة القتلة بعد علمها بانزعاج الرئيس.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
وحدة العراق في هويته العربية

عبد اللطيف سعود
السياسة الكويت
واضعو السياسة الاميركية من المحافظين الجدد درسوا ستراتيجية امن اسرائيل الذي يتطلب ضمن ما يتطلب اضعاف العراق الى الحدود الدنيا او تقسيمه بحسب مشروع اسرائيلي سري كشفت عنه مراكز ابحاث ودراسات سنة 1981, وهو يقسم الوطن العربي مجددا الى دويلات اقليات واثنيات عدة, وذلك بالغاء عروبة البلدان والاقطار, وقد وجد المحافظون الجدد ان احتلال العراق فرصة وخطوة مهمة للامن الاسرائيلي, لكنها لا تحقق متطلبات اخرى لا تقل اهمية لهذا الامن, فتأكدوا من ان تهديد وحدة العراق لا يتم الا من خلال مشروع طائفي, وعلى هذا الاساس وضعوا نظرية مكونات العراق الثلاثة: الشيعة والسنة والاكراد, اذ تضمن هذه النظرية تشظية عرب العراق اولا, ثم العراق ثانيا, بالغاء هويته العربية, ودفع مشروع الطائفية الى الامام تمهيدا لترسيخه واعطائه صفة دستورية وقانونية وواقعية, وهذا ما حصل فعلا بدءا من تشكيلة مجلس الحكم, وانتهاء بالمجلس النيابي الحالي, وفق سياسة المحاصصة الطائفية والعنصرية, واصبحت المناداة بتشظية العراق وتقسيمه ذات منحى قانوني ودستوري بذريعة انشاء اقاليم, لا تقل عن دولة, تمتلك مجلسا وطنيا وعلما وتمثيلا ديبلوماسيا.
وبذلك استحالت عملية تقسيم الارض الى الغاء الهوية العربية وبخاصة ان مشروع تشظية العراق وجد الاحزاب الطائفية حاضنة له وليس الاحتلال فقط, بالطائفية ضد المواطن والوطنية والديمقراطية, وانها لا دين لها.
ان تعثر المشروع السياسي والعسكري للاحتلال دق ناقوس الخطر للادارة الاميركية وللاحزاب الموالية لها, بحيث دفعها الى الاسراع في طرح مشروعها التقسيمي على اسس طائفية في الجنوب عن طريق الاحزاب الطائفية, وعلى اسس عرقية في الشمال لتغطية بقائها في العراق حماية لمصالحها.
ولقد استهدفت نظرية المكونات الثلاثة سلب العراق هويته العربية بطريقة بسيطة وتلقائية وذكية, بتفجير الطائفية العمياء, اذ صاحب النظرية اطلاق كم هائل من الاعلام اليومي المستمر الذي كان يريد تزيين تشتيت العراق وجعله اقاليم متعددة لها سلطات وصلاحيات لا تمتلكها الحكومة المركزية وكان هذا الموضوع القاعدة التي انطلقت منها دعوات الاحزاب الطائفية في عدائها للعرب الذي اخذ يرسم طريقة في بناء مستقبل الامة, اذ انضمت حملات مازالت مستمرة ضد كل ما هو عربي الى درجة ان طالت هذه الحملات وجود الفلسطينيين في بغداد قتلا وتهجيرا, واصدار قرارات تحرض على وجود اي عربي فيها, ولم تنته هذه القرارات على رغم وضع قانون متشدد وعدائي لا يسمح للعرب بان يقيموا في العراق الا لفترة محدودة وضمن شروط في غاية الحدة والتطرف.
ان النظرية انفة الذكر بمترادفاتها الثقافية والسياسية والاعلامية تشكل خلاصة المخاطر على العراق وشعبه بعربه واكراده وحركاته الوطنية التي وعت هذا الخطر ثقافيا وسياسيا, لكنها تفتقد ستراتيجية سياسية وثقافية لصد هذه الهجمة.
ولعل اهمية وعظم هذه الستراتيجية غير الموضوعة حتى الان تتمثل في انها تحافظ على العراق ووحدته الجغرافية ووحدة ثرواته الطبيعية والبشرية وتفشل اهم مشروع من مشاريع تقسيم العراق.
وهنا لابد من التأكيد ان هوية العراق العربية لا تعني موقفا يهضم حقوق القومية الكردية او التركمانية, كما كانت تفعل الانظمة والحكومات العراقية السابقة, فالاكراد شعب استطاع ان يحقق منجزات مهمة على الارض, فضلا عن كفاحه المستديم وعلى مدى تاريخه, اذ حافظ على هويته القومية الواضحة, وهذه الدعوة موجهة اليه لاظهار تضامنه مع شقيقه وشريكه في الوطن الذي يعيش معه, وتجنب كل ما يسيء الى العلاقة التاريخية بين العرب والاكراد باستغلال وضع الاحتلال الزائل.
وبالنظر الى الترابط العضوي بين دول الاقليم, وبخاصة الدول المحيطة بالعراق, العربية منها وغير العربية, فان ما يجري داخل العراق ينعكس على امتداداته في دول الجوار عن طريق التأثر, وينتقل ايضا باعتباره مشروعا يلبي رغبة الادارة في واشنطن, اي ان السياسة الاميركية ستعمل جاهدة على نقل هذه التجربة الناجحة كونها هدفا سياسيا لمجموعة المحافظين والمتصهينين.
ان تقسيم العراق عن طريق تنفيذ سياسة المكونات الثلاثة يسلخه عن هويته العربية يعني امتداد لهيب النتائج الى ايران نظرا الى توفر, ليس المكونات الثلاثة فحسب بل مكونات اخرى مضافة, حيث الاكراد والاذريين والعرب والبلوش والفرس, وامتداد لهيب النتائج ايضا الى المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج, بسبب تفكيك المجتمعات العربية فيها الى مكونات جديدة (شيعة وسنة) وانعكاس تلك النتائج كافة على سورية ولبنان وتركيا, كما ان الاردن سيكون وسط النيران.
وفي حالة الاستمرار في السياسة الحالية بخصوص العراق, اي المضي قدما في تجريده من هويته العربية, وجعله على شكل اقاليم طائفية وعرقية على مستوى دولة, يشكل ذلك عمليا اعادة نظر في الواقع السياسي والسيادي لدول الاقليم كافة وعلى الرغم من التعقيد الظاهر في هذه المسالة فان الطائفيين يبسطون الامر متجاهلين حقائق التاريخ والجغرافية, وحقائق امكانيات الشعوب, ويعتقدون بان قوة ميليشياتهم كفيلة بجعل احلامهم واقعا, الى درجة انهم نسوا مصالح دول الجوار, اذ ان تقسيم العراق يعني ان ايران هي المشروع التالي.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
خصخصة الحرب

احمد عمرابي
البيان الامارات
عبارة «تجار الحروب» تنطبق في هذا العصر أكثر ما تنبطق على جنرالات وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، هذه هي الحقيقة التي كشفتها أكثر من أي وقت مضى تداعيات حادث شركة «بلاك ووتر» في العراق، مغزى الحقيقة هو أن مجموعة جنرالات البنتاجون يطبقون مبدأ الخصخصة في الحرب بدوافع الحرب التجاري الذاتي.


في مقالة افتتاحية أوردت صحيفة «هيرالد تريبيون» الأميركية معلومات عن الحرب الدائرة في العراق وكيفية إدارتها تفيد بأن عدد المقاتلين الأميركيين التابعين لشركات أمنية أميركية خاصة يربو على 50 ألفاً، وبلاك ووتر التي تتولى مهمة حماية الدبلوماسيين الأميركيين في العراق هي إحدى هذه الشركات.. وقد سلطت عليها الأضواء مؤخراً بعد أن أطلق عناصرها النار عشوائياً على مدنيين عراقيين في أحد الشوارع فقتلت عشرة مواطنين بينهم طفل.


هذه الشركات وفرق المقاتلين المرتزقة التابعة لها تدخل ساحة الحرب لممارسة مهام قتالية محدودة بموجب عقود تبرمها معها وزارة الدفاع الأميركية.


والسؤال الذي يطرح هو: ما هي «الحكمة» من وراء تسليم مهام حربية هي في اختصاص وواجب قوات الجيش الأميركي؟، هذا السر كشفته هيرالد تريبيون.


كان من الواضح منذ بدء الهجمة الأميركية على العراق في عام 2003 أن حجم القوة البرية الغازية كان صغيراً، لم يكن ذلك خطأ في التقدير وإنما كان بناء على قرار عمد اتخذه وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد وكبار الجنرالات، لماذا؟


لكي يستطيع الوزير وجنرالاته أن يبرروا لاحقاً للسماح بدخول شركات أمنية خاصة بقواتها بموجب عقود مع الوزارة، إنها باختصار عملية تجارية ربحية.. إذا أدركنا أن الوزير وكبار الجنرالات هم إما أصحاب شركات أمنية أو يعملون لحساب شركات أمنية. وفي أي من الحالين فإن أباطرة البنتاغون يحرصون على المبالغة في رصد المبالغ المالية التي تخصص للعقود.


«هيرالد تريبيون» تطلق على العملية عبارة «خصخصة الحرب»، والعملية لها تاريخ، فقد كانت البداية إبان الحرب الأميركية في فيتنام التي امتدت لعقد زمني كامل من عام 1965 إلى عام 1975، حينئذ لم تكن تعاقدات البنتاغون تبرم مع شركات أمنية وإنما مع نوع آخر من شركات الخدمات بشأن مهام غير حربية كعمليات بناء أو تعهدات بتوريد مواد غذائية.


أما جديد اليوم المتمثل في خصخصة الحرب نفسها باستقدام شركات أمنية يملكها أو يعمل لحسابها الجنرالات فهي في ابتكار إدارة بوش.


قبل بضعة أيام أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أنه يرى أن العدد الكبير من الانتهاكات الموجهة لشركة بلاك ووتر «لا يجعلها مؤهلة للبقاء في العراق».


ولا شك أن جنرالات البنتاغون لم يسعهم إلا أن يضحكوا لدى مطالعتهم هذا التصريح، فأولاً هناك عشرات من الشركات الأمنية الأميركية من أمثال بلاك ووتر تعمل على الأراضي العراقية، وثانياً أن بلاك ووتر وأخواتها تعمل خارج القانون فهي تتمتع بحصانة قانونية ممنوحة من السلطة الاحتلالية الأميركية. مصالح جنرالات البنتاغون فوق مصالح العراق والعراقيين. هذا هو معنى الاحتلال الأجنبي
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
المؤامرة القديمة‏!‏

مكرم محمد أحمد
الاهرام مصر
عندما كتبت قبل عام احذر من ان التقسيم إلي دويلات ثلاث سوف يكون مصير العراق في ظل الغزو الأمريكي الذي استهدف منذ أول يوم تفكيك الدولة العراقية ونسف أجهزتها المركزية بتسريح قوات الجيش والأمن والبيروقراطية الحكومية وإنشاء قانون أساس جديد‏,‏ يرعي بذور الانقسام ويضعف سلطة الدولة المركزية‏,‏ ويقيم كيانات سياسية محلية علي أساس طائفي كان الكثيرون يتصورون انني أبالغ في تجسيد خطر غير قائم وان العراق سوف يظل قادرا علي الحفاظ علي وحدته وان الامريكيين مهما يكن شطط معالجاتهم الأولي لاجتثاث حزب البعث والتخلص من كل أثر لنظام حكم صدام حسين لابد ان يحافظوا علي وحدة العراق ويساندوا حكومة مركزية قوية‏,‏ لأن عدوي تفكيك العراق يمكن ان تنتقل إلي عدد من الدول المجاورة‏,‏ ويمكن ان تزيد من فرص انتشار فتنة طائفية بين السنة والشيعة تطيح باستقرار دول عديدة في المنطقة‏..‏ ثم جاءت تصريحات بول بريمر أول حاكم مدني أمريكي للعراق بعد الغزو‏,‏ التي أكد فيها أن تسريح الجيش والأمن وتفكيك الدولة العراقية كان جزءا من خطة الغزو الأمريكي يقوم علي تفكيك عناصر الدولة العراقية وإعادة تركيبها مرة أخري‏,‏ وان القسمة التي حدثت بين الشيعة والسنة والأكراد كانت نتيجة منطقية لنظام صدام حسين الذي كان يحكم بالحديد والنار‏,‏ وان العراق لم يكن ابدا موحدا إلا في ظل الخوف والرعب الذي زرعه صدام حسين في نفوس الجميع‏.‏

وعلي منوال النهج الذي أصدر به بول بريمر القانون الأساسي للعراق جاء الدستور العراقي ليعطي كل ولاية عراقية الحق في ان تجعل من نفسها إقليما شبه مستقل تتقدم قراراته علي قرارات الحكومة المركزية‏,‏ وله الحق في السيطرة المنفردة علي عائدات النفط التي ينبغي ان تكون ملكا خاصا للاقليم يدفع عنها ضريبة محدودة للخزانة العامة‏,‏ ومن المؤسف ان الفهم المغلوط لفكرة الديمقراطية القائمة علي اساس الأغلبية العددية دون اعتبار للمكونات الأساسية للشعب العراقي ساعد علي تكريس هذا الوضع الطائفي الذي أدي إلي هذه الحرب الضروس بين الشيعة والسنة التي لعبت فيها الميليشيات الشيعية وتنظيم القاعدة دورا مدمرا‏,‏ أدي إلي تطهير الأحياء المختلطة في بغداد من السنة‏,‏ وإقامة جدران عازلة بين الأحياء الشيعية والأحياء السنية كرست القسمة الطائفية التي لم يكن يعرفها العراقيون‏,‏ الذين كانوا يتزاوجون ويتجاورون ويتعايشون دون تفرقة أو تمييز‏.‏

والآن ثمة من يرون أن فشل حكومة المالكي في تحقيق المصالحة الوطنية لايعود إلي الانحياز الطائفي لحكومة المالكي تحت ضغوط الميليشيات الشيعية‏,‏ وإنما يعود إلي أن المصالحة الوطنية هدف مستحيل التحقيق في العراق إلا في ظل نظام ديكتاتوري‏,‏ وأن قسمة العراق هي الطريق الوحيد لإقرار تسوية سياسية تمكن الأمريكيين من الخروج من وحل العراق دون ان يترتب علي هذا الخروج نشوب الحرب الأهلية مرة أخري‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
الخطاب المُهمَّش في الحالة العراقيّة
صباح علي الشاهر
الاخبار لبنان

ليس من الصعب وضع اليد على ذاك الخطاب المُتشنج، الإقصائي، الهدّام، والعقيم، السائد في الساحة السياسية العراقية في الوقت الراهن.
يتكرّس هذا الخطاب في اتجاهين: أوّلهما يتمثّل بمن فقد السلطة، ففقد رشده، وبات لا هم لديه سوى استعادة هذه السلطة، مهما كانت الوسائل والأساليب. والخطاب الثاني لم يُصدّق أنه تسلم السلطة بعد طول حرمان، فبات لا همَّ لديه سوى الحفاظ عليها، وبأي وسيلة كانت، حتى تلك التي تستوجب الارتهان الخنوع للمحتل. والخطابان يقرعان الطبول، ويهيجان الأتباع، ويدعوان بلا هوادة للقتل والتدمير.
من أجل استعادة السلطة، أو الحفاظ عليها، تُستعمَل الوسائل الشريفة وغير الشريفة، وكل الذرائع، ويُعمق وعلى نحو مُريع الاحتراب الطائفي والعنصري، ويكرَّس نهج التصفية الدموية التي تجاوزت كل تصور.
يرى الاتجاه الأول أن استعادة السلطة المفقودة يُبرر أي عمل وفعل، حتى إذا كان على حساب تدمير كل شيء، وعنده أن كل ما دُمر أو سيُدمر سيُعاد بناؤه، وأن الذين يفقدون أرواحهم الآن جراء العلميات التي يُقصد منها إفشال حكم من جاؤوا للحكم على ظهر دبابات الاحتلال، هم في الحسابات النهائيّة أقل بما لا يُقاس من عدد الضحايا الذين سيفقدهم البلد إذا ما ظلَّ الاحتلال وعملاؤه في الحكم، وهو أمر بات الكثير من المحللين والمتابعين للشأن العراقي يشككون بصدقيته. فعدد الضحايا فاق كل تصور، وكميّة الخراب والدمار كارثيّة بكل المقاييس، وخصوصاً أن هناك أطرافاً معينة تقتل وتدمر، ليس من أجل إخراج المحتل، بل لحسابات عقائدية خاصة بها، والبعض وجد في الساحة العراقية التي هي نتاج الفوضى الخلاقة، ساحة مناسبة تماماً لتصفية حسابات لا علاقة للعراق والشعب العراقي بها. وهذا يعني أن حجم الدمار الحاصل في البلد ليس بسبب النضال المشروع ضد المحتل وعملاء المحتل، لكن يمكن القول إن الدمار العشوائي الهمجي، الذي يستهدف الناس ومصالحهم، ليس ضمن أجندة القوى المقاومة للاحتلال، وقد يكون ضمن توجهات فئة قليلة تحسب حسابات خاطئة.
أما الاتجاه الثاني، الذي لم يتسلم السلطة الحقيقية، بل تسلّم شكلها المشوّه، أو سُلّم له شكلها، والذي يعتمد بوجوده وبقائه على قوى الاحتلال، والذي يجد أنه بعد نحو خمس سنوات من تمتعه بسلطة ناقصة ووهميّة في جوانب عديدة، غير قادر على البقاء أو الحفاظ على هذه السلطة الناقصة والوهميّة ولا الاستمرار بها إلا من خلال دعم المحتل، فإنه من أجل التمتع بالسلطة التي حُرم إياها، والتمتع بمكاسبها المادية والمعنوية، مُستعد للذهاب مع المحتل إلى أبعد مدى، ليس بصفته حليفاً بل بصفته تابعاً، رغم أن هذه التبعية، وبالشكل المُقرف المُهين الذي ظهرت فيه تتعارض كلياً مع المنطلقات النظرية والعقائدية التي تأسست بموجبها غالبية أحزاب وحركات هذا الاتجاه، ما يضع علامة استفهام كبرى على حقيقة هذه الأحزاب، وهؤلاء يرون أن من هم في الجانب الآخر لا ينشدون سوى إزاحتهم والحلول مكانهم، ومن ثمَّ التنكيل بهم، وهم لا يعدمون تقديم الدلائل (التي يقدمها لهم، على طبق من ذهب خطاب الطرف الأول)، لذا ليس وارداً عندهم البحث عن نقاط التقاء لا يعتقدون بوجودها أصلاً.
هذان الخطابان السائدان في الساحة السياسية العراقية في ظل الاحتلال، وهما اتجاهان مسنودان بكل ثقل وقدرات القوى الفاعلة في الوضع العراقي، دولية أو إقليمية، هذان الخطابان مأزومان بذاتهما وجوهرهما، لذا فليس بإمكانهما توفير المخرج المناسب من الأزمة العراقية المُستفحلة، التي بات استمرارها يهدد الجميع من دون استتثناء، بل إنهما في واقع الحال يؤبدان الأزمة ـــــ الكارثة ويعمقانها، ويزيدان بؤس العراقيين، ويُسهمان بإرادتهما أو بدونها، في دمار
البلد.
من المؤسف أن يكون الخطاب الثالث الذي بإمكانه إنقاذ العراق من الحالة التي هو عليها مُهمشاً ومطوّقاً، ومُحاصراً من كل جانب، فهو خيار لا يضمن عودة السلطة لمن فقدها، كما أنه لا يتركها في يد من نصّبه الاحتلال، بكل بساطة يضع هذا الخيار مصلحة الشعب العراقي والوطن العراقي في المقام الأول، دونما اعتبار لأي شيء آخر، وهو لا يعد بتسليم السلطة لطرف من الأطراف، بل يضع هذه المهمة على عاتق الشعب العراقي الذي وحده سيقرر من سيحكمه، عبر صناديق الاقتراع، وهذا لا ولن يتم إلا بتحقيق شرطين أساسيين هما: تحرير البلد تحريراً كاملاً ناجزاً، والحفاظ التام على وحدته وسلامة أراضيه.
الخطاب الثالث المُهمّش، هو خطاب الوحدة والمصالحة الحقيقية بشروطه الجوهرية الثلاثة، هذه الشروط غائبة ومُغيبة فعلياً وعملياً، لا قولاً، من طرفي الصراع السائدين. ينبغي تفعيل هذه الشروط المُغيبة على قاعدة الثوابت الوطنية. وإذ ينطلق خطاب الوحدة الوطنية الحقيقية من المسلمات المُتفق عليها، فإنه يدعو لجعل هذه المُسلمات خطوطاً حمراً اليوم وغداً، لا يجوز تجاوزها، كما أنه انطلاقاً من موقفه الوطني الشامل، لا يستثني حزباً أو جماعة أو فصيلاً أو تشكيلاً عراقياً، فمهمة تحرير البلد وبنائه مهمة مُشتركة لكل أبنائه، وليس بمقدور أحد، ولا من حقه أن يحرم أي مواطن عراقي شرف الإسهام بهذا المهمة النبيلة. وهو بالإضافة إلى هذا يستوجب القطيعة التامة مع سلبيات الماضي، وجعل مهمات الحاضر والمستقبل هي الأساس في الاصطفاف الجديد، وهو ينطلق أيضاً في توجهه من حقيقة باتت بالغة الوضوح الآن، ألا وهي أنه ليس كل الذين يعملون ضد المحتل، الذين يقاومون بالسلاح وبالكلمة والموقف هم من من التكفيريين أو الإرهابيين، أو المساندين للإرهاب، فالطلائع المقاومة هي أشد المقاومين للإرهاب، وهي تتصدى له في ساحات القتال.
كما أنه من جهة أخرى ليس كل من دخل ما سُمي العمليّة السياسية، أو انخرط في أجهزة الدولة الحالية هو من مؤيدي الاحتلال ومن عملائه، وستكون هذه المُسلمة البداية الواعدة لإيجاد المخرج من الكارثة
العراقية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
عين علي الواقع
سلوي حبيب
الاهرام مصر
ليس خافيا علي أحد أن الجيش الأمريكي يعاني أزمة طاحنة بسبب الحرب‏..‏ تحدث عنها الإعلام الأمريكي طوال الأشهر الماضية‏..‏ ومن المفترض أن تكون علي رأس أولويات رئيس الأركان الجديد الادميرال مايك مولين الذي تولي منصبه الأسبوع الماضي‏..‏ ولكن منذ اللحظة الأولي لتوليه انقسمت القيادات العسكرية حول الاولويات‏..‏ تركز الجدل حول مرحلة ما بعد الحرب وكأنها قد انتهت‏..‏ فريق ركز علـي تأهيل القوات لحرب غير نظامية لمواجهة الإرهاب وحرب العصابات وآخر ركز علي الحرب التقليدية تحسبا لتهديدات قد تأتي من دول مثل الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية أو إيران وبادر وزير الدفاع روبرت جيتس علي الفور بالتعهد بزيادة عدد القوات المسلحة بـ‏74‏ ألف جندي إضافي علي مدي أربع سنوات واكتفت القيادات بمجرد الحرص علي تلبية الاحتياجات اليومية الروتينية للحرب بالعراق‏.‏

ولكن قبل أن يضيع الوقت في الجدل وتضيع الاموال في خطط وحروب مستقبلية لابد أولا من معالجة الوضع المتدني الحالي للقوات بالعراق علي الأقل لتجنب مزيد من الخسائر البشرية وضمان قدر أكبر من الأمن‏,‏ علما بأن الوضع هناك يقتضي زيادة عدد القوات وليس خفضها‏,‏ كما أكد مسئول كبير بالجيش‏..‏ فالقوات الأمريكية بالعراق‏,‏ كما وصفتها مجلة تايم في أبريل الماضي وصلت إلي حافة الانهيار إن لم تكن قد انهارت وهي في وضع شبيه بحالة الجيش بعد فيتنام‏.‏

وذكرت مجلة ناشيونال جورنال في نفس التوقيت ان الاحتياج العاجل لجنود جدد اضطر القيادات إلي خفض فترة تدريبهم وأن هناك نقصا كارثيا في معدات القتال وعجزا مخيفا في عدد المتطوعين ونشرت صحيفة متخصصة للجيش مقالا بعنوان فشل عام كشفت فيه عن انقسامات عميقة بالجيش ورغبة الجنود والضباط في ترك الخدمة بسبب الغضب والاحباط من الاداء الضعيف لقياداتهم‏,‏ وفي مارس الماضي تم عرض تقرير سري أمام لجنة الخدمات المسلحة بالكونجوس يحذر من أنه مع مرور كل يوم يزداد الجيش تدهورا وأن الدولة تواجه خطر فشل كبير ويحذر هذا التقرير وغيره من الدخول في أي نزاع جديد‏.‏

في ضوء هذا الوضع المتردي سوف يتعين علي رئيس الأركان الجديد وهو أيضا مستشار للرئيس ولوزير الدفاع أن يحذرهما من أن فتح أي باب جديد لنزاع مسلح وهو ما يتم الاعداد له حاليا سيكون بمثابة مس من الجنون قد يؤدي للانتحار‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
المطلوب دايتون عراقي
ناصيف حتي
البيان الامارات
عادت المسألة العراقية بقوة إلى واجهة الأحداث بعد «الصدمة» السياسية التي أحدثها قرار مجلس الشيوخ الأميركي وهو قرار غير ملزم بدعوته إلى تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات كردية وسنية وشيعية وهو ما يعتبر بالتقسيم السلس أو المقنع أو مشروع انتقالي نحو التقسيم الفعلي باعتبار انه يقوم على أساس مذهبي أو اثني محدثا لمزيد من الشروخ ومعمقا الشروخ القائمة في البلد الواحد. ويبدو هذا القرار غير الملزم كنتيجة منطقية لسياسة أميركية بدأت مع بول بريمر والتي كرست لغة الهويات ما دون العراقية والعابرة للهوية الوطنية العراقية منذ اليوم الأول فالاحتلال كرس لغة وبالتالي سياسات تقوم على الهويات ما دون العراقية على حساب سياسات الهوية الواحدة الجامعة فخلق فضاء سياسيا قائما على التطييف والتمزق السياسي الحاد والمسلح.
فخلق بيئة ذات قابلية كبيرة للبلقنة وبالتالي جاء هذا المشروع المشار إليه كخيار طبيعي ومنطقي لتسوية أزمة الولايات المتحدة في العراق باعتبار أننا نشهد لعبة سيناريوهات ممكنة ومختلفة تتعلق بالمشكلة العراقية ولكنها في حقيقة الأمر تتعلق بمشكلة الولايات المتحدة في العراق الذي كما يحذر قائد الجيش التركي دخل سريعا في طريق التفتت. نسمع عن سيناريوهات عديدة منها التقسيم السلس، ومنها الحديث عن فيدرالية قوية لكن هذه لا يمكن أن تقوم إلا على أساس وفاق وطني حول المسائل الرئيسية التي تهم كافة مكونات الشعب العراقي وهذا مازال غائبا حاليا. ومنها ما يعرف بتقسيم الأمر الواقع أي إعطاء الحكم لقوى الأمر الواقع من حيث تلزيمها الأمن والقرار الفعلي فيما يتعلق بالمناطق التي تسيطر عليها في حين تقوم الحكومة بدور المنسق العام وتبقى الدولة الواحدة دولة صورية قائمة دستوريا في الخارج أكثر مما هي قائمة فعليا في الداخل، ثم هنالك سيناريو يطرح أيضا ويقوم على نظرية بروز زعيم قوي يوحد العراق مجددا. لكن السؤال يبقى قائما من أين يؤتي بقائد يملك المشروعية الوطنية العراقية ويسيطر في الوقت ذاته على المؤسسة العسكرية الوطنية من اجل إعادة توحيد العراق في وقت تتعمق فيه الجراح الطائفية وتكبر المسافات بين القوى السياسية الأساسية صانعة السياسة العراقية. كما نسمع عن سيناريو يسمى بسيناريو محاصرة الحريق ومنعه من الانتشار كأن تقيم واشنطن جدارا يفترض ان يكون عازلا على الحدود العراقية، داخل هذه الحدود، يمنع من انتشار الحريق الى خارج العراق، ولو أنه لا يمنع حدوث مذابح على النمط الرواندي. ويستدعي هذا السيناريو بالطبع التعاون مع جيران العراق المباشرين على ان تترك لحالة التعب التي تصيب المحاربين بعد فترة زمنية معينة تترك لها عملية إخماد النار العراقية الداخلية فيكون قدر العراق تآكلا وتفتتا مستمرين فينتهي القتال عندما لا يعود هنالك متقاتلون كما يقول المثل الفرنسي. ثم هنالك أيضا الحديث عن حالة التعب الأميركية ووصولها إلى نقطة اللارجوع التي قد تؤدي إلى انسحاب سريع يؤدي إلى بلقنة العراق واحتمال انتشار زلزال البلقنة في ارتدادات مختلفة القوة إلى جواره القريب والبعيد، فتصبح حرب الكل ضد الكل، حرب أبناء الطائفة الواحدة للسيطرة على منطقتهم وحربهم مع الآخر لاقتطاع قسم اكبر من «التورتة العراقية»، وهي حالة جاذبة بقوة للتدخل الخارجي.


ثم بالطبع هنالك الدعوة المباشرة إلى سيناريو التقسيم ومواكبة وتسريع انجاز هذا السيناريو لخلق ثلاث دول تقوم على أساس الهويات المتقاتلة حاليا. ويقول جاك اتالي الكاتب والمفكر والسياسي الفرنسي إن منطق الأمور في العراق يستدعي النظر إلى النموذج أو إلى السيناريو الذي حصل في الهند آخر أيام البريطانيين حيث نتج عن الانسحاب البريطاني تقسيم الهند رغم محاولة البريطانيين إنشاء دولة هندية موحدة فان قرار انسحابهم بأقصى سرعة كما يذكر اتالي أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية في شبه القارة الهندية. وحصلت عمليات ترحيل سكان ثم انقسمت الهند الى دولتين فثلاث. ولا يستبعد اتالي ان يلقى العراق مصير الهند أي الحرب الأهلية ثم التقسيم ثم الحرب بين الدول الجديدة الناتجة عن التقسيم ويختم ان على الأميركيين الإدراك ان لا مفر عن تقسيم العراق والتحلي بالشجاعة تحضيرا لهذا التقسيم. أمام هذه السيناريوهات «الواقعية» التي تراوح بين السيئ والأسوأ لا يكفي على من يريدون وحدة العراق من عراقيين وعرب الاستمرار في البكاء على «اللبن المسكوب» وتوجيه الانتقادات الحادة والشديدة والمشروعة بالطبع ضد كل ما يشتم منه محاولة مباشرة أو غير مباشرة لتقسيم العراق. فبقدر ما إن إدانة ورفض هذه المحاولات أمر ضروري بقدر ما هو أمر غير كاف ولا يغير بمسار الأمور طالما أن العراق يسقط بقوة في الهوة التقسيمية التي تدفع إليها عمليا صراعات المصالح والاستراتيجيات التي تتغذى بدورها على هويات خائفة وجريحة ومأزومة تحاول أن تجد تسويات للحاضر . ولكنها غير مطمئنة للمستقبل، وطالما أن اللاعب الأساسي والمهندس الأقوى للأزمة العراقية، الذي هو واشنطن مازال يبحث عبر خطوات محدودة وبشكل مجزأ عن سياسات تدعم استراتيجياته الأمنية فينتقل الموقف الأميركي مثل رقاص الساعة من دعم الشيعة إلى دعم السنة وهكذا في لعبة إحداث توازن لا تمنع التجزئة بل تعمقها. وطالما أن واشنطن مازالت تعتبر أن العمل السياسي هو لدعم استراتيجية أمنية عسكرية ثابتة بدل أن تبحث عن إطار سياسي جديد للتسوية بسبب فشل سياسات السنوات الأخيرة وحتى تكون التسوية السياسية هي التي تنتج بدورها «التسوية» الأمنية. وطالما انه لن يتم البحث بعد عن بلورة عقد وطني جديد يفتح بابا ويخلق مساحة سياسية في العراق لمشاركة قوى سياسية واجتماعية واقتصادية غير طائفية في العملية السياسية الوطنية في العراق نحو إعادة بناء العراق فمن الضروري انجاز هذا العقد الوطني ثم ترجمته إلى قوانين وأنظمة دستورية تمثل تقنينا لهذه المشروعية الوطنية وليس العكس. ذلك كله يستدعي العودة إلى المربع الأول، مربع التسوية الشاملة التي تتناول كافة المواضيع والمسائل الأساسية والتي تهم جميع الأطراف العراقية الرئيسية، ومن خلال انخراط جميع هذه الأطراف والقوى العراقية في عملية صياغة هذا العقد الوطني الجديد على أن تواكب هذه العملية السياسية الداخلية وتحتضنها عملية سياسية دولية في إطار الأمم المتحدة تلعب فيها الولايات المتحدة وكذلك القوى الدولية الفاعلة ودول الجوار المباشر وغير المباشر دوراً أساسياً في حماية هذه العملية وفي توفير الضمانة لإنجاحها وتثبيت نتائجها وحماية هذه النتائج. ويبقى نموذج دايتون الخاص بالبوسنة نموذجا ناجحا ويمكن أن يحتذى به لإخراج العراق ومعه المنطقة من لعبة تربيع الدوائر والدخول في المجهول.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
الماء الاسود
د. عمر الحضرمي
الراي الاردن

لم يقف فشل الاحتلال الأمريكي للعراق عند حد استباحة كل شيء ، ابتداء من إسقاط النظام وإهدار دم الشعب العراقي وسرقة نفطه ، مروراً بإعادة صياغة الدولة العراقية بما يتلاءم والمصالح الأمريكية ، إنما تعدى ذلك لتغدو بلاد الرافدين ، التي أنتجت أسمى أنواع الحضارة والفكر والعلم والسياسة والقانون والطب ، بلاداً متخلفة لا تقوى حتى على إجادة دفن موتاها حسب الشرائع السماوية.

ومن العجب أن حد هذا الفشل قد تجاوز كل سقوفه العليا ، حيث قامت الحكومة الأمريكية منذ أكثر من سنتين بتوكيل أمر حراسة مسؤولييّها إلى شركات أمنية خاصة وعلى رأسها شركة الماء الأسود (بلاك ووتر) التي عربدت واستنسرت وأصبحت تتصرف في العراق دون رادع أو ضابط. وكان آخر ما قامت به هو اقتراف مجزرة وسط بغداد في منتصف الشهر الماضي ، حيث قتل أفراد عصابتها البشر بدم بارد ، وما أن أعترض الناس واحتجوا حتى ثارت ثائرة السلطات الأمريكية نفياً واستهتاراً مؤكدة أن موت تسعة مدنيين بسلاح أفراد هذه العصابة أمر ليس له تلك الأهمية ، ولا يستحق إثارة كل هذه الضجة ، ووصفت ما دار حول القضية بأنه احتجاج أخرق وغوغائي.

وحتى تستكمل صورة الاستهتار هذه ، فقد تم الإيعاز إلى الكونغرس لكي يطلب التحقق من الحديث وليس التحقيق حوله. ثم جاء بيان السيدة رايس ليضع كل القضية في الدائرة الرمادية تمهيداً لوأدها ، حيث طالبت بأن يكون التحقيق دقيقاً ، وهذا يعني ذهاب النتائج أدراج الرياح ، على شاكلة ما جاءت عليه نتائج تحقيقات سجن أبو غريب وغيرها من الفضائح والجرائم التي ارتكبها الجنود الأمريكيون سواء ما كان منها القتل أم الاغتصاب أم النهب أم الحرق.

لقد اتهم تقرير الكونغرس الأمريكي ، الذي نشر يوم الثلاثاء الماضي 2/10/2007 ، وذلك عشية جلسة الاستماع لمسؤولي الشركة الأمنية الأمريكية ، عصابة البلاك ووتر بتهمة إطلاق النار بلا ضوابط في حوالي 200 حادث منذ عام 2005 ، كان آخرها حادث 16 أيلول الذي أودى بأرواح عشرة عراقيين بينهم تسعة مدنيين. وكانت التقارير قد قالت إن الاتفاق بين الخارجية الأمريكية وشركة بلاك ووتر يقضي أن يمتنع أعضاء العصابة عن إطلاق النار إلا للدفاع عن النفس ، ألا أنه قد ثبت أن 80% من الحوادث قد بدأت بمبادرة هؤلاء المرتزقة دون سبب موجب لهذا التصرف الأهوج وغير المقبول.

وهنا نتساءل ما هو عظم المأزق الذي تواجهه الولايات المتحدة في العراق. إذ أنها وبالرغم من وجود أكثر من 170 ألف جندي في العراق ، مع ما يحملونه من أسلحة وما يزوّدون به من عتاد وجحافل من الآليات ، فإنها لم تستطع أن تحمي مسؤولييّها حتى في أضيق دائرة في بغداد ، فإستعانت بشركات أمنيّة خاصة.

أليس من الواجب والأكرم والأشراف لو أن الإدارة الأمريكية تعلن إقرارها بالهزيمة وتستدعي شبابها ليستمتعوا بشمس كليفورنيا وبالسباحة على شواطئ المحيط الأطلسي والتنزه على شواطئ المحيط الهادئ الشمالي.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
فكرة تقسيم العراق.. جريمة وعار
عيسى بن محمد الزدجالي
الشبيبة عمان
في خطوة أدهشت وفاجأت العالم اجمع وسابقة سياسية خطيرة في تاريخ الانسانية وافق مجلس الشيوخ الامريكي الاربعاء قبل الماضي على قرار غير ملزم حول خطة لتقسيم العراق وذلك بـ 75 صوتا مؤيدا في حين عارض القرار 23 عضوا والقرار الذي قدمه السيناتور الديمقراطي جوزف يدن وهو احد المرشحين للمنافسة على كرسي رئاسة امريكا يقضي بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات كردية وسنية وشيعية وتنص خطة التقسيم على وضع نظام فيدرالي و وجود حكومة فدرالية في بغداد تتولى امن الحدود وعائدات النفط.
رغم ان القرار غير ملزم إلا انه يشكل انتهاكا واضحا وصارخا لسيادة العراق لأنه صادر عن مؤسسة رسمية لها وزنها ومكانتها في الخريطة السياسية بأمريكا وبذلك نصب مجلس الشيوخ الامريكي نفسه آمرا وناهيا له حق التصرف في العالم كما يشاء وكأن العراق جزء من الاراضي الامريكية وإذا استمرت امريكا على هذا النهج فإن مقص التقسيم سيطال دون شك دولاً أخرى مثل أفغانستان والصومال والسودان.
البيت الابيض رفض الخطة وحاول التهوين من الامر حيث قال الناطق الرسمي باسم البيت الابيض انه قرار يتضمن رأي مجلس الشيوخ وليس هناك اي شيء ملزم فيه وهو موقف يحمل الكثير من السلبية ولم يعط للقرار اهميته ويدرس خطوة مجلس الشيوخ من كل ابعادها لأنه ليس من حق اي كان ان يتدخل في الشؤون الداخلية للدول مهما كان الامر إلا اذا كان القرار يحظى بمباركة البيت الابيض وقد جاء لجس النبض ومعرفة ردود الفعل قبل تجسيده على ارض الميدان وفكرة تقسيم العراق كأنها تؤكد أن الشعب العراقي كله قد مات وبالتالي يتم تقسيم الإرث لكن الشعب العراقي مازال حيا صامداً قوياً يواجه كل التحديات الأمريكية فقد قال الشعب العراقي كله كلمة واحدة: " لا للتقسيم نعم للوحدة ".
المتتبع لسير الاحداث يلاحظ ان امريكا تمسك العصا لتهدد فقط الدول الاسلامية والعربية وهاهي تمسك المقص لتهدد بالتقسيم وكأنها مختصة بمراقبة وتقسيم الدول العربية والاسلامية رغم ان هذه الدول لها سيادة يكفلها القانون الدولي وتقرها مواثيق الامم المتحدة التي وقع عليها العالم اجمع لكن لا شيء يقف امام امريكا ويحد من طموحها مادامت الامم المتحدة تلعب دور المتفرج وتتابع الوضع صامتة رغم ان كل ماتقوم به امريكا من صلاحيات الامم المتحدة.
الامم المتحدة كان من الواجب ان يكون لها موقف حازم في الموضوع لأن الامر اخطر مما يتصور البعض وسابقة لا مثيل لها خاصة انها صدرت من هيئة امريكية رسمية وهو خرق واضح وصريح للمواثيق الدولية لكن الامم المتحدة لم يكن لها اي رد فعل قوي بل اكتفت كالعادة بدور المتفرج مما يؤكد انها اصبحت جسدا بلا روح يجب ان تحال إلى التقاعد وان تنسحب كل الدول العربية والاسلامية منها مادامت غير قادرة على حماية مصالحها ومادام هناك من يقود العالم ويتخذ القرارات ويطبقها بحرية تامة بدلا عنها.
التدخل في شؤون الدول الاخرى مبدأ مرفوض شكلا ومضمونا ليس فقط من طرف امريكا بل لو جاء من اي طرف اخر لكان الرفض مصيره فماذا لو اصدرت جهة رسمية في احدى الدول الصغرى قرارا يقضي بتقسيم دولة عظمى كيف سيكون الحال لاشك ان امريكا سيتملكها غضب عارم وترعد وتزبد وتعتبره انتهاكا لسيادة تلك الدولة لكن حينما يقوم مجلس الشيوخ الامريكي بذلك على الجميع ان يلتزم الصمت خاصة ان امريكا قد تعودت على اتخاذ القرارات وتطبيقها دون الرجوع الى الامم المتحدة وخير دليل على ذلك غزو العراق الذي كان دون مباركة الامم المتحدة وبرفض معظم دول العالم إلا ان امريكا نفذت قرارها وهاهو العراق يعيش الموت و الدمار.
تقسيم العراق خطة امريكية لإعادة الاستقرار الى العراق رغم ان كل ما يعيشه العراق حاليا جاء نتيجة غزو القوات الاجنبية للعراق و التي رسمت للعراقيين احلاما جميلة ووعدتهم بغد افضل لكن هاهو الميدان يكشف الفشل الذريع لأمريكا فبدلا من السلام والديمقراطية الموعودة هاهو الموت يحصد ارواح الابرياء كل يوم حيث وصل عدد القتلى في العراق منذ بداية الغزو إلى مليون و200 الف قتيل بالاضافة الى ملايين اللاجئين والدمار الذي يصيب البنية الأساسية للعراق لكن امريكا مازالت تؤكد على نجاح سياستها في العراق وهاهو قرار التقسيم الذي صدر عن مجلس الشيوخ يدق ناقوس الخطر لأنه لو تم تطبيقه فسيكون جريمة القرن وبما أن فكرة تقسيم العراق هي أخطر قضية يواجهها هذا البلد المثقل بالهموم فإننا نناشد الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والدول المحبة للسلام وكل أنصار السلام في العالم التصدي لهذه الفكرة حتى يبقى العراق واحدا موحدا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
الغرق في مستنقع مليء بالماء الأسود
مورين داود
نيويورك تايمز
يقول نيتشه:"من يحارب مع الوحوش عليه ان يحرص كيلا يصبح وحشا مثلهم ، واذا حملقت في الهاوية ، فإن الهاوية ستحملق فيك ايضا". نحن نحملق في الهاوية من غير ريب ، كما ان "بلاك ووتر" تحملق بالمقابل.
الى جانب امتلاكنا جيشا للايجار ، واولادا شجعانا ندفع لهم ليقاتلوا حتى لا تمس الحرب معظم الاميركيين شخصيا ، فإننا نمتلك مرتزقة حقيقيين ، وهم كادر مروع يعملون خارج قوانين العراق والولايات المتحدة والمؤسسة العسكرية. الرئيس بوش يواصل التبشير بأننا يجب ان نهزم "الايديولوجية السوداء" للمتطرفين "برؤية اكثر تفاؤلا".
لكن الحلول الوسط التي يعدها الرئيس للخوض في العراق مع أمراء الحرب والدكتاتوريين او المتعاقدين الخارجين عن السيطرة ، تنشر بقعة سوداء على صورة اميركا.
يبدو ان بلاك ووتر عززت ثقافة اطلاق النار اولا ، والقتل في بعض الاحيان ، وبعدئذ طرح الاسئلة ، كما قال النائب الديمقراطي اليجاه كمنغز في مجلس النواب الثلاثاء.
ووصفت مجلة التايمز في عددها الصادر الاربعاء التفسير الذي قدمته بلاك ووتر عن حادثة في بغداد يوم 16 ايلول ، والتي خلفت 17 قتيلا 24و جريحا ، بأنه هزيل.
وقالت المجلة في تقرير لها "يبدو ان رصاصة اصابت رجلا عراقيا كان يقود سيارته ومعه أمه وهو في طريقه ليقل والده الذي يعمل طبيبا شرعيا في المستشفى". ويضيف التقرير "بأن ثقل الرجل الميت ظل على الارجح على دواسة البنزين ودفع السيارة الى الامام" نحو قوة المواكبة التابعة لبلاك ووتر. عندها اطلق حرس القوة رشقة من نيران مدافعهم الرشاشة ومن المتفجرات ، رغم ان شهود العيان لم يروا اي شخص يطلق النار على القوة الاميركية ، ورغم ان العراقيين كانوا يستديرون بسياراتهم ويفرون من الموقع. ونقلت نيوزويك عن الشرطة الوطنية العراقية قولها ان سيارات بلاك ووتر "فتحت النار بشكل جنوني وبصورة عشوائية دون اي سبب".
متهورو بلاك ووتر رمز مشؤوم للتقدم الضئيل الذي احرزناه في العراق ، وهو ان الشخصيات المهمة جدا - او"الرزم" كما يسميها المتعاقدون - لا يمكن ان تقوم بأي حركة في البلد من دون الاشخاص البارعين في استخدام المدافع الرشاشة او البنادق الذين تستأجرهم وزارة الخارجية بأسعار مرتفعة. الاميركيون مناهضون للجنود المرتزقة منذ ارسال البريطانيون لثلاثين الف ألماني من المرتزقة العاملين في القوات البريطانية خلال الثورة الاميركية ، بعد جورج واشنطن. لكن دبليو بوش أوكل الكثير من مهامه الرئاسية الى تشيني ورومي (دونالد رامسفيلد) ، وذهب تشيني ورومي الى الحرب بكلفة ضئيلة وأوكلا نسبة كبيرة من المهام المتعلقة باحتلال العراق الى هاليبورتون وبلاك ووتر. وتعرض دافع الضرائب الاميركي للابتزاز ، وهو ما تعرضت له السمعة الاميركية كذلك.
المرتزقة يؤججون مشاعر العراقيين على الرغم من ان الجنرال ديفيد بتريوس يحاول كسب ثقتهم.
هنري واكسمان ، رئيس لجنة المراقبة في مجلس النواب ورئيس لجنة الاصلاح الحكومية ، استدعى يوم الاربعاء ، اريك برنس ، رئيس بلاك ووتر (38 عاما) للدفاع عن شركته الامنية الخاصة.
ذات يوم كان هناك المجمع العسكري - الصناعي ، الان لدينا مجمع الجنود المرتزقة - الانجيلي.
السيد برنس ، طبيب مقيم سابق لدى الرئيس بوش الأب وضابط بحرية سابق يتحدر من عائلة ثرية من متشيغن تنتمي للحزب الجمهوري ولها اتصالات جيدة. برنس ووالده لهما علاقات وثيقة بالجماعات المسيحية المحافظة. شقيقته كانت من الرواد في حملة بوش الابن حيث جمعت تبرعات له مقدارها 100 ألف دولار عام 2004 ، كما قدم برنس اكثر من 225 الف دولار للجمهوريين.
بدورها ، كانت بلاك ووتر المستفيد من مليار دولار في عقود فدرالية ، من ضمنها عقد مناقصة لم يوقع مع وزارة الخارجية بقيمه مئات الملايين من الدولارات.
واكسمان وصف وزارة الخارجية يوم الثلاثاء بأنها "مانحة القدرة لبلاك ووتر". وقام أفراد لجنته بتلخيص تقارير الوزارة والكشف عن سلسلة منظمة من مشاكل بلاك ووتر. في حادث وقع في كانون الاول عام 2006 ، اقدم متعاقد مخمور من بلاك ووتر على قتل حارس نائب الرئيس العراقي عادل عبدالمهدي. وفي غضون 36 ساعة بعد اطلاق النار ، سمحت وزارة الخارجية للشركة بنقل المتعاقد مع بلاك ووتر الى خارج العراق".
واقترح القائم بالاعمال في وزارة الخارجية دفع مبلغ 250 الف دولار الى عائلة الحارس ، لكن قسم خدمات الامن الدبلوماسي في الوزارة قال انه مبلغ كبير للغاية وقد يؤدي الى جعل العراقيين "يحاولون ان يقتلوا". وفي نهاية الامر ، وافقت عائلة الحارس على مبلغ 15 الف دولار. وذكر التقرير "ان وزارة الخارجية اتخذت موقفا مشابها لدى تلقيها تقارير تفيد بأن مطلقي نار من بلاك ووتر قتلوا عراقيا بريئا ، وأنها طلبت دفع خمسة الاف دولار فقط كي نلقي وراءنا بسرعة هذه المسألة التي يؤسف لها". السيد برنس تعرض لضغط من النائب بول هوديس بشأن الغرامة التي دفعها موظف بلاك ووتر ، والذي كان مخمورا وخارج الوظيفة في احتفال عيد الميلاد ، لاقدامه على قتل الحارس العراقي.
الرجل طرد من الشركة ويتعين عليه دفع مبلغ يصل الى حوالي 14,697 دولارا ، وهو اقل قليلا من المبلغ الذي دفع الى عائلة الحارس العراقي الذي قتله الرجل.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ما بالنا نسمع.. قطع الأعناق.. بالفارسية وأين المعاهدات؟!!
وليد بو ربّاع
الوطن الكويت
مباشرة وبعد تصريح النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك والذي شدد فيه على ان الكويت لن تسهم باستغلال اراضيها في الاعتداء على أي دولة جارة.. فضلا عن كلمة الكويت التي ألقاها وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح في الامم المتحدة بتفعيل الحل الدبلوماسي بخصوص الملف الايراني.. انتهى. وكل هذا طبعا حرص الكويت على استتباب الامن والسلم والاستقرار في منطقتنا الاكثر سخونة.
وما هي إلا أيام حتى جاء التهديد الايراني »الفارسي« البغيض بأن الكويت ستكون اول ضحية لأي توتر في المنطقة على لسان عضوي مجلس الشورى بأنهما يمتلكان وثائق تاريخية تؤكد احقية ايران بالجزر الثلاث.. فلا للتكسب السياسي وان على المسؤولين في الكويت ألا يمدوا ارجلهم في بلادهم اكثر من بساطها..!! وعلى الكويت الكف عن تصريحاتها المثيرة للفتن بين المسلمين ولتترك دول المنطقة تعيش في سلام.. انتهى؟!!!
ولقد صدق الله (قد بدت البغضاء من افواههم وما تخفي صدورهم أكبر) نعم ما بالنا نستذكر لغة التهديد باستكبار فارسي معين تجاه دول صغيرة وجارة مسالمة كأننا نسترجع لتاريخ قطع الاعناق ابان النظام الديكتاتوري »الصدامي« وهو يهدد ايضا بلاد الامارات العربية المتحدة ويتهمنا بسرقة النفط!
واذا كانت رسالة العدوان والابتزاز الصدامي تقوم على الديكتاتورية فإن الرسالة التهديدية هنا بلسان فارسي ضد بلد عربي مسالم صغير واساءات ايرانية بعيدة كل البعد عن تحمل المسؤولية واستفزازية لا تتناسب مع حسن الجوار بعلاقته المتطورة بجناحيها الاقتصادي والدبلوماسي تحت مظلة المعاهدات، نعم فهل تريد ايران بلغتها الفارسية الاستفزازية بأن توصل لنا بأنها تستطيع ان تمزق نسيجنا الاجتماعي المتوارث من خلال ادواتها ام تذكرنا بصواريخها البلاستيكية بعيدة المدى التي لم تجربها في الدفاع عن حليفها الاول في لبنان (حزب الله) على الرغم من انه كان يقصف من العدوان الصهيوني؟!
نعم ان على ايران ان تقدم توضيحات حول برنامجها النووي كما دعاها »البرادعي« وحذرها عن الامتناع عن ذلك! وخصوصا مع تأكيد واشنطن على ان الخيار العسكري وارد اذا ما فشل الدبلوماسي، لا ان تخلق ايران الفارسية اجواء القلق باضطرارها الى الانتهاء من قنبلتها النووية كي تحاول قلب موازين القوى تحت مظلة صواريخها البعيدة المدى؟! نعم ان الكويت لا تثير الفتن »يا حسن كامران وحشمت الله بيشه« بل تمد يدها للعون والمساعدة وتحقق سلام الشعوب وأمن الاوطان. وخير دليل ما قاله سمو امير البلاد حفظه الله لقناة العربية »بأن أي احتكاك بين واشنطن وطهران.. خطر.. انتهى.
بل على كافة الكويتيين ان يرسلوا رسائل ايجابية وبيانات استنكار حول هذه التهديدات (وليس نقد بيانات في الازمات الداخلية بين السلطتين)، لأن الضرر والصواريخ سوف تصيب الجميع مثلما كانت صواريخ العراق تسقط علينا فهي لا تعرف لا سني ولا شيعي ولا ليبرالي ولا قومي ولا اسلامي ولا تقدمي بل كشفت لنا زيف دول الضد وعرفتنا عدونا من صديقنا ودائما المحن تكشف اصالة المعدن ولمعانه والظاهر ان »بيت القرين« العظيم بملحمته سوف تكشف للفرس مدى تجذر وتلاصق هذا النسيج الاجتماعي الكويتي المتوارث، ليبقى لنا صوت المواطن وضميره الوطني الحي ينادي كل من هو مسؤول نريد في ظلال هذه التهديدات غير المسؤولة ان نفعل كافة معاهداتنا الدفاعية مع امريكا وروسيا وفرنسا وانجلترا والصين وقبلها المعاهدة العربية للدفاع العربي المشترك لأن العدو هنا فارسي النزعة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
اتفاق ذو حدين
افتتاحية
الشرق قطر
يمكن أن يكون الاتفاق الذي وقعه أمس كل من عبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الإسلامي الأعلى ومقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، مقدمة لحل الخلافات بطرق سلمية من أجل تهدئة الأوضاع في العراق والاتجاه لعملية البناء التي تأخرت بل عادت القهقرى لتزج بالعراق في هوة سحيقة من الدمار.

ومن أجل تنفيذ هذا الاتفاق ينبغي الإسراع في تحويله إلى واقع على الأرض في المناطق التي شهدت صراعا دمويا بين الطرفين، فالجنوب لم يشهد عمليات كثيفة ضد الوجود الأجنبي وكان هادئا مقارنة مع وسط العراق وغربه، مما دفع للاعتقاد بأنه سيكون نموذجا لعملية إعادة البناء، لكن الخلافات بين مختلف الأطراف الشيعية دمرت كل شيء وازدادت الأوضاع سوءا عندما تحولت إلى صراع مسلح.

وبالنظر إلى الوضع السياسي الذي يشهده العراق، على الطرفين الانتباه لئلا يتحول هذا الاتفاق إلى محور ضد أطراف أخرى، لأن هذا لو حدث فسيدفع بالعراق إلى تقاطع محاور محلية ستستقطب محاور أجنبية لتضعه بين فكي كماشة طائفية وعرقية تكون ميدانا لحروب يخوضها العراقيون بالوكالة عن أطراف أخرى.

لهذا يعتبر اتفاق الصدر والحكيم سلاحا ذا حدين، يمكن استخدامه للم الشمل في الجنوب، خاصة مع ارتفاع أصوات التقسيم في الكونغرس الأمريكي، مما يهدئ الأوضاع ويعيدها إلى سابق عهدها من وئام، أو يكرس الطائفية ليجد أنصار التقسيم في الكونغرس واقعا يؤيد خططهم.

وحتى يكون الاتفاق عامل بناء، يجب على الأطراف الأخرى أن تتخذه نموذجا لحل خلافاتها والدخول فيه كي لا يبقى في صيغته الراهنة التي يمكن أن تستفيد منها أطراف تسعى لتفتيت العراق.
بغير ذلك، سيكون هذا الاتفاق خطوة نحو التحزب الطائفي الذي سيؤدي لفعل يتسبب في رد فعل يقود لمزيد من مواجهات، العراق في غنى عنها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
العراق المنكوب بالاحتلال والمرتزقة
طه خليفة
الراية قطر
قوات المرتزقة لاعب أساسي في العراق منذ احتلاله عام 20003، وهي لا تمارس دور الحماية والأمن للمسئولين والسياسيين والدبلوماسيين وكبار الشخصيات الأمريكية والاجنبية في هذا البلد فقط إنما تقوم بدور عسكري مواز ومشابه لما تقوم به قوات الاحتلال النظامية، كما تلعب أدواراً استخباراتية وتنشط في جمع المعلومات ومحاولات الكشف عن أماكن المسلحين والمقاومين والإيقاع بهم.

ولخطورة العراق كساحة حرب وموت يومية مجانية فإن المرتزقة الذين علي كل شكل ولون وجنس كما الجنود الامريكان يعيشون حالة من الرعب والفزع والارتباك لشدة ما يواجهونه من عمليات مسلحة واستهداف ومقاومة لم تكن متوقعة لدي صانع القرار الأمريكي ولم تكن تخطر ببال أحد في ادارة بوش، ولذلك طالت الحرب في العراق لتتحول الي حرب استنزاف مجهدة ومكلفة مادياً ومعنوياً وبشرياً وسياسياً للاحتلال ومرتزقته، أية هذا الارتباك اطلاق الرصاص العشوائي والمتسرع علي أي هدف معاد أو صديق أو مدني.

في أيام الغزو العشرين وقعت حوادث عديدة تسببت في مصرع العشرات من القوات البريطانية والامريكية فيما بات يعرف ب النيران الصديقة ومنذ اشتعال العمل المسلح ضد الوجود الاجنبي في مايو 2003 والي اليوم فإن ما لايحصي عدده من المدنيين العراقيين، ومن أصدقاء الأمريكيين والبريطانيين سقطوا ب نيران صديقة أيضا..

لكن الأغرب أن نكتشف أن المدنيين يسقطون بنيران أخري قادمة من فوهات بنادق المرتزقة وجريمة ساحة النسور التي استشهد فيها 17 مدنياً وأصيب 24 كشفت الدور الإجرامي المتعدد الذي يلعبه المرتزقة في العراق المنكوب كما كشفت خفايا الدور الكبير والخطير الذي تلعبه بلاك ووتر أبرز شركات المرتزقة، لكن جاء الكتاب الذي تعرضه الراية حالياً لمؤلفه جريمي سكيل ليفضح تلك الشركة ومثيلاتها ودور عصابة المحافظين الجدد في الادارة بقيادة نائب الرئيس تشيني وصديقه وزير الدفاع المستقيل رامسفيلد في خصخصة الجيش الأمريكي وإعطاء أدوار كبيرة لشركات المرتزقة في الحروب وخصوصاً في العراق.

لن أطيل في الحديث عن التمدد الواسع والهائل لتلك الشركة التي تعمل في تجارة الموت والخطف والقتل والتعذيب في السجون السرية والأعمال المخالفة للقانون واللا أخلاقية في بلادنا، لأن الكتاب مليء بالتفاصيل الكارثية التي تثير الأسي عن خصخصة الحروب واستباحة البلدان والأوطان. بلاك ووتر هي شركة أخطبوطية مخيفة ارتكبت الكثير جدا من الجرائم في العراق..

فلماذا تلك الضجة علي ما حدث منها في ساحة النور؟ هل أرادت حكومة نوري المالكي أن تثبت وطنيتها وجدارتها بالحكم في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية خصوصا الأمريكية لأنها فشلت في اجراء المصالحة الوطنية وتحقيق الأمن؟ وهل أراد المالكي أن يبعث برسالة بانه رجل العراق القوي وانه يصعب استبداله بدليل انه يناكف الأمريكان ومرتزقتهم الذين يتمتعون بحماية تشيني شخصيا؟ ولماذا لم ينتفض المالكي لدماء مئات العراقيين الذين سقطوا قبل ساحة النسور برصاص المرتزقة؟ ومع ذلك فلم تدم غضبة المالكي الا أيام قلائل بعد قراره تجميد عمل بلاك ووتر حتي اعاده الأمريكان الي حجمه الطبيعي وألغوا قرار التجميد الذي كان مجرد حبر علي ورق وواصلت الشركة عملها واستباحتها للعراق أرضاً وبشراً وكرامة وسيادة ووطنية.. وما الاجراءات التي تتخذها وزيرة الخارجية رايس حاليا لضبط وتنظيم عمل المرتزقة في العراق إلا مجرد مساحيق تجميل زائفة لكن لا شيء يمكن تجميله في العراق المحتل السليب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
الخداع الفاشل.. إخفاء كارثة كبري بأخري!

عبدالحليم غزالي
الراية قطر
..إذا كان البعض يري أن ميل المحافظين الجدد الذين يسيطرون علي إدارة الرئيس بوش لإشعال حرب جديدة في الشرق الأوسط ضد إيران قد يكون تعبيراً عن رغبتهم في الهروب من تحمل عواقب الكارثة الرهيبة التي نجمت عن غزو العراق في عام 2003، فهذا التفكير منطقي، وهناك ما يثبته في الوقت الراهن وهو العمل علي إخفاء كارثة أخري شديدة الخطورة هي الحرب علي أفغانستان بإبداء الإنشغال بما يجري في المستنقع العراقي، وإن كان هذا التفكير لا يعني أن هذا المنهج هو العامل الوحيد أو الرئيسي الدافع لتحرك عسكري محتمل ضد إيران، فتعقيدات السياسة الخارجية وتفاعلاتها مع السياسة الخارجية وعملية صنع القرار في الولايات المتحدة ليست بهذه البساطة، ولكننا نتحدث عن أنماط تفكير وسلوك تستحق الرصد والتحليل.

ورغم التلازم في الحديث عن العراق وأفغانستان في الخطاب السياسي لبوش وإدارته منذ بدء التهيئة لغزو العراق في صيف عام 2002 وما استتبع ذلك من وضع الحربين في البلدين تحت لافتة كبري هي الحرب العالمية علي ما يسمي بالإرهاب، فإن الشهور الأخيرة شهدت اهتماماً كبيراً بمأزق العراق الخانق علي حساب التدهور الخطير للأوضاع في أفغانستان، وليس مستبعداً أن يكون هناك تعمد للتجاهل والتجهيل من جانب إدارة بوش في التعامل مع هذه الأوضاع علي الأقل إعلامياً إن لم يكن سياسياً، من باب أن كارثة أخف من اثنيين، وأنه من الضروري تجنب تعميم نظرية تراكم الفشل في السياسة الخارجية الأمريكية الذي أطاح برؤوس في حجم رامسفيلد وولفويتز وفيث وبولتون وبيرل رموز المحافظين الجدد ومخططي الحربين، هرباً من تسطير تاريخ حالك السواد لعهد بوش، وربما هذا ما دفع إدارته لدخول رقصة الذئاب مع كوريا الشمالية من أجل تحقيق انجاز تحفظه ذاكرة الزمن لرئيس دمغ بأنه واحد من أسوأ رؤساء الولايات المتحدة في تاريخها، بشهادة الكثير من مفكريها، والرأي العام الأمريكي أيضاً.

وتمتليء قصة الحرب في أفغانستان بالكثير من الشجون والآلام بالنسبة لرجال بوش رغم حالة التركيز الشديدة علي العراق التي يبدو أن الديمقراطيين يجارونهم فيها، لكون العراق مطعناً سهلاً بالنسبة لسوء تخطيط وأداء إدارته في التعامل مع تطوراته المتفجرة والفشل في الوصول إلي مقاربة منطقية لمستقبله المحير، وربما لأن الديمقراطيين يخشون المساس بجراح حدث الحادي عشر من سبتمبر الأكثر إيلاماً وترويعاً في التاريخ الأمريكي بعد الهجوم الياباني علي ميناء بيرل هاربور في الحرب العالمية الثانية، خاصة أنه يصعب تجنب الربط المباشر بين أفغانستان وهذا الحدث حتي في ظل المعطيات الراهنة، بما في ذلك استمرار اختفاء بن لادن ونائبه في قيادة القاعدة أيمن الظواهري والعديد من أفراد الحلقة المقربة منهما، والحديث المتكرر عن وجودهما في أفغانستان أو في المناطق الحدودية الباكستانية معها، رغم أن هذا الاختفاء وعدم التمكن من قتلهما أو اعتقالهما، من دلائل الفشل الأمريكي في المستنقع الأفغاني الذي يحمل الملامح الآتية:

أولاً: أن النصر الذي بدا أنه تحقق في عام 2001 بإسقاط حركة طالبان والتخلص بشكل أو آخر من عشرات الآلاف من مقاتلي الحركة أصبح وهما كبيراً بشهادة الكاتبين ديفيد رود وديفيد سانجر في تقرير نشراه في النيويورك تايمز قبل أيام تحت عنوان أفغانستان.. النصر المستحيل حيث أعادت طالبان بناء وتجميع صفوفها خلال السنوات الماضية، وشهد العام الجاري تحديداً تصاعد قوتها وأنشطتها المسلحة، في ظل تنوع تكتيكاتها وأساليبها واجتذابها المزيد من التأييد الشعبي في البلاد خاصة بين الغالبية الباشتونية مقابل تصاعد الكراهية.

والرفض للوجود العسكري للناتو ونظر غالبية الأفغان له علي أنه احتلال يجب إزالته. وحسب احصائية للأمم المتحدة فإن أعمال العنف في أفغانستان قد زادت بنسبة 30% هذا العام بالقياس للعام الماضي، و وصف العام الجاري بأنه الأكثر عنفاً منذ بدء الحرب في 2001م.

ثانياً: وجود نظام ضعيف في كابول غير قادر في المستقبل المنظور علي مواجهة حركة طالبان، لدرجة أن سحب قوات الناتو وفي القلب منها العسكريون الأمريكيون أمر غير قابل للنقاش في المستقبل المنظور بالنسبة لواشنطن، في حين الخلاف بين بوش والديمقراطيين حول العراق هو بشأن الجدول الزمني لانسحاب يبدو شبه حتمي في غضون عامين أو ثلاثة علي الأكثر، فضلاً عن تمحوره حول شكل وحجم الوجود الأمريكي حالياً ومستقبلاً، وحسب شهادات كبار المسؤولين العسكريين للحلف في أفغانستان فقوات الجيش والأمن الحكومية الأفغانية غير قادرة تماماً علي التصدي بمفردها لمقاتلي طالبان، وقد قاد الاختلال في التوازن بين طالبان والنظام لأن يقترح الرئيس حامد كرزاي أخيراً التفاوض مع قيادة طالبان من أجل تقاسم السلطة وهو ما رفضته الحركة مبدية اصرارها علي انسحاب القوات الأجنبية قبل بدء أي حوار بين الجانبين.

وفي تقديرنا أن حركة طالبان ذات المرجعية الجهادية الدينية ستواصل الحرب ضد النظام وقوات الناتو ربما إلي ما لا نهاية ولن يوقف القتال إلا القضاء علي أحد الطرفين وكلا الاحتمالين يبدو مستحيلاً.. والمعني أننا أمام حرب مزمنة، تعيد إنتاج الرفض لكل ما هو أمريكي في أفغانستان وخارجها.

ثالثاً: افتقار حلفاء واشنطن الأوروبيين للحماس فيما يتصل بزيادة قواتهم ودعمهم العسكري لعملية الناتو في أفغانستان خشية التورط أكثر في منحدر لا قرار له خاصة مع تزايد هجمات طلبان علي قوات الحلف واظهارها دقة التخطيط والتنفيذ في هذه الهجمات، وفي الفترة الأخيرة أبدت واشنطن غضباً متصاعداً تجاه تقاعس الأوروبيين عن الالتزام بتعهداتهم التي قطعوها في اجتماعات سابقة للحلف بإرسال آلاف الجنود إلي أفغانستان.

رابعاً: تردي الأوضاع الاقتصادية في أفغانستان وبقاء غالبية السكان تحت خط الفقر، بعد تبخر وعود الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة في إعادة البناء، لدرجة أن بوش الذي تعهد بمنح افغانستان مليارات الدولارات لم يستطع تقديم حتي عشرات الملايين منها، مما دمر مصداقية واشنطن بين الأفغان، وكشف عدم صدق خطابها بشأن مساعدته.

خامساً: تضاعف انتاج المخدرات في أفغانستان خلال السنوات الأخيرة، وحسب احصاءات الأمم المتحدة فإنها تنتج حالياً حوالي 93% من الهيروين والمورفين والمواد المخدرة الأخري المستهلكة في العالم، وهناك تقديرات غربية تشير لحصول طالبان علي ثلاثة مليارات دولار نتيجة زراعة الخشخاش في المناطق التي تسيطر عليها أو تتمتع بنفوذ فيها رغم أن هذه التقديرات يجب أن تؤخذ بحذر لأنها ربما تكون في سياق دعائي ضد الحركة التي سبق أن قضت تقريباً علي إنتاج الأفيون ومشتقاته من الخشخاش خلال توليها السلطة.

مجمل القول أن ما يجري في أفغانستان يتسم بفداحة الخسائر بالنسبة للولايات المتحدة، وإذا كان بوش قد نفي مراراً أن تكون الحرب في العراق قد أثرت سلباً علي العملية الدائرة في أفغانستان، فالواقع يشير إلي أن الرجل يحمل في سجله كارثتين هائلتين، لا يمكن أن تخفي إحداهما الأخري، والأرجح أن كلتيهما تذكر بالأخري!.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
جرد حساب اخلاقي
جابر حبيب جابر
الشرق الاوسط بريطانيا


يعترف غالبية من يتعاطون مع الشأن السياسي، ان الاخلاق شيء منفصل عن السياسة وان دراسة السياسة من منظور اخلاقي هي عمل عقيم، ولكن معظم هؤلاء لا يستطيعون مغادرة حقيقة ان الكتابة في السياسة وغيرها تفقد الكثير من قيمتها عندما لا تحتوي على منظور أخلاقي، ولكن الموقف الواقعي والاخلاقي في النهاية يجب ان ينطوي على توازن، وذلك أمر لا يصدق على الحالة العراقية التي تشهد افراطا في تسييسها وافراطا في الحكم عليها اخلاقيا، الى الحد الذي اصبحت فيه تعاني من وطأة المتطفلين الاخلاقيين بقدر ما تعاني من وطأة المتطفلين السياسيين.

اريد اليوم ان اكون «اخلاقيا» في وضع جرد حساب اخلاقي لكل ما احاط بالقضية العراقية من فعل وقول، جرد يطال الفاعلين فيها والمتطفلين عليها...احدى معضلات القضية العراقية انها تصدرت الاجندة العالمية انطلاقا من تضليل مارسته الادارة الامريكية تجاه مواطنيها حول دوافع احتلال العراق، الامر الذي حول قصة العراق، لاسيما بعد انكشاف ابعاد التضخيم والتزييف من قبل الادارة لتسويق الحرب داخليا وخارجيا، الى قصة غير اخلاقية في منظور معظم الامريكيين والاوروبيين وسكان الأرض. والمشكلة ان الادارة الامريكية غيبت في تبريراتها اكثر الدوافع اخلاقية لشن الحرب وهو اسقاط نظام مارس تجاه شعبه اسوأ أنواع الحكم المستبد والمنحرف اخلاقيا، ربما لان الادارة ادركت ان الوعي الاخلاقي في امريكا لا يسمح بالمخاطرة بحياة الجنود الامريكيين لسبب «تافه» كهذا، في الوقت عينه كان اليسار الاوروبي، والامريكي فيما بعد، قد قام باكبر عملية تحشيد اخلاقي ضد الحرب دون ان يطرح اي حل لمعضلة شعب عانى طوال 35 عاما من الاذلال وانتهاك انسانيته ومن «محرقة» مسكوت عنها من قبل الاجندة الاخلاقية العالمية، لقد كان اليسار الغربي لا اخلاقيا في معارضته اسقاط النظام بقدر ما كان اخلاقيا في معارضته الحرب، وكان اخلاقيا في رفضه التدخل الامريكي لاسقاط الانظمة بالقوة بقدر ما كان غير اخلاقي في سكوته عن التدخل الامريكي والغربي تجاه مساندة بعض من اكثر الانظمة طغيانا واستبدادا.

وعندما بدا ان اسقاط النظام هو النتيجة الوحيدة المقبولة اخلاقيا للحرب، انبرت «المقاومة» العسكرية والسياسية والاعلامية المدعومة احيانا من مراكز حليفة لامريكا كي تجعل تكلفة السقوط عالية جدا، بعد ان بدت لحظة سقوط التمثال في ساحة الفردوس قليلة الكلفة مقارنة بالمتوقع، واذا بالناس اليوم مضطرون الى اعادة التقويم وحساب الكلفة، كي يقروا صاغرين بان الحرية لا تساوي الثمن الذي دفع لاجلها، ومرة اخرى تجري اعادة ترتيب للاولويات وينبري «اخلاقيو» الخطاب العربي التقليدي المتشدد الى تذكير العراقيين بانهم على الاقل كانوا اكثر «امنا» في السابق، وكأن على العراقيين ان يختاروا بين ناري الديكتاتورية او الفوضى وعدم الاستقرار والميليشيات المسلحة، وليس من حقهم في الحساب الاخلاقي لهؤلاء ان يتمنوا ما هو ابعد وافضل من الاثنين، ويحدث ذلك وسط اجترار مغرض لفكرة ان العراق لا يحكمه الا اشباه الحجاج وصدام، ويصدر الحكم على شعب مسخت روحه سنين عجاف من الحرب الغبية والحصار القاسي بانه غير جدير بالحرية، ويهتف مثقفوا الصالونــات القديمة باسم الديكتاتور الذي لم يكن طائفيـــا لكنه كان «مجرد قاتل» وخلف هذا الهتـــاف نستعيد الى ذاكرتنا ملايين الدولارات التي اشترى بهــا النظام ذمـم هــؤلاء «الاخلاقيين»!!

«المقاومون» شنوا حربهم «الاخلاقية»، لتحرير العراق، فساهموا باحراقه وخرابه، ضربوا اسلاك الكهرباء وفجروا انابيب النفط وسمموا مياه الشرب في قتالهم للمحتل الذي اصبح فيما بعد حليفا لهم في معركتهم مع الحليف القديم، والقاعدة التي اعلنت حربها «الدينية والاخلاقية» التي اتسعت تدريجيا لتشمل معظم العراقيين في اول عرض تاريخي لمحاولة اتهام شعب بانه يخون نفسه ومن ثم معاقبة هذا الشعب على ارضه من قبل ثلة من «المهاجرين» المغرر بهم، مفارقة تاريخية لا يعادلها في غرابتها سوى خطاب الاصوليين والقوميين العرب الداعي الى الجهاد في العراق لـ«نصرة الشعب الذي لم يجمع اصلا على اختيار الجهاد سبيلا للاستقلال»، في الوقت الذي تتواجد فيه القوات الاجنبية في بلدان هؤلاء الداعين الى الجهاد! وبعد هذا الضخ الدعائي العنيف يتم المجيء بشاب جزائري او مصري او سعودي ليتم تدريبه في احد مجاهيل الشرق الاوسط وبرعاية جماعات تخترقها اجهزة المخابرات والمصالح الدولية المتصارعة، ثم يرسل هذا الشاب الى ارض العراق حيث يفجر سيارته المفخخة او حزامه الناسف وسط حشد من العمال او في سوق شعبي املا بان ينتهي الحال به الى حياة النعيم مع الحور العين ربما مع بعض من قتلهم التفجير بالخطأ من «المؤمنين» الذين دعاهم الزرقاوي بالترس!!

يحدث ذلك وسط زعيق المروجين للمستنقع العراقي الذي غدا وقبل كل شيء مستنقعا للعراقيين، حيث يعيش شعب باكمله قصة حزن طويلة انتهت بالكثير من ابنائه الى موت عابر او غربة ممتدة، شعب يلحظ البؤس رفيقا دائما والموت زائرا محتملا في اي لحظة، مدينة حافلة بتاريخها تستحيل خرابا يحكي عن اسوأ ما ينتجه التاريخ، حرب الجار مع جاره على ارض تتدنى قيمتها بصعود تكلفتها الحياتية، وهناك تعيش الطبقة السياسية ازمتها الاخلاقية عندما تكرس في كل يوم جديد انفصالها العميق عن مجتمعها، طبقة مليئة بسياسيين يدمنون الحديث عن العراق دون ان يكون حاضرا في ابسط افعالهم، حيث تتحدد المواقف وتصاغ خلف اجندات المصلحة الطائفية والاثنية والشخصية الضيقة والتي يخفونها تحت غطاء من الخطاب الاخلاقي عن «المشروع الوطني» الذي يبدو بالمحصلة اقل اهمية من تشبث بعضهم بوهم السلطة والمجد الشخصي، الا انه بعيدا عن مناكفاتهم وصراعاتهم، والتي هي بمفارقة ممولة برواتب ضخمة وامتيازات ثقيلة، يظل العراقي البسيط تائها بين حطام الاشياء وعظام الموتى، باحثا عن جثة عزيز آخر ليبكيها متطلعا الى عيني يتيم تبحث في الافق عن شيء اخلاقي واحد، في هذا العالم المليء بزعيق مفتعل عن الاخلاق...

ليست هناك تعليقات: