Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الخميس، 11 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الأربعاء 10/10/2007



نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
وثائق تفتيت الدول العربية
عاطف الغمري
الاهرام مصر

المحلل العسكري الاسرائيلي المعروف بدقة معلوماته زئيف تشيف‏,‏ كان قد كتب في صحيفة ها آرتس عام‏1982‏ يقول‏:‏ ان تفكيك العراق إلي دولة سنية وأخري شيعية‏,‏ وفصل الجزء الكردي‏,‏ هو أفضل ما يمكن تحقيقه لمصلحة اسرائيل في العراق‏.‏
وبعد هذا النشر بخمسة وعشرين عاما‏,‏ صوت مجلس الشيوخ الأمريكي في الاسبوع الأخير من سبتمبر‏2007,‏ علي قرار غير ملزم بتقسيم العراق إلي ثلاث دويلات علي أساس طائفي ـ سنية وشيعة‏,‏ واكراد‏.‏ ورغم عدم الزامية القرار فإنه يعد تمهيدا لما سيتم حدوثه في فترة ما بعد بوش‏,‏ بعد أن اصبح واضحا ان بوش سيترك الحل النهائي لمشكلة أمريكا في العراق‏,‏ وانسحاب قواتها‏,‏ للرئيس القادم من بعده‏.‏
ان تقسيم العراق وتفتيته سواء حسب ما أوضح زئيف تشيف بأنه هدف اسرائيلي قديم ومستمر‏,‏ أو ما صرح به كتاب وساسة امريكيون من ان حرب العراق كانت في الأصل تنفيذا لخطة اسرائيلية‏,‏ مثلما قال بالتحديد السياسي الجمهوري باتريك بيوكانين الذي كان مرشحا سابقا للرئاسة‏,‏ بأن الحرب في العراق نفذت تحقيقا لمصالح اسرائيل‏.‏ ولقد اثبتت وثائق منشورة ان تقسيم العراق جزء من خطة اشمل لتفتيت العالم العربي بكامله‏.‏
وهذا هو ما اكدته الوثيقة التي حملت عنوان استراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات والتي تكشف عن ان تفتيت الدول العربية إلي دول اصغر مما هي عليه‏,‏ كان فكرة رئيسية لدي قادة اسرائيل تتكرر دوريا‏.‏
هذه الاستراتيجية جاءت في مقال نشر في المجلة الصهيونية كيفونيم‏,‏ وهي المجلة الناطقة باسم ادارة الاعلام بالمنظمة الصهيونية العالمية‏.‏ وكاتبه أوديد يينون‏,‏ وهو صحفي اسرائيلي‏,‏ كان قبل كتابته يعمل بوزارة الخارجية الاسرائيلية‏.‏ وقد تولت نشر هذه الوثيقة في بلمونت بولاية ماساشو سيتس عام‏1982,‏ جمعية خريجي الجامعات من العرب الأمريكيين‏.‏ باعتبار هذه الوثيقة تكشف عن استراتيجية صهيونية للشرق الاوسط هي الأكثر صراحة وتفصيلا‏,‏ وبعدا عن الغموض عن اي خطط اسرائيلية أخري‏.‏ والخطة تقوم علي مفهومين أساسيين‏:‏
‏1‏ ـ ان تصبح اسرائيل قوة إمبريالية مهيمنة‏.‏
‏2‏ ـ تقسيم المنطقة بأكملها إلي دول صغيرة‏,‏ بتفكيك جميع الدول العربية الموجودة حاليا‏.‏
وان هذا التفتيت هو الذي سيجعل الدول العربية مهيأة للخضوع للهيمنة الاسرائيلية‏.‏
وتضيف الوثيقة ان استراتيجية اسرائيل في الثمانينيات‏,‏ تتحدث عن الفرص بعيدة المدي التي تتاح لأول مرة منذ حرب‏1967,‏ والتي خلقها الموقف العاصف جدا من حول اسرائيل‏.‏
لقد تداخلت الخطط الصهيونية ذات الاستمرارية‏.‏ مع الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة منذ غزو العراق‏,‏ ومنذ انتقال السياسة الخارجية الأمريكية من مرحلة التحيز لاسرائيل إلي مرحلة التطابق في الأفكار الخاصة بالمنطقة كلها‏,‏ وفي أفكار حل المشكلة الفلسطينية‏,‏ والنزاع العربي الاسرائيلي بشكل عام‏,‏ وظهور التوجهات الأمريكية الخاصة باعادة صياغة اوضاع المنطقة‏,‏ وتغييرها من الداخل‏,‏ بدءا من خطة الضربة العسكرية في العراق والتي سميت الصدمة والترويع‏.‏ وكان الرئيس بوش قبل بدء الحرب بحوالي عشرة ايام قد اعلن في كلمة القاها أمام معهد أمير كان انتربرايز‏(‏ وهو قلعة المحافظين الجدد‏)‏ ان العراق سيكون بعد الحرب النموذج الملهم لكل دول المنطقة‏.‏ وقد رأينا أولي خطوات صناعة هذا النموذج الملهم عقب الغزو مباشرة‏,‏ بقرارات التقسيم الطائفي للدولة ونظام الحكم فيها‏,‏ ثم ها نحن بعد‏4‏ سنوات نري قرار مجلس الشيوخ الذي أيده ديمقراطيون وجمهوريون‏.‏
وتفتيت الدول العربية سبق ان جاء في كتابات مايكل ليدن صاحب مشروع الفوضي الخلاقة‏,‏ وليدن هو كبير خبراء بمعهد اميركان انتربرايز‏,‏ وهو الذي ترجع اليه حكومة بوش في تقديم افكار عن العراق والشرق الأوسط‏,‏ وهو الذي كلف في عام‏2002‏ بوضع خطة لتغيير الشرق الأوسط من الداخل علي مدي عشر سنوات‏.‏
وتفتيت العالم العربي كان جزءا من مشروع تغيير المنطقة من الداخل والتي كانت حرب العراق بوابة الدخول اليها‏,‏ حسب الشرح الذي قدمه تشارلز كراوتهامر‏,‏ احد ابرز منظري جماعة المحافظين الجدد‏,‏ وهو الذي حدد ملامح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة‏,‏ بتفسيره لسياسة انتقال خط المواجهة من علي حدود العدو السوفيتي القديم‏,‏ إلي العالم العربي‏.‏
ومن الواضح ان خطط التفتيت اسرائيليا وامريكيا‏,‏ قد تلاقت عند نقطة واحدة‏,‏ منذ وصول المحافظين الجدد إلي الحكم في واشنطن عام‏2001,‏ وفوز الليكود في انتخابات عام‏2000,‏ وبدأ التنسيق والتعاون‏,‏ لأن الاثنين كان يجمعهما تحالف منظم‏,‏ وبرامج سياسية مشتركة‏,‏ تضمنت تصفية القضية الفلسطينية‏,‏ والانقلاب علي مرجعيات عملية السلام في مدريد‏1991,‏ واتفاقيتي اوسلو‏1993‏ و‏1995,‏ وتنفيذ المشروع القديم لغزو العراق الذي أفصح عنه زئيف تشيف عام‏1982,‏ وقام بصياغته عام‏1992‏ بول وولفويتز أحد أبرز صقور المحافظين الجدد‏,‏ والذي كان من اهم واضعي خطة الضربة العسكرية للعراق عام‏2003,‏ والتي كشفت الوثائق ان اهدافها لا تتوقف عند حدود العراق‏,‏ بل تتجاوزها إلي العالم العربي كله‏.‏
وان تصويت الكونجرس بالموافقةبأغلبية‏75‏ صوتا ضد‏23,‏ علي تقسيم العراق إلي ثلاث دويلات‏,‏ لم يكن خطوة منفصلة قائمة بذاتها‏,‏ لكنها جزء من سياق متصل‏,‏ له ملامح وخطي ظاهرة‏,‏ ومازالت تتواصل في العراق وفلسطين ولبنان‏,‏ وغيرها في أرجاء العالم العربي‏,‏ طبقا لما تؤكده سياساتهم وتصريحاتهم ووثائقهم‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
الرفض وحده لايكفي
افتتاحية
الاهرام مصر
القرار الذي اتخده مجلس الشيوخ الأمريكي في‏26‏ سبتمبر الماضي بتقسيم العراق الي ثلاثة كيانات سنية وشيعية وكردية أدي الي ردود فعل رافضة من كل الأطراف‏..‏ فقد أعلنت حكومة نوري المالكي رفضها الشديد للمشروع ووصفته بأنه كارثة للعراق وللمنطقة معا‏.‏
كما أن الدول العربية أعلنت رفضها وفي مقدمتها مصر والمملكة العربية السعودية‏..‏ وعلي الرغم مما قيل من أن القرار غير ملزم‏,‏ وأن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش ترفض القرار أيضا‏,‏ إلا أن كل المؤشرات تشير إلي ان التقسيم علي وشك التنفيذ‏!‏
فالأكراد في الشمال يمارسون الاستقلال فعلا علي أرض الواقع منذ عام‏1991,‏ ووصل الكيان الكردي في شمال العراق حاليا الي ان أصبحت له حكومته المستقلة‏,‏ وبرلمانه المستقل‏,‏ وعلمه المستقل‏,‏ كما أن عمليات التطهير العرقي تسير علي قدم وساق‏,‏ وذلك بنزوح السنة من مناطق ومدن الشيعة‏,‏ ونزوح الشيعة من الأحياء والمدن السنية‏,‏ بحيث أصبح السنة يتركزون في الوسط والغرب‏,‏ والشيعة في الجنوب‏,‏ والأكراد في الشمال ليصبح من السهل عمليا تنفيذ عملية التقسيم تحت مظلة حكومة فيدرالية محدودة الصلاحيات مقرها بغداد تتولي مسئولية أمن الحدود‏,‏ وتقسيم عائدات النفط‏,‏ استنادا الي نصوص الدستور العراقي نفسه التي نصت علي مبدأ الدولة الاتحادية ومبدأ الفيدرالية‏..‏ والحقيقة أنه لو قدر لهذا المخطط ان يتحقق‏,‏ فإن آثاره السلبية وتداعياته الخطيرة ستفوق كل ما لحق بالأمة العربية من نكبات‏,‏ ونكسات‏,‏ وكوارث‏..‏ ولذلك فإنه يتحتم علي كل الكتل السياسية والطوائف العراقية أن تتوحد وتنسي خلافاتها‏,‏ وأن تتخذ من الاجراءات التشريعية الفعلية وبسرعة لكي تمنع وقوع هذا الخطر الذي لن يدمر العراق فحسب‏,‏ وإنما الأمة العربية بأسرها‏..‏ وعلي الجامعة العربية ان تتحرك‏
وأن تعقد اجتماعا طارئا لمواجهة الموقف‏.‏ فالرفض في مثل هذه الأمور المصيرية لايكفي‏,‏ وإصدار البيانات لن يقدم ولن يؤخر‏.‏ فالقضية الآن هي وحدة وسلامة واستقلال العراق الموحد تحت راية الدولة المركزية‏.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
بوش يحارب بسلاح الديمقراطيين
شارل كاملة
صحيفة تشرين السورية
منذ الساعة الأولى لاحتلال العراق بقرار أجمع عليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي بدأت ماكينة الحزب الأخير الإعلامية بتجهيز الشارع الأميركي في اتجاهين ـ جهة لفضح أساليب القيادتين السياسية والعسكرية التي تجاوزت بها كل الشرائع الدولية والأخلاقية.
لكن دون الوصول إلى فضائح تمس الأولويات وجهة ثانية لتجييش هذا الشارع بغية قبول البديل القادم بتحصيل حاصل ليكون ديمقراطياً، ولا شيء في ذلك الحراك يخرج عن تلك اللعبة المتبادلة رغم ما يشعره المراقب من عداوة وخصام عبر اتهامات لا تفسد للهدف قضية. ‏
في آخر ما تطرق إليه الديمقراطيون اليوم جاء على لسان زعيمتهم في مجلس النواب نانسي بيلوسي بقولها: إن الحرب التي تقودها بلادها على العراق ستكون حرباً بلا نهاية مؤكدة أن اقتراح بوش باستمرار الحرب لعشر سنوات سيكلف الخزينة تريليون دولار إضافياً. ‏
وبيلوسي نفسها ومعها غير عضو ديمقراطي طالبوا على مدار الساعة بضرورة جدولة انسحاب القوات من العراق، واشترطوا غير مرة أيضاً تمويل القوات لجدولة الانسحاب، وأكدوا أن ذاك الانسحاب سيشكل بداية الخلاص لمأزق أميركا في الداخل قبل الخارج. ‏
وبدورها جاءت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت «ديمقراطية» لتقول اليوم إن غزو العراق قد تسبب بمشكلات كبيرة للسياسة الأميركية في كل مكان من العالم واصفة الوضع في العراق بأنه أسوأ من فيتنام بالنسبة لبلادها بسبب تداعيات الحرب. مضيفة أن النقاش حول مسألة سحب القوات هو بالنسبة لأغلب الأميركيين أكثر أهمية من السياسة الداخلية فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدة وهنا بيت القصيد، أن الوضع في العراق سيكون من بين الأسباب الرئيسية التي ستجعل أحد المرشحين عن الحزب الديمقراطي يفوز وعندها فإن السياسة الأميركية ستتغير. ‏
لم يعد خافياً بعد هذا الاسترسال، وغيره الكثير وقبله أكثر من دواع ما أقدم عليه الديمقراطيون، وما هم مقدمون عليه من عمليات تشريح لكل خطوة جمهورية أو التنطح لكل قرار رئاسي ومعارضته فوراً ورفضه أحياناً لكن دون الوصول إلى مرتبة التأثير الفاعل لدرجة قيل مع هذا المشهد أن الكونغرس بات جبهة جديدة في الحرب العراقية لكن بشكل مفضوح رغم إمكانية التأثير ما أمكن معه القول أيضاً وعن المشهد ذاته أن بوش لا يزال يربح معركته الداخلية بسلاح الديمقراطيين لكنه لا يستطيع تجاهل خنادقهم الانتخابية!. ‏
نعم إن كل ما يقال عن عزلة بوش وضعفه وتحوله إلى بطة عرجاء صحيح لكن الصحيح أكثر أنه مع كل هذه التوصيفات لا يزال بوش يكسب معركته الداخلية مع معارضيه في الكونغرس رغم أن الوضع الميداني يؤكد أن بوش خسر الحرب لكنه يكابر بعدم الاعتراف لأنه لا يهمه ذلك ما دام المشروع بالأساس جمهورياً كان أم ديمقراطياً هو عدم مغادرة العراق وإنما لجعله قاعدة انطلاق نحو مواقع جديدة وهذا ما يعرفه الديمقراطيون جيداً رغم ما يظهروه من رغبة في الهروب من المستنقع، فهل سينسحب الرئيس القادم إذا كان ديمقراطياً رغم ما يتوافر بين يديه من دواعي الانسحاب أم أنه سيجد آلاف الذرائع للبقاء؟! ولا نستغرب وقتها أن يطالب الجمهوريون من الرئاسة الديمقراطية وضع جدول زمني للانسحاب وهكذا دواليك وإلى ما لا نهاية!. ‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
تخريب التعليم في العراق ـ 4ـ
وليد الزبيدي
الوطن عمان
لمعرفة حجم التخريب الذي شهده التعليم في العراق، لا بد من العودة إلى جذور هذه العملية، التي ابتدأت بعد احتلال بغداد مباشرة، فقد سارعت الأحزاب الدينية بدون استثناء الى تحويل الحرم الجامعي الى ساحة للتثقيف الطائفي والعرقي، وانتشرت الكثير من المظاهر الغريبة، التي لم يألفها الجو والوسط التعليمي العراقي، وبرزت تلك المظاهر في الجامعات والمعاهد، وكانت على مستويين، الأول يتعلق بطموحات شخصية لتولي مناصب وزعامات في الأقسام والكليات والجامعات، فانتشرت ظاهرة تهديد الكفاءات والعلماء والعمل على ازاحتهم عن مناصبهم أو طردهم خارج الأوساط الجامعية، واستغلت الحكومات التي جاءت منذ مجلس الحكم بزعامة بول بريمر وحكومات الاحتلال الأخرى قانون اجتثاث البعث، لطرد وإبعاد آلاف الكفاءات من العلماء في مختلف الاختصاصات، كما شمل ذلك عشرات الآلاف من المعلمين والمدرسين في الدراسات الأولية، وهنا حصل تخلخل كبير في البنية التعليمية، ما فتح الكثير من نوافذ التخريب في قطاعي التربية والتعليم.
أما في الجامعات، فقد انتشرت ظاهرة استخدام صور لسياسيين ورجال دين بصورة مثيرة للاستغراب، وفاق عدد تلك الصور ما موجود من مراجع ومؤلفات وكتب في مكتبات تلك الكليات والجامعات، وتحولت المكتبات من أماكن للبحث والتقصي العلمي، الى مقرات للأحزاب والتجمعات الطائفية والعرقية، التي حرصت على إقامة الندوات الخاصة والشعائر الدينية، وأصبح تواجد الطلبة في هذه الأماكن أكثر من وجودهم داخل قاعات الدرس والمعرفة، ومن هذه الزاوية،بدأت واحدة من أخطر النوافذ التي تقود الى تخريب التعليم، لأن الحضور الأكبر لم يكن للمحاضرات العلمية، وإنما لكلمات وخطب وأحاديث ممثلين للأحزاب المشاركة في العملية السياسية.
لقد هيأت تلك الممارسات الى مرحلة أخرى في غاية الخطورة، ففي العام الدراسي للسنة الثانية من الاحتلال عام 2004، برزت مسألة تقسيم غالبية الجامعات العراقية على أساس طائفي، ورغم أن ذلك لم يعلن بصورة رسمية، إلا أن الجميع يعرفون أن هذه الجامعة أصبحت من حصة الطائفة الفلانية وتلك الجامعة من حصة الطائفة الاخرى، وتساوق ذلك التقسيم الخطير مع الخطوات المدروسة لتكريس الطائفية والعرقية في العراق، والتي جاءت منسجمة وأسس العملية السياسية، التي ابتدأت بتشكيل مجلس الحكم في يوليو عام 2003، ومن المعروف أن تكريس الهوية الطائفية في الجامعات، لم يكن اعتباطيا، وإنما جاء وفق دراسات وخطوات ممنهجة، هدفت الى تقسيم المجتمع العراقي وتهيئة الأجواء لإثارة الفتنة بين أبنائه،وعلى الطرف الآخر، فإن مثل هذا الزرع ساهم بقوة في تخريب العملية التربوية والتعليمية في العراق.wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
تصعيد المواجهات المسلحة لايخدم مصالح العراقيين
افتتاحية
عمان اليوم
​ راهن كثيرون على تأجيج واشعال المواجهات المسلحة بين القوى العراقية ، وبين بعضها وتنظيم القاعدة الذي جذبته الساحة العراقية بانفلاتها واختلاط الاوراق فيها وسيادة العنف فى كل الاتجاهات وعلى مختلف المستويات .
صحيح كانت هناك ولا تزال محاولات منظمة لاغراق العراق في اتون حرب اهلية واسعة لخدمة اغراض هذا الطرف الاقليمي او الدولي او ذاك ، بل ان تصريحات عراقية مسؤولة طالبت دول الجوار العراقي او بعضها بشكل محدد بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية وصب الزيت على النار ، ولكن الصحيح ايضا انه في ظل سعي كل الاطراف لخدمة مصالحها ، فان العراقيين وحدهم هم القادرون على اخذ مصالح العراق بين ايديهم والعمل الجاد من اجل تحقيقها على الارض . ويبدو ان الاطراف العراقية لم تتوصل بعد الى توافق مناسب او الى ارضية مشتركة قوية وقادرة على استيعاب مواقفهم وصهرها في المصلحة العراقية العليا والتي تخدم الشعب العراقي الشقيق بكل فئاته وطوائفه واطيافه السياسية .
على اية حال فانه ليس من المصادفة على اي نحو ان تشهد الساحة العراقية خلال الاونة الاخيرة عمليات تصعيد كبيرة ومتعمدة لاذكاء العنف في مختلف مناطق العراق ، وهو ما يتواكب مع تحركات بريطانية وامريكية توحي بامكان تقليص اعداد القوات البريطانية والامريكية في العراق في الشهور القادمة ، ليس فقط فى البصرة حيث انسحبت القوات البريطانية الى مشارف المدينة ، واكدت الحكومة العراقية استعدادها لاستلام مسؤولية الامن فى جنوب العراق ، ولكن ايضا فى الانبار ومناطق عراقية اخرى تحدث الامريكيون عن انخفاض معدلات خسائر المدنيين فيها .
واذا كان العراقيون قد اعتادوا على عدم الثقة في تصريحات اطراف عديدة تمد اصابعها داخل العراق على نحو او اخر ، وهو ما تدركه السلطات العراقية في الحكومة وخارجها ايضا ، فانه من المأمول ان يحظى الاتفاق الذي تم الاعلان عن التوصل اليه قبل ايام قليلة بين اكبر قوتين شيعيتين على الساحة العراقية، والذي تم اعلانه من جانب مقتدى الصدر وعمار الحكيم ، بفرصة كافية للتطبيق على الارض ومن ثم طرح نتائجه وتأثيراته العملية والسياسية بالنسبة لما يجري في العراق .
ولعل اهمية اتفاق الصدر والحكيم تكمن ليس فقط في التأثير القوي لتنظيميهما فيما يجري في العراق ، جنوبه ووسطه كذلك ، ولكن اهميته تكمن ايضافي انه نص على تحريم اراقة الدم العراقي . وهذه النقطة تحديدا هي ما يحتاجه العراقيون الان وبشكل عاجل من اجل وقف النزيف الحاد في الدماء والارواح العراقية والذي سيترتب عليه نتائج سلبية عديدة بالنسبة للعراقيين ، سواء من تشبث ببقائه حيث يقيم ، او بالنسبة لمن اضطر الى ترك منزله وموطنه والنزوح الى مناطق اكثر امنا، الان وخلال السنوات القادمة .
واذا كان من المهم والضروري منح الاتفاق فرصة لكي تتم عملية ترجمته وتطبيقه على الارض ، ودوران عجلته بشكل عملي ومؤثر ، فان هناك مخاوف من ان تعمد اطراف اخرى الى السعي بكل السبل الى عرقلة تطبيق الاتفاق ليلحق باتفاقات سابقة ابرمتها الاطراف العراقية ،ومنها اتفاق مكة ، وليستمر خلط الاوراق والفلتان الامنى وعمليات العنف المسلح التى يدفع المدنيون العراقيون ثمنها غاليا . وبغض النظر عن هوية او توجهات تلك الجهات واهدافها ، فانه من المهم والضروري كذلك ان تعمل القيادات العراقية ذات التأثير فى مختلف القوى العراقية ، وبالتنسيق قدر الامكان مع الحكومة من اجل الالتزام بمبدأ تحريم الدم العراقي وتطبيقه بشكل حاسم .وفي هذه الحالة ستتضح القوى الاخرى التى لاتريد ذلك مما يسهل مواجهتها وحصارها . خاصة وان استمرار التصعيد يضر بشكل مباشر مصالح العراق والعراقيين .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
النجدة.. نداء إلى زعماء العالم
د. جوزيف كيششيان
عمان اليوم عمان
«ليس جرينسبان أول مسؤول يتكلم كاشفا زيف تمثيلية أسلحة الدمار الشامل. فقد كتب وزير الخزانة السابق «بول إتش أونيل» يقول إن قرار «الإطاحة» بصدام حسين قد اتخذ في أول اجتماع لمجلس الأمن الوطني في الثلاثين من يناير عام .2001 وكتب «البروفيسور جيمس مان» أن ستة من المحافظين الجدد قد عقدوا العزم على تشكيل البيئة الأمنية للشرق الأوسط بكامله في عام 2001 بغض النظر عن مصالح أهل المنطقة».
بعد مشاورات مطولة مع كل من الجنرال ديفيد ترايوس والسفير ريان كروكر، أعلن الرئيس جورج دبليو بوش أن الولايات المتحدة باقية بصورة أساسية في العراق إلى ما بعد الحادي والعشرين من يناير ،2009 أي اليوم الأخير في فترته الرئاسية. وفي الوقت نفسه تقريبا أعلن رئيس البنك المركزي الأمريكي السابق آلن جينسبان أن الحرب في العراق كانت تستهدف النفط قبل كل شيء، وحذر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير من نشوب حرب مع إيران. وبوصفنا مستهلكين لمثل تلك التصريحات، ألا يحق لنا أن نتساءل عما إذا كان القرن الحادي والعشرون قد بدأ بداية غريبة، وأننا ربما نكون محكومين بفصيل جديد من الزعماء القادمين من نادي «الهواة»؟ ما الذي يمثله هؤلاء الرجال؟
حرب بوش
أصبح من الواضح الآن أن الدم الأمريكي سوف يبقى يراق طوال الفترة المنظورة القادمة. فالرئيس بوش ببساطة غير مستعد بعد لاختبار بدائل لمغامرته في العراق، اللهم إلا إذا كان البديل كارثة أخرى. والحقيقة أنه لا يوجد ما يمكن لنا أن نضيفه إلى هذا الاستعراض للقوة الخالية من الإنسانية.
قنبلة كوشنير
شهد السادس عشر من سبتمبر الماضي أعنف التعليقات وأكثرها تدميرا حينما أعلن برنار كوشنير وهو أحد مؤسسي منظمة أطباء بلا حدود الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1999 أن السلاح النووي الإيراني الذي أصر على كونه نتاجا للبرامج النووية الحالية سوف يمثل «خطرا حقيقيا على العالم كله». ولكنه سارع إلى التخفيف من استنتاجاته الملتهبة، وكان ذلك أولا في صحيفة لوموند الفرنسية ثم في موسكو، حيث أكد الفرنسي الرقيق على ضرورة التفاوض مع طهران لإثنائها عن السعي إلى امتلاك أسلحة نووية. فقد قال: إنني لا أريد أن يقال عني إنني أحرض على الحرب فلقد كانت «رسالتي رسالة سلام وجدية وتصميم... ولأن أسوأ المواقف لن يكون سوى الحرب. واجتنابا لذلك، فإن الموقف الفرنسي يتمثل في التفاوض، التفاوض، التفاوض، بدون تخوف من الصد، والعمل مع الأصدقاء الأوربيين على عقوبات ذات مصداقية».
ربما تكون نية الدكتور كوشنير حسنة ولكن يبقى من المؤسف أن نسمع منه مثل هذا الحديث. فباريس في النهاية لا بد أن تسأل نفسها عما إذا كانت مستعدة للحرب، لإنهاء برنامج إيران النووي. ولأن ذلك ليس الخيار الوحيد المحتمل، فإما أن كوشنير كان يهدف إلى مزيد من التنسيق بين الرئيسين بوش وساركوزي، أو أنه كان يحاول ترويع من لا يشعرون بعد بالخوف. والملف الإيراني أخطر من أن يساء التعامل معه على هذا النحو، وهناك حاجة ماسة إلى خطاب راشد، وذلك لأن التهديدات الفجة ستؤدي حتما إلى أسوأ النتائج.
مذكرات جرينسبان
أما آلن جرينسبان وهو واحد من أكثر صناع القرار نفوذا على صعيد المجتمع المالي العالمي خلال العقدين المنصرمين فأضاف مزيدا من الوقود إلى نار كفاءة القادة الغائبة. فقد أعرب الرجل في مذكراته عن أن الإطاحة بصدام حسين كانتزضروريةس لتأمين مصادر النفط العالمي، وذلك كشف آخر. وقال جرينسبان لواشنطن بوست إن منطق النفط كان تفسيره الوحيد، وهو لا يشترك في ذلك بالضرورة مع البيت الأبيض، حتى وان كان ذلك التفسير المزعوم شائعا ومعروفا.
يقال إن جرينسبان ساند إسقاط صدام حسين لأسباب اقتصادية بحتة. فقد قال جرينسبان لبوب وودوورد إنه «لو كان صدام حسين رئيسا للعراق ولم يكن تحت رمال العراق نفط فإن رد فعلنا ما كان ليتخذ ذلك المظهر القوي الذي اتخذه إبان حرب الخليج الأولى. وليست حرب الخليج الثانية إلا امتدادا للأولى. إنني أرى أن صدام حسين وبالنظر إلى تاريخه عبر ثلاثين عاما كان يسعى بوضوح لا لبس فيه إلى السيطرة على الخليج الذي يمر خلاله سبعة عشر أو ثمانية عشر أو تسعة عشر مليون برميل نفط يوميا».
ووفقا لهذا المنطق فإن أي إعاقة ولو لثلاثة أو أربعة ملايين برميل في اليوم كفيلة بتهديد الأسواق المالية العالمية. وقال جرينسبان: إنني أقول إن الإطاحة بصدام كانت ضرورية دون أن يعني من وجهة نظره محاولة السطو على نفط العراق. ومن وجهة نظر جرينسبان العليم ببواطن الأمور، فإن الإطاحة بالنظام البعثي العراقي قد ضمنت أن يستمر النظام القائم في أسواق النفط العالمية في العمل، إلى أن نجد بديلا آخر للطاقة، وهو ما سنتوصل إليه في نهاية المطاف. اختصارا، كل تمثيلية أسلحة الدمار الشامل لم تكن إلا لأن المغامرة كلها تستهدف الموارد الطبيعية.
عيوب القيادة
ليس جرينسبان أول مسؤول يتكلم كاشفا زيف تمثيلية أسلحة الدمار الشامل. فقد كتب وزير الخزانة السابق «بول إتش أونيل» يقول ان قرار «الإطاحة» بصدام حسين قد اتخذ في أول اجتماع لمجلس الأمن الوطني في الثلاثين من يناير عام .2001 وكتب «البروفيسور جيمس مان» أن ستة من المحافظين الجدد قد عقدوا العزم على تشكيل البيئة الأمنية للشرق الأوسط بكامله في عام 2001 بغض النظر عن مصالح أهل المنطقة.
وفي حين لا يحتمل أن تمر على جورج بوش بعد خروجه من البيت الأبيض لحظة كالتي مرت على جرينسبان فيكشف عن الدوافع الحقيقية لغزو العراق، إلا أن بوسع كوشنير أكثر من أي شخص سواه أن يكشف الكثير بشأن إيران. فعلينا أن نتذكر أن العالم سيق إلى النظر إلى الغرب كمدافع عن حقوق الإنسان، وخصم لمعسكرات العمل القاسية ومؤيد للثروة. غير أن القيادة لسوء الحظ لم يعد مصدرها اليوم واشنطن أو باريس، وقد آن الأوان ليصير مصدرها منهما.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
الطائفية والكوليرا
رشيد حسن
الدستور الاردن
ليس عبثا ولا مصادفة أن تتزامن الطائفية في العراق بانتشار الكوليرا... فالثانية نتاج الأولى ، إن لم يكن بالمعنى العلمي الدقيق ، ولكن بالمعنى المجازي.
وإذا ما أردنا التدقيق أكثر فاكثر ، لوجدنا أن الطائفية مرض ، ومرض خطير ، وربما أشد فتكا من الكوليرا والطاعون... فإذا كان العلم قد استطاع أن يجد العلاج الفاعل الشافي للوقاية من هذين المرضين ، ووضع حدا لتسببهما بقتل الناس بالملايين ، في بداية القرن العشرين ، فإن العلم لم يتوصل بعد إلى علاج مرض الطائفية اللعين ، لا بل وثبت أحيانا أن المصابين بهذه اللعنة يستغلون العلم والأسلحة الحديثة...والأموال الباهظة لتكريس هذا العبث والجنون ، وضرب جذور الأمة الضاربة في التاريخ في محاولة لخلعها أو خلخلتها لفرض وجودهم الطارئ...
ما يجري في العراق الشقيق يستحق أكثر من ملاحظة ، وأكثر من تساؤل... فالعراق ليس طارئا في عالم الجغرافيا والتاريخ ، فهو أقدم بلاد الحضارات في الدنيا ، وكان عاصمة الخلافة ، لفترة أكثر من عدة قرون وشهدت أرض الرافدين انصهار عدة حضارات وأجناس وتعددية ، ليس لها مثيل فكانت بغداد بحق همزة الوصل بين حضارة اليونان ، والهند ، والصين ، وفارس ، والحضارة العربية ، التي استوعبت الحضارات القديمة كلها ، وأضافت عليها ، بعد أن صبغتها بالصبغة العربية الإسلامية ، فإذا بها تنجب أكبر الفلاسفة وأكبر رجال الفلك والطب والجبر والهندسة والتاريخ وعلم الاجتماع...الخ هذا أولا...أما ثانيا: فإن ما يجري هو جزء من مؤامرة امبريالية أميركية ، تزامنت مع احتلال العراق الشقيق ، وكانت - نعني الطائفية - أحد اسلحة الاحتلال لضرب المقاومة الباسلة أو محاولة السيطرة على بغداد بالذات... ومن هنا لجأت القوات الأميركية إلى ضرب الأماكن المقدسة لدى السنة والشيعة...وبالذات مرقد الإمامين العسكريين في سامراء كما يقول الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء العراق.
وقد تأكد هذا الأمر بحقيقتين رئيسيتين: أولهما :دستور بريمر القائم على الطائفية والمحاصصة. وثانيهما: قرار مجلس الشيوخ بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام: كردية وشيعية وسنية.
وفي الأرقام فإن هذه الحرب الطائفية قد أدت إلى هجرة أكثر من خمسة ملايين عراقي ، وفقدان أكثر من مليون ، وقتل أكثر من مليون آخر وتحولت زوارق عشاق دجلة إلى مدافن للجثث المجهولة...
أما الملاحظة الثالثة...فقد أثبتت الوقائع والأحداث أن ما جاؤوا على ظهر الدبابات الأميركية ، وكانوا يتبجحون بالديمقراطية والمعارضة ، هم من أججوا الصراع الطائفي ، من أمثال الحكيم والجلبي والمالكي...الخ ، واستغلوا وجودهم في الحكم لضرب الطائفية السنية والتنكيل بها ، وأطلقوا يد ميليشيات الغدر وقوات الداخلية لتقارف أبشع جرائم الاغتيال والقتل على الهوية.
وليس سرا أن استقالة معظم وزراء حكومة المالكي كان على خلفية أنها حكومة طائفية ، ويكفي أن نشير إلى تقرير لجنة النزاهة العراقية الذي أكد أن هذه الحكومة تحمي الفاسدين في أجهزة الدولة ، وهم جميعهم ممن ينتمون إلى طائفة رئيس الحكومة ، وأن الخسائر المقدرة بسبب هذا الفساد تجاوزت 16 مليار دولار.
وأخيرا...لا نريد أن نطيل فالمكتوب يقرأ من عنوانه ، فإذا كان للكوليرا والطاعون علاج ، فليس للطائفية من علاج ، إلا برحيل الاحتلال وأزلامه الطائفيين.Rasheed_hasan@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
فلسفة بوش في معارضة التقسيم : ادفعه... دفع من يرغّبه... (3 - 3)
جورج حداد
الدستور الاردن
بمجيء بوش الابن رئيسا بقرار قضائي ، تمكنت المافيات اليهودية والنفطية والتصنيع العسكري من التغلغل والهيمنة على مفاصل الادارة والقرار في واشنطن ،
وبالطبع.. فان لكل من هذه المافيات أهدافها وغاياتها التي قد تختلف عن حليفاتها بذريعة تظاهر هذه المافيات ورموزها من اعتماد نظريتهم التي تدعو الى «... اعادة بناء دعامات اميركا الاستراتيجية والقوى والموارد في قرن جديد» باعتبارها.. استراتيجية الامن القومي للولايات المتحدة. وملخص هذه النظرية ان على الولايات المتحدة ان تبسط هيمنتها السياسية والعسكرية في عالم ما بعد الحرب الباردة،،.
ما نريد الاشارة اليه هنا ، ان غايات مافيات النفط والتصنيع العسكري. كانت ، وما تزال ، مادية استعمارية استراتيجية ، أما الصهيونية العالمية ، فغاياتها محصورة ومرتبطة بمصالح اسرائيل وتأمين سلامتها والحيلولة دون نشوء اي تهديد مستقبلي لها،. كذلك... كان اجتياح العراق وتدمير الدولة بحجة الاطاحة بالنظام الدكتاتوري ، في طليعة اهتماماتها وتخطيطاتها،،. لان نجاح ذلك من شأنه ان يقود الى تفتيت الدولة العراقية وتسهيل عملية تقسيمها على اسس رجعية انحطاطية ونقصد.. على أسس مذهبية وطائفية وعرقية،،.
وتحقيقاً لهذا الهدف الصهيوني الموبوء ، كان لا بد ان يمهد لذلك... باثارة النزعات الهدامة بين المواطنين العراقيين من اتباع المذاهب والاعراق المتنوعة ،
وهكذا.. رأى المراقبون كيف كانت ، ولم تزل ، تمارس عمليات الاغتيال والتعرض للمقدسات ، ونشر الفوضى والبلبلة والشائعات.. خاصة... من بعض الفئات والاحزاب التي ترى في تفكيك العراق وتقسيمه مصلحة لها ، مع علمها الاكيد بأن في مثل هذا النهج الهدام ، مصلحة ونجاحا للمخطط الصهيوني ومؤامراته،،. ولكن... انّى لمن ربط وجوده ورهن استمراره ودوام تحكّمه ، بوجود الغزاة وقواتهم ان يفيق له ضمير؟؟ ،
وكانت الخطوة الادارية الاولى ، قراران اتخذهما الحاكم الاميركي بريمر :
ہ الاول... حل المؤسسة العسكرية أي الجيش العراقي.
ہ والثاني... اعتماد دستور وضعه يهود بمعاونة بعض العملاء العراقيين ، يقوم على قواعد مذهبية وعرقية.
وكان لا بد كذلك من عمليات التمويه واستخدام الكلمات لغير معانيها الحقيقية. فبرزت الدعوة الى ان ينص الدستور على ان تكون الدولة «... اتحادية فيدرالية» ، ترجمت ، عملياً الى سنّ قانون الاقاليم،،.
وتعبير مثل.. اتحادية فيدرالية أو.. قانون الاقاليم ، لا يعني إلا.. جعل الانسلاخ والانفصال عن جسم الوطن والدولة «حقاً» دستوريا،،.
من هنا... هذه الازمة المستعصية القائمة بين احرار العراق الوحدويين من شتى المذاهب والاعراق و.. بين فئات واحزاب وحركات اخرى من الشعب ، تدعي محاربة الاحتلال علنا ، فيما هي ، عملياً ، لا تؤيد خططه الكارثية فحسب ، وانما... تطالب ، سرا وفي كثير من الاحيان ، علنا بعدم انسحاب قوات الاحتلال،،.
هذا.. على الصعيد العراقي ، اما في واشنطن ، واميركا حيث يهيمن اليهود على الكثير من الخاضعين لنفوذهم في الكونغرس فضلا عن الكثير من فرق البحث والمجلات والمناصب ، تؤيدهم شبكة من كتاب الاعمدة والمعلقين والصحفيين ، فقد اخذ اليهود يشدّدون على وجوب تقسيم العراق ، لانه الوسيلة الفضلى ، في نظرهم للخروج الاميركي من العراق ، خروجا مختلفا عن خروجهم من فيتنام اي.. خروجا بلا هزيمة،،.
نحن نتكلم هنا عن فكرة التقسيم وليس على الاساليب الاخرى لتحقيق وتزيين هذا الاجراء - المؤامرة ، كأن يجري ، كما هو حاصل الآن ، في تأليب السنة على الشيعة وغيرها من الاضاليل والالعاب الصغيرة،،.
في واشنطن.. كثرت الدراسات والبحوث الداعية الى تقسيم العراق ، ولم يكن الرئيس بوش وعدد من دهاقنة الجمهوريين يرضون بمثل هذا المخرج ، لأنه.. لن يكون حلاً للمشكلة بمقدار ما سيتحول الى.. فقاسة مشاكل ، لا تنحصر تداعياتها داخل العراق بل تتعداه الى كل ارجاء المنطقة دون ان تبقى المصالح الاميركية سليمة.. مؤمنة،،.
ويبدو ان استفحال الفشل الاميركي في العراق ، مما سبب ويسبب المزيد من الحرج للرئيس بوش وحزبه ، كان سبباً قوياً لان يعيد البيت الابيض حساباته في هذا الامر الذي كان يرفضه سابقا.
فمنذ اشهر... اخذ البيت الابيض بعين الاعتبار دراسة هامة قام بها المدير السابق لمجلس العلاقات الخارجية اليهودي ليزلي جيلب وتتعلق بتقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم: كردي ، شيعي ، سني وفقا للنمط البلقاني الذي اتبع واعتمد بعد وفاة رئيس يوغسلافيا السابقة تيتو،،.اما اعلان بوش معارضته لفكرة التقسيم فلا تذكر الا بقول الشاعر خليل مطران: ادفعه دفع من يرغبه،،.ولنا عودة مستمرة الى الموضوع،.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
(رؤية) بوش : احتلال العراق مقابل (وعد) بدويلة فلسطينية
نقولا ناصر
اخبار العرب
في خضم الصخب الإعلامي حول ’’مؤتمر الخريف’’ الذي اقترحه الرئيس الأمريكي جورج دبليو. بوش في 16 تموز/يوليو الماضي لإحياء عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية تغيب حقيقة أن هذا المؤتمر قد اقترحه بوش أصلا ك’’جزرة’’ لإغراء الدول العربية بالدخول في جبهة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد ما وصفه ب’’محور الشر’’ الإيراني - السوري الذي يحمله مسؤولية فشل مشروع الاحتلال الأمريكي للعراق في قطف الثمار السياسية والنفطية للنجاح الأولي الذي أحرزه غزوه العسكري عام 2003، مما يلخص ’’رؤيته’’ لحل الدواتين للصراع العربي الإسرائيلي في عرض صريح لمبادلة احتلال العراق ب’’وعد’’ مبهم بإقامة دويلة فلسطينية. ويجري اليوم سياسيا وإعلاميا، إسرائيليا وأمريكيا ، طمس موضوعين أولهما الدور الإسرائيلي في الاحتلال الأمريكي للعراق وثانيهما الصلة القومية العضوية الوثيقة للنضال الوطني في كل من العراق وفلسطين بينما يتم تركيز الأضواء على ’’رؤية’’ بوش ل’’حل الدولتين’’ للصراع العربي الإسرائيلي، في إغفال كامل للأراضي السورية المحتلة في الجولان، المفتاح الاَخر لأي تسوية سلمية لهذا الصراع، وفي تعتيم كامل على الجهود الأمريكية - الإسرائيلية الحثيثة لانتزاع موافقة عربية صريحة أو ضمنية على مبادلة إنجاح مشروع احتلال العراق بوعد يعادل الوهم بإقامة دويلة فلسطينية، وعد عجز بوش عن تحقيقه طوال سبع سنوات من ولايتيه ويريد من العرب أن يصدقوه بأنه يستطيع تحقيقه خلال السنة الأخيرة من ولايته الثانية. ويتركز الحراك الأمريكي الدبلوماسي لإنجاح هذه المبادلة الأمريكية المقترحة على الاجتماع الدولي الذي اقترح بوش في 16 تموز/يوليو الماضي عقده في خريف العام الحالي، وهو اجتماع يحذر الجميع تقريبا من عواقب فشله الذي يهدد باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة تجرف في طريقها سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية ومعها ما تبقى على الأرض من اتفاقيات أوسلو الفلسطينية الإسرائيلية التي انبثقت هذه السلطة عنها، في وقت تسعى واشنطن وتل أبيب إلى تهدئة الجبهة الفلسطينية لكي تتفرغا لاستكمال حصار سورية بحسم ازدواجية السلطة في لبنان لصالحها من ناحية، وبتوفير تسهيلات عربية تضمن النظام الذي يسعى الحليفان الاستراتيجيان إلى إقامته في بغداد من ناحية ثانية، تمهيدا لحسم مواجهتهما مع إيران حول برنامجها النووي الذي يهدد إن نجحت طهران فيه إما بمنافسة هيمنتهما على المنطقة أو بتقاسم النفوذ الإقليمي معهما. وقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الأسبوع الماضي أن ’’الفشل ليس خيارا’’ لاجتماع الخريف، في تعليق مباشر على تحذيرات عربية لا تتوقف من عواقب فشله، وفي مقدمتها تحذير الرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني عبد الله الثاني الذي اعتبره ’’الفرصة الأخيرة’’ للسلام ومثلهما حذر الرئيس المصري حسني مبارك وصدرت اَخر هذه التحذيرات في الأسبوع الماضي من وزراء خارجية مصر والعربية السعودية والأردن. وقد انضم إلى هذه التحذيرات وزير العدل الإسرائيلي السابق وزعيم حزب ميريتس ، يوسي بيلين، بقوله لرئيس الوزراء إيهود أولمرت يوم الاثنين الماضي: ’’إذا فشلت فإنها ستكون نهاية العالم’’ لأن الفشل سيشعل جولة أخرى من العنف. وهذا الحرص الأمريكي على تهدئة الجبهة الفلسطينية وعلى عدم اعتبار الفشل خيارا لاجتماع الخريف قد يفسر تردد إسرائيل في شن عدوان عسكري واسع النطاق على قطاع غزة وهي عملية لا يترك وزير ’’الدفاع’’ الإسرائيلي إيهود باراك مناسبة إلا ويهدد بشنها لإعادة احتلال القطاع أو الأجزاء منه التي تضمن إسقاط حكومة حماس ثم تسليم القطاع لسلطة الحكم الذاتي برعاية قوات متعددة الجنسيات. ويجد العرب أنفسهم في ذات الموقف الذي وجدوا أنفسهم فيه منذ نجح الاستعمار الأوروبي في إنشاء دولة يهودية في القلب من وطنهم التاريخي الكبير، أي محشورين بين التوسع الإقليمي لهذه الدولة وبين الهيمنة الإقليمية للولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت من الاستعمارين البريطاني والفرنسي هيمنتهما الإقليمية وكذلك مهمة ضمان أمن هذه الدولة بغض النظر عن الحدود التي يقف عندها جيشها، ومخيرين بين الرضوخ للشروط السياسية والعسكرية للتحالف الاستراتيجي الأمريكي - الإسرائيلي وبين مواجهة القوة الساحقة لهذا التحالف إن هم رفضوا شروطه، ومرتهنين لخيار اللجوء إلى أحد طرفي هذا التحالف للتوسط لهم لدى الطرف الاَخر كي يخفف من وطأة شروطه بحيث باتوا كمن يستجير من الرمضاء بالنار يدورون في حلقة مفرغة بين الطرفين لم تمنحهم، لا مجتمعين ولا منفردين، لا أمنا ولا سلاما ولا استقرارا، ولا ردت عنهم عدوانا ولا منعت عنهم احتلالا. ويدرك هذه الحلقة المفرغة كل الدبلوماسيين العرب، فالنصيحة الأولى التي يقدمها لهم نظراؤهم الأمريكيون هي أن عليهم اللجوء إلى جماعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة لتساعدهم فيما يريدون الحصول عليه من الإدارات الأمريكية، وهذه الجماعات بدورها تنصحهم بالتفاهم مع إسرائيل أولا إن هم أرادوها أن تساعدهم، لتنصحهم إسرائيل بدورها بتسهيل المصالح الأمريكية الإقليمية أولا، وفي مقدمة المصالح الأمريكية طبعا ضمان أمن إسرائيل، وهكذا دواليك. وقد أوصل العجز العربي عن كسر هذه الحلقة المفرغة صلف القوة الأمريكي - الإسرائيلي إلى الوضع الراهن الذي تعرض واشنطن على العرب فيه عرضا مهينا يخيرهم بين القبول بالاحتلال الأمريكي للعراق وبين وضع حد للتوسع الإقليمي للاحتلال الإسرائيلي يضمن لدولة الاحتلال الاحتفاظ بمكاسبها الإقليمية التي أحرزتها بالعدوان المسلح خلافا للقانون الدولي وشرعية الأ· المتحدة، حدا يتم التفاوض عليه ثنائيا مع إسرائيل، بينما يقتصر الدور الأمريكي على التوسط لدى حليفها الاستراتيجي لإقناعه بالتفاوض . وكان الحصاد العربي من الدوران في هذه الحلقة المفرغة تدمير إمكانية تطوير جامعة الدول العربية إلى نظام إقليمي فعال وتحطيم الحد الأدنى لأي تضامن عربي واستنزاف الثروات العربية، النفطية خصوصا، بإعادة تدويرها وتعطيل التنمية العربية وانكفاء الأنظمة القطرية العربية على نفسها إقليميا حد التنصل تماما من أي مسؤوليات قومية تجاه بعضها البعض حتى باتت ممالأة الاحتلال الأجنبي للأقطار التي ما زالت توصف ب’’الشقيقة’’ أمرا مقبولا لديها، وها هي هذه الأنظمة اليوم لا تجد أي حرج في التعامل مع العرض الأمريكي المهين لمبادلة موافقتها على احتفاظ واشنطن بمكاسب غزوها العسكري للعراق بمساعدة واشنطن لها في الحد من التوسع الإقليمي للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين عبر الاجتماع الخريفي الذي اقترحه بوش . فلسطين والعراق: صلة مطلوبة وأخرى محظورة ويدور في أوساط صنع القرار الأمريكية جدل حول وجود أو عدم وجود صلة بين الاحتلال الأمريكي للعراق وبين تسوية الصراع العربي الإسرائيلي سلميا وبخاصة منذ اعترف الحزبان اللذان يتداولان الحكم في واشنطن علنا ولأول مرة بصفة شبه رسمية عبر ’’مجموعة دراسة العراق’’ المشتركة، في تقرير جيمس بيكر - لي هاملتون أواخر العام الماضي، بأن القضيتين متصلتين ’’اتصالا لا فكاك منه’’، بينما تبذل الإدارات الأمريكية المتعاقبة قصارى جهودها لقطع أي صلة يمكنها أن توحد النضال الوطني لعرب فلسطين والعراق ضد القوتين المحتلتين المتحالفتين استراتيجيا وتكتيكيا، عسكريا وسياسيا واقتصاديا. واللافت للنظر أن الإدارة الأمريكية تكرر رسميا نفيها لأي صلة بين أهدافها في العراق وفي إيران وبين أهدافها في الصراع العربي الإسرائيلي في حراكها الدبلوماسي الراهن الذي تقوده عربيا وفلسطينيا وهذا نفي متكرر ينطبق عليه المثل العربي القائل ’’يكاد المريب يقول خذوني’’! وصدر أحدث نفي أمريكي لوجود صلة بين مسعى واشنطن لتأمين الاستقرار للنظام الذي يسعى احتلالها إلى إقامته في بغداد وبين مسعاها إلى التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في لقاء الخريف الدولي على لسان مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي في الأسبوع قبل الماضي عندما أصر على أن إدارته تواصل المسعيين ’’بشكل منفصل وكلا على حدة’’. لكن كوندوليزا رايس اضطرت إلى الاعتراف بأن كل القضايا الإقليمية ’’جميعها أجزاء من كل. . . إحداها تشجع الأخرى وتعززها’’، مع أن الصراع العربي الإسرائيلي ’’بحاجة إلى الحل لأسباب خاصة به، فقد استمر لفترة طويلة في الواقع’’، كما قالت في 20 الجاري عندما طلب منها مراسل مجلة ’’تايم’’ بريان بينيت أن تتحدث عن جهودها الدبلوماسية مع الفلسطينيين والإسرائيليين ’’في إطار العراق’’. وعلى المستوى الأمريكي الشعبي أدركت الحركات المناهضة للحرب أهمية وضرورة ’’التركيز بصورة واضحة على الصلة التي لا يمكن فصمها بين العراق وبين فلسطين’’، كما قالت هذه الحركات في نداء لها من أجل الوحدة في 13 الشهر الماضي. أما على المستوى الشعبي العربي والإسلامي في الوقت الراهن فقد لخص الموقف غسان الخطيب، الوزير السابق في سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني، في مقال له العام الماضي بعنوان ’’متصلان في الحلول لهما’’ بقوله: ’’سواء أحب ذلك أو لم يحبه الشعب في فلسطين أو في العراق أو في غيرهما فإن الفهم السائد في المنطقة هو أن هناك صلة بين العراق وبين فلسطين’’. وتاريخيا كانت هذه الصلة عريقة في العلاقة الوثيقة بين قادة النضال الوطني الفلسطيني من أمثال الحسينيين الحاج أمين وعبد القادر قبل أن ينجح المشروع الصهيوني في إقامة دولته عام 1948. وكان إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي في 26 الشهر الجاري بأغلبية 75 - 23 صوتا لتعديل على مشروع قانون الميزانية العسكرية في العراق وأفغانستان لعام 2008 المقبل يفوض الحكومة الأمريكية ب’’تشجيع’’ العراقيين على تقسيم وطنهم إلى ثلاث دول تتحد ’’فدراليا’’ بحجة أن التقسيم هو ’’الحل’’ الوحيد للصراعات الأهلية هو المثال الأحدث على الصلة العضوية الوثيقة بين ما حدث ويحدث في فلسطين وبين ما يجري في العراق. فقد كان ’’الصراع الأهلي’’ بين المقاومين الوطنيين لاحتلال فلسطين وبين المليشيات شبه العسكرية للمستوطنين الغزاة الأجانب هو الذريعة التي استخدمها المحتلون البريطانيون كمدخل لتقسيم فلسطين بقرار رقم 181 لعام 1947 الذي تبنته الجمعية العامة للأ· المتحدة باعتباره الحل الوحيد لذاك الصراع الأهلي وكمدخل للوفاء البريطاني ب’’وعد بلفور’’ أضفى ’’شرعية دولية’’ على احتلال جزء من فلسطين تحول عبر التقسيم إلى دولة سرعان ما بادرت بعد أن تمكنت إلى احتلال الجزء الاَخر عام 1967. في 27 الشهر الماضي كتب رايدر فيسر، الباحث في معهد الشؤون الدولية النرويجي ومؤلف كتابين صدرا عن العراق في عامي 2005 و 2007، يقول تعليقا على القرار غير الملزم الذي أصدره مجلس الشيوخ الأمريكي حول تقسيم العراق إن العرب والمسلمين حول العالم سوف يتذكرون السناتور جو بايدن، إذا قيض للقرار الذي اقترحه أن يرى النور، باعتباره يقف إلى جانب ’’شخصيات تاريخية أخرى يتهمها الشرق أوسطيون بشكل روتيني بأنها دمرت منطقتهم بالكامل: اَرثور بلفور ومارك سايكس وفرانسوا جورج-بيكو’’. وها هو التاريخ الفلسطيني يكاد يكرر نفسه في العراق تقريبا بالسيناريو نفسه وبالذريعة ذاتها وبحل التقسيم إياه وتكاد تكون ردود الفعل العراقية والعربية المستنكرة والرافضة لفظا، ، وإن صدقت النوايا، هي نفسها كذلك مع فارق بسيط هو أن الإرادة القومية الشعبية للأمة فرضت على أنظمتها الحاكمة عام 1948 أن تقرن رفضها اللفظي للتقسيم فعل العسكري، غير أن هذه الإرادة اليوم ضعيفةبال أمام الدولة القطرية القوية حد الاستئساد على شعوبها في الداخل لكنها عاجزة تماما عن درء أية مخاطر خارجية سواء على الوطن القطري أو على الوطن القومي بحيث لا تقوى حتى الحيلولة دون حكامها وتسهيل مهمة الاحتلال في العراق إن طوعا أو كرها. إن الرد المجدي الفعال الوحيد على خطط تقسيم العراق يكمن في وحدة النضال القومي العربي والإسلامي، رسميا بتعزيز التضامن القومي بين دول التجزئة، وهذا أضعف الإيمان، وشعبيا بتوثيق الصلات النضالية العضوية بين حركات المقاومة الوطنية والعربية والإسلامية، خصوصا في العراق وفلسطين ولبنان. في عام 1948 اتضحت وحدة النضال القومي من أجل الاستقلال والتحرر بين فلسطين وعمقها الجيوبوليتيكي برضوخ سبع دول أعضاء في جامعة الدول العربية كانت تخضع مباشرة ل’’انتداب’’ الاستعمارين البريطاني والفرنسي للإرادة القومية لشعوبها التي فرضت عليها المشاركة في الحرب ذلك العام، إدراكا من الجميع بأن احتلال فلسطين هو المدخل لإخضاع الأمة في وطنها الكبير للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية كما أثبت التوسع الإقليمي الإسرائيلي لاحقا خصوصا بعد عدوان عام 1967 وكما أثبتت التضحيات القومية الجسيمة وبخاصة المصرية والسورية . والأردنية والعراقية واللبنانية
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
من بلير الى براون..!!
افتتاحية
الوفاق الايرانية
تبحث بريطانيا هذه الايام عن دور يتكيف وتاريخها، لكن الاحداث تتسارع دون ان يتمكن الثعالب الجدد من الوصول الى ركب الوعود التي قطعوها.
فبعد المهاترات والمغامرات التي خاضها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي جعل من بريطانيا ولاية امريكية وأثار حفيظة الشعب البريطاني المعارض لسياسات امريكا التوسعية، جاء الدور للأسكتلندي غوردن براون بتطلعاته الحماسية لاعادة بريطانيا الى ما يتصوره مكانتها اللائقة، في حين ان القيود التي ورثها من عهد بلير لن تضع امامه فسحة للمناورة.
فالخروج من الدائرة الامريكية بات صعبا والخروج من العراق اصعب رغم وعوده التي قطعها للشعب.
فبالامس كتبت صحيفة الغارديان بان التصريحات البريطانية حول الانسحاب من العراق والخوف الامريكي من ذلك لا يعني بالضرورة ان العد التنازلي قد بدأ لان القاسم المشترك بين العراق وبريطانيا وامريكا هو اعتراض الاغلبية على احتلال العراق.
واشارت صحيفة الديلي تلغراف الى التكاليف الباهضة لغزو العراق والتي جعلت الامريكيين يتراجعون عن وعودهم لاسرائيل، فيما طلبت وزارة الدفاع الامريكية ثمانية آلاف مصفحة جنود للعراق تبلغ قيمتها اكثر من ۱۲ مليار دولار وهذا يعتبر ضروريا بسبب المخاطر التي تهدد جنودها عند تنقلاتهم في العراق.
وتقول صحيفة التايمز البريطانية بان الهجمات على الجنود البريطانيين في جنوب العراق قد تجاوزت المستويات المعهودة ويخشى ان تتحول البصرة للبريطانيين كبغداد للامريكيين.
وبالرغم من كل ذلك فهناك قيود امريكية تكبل السياسة البريطانية التي ارادت ان تكون في خدمة الاستراتيجية الامريكية وليس شريكها.
اما بريطانيا التي خسرت الرهان على المشاركة بانتصارات امريكا فانها تخشى اليوم ان تخسر الرهان على قيادة اوروبا التي وعدتها بها الولايات المتحدة عندما رسم بوش وبلير استراتيجية التقاسم من العراق وحتى اوروبا دون الهزائم التي زادت كثيرا ولحقت بهم قبل اي انتصارات.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
لا يستقيم الأمن بتلزيمه إلى مقاولين
افتتاحية
البيان الامارات
تكاد شؤون الأمن في العراق تتحول إلى صناعة مفتوحة على عالم المقاولات. شركات ومجموعات يتم التعاقد والتوافق معها على القيام بمهمات أمنية خاصة، تشمل فئات وأحياء معينة، في بغداد وغيرها. وهي تقوم بالمطلوب منها كأي شركة تجارية، يجري تلزيمها مشروعاً ما وفق دفتر شروط. الفارق هنا أن هذا الدفتر شروطه رخوة؛ أمعن المقاول في استغلالها وتطويعها حسب مشيئته. وأحيانا بدأ يعمل على تحويلها إلى أداة قمع وقتل وترهيب. بل إلى وسيلة لبناء سلطة، ولو محلية، وممارسة نفوذه من خلالها. بالنهاية أدت خصخصة الأمن ليس فقط إلى العبث بالأمن بل أيضا إلى انفلات يهدد بانعاكسات سلبية على الوضع العراقي برمته. وبالتحديد على العملية السياسية التي لا تحتاج إلى المزيد من صب الزيت على نارها.
شركة بلاك ووتر الأميركية هي أحد المقاولين في هذا المجال. مهمتها الأصلية حماية الدبلوماسيين الأميركيين في العراق. تحت هذه اليافطة قامت بارتكاب مخالفات شنيعة، بحجم الفضيحة، أفرادها يطلقون النار بصورة عشوائية على المدنيين في بغداد، الذين سقط منهم العديد. آخر وجبة كانت 13 قتيلاً مرة واحدة، ارتفعت الضجة وأصوات الاحتجاج على ممارساتها، حصل تجاهل أميركي في البداية للموضوع، مع ازدياد تسليط الأضواء الإعلامية عليه، اضطرت الجهات المعنية، الخارجية الأميركية بالتحديد، إلى الوعد بالتحقيق في العملية؛ عن طريق فريق من رجال الشرطة الفيدرالية اف ـ بي ـ أي، ثم دخلت الفضيحة على خط الحملة الانتخابية الأميركية وتحولت إلى موضوع للمزايدة وتسجيل النقاط. كذلك دخل الكونغرس على الخط واستمع إلى شهود ومسؤولين في الخارجية وبلاك ووتر. على الاثر تشكلت لجنة للبحث في كيفية تنظيم مراقبة على أعمال شركات الأمن العاملة في العراق التي تستخدم آلاف الحراس الأمنيين . لماذا لم يحصل وضع آليات تكفل ضبط هذه الشركات منذ البداية؟. فضيحة يستحضر مسلسلها فضائح سجن أبو غريب الشهير، استباحات متكررة للأرواح والكرامات. وعندما ينكشف أمرها، يصار إلى إيداعها في يد التحقيق، الذي تنتهي ملفاته إما على الرف وإما عند حدود إدانات أفراد، غالباً ما يجري اختيارهم ليكونوا كبش الفداء ـ كما حصل مع المجندة في فضيحة ـ أبو غريب، التي تجاهل التحقيق دور رؤسائها. ولا يقف الشطط والاستهتار عند الشركات الأمنية، بحيث تعداها إلى أشكال أخرى من تلزيم الأمن، هذه المرة لمجموعات محلية؛ وفي بغداد بالذات، فقد قامت القوات الأميركية بتشكيل قوات مواجهة داخل الأحياء السكنية؛ للقيام بمهمات أمنية؛ ومن دون التنسيق ولا حتى العلم والخبر، مع الجهات العراقية المعنية. والخطير أن هذه العناصر المسلحة والعاملة مع الأميركيين صارت «بمثابة حكومات مصغرة تدير مناطق بغداد»، حسب مسؤول عراقي. الأمن ضروري. وهو مطلوب وحاجة حيوية بالنسبة للعراق والعراقيين لكن بالتأكيد ليس على حساب المدنيين الأبرياء. ولا على حساب تحويل العاصمة إلى بؤر مسلحة. تتحكم بسكانها وبأوضاعها. كان أبو غريب يكفي لأخذ الدرس واتخاذ التدابير والاحتياطات الكفيلة بقطع الطريق على فضائح أخرى. بلاك ووتر ـ المياه السوداء ـ التي تحولت إلى سفك الدماء وبأعصاب باردة؛ لا تجلب الأمن. ولا تسليح المجموعات المحلية يأتي بالأمان، فهذا الموضوع لا يصح تلزيمه للمقاولين.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
هل أصبح تقسيم العراق حلاً ؟!
د. وحيد عبد المجيد
الالاتحاد الامارات
فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دول يجمعها اتحاد كونفيدرالي ليست جديدة إلا في المبادرة التي حملتها إلى الكونجرس الأميركي، وأسفرت عن قرار أصدره مجلس الشيوخ يطالب بإقامة ثلاث وحدات فيدرالية. فالفكرة مطروحة منذ عامين على الأقل عندما بدا أن الفجوة المتزايدة بين القوى التي تتحدث باسم كل من الشيعة والسُنة تخلق واقعاً جديداً يصعب تجاهله. وفي ذلك الوقت أيضاً، بدأ يتضح أن النظام الفيدرالي الذي جاء به الدستور العراقي الجديد يواجه صعوبات في التطبيق لأن الواقع الجديد يتجاوزه. وبالرغم من أن القرار الذي تبناه مجلس الشيوخ يطالب بإنشاء ما أسماه ثلاث وحدات فيدرالية مستقلة، فالواضح أنه يقصد وحدات يجمعها اتحاد كونفيدرالي. الوضع في العراق يشبه، لدى بعضهم، في خطوطه العريضة، الهند قبل تقسيمها، وبالتالي إذا أردنا القياس على حالة تاريخية، فلتكن الهند وليست فيتنام.
فالفرق بين الدولة الفيدرالية والكونفيدرالية هو أن الأولى تظل دولة واحدة ولكنها تسمح لوحداتها بأعلى درجات الحكم الذاتي في كل ما يتعلق بتسيير شؤونها الداخلية، بينما يخضع كل من هذه الوحدات للسلطة الفيدرالية في السياسة الخارجية والأمنية والدفاعية فضلاً عن القضايا ذات الطابع الاستراتيجي في السياسات العامة الداخلية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها. أما الثانية، فهي مقسمة إلى دول لكل منها سيادتها، ولذلك لا تخضع للسلطة الكونفيدرالية التي يقتصر دورها وصلاحيتها على ما تتفق هذه الدول على إحالته إليها. ولذلك فعندما تتحول دولة موحدة إلى دولة فيدرالية، لا يحدث تغيير جوهري فيها ولا يعتبر هذا التحول تقسيماً، بخلاف تحولها إلى اتحاد كونفيدرالي لا يقوم إلا بين دول مستقلة. وهذا يفسر الحذر الشديد الذي تعامل به الجميع تقريباً مع فكرة تحويل العراق إلى اتحاد كونفيدرالي، منذ أن أطلت في ظل تعثر بناء النظام الفيدرالي الجديد. ولذلك ظلت هذه الفكرة محدودة التداول، وبدت كما لو أنها شبح يحوم في سماء العراق، ولكن من على بُعد. فكان الحديث؛ أي حديث، عن تقسيم العراق يثير هلعاً وليس فقط خوفاً لدى قطاعات واسعة في داخل العراق، وفي المنطقة على حد سواء. وبالرغم من أن النظام الكونفيدرالي يحافظ على رباط ما بين وحداته، إلا أنه شديد الوهن والهشاشة. فهذه الوحدات تعتبر مستقلة استقلالاً كاملاً، ويمكن لكل منهما الانضمام منفرداً إلى الأمم المتحدة إلى جانب الاتحاد نفسه. ويبدو هذا الاتحاد أقرب إلى مظلة، أو إلى إطار عام يتوقف دوره على ما تتفق الدول الأعضاء فيه على أن تعهد به إليه. ولذلك يمكن أن يكون اتحاد من هذا النوع تطوراً إيجابياً عندما تتفق مجموعة من الدول التي تجمعها قواسم مشتركة على إقامته لتدعيم التعاون بينها والوصول به إلى مستوى أعلى. وربما يؤدي التطور الطبيعي للاتحاد الأوروبي عند مرحلة أكثر تقدماً إلى نوع من الكونفيدرالية. وفي مثل هذه الحالة تكون الكونفيدرالية نقلة إلى الأمام. وبهذا المعنى، يجوز أن نحلم بكونفيدرالية عربية في مستقبل ما غير منظور حين تبرأ دولنا ومجتمعاتنا وشعوبنا من الأمراض التي تدفع الكثير منها إلى الوراء، وليس إلى الأمام. أما أن يحدث العكس، بمعنى أن تتحول دولنا الموحدة أو بعضها إلى اتحادات كونفيدرالية، فهذه خطوة أخرى ولكنها كبيرة وخطيرة إلى الخلف. ومع ذلك، بدأت فكرة الكونفيدرالية في العراق تلقى اهتماماً أكبر من ذي قبل. فبعد أن كانت محدودة التداول مستبعدة إلى حد كبير من سيناريوهات المستقبل العراقي، أصبحت مطروحة ليس فقط للمناقشة في منابر إعلامية وأكاديمية، ولكن أيضاً في دوائر صنع القرار الأميركي. ولا يعني ذلك أنها أصبحت سيناريو مرجحاً أو قابلاً للتنفيذ. ولكن لا يمكن القول، في الوقت نفسه، أنها مازالت مستبعدة من سيناريوهات المستقبل. فأنصارها في الولايات المتحدة يزدادون، وبعضهم يرى فيها المخرج الوحيد مما يعتبرونه "مستنقعاً" غرقت فيه حكومتهم وقواتهم واستُنزفت فيه- ومازالت- مواردهم.
ومنطق هؤلاء بسيط للغاية وهو أن فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دول يجمعها اتحاد كونفيدرالي قد لا تكون هي الأفضل، ولكنها تمثل الحل الوحيد لوقف العنف الدموي والفرصة التي لا يبدو أن هناك غيرها لإنهاء مأساة سياسية وإنسانية مؤلمة.
ولا يشغل أنصار الكونفيدرالية في العراق أنفسهم بتفاصيل تبدو لهم مزعجة ومملة من نوع الضمانات التي تنطوي عليها فكرتهم لوقف العنف. فالتقسيم لن يحول دون استمرار الاختلاط الطائفي والعرقي في "الدولة الشيعية" و"الدولة الكردية" بصفة خاصة. فهم يظنون، فيما يبدو، أن هذا الاختلاط مقصور على بغداد التي يجعلونها مقراً للسلطة الكونفيدرالية ولا يضمونها، بالتالي، إلى أي من الدول الثلاث. ولذلك فهم لا يشغلون أنفسهم بكيفية مواجهة العنف الذي قد يزداد، ولا يقل. وهذا احتمال كبير لأن التقسيم يغري بتصعيد عمليات التطهير الطائفي والعرقي. وإذا حدث ذلك، فما الذي يبقى جامعاً بين الدول الثلاث، ومبرراً، بالتالي، لوجود اتحاد كونفيدرالي؟ هذا النوع من الأسئلة، ومثله كثير، بعيد عن اهتمام أصحاب مشروع الكونفيدرالية. فهم يظنونه حلاً سحرياً. وهو قد يكون كذلك ولكن بالنسبة للولايات المتحدة، وليس للعراق. ومع ذلك، يجدر بنا الانتباه إلى أن فكرة تقسيم العراق إلى ثلاث دول يجمعها اتحاد كونفيدرالي مطروحة في دوائر أكاديمية وفكرية بعيداً عن السياسيين الأميركيين المهمومين بمصالح بلادهم دون غيرها. ولدى بعض هؤلاء الأكاديميين والمثقفين، وبعضهم أوروبيون وليسوا فقط أميركيين، منطق أقوى وأعمق يستحق الالتفات إليه بجدية دون أن يعني ذلك التسليم به أو قبوله. وهم ينطلقون من أن الوضع في العراق الآن يشبه، في خطوطه العريضة دون تفاصيله، ما كان عليه في الهند قبل تقسيمها. ويرون أنه إذا أردنا القياس على حالة تاريخية، فلتكن الهند وليست فيتنام. وهم يقصدون، بذلك، الهند بعد العام 1945 عندما أصبح على القوات البريطانية أن تعمل للفصل بين الطوائف المتنازعة، وواجه الأدميرال "لويس ماونتباته" آخر نائب للملك في الهند وضعا يعمل ضد مشروع إقامة دولة هندية موحدة. ويقول التاريخ إن الإنجليز قرروا الرحيل بسرعة شديدة عندما وصل حزب "العمال" إلى السلطة، فاندلعت الحرب الأهلية في شبه القارة الهندية وانشطرت الهند إلى قسمين ثم ثلاثة ولكن بعد معارك أهلية طاحنة راح ضحيتها مئات الألوف. هذا التاريخ هو ما يحذر هؤلاء من إعادة إنتاجه في صورة جديدة إذا دخل رئيس (أو رئيسة) إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2009 وقرر الانسحاب بسرعة. وهم يجادلون بأن الحرب الأهلية التي ستتصاعد، إذا حدث ذلك، قد تؤدي إلى تقسيم العراق في النهاية. وهم يرتبون على ذلك نتيجة مفادها أن من الأفضل الشروع في هذا التقسيم بطريقة يسمونها "جيدة ومنظمة وسلمية" مع السعي إلى الحفاظ على حد أدنى من المشتركات عبر صيغة الاتحاد الكونفيدرالي؟وبالرغم من أن منطق هؤلاء جدير بالنقاش، تظل نقطة الضعف الجوهرية فيه هي عدم وجود ما يضمن أن يؤدي التقسيم إلى إنهاء العنف. غير أن المهم في هذا كله هو أن فكرة تقسيم العراق أصبحت حاضرة، وقد يزداد حضورها، وربما تفرض نفسها. فماذا نحن فاعلون ؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
تقسيم العراق أعلى مراحل الفوضى الخلاقة
يوسف مكي
المدينة السعودية
أخيرا سقطت ورقة التوت، ولم يعد للذين سكنوا الزيف وساورهم الوهم بأن احتلال الأمريكان لبلاد ما بين النهرين سيكون مقدمة لتحديث المنطقة وإشاعة الديموقراطية في مجتمعاتها. فقد أعلن الكونجرس الأمريكي، بـ "الفم المليان" عما حذرنا منه مرارا وتكرارا قبل الاحتلال الأمريكي للعراق، وفيما بعده بأن النوايا الأمريكية لتفتيت المنطقة بأسرها، وتحويل البلدان العربية إلى كانتونات، على أسس طائفية وإثنية وجهوية.
فقد صوت الكونجرس الأمريكي الأربعاء الماضي، بأغلبية خمسة وسبعين مقابل ثلاثة وعشرين صوتا، على خطة تقضي بتقسيم العراق، تقدم بها أحد المرشحين الديموقراطيين للرئاسة، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، السيد جوزيف بيدن. وقضت الخطة بتقسيم العراق إلى كيانات كردية وشيعية وسنية، تحت ذريعة وضع حد للعنف والحيلولة دون تحول هذا البلد إلى دولة تعمها الفوضى. إن تطبيق هذا القرار من وجهة نظر الذين صوتوا عليه سيساعد على إعادة نشر القوات الأمريكية، وشن حرب بفاعلية أفضل "على الإرهاب"، وجعل أمريكا أكثر أمانا. وفي هذا السياق، أعربت عضوة الكونجرس، من الجمهوريين، السيدة كاي بايلاي هونشينسون عن أملها أن يحقق هذا القرار ما نجحت في تحقيقه اتفاقات دايتون حول البوسنة التي أقرت تقسيمها إلى ثلاثة كيانات هي صربيا وكرواتيا وبوسنيا.
لم يكن القرار مفاجئا بالنسبة للمتتبعين للشأن العراقي، وللسياسات الأمريكية بالمنطقة خلال أكثر من ثلاثة عقود مضت. فقد كانت مقدمات الإفصاح عن الرغبة في تفتيت الوطن العربي إلى كانتونات صغيرة قد برزت إثر حرب أكتوبر عام 1973 مباشرة. فأثناءها برزت عدة وقائع جديرة بالرصد من قبل صانع القرار الأمريكي. أولاها أن العرب قادرون على الحرب، وإلحاق الأذى بالمشروع الصهيوني، متى ما تحقق التضامن بينهم. وأن بإمكانهم استخدام ثرواتهم لخدمة مصالحهم الوطنية والقومية. وكان استخدام النفط كعنصر ضغط سياسي في المعركة قد أوحى، وبغض النظر عن أسبابه الحقيقية التي تكشفت لاحقا، أن بإمكان العرب انتهاج سياسة مستقلة، إذا ما تحققت لديهم الإرادة. آنذاك، صرح وزير الخارجية الأمريكي، ومستشار الرئيس نيكسون للأمن القومي، هنري كيسنجر بأنه ينبغي العمل على جعل "إسرائيل" أكبر قوة إقليمية في المنطقة، بعد أن أثبتت نتيجة الحرب أنها أقوى قوة إقليمية. ومر التصريح، دون أدنى اهتمام، من القادة العرب، ولم يلتفت إليه أحد، واعتبر مجرد إسناد سياسي أمريكي آخر، للكيان الصهيوني.
كان الخبراء الأمريكيون قد توصلوا، بعد حرب أكتوبر عام 1973م إلى أن تفتيت البلدان العربية سوف يحقق جملة أهداف في آن واحد. فهو من جهة سوف يحول دون تشكيل قوة عسكرية عربية قادرة على التصدي للمشروع الصهيوني. ومن شأن تحقيقه أن يخلق أسبابا جديدة للصراع بين العرب أنفسهم، حول مناطق ومصالح متنازع عليها. كما أنه سيجعل الهيمنة على منابع النفط تتحقق بسهولة ويسر. ومن جهة أخرى، فإن تسعير النزعات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية سيكون من شأنه تفكيك النسيج الوطني للمجتمع، وإشغال العرب باحترابات داخلية طويلة المدى، تجعل بعض العرب يلجأ إلى القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية طلبا للعون والحماية. وأخيرا، فإن تفتيت الوطن العربي، سيبقي المنطقة إلى ما لا نهاية سوقا استهلاكية، ويسهم في إعادة تدوير الأموال المتأتية من مبيعات النفط ومشتقاته، إلى مصادرها الأصلية... إلى الدول المستهلكة له بالمركز...
لكن إدارة الرئيس الأمريكي، جيمي كارتر، التي تسلمت الحكم لاحقا، هي التي بدأت في التحضير لوجستيا لمشروع التفتيت الأمريكي، فشكلت قوة التدخل السريع. وبدأت الأنباء تتسرب عن تدريبات عسكرية في صحارى أريزونا ونيفادا، في مناطق مشابهة في طبيعتها للأماكن التي تتواجد بها حقول النفط بالبلدان العربية. وبدأت فعلا مناورات أمريكية أطلق عليها مناورات "النجم الساطع في نهاية السبعينيات، شاركت فيها بعض القوات العربية. ومع هذه التطورات بدأت بعض الدوريات "العلمية" المقربة من صناع القرار الأمريكي، تتحدث عن العراق، كمنطقة رخوة بفعل شكلها الفسيفسائي، وأن احتلالها ربما يشكل نقطة الانطلاق لتنفيذ مشروع التفتيت، والاستيلاء نهائيا على آبار النفط.
في بداية التسعينيات، وتحديدا في شهر يناير عام 1990، تحدثت دورية "دانيشن" عن حرب محتملة في نهاية العام، ستدور رحاها حول آبار نفط الخليج، وستكون حرب البترول الثانية. وإثر انتهاء حرب الخليج، وأثناء التحضير لمؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، صرح وزير الخارجية الأمريكي، جيمس بيكر، بأنه سوف يعاد تشكيل الخارطة السياسية لدول المنطقة بشكل أكثر دراماتيكية من تلك التي شهدها الشرق الأوسط بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، والتي تمثلت في فرض اتفاقية سايكس- بيكو ووعد بلفور بقوة الأمر الواقع. ومضى التصريح دون غضب عربي، ودون إدانة، ودون سؤال... وكان خلط الأوراق والتعتيم على النوايا الحقيقية يجري على قدم وساق. فقد تزامنت تصريحات بيكر مع صدور دراسة سربتها الاستخبارات الأمريكية تشي بنوايا شريرة، تجاه المملكة، وتتحدث عن مشاريع لتفتيتها... ومرت تلك الدراسة، كما مرت تصريحات جيمس بيكر دون أدنى اهتمام من قبل العرب.
كانت الإدارة الأمريكية قد بدأت فرض حظر جوي على العراق، أريد منه أن يكون المقدمة لرسم الخارطة الجديدة "للعراق الجديد". واتضحت تفصيلات هذه الخريطة فيما بعد، حين وسع الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون مناطق الحظر في الجنوب والشمال، تحت ذريعة حماية الأكراد والشيعة لتكون مسطرة دقيقة للخريطة السياسية المرتقبة لعراق ما بعد الاحتلال. وكانت مناطق الشمال، قد أصبحت عمليا وفعليا خارج سيطرة الدولة المركزية، في بغداد، منذ مطلع التسعينيات.
وكان التحضير العملي والمباشر لاحتلال العراق، إثر عاصفة سبتمبر عام 2001، قد ارتبط بالحديث عن فوضى خلاقة، وعن حروب ضد "الإرهاب" تفاوت في تصريحات المسؤولين الأمريكيين أعداد المشمولين بها، بلغت في أقل التقديرات ثلاثة بلدان، ووصلت في أحيان آخر إلى أكثر من خمسة عشر بلدا عربيا وإسلاميا. وتزامن ذلك مع صدور تقرير خطير من معهد راند للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "الاستراتيجية الكبرى"، ناقش بالتفصيل مخطط تفتيت المشرق العربي، واعتبر احتلال العراق، مجرد محطة على طريق إخضاع البلدان العربية بأسرها، وأشار تحديدا إلى السعودية ومصر كهدفين محتملين للعدوان.
واحتل العراق، وبشر المحتلون بفجر ديموقراطي جديد، تكشف أنه إعادة بعث وتمجيد لظواهر التخلف التي ودعها العراقيون لقرون مضت. أعيد للنعرات الطائفية والمذهبية والعشائرية والانتماءات العرقية اعتباراتها، وتشكل أول مجلس انتقالي بهدي تلك النعرات. وقسمت المناصب السياسية بموجب محاصصات وضعت جل حساباتها، تفتيت العراق، ومصادرة هويته العربية الإسلامية، وعلى النحو الذي تبناه الكونجرس الأمريكي في قراره الأخير. وجاءت صياغتا الدستور والفيدرالية فيما بعد متماهيتين مع هذا التوجه.
وكانت الشهور القليلة المنصرمة قد شهدت بروز سلسلة من الكتابات وتقارير لبعض مراكز الأبحاث في أمريكا تطرح مباشرة تقسيم العراق وتدفع بتنفيذه باعتباره الحل العملي المتاح أمام إدارة الرئيس بوش للخروج من المأزق. وبالتأكيد فإن المهم في تحديد خيارات الإدارة الأمريكية، من وجهة النظر الداعية إلى التقسيم، ليس مستقبل العراق ولا مصلحة شعبه، ولا هويته وتاريخه، بل أمن الاحتلال وسلامته وكيفية الهروب من المستنقع العراقي. وكانت مجلة القوات المسلحة الأمريكية قد كشفت عن هذا المخطط في عددها الصادر في شهر يوليو من العام الماضي،عندما تحدثت عن "خريطة الدم" التي تحوي خطة تقسيم الوطن العربي وإعادة رسم خارطته بما يحقق قيام دويلات على أسس طائفية وعرقية، في أرجاء الوطن العربي. وأشير في حينه من قبل بعض الخبراء الاستراتيجيين إلى أن وضع هذا المخطط الجهنمي موضع التنفيذ قد بدأ فعليا في فلسطين ولبنان والسودان والصومال وأنه مرشح للتمدد إلى عدد آخر من البلدان العربية والإسلامية التي ما زالت مشاريع تقسيمها تحت السطح إلى مراحل لاحقة.
تقسيم العراق هو أعلى مراحل الفوضى الخلاقة وهو عمل إجرامي يفوق، بخطورته وآثاره المدمرة كل ما قامت به الإدارة الأمريكية حتى الآن من جرائم في العراق، ويفتح الطريق واسعا أمام تنفيذ المشاريع المشبوهة الأخرى، وفي المقدمة منها ما ورد في تقرير "الاستراتيجية الكبرى"، ومواجهته عربيا ليس مسؤولية قومية فحسب، بل هو دفاع عن أمن الوطن وسلامته واستقراره، ومسقبله.
لماذا تم اختيار هذا الوقت بالتحديد لاستصدار قرار الكونجرس، وما هي تبعاته وآثاره السياسية أمريكيا، وعربيا.. ذلك ما سوف تكون لنا معه وقفة في الحديث القادم بإذن الله.
*كاتب أكاديمي سعودي متخصص في السياسة المقارنة
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
من ذكريات العراق الحزين
غازي عبداللطيف جمجوم
عكاظ السعودية
قلوبنا وخواطرنا في عيد هذا العام مع أشقائنا العراقيين الذين كابدوا طوال السنوات الماضية قدرا هائلا من المصائب والأهوال والمحن من قتل وتشريد وصعوبات بالغة في جميع جوانب المعيشة، في مسلسل من الأحداث المأساوية بدأ منذ عهد صدّام ولا يعلم إلا الله متى ينتهي. الذي حدث في العراق يكاد لا يُصدق. أقل ما يقال عنه، مثل غيره من مسلسلات الحزن العربية المستمرة، أنه لا يليق بالقرن الواحد والعشرين، قرن القرية الكونية الصغيرة (Global Village)؟ أليس معنى هذه العبارة أن العالم كله أصبح وحدة متقاربة متآلفة كسكان القرية التي يرى ويسمع ويعرف سكانها كل ما يحدث لجيرانهم، ويُفترض أنهم يهتمون بأمرهم ويحسون بمعاناتهم ويقفون بجانبهم ويحاولون مساعدتهم؟ أليس هذا القرن هو قرن وفرة الأنظمة والدساتير والمعاهدات والاتفاقيات والجمعيات التي غطت كل نواحي الحياة وكل علاقة بين الدول والجماعات والأفراد؟ أليس هو القرن الذي توجت فيه الحقوق: حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق الأقليات. كيف يمكن أن نتصور مع كل هذا أن نشاهد مسلسلات صراع الغاب تعرض صباح مساء أمام أنظار العالم؟ وأن نرى دولة عريقة مثل العراق غنية مثل العراق قوية مثل العراق وهي تتفكك وتضمحل؟
أحاول أن أستعيد شريط الذكريات. ذكريات صدام في أيام عزه، يوم كان رجل العراق الأوحد، الآمر الناهي، يفعل ما يشاء، يأمر فيُطاع، يصول ويجول، يتغطرس ويتعالى، يُهدد ويتوعد. يتحدى دون أن يحسب حساب أحد. صوره وتماثيله في كل مكان. الكل يُمجدونه ويُعظمونه. لم يكن العراق سعيدا تلك الأيام. كان الكثير من أبنائه مضطهدين أو سجناء أو هاربين. بعضهم أُعدم أو قُتل بالغازات السامة ودفن في مقابر جماعية. الحرب الطويلة الطاحنة مع إيران أفنت الكثيرين ولم يستفد منها أحد. العراق وأبناؤه دفعوا الثمن غاليا. محاولات صدام العبثية لبناء مفاعل نووي تنتهي بضربة إسرائيلية متوقعة لم يحسب حسابها. تمادى صدام في طغيانه وعبثه بغزو الكويت. من كان يصدق أن يصل به الأمر إلى مثل هذا العمل الأحمق الذي ألغى كل مضامين العروبة والإسلام والأخوة والجيرة والإنسانية؟ صبر العالم ينفد. العالم يسترد شيئا من عقلانيته بتحرير الكويت. يتم تحجيم صدام، وتفرض المقاطعة الاقتصادية على العراق. الشعب العراقي وخاصة أطفال العراق يدفعون الثمن مرة ثانية. صدام يُصبح أسدا من ورق و لعبة تلهو بها القوى الكبرى كيف تشاء. تأتي أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ويشهد العالم مسرحية عبثية أخرى من نوعية أفلام «الكاوبوي» بطلها يطارد الشرير (الأسد اللعبة) بلا هوادة، وللأسف دون أي اعتبار للضحايا الأبرياء الذين يسقطون تحت الأقدام: ربط لا منطقي بين القاعدة وصدام، و ادعاءات ملفقة بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل ليس لها وجود. ردود فعل بلهاء وحسابات خاطئة من صدام. حرب عبثية ثانية يقوم بها شرطي العالم الأكبر لتفريغ غيظه على شعب لم يقم بأي اعتداء عليه متجاوزا نصائح قادة العالم الأكثر حكمة وإنسانية. لا أحد يعرف ماذا كانت الدوافع الحقيقية للحرب على العراق: هل كانت الرغبة في الانتقام الأعمى لأحداث سبتمبر؟ أم استغلال الفرصة لتأمين الوصول إلى مخزون النفط؟ أم السيطرة على مواقع استراتيجية لمحاصرة الصين وروسيا؟ أم حماية إسرائيل من خطر لم يعد قائما؟ أم كل ذلك؟ مرة ثالثة العراق يدفع الثمن. الأمريكيون يتوقعون نزهة قصيرة يستقبلهم العراقيون فيها بالأحضان والورود، ولكن هذا لم يحدث بل يجدون أنفسهم غائصين في مستنقع لا يسهل الخروج منه. الحرب تكشف عن أسوء ما في الإنسان. دوامة الصراع السني - الشيعي تكشر عن أنيابها. القتل ينتشر. صدام يُطارد من جحر لجحر إلى أن يُمسك به ويُعدم ولكن إعدامه لا ينهي المشكلة. المأساة تستمر. يبدأ نسيج العراق في التفكك. أقوى قوة في العالم تعجز عن السيطرة على العراق المتحارب. أبناء العراق بالملايين يهربون إلى الخارج، باحثين عن النجاة بأي وسيلة. العالم ينظر ولا يفعل إلا القليل. الرئيس الأمريكي يفقد مصداقيته وشعبيته ويستعد لمغادرة البيت الأبيض بعد انتهاء ولايته، ولكنه يتمسك بخط السير نفسه. لا أحد يمكن أن يتكهن عن البدائل الأخرى، ماذا سيحدث إذا بقي الأمريكيون أو إذا خرجوا؟ مستقبل العراق، مهد الحضارة ودوحة الخلافة الإسلامية يصبح على كف عفريت.
لم نملك أن نفعل شيئا لأشقائنا في العراق إلا أن ندعو لهم في ليالي رمضان أن يلهمهم الله رشدهم ويُطفئ نار الفتنة بينهم ويجعلهم يتصرفون بعقلانية تليق بهذا الزمان، وأن يحرر أرضهم ويجنبهم التدخلات الخارجية التي تهدف إلى تمزيقهم. وندعو لهم أن يروا ولو قدرا صغيرا من السعادة في عيد الفطر القادم. ندعو لهم ونسمع بعضهم ينشدون للعراق الحزين بصوت خافت لا يكاد يسمع بين أصوات القنابل والدمار: موطني.. موطني.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
لماذا لا نطالب بتقسيم أمريكا؟
السيد زهره
اخبار الخليج البحرين
كاتبة بريطانية معروفة قدمت للعرب هذا الاقتراح. قالت: لماذا لا تصوتون للمطالبة بتقسيم امريكا؟ طبعا، الكاتبة تطرح هذا الاقتراح في سياق الحديث عن القرار الذي اتخذه مجلس الشيوخ الامريكي بتقسيم العراق. بحسب الكاتبة، لماذا لا يطالب العرب مثلا باعادة كاليفورنيا للمكسيك، وهاواي الى سكان الجزر الاصليين، والاسكا الى الاسكيمو. ولماذا لا يطالبون باعطاء بعض ولايات الى الامريكيين الافارقة.. ولا باس من ان نطالب بالمناسبة باستقلال المسلمين بكم ولاية.. وهكذا.
الفكرة هنا كما هو واضح، انه اذا كان مجلس الشيوخ الامريكي قد اعطى لنفسه الحق في تحديد مصير بلد عربي وقرر تقسيمه، فلماذا لا يكون من حق البرلمانات العربية ان تصوت وان تتخذ قرارات بتقسيم أمريكا؟ طبعا، بالنسبة إلى هؤلاء العنصريين الاستعماريين في مجلس الشيوخ الامريكي أو غيره من الدوائر السياسية الامريكية، الاجابة واضحة: ان هذا الحق.. حق رسم مصائر الدول والشعوب هو محفوظ لمن يملكون وسائل القوة والبطش. اما الضعفاء من الدول، فليس لهم هذا الحق. الحقيقة ان اقتراح الكاتبة البريطانية له مغزى ابعد من مجرد المعنى الرمزي المباشر الذي طرحته. المعنى هنا يترجمه هذا السؤال: لماذا يكتفي العرب دوما ازاء تطورات كارثية مثل قرار تقسيم العراق هذا أو غيره، بمجرد رد الفعل فقط؟.. لماذا يعجزون عن الفعل والمبادرة؟. ازاء هذا القرار مثلا، اكتفى العرب كما نعلم بمجرد رد الفعل اللفظي، الذي تمثل في شجب وادانة القرار. وحتى موقف رد الفعل لم يمتد الى أي رد فعل عملي يمكن ان يكون مؤثرا. والامر بالطبع لا يقتصر على الموقف ازاء قرار مثل هذا، وانما يمتد، الى كل ما جرى ويجري على ساحة العراق منذ ان استباحته قوات الاحتلال الغاشم وحتى هذه اللحظة. الامر الذي لا شك فيه ان الغياب العربي الكامل عن ساحة الماساة العراقية هو سبب رئيسي في ما جرى ويجري. منذ بدء الاحتلال، ورغم كل الكوارث المروعة التي جرت للعراق والعراقيين، فان العرب لا يفعلون شيئا الا الشكوى والتذمر والاحتجاج. مثلا، ايران هيمنت على الساحة العراقية كما نعلم، وأصبحت تعتبرها ورقة قوة كبرى في حوزتها في صراعها مع امريكا، وحتى في علاقاتها مع الدول العربية. ماذا فعل العرب ازاء هذه الحقيقة؟. لا شيء الا التعبير عن عدم الرضا عن هذا النفوذ الايراني الكاسح في العراق، والتحذير من مخاطره.. وهكذا. وأمريكا استباحت العراق قتلا وذبحا وتشريدا وتمزيقا. في مواجهة هذه الجرائم، ماذا فعل العرب غير الشكوى او الشجب ؟. لا شيء. بل ان مأساة الموقف العربي أكبر من هذا. أكبر من مجرد العجز عن المبادرة والفعل. أساسا لا يملك العرب أي رؤية أو تصور لكيف يمكن التعامل مع محنة العراق عربيا بما يحفظ استقلال العراق ووحدته وعروبته. ولذلك، هم لا يملكون أي اجابة لاسئلة مصيرية حاسمة مطروحة اليوم. نعني اسئلة من قبيل: هل يملك العرب أي تصور لما يجب ان يفعلوه عندما تنسحب قوات الاحتلال من العراق؟.. ماذا سيفعل العرب اذا دخل مشروع تقسيم العراق حيز التنفيذ الرسمي أمريكيا؟.. ماذا سيفعل العرب اذا اشعلت ايران ساحة العراق وحولتها الى رهينة بيدها في صراعاتها؟. لا يعرف العرب أي اجابة عن مثل هذه التساؤلات. وطالما ان الدول العربية ليس لديها أي تصور او مبادرة عملية على هذا النحو، فليس لها الا ان تتوقع اسوأ وأشنع التطورات في العراق، وأشنع التأثيرات على كل دول المنطقة. الذي نريد ان نقوله انه مع التقدير لاقتراح الكاتبة البريطانية بان يطالب العرب بتقسيم أمريكا، الا انه من باب أولى ان يقرر العرب فعلا الدفاع عن العراق وعنا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
مسيرة للقــدس أم للخمينـــــي؟
إبراهيم بوصندل
الوطن البحرين
لا أدري‮ ‬لماذا الإصرار على إقحام بعض الشخصيات والأحزاب في‮ ‬كل مناسبة وفي‮ ‬كل شأن،‮ ‬فما علاقة‮ ‬يوم القدس العالمي‮ ‬بحمل أعلام حزب الله اللبناني‮ ‬أو صورة الخميني‮ ‬أو الخامنئي‮ ‬أو‮ ‬غيرهما من رموز الطائفة،‮ ‬وكأنها مسيرة لاستعراض القوة والانتماء المذهبي‮ ‬أكثر منها مسيرة للقدس؟
ماذا‮ ‬يعني‮ ‬أن تحمل جموع بحرينية أعلام حزب لبناني‮ ‬في‮ ‬يوم المفروض أن ترفع فيه شعارات تختص بيوم القدس وبفلسطين‮. ‬هذه التصرفات هي‮ ‬التي‮ ‬تسبب فقد الثقة في‮ ‬هذه المهرجانات أو الفعاليات عند الآخرين،‮ ‬لأنها بشكل أو بآخر تصطبغ‮ ‬بصبغة مذهبية تحول دون تجاوب الآخرين من خارج المذهب‮. ‬كما أنها تأتي‮ ‬عندما تكون الدعوة مذهبية،‮ ‬ولو أن الفلسطينيين أنفسهم دعوا إلى مسيرة سنوية لما وجدوا تجاوبا‮ ‬يذكر‮.‬
ولا زلت أذكر عندما أقيمت قبل عدة سنوات حملة وطنية تبناها تلفزيون البحرين والكثير من الجمعيات لجمع التبرعات لفلسطين،‮ ‬يومها كان التجاوب دون المستوى بكثير‮. ‬قبل عدة سنوات عندما سألني‮ ‬أحد الصحفيين عن أسباب عدم مشاركة السنة في‮ ‬هذه المناسبة التي‮ ‬دعا إليها الخميني،‮ ‬فقلت له إن الناظر في‮ ‬الاستجابة‮ ‬يحسب أنها للخميني‮ ‬وإيران وليس للقدس التي‮ ‬هي‮ ‬قضية كل المسلمين‮.‬
في‮ ‬تقديري‮ ‬فإن‮ ‬يوم القدس أصبح‮ ‬يستغل من قبل البعض كيوم لاستعراض القوة،‮ ‬وهو‮ ‬يتحول في‮ ‬بعض الدول الإسلامية إلى استعراض شبه عسكري،‮ ‬ومناسبة للنيل من الحكومات المحلية بذريعة نصرة القدس‮.‬
وبينما ترفع شعارات نصرة القدس والفلسطينيين؛ نجد على أرض الواقع أن الفلسطينيين المقيمين هنا وهنا تفعل بهم الأفاعيل،‮ ‬واللاجئ الفلسطيني‮ ‬في‮ ‬لبنان بالذات‮ ‬يعاني‮ ‬الأمرين‮.‬
أما الفلسطينيون المقيمون في‮ ‬العراق؛ فليسوا بأحسن حالاً،‮ ‬فما‮ ‬يجري‮ ‬هناك محزن جدا،‮ ‬التنكيل أو الطرد أو الاعتقال أو حتى القتل في‮ ‬بعض الأحيان،‮ ‬أتدرون لماذا؟ لأنهم محسوبون على صدام والنظام العراقي‮ ‬السابق،‮ ‬ومشكلتهم أكبر من‮ ‬غيرهم لأنهم لا‮ ‬يستطيعون الفرار من العراق كغيرهم،‮ ‬وبعض الدول ترفض استقبالهم،‮ ‬وقد عاش بعضهم في‮ ‬مخيمات في‮ ‬الصحراء على الحدود بين الأردن والعراق‮.‬
إن الذي‮ ‬تهمه قضية القدس ويخصص لها‮ ‬يومًا في‮ ‬السنة،‮ ‬من باب أولى أن تهمه قضية الفلسطينيين،‮ ‬وأن‮ ‬يسعى لنصرتهم أينما كانوا أو على الأقل‮ ‬يدعهم في‮ ‬حالهم‮.‬
خطأ كبير‮ ‬يرتكبه المستجيبون لنداء‮ ‬يوم القدس العالمي‮ ‬عندما‮ ‬يرفعون صور قادة إيران أو أعلام أحزاب لبنان والتي‮ ‬تعطي‮ ‬للمسيرة بعدًا آخر،‮ ‬ولو اكتفوا برفع أعلام بلادهم والشعارات المؤيدة ليوم القدس لكان خيرا لهم وللجميع‮.‬
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
«الجهاد«.. والذاكرة الضعيفة!
عبد المنعم ابراهيم
اخبار الخليج البخرين
الدعوة التي أطلقها مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وحذر فيها الشباب من الذهاب إلى الخارج بقصد (الجهاد)، تلاقي أصداء إيجابية في كثير من الدول العربية، وخصوصاً حين اختلط الحابل بالنابل في العراق، وأصبح القتل على الهوية الطائفية هو السمة السائدة هناك.. ليس هذا فحسب بل لاحظنا حجم التأثير الخاطئ لدعاة التحريض باسم (الإسلام) في عقول الشباب فيما يتعلق بمفهوم «الجهاد«، وتكشف
عن ذلك أحداث «نهر البارد« في لبنان، حيث تجمع خليط من مختلف الجنسيات العربية وخاضوا حرباً ضروساً ضد الجيش اللبناني، وراح بينهم العديد من القتلى - من الطرفين - ونفس هذه الأفكار الخاطئة هي التي حركت (الحوثيين) ضد قوات الجيش اليمني، ولا تزال المعارك حتى الآن تشتعل بين حين وآخر، وأيضاً21 كانت التضحيات كبيرة هناك. إذن التحريض الديني الخاطئ الذي يصور الإرهاب والقتل والعمليات الانتحارية على انها (جهاد إسلامي) هو الذي يمهد الطريق أمام المزيد من الأعمال الارهابية، سواء داخل الدول العربية أو ضد الدول الأخرى وضد الشعوب الأخرى، وإذا تحركت الدول العربية جميعها، وتحرك رجال الدين الأفاضل، وتحرك رجال الإعلام والصحافة لكي يشرحوا للشباب خطورة مثل هذه الأفكار على وحدة وأمن المجتمع العربي، فإننا نكون قد شاركنا مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في جهوده لتوعية الشباب، حتى لا يجدوا أنفسهم أمام كارثة جديدة. المشكلة أن ذاكرة الإنسان العربي ضعيفة.. فقط لو عاد بتفكيره إلى حرب (المجاهدين) في أفغانستان وشاهد حجم الصراع على السلطة في كابول قبل سيطرة جماعة طالبان على الدولة، لوجد أن ما يحدث الآن هو تكرار لذلك المسلسل القديم الذي تم فيه استخدام (الدين الإسلامي) للمتاجرة بأرواح الشباب والمدنيين والأبرياء، وما دامت الأموال الطائلة تضخ بالملايين تحت شعار (التبرعات الخيرية) وتذهب إلى جيوب المتاجرين بالإسلام، فإنه لا يهم بالنسبة إليهم أن يموت الشباب من الحالمين بالجنة وهم يلبسون الحزام الناسف ويقتلون الأبرياء! أفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان ومخيم نهر البارد في لبنان وحاليا العراق.. كلها ساحات حرب استخدم فيها (الإسلام) كغطاء لأعمال وحشية قُتل فيها الأبرياء.. ولكننا لا نريد أن نتعلم من أخطائنا.. للأسف الشديد!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
القاب الفخامة "المتشظية" في العراق الديمقراطي!
فخري كريم
المدى العراق
احيت جهات غير معلومة، في غفلة من الدولة التي أٌطيح بها، تقاليد بروتوكولية والقاباً، غابت عن وعي العراقيين وممارساتهم منذ نصف قرن، بعد ان اطاحت ثورة 14 تموز 1958 بالملكية وبروتوكولاتها، وبضمنها القاب الفخامة والسعادة والمعالي بالاضافة الى الباشوية، التي تندر بها الناس، كلما عنّ لهم السخرية من شخصية عامة.
والالقاب بحد ذاتها، لا ضرر منها ولا قيمة لها، لا ترفع قامة ولا تقصر غيرها. فالزائر الى مصر، اياً كان مقامه السياسي والاجتماعي، او درجته الوظيفية، "يشبع" من لقب الباشا اينما توجه، كبادرة احترام، وربما كسخرية مبطنة يُنفّس من خلالها المُهمّشون، غيظهم، مما هم فيه من شظف العيش وعسر الحياة، وما يرفل فيه باشوات عصر العولمة من التخمة.
كما يندر ان لا يلقب حامل حقيبة دبلوماسية، او مستخدم عدسات طبية، بسبب قصر نظره، بغير "لقب دكتور"، حتى وان كان في واقع الحال رجل اعمال أو تاجراً شبه متعلم أو حتى عتّالاً "افنديا" لا يقرأ ولا يكتب، يرافق اميراً او مسؤولاً حكومياً رفيعاًً!
لكن الالقاب في الحالات الاخرى، تعكس ثقافة طبقية مراتبية، وترمز الى السلطة والامتيازات والمكانة الاجتماعية.
ان الغفلة التي اقحمت فيها القاب الفخامة والسعادة والمعالي على رجالات دولة العراق الجديد، الديمقراطي، ظلت حتى الان شكلية، يفترض فيها أن تزول مع انتهاء التكليف الرسمي، لكنها لن تظل كذلك، اذا ما استقرت في الوعي العام، مثل مظاهر اخرى تستدرجنا يومياً بدواعي، التصدي للارهاب، والعنف، وتكريس سلطة الدولة، والقانون، الى اعتماد، ما يشكل في الجوهر ادوات ووسائل للقمع، تتعارض مع الاسس الضامنة لدولة القانون وحقوق الانسان والحريات، مثل استخدام العنف المفرط، او التوقيف الكيفي، او استحداث اجهزة امنية ومخابراتية متعددة الهياكل والاهداف...
والغريب ان قادة العراق الجديد، خلافاً لتقاليدهم الحزبية والسياسية،... ولثقافة العراقيين الديمقراطية، سرعان ما تكيّفوا مع هذه الالقاب، واستطابوها، رغم ان دولة، بيروقراطية البروتوكول، مثل لبنان الغتها بمرسوم، وان اكبر دولة عربية من حيث نسبة السكان والتأثير السياسي كمصر، لم تَعٌد الى تداولها بعد ان الغتها ثورة يوليو 1952.
فهل لهذا الاستخدام "المفرط" للالقاب "الملكية" في وعي قادة دولتنا الديمقراطية، دواعٍ غير شكلية؟
ليس في واقع الحال، ما يلغي الهواجس والشكوك، ويبعث على الاطمئنان.
فاذا تجاوزنا مرحلة ادارة "القيصر" بول بريمر الانتقالية، وما شهدته من تجاوزات على المال والشأن العام، او من العطايا والرشاوى والمقاولات بـ "الباطن"... فان من بين مآثر حكومة الدكتور اياد علاوي ومعاونيه، اصدار قرارات ومراسيم لها قوة القانون، تكرس امتيازات نفعية لمن يغادر المسؤولية، تثقِل اعباء الدولة، لا مثيل لها، كما هو معروف في الاقل، في اي نظام او دولة، اذا استثنينا، الملكيات والامارات والانظمة الشمولية.
وهذه الامتيازات لا تقتصر على الرواتب التقاعدية المجزية، التي تصل الى 80% من الراتب، حتى وان خدم المسؤول بضعة اسابيع، ولربما بضعة ايام!، بل ابقاء العقارات والسيارات المصفحة وعشرات المرافقين، وغير ذلك مما لا علم لنا به تحت تصرفهم وهم خارج المسؤولية. "ومن بين هؤلاء المسؤولين المنتهية ولايتهم" من يمتلك اكثر من "فيلا" ومكتب ومنشآت، وبيوت سكرتارية وموظفين.
ان نظرة سريعة الى احوال عدد من المسؤولين السابقين والحاليين، تكفي لمعرفة "تغيٌر احوالهم" الملفت. فكل واحد منهم تقريباً اصبح بين ليلة وضحاها، مالك جريدة واذاعة وفضائية. ومنهم من يتنقل بالطائرات الخاصة التي يشحذها من هذا البلد او ذاك، مستنكفاً التنقل بين البلدان بركوب الطائرات مع مواطنيه. ومن غير المجدي البحث عن ممتلكات بعض هؤلاء في بلدان اخرى، او في منافي اللجوء التي كانت دوائر الهجرة او الخدمات الانسانية تتصدق عليهم بمنح اللاجئين الشهرية.
ولو بقي الامر على الامتيازات المالية لكان هيناً، فهؤلاء القادة الذين احتفى بهم الشعب، كبٌناة عراق ديمقراطي جديد يرفل بالعدالة الاجتماعية والمساواة والرحمة، يتحولون مع تطور الاوضاع الى طبقة مهيمنة، تحاول عبر وسائلها، وهي كثيرة، تطويع قوانين الدولة لحماية امتيازاتها ومواقعها المتنفذة، وما تنويه او تخطط له.
والاخطر من ذلك، ان انعزال هؤلاء القادة حتى عن جمهورهم ومريديهم، وهم يقدمون مثلاً بسلوكهم هذا للجيل الجديد من الساسة، ومن بينهم من اعيد تأهيله وتسويقه من بقايا النظام السابق، يضعف الاحساس العام، والثقة بامكانية ارساء اسس وطيدة لديمقراطية تكفل الحقوق والحريات، وتبعد اي احتمال لاعادة تشكيل نظام استبدادي بواجهة جديدة.
ان المرحلة الصعبة المعقدة التي تجتازها البلاد، تقتضي ضمان حياة القادة والمسؤولين بمختلف مراتبهم، و لا ضير في تأمين ذلك،... ولكن الا يرى نواب الشعب، المشرِّعون، ان "الافراط" في الامتيازات والحصانات، مثل "الافراط" في العنف، يضعف الثقة، ويبدد الآمال؟
بقي ان نقترح على نوابنا الاشاوس، اصدار "قرار رئاسي"، يعتبر الالقاب "المفرطة في المهابة" بلا مسوغ قانوني.
ولعل في لقب السيادة ما يكفي ويزيد، في دولة هي نفسها في طور التكوين، ناقصة السيادة

ليست هناك تعليقات: