Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية الافتتاحيات والمقالات 20-11-2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
سياسات بوش . . . مفارقات ومعضلات!
ويليام رو
اخبار العرب الامارات
كثيراً ما يواجه الدبلوماسيون وصناع السياسات الأميركية المعضلات الناشئة عن تضارب الأهداف والغايات، بينما تختلط عليهم الخيارات وتستعصي. وفيما يلي نستعرض بعض الأمثلة التي واجهتها القرارات والسياسات الأميركية إزاء منطقة الشرق الأوسط. فالمعضلة التي تواجهها السياسات الأميركية المطبقة حالياً في العراق، منشؤها أن الوجود الأميركي هناك، يعدّ جزءاً من المشكلة وحلاً لها في ذات الوقت.
فما أن أطيح بنظام صدام حسين في صيف عام 2003 حتى ظن الرئيس بوش أنه سوف يكون في وسعه سحب قواته من العراق بأسرع ما يمكن، وأن يتحول العراق بالسرعة نفسها إلى دولة ديمقراطية وديعة هانئة مستقرة. غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث. وعلى نقيض من تلك التصورات، وجدت الولايات المتحدة نفسها في مأزق لا مخرج منه فيما يبدو حتى هذه اللحظة. ومما لا شك فيه أن جزءاً من هذا العنف يستهدف بقاء القوات الأميركية في العراق، بسبب رغبة كثير من العراقيين وغيرهم في مغادرة هذه القوات لأراضي العراق بأسرع ما يمكن. بيد أن هناك من يبدي رغبة قوية في استمرار بقاء القوات نفسها، بسبب الدعم الذي تقدمه للحكومة العراقية فيما يتصل ببسط الأمن وحماية المدنيين من نيران العنف الطائفي التي اندلعت في البلاد إثر الغزو. لكن وعلى أي حال، لم يأت أحد بعد بأي حلول ناجعة وقادرة على التصدي لكافة المشكلات المعقدة التي يواجهها عراق ما بعد الحرب. وفي الجانب الاَخر تواجه واشنطن جملة من المعضلات المتصلة بكيفية تطبيق سياسات الرئيس بوش الداعية إلى نشر الديمقراطية. ولنضرب مثالاً لهذه المعضلات بازدواجية مواقف وسياسات الإدارة إزاء دعوتها هذه. فما أن فازت حركة ’’حماس ’’ الإسلامية بالانتخابات الفلسطينية التي أجريت في يناير 2006، حتى أعلنت إدارة بوش مقاطعتها للحكومة المتمخضة عن تلك الانتخابات رغم شرعيتها ونزاهتها، استناداً الى رفض حركة ’’حماس ’’ الاعتراف بدولة إسرائيل. وبالنتيجة فقد اقتصرت سياسات الإدارة على حصر تعاملها مع حركة ’’فتح’’ وحدها في الضفة الغربية، مع العزل والإقصاء المتعمدين ل’’حماس ’’ التي وضعت يدها مؤخراً على قطاع غزة. وهكذا نلاحظ أن الرئيس بوش قد طرح جانباً أهدافه الخاصة بنشر الديمقراطية والترويج لها على النطاق العالمي، حرصاً منه على خدمة أهداف أخرى لا علاقة لها بما سبق أن دعا له وشن من أجله الحروب والغزوات.
وليس في فلسطين وحدها، بل الواضح أن إدارة بوش قد قررت التراجع عن دفعها السابق بأجندة نشر الديمقراطية، مع تبني أجندة أخرى في أكثر من مجال وجبهة. ولنضرب مثالاً لهذا هنا بتذبذب مواقف وسياسات الإدارة إزاء القاهرة. فقد سبق لبوش أن أتى على ذكر ضرورة تحول مصر إلى دولة أكثر ديمقراطية. ولدى زيارتها الأولى للقاهرة، تحدثت وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس عبر خطاب رسمي، دعت فيه الرئيس مبارك إلى اتخاذ الخطوات العملية باتجاه التحول الديمقراطي. كما دعت السلطات المصرية عبر الخطاب نفسه إلى إطلاق سراح أحد القادة المعارضين للنظام من السجن. لكن في زيارتها التالية للقاهرة خلال العام الحالي، لم يرد من كوندوليزا رايس أي حديث علني عن التحول الديمقراطي، كما لم تتطرق مطلقاً لسيرة إطلاق سراح ذلك المعارض السياسي رغم إعادته إلى السجن مرة أخرى. والواضح أن الإدارة قررت تحسين علاقاتها مع القاهرة، بدلاً من الدفع بأجندة التحول الديمقراطي فيها. وكما يتضح، فإن هذه مفارقة لا تخطئها العين بين الأخذ بهدف والتخلي عن هدف اَخر مقابل له. الواضح أن إدارة بوش قررت التراجع عن تحركها السابق لصالح نشر الديمقراطية، لتتبنى أجندة أخرى في أكثر من مجال وجبهة! وفي جبهة الحرب على الإرهاب أيضاً، تواجه السياسات الأميركية عدداً من المعضلات والمفارقات. فكما نذكر كان الرئيس بوش قد جعل أحد أهم أولوياته أن تعلن الدول مواقفها واضحة; إما معه أو ضده. غير أنه لم يمض قيد أنملة واحدة في تنفيذ تهديده هذا في لبنان، حيث يصنف ’’حزب الله’’ كمنظمة إرهابية في نظر واشنطن، ومع ذلك ظل محتفظاً بشرعيته السياسية ونفوذه القوي، دون أن تتمكن الحكومة اللبنانية من لي ذراعه أو وقفه عند حده. ثم إن للحرب على الإرهاب معضلاتها وتأثيراتها السالبة على أميركا نفسها داخلياً. وتتصل هذه بالدعم الذي قدمه الرئيس بوش للتشريعات القومية، ولمجموعة الإجراءات التي اتخذت لحماية الأمن القومي. بيد أن منتقديه أخذوا عليه ما رأوا فيه تمادياً وتوغلاً أكثر مما يجب في الاعتداء على القيم الأميركية الثابتة، باسم حماية الأمن القومي. وما أكثر المعضلات التي تواجهها واشنطن في جبهة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. والشاهد أن للولايات المتحدة جملة من الأهداف والمصالح الأساسية المتعارضة أو المتضاربة فيما بينها. ويمكن لنا أن نلخص هذه التناقضات كما يلي: دعم وتعزيز أمن إسرائيل، الحفاظ على حسن العلاقات مع الدول العربية، خدمة المصالح الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية فيها، القيام بدور الوسيط النزيه في حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ودعم الحل السلمي له. ثم أضاف الرئيس بوش هدفين اَخرين لهذه الأهداف الأميركية الشرق أوسطية، تمثلا في إعلان حربه على الإرهابيين ودعوته لنشر الديمقراطية في المنطقة. لكن رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها واشنطن في سبيل الحل السلمي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن هدف حماية وتعزيز أمن إسرائيل، هو الذي فرض نفسه وعلا على هدف الحل السلمي. والسبب أن حماية الأمن الإسرائيلي تحظى باهتمام بالغ من قبل كل من الحكومة الأميركية والكونجرس ، بل والشارع العام الأميركي. يذكر أن حكومات أميركية سابقة قد سعت لتصحيح هذا الخلل، عن طريق تقديم العون الاقتصادي والعسكري لعدد من الدول العربية. بيد أن تلك الإدارات المتعاقبة، كثيراً ما توخت الحذر في صفقات بيعها للأسلحة للدول العربية، بحيث لا تمنح العرب قطعة واحدة من أي سلاح ترى فيه تهديداً أمنياً عسكرياً محتملاً لإسرائيل. وبذلك الحذر تمكنت الإدارات هذه من حفظ التوازن دائماً بين أهدافها المتعارضة المتضاربة. ولعل اَخر هذه المعضلات ما شهدناه في موقف واشنطن من حرب الصيف الماضي والتي دارت بين إسرائيل و’’حزب الله’’ في لبنان. فقد أسفرت تلك الحرب عن مصرع الكثير من المدنيين اللبنانيين، إلى جانب ما ألحقته من دمار هائل بالبنية التحتية للبنان. وكان في وسع الرئيس بوش الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، وتشجيع الحل السلمي للنزاع وتعزيز علاقاته بالدول العربية - وكلها من صميم أهداف الحكومة الأميركية كما نعلم- غير أن بوش اَثر النقيض ، أي الوقوف إلى جانب إسرائيل، والامتناع عن فعل شيء لوقف الحرب، على أمل أن تنتهي بسحق ’’حزب الله’’ وباجتثاثه كمنظمة إرهابية في نظره، ما يفسح المجال أمام التقدم نحو هدف نشر الديمقراطية في المنطقة. لكن ها قد انتهت الحرب إلى عكس ما أراد، فلم تبق أمامه سوى ساحة من المفارقات والمعضلات الشائكة. وأكثر المفارقات إيلاماً، تلك التي تحدث بين الدبلوماسي وحكومة بلاده. ففي هذه الحالة لا يكون أمام الدبلوماسي إلا أحد خيارين: إما أن يحاول تغيير سياسات بلاده، أو أن يستقيل من منصبه. وما أمرّهما من خيارين!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
علماء الإنسان في جعبة الجنرال بتراوس
الكسندر كوكبيرن
الخليج الامارات
حالة استنفار قصوى في الدهاليز الخلفية للتجنيد في صفوف وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، والبحث المكثف جارٍ على قدم وساق عن جهابذة علم الإنسان الذين تمسّ الحاجة إليهم في هذه المرحلة لمد يد العون والإدلاء بدلوهم في غمار “الحرب على الإرهاب” في أفغانستان والعراق، ونشاطات علماء الإنسان المرافقين للقوات في الميدان بدأت تثير سخطاً متزايداً في الأوساط العلمية والأكاديمية وأروقة الدراسات التخصصية في علم الإنسان.
وفكرة مواكبة كوكبة من العلماء لجحافل الجيوش في غزواتها وفتوحاتها، والسعي الحثيث لإلحاق مثل هؤلاء الخبراء بصفوف العسكر كي يمدوا الجند بخلاصة معارفهم ليطّلعوا على عوراتها وثغراتها، هذه الفكرة ليست بجديدة، فالجيوش المحتلة أدركت ومنذ عهد بعيد أهمية هذا الدور الذي تنهض به ثلة العلماء فأولته أهمية قصوى من أيام الصليبيين الأوائل واغتبطت أيما اغتباط بالخدمات التي تؤديها فرق الخبراء هذه وطربت لما تزودها به كتائب العلماء هذه من خبرات هذه ثمينة تتيح لها معرفة أعمق بأمزجة ونزعات السكان الأصليين الذين اجتاحهم أو سيجتاحهم الغزو. واتّبع نابليون بونابرت النهج ذاته يوماً ما عندما استبد به حلم فتح الدنيا مستهلاً بفتح مصر أم الدنيا فاصطحب معه السرايا المبجلة من فطاحل العارفين بعالم الشرق وبواطنه وخوافيه. وعندما كان إيفانز بريتشارد، الأب المؤسس لعلم الإنسان الاجتماعي البريطاني مكبّاً بجد واجتهاد في عام 1930 على أبحاثه، منصرفاً الى إنضاج هذه الدراسات والرؤى وتعميقها في خضمّ مشاريعه الدرسية الكلاسيكية لشعب النوير جنوبي السودان كان هذا الباحث المنقب العتيد يمد استخبارات الجيش الاستعماري البريطاني بسيل من التقارير البالغة الخطورة والطافحة بمعلومات استخباراتية سرّية لا تدع صغيرة ولا كبيرة من شؤون رجال القبائل وتحركاتهم إلا أتت عليه. ومكّن هذا الدفق النفيس من المعلومات الاستخباراتية القوات الجوية الملكية البريطانية من إمطار هذه المناطق والقبائل بالقنابل.
وقبل عامين كشف العلامة الخبير بعلم الإنسان، البروفيسور الأمريكي ديفيد برايس، المحاضر في كلية سانت مارتينز في ولاية واشنطن، ومؤلف الكتب التي تتناول استخدام مؤسسات ووكالات الحكومة الأمريكية لعلماء الإنسان، النقاب عن أن ال “سي آي إيه” دأبت على تقديم منح دراسية سرّية قد تبلغ تكلفة المنحة الواحدة منها 25 ألف دولار لتدريب عملاء استخبارات ومحللين في مدارج وفصول الجامعات الأمريكية كي يصار الى تجنيدهم للعمل في ال”سي آي إيه” وغيرها من الوكالات.ويمد علماء ال”سي آي إيه” هؤلاء رعاتهم السرّيين بتقارير منتظمة تزخر بما يجمعونه من معلومات، وذلك من دون أن يدري بهم زملاؤهم الطلبة أو يعرفوا ما يقومون به من مهام تجسسية.
وثمة ضجة مدوية تتصاعد في المشهد العراقي والأنظار مسلطة الآن على مهندس “تعزيز القوات” الأمريكية في العراق وقبطان سفينة العسكر في بلاد الرافدين، الجنرال ديفيد بتراوس، الذي انعقدت عليه آمال الإدارة الأمريكية لتدارك الوضع العسكري والأمني المتدهور في العراق. وكان بتراوس قد أدلى بشهادته في سبتمبر/ أيلول أمام الكونجرس وحظي يومها بدفق كبير من تعليقات المعجبين بأدائه على صفحات الجرائد. وكال له الإعلام الثناء، ولا غرو في ذلك، فالجنرال جهبذ أكاديمي، ناهيك عن ألمعيته العسكرية، إذ يباهي بحمل شهادة الدكتوراه التي حازها عن رسالته عن الحرب الأمريكية على فيتنام. وقوبل بتراوس بترحاب حار، وأغدقوا عليه الثناء بصفته المرموقة: الجنرال العلاّمة. لقد حاز الرجل المجد من طرفيه سواء في الأوساط الأكاديمية وبين أسفار المعرفة وكنوز المكتبات، أو في خنادق القتال وساحات الوغى. ودعم بتراوس صيته وأضفى المزيد من البريق على سيرته وصورته بترؤسه لتحرير نشرة الجيش الأمريكي الإرشادية الجديدة “الكتاب الموجز حول مكافحة التمرد في الميدان” الذي تقوم بنشره حالياً جامعة شيكاغو وتحظى مبيعاته برواج كبير.
إلا أن البروفيسور برايس فجّر قبل أسبوع قنبلة أكاديمية علمية هزّت كيان بتراوس ومكفيت التي كانت شاركت وبشكل كبير في كتابة فصل محوري من فصول “الكتاب الموجز حول مكافحة التمرد في الميدان” حول دور المعرفة الانثروبولوجية في العمليات العسكرية، وأحرجتهما الى أبعد الحدود، وكانت نشرة “كاونتربنش” الإخبارية على موقع الكاونتربنش قد طالعتنا الخميس الماضي تحت عنوان: “مادة علمية مسروقة استغلت في منحة دراسية تدمر كتاب الجنرال بترايوس عن مكافحة التمرد”، فنشرت مقالاً من 4 آلاف كلمة بقلم برايس يعرض فيه بالتفصيل عدداً ضخماً من “الاستعارات” غير المعترف بها، والتي لم يعط أصحابها الإذن بأخذها عنهم في الفصل الثالث من “الكتاب الموجز حول مكافحة التمرد في الميدان” (وهو الفصل الذي اشتركت مكفيت وبترايوس في كتابته) والتي سرقت في الحقيقة من أعمال أخرى.
وفي السنوات الأخيرة كانت وصمة انتحال الأعمال الفكرية أو الأدبية وسرقتها تعتبر كفيلة بتدمير سمعة كل من تلتصق به هذه التهمة، ورغم أن برايس يتفادى استخدام مفردة “الانتحال” بشكل مباشر، فإن من المشكوك فيه أن يكون الآخرون على هذه الدرجة من الحصافة والتعقل. ولبتراوس أعداء كثر، وكذلك بالنسبة لماكفيت، بطلة كثير من الأعمال الغثة البالغة الرداءة التي نشرت في الأشهر الأخيرة، والتي يكنّ لها الكثيرون في ميدان تخصصها عداءً شديداً.
ويلتئم شمل اتحاد علماء الإنسان الأمريكيين الشهر المقبل لمناقشة التهم الموجهة لأرباب هذا الميدان المعرفي بأنه جرى امتهان هذا التخصص العلمي وانحطت ممارساته فصار علماء الإنسان في أرجاء العالم عرضة لمخاطر جمة جراء نشاطات “فرق استجلاء التضاريس البشرية واستكشاف توجهات الناس”.
وتواجه دار نشر ومطابع جامعة شيكاغو بريس حملة تدقيق ومحاسبة صارمة جداً تسائلها عن دورها في تشجيع ما يبدو أنه ممارسات علمية رديئة. وفي وسع المرء أن يفترض، وهو في غاية الاطمئنان، أن تبادل الحديث بين بتراوس وماكفيت سيكون لاذعاً متفجراً.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
الاحتلال الأميركي في العراق إلى أين؟
د.نسرين مراد
البيان الامارات
منذ التاسع من أبريل عام 2003 وقع على عاتق الشباب العراقي المنخرط في المقاومة العراقية جل عبء إخراج الاحتلال الأنجلو - أميركي من منطقة ما عُرف إغريقياً قديماً ببلاد الرافدين. الآن وبعد سنوات من الاحتلال تأكد للعالم أجمع أن استعمال مصطلح «الديمقراطية الجديدة» سياسياً وإعلامياً ليس أكثر من إدخال «حصان طروادة» إلى المنطقة.
من جوف حصان طروادة الديمقراطي الأميركي تسربت مجموعة من الأفراد والتشكيلات الكامنة التي تهدف إلى استباحة الإنسان والقيم والمبادئ والعادات والتقاليد والمعتقدات التي ترفد حضارة المجتمع العربي والإسلامي السامية. يتصرف الاحتلال «الديمقراطي» الجديد والمغترّون به بطريقة غاية في الهمجية والوحشية وإقصاء الغير وأسلوب المرتزقة.
لا يختلف أسلوب الوحشية والإبادة الأميركية في القرن الواحد والعشرين عن نظيره تجاه الهنود الحمر منذ قرون، والفيتناميين واليابانيين والفلسطينيين والكوريين منذ عقود.
بدأ الاحتلال الأنجلو-أميركي للعراق بمبررات وذرائع أسطورية، ولا يزال يتمسك بها إعلامياً في مسلسل الضحك الجماعي الشامل على الذقون واللحى.
بدأت الذرائع بالقضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة إلى تحرير العراق من النظام السياسي الحاكم إلى ضرب تنظيم القاعدة إلى التصدي للنفوذ السياسي والديموغرافي الإيراني إلى حل مشكلة إقليم عرقي في شمال العراق مع تركيا.
لا تعدو تلك المبررات أكثر من هرطقات أو ترّهات أو تبعات احتلال جرت وتجري من خلالها أكبر عملية سطو مسلح أو غزو عسكري لاحضاري غاشم عرفها التاريخ البشري الحديث.
قطعاً وبتاتاً! لم يأت الاحتلال الأميركي لحماية الأقليات من الأغلبية أو العكس، وهو لم يأت لتحرير الشعوب من سطوة الحكام ولا لدعم تلك الشعوب لتقف على أقدامها. احتلال العراق جزء من خطة إستراتيجية يصبح العراق فيها قاعدة انطلاق رئيسية للاحتلال، تهدد وترهب الدول والأنظمة والأمم والشعوب المجاورة.
تهدف الخطة الإستراتيجية إلى إحكام السيطرة العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية على منطقة الشرق الأوسط الكبير. هذه إحدى تبعات انهيار الاتحاد السوفيتي وسيادة القطب الواحد، فيها تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى السيطرة على كافة مجريات السياسة الدولية، بدءاً باستباحة الضعفاء. كل ما يهم الاحتلال الأميركي هو مصالحه، والتي لا حصر لها، أولاً وثانياً ... وأخيراً.
يمهّد الاحتلال الأميركي المنطقة كي تصبح ميداناً كبيراً لحروب تصطدم فيها الحضارات والأمم والشعوب والمذاهب والطوائف والأعراق. جيّش الاحتلال المنطقة وحوّلها إلى فئات متناحرة من فرس وعرب وكرد وترك وآشور وكلدان وشيعة وسنة ومسلمين ومسيحيين ....
أدخل الاحتلال إلى المنطقة ما استطاع من أسلحة وحشد تعبوي كي يبدأ العد التنازلي لنزال بين تلك الفئات قد يحولها إلى أشلاء، يكون الاحتلال هو المنتصر السيد فيها أولاً وأخيراً. يستغل الاحتلال في ذلك ضعف بل تعكس حال الإدارات والقيادات السياسية والفكرية والاجتماعية والعقائدية في المنطقة.
في ذلك على قيادات الشعوب والأمم المستهدفة من التحركات الأميركية أن تعي صعوبة الوقوع في أفخاخ ومفخخات السياسة الأميركية. على القيادات أن تنقذ شعوبها من محرقة أو «هولوكوست» شرق أوسطي كبير جديد قد يكون الهولوكوست المتعارف عليه في أوروبا نقطة في بحره أو يقف مثل بعوضة بجانبه.
بات الصراع مع الاحتلال الأميركي في العراق والمنطقة ككل صراع ليّ أذرع وكسر إرادات، وأخذ زمام المبادرة في السياسة والإدارة والسيطرة والتحكم بالمصائر ونهب الخيرات وتنضيب الكفاءات. بنفسه وضع الاحتلال الأنجلو-أميركي شعوب المنطقة على درب كفاح طويل مرير لإنهاء وجوده فيها.
كل أنواع المقاومة للاحتلال مشروعة حسب القانون الدولي ولا غبار عليها؛ من المقاومة السلمية السلبية السياسية إلى استعمال الأسلحة المتوفرة للمقاومين.
باتت المقاومة هي الطريق الوحيد للتعامل مع الاحتلال، وهي أي المقاومة تمثل ضمير الشعب والأمة والحضارة الإنسانية جمعاء. بات واجباً على جميع أحرار العالم مناصرة مقاومة الشعب العراقي للتخلص من الاحتلال الأميركي، بالغ الهمجية بكل المقاييس وفي كافة الاعتبارات.
بعد تجربة سنوات عجاف مريرة تحت الاحتلال ثبت للجميع أنه من الجهل والغباء والعيب والعار الاستقواء والاستنجاد بالمحتل الغريب لحل المشاكل الداخلية بين العراقيين.
كيف للاحتلال الأميركي أن يحل مشاكل أزقة وشوارع وساحات وحارات الأحياء في المدن العراقية التي زرع الطائفية والمذهبية والعنصرية العرقية المقيتة في كل جوانبها؟! استفاد الاحتلال الأميركي من تجربة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في تقطيع أواصر المدن بجدران الخرسانة العالية يقيمها لتفصل بين الإخوان والأشقاء والجيران في الأحياء الشعبي
بات الوضع العام في العراق من اليسر على أمثال السيناتور الأميركي «جوزيف بايدن» لتقديم اقتراح بائس يقضي بتقسيم العراق بناء على أسس طائفية عرقية غريبة على الذهنية والفكر الشعبي العراقي قديماً وحديثاً. عسى أن يستفيد العراقيون من تجارب غيرهم الكثيرة مع التواجد العسكري الأميركي عبر قارات العالم. في اليابان لا تزال القواعد العسكرية الأميركية تجعل السيادة اليابانية الداخلية مهانة والسياسة الخارجية لها مبتورة. وصل الأمر إلى حد تغيير بعض بنود الدستور الياباني في أوقات طوارئ! ليتماشى مع السياسة الأميركية، كما حدث عشية غزو العراق. في دول أوروبية وبالذات ألمانيا عانى الشعب الألماني طويلاً من التواجد العسكري الأميركي وما تبعه من انتقاص للسيادة الداخلية والاستحواذ على ما تبقّى من القرار السياسي الخارجي الألماني. في الفلبين وبعض دول الهند الصينية كان الوجود الأميركي يشكل عبئاً سياسياً وأمنياً واجتماعياً واقتصادياً أثقل كاهل تلك الدول والمجتمعات ودمّر ثقافاتها وحضاراتها الأصلية. القاعدة العسكرية الأميركية في كوبا تشكل تهديداً وكابوساً إرهابياً دائماً للدولة والشعب الكوبيين. هنالك باقة من الدول النامية في المنطقة وعبر العالم ممن قبلت أو أجبرت على القبول بقواعد عسكرية شبه دائمة تؤرق نوم الحكام قليلاً والشعوب كثيراً. بعد رفض الرئيس الاميركي الانسحاب حسب الجداول الزمنية التي يضعها الكونجرس من اجل سحب القوات الأميركية من العراق، وبعد استخدامه لحق النقض(الفيتو) الرئاسي سابقا ضد مشروع قانون ينطوي على جداول زمنية للانسحاب. وبعد قرار مجلس الشيوخ الاميركي عرقلة الموافقة على قانون يخصص 50 مليون دولار لنفقات الحرب في العراق لان الديمقراطيين أرفقوا به جدولا زمنيا لسحب القوات الأميركية في العراق. نتساءل إلى متى ستظل القوات المحتلة الأميركية في العراق؟ على المقاومة العراقية تجهيز أمورها لمدى استراتيجي في التعامل مع الوجود الأميركي في بلاد الرافدين. ذلك بعد أن ثبت أن الاحتلال الأميركي جاء ليس كمحرر نزيه بل جاء كَـ «فاتح مكتشِف» للمنطقة على غرار ما حصل في الأميركتين وأستراليا ونيوزيلندا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
حدود المازق الامريكي
خليل التقي
الشبيبة عمان
"جاريث ايفانز" رئيس مجموعة الأزمات الدولية التي تنشر تقارير دورية عن تطور النزاعات في العالم وتقدم توصيات بشأنها، من أقرب الحلفاء للولايات المتحد.
وقد سبق له أن تولى منصب وزير خارجية استراليا قبل أن تستعين به الأمم المتحدة ليضع حيثيات قرارها الخاص بالتدخل الدولي لأغراض إنسانية أثار ذلك القرار انتقادات واسعة في حينه باعتباره كان مصمما لتغطية النيات الخبيثة لقوى تريده ستارا لتجديد تسلطها وهيمنتها وقمعها شعوبا أخرى ونهب ثرواتها من خلال التذرع بالتدخل لأسباب إنسانية اعترف جاريث ايفانز في منتصف حزيران ـ يونيو ـ 2007 أن هؤلاء المعترضين والمنتقدين كانوا على حق في توجساتهم وتخوفاتهم وأنه شخصيا وقع ضحية خداع مارسته «قوى الاستعماريين الجدد والإمبرياليين الجدد الذين لم يتخلصوا بعد من عقدة رسالة الرجل الأبيض , وقد تعمدت هذه القوى مسبقاً استغلال قرار التدخل لأغراض إنسانية لاستخدامه عذرا لتحقيق أطماع استعمارية وإمبريالية». ‏
جاء هذا الاعتراف في محاضرة ألقاها جاريث ايفانز في مؤتمر نظمه مركز أبحاث تابع لجامعة هارفارد الأميركية العريقة في منتصف حزيران ـ يونيو ـ 2007 في مدينة تالوار الفرنسية وقال فيها: إن الحملة الغربية للترويج للديمقراطية كشفت عن أمور أربعة مهمة هي: ‏
أولاً: صار واضحاً أن الديمقراطية تعني أشياء أكثر من مجرد إجراء انتخابات وأنه لاغنى عن حماية حقوق الإنسان وبخاصة حقوق الأقليات وحق التعبير واحترام القانون كشرط وضرورات لقيام الديمقراطية بمعنى آخر يريد ايفانز القول إن الولايات المتحدة الامريكية لم تكن جادة في حملتها لنشر الديمقراطية عندما اكتفت بإجراء الانتخابات دليلا على وجود ديمقراطية. ‏
ثانيا: صار واضحاً أن فرض الديمقراطية بالقنابل أو أي وسيلة عنف فكرة غير جيدة وقد تحدث إيفانز بقلق عن عودة الدعاوى الإمبريالية عن دونية الشعوب العربية والإسلامية والمسؤولية الغربية عن ترقية هذه الشعوب ودفعها نحو التحضر والحداثة. ‏
ثالثاً: صار واضحا أن الخلط المتعمد بين هدفين: الترويج للديمقراطية في مجتمع ما وإسقاط النظام فيه تسبب في ضررشديد وأذى عظيم لمنظمات المجتمع المدني. ‏
رابعاً: كذلك كان النفاق والكذب والتآمر والاغتيال وقتل المدنيين من أهم الأسباب التي أساءت إلى حملة الانتقال الى الديمقراطية في الشرق الأوسط ويؤكد ايفانز أن جماعة الأزمات الدولية كانت قد نصحت منذ البداية الغرب بأن يسلك مع حماس سلوكاً يشجعها على التصرف بمسؤولية وحكمة ويشجع شعوب المنطقة على الثقة بالديمقراطية ونقل عن حماس عبارتها المعروفة «دعونا نحكم أو شاهدونا نقاتل» ولكن الغرب رفض منحها الفرصة لتحكم، فانتهى أمرها بأن قاتلت وتقاتلت. ‏
خامسا: كان سلوك الدول الرائدة في حملة الديمقراطية نفسه عائقاً ضد الترويج للديمقراطية ليس في الشرق الأوسط وحسب بل وكل أرجاء العالم فقد مارست الدولتان أي أمريكا وبريطانيا في العراق وأفغانستان وضد مواطنيهما المسلمين بل والأجانب عموما إجراءات تتناقض مع التفاصيل التي حملتها الدعوة إلى الديمقراطية. ‏
أكثر من هذا مضى جاريث ايفانز يتهم سياسي الغرب خاصة ومقلديهم في أنحاء أخرى من العالم فبعد سنوات من عمله في دهاليز المجتمع المدني العالمي اكتشف من الحقائق المريرة ما أثار غضبه الهائل على هؤلاء السياسيين... فقال انه اكتشف في السياسيين وخاصة منهم الذين يصنعون السياسة الخارجية خطايا متعددة من مشتقات الخطيئة العظمى التي هي النفاق مثل ازدواجية المعايير والتذبذب الأخلاقي وقول شيء وفعل شيء آخر وقال ايفانز إن خطيئة النفاق هي الأبرز والأخطر وألعن الكبائر في قائمة خطايا عالم السياسيين ذائعة الصيت: الشهوة والشره والجشع والبلادة والغيظ والاستكبار. ‏
من أهم ما شهده المؤتمر أيضاً قول عالم السياسة الأمريكي البارز أندرو مورافشيك حرفيا في الكلمة التي ألقاها: «إن أعضاء السلطة التشريعية ورجال الدولة المنتخبين في اقتراع عام، هم عادة الأشخاص ذوو الشرعية الأقل والمكروهون الأشد بالمقارنة بغير المنخبين». ‏
كما نقل كاتب أمريكي (تشارلي ريس، الخوف والكراهية، الوطن،( الرياض 7/10/2007) موجز مدونة الكترونية على الإنترنيت كتبتها امرأة عربية وصفها بأنها مثقفة ومليئة بالكراهية للأمريكيين بسبب دمار العراق، وترفض أن تعطي العذر للذين يقولون إنهم لم يصوتوا للإدارة الأمريكية الحالية.
من الفقرات التي نقلها قول تلك المرأة العربية: «مشكلتي هو أنتم، شخصيتكم، سلوككم، غطرستكم، كبرياؤكم المزيف، غباؤكم الجماعي، إنكاركم للحقائق، جهلكم، طريقة حياتكم التي أراها مملة وفارغة, أنتم وحوش الاستهلاك والجشع والحسد.
أنتم لا شيء، وعدميتكم تلوث كل شيء آخر. أنتم تدمرون الآخرين ثم تدمرون أنفسكم». وقال الكاتب الأمريكي أن المرأة العربية أنهت مقالتها مخاطبة الأمريكيين بقولها: «العراق ينهار بماضيه ومستقبله، لكنني أعدكم بشيء واحد سندمركم معنا مهما استغرقنا ذلك من وقت». ‏
وضع شارلي ريس أصبعه عل أحد العناصر البارزة في تكوين الشخصية الجمعية الأمريكية وسلوكها المتوارث، فقال معلقاً: إن الأمريكيين جيدون في تجاهل انتقادات الآخرين ورفضها, نحن لدينا فكرة عالية عن أنفسنا بحيث أننا لا نستطيع أن نفكر أن بإمكان الناس العاديين ألا يحبونا أو يكرهونا, نستطيع أن ندمر دولا بكاملها ونقتل ملايين الناس ونتوقع بسذاجة بعد ذلك أن الناجين سوف يستقبلوننا كأصدقاء. المقولة القديمة ان المرء يحصد ما زرعت يداه... ملاحظة دقيقة للطريقة التي يسير بها التاريخ الإنساني. لقد زرعنا وما زلنا نزرع الكثير من الكراهية لأنفسنا, الحرب هي الشيء الأكثر سوءا الذي يمكن لأي جماعة من الناس أن توقعه على جماعة أخرى, الحرب تقتل الناس وتدمر البيوت والعائلات والاقتصاد والثقافات والمستقبل. إنها تشوه وتفقر... ونتيجة الحرب هي الكراهية، ومثلما هو الأمر بالنسبة للإشعاعات، فإن سموم الكراهية يمكن ان تبقى لأجيال قادمة يعتقد المنتصر دائما أن انتصاره سيدوم للأبد، لكن الحقيقة هي أن جميع الانتصارات مؤقتة, لن آخذ قسم السيدة بالانتقام ببساطة... لديها حليف فيما تقوله عن الغباء الجماعي والجهل الذي تنتقده..الفساد المالي والفكري عميق ومتجذر في مجتمعنا لدرجة أن الأمر يحتاج لمعجزة حتى نتخلص منه وننجو منه. ‏
ومضى الكاتب الأمريكي ليقول بقلق واضح: «لدى النظر الى العالم، أرى دولا قليلة لا تملك شعوبها أي سبب لتحبنا. قد يكونون بلا قوة حاليا للتعبير عن كراهيتهم، لكن القوة، مثل النصر، أمر آني أيضاً.
ثم استعرض مزيدا من الأمراض المستعصية في الواقع السياسي والمجتمعي، فقال: «أحد عيوبنا هو أن التلفزيون والدوائر السياسية القصيرة جعلتنا نفكر بالأمور على المدى القصير فقط. الحقيقة هي أننا لم نأت الى مسرح التاريخ إلا منذ فترة وجيزة. لقد ربحنا جولة، لكن قصة الإنسانية طويلة جداً إذا زرنا فلسطين في أي وقت من الأوقات فإن بعض الفلسطينيين سوف يشيرون الى الآثار التي تركها الرومان والصليبيون ويقولون: «أين هم الآن؟ استغرق الأمر 200 عام لنتخلص من الصليبيين، لكنهم رحلوا ومازلنا نحن هنا». «اسألوا أنفسكم أيها الأمريكيون إذا كنتم مستعدين للذهاب الى العراق دون سلاح أو حماية والسير في شوارع بغداد وأنتم تحملون علما أمريكيا بفخر. إن للكراهية أخا توأما، وهو الخوف.
علينا أن نتوقف عن إيذاء الآخرين حتى نستطيع ان نعيش بلا خوف ولا كراهية».قليلة هي الأصوات الأمريكية المماثلة وسط ضجيج التضليل الصهيوني وصخب الحقد العنصري، لكن توالي الكوارث التي يتسبب بها الصهاينة والمتصهينون وبائعو أنفسهم وشعوبهم لشايلوك العصر كفيل بأن يعجل في تبديد ظلام الإفك الصهيوني، والهيمنة العنصرية، واستباحة الأمم
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
أميركا بحاجة إلى دعمنا ومساعدتنا لتنال حريتها
حسني عايش
الراي الاردن
أميركا منشغلة بتفسير كراهية العرب والمسلمين لها ، وتمرّدهم عليها ورفضهم لكل سياسة خارجية خاصة بهم ، تصدر عنها . وقد عيّنت كارين هيوز لتلميع صورتها عندهم فلم تفلح ولم تلمّع . والحقيقة أن تعيينها وتعيين أمثالها في الإدارات الأميركية ليست سوى رد جميل أو تنفيع للذين يدعمون الحزب والرئيس الفائز في الانتخابات ، فحسب النظام والقيم الأميركية فإن الفائز ( وفريقه ) يحصلون على كل الغنائم (To the victor, belong the spoils) و لا يرى الأميركيون غضاضة أو عيبا في ذلك وبموجب هذا المبدأ الأميركي الراسخ فإن جميع الأراضي التي احتلتها إسرائيل هي غنائم أو ملك لها. ومن يومها اخترقت إسرائيل القلب الأميركي واستقرّت فيه ، وسيطرت عليه.
عندما نتهم الرئيس الأميركي أو وزيرة خارجيته أو الناطقين باسم الخارجية والبيت الأبيض أو عضو من الكونجرس بموقفه المتحيّز لإسرائيل والمستخف بالقرارات الدولية ، يجيبونك بكل غباء أو تذاكي علينا واستخفاف بعقولنا أن الرئيس بوش هو أول رئيس أميركي يؤيد وجود الدولتين وأنه يعمل لذلك . لكن أحدا من السائلين الذين يواجهون الرئيس أو الوزيرة أو الناطق أو عضو الكونجرس لا يتحداهم بسؤال آخر ! هل معنى ذلك أنكم مصممون على قيام الدولة الفلسطينية بحدود 1967م ، بما في ذلك القدس ؟ وهل سترسلون جرافاتكم لتفكيك المستوطنات والحواجز ، وباصاتكم وشاحناتكم لنقل المستوطنين وأمتعتهم منها؟ وهل سيعود اللاجئون إلى ديارهم ؟ لكن لا أحد يسألهم للأسف ، لأنه يعرف الجواب أو لا يريد أن يعرف الجواب ، أو يخشى إصابة الرئيس ، أو الوزيرة ، أو الناطق ، أو العضو ، باللف والدوران وربما الإغماء ، لأن كلا منهم يعرف أن جوابه ليس في فمه أو في كمّه بل عند أمه إسرائيل . ومع هذا يركض العرب وراء السراب الأميركي ويوحون لأنفسهم ولشعوبهم أن الحل قريب ، و أن الإدارة الأميركية هذه المرة جادة ، و أنه يجب علينا عدم تضييع الفرصة ، بل ملاحقة العيّار إلى باب الدار . يتجاهلون عمدا حقيقة أن السياسة الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط محجوزة أو مباعة أو مسلّمة بالكامل لإسرائيل ، و أن اللوبي الإسرائيلي هناك هو كلب الحراسة الجاهز للنباح على كل من ( تسوِّل) له نفسه أن يخرج عنها ، وعضِّ كل من يفعل. إن كل رئيس ووزير وعضو في الكونجرس الأميركي يخرس أو يتلعثم إذا ما جوبه بهكذا أسئلة . فما بالك إذا سعى كل منهم للوصول إلى المركز أو للبقاء فيه لرضى هذا اللوبي وإسرائيل.ألم يحتلوا العراق من أجلها؟ إنهم لا يطاردون كوريا الشمالية لامتلاكها السلاح النووي ، بل لاحتمال نقل خبرتها وصواريخها إلى بلد عربي يمكن أن تهدد إسرائيل ؟ إنهم يطاردون إيران ليل نهار للتخلّي عن برنامجها النووي لمنع أي احتمال ولو واحد بالتريليون أن يستخدم هذا السلاح ضد إسرائيل ؟ ومع هذا تراهم يحمون السلاح الذري الإسرائيلي و يتساكتون وأوروبا عليه ، ويرفضون نزع هذا السلاح من جميع بلدان الشرق الأوسط حتى لا يشمل النزع إسرائيل.
إن كلا منهم يعرف في قرارة نفسه أو بينه وبين نفسه أن سياسة أميركا في الشرق الأوسط خطأ أو ظالمة أو متحيّزة ولكنه يحرف لأنه لا يستطيع الوصول أو البقاء حيث وصل إذا انحرف عنها . لا تهم أياً منهم مصلحة أميركا العليا لأنه مجرد ( مهاجر) لكنه يقيم فيها بصفة دائمة ومستحوذ على السلطة والثروة بالأسبقية أو الأقدمية والله عنده هو المال والدولار رسوله ، مثلما تهم غيره من الناس في البلدان الأخرى المنتمين لأوطانهم التاريخية والمستعدين للموت دفاعا عن مصالحها العليا. ومن ثمّ فإنه غير مستعد لمواجهة الحقيقة أو التضحية من أجلها إذا كانت النتيجة فتاكة بكل من يفعل. فما بالك إذا كان موقفه الظالم أو المعادي للشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين لا يكلفه امتناع الوصول أو تهديد البقاء .
وهم يفعلون ذلك ليس لأنهم يحبون اليهود أو إسرائيل ويموتون فيهما ومن أجلهما بل لأنهم يستفيدون من دعم اللوبي لهم للوصول والبقاء ، أو يخشون الإعاقة أو السقوط إذا عادوه.
و إذا كان الأمر كذلك - وهو كذلك - فإن وضع أميركا الإسرائيلي مثل وضع فلسطين و العرب الإسرائيلي أو أسوأ . ويجب علينا أن ندرك ذلك ، ولا نتوقع من أميركا شيئا لا توافق إسرائيل مسبقا عليه. إن أميركا مسيطر عليها أو محتلة إسرائيليا ، و أن كثيرا من الأميركيين يعرفون ذلك بل أن معظم الأميركيين يبوح لك بهذا السر على انفراد ، أو يكشف عنه عندما يتقاعد فكيف نطلب العون من أميركا على إسرائيل؟ والحق أنه يجب علينا مساعدة أميركا ودعمها للتحرر من السيطرة الصهيونية الإسرائيلية ، ويجب أن نقف إلى جانب المقاومة الأميركية ضد هذه السيطرة . إن أميركا بحاجة لدعمنا ومساعدتنا على إسرائيل أكثر من حاجتنا لدعمها ومساعدتنا، فلنتق الله في أميركا ، ولا نطلب منها صنع المعجزات أو أكثر مما تستطيع .. فتحرر أميركا من الصهيونية وإسرائيل يحدث يوم نتحرر منهما، وبتحريرنا لأنفسنا منهما نحرر أميركا ( وأوروبا والعالم ) أيضا . صدقوني هذه هي الحقيقة .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الشطرنج التركي‏:‏ أكراد وأمريكان وإيرانيون
: د‏.‏ وحيد عبد المجيد
الاهرام مصر
تراجع تركيا الآن سياستها الإقليمية‏.‏ ولم يكن تسخين أزمة قواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق أخيرا إلا جزءا من هذه المراجعة‏,‏ ومؤشرا علي نظرة جديدة إلي لوحة الشطرنج في الشرق الأوسط‏.‏
كانت تركيا قد آثرت اللجوء الي نقلات انتظارية أو محدودة التأثير في هذه الرقعة‏,‏ منذ الغزو الأمريكي للعراق‏.‏ واكتفت بالسعي الي تحسين انتشار قطعها علي اللوحة التي شهدت تحولات كبيرة خلال السنوات الأربع الأخيرة‏.‏
وقد أدت سياسة الانتظار والترقب هذه وظيفتها الي حد كبير‏,‏ وأصبحت مراجعتها الآن ضرورة لمواجهة ما تعتبره تركيا تهديدا لدورها ومصالحها‏,‏ وليس فقط لأمنها‏,‏ من جراء بعض النقلات التي حدثت في اللوحة أخيرا‏.‏
والتهديد‏,‏ هنا‏,‏ أبعد بكثير مما يمثله حزب العمال الكردستاني ومشكلاته القديمة ومقاتلوه الذين لايزيد عدد المتحصنين منهم في جبال العراق الشمالية علي ثلاثة آلاف إلا بقليل‏.‏
ولذلك تبدو هذه المسألة برمتها بمثابة السطح‏,‏ أو الجزء الظاهر في جبل الجليد‏,‏ في سياسة إقليمية جديدة لتركيا تتبلور الآن تحت تأثير ثلاثة عوامل رئيسية‏,‏ قد يتحدد في ضوئها معالم الدور الذي ستلعبه في منطقة تبدو كما لو أنها ترقد فوق بركان بات انفجاره قريبا‏.‏
العامل الأول هو ماتعتبره تركيا اتجاها متناميا لدي حكومة إقليم كردستان العراق نحو الاستقلال التدريجي عبر خطة لبناء دعائم الانفصال الفعلي طبقة فوق أخري‏.‏ وربما كان أكثر ما أثار استفزاز تركيا في هذا السياق إقدام حكومة إقليم كردستان في أغسطس الماضي علي تصرف لايصدر إلا عن دولة مستقلة‏,‏ وهو توقيع سبعة عقود للتنقيب عن النفط في المنطقة الخاضعة لسيطرتها مع شركات أجنبية بمعزل عن حكومة بغداد المعزولة في المنطقة الخضراء‏.‏
كان هذا السلوك بمثابة ناقوس إنذار أشد دويا من مختلف الأجراس السابقة التي قرعت في أنقرة للتنبيه الي خطر مايحدث في كردستان العراق منذ الغزو الأمريكي عام‏2003.‏
وعندما يقترن ذلك بإصرار حكومة كردستان العراق علي ضم مدينة كركوك الغنية بالنفط الي الإقليم الذي تحكمه‏,‏ يصعب تصور أن تواصل أنقرة سياسة الانتظار والترقب‏.‏ فكلما ازدادت نزعة أكراد العراق إلي الاستقلال‏,‏ انعكست علي بعض أكراد تركيا أملا وربما طموحا وليس فقط حلما قوميا‏.‏
والهدف‏,‏ هنا‏,‏ ليس فقط ممارسة ضغط علي حكومة كردستان العراق‏,‏ ولكن أيضا توجيه رسالة الي واشنطن عبر تحريك قطعة مؤثرة بلغة الشطرنج‏.‏ والأرجح أن تركيا كانت تراهن علي تغيير ما في السياسة الأمريكية التي تعتبرها مساعدة علي تدعيم الطموحات الكردية‏,‏ عندما تقرر القيام بعمل عسكري ضد إيران‏.‏ فالحرب علي إيران تجعل واشنطن في حاجة الي تركيا‏,‏ الأمر الذي لابد أن يضطرها الي تحجيم طموحات أكراد العراق وفق حسابات أنقرة‏.‏ غير أن الوقت أخذ يمضي‏,‏ وإدارة بوش في حالة تردد بشأن خيارها النهائي تجاه إيران‏,‏ والخلافات في داخلها تؤجل الخيار العسكري‏,‏ وتزيد احتمال استبعاده كلما مر الوقت ودخلت حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية مرحلتها الأخيرة اعتبارا من مايو أو يونيو‏2008‏ علي الأكثر‏.‏
ويرتبط ذلك بالعامل الرئيسي الثاني وراء التحول في سياسة تركيا الإقليمية‏,‏ وهو قلق أنقرة من تعاظم دور إيران في المنطقة ونجاحها في توسيع نفوذها والإمساك بأوراق أساسية في العراق ولبنان وفلسطين‏,‏ إلي جانب أن مشروعها النووي يداعب خيال قطاعات واسعة من شعوب المنطقة المثقلة بالغضب علي السياسة الأمريكية‏.‏
ولذلك فربما يكون في حسابات أنقرة أن اجتياح شمال العراق‏,‏ والبقاء في بعض المواقع‏,‏ مؤد الي قدر من التوازن‏,‏ وليس توازنا كاملا‏,‏ مع النفوذ الإيراني في الجنوب والوسط‏.‏
غير أن هذه الحسابات التركية تغفل أن اجتياح شمال العراق في الظرف الراهن قد يفيد إيران من زاوية أنه قد يوفر لها ذريعة لأن تفعل المثل وتتدخل عسكريا لملاحقة الإيرانيين المعارضين الموجودين بدورهم علي أرض العراق‏,‏ وفي مقدمتهم منظمة مجاهدين خلق التي يتمركز مقاتلوها في بعض أطراف بغداد ومدينة الخالص في محافظة ديالي‏.‏
ولإيران مصلحة في ضرب منظمة مجاهدين خلق الآن تحديدا نتيجة قلقها من اتجاه في واشنطن يفضل اللجوء الي خيار ثالث تجاه إيران‏,‏ بخلاف الخيارين الدبلوماسي والعسكري‏,‏ وهو تدعيم المعارضة الإيرانية والاعتماد عليها خصوصا منظمة مجاهدين خلق التي احتفظ الأمريكيون بجسور معها حتي بعد أن أدرجوها في قائمة المنظمات الإرهابية‏.‏
ويبقي‏,‏ بعد ذلك‏,‏ عامل ثالث ربما يكون هو الأهم في تفسير التحول الجاري في سياسة تركيا الإقليمية‏,‏ وهو ازدياد التوجس من أن تكون واشنطن‏,‏ أو اتجاه يعتد به فيها‏,‏ راغبة في استخدام حزب العمال الكردستاني لدعم مشروعها المتراجع في الشرق الأوسط‏,‏ وتحويله الي قوة ناشطة ضد إيران‏,‏ الأمر الذي يضيف إليه قدرات وإمكانات جديدة‏,‏ وليس فقط وظيفة أخري‏.‏
ويربط بعض الاستراتيجيين الأتراك توجسهم هذا باعتقادهم في أن بعض أركان الإدارة الأمريكية يريدون معاقبة أنقرة لأنها أغلقت أراضيها أمام قواتهم في الحرب علي العراق‏,‏ الأمر الذي اضطر الجنود الأمريكيين الي البقاء أسري سفنهم لأسابيع طويلة أمام السواحل التركية‏.‏
وهكذا يبدو أن مايؤرق تركيا ليس مجرد وجود عسكري لحزب كردي معارض في جبال العراق الشمالية‏,‏ وإنما مستقبل دورها الإقليمي في منطقة يشتد الصراع عليها‏.‏ ولذلك قررت أنقرة النزول بقوة الي حلبة هذا الصراع والمشاركة بفاعلية في التفاعلات المؤثرة علي مستقبل الشرق الأوسط‏,‏ بعد أن ظلت في حالة انتظار بشكل أو بآخر منذ الغزو الأمريكي للعراق‏.‏
ولكنها لن تندفع الي الأمام‏,‏ علي الأرجح‏,‏ وإنما ستقوم بنقلات محسوبة لاختبار ردود الفعل ولإحكام الحصار علي حكومة كردستان العراق قبل أن تقول لها كش ملك‏.‏ والأرجح أنها لن تلجأ الي هذه النقلة الهجومية الكبري إلا في ضوء حسابات معقدة يعود معظمها الي تداعيات سياسة واشنطن في العراق وتطورات الصراع الأمريكي ـ الإيراني في الفترة المقبلة‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
الانهيار في العراق
فخري قعوار
الراي الاردن
بعد الاحتلال الاميركي للعراق، اصبح الانهيار واسعاً في مجالات العنف والانحرافات ومناقضة التوجهات القومية، وذكرت احدى الصحف الاسرائيلية أن ما لا يقل عن احدى عشرة شركة اسرائيلية كبرى، شرعت بالعمل في العراق، مما يدل على التناقض الحالي مع السياسة التي كانت سائدة قبل الاحتلال. ومن هذه الشركات نذكر: شركة أشتروم المتخصصة في مشاريع البناء التحتي، وشركة كاردان المتخصصة في المياه، وشركة أرونسون المتخصصة في مجال مشاريع البنى التحتية، وشركة سوليل بونيه المتخصصة في مجال البناء والاسكان، وشركة أيتربول المتخصصة في المشاريع الصحية، وشركة أمنت المتخصصة في المجالات الطبية والصحية، وشركة ترانس كلال ساخار المتخصصة في النقل والشحن، وشركة تامي المتخصصة في القطاع الزراعي والاغذية، وشركة بزان المتخصصة في مجال تشغيل مصافي التكرير، وشركة افريقيا اسرائيل المتخصصة في انشاء الطرق.ومع هذا الانهيار المتواضع بالقياس الى جملة الانهيارات المنتشرة في العراق، فان رئيس النظام الايراني احمدي نجاد، سبق ان اتفق مع نوري المالكي من ناحية تشكيل فيلق للحرس الثوري الايراني في العراق بشكل رسمي، وحصل هذا الاتفاق اثناء زيارة المالكي للعاصمة الايرانية، وهذا امر يدل على ان الهدف الايراني السابق، قد تطور في عهد الاحتلال، بعد ان فشل اثناء الغزو الايراني للعراق، من اجل السيطرة على هذا القطر العربي، ومما ادى الى الفشل الايراني، هو الكفاح العراقي الذي امتد من اول الثمانينات الى عام 1988، بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين.وكل ما نثق به، هو انتشار المقاومة في كل انحاء العراق، وهو الذي سيؤدي الى ارغام الولايات المتحدة الاميركية على الانسحاب على غرار الفشل المعروف في فيتنام، والى الغاء الشركات الاسرائيلية، والى استبعاد الانشطة الايرانية التي تستهدف السيطرة على العراق، ثم استكمال السيطرة على الكثير من الاقطار العربية، وهذا امر يحتاج لدعم المقاومة الايرانية، ودعم انشطة مريم رجوي، للتخلص من الهيمنة الايرانية، ومسرب التخلّف الذي يقوده الملالي.ومن الصعب ان نحدد كل نقاط الانهيار في العراق، لكن العنف الاميركي ادى الى مقتل اكثر من مليون عراقي واكثر من عشرات الآلاف من جنود الاحتلال، وستكون النهاية حاسمة في مجال استقلال العراق وعودته الى الساحة القومية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
ماذا يحدث في شمال العراق؟‏!‏
أمين هويدي
الاهرام مصر
يتحدث الكل عما يحدث في شمال العراق ولكن لايتحدث أحد عما يحدث في الشمال العراقي لأن إضافة الـ تعني سيادة العراق علي شماله وحذفها تجعل الحديث عن واقع جغرافي تجري فيه الأحداث الساخنة‏..‏ وها هي القضية‏!!‏
غموض متعمد يخلق الأزمات ولايحلها وآه ثم آه من الدبلوماسية وألاعيبها‏!!‏ ليست هي البوليتيكا؟‏!‏ فالدبلوماسي إذا قال نعم فهو يعني ربما واذا قال ربما فهو يعني لا وإذا قال لا فهو ليس دبلوماسيا وعلي اي حال فلي ذكريات عزيزة في المنطقة ترجع إلي الستينيات من القرن الماضي حينما كنت سفيرا في بغداد‏,‏ وقد سعدت بزيارة المنطقة عدة مرات أخرها بدعوة من الحكومة العراقية لبعض السفراء عقب ايقاف النيران بين الجيش العراقي وقوات البشمرجة الكردية‏..‏ كان الجيش العراقي يريد فرض سيادة السلطة المركزية علي الحركة الإنفصالية الكردية ـ من وجهة نظرها ـ بقيادة الملا مصطفي البرزاني الكبير‏,‏ وكان الغرض من الدعوة ان يري السفراء كيف استقرت الأمور بعد إيقاف القتال المرير دون حسم‏..‏
كان القتال يتوقف بعض الوقت ليبدأ من جديد لتعذر الوصول الي حل سياسي‏..‏ وكانت التطلعات الكردية لإنشاء الدولة المرتقبة في كرستان تقلق الدول المجاورة التي بها أقليات كردية خوفا من انضمامها الي الدولة المنتظرة ولذلك رغما عن ان العلاقات العراقية ـ الإيرانية والعلاقات العراقية ـ التركية لم تكن في احسن حالاتها إلا أن القوات الإيرانية كانت تساعد الجيش العراقي في أثناء القتال بالمدفعية من داخل حدودها وكانت تركيا تقدم المساعدات اللوجاستية فكما نري فإن التطلعات الكردية لتوحيد المناطق الكردية في العراق وتركيا وسوريا وإيران كانت تعتبر من وجهة نظر هذه الدول أنها حركات انفصالية عن الوطن الأم ولذلك قامت بمناهضتها ومقاومتها تطبيقا لمبدأ سياسي مهم هو عدو عدوي صديقي‏.‏ ولننتقل من الحديث عن التاريخ والذكريات الي الحديث عن الجغرافيا والأمر الواقع‏.‏
ولنبدأ بسؤال مهم لم الحديث عن شمال العراق فقط وليس عن كل العراق ومايحدث فيه؟
هذا الذي يحدث أمامنا يمكن أن يحدث في أي بلد تتآكل فيه السلطة المركزية لأن ضعفها يشجع الأطراف علي الانفصال ولذلك فقد كان الملك غازي يري أن تكون السلطة المركزية من القوة بحيث يمكنها مواجهة حركتين انفصاليتين في وقت واحد شيعية في الجنوب وكردية سنية في الشمال‏.‏ وكانت بغداد قبل الغزو الأمريكي المشئوم تتغلب علي الإحتمالين بالآتي‏..‏ استخدام الجزرة والعصا في الشمال‏,‏ الجزرة بتمثيل الأكراد في الحكم والعصا بالقتال ضد اي نشاط إنفصالي يقوم به الأكراد في أرض وعرة لاتصلح فيها الوحدات الميكانيكية بل كانت البغال هي الوسيلة الوحيدة للتنقل‏..‏ أما مواجهة مشكلة الجنوب فكانت السلطة المركزية تستخدم الجزرة فقط بتمثيل الشيعة في السلطة بأعداد يتفق عليها ولذلك فإن أول إجراء قام به بول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد الغزو الأمريكي كانت تسريحه للقوات المسلحة العراقية لتبقي السلطة المركزية دون أنياب مع الإبقاء علي قوات البشمرجة الجناح العسكري لأكراد الشمال‏,‏ وبذلك أصبح ميزان القوي بجانبهم وانتهز الأكراد الفرصة لتعزيز أهدافهم‏,‏ وتطور الموقف بحيث يجعلنا نتساءل‏.‏

*‏ هل منطقة الأحداث الحالية تقع في شمال العراق الشمالي؟ وهل مايطلقون عليه الآن اسم كردستان العراق هو كردستان فقط‏.‏ ولكي تكون الأسماء بمسمياتها الحقيقية نرجع الي السيادة ومن بيده القرار وتنفيذه؟ هل تفرض السلطة المركزية في بغداد سيادتها علي اقليم يتولي فيه مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة الحكومة ويتولي جلال الطلباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني رئاسة الدولة كلها كما يتولي هوشيار ريباري رئاسة الدبلوماسية العراقية؟

*‏ هل السلطة المركزية تشرف علي مفاوضات الشمال مع شركات البترول بخصوص نفط كركوك؟ وهل حالت دون قيام إقليم كوردستان العراق بالتفاوض مع أنقرة بخصوص أزمة حزب العمال الكردستاني لأن أنقرة هي التي رفضت‏,‏ إذ أن الحوار هنا يعني الاعتراف بهم كدولة‏.‏

*‏ الحكومة الكردية تجبي الضرائب والجمارك ولها أجهزة إعلامها وأصبحت اللغة الكردية هي اللغة الرسمية في المنطقة وعلاوة علي ذلك اصبحت قوة الدفاع الكردي وهي الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني بقيادة ياهو اردان ورئاستها في جبال قنديل علي الحدود العراقية التركية وتعمل تحت العلم الكردي منتشرة وموجودة‏.‏
الأزمة الحالية تشتعل في منطقة تتعدد فيها الأزمات دون حلها والتطلعات الكردية ونجاحها في إحداث تغييرات مهمة في الأمر الواقع يقلق الجيران‏.‏
تركيا تريد تصحيح الأوضاع من وجهة نظرها وتهددباإستخدام القوة لتحقيق هدفين‏:‏ القضاء علي تجمعات حزب العمال الكردستاني الذي يتحصن في الأرض الوعرة في كردستان العراق كمجهود ثانوي‏,‏ وفي الوقت نفسه القضاء علي نواة دولة كردستان قبل أن يشتد عوده‏,‏ وما في ذلك من خطر عليها لاحتمال انفصال منطقة الأكراد في جنوبها الشرقي الملاصق لحدودها مع العراق كمجهود أساسي‏,‏ ولكنها تريد التنسيق أولا مع الولايات المتحدة بخصوص مدي اختراقها للمنطقة وقد تم هذا في أثناء زيارة الرئيس التركي رجب اردوغان الي واشنطن في زيارة‏2007/11/5‏ لمراجعة الخرائط حتي تتطابق الدوائر والخطوط والأسهم او تتقارب علي أقل تقدير‏.‏
ومن يدري فقد تدخل إيران علي الخط في وقت ما تبعا لتطورات الموقف بمبادرة منها او بجرها بواسطة آخرين والدوافع كثيرة وموجودة‏.‏
الأزمات تتزايد في المنطقة دون حل ويخشي أن تصل الي ماكان يسميه مترنيخ بالموقف الثوري الذي لايحل الا باستخدام القوة في حرب متعددة الأطراف قد تتطور الي حرب عالمية كما أشار الرئيس جورج بوش في تصريحه‏.‏
لابد من العمل علي تفريغ المنطقة من الاحتباس السياسي الذي تعاني منه قبل ان تصبح كالبلقان الذي كان بمثابة نقطة فجرت قيام الحرب العالمية الأولي أو كمشكلة السودييت التي فجرت الحرب العالمية الثانية‏,‏ الأمر الذي يؤكد خطورة فشل المؤتمر الذي دعا اليه الرئيس في نوفمبر الحالي لحل أزمة الصراع العربي ـ الإسرائيلي كما يؤكد أهمية التركيز علي حل الأزمة التركية مع حزب العمال الكردستاني سلميا عن طريق الحوار لأن النيران قد تشتعل من مستصغر الشرر ولأن مايفعله الصغار قد يقع فيه الكبار‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
حصانة شركة بلاك ووتر
د. سمير قطامي
الراي الاردن
إثر مجزرة ساحة النسور في بغداد التي ذهب ضحيتها 23 من أبناء الشعب العراقي الأعزل، برصاص وقذائف أفراد شركة بلاك ووتر الأميركية في منتصف شهر أيلول الماضي، خرجت علينا الحكومة العراقية تهدد الشركة بإلغاء ترخيصها!! ليكتشف الشعب العراقي والعالم ، أن عدد أفراد هذه الشركة الأمنية القذرة في العراق يزيد على 120 ألفا، وأنهم يمتلكون أحدث الأسلحة والدبابات والطائرات ومعدات الاتصالات ، وأجهزة التجسس ، وأنهم يقومون بحماية الدبلوماسيين الأميركيين في العراق، والمسؤولين الأميركيين الذين يزورونه، وحتى الرئيس الأميركي نفسه كان في حمايتهم لدى زيارته الأخيرة ، إضافة إلى أفراد البعثات الدبلوماسية الأخرى...أما مرجعية هذه الشركة فتعود إلى أميركا، وأفرادها محصّنون ضد المحاكمة أو الملاحقة، أي أنهم فوق القانون العراقي، وحتى الأميركي، بموجب قوانين بريمر، وإذا خرج هؤلاء من العراق لن تبقى بعثة دبلوماسية أو أجنبي زائر بعيدا عن القتل، ولن تكون أوضاع العراق أفضل من الصومال أو رواندا من حيث اضطراب حبل الأمن وقتل الناس بعضهم بعضا.
لم تتوقف أعمال شركة بلاك ووتر على الرغم من كل التصريحات العراقية، وتحرك الكونغرس الأميركي للتحقيق في أعمال هذه الشركة، بعد أن زكمت رائحتها الأنوف، وكل ما بلغنا عن بعض جهات التحقيق الأميركية أن أفراد الشركة المذكورة قد استخدموا العنف المفرط وغير المبرّر ضد الشعب العراقي الذي لم يقم أي من أفراده بأي عمل ضد أحد من أفراد الشركة في حادثة ساحة النسور!! وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية طالبت بتعويضات كبيرة تبلغ عدة ملايين، فما يزال الأمر كما هو، وما تزال شركة بلاك ووتر وغيرها من الشركات الأمنية التي يزيد عددها في العراق على 150 ، تمارس أعمالها البربرية بلا حسيب أو رقيب، وقد قامت شركة أسترالية منذ أيام بقتل عائلة كاملة كانت تستقلّ سيارة، لم يتنبّه سائقها للتحذير الذي وُجّه إليه، ولم يحرّك أحد ساكنا، ولا يستطيع مسؤول محاسبتها.
واليوم اعلنت وزارة الداخلية أن الوزارة ستقوم بتفتيش مقارّ الشركات الأمنية في العراق، وأن وزير الداخلية كلف أحد كبار الضباط بالتفتيش وتدقيق تراخيص العمل والأسلحة، لبحث القضية مع السفارة الأميركية لأن الحكومة العراقية في صدد رفع الحصانة عن الشركات الأجنبية، وطرح الموضوع في مجلس النواب!! وهذا يوحي أن الحكومة العراقية ستوقف أعمال هذه الشركات، وربما تمنعها من مزاولة أعمالها على أرض العراق.
لا يستطيع أحد أن يفعل شيئا تجاه هذه الشركات، وخاصة الأميركية منها، لأنها من أهمّ أذرعة الجيش الأميركي في العراق، وهي المكلفة بالأعمال القذرة وغير القانونية التي تخجل الحكومة الأميركية من القيام بها علنا، لذلك يحظى أفرادها بالحصانة الكاملة داخل أميركا وخارجها، وثمة تنسيق تام بين قيادتها وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية الأميركية، وهي توقع عقودها مع الحكومات الأجنبية بموافقة حكومة الولايات المتحدة وعلمها، كما صرح (غاري جاكسون ) رئيس شركة بلاك ووتر، الذي أضاف أن مهمتهم هي دعم الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولا يمكن أن يقدّموا خدمة لأي جهة اذا كانت تعارض هذا المبدأ، فهل هناك من يفكر أنه قادر على محاسبة هذه الشركات في ظل الأوضاع القائمة حاليا؟ أيها السياسيون، العراق يعاني احتلالين، احتلال الجيش الأميركي بضباطه وجنوده القساة، واحتلال المرتزقة المجرمين المنحرفين، وكلا الفريقين فوق القانون، لذا توقفوا عن إصدار التصريحات، فما يحدث في العراق اليوم هو ما حدث في الكونغو في ستينات القرن الماضي، وسيظلّ العالم يتفرَج على جرائم الأقوياء بالضعفاء ، وأنهار دم الأبرياء ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
qatamisamir@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
رغبة عراقية واضحة
مكرم محمد أحمد
الاهرام مصر
للمرة الرابعة ومنذ بداية احتلال الأمريكيين للعراق‏,‏ يؤكد غالبية العراقيين في استفتاء عام تم قبل بضعة اسابيع‏,‏ انهم راغبون في انسحاب عاجل للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة من العراق‏,‏ وفي الوقت الذي يطالب فيه‏34‏ من العراقيين غالبيتهم من الاكراد ببقاء القوات الأمريكية إلي أن يتحقق الأمن الشامل‏,‏ يؤكد‏44%‏ من الشيعة ضرورة الانسحاب العاجل للأمريكيين‏,‏ علي حين يطالب‏72%‏ من السنة بالانسحاب الفوري لقوات التحالف‏,‏ وربما يكون أكثر دلالات الاستفتاء الأخير أهمية وخطورة‏,‏ ان‏75%‏ من العراقيين يؤكدون ان العنف ضد الوجود العسكري الأمريكي مشروع وشرعي لانها تمثل قوات احتلال وان تواصل العنف مع استمرار الوجود العسكري الأمريكي أمر مؤكد‏.‏
ولايخفي العراقيون منذ أمد رغبتهم في رحيل القوات الأجنبية منذ بداية الغزو الأمريكي‏,‏ لانه في اغسطس عام‏2003‏ وبعد أشهر من الغزو الأمريكي أكد‏66%‏ من العراقيين رغبتهم في خروج القوات الأمريكية في غضون عام‏,‏ وبعد عامين من هذا الاستفتاء أكد استفتاء ثالث تم عام‏2006‏ بمعرفة جامعة ميرلاند الأمريكية ان‏71%‏ من العراقيين يطالبون حكومتهم بأن تطلب إلي القوات الأمريكية مغادرة العراق‏,‏ بأسرع وقت ممكن‏!‏
وربما تكون المفاجأة المهمة في الاستفتاء الأخير زيادة عدد العراقيين الذين يطالبون بانسحاب القوات الأمريكية بنسبة‏12%‏ بعد نجاح القوات الأمريكية اخيرا في تحسين الأوضاع الأمنية الأمر الذي يصادر علي توقعات كثير من الأمريكيين‏,‏ يتصورون ان تحسن الاضواع الأمنية سوف يزيد من قبول العراقيين لوجود عسكري طويل الأمد في العراق‏,‏ ولايشذ عن رغبة غالبية العراقيين التي تؤكدها كل الاستفتاءات السابقة سوي الحكومة العراقية‏,‏ التي تعتقد ان رحيل القوات الأمريكية‏,‏ أمر ربما يكون سابقا لاوانه خوفا من تجدد الاقتال الأهلي‏,‏ اضافة إلي اطراف اقليمية دولية تعتقد أن الانسحاب الأمريكي المبكر سوف يؤدي إلي توسع نفوذ ايران في منطقة الخليج‏.‏
والواضح من مجمل الموقف‏,‏ ان العراقيين يزدادون قدرة يوما وراء يوم علي الزام حكومتهم بالمطالبة بانسحاب القوات الأمريكية في امد زمني قصير‏,‏ وان كلا من السنة والشيعة هما الأكثر حماسا لانسحاب الأمريكيين‏,‏ وان الاكراد يكادون يكونون القوة الوحيدة التي تقبل بوجود قواعد عسكرية أمريكية في شمال العراق‏,‏ وايا كانت خلافات الديمقراطيين والجمهوريين داخل الكونجرس حول ضرورات الانسحاب العاجل من العراق‏,‏ يبقي العراقيون العنصر الأكثر أهمية في قضية الانسحاب‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
ثقافة القتل
مصطفي سامي
الاهرام مصر
أعدت قراءة الخبر أكثر من مرة‏,‏ وانتابتني حالة من الذهول لما وصل اليه العرب من انهيار انساني وأخلاقي‏.‏ القتل العشوائي بلا هدف أصبح سلوكا أصيلا في ثقافتنا العربية‏.‏ نحن نقتل من أجل القتل‏,‏ ولم يعد دم الأبرياء يحرك مشاعرنا وضمائرنا‏.‏ فيروس البلادة أصاب العرب في كل شيء حتي انتقل الي الموت‏.‏ صبي عمره عشر سنوات يتسلل الي اجتماع لرؤساء العشائر في محافظة ديالي بالعراق يلف علي وسطه حزاما ناسفا ويحتضن صاحب المنزل ويفجر نفسه مع مضيفه ويتحول جسداهما الي أشلاء‏,‏ ويقتل الانفجار خمسة زعماء عشائر آخرين هم ضحايا غدر الصبي الذي رضع منذ صغره الخيانة والقتل علي يد عتاة الإرهابيين والسفاحين‏,‏ وطرق قتل أكبر عدد من الأبرياء بدم بارد انتظارا للصعود الي الجنة‏.‏ طفل مكانه الطبيعي في هذا العمر في المدرسة مع رفاقه الذين هم في مثل سنه يتلقي من مدرسيه الي جانب العلم ومناهج الدراسة وآداب السلوك وسماحة الدين الإسلامي والابتعاد عن العنف وتقاليد المشاركة والشجاعة ومساعدة المحتاجين التي كانت في الماضي من صفات العرب‏.‏ هذا الصبي انتزع من حضن أمه وسلمه الأشرار حزاما ناسفا لينتحر ويصعد الي الجنة‏,‏ فهو لم يجد من يعلمه ان الاسلام وجميع أديان العالم تحرم القتل والانتحار‏!‏
هؤلاء القتلة الجدد صنعت بعضهم الحروب في العراق وفلسطين‏,‏ لكن غالبيتهم ضحايا الفقر والقهر العائلي والتعليم الفاشل وثقافة فاسدة وفروق طبقية كادت تختفي من دول العالم باستثناء عالمنا العربي‏!‏
جرائم القتل ومشاهد الدم أصبحت تجذب المواطن العربي‏,‏ ففي آواخر الشهر الماضي نفذ حكم الاعدام علنا ـ تصوروا علنا ونحن في القرن الـ‏21‏ ـ في خمسة مجرمين تتراوح أعمارهم بين‏18‏ ـ‏23‏ عاما في ساحة باب الفرج الشهيرة في دمشق‏,‏ ومنذ الصباح الباكر توافدت الجماهير علي مسرح الاعدام وبلغ أعداد المشاهدين ـ طبقا لموقع سيريانيوز الإلكتروني ـ بضع مئات‏,‏ تابعوا المشهد وكأنهم يشاهدون مسرحية مثيرة أو مباراة للكرة‏,‏ فمع كل رأس تسقط كان التصفيق والهتاف يتعالي من المتفرجين‏:‏ بالروح والدم نفديك يا بشار‏!!‏
الفلسطينيون يقتلون الفلسطينيين وهم يحيون الذكري الثالثة لوفاة ياسر عرفات‏,‏ والعراقيون القتلي من ضحايا العراقيين هم عشرة أضعاف ضحايا الاستعمار الأمريكي‏!!‏
وباسم الشرف وغسل العار تزهق أرواح عشرات النساء يوميا بأيدي الآباء والأزواج والأشقاء‏,‏ برغم أن الشرفاء لا يقتلون‏!‏
ألا تفسر هذه الجرائم وغيرها إصرار الحكومات العربية علي الإبقاء علي عقوبة الاعدام تأكيدا لالتزامهم بثقافة القتل‏!‏
msamyahram@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
شاعر بدرجة مواطن
وليد الزبيدي
الوطن عمان
كلما استمعت إلى مقابلات وتصريحات الشاعر العراقي المبدع عباس جيجان، أشعر بنبض العراق في كل كلمة وجملة ينطقها ، وتتهادى بين أمواج طيبة الجنوب العراقي ، وهو الذي يتمسك بكل ما هو أصيل في بلده، ويرفض الرفاهية الأوروبية، التي أرادوها أن تبدأ من تغيير اسمه ، ليصبح داخل الهيكل الاجتماعي في هولندا، حيث حصل على جنسية وجواز سفر في ذلك البلد، لم يغادر جلبابه، وتمسك بكل ما يربطه بأرضه وناسه وأهله وأحبته في العراق.
عباس جيجان الذي قال كلمته في السابق مطالبا بإطلاق سراح المعتقلين في البصرة أمام الرئيس صدام حسين، لم يفرط بموقف الشاعر، ولم يترك شاعرية الكلمة، وهو يشاهد العراق تحت سنابك المحتل الأميركي، لم تأخذه برودة أوروبا ولذة اللحظات الدافئة، وجمال المناظر الأخاذة في هذه المدينة وذاك البلد.
انتفض ضد الاحتلال الأميركي لبلده، رفض بكل جرأة وشجاعة وإخلاص جميع المشاريع والخطط التي تريد تقسيم العراق.
قال كلا وألف كلا لكل من حاول تمزيق وحدة هذا البلد.
عباس جيجان ينزف الما، ويوزع هذا الألم على خبايا روحه، يمتنع عن رمي آلامه خارج روحه، لتبقى تتفاعل بداخله، خشية أن يتكئ على فراغ ووهم وأمل زائف.
في لحظة ما، ارتجل قصيدة لكل العراق، ومثلما تتدفق كلمات المحب لمن يعشق، تجد في كلمات قصائده ذلك الدفق العراقي الصافي.
هذا النسغ الصاعد حتى أعماق التاريخ، وتلك الصور الناصعة البياض، وذاك الألم المحسوس في كل النبض القادم من المجهول.
وقف عباس جيجان ضد سيول الخراب، وشارك مع من وضعوا أجسادهم سدا لمنع عمليات تخريب النسيج العراقي.
إن الرجال يمتحنون في لحظات القسوة، فيبرز الموقف الحقيقي.وتكون القضية،ويكون الارتكاز إلى الرؤية،ثم يأتي الثبات.
عنده الرؤية الثاقبة للأخطار التي تحيق ببلده ، يمتد بصره ليرى المسافات البعيدة ، مميزا الغبار وأنواعه والدخان وخيوطه ، قضيته الأولى والأخيرة هي العراق.
يقولون إن الكثير من الشعراء يلونون ، ويكتبون ما يعجب هذا الطرف أو ذاك،وفي زمننا السييء فإن شراء بعض الأصوات والأقلام أصبح أسهل من شراء سلعة بالية من باعة الأرصفة،لكن هذا لم يجذب شاعرنا ولم يلتفت إلى إغراءات الغارقين في بحور الظلام ،لأنه اختار الثبات على موقفه.
بل الثبات في نفسه وروحه وشاعريته،فانطلق رافضا جميع الواجهات،التي تحاول تمزيق وتدمير العراق.
وقف عباس جيجان ضد الخطر الأكبر وهو الاحتلال،والتصق بالأقرب وهو العراق،لذلك استحق جيجان أن يحتاز لقب شاعر المحنة بدرجة مواطن عراقي.wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
كابوس كردستان
إبراهيم الإبراهيم
القيس الكويت
تفاوتت المعلومات المنشورة في تحديد بدايات العلاقة السرية - التي اشرنا اليها أمس - بين الزعامات الكردية وبين القيادة الصهيوينة. فهناك تفاصيل عن دعم صهيوني قديم لفكرة الدولة الكردية وفصلها عن الدولة العثمانية، كما أن هناك معلومات تتحدث عن محاولة اليهود افتداء والد مصطفى البرزاني يوم قررت تركيا اعدامه بجرم العصيان والامتناع عن ارسال قوات لجيش الدولة في الحرب العالمية الاولى ورفضه دفع الضرائب. المؤكد بالوثائق أن الملا مصطفى البرزاني عقد مع اسرائيل في أواخر خمسينات القرن الماضي تعاونا له طابع مؤسسي ظل يتنامى حتى وصل ذروته - كما تقول صحيفة نيويوركر الأميركية - الى الذي يحصل الآن في كردستان العراق من خفايا ومخططات اقليمية لها طابع كابوسي.
يوم عاد البرزاني من موسكو بعد انقلاب عبدالكريم قاسم عام 1958 رجع موعودا بدعم اسرائيلي له طابع استراتيجي، فاسرائيل - كما كشف الصحافي الهندي كارانجيا قبل خسمين سنة في كتابه خنجر اسرائيل - كانت اعتمدت في أواسط الخمسينات استراتيجية مفصلة لاستنزاف العالم العربي بمشاكل عرقية وطائفية سعيا وراء تجزئة المنطقة الى دويلات صغيرة تصبح اسرائيل ضمنها كيانا طبيعيا مشروعا. ولأن الأكراد هم الحلقة الأكثر استعدادا لعقد صفقات سرية في هذا المحيط، فقد تلاقت المصالح وجرى توثيقها بدعم اسرائيلي للبرزاني اتخذ مختلف الأشكال المخابراتية والتسليحية والسياسية.
يروي المؤرخ اليهودي شلومو نكديمون في كتابه 'الموساد في العراق ودول الجوار' ان أجهزة الموساد والسافاك (مخابرات الشاه) تشاركت في اقامة وتسليح جهاز مخابرات كردي عام 1960 سمي 'باراستين' وبدأ يعمل على جمع المعلومات من مختلف دول المنطقة حسب ما كشفه ونشره الباحث الأميركي أمون جاريب. وتروي هذه المصادر أن البرزاني استعمل صداقته مع موريس فيتشر سفير تل أبيب في روما لاقامة علاقة وثيقة مع أبا ايبان وزير خارجية اسرائيل آنذاك. وعام 1961 انشأ الموساد اذاعة للأكراد وخصص فرقة امن لحماية البرزاني ظلت تحرسه طوال الفترة من 63-1975 كما يقول اليعازر سافير مسؤول الموساد السابق. ومع أن بعض هذه المعلومات نشرته الصحافة العراقية في الستينات فان الموضوع لم يتفاعل وبقي ثانويا في زحمة الاشتباكات الاعلامية العربية بتلك الفترة، كما ان البرزاني كان مغطى بدعم سياسي واعلامي من موسكو. لذلك لم تحظ زيارته السرية لاسرائيل أواسط الستينات بالكشف أو التشهير الواسع، يوم نشر التلفزيون الاسرائيلي صورة للبرزاني وهو يحتضن موشيه دايان أثناء احتفالات رسمية في تل أبيب أعقبها قرار حكومة ليفي اشكول باعطاء الأولوية السياسية لاقامة الدولة الكردية. ويروي نكديمون في كتابه عن الموساد كيف أن البرزاني عندما وصلته في جبال كردستان عام 1967 أنباء الاحتلال الصهيوني للقدس أقام احتفالا ذبح في كبشا وعلق برقبته شريطا من اللونيين الأزرق والأبيض (علم اسرائيل) وكتب عليه بالكردية 'هنيئا لاسرائيل'.
قرار تل أبيب بتقديم كل الدعم السياسي والعسكري لاقامة دولة كردية في العراق جرى تفعيله مطلع التسعينات عندما فرض مجلس الأمن الدولي تحويل كردستان الى منطقة محظورة الطيران. أيامها حاول اسحق شامير رئيس وزراء اسرائيل أن يأخذ من جيمس بيكر وزير خارجية أميركا وعدا بإقامة دولة كردية.. ويروي سيمون هيرش أحد أوثق الصحافيين الاميركان كيف أن المخابرات الاسرائيلية تغلغلت في كردستان العراق في أواخر التسعينات برعاية وتشجيع المحافظين الجدد المسيطرين على ادارة جورج بوش، وكيف أن حكومة ارييل شارون اتخذت قرارا بالتوسع السياسي والتجاري والاستخباري في شمال العراق كنقطة رصد وعمليات عبر الحدود أيضا مع سوريا وتركيا وايران. وفي نهاية 2003 أعطى الموساد الاسرائيلي تقييمه بأن الادارة الأميركية فشلت في العراق وأنها تغرق في وحل طويل الأمد يوجب على اسرائيل أن تكون موجودة هناك لتشارك ميدانيا في عملية التفكيك الجغرافي للمنطقة. ولذلك أقامت قنصلية في كردستان مع بعثات تدريب عسكرية تحدثت عنها الاذاعة البريطانية ونشرت صورها الصحف الاسرائيلية. رجال الاعمال الاسرائيليون انتشروا في كردستان وفي مقدمتهم، بحسب 'الواشنطن بوست' (2007/4/23) شلومي ميخائيل، شريك الرئيس السابق للموساد داني ياتوم، الذي أصبح المستشار الرسمي لقوباد ابن جلال الطالباني في رئاسته للمكتب العراقي الخاص في واشنطن. وقد أعطت 'الواشنطن بوست' تفاصيل مذهلة عن تشابك المصالح والأجهزة والمعتقدات واللوبيات الأميركية التي تدعم الأكراد حاليا في سعيهم لفصل كردستان العراق الى دولة مستقلة. ففي مقدمة الداعمين للوبي الكردي بواشنطن، المحافظون الجدد المؤيدون بالمطلق لاسرائيل، ثم الكنيسة الانجليكانية التي تؤمن أن الأكراد واليهود من عرق واحد وجينات مشتركة ولهما مصالح مشتركة ليس أفضل من المرحلة الراهنة لتحقيقها اذا قدر لواشنطن واسرائيل ان تضربا ايران وسوريا ضربة تؤدي الى المزيد من تقسيم المنطقة واقامة كردستان الكبرى. نظريتهم - كما يقول سيمون هيرش - هي أن المكسب الذي ستحققه اسرائيل وأميركا من اقامة كردستان الكبرى وتفتيت المنطقة، اكبر من الخسارة التي ستتحملها تركيا جراء تداعيات هذه 'الفوضى الخلاقة'. وبالتالي فان تركيا الحليفة لهم يجب، كما يقولون، أن تتحمل وتضحي وتقبل باقامة كردستان الكبرى ما دام أن ذلك يحقق هدفا اكبر بالنسبة لاصدقائها في اسرائيل وأميركا.
كردستان كانت حلما للأكراد، تحولت الى ورقة دولية متقلبة ثم الى مصلحة استراتيجية لاسرائيل، لتصبح الآن شوكة أو بالأحرى كابوسا بالنسبة للعرب وهم يعيشون تداعياته المرعبة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
«الماء الأسود» يغيّر تاريخ الحروب انطلاقاً من العراق
ياسر عبد الحافظ
القبس الكويت
قبل أيام نشرت الجرائد على صفحاتها خبرا يقول إن شركة «بلاك ووتر» الأميركية قررت أن تضيف إلى لائحة أنشتطها خدمة جديدة لمن يرغب من زبائنها وهي التجسس بالإيجار، ويشمل ذلك كل الأعمال التي كانت حكرا على أجهزة متخصصة.
الخبر لم يكن مفاجئا لمن تابعوا قصة دخول بلاك ووتر إلى ميدان الحرب بالعراق، وتحولها في زمن قليل جدا الى أحد اللاعبين الفاعلين هناك، حتى ان اسمها بات يتصدر نشرات الأخبار بين الحين والآخر، ومعظم الأخبار التي تقترن باسمها ترتبط بعمليات تخرج عن القانون بصورة تصل أحيانا إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين العراقيين.
تواصل بلاك ووتر بخطوات جادة ما كانت بدأته قبل سنوات: تغيير مفهوم الحروب المتعارف عليه، فبعد أن كانت تلك مهمة الجيوش النظامية التابعة للدولة، دخل عليها مفهوم الخصخصة، ليتسع عمل مقاولي الحروب بصورة مدهشة لابد من تأملها وتحليلها، خصوصاً أن المنطقة العربية هي الساحة الفعلية التي شهدت هذا التحول التاريخي، كم أنها وحسب تحليل العسكريين ستظل منطقة حروب خلال الفترة المقبلة.
الواقع أن بلاك ووتر ليست وحدها من قام بإدخال ذلك التغيير الجوهري في «مفهوم الحروب» فالإدارة الأميركية كان لديها الرغبة في ذلك أولا، السبب الأساسي بالطبع هو تخفيف العبء عن كاهل الجيش الأميركي الذي أصبح مكلفا بقيادة مشروع «الإمبراطورية الأميركية» أما السبب الأهم وغير المعلن فهو «البيزنس».
الصحافي الأميركي جيرمي سكيل يكشف في كتاب من الحجم الكبير، كل ما يتصل بتلك الشركة «المرتزقة قادمون- بلاك ووتر كبرى شركات تصدير فرق الموت» مبينا بالتفصيل كيف أن تلك الشركة تعد الأم بين عدة شركات تعمل في المجال نفسه وكيف تمكنت من قيادة صناعة المرتزقة لتنجح في إدماج تلك الشركات كقوات شرعية في أجهزة الدولة القومية، الدفاعية والأمنية.
هذا الكتاب المهم صدرت طبعته العربية أخيراً عن «دار سطور» المصرية بترجمة قام عليها الدكتورة فاطمة نصر وحسام إبراهيم، وتعرض «الراي» هنا أهم ما جاء فيه.
11/ 9 هدية السماء لرامسفيلد
للتاريخ، لم يكن رامسفيلد هو الذي فتح الباب أمام القطاع الخاص للمشاركة في الحروب الأميركية، غير انه بالتأكيد كان العامل الأكثر تأثيرا في تحويل تلك المشاركة من مجرد تدريب لقوات حليفة أو تقديم الاستشارات إلى الانغماس في العمليات العسكرية ذاتها، وهي العمليات التي بدأت مع حرب العراق لتسهم في التأثير عليها سلب وإيجابا، ومن ثم تؤثر أيضا على السياسة الأميركية هناك بشكل واضح.
المصادفة تبدو غريبة بالفعل وربما يكون من حق المؤمنين بـ «النظرية التآمرية» أن يستغلوا هذه القصة لتفسير أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقبل وقوعها بيوم واحد كان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد يلقى خطابا أمام البنتاغون يشرح فيه أهمية «إحلال نموذج جديد مؤسس على القطاع الخاص محل بيروقراطية وزارة الدفاع» مضيفا في محاولة تبرير للمندهشين» نحن في حاجة إلى إيجاد حوافز اخرى للبيروقراطية كي تتكيف وتتحسن» وبالطبع فإن ذلك وكما هو للسبب الذي لا يتغير ولا يتبدل عند كل الإدارات الأميركية المتعاقبة «المخاطر رهيبة، هي مسألة حياة أو موت، وفي النهاية حياة أو موت كل أميركي».
في اليوم التالي للخطاب كان العالم كله يتراقص على وقع الضربات التي وجهت لعدة أهداف أميركية ومن بينها البنتاغون، وكانت تلك الفرصة الذهبية أمام رامسفيلد لتنفيذ استراتيجيته الجديدة والتي أصبحت تعرف باسم «مبدأ رامسفيلد» مبدأ يسعى ببساطة إلى تغيير الجيش جذريا كما شرح قبلا في أحد مقالاته «علينا أن نعزز نهجا مقاولتيا مغامرا: نهجا يشجع الناس على أن يبادروا بالفعل الميداني، وأن يسلكوا مسلك الرأسماليين المغامرين، لا البيروقراطيين»
على أن خصخصة الحرب في الواقع لا تبدأ من تلك اللحظة، كما أن رامسفيلد ليس أول الداعين لها هو فقط قام بتطوير الفكرة التي بدأت مع حرب الخليج عام 1991، وقتها كان ديك تشيني وزيرا للدفاع، وبصفته تلك طلب من شركة هاليبرتون والتي ترأسها فيما بعد بحث كيفية خصخصة البيروقراطية العسكرية، وكان متحمسا لزيادة عدد المقاولين في تلك الحرب. وسريعا ما تحول الأمر إلى بيزنس ضخم خاصة بعد أن احتضن كلينتون أجندة الخصخصة، ليزداد من حرب إلى اخرى دور القطاع الخاص في الحروب الأميركية، كانت الذروة في تلك المرحلة إسناد كلينتون أمر تدريب الجيش الكرواتي إلى إحدى الشركات الخاصة، وهذا كان من شأنه قلب موازين الصراع في تلك الحرب الانفصالية والتي نجحت من خلالها كرواتيا في الاستقلال عن يوغوسلافيا التي كان يهيمن عليها الصرب.
نجاح تلك التجربة شجع على أن يكون للقطاع الخاص دور مهم في ما عرف بـ «مشروع القرن الأميركي الجديد» والذي كان ينتظر دافعا ما للتحرك وهو ما تمثل في هجمات 11/ 9، فبعد ذلك التاريخ أصبح أمام قيادة البنتاغون المؤدلجة - والتي وصلت إلى السلطة برفقة بوش- هدفين رئيسيين: «تغيير النظم في بعض البلاد الاستراتيجية، وتفعيل أشمل عملية خصخصة وتعاقدات مع شركات خاصة في التاريخ العسكري للولايات المتحدة- ثورة في الشؤون العسكرية».
تطبيقا لتلك النظرية فإنه حينما دخلت الدبابات الأميركية بغداد في مارس 2003، أتت معها بأكبر جيش من المقاولين الخاصين نشر في الحروب على الإطلاق، وبدأ عدده في الزيادة حتى وصل بنهاية فترة رامسفيلد في الوزارة إلى 100000 مقاول خاص على الأرض العراقية، وهو عدد كان مؤهلا للزيادة ذلك أن وزير الدفاع وقبل أن يترك منصبه اتخذ خطوة غير تقليدية بتصنيف المقاولين الخاصين على أنهم جزء رسمي من آلة الحرب للولايات المتحدة.
ويؤكد جيرمي سكيل مؤلف الكتاب أنه إذا كانت الحرب على الإرهاب واحتلال العراق قد تسبب في توالد عشرات الشركات التي دخلت المجال العسكري، إلا أن أيا منها لم يعرف الربح والهيمنة كالذي عرفته بلاك ووتر، وتلك الأرقام والإحصائيات تكشف عن هذا:
«لدى بلاك ووتر اليوم ما يربو على 2300 جندي خاص منتشرين في تسعة بلدان، من بينها الولايات المتحدة، لديها قاعدة بيانات تشمل 21000 من أفراد القوات الخاصة والجنود السابقين، وعملاء فرض القانون المتقاعدين، وهؤلاء يمكنها استدعاءهم بمجرد إشعارهم. لدى بلاك ووتر أسطول خاص مكون من مروحيات مدفعية ووحدة طائرات تجسس كما أن مقرها الرئيسي المقام على 700 فدان بمويوك، كارولينا الشمالية، هو اكبر منشأة عسكرية خاصة في العالم. تدرب عشرات الآلاف من عملاء فرض القانون الفيديراليين والمحليين كل عام، بالإضافة إلى قوات من دول أجنبية صديقة. تقوم الشركة بتشغيل وحدة استخباراتها الخاصة، ومن بين تنفيذييها مسؤولون سابقون رفيعو المستوى في الجيش والاستخبارات. أقامت أخيرا منشآت جديدة بكاليفورنيا وإلينوي، إلى جانب غابة من منشآت التدريب بالفيليبين. لدى بلاك ووتر أكثر من 500 مليون دولار من التعاقدات الحكومية، ولا يشمل ذلك ميزانيتها السرية للعمليات السوداء نيابة عن استخبارات الولايات المتحدة أو الأشخاص، الشركات الكبرى الخاصة والحكومات الأجنبية».
كل تلك اللائحة المهولة دعت أحد أعضاء الكونغرس للتعليق قائلا «باستطاعة بلاك ووتر الإطاحة بكثير من حكومات العالم».
رجال فوق القانون
كيف تكونت بلاك ووتر، ومن الذي يقف خلفها؟ أسئلة يجيب عنها جيرمي سكيل بالتفصيل، غير أنه قد يكون من المهم أن نعرف أولا كيف اتسع مجال عمل تلك الشركة بالعراق للدرجة التي تدخل بها الجيش الأميركي هناك للانتقام لمقتل أربعة من رجالها، ثم كيف أصبحت للشركة القوة بحيث لا يحق لأحد محاسبتها عما يرتكبه عملاؤها هناك.
قبل أن تتدخل بلاك ووتر في العمليات العسكرية في العراق كانت لديها وما زالت مهمة غاية في الحساسية والدقة ألا وهي حماية المسؤولين الأميركيين بالعراق، بدأ هذا في 2003 حيث تولت حماية بول بريمر مبعوث بوش إلى العراق في العام الأول للاحتلال، وفي المقابل مع جنود الجيش الميدانيين الذين يتلقون رواتب متدنية، فإن الحرس التابعين لبلاك ووتر يتلقون رواتب ضخمة، فمثلا كان متوسط أجر ضابط الأمن الشخصي حوالي 300 دولار في اليوم، ثم ارتفع إلى 600 في اليوم. وكما استنتجت التايمز اللندنية فإن «طفرة بيزنس ما بعد الحرب ليس هو النفط بل الأمن».
بريمر من جانبه، وربما ردا لجميل الحفاظ على حياته، قدم دعماً كبيراً لذلك البيزنس الذي كان قد بدأ في التنامي، فقبل أن يخرج من العراق في 28 يونيو 2004 أصدر قرارا يعرف بالمرسوم رقم 17، ويقضي بتحصين المقاولين ضد المثول أمام المحاكم. تلك الخطوة كما يؤكد المؤلف كانت لها أهمية كبري، ففي وسط بحر من السياسات التي تواجه الاحتلال في العراق فإن ذلك المرسوم منح القوات الخاصة جرأة كبيرة، بعدها بدأت الشركة مقاومة إخضاع جنودها لقانون البنتاغون الموحد للعدالة العسكرية «بإصرارها على أنهم مدنيون» وطالبت في نفس الوقت بحصانة من المقاضاة المدنية أمام محاكم الولايات المتحدة بزعم أن قواتها جزء من القوات الأميركية.
كانت النتيجة أن المقاولين الخاصين يعملون «إلى حد بعيد في منطقة رمادية تترك الباب متسعا على مصراعيه أمام الانتهاكات» وباستثناء تعديل بسيط أدخله الرئيس بوش على قانون اتفاقات الدفاع الهائلة، يقضى بخضوع المقاولين في مناطق الحرب لنظام المحاكمة أمام المجالس العسكرية أمام البنتاغون، فإن تلك القوات الخاصة لا تخضع لقانون ما، وحتى هذا التعديل فإنه كما يراه سكيل ليس فاعلا ذلك أنه «لدى الجيش ما يكفيه من متاعب في عملية ضبط أمن ونظام قواته هائلة العدد، ولا يكاد يتوقع منه مراقبة عدد 100000 شخص إضافي من قوات الشركات الخاصة وضبط نظامهم بفاعلية» وإضافة إلى أن صناعة الحرب الخاصة ستقاوم هذا بضراوة، فإن الجيش الأميركي فشل في تقدير عدد تلك القوات الخاصة أو الخدمات التي تؤديها للجيش، وفي تقرير لمكتب المحاسبة الحكومي الأميركي فإن «المشاكل المتعلقة بإدارة المقاولين والإشراف عليهم قد أثرت بالسلب على العمليات العسكرية ومعنويات الوحدات وأعاقت قدرة وزارة الدفاع على الحصول على تطمينات بأن المقاولين يوفون بمتطلبات عقودهم وبالأساليب القصوي لفاعلية التكاليف».
غير أن الاعتراضات لم تمنع أبدا من تنامي قوة «بلاك ووتر» الشركة التي أخذت اسمها من مستنقعات تجاور مبناها، كان الماء الأسود قد حصل بالفعل وبوجوده بالعراق على فرصته للتمدد والانطلاق وسط الجيش الأميركي. وكانت الفلوجة هي النقطة الأولى للانطلاق الحقيقي، نقطة دامية جدا، وكافية لرصد سير الأحداث هناك.
الفلوجة
المدينة والشركة، ارتبطتا بحادث ملحمي كان من شأنه تغيير مجرى الحرب في العراق، فهناك وفي وضح النهار تم قتل أربعة من عملاء بلاك ووتر، والتمثيل بجثثهم وتعليقها على أحد الكباري لتصبح صورة أيقونية للحرب هناك.
غير أنه قبل ذلك فللمدينة قصة لابد أن تروى كما يؤكد المؤلف. هو يقول ان تاريخ المدينة يبدأ قبل تلك الحادثة بكثير وتحديدا في العام 1920حيث قاوم أهلها والثورة المعادية للاحتلال البريطاني ألف جندي تابعين لجيش المملكة، وبعد هذا التاريخ بقرن تقريبا فإنها تعد واحدة من أكثر المدن العراقية التي عانت من الاحتلال الأميركي، وهذا بدأ مبكرا، فأثناء حرب الخليج عام 1991أصاب صاروخ سوقا بالمدينة بدلا من الكوبري الفولاذي العملاق على نهر الفرات، كانت النتيجة أن ما يربو على 130 شخصاً قد قتلوا وأصيب ثمانون، ومعظم الضحايا كانوا من الأطفال.
شكلت تلك القنبلة وكما يقول المؤلف «الأسلوب الذي نظر به أهالي الفلوجة، فيما بعد إلى قوات الولايات المتحدة الغازية تحت قيادة بوش آخر»، وغالبا تحققت وجهة نظرهم، فبعد الغزو مباشرة، وافق أهل المدينة على الاستسلام شريطة ألا تحتلها القوات الأميركية لأكثر من يومين. لكن ما حدث هو أن الفرقة الثانية والثمانين انتقلت إلى الفلوجة واحتلت مدرسة القائد بشارع حي النزال وحولتها إلى مقر رئسي لها، ليشعل هذا نيران الغضب في نفوس أهالي المدينة خاصة مع تحرشات الجنود بهم، ليصل الأمر إلى قيام الأهالي بمظاهرة سلمية مساء يوم 28 ابريل، لكنها انتهت بكارثة فقد فتح قوات الاحتلال النيران على المتظاهرين تحت دعوى أنهم استخدموا أسلحة وهو ما نفته الوقائع وشهادات الشهود للصحافيين والمراسلين بعد ذلك، كانت الحصيلة الدموية في هذا اليوم سقوط ستين قتيلا على الأقل وأكثر من خمسة وسبعين شخصا. وبعد الحادث بخمسة أيام تدفق على شوارع الفلوجة أكثر من ألف شخص للاحتجاج على أعمال القتل والمطالبة برحيل قوات الاحتلال، ومثلما حدث في المظاهرة الأولي تكرر في الثانية لكن بعدد ضحايا أقل هذه المرة، أربعة قتلى وخمسة عشر مصابا.
حولت الحادثتان مدينة الفلوجة إلى أسطورة للمقاومة، لكن ذلك لم يكن كافيا غالبا لبلاك ووتر التي تصرفت بعد تلك الأحداث بعام بصورة غريبة إلى حد كبير بالنظر إلى تاريخ المدينة وما جرى فيها بعد الاحتلال، ففي يوم 31 مارس 2004 وكما يحكي جيرمي سكيل تفصيليا: «حينما دخل أربعة أميركيين إلى الفلوجة في سيارتي جيب باجيرو كان المجاهدون العراقيون في المساجد بانتظارهم. يصطف في شارع المدينة الرئيسي المطاعم، المقاهي والبائعون الجائلون، وفي الأيام العادية، يتجول فيه حشود من الناس. لكن، في ساعة مبكرة من ذلك الصباح، فجرت مجموعة صغيرة من الأشخاص آلية مفرقعات، فهرب الناس من الشوارع وأغلقت المحال أبوابها. ومنذ أن دخلت القافلة الأميركية حدود المدينة، لفت الأميركيون الأنظار، كانوا يقودون مركبات تعرف بـ «مغناطيس الطلقات» ويتباهون بنظارات شمسية تلتف حول الرؤوس، وقصات شعر توم كروز. وبعد دخلوهم الفلوجة، بدأت سياراتهم تتباطأ، إلى يمينهم كانت المحال والأسواق وإلى اليسار مساحة خلاء. اصطدموا بحاجز طريق. وحينما توقفت مركباتهم، قذف بقنبلة يدوية على الجيب الخلفية، ثم تبعها سيل من نيران المدافع الرشاشة. اندفعت الطلقات مخترقة الجيب الخلفية كما يتخلل الملح الثلج وأصابت الرجلين المسلحين بداخلها بجراح قاتلة. وفيما تدفقت منهما الدماء أحاط المسلحون بسيارتي الجيب وأفرغوا فيهما الذخائر واقتحموهما بعد أن كسروا الزجاج الأمامي. ملأت صيحات «الله أكبر» الأجواء. وسرعان ما انضم أكثر من عشرة شبان كانوا يتسكعون خارج محل كباب إلى تلك الهوجة. وبمجرد أن أطلقت النيران على السيارة الخلفية، أدرك الأميركيون في الجيب الأمامية أن كمينا كان ينصب لهم. حاولوا الهرب، لكن الوقت كان قد فات. تضخم الحشد ليصبح أكثر من ثلاثمئة رجل، فيما اختفى المهاجمون في شوارع الفلوجة الجانبية. سرعان ما التفت ألسنة اللهب حول السيارتين، وسحبت جثث الأميركيين المتفحمة خارج السيارتين وقام الرجال والصبية، حرفيا، بتمزيقها إربا. وأمام كاميرات التلفزيون حمل شاب لافتة صغيرة عليها شعار جمجمة وعظمتين وكتب عليها بالإنكليزية «الفلوجة مقبرة الأميركيين»، علقت الحشود بقايا الأميركيين المتفحمة من كوبري على الفرات، حيث ظلت هناك لساعات عديدة، صورة أيقونية مخيفة شوهدت على شاشات التلفزيونات في أنحاء العالم».
هذا الحادث المروع كان له أن يغير إلى حد كبير مسار الحرب في العراق، في اليوم التالي كانت عناوين الصحف الأميركية «غوغاء العراق يشوهون أربعة مدنيين أميركيين» غير أن تلك العناوين كانت مضللة فأولئك الرجال الأربعة لم يكونوا مدنيين، كما أنهم لم يكونوا أفرادا في جيش الولايات المتحدة، كانوا جنودا خاصين ذوي تدريب عال أرسلتهم إلى العراق شركة كانت حتى هذا الوقت سرية، شركة بلاك ووتر.
كولونيل الحروب القذرة
كيف أرسلت الشركة بهؤلاء الرجال إلى ذلك المكان الخطر من دون الاحتياطات الأمنية المتفق عليها؟ ولماذا حدث هذا التمثيل الشنيع بالجثث؟ أسئلة يفرد المؤلف فصلا كاملا للإجابة عليها، ومن دون الغرق في التفاصيل فإن الأهم هو النظر لتبعات الحادث، ففي حين أن القادة المحليون كانوا يريدون التعامل مع حادث القتل بصفته قضية لفرض القوانين، ودخول المدينة وإلقاء القبض على الفاعلين وقتلهم. فإنه كان ينظر إليه في البيت الأبيض بشكل آخر «تحد خطير لما صممت الولايات المتحدة عليه بشأن العراق، تحد بإمكانه تعريض كل مشروعها في البلد للمخاطر» وعلى هذا فإنه وبعد اجتماع بوش مع رامسفيلد والجنرال جون أبي زيد كبير قادة الولايات المتحدة بالمنطقة، تقرر «هجوم محدد ساحق للاستيلاء على الفلوجة»، ولتنفيذ هذا تم إرسال جيم ستيل نائب بريمر إلى الفلوجة، وستيل كان «كولونيل» بالمارينز بالثمانينات، مسئولا رئيسيا عن «مقاومة التمرد» في الحرب الدموية بـالسلفادور، وله كما يعرف عنه تاريخ عميق في الحروب القذرة، وغالبا بسبب هذا التاريخ تم اختياره، وقد عمل هو من جانبه على القيام بالدور المطلوب منه، فقد رأى أنه للتعامل مع الوضع في الفلوجة لابد من استخدام القوة المفرطة مبررا: «انه الشيء الوحيد الذي يفهمه البعض هناك (...) لا يمكن أن ينظر إلينا على أننا ضعفاء وإلا لوقعت مثل تلك الأحداث في جميع الأنحاء».
وللمفارقة فإنه عندما بدأت عملية «الحسم اليقظ» الهادفة إلى السيطرة على المدينة كان نفس اليوم الرابع من إبريل 2004 يشهد تورطا آخر لبلاك ووتر في مكان آخر بالعراق حيث يسقط قتلى عراقيون بالمئات.
بلاك ووتر تتورط مرة أخرى
كان للإدارة الأميركية معركة كبري مع رجل الدين الثوري مقتدى الصدر، كانت تنظر إليه بصفته عقبة تعترض سبيل تحقيق هدف الولايات المتحدة المركزي آنذاك أي ما يدعي تسليم السيادة والذي كان مقررا له يونيو 2004، كان الصدر يدعو لانسحاب الولايات المتحدة الأميركية من العراق، وأعلن أن جيش المهدي هو «عدو الاحتلال»، بعد فترة من التردد بدأت سلطة الاحتلال في تصعيد إجراءاتها ضد الصدر، كانت البداية الإغارة على مكتب صحيفة الصدر «الحوزة» الأسبوعية المعادية للاحتلال وطرد العاملين بها وإغلاق المقر وذلك تحت دعوى «قلقلة الأمن العام وإثارة العنف»، قبل هذا بيومين كانت القوات الأميركية قد أغارت على الفلوجة لتقتل خمسة عشر من السنة، ويعلن الصدر في خطبة الجمعة التي تلي ذلك أنه «ذراع (حزب الله) و(حماس) الضارب، هنا في العراق». كانت الأمور تشتعل، وزاد من هذا الأمر الذي أصدره بريمر باعتقال الشيخ مصطفى يعقوبي النائب الأول لمقتدى الصدر، وقد احتجز بالفعل يوم الرابع من ابريل وتلك كانت القشة الأخيرة بالنسبة للصدر حيث حث أتباعه على الثورة بضراوة ضد الاحتلال.
فجر يوم الأحد الرابع من ابريل بدأ جيش المهدي في الاستيلاء على المباني الإدارية في المنطقة، ثم بدأت الجماهير الحاشدة في التحرك نحو الهدف الفعلي... المقر الرئيسي لقوات الاحتلال بالنجف الذي كانت تحرسه بلاك ووتر.
طوال أربع ساعات دارت معركة حامية بين تلك الحشود وبين ثمانية من رجال بلاك ووتر ومعهم جندي من المارينز وعدد من رجال الشرطة العسكرية الميدانيين، وسقط في القتال مئات العراقيين وجرح عدد من رجال بلاك ووتر.
وبينما كانت تلك الحرب تدور في النجف لتثبت أن بلاك ووتر أصبحت «لاعبا أساسيا في الحرب» كان ألف من المارينز وعلى بعد مئات الأميال إلى الشمال الغربي يحاصرون الفلوجة وقد «أعدوا عدتهم للثأر مقتل أربعة من مقاولي بلاك ووتر قبل ذلك بخمسة أيام».
بعد أسبوع من الحصار كانت النتيجة كالتالي: مقتل حوالي ثلاثين من المارينز، وفي المقابل قتل ما يقرب من ستمئة عراقي، بينهم مئات النساء والأطفال. ومع هذه النتيجة الكارثية التي باتت معروفة في العالم رغما عن الإعلام الأميركي الموجه، كان خطاب الولايات المتحدة يصر على أن ما حدث كان لتحرير الفلوجة من «المقاتلين الأجانب، والبعثيين» غير أن العراقيين كانوا يعرفون أن السبب الحقيقي لتدمير الفلوجة وقتل أهلها هو مقتل أربعة من مرتزقة الولايات المتحدة. وبعد ذلك بأربعة أشهر نفذ الجيش الأميركي هجوما أكبر بكثير من هذا، أوقع مئات الموتى العراقيين، وأجبر عشرات الآلاف من الأهالي على ترك منازلهم، وأحدث غضبا هائلا في أنحاء البلاد. وكانت حصيلة تلك العمليات: تدمير ثمانية عشر ألف مبنى من مباني الفلوجة البالغ عددها تسعة وثلاثين ألف مبني. قتل حوالي 150 جندياً أميركياً في العمليات. ومع هذا فإنه «لم يعثر أبدا على منفذي كمين بلاك ووتر، كما كان المسئولون السياسيون والعسكريون قد اقسموا، الأمر الذي أكد أكثر على الطبيعة الثأرية لمذبحة الولايات المتحدة بالفلوجة» كتب أحد جنود المارينز على دعائم الكوبري الذي تم تعليق جثث المرتزقة عليه «هذا من اجل أميركيي بلاك ووتر الذين قتلوا هنا في 2004».
الأمير والجيش
ينتمي إريك برينس مؤسس ومالك بلاك ووتر لعائلة ثرية، ملتزمة بالقيم المسيحية المتزمتة، والسياسة اليمينية، وتؤمن باقتصاد السوق، والده إدجار برينس عصاميا يملك قصة نجاح مذهلة تصلح لأن تتحول لفيلم سينمائي، وقد ورث عنه ولده حب المبادرة والأفكار المبتكرة، ولأنه كان شديد الولع به فقد حاول اقتفاء خطواته، وربما يأتي على رأسها الحفاظ على التقليد الذي كان أبوه يتبعه، تمويل قضايا وأنشطة البروتستانت الصليبيين اليمينيين، واتصالا بهذا ظل محافظا على صلة عائلته بمجلس السياسة القومية ذي الطبيعة السرية، وهو النادي الذي وصفته النيويورك تايمز بأنه» ناد لا يعرفه سوى القلة، يتألف من بضع مئات من المحافظين الأكثر سطوة في البلد والذين يلتقون خلف الأبواب المغلقة في مواقع لا يعلن عنها، في مؤتمرات تعقد ثلاث مرات سنويا لوضع إستراتيجية عن كيفية تحويل البلاد إلى اليمين» وإضافة لهذا كله وغيره فإنه يدعم المنظمات الكاثوليكية المتطرفة، ويساهم بمبالغ كبيرة من أجل قضايا ومؤسسات البروتستانتية الصهيونية الصليبية التي كان يدعمها والده سابقا. هذه الأنشطة وتلك الميول كان مقدرا لها أن تصب في مشروعه «بلاك ووتر» ذلك المشروع الذي اتسع نموه بسرعة بعد الحادي عشر من سبتمبر، فتلك المأساة «زودت صعود إريك برينس النيزكي بالوقود» ليصبح بعدها على رأس أحد أقوى الجيوش الخاصة بالعالم، ويعتمد على أفكار والده ومعتقداته وأمواله لينشئ جيشا من الجنود يعملون في الصفوف الأمامية بمعركة كوكبية تشن على الأراضي الإسلامية تلك الحرب» التي عرفها الرئيس الذي ساعد برينس على الإتيان به للبيت الأبيض وبصلافة أنها... حرب صليبية».
الآن، ومع استمرار الأحلام الأميركية التوسعية في العالم، والرغبة في السيطرة، يتزايد بشكل مطرد عدد المقاولين الخاصين في الجيش الأميركي، تكاد النسبة الآن تكون واحداً إلى واحد هذا على الأقل إحصاء يعود إلى عام مضى، وخصخصة الحرب في العراق كانت مجرد نموذج على المستقبل المقبل، وفي ظل ذلك التفكك العالمي واتساع مجال العمليات الإرهابية، فإنه ومثلما كان الأمر دائما، ليس عليك أن تلجأ إلى الحكومة وجيشها حيث الروتين والقوانين وخلافه، هناك الآن جيوش قطاع خاص وهي «أسرع، أفضل، أقل تكلفة».
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
زيارة الطالباني... فتحت الجروح!
د. سامي ناصر خليفة
الراي العام الكويت
ثلاثة ملفات مهمة تطرح على بساط البحث بشكل مستمر مع زيارة أي مسؤول عراقي للكويت، ومن المؤسف أن تنتهي تلك الملفات إلى منطق «مكانك راوح». ومع جهل الأطراف كافة بالسبب الأساس وراء «الفشل» في التفعيل الايجابي لتلك الملفات الثلاثة نجد من الضرورة اليوم أن تبادر وزارة الخارجية إلى تقييم سياستها الخارجية مع العراق بشيء من الجدية، خصوصاً أن تصريحات الشيخ محمد الصباح في معظمها يغلب عليها طابع التطمين والارتياح، في وقت نحن بحاجة إلى تصريحات فيها مواقف حاسمة لإغلاق تلك الملفات الثلاثة.
الملف الأول يتعلق بالديون العراقية المستحقة للكويت، والتي يناشد أخوتنا في العراق إسقاطها مراعاة للأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الحرجة التي يمر بها الشعب العراقي الجار من جانب، وطمعاً بروح النخوة العربية والكرم الحاتمي الحكومي الذي تميزت به الكويت، وهي بلد الخير والمساعدات من جانب آخر، وأيضاً استشهاداً ببعض الدول غير العربية وغير المسلمة ممن لا تملك إمكانات الكويت المالية كمالطا وقبرص وقراراتها بإلغاء الديون العراقية كافة المستحقة لها من جانب ثالث. هذا الملف الذي تأرجح بين تصريحي الشيخ محمد الصباح الذي قال إنه سيحل في تفاهم ثنائي بين الحكومتين الكويتية والعراقية، وبين رد رئيس مجلس الأمة بضرورة ألا تتخذ الحكومة الكويتية أي إجراء بخصوص ملف الديون مع العراق إلا بعد العودة إلى مجلس الأمة! لتعود الأمور إلى المربع الأول، خصوصاً أنه ليس من أولويات رئيس مجلس الأمة وضع ملف الديون العراقية على جدول أعمال جلسات مجلس الأمة من جانب، وليس من أولويات الحكومة أن ترسل طلباً لمناقشة الأمر إلى نواب مجلس الأمة.
الملف الثاني يتمثل في القلق الكويتي الدائم من أزمة الحدود وارتفاع ضغطها مع كل تجاوز فردي أو جماعي هناك، هذا القلق الذي بات يحكم ترمومتر العلاقة بين البلدين، والذي جعل وزير الخارجية يسعى إلى استجداء أي تصريح إيجابي من أي مسؤول عراقي يزور الكويت لطمأنة أهل الكويت! وتلك لغة لا حكيمة تتبعها الخارجية الكويتية وللأسف الشديد، كون تلك التصريحات الدورية تتبدل بتبدل المسؤولين في العراق، وكلنا يعرف أن هناك لوبياً بعثياً من أزلام النظام السابق بات يتغلغل في مؤسسات القرار للنظام العراقي الحالي ويحمل ما يحمل من حقد وضغينة على الكويت حكومة وشعباً، ويحاول ترجمة هذا الحقد في مواقع القرار السياسي في بغداد، ولا نعلم بأي لباس سيأتون للحكم هناك من جديد وبأي لغة سيتحدثون ضد الكويت مستقبلاً. لذا فإن التعويل لا يجب أن يكون على التصريحات السياسية التي يغلب عليها الطابع البروتوكولي بقدر الاعتماد على الاتفاقات الدولية ومطالبة العراق بالتصديق عليها خطياً، وضمن الحركة القانونية في أروقة المؤسسات الدولية يمكن أن يتم حسم الأمر.
الملف الثالث وباختصار شديد هو الفرصة الضائعة التي بات يفتقدها التجار والمستثمرون الكويتيون دون غيرهم من تجار ومستثمري دول الخليج في دخول العراق والاستثمار فيها، فالحكومة الكويتية تمنع دخول أي مواطن كويتي إلى العراق، بينما يسرح ويمرح تجار الإمارات وقطر وعمان في بغداد بحثاً عن كسب المشاريع الاستثمارية المجدية. وما يؤسف أن الكويت التي رصدت مبلغاً كبيراً كمنحة للعراق يتم دفعها من خلال المشاريع الاستثمارية للشركات الكويتية الخاصة، هي نفسها تضع العراقيل أمام تلك الشركات الكويتية إلى درجة لم تنجح أي شركة كويتية في الاستثمار بالعراق إلا من خلال جهات أوروبية أو أميركية! نعم أصبحت الحكومة الكويتية المعرقل الأساس الذي يعرقل انطلاقة تجار الكويت نحو الاستفادة من مشاريع البنية التحية هناك، لذا نتساءل ألا يستحق ملف العلاقة مع العراق بجميع أبعاده النظر اليه بجدية أكثر؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
سُنة العراق في مكان الخصم
أيمن عبوشي
الراية قطر
لربما أدرك سُنة العراق، أن الوقت قد حان لما يمكن اعتباره وداوها بالتي هي الداء ، فثمة العديد من المؤشرات التي تؤكد تحولا في موقفهم التقليدي في تفضيل الفوضي الأمنية، لصالح انخراط أوسع في العملية السياسية بالعراق الجديد.
خاصة وأن ما يمكن اعتباره مقاومة مسلحة ضد الاحتلال، قد تشعبت تحت عنوان عام، خرج في كثير من الأحيان عن إطاره، وأهدافه السامية إلي حيز المناكفة، والتناحر الطائفي.
ولم يستطع العراقيون السنة مجاراة بعض الأطراف الشيعية التي دخلت إلي المعركة السياسية مبكرة، وقوية، مدعومة بقوي خارجية، وشريحة شعبية موتورة ومكلومة، فكانت النتيجة أن واجهوا تطهيراً عرقياً تدريجياً، ساهم في تعزيزه الخطاب الاقصائي لتنظيم القاعدة، والذي استند إليه الكثيرون من الشيعة باعتباره ذريعة المعركة.
كما لا نستطيع أن نقول إن النخبة السنية، انسحبت من معركة عض الأصابع، لكن بدا أن المناورة تستدعي تنحية لخطاب لم يؤد إلا إلي صراع داخلي لا يحقق أي مكسب سياسي. ومطالبة نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، ببقاء القوات الأجنبية في بلاده، لتحاشي ملء الفراغ الأمني لحظة الانسحاب من قبل الأخوة الأعداء ، تعكس نقطة تحول كاملة، تستمد الحماية من وجود القوات الأجنبية، بغية التصدي لواقع الحال بعد استتباب الشأن الداخلي العراقي لجهة واحدة علي حساب الأخري، في ظل اكتمال منظومة سياسية متكاملة قادرة علي الاستمرار دون الحاجة إلي المكونات الفسيفسائية الأخري... وترتيب كردي متسارع نحو الانفصال، لا يبالي كثيرا بالمخاض المطرد في رحم الدولة المركزية.
الترتيب السياسي شبه المنجز علي الساحة العراقية، يدفع المجموع السني باختلاف درجاته إلي الكف عن المواجهة العسكرية الصعبة، وإبعاد تنظيمات متصلبة استمرأت إحداث الفوضي تحت مسميات المقاومة، وكل ما من شأنه أن يخلق معارك أكبر من أن تحتمل، وهو ما يفسر صحوتي الأنبار، والأعظمية
أما المأزق الحقيقي الذي وجد العراقيون السنة أنفسهم في نواته، يكمن في التركيز علي الفعل المقاوم للاحتلال في تزامن مع مقاطعة متفاوتة للعملية السياسية، في الوقت الذي استلزم فيه هذا الفعل موقفا عراقيا جماعيا، وليس عملا تشوبه بعض الاستثناءات. واكتملت أركان المأزق حينما تم إجهاض الإنجاز المقاوم، بالاختراق الذي نفذته تيارات طائفية أخري، ووضعها لأسس العملية السياسية، مانحة غطاء شرعيا للاحتلال، فكان أن واجهت الشريحة المقاومة جبهتين الاحتلال، وأبناء الوطن الواحد ، بالإضافة إلي دخول تنظيم القاعدة علي الخط المقاوم، وتفجيره للموقف بشكل عشوائي، ودون حسابات سياسية، واستعداء شريحة جماهيرية واسعة من العراقيين.
وهكذا وجد العراقيون السنة أن عائد تأييدهم المطلق لعنوان المقاومة علي عواهنه، أدي إلي ترك الميدان بمطلقه للأحزاب الشيعية البارزة. ولم تكن النتيجة باستيلاء مرحلي علي مقاعد البرلمان، أو المناصب الحكومية، وإمكانية استعادتها في انتخابات مقبلة، بل ساهمت فترة زمنية ليست بالقليلة منذ عام 2003، وحتي اللحظة، وقوانين بريمير، في إقصاء الكوادر السنية عن المناصب المفصلية بالدولة.
الترتيب الجديد للخارطة العراقية، يفيد بتغير جذري في العمل السني، نحو محاولة اللعب بالأدوات نفسها التي استخدمها خصومهم من الطائفة الشيعية، والكف عن سياسة المقاطعة، والإنزواء لصالح توفير هامش أكبر للمناورة، وهي في حقيقة الأمر، محاولة قد تبدو متأخرة، وغير منظمة، يشوبها الكثير من التناقضات، والاعتراضات الداخلية، حتي لو كانت تحظي بمباركة أمريكية.

ليست هناك تعليقات: