Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأحد، 14 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الأحد 14/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
تركيا : دور مغيب في منع البلقنة
نزار السامرائي
باحث في المركز العراقي للدراسات الستتراتيجية
لم تكن تركيا بعيدة عن خطط تقسيم منطقة الشرق الأوسط ، على أسس عرقية أو طائفية ، ويحمل المشروع الإسرائيلي ، لتركيا مقصا حادا إلى حد لا يمكن مطابقته مع علاقات تركيا التاريخية مع إسرائيل ، ومع العالم الغربي ، وكونها الذراع الجنوبية لحلف شمال الأطلسي ، فالغرب ينظر إلى تركيا على أنها وريثة الدولة العثمانية ، التي احتلت شطرا مهما من أوربا ، ووصلت جيوشها إلى مشارف فيينا فهي وإن خرجت عن الجامعة الإسلامية ، فالغرب يبقى ينظر لها بارتياب تام ، ويعتبر ذلك الخروج حالة مؤقتة ، لن تستطيع الصمود أمام قوة الإسلام الغلابة والصحوة الجديدة ، والتي من مظاهرها وصول حزب العدالة والتنمية التركي ، ذي الميول الإسلامية إلى السلطة في البلاد عبر انتخابات حرة ، وهذا الحذر في التعامل مع الانتساب التركي ، أو التشكك من جذوره ، هو ما دفع الإتحاد الأوربي إلى تعليق قبول عضوية تركيا فيه ، على شماعات معلقة بالهواء ، ووضع شروط تعجيزية تريد من تركيا سحب طلبها الانضمام إلى الإتحاد .
ويبدو أن وصول تركيا إلى قناعة مؤكدة بشأن هذا التوجه ، سواء عبر المعلومات الموثقة ، أو عبر الاستنتاج المستند على مؤشرات ما يجري فوق أرض الجار الجنوبي ، هو الذي جعل تركيا تعارض استخدام أراضيها أو أجوائها ، في عملية غزو العراق عام 2003 ، والموقف التركي هذا ، هو الذي دفع بالإدارة الأمريكية إلى انتهاج سياسية معقدة تجاه تركيا ، فيها تقارب حد التلاحم ، وفيها الابتعاد حد التصادم ، فالولايات المتحدة لا تريد أن تغفر لتركيا تلك الخطيئة ، التي أجبرت غرف العمليات إلى إدخال تعديلات جوهرية على خطط الغزو ، وتم بموجب تلك التعديلات جعل الكويت محور الغزو الرئيس .
لكن موقف تركيا المنساق وراء التحالف الغربي ، عام 1991 وبآلية عمياء ، هو ما هيأ الأرضية الخصبة لنمو تيار بات يؤرق الزعامة التركية ، ولم يكن قد وصل إلى هذا المستوى من الخطورة ، لولا دخول الحزبين الكرديين العراقيين على خط الفعل العدائي المؤثر ، في محاولة منهما لوضع تركيا أمام أحد خيارين ، أما التسليم بمبدأ الحوار المباشر مع ما يسمى بحكومة كردستان ، أو قبول خيار المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية عسكريا ، ومع الولايات المتحدة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية سياسيا ، فقد لعبت تركيا في حقبة التسعينات من القرن الماضي ، دورا مؤذيا لوحدة العراق بوقوف حكومات غبية في أنقرة ، كان همها كسب رضا الغرب دون التفكير بعواقب تلك السياسة ، على وحدة الأراضي التركية نفسها ، وتحت لافتات مختلفة ، استقدم الحزبان الكرديان ، إلى شمال العراق ، مئات الآلاف من عناصر حزب العمال الكردي التركي ، لاستخدامه عصا غليظة بوجه الحكومة التركية وقت الضرورة ، وحينما بدأت تركيا تتحسس حجم الخطر ، كان الوقت قد مر متسارعا ، وبدأت أنقرة تلوح برد العصا إلى رؤوس عناصر حزب العمال الكردي , المدعوم بالتسليح من جانب القوات الأمريكية العاملة في العراق ، أو عبر الشركات الأمنية الأمريكية .
ولكن التهديدات التركية لم تأخذ طريقها نحو التنفيذ ، لأن كبار المسؤولين الأمريكيين ، كانوا في كل مرة تلوح فيها نذر العمل العسكري التركي ، يبادرون لتحذير الحكومة التركية من مغبة الإقدام على العمل العسكري ، ولم يكن أمام أنقرة والحال هذه إلا الانصياع لرغبة واشنطن ، مما كان يزيد في تصلب ( حكومة كردستان ) ، ويرفع من سقف طلباتها إلى علو شاهق ، فالبرزاني وجد في هذه الورقة ، ضالته التي يستقدم الحكومة التركية للحوار ، والاعتراف بالوضع الشاذ في شمال العراق كأمر واقع ، يمكن أن يتكرس بالموافقة التركية ، كدولة مستقلة في المستقبل ، واندفع حزب البرزاني في اعتماد النهج الذي اختطه التحالف الصهيوني الغربي ، وخاصة الأمريكي ، في إثارة النزاعات الإقليمية ، وتم استخدام ورقة الأقليات في هذا المجال ، وكان نصيب العراق من هذا التوظيف كبيرا إلى حد بعيد ، وكانت إسرائيل قد دخلت على خط الحركة البرزانية منذ ستينات القرن الماضي ، إذ تم تدريب عناصرها وتزويدهم بالخبرة القتالية والإستخبارية ، عبر موفدين لهذا الغرض اعترف أكثر من مسؤول من الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى قبل انشقاق جلال الطلباني عنه ، بحصول ذلك التعاون ، والذي وصل مرحلة الزيارات المتبادلة ، بما فيها زيارة مصطفى البرزاني إلى إسرائيل ، وكانت إيران عراب هذه العلاقة ، أما تركيا التي كانت علاقاتها مع العراق في صعود ونزول تبعا لمدى الضغط الذي تتعرض أنقرة له ، فقد نأت بنفسها عن لعب الورقة الكردية حتى في أكثر أوقات توتر علاقاتها مع العراق ، هذا باستثناء ما جرى في تحضيرات الحرب على العراق عام 1991 ، وما أعقبها من تحول شمال العراق إلى كيان مستقل تماما عن الدولة العراقية من الناحية العملية وكان لتركيا في هذه المرحلة أسوأ الأدوار والتي بدأت الآن فقط تحصد نتائج ما أسهمت بزرعه ، وفي كل مرة كانت الحركة الكردية العراقية هي التي تدفع الثمن ، وبمجرد استنفاد الغرض منها ترمى كما ترمى النفايات .
لقد أيقنت تركيا أن ما اندفعت إليه بقوة العداء للعراق ، ما كان له أن يعيد التاريخ إلى الوراء ، ويعيد جزء من الأراضي العراقية إليها من ممتلكات الدولة العثمانية ، وأن الغربيين يشتغلون على مشروعهم الدولي ، لإعادة تركيب المنطقة ، على أنقاض اتفاقية سايكس- بيكو ، وأن الأكراد في تركيا ، والحزبين الكرديين في العراق ، لدى كل طرف منهم مشروعه الخاص أيضا ، وأن التركة مقسمة منذ زمن بعيد ، ومن لا يعي هذه الحقائق فهو وحده من يتحمل نتائجها .
فأين تقف حدود المرونة التركية ، وخاصة ما يتصل بشؤون الأمن القومي ، ووحدة الأراضي التركية ؟
وأيهما أكثر أهمية للحكومة التركية ، بقاء الدولة التركية بحدودها الحالية ؟ أم العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة ؟
وإلى أي مدى تستطيع حكومة السيد أردوغان قبول خيار الانصياع للضغوط الأمريكية فيما يتصل بالتعامل مع الملف الكردي ؟
لقد فرط التحالف الغربي بالعلاقة مع تركيا ، في أكثر من واقعة ، ولم يتم التعامل مع البلد الذي يمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي ، إلا باعتباره دركيا ميدانيا ، يدافع عن مصالح التحالف الغربي ، و لم يكترث الغرب لوجهات النظر التركية ، سواء ما يتصل بمراهنة الساسة الأتراك على الانضمام للإتحاد الأوربي ، أو لمعالجة تداعيات الدعم الأمريكي للتوجهات الانفصالية ، لبعض الزعامات الكردية العراقية ، والتي مضت تغذي التوجهات الانفصالية في جنوب شرقي تركيا , إلى قبول خيار الصدام مع تركيا معتمدة في ذلك على القوات الأمريكية ، التي لا تجد كسبا إستراتيجيا في الصدام مع حليف معمر مع واشنطن ، بدء من الحرب الكورية وحتى الوقت الراهن ، وتارة اخرى ، وحينما تجد الحركة الكردية نفسها في عنق الزجاجة ، فإنها تتخلى عن كل اطروحاتها الانفصالية ، وتعود إلى بيت الطاعة العراقي ، حينها تبدو حريصة على سيادة العراق من أي انتهك تركي ، وتتجاهل أنها تنتهك السيادة العراقية ، على نحو متصل منذ سبعة عشر عاما ، وبصورة متقطعة منذ نصف قرن .
لقد كان فوز حزب العدالة والتنمية التركي ، هزيمة لخيار التحالف مع الغرب ، على وفق الأسس التي يريدها الغرب نفسه ، وحين بارك الغرب نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، فإنه لم يستطع الخروج عن قناعاته المعلنة من جهة ، ولأنه لم يستطع الطعن في نتائجها من جهة اخرى ، ولكنه وهو يبارك الخطوات الديمقراطية في تركيا ، ويحاول تقليص دور الجيش في الحياة السياسية في البلاد فإنه كان يتطلع إلى رؤية انهيار التجربة ، نتيجة الصدام المحتمل ، بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب العلمانية مدعومة بقوة الضغط الذي ينشره الجيش فوق الجميع ، تحت لافتة الدفاع عن ارث أتاتورك ، وصدام هذه أبعاده كان لابد أن يضعف من قوة الجيش التركي ، ويسهل بالتالي تهديد وحدة الأراضي التركية ، وكجزء أساس من هذه اللعبة المزدوجة ، أخذت قضية حزب العمال الكردي التركي مسارا متسارعا ، لفت أنظار مراقبي السيناريوهات المعدة للمنطقة ، فإذا أطلقت الحكومة عملية عسكرية ضد نشاط الحزب في شمال العراق ، فقد تواجه احتمالات متكافئة ، من حيث النجاح والفشل ، وقد يستدرج مثل هذا التدخل موقفا أمريكيا مضادا ، مما قد يعرض حكومة العدالة والتنمية ، إلى أصعب امتحان في تاريخها ، وإذا أحجمت عن التقدم خطوة على هذا الطريق ، فحينذاك ستفقد مصداقيتها أمام الناخب الذي جاء بها إلى موقع المسؤولية ، وقد يتحرك الجيش حينذاك وبدعم شعبي وخاصة من أحزاب المعارضة الحالية ، لإنقاذ البلاد من مفترق الطرق الذي وصلت إليه ، وعندها لن تكون الإدارة الأمريكية وكذلك الغرب عموما ، أمام أي حرج إزاء حكم جنرال جديد ، يمكن أن يضاف إلى قائمة الجنرال برويز مشرف في باكستان ، من الجنرالات الذين يحكمون في الكثير من بلدان العالم ، دون أن يثيروا رد فعل أمريكي .
ولكن لماذا تقف الولايات المتحدة ضد التدخل التركي ؟
وهل يتصل الأمر بإمدادات القوات الأمريكية في العراق ؟
في ذروة الأزمة التي رافقت التكهنات حول احتمال اجتياح القوات التركية لشمال العراق ، تحدث أكثر من مسؤول أمريكي بمن فيهم روبرت غيتس وزر الدفاع ، وبلغة تحذيرية للحكومة التركية من النتائج المترتبة على مثل هذا التدخل ، ومن بين ما قاله الأمريكيون ، أن الأوضاع الاقتصادية في ( كردستان العراق ) ، ستشهد تدهورا كبيرا في حال نفذت تركيا تهديداتها ، أما انعكاسات العملية المتوقعة على إمدادات القوات الأمريكية ، فقد رسم لها غيتس صورة متشائمة للغاية ، إذ ذكر بأن ثمانين بالمائة من تلك الإمدادات ستتوقف ، وان ثلاثين بالمائة من وقود الجيش الأمريكي القادمة من تركيا ستتوقف ، وأن خمسة وتسعين بالمائة من العربات عالية التدريع تصل إلى الجيش عبر الأراضي التركية ، و حذر غيتس من أن بدء العمليات التركية ضد حزب العمال الكردي ، سيوقف كل هذه الإمدادات وقفا كليا ، مما سيعرض أمن القوات الأمريكية في العراق إلى أخطار جدية .
وهنا يبرز سؤال منطقي عن أسباب الرفض الأمريكي القاطع ، لعملية تركية لحماية أرضها وسكان المناطق الحدودية ؟ وهل ينحصر السبب في حماية خطوط إمدادات القوات الأمريكية ؟ ومدى قدرة الولايات المتحدة على نقل طرق مواصلاتها من الشمال إلى الجنوب ؟ خاصة وأن الكويت كانت خلال السبعة عشر عاما الأخيرة منطلقا لجيوش التحالف الغربي ، الذي نفذ معظم الجهدين البري والجوي ، لاحتلال العراق ، وما تزال الحكومة الكويتية تضع قواعدها الجوية ، وموانئها البحرية وطرق مواصلاتها ، تحت تصرف الولايات المتحدة ، لدعم القوات في العراق .
لا شك أن تركيا هي أقصر طرق المواصلات من القواعد الأمريكية في أوربا ، ومن أمريكا نفسها ، ولكن بلدا بإمكانات الولايات المتحدة ، يمتلك مرونة عالية ، في تغيير الخطط ، وطرق المواصلات ، على وفق ما يطرأ من معادلات ميدانية مستجدة ، مع أخذ تطورات الموقف في البصرة ، إذا انسحبت القوات البريطانية منها بنظر الاعتبار ، لا سيما وأن إيران قد تجد فرصتها في تحريك جيش المهدي لضرب خطوط إمداد القوات الأمريكية من الكويت كلما حصل تسخين على ملفها النووي .
الولايات المتحدة ، إذن ترمي إلى أشياء اخرى ، غير حماية طرق تموين قواتها فقط في العراق ، فما هو دافعها المركزي لموقفها هذا ؟
لقد جاءت الولايات المتحدة إلى المنطقة محملة بأوهام القوة ، لتحقيق هدف إستراتيجي مشترك مع الحركة الصهيونية العالمية ، وهو تقسيم دول المنطقة ، بدء من القوة التي كان العرب ينظرون إليها ، على أنها الخزين الإستراتيجي ، ماديا ومعنويا ، وكانوا يعلقون على العراق آمالا عريضة في التحرر من بقايا عهود السيطرة الاستعمارية ، فإذا الضربة في مركز القوة ، فإن ذلك وحده الكفيل بزعزعة قناعات الأمة بقدراتها ، وقابليتها على مواكبة التطور الإنساني .
هذه الافتراضات لا تتيح فرصة لراسمي تلك الإستراتيجية ، للتراجع ، لأن تراجعا كهذا ، سيعني قطعا هزيمة المشروع الأمريكي ليس في المنطقة فقط ، وإنما هزيمة المشروع الكوني الأمريكي ، وإعادة رسم خارطة القوى الدولية ، بما يعطي لأمريكا حجمها الحقيقي بعيدا عن أوهام مراكز دراساتها .
ولذا فإن خيار ( سلطة كردستان العراق ) ، لم يأت من فراغ ، بل تم اختياره نقطة الشروع في سياسية البلقنة ، بسبب وجود تأثيرات متبادلة على أطراف حدود العراق مع دول الجوار ،في هذه المنطقة بالذات ، ولما لم يتحرك أكراد إيران ، وسوريا ، وهما البلدان المؤشر عليهما حاليا في واشنطن كقوى معادية للولايات المتحدة ، بل حصل التحرك في بلد صديق وحليف لأمريكا ، فقد جرت فرملة ميدانية على قوة الدفع للمشروع ، بانتظار إعادة تقييم وبحث لكل الملفات الملحقة بالمشروع الأمريكي .
ولكن الحركة الكردية في تركيا كانت قد قطعت شوطا بعيدا ، في تنظيم صفوفها ، ودخلت معترك العمل العسكري ، مستفيدة من الظروف التي رافقت حرب الخليج الثانية ، عام 1991 ، وما أعقبها من دخول حكومات تركية قصيرة النظر ، اندفعت في تحالفات مع كل القوى السياسية المحلية والإقليمية ، المعادية لنظام الرئيس الراحل صدام حسين ، وكان من أخطر هذه القوى على وحدة تركيا بالذات ، الحزب الديمقراطي الكردستاني ، الذي يترأسه بالوراثة من أبيه ، مسعود البرزاني ، والإتحاد الوطني الكردستاني ، الذي يرأسه العدو اللدود لمسعود والمنشق عن الحزب السابق ، جلال الطلباني ، الذي يشغل حاليا منصب رئيس الجمهورية ، فقد بدأت رياح تحمل بذور الفتنة من شمال العراق إلى جنوب شرقي تركيا ، وكان من الصعب تطويق آثار هذه العدوى ، في منطقة ظلت تنظر إلى الجار الجنوبي ، بكثير من الإعجاب لما تحقق لهم من مكاسب منذ 11/3/ 1970 ، وإلى اللحظة الراهنة ، إذ يقف العراق على أعتاب مرحلة تاريخية من حياته ، ولم ينظر حزب العمال الكردي التركي ، إلى تداخل الحلم الوردي مع احتمالات تحوله إلى كابوس مرعب ، بل مضى في طريقه لا يلوي على شيء متجاهلا حساسية هذه القضية عند تركيا ، على مستوى كل الأحزاب السياسية ، واتخذ الحزب وبدعم مباشر و معلوم من الزعامة الكردية العراقية ، مقرات داخل الأراضي العراقية للتدريب ، والانطلاق لتنفيذ العمليات ضد القوات التركية ، واستندت الحركة الكردية العراقية ، على ما تلقاه من دعم أمريكي ، يوفر لها مظلة الحماية من أي رد فعل عسكري تركي ، وتلخص الهدف الكردي العراقي في فتح قناة رسمية تركية للاتصال معها ، يمكن أن تنطلق منها لمد جسور إلى العالم الخارجي ، للحصول على اعتراف دولي بها في حال إعلان الدولة الكردية المستقلة ، ولما حافظت تركيا على رفض واضح الأسباب ، للحوار مع ( سلطة كردستان ) العراقية ، بدأت تلك الزعامات بممارسة المزيد من الضغط على أكراد تركيا ، وسط تجاهل أمريكي لمصالح الحليف التركي ، وذلك بتشجيع حزب العمال الكردي ، على شن المزيد من العمليات ضد القطعات التركية العاملة في المنطقة ، أوقعت خسائر لم يكن لأنقرة القبول بها أو تحمل تبعاتها على صعيد الشارع التركي ، أو على جبهة الجيش الذي ألقى بمسؤولية اتخاذ قرار الدخول إلى الأراضي العراقية ، على عاتق حكومة السيد أردوغان .
هذا كله قرب احتمالات المواجهة ، فقد نفد الصبر التركي ، وأمريكا التي تعرف حساسية هذه القضية بالنسبة لتركيا ، تمضي في خطة تفتيت المنطقة ، وتترك حليفتها الأطلسية تسبح وسط موج متلاطم من الأزمات المتلاحقة والمعقدة ، وكأنها تريد أن ترد على أنقرة موقفها في رفض استخدام الأجواء والأراضي التركية في غزو عام 2003 .
\ولم يقتصر الأمر عند توفير الغطاء السياسي ، مباشرة أو بالنيابة ، لإيجاد كيان يحمل جرثومة التقسيم ، على حدود تركيا الجنوبية ، بل تحرك الكونغرس ليقلب صفحات الماضي البعيد ، وكأن العالم لم يعد يعاني من أية قضي إلا ما يسمى بإبادة الأرمن وهنا لا بد للمراقب أن يلاحظ انتماء لتركيا الحديثة ، إلى تراث الدولة العثمانية مما يعكس قطعا موقفا إستراتيجيا في اختيار الماضي ذي الجذور الإسلامية ، على انتماء ملفق إلى أوربا المسيحية ، ولم تتحرك ضمائر من صوت على هذه التوصية ، إزاء جرائم أمريكا نفسها في العراق ، وهي ليست من الجرائم الملتبسة ، التي تحتاج إلى دراسات تاريخية ، أو الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، هذا كله أشر أن تركيا وضعت على لائحة الدول التي يجب ردعها ، وإعادتها إلى حجمها الحقيقي .
لقد اختارت تركيا منذ انسلاخها عن محيطها الإقليمي والإسلامي ، نهج الاستجداء لرضا الغرب ، حتى لو كان ذلك على حساب ثوابتها الوطنية ، رغبة من بعض حكوماتها في نزع ثياب الشرق والإسلام عن الجسد التركي ، وبالمقابل حافظ الغرب على نهج يتعمد في إبقاء تركيا في دائرة القلق ، فلا هو قبلها في صفوفه بصورة جلية ، ولا هو تركها لبيئتها الحقيقية ، ومارس معها دور الرقيب الصارم على سلوكها ، يوبخها متى أراد ، ويمنحها الشعور بالرضا عندما يسعى لقطع الطريق على محاولات الانسلاخ عنه ، والعودة إلى المنبع ، والاستفادة من الإمكانات الاقتصادية لدول الجوار العربي ، والأسواق العربية والإسلامية وإقامة منظمة للتعاون الاقتصادي الإقليمي ، لتحقيق تطور اقتصادي متوازن ، أكدت التجربة العملية أن الغرب لن يمكن تركيا من تحقيقه ، ولو أن الغرب عموما ، والولايات المتحدة بشكل خاص ، جادين في نقل التكنولوجيا إلى تركيا ، لأمكن تحقيق ذلك منذ زمن بعيد ، خاصة وأن تركيا اختارت التحالف مع الغرب منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى ، انتقلت دول كانت تقف وراء تركيا ، إلى مصاف أكثر الدول تطورا في العالم ، مثل كوريا الجنوبية ، التي شاركت تركيا في حربها مطلع خمسينات القرن الماضي ، ولكن أنقرة لم تكافئ على جهودها تلك ، إلا بإثارة المزيد من المشاكل لها .
ولعل المرحلة الراهنة ، التي تحاول روسيا استعادة الدور الإستراتيجي ، للإتحاد السوفيتي ، لعلها تشكل بالنسبة لدول كثيرة في العالم ، اللحظة التاريخية الحاسمة التي يجب استثمارها ، لإعادة التوازن إلى العلاقات الدولية ، بعد أن اختلت نتيجة انفراد الولايات المتحدة كمركز استقطاب دولي وحيد في عالم اليوم ، كما أن صعود الصين اقتصاديا لا بد أن يتبعه صعود سياسي وعسكري لها ، وهذا بدوره سيجعل دول العالم ، وخاصة الصغيرة منها أكثر أمنا ونزوعا إلى التنمية .
ومما يعزز الحاجة لتوجه تركي متفاعل مع دول المنطقة لقطع الطريق على مشاريع التفتيت ، أن مجلس الشيوخ الأمريكي ، وفي ذروة التأزم في قضية حزب العمال الكردي التركي ، قرر تقسيم العراق على أساس فدرالي ، هو من الناحية العملية ، الخطوة الأولى على طريق تقسيم العراق ، ثم تتابع الخطوات لبقية دول المنطقة ، والتي تشعر بالاطمئنان ، لأنها لم تكن بداية مشروع التجزئة .
فما هي قدرة تركيا للوقوف بوجه هذا المشروع ، الذي سيجعل من اتفاقية سايكس- بيكو شعارا للأحزاب المطالبة بالوحدة ؟ وقبل هذا ، هل لتركيا الاستعداد للنهوض بواجب الدفاع عن وحدة أراضيها ، من خلال الرفض السلبي لتقسيم العراق ؟
وتأسيسا على ما تقدم ، فإن تركيا موضوعة على مشرحة التقسيم ، حتى وإن حصلت على ضمانات مؤقتة بالحفاظ على وحدة أراضيها حتى عام 2025، وطالما كانت أمريكا مصممة على تقسيم العراق كخطوة أولى على الطريق ، فلا بد والحال هذه أن تلتقي جميع الدول المهددة بمشروع التقسيم ، للوقوف ضد صفحاته المتعاقبة ، وأن تؤجل خلافاتها ، بل عليها أن تنسق جهدا مشتركا فيما بينها ، لرفض ما يسمى بمشروع الفدرالية في العراق ، والذي يجسد في حقيقته التمهيد العملي للتقسيم ، ومن الواضح أن السلطة المتمردة في شمال العراق ، لا يمكنها الصمود أمام أي شكل من أنواع الضغط الاقتصادي ، فالمنطقة لا تمتلك مقومات دولة بكل المقاييس ، ولعلنا نستل دليلا على ذلك مما عانته ، بعد أن أغلقت إيران منافذها الحدودية مع المنطقة الشمالية للعراق لبضعة أيام ، وأشارت تقارير أولية أن هذه المنطقة ، ستتعرض إلى كارثة اقتصادية وإنسانية فيما لو أغلقت تركيا نقطة حدوده مع زاخو العراقية .
ولو أن (سلطة كردستان ) ، توصلت إلى قناعة بأن دول جوار العراق ، لن تكون على استعداد لمد يد العون لها في حال إعلانها الانفصال ، وأنها ستقدم على فرض حصار اقتصادي عليها ، فإنها سوف لن تتوقف عن نواياها بالانفصال فقط ، وإنما ستتراجع عن كثير من أوهامها المعلنة حول خارطة الإقليم الفدرالي ، وخاصة ما يتصل بمدينة كركوك ، ومحافظة التأميم وعموم المناطق المطالب بها في محافظات نينوى و ديالى و صلاح الدين ، أما إذا أقدمت تركيا على عمل عسكري في شمال العراق ، فإن ذلك قد يبعث برسالة قوية ، إلى الحزبين الكرديين ، مفادها أن تركيا لن تبقى أسيرة للضغوط الأمريكية إلى الأبد ، فالمرونة التركية في مسألة الأمن القومي ، لا تسمح لأية جهة أن تتلاعب بمصير وحدة الأراضي التركية ، حتى إذا كانت الحليف الإستراتيجي ، وهو الولايات المتحدة .
فأي الخيارات هو الذي سيفرض نفسه على حكومة السيد أردوغان ؟
وراء الستار تجري اتصالات لتطويق الأزمة قبل أن تنتقل من أروقة السياسة ، إلى ميادين القتال ، ولكن إذا اندلعت المعركة ، فإن أطرافا كثيرة ستجد نفسها قد خسرت الكثير ، منها الحركة الكردية ، ولكن هذه الحركة التي تعودت أن تجعل من نفسها بضاعة في سوق المساومات الإقليمية والدولية ، ستبلع النتيجة وتعلن التوبة ، ولكن خسارة أمريكا هي الأكبر ، فستخسر هيبتها الدولية ، وقدرتها على فرض خياراتها على الآخرين ، وسينبأ ذلك بنهاية الزمن الأمريكي ، وبدأ مرحلة جديدة في العلاقات الدولية ، وتدحرج القوى الكبرى عبر التاريخ ، كان بسبب غرور القوة ووهم استخدامها ، في كل مكان وزمان دون دراسة خصائص الشعوب ، وهذا ما حصل بالضبط في غزو العراق .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
مأساة التقسيم من فلسطين للعراق
أمين محمد أمين
الاهرام مصر
ما أشبه الليلة بالبارحة صمت العرب والمجتمع الدولي أمام قرار تقسيم فلسطين عام‏1948‏ أدي إلي نكبة فلسطين التي لم تحرر بعد‏60‏ عاما من النضال واستجداء السلام‏.‏
واليوم بكل أسف يتواصل الصمت العربي أمام قرار الكونجرس الأمريكي بالأغلبية الديمقراطية لتقسيم العراق إلي‏3‏ دويلات شيعية وسنية وكردية‏.‏
وعلي الرغم من أنه قرار غير ملزم الا أنه مع تولي الرئيس الأمريكي القادم من الديمقراطيين كما تشير التوقعات سيصبح القرار ملزما خاصة أنه يتماشي مع أهداف الغزو الأمريكي للعراق الذي عمل منذ اليوم الأول علي تطبيق السياسة الاستعمارية القديمة فرق تسد بين أبناء بلاد الرافدين وأشعل جذور الفتن والخلافات الطائفية والمذهبية القديمة وزرع المرتزقة وحول العراق إلي ساحة مفتوحة للقتال وتصفية الحسابات وكان الشعب العراقي الصامد هو الضحية في عهد صدام وفي العهد الأمريكي الذي بشر بتحقيق الديمقراطية التي لم تتحقق بكل أسف برغم أنهار الدماء التي أسيلت من أبناء العراق‏.‏
المؤسف أن قرار التقسيم لم يأت صدفة بل جاء كنتيجة لانتصار العرب في حرب أكتوبر ودعوة هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية الأسبق بدعم من اللوبي اليهودي إلي تفتيت الدول العربية الكبري إلي دويلات لتتساوي في المساحة مع إسرائيل وأن تقوم الدويلات علي أسس دينية ومذهبية لإنهاء صفة الدولة الدينية العنصرية الوحيدة في المنطقة عن إسرائيل وتتويجها بالدعوات الأمريكية لإذابة الوطن العربي في الشرق الأوسط الكبير المخطط له أن يضم‏54‏ دويلة صغيرة تنصهر وتذوب فيها الـ‏22‏ دولة عربية بعد تقسيم دولها الكبري وتفتيتها بداية من العراق‏...‏الخ‏.‏
أمام هذا المخطط والخطر القادم هل يستمر الصمت العربي والعالمي أم لابد من سرعة التحرك لإجهاض مشاريع الغزو والاحتلال والتقسيم والتفتيت بإحياء جهود المصالحة الوطنية وتحقيق المواطنة العادلة بين جميع أبناء الوطن دون تفرقة بين أغلبية وأقلية علي أسس دينية وطائفية‏,‏ ودون إصلاح البيت العربي من الداخل في كل دولة سيستمر تدخل القوي الكبري من أجل مصالحها بالمبدأ الإستعماري القديم فرق تسد فهل نتحرك لتجنب مأساة قادمة‏..‏ وكل عام والأمة العربية والإسلامية بخير وعيد سعيد‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
مستقبل الشرق الأوسط بعد جورج بوش
د. عبد العاطي محمد
عمان اليوم عمان
طريق الديمقراطيين المفترض في الشرق الأوسط لن يكون سهلا لأسباب عديدة في مقدمتها أن إدارة بوش (الأولى والثانية) ستترك تركة ثقيلة لأي رئيس ديمقراطي قادم ما بين حرب فاشلة في العراق وانهيار في قدرات العراق وبين مناخ من حروب الكراهية في لغة الخطاب وانقسامات داخلية في البلدان العربية على قواعد إحياء النزعات العنصرية والطائفية وإشعال الفتن الدينية، ومن ناحية اخرى عدم الثقة العربية في نيات إسرائيل تجاه أي تسوية سياسية كبرى لقضية الشرق الأوسط، ومن ناحية ثالثة عدم جاهزية الوضع العربي للاتفاق على أجندة واحدة للتعامل مع السياستين الأمريكية والإسرائيلية.
على مدى 8 سنوات هي عمر الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الجمهوري جورج بوش، عاش الشرق الأوسط تطورات بالغة السخونة والعمق جعلته إقليما ملتهبا أكثر من أي عهد مضى، وعاشت السياسة الأمريكية تجربة فريدة في تاريخها المعاصر قوامها اتباع سياسة خارجية تدخلية عنيفة وإقصاء لبقية القوى السياسية الدولية، سواء كانت القوى الدولية الكبرى التقليدية ممثلة في أوروبا واليابان أو الصاعدة مثل روسيا (بعد انهيار الاتحاد السوفييتي) والصين والهند، وكان حظ المنطقة العربية وفيرا فيما يتعلق بمظاهر التدخل والاستقواء، وإذا استثنينا أفغانستان تصبح هذه المنطقة هي المسرح الوحيد الذي تصلح شواهده لتقويم أداء هذه الإدارة، ومن ثم محاولة استشراف ما يمكن أن يطرأ على سياستها الخارجية عندما تحل قيادة جديدة على البيت الأبيض، سواء كانت من الديمقراطيين أو الجمهوريين..
والانطباع الأعم بين المراقبين هو أن تغييرا ما سيحدث في هذه السياسة يخالف ما سارت عليه طوال السنوات التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر، بينما يشتد الجدل حول ملامح هذا التغيير وآلياته، حيث ان الشواهد داخل الرأي العام الأمريكي تتجه الى المزيد من صعود الحزب الديمقراطي بأن يأتي الوافد الجديد على البيت الأبيض من بين صفوفه، مع توقع استمرار سيطرة الحزب على الكونجرس، وذلك بالنظر الى الأخطاء الفادحة التي منيت بها الإدارة الجمهورية في العراق، فإن التوقعات تتجه الى تغليب فلسفة الحزب الديمقراطي في صياغة السياسة الأمريكية الجديدة بالشرق الأوسط، وحتى إن وقعت مفاجأة وفاز المرشح الجمهوري بالرئاسة فإنه سيواجه ضغوطا جماهيرية بأن يستعير الكثير من فلسفة منافسة.
وفي البحث عن ملامح للسياسة الأمريكية المنتظرة (بعد نحو عام من الآن)، هناك من يتوقع عودة الولايات المتحدة الى العزلة استجابة لما هو معروف تقليديا منذ انتهاء حرب فيتنام بأن الشعب الأمريكي يضع الأولوية دائما لشؤونه الداخلية، وقليلا ما يهتم بالشأن الخارجي، وبميل السياسة الأمريكية عموما الى تفضيل الدبلوماسية والضغوط السياسية غير المباشرة للحفاظ على مصالح أمريكا في الخارج دون التورط في تدخلات عسكرية أو حروب، ووفقا لهذه النظرية أيضا فإن الإعجاب بالنموذج الأمريكي لدى شعوب العالم الاخرى تحقق بمنجزاته الداخلية سواء في المجال الاقتصادي من خلال الرأسمالية أو في المجال السياسي من خلال تقديم أفضل نموذج لليبرالية أو الحياة الديمقراطية دفاعا عن قيمة الحرية، وبرغم الانحياز المطلق من جانب أمريكا لإسرائيل، فإن ذلك الإعجاب بالنموذج الأمريكي لم يهتز كثيرا لدى أبناء المنطقة العربية الذين غالبا ما أرجعوه الى تأثير اللوبي اليهودي وعجزهم عن مواجهة داخل الولايات المتحدة، وزاد من هذا الإعجاب أن الولايات المتحدة ما كانت يوما دولة استعمارية في المنطقة العربية، والقصد هنا أنها لم تحتل أرضا عربية مثلما فعلت بريطانيا وفرنسا، ولم تتغير صورة أمريكا الى التدهور إلا بعد أن أصبحت دولة محتلة أو استعمارية في نظر العرب في ظل احتلالها الراهن للعراق. وفي سياق المراجعة الأمريكية لما جرى على مدى السنوات الماضية فإن هناك اتفاقا واسعا بين الأمريكيين على أن التدخل الخارجي المباشر والعنيف عاد عليهم بخيبة الأمل وخسارة فادحة ماليا وبشريا، ولكن العزلة أو الانكفاء على الداخل لم يعد خيارا يسيرا كما كان في الماضي البعيد، ففي ظل انتهاء الحرب الباردة وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم، وفي ضوء مطالب العولمة التي تقتضي الانفتاح على العالم لا الانعزال عنه، لا تستقيم فلسفة العزلة مع مستجدات وضع الولايات المتحدة عالميا، ولذلك اتجهت في السنة الأولى من حكم جورج بوش الى بناء تحالف دولي تلعب فيه الدور المؤثر.وكان ذلك تطويرا لمبدأ العزلة، حيث يشير الى أن يكون هناك دور خارجي مباشر للولايات المتحدة في السياسة العالمية دون أن يؤدي ذلك الى تورط عسكري من جانبها يدفعها الى خوض حروب خارجية، ولكن أحداث 11 سبتمبر 2001 دفعت الرئيس بوش الى أن يجعل من هذا التحالف قوة عسكرية تخوض الحرب في العراق، ومن قبل في أفغانستان وتزيد من صور الوجود عسكريا في أفريقيا وجنوب شرق آسيا ضمن حرب اخرى أوسع نطاقا ودون جدول زمني هي ما سمته بالحرب على الإرهاب.
الديمقراطيون لا يريدون العودة ببلادهم الى العزلة ولكنهم لا يريدونها تدفع الثمن لتدخلات مباشرة في شؤون الآخرين، ولذلك يجبزون استمرار العمل بآلية التحالف الدولي المناهض للإرهاب والمدافع عن نشر الحرية والديمقراطية والقيم الأمريكية عموما، ولكن بمنظور آخر هو أن يعتمد هذا التحالف على الدبلوماسية وليس الردع أو الحروب، ومن هذا المنطلق فإنهم أقل حماسا من الإدارة الجمهورية فيما يتعلق بالانغماس في الأزمات الإقليمية، ويرون أن هذا التحالف لو أصبح متماسكا فإنهم يستطيعون التأثير في مجرى هذه الأزمات من بعيد دون أن يكون لهذا التأثير ثمنً غال ماليا وبشريا كما فعلت إدارة بوش، ويتوازى مع ذلك اقتناع الديمقراطيين بأن الأطراف المباشرة الإقليمية هي القادرة وحدها على حسم أزماتها وإنهاء خلافاتها بسلام حيث لا جدوى من الدور الخارجي حتى لو كان قويا طالما أن الأطراف المباشرة غير مقتنعة به ولا مستعدة أو راغبة في إنهاء خلافاتها، وقد كان هذا وذاك واضحا في تقرير بيكر هاميلتون عن العراق الذي كان بداية ثورة جديدة على الرئيس بوش يقودها الديمقراطيون وبعض قوى الجمهوريين، وواصل الكونجرس بأغلبيته الديمقراطية الحملة ليس فقط بهدف تأمين انسحاب تدريجي لأمريكا من العراق، وإنما لإرساء تقاليد سياسية مختلفة عما سارت عليه أمريكا في سياستها الخارجية، ولذلك يشدد الديمقراطيون على أن الدور الأمريكي الخارجي لا يتحقق بالانفراد في اتخاذ القرار الدولي وباستخدام آليات القوة المسلحة لتنفيذه، وإنما بالعمل الدبلوماسي داخل تحالف دولي متماسك، وبدفع الأطراف المباشرة في الأزمات الى العمل المشترك وتحمل المسؤولية، وفي هذا الإطار فإنه في حالة وصول رئيس ديمقراطي الى البيت الأبيض (ومعه أغلبية في الكونجرس) فإن الإدارة الأمريكية ستربط تدخلها بوجود مؤشرات قوية على إمكان تلاقي الأطراف المباشرة من ناحية، وتحقق التفاهم السياسي على صعيد التحالف الدولي الذي أقامته بعد أحداث 11 سبتمبر من ناحية أخرى.
وبما أنه من الصعب عمليا توافر كل من التلاقي الشديد بين الأطراف المباشرة في الأزمات الإقليمية، والاتفاق واسع النطاق على صعيد التحالف الدولي، فإن ذلك يعزز تصور من يعتقدون أن الولايات المتحدة في عهد الديمقراطيين المفترض ستتجه الى العزلة، وبالتالي استمرار الجمود في الشرق الأوسط (استبعاد التوصل الى حلول في الملفات الساخنة كالقضية الفلسطينية والوضع في العراق ولبنان والعلاقات بين أمريكا وكل من سوريا وإيران..) ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن إدارة بوش أعلنت بوضوح انتقادها الحاد للإدارة الديمقراطية السابقة لها على أساس أنها سكتت عن الممارسات السياسية الخاطئة للأنظمة العربية داخليا حرصا منها على الاستقرار الذي هو مهم للإبقاء على مصالح أمريكا ممثلة في النفط وأمن إسرائيل، وأن هذا السكوت هو الذي أدى الى ما لحق بشعوب المنطقة من أزمات وتسبب بشكل غير مباشر في أحداث 11 سبتمبر، وحيث يرغب الديمقراطيون الآن في تغيير السياسة الخارجية الأمريكية التي اتبعها الرئيس بوش، فإن هذا يعني أنهم لا يفضلون سياسة التدخل في الشؤون الداخلية للأنظمة العربية ولا يؤمنون بأن التحول الديمقراطي يمكن أن يتحقق بهذا التدخل السافر، ويهمهم أن تبقى المنطقة مستقرة، وليست ساحة للاحتقان الدولي والإقليمي والداخلي، وقد يفهم البعض أن الديمقراطيين بهذا الطرح يبسطون الأمور الى حد الإسفاف ويتجاهلون الحقائق ويقودون بلادهم في نهاية المطاف الى فشل آخر من نوع مختلف، ولكنهم يردون على ذلك بعدة حجج قوية أولاها أن الإدارة الجمهورية جربت التدخل في الشؤون الداخلية للأنظمة العربية وفشلت، وكان ذلك من أسباب تدهور صورة أمريكا عند العرب، وبدلا من أن يتحقق الاستقرار ازدادت المنطقة اضطرابا وسادتها أجواء الحروب لا السلام، وثانيتها أنها تتعامل مع منطقة معقدة المصالح والأهواء والثقافات الفرعية والبناء الاجتماعي والميراث التاريخي، ومن ثم فإن أطرافها المباشرة هي الأقدر فعلا على أن تحل مشكلاتها بنفسها لأنها هي التي تستطيع تحديد الممكن وغير الممكن، ولذلك فإنها لا تخضع لتصورات خارجية جاهزة مسبقا، بل يتعين التعامل معها بحكمة وبالتشاور وثالثتها أن ما تعتبره أية إدارة أمريكية مصدرا لعدم استقرار المنطقة يتفهمه جيدا أن نظاما عربيا مهما تكن توجهاته السياسية، وهو الجمود السياسي الداخلي، والإرهاب (التطرف) والصراع العربي الإسرائيلي، ويعمل من جانبه على محاصرة تداعياته، فالجميع لا يختلف على تحقيق الإصلاح واقتلاع جذور الإرهاب والتطرف الفكري وإقامة السلام العادل والشامل مع إسرائيل، ورابعتها أن الشرق الأوسط ليس حكرا على الولايات المتحدة، وإنما هو ملتقى مصالح أطراف دولية عديدة خصوصا على الصعيد الاقتصادي ومنها أوروبا والصين والهند واليابان وروسيا، ولا تستطيع أي إدارة أمريكية تجاهل هذا الوضع مما يفرض ضرورة أن تكون سياستها تجاه المنطقة حصيلة تشاور بناء مع هذه الدول، تماما مثلما هو كذلك مع أطرافها المباشرة.
ولكن طريق الديمقراطيين المفترض في الشرق الأوسط لن يكون سهلا لأسباب عديدة في مقدمتها أن إدارة بوش (الأولى والثانية) ستترك تركة ثقيلة لأي رئيس ديمقراطي قادم ما بين حرب فاشلة في العراق راح ضحيتها الآلاف من العراقيين والأمريكيين وانهيار في قدرات العراق وبين مناخ من حروب الكراهية في لغة الخطاب وانقسامات داخلية في البلدان العربية على قواعد إحياء النزعات العنصرية والطائفية وإشعال الفتن الدينية، ومن ناحية اخرى عدم الثقة العربية في نيات إسرائيل تجاه أي تسوية سياسية كبرى لقضية الشرق الأوسط والتي من الممكن أن تتزايد في ظل التعاطف التقليدي من جانب الديمقراطيين تجاه اليهود ودولة إسرائيل، ومن ناحية ثالثة عدم جاهزية الوضع العربي للاتفاق على أجندة واحدة للتعامل مع السياستين الأمريكية والإسرائيلية بغض النظر عمن يتخذ القرار فيهما.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
مسمار في نعش السيادة
افتتاحية
البصائر العراق
لا يزال الدوار مسيطراً على تخبطات ادارة الحرب الأمريكية في معالجة الإفرازات الخاطئة للفعل الخاطئ ...والمصر على المضي الى قعر الهاوية.
وعلى الرغم من ان معالجات المحتل لا تتسم بالذكاء ولا الحنكة الا انه فيما يبدو مجبول على الاجترار وذلك من خلال اعتماده على مشاريع قديمة خبرتها الشعوب وعلمت المغزى المراد من طرحها.
فاسلحة الدمار الشامل تلتها اسقاط الدكتاتورية ثم التبشير بالديمقراطية ومن بعدها الوصول الى مفصل (الفوضى الخلاقة) فانتهاء بالدعم الكامل للفشل على الصعد كافة. وما مشروع تقسيم العراق الذي بدأ بقراءة خاطئة للمنطقة ثم تطور ليصبح مقالاً في صحيفة تروج وتلمع افكار الاحتلال وها هو اخيراً بعد اطلاق العنان للفكر المهزوم والمأزوم على حد سواء اصبح قراراً غير ملزم في مشروع لتقسيم العراق اعتمادا ًعلى ما بطن به الدستور الملغوم بمثل هذه المطبات.
غير ان من رتب لهذه الافكار لتصبح قرارات ومشاريع قوانين لم يكن يخطر بباله حجم المواجهة والمجابهة التي تنتظره لمثل هذه المشاريع المشؤومة. ولكي تكون الصورة مكتملة نأخذ طرح هذا المشروع من جانبين لا ثالث لهما.
أولهما: ان طرح مثل هكذا قانون انما يصرخ بوجه الزاعمين بالسيادة على مجريات الاحداث في العراق أن كفى كذباً وادعاءً ودجلاً فالمحتل هو المعني الاول برسم الصورة التي يرد ان يراها وما انتم الا ادوات مستهلكة لتنفيذ ما يريد.
وثانيهما: ان طرح هذا المشروع جعل كثيراً من المغرر بهم ان ينتبهوا الى حجم المصيبة التي ابتلي بها اهل العراق من جراء الاحتلال واعوانه فما كان منهم الا اطلاق اصوات الرفض العالية فصار القرار بدلاً من تفتيت العراق شرارة لجمع كلمته واعتزاز العراقيين بوحدتهم.
فبعد ان وصل الاحتلال الى قناعة تامة بفشل مشروعه الاحتلالي في العراق والذي كان يأمل بتصديره لدول المنطقة صار لزاماً عليه ان يركب الصعب ويكشف عن وجهه القبيح ضارباً عرض الحائط طروحاته عن الديمقراطية والانتخابات الحرة وحقوق الشعوب بتقرير مصيرها، فالسيادة لا تذكر هنا الا على سبيل التندر وان بعض الواهمين بالاحتلال الحديث والمتطور نفضوا ايديهم منه ليجدوا مكانهم بين صفوف ابناء الشعب الرافضين لمشاريع الاحتلال.
بقي ان نقول ان الشعب الذي اسقط مشروع الاحتلال وقلب حساباته رأساً على عقب قادر بإذن الله تبارك وتعالى على دحض مشاريعه وان مشروع التقسيم هذا بمثابة المسمار الاخير في نعش ما يسمى بالعملية السياسية وبطروحات مهندسي الاحتلال.
ان تظافر قوى الشعب بمقاومته ومعارضته السياسية والتفاف ابناء الشعب حول الطروحات الوطنية اذهلت المحتل واعوانه فها هم حبيسو منطقة لا تبلغ مساحتها بضعة كيلومترات بوجود عسكري مكثف غالي الثمن وسيكون باهضاً اكثر لمن يراهن على البقاء لفترة اطول.
ان انكفاء مشروع الاحتلال جعله يبحث في دهاليز افكاره عن مخرج للحل دون النظر الى عواقبها المريرة التي تجرع كأسها في مشروعه الذي حشد له بعض الدول التي يسوقها طمع المشاركة في امنيات امبراطورية اليأس الامريكي وسيكون مشروع التقسيم الذي اقره مجلس الشيوخ الامريكي واحدة من امانيه البائسة والفاشلة بعون الله.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
الجنرال بترايوس يفوز بالمعركة في واشنطن وليس في بغداد« 2-2 »
آند روجيه باسيفيتش
موقع ذي أمرييكان كونسرفيتيف
لقد قام على الصعيد السياسي بمراوغة بارعة. فعلاقة الجنرال بالمسؤولين في واشنطن لم تهتز. ولكنه فصم العهد بينه وبين الجنود الذي يأتمرون بأمره، والجيش الذي كرس له حياته. لقد خذل بلده. ولن يكون حكم التاريخ عليه رحيما بأية حال
يحلو لبترايوس أن يصور نفسه على هيئة الجندي المفكر. ولأن أطروحته للدكتوراة كانت عن دروس فيتنام، فهو يصلح تماما للقيام بدور مكافح التمرد. ومن ثم فهو يعرف أن مكافحة التمرد تحتاج قوات كثيرة، أكثر بكثير مما لدى الولايات المتحدة في العراق مقارنة مع عدد السكان هناك. وهو يعرف أيضا أن مكافحة التمرد تحتاج إلى الكثير من الوقت، والذي سوف يتراوح ما بين ثمانية وتسعة أعوام وفقا لتقديره المعلن. وهذه النقاط جميعا واضحة بلا أدنى لبس في دليل مكافحة الإرهاب الذي شارك بترايوس في إعداده قبل أن يتولى القيادة في بغداد.
لو أن بترايوس يعتقد حقا أن بوسعه تحقيق أي شيء شبيه بالنجاح في العراق، ولو أنه يتفق مع الرئيس بوش على عواقب الفشل مثل خطر الإبادة الجماعية، وتحول العراق إلى منطلق للهجمات الإرهابية الموجهة للولايات المتحدة، وانهيار الشرق الأوسط وغرقه في فوضى تضير بإسرائيل، وتعرض سوق النفط العالمي لأضرار يتعذر إصلاحها، ويبلغ ذلك كله الذروة عندما تنشأ خلافة عازمة على تدمير الغرب فمن المؤكد أن هذه ليست اللحظة التي يتم فيها التقليل. وإنما هذه بالأحرى هي لحظة تكريس كل شيء، لحظة الإصرار على الحد الأقصى من الجهد.
لا يوجد غير تفسير منطقي واحد لإناء بترايوس عمل القوات الإضافية التي مكنت (على حد قوله) قوات التحالف وإن يكن بصفة غير نهائية من امتلاك اليد العليا. والتفسير هو السياسة، السياسة في أردأ أنواعها.
في ضوء الوضع الراهن كما يصفه بترايوس، فإن تقليل قوات الولايات المتحدة لا يكون منطقيا إلا في حالة واحدة: أن يساهم ذلك في استرضاء جميع أطياف الناخبين الذين لبترايوس مصلحة سياسية في استرضائهم.
التقليل المحدود للقوات يمثل استجابة لانشغال زملاء بترايوس خاصة في رئاسة الأركان الذين يرون أن حجم الضغوط المفروضة على القوات الأمريكية أكبر مما ينبغي. وإنهاء زيادة القوات سوف يوفر للجيش قدرا لو ضئيلا من الراحة.
كما أن التقليل المحدود للقوات يأتي ليقابله المعتدلون في الكونجرس بالترحاب. هؤلاء ينظرون إلى الانتخابات القادمة بقلق بالغ راغبين في شيء يقدمونه للناخبين فلا يظلون متماهين مع حرب بوش الكارثية. وها هم الآن يستطيعون أن يشيروا إلى بوادر تغير، فقد اقترح بترايوس سحب لواء واحد قبل عيد الميلاد، وهو ما يتزامن بدقة مع المقترح المقدم منذ أسابيع من قبل النائب الجمهوري النافذ جون وورنر عن ولاية فرجينيا.
ومع أن الديمقراطيين لن يعلنوا عن ذلك، إلا أن التقليل المحدود للقوات لن ينزل على صدورهم إلا بردا وسلاما. ففي مواجهة تهمة لها ما يبررها ومفادها أنهم لم يفعلوا شيئا لإنهاء الحرب منذ بدأت سيطرتهم على الكونجرس في يناير، يمكن لهم الآن أن يشيروا إلى تقليل القوات كدليل على أنهم يسيرون قدما. حتى أن مايكل هيرش قد لاحظ في النيوزويك أن بترايوس قد قدم هدية عيد ميلاد مبكرة للديمقراطيين في الكونجرس.
والأهم من ذلك كله، أن التقليل المحدود للقوات قد أرضى الرئيس بوش. فلقد وفر له متنفسا ومجالا لمواصلة الصراع الذي استثمر فيه الكثير. وهو يضمن اي شيء إلا أن تتحول العراق إلى هدية من بوش إلى خلفه عندما يترك المكتب البيضاوي في يناير .2009 فحرب العراق سوف تمتد إلى مرحلة ما بعد جورج دبليو بوش، ولقد أصبح ذلك هدفا للرئيس وأتباعه الموالين له، لأسباب لا يمكن التكهن بها.
من المؤكد أنه لا يوجد من يشعر بسعادة كاملة. ولكن أحدا في الوقت نفسه لم يخرج خالي الوفاض. فخطة بترايوس تقدم النزر اليسير لكل الأطراف، وليس أقلهم بترايوس نفسه، الذي يعود إلى بغداد مع قلامة وقت (إذ لن يحين موعد تقريره القادم قبل ستة أشهر) ومزيد من الأموال الإضافية (على الأقل 3 بليون دولار في الشهر وتطمينات بتمديد فترته في القيادة.
ويأتي ذلك النتاج بمثابة عمل يدوي بارع لشخص يمتلك أساليب واشنطن. ولكن النتيجة النهائية تسمح باستمرار التناقض بين جهودنا العسكرية في العراق وأغراضنا السياسية.
الجنرال بيتر تشيارلي ضابط يرغب في مواجهة هذا التناقض بدلا من تجاهله. وفي مقال ظهر في العدد الأخير من مجلة ميليتاري ريفيو العسكرية كتب الجنرال يقول:
إن الولايات المتحدة كأمة وبالتأكيد كحكومة لم تذهب إلى الحرب منذ 11/.9 وبدلا منهم ذهبت إدارات من الدفاع والخارجية (بقدر ما تسمح لهم إمكاناتهم الحديثة) ووكالة المخابرات المركزية إلى الحرب بينما بقية الشعب الأمريكي وأغلب المؤسسات الأخرى تعيش حياتها الطبيعية وتؤدي أعمالها المعتادة.
تشيارلي محق. فقوله ذلك يصب مباشرة في صلب المسألة. فبعد هجمات 11 سبتمبر ،2001 وبموافقة من كلا الحزبين، ألزم الرئيس بوش الولايات المتحدة خوض حرب مفتوحة على الإرهاب العالمي. وباتخاذ ذلك القرار المصيري، قام الرئيس والكونجرس بإرسال الجنود الأمريكيين لخوض الحرب وحثا الشعب الأمريكي على أن يشغلوا أنفسهم بشواغل أخرى. فلم يفعل الشعب الأمريكي إلا ما طولب به.
والنتيجة، وبعد ست سنوات، هي فجوة هائلة متنامية بين الموارد البشرية المطلوبة للحرب، والموارد البشرية المتوفرة فعلا لذلك. ولقد قام الرئيس بوش ومساعدوه في رئاسة الأركان بدراسة هذه الفجوة والتعامل معها عبر إرسال الجنود لفترة قتالية ثالثة ورابعة، ومن خلال زيادة الفترة القتالية للجنود. وفي بلد يبلغ تعداد سكانه ثلاثمائة مليون نسمة، فإن نصف في المائة فقط من إخواننا المواطنين هم الذين يتحملون عبء هذه الحرب الكوكبية. أما التسعة وتسعون ونصف في المائة فقد قرروا ألا يكترثوا بالأمر برمته.
إن الرئيس لم يبذل الجهد الكافي لحشد لوازم حربيه في العراق وأفغانستان. وجعل الكونجرس ذو الأغلبية الديمقراطية نفسه شريكا في الجريمة المتمثلة في هذه السياسة النكراء بفرضه كل سياسية من شأنها المخصات المالية التي يطلبها الرئيس باسم زدعم القواتز.
والآن، قام بترايوس بمنح هذه التمثيلية الفجة فرصة أخرى للحياة. فهو عمليا يتيح للرئيس والكونجرس المجال لمزيد من التملص من الموضوع الرئيسي وهو كالتالي: لو أن القيادة المدنية تريد خوض حرب كوكبية على الارهاب، ولو أن هذه الحرب تستوجب تهدئة العراق، فلنتحل بالجدية في توفير كل ما يلزم لإكمال المهمة ولنبدأ بزيادة عدد الجنود. وبدلا من تقليل القوات الإضافية الأخيرة التي يبدو أنها نجحت في مهمتها، ينبغي أن يقوم بترايوس بتعميقها وتوسيعها. وذلك يعني إرسال مزيد من الجنود إلى العراق، لا إعادتهم إلى الوطن. كما أن ذلك يوحي أيضا بضرورة زيادة حجم الجيش الأمريكي إلى مثلى أو ثلاثة أمثال ما هو عليه.
لو أن القيادة المدنية غير عازمة على توفير اللازم، فكل الكلام الدائر عن خوض حرب عالمية على الإرهاب وهو كلام لا يقوله الرئيس وحسب بل والطامحون إلى مكانه ليس إلا تسخينا لهواء. انما المنتقدون الذين يحسبون الحرب الكوكبية على الإرهاب ليست سوى مفهوم معيب فيسيرون في ذلك تطورا إيجابيا. وما أن ندرك أن الحرب الكوكبية على الإرهاب ليست سوى مشروع قائم على أساس زائف حتى يتسنى لنا أن نتحلى بالمزيد من الجدية في وضع استراتيجية للخطر الذي يواجهنا بالفعل، وهو ليس الإرهاب، وإنما الراديكالية الإسلامية العنيفة. وعلاج الراديكالية الإسلامية إن كان ثمة علاج أصلا لن يدور في فلك غزو أماكن كالعراق واحتلالها.
من هنا يتجلى فشل بترايوس. فبدلا من أن يجبر الرئيس والكونجرس على مواجهة هذا التناقض القاتل هل نحن في حرب أم لسنا في حرب؟ اختار أن ينزع الشط من أفواههم.
لا شك أنه لو كان قال العكس، لو كان على سبيل المثال طلب زيادة القوات بمقدار خمسين ألف جندي، لكان ألقى بالحزن في صدور جميع سكان واشنطن. ولعله كان سيدفع الثمن غاليا على الصعيد الوظيفي.
ولكنه حزن صحي. فالجنرال السياسي العظيم هو الذي لا يسمع رؤساؤه ما يودون أن يسمعوه، وإنما ما ينبغي لهم أن يسمعوه، ومن ثم يفيقون ويتخذون من القرارات ما ينبغي اتخاذه وما فيه تحقيق مصلحة الوطن. وفي هذه الحالة، قدم بترايوس الغطاء لتجنب القيام بمسؤولياتهم.
لقد قام على الصعيد السياسي بمراوغة بارعة. فعلاقة الجنرال بالمسؤولين في واشنطن لم تهتز. ولكنه فصم العهد بينه وبين الجنود الذي يأتمرون بأمره، والجيش الذي كرس له حياته. لقد خذل بلده. ولن يكون حكم التاريخ عليه رحيما بأية حال.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
مسا التماسي.. يا قرد قاعد علي الكراسي"!!
محمد أبوكريشة
الجمهورية مصر
لم نعد في حاجة إلي أن نشاهد ونسمع قبل أن نصدر الحكم.. فالحكم في أمتنا قبل المداولة وهو دائماً حكم بالادانة.. والأدلة كلها ضد المتهم قبل أن يرتكب الجريمة ولم يعد هناك مجني عليه أو ضحية.. كلنا مجرمون وجناة.. والذي يحكم بالادانة مجرم أيضاً.. لا يوجد في أمتنا الآن بريء واحد.. الأبرياء ماتوا.. الجناة والمفسدون يتصدرون المشهد ويتصدون للإصلاح.. ويعجبك قولهم في الحياة الدنيا ويشهدون الله علي ما في قلوبهم وهو ألد الخصام.. فإذا تولوا سعوا في الأرض ليفسدوا فيها ويهلكوا الحرث والنسل.. والتولي هنا بمعني تولي الأمر واعتلاء المناصب أو أن يوليك الفاسد دبره وظهره ليمارس فساده بعد قوله الذي يعجبك.. والقول الجميل والفعل القبيح هو جناية العرب الكبري.. فالكل مثالي عندما يتكلم.. والجميع شياطين عندما يسلكون ويعملون.. والقول الجميل المقنع والفعل القبيح من أبرز صفات الشيطان.. والشيطان لم يعد له في أمتنا عمل أو وظيفة.. وأصبح عاطلاً كما قلت من قبل.. لأننا أزحناه من موقعه وتولينا أمر الفساد.. ليصبح الشيطان مجرد تلميذ خائب في مدرسة نحن جميعاً فيها أساتذة.
وشياطين الإنس العرب بارعون في السياسة والاقتصاد والفن والثقافة والصحافة والقانون والطب.. بارعون في كل مجال وعباقرة عندما "يسوقون الهبالة علي الشيطنة" حتي في الدين والدعوة.. والحصيف الذي يريد النجاة يحكم بالادانة قبل أن يشاهد ويسمع ويقرأ لأن الشر لم يعد خشناً ولا دموياً ولا فظاً في أمتنا.. بل أصبح ناعماً رقيقا جميلا باسماً يرفع راية الحق ليريد بها الباطل.. الشر يرفع المصاحف والأناجيل علي أسنة الرماح.. الشر لم يعد يقتلنا ببندقية أو حجر أو سكين.. بل أصبح يقتلنا بوردة وكلام معسول.. يقتلنا بالاستنارة والسلام والخيار الاستراتيجي.. يقتلنا بمسلسلات نادية الجندي ويسرا وإلهام ونور والفخراني.. الشر يقتلنا بالحب والجنس والضحك "عمال علي بطال".. يقتلنا بتقديم إسرائيل لنا في طبق من العسل.. يذبحنا بتحرير العراق من العراقيين علي يد أمريكا.. يقتلنا بخيمة رمضانية وخيبة قوية.. بتفريغنا من كل مضمون.. وبجعل كل منا عجلاً جسداً له خوار.
الشر لم يعد فقط في السجن وفي غرز الحشيش وصالات الديسكو والمواخير.. فذلك والله أخف الشر وأهونه.. لكن الشر الأخطر والمستطير يكتب مقالات في الصحف ويعتلي منصات القضاء ويدعو إلي الدين "الديجيتال" عبر الفضاء.. الشر يحكم والشر يعارض ويحتل القمة في كل مجال.. يقود الرأي العام ويوجهه وينتصر ويفوز وله القدح المعلي في كل شأن.. ولو كرهنا.. ولو رفضنا ولو متنا غيظاً.. الشر يقول لنا الان: الإسلام هو الحل.. وتحت الشعار سعار وسعير من الفساد والتربح وكلمات الحق التي يراد بها باطل.
لا تسألني: ومن أصدق إذن؟ لأنني سأجيب وأنا حزين: لا تصدق أحداً.. لا تثق بأحد وإذا كانت لديك بقية من عقل فاحتفظ بها وتحصن بالشك والحذر والريبة.. لا تصدقني "عايز أكثر من كده؟".. نعم لا تصدقني.. واعلم ان سوء الظن من حسن الفطن.. خالف لتسلم وتنجو وتفوز.. يا ناس شبعنا معرفة ومعلومات ولكننا جائعون للحقيقة وظمأي للصدق.. والحكمة ضالة المؤمن اني وجدها فليأخذها.. لكن الحكمة ستظل ضالة وتائهة وضائعة حتي يولد المؤمن الذي يجدها ويأخذها.. فالحكمة ضالة المؤمن.. والمؤمن غير موجود.. ولذلك ستظل الحكمة تائهة.. وسنظل نأخذها من أفواه المجانين والمفسدين والضالين وباعة الخيار وشياطين الاستثمار والاستعمار.. سنظل نأخذها من الفسقة والمارقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.. سنظل نأخذها من علماء عوالم ودعاة دهاة.. وأقلام ملوثة ورجال قانون "بتوع ثلاث ورقات".. سنأخذ الحكمة من أهل الجهل.. ومن أبي لهب وأبي جهل لأننا غير مؤمنين وليست لدينا كياسة ولا فطنة.. فتبت أيدينا.
***
هل من المناسب أن يتحدث المرء عن شر في أيام عيد؟ نعم لأن الأشياء تعرف بضدها ولا تعرف بذاتها فنحن لا نعرف الخير إلا إذا عرفنا الشر ولا نعرف الحق إلا إذا عرفنا الباطل ولا نحب الجمال إلا إذا كرهنا القبح.. كما ان الحديث عن المعاني النبيلة والسامية والفضائل لا يؤتي ثماره إلا بالحديث عن الرذائل والسفالات والدونية.. وحين نتحدث عن الخير والحب والحق والجمال فإننا نؤذن في مالطا لأن هذه المعاني لم يعد لها وجود نقي في حياتنا.. فهي تشبه المعادن النفيسة التي نعثر عليها مختلطة بالشوائب والحجارة والتراب والقمامة أيضا.. وآفة الشر في زماننا انه يرتدي عباءة الخير.. والكارثة أن الباطل يختبيء في ثياب الحق.. فنحن نمارس الحب بكراهية ونتصدق برياء ومنظرة.. ونجتهد في عملنا لنترقي علي جثث الآخرين.. ونفعل الخير بمنتهي الشر.. ونعبد الله بنفاق ومخادعة.. أجسادنا خيرة وجميلة.. ورءوسنا وقلوبنا مظلمة ودميمة ومشوهة.
نحن نخرج من رمضان كل عام بحسنات ومكاسب أقل وزبالة أكثر.. نضيف إلي قمامتنا ألوف الأطنان من الزبالة في رمضان.. فخيرنا في رمضان وغيره قليل وزبالتنا كثيرة.. وإذا أردت أن تعرف المساحة الواسعة التي يحتلها الشر في حياتنا.. فانظر إلي كمية التبرير لأفعالنا وسلوكياتنا.. فإذا انتشر التبرير فاعلم ان ذلك دليل استشراء الشر.. ونحن استطعنا أن نضع الشر تحت عناوين براقة وجميلة مثل الاستنارة والاعتدال والشفافية والحرية والديمقراطية والعولمة والحب.. وبرعنا في تسمية الأشياء بغير اسمائها الشريرة. ورحنا نمارس تسويق وترويج الباطل علي انه حق.. فأصبح الاستسلام والهزيمة والانبطاح سلاماً وواقعية.. وأصبح بيع الأوطان خصخصة واستجابة للمتغيرات العالمية.. وصار احتلال العراق تحريراً.. وتقسيم السودان حق تقرير المصير.
والعرب وحدهم هم فئران التجارب للعولمة والأمركة والصهينة.. ولم يحدث ان تم تدويل قضية إلا إذا كانت عربية أو إسلامية.. فقد فشلت الولايات المتحدة في تدويل ملف كوريا الشمالية النووي.. ورفضت الاقتراب من ترسانة إسرائيل النووية بينما تم حشد العالم كله ضد إيران وضد العراق وأفغانستان والسودان.. والتقارير الأمريكية التي يقال عنها دولية تحرض دائماً علي التدخل في الشئون الداخلية للعرب والمسلمين بحجة حماية حقوق الإنسان وحماية الأقليات والاثنيات.. ولم يصدر تقرير دولي واحد حول مذابح حقوق الإنسان في معتقل جوانتانامو.
والمشكلة ليست في أمريكا وإسرائيل أو الغرب ولكنها في أنظمة الحكم والمعارضة في الدول العربية والإسلامية.. فالكل يستمد شرعيته وقوته من رضا الغرب بل والأدهي من رضا إسرائيل.. وكل الدول العربية والإسلامية التي تطلب أو تريد صكوك الغفران وشهادات الرضا والصلاحية من أمريكا عليها أولاً أن تدخل من باب إسرائيل وأن تحصل علي ختم النسر الإسرائيلي وعلي توقيع إسرائيل علي "عرضحال دمغة" حتي يمكن اعتماده من الرب الأمريكي.
فعلت ذلك باكستان وتركيا وكرزاي أفغانستان وتفعل ذلك كل الدول العربية ماعدا سوريا التي أصابتها لعنة الرب الأمريكي.. لكن إلي حين فالصمود في وجه الرب الأمريكي لن يطول أكثر من ذلك.
***
حتي المعارضة في الدول العربية والإسلامية ليست لها منطلقات وطنية أو قومية ولكنها تستقوي بالرب الأمريكي الذي يستخدمها ورقة ضغط علي الأنظمة الحاكمة لتظل راكعة خوفاً من البديل المعارض الذي تعده أمريكا كفزاعة للأنظمة لكنها لن تسمح أبداً بانتصار النظام الحاكم أو بانتصار المعارضة.. حتي يبقي الطرفان في حاجة إلي عون ومدد الرب الأمريكي.
فالمشهد الذي تتابعونه علي الساحة السياسية العربية ظاهره الحرية والديمقراطية والخير وباطنه من قبله العذاب والشر.. هو مسرح عرائس تحركه أصابع أمريكا وإسرائيل في العلن وليس للوطن ولا الأمة فيه نصيب ولا ناقة ولا جمل.
وهناك رهان رابح علي الشعوب العربية التي لم يعد لها "في الثور ولا في الطحين" فاللعب أصبح علي المكشوف ولم تعد هناك حاجة إلي التآمر والدسائس لأن الشعوب نفسها تأمركت في زيها وطعامها وشرابها وحبها وجنسها وأرضها وفضائها.. بل تأمركت في دينها أيضاً وفي دعوتها إلي الله.. وهناك سباق علي الاعتدال الذي تريده أمريكا.. حتي ان أحد الدعاة قال: ليس هناك معني آخر للإسلام سوي السلام وهو رأي شرير ومنبطح وفيه وقاحة وجرأة.. لأن المعني الحرفي والنصي للإسلام لا علاقة له بالسلام.. بل هو يعني الخضوع لله عز وجل.. لذلك سمي الدين كله من آدم إلي يوم القيامة إسلاماً.. بمعني الخضوع والعبودية لله.
الناس بالتأكيد مشغولون بالكعك والبسكويت.. وتلك فرصة للعك في موسم الكعك "ولا من شاف ولا من دري ولا من قرأ".. فرصة لأن أقول ما يحلو لي وأغالط وأثرثر وأنا أضمن ان ساعة البطون تتوه العقول.. والبطون في أمتنا لم تعد ساعة.. بل أربعاً وعشرين ساعة.. لذلك لا أمل في أن تهتدي العقول إلي الطريق.. بلد ستبقي تائهة.. فالبطون اما تبلع وتهضم وتتجشأ أو تقرقر في انتظار ما يشحنها ويعبئها والعربي بين حالتين.. فإما هو جائع ولا عمل لعقله مع الجوع.. أو متخم ولا عمل لعقله مع التخمة.. والعقل العربي في كل الأحوال لا يعمل.. لأن العربي مشغول بأن يملأ شر وعاء وهو البطن.
والعربي لا يكف عن الأكل حتي إذا كان معدماً لا يجد قوت يومه.. فهو يأكل الكافيار والسيمون فيميه والطعمية والفول وإن لم يجد فهو يأكل "الأونطة".. ويأكل أموال الناس بالباطل.. ويأكل ويشرب المقالب الأمريكية ويأكل المطبات في الشوارع.. و"ياكلها والعة".. ويأكل الخيار الاستراتيجي.. ويأكل وعود الحكومة الكاذبة ويأكل بطولات وهتافات المعارضة المزيفة.. وفي كل الأحوال فإن العربي آكل ومأكول.. يأكل من يد أمريكا وإسرائيل والغرب ليسمن و"يربرب" ويتم ذبحه في العيد وفي كل أيام وشهور العام.
وهناك كعكة أمريكية مسممة ومسرطنة في انتظار العرب هي مؤتمر السلام الذي سترعاه أمريكا الشهر القادم.. وأمريكا راعية في كل الأحوال لأن العرب غنم وقطيع "قطيعة تقطع القطيع".. والراعي يورد الغنم المهالك وهي لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً.. والورد الأمريكي دائماً هو بئس الورد المورود.. ولكن العرب لايعلمون.. أو هم يعلمون ويأكلون الأونطة من أجل الكراسي "مسا التماسي.. مسا التماسي.. يا قرد قاعد علي الكراسي.
***
أمريكا تخصصت في السرح بالقرود العربية.. التي أجادت طاعة الأوامر حفاظاً علي الشرعية والكراسي وراحت "تعمل عجين الفلاحة.. ونوم العازب".. ومؤتمر خريف السلام الأمريكي حلقة من مسلسل مؤتمرات السرح بالقرود العربية التي أدمنت المؤتمرات والاجتماعات والقمم والرمم والندوات.. فكل مسئول عربي عندما يريد أن يبريء ذمته ويغسل يديه من أي قضية يدعو إلي مؤتمر قمة إسلامي طاريء أو مؤتمر قمة عربي عاجل أو تدخل عاجل من المجتمع الدولي لانقاذ القدس من حملة التهويد وانقاذ المسجد الأقصي من معاول إسرائيل.. وآخر دعوانا هو تجديد نداء وزير أوقافنا بأن يهاجم مليار مسلم القدس بالزيارة.. بأن يشنوا هجوم السلام علي المسجد الأقصي وأن ينعشوا حركة السياحة الإسرائيلية من أجل السلام مما يؤكد أن الأوقاف في أمتنا الإسلامية تعني وزارة "وقف الحال".. ويؤكد أيضا ان المرجفين في المدينة هم سادة المشهد الآن.. وان المصائب لا تأتي فرادي وان المتكئين علي الأرائك الذين يضعون ساقاً علي ساق ويهرطقون صاروا هم النخبة في أمة النكبة..
وفي الوقت الذي يطالب فيه وزراء "وقف الحال.. ووقف المراكب السايرة" بهجوم السلام وجدتني أسير في شارع سليمان الحلبي بوسط القاهرة وأسترجع رسالة صديقي المهندس محمود أبو العلا الذي قال ان سوريا تحركت من أجل استعادة رفات سليمان الحلبي من فرنسا حيث يرقد هناك وقد كتبوا علي قبره "المجرم القاتل".. انه الشاب الذي كان يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً عندما ثار وأخذته الحمية حين دنست خيول الفرنسيين ساحة الأزهر فكمن لقائد الحملة الفرنسية الجنرال كليبر وطعنه طعنات قاتلة.. وأعدموه علي الخازوق عام ..1800 وقتها كان هناك من يموت من أجل الأزهر وهو مجرد جامع وجامعة.. واليوم لاأحد يستحي أو يخجل ولا أقول يموت من أجل المسجد الأقصي.. ولا أحد سوف يخجل أو يستحي مما سيحدث للمسجد الحرام بعد حين.. وأظن ان اللافتة الموجودة علي قبر الحلبي سوف تتغير في عصر العولمة لتحل محلها لافتة أخري تقول: "الإرهابي الأصولي"..
"عشنا وشفنا وسنعيش ونشوف أكثر".. فها هو وزير إسرائيلي يقول ان تل أبيب لا يمكن أن تقيم سلاماً مع جزء من الشعب الفلسطيني ولابد أن تتصالح فتح وحماس وتحلا مشاكلهما لتدخلا معاً غرفة السلام.. وكأن ما حدث بين فتح وحماس جاء "علي الطبطاب" لإسرائيل حتي تلعب بورقة التسويف والمماطلة.. وهذا يجعلني علي يقين بأن النار المشتعلة بين فتح وحماس ستزداد اشتعالاً وكلما خبت زادتهم إسرائيل سعيراً.. ليصبح ما بين فتح وحماس من الشر والحرب والدم أضعاف ما بين الشعب الفلسطيني كله وإسرائيل.
وازداد يقيناً بأن أشرار فتح وحماس يلعبون لحساب إسرائيل.. حتي نصبح أمام أمر واقع جديد ينسينا القدس والأقصي.. وهو كيان فلسطيني في الضفة وكيان فلسطيني آخر في غزة.. وقد أصبح ذلك واقعاً حياً يعمل العرب وأمريكا وإسرائيل بكل طاقتهم للحفاظ عليه.
***
وتقولون بعد ذلك كله مؤتمر السلام؟ "يا اخي جاتكم نيلة".. سلام لمن ومع من وضد من؟ سلام مربع يا قوم تبع.. العرب لا يملكون أي ورقة لعب علي الطاولة ولكنهم دعوا فلبوا.. وقيل هل أنتم مجتمعون: لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين.. العرب موعدهم في أمريكا يوم الزينة وان يحشروا ضحي ليشاهدوا عصي وحبال أمريكا وإسرائيل ويخيل لهم من سحرهم انها تسعي.. يذهبون إلي أمريكا ليشاهدوا السحر ويخروا ساجدين.. ليس معهم موسي.. بل ان معهم موسي ولكن عصاه وعصيهم كلها "فشنك".. العرب يذهبون كقرود يتم ترقيصها في أمريكا.. وبعد ذلك يقال لهم: ان الانتخابات الأمريكية علي الأبواب وسينشغل بها الرب الأمريكي فخذوا ما أتيناكم وكونوا من الشاكرين.. خذوا وعوداً.. خذوا تصريحات من بوش بضرورة قيام دولتين تعيشان جنباً إلي جنب في أمن وسلام.. خذوا تصريحات وردية إسرائيلية بأن تل أبيب ستجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل السلام.. وفي النهاية سيتمخض الجبل مثل كل مرة ويلد الفأر.. وسيلدغ القرد العربي من نفس الجحر للمرة المليون.. وستتردد في أمريكا وإسرائيل والأمة العربية كلها أغنية السلام وأنشودة الاستقرار الشهيرة: مسا التماسي.. مسا التماسي.. يا قرد قاعد علي الكراسي!!.
نظرة
ماتت أمنا التي هي أمتنا وتزوج أبونا الذي لا نعرف من هو أمريكا التي أنجبت منه الفتاة الجميلة إسرائيل أختنا لأبينا.. وتعاملنا زوجة أبينا أمريكا علي طريقة الحكاية الشعبية الشهيرة.. التي تقول ان رجلاً ماتت زوجته وتركت له طفلين وتزوج أخري أنجبت له طفلاً وكانت زوجة الأب تغلف شرها وقسوتها بالخير واللبن.. لتقنع زوجها بأنها حانية علي ابنيه من الزوجة المتوفاة.. فكانت تجلس مع الأطفال الثلاثة علي مائدة الطعام وتعطي كل طفل من ابني زوجها رغيفاً ولا تعطي ابنها شيئاً.. ثم تقول للطفلين بانكسار.. أخوكما مسكين.. فليعطف كل منكما عليه ويعطه "كسرة".. ويشرب الطفلان المقلب ويعطي كل منهما أخاهما كسرة.. وبذلك يحصل ابن الزوجة الشريرة علي رغيف كامل.. ويحصل كل من الطفلين الآخرين علي "كسرة"
".. يا سلام عالحنية.. يا سلام عالإنسانية"!!. Mabokraisha@yahoo.com-Mabokraisha@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
لمناسبة يوم الطفل العراقي ذكرى مقتل اطفال مدرسة بلاط الشهداء في الدورة ببغداد بصاروخ ارض ارض على يد نظام خميني المجوسي كل عام واطفالنا بخير
المحامي علاء الاعظمي
دورية العراق
**اليوم هو ذكرى سقوط الصاروخ الايراني طراز سكوت أطلقه دهاقنة الشر في قم وطهران وفرعونهم خميني الدجال على مدرسة بلاط الشهداء في مدينة الدورة ببغداد الأبية على الفرس والعلوج واليهود والصليبيين .
**اليوم ذكرى تعفر ارض بغداد بدماء الاطفال من مدرسة بلاط الشهداء وفي الساعة السابعة وخمسة واربعين دقيقة وقبل ان يصطف التلاميذ ليغردوا بالنشيد الوطني..وطن مد على الافق جناحا
**اليوم ذكرى صعود أرواح الشهداء من الاطفال بين أعمار السادسة والثانية عشرة وقبل ان يدخلوا الصف ليقول المعلم قيام
ويرد عليه التلاميذ عاش القائد صدام
ويقول جلوس ليردوا
الموت للفرس المجوس .
**اليوم سقط صاروخ ارض- ارض باعته كوريا الشيوعية للنظام الخميني المجوسي ويدعي الاسلام وعن طريق عرب الجنسية لينطلق من قم الرذيلة وطهران المتعة على بغداد الفضيلة ودورة الجهاد والتحرير لتقتل اطفال الصف الاول الابتدائب الذين لم يمض على دخولهم المدرسة سوى 28 يوما لان الدراسة في العراق تبدأ في 15-9 من كل عام والصف الثاني ب الذي بقيت على جداره اية الكرسي وصورة لصدام حسين رحمه الله وهو يرتدي البدلة الخضراء والرباط المخطط بالاسود والاخضر ولم تسقطا من الجدار والله على ما أقول شهيد والخامس أ والسادس ج المقابل لبيت الحاج انور رحمه الله الذي كان واقفا في بابه يودع احفاده الذين ذهبوا للمدرسة قبل أن يفتحوا دفاترهم وكتبهم التي تقول ان :-
العدو الاول لنا اسرائيل وليس ايران
**اليوم سقط صاروخ النذالة الذي اوعز الطاغية خميني الذي لم ير احدا صورة له وهو يبتسم طوال حياته ليسكت الضحكة من على شفاه الأطفال حيث بات كل واحد منهم يتذكر زميله على الرحلة الواحدة بعد ان صعدت روحه الى جنة الخلد بحواصل طير خضر ليتحولوا الى عصافير الجنة .
**اليوم عيد الطفل العراقي الذي منع عملاء المحتل الاحتفال به ارضاء لنظام خميني المقبور ودهاقنة الفساد والتآمر على الاسلام الحقيقي والمذهب الجعفري الحقيقي وصدق الأمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي عليهم السلام أجمعين عندما قال للفرس تشيعكم بنا وبال علينا
**اليوم نستذكر احفاد ابو لؤلؤة المجوسي الذي غرز خنجره المسموم في صدر الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه سيد شيوخ أهل الجنة ونسيب الرسول الاعظم ص وزوج ابنة الامام علي أم كلثوم عليهما السلام والذي قال له الامام علي ابن ابي طاليب عليه السلام عندما استشاره ابن الخطاب رض لقيادة الجيش الاسلامي لتحرير العراق من الفرس المجوس :-
كيف تذهب لقيادة الجيش وأنت كالقطب من الرحى اذا هلكت هلك الاسلام !! ولم يقل له انا ولي الله !!!
**اليوم ذكرى سقوط ابناء الاشاوس الذين جرعوا خميني السم شهداء ليكون اسفلت مدرستهم حديقة للزهور سُقيت من دمائهم فأصبح اسم المدرسة بلاط الشهداء أُسم على مسمى .
**اليوم ذكرى إستشهاد الابطال الذين ياخذ ثأرهم زملائهم من عملاء المجوس في فيلق بدر وجيش الصدر الذين اصطفوا مع العلوج فيقاتلهم الاشاوس في حي الصحة والدورة والميكانيك والمهدية والخورنق وأجنادين وشارع أبو طيارة وشارع ستين والجمعيات وضباط الامن الداخلي .
**اليوم ذكرى انطلاق صاروخ الحقد من الارض التي دفن بها الامام الرضا عليه السلام جد شيخ الشهداء صدام حسين عليه السلام الامام الرضا الذي عندما يزور قبره الشيعة الجعفرية يقولون السلام على الغريب بين الغرباء لأن ارض الفرس لم تضم رفات نبي ولا إمام على الاطلاق لانها ارض مجوس النجسين الذين عندما أنتصر العرب عليهم في وقعة ذي قار قبل أن يصلهم الاسلام قال نبي الله محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين السلام :-
اليوم انتصر العرب من الفرس وبي نصروا
**اليوم ذكرى انطلاق الصاروخ المجرم من ارض بلاد فارس التي حمّل كسرى رسول النبي ص بعد أن دعاه إلى دين الاسلام حفنة من تراب فارس
**اليوم ذكرى خلود أبنائنا بعد أن سقطوا بصاروخ الرذيلة الذي أنطلق من الارض التي دفن بها الخليفة هارون الرشيد الهاشمي القرشي جد الامام محمد الجواد عليه السلام لأن أمه زوجه الامام السلطان علي الرضا عليه السلام ولي عهد المامون رحمه الله هي أبنة المأمون وهي حفيدة الخليفة أبي جعفر المنصور رحمه الله الذي هدم الفرس تمثاله ثارا لأبي مسلم الخراساني الذي قتل المسلمين العرب بحجة الثأر للحسين عليه السلام وإعادة الحكم للشيعة بدعوى باطنية هدفها سلب الخلافة الاسلامية من العرب القرشيين مثلما فعل بعد ذلك البويهيون لعنهم الله .
**اليوم فرح المقبور خميني بقتل أطفال العراق لأنه يخاف على أولاد الفرس منهم فقاتلهم العراقيون من شماله إلى جنوبه وكان في مقدمة الفيالق أبناء ميسان والبصرة وواسط وذي قار والنجف وكربلاء وبابل والمثنى قبل ان يضع العملاء صور خميني بعد الاحتلال في باحات الدوائر الحكومية والشوارع والساحات
ويهتفوا الله اكبر خميني الاغبر !!!
**اليوم هنأ رفسنجاني الفارسي جيشه بقتل أبناء العراق والذي يعرف العربية قراءة و كتابة ولم يتحدث بها حتى مع العرب ممن غشتهم الشعر ات التي رفعها نظام خميني بإسم فلسطين ومنهم مناضلوا الثورة الفلسطينية مثل أبو عمار رحمه الله وهاني الحسن وخالد الحسن واحمد جبريل الذي حول القتال من الصهاينة الى جبهة قتال العراقيين في المحمرة ونايف حواتمة واخرون قبل ان يذهب اليهم – سامحه الله – خالد مشعل بدفع ممن يضيفّونه الان !!!!!!!!
**اليوم سقط أطفال العراق في مدرسة بلاط الشهداء وإلى الان لم يعرف ذووهم من هو الشيعي منهم ومن هو الكردي أو السني أو الصابئي المندائي أو المسيحي لان منطقة الدورة تضم كل الاطياف العراقية ليكون دما عراقيا واحدا موحدا قبل ان يرفع الزنيم عبد الحكيم وابنه اللوطي عمار لا عمر الله له عمرا الا بالحنوع شعار تقسيم العراق باسم الفدرالية .
**اليوم 13-10-2007 ذكرى سقوط الصاروخ الفارسي على مدرسة بلاط الشهداء التي سميت بهذا الاسم قبل سقوط الصاروخ بشهر تيمنا بالمعركة العظيمة التي خاضها أجدادنا العرب في الاندلس ضد الصليبيين حيث سقط في الساعة الثامنة الا ربع في 13-10-1997 فقتل 38 تلميذا ومعهم عوائل بإكملها هم جيران المدرسة ومنهم عائلة الحاج انور رحمة الله عليهم أجمعين ولعن الله من قتلهم ومن لم يحتف بذكرهم – عمدا- ومن لم يذّكّر بهم عمداَ وخنوعاَ وعمالةَ وفي مقدمتهم هيئة الطفولة في العراق ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة التربية ومديرية ثقافة الاطفال ومكتبة الطفل المركزي .alaaaladamy@gmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
اعتراف.. بعد فوات الأوان
افتتاحية
الشرق قطر
قبل الغزو روّجت إدارة بوش لصورة عراق متعطش لـ «الخلاص» على يديها، يستقبل أبناؤه جنودها الغزاة بالأحضان وينثرون الورود على آلياتها العسكرية الفتاكة، ثم ما لبثت الصورة أن تبدلت تحت وقع الضربات العنيفة التي تلقاها أولئك الجنود منذ الأيام الأولى للاحتلال، فتعددت الأسماء والأوصاف التي أُطلقت على أوضاع العراق الجديد مراوحة بين «الورطة»، و«المستنقع» و«الجحيم» وما الى ذلك.. ثم جاء دور أحد أكبر القادة الميدانيين، الذين ظلت ادارة بوش تراهن على ما يقدمونه من آراء وتقارير لفترة طويلة، ليعترف بعد فوات الأوان بجزء من الحقيقة التي يصر البيت الابيض حتى اليوم على تجاهلها والمكابرة بشأنها، حيث وصف الحرب التي يخوضها الجنود الامريكيون في بلاد الرافدين بأنها «كابوس لا نهاية له».
الجنرال المتقاعد ريكاردو سانشيز الذي تدرج في مناصبه العسكرية بالجيش الامريكي حتى تولى قيادة قوات «التحالف» في العراق بعد اشهر من الغزو قبل ان يضطر الى الاستقالة بسبب فضيحة سجن أبو غريب، لم يكتف باطلاق ذلك الوصف على الاوضاع العراقية بل وجه اشد الانتقادات الى الاستراتيجية التي يتبعها البيت الابيض لاحتواء تداعيات الحرب، ساخرا من تلك الاستراتيجية التي أكد انها «لن تأتي بأية نتيجة ولن تقود الى النصر»، ومشككا في كفاءة القادة السياسيين الامريكيين الذين اتهمهم بالفساد والاهمال، وطالب باخضاعهم للمحاكمة.
وبدل ان يعترف البيت الابيض بـ «التقرير» الذي قدمه قائده الميداني السابق الجنرال سانشيز من واقع خبرته العسكرية، تمادى في المكابرة، مكتفيا بالاشارة الى حديث بترايوس - كروكر في تقريرهما الاخير عن «بعض التقدم» رغم الصورة القاتمة التي رسماها للوضع العراقي بوجه عام.
اعتراف سانشيز المتأخر، لم يكن الاول ولن يكون الاخير في سلسلة الاعترافات الامريكية بالفشل في ادارة الحرب وسوء تقدير عواقبها على العراق والمنطقة، لكنه «درس جديد» يجب على ادارة بوش وعلى المراهنين عليها من العراقيين الاستفادة منه وتوظيفه في البحث الجاد عن مخرج من الدوامة التي لم تعد مجرد «كابوس»، بل تحولت الى «فشل كارثي» حمّل سانشيز المسؤولية الكاملة عنه «لإدارة بوش والكونغرس وكل الوكالات الحكومية خصوصا وزارة الخارجية»، وطالب الشعب الامريكي بـ «محاسبتهم عليه».
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
لماذا التباكي على عراق مُقسم منذ سبعة عشر عاماً
د فيصل القاسم
الشرق قطر
لم أكتب هذا المقال تعليقاً على اقتراح السناتور الأمريكي جوزيف بايدن الأخير الداعي إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، بل كنت قد كتبته قبل سنتين وشهر تقريباً تعليقاً على طرح مسودة الدستور العراقي الجديد الذي نص صراحة على تفتيت العراق إلى شراذم بحجة الفيدرالية. لكن بما أننا أمة ذاكرتها الإعلامية والسياسية قصيرة جداً، أحببت وقتها أن أوضح أن خطة التفتيت التي مررها الدستور كانت مطبقة على أرض الواقع دون ضجة تذكر منذ زمن بعيد. لقد تباكى العرب رسمياً وشعبياً وقتها، وذرفوا دموع التماسيح على مشروع التقسيم الدستوري، فذكرت عندئذ أنه لا داعي للتباكي على عراق مقسم عملياً منذ خمسة عشر عاماً. وبعد مرور سنتين على فكرة التقسيم الأولى أعود الآن بعد اقتراح السناتور (سايكس) الأمريكي، وأغير عنوان المقال ليصبح: لماذا التباكي العربي على عراق مقسم منذ سبعة عشر عاماً.
لقد أسرّ لي أحد المسؤولين العرب العارفين ببواطن الأمور قبل أكثر من تسع سنوات، أي قبل الغزو الأمريكي بخمسة أعوام، عندما سألته عن استراتيجية بلاده تجاه العراق قائلاً: "إن العراق كما كنا نعرفه قبل عام ألف وتسعمائة وتسعين قد انتهى، ولن تقوم له قائمة قبل نصف قرن من الزمان على أقل تقدير، هذا إذا قامت". وهذا ما يفسر الصمت العربي الرسمي الواضح تجاه ما يحدث للعراق هذه الأيام.
لقد غسلت الأنظمة العربية أيديها من الموضوع منذ زمن، لأنها تعلم أن الذي يجري الآن على قدم وساق قد بدأ تنفيذه على نار هادئة بُعيد خروج القوات العراقية من الكويت. أما فكرة احتلال العراق وتقسيمه فربما تعود إلى خمسينيات القرن الماضي. وكم كان أحد الأصدقاء ثاقبي النظر على حق عندما قال لي بزفرة حزينة بعد سويعات من دخول القوات العراقية إلى الكويت إن العراق قد انتهى، وأتحداك أنهم سيقسمونه إلى كانتونات. لقد اعتبرت كلام صديقي وقتها ضرباً من المستحيل، خاصة أن غبار الحرب لم ينقشع بعد، لكن صاحبنا أدرك الملعوب من اللحظة الأولى.
ولو أردنا تشبيه الوضع العراقي الآن لشبهناه بالعلاقة الزوجية التي يقيمها الأوربيون مع النساء بشكل غير قانوني. فالرجل الأوروبي يمكن أن يعيش مع شريكة حياته ردحاً من الزمان، لكن دون أن يكون الزواج مسجلاً في دائرة النفوس. ويمكن أن نسميه بزواج الأمر الواقع، فما قيمة صك الزواج إذا كان الأمر حاصلاًً أصلاً على الأرض؟ وقد لا يجد المتزوج بشكل غير شرعي مانعاً من تثبيت الزواج في المحكمة فيما لو اضطر إلى ذلك. لكن المهم أنه يمارس حياته الزوجية بأوراق ثبوتية أو من دونها. وكذلك الأمر بالنسبة للعراق تماماً. لقد عاشت البلاد حالة تقسيم فعلي منذ عقد ونصف العقد تقريباً. ورأى المعنيون بالأمر أنه لا بد من تثبيت التقسيم شرعياً أو بالأحرى دستورياً، فوضعوا دستوراً جديداً ثبت الأمر الواقع قانونياً، فاستقل الاكراد في الشمال، وكذلك فعل جماعة إيران في الجنوب والوسط، والسنة في مناطقهم مرغمين طبعاً. وجاء الآن السناتور الأمريكي جوزيف بايدن ليعلن على الملأ المعروف مسبقاً.
ألا يعيش الأكراد مستقلين عن الحكومة المركزية في بغداد منذ "انقلابهم" على النظام العراقي بعد اجتياحه للكويت عام ألف وتسعمائة وتسعين باستثناء فترة وجيزة جداً دخلت القوات العراقية خلالها منطقة أربيل داخل منطقة الحظر شمال العراق بطلب من زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود البرزاني عام ألف وتسعمائة وستة وتسعين؟ بعبارة أخرى فإن تدخل حكومة بغداد المركزية بالشأن الكردي لم يتم إلا بدعوة وموافقة كردية. وما عدا ذلك فقد وفر الأمريكيون الحماية للأكراد كي ينعموا بالاستقلال التام عن النظام الحاكم. وكذلك فعلوا مع "أزلام إيران" في جنوب البلاد بعد تمرد عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين الذي أخمده النظام العراقي آنذاك بعد أن غض الأمريكيون الطرف عنه لأسبابهم الخاصة. لكن الأمريكيين عادوا، وحموا جنوب العراق الذي استقل بدوره فعلياً عن سلطة بغداد بعد أن انقطع حبل الود تماماً بين الرئيس العراقي وجماعة إيران إثر ما يسمى بـ"انتفاضة" الجنوب.
ألا تتذكرون ما عُرف بمنطقتي الحظر الجوي في جنوب العراق وشماله حيث كانت الطائرات الأمريكية والبريطانية تحتل فعلياً أجواء تلك المنطقتين، وتمنع تحليق أي طائرات عراقية فوقهما؟ وقد جاء الدستور العراقي الجديد ليشرعن تلك الخطوط الجوية، ويضعها موضع التنفيذ الفعلي.
واعتقد أن النظام العراقي السابق كان مدركاً لحقيقة التقسيم قبل أن يسقط على أيدي القوات الأمريكية عام ألفين وثلاثة. وقد وضع أحد الدبلوماسيين النقاط على الحروف عندما قال لي في بغداد قبل الغزو بسنتين إن: "صدام حسين لم يكن رئيساً للعراق منذ خروج قواته من الكويت، بل محافظ لمدينة بغداد وضواحيها وبعض المناطق الصغيرة الأخرى." وهذا صحيح طبعاً. فقد كان الشمال والجنوب خارجين عن نطاق سيطرته تماماً، ولم يكن يسيطر إلا على ذلك الجزء الذي اتهموه في الماضي بالتمرد أو بالمقاومة لقوات الاحتلال وحلفائها والتصدي للمخططات الحالية لتقسيم البلاد. بعبارة أخرى فإن الوضع الجديد ليس جديداً فعلاً، بل هو صدى لواقع قديم مستمر منذ اتفاق (خيمة صفوان) الذي تجرعه النظام مجبراً بعد إخراجه من الكويت.
حري بنا أن نعرف في ضوء مسلسل التقسيم المبين أعلاه إذن أن الأمريكيين لم يفكروا فجأة بتفتيت العراق إلى ثلاث دويلات بعد غزوهم له عام ألفين وثلاثة، بل رسموا المخطط منذ زمن بعيد وراحوا ينفذونه خطوة خطوة حتى اكتمل السيناريو بإخراج مسودة الدستور العراقي الجديد التي عكست الخلافات حولها الصراع القديم الجديد لتقاسم العراق وتفتيته، بدءاً بانقلاب الأكراد في الشمال، مروراً بتمرد الشيعة في الجنوب، وانتهاء بانتفاضة المثلث السني في الشرق والغرب.
أليس البكاء العربي الرسمي والشعبي إذن على العراق الآن وذرف الدموع على عروبته المغدورة ووحدته المهدورة ضرباً من النفاق والنحيب في الوقت الخطأ؟ إن المغدور قد قضى نحبه يا سادة يا كرام منذ زمن بعيد جداً بعلمكم جميعاً، وكان حرياً بكم أن تبكوا عليه عندما قطعوه إرباً إرباً قبل حوالي سبعة عشر عاماً، وليس الآن لمجرد أن سيناتوراً أمريكياً أخرج أوراق النعوة!! www.fkasim.com
fk@fkasim.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
الحقائق الأمريكية بالعراق تنكشف
افتتاحية
الراية قطر
مما لا شك فيه أن تصريحات الجنرال ريكاردو سانشيز القائد السابق للقوات الأمريكية بالعراق حول الوضع الراهن الامني بالعراق ووضع القوات الاجنبية ووصفه قرار الرئيس بوش بغزو العراق بأنه ورطة وكابوس يمثلان ضربة قوية للإدارة الأمريكية ومصداقيتها باعتبار أن هذه التصريحات جاءت من خبير عسكري ويعرف تماما الوضع بالعراق في كل كبيرة وصغيرة في كل المجالات خاصة العسكرية والامنية.
فهذه التصريحات والتي أقر فيها سانشيز بفشل الاستراتجيية الامريكية اعتراف صريح بفشل المهمة الامريكية بالعراق وأنه مهما سعت ادارة بوش لتعديل استراتيجيتها فإن الوضع قد خرج من اليد ولذلك فإن القوات الامريكية تعيش كابوسا لا نهاية له إلا الانسحاب العاجل لأن زيادة القوات كما أكد سانشيز تمثل محاولة يائسة لا تقبل الوقائع السياسية والاقتصادية لهذه الحرب التي ورطت فيها ادارة بوش امريكا.
ان اعتراف الجنرال سانشيز بالفشل يجب أن يمثل خط رجعة مهماً للادارة الأمريكية لتغيير سياستها تجاه العراق خاصة أن جميع الاستراتيجيات والخطط العسكرية والسياسية التي وضعتها منذ سقوط نظام صدام حسين لم تقد الا لمزيد من الفشل ومزيد من الدمار للعراق، فمثلما فشل الأمريكان في تحقيق اهدافهم نجحوا في تدمير العراق وتفتيته سياسيا واجتماعيا.
فمن الواضح أن الادارة الامريكية باتت عاجزة عن اتخاذ قرار ايجابي تجاه العراق وأن الأمر داخلها تحول الي صراع وسجال سياسي بين الديمقراطيين والجمهوريين ولذلك لم يجد العسكريون الخبراء امثال سانشيز الا الجهر بالقول الصريح والواضح عن حقيقة الوضع بالعراق وأنه بهذه التصريحات المثيرة قد كشف عورة السياسيين وعدم كفاءتهم لمواجهة استحقاقات العراق ما بعد صدام حسين.
فرغم أن تصريحات سانشيز لم تأت بجديد حول فشل الاسراتيجية الامريكية بالعراق والذي يعلمه الجميع امريكيين وعراقيين والمجتمع الدولي إلا أن مجرد صدور مثل هذا القول من خبير عسكري عمل علي وزن سانشيز الذي عمل علي رأس المؤسسة العسكرية الامريكية في فترة مهمة بالعراق يؤكد حقيقة الوضع القاتم للوجود الامريكي بالعراق ويؤكد ايضا مدي الورطة التي ادخل فيها بوش جيشه وشعبه والعراق والعالم أجمع.
ان الفشل الامريكي بالعراق كما اكد سانشيز تتحمله جميع الادارات الامريكية السياسية منها والعسكرية والأمنية والدبلوماسية والتي وضح أنها غير مؤهلة للتعامل مع مستنقع العراق ولذلك تسببوا في هذه الكارثة التي فشلوا في الخروج منها بأقل الخسائر بعد تدمير العراق وهو أمر وضح أنه لا يهم الامريكان في شيء.
من الواضح أن ادارة بوش رغم فشلها البين الا أنها لا تزال تخوض صراعا يائسا دون تحقيق أي نصر علي من تسميهم بالإرهابيين ولذلك فهي تعيش كابوسا لا تظهر له نهاية في الافق ولن تنفع معه زيادة عدد القوات او تغيير الاستراتيجيات إلا الانسحاب الفوري بالكامل وهو قرار مغيب حتي الآن.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
تركيا تواجه تصفيات حسابات التاريخ
عبد الحليم غزالي
الراية قطر
دخلت تركيا بامتياز دورة المزاج السياسي السيئ داخليا وخارجيا،وهي دورة تحل من آن لآخر كلما واجهت تفاعلات التاريخ أو الجغرافيا، غير أن هذه المرة تواجههما معا،حيث يترصدانها علي أكثر من جبهة في آن،مما أوقع تركيا، حكومة ومعارضة وشعبا تحت ضغط ربما يكون الأكبر منذ سنوات،خاصة أنه قد قاد إلي أكبر توتر في العلاقات مع الولايات المتحدة منذ عام 2003، والأخطر أن الأمور قد لا تقف عند التطورات الراهنة، والتاريخ هنا يعني قضية الأرمن، أما الجغرافيا فهي المشكلة الكردية، وإن كان لقضية الأرمن جانبها الجغرافي،وللمشكلة الكردية بعدها التاريخي،غير أن التاريخ يطغي في الأولي والجغرافيا أكثر وضوحا في الثانية!.
قضية الأرمن دخلت مرحلة الذروة بتصويت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي لصالح مشروع قرار يعترف بما يوصف بإبادة الأرمن علي يد الأتراك العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولي، وبالقطع هذا الاتهام تحول علي مدي سنوات طويلة من جانب الغرب لما يشبه بندقية قنص تطلق باتجاه تركيا لترويعها أو الضغط عليها عند اللزوم، والخطورة هذه المرة أنها تأتي من جانب أكبر حليف لتركيا، وفي حالة إقرار الكونجرس الأمريكي بمجلسيه للمشروع، فإن القضية ستدخل في مستوي آخر حيث من المتوقع أن يطلب الأرمن بتعويضات عن ذبح ما يقرب من مليون ونصف المليون شخص من أجدادهم وآبائهم حسب إدعاءاتهم ،وسيتحول الأمر إلي عبء خطير علي كاهل تركيا قد يصبح عقبة أمام انضمامها للاتحاد الأوروبي، وإذا فتح ملف التعويضات بمطالبات مالية لهذا العدد الهائل من البشر،فسيعرض استقرار تركيا السياسي والاقتصادي للخطر.
من هنا جاء رد فعل تركيا قويا وسريعا بسحب سفيرها من واشنطن، واستدعاء السفير الأمريكي في أنقرة لوزارة الخارجية لإبلاغه عدم الارتياح لموافقة اللجنة علي المشروع، بل ووصل الأمر لدرجة تهديد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بإجراءات أخري أشد في حالة إقرار الكونجرس للمشروع،قد تشمل منع الجيش الأمريكي من استخدام قاعدة إنجيرليك في جنوب تركيا، حيث تعد مركز التموين الرئيس لقواته في العراق،ولدي تركيا أوراق أخري منها الدور الذي تلعبه في ما يسمي بالحرب العالمية علي الإرهاب، الأمر الذي جعل الرئيس بوش وأركان إدارته يحثون المشرعين الأمريكيين علي رفض مشروع القرار، غير أن أعضاء الكونجرس خاصة الديمقراطيين تجاهلوا هذه المواقف، وهنا لابد من تأمل تأثيرات جماعات الضغط والمصالح الخاصة داخل الولايات المتحدة علي السياسة الخارجية الأمريكية،وعلي توجهات الكونجرس،فقد فضل المشرعون الاستجابة لتحركات اللوبي الأرمني الذي يخوض حربا بلا هوادة ضد تركيا منذ سنوات طويلة في إطار تصفية الحسابات التاريخية، في قضية خلافية، وكان من المنطقي أن ينتقد البيت الأبيض موقف المشرعين الذين فضلوا مكاسب انتخابية ضيقة تتمثل في نيل أصوات الأمريكيين من ذوي الأصول الأرمنية في أية انتخابات مستقبلية، علي مصلحة قومية تتمثل في الحفاظ علي حليف قوي يقدم الكثير من الخدمات الضرورية للولايات المتحدة.
ولعل أبرز ما كشفت عنه هذه الأزمة هو الضعف النسبي الذي أصاب العلاقات التركية الإسرائيلية في عهد حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان ،ذلك أن تركيا استخدمت اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة وهو الأقوي علي الإطلاق بين جماعات الضغط والمصالح الخاصة في صد تحركات اللوبي الأرمني لإقرار قضية الإبادة المزعومة، غير أن حماة إسرائيل تناكصوا عن دعم تركيا،انطلاقا من رؤيتهم لترمومتر العلاقات المنخفض بين أنقرة وتل أبيب،أو ربما بإيعاز مباشر من الأخيرة،عقابا لأنقرة علي انتقادها للسياسات التي تتبناها تجاه الفلسطينيين،فضلا عن رفضها مساعدة إسرائيل في أي تحرك عسكري محتمل ضد سوريا كما أظهر احتجاجها علي انتهاك الأجواء التركية في الغارة الجوية الأخيرة.
ولعل ما زاد اشتعال الغضب التركي، أن الأمر ينطوي علي بعث لمسألة تاريخية في غير وقتها ودون مبرر،وكانت حكومة أردوغان قد بادرت العام الماضي إلي إبداء استعدادها لفتح الأرشيف العثماني أمام لجنة مؤرخين محايدة تحقق فيما جري للأرمن، بحيث يتم التعرف علي روايات الطرفين، إذ يقول الأتراك أن من قتلوا من الأرمن لا يتجاوز بضع مئات آلاف الأشخاص وأن من قتلوهم مسلحون في الأقاليم الشرقية من تركيا الحالية كانوا بعيدين عن سيطرة الدولة العثمانية وأنهم تصرفوا من تلقاء أنفسهم ردا علي خيانة الأرمن للدولة العثمانية وتحالفهم مع روسيا التي كانت في حالة حرب ضد هذه الدولة،كما يتهم الأتراك المليشيات الأرمنية بقتل عشرات الآلاف من الأتراك أو ما يصل لحوالي مائتين وخمسين ألف شخص وفق بعض المؤرخين، وتتعجب تركيا من رفض الأرمن وجمهورية أرمينيا المجاورة لهذا الحل التحكيمي.
أما فيما يخص المشكلة الكردية فقد وضع تصعيد حزب العمال الكردستاني لهجماته داخل تركيا انطلاقا من شمال العراق حكومة أردوغان في مأزق، خاصة أن هناك غضبة شعبية قومية تركية ضد الأكراد تغذيها أحزاب المعارضة، ويسايرها الجيش تحت قيادة رئيس الأركان الجنرال يشار بويك أنت الذي يبدو متعطشا لقتال المتمردين الأكراد داخل شمال العراق،علي الرغم من أن توغلا عسكريا تركيا هناك لن يقود إلي القضاء علي خطر هؤلاء المتمردين وربما لا يحد كثيرا من قدراتهم.
علي شن مزيد من الهجمات داخل تركيا، إذ يتوزع ما يقرب من ثلاثة آلاف متمرد علي كهوف وقمم جبلية، بحيث يبدو تأثير وسائل الحرب التقليدية من قوات برية وجوية وقصف مدفعي محدودا أما مسلحين يجيدون أساليب حرب العصابات،من كر وفر وتفرق في جماعات صغيرة يصعب مطاردتها، وسبق لتركيا القيام بالعديد من التوغلات في عهد الرئيس السابق صدام حسين ولم تنجح في تقزيم قدراتهم.
ولعل قرار أردوغان طلب الحصول علي موافقة من البرلمان للقيام بعملية عسكرية في شمال العراق، يعكس عدم قدرته علي مواجهة الضغوط الحزبية والشعبية، خاصة أنه سبق أن أبدي تحفظا علي شن مثل هذه العملية بسبب معارضة الولايات المتحدة لها نظرا لأنها تخشي أن تهدد استقرار شمال العراق الإقليم الوحيد شبه الهادئ في بلد متفجر العنف والصراعات.
والمشكلة الحقيقية أن أردوغان ومعه الكثير من العقلاء في أنقرة يدركون أنه لا حل عسكريا للمشكلة الكردية ذات الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعرقية المركبة، وحلها يستلزم تغيرا جذريا في ذهنية الأتراك و رؤيتهم للأكراد الذين يشكلون كتلة سكانية كبيرة تقدر بإثني عشر مليون نسمة علي الأقل في جنوب شرقي الأناضول، وبقاء المشكلة بلا حل مقبول يقوم علي تنازلات من الأتراك بشكل أساسي يستنزف تركيا في صراع بلا نهاية.
أغلب الظن أن القضية الأرمنية والمشكلة الكردية ستتفاعلان معا علي مسرح العلاقات الأمريكية التركية، لتظهر آثارهما في شمال العراق في صورة توغل عسكري محدود للجيش التركي، وربما تكون هناك مقايضة ما توقف هذا التحرك مقابل تعهد من إدارة بوش بمنع الكونجرس من التصويت لصالح مشروع القرار الخاص بالأرمن أو تأجيله لفترة طويلة، وفي كل الأحوال هناك احتمالات عديدة أخري،في ظل الطابع المركب لحسابات التاريخ والجغرافيا!ghazaly1@gmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
الفيدرالية ليست شراً
د. محمد بن ويدن
البيان الامارات
تقدم كل من السناتور الديمقراطي جوزيف بايدن والسناتور الجمهوري سام برون باك بمقترح مخطط إدخال النظام الفيدرالي على العراق كأفضل حل من أجل وقف سيل دماء الجنود الأميركيين في العراق والوصول إلى حالة من الاستقرار في ذلك البلد؛ مشروع القرار هذا حصل على تأييد مجلس الشيوخ الأميركي وبواقع 75 صوتاً مؤيداً مقابل 23 صوتا معارضا.
ورغم أن هذا القرار لم يكن قراراً ملزماً، إلا أنه لقي وابلاً من الانتقادات الرافضة له لاسيما من قبل القيادات العراقية لاسيما تلك التي في الحكومة.
ومن والقيادات العربية التي عبرت ردة فعلها عن تخوف مكنون من النظام الفيدرالي وكأنه نظام شرير لا يصلح لأن يطبق في العراق. للأسف أن ردة الفعل العراقية والعربية هذه كانت قاسية على فكرة الفيدرالية كنموذج للعراق ولم يقدم من خلالها منتقدي هذه الفكرة دلائل قوية تؤكد عدم صلاحية النظام الفيدرالي لدولة كالعراق سوى شعارات تحركها العواطف لا الوقائع.
هؤلاء المتوجسين من النظام الفيدرالي لا يدركون معنى الفيدرالية ولا أشكالها، وكأنهم يرون نموذجاً معيناً ولا يريدون أن يحتذون به. الفيدرالية في حقيقة الأمر ليست شيئا واحدا؛ فلدينا في عالم اليوم 25 دولة تتبع النظام الفيدرالي، لكنها جميعا تختلف عن بعضها البعض بشكل كبير في شكلها الفيدرالي المتبع، فالفيدرالية الألمانية ليست كالفيدرالية الأميركية، ولا الفيدرالية الروسية كالفيدرالية الهندية وليست الفيدرالية البرازيلية كالفيدرالية الإماراتية...
فالفيدرالية تنطلق من خصوصيات كل مجتمع وما هو مناسب له. فعندما يأتي الحديث عن إقامة نظام فيدرالي في العراق فإن هذا النظام لن يكون سوى تعبيرا عن حاجات المجتمع العراقي وخصوصياته.
ولعل خصوصية المجتمع العراقي المنقسم على نفسه بين طوائف وأعراق مختلفة أقرب في حاجته إلى إقامة نظام فيدرالي عن أية دولة أخرى. فالنظام الفيدرالي لا يصلح لمن ينتمون إلى طوائف وأعراق ومذاهب فكرية واحدة بل هو لمجتمع غير متجانس كالمجتمع العراقي الذي لا يمكن أن يدعي أحد بأنه وحدة واحدة متجانسة، فما بين الشيعة والسنة من اختلافات قائمة اليوم وإن كانت سياسية إلا أنها كبيرة جدا ولا يمكن لأي نظام حكم أن يزيلها، ولكن يمكن للنظام الفيدرالي أن يحد منها بدرجة أكبر عن أي شكل حكم آخر.
الفيدرالية لا تعني التقسيم كما يروج لها الكثيرون، فلو كانت الفيدرالية تعني التقسيم لقلنا إذاً أن الهند وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا والبرازيل وسويسرا والنمسا وكندا واستراليا هي دول مقسمة، وهذا غير صحيح.
الفيدرالية تعني إقامة كيان سياسي يتم من خلاله تقاسم السلطة بين ما هو اتحادي يضم جميع أطياف الدولة الواحدة وبين ما هو محلي يضم الاختلافات المحلية القائمة في البلاد. فإذا كان هناك تقسيم للبلد فهو تقسيم إداري ليس أكثر، وتبقى البلاد وحدة سيادية واحدة بسياسة خارجية واحدة، وبسياسة دفاعية واحدة، وبسياسة نقدية واحدة، وبعلم واحد، ونشيد وطني واحد، ورئيس واحد، واسم واحد.
الفيدرالية كنظام سياسي تقف بين نظامين لا يمكن أن يتم تطبيقهما في العراق اليوم. فهناك نظام الدولة الوحدوية التي تسيطر حكومتها المركزية على جميع الشؤون الداخلية والخارجية كحال العراق زمن نظام صدام حسين، وهذا الشكل من الأنظمة لا يمكن أن يتحقق في العراق نتيجة للاختلافات الكبيرة القائمة في داخل المجتمع العراقي والتي تجعل كل طرف لا يثق في الطرف الآخر.
وهناك النظام الكونفيدرالي والذي يسعى إلى أن تكون الدولة الاتحادية فيه ضعيفة وتكون القوة الكبرى للمحليات. النظام الفيدرالي هو بين هذين النظامين، حيث إنه يدعو إلى إقامة دولة واحدة ذات نظام اتحادي واحد مع احترامها لسلطات وصلاحيات المحليات.
فالنظام الفيدرالي يقيم عدالة في التمثيل السياسي وبالتالي لا أعتقد أن هناك خوفا في العراق من هذا الأمر وإنما الخوف الدائر اليوم في العراق نابع أساسا من الخوف من مسألة تقاسم الثروة.
وهناك منطق في مثل هذا الأمر، فالعراق بلد نفطي ونفطه موزع بطريقة غير متساوية بين مناطق العراق المختلفة، فإقامة نموذج لنظام فيدرالي يقوم على إعطاء بعض الأقاليم ثروات أكبر على حساب الأقاليم الأخرى هو أمر مرفوض في فيدرالية العراق المنشودة وهو خط أحمر لابد من عدم تجاوزه لأنه بالفعل لن يؤدي إلا إلى تدهور الأوضاع في العراق. لكننا ذكرنا سابقا أن النظام الفيدرالي ليس له نموذجاً واحداً يقتدى به.
وبالتالي فإنه يمكن لكل دولة والعراق في هذا الخصوص أن يضع الضوابط الخاصة بتوزيع الثروة النفطية بحيث يكون ذلك التوزيع عادلا ومتساوياً بين الأقاليم المختلفة حتى لا يستأثر طرف على الطرف الأخر؛ ويكون ذلك بالطبع في جعل الثروة النفطية من مسؤولية الطرف الاتحادي لا مسؤولية الأطراف المحلية وهو ما لا ينافي روح النظام الفيدرالي بالطبع.
صحيح أن النظام الفيدرالي ليس أفضل الأنظمة على الإطلاق حيث إنه لا يوجد هناك نظام نستطيع أن نقول عنه إنه أفضل نظام حكم بالشكل المطلق، لكننا نرى أن كل دولة لها خصوصيتها التي تجعلها أكثر تناسبا مع نظام دون غيره، والعراق بحالته الحالية هو نظام أقرب إلى أن يتناسب مع النظام الفيدرالي عن أي نظام آخر.
وحتى الدول المركزية الواحدة نجدها تميل اليوم إلى استخدام عناصر الفيدرالية في تسيير شؤون البلاد، فالصين دولة ليست فيدرالية ولكن الاختلافات العرقية والمذهبية جعلت من الحكومة الصينية تتبنى منهج منح المقاطعات نظام الحكم الذاتي، وهذا عنصر من عناصر الفيدرالية التي تجعل المحليات تتولى تسيير أمورها اليومية بذاتها مع مباشرة الحكومة المركزية على الأمور السيادية الهامة كالدفاع والأمن والثروة.
فأولئك المنتقدون للنظام الفيدرالي للعراق لم يقدموا وللأسف الشديد بديلاً عن الفيدرالية كنظام يمكن أن يطبق بنجاح في العراق. الفيدرالية ليست شرا على الإطلاق، ولكن الشر هو أن تحكم على الأمور من منطلقات ضيقة جدا وبعيدة كل البعد عن مستقبل العراق الذي يجب أن يكون للجميع وليس لفئة أو طائفة أو عرق على حساب فئة أو طائفة أو عرق آخر؛ صحيح أن هناك مخاوف للبعض من إقامة نظام فيدرالي في العراق لكن مثل تلك المخاوف يمكن تجاوزها بتطويع النظام الفيدرالي لحالة العراق. binhuwaidin@hotmail.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
إعادة رسم خرائط المنطقة .. العراق منطلقا
محمد صادق الحسيني
البيان الامارات
قرار تقسيم العراق الكارثي بهدف تقطيع أوصاله وجعله جرس إنذار جديد لكل من يتجرأ على التمرد على القرار الأميركي من الحلفاء والأصدقاء، مهما قيل عنه انه غير ملزم! إلى قضاءات الصدام اللبناني الذي تروج له وترعاه الإدارة الأميركية بسبب الفيتو العلني الذي تضعه على الرئيس التوافقي، إلى أجواء مؤتمر خريف «السلام الشرق أوسطي» المفخخ إسرائيلياً، إلى حالة الاستقطاب المفتعل مع إيران على خلفية مدرسة غوبلز الهتلرية من الكذب المجاني المستمر حتى يصدقك الناس! ثمة أجواء مكفهرة تجتاح السماء العربية والإسلامية يبدو أنها كتب لها أن تستمر معنا إلى نهاية خريف المحافظين الجدد والذي سيكون طويلاً ومملاً، لكنه سيكون متعباً أيضاً لمن لا يحسن قراءة القرائن والمعطيات على تراجع الأحادية الأميركية الحاد وفي طليعتها حيثيات الفشل الأميركي الموغل في مستنقع العراق! أصحاب الذاكر ة القوية يتذكرون جيداً أننا قلنا لمن يهمه الأمر من العراقيين الذين كانوا وقتها يعلنون ـ في الظاهر على الأقل ـ رفضهم للأجندة الأميركية بخصوص غزو العراق واجتياحه العسكري الفج بحجة أسلحة الدمار الشامل الملفقة، نعم قلنا لهم إن أية تغطية لهذا الغزو والاجتياح مهما كانت المصالح الحزبية بل حتى «الوطنية» التي تبحثون عنها إنما ستؤدي لا محالة بالعراق وبكم إلى «عسكرة» ليس فضاءات العراق الداخلية وتحويله إلى ساحة صراع لميليشيات لا يعرف أحد كيف ستنبع مثل الفطر.
ومن ثم إلى تمزيق العراق إرباً إرباً، بل إنكم ستفتحون العراق على مصاريعه مضطرين ومجبرين إلى كل أشكال التدخل الخارجي الفج أمنياً واستخباراتياً وعسكرياً ولن تتمكنوا بالتالي مهما اعتمدتم على ما تسمونه ب«التذاكي» على الأميركان . ـ كما كان ولا يزال يتفلسف جهابذة «الحركة الإسلامية» ـ التخلص من مأزق ونفق الاحتلال والعسكرة والتقسيم والتبعية للخارج لمجرد أنكم كنتم يوماً وطنيين وتعتقدون أنكم أذكياء بما فيه الكفاية للخروج من شرنقة تشابك المهمات بينكم وبين المحتل وتالياً تحرير أنفسكم مما اضطريتم للقبول به قسراً كما تقولون والذي كنتم ولا تزالون تصرون على تسميته ب«تقاطع المصالح» مع الأميركي! وقتها قلنا لأكثر من زعيم ديني وزمني عراقي معارض إن الأميركيين لهم أجندة طويلة عريضة ومعقدة ومتشابكة للمنطقة لن تقبل بأقل من تأمين مفتاح التحكم بوصول النفط بشكل سلس إلى الإمبراطورية الأميركية وإلى ضمان أمن إسرائيل، وبالتالي فإن واشنطن والمحافظين الجدد أكثر تحديداً ليسوا «جمعية خيرية» لإزالة الديكتاتوريين وإشاعة الديمقراطية والدفاع عن حقوق المرأة والطفل والرجل العراقي أو غير العراقي ونشر الحريات في العالم!
وقتها غضب أكثرهم وحنق وكتب الرسائل وأصدر البيانات ضدنا واتهمنا بشتى الاتهامات بالرغم من تاريخنا الناصع والمعمد بالدم في مقاومة ومناهضة الديكتاتورية والاستعمار والتبعية، فقط وفقط لأننا قلنا لهم يومها: بأي وجه ستقابلون شعبكم عندما يسيل دمه أمامكم على يد المحتل الذي سيمعن في التقتيل والذبح لأبناء العراق .
ولن يرحم أحداً وإن آخر همه حرية العراقيين ونظامهم الديمقراطي العتيد! في الوقت الذي قبلتم ان يكون في صفوفكم من صرح علناً يومها «بأن اليهود سيكونون درة التاج العراقي» فيما ذهب آخر ليقول بكل وقاحة «بأن أصوات القنابل التي تسقط على بغداد أجمل سيمفونية سمعها في حياته» وأنتم تعرفون من نقصد وأين أصبح مصير أمثال هؤلاء!
لم نكن يوماً نقرأ في الفنجان ولم ندع علم الغيب ولم نكن كذلك نوابغ! فقط وفقط لأننا قرأنا التاريخ بشكل صحيح ونريد أن نقرأه لكم اليوم على الطريقة نفسها قبل فوات الأوان ولأن العرب والمسلمين من دول الجوار المباشر وغير المباشر معنيون هذه المرة أيضاً ولكن بشكل مباشر وسريع أيضاً!
إن كل العلائم والقرائن والمعطيات التي بين يدي من يقرأها من العقلاء تفيد بأن الأميركيين لاسيما من المحافظين الجدد الحالمين بإنقاذ مشروعهم الإمبراطوري العالق بطين قاع المستنقع العراقي لا يهدفون من وراء كل الضوضاء الذي يثيرونها من حول تحركاتهم ومهرجاناتهم الخريفية وما بعد الخريفية، سوى تصدير الفشل العراقي المحقق إلى سائر دول الجوار القريبة والبعيدة، لأنها الفرضية الوحيدة التي تجمد هزيمة بوش الكارثية وحوارييه في العراق وتدير فشلهم هناك إلى حين انكشاف العهد الأميركي الجديد!
لقد بدأوا اللعبة في لبنان وها هم يريدون تطويرها واشاعتها على مستوى العالمين العربي والإسلامي ويبحثون عن تغطية عربية لها في مؤتمر التطبيع المجاني الخريفي مقابل إنهاء الصراع وليس مقابل الأرض بالتأكيد، لكنهم سرعان ما سينقضون على الدول العربية والإسلامية الكبرى الواحدة بعد الأخرى بمشاريع التقسيم الجاهزة .
والتي لن تستثني أحداً، نعم من إيران وتركيا وباكستان مروراً بالسعودية وصولاً إلى مصر فضلاً عن سوريا، والخرائط والمخططات والدراسات جاهزة، المهم أن نقرأها اليوم وبعيون مفتوحة لأن غداً سيكون متأخراً جداً، حتى لا نكون مصداق الحديث الشريف: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»!
يقول مازن مكية وهو منشق من حزب الدعوة العراقي مؤخراً: «إن السياسيين العراقيين يفسحون مجالاً رحباً لتدخل الآخرين.. عندما أخفقوا في ممارسة أداء إيجابي، مهملين المصلحة الوطنية العليا، وانهم ساهموا في هدم الأسوار التي تحصن السيادة العراقية»!
بعد أربع سنوات ونصف ها هو شاهد من أهلها ينبه مما قد حذرنا منه مبكراً، أم سجاد وهي زوجة كريم خلف ـ مرافق نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي والذي لم يخبرها أحد بأن الذي قتله ليلة عيد الميلاد إنما هو كاوبوي أميركي مخمور حتى الثمالة، إلا بعد انكشاف فضيحة بلاك ووتر ـ تقول: «إن مال العالم كله لا يستطيع أن يعوضني عن زوجي.. إن حارس بلاك ووتر يجب أن يعاد إلى العراق ويحاكم في بغداد.. وإن المجرم في الحقيقة تم تهريبه إلى خارج العراق من قبل مسؤولين أميركيين»!
في هذه الأثناء ثمة جدل سخيف ومهين يدور في أروقة الدوائر الدبلوماسية والسياسية العراقية والأميركية حول «سعر» أو ما يسمونه «دية» كل قتيل وقع في مجزرة ساحة النسور التي كشفت في الواقع حقيقة جيش بول بريمر السري وسماسرة القتل المجاني من أعضاء شركات الأمن الخاصة التي لا تخضع لمحاسبة أحد في الدنيا كلها والذين يفوق تعدادهم الجيوش المحتلة رسمياً للعراق باعتراف وسائل الإعلام الأميركية،.
والذين يتفاخرون في تدعيم وتعزيز الأمن والاستقرار في العراق من خلال عدد الإصابات المحققة! والتي آخرها وليس أخيرها القتيلتان البريئتان المدنيتان أوهانيس ـ وهي أم لثلاث بنات ـ ورفيقها في محلة الكرادة في بغداد فقط وفقط لأن سيارتهما اقتربت أكثر مما هو مسموح به في أعراف الكاوبوي من شركة يونيتي ريسورسز «للتنمية الدولية» للأمن الخاص!
تستحضرني هنا وعلى عجالة واقعة معبرة جداً وهي إقرار نظام الشاه البائد لقانون حماية المستشارين والأمنيين الأميركيين من الملاحقة القضائية الإيرانية في بداية الستينات وإلحاقهم بمعاهدة فيينا الشهيرة، الأمر الذي دفع بالزعيم الديني المعارض آنذاك الإمام الخميني إلى تفجير ثورة الاستقلال الوطني الشهيرة الأولى والتي أدت إلى اعتقاله ونفيه خارج البلاد عندما طالب الشعب الإيراني من خلال خطبته المزلزلة بإعلان الحداد العام في البلاد، قائلاً في جملة ما قال يومها ما مضمونه:
«إنهم يبيعون الوطن والبلاد وكرامة شعب بأكمله بثمن بخس.. أي من أجل تأمين قرض مقداره مئتي مليون دولار.. مقابل أن يصبح شاه البلاد مرشح للمحاكمة في أميركا إذا دهس كلباً أميركياً، في الوقت الذي إذا ما دهس فيه كلباً شاه البلاد أو إذا ما أقدم حمّال أو خادم أميركي على اغتيال مرجعكم الديني لا يحق فيه للمحاكم الإيرانية التدخل أو قول كلمتها»!
إنها لمفارقة عجيبة أن نعيش ونشهد ما يحصل من إهانة لأمة بأكملها من خلال ما يحصل للعراق المستباح في كل ساعة تمر علينا، والعالم ساكت على الجريمة إن لم يكن متواطئاً، والطبقة السياسية العراقية التي هدمت أسوار السيادة العراقية بأيديها وأيدي الأميركيين كما يقول شاهد من أهلها وهو مازن مكية «ومشغولة بتلطيف أو تغليف مشاريع التقسيم للعراق إن لم تكن راضية ومتواطئة مع مشروع جوزيف بايدن لتقسيم العراق كما يتهمها شهود آخرون، على غرار ما حصل مع مشروع «اتحاد الدول العراقية» الذي سبق أن روج له ما يسمى ب«صندوق السلام الأميركي»!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
برابرة القوة وتقسيم المنطقة
محمد خليفة
الخليج الامارات
الأمة العربية تعاني التفكك والاحتضار على ساحة الحياة الجغرافية، جسد مسجى على طاولة التشريح كالفريسة المغمورة بالدم بعد الذبح والطعن والتنكيل والتدمير، بسبب طغيان البرابرة رعاة البقر الظالمين الذين جاؤوا من أقصى الأرض بقصد التسلط واستغلال ونهب اقتصادات المنطقة، وامتهان مشاعر أبنائها، وتقسيم أرضهم حتى تموت الحياة في وجدانهم.
وكانت خاتمة المطاف قرار مجلس الشيوخ الأمريكي القاضي بتقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية كردية وسُنية وشيعية، الذي تقدم به السيناتور الديمقراطي جوزيف بيدن المرشح للبيت الأبيض. وجاء هذا القرار المأساوي في حقبة العبث واللامعقول، استناداً إلى منطق اللا منطق واللا قانون، وتعامل مع اللامكان بدلاً من المكان والزمان، وأسقط الحق والعلة والمعلول. فهذا المشروع المريب عبارة عن مسرحية تنتهي من حيث تبدأ، هدفها تفتيت هذه الأمة، ولا تقدم حلاً للعراق، ولا يبررها دافع ولا يفسرها منطق حتى، ولو كان توفير أرضية سياسية لانسحاب القوات الأمريكية.
والواقع، أن هذا القرار يفصح عن جوهر التوجه السياسي الأمريكي في المنطقة العربية، وهو توجه قائم على أساس إعادة صياغتها وتقسيمها على أساس طائفي وعرقي، لتوفير الغطاء لتواجد أمريكي طويل الأمد فيها، ومن أجل حماية أمن ووجود “إسرائيل”.
والمشكلة الأدهى والأمرّ أن المشروع العربي بات غائباً بالكلية بعد تنازع الدول العربية حول الأولوية في الصراع. فهل الأولوية هي محاربة “إسرائيل”، أم الأولوية هي الحرب المذهبية؟ وتعمل الولايات المتحدة على تعميق الانقسام في وجهات النظر بين العرب لتسهيل تمرير مشروعها التدميري، الذي لن تسلم منه ولا دولة عربية واحدة. فمنذ أن غزا العراق الكويت عام ،1991 تنبّهت الولايات المتحدة إلى وجود دولة كبيرة وقوية مثل العراق على مشارف منطقة الخليج المهمة جداً بالنسبة للولايات المتحدة، ولذلك قررت تحطيم هذه الدولة. وبعد إخراج القوات العراقية من الكويت بالقوة عام ،1991 طبقت الولايات المتحدة خطة لتقسيم العراق، حيث فرضت منطقتي حظر طيران في جنوب العراق وشماله، ومنعت الحكومة العراقية من ممارسة سيادتها الكاملة على هاتين المنطقتين، من خلال تنفيذ الطائرات الأمريكية والبريطانية طلعات وهجمات يومية ضد المؤسسات والمنشآت التابعة للحكومة العراقية في المنطقتين، حتى تم إضعاف سيطرة الحكومة العراقية على شمال العراق وجنوبه، مما أسس لخطة التقسيم القادمة بتهيئة نفوس العراقيين لتقبلها.
وعندما شنّت الولايات المتحدة عدوانها الشامل على العراق عام ،2003 بدأ التنفيذ الفعلي لخطة التقسيم. وتجلّى ذلك في القرارات التي اتخذها الحاكم الأمريكي بول بريمر والمتعلقة بحلّ الجيش العراقي، وحلّ حزب البعث، وتشكيل ما كان يسمى “مجلس حكم” على أساس طائفي وعرقي. ومن ثم أُطلقت عصابات مجهولة راحت تعيث فساداً، وتقتل الأبرياء من الشيعة والسُنة والأكراد في الأماكن المختلطة، ولاسيما في بغداد ومحيطها، بهدف إحداث الفصل الطائفي والعرقي داخل الأقاليم الثلاثة. وقد أصبح في العراق اليوم، وبفعل نشاط تلك العصابات المجهولة الهوية، نحو ستة ملايين نازح عن أرضه وبيته. وهؤلاء النازحون من الشيعة والسُنّة والأكراد، يقدمون أوضح مثال على أن خطة التقسيم قد قطعت مرحلة طويلة، وأن الراعي الأمريكي لها قد أجاد التنفيذ. وعندما أصبح التقسيم واقعاً يعيشه العراقيون بشكل يومي، كان من المفترض أن تُصدر الولايات المتحدة قراراً بالإعلان عن ولادة الدول الثلاث التي ستقام مكان دولة العراق. ومن هنا جاء هذا القرار الخاص بالتقسيم عن الكونجرس الأمريكي.
لكن طالما أن الذي تقدم بهذا القرار هو السيناتور جوزيف بيدن من الحزب الديمقراطي، فإن ذلك يعني أن الولايات المتحدة ستستمر في وجودها العسكري في العراق إلى حين انتهاء حكم الرئيس جورج بوش، ومن ثم سيأتي بعده رئيس من الديمقراطيين يتولى تطبيق قرار الكونجرس بالتزامن مع سحب الجيش الأمريكي من العراق، كما فعلت بريطانيا مع الهند. فمع إعطائها الاستقلال عام ،1947 قامت بريطانيا بشقّ الهند إلى دولتين، واحدة للهندوس، وأخرى للمسلمين بدعوى أن الطائفتين لا تستطيعان العيش سوية، مع أنها استعمرت الهند نحو مائتي عام، وخلال هذا الاستعمار الطويل لم تكن تجد مشكلة في التعامل مع الهندوس أو مع المسلمين. وبالتالي، فإن تقسيمها للهند كان بهدف إضعافها وخلق عداء دائم بين الدولتين الوليدتين، وهذا ما حدث، ولايزال يحدث إلى اليوم. والآن، وتحت مسمى الخوف من الحرب الطائفية والعرقية بين أبناء الشعب العراقي، تقوم الولايات المتحدة بتدمير العراق وإنشاء ثلاث دول طائفية وعرقية فيه. فهل يعتبر العرب مما يجري، أم يصدق عليهم المثل القائل:”ما أكثر العبر وما أقلّ الاعتبار”؟ medkhalifa@maktoob.com . ww.mohammedkhalifa.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
العراق : تحولات المقاومة
جابر حبيب جابر
الشرق الاوسط
في كل المقاومات التي عرفها عالمنا المعاصر تحدث تغيرات أثناء السفر الطويل لتلك الحركات وهي تناهض وتقاتل عدوها وتنازل خصمها، لكن هذه التغيرات لا تبعد عن أن تكون افتراقا حول الاستراتيجية الموصلة نحو الهدف، الذي انبثقت من اجله هذه الحركات واستدعى منها حمل السلاح، فغالباً ما يبرز عند منعطف مفصلي جناح يدعو ويفضل الخيار السياسي أو التفاوض، بعد أن يكون قد استجمع أوراقا ضاغطة زودته بها مسيرة كفاحه المسلح، ومرتكزاً على الاتساع المطرد للقاعدة الشعبية المنحازة إلى مشروعه، ومن كونه أصبح رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في أي تسوية للوضع، لكن أن تستدير المقاومة مئة وثمانين درجة وتتحالف مع المحتل، الذي نشأت وطالما نظرت وأدلجت وشرعنت لمقاتلته، فإن هذا من العجائب التي لم تحدث إلا في العراق، وتضيف غرائب للمشهد السيريالي للوحة الواقع العراقي.
أين كان هذا النضج طيلة الأربع سنوات، الذي ظهر الآن واستدعى الانقلاب على القاعدة ومقاتلتها من قبل بعض الفصائل المسلحة، وكذلك الانقلاب عليها من البيئة الحاضنة، هل من مدع بأنه ضلل أو اختل لديه الحساب وفاته القياس أو عازه نفاذ البصيرة، في حين كان حتى السطحي منها كافياً، حيث تجارب القاعدة وتنويعاتها المستمدة من السلفية الجهادية وسمت في حروبها زمننا الأخير وتركت مخلفات خرابها على تضاريس عالمنا الإسلامي، وفي صدارته العربي، واخرها تسببها بإسقاط دولة «النموذج» في أفغانستان التي ذهبت «لنصرتها»، ام كان ينقصنا تجريب المجرب للإدراك بان لها مشروعها الخاص المتجاوز لكل ما هو وطني، والممتد في جغرافيته وأهدافه خارج حدود الكيانات والمرتد في نموذجه إلى قرون بعيدة، أم ظن بأنها بندقية للايجار أو فريق إنقاذ، أو هي من السذاجة لتكون ورقة ضمن أوراق الآخرين التفاوضية، أو هي تستدعى بغية تضخيم القوة مقابل الخصوم، وبعد ذاك تصرف مشكورة راضية من الغنيمة بالإياب، أو هي أداة لاستعادة ملك مفقود؟
أم أن هذا التغيير استدعته إعادة ترتيب سلم الاولويات وتغير خريطة التحالفات، نتيجة الاكتشاف أخيراً بان الخطر الإيراني هو الأشد وان احتلاله سيكون الأطول عمراً والأصعب تخلصاً، وبالتالي لا ضير بل ضرورة التحالف مع الامريكان لمواجهته، لا شك أن ذلك إن قبل يؤشر لأشياء عدة. أولها ان إيديولوجية «المقاومة» لا تنفك تبحث لها عن عدو، وان لافتة الجهاد يجب أن تظل مرفوعة وان تغيرت اتجاهاتها، وثانيها أن ذلك استمرار لنفس التوظيف الساعي لاستثارة واستدراج الدعم العربي المتخوف من التمدد الإيراني، وثالثها أن نظرية «العدو الخارجي» توفر اسمنتا لاصقا بين الجماعات المتشرذمة والمتفرقة وتوحدها تحت الخوف والاضطرار، ورابعها أنها توظف كمبرر للارتداد عن منهج مقاتلة المحتل، بل والذهاب للتحالف معه.
لا ريب بأن النفوذ والخطر الإيراني بين ولا يمكن إغفاله أو التقليل منه، ولكن هل هو قدر العراقيين أن يكونوا رأس سهم في خوض حروب الآخرين وتطمين مخاوفهم، ثم من أوكل لهم هذا الدور الذي يذكر ويشي بامتداد عقلية النظام السابق، التي طالما طرحت نفسها كوكيل للقوى الدولية والإقليمية لموازنة قوة إيران، في حين أن هذا الطرح يتغافل عن المسبب في هشاشة الوضع العراقي، التي أسهمت الجماعات المسلحة بإحداثها، وهو الأمر الذي سهل النفوذ الإيراني ويديم كل النفوذ، كما أنها هي نفسها عندما استقوت واستنجدت بالخارج لإمدادها بالعدة والرجال فان ذلك بديهياً يدفع الطرف الآخر لاستقدام ظهير خارجي، الذي لن تكون مساعدته بلا أثمان، لذا فالاستقرار هو وحده ووحده الكفيل بإيقاف النفوذ الأجنبي وليس تغيير وجهة ماسورة البندقية.
الا ان هذا الدوران والعودة إلى البدء يدفع أسئلة مريرة، ألم نكن في غنى عن كل ذلك، وألا يستحق الشعب الذي خرج من حقبة دكتاتورية طويلة وحروب عبثية أن يعطى فرصة العيش، وان يسأل قبل زجه مجددا في دوامة الموت، فما جدوى المقاومة عندما يصبح وجود الوطن ومستقبل بقائه على كف أقدار، وأبناؤه نهبا للتشرد ومقدراته للضياع، والمحتل الذي أريد طرده يعود مطلوباً كحماية وعزل وعامل تطمين بين أبناء البلد المنقسمين المتقاتلين، فهل هذا خطأ حسابات أم حسن نوايا، ربما هو كذلك لجزء من المقاومة التي اندفعت بوازع ديني ودافع عقائدي وبمشروع وطني وبمبررات أخلاقية ولكنه ليس كذلك لباقي اجزائها التي خطفت المشهد المقاوم وأخذته إلى لانهايات عقلانية، فالأمر عندها انقسم وتداخل إلى عدة مشاريع، اولها بني على سياسة تخادم وحرب بالاستنابة عن دول إقليم حفزت ودعمت من اجل إرباك الوجود الامريكي في العراق وهاجسها إفشاله لكي لا تكون أنظمتها محطة الاستهداف التالية، وأيضا لدرء استحقاقات الإصلاح التي هبت على أنظمة أخرى، وكذلك لإفشال نموذج أريد له أن يكون موضع استقطاب وتمثل من شعوب المنطقة وان يكون بقعة الزيت التي تتسع لنشر الديمقراطية في بحرها، والثاني أنها عادت تجارة مقاومة، تستدرج الدعم المالي الخارجي المتعاطف والمضلل بمشروعها وتستنزف الداخل عبر دائرة استثماراتها القائمة على الاتاوات والتهريب والاختطاف وحصص المشاركة الحمائية في مشاريع الاعمار، وثالثها إنها مشروع نفوذ وهيمنة مبتدئاً على المستوى المناطقي ومنتهياً بكونه صراع سلطة على المستوى الوطني، فمن بين 1400 عملية انتحارية بحزام ناسف وعربة مفخخة، وهي تفوق مجمل العمليات الإرهابية في عموم العالم للعشرين سنة الأخيرة، لم تكن حصة القوات الامريكية منها إلا الربع، فهي لا تسعى حتى للانتقام من الامريكان بقدر ما تسعى لزيادة الهوة والفرقة والانقسام بين العراقيين أنفسهم ولزيادة التوتر بين طوائفهم المختلفة، بجانب هدفها لزعزعة الثقة بين الحكومة والشعب وإيقاعها في حالة من الشلل، عبر استراتيجية جعل البلد غير قابل للحكم، فمشروع المقاومة هنا لا ينتهي حتى تصبح هي السلطة وعند ذاك تنتج مقاومة أخرى!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
حكومة الكوليرا
عبد الجبار الجبوري
السياسة الكويت
يخيل للمرء أنه يعيش زمن الأوبئة والأمراض الطاعنة والفتاكة التي تنخر جسد البلاد سياسيا وجسديا, فعلى الصعيد السياسي والحكومي تعاني الحكومة من مرض الطائفية السياسية التي تعد أشد فتكا في تمزيق وحدة الشعب العراقي المتماسكة منذ آلاف السنين وقد غرس (سياسيو العراق الجديد) هذا المرض في الجسد العراقي المحتل منذ تشكيل (مجلس الحكم) على يد الحاكم المدني (بريمر) سيء الصيت, وظل يستشري وينتشر في أنحاء معينة من البلاد في حكومات لاحقة أثبتت طائفيتها المقيتة في فرق الموت وحملات الاغتيالات والتصفيات والتهجيرات على يد ميليشيات طائفية وحزبية نافذة تشرف عليها وتمولها دولة جارة تدعي (الإسلام), وصولا إلى (حكومة المنطقة الخضراء) التي مارست أقصى درجات الطائفية في تهجير ملايين العراقيين وقتل مئات العلماء والأطباء والصحافيين ورجال الدين ورؤساء العشائر ممن يعارضون الاحتلال الأميركي وعملائه, حتى انكشفت عورة (الحكومة) كلها وانسحبت الكتل السياسية التي عانت (الأمرين) داخل كتلة الائتلاف الشيعي الموحد نتيجة الإقصاء والتهميش والتسويق والطائفية وتنفيذ أوامر وأجندات (إيرانية) ورافق هذا انسحاب وزراء كتل أخرى من الحكومة وأصبحت حكومة عرجاء مشلولة لاتستمع إلى رأي الشعب والكتل السياسية والبرلمانية وزادت في (طائفيتها) أن شكلت تحالفا رباعيا يضاف إلى (منجزاتها) في دستور ناقص وانتخابات مزورة مستخدمة أقصى درجات القسوة والانفراد السلطوي والتي أسميها (الدكتاتورية الطائفية) وبات العراق يعاني نزيف الدم المراق في شوارعه ليل نهار بفعل هؤلاء السياسيين الذي يسندهم المحتل الأميركي ويغذيهم لتمزيق البلاد وقتل العباد لزمن قد يطول!! أليس مرض (الدكتاتورية الطائفية) الذي زرقته (حكومة المالكي) في وريد العراق هو الأشد فتكا في تاريخ العراقيين والعراق, فماذا ينتظر العراقيون?!.. بعدها ظهرت أولى تباشير هذا (المرض) الذي يسمى (الكوليرا) في شمال عراقنا الحبيب واستشرى برعاية ودعم حكوميين واضحين وعدم اكتراث مقصود في محافظتنا الجريحة التي تقاوم المحتل وأذنابه بكل شراسة دون أن يرف لها جفن, فإحصائيات منظمة الصحة العالمية تقول أن هناك(15000 ألف) إصابة في السليمانية و(1500) في كركوك و(500) في أربيل وهكذا يداهمنا الموت على شكل (كوليرا) وحرس وطني وميليشيات ومارينز أمريكي وبيشمركة ويظهر (المالكي) ليقول للعالم هو وسيده بوش بأنهم حققوا إنجازات تاريخية في العراق!!.. ونقول لهم نعم لقد حققتم إنجازات تاريخية لم يسبق للتاريخ أن شاهد مثلها في طريقة تدمير الشعوب وقتلها ومحو هويتها القومية والتاريخية وطمس معالمها الحضارية والدينية وقتل رموزها الوطنية وتدمير بنيتها الاجتماعية وإحراق دولتها وتحويلها إلى رماد وفجائع وخرائب مهجورة... هذا هو (العراق الجديد) بأبشع صوره في زمن (الدكتاتورية الطائفية), كل هذا يجري في العراق بلد الحضارات والمعرفة, بلد التاريخ العريق بلد الحرف الأول والموسيقى الفارابية, وبلد حمورابي ومسلته التاريخية وجنائنه المعلقة التي تطل على التاريخ, وزقورة أور التي أوت نبينا إبراهيم (عليه السلام) وبلاد سومر وأكد وآشور, بلاد تفيأت تحت ظلال نخيلها كل البلدان والحضارات ... أقول كل هذا المجد الباذخ والعالم يغمض عينيه عن جرائم الاحتلال وعملائه التي يراها بالصورة والصوت على فضائياته لحظة بلحظة.. إنه زمن العبودية والانحطاط الخلقي.. زمن الرذيلة السياسية.. إنه زمن (الكوليرا) السياسية التي باتت متوطنة في قلوب مروجيها قبل أن تنتشر في جسد البلاد.

ليست هناك تعليقات: