Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

السبت، 13 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الجمعة 12/10/2007



نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الانسحاب من العراق هو الحل
افتتاحية
الاهرام مصر
الهجوم الذي تعرضت له قيادة الجيش الأمريكي قرب مطار بغداد أمس‏,‏ وأسفر عن مقتل وإصابة العشرات‏,‏ يجب أن يجعل الإدارة الأمريكية تفكر من جديد في أوضاع قواتها بالعراق‏,‏ وأن تتوقف عن الحديث المتفائل الذي أصبح سمة لتصريحات مسئوليها خلال الفترة الأخيرة‏.‏
فالهجوم الجديد يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن استنتاج القيادة العسكرية للجيش الأمريكي في العراق بأن حدة التمرد قد هدأت‏,‏ وأن الأوضاع في تحسن مستمر‏,‏ ليست صحيحة‏,‏ ولذلك فإن الارتكان إلي مثل تلك المقولات لن يؤدي إلا إلي استمرار تدهور الأوضاع‏,‏ دون أن تدرك واشنطن جوهر الأسباب المؤدية إلي ذلك‏.‏
لقد جادلت ادارة بوش لفترة من الزمن بأن حل أزمة الوجود العسكري الأمريكي في العراق‏,‏ يكمن في زيادة عدد القوات لمواجهة التمرد‏,‏ ثم عادت تلك الادارة لتقول إنها ستقوم بخفض عدد القوات بعد أن بدأت الأوضاع في الاستقرار‏,‏ وللأسف فإن مبررات الادارة في الحالتين لم تكن صحيحة‏,‏ وكذلك قراراتها التي لم تسهم سوي في تفاقم الأوضاع سواء بالنسبة للأمريكيين أو العراقيين‏.‏
ومن هنا‏,‏ فإن الادارة الأمريكية التي ابتكرت عدة خرائط طريق لحل مشكلات كثيرة في العالم‏,‏ في حاجة إلي خريطة طريق للخروج الأمريكي من العراق‏,‏ ومن المهم أن تكون تلك الخريطة واضحة ومباشرة‏,‏ وتتضمن عدة خطوات تؤدي إلي انتهاء الوضع الراهن في توقيتات زمنية محددة‏,‏ وعلي الإدارة أن تستجيب لمطالب العراقيين وغالبية الأمريكيين بتحديد جدول زمني للانسحاب من العراق‏,‏ لأن ذلك‏,‏ كما تثبت الأحداث يوما بعد يوم‏,‏ هو الحل‏.‏
إن الادارة الأمريكية لم يتبق لها في الحكم سوي نحو‏14‏ شهرا‏,‏ وعليها أن تنهي المشكلة التي خلقتها‏,‏ بدلا من ترحيلها إلي الادارة الجديدة‏,‏ أيا كانت ديمقراطية أم جمهورية‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
سيادة العراق المنتهكة
افتتاحية
الخليج الامارات
يبدو أنه لا ينقص العراق في هذه المرحلة غير اجتياح تركي لشماله، والحجة الدائمة العمليات التي ينفذها مسلحو حزب العمال الكردستاني ضد الجيش التركي، والتهديد بالاجتياح معلن وينتظر “إجازة” رسمية له ليدخل حيز التنفيذ.
وهكذا، فإن سيادة العراق المنتهكة أساساً بالاحتلال وبتسلل الفوضى إليه من غير جهة وببذور الفتنة التي تزرع هنا وهناك وهنالك، وبشركات الموت التي أحضرها الاحتلال الى بلاد الرافدين، مهددة الآن بانتهاك آخر، ولكن من قبل الجار التركي.
تركيا والدول الأخرى المجاورة للعراق مطالبة، في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها في ظل الاحتلال والكوارث التي صنعها في بلاد الرافدين بدل وعود الحرية والديمقراطية، بأن تكون أكثر حرصاً على سيادة العراق، حرصها على سيادتها، لأنه يكفي هذه البلد ما عاناه منذ عقود الى الآن وخصوصا في سنوات ما بعد الغزو من تقتيل وتدمير وتهجير.
والعراق بدوره مطالب، برغم كل “البلاوي” التي حلت به، بأن يمنع أي تعرض من داخل أراضيه لأي من جيرانه، لأن من حق الدول الجارة عليه في المقابل أن يمنع أي اعتداء عليها، مثلما من حقه دعوتها الى منع أي اعتداء عليه، لأن الأوطان ليست سائبة وحدودها يجب أن تبقى في منأى عن أية استباحة.
على كلٍ، هذا هو الاحتلال ومردوده على العراق، حيث لا يتوقع في وجوده أن يتمتع العراق بيوم من دون نزف، وهذا التسيب السائد في ظل الاحتلال هو ما يجعل الفوضى سيدة الموقف، ويجعل من المتعذر على القوى العراقية في الحكومة وخارجها ضبط الحدود سواء لمنع التعرض لها أو لمنع التعرض لغيرها.
والاتفاق الذي أبرم أخيراً بين بغداد وأنقرة من الواجب تفعيله من قبل الحكومتين التركية والعراقية، بالشكل الذي يضبط الحدود بين البلدين ويمنع المزيد من انتهاك السيادة وهدر الدماء، والمسؤولية هنا مشتركة ولا بد من تحملها.
كفى العراق ما عاناه إلى الآن، وكفى شعبه ما دفعه من أثمان.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
كيف تعامل أمريكا عملاءها؟
أحمد عزالعرب
الوفد مصر
يعامل الاستعمار الأمريكى عملاءه كما يعامل الإنسان الليمونة، يعصرها إلي آخر قطرة ثم يلقى بالقشرة في سلة القمامة، وقد نشرت جريدة »واشنطن بوست« في 31 أغسطس الماضى مقالاً بعنوان »التفكير فيما بعد المالكي« للكاتب اليمينى المتطرف في عدائه لكل ما هو عربي تشارلز كراوتهامر الذى يعتبر أكثر الأصوات تعبيراً عن العصابة اليمينية الحاكمة في واشنطن بكل دناءتها وبربريتها ألقي فيه كثيراً من الضوء بين السطور عن حقيقة ما يجرى في العراق والدور الإجرامي الذي يقوم به جيش الاحتلال لتفجير الصراع الطائفي بين السنة والشيعة لإشعال حرب أهلية طاحنة تبرر بقاء قوات الاحتلال.
يقول كرواتهامر إن حكومة نوري المالكي قضت في الحكم خمسة عشر شهراً تحاول القضاء على التمرد السني من خلال اتفاق قومي علي المشاركين في عوائد النفط وإجراء انتخابات محلية والعدول عن استبعاد البعثيين السابقين من الحياة العامة، ولكنها لم تقحم بأي من هذه الواجبات. وبدلاً من ذلك نجح الجنرال بترايوس في استقطاب عدد كبير من القبائل السنية من خلال منحها استقلالاً محلياً وتسليحها واشتراكها مع القوات الأمريكية في محاربة القاعدة.
ويضيف كراوتهامر: أن خطة بترايوس هذه ليست جميلة ولها مخاطرها ولكنها كانت فعالة، وطبعاً فإن حكومة بغداد الشيعية ليست سعيدة بها، وقد صرح أحد كبار مساعدي المالكي بأنها ستجعل من العراق مجتمعاً مسلحاً تسوده الميليشيات، وهذا هو واقع العراق اليوم مع فارق مهم هو أن كثيراً من الميليشيات السنية التي كانت تحارب الأمريكيين تحارب اليوم رجال القاعدة. فطبيعة الحرب حالياً تتغير، ففى خلال يوليو الماضى كانت ثلاثة أرباحا الهجمات علي القوات الأمريكية تأتي من ميليشيات شيعية وليست سنية، فالمالكى ليس غبياً فهو يري أنه كلما زاد عدد العشائر السنية التي تستقطبها أمريكا كلما اتضح أن الفصل العسكري الأخير من الحرب سيكون توجيه القوة العسكرية الأمريكية تدريجياً ضد متطرفي الشيعة. وقد كان أحد أسوأ أخطائنا في العراق هو فشلنا في تدمير مقتدي الصدر وجيشه المهلهل عندما حاصرناه في النجف سنة ،2004 ونتيجة لذلك كان علينا مواجهته ثانية، وقد بدأت قواتنا الإضافية القيام بغارات فعالة علي معاقل الصدر القوية في بغداد. وقد بدأت مظاهر الضعف تظهر علي الصدر. فبعد سقوط كثير من القتلي من قواته في كربلاء خلال معارك بينه وبين ميليشيات شيعية أخري أعلن أنه سيوقف العمليات العسكرية تماماً ستة أشهر ليستطيع إعادة تنظيم قواته. وفي الوقت نفسه فإن المالكي يهاجمنا لما يسميه عنفنا المتجاوز الحد ضد المناطق الشيعية. فالشقاق بين واشنطن وبغداد قد بدأ وسيتسع طالما بقى المالكي رئيساً للوزراء. والمالكى ليس صديقاً للصدر أو لإيران فهو يعلم أنهما لو تمكنا من السلطة فسيبتلعانه. ولكن المالكى ضعيف جداً سياسياً وشخصياً فهو أضعف من اتخاذ خطوة حاسمة فى الاتجاه المعاكس للوصول إلى توافق بين السنة والشيعة المعتدلين للوصول إلي توافق قومى. ولذلك فهو يغامر في خطواته ويقوم بزيارة سوريا وإيران ويرد علي الأصوات المطالبة بإقالته في البرلمان العراقي قائلاً: »إنها أصوات من يخشون زيارتنا لسوريا، ولكن العراق تستطيع اكتساب أصدقاء آخرين«.
ويستطرد كراوتهامر قائلاً: إن المالكي ليس مجرد شخص ضعيف ولكنه لا يمكن الوثوق به. والوقت قصير وكان يجب عليه العمل علي إسقاط حكومته منذ أن نشر مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي في نوفمبر الماضى مذكرته عن فشل حكومة المالكى. وحتي وزير الخارجية الفرنسي أعلن بعد زيارة بغداد مؤخراً ضرورة تغيير حكومة المالكى. وإذا كان هناك من يشجب هذه التصريحات علي أنها تخالف القواعد الديمقراطية فإنني أرد قائلاً انه في النظام البرلماني فإن الحكومة تبقى في السلطة طالما كانت تتمتع بثقة النواب. وليس هناك من يتصور أن المالكي يتمتع بثقة أغلبية العراقيين ولذا فمن حق البرلمان سحب الثقة من حكومته.
وبعد ذلك فبدلاً من تشكيل حكومة تحالف جديدة فإن البديل الأفضل هو إجراء انتخابات جديدة، وهذه المرة يجب علينا عدم تكرار خطأ الانتخاب بالقوائم الحزبية فهو نظام يؤدي حتماً إلي ظهور قيادات من أمراء الحرب ومن تحالفات هشة. وقد صرح السيناتور جراهام بعد عودته من زيارة العراق مؤخراً بأن العطلة البرلمانية في أغسطس كانت فرصة طيبة ليسمع النواب العراقيون من ناخبيهم شكاواهم ومطالبهم بعمل تنازلات سياسية متبادلة وتحقيق السلام. ولكن المشكلة مع النظام الحالى أن النواب العراقيين ليسوا منتخبين عن طريق الناخبين في دوائرهم بل مختارون من قادة الأحزاب التي يتبعونها. وكمثال للدول التي تتبع هذا النظام الانتخابي الشاذ للديمقراطية مثل إيطاليا وإسرائيل فإننا نري نتيجته العملية في قيام حكومات غير مستقرة في هذه الدول وتفكك مستمر في سياساتها الحزبية. ولكن نظام الدوائر الانتخابية المقسمة طبقاً للمناطق الجغرافية لو طبق في العراق لكان شيوخ العشائر السنية في محافظة الأنبار مثلا هم نواب المحافظة في البرلمان المتحدثين باسم السنة وليس أعضاء الأحزاب السنية الورقية الذين لا يمثلون إلا أنفسهم. وإجراء انتخابات جديدة ليس علاجاً كامل النجاح وسيستغرق وقتاً طويلاً لتنظيمه. وقد كان واجباً علينا البدء في ترتيبه منذ شهور عديدة. ولكن التوافق الذى يحدث حالياً من القواعد في الأقاليم يستطيع أن يؤدي إلي توافق قومي في بغداد، ولذا فإننا لا نستطيع الجلوس وانتظار ما يفعله المالكى.
وإلي هناك ينتهي المقال المعبر بدقة تامة عن اليمين المتطرف الذى تجلس عصابته علي قمة الحكم في واشنطن، وقد اعترف صراحة أن قوات الاحتلال تحول حالياً دفة الحرب ضد الأغلبية الشيعية وتحاول التحالف مع الأقلية السنية وتقوم بتمويلها بالمال والسلاح وبذلك تضمن تمزيق العراق وبقاء ميزان القوة في يدها إلي أطول وقت ممكن، ويستدعى التكتيك الجديد إسقاط العميل القائم بعمل رئيس الوزراء حالياً واستبداله بعميل جديد يكون أكثر انصياعاً بعد أن يرى رأس الذئب الطائر. ولا يبدو أن العملاء في أي بلد منكوب بالاستعمار يتعلمون من مصير من سبقوهم من العملاء إلي سلة القمامة، فيبدو أن تركيبتهم العقلية التي يعميها بريق السلطة الوهمية تماثل التركيبة العقلية للفئران العشرة في القصة الشهيرة التي تقول إنها كانت تعيش في منزل ووضع لهم صاحب المنزل مصيدة بها قطعة جبن. وفي كل ليلة يدخلها أحد الفئران فيتخلص منه صاحب المنزل في اليوم التالى، ثم يدخل فأر آخر دون أن يتعلم بمصير من سبقه، وهكذا حتى تخلص الرجل من الفئران العشرة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
ثمن الانسحاب الوشيك من يدفعه؟
ديفيد إدواردز
الخليج الامارات
في محاولة لتوجيه ضربة استباقية لمن قد يوجه إليه إصبع الاتهام، ولإجهاض أي حملة انتقاد بين يدي التقرير المقلق الذي يوشك أن يقرع الباب الشهر المقبل بشأن نتائج “تعزيز ودعم واسناد” الولايات المتحدة لقواتها المسلحة في العراق، زعم جورج دبليو بوش أن مغادرة عسكر أمريكا ومن حالفهم العراق على عجل سيتمخض عن مصيبة كبرى وكارثة. وقال: “ثمة جانب لا تخطئه عين اللبيب الأريب من تركة فيتنام، وما ينبغي أن تفوتنا العبرة الكامنة في ثناياه، ألا وهو أن ثمن انسحاب أمريكا دفعه ملايين المدنيين الأبرياء الذين أثرت عذاباتهم وآلامهم المبرحة ومعاناتهم الرهيبة لغتنا بمفردات وعبارات جديدة من مثل: “أناس القوارب” و”معسكرات إعادة التعليم والتأهيل” و”حقول القتل”.وأما الحقيقة، إن شئناها من دون زيف، فهي أن “المصطلحات والعبارات الجديدة” إنما هي نتاج حروب أمريكا الوحشية الغاشمة في آسيا، ولم تكن أبداً ثمرة لانسحابها. ولربما كانت هذه هي المرة الوحيدة التي يسارع فيها الإعلام الغربي الى تلقف النقطة العبثية في هذا الكلام ويستوقفه الهراء البائس الكامن في هذا التصريح. ففي 23 أغسطس (آب) علق أحد كبار كتاب جريدة “الغارديان” الصحافيين فقال: “لم يكن الانسحاب، بل التدخل في كمبوديا المجاورة هو الذي قاد الأحداث الى حقول القتل. فالغضب من القصف الأمريكي المروع بالقنابل (الذي كان يرمي إلى تمزيق خطوط الإمداد الفيتنامية الشمالية) أطار بالحكومة الكمبودية وأشعل فتيل ثورة الخمير الحمر الدموية الوحشية”.والحقيقة التي عتمت عليها وحاولت أن تسربلها بأكبر قدر من الغموض إشارة “الغارديان”، مجرد إشارة خاوية من أي مشاعر رحمة إنسانية، إلى الافتقار الى إحراز تقدم، كشفت عنها تقارير ظهرت في اليوم ذاته وصدرت عن جماعتين تعنيان بحقوق الإنسان وأماطت اللثام عن أن عدد من هاجر من العراق من أهله فراراً من ويلاته ومن القتال المستعر فيه قد تضاعف أضعافاً منذ التصعيد الذي بدأت به الولايات المتحدة في فبراير (شباط).وحسب تقارير الهلال الأحمر العراقي، فإن العدد الإجمالي للمهجرين والمرحلين من أماكنهم داخل العراق قد قفز من 499 ألفاً إلى نحو 1،5 مليون نازح منذ بدء “تعزيز القوات الأمريكية”. وأوردت المنظمة الدولية للمهاجرين، التي تديرها وتشرف عليها الأمم المتحدة، في تقرير لها أن اللاجئين الهاربين من وجه القتال في بغداد قد ازداد عددهم بنسبة تصل الى 20 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها. وكان تعليق صحيفة “الاند بندنت” حين أتت على ذكر هذه الإحصاءات ما يلي: “تكشف هذه الإحصائيات الرهيبة أنه على الرغم من الضجة الدعائية الصاخبة التي تصم الآذان محاولة إيهامنا بحدوث تحسن في الوضع الأمني في بعض مناطق الطرق فإن مستوى عنف جرائم القتل لم يتدن بل ارتفع”.
مع ذلك، فإنه حسب دانا غريبر لادك، الخبيرة الأخصائية في شؤون النزوح العراقي، وهي الهيئة التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، والتي تدير مكتب هذه الهيئة في العراق فإن العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات “التعزيز” الأمريكية وقوات الحكومة العراقية عنصر أساسي لا يمكن إغفاله في قضية ارتفاع أعداد اللاجئين بصورة مقلقة، وتقول لادك: “إذا كان تعزيز القوات ودعمها يعني أن ينتشر الجند في الشوارع وتتحرك دورياتهم مستعرضة للتأكد من أنه لم يعد هناك عنف، فهذا أمر، وأما إذا كان التعزيز يعني القيام بعمليات عسكرية، حيث تشن الهجمات وتحدث تفجيرات فإن هذا، كما يتضح بصورة صارخة، سيؤدي الى الهجرة والنزوح.
وهذه الحقيقة بقدر ما هي جلية يسهل إدراكها بقدر ما هي غائبة لا يتبينها ولا تقر بها معظم وسائل الإعلام البريطانية ولا تأبه بايرادها في تقاريرها. وكان مكتب الهجرة التابع للأمم المتحدة قد وصف الأزمة الحالية بأنها “أسوأ عملية” تهجير قسري وأفظع كوارث النزوح في تاريخ العراق الحديث” حيث أجبر ما يزيد على 4 ملايين شخص على الرحيل عن ديارهم، وربما عن وطنهم.
في مقال في صحيفة “الاند بندنت” أسرف في توجيه اللوم لسياسة الولايات المتحدة كتب روبرت كورنوول مع ذلك عن “توليفة بوش المثالية”، وعن هذا المزيج المدهش من “الجهل والعناد الحسن النية”.
فعلى أي أساس يخلص صحافيو بريطانيا الليبراليون إلى هذا الاستنتاج الذي يرى في الزعيم الأمريكي رجلاً مثالياً حسن النوايا؟ ولربما كان للمرء أن يتحفظ قليلاً فلا يسارع في الحكم على هذا الموضوع لو لم تكن الإدارة الأمريكية قد غرقت في لجة الكذب حتى مفرق رأسها بشأن ما يمثله صدام حسين من تهديد، وفيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل المكدسة والمخبأة في العراق، وحول ما يتعلق بالثمن الباهظ الذي دفعه المدنيون العراقيون منذ غزو 2003. وبشكل ما استطاع هؤلاء الذين ضلوا الطريق فتعاموا عن الحقائق الدامغة التي يتمنون في قرارة أنفسهم أن تتوارى بشكل نهائي، وراحوا يسلطون الأضواء عوضاً عن ذلك على “المثالية”.
ويناقض هذا الجدل حول “المثالية” ويقوضه من أركانه أيضاً حقيقة أن منظمات العون والمساعدات تؤكد أن بغداد لم تكن تعرف مثل هذا المستوى من العنف المروع الذي يتصاعد كل يوم والذي تشهده أنحاء العراق، وأن المنظمات الانسانية لم تواجه من قبل قط مثل هذه الصعوبة البالغة في إيصال مساعداتها الى من يتحرقون للحصول عليها.
وربما يعترض معترض محتجاً بأن النقص الحاد في المساعدات الإنسانية إنما هو خلل وانحراف عن الطريق القويم المتبع والذي نشأ مؤخراً نتيجة الظروف المضطربة الفوضوية في العراق. غير ان هانزفون سبونيك، المنسق السابق لعون الأمم المتحدة الإنساني ومساعداتها في العراق يدحض هذه المقولة في كتابه “نوع آخر من الحروب نظام حظر الأمم المتحدة وعقوباتها” وبرسم صورة مختلفة تماماً فيقول: “لم يكن هناك في العراق، ولا في أي يوم من أيام العقوبات الاقتصادية والحصار الشامل الذي فرضته الأمم المتحدة ما يكفي من الموارد لتلبية الاحتياجات الإنسانية من الأغذية والأدوية في حدّها الأدنى، ولم
يكن ثمة إمكانية للنجاة من براثن هذا الحظر المحكم المطبق سواء قبل أو أثناء العمل في برنامج النفط مقابل الغذاء”.
ولا بد أن يتذكر العالم دائماً تلك الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الولايات المتحدة ومن حالفها يومها ومن تزلف إليها سواء بالمشاركة في الجناية العظمى المقترفة أو بالسكوت المريب. ولا ينبغي لمن بقي لديه اثارة من إنسانية أو خلجة ضمير أن ينسى الحصار والحظر الجائر الذي فرض على هذا البلد المنكوب حتى قبل غزوه وتدميره. ذلك الحصار الهمجي الذي أزهق أرواح نحو مليوني طفل عراقي وقيل يومها إنه لمعاقبة صدام حسين وحكومته وللجم تغول ذلك النظام على شعبه.
فعلى امتداد سنوات الحصار من عام 1990 وحتى 2003 دأبت الحكومتان في واشنطن ولندن على إطلاق سيل عرم من المزاعم التي تركز على اتهام الحكومة العراقية بأنها بخبثها ومكرها وحجبها الإمدادات والمؤن ومقومات الحياة والمال تسببت في النقص الذريع في الأغذية وإمدادات الطعام والدواء، مما أدى الى تلك الكارثة الإنسانية المفجعة التي دفع ثمنها العراق إذ أودت بحياة مئات الآلاف من فلذات أكباده وتركته خراباً بلقعاً مهيئاً ليكون نهبة للغزاة وفريسة سهلة للعداة. وفي هذه أيضاً خذل الإعلام الغربي الشعب العراقي ولم يقف معه في محنته بل اصطف مع الجناة ووجه اصبع الاتهام الى الجهة الخطأ ونأى كل النأي عن إدانة المجرم الحقيقي، بل راح يلمع صورته ويحاول تبرئته.
وأما على الصعيد الرسمي فبلغت الوقاحة مداها إذ انبرى وزير خارجية بريطانيا آنذاك بيتر هين ليحاجج ويجادل مكابراً ويقول: “تتواصل معاناة الشعب العراقي، وما زال هذا الشعب يكابد ما يكابد ويلقى ما يلقى لأن النظام الاستبدادي يقبض يده ويحتجز المال الذي توفره الأمم المتحدة ويحبسه عن شعبه ويحرمه من تلبية احتياجاته”.
فأما فون سبونيك، الذي كان يدير البرنامج الإنساني في بغداد وقتها فيصف هذا التصريح بأنه “كذب وتزييف كامل” للحقائق. ويكتب سبونيك حول هذا ليقول إنه ليس هناك أي دليل على أن الحكومة العراقية حجبت عن عمد إمدادات الغذاء أو الدواء أو الاحتياجات الطبية عن شعبها. وبدلاً من ذلك، حسبما يقول “إن احتجاز كميات ضخمة من الأغذية والأدوية والإمدادات الطبية ومنع وصولها إلى الشعب العراقي الذي كان بأمس الحاجة إليها ويترقبها بفارغ الصبر إنما يرجع في 99% منه الى السلطات الأمريكية، وبدرجة اقل الى المملكة المتحدة إذ كانت بريطانيا العضو الوحيد في مجلس الأمن عدا الولايات المتحدة الذي بيده قرار حجز المواد والسلع الإنسانية واعتراض سبيل وصولها الى مستحقيها”.
ولا يكل سبونيك ولا يمل من الإشارة في كتابه “حكومتي” المرة تلو الأخرى إلى الجاني الحقيقي وتوجيه اصبع الاتهام الى الولايات المتحدة وبريطانيا باعتبارهما الفاعل الحقيقي الذي يجب أن يلام في هذه الفاجعة الإنسانية المريعة. واستنتاجه الجلي الذي لا لبس فيه هو أن: “الثمن الإنساني الباهظ والمهول الذي دفعه الشعب العراقي لم تكن واشنطن ولا لندن تأبهان به إطلاقاً، فهو أمر هامشي وأهميته لا تكاد تذكر إزاء الغايات السياسية لأمريكا وبريطانيا في العراق وفي المنطقة.
ومنذ نشره العام الماضي، لم يرد لكتاب سبونيك ذكر في الصحافة الأمريكية والبريطانية، اللهم سوى مقالة يتيمة واحدة. وأما أن يتم تجاهل مثل هذا الصوت المفعم بالمصداقية والمترع بالشفقة والرأفة والذي يتوهج بالعقلانية، وأن يغض الاعلامان البريطاني والأمريكي الطرف عنه وتتعامى عنه الصحافة الغربية بقضها وقضيضها، فأمر طافح بالدلالة ويغني عن مجلدات حين يقتضي الأمر افتضاح حقيقة مشاعرنا الإنسانية وتخوفنا وقلقنا وإشفاقنا من ضخامة الثمن الذي تدفعه الشعوب لسداد فواتير ما ارتكبناه من جرائم لا تغتفر بحق الشعب العراقي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
ديمقراطية (ما بين المضحكتين)
جاسم الرصيف
اخبار الخليج الامارات
خبران ينافسان بعضهما في خسّة ودونية النهج (الديمقراطي لما بين المضحكتين) في عراق اليوم المحتل لفتا انتباهي عن (نجوم) لمعها الاحتلال فحلّقت بعيدا في فضائاتنا المغبرة المعفّرة بالمفردات التي طلّقت معانيها مبانيها بالثلاث البائنات على ابواب البيتين الأبيض والأسود من مرجعيات تجار الحروب الذين قبضوا على العراق قبض شحّاذين ما ألفوا في حياتهم نعمة. *** الخبر الأول:
عن البيان المرقم (480) لهيئة علماء المسلمين في العراق المحتل ويدين قيام (البيش مركة) الأكراد بقتل اثنين من رجال الاسعاف الفوري ــ واكرر الاسعاف الفوري !! ــ في الموصل ثاني اكبر مدن العراق و(احراق) جثمانيهما بعد منتصف ليلة السبت (6/10/2007)، فيما كان المجني عليهما في طريقهما لإسعاف سيدة حامل في حي (القدس)، و(قد ذكر اهالي الحي ان قوات «البيش مركة« لم تكتف بذلك بل عمدت بكل وحشية الى احراق سيارة الاسعاف). ليست الخسارة (كبيرة) في بلد محتل قياسا الى جرائم حرب اكبر من هذه حصلت فعلا ضد الألوف من العراقيين العرب، ولكن ماحصل له اكثر من معنى، واكثر من مبنى، لقوات (البيش مركة) التي تعمل وبأمانة مبالغ بها الى حد التفنن والابتكار في مسح كل ما هو عربي واقع تحت بطشها المحمي بقوات الاحتلال على (وحدة مصير) معلنة موثقة، لعلتها جاءت من (الطالباني) الذي يرى في نبي الحروب الخاسرة (هدية الله) له و(لبيش مركته) التي احترفت القتل. ولعل من نوافل القول في المدن العربية المجاورة لمستوطنات هؤلاء ان (البيش مركة) كفرق موت (رسمية) حسب الاتفاق بين تجار الحروب في العراق هي المسؤولة الأولى عن اغتيال الضباط خاصة الطيارين من الجيش العراقي الوطني القديم، فضلا عن اغتيال معارضي الاحتلال من العرب، وقد سمعت الكثير الكثير من القصص المنقولة عن ناس ثقات تفيد ان هذه القوات الموالية للاحتلال تعمل على مسح الهوية العربية للمدينة لتحويلها الى مستوطنة لتجار الحروب تابعة (لمملكة كردستان العظمى) من جنوب (بغداد) حتى جنوب (ارمينيا) وشرق البحر الأبيض الكردي. استشهاد رجلين مسالمين ذهبا لإسعاف امرأة، وحرق جثمانيهما، قد لا يعد بنظر قصيري النظر(كبيرا) قياسا الى فتح الباب الشمالي من العراق لقوات الاحتلال من قبل (بيش مركة) اعلنوا مرارا ان الاحتلال هو(تحرير) لحاضرة بني صهيون، ولكن لو حصل هذا في امريكا التي (حرّرت) هؤلاء واطلقت اياديهم ضد العرب، وصدّرت لنا اقذر ديمقراطياتها المشوهة، لوقفت الدنيا هناك وما قعدت حتى يحاسب من ارتكب جريمة بهذه البشاعة ضد رجلين مسالمين كل ذنبهما انهما عربيان في طريقهما لإسعاف امرأة مريضة. أما في عراق (جلال الطالباني) و(نوري او جواد المالكي) فلابأس ان يقتل ويحرق الانسان مادام ليس عضوا في فرق الموت التابعة لهما. *** والخبر الثاني: له علاقة بالخبر الأول من خلال (طارق الهاشمي) الذي يرى ان لتجار الحروب (البيش مركة) حقا (على امر واقع) في بناء (مملكتهم الصفراء)، لايقل طرافة عن (عقده الفريد في عهد الديمقراطية الجديد)، الذي تزامن ــ وأي مصادفة!؟ ــ مع مشروع (بايدن) الصهيوني لتقسيم العراق، والذي لم يشر فيه(الهاشمي) الى الاحتلال قط، وركض لاستلهام مرجعيات الاحتلال والحصول على فتاواها النافذة الا في امر بقاء العراق محتلا فهي تمر من باب وتخرج من كل نافذة. اكتشف نائب المواطن ونائب (رئيس) الجمهورية، بلا شعب وبلا حكومة، من خلال زيارة له تحت حراسة امريكية الى سجن النساء في حي (الكاظمية) في (بغداد) وجود معتقلات، بلا رعاية طبية رغم الأمراض المتفشية، وكثير منهم اخذن كرهائن بديلة عن ازواجهن المطلوبين لحكومة فرق الموت الأسود، وارتهن في دهاليز الاحتلال حتى يسلم هؤلاء انفسهم طائعين للمشانق و(دريلات ابي لؤلؤة)، ومن بين هاته النسوة حوامل وضعن مواليدهن في هذا المعتقل، ونساء احداث تعرض بعضهن للاغتصاب، وذكرت احداهن (لنيافة) و(فخامة) و(سيادة) نائب رئيس الهوى الأمريكي انها: (محكومة بالاعدام حتى من دون استجوابها)! ان تصل الخسّة بمجرم محترف يرتهن امرأة ليسلم زوجها نفسه لخنجره المسموم فهذا قد يبدو مقبولا ومعقولا في زمن اللامعقول واللامقبول هذا، اما ان ترتهن (حكومة !؟)، تشقّ حلقها يوميا بمفردات الديمقراطية الفارغة من معناها، فالأمر لايقع في حدود (الفنتازيا) والخيال (الديمقراطي) لتجار الحروب، بل هو استهانة واضحة بكل القيم الدينية والقانونية، وتهجير وتفجير لكل القيم الانسانية المتعارف عليها بين شعوب الأرض. وكأن هذه الحكومة التي تحلّق جوّا بين ما يفترض انه (شعبها !!)، على جناح (شيعي) وجناح (كردي) وذيل (سني)، نجحت في نيل درجة (شرف) كأفسد حكومة في الشرق الأوسط تعيد اعمار نفسها لتنال ذات الدرجة في الجريمة المنظمة باسم القانون، ومع ذلك نرى السيد نائب المواطن ونائب رئيس جمهورية الهوى الأمريكي لا يمتلك غير: الأسى والاحتجاج الفارغان من مبناهما ومعناهما على امل ان تمهّد له هي المظهريات البقاء ذيلا (سنيا) في سلطة حكومة الريح السوداء القادمة التي حان وقت ميلادها في لعبة استبدال الوجوه التي يمارسها الاحتلال عن حماقة اكيدة. والسيد (طارق الهاشمي)، بوصفه ضابطا قديما، مطرودا في عهد (الدكتاتور) الذي يرفض ان يقوم ضباط جيشه ببيع الأسئلة لتلاميذهم، كان قد اقسم ذات يوم بالقرآن الكريم الذي اتخذه غطاء لأعماله اليوم (ان يضحي بحياته دفاعا عن وحدة بلده وصيانة حدوده)، ولكنه نسي القسم القديم امام القسم الجديد الذي ادّاه لنبي تجار الحروب الخاسرة في البيت الأبيض لأن هذا قيّد يديه ورجليه بهذا الولاء فما عاد يحل او يربط رجل دجاجة في سجون الاحتلال، عدا ما تسمح به السفارة الأمريكية من مخففات ضغط على عملائها (الوطنيين) من قمقوم الرأس المعدّل وراثيا الى اشرطة الحذاء المراقبة (بستلايتات) العم والمرجعية الكبرى (سام) والي (النعمة). اراهن ان (الهاشمي) عاجز عن تقديم حفنة دواء لأولئك المعتقلات المرتهنات، وليس الافراج الفوري عنهن، كما اراهن ان الرجل الذي يتاجر بالعرب (السنة) سيكون من اوائل الهاربين عن عرب العراق جميعا، سنة وشيعة، حالما يرحل الاحتلال. والأيام بيننا حكم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
من المستفيد من تقسيم العراق حتى لايضيع الوطن
مصعب عادل بوصيبع
الوطن البحرين
أقر الكونجرس الأمريكي‮ ‬قبل أيام مشروعاً‮ ‬غير ملزم‮ ‬يقتضي‮ ‬بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق وفق أسس طائفية وعرقية‮ (‬سنية،‮ ‬شيعية،‮ ‬كردية‮) ‬تحت ذريعة أن التقسيم هو الحل الوحيد والأخير للخروج من المأزق الأمني‮ ‬والتردي‮ ‬الأمريكي‮ ‬في‮ ‬المستنقع العراقي‮.‬
وهذه الرسالة ليست وليدة الساعة،‮ ‬وليست هي‮ ‬الحل الأخير،‮ ‬بل وهي‮ ‬ليست المخرج للأزمة العراقية كما‮ ‬يدعيه القرار‮.‬
فهذا التقسيم كان الإعلان عنه قد سبق الاحتلال الأمريكي‮ ‬للعراق،‮ ‬ومهدت له منذ دخولها بإعلانها عن القسمة الطائفية والعنصرية،‮ ‬وتعاملها مع الشعب العراقي‮ ‬بناء على أسلوب المحاصصة الطائفية والعنصرية،‮ ‬وتقسيم المناطق إلى كانتونات وفق نفس الأسس والمعايير‮.‬
وعلى ضوء هذا المخطط تتحرك القوى السياسية التي‮ ‬جاءت مع المحتل،‮ ‬فالأكراد في‮ ‬شمال العراق قد عزلوا أنفسهم بإقليمهم المشكل برعاية أمريكية والمحمي‮ ‬من قبلهم منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي،‮ ‬والطائفيون الصفويون‮ ‬ينادون منذ أكثر من عام بتشكيل إقليم الوسط والجنوب العراقي‮ ‬والذي‮ ‬يضم‮ ‬غالبية شيعية‮.‬
ولم‮ ‬يبق إلا السنة الذين‮ ‬يرفضون التقسيم والذين سيجدون أنفسهم بعد الإعلان عن الإقليمين الكردي‮ ‬والشيعي،‮ ‬مضطرين‮ -‬في‮ ‬نهاية المطاف‮- ‬لإعلان إقليمهم المستقل‮.‬
لكن هل سوف‮ ‬يتوقف المخطط الأمريكي‮ ‬عند هذا الحد؟،‮ ‬وهل سوف‮ ‬يكون تقسيم العراق هو المخرج من الأزمة الأمريكية أم‮ ‬سوف تتفاقم الأزمة في‮ ‬المنطقة،‮ ‬فإقليم الجنوب العراقي‮ ‬في‮ ‬حال تشكيله سوف‮ ‬يعتبر‮ -‬شاءت أمريكا أم أبت‮- ‬عمقاً‮ ‬إيرانياً‮ ‬جديداً‮ ‬يضاف إلى عمقها الأصلي،‮ ‬وساحة حرب مفتوحة على الوجود الأمريكي‮ ‬ليس في‮ ‬العراق فقط بل والخليج عموماً،‮ ‬بما قد‮ ‬يدخل المنطقة برمتها في‮ ‬حالة حرب مكشوفة ساحتها إقليم الجنوب العراقي‮ ‬الذي‮ ‬سوف‮ ‬يكون هو وقودها ونارها وفي‮ ‬النهاية رمادها‮.‬
وأما الإقليم الكردي‮ ‬في‮ ‬حال تشكيله فلن‮ ‬يسلم من أن‮ ‬يكون لقمة سائغة للجارة تركية التي‮ ‬تكن عداءً‮ ‬لا‮ ‬يخفى تجاه الأكراد بمختلف مكوناتهم،‮ ‬وبوادر ذلك ماثلة منذ الآن بالتهديد التركي‮ ‬المستمر باجتياح شمال العراق تحت ذريعة ضرب قواعد حزب العمال الكردي‮ ‬المعارض‮.‬
ولعل أقل المتضرر‮ -‬على الأمد البعيد‮- ‬من تقسيم العراق هم السنة في‮ ‬وسط وشمال وغرب العراق والذين قطعاً‮ ‬سيكونون الممثل الرسمي‮ ‬للعراق في‮ ‬الوسطين العربي‮ ‬والإسلامي‮ ‬وبالتالي‮ ‬سيكونون محور عناية الدول العربية والإسلامية‮.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
هدية العراقيين في عيدهم
د. فهمي الفهداوي
وكالة الاخبار العراقية
ها هو عيد إسلامي جديد آخر يحلُّ علينا ، وعلى بلادنا وأمتنا وأهلنا السعداء والمحزونين ، فندعوا للسعداء مزيدا من السعد ، وللمحزونين من أهلنا في فلسطين والعرب والمسلمين مزيدا من الصبر، وكشفا للغم ، وسعيا في مدد نحو انفراج الكرب والبلوى .
ها هو عيد إسلامي جديد ، يأتي عليكم أيها العراقيون المطعونون بحراب المحتلين الأمريكيين ومرتزقتهم من بلاك ووتر وبقية أصناف الغرباء والعملاء ...!
فماذا أقول لكم يا أهلنا الصيد ، ودماؤكم على الطرقات تسفح ، ومتاع بيوتكم محمولا على الظهور من أرض لأرض ، ومستقبل أبنائكم محبوس في قارورة الطيخ ، التي جلبها المحتلون الأعداء ، بعدما سعوا في حرق التواريخ ، وأسرفوا في بثّ الخراب والفساد والكوليرا ، وأشعلوا نار صراعات الأخوة ، التي طالت الجميع بالخسر والتحسّر والأسف .؟
وماذا عساي أرجو لكم من الخير والأمنيات أيها الطيبون الأحرار ، وأيامكم غاب عنها منذ يوم الاحتلال كل جميل وحق ، وأمنياتكم تشربت بلوثة المواجع والفواجع بين كل لحظة وأخرى .؟
فكل عام وأنتم على صبركم الجميل ماضون ، وعلى بركة موائدكم وفدائكم تفطرون ، ولعمري هذا شوط الأكرمين ، الذين لم ينكسروا أمام المعاصي ، ولم يتراجعوا أمام لؤم الطائشين ومَنْ في قلوب مرض .
وكل عام وأنتم بلا عراق مقسم وبلا فديراليات للعزلة ، تطحن سنوات وحدتكم في السراء والضراء ،
وتمنياتي لكم يا أهلنا الأكرمين ، بأن يكون العيد نذر خير لحقن دماء الوطن ، بعيدا عن يوميات الجثث مجهولة الهوية ، وبعيدا عن التهجير الطوائفي وويلات الحقد وأفعال الشياطين .
فلقد حباكم الله تعالى باختبارات الدنيا ، ليكشف من خلالكم ظلم الظالمين ومناكير المعتدين ، الذين يركبون دبابات الدماء وسياسات البلاء ، لتكون جزاءاتهم في الدنيا لعنة ومقتا ، وفي اليوم الآخر نارا وحمأ مسنونا ، وتكونوا أنتم يا عراقيين أمام محنة الوطن ، مشروعا مطمئنا نحو حيازة خير الآخرة سلاما وأمنا وهداية ، وتكون ذكراكم تاريخا شاهدا على فشل مشروع المستعمرين الجدد .
إنَّ احتلال العراق من قبل أمريكا الغازية ، قد حجب عن مشاعرنا حقيقة السعادة ، ومنع عن أهلنا فطرة الفرح والمسرات النبيلة ، التي تيسر للناس طريق مجاهدة الحياة بسلوكيات العمل الصالح والمسعى الآمن ، ذلك الاحتلال الآثم ، مُفرّق الأحباب ومُبدّد الأصحاب ونافخ كير الشقاق والنفاق بين المرء وقلبه ، وبين الولد وابنه ، وبين الأخ وأخيه ، بعد أن حرق البيادر والمحاصيل ، ولوث المياه والهواء وكل ما يمكن أن تنعم به الأوطان دون متطفلين ولا غرباء ولا سُراق .
ليس معنى العيد أن نؤجل مأساتنا ونترك أنفسنا في فراغ من عدم المسؤولية ، لكي تتشكل في إطار مجهول من التحولات ، وإنَّما العيد يعني التبصر في أحوالنا وإعادة النظر في منجزاتنا ، التي لم ترتق إلى متطلبات العيد الخالص – عيد الوطن ، الذي يجد فيه الوطنيون العراقيون ملاذهم الآمن بالبناء والإعمال والتحرير والاستقلال ، كما يجدون فيه حميمية الفعل الاجتماعي والتفاعل الإجماعي بين الجميع ، ضمن وحدة الصوت والفعل والنداء والضمير، بوجه المحتلين والغزاة الظالمين ، الذين سرقوا من مشاعرنا روح العيد وفرحه الصميمي ، وجعلونا فرقا متناحرين لا يستوعبنا فرح طارئ ولا تعلُّلات وقتية لا طائل منها سوى المزيد من الحزن والانكسار .
عراقنا المستقل هو العيد .
عرقنا المحرر هو العيد .
عراقنا الوطني هو العيد .
عراقنا المقاوم للاحتلال هو العيد .
وكل عام وأنتم أيها العراقيون في عيد ليس فيه ذكرى لبوش ولا احتلال أمريكا ولا مرتزقة بلاك ووتر ، ولا صفحة من صفحات الكذابين الكثر ، إنما صفحة العراق الحيوي ، عراق الرافدين والبصرة والحدباء ،عراق العراقيين بعيونهم الصافية وقلوبهم الصافية وحسب .
وهدية للعراقيين في عيدهم نقول : كل عام وأنتم على حبّ العراق في عيد يزخر بالاستقلال العظيم .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
خطوة نحو الانسحاب
جعفر محمد أحمد
الخليج الامارتية
مثَّل انسحاب القوات البريطانية من موقعها في القصر الرئاسي بمدينة البصرة جنوب العراق مؤخراً، ومن ثم إعلان رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون قبل ثلاثة أيام، خفض عديد القوات البريطانية العاملة في العراق إلى النصف ابتداء من ربيع ،2008 مؤشراً إلى خطوات بريطانية لاحقة ألمحت إليها لندن مرات عدة، تنتهي بالانسحاب الكامل من العراق، حتى لو تسبب ذلك في توتير الأجواء مع واشنطن التي بدأت تحس بخسارة أبرز حلفائها في غزو العراق.
هذه الخطوات المتلاحقة تؤكد أن بريطانيا بدأت فعلاً تغيير رؤيتها في دورها ومهمتها في العراق منذ تولي براون رئاسة الحكومة خلفاً لرئيس الوزراء السابق توني بلير الذي طالما كان الحليف الأوثق للرئيس الأمريكي جورج بوش المتورط حتى أخمص قدميه في مستنقع العراق، والآن يجد نفسه وحيداً بعد إعلان براون أن دور القوات البريطانية سيتحول من “خوض المعركة” إلى مراقبة الوضع عن كثب.
براون مهّد بإعلانه خفض القوات لخطوة لاحقة قد يتم اتخاذها بعد الربيع المقبل، وقبل نهاية العام ،2008 وليس من المستبعد أن يتم خلالها سحب كامل القوات البريطانية من العراق، لا سيما أن دورها أصبح الآن أشبه بالرمزي، بعد أن فض رحيل بلير فعلياً الشراكة التي كانت قائمة بين واشنطن ولندن، حتى إن ظلت قائمة ظاهرياً. من الواضح ان براون استند في قراره الى اعتراف رئيس أركان الجيش البريطاني السير جوك ستيروب بفشل قواته في المساهمة في تحقيق الأمن في جنوب العراق، وإعطاء الشعب البريطاني آمالاً خاطئة، وتضخيماً لما كان يمكن أن يقوم به الجيش البريطاني هناك.
الإعلان البريطاني عن خفض القوات إلى النصف في العراق، هو بلا شك رسالة إلى الولايات المتحدة، يفهم منها أن المستقبل القريب سيفرض على واشنطن أن تعطي قدر ما تأخذ، وأن الوقت قد حان لكي تخطو خطوة نحو الانسحاب بعد أن أظهرت الأيام والحقائق على أرض الواقع أن الوجود الأجنبي في العراق ليس في مصلحة أحد، حيث الخسائر تطال الجميع، وأثبتت أن الخلاص الوحيد من هذا المأزق هو البدء في الانسحاب التدريجي الذي يحظى بتأييد شعبي داخل أمريكا والعالم كله.
الخطوة البريطانية رغم وصف البعض لها ب”الهزيمة” أو الفشل، إلا أنها منطقية وصائبة، لأن احتلال أي بلد لا بد أن يزول وينتهي مهما طال الزمن، ونهايته الانسحاب طوعاً أو كرهاً، ويبدو أن براون فضّل التعجيل في هذا الاتجاه، وسيسجل له التاريخ صوابية قراره، بعكس بوش المتمادي في الخطأ بالإصرار على البقاء لسنوات عدة في العراق متمسكاً بوهم الانتصار والديمقراطية المزعومة رغم أنه يدرك تماماً أن السلطة لن تدوم، وأنه ماض والذي يبقى هو التاريخ.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
بين العشائر والطوائف.. الانتحار الجماعي في العراق
داود البصري
السياسة الكويت
الستراتيجية العسكرية والامنية الاميركية المتخبطة في العراق وتدهور حال الخطط الامنية الحكومية قد فرضت على صانع القرار هناك خيارات مزعجة تتمثل في العودة للمربع الاول في المعالجات الامنية, اي العبور على سيادة وهيبة الدولة واللجوء لاساليب اغراء وتواصل بدائية للغاية لا تتناسب ومفاهيم العمل في الدولة الحديثة, والنزاعات المتجذرة والمتشعبة في العراق ليست من الطراز السهل ابدا, وهي تخضع للمزاج العراقي الصعب والمتقلب غير القائم على اسس منطقية يمكن ان تستقرأ ويصار لحل طلاسمها ورموزها, فكل شيء في الساحة العراقية مختلط ومشوش وضبابي, وكل الملفات متداخلة بشكل عشوائي, كما ان كل الحلول غائبة في ظل تدهور الدولة واجهزتها الناقصة وغير الفاعلة والتي لا تجد اي قوة حقيقية يمكنها من ان تفرض قراراتها الصعبة, فحل الازمات العراقية لا يمكن ان يكون عن طريق الديبلوماسية الناعمة, فالمجتمع العراقي لم يصل بعد لمستوى ثقافي يمكنه من حل مشكلاته بعيدا عن لغة الدم والثأر والتعصب الجاهلي الاخرق المخلوط بنسب عالية من الجهل والغباء والتعصب الطائفي والعشائري!خصوصا ان الاميركان قد نجحوا في تطفيش القوى المفكرة والمثقفة العراقية التي لا تتقن استعمال السلاح ولا تكوين الميليشيات, لذلك فان من هيمن على ساحة العمل السياسي العراقية اليوم هو( الاحتياطي المضموم) الذي كونه وشكله النظام البعثي البائد اي الجماعات المسلحة التي كانت تعمل في خدمة مؤسسات ذلك النظام الامنية والعسكرية ثم حولت ولاءاتها وصبغت جلودها بالوان اخرى بعد سقوط ذلك النظام تحت احذية المارينز الثقيلة, ولعل من يلاحظ الفوضى الامنية الكارثية بين ابناء الطائفة الواحدة والعشيرة الواحدة سيلمس على الفور حدة وطبيعة الضياع الفكري والمنهجي وحتى الاخلاقي في العراق, فدماء الشيعة مثلا التي تسيل بالجملة والمفرد ووفق ايقاعات دموية رهيبة يتحمل نزرا كبيرا منها الجماعات الشيعية المتنافسة على المغانم واموال الزيارات وبقية المصالح المادية الاخرى والمآسي التي حدثت في النجف وكربلاء خصوصا من وقفت خلفها عصابات طائفية تنتحل الولاء الطائفي الشيعي المزيف وتمارس جريمتها تحت صهيل الشعارات والرموز المريضة والمعوقة التي برزت في العراق المريض كنموذج المعتوه (مقتدى الصدر) الذي ترتفع نداءات المجرمين من المخابيل الطائفيين باسمه وهي تقصف وتحرق اضرحة اهل البيت, فعقلية التدمير بعثية صرفة تمارس تحت شعارات طائفية متخلفة مضحكة, كما ان الصراع المرير بين العوائل المقدسة كال الصدر وآل الحكيم قد حول مناطق وسط وجنوب العراق لماساة حقيقية كان من نتيجتها هروب الشعب طلبا للنجاة في دول الجوار, والطريف ان العراقيين في الخارج متآلفون ومتحابون لا فرق بين شيعي ولا سني, ولكنهم في الداخل يتصارعون حول هوية أكلة (البامية) شيعية هي أم سنية أم كردية, والحالة السابقة نفسها تنطبق على وضعية مناطق القبائل السنية وحيث ارتفعت وتائر بيانات التخوين والجاسوسية والتصفية الجسدية بين القيادات العراقية السنية وكان آخرها ما تعرض له السيد طارق الهاشمي من اتهامات ردا على مشروعه الوطني الهادف للخروج من الشرنقة الطائفية المريضة والتفجيرات في الانبار وديالى والموصل تضيف للازمة الوطنية العراقية فصولا مزعجة, وبين صراع التيارات والطوائف يدور الجانب الاميركي على الموائد يحاول تحسس الطريق والتشجيع على بناء عقد وطني عراقي جديد يتجاوز الحالة الطائفية رغم تواجد وحضور المشروع الاميركي البديل في حالة الفشل وهو مشروع التقسيم الحاضر الغائب في العراق منذ اكثر من عقدين ونيف من السنين, وهو مشروع حيوي وقابل للتطبيق السريع في ضوء صراع المصالح الحاد, كما انه خطر حقيقي لا يمس العراق فقط بل يتجاوزه ليشمل الاقليم الخليجي والعربي برمته, فسورية ستكون هدفا محتملا للتقسيم ومصر نفسها ستكون احدى المحطات اما دول الخليج العربي فهي المقصودة اولا واخيرا من ذلك الخيار المزعج خصوصا وان للطائفية والطوائف في بعض دول المنطقة تاريخ وملفات جاهزة يمكن تحريكها وتفعيلها باسرع من لمح البصر!.
في الصراع الداخلي العراقي اليوم ثمة ملفات وزوايا وتحولات يراد لها ان تعمم اقليميا, فحروب الطوائف هي الحالة السياسية القادمة والسيناريو الاكثر حضورا خلال العقد القادم, ونزع فتيل الطائفية والوحشية في العراق هو السبيل الوحيد لانقاذ المنطقة والعالم العربي من سيناريوهات رعب سيشيب لهولها الولدان .. لا معنى للصمت العربي الخجول في التعامل مع الازمة العراقية الساخنة, ففيروس التقسيم العراقي اليوم هو بصدد التحول لوباء اقليمي شامل, فتحت الرماد العراقي وميض نيران هائجة ستغير كل اشكال ومعالم الصراع في المنطقة ما لم تتوقف الفوضى العراقية باي ثمن كان.. الواقع مزعج والخيارات المتاحة اشد ازعاجا, وهوامش المناورة باتت تضيق, والاميركان قد دخلوا في نفق الصراعات العشائرية, والانتحار العراقي الجماعي على الابواب, فهل ثمة حلول تطفىء النيران التي اشعلتها الفاشية المنهارة واججها الغباء الطائفي وتستفيد منها كل الدنيا الا العالم العربي, الجواب ستحدده تحركات المرحلة المقبلة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم
الكاتب
مكان النشر
10
التوظيف البريطاني للقضية الكردية في استعمار العراق
عوني فرسخ
عوني فرسخ
لم يكن قرار مجلس الشيوخ الأمريكي باقامة ثلاثة أقاليم “فيدرالية”، على أسس عرقية وطائفية في العراق المحتل سوى إعادة إنتاج لدعوات استعمارية توالى طرحها منذ بداية القرن التاسع عشر، لتفكيك البنى الاجتماعية العربية وطمس انتمائها القومي. ولقد اعتاد صناع القرار والمفكرون الاستراتيجيون الأوروبيون والأمريكيون من بعدهم، محاولة استغلال كون الأمة العربية ذات طبيعة تركيبية تضم التنوع ضمن إطار الوحدة، في تجاهل متعمد لعوامل الوحدة التراثية والثقافية فيما بين مختلف الجماعات ذات الوجود الطبيعي والتاريخي في الوطن العربي. وذلك ما انعكس على الأدبيات الاستشراقية التي غالت في تسليط الأضواء على خصائص الجماعات محدودة النسبة العددية في المشرق والمغرب العربيين، مقابل تكثيف الظلال حول روابطها التراثية والثقافية والاجتماعية مع محيطها العربي، وبتجاهل متعمد لتعايشها السلمي مع مواطنيها العرب، باعتبارها من بعض النسيج الاجتماعي الوطني على مدى القرون السابقة للمرحلة الاستعمارية.
ويذكر د. جورج قرم في كتابه “انفجار المشرق العربي” (ص 105) أن المشرفين على اطروحات الدكتوراه في الجامعات الأوروبية والأمريكية يشجعون طلبتهم العرب على إبراز قضايا الأقليات في أقطارهم، وأنهم يرغمونهم احياناً على ذلك بهدف إبراز التمايزات الاجتماعية حيث وجدت.
وكانت بريطانيا، قبل احتلالها العراق سنة ،1917 قد أولت القضية الكردية اهتماماً خاصاً، محاولة ابقاءها احتياطياً تكتيكياً عندما تنشأ اشكالات مع بغداد أو طهران. وتعود صلات الانجليز بالاكراد الى الربع الأول من القرن التاسع عشر بتدخلهم في صراع العثمانيين مع الإمارتين الكرديتين الصورانية والبابانية. وكان بارزاً في السليمانية، عشية الحرب العالمية الأولى، كزعيم كردي الشيخ محمود البرزنجي الذي يعود بنسبه لرجل صالح عربي الأصل أقام في السليمانية ونال مكانة قدسية بين الأكراد. وعندما أخلى الأتراك، كركوك أمدّه القائد التركي علي احسان باشا بالذهب لتنظيم حرب عصابات خلف خطوط الانجليز، وعندما وقعت الهدنة طلب احسان باشا من قائد حامية السليمانية تسليم الشيخ محمود زمام الإدارة وحكم السليمانية باسم الاتراك، وليكون الفوج التركي المرابط هناك تحت إمرته. غير أن البرزنجي أبرم صفقة مع الانجليز، سلمهم بموجبها المنطقة وضباط وجنود الفوج التركي، لقاء تعيينه حاكماً للسليمانية يعاونه مستشاران انجليزيان اداري وعسكري، وعلى أن يحكم كممثل للحكومة البريطانية “التي يجب عليه أن ينفذ تعليماتها ويحترم إرادتها”.
وما إن تراجعت أهمية الشيخ محمود حتى عين الميجرسون حاكماً للسليمانية في آذار/ مارس ،1919 الأمر الذي رد عليه في 20/5/1919 بإعلانه تولي السلطة المطلقة في السليمانية، واعتقال الضباط الانجليز في بيوتهم، وقطع الاتصال السلكي مع كركوك، والاستيلاء على حلبجة، لكن المناطق الكردية لم تستجب لحركته، إذ تعهد بعض الزعماء بالتعاون مع الانجليز.
وأمام الهجوم البريطاني والخلاف في أوساط “النشابه” الكردية ابدى استعداده للمفاوضة، إلا أنه اعتقل وحكم عليه بالاعدام ثم خفض الحكم للسجن عشر سنوات، واخيراً نفي وبعض خاصته الى الهند. وكان شمالي العراق قد شهد بداية 1919 تحركاً كردياً في منطقة الحدود مع تركيا، حيث تقيم قبائل الزيباريين والبرزانيين، شارك في قيادته الشيخ احمد البرزاني وشقيقه مصطفى، اللذان اضطرا مع غيرهما من الزعماء القبليين للجوء الى الجبال تحت ضغط الهجوم البريطاني، فيما قرر الانجليز ترك الحدود مع تركيا، بما فيها العبادية، خارج سيطرتهم.
وكانت القوى العراقية الوطنية حينذاك تصعد مطالبها بالاستقلال، ووحدة العراق، وبحكومة عربية دستورية. في حين وجدت بريطانيا في التحرك الكردي، وفي قضية الموصل، عامل ضغط قوي. ففي 8/10/1921 أصدر المندوب السامي بيانا أعاد فيه تأخير الموافقة على قانون الانتخاب الى “الاشكال الحادث في إيجاد حل موافق للمصالح الكردية في مناطق مختلفة بحسب معاهدة سيفر”. وكان ذلك اول توظيف بريطاني للحراك الكردي، وتكرر الأمر حتى وقع الملك فيصل معاهدة ،1922 ثم عندما وقعت الحكومة العراقية معاهدة ،1924 ثم في توقيع معاهدة 1930. وفي ذلك ما يدل على أن قادة التمرد الكردي كانوا، بوعي منهم أو لا وعي، مجرد بيادق شطرنج في خدمة الاستعمار البريطاني للعراق.
وغداة توقيع معاهدة 1936 تقدم بعض زعماء الاكراد بعرائض وبرقيات احتجاج على استقلال العراق لكل من: الملك فيصل، والمندوب السامي البريطاني، وسكرتيرية عصبة الأمم، مطالبين “بتحقيق ما جاء في قرارات عصبة الأمم بشأن تأسيس دولة كردية”. وبعد أن تدارست العصبة الطلب أصدرت قراراً جاء فيه أنه ليس للطلب من مستند في أعمال العصبة، ولا يمكن تأييده الا بتفسير خاطىء للقرارات التي توصل إليها مجلس العصبة في 16ديسمبر/ كانون الأول 1925 عندما الحقت المناطق التي يعيش فيها اصحاب العريضة بالعراق”. وعلى ذلك أوصى المجلس برد عريضة الزعماء الاكراد.
ولم يقتصر دور الانجليز في “القضية الكردية” على استغلال تحركات البرزنجي والبرزاني، وغيرهما من زعماء القبائل الكردية، وانما بذلوا كل ما يقوي إبراز “ذاتية كردية” على نحو مختلف جذرياً عما كان عليه الحال في القرون الممتدة من فجر الإسلام وحتى احتلال البصرة سنة 1914. ففي تقرير قدمته بريطانيا لعصبة الأمم في 24/2/1926 ورد القول: “أما بخصوص استعمال اللغة الكردية فيجب الا يغرب عن البال أن الكردية قبل الحرب لم تكن مستعملة كواسطة للمخابرة لا بصورة رسمية ولا خصوصية. ولقد كان هناك كمية لا يستهان بها من المؤلفات في الشعر، إلا أن التطور الذي حدث في لغة الكتابة وجعلها واسطة للمخابرة انما يعود الى مساعي الموظفين البريطانيين، وكان المستعمل سابقاً الفارسي والتركي والعربي.. ويتخذ الآن كل تدبير ممكن لا لإعطاء الحرية في استعمال اللغة الكردية فقط، بل للتشويق على استعمالها بكل فعالية”. كما ورد في التقرير ذاته القول: “وكان الإنقاص جارياً بصورة تدريجية في عدد الموظفين غير الاكراد المستخدمين في مناطق كردية، وإن سياسة استخدام الأكراد فقط من دون غيرهم حينما يوجد من له أهلية ورغبة في الاستخدام جارية بكل مواظبة”.
وفي انفراد رئاسة إقليم كردستان بالترحيب بقرار التقسيم الأمريكي ما يدل على استعداد الزعامات الكردية المعاصرة إعادة إنتاج وظيفة بيادق الشطرنج في تنفيذ مخطط التفتيت الأمريكي الصهيوني.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الموت لأعداء ولاية الفقيه
العلاّمة السيّد محمّد عليّ الحسينيّ (اللبناني
السياسة الكويت
واقع أقرب إلى الخيال, بل هو الخيال نفسه, ذلك الذي يجري في بلد الثورة الإسلامية التي زغرد لها الثوار وتبعهم الكثيرون من أبناء إيران ظناً من الأتباع أنها ثورة إسلامية حقّاً, وأنهم سيعملون على تطبيق الشريعة كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام, أما الثوّار فكانوا قد خططوا ورسموا, وهم يعرفون ماذا يفعلون, ويدركون أبعاد كلّ خطوة يخطونها, وكل كلمة تخرج من أفواههم ومدى مطابقتها للإسلام أو عدم مطابقتها, ومن مبادئهم التي خططوا لها قبل الثورة وساروا عليها بعدها سياسة الموت. فكانت من شعارات قادتهم الكبار: الموت لأميركا, والموت لإسرائيل. شعارات طنطن لها الكبار وصدقها الصغار, وظن الكثيرون أن موت أميركا وإسرائيل على أيدي وليّ الفقيه غير بعيد, وغاب عنهم أن السياسة بأغلبيتها إن لم يكن كلها كذب, وأكثر الناس إتقاناً للكذب هم السياسيون, لأنهم يقولون ما لا يفعلون, أو الأصح يقولون عكس ما يقصدون فعله. وقد نسكت على هذين الشعارين مع أنهما غير واقعيين, وبعيدان كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف الذي أمرنا أن ندعو الذين يخالفون إلى الإسلام ونحاورهم لعلهم يسلمون, أو على الأقل أن لا يعادوا المسلمين ولا يتآمروا مع أعدائهم ضدهم. أجل يمكننا الإغضاء عن هذين الشعارين أما الذي لا يمكن الإغضاء عنه والسكوت عليه, هو ثقافة الموت التي هي ديدن الزعماء في الثورة الإيرانية نظام الملالي, لا نستطيع أن نقرّ بالنظام الإيراني وهو يعمم ثقافة "الموت لمن لم يرضَ بولاية الفقيه" ويطبقها بحذافيرها بدقة ما بعدها دقة, حتى لنرى الكثير من العلماء الكبار من السنة والشيعة قد قتلوا على أيدي الطغمة الحاكمة, لا لشيء إلا لأنهم خالفوا الوليّ الفقيه.. هذا لهو العجب العجاب, وهو الذي لا يقبل به عقل مسلم, ولا غير مسلم إذا كان يملك ذرة من العقل. وأن يسلط نظام الملالي أعوانه على أبناء جلدتهم في إيران والمؤمنين مثلهم أو يزيدونهم إيماناً لا لشيء إلا لأنهم يخالفونهم الرأي والفكر, فذلك لا يمكن القبول به والرضا عنه. أيها الدكتاتوريون المتسلطون القتلة قولنا لكم, من ذا الذي أعطاكم الحق بقتل مخالفيكم بالرأي في بلدكم الذي هو بلدهم أيضاً, إنهم يشاركونكم بالدين والمذهب والفكر والثقافة والصلاة والصيام والحج والخمس والزكاة وجميع ما جاء به الإسلام وأمر به إلا إذا كنتم تفعلون رثاء الناس وهم مؤمنون كل الإيمان. إن نظام الديكتاتورية والتسلط والإرهاب الفكري والعملي وتكفير من يخالفكم أمر, لا يمكن السكوت عليه وأقل ما نقوله عنكم ويقوله عاقل في الوجود: إن كل ما تقوم به الملاليّ يخالف الشريعة السماوية ويخالف العقل السليم, ويخالف الإنسانية فافعلوا ما أنتم فاعلون, وسلطوا سيف طغيانكم على رقاب عباد الله, وستلقون جزاء ما أنتم فاعلون, فعقاب الله أشدّ وأقوى من كل عقوباتكم وأخيراً لا يقبل أيّ عاقل بنظامكم الجائر, ولا يرضى الله عن أعمالكم كلها وسيأتيكم اليوم الذي ترون بأعينكم قوة الله سبحانه وعدله وإنه قريب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
التقسيم هل هو الحل لمعضلة العراق ?
طالب الرماحي
السياسة الكويت
نعتقد ان اي حل للخروج من الازمة في العراق لايضع في اول متبنياته وقف سيل الدم الطاهر للابرياء ووضع حد لعمليات الهدم والتدمير هو باطل , كما ان الحلول التي تتبنى مواقف طوباوية والتي تضع الاهداف السياسية في اولوياتها وتعبِّر عن مصالحها الذاتية حزبية كانت او فئوية فانها حلول لاتريد للعراق الخير وهي تسعى من خلال تلك التوجهات ان تضع الدم العراقي جانبا وتبقى تلهث وراء متبنيات تضمن لها البقاء في السلطة او تؤمن لها مستقبلا سياسيا وماديا على حساب غالبية الشعب العراقي الذي بلغ في معاناته حدودا لايمكن الصبر عليها سنين عجاف اخرى , هي حلول تنطوي على قدر كبير من الخيانة للامة والتاريخ وللانسانية.
المشروع الاخير الذي تبنته مجموعة من اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي والذي يسعى الى حل لمشكلة العراق من خلال تقسيمه الى ثلاث اقاليم تتمتع بحرية واسعة علينا ان نناقشه بهدوء قبل ان نقذفه بثالثة الاثافي بعد ان نزبد ونعربد لنبدي للاخرين وطنية مزيفة وحرصا مصطنعا على وحدة العراق , وخاصة ان الامور الكبيرة والقضايا العظام دائما يتعامل معها المخلصون والعقلاء بتأن وروية عسى ان يجدوا فيها حلولا او بعض حلول لازماتهم وخاصة ان العاطفة والشعور بالوطنية لايشكلان دائما ارضية مناسبة للخروج من الازمات اذا لم يقترنا بالواقعية ومناقشة ما يحصل على الارض ومقارنة مصالح الامة مع عدمها . فالمشروع الذي رفضته الدول العربية وخاصة السعودية والتكتلات السياسية السنية برمتها في الداخل ثم طفق كل هؤلاء على التباكي على وحدة العراق التي تريد اميركا ان تستبيحها وتحرم الشعب العراقي من نعمها وسعادة بقائها , هذا المشروع لم ينل قبول الادارة الاميركية وتم رفضه من قبل البيت الابيض قبل مناقشته وهو بالتالي لم يكن مشروعا تتبناه جهة فاعلة في اميركا وهي الحكومة وجناحاها المهمان الدفاع والمخابرات , اذن الذي تبنى المشروع هم مجموعة من اعضاء في مجلس الشيوخ لهم مواقع مرموقة , من خلال هذا المشروع يبحثون عن مخرج لوقف سيل دماء جنودهم ونعتقد ان الحكمة ايضا من جانبنا كسياسيين يهمنا وقف سيل دماء ابناء شعبنا فنشاركهم مناقشة المشروع علنا نجد واياهم بصيص امل لارجاع الامل لشعبنا العراقي وللشعب الاميركي , وخاصة اذا ادركنا ان المشروع مجرد اقتراح قابل للمناقشة وليس عصا سحرية نضرب بها ارض العراق فيغدو ثلاث دول .
ان اولئك الذين انتفخت اوداجهم غضبا لمشروع التقسيم في الداخل والخارج هما نفسهم الذين غضبوا وهددوا وتوعدوا اذا ما تم تطبيق الفيدرالية في العراق , وهم نفسهم الذين يدعمون الارهاب في العراق بكل الصور والاشكال الشيطانية , فهم اذن يسعون الى ابقاء حالة النزف والتخريب ويعملون بجد من اجل تعميق مشاعر اليأس في قلوب العراقيين كي يرضخوا لمشاريعهم التي تعود بالعراق الى ما قبل يوم 9 ابريل 2003 . ونعتقد ان تعامل الحكومات الطائفية العربية ومعها الاطراف السنية الداخلة في العملية السياسية ومن بقيت خارجها قد تبلورت مواقفهم بوضوح خلال السنوات الاربع الماضية والتي تهدف الى تحجيم الاغلبية الشيعية واضعافها واستنزاف مقومات نفوذها ولم تعد هذه المواقف خافية ولم يك ثمة حياء لدى تلك الاطراف في الافصاح عنها علنا على وسائل الاعلام وكلنا راينا تصريحات العليان والمطلك والضاري وطارق الهاشمي ومن هم دونهم ممن يدعون تمثيل سنة العراق وقيادته , وهم فعلا قادة وممثلون لسنة العراق حيث استطاعوا بخبرتهم الطويلة في زمن البعث الصدامي ان يتصدوا ويزيحوا عن طريقهم غالبية العناصر السنية المعتدلة والمخلصة وكان اغتيال الشيخ عبد الستار ابو ريشه المخلص للعراق والمعتدل اقرب مثال على ذلك .
سبق وان اكدت في مقالي »مستقبل التعايش الاثني والطائفي في العراق« والذي استقرأت فيه مستقبل العراق على ضوء ماحصل ويحصل وقد نشر المقال قبل ما يقرب السنتين , ان النظام الصدامي البعثي السابق قد نجح خلال ثلاثة عقود من حكمه ان يؤسس لهذه المرحلة (مرحلة مابعد سقوط نظامه) وان يقضي بشكل كبير على كل الوشائج التي من الممكن ان تشكل قاعدة لتعايش الطوائف والاثنيات في العراق واستطاع ايضا ان يعمق مشاعر العداء لدى الجميع من خلال حروبه الداخلية , فنحن مهما عملنا فلانستطيع ان نقنع الشعب الكردي على نسيان اكثر من نصف مليون انسان بريء قد ابيدوا على يد العرب اغلبهم كان في زمن النظام السابق, ونحن لايمكن لنا ان نجبر ذوي اكثر من ثلاثة ملايين مسلم شيعي , قتلوا او ابيدوا او دفنوا احياء في مقابر جماعية على يد السنة , نعم في وسعنا ان نتشدق بالمثالية السياسية والتي يعمل بها السياسيون اليوم ونتغنى بوحدة منشودة لكن الواقع النفسي والسياسي والاجتماعي الذي حفرته الاحقاد السابقة سيبقى هو المتحكم في مستقبل التعايش ونجاح او فشل مشاريعنا الوحدوية السياسية والاجتماعية , وانا اعتقد ان اعضاء مجلس الشيوخ الذين تبنوا مشروع التقسيم قد قراوا التاريخ السياسي العراقي الحديث قراءة متأنية وان قناعتهم في استحالة اقامة دولة متوحدة بين طوائف لديها تاريخ دام امر لايحتاج الى مزيد من النقاش , ولن يصلح العطار ما افسد الدهر , كما ان المشروع يهدف بالدرجة الاولى الى انقاذ جنودهم وسمعتهم التي اوشكت ان تكون في مهب الريح بعد ان فقدوا ومعهم كامل الشعب العراقي اي امل في تحسن الاوضاع , فعلى الرغم من مرور اكثر من اربع سنوات والعراق مازال يسبح في بركة من الدم ,والحكومة بادائها السيء فشلت في توفير ادنى الخدمات وهي الكهرباء او الماء او الوقود بل وفقدت حتى مصداقيتها كحكومة دولة من خلال الاداء السياسي للعدو والذي اجاد التعامل معها بالصورة التي تضعفها وتزيد من تخبطها بالانسحابات وبالاداء الاعلامي المتطور والذي تفقده الحكومة وتفقد القدرة على تحسين ادائه.
لقد اكدت ايضا في »مستقبل التعايش الاثني والطائفي في العراق« وانا ابحث عن حلول تنقذ دمنا وبلدنا الحبيب من الخراب ان الفيدرالية الجادة ذات الصلاحيات الكبيرة هي الحل الامثل, وهو مايتضمنه المشروع الجديد , فهي على اقل تقدير تخلق نوعا من (فك الارتباط) بين من تمرس على الاجرام وتعود على سفك الدم وبين ضحاياهم , وهي ايضا تضع العراقيل امام الوافدين من رسل الموت العربية من الوصول الى اهدافهم في الوسط والجنوب, وتبقي على المنطقة الغربية السنية قاعدة للقاعدة ولبقايا البعث فقط وليس العراق باكمله , وهي توفر فرصة لكل طرف في ان يعيد بناء منطقته بعيدا عن التفكير في الفتك بمن تعود ان يفتك به لقرن كامل , على امل الاستحواذ من جديد على حكم كامل البلد , كما ان الفيدرالية الحقيقية سوف تجبر الطائفية الاقليمية على الاعتراف بان العراق السني الاموي والعباسي والعثماني والذي انتهى الى السني البعثي الصدامي قد اصبح عراقا شيعيا سنيا عربيا وكرديا وهم بذلك سوف يجدون انفسهم مجبرين على التخلي عن اجندتهم الطائفية والقبول بواقع جديد للعراق , واقع مابعد 9 ابريل 2003.
لقد ابدى البيت الابيض تحفظه على مشروع مجلس الشيوخ , وانا اعتقد ان القناعة بالمشروع ستجد لها موقعا في اهتمام الادارة الاميركية , بعد ان تفشل في مفاوضاتها السرية مع رموز (البعث الصدامي) , وان تبنيها لتسليح بعض عشائر المنطقة الغربية سوف يزيد من عذابها ومن قوة الارهابيين فيها , وتدرك جيدا ان من تتفاوض معهم هم رجال حرب وارهاب وقتل وليسوا رجال سلام , وان التعويل عليهم في ايجاد حلول لها امر بعيد المنال, وتدرك جيدا ان غالبية الشعب العراقي والتي اعطت الكثير من الدماء هي قادرة على تخطي هذه المرحلة وسوف تفرض الحلول التي تراها مناسبة لحاضرها ومستقبلها وهي حرة في اختيارها , كما انها ترى في الفيدرالية الحقيقية ذات الصلاحيات الكبيرة الحل الامثل لحقن دمها وضمان مستقبل اجيالها بعيدا عن ايدي الغدر والقتل والارهاب والالغاء , فقد جربنا واكتفينا ولا يهمنا عراق موحد او مقسم بقدر ما يهمنا كرامتنا والحفاظ على ماتبقى من مدننا ومن الانفس , لقد كان العراق موحدا , ولكن ما هي حصيلة هذه الوحدة وما هي النتائج التي خرجنا بها , فلقد انهينا القرن الماضي ونحن نتقاتل مع الاخوة الكرد بحروب دامية بلا اسباب توجها النظام الصدام البعثي بحريمة حلبجة وبحملة الانفال التي راح ضحيتها 180 الف بريء , هذا ما كان يحصل بين العرب والكرد اما ماحصل بين الشيعة والسنة فلا يشرف احد في هذا الكون عندما نعلم ان الغالبية الشيعية وطيلة القرن الماضي كانت مشاريع نحر وفتك والغاء توجها النظام الصدامي السني بملايين من القتلى والمفقودين وبمئات المقابر الجماعية .
لقد ان الاوان لكل المخلصين في العراق ان يقولوا كلمتهم الشجاعة وان يتجاوزوا العواطف والمواقف المثالية وان يقبلوا الحلول التي تنسجم مع واقعنا , ونحن نعتقد ان الاطراف التي تقف بوجه التقسيم او الفيدرالية تعلم جيدا انها سوف تخسر الكثير , وهذا ما يدفعها الى موقفها , مصالحها الخاصة وليست مصالح الاخرين , اذن لماذا لاتكون لدينا الشجاعة على المطالبة بحقوقنا , لانريد بلدا موحدا وفي كل يوم نعطي المئات من الابرياء ومن البنية التحتية ناهيك من الخوف الدائم الذي يتملكنا جميعا , علما ان حالة القتل والتدمير اصبحت حالة مالوفة نعايشها وتعايشنا وهذا امر في غاية الخطورة , اذ خفت في دواخلنا قدسية دمنا ورخص في اعيننا ولم نكترث لشماتة اعدائنا وهم ينظرون الينا ونحن ننحر في كل يوم , فاذا كان الله يعتبر حرمة دم المؤمن اكرم من حرمة الكعبة فعلام لانقيم الدنيا ونقعدها ونحن نرى ابناء جلدتنا تتهاوى من بيننا , واذا كان الله علمنا ان قتل النفس بلا ذنب هي قتل للناس جميعا , هذا المبدأ الخطير لماذا لانعر له اهمية تنسجم وحجمه ورغبة الله فيه , هل هو قصور فينا كشعب ام في قادتنا التي امست تفكر بارضاء اعدائنا قبل ان تفكر بمصالحنا رغبة منها في عدم ضياع مواقع دنيوية زائفة.
والله ان بلدا بحجم سنغافورة والتي يتمتع اهلها بالكرامة والسلام والامن ومساحتها لاتتجاوز نصف مساحة كربلاء , لهو افضل عند الشرفاء من بلد مترامي الاطراف نهان وتسلب ارواحنا فيه ولا نستطيع ان ندفع عن انفسنا وعن اهلنا , بل يتوقف فيه الزمن على الموت والحرمان والخوف الدائم , كيف ولدينا بلد كبير باهله وبثرواته وبمقدساته وما زلنا نزهد به ونسرع خلف من قتلنا دهرا وسقانا مرا .اهو ضعف فينا ام قوة في اعدائنا ام كليهما?
ان المرحلة التي نعيشها لهي منعطف خطير في تاريخنا المعاصر وهو اختبار لنا ولمن تصدى قيادتنا لنثبت لله ولامم العالم اننا شعب جدير بالحياة , وليميز الله من بيننا وهو القائل جل وعلا »ماكان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب« صدق الله العلي العظيم .

عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
الصفقة الاقليمية الكبري تقترب في العراق: عملية سياسية بديلة برعاية ايرانية/أمريكية
عبدالامير الركابي
القدس العربي
المفاوضات الامريكية الايرانية، غير المعلنة، تطول وتزداد تشعبا، غير انها تسير قدما، الاطراف التي يجري البحث في ادوارها ومصائرها في المستقبل القريب متعددة، والنظرة اليها او لمواقعها تعكس احيانا رغبة الطرفين الراعيين في تحقيق اكبر قدر من المكاسب الممكنة، بحيث يتجسد ذلك في صياغة الاتفاق النهائي. آخر ما اقتضته مسيرة المفاوضات تجلي عبر ما سمي باتفاق تيار عزت الدوري، مع مجموعة من القوي المكروسكوبية كما قال البعث المضاد بقيادة يونس الاحمد. وهذا الاخير محق. انما هو قد اغفل ان التيار المذكور، يعكس الرغبة الجديدة التي يريد الدوري اعلانها بالقول انه قد عاد الي حضن القوي الصوفية، المعادية للقاعدة وللتيارات السلفية عموما، والجهادية، خاصة والدوري علي علاقة سابقة بهذه القوي، وكان مكلفا رسميا من النظام برعاية العلاقة معها، وهي كما نعلم الاكثر انفتاحا علي الشيعة وعلي ايران، والاقرب من بين كافة التيارات السنية الي التشيع، واكثر القوي المرشحة للاستخدام مستقبلا بوجه السلفية الجهادية والقاعدة في العراق وعلي صعيد العالم الاسلامي.
من جهة اخري اعلن مؤخرا عن الاتفاق المفاجأة بين التيار الصدري وجماعة المجلس الاعلي، وهو اتفاق تم برعاية ايرانية، ووقعه نيابة عن عبدالعزيز الحكيم ابنه عمار الحكيم ولكن بتعهد وحضور ايرانيين، وباعتبار عمار ممثلا للاب، وليس بصفته الشخصية او القيادية في المجلس. وهذا الاتفاق يحقق للصدر اهدافه التي ظل يصر علي الوصول اليها، ومانع معاندا الايرانيين منذ ان دخل هؤلاء مسار التفاوض مع الامريكيين علي قاعدة ضمان استتباب الامن ، مقابل انسحابات امريكية جزئية. ربما ستتمثل في تجميع القوات الامريكية داخل قواعد يجري تحضيرها علي عجل.
مسارات التفاوض بينت للامريكيين بما لا يقبل الشك بان نفوذ الايرانيين اوسع بكثير مما يبدو. او مما هو معروف ومتداول. فهم ليسوا بقادرين علي ترتيب اوضاع المعسكر الشيعي وحسب، بل ويمكنهم كذلك ترتيب الوضع السني عبر تيار بعثي متأسلم يتمتع بغطاء سني صوفي، بديل لتيارات المقاومة او للقاعدة. وقد ثبت ذلك في غمرة الحملة الجارية الان في المناطق الغربية من العراق ضد القاعدة، بمشاركة تجمعات العشائر وتشكيلاتها، وصولا حتي الي بعض التشكيلات المقاومة، فتيار الدوري يساهم هو الآخر، وبطريقته في الحملة الحالية عن طريق التخلي عن حلفائه في القاعدة، والتهيؤ الي احتلال موقع قيادة السنة عن طريق تجمعات الصوفية الذين يحظون تاريخيا بمكانة مهمة، تصل لحد ادعاء هؤلاء بانهم يضمون في صفوفهم قرابة مليونين من الاعضاء. وحتي لو اعتبر هذا العدد خياليا والعلاقة بين المنتمين اليه وقادتهم فضفاضة، الا ان فرص عودة مثل هذا التيار الي الفعالية ليست بعيدة، وهم يشكلون خيارا حساسا علي اكثر من صعيد.
فهم الاقدر علي فتح ابواب علاقة ما مع التيار الصدري، ضرورية للمرحلة القادمة للغاية، حتي ولو توقفت عند حدود عقد هدنة بين تيار الصدر وجماعة الدوري ـ علي الاقل كخطوة اولي ـ وهم الذين يمكن ان يساعدوا في موازنة المد الاسلامي ويملأوا الفراغ المنتظر في المناطق الغربية بحيث لا تبقي التحركات العشائرية المعادية للقاعدة، عارية وبلا غطاء روحي (مذهبي) مع ان هذه العشائر تجد في التصوف، ووجدت فيه علي مر عقود طويلة، الاقرب اليها، والاكثر تطابقا مع تطلعاتها وحقائق حياتها. وهاتان مسألتان ستكونان من اهم متطلبات المرحلة الجاري الاعداد لها، بما ان الاتجاه يستقر علي قيام عملية سياسية بديلة ستكون بمثابة الطبعة الثالثة بعد مجلس الحكم والصيغة الراهنة. هي حقبة يبدو ان ملامحها بدأت تتشكل عبر :
ـ انسحاب امريكي من المدن وتجمع في قواعد مع تعزيزات جوية وضمان حرية تحرك القوات الامريكية متي شاءت وفي اي مكان من العراق.
ـ اقرار قانون النفط والغاز اي ضمان نهب النفط العراقي.
ـ حق التدخل الامريكي بلا قيود في القرارات وسياسات الحكومة القادمة.
ـ وكل هذا تتكفل بالموافقة عليه وضمان تنفيذه ايران. بالمقابل، يتم تأجيل البحث في الملف النووي الايراني وترحيل نقاط الخلاف الامريكية الايرانية الي ما بعد الانتخابات الامريكية.
وهذا هو الجزء الاهم من الصفقة الايرانية الامريكية اقليميا، والذي بدأ يتقدم بسرعة في الاونة الاخيرة، وانعكس بصورة ملموسة في لبنان، فالصفقة الايرانية السعودية التي يجري الحديث عنها هناك، توجت بلقاء الحريري/ بوش وتلقي الاول ملامح الحل الممكن، والوضع هناك بدأ يسير عكس وجهة التصعيد والتصادم. ويمكن ايضا توقع بشائر قريبة علي الجبهة الفلسطينية، فالقطيعة الحادة بين حماس والسلطة، قد تكون مرشحة من هنا وصاعدا للكسر وللتراجع، حتي ولو كان العامل الاسرائيلي هنا اكثر ثقلا وحضورا، وقدرتة علي التأثير السلبي اكبر. ومرة اخري تبدو التحركات الاسرائيلية الاخيرة ضد سورية محدودة بحدود سياسة الضغط المواكبة للمفاوضات الجارية بين الامريكيين والايرانيين سرا.
تعكس اللحظة الحالية متغيرات مفصلية في الوضع العراقي، علي جبهة النظام المنهار وبيئته المتبقية منه، فقد سارت التغيرات، من محاولة البعث بقيادة صدام حسين الانتقال الي المقاومة ، الي تراجع مكانة البعث بعد القاء القبض علي صدام حسين وطغيان الميل الاسلامي علي اجمالي العمل المقاوم، هذه الحقبة شهدت بروز هيئة العلماء المسلمين كقوة مرشحة لملء الفراغ وتمثيل المناطق الغربية والشمال غربية من العراق، اي المجال الحاضن للمقاومة، ولوحظ وقتها ان هذه قد توقفت عند مطلب جدولة الانسحاب برعاية الامم المتحدة، منذ اللقاءات المبكرة التي عقدتها الهيئة مع مندوب الامين العام للامم المتحدة، الاخضر الابراهيمي، واملت بتحقيق هذا الهدف كثيرا، لكنها اخطأت خطأها القاتل عندما هادنت القاعدة مدفوعة بقوة المنافسة مع تيار البعث /الدوري. وهذا العامل اوقع القوي الرئيسية السياسية في المناطق الحاضنة للمقاومة تحت هواجس الصراع علي التمثيل داخل مناطقها لا علي مستوي العراق. فالبعث ظل يحلم باستعادة قيادته لتلك المناطق. وهو قد مال لاجل ذلك الي مغادرة طابعه العقائدي القومي، نحو اسلمة عززها ميل الدوري المعروف، غير ان تحالف هذا الميداني مع القاعدة ، ساهم علي العكس في تضييق فرصة القيادية، والشيء نفسه قامت به هيئة العلماء المسلمين لكنها خسرت بذلك احتمالات لم تكن متاحة اطلاقا للدوري وجماعته. فالهيئة كانت تملك فرصة التحالف مع قوي شيعية مقاومة، علي رأسها قوة مهمة هي التيار الصدري. واسوأ ماحل بالقوتين، اي البعث (جماعة الدوري) و الهيئة ، هو عدم انتباههما الي ان حاجتهما كل من ناحيته، للقاعدة، انما تعكس عمليا المكانة الحاسمة لهذه الاخيره. والقاعدة من جهتها لم تضع الفرصة. وبما تملكه من امكانات ضخمة ونزعة راديكالية متوحشة، فقد استطاعت ان تعزز دورها علي حساب القوتين الاخريين.
الان يلوح في الافق تطور جديد، يأمل الدوري من خلاله باستعادة موقع قيادي حاسم داخل المناطق الغربية والشمال غربية من العراق، وهو يستند بذلك الي اجمالي المشروع الايراني والايرانيون تابعوا خططا قديمة وطويلة المدي تعود الي الثمانينات تركزت علي الدوري باعتباره ممثل الخيار الايراني داخل البعث العراقي. ومعلوم ان صلته بالايرانيين لم تتوقف، وحظي طيلة سنوات مابعد الغزو بحماية هؤلاء، وهم الذين جنبوه الاعتقال، وها هم يدخلونه اليوم مجال الترتيبات المفضية الي العملية السياسية البديلة مع ما تنطوي علية من ضمانات للوجود الامريكي بعد تعديل صيغته وطريقة وجود قواته، ونفوذه السياسي والاقتصادي. وكل هذا من شأنه ان يجعل الشيخ الضاري يشعر بفداحة الخسارة، وبانه قد خرج تماما من اللعبة، مما دفع به الي اعلان طائفي وغير موفق لتحالفة مع القاعدة وهي تحتضر.
في المنقلب الآخر، تطورت الاوضاع في المناطق الجنوبية والفرات الاوسط، من الاصرار الايراني علي ضرب التيار المقاوم، ودعم التيار الطائفي الشيعي الملتحق بها اي تيار ال الحكيم، الي ظهور احتمالات او ملامح مشروع السيستاني القاضي بتحويل النجف الي مركز قيادة شيعي عام، علي حساب ايران بعد ضربها واضعافها عسكريا، واتجاه عبدالعزيز الحكيم الي التناغم مع هذا الاحتمال بوحي من عادل عبدالمهدي، الشخص الاكثر التحاقا بكل ما يؤمن له البقاء في السلطة، والميال علي طول الخط، الي تقبيل الايادي الاقوي والركض وراء السادة والذين بيدهم الحل والعقد. كل هذا والتيار الصدري الذي جرت محاصرته وضربه بعد جولتين من القتال، يسير من دون استراتيجيا واضحة. والنقطة التي ظل يحرص علي تأمينها، هي عدم فقدان مكانته كقطب قيادة في مناطقة ومن ثم علي مستوي العراق، ومع دخوله العملية السياسية، وانغماس اطراف مهمة منه في الاقتتال الطائفي الجنوني الشرس، فقد فقد الكثير من اسس موقفه كقوة مناهضة للاحتلال، وبلغت اوضاعه درجة خطيرة من الفوضي والارتباك الداخلي واحتمالات التشرذم. وهو ما تجلي مؤخرا خلال احداث كربلاء التي اضطرت الصدر الي تجميد عمل جيش المهدي ، بعد ان تأكد بان هذا الجيش بدأ يذهب بعيدا متجاوزا قدرات قائده علي الاحاطة.
اليوم تلوح امام التيار الصدري ومقتدي الصدر فرصة غير عادية، فالاتفاق الاخير بينه وبين ال الحكيم هو تتويج لهذا التيار ولمقتدي كقوة قائدة في مناطقها اي بين الكتلة الشيعية. لقد انتهي عمليا دور عبدالعزيز الحكيم. ومشروع السيستاني قبر علي يد الايرانيين وبسبب تطورات موضوعية وشعبية. ومحاولات ضرب التيار الصدري في الجنوب انتهت عسكريا وشعبيا بغير صالح جماعة الحكيم. ففي كل المصادمات التي حصلت هناك حقق الصدريون الغلبة، والعمليات ضد الامريكيين تزايدت بقوة واتسعت في الاشهر الاخيرة في الجنوب والفرات الاوسط، وكل هذا جعل ماسبق وقلناه في مقالنا الصدر حاكما للعراق والمنشور قبل بضعة اشهر يتحول الي واقع تدعمه الاتفاقات الموقعة مع بعض التعديلات، فالصدر عرف كيف يصمد بوجه الضغوط، وبازاء حاجة الايرانيين لقوة قادرة مستقبلا علي ان تكون نواة ضامنة للامن، وللتفاهم مع الاحتلال الامريكي، فلقد ظل يصر علي ان يكون هو الرقم واحد في المعادلة الشيعية، وهذا ما قد كرسه الاتفاق الاخير تماما.
غير ان الصدر لوحده ليس ضمانة كافية للمشروع الجاري الاعداد له امريكيا /ايرانيا. وبدل ان يفتح تكليفه بمفرده جولة جديدة من الاحتراب، في حين يريد الامريكيون نتائج سريعة من التهدأة يستثمرونها في الانتخابات القادمة، فلقد ظهرت الحاجة الي قوة سنية قادرة علي تأمين الحد المطلوب من وحدة المركز القيادي داخل مناطقها، وحين ابدي الامريكيون اصرارا علي عقد لقاءات مباشرة مع البعثيين /الدوري والصدريين، وعلي اعطاء البعثيين مكانا في العملية السياسية البديلة، لم يظهر الايرانيون اعتراضا، لا بل مهدوا لمثل تلك اللقاءات باعلام الاطراف القريبة منهم بانهم لا يمانعون في عقدها، وبالانتقال للتنفيذ قام الامريكيون باللجوء لوسائلهم الخاصة، فاستعملوا واسطة للقاء مع بعث الدوري، اياد علاوي، بينما وفر احد اعضاء الكتلة الصدرية في البرلمان حوارات مع الامريكيين. ولم يكن الايرانيون منزعجين وهم يوافقون علي هذا المطلب ويلبونه، فهم يريدون تطمين الامريكيين الي ابعد حد، ويعتبرون اشعار الطرف الآخر بالاطمئنان من اهم اسباب نجاح اتفاق بمثل هذه الحساسية والضخامة والابعاد، خاصة وانهم من ناحيتهم لم يتركوا بعض الجبهات المحسوبة مباشرة وكليا علي خانة الامريكيين. فاغلاق الحدود مع المناطق الكردية، ودفع المالكي لعقد الاتفاق الاخير مع تركيا، اثمرا مسارعة كردية لزيارة طهران، انتهت بفتح الحدود وايقاف القصف الحدودي الايراني.
وهذه عملية تعني حسب العرف الايراني، تبييت مطلب قريب. فغدا حين تصبح ملامح العملية السياسية البديلة قيد التنفيذ لن يكون جلال الطالباني حرا، لا هو ولا البارزاني الذي يتوقع ذهابه قريبا، وعلي عجل هو الآخر، الي طهران. والاهم من ذلك، ان الاثنين سوف يصبحان واثقين تماما من ان الزمن لم يعد يسير بصالحهما. فمع ان العملية السياسية البديلة القادمة ستبقي الوضع في الجوهر علي ما هو عليه، والاحتلال سيبقي هو الاحتلال، والمقاومة هي المقاومة، الا ان التطورات الآتية ستضعف الجماعات الكردية وافاق المشروع الكردي واقعيا. ولا داعي طبعا لان نتحدث عن مصير حكومة المالكي، ومعه ومثله كثير من القوي والاشخاص المنضوين في العملية السياسية الامريكية ، بطبعتها الحالية المنتهية.
تلك ملامح الصفقة الاقليمية الكبري كما تتبدي بخطوطها العامة..ما انعكاساتها الاقليمية الابعد عمليا؟ وماذا يقف خلفها من ترتيبات امريكية تمس واقع السياسة والنظام الامريكيين.. وهل من الصحيح ان النمط او النموذج الروسي البوتيني سينتقل الي الولايات المتحدة في الانتخابات الامريكية القادمة ؟ ذلك مجال بحث قادم...
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
كوابيس عراقية... لماذا الرصاصة في رجلي؟
د. عادل الصفتي
الاتحاد الامارات
لقد جاءت أكثر الشهادات مصداقية في معاداتها للحرب على العراق، من مجموعة من الجنود الأميركيين الذين كان مقدراً لهم أن يذيقوا العراقيين ويلات الحرب وأهوالها. فقد أوردت مجموعة من الجنود المقاتلين السابقين في العراق قائمة بعشرة أسباب تدفع أفرادها إلى معارضة الحرب. وتتضمن هذه الأسباب قولهم إن الحرب قد بنيت على الخدع والأكاذيب، وإنها تنتهك القانون الدولي، إضافة إلى ضخامة عدد القتلى اليوميين في صفوف المدنيين. وإلى تلك الأسباب أيضاً أضاف الجنود في تبرير معارضتهم للحرب، أنها تنتقص من إنسانية العراقيين، بإخضاعها إياهم لإجراءات تفتيش مذلة وعنيفة في نقاط التفتيش، إلى جانب الإذلال الذي يتعرضون له أثناء مداهمة المنازل وتفتيشها يومياً. ولإلقاء المزيد من الضوء على انتقاص إنسانية العراقيين والحط من كرامتهم كما جاء في وثيقة الجنود، فقد نشرت صحيفة "ذي نيشن" تحقيقاً صحفياً نشرته في عدد 30 يوليو الماضي، أجرت خلاله مقابلة مع 50 جندياً من الذين خاضوا المعارك سابقاً في العراق. وقد مثلت تلك المقابلة، في الواقع، اللقاء الأول من نوعه الذي يلتقي فيه كل هذا العدد الكبير من الجنود المعروفين بأسمائهم والمحددين برتبهم العسكرية وشخصياتهم، الذين أدلوا بدلوهم في الحرب الدائرة، مع العلم بأنهم من داخل المؤسسة العسكرية الأميركية نفسها.
وقد جاءت الصورة التي رسمها هؤلاء الجنود عن الحياة اليومية في العراق المحتل، تجسيداً لحرب وحشية استعمارية شريرة، وانتقاداً لاحتلال باطش قمعي، وهي صورة تتناقض تناقضاً صارخاً مع تلك التي استمرت إدارة بوش في رسمها بمساعدة الصحافة النافذة الموالية لها. ومما ورد في التحقيق المنشور من تصريحات الجنود، أن العشرات منهم قد شهدوا بعيونهم مصرع عدد من المدنيين العراقيين -بمن فيهم الأطفال- وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة إثر إصابتهم بالرصاص الأميركي. وقد شارك بعض الذين شملهم التحقيق الصحفي في مثل هذه الأعمال، على رغم تأكيد الكثيرين منهم لاقتصار ارتكاب مثل هذه الجرائم بحق المدنيين العراقيين على أقلية ضئيلة من زملائهم المقاتلين. كما أكد الجنود تكرار وقوع هذه الممارسات، وكذلك تكرار تجاهلها وعدم التبليغ عنها. ومن بين الذين شملهم التحقيق الصحفي هذا، الجندي "جيف إنجلهارت" من ولاية كلورادو، وكان قد سبق له أن أدى الخدمة مع جنود اللواء الثالث في مدينة بعقوبة بشمال شرقي بغداد، الذي لخص السلوك الأميركي العام إزاء المواطنين العراقيين بقوله: "في تقديري أن السلوك العام الذي كان سائداً هناك إبان وجودي في أرض الميدان، هو أن مقتل مواطن عراقي لم يكن ليختلف في شيء عن مقتل الذي قبله... فكلاهما قتيلان وكلاهما سيَّان". أما زميله مايكل هارمون، من بروكلين، وقد عمل سابقاً في صفوف كتيبة المدرعات رقم 167 في مدينة الراشدية القريبة من بغداد، فقد استعاد ذكريات تلك النقطة الفارقة له في علاقته بالحرب إذ قال: "كان قد حدث انفجار لعبوة ناسفة في أحد الشوارع، فما كان من أحد صغار الجنود الشباب إلا أن وجّه فوهة بندقيته صوب كل من تصادف وجوده في مكان الحادث، وبدأ بإطلاق الرصاص على الجميع. وكانت من بين المصابين طفلة صغيرة رضيعة، لم تفعل شيئاً ولم تصرخ، عدا عن أنها كانت تنظر إليّ ملياً وكأن عينيها تقولان لي: لمَ هذا؟ لماذا هذه الرصاصة في رجلي"؟!وفي حملات بحثهم عن المتمردين المشتبه بهم، عادة ما يداهم الجنود الأميركيون المناطق المشتبه بها خلال الساعات الممتدة بين منتصف الليل والساعة الخامسة صباحاً. وكثيراً ما لا يعثرون على أي من الذين يجري البحث عنهم، إلا أنهم يخلفون وراءهم كماً هائلاً من الخراب والدمار والخوف والإذلال في بيوت العراقيين التي اعتادوا على انتهاك حرمتها. وقد وصف في اللقاء الصحفي المذكور، خير وصف هذا الروتين الوحشي المذل، الرقيب "جون بروهنز" من ولاية فيلادلفيا، وهو من قدامى الجنود الذين أدوا الخدمة العسكرية في كل من بغداد وأبوغريب بقوله: "أنت تقبض على رب الأسرة وتجرُّه من السرير الذي كان ينام عليه أمام مرأى من زوجته، ثم توقفه على قدميه في محاذاة الحائط. وفي الوقت نفسه يهرع صغار الجنود الآخرون ليقتحموا بقية غرف المنزل ويلقوا القبض على أفراد العائلة، ثم عليك أن تجمعهم في مكان واحد. وما أن تفعل ذلك حتى تأمر الجنود بالعودة إلى الغرف كلها غرفة فغرفة... فيفتشونها ويخربونها ويتركونها كومة من الفوضى العارمة والخراب وراءهم. أما رب الأسرة، فعليك أن توجه فوهة البندقية إلى رأسه، وأنت توجه إليه الأسئلة مستعيناً بالمترجم المرافق لك: هل لديك أي سلاح؟ وهل لديك أي مواد دعائية معادية للولايات المتحدة الأميركية؟ واستطرد الرقيب "بروهنز" قائلاً: "وغالباً ما تكون إجابتهم عن هذه الأسئلة بالنفي، وهي عادة ما تكون الحقيقة. أما في حال عثورك على شيء من الأشياء التي تبحث عنها، فعليك باعتقاله على الفور. وبخلاف ذلك، فأنت مطالب بأن تقول له معذرة على إزعاجي لك، وتتمنى له نوماً هانئاً ثم تنصرف وكأنك لم تفعل شيئاً. وفي الحقيقة فقد وجهت له إهانة بالغة أمام زوجته وأطفاله، إلى جانب ترويعك للأسرة كلها، بل وتخريب منزله. والمحزن أنك تكرر الشيء نفسه وبحذافيره في البيت المجاور له مباشرة"! وفي الحقيقة أن هذا الإذلال للمواطنين العراقيين الذي وصفه مقاتلو الحرب العراقية السابقون، إنما هو مستمد من تلك الصور النمطية الشائعة عن العرب والمسلمين، على حد قول المحارب "إنجلهارت"، الذي توقف مثل غيره من زملائه الذين شملهم التحقيق الصحفي ليثيروا السؤال الرئيسي: لماذا... كل هذا؟!

ليست هناك تعليقات: