Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 26 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الخميس 26/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
تخريب التعليم في العراق -12-
وليد الزبيدي
الوطن عمان
ناشطة سياسية وأديبة عراقية معروفة ، وفي رسالة طويلة تعليقا على قضية تخريب التعليم في العراق ، وصلت إلى الكاتب عبر بريده الالكتروني ، تقول ان هذا الامر في غاية الخطورة ، وبينما تعبر عن سرورها لطرحه وتناول بعض جوانبه ، الا انها ترى أن هناك الكثير من الجوانب الخطيرة الاخرى ، التي يجب تناولها ومناقشتها والتطرق لعمليات التخريب والتدمير المتواصلة،التي يتعرض لها التعليم في العراق.
تقول الكاتبة العراقية ، ان عملية تغيير واستبدال للمناهج التربوية في العراق ، ويشمل ذلك الجوانب الوطنية ، وبطريقة تذهب بالنشء الجديد إلى مسارب ومتاهات ، بحيث يتم ابعاد الشباب العراقي عن جذورهم العروبية والوطنية ، وتقول ان ذات الشئ يجري في المناهج الدينية ، والهدف من ذلك تخريب المرتكزات التربوية التي يتربى عليها العراقيون جيل بعد آخر ، وان هذه المحاولات والافعال تجري على قدم وساق ، وبخطوات مدروسة والهدف منها تحويل الشخصية العراقية الى واحة للفوضى والعبث والتفسخ ، وان هذا احد اهم اهداف الاحتلال الاميركي وادواته التي جاءت لتدمير البنية الاجتماعية العراقية ، وتهيئة الاجواء لمزيد من الفرقة والتشتت،مايحقق لهم طموحاتهم، التي لاتقبل بأقل من تفتيت العراق وتشرذمه ورمي ابنائه في آتون الاقتتال الداخلي.
تنبه الرسالة إلى ضرورة اهتمام جميع الأصوات الوطنية بهذا الجانب،وعدم إهماله ،وأن يؤثر على مستويات كثيرة منها في الأوساط الثقافية والجامعية داخل العراق،وأن يتم إخطار المنظمات والهيئات العربية والدولية،بما فيها منظمة اليونسكو بخطورة مايحصل للتعليم في العراق منذ بداية الاحتلال،وان تكون هناك تحركات واسعة وفاعلة، تعمل على تفعيل هذه القضية وعدم تركها في داخل الإطار التخريبي الحالي.
وجدت في أفكار وطروحات الأديبة والناشطة السياسية العراقية العديد من الجوانب الهامة ، وأتمنى ان نجد من يتفاعل معها من العلماء والباحثين والتربويين والمثقفين العراقيين والعرب وفي بقية دول العالم ايضا.
إن الصورة الحالية لعمليات التخريب المنظم للتعليم في العراق،يجب أن تخضع للتفكيك،وعلى كل من يرى جانبا يحمل خطرا داهما يهدد هذا الميدان ان يطرحه بكل قوة وجرأة وصراحة ،لان الجدار المعرفي،يبقى الاهم لتجنب الاخطار والآفات التي يأتون بها لهذا البلد.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
القاعدة هي الرابح الأكبر من الأزمة التركية- الكردية
جون بيرشيا
الوطن عمان
هل ستغزو تركيا العراق؟أأمل ألاَ يحدث ذلك وعلى الرغم من ذلك فإن السؤال يثور بشكل كبير جراء الوضع المتدهور على طول الحدود بين البلدين.ففي الأيام الأخيرة أسفرت المصادمات بين القوات التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني عن مقتل العشرات من الأتراك والمسلحين.كما تم اتخاذ عدد من الجنود الاتراك رهائن.
وعلى الرغم من هذا الوضع السييء الا ان القيام بعمل عسكري كبير من قبل انقرة لن يحل الأزمة.حيث ان الحل يكمن في عمل جماعي للقضاء على جيل من الإرهاب والعنف الذي يثيره حزب العمال الكردستاني.
لو تدخل الأتراك في العراق فإن الخاسرين سوف يكونوا هم: تركيا واقليم كردستان العراق والعراق نفسه والاستقرار الاقليمي والولايات المتحدة التي تعتبر انقرة وبغداد حليفتين لها.
وسوف يكون الرابح الأكبر هو تنظيم القاعدة وأنصارها.وربما يحقق حزب العمال الكردستاني بعض المكاسب قصيرة الاجل من خلال توسيع الصراع لكنه في النهاية سوف يفشل.
ما هو دخل القاعدة في هذه القضية؟ أشم رائحة أن زعماءها قد باتوا متحمسين تماما للمشاكل الحدودية التركية-العراقية.فبشكل عام فإن اقليم كردستان العراق-وهو الاقليم الوحيد الذي يعمل بشكل جيد-قد ظهر على انه محصن بشكل كبير من الفوضى التي تعم اجزاء اخرى من العراق.ومن دأب القاعدة أن ترحب باية اضافة للفوضى والاضطراب في العراق ولا سيما إذا كان هذا التطور ربما لا يكلفها شيء.
حيث إن آخرين يعززون هذا الاتجاه بمواردهم.ففي الأسبوع الماضي اقر البرلمان التركي بشكل غير مفاجئ القيام بحملة عسكرية في شمال العراق مثيرا في ذلك تكهنات لا حد لها-يشجعه في ذلك الاحتجاجات الجماهيرية الاخيرة في تركيا والتي تطالب بالقيام بعمل ضد عناصر حزب العمال الكردستاني-بشأن القيام بعمل وشيك.لكن على العكس ماذا لو تم السماح للعقول الرزينة الهادئة بأن تسود وتقطع الطريق على حلم القاعدة؟
بداية من الضروري التعرض إلى لعبة إلقاء اللوم على وصول الوضع الى ما وصل إليه مؤخرا.حيث يشير البعض بأصابع الاتهام في ذلك لتركيا.ويحتجون في الأساس بأن أنقرة قد اتبعت طريق المصلحة الشخصية وذلك بالتعامي عن ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني داخل العراق وخلق أعذار ترحب بمنطقة كردستان المتمتعة بحكم شبه ذاتي والتي لا تثق فيها.فضلا عن ذلك يستطرد المنتقدون بأن هذا التصرف هو جزء من سياسة اكبر في التحدي الانتقائئ للولايات المتحدة حيث تعمق تركيا في هذا الاتجاه ايضا علاقاتها الاقتصادية مع ايران وروسيا وتسعي من الناحية السياسية إلى أرضية مشتركة مع سوريا وحركة المقاومة الاسلامية (حماس).
آخرون يلومون العراق-على الرغم من انهماكه في حرب اهلية وبناء الدولة والارهاب الذي تقوم به القاعدة وعناصر اخرى- على عدم قمع حزب العمال الكردستاني.ويذكرون بانه كان يجب ان يكون الرئيس جلال طالباني وهو كردي اكثر صرامة ويتحدث بشكل اقوى ويعمل باحساس اكبر بالوضع الملح.
مع ذلك فان اخرون يلومون على واشنطن مصرين بانه كان عليها ان تتخذ زمام المبادرة قبل وقت طويل من الان لمنع المواجهة بين شريكين رئيسيين.
ربما كان الامر كذلك غير ان المشكلة الحقيقية تكمن مع حزب العمال الكردستاني الذي يثير عدم الاستقرار في المنطقة برمتها من خلال تجاوزاته.ولماذا-كما اقترح طالباني- لا يتوقف الحزب عن عمليات القتل وينزع سلاحه ويحول نفسه الى منظمة سياسية؟
في غضون ذلك فان العراق اعلن انه يتخذ خطوات لحل مشكلة حزب العمال الكردستاني على الرغم من ان الطبيعة المحددة لهذه الخطوات غير واضحة.
بصراحة تامة يجب على بغداد ان تشدد قبضتها وتكرس الموارد اللازمة لاجبار حزب العمال الكردستاني على ان يختار بين:التصرف بشكل مسئول او الخروج من العراق.ويتضمن ذلك تفكيك معسكراته واعتقال قادته.ويجب على الولايات المتحدة ان تدعم وتساعد هذه الجهود.وغني عن القول ان الوقت محدود.وانه اذا استمر الحزب في تجاهل الدعاوي لوقف اطلاق النار والكف عن القيام باعماله الاستفزازية فان ضبط النفس لدى تركيا البالغ الاهمية سوف ينهار.
مع ذلك فلو ان تركيا تحكمت في أعصابها ولو تصرف العراق بشكل حاسم واختار حزب العمال الكردستاني النهج السلمي فان الامور يمكن ان تسير في الطريق الصحيح بالنسبة للكل وسوف يكون الخاسر في ذلك هو تنظيم القاعدة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
مشكلة اكراد العراق..
حيدر رشيد
العرب اليوم
مشاركة الاكراد العراقيين من خلال حزبيهم الرئيسيين في الحكم في العراق بات مكسبا تاريخيا للاكراد وهم الذين حملوا السلاح طيلة سنوات طوال وفي وجه حكام مختلفين من اجل تحصيل حقوقهم في حكم ذاتي ضمن اطار الجمهورية العراقية كما كان شعارهم الرئيسي.
طموح اكراد العراق ومثلهم اكراد سورية وايران وتركيا في اقامة دولة كردية مستقلة لا يمكن اخفاؤه ولان هذا الحلم تشترك او اشتركت اربع دول في مواجهته والتصدي له, ولان دعائم قوية لتحقيقه ثبتت الان باشتراك الاكراد في التحالف الذي يحكم العراق, وبسبب انسجامه مع المخطط الامريكي والطائفي لتقسيم العراق الى دول طائفية واثنية فان كلا من الدول الثلاث الاخرى التي يعيش فيها الاكراد بدأت تشعر بالخطر من ان تصبح بعض اراضيها جزءا من هذه الدولة يختلف حجمه باختلاف الظروف السائدة لحظة قيام هذه الدولة, ولهذا السبب نجد ان القيادة السورية وعلى لسان الرئيس السوري تعلن عن دعمها حق الجيش التركي في ردع اكراد تركيا ومطاردتهم داخل الاراضي العراقية, ونجد تشددا ايرانيا في الموقف من الاكراد على الحدود المشتركة بالاضافة الى ما نلاحظه من عزم تركي على وأد اية محاولة لتثبيت حق اكراد تركيا بالحصول على اي حق خاص يمكن ان يكون في النهاية مكملا لدولة كردية محتملة.
ما يزيد الامور تعقيدا هو تمركز النفط العراقي بشكل رئيسي في اراضي الشمال التي يسكنها الاكراد الامر الذي سيعطي لأية دولة كردية محتملة اذا ما تم تقسيم العراق امكانات ضخمة وهذا ليس بعيدا عن ما تفكر به الادارة الامريكية ويجعل هذه الدولة مصدر ازعاج وتهديد لجاراتها.
اكراد العراق يعيشون الان في حالة من الازدواجية فهم لا يستطيعون الاعلان عن دعم اكراد تركيا في معركتهم علما بان قواعدهم موجودة في الاراضي الكردية العراقية, هذا في الوقت الذي يعلن فيه هوشيار زيباري وزير خارجية العراق بان اجراءات عراقية ستؤخذ من اجل وقف ما يقوم به مقاتلو حزب العمال الكردستاني انطلاقا من الاراضي العراقية في نفس الوقت الذي يصرح به مسعود البرازني في حاكم اقليم كردستان العراق الذي لا علاقة رسمية له بالمناصب الرسمية العراقية بان تسليم قادة حزب العمال الكردستاني يعتبر حلما.
قيادات اكراد العراق في موقف حرج خاصة وان الوعاء الايديولوجي لحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل في تركيا والحزبين الكرديين الرئيسيين في العراق يعتبر نفسه تقريبا الامر الذي يجعل من الصعوبة بمكان ان يكون لاكراد العراق دور حقيقي في الحد من نشاط حزب العمال الكردستاني او دعم الجهود التركية في هذا المجال وذلك بالرغم من التصريحات الدبلوماسية التي يطلقها وزير خارجية العراق الكردي هوشيار زيباري.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
ضرورة احتواء الأزمة على الحدود العراقية التركية
افتتاحية
عمان اليوم
في الوقت الذي تعاني فيه دول وشعوب المنطقة من اندلاع حرائق عدة تلقي بأعبائها وسلبياتها على حاضر المنطقة ومستقبلها، فانها بالقطع لا تحتمل تفجر مشكلات او اندلاع حرائق اخرى، لا في داخلها ولا من حولها ايضا، نظرا للمخاطر العديدة المتمثلة في احتمالات الانفلات وعدم امكانية السيطرة على التفاعلات الحادة التي يضر بعضها بالتأكيد بمصالح دول وشعوب المنطقة، على نحو او اخر، سواء بشكل مباشر او غير مباشر.
وفي هذا الاطار فانه من الطبيعي ان تثير التطورات وحالات التصعيد التي تشهدها منطقة الحدود العراقية التركية الكثير من القلق، ليس فقط بالنسبة لحاضر ومستقبل العلاقات العراقية التركية وهي علاقات تميزت بالقوة والاستقرار لسنوات طويلة، ولكن ايضا بالنسبة لما قد يؤدي اليه حريق اخر على الحدود العراقية الايرانية من توسيع رقعة النار وزيادة حدة التوتر وعدم الاستقرار التي تلف المنطقة في هذه المرحلة الحرجة.
واذا كان ما يسمى حزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يصنف على انه «منظمة ارهابية» يدفع نحو اثارة القلاقل في منطقة الحدود العراقية التركية من خلال العودة الى ارتكاب اعمال ارهابية داخل تركيا، وهو ما تكرر في الآونة الاخيرة، فانه من حق الحكومة التركية ومن مسؤوليتها ايضا ان تعمل من اجل حماية اراضيها ومواطنيها ضد اية تهديدات، وهو امر مشروع. غير ان تعقيدات الاوضاع على الاقليمية وعلى الحدود العراقية التركية من ناحية، وطبيعة العلاقات التركية العراقية من ناحية ثانية تفرض في الواقع الحاجة الى بذل جهود اضافية من اجل التوصل الى أفضل السبل لمواجهة هذه التطورات، وبما يحتوي الازمة من جهة، ويحافظ على العلاقات الطيبة بين انقرة وبغداد ويحافظ كذلك على مصالحهما المشتركة والمتبادلة من جهة ثانية.
ومع عدم استبعاد فرضية ان تكون عودة ما يسمى حزب العمال الكردستاني الانفصالي الى انشطته الارهابية في الجانب التركي من الحدود العراقية التركية هي محاولة لاختبار الاتفاق العراقي التركي الذي تم التوصل آليه مؤخرا والمتعلق بالتعاون الامني بين الجانبين، فانه من المأمول ان تؤدي الجهود المبذولة لاحتواء الازمة، والتريث التركي في اجتياح الحدود العراقية التركية لمطاردة العناصر الارهابية، وادانة الحكومة العراقية لممارسات حزب العمال الكردستاني ومطالبتها لعناصره بمغادرة الاراضي العراقية، الى تهيئة الفرصة لاحتواء الازمة، وبما يحافظ على سلامة واستقرار منطقة الحدود العراقية التركية ويفتح المجال امام تطوير التعاون العراقي التركي لخدمة مصالح الدولتين الجارتين في مختلف المجالات.
على اية حال فان ما جرى ويجري على الحدود العراقية التركية خلال هذه الايام يشير في الواقع الى اهمية وضرورة ان يعمل العراق والدول المجاورة له على تطبيق ما تم الاتفاق عليه، أكثر من مرة، في اجتماعات الدول المجاورة للعراق وهو الالتزام بمنع تسلل الارهابيين او النشاط الارهابي عبر الحدود والتعاون الصادق على حفظ الامن فيما بينها، وهو امر ضروري بين الدول المتجاورة. واذا كانت الاوضاع والتطورات التي تجري في العراق تحد من قدرة حكومته على القيام بخطوات فعالة في هذا المجال، وهو امر مفهوم، فان التعاون والتفاهم والتنسيق بين بغداد وانقرة وبين الاطراف الاخرى المعنية من شأنه ان يسهم في تطويق هذا الخطر الذي لاتقتصر اضراره على طرف دون اخر بالتأكيد. فهل ستنجح جهود تطويق الخطر ؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
أزمة جديدة
د. طارق الشيخ
الراية قطر
تصاعد متسارع ومخيف للأحداث بين تركيا وإقليم كردستان العراق والدولة العراقية بكاملها . تركيا تطارد حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) مستبقة ذلك بترسانة قانونية من البرلمان الذي يحوز حزب العدالة الحاكم علي غالبية الأصوات فيه.
ويسبق ذلك قرار تاريخي من الكونغرس الأمريكي يحمل إدانة تاريخية للدولة التركية عن مجازر الأرمن أيام الدولة العثمانية .
تركيا حليف تاريخي للولايات المتحدة بها اكثر من 12 قاعدة عسكرية امريكية وظلت تاريخيا تعمل كحائط صد أمامي لدرء الخطر السوفييتي ومازالت القوة النووية الأمريكية رابضة داخل تركيا . لكن الجديد والمربك أن أمريكا قد أصبحت بعد احتلالها للعراق جارة لتركيا.
وبالتالي فإن هجوما تركيا مفترض لإصابة أهداف كردية قد يطال القوات الأمريكية المنتشرة في كل العراق فماذا سيكون عليه الحال وقتها الله وحده العالم . سوريا وإيران تلعبان علي وتر إغاظة أمريكا فأغاظت التحركات السورية أكراد العراق الذين فاجأتهم المؤازرة السورية لتركيا " نكاية بأمريكا " لكنها نكأت جرح العلاقات مع الكرد في العراق . علي ان إيران تدعو لحل الأزمة عبر المفاوضات والطرق الدبلوماسية .
علما بأن مايربط بين هذا الثلاثي إيران- تركيا - سوريا أنها دول تمور فيها الأرض حيث تعيش القوميات الكردية. ولذا تبدو التحركات هناك من كل جهة وصوب أشبه بالسير فوق حقل مليء بالألغام . و إقليم كردستان العراق الذي ظل يمثل استثناء حتي علي مستوي العراق نفسه إذ ظل يعيش هدوءا وسلاما نسبيين منذ انهيار نظام صدام ، لكنه اليوم موعود بأزمة يزيدها التعنت والتلويح بالقوة اشتعالا.
المفارقة ان الحليفين أمريكا وتركيا أكبر قوتين عسكريتين عددا داخل حلف الناتو قد وجدا نفسيهما وفي غضون أيام معدودات أمام أزمة حقيقية وخطيرة . والمثير أن إدانة أمريكا لتركيا بشأن الأرمن يمكن ان تصدر معكوسة عن أنقرة حول الهنود الحمر مثلا .
كما إن أمريكا التي وصمت بي كي كي ذات يوم بالإرهاب داعمة للموقف التركي وتخوض حربا اليوم علي العراق باسم محاربة الإرهاب هي نفسها اليوم التي تطلب من تركيا التريث في محاربة ماتعتبره تركيا إرهابا. وهذا من تعقيدات الوضع المحيط بالموقف التركي والتهديد بضرب شمال العراق .
هذا الموقف يتطلب من جيران العراق جميعا التنبه الي هشاشة الوضع بكامله داخل العراق ومضاعفة الجهود الدبلوماسية لأنها أجدي ، وفتح جبهة جديدة يوسع من رقعة الحرب ويضاعف من خطر تمدده خارج العراق لدول المنطقة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
تركيا وحزب العمال.. عقدة حقيقية (4-4)
طه خليفة
الراية قطر
القيادات الكردية العراقية وعلي رأسها الزعيمان الكبيران مسعود البرزاني رئيس حكومة إقليم كردستان وجلال الطالباني رئيس العراق كانوا الأكثر انزعاجاً من القرار التركي الشعبي والرسمي المؤجل بالتوغل في شمال العراق فيما يسمي بمنطقة كردستان العراق، بعكس حكومة بغداد المركزية التي لا سلطة ولا سيادة لها علي هذه المنطقة ولذلك كان ساسة بغداد أكثر تفهماً وقرباً من الموقف التركي ضد حزب العمال، وهم علي استعداد لتلبية كل المطالب التركية لتفادي الحرب ولهذا جاء قرار بغداد بإغلاق مكاتب الحزب، تلك المكاتب الموجودة والتي تعمل وكما هو واضح بعلم وبدعم حكومة البرزاني الذي أشار صراحة الي أن أكراد العراق سيواجهون التوغل، وأما الطالباني فقال صراحة أيضاً أننا لن نسلم أي قيادي كردي تركي ولو حتي قطة كردية وليس سراً أن عدداً من قادة أكراد العراق متورطون مع حزب العمال في شن هجماته الإرهابية علي الجيش التركي ومن ضمن الأسماء المطلوبة من جانب تركيا نجل مسعود البرزاني ومحمود عثمان القيادي والنائب البارز. أكراد العراق يعيشون في هدوء منذ احتلال العراق ويبنون في هدوء كيانهم المستقل بمعزل عن بغداد وحكومتها المركزية التي لا يتعدي نفوذها المنطقة الخضراء التي تحتمي فيها، وهذا الكيان الذي يأخذ شكل الدولة المستقلة يمثل بالمقابل ازعاجاً لتركيا لأنها تثير أكثر النزعة الانفصالية لأكراد تركيا كما غيرهم في ايران وسوريا ويمكن أن تكون نواة لكردستان الكبري وهو الحلم التاريخي للأكراد، وبالتالي فإن كل طرف يضغط علي أعصاب الطرف الآخر من هذه النقطة. أكراد العراق يدعمون اخوانهم أكراد لأنقرة من خلال حزب العمال لجعل أنقرة تخفف من ضغوطها علي كردستان وعلي مواصلة قادتها تشكيل كيانهم الخاص ورفع الفيتو عن ضم كركوك إليها، وأنقرة تواجه ذلك بالتدخل العسكري في كردستان ليس لتعقب وضرب قواعد حزب العمال فقط إنما هناك الهدف الآخر الخفي وهو رسالة للبرزاني وغيره بأن دولتك يمكن أن تكون في مهب الريح وتحت رحمة الجيش التركي في أية لحظة حيث لن يسمح بوجودها لمخاطرها الكثيرة علي وحدة تركيا، وعلي الوضع الديمجرافي بالمنطقة بدولها كلها. لذلك كله يبدو لنا فعلاً كيف أن المشهد والوضع العام معقد أكثر مما نعتقد، وأن حكومة أنقرة تحتاج الي معالجة هادئة للأزمة خاصة وهي واقعة الآن تحت ضغط أمريكي آخر يتمثل في قانون مذابح الأرمن الذي يمكن أن يمرره الكونجرس بما يترتب علي ذلك من تداعيات دولية سياسية ومادية في شكل تعويضات مزعجة لتركيا، فهذا القانون ورقة ضغط أمريكية قوية يمكن لواشنطن أن تلاعب بها أنقرة لفرملة التوغل حيث يمكن عقد صفقة بمنع تمرير القانون مقابل عدم التوغل ومعالجة الأمريكان بالاشتراك مع حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد للأمر والتوصل إلي حل للأزمة؟!.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
ارتباك أمريكي
: أحمد ذيبان
الراية قطر
.. الصراع المسلح بين السلطات التركية وحزب العمال الكردستاني، ليس وليد الساعة، فقد انطلق عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين، وراح ضحيته عشرات الآلاف من القتلي، وشهدت هذه الفترة مراحل تسخين وهدوء، دون حل جوهر المشكلة الكردية، لكن التسخين الراهن ينطوي علي دلالات ورسائل سياسية يبدو ان انقرة تريد ايصالها الي واشنطن، والتي تعاني من ارتباك سياسي واضح، ازاء العديد من الازمات الاقليمية، التي تفاعلت في وقت متزامن، وتتحمل ادارة بوش مسؤولية اساسية عن ذلك بسبب سياستها الحمقاء، وأهم تلك الازمات الغرق في المستنقع العراقي، وأزمة الملف النووي الايراني، فضلا عما يشكله التغلغل الايراني في العراق من ضغوط نفسية وسياسية وربما أمنية علي القوات الامريكية في العراق!.
صحيح ان مقاتلي حزب العمال صعدوا من عملياتهم العسكرية ضد الجيش التركي مؤخرا، لكن ذلك تزامن مع قرار تبنته لجنة في الكونغرس الامريكي، يعتبر ما تعرض له الأرمن في تركيا إبادة جماعية في أواخر عهد الدولة العثمانية مطلع القرن العشرين، ومن المعروف ان تركيا حساسة جدا ازاء وصف الابادة وتعتبر ذلك خطاً أحمر، وترفضه بشكل مطلق، أيا كان لون وانتماء الحكومة القائمة فيها، وقد جاء رد الفعل التركي غاضبا علي قرار اللجنة البرلمانية الامريكية، وهددت انقرة باجراءات عقابية تتعلق بوقف الدعم والتسهيلات اللوجستية، التي تقدمها للقوات الاميركية سواء عبر قاعدة انجرلينك الجوية، أو السماح بعبور الامدادات الي قوات الاحتلال الامريكي في العراق!.
ولا شك ان حكومة حزب التقدم والعدالة في تركيا، تدرك جيدا بأن تسخين الأزمة مع المتمردين الاكراد، والتهديد باجتياح شمال العراق الخاضع للاحتلال الامريكي، يشكل احراجا شديدا لواشنطن، وهذا ما حدث بالفعل، ذلك ان اقليم كردستان العراق يتمتع بوضع شبه دولة ، بفضل الحماية الامريكية، والتسهيلات التي وفرتها تركيا خلال أكثر من خمسة عشر عاما!.
جاءت النتائج سريعة، لمصلحة تركيا، حتي ان لم تكن حاسمة حتي الآن، فقد أدانت ادارة بوش عملية حزب العمال الكردستاني الاخيرة بشدة، ولم تجرؤ علي رفض مبدأ التوغل العسكري التركي في شمال العراق، بل طلبت إمهالها عدة ايام، وثمة توقعات بالقيام بعملية عسكرية أمريكية تركية مشتركة ضد معاقل المسلحين الاكراد، كما طالب البيت الابيض الحلفاء في الحكومة العراقية وحكومة كردستان التحرك ضد الحزب الانفصالي، وهي تدرك جيدا ان ذلك محرج لعلاقتها مع حلفائها !، فحكومة بغداد لا حول لها ولا قوة غير تعهد شكلي باغلاق مكاتب الحزب، ذلك ان المكاتب هي بحماية حكومة كردستان الخارجة عن سلطة بغداد، والتي لها رأي اخر فأكراد العراق قد يناورون، لكنهم لا يضحون أو يقاتلون أكراد تركيا لأسباب قومية!.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
تركيا والعرب
احمد عمرابي
البيان الامارات
: من يملك الحق القانوني أو الأخلاقي لانتقاد تركيا؟ كافة الأطراف ذات العلاقة بالمشكلة الكردية وتداعياتها في تركيا ـ الولايات المتحدة وكردستان العراق والحكومة العراقية في بغداد ـ لا تملك مثل هذا الحق.
قوات التمرد الكردي في جنوب شرق تركيا التي يطلق عليها «حزب العمال الكردستاني» تتخذ لنفسها قواعد حدودية في الشمال العراقي تشن منها هجمات عبر الحدود على قوات الجيش التركي. ولمطاردتها يضطر الجيش التركي إلى عبور الخط الحدودي في مناطق جبلية شديدة الوعورة.
ولكن عوضاَ عن اتخاذ موقف عملي حازم ضد القوات الكردية المتمردة فإن الأطراف ذات العلاقة تتوجه إلى القيادة التركية بالنصح اللفظي ومطالبتها بتوخي «ضبط النفس».
لقد تضاعف تحدي التمرد الكردي المسلح ضد الجيش التركي منذ بروز منطقة كردستان في الشمال العراقي خلال السنوات الأربع الأخيرة كإقليم حكم ذاتي اسمياً وكدولة مستقلة فعلياً، ورغم ان حزب العمال الكردستاني أقام قواعده داخل أراض كردستان العراق بموافقة ورعاية من قادة الإقليم إلا أن هؤلاء القادة يدعون الآن أنهم لا يستطيعون تسليم القيادات المتمردة إلى الحكومة التركية.. بل ولا يستطيعون منع قواتهم من مواصلة هجماتهم على القوات التركية عبر الحدود.
وإجمالاً يبدو قادة أكراد العراق وكأنهم يتحدون تركيا، وهو تحد لم ينشأ من فراغ. فهؤلاء القادة يعتمدون على سند أميركي.. ويراهنون على حماية أميركية عند نهاية المطاف إذا تعرضت «دولة» كردستان إلى أي تهديد خارجي.
هذا الدعم الأميركي القوي ترجع بدايته إلى ما قبل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 حين أقامت الولايات المتحدة «منطقة حظر جوي» فوق أجواء عراق صدام لغرض( حماية الأكراد في الشمال والشيعة في الجنوب).
الآن ومن أجل استرضاء القادة الأكراد في الشمال العراقي فإن إدارة بوش ترفض ممارسة ضغط عليهم لحملهم على تصفية قواعد حزب العمال الكردستاني وهو أمر لا يخلو من مفارقة. ذلك ان حزب العمال الكردستاني مصنف منذ سنوات عديدة على القائمة الأميركية الرسمية للمنظمات «الإرهابية» لكن يبدو ان الاحتلال الأميركي للعراق أفرز ظرفاً جديداً تطلب من الولايات المتحدة خلق تحالف بين قادة الشيعة وقادة الأكراد العراقيين ضد المنظمات العراقية السنية.
وربما لهذا السبب تتردد حكومة العراق التي يغلب عليها الطابع الشيعي في اتخاذ موقف معاد لحزب العمال الكردستاني التركي حتى لا تغضب (حلفاءها) أكراد العراق. ورغم ان الحكومة العراقية وقعت اتفاقاً أمنياً مع الحكومة التركية موجهاً ضد القوات الكردية التركية المتمردة إلا أنها عاجزة عملياً على الوفاء بتعهدها لأنقرة ذلك ان الحكومة العراقية لا تستطيع الوفاء بمتطلبات أمنية حتى داخل العاصمة بغداد نفسها.
هذا الوضع قابل للاستثمار السياسي عربياً.. بهدف استقطاب تركيا بالكامل في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي لصالح العرب.
إننا الآن نشهد أزمة بنيوية في العلاقة التاريخية بين تركيا والولايات المتحدة.. وهي أزمة مرشحة بكل المؤشرات المرئية للتفاقم إلى حد القطيعة كلما ازدادت المشكلة الكردية تعقيداً، ولنعد إلى الأذهان ان الولايات المتحدة تريد لكردستان العراق ان يكون «إسرائيل» أخرى كقلعة معادية للعرب.. متحالفة استراتيجياً مع الدولة اليهودية. فهل تحسن القيادات العربية ـ خاصة الفلسطينية ـ قراءة الوضع؟ وهل تتحرك بعد أن تحسن قراءته؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
هل بدأت مرحلة خنق الانفصالية الكردية؟
عبدالزهرة الركابي
لراية قطر
..عندما أغلقت إيران لفترة وجيزة حدودها مع شمال العراق بذريعة الرد علي اعتقال أحد مسؤوليها من قبل الأمريكيين في المنطقة المذكورة، بدا لي ويشاركني في هذه الرؤية الكثير من المحللين، أن عملية الإغلاق القصيرة هذه، إنما تمثل للمستقبل المنظور بروفة تمهيدية لعملية أكبر من المحتمل أن تقوم بها الدول الثلاث المحاددة لشمال العراق، الذي يعمل الأكراد ومنذ الاحتلال علي أن يكون فيه كيانهم مستقلاً و أمراً واقعاً مع ترك هامش من التستر تحت معطف الحكومة المركزية في العراق الذي يواجه في واقعه غياب السيادة بفعل الاحتلال، والذي لا يمكن شرعنة العملية السياسية في كنفه مهما كانت المسوغات والدعاوي التي يتشدق بها المنخرطون في هذه العملية التي تعمل لصالح هذا الاحتلال.
وبعد أيام قصيرة من عملية الإغلاق الإيرانية أعلنت تركيا عن نيتها اجتياح شمال العراق من أجل القضاء علي قواعد حزب العمال الكردي التركي، والواضح أن التهديدات التركية لم يكن هدفها الكلي هو قواعد حزب العمال الكردي التركي وحسب وإنما هي أساساً تهدف الي تقليم أظافر الإنفصالية الكردية التي بدأت تشعر الدول الثلاث المحاددة لمنطقة شمال العراق بخطورتها علي أمنها الوطني، والدليل ان إيران بالإضافة الي عملية إغلاق الحدود الوجيزة راحت تقصف مدفعيتها الثقيلة قواعد الحزب الديمقراطي الكردي الإيراني الواقعة في شمال العراق، في حين ان سوريا أيدت التوجه التركي نحو القيام بعملية عسكرية ضد قواعد حزب العمال الكردي التركي في شمال العراق، ومن هذا التوجه الإقليمي المتمثل في مواقف الدول الثلاث تركيا وإيران وسوريا، يعتقد المراقبون ان مثل هذا التوجه لم يكن منفصلاً عن بعضه البعض، بل هو متأت من تنسيق وتزامن متفق عليه بين الدول المذكورة التي ما أنفكت عن مراقبة الوضع في شمال العراق بصورة حثيثة.
ولهذا لا نستغرب إذا ما علمنا أن التهديدات التركية صاحبتها طروحات ولا نقول شروطاً سياسية تتعلق بأكراد العراق بالإضافة الي بعض الإجراءات الاقتصادية، وخصوصاً أن تركيا قد أعلنت جهاراً عن عدم اعترافها بأكراد العراق وهم بالتالي ليسوا طرفاً مؤهلاً في هذه الأزمة، بينما أكدت في نفس الوقت أن تفاوضها سيكون مع الحكومة المركزية في بغداد، وهذا ما يؤكد أن تركيا أعلنت رسمياً عن بدء مرحلة عملية خنق الإنفصالية الكردية في شمال العراق وفقاً للأهداف السياسية المؤطرة بالعملية العسكرية والمتعلقة بغرض ضرب قواعد حزب العمال الكردي التركي والتي سنتطرق إليها فيما بعد.
أولاً: أكد وزير الأمن الوطني العراقي أن ممثل أنقرة في اللجنة الثلاثية الأمريكية - العراقية - التركية قدم مطالب عدة مقابل تعليق العمل العسكري ضد عناصر حزب العمال الكردي التركي، ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قوله أمام الصحافيين في اسطنبول: لن يرضينا سوي إغلاق معسكرات حزب العمال، بما فيها معسكرات التدريب وتسليمنا زعماء الإرهابيين، وطلب من بغداد تنظيف هذه المعسكرات نهائياً.
ثانياً: أكد نائب أردوغان، جميل تشيتشك، أن أنقرة جادة في عزمها علي إرسال قوات الي شمال العراق لملاحقة المتمردين، ورفض المسؤول التركي دعوة أكراد العراق الي محادثات مباشرة، مؤكداً أن أنقرة تعترف ببغداد وحدها طرفاً محاوراً.
ثالثاً: الحكومة التركية تشترط انتشار القوات العراقية المركزية علي الحدود الممتدة أكثر من 450 كلم، ورفع العلم العراقي علي المخافر والمعابر بين البلدين، بدلاً من أعلام الأحزاب الكردية، وتسليم عشرة قياديين أكراد للعمال داخل الأراضي العراقية، بينهم مراد كاريلان وجميل بييك وزبير أيدار، بالإضافة الي المطالبة بتسليم رئيس جهاز الاستخبارات الكردي الاسايش لتورطه بدعم عمليات مسلحة داخل تركيا، وتراجع الأكراد عن ضم كركوك الي الكيان الكردي.
رابعاً: انسحبت 23 شركة تركية من العمل في المنطقة الكردية، ونقل راديو سوا عن مصادر في أربيل أن آخر شركة جمدت أعمالها في المنطقة هي شركة تاشيابي التي كانت قد أنهت مؤخراً مشروع إنشاء طريق جديد بمبلغ 60 مليون دولار، وأشارت صحيفة توركيش ديلي نيوز في أحد أعدادها الأخيرة الي أن تاشيابي التي يرأسها رجل الأعمال أمر الله تورنال ويعمل لديها نحو 600 شخص، هي واحدة من أكبر الشركات في المنطقة ويقول تورنال للصحيفة : في مثل هذه الظروف لا نعتقد أننا سنربح مادياً، ونحن لا نود رؤية حرب تنشب هنا.
ويذكر أن الشركات التركية بدأت بالقدوم إلي شمال العراق منذ 2003، إذ رست عطاءات نحو 90 في المئة من مشاريع حكومة الأكراد عليها، هذا وتمارس أكثر من 100 شركة تركية نشاطاتها في مجالات إنشاء الجامعات والطرق والجسور والمطارات وحتي السجون، وتشغل عمالة يقدر عددها بنحو 15 ألف شخص، حسب مصادر رسمية كردية، وقدرت حجم نشاطات الشركات التركية في شمال العراق عام 2006 بنحو 5.2 مليار دولار ومن بين أكبر الشركات العاملة هناك شركة تيبي للانشاءات وماك - يول للطرق، ومجموعة 77 وغولماك وغوناي للانشاءات وتشيفكلير، كما تقوم مجموعة تيبي بإنشاء جامعة السليمانية بكلفة قدرها 250 مليون دولار، متخذة من جامعة بيلكنت في أنقرة نموذجاً لها، فيما تتولي شركة ماك - يول بناء مطار أربيل الدولي بقيمة 480 مليون دولار.
من جهتهم فإن أكراد العراق لايستغربون مثل هذه التهديدات والمطالب التركية، وهم يدعون إنها تنسجم مع العقلية التركية التي تحاول فرض إرادتها علي الآخرين، حيث يتهمون تركيا باستهداف تجربة الفيدرالية العراقية لا سيما إقليم كردستان ، فالهدف هو ضرب الإقليم والإساءة إليه كونه يتاخم حدود الدولة التي ترفض الاعتراف بحقوق الأكراد فيها وفقاً لتصريحات المصادر الكردية.
لا شك أن الدول المجاورة لشمال العراق وهي تراقب الكيان الكردي الإنفصالي والمستقل من دون الإعلان عن ذلك، تيقنت أخيراً أن وجود هذا الكيان المستقل في شمال العراق والمتاخم لأراضيها، أصبح يشكل خطراً حقيقياً لا يمكن لها أن تسكت عليه ولعوامل عدة، ومنها ان العامل الديمغرافي الكردي له إتصالات وإمتدادات في داخل هذه الدول هذا من جانب، ومن جانب آخر أن العراق المفتقد للسيادة من جراء احتلاله، وهو في هذه الظروف ليس في وسعه وضع حد لإنفصال هذا الجزء من دولته، الأمر الذي يتطلب من الدول المجاورة أن تقوم بهذه المهمة لاسيما وأن هناك من بينها من تتعرض لأعمال عسكرية لا يمكن الإستهانة بتأثيراتها السلبية علي أمنها الداخلي، ما يجعل من هذه الدولة مؤهلة ومضطرة أكثر من غيرها للاضطلاع بمهمة القضاء علي مصدر الخطر الكردي بوجه عام، ولهذا ليس من المستغرب أن تكون تركيا هي التي ستأخذ علي عاتقها القيام بهذه المهمة لأسباب واعتبارات عدة، وأولها أن تركيا هي الأكثر تعرضاً للخطر الكردي في الوقت الحاضر، وآخرها هو أن لهذه الدولة علاقة تحالفية مع أمريكا وعلي العكس من سوريا وإيران اللتين تعتبران من المحور المعادي لأمريكا وهي القوة التي تحتل العراق، وعلي هذا المنحي يقول جراهام فولر النائب السابق لرئيس مجلس الاستخبارات الوطني التابع لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيةفي كتابة له، ومن الأفضل التعود علي حقيقة أن تركيا قوية بديمقراطيتها الشعبية ستواصل سعيها الحثيث لخدمة مصالحها القومية، بصرف النظر عن ضغوط واشنطن.
وعلي كل حال، فإن المواقف بين الجماعات المشاركة في العملية السياسية أصبحت عرضة للتباين إزاء التهديدات التركية باجتياح شمال العراق، وقد جاء في تقرير من بغداد، إن قضية التهديد التركي لاجتياح شمال العراق أعادت الي الإذهان موضوع الفيدرالية من جديد، لاسيما مع عزم الحكومة المركزية علي تجاوز هذه الأزمة بوصفها شأناً وطنياً في غاية الخطورة، بغض النظر عن كون العمليات العسكرية التركية ستجري في شمال العراق تحديداً، لمطاردة متمردي حزب العمال الكردي، وقال المرجع الديني قاسم الطائي في تصريح صحفي : إن الحركة باتجاه الفيدرالية الآن ستكون مضعفة لحكومة المركز وتغري الجيران للتدخل بالشأن العراقي، مؤكداً أن عزم تركيا الأخير علي اجتياح العراق دليل علي ذلك.
وفي هذا الصدد قال مصدر كردي أن تركيا أبلغت حكومة المالكي تأجيل استقبال الوفد العراقي الذي كان يزمع زيارة تركيا، منوها بأن الحكومة التركية عزت ذلك الي ضرورة الاتفاق بين حكومة بغداد والأكراد بشأن النقاط التي سيبحثها الوفد قبيل زيارته أنقرة، مع اشتراطها عدم مجيء أطراف كردية ضمن الوفد العراقي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
لماذا.. تزدحم القاعات.. رعباً؟
وداد العزاوي
الراية قطر
موقف يتكرر كل عام، القاعات مزدحمة، منها المتفرقة، يجلس أفراد منتظرين توزيع أوراق، مكتوب عليها بما سيقرر مصيرهم لذاك العام، تري الوجوم علي الجميع، بلا مفارقات، كل منهم يعبر بشكل، هذا الخائف المتقرفص في مقعده، حتي يبتعد عن الالتفات إلي رفيقه وجلا، يدخل دوامة الانتظار، متي يبدأ الإجابة..!! أي نوع من الأسئلة هذا اليوم، وذاك زميل آخر يشاطره نفس درجة الخوف والارتباك، لكنه يعلنها بشكل مختلف، تسمع القهقهه تجلجل، والصوت مرتفع، قد يسمعه من يمر في الرواق، إنه إعلان داخلي لخوف مرتعش الجوانب، يظهرها قهقهة تخفي خوفا متصلبا بين ضلوعه، إنه الامتحان..؟ الخوف المتربص بنا طفولة، لم نعلم الأبناء، إن الامتحان هو معرفة مقدار معلومتك، كما أن شروط الدرجة النهائية، هي التي تحدد مصير التخصص الدراسي..!! وهذا ماكتبت فيه مرارا، أتمني إزاحة قبول الطالب علي قدر درجته، وذكرت تجربتي الخاصة، وامتحاني في الفلسفة وأنا التي أناقش الأستاذ في الفلسفة، ولي فيها عشق مميز، لكنني ساعة الامتحان لا أدري الذي حصل، غشيت الصفحات أمام عيني، ولا أدري ما كتبت مما اضطرني، أخط علي جميع الصفحات بالقلم، وأعيد كتابة مختصرات فقط وتركت القاعة، كانت درجتي متدنية جدا، وأنا التي كنت المتفوقة..!! كم من طالب يقع في هكذا مطبات، ظرفية مرضية حادث وفاة..؟ وعلي هذا كنت أطالب وما أزال، وحتي خلال حضوري المؤتمرات، أن يحذف شرط الدرجة في القبول الجامعي، أتركو الطالب هو الذي سيتعامل مع التخصص وسيعرف توجهه واقتداره أين..!
أعود بحديثي وقاعات الامتحان، أساتذة لهم مرور منوع في حياة الطالب، أستاذ مراقب متشدد صلب، مما يوزع الرعب في قلوب الطالب، حتي لو كان الطالب مسيطرا علي مادته، وقوفه نظراته تهمد معنوياتهم الحالمة بإجابات تملؤهم طمأنينة، وهناك أساتذة، مرورهم نسمة تعطي الطالب هدوءا وأمانا.
بالأمس كان ذلك الأستاذ، النسيم الهاديء مع طلابه، ليس علي عادته، لم أدر ما كان، وما هو عليه، كان متغيرا، عرفت السبب، تقدمت إليه وشوشت في أذنه، أيها الأستاذ الجليل، دول سرقت وما زالت تسرق أمام العالم، فلنتعامل مع الطالب بحميمية، الله معهم، سيذكرونا طيبا ويدعون لنا لعل دعوة منهم تفتح لنا أبوابا، أنهم الأبناء، كنا بالأمس طلابا، تتعثر بنا الطرقات، ننتظر يدا تمسك بنا لتدلنا الطريق، لنلج أبوابا كانت هي الحلم.
عراقي الحبيب أنت العشق.. أين العالم منك، أبناء يقصفون يقتلون، يهجرون، محرمون قاعات درس، تحوي أبسط وسائل التعليم، وأبواب الدول كلها أغلقت في وجوههم، لنا الله سيفرجها يوما..؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
غزو العراق ... وأوهام الحرية..!
رفعت صبري
السياسة الكويت
بعد اجتياح اميركا للعراق وسقوط بغداد بكل سهولة ويسر.. رفعت اميركا لافتات براقة كبسط الحرية والديمقراطية على هذا البلد الذي تعاقبت عليه الانظمة الفاشية منذ سقوط الدولة العباسية وجعل هذا البلد نموذجا في المنطقة بأسرها, وتوهم جميع الحالمين بالحرية وأصحاب الأحلام الوردية بأن العراق سيصبح قطعة من أميركا وإحدى ولاياتها, من أجل ذلك الحلم الوردي فتح الشعب العراق ابوابه مشرعة للمحتل, وتحطمت أصنام الخوف والرعب بداخله تحت هدير الطائرات ودوي القصف الجوي, وبعدها كشرت اميركا عن انيابها للدول العربية وطالبتها بإصلاحات سياسية كبيرة بلغت بعض الدول حد تعديل دستورها وكذلك طالبت بنزاهة الانتخابات ومنح الشعوب المزيد من الحرية في التعبير. فما كان من الحكام والانظمة سوى السمع والطاعة وخصوصا بعدما تم القبض على صدام حسين, وتم عرضه على أجهزة الإعلام بصورة ترهب اي حاكم, مما جعل بعض الأنظمة تلهث وراء وكالة الطاقة الذرية وترجوهم لكي يفتشوا«..! وصفقت بعض الشعوب المضطهدة للمشروع الأميركي, وانها مقبلة على تغيير جذري ورددت »بركاتك يا بوش« , وحدثت مفاجآت لم يتوقعها أحد من النزاهة الانتخابية حيث وصلت التيارات الاسلامية الى القمة كما هو الحال في فلسطين, ومضت السنين متثاقلة على اميركا في العراق وبدا واضحا للعيان الانكسار الأميركي وخيبة الأمل في العراق, وتراجعت حدة التصريحات المطالبة لدول المنطقة بالاصلاحات, وفشلت اميركا في تسويق مشروعها الإصلاحي في الشرق الأوسط فشلا ذريعا, بعد فشلها العسكري, بدأت الحكومات العربية تعيد حساباتها مرة أخرى, حيث لم يعد هناك ارهاب اميركي يهددها كما كان في بداية سقوط بغداد ويطالبها بالمستحيل, فحدث الانقلاب على المشروع الأميركي الفاشل »وعادت ريمة لعادتها القديمة«! ولسان حال الحكومات العربية يقول»اهل مكة ادرى بشعابها« وتم اطلاق يد الأمن للضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه تجاوز الخط الأحمر الذي رسمته له الحكومة, ومحاولة تكميم الافواه المستمرة بالقبض على أصحاب الاقلام والزج بهم في السجون, واصبح الحديث عن حرية التعبير والرأي وكأنه ذنب لا يغتفر, وخذلت اميركا من صفقوا لها ولمشروعها الاصلاحي بالمنطقة كعادتها فهي تجيد اشعال النار وتفشل في اخمادها, تجيد التدمير والقصف وتفشل في بسط الأمن, تجيد رفع اللافتات وتفشل في تطبيقها, تجيد فتح الجروح وتفشل في تنظيفها واغلاقها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
هل تتورط تركيا في المعمعة العراقية؟!
بيتر بوفام
اندبندنت
أسس حزب العمال الكردي عام 1970 وكان عبارة عن مجموعة ماركسية لينينية ووطنية كردية لحرب العصابات ظل ينتهج العنف منذ منتصف الثمانينيات للحصول على دولة كردية مستقلة جنوب شرقي تركيا، ويتركز في هذه المنطقة حوالي نصف مجموع الأكراد الاتراك الذين يبلغ تعدادهم 15% من مجموع سكان تركيا البالغ 73 مليونا، وقد صنف الحزب كجماعة ارهابية من قبل كل من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى، وقد عدل الحزب من مطالبه خلال العشر سنوات الماضية لتقتصر على الحكم الذاتي داخل تركيا الموحدة وقد عانى الحزب نكبة رئيسية عام 1999 عندما القى القبض على زعيمه عبدالله اوجلان، لكن في عام 2004 شعر الحزب بأن لديه من القوة ما يكفي لمواصلة حملته العنيفة ضد الحكومة التركية وقد لاقى حوالي 37,000 شخص مصرعهم منذ بداية النضال المسلح للحزب.
- لماذا عاد الحزب يتصدر الاخبار الآن؟
يمتلك مقاتلو حزب العمال الكردي مخابئا في الجبال العالية القاسية التي تفصل تركيا عن شمال العراق، وفي الشهر المنصرم شن هؤلاء هجمات متكررة على دوريات الجيش التركي متسببين في مقتل العشرات من أفراده، وقد وقعت آخر الحوادث في الاسبوع الماضي عندما فجر رجال حرب العصابات جسرا اثناء عبور دورية تركية له، مما أدى لمقتل ثمانية من افرادها، وقامت مصادر حزب العمال الكردي بنشر أسماء ثمانية من الاتراك الذين اعتبرتهم السلطات في عداد المفقودين، معلنة عن مسؤولية الحزب عن الهجوم.
وقال جنرال تركي متقاعد لصحيفة نيويورك تايمز أنه بوقوع الحادثة الاخيرة فإن (السهم قد غادر القوس ولم يتبق لدى الحكومة مجال للتردد أو التأجيل أو الفشل في شن هجوم عبر الحدود وصرخت صحيفة (كومهورييت) اليومية في عنوانها الرئيسي قائلا: (طفح الكيل) كما خرج المتظاهرون للشوارع في كل انحاء تركيا مطالبين باجراء عسكري قوي، وقد جرى تحطيم نوافذ معظم الاحزاب الكردية السياسية في اسطنبول.
- هل سيقع غزو على الأراضي العراقية؟
من ناحية التصور العام نعم، لكن مع وجود أكبر قدر من التردد من جانب اردوجان فهذا الزعيم الاسلامي المحافظ لحزب (العدالة والتنمية) التركي، الذي حصل على تفويض سياسي قوي جديد في الانتخابات العامة في الصيف الماضي، قد عمل بكل اجتهاد على حل المشكلة التركية الكردية المزمنة بالوسائل غير العسكرية كما أنه تلتزم ايضا بفعل كل ما يستطيع لضم تركيا للاتحاد الاوروبي، وحدوث حملة عسكرية تركية دموية عبر الحدود العراقية ليس في صالح أي من القضيتين، وإن كانت سترضي الوطنيين الاتراك المتعصبين وقد عبر عن هذا الوضع، عضو لجنة الشؤون الخارجية وعضو حزب (العدالة والتنمية) سوت كينيكليوجلو، بقوله: نحن لا نريد ان نذهب الى داخل شمال العراق.
فهو في حالة فوضى، ونحن نتفاوض حاليا مع الاتحاد الاوروبي.
- هل ينهي الغزو مشكلة حزب العمال الكردي؟
في الغالب لا فالمنطقة الحدودية هي منطقة مثالية لحرب العصابات فهي منطقة جبلية عالية وقاسية ومعادية وقد قسم رجال حرب العصابات، الذين ظلوا يعدون أنفسهم لأعوام، الى خلايا صغيرة وتوزعوا في مخابئ وسط الجبال، وسوف تكون نتيجة أية حملة عسكرية ضدهم هي تورط تركيا في مستنقع عراقي خاص بها، وأحد الاسباب التي تجعل من حزب العمال الكردي مرة أخرى، قوة يجب حسابها، هو أن التمرد العراقي قد مكنه من وضع يده على كميات كبيرة من الأسلحة؟
- هل تستطيع الحكومة العراقية ايقاف رجال العصابات؟
إنهم يقولون بأنهم سوف يحاولون، وتركيا تشك في ذلك فبعد كل، فإن رئيس العراق، جلال الطالباني هو نفسه كردي، وحزب العمال الكردي غاضب على حكومة كردستان الاقليمية العراقية التي طلبت من رجال حرب العصابات وضع السلاح والتفرق.
لكن كلمات الحكومة كردستان العراقية لم تقنع اردوجان الذي قال: من الجميل ان تقال مثل هذه الكلمات لكننا نرغب في أن نرى ما سوف تكون عليه نتيجتها، وكما يعرف كل من الطالباني اردوجان جيدا،أن اوامر حكومة بغداد لا يسرس في كردستان العراق، فحتى صدام حسين نفسه، كان غير قادر على إخراج حزب العمال الكردي من هذه المنطقة.
- ما هو موقف الولايات المتحدة؟
إنها غير سعيدة بما يحدث لابعد الحدود فتركيا بعد كل شيء هي عضو مؤسس بحلف الناتو وأي غزو تركي لشمال العراق، سوف يضع أحد اعضاء الناتو ضد دولة محتلة بواسطة عضو آخر، وكردستان العراق هو أحد اجزاء العراق التي تتمتع بسلام وأمن نسبيين منذ إسقاط نظام صدام حسين. وحدوث هجوم شامل على هذا الجزء سوف يؤدي باحدى انجازات الولايات المتحدة في العراق لهذا فإن الولايات المتحدة تشن جهودا دبلوماسية في محاولة منع حدوث غزو تركي، وقد اتصلت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس باردوجان يوم الاجد الماضي وأكدت ان الحق مع تركيا وقالت: (اعطنا أياما قليلة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
مخيمات لإيواء النازحين (3)
د. ابراهيم بهبهاني
القبس الكويت
إقامة مخيم للنازحين العراقيين في الكويت تشترط توفير الحماية الامنية له بالدرجة الأولى، وهذه الحماية تتطلب اجراءات عالية الدقة والتنظيم والرقابة الصارمة والشديدة.. لماذا؟ نحن نعرف ومن واقع التجربة انه قد تستغل بعض الثغرات من قبل عناصر الحماية، بأن تقوم علاقة خاصة بين شرطي وأحد النازحين ويعمل على تهريبه اما بالرشوة أو بصلة قرابة وإما بأي دافع آخر، وعندما ستكون هناك حالات هرب وتسلل الى داخل الكويت وفي أمور ستخلق لنا مشاكل بعيدة المدى، واقول مسبقا ان الحديث عن هذه الجوانب هو من باب الحيطة والتنبه والنصح، فنحن بأمس الحاجة لنستفيد من تجاربنا السابقة ولا نقع في المحظورات وتلك وقائع حصلت معنا، وكنا احد الشهود عليها، لذلك سيكون من الاهمية بمكان ان نراقب امور بيتنا من الداخل ونضع في الاعتبار اشراك المنظمات الدولية التي سيكون لها دور حيوي في عمليات الاخلاء عندما تنتفي الحاجة من اقامة المخيم، وكذلك في عمليات التنظيم والاشراف كالاتحاد الدولي للصليب والهلال الاحمر والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لديها خبرات وطرق واساليب من شأنها معرفة ما اذا كان هذا الشخص تنطبق عليه صفة نازح او لاجئ أو لا ولديها الحق والصلاحية بالرفض والقبول واذا كان احدهم مدسوسا أو لغرض ما تطلب منه العودة من حيث اتى، وهذا ما يساعد الكويت في عملية التنظيم والحصر والمتابعة، وهذه المفوضية كان لها موقف سلبي، حيث رفضت ان يكون المخيم على الحدود بيننا وبين العراق وانسحبت من المشروع ولم تبق معنا.. وفي عام 1991 عندما اخذ اللاجئون العراقيون بالتدفق نحو الكويت على اثر حوادث انتفاضة الجنوب نتيجة المواجهة العسكرية والحملة التي قادها نظام صدام حسين تجاه هؤلاء وسحقهم بالطائرات اتجهوا نحو ثلاثة أماكن:
الاول باتجاه مخيم صفوان الذي اطلق عليه اسم 'كلكتا' لماذا؟ لا أدري، والثاني باتجاه العبدلي، والثالث باتجاه رفح في السعودية، وبعد عشرة اشهر من اقامة المخيم وعندما تناقص اعداد اللاجئين جرى اغلاق المخيم بعدما عرض د. عبدالرحمن العوضي الوزير السابق ونائب رئىس جمعية الهلال الاحمر (آنذاك) الوضع على سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله حيث امر سموه بالاستعانة بالمفوضية العليا للاجئين والسماح لمن لهم اقارب في الكويت بالدخول، اما الباقي فتكفلهم المنظمات الدولية لاخراجهم. الآن وفي هذه الظروف المستجدة والمتغيرة ما الذي يجب علينا ان نحتاط منه ونتخذ الاجراءات المناسبة له.. الاعتبار الاول هو المكان الانسب لاقامة المخيم وتحت اي قواعد ومواصفات وشروط يوضع هذا المخيم، اعتقد وبحسب معرفتي المتواضعة ان المكان المقترح للمخيم هو ان يكون بين خط الحدود الافقي والخط المائل مع العراق وعند المخفر والذين يتواجدون هناك يعرفون ماذا اقصد.. واعني به القريب من السور، فهناك كل 5 كلم نقطة للحدود وعلى تلة عالية وكبيرة ومرتفعة تطل على الجانب العراقي، وهي مساحة كبيرة جدا تستوعب الآلاف، فالجزء المطل على الكويت محمي بالطبيعة والجزء المطل على العراق مفتوح، ولهذا اقترح ان يجري شق طريق خاص، شارع من ناحية السد الترابي المواجه للكويت يؤمن الوصول الى المخيم بسهولة ويضمن التحرك لقوات الامن والمنظمات الدولية بالدخول والخروج بحالات الطوارئ ويضمن امدادات التمويل من والى المخيم (هذا ما جاء في اقتراحي عام 1998).
حمى الله الكويت وأبعد عنها كل مكروه، وعسى الله ان يديم علينا نعمة الامن والامان والاستقرار والله ولي التوفيق من قبل ومن بعد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
الأرمن والأتراك والأميركيون (2)
كارو قيومجيان
القبس الكويت
يتوقع الأرمن والعالم ألا يكترث الرئيس بوش وادارته بتهديدات تركيا والابتزازات المهينة المستمرة مثل ما لم يكترث بتهديدات الصين قبل واثناء استقباله للزعيم الروحي للتيبت دالاي لاما وتقليده أرفع وسام أميركي الاسبوع الفائت لمواقفه النضالية لأجل قضيته وبلده التيبت، مترفعا عن مصالح بلده أميركا السياسية والاقتصادية في سبيل مواقف أخلاقية رفيعة،مع التأكيد ان موجبات تكريم الزعيم دالاي لاما ليست أهم من ابادة 1.5 مليون أرمني ظلما، كما ان تركيا ليست أكبر شأنا من الصين.
ومع ذلك أليس من الأفضل لتركيا الاعتراف بالواقعة والدخول في عملية مصالحة مع الأرمن وانهاء العداوة المستشرية منذ قرن بينهم وبين جارهم في الحدود الشرقية المسالم الراقي خلاف ما يحدث في المحافل الدولية المتغيرة أبدا؟
ألم يكن اجدى لهم الخروج من نفسية المدان في نظر غالبية الدول المتحضرة وبرلماناتها وشعوبها وتغييرها الى نفسية الدولة الشهمة المعترفة بأخطائها والمستعدة لتصحيحها واعطاء كل ذي حق حقه، وشطب فصل أسود من تاريخها بمحاولة جريئة منها مثل بعض الشعوب الراقية قبلها مثل (المانيا - اليابان - ايطاليا) وتتواجه مع حقائق ماضيها؟
والجدير بالذكر في هذا السياق أن الاعتراف الرسمي الأول قضائىا بحدوث المجزرة وبشاعتها كان من القضاء الالماني في 2 يونيو 1921 قبل 86 سنة من القرار الأخير عندما برأت لجنة المحلفين والمحكمة الالمانية المواطن الارمني صوغومون طهلبريان لقتله بالرصاص طلعت باشا في وضح النهار في مدينة برلين، حيث وباختصار وجدت المحكمة أن القتيل كان الرئىس المنفي لحزب الاتحاد والترقي الحاكم في تلك الفترة، وكان هو الرأس المدبر للقتل الجماعي مع باقي زملائه في الحكم (انور باشا - جمال باشا 'السفاح' - ناظم باشا)، الذي تعرض له اهل المتهم، واخذت المحكمة بعين الاعتبار النفسية التي كان يمكن ان يكون عليها من يتعرض لمثل تلك الفظاعة، وان المرافعات كانت سياسية الطابع اكثر منها جنائية أدانت القتيل والظروف التي أحاط نفسه بها، وبرأت القاتل واطلقت سراحه، وهذه المحاكمة تذكرنا بمحكمة نورنبرغ في أوروبا التي شكلت لمحاكمة الحكام النازيين بعد الحرب العالمية الثانية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
حلفاء ابن لادن
تركي الحميد
الشرق الاوسط
التسجيل الأخير لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي اعترف فيه بوقوع أخطاء في العراق وسط من أطلق عليهم وصف «المجاهدين» داعيا أنصاره إلى الاحتكام للشرع ونبذ الخلاف، والسمو فوق جميع المفاهيم، يبدو المقصود به الخروج على القبيلة في العراق، من أجل الانضواء تحت راية «القاعدة»، وهذا دليل على أثر الضربات التي تلقاها مقاتلو «القاعدة» جراء صحوة أبناء الأنبار، وغيرها من المناطق السنية التي هبت في وجه المتطرفين من أبناء السنة.
دعوة بن لادن لأعوانه بضرورة الابتعاد عن المفاهيم القبلية وغيرها منافية لعقيدة التنظيم الأمنية والعسكرية، فـ«القاعدة» وقياداتها لا تحتمي، ولا تنتشر، ولا تستفيد إلا من الصراعات الطائفية، والنزعات القبلية. والهدف من تلك الدعوة، بالطبع، هو ضرب أسفين بين أبناء العشائر وقياداتهم من أجل فسح المجال لمقاتلي «القاعدة» لاستعادة نشاطهم الإجرامي في العراق.
ومن هنا تتضح أهمية صحوة أبناء العشائر في العراق، وضرورة دعمها، والوقوف معها، داخليا وخارجيا، وإلا كان البديل هو «القاعدة»، وأفعالها الإجرامية.
شريط بن لادن الجديد كشف عن أهداف «القاعدة» في العراق، وحجم الضربة التي تلقاها التنظيم، وبالتالي أصبحت الكرة في ملعب المعادين لـ«القاعدة»، والراغبين بدعم الأمن في العراق، وتطهيره من الأعمال الإرهابية.
وأكثر المعنيين هنا هو الحكومة العراقية، ودول الجوار، حيث بات الخيار هنا محدودا، ليس على طريقة الرئيس الأميركي جورج بوش، وإنما وفقا لطبيعة «القاعدة»، والخيار هو إما أن نكون مع «القاعدة»، أو ضدها.
الوقوف أمام دعم صحوة العشائر، وإعاقة تسليحهم، ضد إرهابيي «القاعدة» يعنيان الوقوف مع بن لادن، والاستمرار في فرض الاضطرابات الأمنية التي تطيل أمد معاناة المواطن العراقي، في أجزاء مهمة من العراق، بل والعراق ككل.
فإذا كنا نطمح للحفاظ على المشروع الأمني، والمدني في كردستان العراق، ونريد له أن يكون النموذج الأمثل في العراق، فإن الأنبار، وغيرها من المناطق السنية، بما فيها الفلوجة اليوم، باتت تمثل أملا لمن يريد استقرار العراق، وفق مفهوم بعيد عن الطائفية، وواقع يحتم خروج القوات الأجنبية من البلاد.
وكنتيجة لأحد جوانب الاستقرار الأمني الذي تحقق في الأنبار، طالب شيوخ العشائر السنية هناك بعودة آلاف العوائل الشيعية التي كانت تسكن في مدينة الرمادي السنية منذ سنوات إلى المدينة، والعيش جنبا إلى جنب مع مواطنيهم السنة، كما كانوا سابقا.
فهل هذا العراق الذي نريد، أم العراق الذي يريده تنظيم «القاعدة» وزعماؤه الإرهابيون؟ هذا سؤال لا بد أن تجيب عليه حكومة السيد نوري المالكي.
Tariq@asharqalawsat.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
العراق بين ميلشيا الصدر وحزب العمال
احمد الربعي
الشرق الاوسط
كاتب هذه السطور ممن كانوا وما زالوا مدافعين عن القضايا العادلة للشعب الكردي، وهذا لا يمنع من ان تقول ان ما يفعله حزب العمال الكردستاني في شمال العراق هو عمل يسيء الى الاكراد وقضيتهم ويتسبب في اثارة مزيد من الازمات للعراق الذي هو احدى الدول المهمة للوجود الكردي.
استقرار العراق هو هدف مهم للاستقرار الاقليمي، ولا يجوز لأية قوة سياسية في العراق ان تضع اجندتها الخاصة قبل اجندة المصلحة الوطنية للعراق. وهناك اطراف عراقية تربطها علاقات ممتازة ببعض جيران العراق، وهناك اطراف لها علاقات عمالة بهؤلاء الجيران، ولا يجوز لاي طرف ان يستثمر علاقته الجيدة بالجيران ليتحول الى طابور خامس يهدف المصالح الاقليمية على حساب العراق، ولا يجوز كذلك استغلال توتر العلاقات مع الجيران لإحراج العراق واطالة معاناته. قبل سنة توترت الحدود الكويتية العراقية وحاولت الدولتان بالدبلوماسية الهادئة حل هذه المشكلات واتضح في النهاية ان احد الشيوخ المعممين المحسوبين على ايران في مدينة ام قصر العراقية المتاخمة للحدود الكويتية هو الذي حرك الناس لتوتير العلاقات وكاد ينجح لولا المعالجة الهادئة للمشكلة بين الحكومتين.
ترك المليشيات المحسوبة على ايران في البصرة، مثل ميليشيا الصدر وغيرها وبعض محافظات الجنوب العراقي سمح لتغلغل الاجهزة الاستخبارية الايرانية في الجنوب العراقي، وتحركات حزب العمال الكردستاني ضد تركيا حرك القوات التركية باتجاه العراق وهي تصرفات مسيئة لاستقرار العراق ولا تساعد على تهدئة الوضع الامني.
مطلوب من الحكومة العراقية الوضوح والصراحة مع حزب العمال الكردستاني، فالعراق واستقراره اكبر من كل الاحزاب والاجتهادات ولا يجوز لأي طرف عراقي اثارة الجيران او العمالة على حساب مستقبل العراق الذي يكفيه ما يواجهه من مشكلات مع الارهاب والتطرف والقوى الطائفية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
العراق بين إستراتيجيتي التهدئة والخروج
توماس فريدمان
نيويورك تايمز»
يا صديقي، أنا مسرور جدا بالخروج أخيرا من العراق، كان مؤلما الاستيقاظ كل صباح وقراءة الأخبار القادمة من هناك. إنه لشعور بالانفراج أن يتمكن المرء من إزالته من تفكيره. ماذا تقول؟ نحن ما زلنا هناك. لكن كيف لا يتكلم أحد في واشنطن حوله؟
أنا لا أعرف إذا كان ذلك مجرد شعور بالجزع المحض من النقاش حول شهادة الجنرال ديفيد بترايوس أو حقيقة أن الزيادة في عدد القوات قد قلصت الخسائر، أو فشل الديمقراطيين في فرض الانسحاب من العراق من خلال الكونغرس، أو حقيقة أن المتنافسين الديمقراطيين على الرئاسة نوهوا أنهم لن يقوموا بانسحاب شامل وهذا ما جعل النقاش حول العراق باهتا.
هذا أمر سيئ. الإهمال ليس حميدا حينما يتعلق بالعراق الذي يشبه مصابا بالسرطان يعاني من الحمى العالية بسبب الالتهاب (قاعدة وادي الرافدين). تمكنت الزيادة في عدد القوات من تخفيض الحمى لكن المريض ما زال يعاني من السرطان (الحرب الأهلية). ونحن ما زلنا لا نعرف كيفية معالجته، هل بإجراء عملية جراحية أم بالعلاج الكيماوي أم العلاج الطبيعي أم بالقتل الرحيم؟
الزيادة في القوات أصبحت تعطي نتائج إيجابية، لأن العراقيين قاموا بما يجب لخدمة أنفسهم. فوقوف زعماء العشائر السنية ضد العناصر السنية المرتبطة بالقاعدة ساعدهم على إعادة السيطرة على قراهم ومدنهم، وجعلهم يصطفون إلى جانب القوات الأميركية. والآن الشيعة يقومون بالشيء نفسه.
مع ذلك، ليس هناك أي مفاجأة في الوضع السياسي، ولعل القادة السياسيين هناك سيفاجئونك كثيرا إن هم بادروا بتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة توحيد النسيج الممزق للبلد، عند ذلك يحق لك أن تتفاءل.
ولكن، وحتى الآن، يستمر الكثير من القادة العراقيين في العمل من أجل مصالحهم الخاصة ومصالح عوائلهم والبلدان التي ينتمون إليها، ولميليشياتهم وطوائفهم، ويستخدمون خزينة العراق كقاعدة للنهب من أجل مكاسب شخصية وطائفية. ونتيجة لذلك تشاهد أمامك هدنة وفي الوسط يوجد الجنود الأميركيون. هذه استراتيجية تهدئة لا استراتيجية خروج.
بمراقبة جداول الرحلات الخاصة بقادة الفئات المتصارعة بعد جلسة الاستماع مع بترايوس نكتشف أن الكثير منهم راحوا يسافرون إلى الخارج بدلا من البقاء في بغداد لحل خلافاتهم.
ومثلما قال مسؤول أميركي في بغداد الأسبوع الماضي: «هل شاهدت القادة الأربعة الرئيسيين موجودين في وقت واحد هناك». فهم يرون جلسات الاستماع مجرد وسيلة لكسب وقت إضافي فقط.
وقال مارك لينتش، الخبير في شؤون الشرق الأوسط: «لأن كل اللاعبين الأساسيين يظنون أن الأميركيين سيعطونهم وقتا إضافيا فإنهم لا يمتلكون أي حافز لتقديم تنازلات حقيقية واحدهم للآخر».
بل أستطيع القول إن كلا منهم تمكن من إبقائنا في المكان الذي يريدونه داخل العراق: نحن نحرس الأرضية للسياسيين العراقيين كي يتمكنوا من القيام برقصتهم العشائرية، نحن واقعون في محنة قريبا من صواريخ إيران، لذلك إن نحن حاولنا أن نعرقل طهران من تنفيذ برنامجها النووي فسندفع ثمنا عاليا وطالما نحن واقعون في الفخ العراقي، فإننا لن نتمكن أبدا أن نفكر بالترويج للإصلاح في أي مكان آخر داخل العالم العربي وهذا ما يفرح المستبدين العرب.
يبدو لي أننا جعلنا العراق آمنا إلى الحد الذي يسمح للسياسيين بالتغيب، بالفساد أو بالتهور على حسابنا. وحتى الأكراد المعتدلون بادروا إلى تطوير نوع من غريزة الرغبة بالموت بالسماح لمتطرفيهم كي يستفزوا تركيا وإيران ليجازفوا بتلك الجزيرة التي تحقق فوقها قدر حقيقي من الاحترام بفضل الأكراد في الشمال.
تستند استراتيجية بترايوس إلى مبدأ الاستمرار في المحاولة من أجل ربط الميليشيات والكتل العشائرية في العراق بجيش وحكومة وطنيتين. وأتمنى من أعماقي له بالنجاح. لكنني لا أرى تحقق ذلك من دون شيئين: بعض العلاج بالصدمات مثل إعطاء الإشارة بالانسحاب لحث القادة العراقيين على المصالحة الوطنية وحل مشاكل المنطقة. وأخيرا فليعرف الجميع أننا لن نبقى إلى الأبد، وأن أفضل طريقة هو التحفيز على المفاوضات بالنسبة للمنطقة كلها. ولذلك فإن دفع ملف العراق إلى الصفحات الخلفية لن يخدم مصالحنا. وإذا كنا نريد أن ننسى العراق فقط، فدعونا نقوم بذلك فقط حينما نكون قد غادرنا أراضيه لا عندما نكون موجودين فيه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
تركيا والأكراد: من يُنزل الإصبع عن الزناد أوّلاً؟
خورشيد دلي
الاخبار لبنان
بعد فترة من الهدوء النسبي، عاد التصعيد ليكون سيّد الموقف في العلاقة التركية ـ الكردية. ففي الداخل، وتحديداً في مناطق جنوب تركيا وشرقها، باتت أخبار المواجهات بين الجيش التركي وعناصر حزب العمّال الكردستاني تحتلّ واجهة وسائل الإعلام التركية، وعلى مستوى أكراد العراق، ثمّة حرب متعدّدة الجوانب تدور بينهم وبين تركيا، تبدأ من مشكلة وجود عناصر حزب العمّال الكردستاني في المناطق الحدوديّة مع تركيا، مروراً بمصير كركوك، وليس انتهاءً بمخاوف تركيا من ولادة دولة كردية، تنعكس بظلالها على أكراد تركيا وتطلّعاتهم القوميّة التي تتجاوز حدود الدولتين. واللافت في التصعيد الجاري حالياً، اللهجة الندية لأكراد العراق الذين يشعرون ـ وربما للمرة الأولى ـ أنّهم يملكون من القوّة والدعم الأميركي العلني، ما يكفيهم لعدم الرضوخ للتهديدات التركية الهادفة إلى إشراكهم في عملية عسكرية مشتركة ضدّ معاقل حزب العمّال كما كانت الحال في منتصف التسعينيات، في حين أنّ اللافت على الجبهة التركية، أنّ هذا التصعيد يأتي وسط توافق بين حكومة العدالة والتنمية والجيش بعد أزمة الانتخابات الرئاسية بينهما، وهو توافق يرجعه البعض إلى تحوّل الأزمة مع حزب العمّال إلى بورصة للمزايدة بين الجانبين لحسابات تتعلّق بمن يملك القرار التركي.
بغضّ النظر عن هذا البعد الداخلي للأزمة الذي يظهر على شكل تواصل علني ـ خفي للصراع بين «العدالة» والجيش، فثمّة مؤشّرات قد تترتّب عليها تداعيات خطيرة على الأمن في المنطقة إذا ما اجتاحت تركيا شمال العراق بعدما حشدت عشرات آلاف من جنودها هناك، ولعلّ في مقدّمة هذه التداعيات، أنّه في ظلّ عدم وجود موافقة أميركية وعراقية على أي تدخل عسكري تركي في شمال العراق، فإنّ مثل هذا التدخل قد يتحوّل من مواجهة مع حزب العمّال، إلى مواجهة مع أكراد العراق. وإذا تطوّرت الأمور، قد يتّجه إلى مواجهة تركية ـ عراقيّة أو حتى أميركيّة، بما يؤدّي إلى اختلاط الأوراق في المنطقة ككلّ، وربما الدفع بدول أخرى في هذا الاتجاه، وتحديداً إيران التي ترى نفسها معنيّة بقوّة بما يجري في العراق وعندها حساسية خاصة تجاه تركيا، لأسباب تاريخية وسياسية واجتماعية وأمنية، فضلاً عن أنه ينبغي عدم الاستهانة بالعامل الكردي وتأثيره في الأمن والاستقرار في تركيا إذا ما علمنا أن عدد أكراد تركيا يزيد على 15 مليون نسمة، ويشكّلون غالبيّة سكّانية في المناطق الحدودية مع إيران والعراق وسوريا، ويتواصلون مع أبناء جلدتهم في هذه البلدان.
اليوم، ومع وصول الأمور إلى نقطة حرجة بعد تفويض البرلمان التركي إلى الجيش القيام بعملية عسكرية، وحمى التعبئة في الشارع على وقع هتافات الموت لحزب العمال الكردستاني، وقدرة الأخير على إلحاق خسائر كبيرة في صفوف الجيش التركي، وتعبئة مماثلة في الشارع الكردي الممتدّ بين أربيل والسليمانية ودياربكر... كلّ هذا يجعل من أية عملية عسكرية تركية تحمل معها تداعيات خطيرة على الأمن في المنطقة، إذ إنها تستدعي التوقف عند
ما يلي:
أوّلاً، إنّ مثل هذه العملية غير مضمونة النتائج، وقد تكون بمثابة مغامرة عسكرية، نظراً إلى عاملين أساسيّين: أوّلهما، رفض أكراد العراق الذين تحوّلوا إلى شبه دولة لمثل هذه العملية، خلافاً لظروف التحالف الذي عُقد بين هؤلاء والجيش التركي في منتصف التسعينيات ضد حزب العمّال. وثانيهما، احتمال الاصطدام مع الإدارة الأميركية، وخصوصاً إذا وجدت هذه الإدارة أنّ العملية التركية ستضرب خططها في العراق، ولا سيما في إقليمه الشمالي الذي يعرف أمناً واستقراراً نسبيَّين، ولعلّ هذا ما يفسّر التحذيرات الأميركية المتواصلة لأنقرة من القيام بعملية عسكرية.
ثانياً، إنّ أكراد العراق، ورغم انصرافهم إلى تأسيس كيانهم الخاص، فإنّ لهم نفوذاً كبيراً على مستوى العراق في قراره السياسي. وبسبب هذا النفوذ، فإنّ أي نزاع تركي ـ كردي عراقي قد يتحوّل إلى نزاع عراقي ـ تركي، وخصوصاً إذا أدّت العملية إلى مواجهات مع أكراد العراق وأسفرت عن خسائر بشرية كبيرة.
ثالثاً، من شأن تدخّل تركيا عسكريّاً في شمال العراق، اختلاط الأوراق الإقليمية في المنطقة، وربّما دفع دول أخرى في هذا الاتجاه، وتحديداً إيران.
رابعاً، إنّ تركيا التي تقول إنّ هدفها من العملية العسكرية هو القضاء على حزب العمّال الكردستاني، تدرك قبل غيرها استحالة تحقيق هذا الهدف من خلال عملية عسكرية، نظراً إلى طبيعة المنطقة الجبلية هناك، وقدرة عناصر الحزب المذكور على حرب العصابات والاختباء والهروب. وتؤكّد الاجتياحات العسكرية التركية السابقة هذه الحقيقة، إذ قامت تركيا بأكثر من عشرين عملية ولم تنجح في وضع حدّ لمشكلة حزب العمّال الكردستاني. والغريب أنّ العديد من القادة الأتراك، بينهم رئيس الحكومة رجب طيّب أردوغان، أشاروا في وقت سابق إلى أنّ المشكلة الأساسية هي في داخل تركيا، ولا تتوقّف عند بضع مئات من عناصر «الكردستاني» في شمال العراق، وهو الأمر الذي يرسم أكثر من علامة استفهام، وفي الوقت نفسه يعمّق الإحساس لدى أكراد العراق بأنّهم وكيانهم وتجربتهم الحديثة، مستهدفون من العملية التركيّة، وليست معاقل حزب العمّال الكردستاني فحسب.
كذلك يعمّق احتمال الاجتياح الشرخ والانقسام بين تركيا وأكرادها ويقضي على الآمال السلمية التي تعزّزت بعد وصول 22 نائباً كردياً إلى البرلمان في الانتخابات الأخيرة.
من دون شكّ، فإنّ هذه المعطيات والمخاطر لا تقلّل من أهمية السياسة التي اتبعتها تركيا تجاه العراق منذ تعرّضه للاحتلال الأميركي، حيث اتسمت هذه السياسة خلال السنوات الماضية بالاتزان والحرص على سيادة العراق ووحدته وعدم الانجرار إلى المستنقع العراقي في ظلّ الاحتلال. ومثل هذه السياسة مطلوبة في هذه المرحلة أكثر من أيّ وقت مضى، نظراً إلى أنّ التحوّل عنها سواء لأسباب داخلية تركية أم لأسباب تتعلّق بالخشية من الصعود الكردي في العراق أو في تركيا، قد يدفع بالعراق والمنطقة إلى تطوّرات أمنيّة خطرة تزامناً مع ما تشهده المنطقة (لبنان والأراضي الفلسطينية وتصاعد الضغوط الأميركية على سوريا وإيران...) من أحداث كبيرة.
المشكلة الكردية، وتحديداً مشكلة حزب العمّال الكردستاني في تركيا، ليست جديدة، وحلّها بنظر الكثيرين يحتاج إلى وقفة تركية شجاعة تجعل من وجود 22 نائباً كردياً عن حزب المجتمع الديموقراطي الذي يشكّل بنظر الكثيرين، واجهة سياسية لحزب العمّال الكردستاني، فرصة لنقل هذه المشكلة من المواجهات الجارية في الجبال والمناطق الحدودية، إلى البرلمان والمدن، وللتأسيس لحل سياسي ديموقراطي، إذ طالما سعت تركيا وتسعى إلى العضوية الأوروبية وتطرح نفسها نموذجاً للاقتداء به من دول المنطقة، فالعقلانية مطلوبة مع مشكلة قديمة ـ جديدة لا يمكن حلّها إلا أن يكون سياسياً، وتجاهلها لم يعد بالإمكان بعدما بلغت القضيّة الكردية مستويات متطوّرة، وإلا فإنّ العملية العسكرية المرتقبة لن تزيد إلّا من تعميق الجروح، وستثقل التاريخ بمزيد من المآسي التي يناقش الكونغرس الأميركي هذه الأيام وجهاً من وجوهها المتمثل في الحالة الأرمينية قبل نحو قرن.
لقد سبق أن ذهب أردوغان إلى مدينة دياربكر، معقل أكراد تركيا، قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وقال من هناك: «إن القضية الكردية في تركيا هي قضية الديموقراطية، وهي قضيتي، وسأحلّها بالطرق السلمية». وعليه، ما الذي يدفع أردوغان إلى ركوب دبابة العسكر؟ هل هم العسكر الذين يزايدون عليه في الوطنية التركية؟ أم الطورانيون الذين ما زالوا يعتقدون بأن حدود إمبراطوريتهم القومية تمتد من بحر الأدرياتيكي إلى سور الصين؟ إذا كان الجواب بنعم، فإنّ التجربة التاريخية تخبرنا بأن لا شيء يدفع بالكردي إلى النزول من الجبال وترك السلاح والتضحية أمام دورة الأقدار المليئة بالأحلام حتى الموت. معادلة تبحث عن عقلانية حتى وإن كانت الإصبع على الزناد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
ضد الفراغ الاستراتيجي العربي والفوضى الإقليمية الشاملة
صلاح سالم
الحياة
دار الجدل بداية التسعينات بين خطابي «نهاية التاريخ» الذي نظَّر لتيار العولمة، و»صدام الحضارات» الذي تنبأ بالمواجهة بين الإسلام والغرب. وكان المركز الأميركي هو منطلق كلا الخطابين، ولكن الطرف المخاطب كان مختلفا في الحالين، فكان الشرق الآسيوي وتحديدا ظاهرة النمور الآسيوية هي المخاطب بفكرة نهاية التاريخ، فيما كان الشرق الأوسط العربي الإسلامي هو المخاطب بنبوءة صدام الحضارات. وكان ذلك ناجما عن إحساس بتهديد مزدوج، أول مصادره الخطر العقلاني / البنيوي الذي كانت تفرزه تجربة الصعود الحضاري لآسيا الجنوبية والشرقية، أما الثاني فهو الخطر العبثي / الطارئ الذي كانت تفرزه التيارات الإسلامية المتطرفة احتجاجا على الصيغ المختلة للعلاقات القائمة بين العالم الإسلامي والغرب على أكثر من صعيد.
ومع نهاية التسعينات كانت الأزمة الاقتصادية الآسيوية أدت إلى التقليل من حجم الشعور بالخطر الحقيقي «البنيوي»، كما أدت أحداث 11 أيلول (سبتمبر) مع بداية القرن الحالي الى تعميق الشعور بالخطر «العبثي». وكانت تلك التحولات الطارئة في إدراك مصادر الخطر هي البيئة التي سمحت للمحافظين الجدد باختطاف السياسة الخارجية الأميركية في الاتجاه الذي سارت فيه نحو غزو أفغانستان ثم العراق، والضغط المستمر على إيران وسورية وحماس، والدعوة الجامحة الى إعادة صياغة المجتمعات العربية، وتجديد الفكر الديني وخصوصا في الفترة بين 2003 و2006 على نحو أدى الى حصار نخب الحكم العربية في أكثر من بلد، وأفقد القوى الكبرى التقليدية في العالم العربي شعورها بالجدارة ودفعها الى العكوف على داخلها تجتر إحباطاتها، وهواجسها وتبحث عن موارد لحفظ البقاء وتحقيق التكيف مع الموجة الهادرة، بدلا من محاولة التأثير في مجريات الأحداث داخل الإقليم وحوله، ما أفقد المنطقة محاور قيادتها وأحالها الى فراغ استراتيجي شاسع، وصولا الى العدوان الإسرائيلي على لبنان والذي لم يكن ليتم من دون دعم اليمين الأميركي، أو ليطل على النحو الذي كان من دون حال الفراغ الاستراتيجي العربي.
وربما كان عام 2006 انتقاليا للموجة المحافظة إذ شهد بداية انكسارها وتهدم أركانها في بنية القرار الأميركي بفعل وضوح المأزق الأميركي في العراق، وهزيمة إسرائيل المعنوية والأخلاقية في لبنان، غير أن الفشل الأميركي في العراق يبقى أمرا نسبيا، فأميركا فشلت سياسيا في بناء «دولة ديموقراطية» على نحو يحتذى عربيا، ولكنها نجحت عسكريا في إسقاط النظام واحتلال البلاد، ولعل ما نجحت فيه هو الأكثر تعبيرا عن روح المحافظين الجدد، التي قد ترى في تقسيم العراق إلى دويلات طائفية تعود به إلى قرن مضى نجاحا «إمبراطوريا» لهم وهو النهج الذي عبرت عنه توصية الكونغرس غير الملزمة «موقتا» بتفكيك العراق الى ثلاث ولايات شيعية وسنية وكردية على منوال ما كان قبل عشرينات القرن المنصرم.
وربما، بل المؤكد، أن التيار الأساسي في العقل الأميركي سيعود الى مركز القرار الأميركي بعد أكثر قليلا من العام، وأنه سوف يتبرأ من الإرث المحافظ في المجمل، ويخرج على نهجه الإمبراطوري الزاعق. ولكنه في الوقت نفسه قد يرى في تفتيت العراق - كنقطة التحام أساسية طائفية وقومية في القلب العربي للإسلام - تطورا «استراتيجيا» إيجابيا يُسَهّل عمل سيناريوهات الهيمنة «الليبرالية» الأقل عنفا ولكن الأكثر بنيوية، على منطقة عربية كبيرة، تمثل بدورها القلب الجيوسياسي، والقبلة الروحية والثقافية للأمة الإسلامية الأكبر التي يقع بعضها في الشرق الأوسط المحيط بإسرائيل، والبعض الآخر في الشرق الآسيوي الضالع في عملية نهوض حضاري لم تنجز تماما، ولكنها لم تتوقف بعد، والمتحلق حول الصين أبرز عناوين التحدي الاستراتيجي «العقلاني» للولايات المتحدة على الإطلاق، من وجهة نظر التيار المحافظ والتيار الليبرالي على السواء. وربما يفسر هذا الفهم ما نالته التوصية من تأييد قطاع كبير من الديموقراطيين في مجلس الشيوخ إذ صدرت بأغلبية 75 صوتا ضد 23 فقط.
وهنا يتحول الفشل الأميركي الى مجرد حدث طارئ يخرج المحافظين من مركز القرار، ويسهل من حضور التيار الأساسي الى موقع القرار ناقدا للإرث اليميني ومستفيدا منه في الوقت نفسه، بينما يستمر العرب في هجاء اليمين الأميركي، ولكن مع اجترار «فشله» في العراق، تفتيتا للوطن وإضعافا للأمة، وتوريطا للمنطقة كلها، لعقدين مقبلين على الأقل، في حالة فوضى شاملة.
ولعل الطريق الوحيد لتجنب هذه الفوضى، هو تجاوز حال الفراغ الاستراتيجي العربي، وأخذ المصير العراقي بيدي الأمة كلها وعدم تركه بيدي أهله وحدهم، فالوقت فات على مجرد توجيه رسائل الى الطوائف العراقية المتقاتلة لإقناعها بأن مصلحتها الأساسية هي في وطن عراقي موحد ومستقر، لأن الأزمة صارت أكثر تعقيدا واتساعا من جغرافية العراق وتوجهات فرقائه، والحاجة أصبحت ماسة الى عملية سياسية خلاقة من القوى الإقليمية الكبرى المعنية بحاضر الأمة ومستقبلها للدفاع عن وحدة العراق حتى لو بأثمان باهظة ومواقف سياسية جد مختلفة عن تلك المواقف المرسومة سلفا والتي تشهدها اجتماعات دول الجوار على منوال ما جرى في شرم الشيخ، وقد يجري في اجتماع مماثل قريبا قد يضم الأطراف الإقليمية المحورية في الشأن العراقي، إلا انه لن يغير من الواقع قيد أنملة لأن المطلوب من هذه الأطراف أن تعمل معا كقوة طرد مركزي، وأن تقدم بديلا للدور الأميركي لا أن تكون في خدمته، وتقنع من ثم، القوى الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال الأميركي بأن كل ما سوف يتم لإنقاذ العراق ليس جزءا من سيناريو أميركي يلعب فيه الآخرون دورا مرسوما سلفا، وتقنع القوى السنية خصوصا بأن مواقع إرتكازها الحالية لن يحتلها الأميركيون، الأمر الذي يسهم في كسر كل الروابط بينها وبين التنظيمات العنيفة والعبثية المنضوية تحت لواء القاعدة، والتي ارتبط حضورها في العراق بالحضور الأميركي، وستظل فاعلة في المشهد العراقي طالما استمر النفوذ الأميركي مهيمنا، ولن يبدأ دورها في الذبول إلا في خضم عملية طاردة تعري التناقض بين القوى الوطنية والقوى العدمية، أو بين المقاومة السنية ومنظمة القاعدة وهو تناقض قائم وواقعي ولكنه مغطى الآن بكثافة الوجود الأميركي.
ولعل نقطة البداية الصحيحة على طريق هذه العملية الخلاقة تتمثل في تفاهم عربي - إيراني حول صيغة مشتركة لمواجهة تحدياتهما المشتركة وخصوصا كارثة تفكيك العراق من جانب، واحتمالات العدوان العسكري على إيران وربما سورية من جانب آخر، فمن يراقب المشهد الإقليمي يلاحظ عمليات استعداد واختبارات قوة واستطلاع نوايا واكتشاف ثغرات تجري على قدم الوثاق من قبل التحالف الأميركي - الإسرائيلي استعدادا لعاصفة جديدة تغطي على أو تمهد لحدث تفكيك العراق الذي ربما طرح كبالون اختبار لاكتشاف حجم ردود الفعل، وترتيب كيفية التعامل معها.
ومن ثم فقد آن الآوان لحوار مباشر وبناء مع إيران التي صارت في قلب السياسة العربية بامتياز، بغرض الوصول إلى نوع من التوافق معها قد يمنحها بعض المزايا التي تستحقها كدولة كبيرة لها مصالح لابد من احترامها طالما كانت مشروعة ولا تنقص من سيادة جيرانها، ولكنه في المقابل يشكل قيدا يفرض عليها ضرورة احترام مصالح باقي الأطراف ويحتم عليها الحوار معهم، ما سوف يلجم سلوكياتها الراديكالية التي تتغذى على شعورها بالعزلة الإقليمية من ناحية، ويوفر إطارا للمراجعة من ناحية أخرى، فمن دون هذا الإطار سوف تبقى إيران بمثابة «فاعل شبح» يؤثر واقعيا ولكن من دون قدرة على ضبطه أو مراقبته، ما يمنحها حرية مطلقة في ممارسة الفوضى الإقليمية.
وفي هذا السياق يمكن عقد صفقة تبادلية، بين الدور الإيراني الذي يبقى حاسما في تقرير مستقبل العراق، وبين الدور العربي المؤثر في الملف النووي الإيراني، فسلبيا يمكن للعرب تسهيل الخيار العسكري الأميركي بتقديم دعم لوجستيكي فضلا عن اسباغ الشرعية الإقليمية، وإيجابيا يمكنهم خلخلة الحصار حول إيران بإعلان تأييدهم لحقها الأصيل في إمتلاك التكنولوجيا النووية طالما أن إسرائيل تملك السلاح النووي، وأنهم يدعمون تخليها عن هذه التكنولوجيا فقط في حال تخلي إسرائيل عن سلاحها لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، بل ويمكنهم صياغة موقفهم هذا في مبادرة الى الأمم المتحدة، هذه الصفقة تنبع معقوليتها من عدة اعتبارات أهمها:
أولا: أن حماية العراق من التفكك هو بمثابة حماية لنحو القرن من التاريخ السياسي العربي كله، والذي يأخذ مع حدث التفكيك منحى عبثيا، ويولد من التوترات والإحباطات والنتائج ما يفوق نكبة فلسطين في 1948، وهزيمة حزيران (يونيو) 1967، على الصعيدين الواقعي، والرمزي. فشتان بين الانكسار على صعيد مسار واع يمكن استئنافه، وبين الخوض في مجاهل عدمية سياسية لا نتصور حدودها، ومن ثم يكون على الأمة أن تتحالف ولو مع الشيطان من أجل وحدة العراق، ولا تعدو إيران في الجوهر شريكا حضاريا وجغرافيا للعرب.
ثانيا: القدرة النووية الإيرانية، حتى في حالة إمتلاكها للسلاح النووي لا تمثل أدنى خطورة على العالم العربي وبالذات مناطق الإحتكاك مع ايران في الخليج والتي تزخر أساسا بالأقليات الشيعية التي لا يمكن استخدام مثل هذا السلاح في إبادتها، كما أن ايران برغم خطابها السياسي المتشدد تبدو عقلانية بما يكفي لكبح جماح نفسها عن الاستخدام العدمي لهذا السلاح إذ تبرر شرعيته الداخلية بالدفاع عن الأمة الإسلامية، كما تدرك أن استخدامه في غير أغراض الردع يكفي مبررا لأن تقوم الولايات المتحدة بإبادتها نوويا.
ثالثا: أن التوافق العربي - الإيراني يضع قيودا على احتمال عقد صفقة إيرانية - أميركية لن تتوانى عنها الولايات المتحدة إذا ما تهيأت ظروفها، ضد المصالح العربية سواء لأن التنسيق العربي مع إيران سوف يقوى من موقفها التفاوضي ويقلل من حاجتها الى تقديم تنازلات أو دفع أثمان غالية للولايات المتحدة، أو لأنه سوف يدفع الأخيرة الى إعادة تثمين المواقف العربية المعتدلة التي صارت مهملة باعتبارها من البديهيات، ويضغط عليها نحو عدم الإجتراء على المصالح العربية الأساسية.
رابعا: أن هذا التوافق يكسر حال الاستقطاب الجاري داخل عدد من الدول العربية منذ إحتلال العراق، واغتيال الحريري ثم نجاح «حماس» في الانتخابات وتشكيل حكومة فلسطينية، ثم إعادة صياغة الإصطفاف العربي في مواجهة القضايا الأساسية المثارة الى وضعه الطبيعي بحيث يكون هناك موقف عربي مشترك يتسم بالعقلانية والاعتدال والإيجابية من القضايا الأساسية في فلسطين ولبنان.
خامسا: أن المنطقة لا يمكن أن تبقى بكاملها حكرا على السلاح النووي الإسرائيلي، ورهينة له، فإذا كان ذلك يمثل مصلحة إسرائيلية / أميركية فهو بالقطع لا يمثل مصلحة عربية / إيرانية، ولا شك في أن الخروج من مأزق الانفراد الإسرائيلي النووي يبقى أمرا مطلوبا، ولكنه غير متصور إلا عبر طريقين:
- إما تحييده من خلال امتلاك طرف عربي له، وفي ظل تعذر وجود مالك عربي ربما يكون الخيار الإيراني / الإقليمي هو البديل الممكن الآن وخصوصا بعد نجاحها في إمتلاك دورة كاملة للوقود النووي، ليس لأن القنبلة الإيرانية هي بمثابة «القنبلة الإسلامية»، بل لأن المنطق الاستراتيجي البسيط يقول: أن إنتشار أي سلاح مهما تكن خواصه وعدم تركزه في قبضة واحدة يقلل من أهمية حيازته أصلا، فضلا عن نمو آلية الردع بين المالكين له.
- أو المطالبة بنزعه لإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وهو خيار مثالي لا يمكن لإسرائيل القبول به إلا في ضوء إمتلاك طرف مناوئ له بحيث يكون النزع متبادلا، وفي ظل غياب القدرة النووية العربية، تمثل إيران هذا الطرف الإقليمي باقتدار.ومرة أخرى ليس لأنها تحوز القنبلة الإسلامية، ولكن لأنها تثير مخاطر الانتشار المتزايد وهو سيناريو بالغ الخطورة لابد وأن يحرك الولايات المتحدة نحو فرض حظر شامل على المنطقة وقد يحفز إسرائيل إلى قبوله لإدراكها خطورة الفوضى على وجودها.
ربما كانت المشكلة الأساسية في هذا الخيار تكمن في حالة الخمول السياسي التي يغيب معها الخيال، والكسل الاستراتيجي الذي يقتل روح المبادرة، ما يحرم العقل السياسي العربي من التمرد على مألوف سياساته وأنماط تفكيره، ولو فعل لنجح في الإفلات من القيود الضاغطة وأغلبها نفسية متوهمة إزاء «القدر الأميركي».صحيح أن ذلك التمرد يتطلب قدرا من المخاطرة الاستراتيجية، ولكن متى تقدمت الأمم أو نهضت أو أعملت إرادتها في التاريخ من دون مخاطرة أو حتى مغامرة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
فوضى باسم الديمقراطية
افتتاحية
الشرق قطر
بالأمس صنع البيت الأبيض من العراق خطرا يهدد السلم العالمي، وجلس وزير الخارجية السابق كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي يستعرض ما قال إنها «أسلحة دمار شامل» يملكها العراق، وكيف أن النظام العراقي السابق يشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة، وأطنب في شرح صور تم إنجازها ببرامج الكمبيوتر وقال إنها تصور مخابر كيماوية متنقلة.
تهم كثيرة أطلقها البيت الأبيض لتبرير غزو العراق؛ ليتضح أنه لا أثر لأسلحة الدمار الشامل، ولا روابط مع تنظيم «القاعدة»، وتبين أن كل ذلك الخطر كان مجرد سيناريو لإقناع الرأي العام الأمريكي بعدم معارضة حكومته في حملة غزو العراق.
وانتهى الأمر بأن تلحق أمريكا بالعراق دمارا شاملا، أنهى الدولة المركزية وحصر النظام في المنطقة الخضراء، فيما أرجاء العراق نهب للميليشيات المختلفة، ليصل الأمر إلى سقوط ثاني مدينة في البلاد بيد إحدى هذه الميليشيات.
واليوم تقف وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لتكرر كلاما مشابها ولكنه ضد إيران هذه المرة، فأمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب تتهم رايس إيران بالإرهاب وبقمع شعبها والسعي لامتلاك الأسلحة النووية وتقول إن هذا «خليط خطير للغاية» يجعل إيران التهديد الأكبر على المصالح الأمريكية في العالم. وهذا تطور مثير بعد إعلان القادة العسكريين الأمريكيين في العراق أن عددا كبيرا من الجنود الأمريكيين يلقون حتفهم بالمتفجرات والأسلحة الإيرانية، أي أن رسالة البيت الأبيض لمواطنيه واضحة والهدف منها الحصول على تأييده لمعاقبة هذه الدولة «التي تتسبب في قتل جنودنا بالعراق».
هذا الموقف الذي يكشف عن تصعيد واضح، يؤكد أن البيت الأبيض لم يتعلم الدرس العراقي أبدا، فوعود بناء دولة ديمقراطية تكون نموذجا في الشرق الأوسط، تبخرت ليتحول العراق إلى «جامعة» للإرهاب باعتراف الأمريكيين أنفسهم، وهذه «الجامعة» لم تكن لتوجد لولا الغزو الأمريكي، فالواقع أثبت أن تنظيم «القاعدة» لم يطأ أرض العراق إلا بعد الغزو وليس قبله.
عدم وعي إدارة بوش الدرس في العراق سيؤدي بها إلى استنساخ الأوضاع العراقية في إيران، ومع عدم استقرار أفغانستان المجاورة فإن «جامعة» الإرهاب ستفتح فروعا لها في إيران، ليتمدد أخطبوط الإرهاب ويجد مرتعا خصبا. وهكذا توفر أمريكا للإرهاب أسبابه بنشر ما تسميه «الفوضى الخلاَّقة»، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزا، مع أنه من واجبه التدخل للجم أمريكا التي تنشر الفوضى باسم الديمقراطية، والعراق نموذجا
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
اهلا تركيا
د علي التواتي
عكاظ السعودية
رغم ما يشاع إعلامياً عن تشكيل تحالف شرق أوسطي معتدل برعاية أمريكية يضم تركيا وإسرائيل إضافة إلى بعض الدول العربية بهدف مواجهة أو تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، إلا أن الشواهد المستقاة من تسارع الأحداث السياسية وانعكاساتها الأمنية الخطيرة على جانبي الحدود التركية العراقية تنبئ بغير ذلك، وقد تأخذ منحى غريباً ومخالفاً لكافة التوقعات. ويمكن تتبع تلك الشواهد التي أشير إليها منذ أمد ليس بالقصير، حيث لم يمنع التحالف التركي مع إسرائيل والولايات المتحدة الطرفين الآخرين من تشكيل تحالف موازٍ قوي آخر مع القيادات الانفصالية الكردية في كل من تركيا والعراق وإيران. ثم أنه لا يخفى على أحد أن القوات الأمريكية عملت منذ أن وطأت أقدامها أرض العراق على تقوية الجيب الكردي في الشمال بإضفاء صبغة الاستقلالية عليه وتحجيم نفوذ الحكومة المركزية فيه بتعيين رئيس كردي على رأسها، ثم تطورت الأمور ليتحول ذلك الجيب الكردي إلى مخلب قط في خاصرة الدولة التركية أشبه ما يكون بإسرائيل في خواصر الدول العربية المحيطة، وذلك بالسماح لمقاتلي حزب العمّال الكردي بتكثيف هجماتهم العسكريّة ضد القوات التركية انطلاقاً من شمال العراق اعتباراً من عام (2004م) أي بعد مرور أقل من عام على الاحتلال الأمريكي، وذلك بعد أن فقدت تلك الهجمات كثيراً من زخمها منذ 1999م، سنة اعتقال زعيم الحزب عبدالله أوجلان في نيروبي من قبل الموساد الإسرائيلي بموافقة أمريكية وتسليمه لتركيا حيث مازال يقبع في سجونها حتى اليوم، والذي كان اعتقاله وتسليمه بمثابة المكافأة لجونتا جنرالات الجيش التركي العلمانية على إطاحتها سنة 1997م بحكومة الائتلاف الحاكم الذي كان يغلب عليه حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أرابكان ذي التوجه الإسلامي الذي نجح نجاحاً اقتصادياً كبيراً أشبه ما يكون بالنجاح الذي تحققه الحكومة الحالية مع ميل واضح حينها نحو تغيير ثوابت السياسة الخارجية التركية المؤيدة لإسرائيل مما استوجب التدخل بالقوة لإنهاء تلك التجربة التي لم تكن الأولى، فقد تدخل الجيش قبلها لإسقاط حكومة سليمان ديميريل الموالية للغرب سنة 1980م عندما عجزت عن الضرب بيد من حديد لإيقاف المد الإسلامي الذي كان يقوده أرابكان أيضاً في ذلك الوقت. وبعد استيلاء الجنرال كنعان إفيريل على السلطة في أنقرة أبلغ مستشار الأمن الأمريكي لدى الحكومة التركية بول هينز رئيس بلاده جيمي كارتر حينها بنبأ الانقلاب بقوله ( لقد فعلها أولادنا في أنقرة..). فما الذي حدث ليتغير الموقف الأمريكي من تركيا حتى تدعم الثوار الأكراد ضدّ تركيا أو حتى تسمح لهم بمجرّد التواجد في شمال العراق واتخاذه منطلقاً لهجماتهم على الجيش التركي؟يبدو أن تركيا التي كانت تعتبر نفسها أو يعتبرها الغرب نموذجا فريداً للديمقراطية العلمانية في منطقة إسلامية وحزاماً جنوبياً لحماية أوربا من المـدّ الصحوي الإسلامي المتنامي بمختلف توجهاته في المنطقة قد بدأت تفقد مركزها ذاك لأسباب عديدة من أهمها إصرار الأغلبية الساحقة من الشعب التركي على تثبيت مكاسب القوى الإسلامية في السلطة حتى نجحت أخيراً في إيصال رئيس معروف بتوجهاته الإسلامية إلى سدة الرئاسة لأول مرة في التاريخ التركي الحديث، ولم تتمكن جونتا الجيش التركي هذه المرة من التدخل لأن الشق أصبح أكبر من الرقعة والولايات المتحدة مازالت تتخبّط في المستنقع العراقي ولن تتمكّن من المسارعة لمساندتهم في حال انفجار الشارع التركي في هذا الوقت الدقيق، فكان لا بد من البحث عن وسائل أخرى غير الانقلاب العسكري الصريح. ثم أن تركيا تصر منذ أمد بعيد على الانضمام للاتحاد الأوربي كعضو كامل العضوية يُخشى أن يُغرق أوربا بالمنتجات والعمالة الرخيصة ويمكّن أكثر من سبعين مليون تركي مسلم من التحرّك بحريّة بين دول الاتحاد في الوقت الذي تحتل فيه بلادهم شمال قبرص الذي تميل فيه الدول الأوربية (عاطفياً) نحو إعادة توحيدها تحت الهيمنة اليونانية. وبملاحظة مدى صلابة رفض الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي لانضمام تركيا للاتحاد الأوربي وتحالفه الجديد المكمّل أو البديل للتحالف البريطاني مع الرئيس بوش قد يكون تصويت الكونجرس الأمريكي على اعتبار مذبحة الأرمن في ظل الدولة العثمانية سنة 1915م عمليّة (إبادة جماعيّة) عربون صداقة ومباركة للتحالف الجديد خاصة أن أركان الإدارة الأمريكية الحالية يحملون الضغينة للقيادة التركية بسبب عدم سماحها لهم باستخدام قواعدها لضرب العراق، إضافة إلى دافع أكثر أهمية من مجرد تصفية الحسابات يتمثل في رغبة أمريكية/ أوربية واضحة في توريط تركيا (الإسلامية) في مستنقع الصراعات في المنطقة وذلك لإلهائها عن دورها الإقليمي التوازني وعن طموحاتها في التطلّع غرباً نحو الانضمام للاتحاد الأوربي بضرب عملتها والتأثير في نموها الاقتصادي تمهيداً لإضعافها والتأثير في مستقبلها السياسي بتحريك (الفوضى الخلاقة) لتفعل فعلها فيها تمهيداً لإعادة رسم خريطتها السياسية حتى لا تشكل في المستقبل المنظور خطراً كبيراً على إسرائيل، الزعيمة المنتظرة للشرق الوسط الجديد.وما يبعث على الحزن والأسى في مجمل القضية أن (الكتائب الحميديّة) – نسبة للسلطان عبد الحميد - التي اتُهمت بتنفيذ مذابح الأرمن كانت في معظمها من (الأكراد) وها هو الغرب الذي عاقبهم على فعلتهم بعدم السماح لهم بإقامة وطن قومي مستقل على مدى عقود من الزمان يعود ليعترف لهم بهذا الحق لا من منطلق الرأفة بهم ولكن للاستفادة منهم في تشكيل (كتائب بوشّية) يتم تسخيرها للانتقام من تركيا بذات اليد التي نفذت المذابح التركية المزعومة بحق الأرمن المسيحيين . والأمل أن يتنبه الطرفان التركي والكردي لهذه الحقيقة ويحاولا التوصل إلى حلول عادلة تحفظ حقوق الجميع ولا ينجرفا إلى الأفعال العنيفة وردود الأفعال، وعلى القادة الأكراد على وجه التحديد أن يتنبهوا أيضاً إلى أن شمال العراق ليس ملكاً خالصاً لهم وأنه مازال جزءاً من دولة موحدة وإن كانت منقوصة السيادة، ولا يحق لهم بالتالي اتخاذ قرارات أو تطبيق إجراءات مصيرية في الإقليم قد تورّط العراق كله والمنطقة في صراع جانبي جديد.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
مفهوم «حدود القوة» كما يتجلى في الأزمة التركية- العراقية
د توفيق السيف
عكاظ السعودية
يعرف الاتراك ان دخول العراق ليس كالخروج منه. وهذه احدى مفارقات السياسة. دول مدججة بالسلاح تعجز عن حماية اراضيها، ودول بحكومات مهلهلة تعيد الغازي الى بلاده مجللا بالهزيمة والعار. في نهاية 1991 ارسلت واشنطن قوات المارينز لفرض السلام على الميليشيات المتقاتلة في الصومال بعد سقوط حكومته. لكن هذه الميليشيات نفسها الحقت الهزيمة بقوات الدولة العظمى واخرجتها. وفي 2006 اجتاحت القوات الاسرائيلية جنوب لبنان الذي تقوده حكومة مهلهلة، ونعرف ماذا جرى بعد تلك الغزوة. ونعرف ايضا ان الجيش السوفيتي قد اجبر في 1989على الخروج من افغانستان على يد ميليشيات بسيطة التسليح والتدريب. وعلى العكس من ذلك فان الجيش التركي قام في عقد التسعينات اي في ظل صدام حسين وحكومته الجبارة باربع عمليات كبيرة في شمال العراق وخرج منها منتصرا، دون ان ينتظر موافقة احد.
الواضح ان الحكومة التركية مترددة اليوم في اتخاذ قرار نهائي باجتياح كردستان العراق، او انها على الاقل لا تعتبر الاجتياح خيارا فوريا، رغم التفويض القوي من قبل البرلمان وضغط الشارع. خلال الاسبوع الجاري تحدث المراقبون عن عملية محدودة تتمثل في قصف مدفعي وضربات جوية، خلافا لما كان متصورا في اواخر رمضان حين حشدت ثلاث فرق قتالية قرب الحدود العراقية. والمفهوم ان القصف الجوي والمدفعي يستهدف في المقام الاول الضغط على حكومة اقليم كردستان ولا يحقق الهدف المعلن اي استئصال ميليشيات حزب العمال. عملية كهذه لن تكون جراحة على الساخن كما يقال، بل جزء من عملية تفاوض سياسي مع اكراد العراق.
رغم الوضع السياسي والامني الضعيف في العراق، الا ان جميع الاطراف تخشى جديا من انفراط كامل في المنطقة الشمالية. تستطيع حكومة اقليم كردستان تقديم ضمانات بالتعاون الكامل في تجميد حزب العمل ومنع مقاتليه من اتخاذ اراضيها كمنطلق لعملياتهم ضد تركيا، وربما تحصل على دعم القوات الامريكية والحكومة الايرانية التي تواجه نفس المشكلة على حدودها الغربية. لكنها لا تستطيع الدخول في معركة شاملة مع ذلك الحزب. لان معركة كهذه سوف تضعف شرعيتها السياسية كممثل للطموحات القومية للشعب الكردي. طيلة القرن الماضي تعرض الاكراد لقمع منظم على يد الحكومات المجاورة، فتضاءلت الهوية الوطنية وتعززت الرابطة العرقية-القومية كجوهر لهوية الفرد الكردي. القمع المزمن حول الهوية الكردية الى تضامن اجتماعي داخلي وارتباط بارض كردستان وليس بالدولة الوطنية القائمة، وهذا هو السبب الذي يجعل اكراد العراق حريصين على استقلالية اقليمهم رغم انزعاج العرب، وهو نفسه السبب وراء استمرار حزب العمال في محاربة تركيا رغم اعلان زعيمه عبد الله اوجلان في 1999 عن انهاء العمليات المسلحة.
اذا دخل الجيش التركي فسوف تضطر حكومة كردستان العراق الى مقاومته او غض النظر عن مقاومة شعبية له. وعندئذ فان هذا الجيش سيضطر الى خوض عمليات غير تلك التي اعتادها في ظل حكومة صدام حسين. واذا طال امد الحرب فربما تنتشر الى الجنوب التركي، الامر الذي يحبط كثيرا من انجازات الحكومات التركية المتعاقبة، التي اثمرت حتى الان عن تخفيف ملموس للتوتر في هذه المنطقة.
الى ذلك فان الامريكيين يخشون جديا من انهيار التنظيم السياسي – الامني القائم في شمال العراق، لانهم سيضطرون حينها الى نشر قوات اضافية هناك، في الوقت الذي تتصاعد الضغوط لسحب جزء من القوات المرابطة في الوسط والجنوب. على صعيد الداخل العراقي فان تهديد تركيا بعمليات عسكرية سوف يؤثر جديا على الجدل الدائر حول مصير مدينة كركوك، التي ينظر اليها الاتراك كمركز للتركمان العراقيين، حلفائهم الطبيعيين في مواجهة الاكراد، بينما يريد هؤلاء ضمها الى كردستان. وثمة اتفاق سابق بان يحسم مصير المدينة قبل نهاية العام الجاري. وبالطبع فانه لا يمكن للاكراد تجاهل الانعكاسات السياسية للتهديد التركي على وضع كركوك.
المشهد الحالي يكشف بجلاء عما يسمى في علم السياسة بحدود القوة. الاتراك يريدون الحرب لكن الامر ليس بيدهم تماما، الاكراد يريدون كركوك، لكنهم يخشون من رد فعل تركي، الامريكيون يريدون تأمين كردستان لكن الضغوط السياسية الداخلية تمنعهم من ارسال قوات كبيرة اليها. اي ان الاقوياء جميعا غير قادرين على الحسم. مفهوم «حدود القوة» هذا هو الذي يجبر الناس على اللجوء الى المفاوضات والوساطات والبحث عن صفقات متوازنة، باعتبارها المخرج الوحيد الممكن من الازمة.
talsaif@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
أزمة القوات المسلحة الأميركية)
جهاد الخازن
الحياة
ثمة دلائل على ان العسكر الأميركيين تحت الضغط يعيدون تنظيم أنفسهم لمواجهة الذيول المدمرة للعراق، والنظر إلى ما هو أبعد من ذلك، حتى والرئيس بوش يصرّ على إرسال أميركيين للقتال هناك والموت. في غضون ذلك المارينز يحاولون الانتقال من العراق إلى أفغانستان حيث المهمة أكثر شعبية ويستطيعون التركيز على الأعداء الحقيقيين لأميركا، القاعدة وطالبان، بدلاً من محاولة لعب دور الشرطي في حرب أهلية.الكلام السابق ليس لي، وإنما هو افتتاحية «نيويورك تايمز» في 16 من هذا الشهر، وهي افتتاحية تعبر عن رأيي مئة في المئة، وكانت ضمن ملف جمعته عن شركة بلاك ووتر وسجل مسلحيها في قتل المدنيين العراقيين، إلا انني انتقلت في النهاية إلى القوات المسلحة الأميركية، فقد تراكمت المعلومات عنها، ووجدتها موضوعاً أهم من شركة حراسة.العسكر الأميركيون في أزمة كبيرة، والقوات الأميركية لا تستطيع خوض حرب أخرى في الوقت نفسه، باعتراف القادة، وما إغراء صغار الضباط بعلاوات تصل إلى 35 ألف دولار للبقاء في العراق سوى رشوة باسم آخر، ودليل يأس.القوات الأميركية كلفت مهمة مستحيلة في العراق هي ان تربح حرباً أهلية محلية، والنتيجة هي ما نرى، والثمن ليس مجرد أربعة آلاف قتيل وعشرات ألوف الجرحى بل هي علة وجود العسكر، ففي استفتاء أجرته «نيويورك تايمز» و «سي بي إس» تبين أن المواطن الأميركي يثق بالعسكر ثلاث مرات أكثر من الكونغرس و13 مرة أكثر من الرئيس، والآن أصبح الأميركي يشعر بأن قواته المسلحة خدعته.إدارة بوش لعبت لعبة قذرة عندما طلبت من الجنرال ديفيد بيتريوس تقديم تقرير إلى الكونغرس عن زيادة القوات، فقد كانت تعرف انه «جنرال سياسي» يهمه الترويج لنفسه، أملاً بتحقيق طموحات مستقبلية، ثم انه ما كان ينتظر من رجل أن يقف أمام مشترعين/ محققين وينتقد استراتيجية وضعها هو.والنتيجة كانت ان بيتريوس قدم معلومات غير صحيحة عن نجاح الزيادة إلى درجة إرجاع القوات الإضافية، وصرح الجنرال وليام فالون، رئيس القيادة المركزية، علناً بأن المعلومات غير صحيحة.وقرأت مقالاً لضابط سابق هو وليام استور عنوانه «إنقاذ العسكر من أنفسهم» لاحظ بعين الخبير ما فات الصحافة، فهو سجل ان بيتريوس استشهد على التقدم سنة 2007 بضبط 1700 متفجرة أكثر مما ضبط سنة 2006، وسأل هل هذا دليل على تحسن الاستخبارات والمتابعة، كما قال الجنرال، أو دليل على ان العراق أغرق بكميات أكبر كثيراً من هذه المتفجرات منذ السنة الماضية.بيتريوس قال أيضاً إن العراق تعهد بشراء أسلحة أميركية بمبلغ 1.6 بليون دولار، ووعد بشراء أسلحة أخرى تبلغ 1.8 بليون دولار. هل هذا تقدم؟ المبلغ كله 3.4 بليون دولار، أي جزء بسيط من نفقات الحرب سنة 2008 التي تقدر بأكثر من 200 بليون دولار، وكل موازنة تعرضت لزيادة، وقد طلب البيت الأبيض 50 بليون دولار موازنة إضافية هذه السنة. وأهم من ذلك ان العراق مدمر، ومن دون بنية تحتية أو خدمات، فهل إنفاق البلايين على السلاح عمل حكيم، وأليس الأفضل إنفاقها على مساعدة شعب العراق للنهوض من عثاره.الرئيس الجديد للأركان المشتركة الأميرال مايك مالن يريد استمرار الإنفاق الهائل على القوات المسلحة الأميركية، وهو أبلغ «نيويورك تايمز» هذا الأسبوع ان القوات البرية الأميركية لم تُكسر إلا انها أصبحت «قابلة للكسر» بعد العراق وفيتنام، وهناك حاجة إلى إعادة تأهيل الجيش والمارينز لعدم قدرتهما على خوض حرب أخرى كبيرة فقد استهلكت القدرات.مجلة «أميركان كونسرفاتف»، وهي كما يدل اسمها محافظة، اتهمت بيتريوس بأنه «المنقذ المنافق» أو المرائي، وقالت انه ربح المعركة في واشنطن وليس في بغداد، ووصفته بأنه جنرال سياسي، لا جنرال مقاتل، فهو لم يحارب حتى وصل إلى العراق سنة 2003.وأختار من أزمة القوات المسلحة الأميركية مثالين يغنيان عن شرح طويل:- اقترح تخصيص 23.6 بليون دولار لشراء عربات مصفحة مقاومة للمتفجرات التي أوقعت أكبر ضرر وإصابات بالقوات الأميركية في العراق. غير انني لا أجد هذا مفيداً، فما سيحدث هو ان الطرف الآخر سيرد بمتفجرة أقوى تستطيع تدمير العربة الجديدة، فهذا مثل صنع مصيدة فئران أفضل، ولا يمضي وقت حتى يأتي فأر أذكى يعرف كيف يتجنبها.- مع عزوف الشباب الأميركي عن الجندية خفض الجيش الأميركي مستوى القبول، والنتيجة ان 11 في المئة من المجندين الجدد قبلوا بعد إلغاء سجل مشاكلهم مع القانون، وبين هؤلاء 1620 متهماً بقضايا جنائية، لا مجرد جنح، كذلك خفض مستوى التعليم المطلوب إلى أقل من شهادة ثانوية أحياناً، ومن دون اعتبار مشاكل المخدرات والإدمان على الخمر عند آخرين.قرأت كثيراً عن أزمة القوات المسلحة الأميركية، ولم أقرأ ما يقنع من حلول مقترحة، غير ان هذه القوات ذات تقاليد عريقة، ومن بلد ديموقراطي ثري جداً وقوي، ولا بد انها ستجد الحل في النهاية، بعد ان نكون نحن والأميركيون دفعنا ثمن طموحات عصابة حرب ضللت رجلاً هرب من الخدمة في فيتنام إلى أمن تكساس، ثم أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية في بلد أنجب جورج واشنطن ودوغلاس ماكارثر وجورج باتن ودوايت ايزنهاور.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
سلوك الاحتلال عندما تديره الشركات الأمنية
عزمي بشارة
الحياة
أثارت مذبحة «بلاك ووتر» بالمواطنين العراقيين يوم 17 ايلول (سبتمبر) الماضي، والتي راح ضحيتها حسب التقارير الاميركية 16 من المدنيين العراقيين نقاشا لم ينته بعد حول خصخصة «الخدمات الأمنية» وبيعها وشرائها كأنها بضاعة. وقد تبين في واقع الحال ان إطلاق النار لم يكن مبررا، وأنه جرى عشوائيا خلال شق طريق قافلة سيارات حماية مسرعة. وانفضح في خضم النقاش عدد من جرائم القتل المشابهة بإطلاق النار من داخل سيارات وعمليات التنكيل التي قام بها أفراد شركة «بلاك ووتر»، أكبر الشركات الأميركية الأمنية الخاصة العاملة في العراق. ومن «أطرفها» أن أحد أفرادها كان يتجول في المنطقة الخضراء مخمورا جذلا بعد حفلة عيد الميلاد الماضي في داخل المنطقة الخضراء فقتل على سبيل اللهو أو التنفيس بعد أن أزال الشرب الكوابح حارسا شخصيا لنائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي. كما تبين أنه بعد شكوى نائب الرئيس للسفير الأميركي في حينه، زلماي خليل زاد، ومطالبته بتسليم القاتل للسلطات العراقية تم ترحيل القاتل خفية الى الولايات المتحدة. وبما أنه فوق القانون جاءت «عقوبته» من الشركة بحسم ثمن التذكرة من تعويضاته وحرمانه من آخر معاش. وقد بلغت هذه العقوبة 14679 دولاراً. وعوضت الشركة عائلة القتيل بـ15 ألف دولار، أي أنها لم تخسر قرشا واحداً على عائلة القتيل، بل دفعت ما وفرته من راتب القاتل الذي لم يعاقب. («واشنطن بوست» 21 تشرين الأول/ أكتوبر).لا يمكننا الادعاء أن هذأ النوع من خصخصة الخدمات الأمنية يقتصر على نشاط الاحتلال الأميركي وخدماتها له في دول أجنبية مثل العراق. فقد جرت خصخصة خدمات الحراسة الشخصية وحراسة المؤسسات والبيوت، وحتى السجون، في العديد من الدول. وهي خطوة لبرلة اقتصادية، ومثل أي خطوة لبرلة اقتصادية في عصرنا لم تعد بالضرورة تعبيرا عن أي لبرلة سياسية او حقوقية مدنية، بل بالعكس قد ترافقها ظواهر مثل تآكل حقوق مكتسبة وانعدام الحساسية تجاهها، بخاصة عند من يخضعها لقوانين السوق. وتصح هذه المعادلة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بخصخصة الخدمات المتعلقة بالتعليم والصحة وأمن المواطنين. في هذه الحالة تكون الخصخصة عموما تعبيرا عن نزعة توحش وتغول رأس المال. ومع أنه يرافق الخصخصة تحسن في مستوى الخدمات المقدمة لقطاعات معينة، إلا ان مفهوم الحقوق الاجتماعية المكتسبة يتحول إلى عبء على كاهلها تسعى للتخلص منه بكل السبل والأحابيل، أما الصالح العام وعملية بناء الأمة من خلال المواطنة المتساوية في تلقي خدمات الدولة مقابل الضرائب التصاعدية فيغيب تماما. إذ تنشأ أنظمة تعليمية وصحية وأمنية متفاوتة. وتفاوتها خطير يتجاوز الاختلاف الى الصراع.يصح هذا الكلام على خصخصة هذه القطاعات داخل الدول المعنية، إذ أن الربح وقوانين العرض والطلب ترتفع فوق مفهوم الخير العام والصالح العام والمواطنة. ولكن هذه العملية عندما تجري في هذه الدول تضبط قانونيا على الأقل، أي تخضع لقوانين تنظم عملها ومسؤولياتها المدنية التي قد تتحول إلى جنائية حتى في حالات الإهمال غير المتعمد. أما عندما يتعلق الأمر بخصخصة وبيع خدمات للدولة لقمع شعوب أخرى فيقع المحظور وترتكب الكبائر. والأمر الخطير الذي يدور حوله النقاش في الولايات المتحدة حاليا هو ترفيع هذه الشركات والمؤسسات التي تبيع هذه الخدمات للدولة في الخارج فوق طائلة القانون، أي قانون، المحلي أو الأميركي. إذ لا يمكن ان يطلب الاحتلال من شركة خاصة أن تقوم بأعمال لا يستطيع الجيش، أو لا يريد، القيام بها ثم تعريض افرادها للمحاكمة او المساءلة القانونية نتيجة لهذه الأفعال غير القانونية. فعدم قانونية الأفعال وعدم التزامها الحرفي بالقوانين هو أفضلية هذه الشركات التي تبيعها وتتفوق بها على الجيش بعد انتهاء «العمليات العسكرية»، وهذه الافضلية تحقق لها فائض القيمة والربح. فبعد توقف القتال يصبح الجيش، نظريا على الأقل، خاضعا لقوانين أخرى غير قوانين الحرب. وهي قوانين الاحتلال او على الأقل قوانين دولته التي يرتدي زيها بما فيها من امتيازات للجندي في مناطق معادية، ولكنها قوانين على كل حال. وأفضلية هذه الشركات على الجيش هو منحها ما لا تستطيع دولة أن تمنحه لجيشها وهو التحلل من القوانين عندما يتعلق الامر بحماية أفراد أو مصالح، وبث الرعب في أوساط السكان المحليين بالضبط لأنهم يعلمون أنه لا قانون يلزم هؤلاء بشيء.تقوم الشركات بكل ما يلزم لتنفيذ المهمة التي تعاقدت على تنفيذها مع وزارة الخارجية الاميركية بشكل خاص. ويحق لنا أن نقول أن «بلاك ووتر» هي في الواقع ميليشيا خاصة بوزارة الخارجية الأميركية. ومهمات مثل هذه الشركات في حالة العراق هي حماية حياة الديبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين وبعض المشاريع الاقتصادية الحيوية التي تقوم بها شركات أميركية حازت على عطاءات خيالية ونهبت أموال النفط. وإذا لم تنجح الشركة في القيام بالمهمة فلن يستأجرها آخرون في المستقبل، وسوف تفلس الشركة ببساطة. وهي لا تبني سمعتها وتسويق ذاتها على احترام حقوق المواطن العراقي أو حتى أخذها بعين الاعتبار، بل على نجاحها في تنفيذ المهمة. لا أحد يحل جيشا بسبب فشله في حماية ديبلوماسي، ولكن اذا تكرر إخفاق كهذا في عمل شركة فلن يشتري خدماتها أحد، وسوف تفلس وتحل. وهي لا تستطيع ان تؤمِّن تنفيذ المهمة ولو أدى ذلك الى وقوع ضحايا من أفرادها أثناء تنفيذ الواجب كما في حالة الجيش. لأنه إذا كان عدد الضحايا كبيرا وخطر الموت ماثلا فسوف ترتفع الأجور المرتفعة أصلا كي يقبل احد العمل فيها، وبذلك لا يتحقق أقصى ربح ممكن للشركة. هنا يصبح قتل المحليين وعدم المجازفة بحياة الأفراد العاملين في الشركة قضية توفير.إذا قام الجيش أو الشرطة بتأمين الحراسة لديبلوماسي، فسيكون عليهما تجنب الخطر، أو إطلاق النار في حال وقوعه وذلك كدفاع عن الديبلوماسي وعن النفس، وليس قبل وقوع الخطر. أما الشركات الخاصة فلا تجازف، وقد تلجأ إلى منع نشوء مثل هذا الوضع على شكل ردع بالقوة او إطلاق النار بالشبهة والاشتباه وعدم انتظار وقوع الخطر. ويتحول التسامح مع إطلاق النار بالشبهة، إلى توسيع تفسير الشبهة، والكذب حول وجودها أصلا في التقارير المقدمة، كما يجري الآن حول مجزرة 16 أيلول التي أثارت النقاش. ويصعب إثبات كذب الاشتباه، فالاشتباه عموما هو حالة نفسية معنوية. كما ان الحقيقة مخصخصة في حال هذه الشركات، ولا حرج من الكذب والنظر أثناء ذلك في عيني المذيع المتأثر بما يروى له ببراعة بلغته التي لا يتقنها أهل الضحايا. والكذب رواية تبدو متسقة ومنسجمة وبالتالي حقيقية في مقابل روايات أهالي الضحايا المتقطعة غير المعدة. ويتحول السماح بالقتل بالشبهة بأسرع مما يتصوره المسؤولون الى إطلاق النار لغرض المتعة، خاصة أن هذه الشركات الأمنية لا تجذب أناسا عاديين بل تجذب ايضا مغامرين او مهنيين أمنيين يبيعون خدماتهم ولا تلعب الأخلاقيات او الشعور بالواجب دورا خاصا في سلوكهم.وقد انفردت «فيلادلفيا انكوايرر» أخيراً بنشر معلومة يفترض انها مهمة، واستحقت ان تنشر في وقت مبكر. تحتل جنوب أفريقيا موقع الدولة الثالثة في عدد الأفراد الذين يتعاقدون مع هذه الشركات في العراق بعد اميركا وبريطانيا. فهي تعج بالخبرات البوليسية القمعية المتقاعدة من دون عمل بعد نهاية نظام «الابارتايد». وتتستر عائلات العاملين من جنوب أفريقيا على مهمة أبنائهم، لان قانونها يحظر مثل هذا التعاقد في بيع خدمات أمنية لانها كانت في الماضي مصدرا لتزويد انظمة قمعية أفريقية بها. ومع أن جنوب أفريقيا تعارض الحرب على العراق. لكن الدولة لا تقوم بمنع هذا النشاط والتجريم عليه بتطبيق القانون. وحتى عندما يختفي افراد عاملون في هذه الشركات من جنوب أفريقيا، أو حتى عندما يخطفون في العراق، يخيم الصمت على بيوتهم وعائلاتهم، ولا تثار حولهم الضجة. ومع ذلك فإن العدد يقارب العشرة آلاف برأي مصادر في وزارة خارجية جنوب أفريقيا، وثلاثة آلاف برأي الشركات ذاتها. («فيلادلفيا انكوايرر» 21 تشرين الأول/ اكتوبر). وعلى كل حال نستطيع ان نتصور اي نوع من البشر تمت تربيتهم في نظام «الابارتايد» ولديهم خبرات مطلوبة، أو يتركون الآن صفوف الشرطة للمغامرة وبحثا عن أجور تبلغ 10 الاف دولار في مقابل اجر شهري يتجاوز الالف دولار بقليل في جنوب أفريقيا.تتعرض دولة عربية وشعب عربي حاليا لقمع يتجاوز القمع الاستعماري الى الميليشيات الأجنبية المتعددة القوميات التابعة لشركات خاصة. قد يشارك افراد هذه الشركات أفرادا من جيش الاحتلال القسوة والعنصرية نفسهما، ولكنها لا تقوم بدور حماية المجتمع ولا حتى كقوة احتلال مسؤولة امام القانون الدولي أو قانونها هي على الأقل، ولو نظريا. وهي تفضح مسألة السيادة العراقية تماما لان افرادها المدنيين غير مسؤولين أمام القانون العراقي عند قتلهم مدنيين عراقيين على أرض عراقية. هذه الشركات غير مسؤولة حتى نظريا الا عن مهمة محددة تبيعها منفصلة دون علاقة بأمن المجتمع والسكان، أو بالقانون، او بمصلحة البلد، ولا حتى البلد المستعمَر، بل هي تبيع خدمة أمنية محددة، بضاعة. ويقاس نجاحها من فشلها بتوفير هذه البضاعة او الخدمة، اي بتنفيذ هذه المهمة المحددة للاحتلال. وطبعا يكمن الفرق الأخير بين موظف الشركة الخاصة وبين الفرد في الجيش والشرطة ليس فقط في غياب الشعور بالواجب وترجيح كفة النجاح في تنفيذ المهمة، وليس فقط في عدم الخضوع لأي قانون، بل ايضا في غياب أي دافع للتضحية أو المجازفة. فالمرتزق لا يخدم، بل يعمل، ولا يضحي بل يربح. وقد تكون لدى بعضهم نزعة للمغامرة كنوع من التمتع بالخطر والمجازفة واكتشاف الجديد في الذات والمحيط، ولكن شتان ما بين التضحية والمغامرة. فالتضحية، بما في ذلك التضحية لغرض تنفيذ المهمة نفسها، ناهيك عن التضحية لغرض حماية أرواح الأبرياء، غير واردة في قاموس المرتزِق. وهو يعتبر السكان المحليين وهم يتحركون ويتنفسون من حوله مجرد زيادة في عناصر الخطر والمجازفة.

ليست هناك تعليقات: