Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 7 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الجمعة 7-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
زيارة الرئيس بوش للعراق
* نزيه القسوس
الدستور الاردن
يوم الاثنين الماضي قام الرئيس الأميركي جورج بوش بزيارة مفاجئة للعراق وهذه الزيارة ليست زيارة بروتوكولية بل هي زيارة عمل مهمة للإلتقاء مع كبار ضباط القيادة العسكرية الأميركية هناك للإطلاع على الأوضاع الأمنية عن قرب وذلك لأن التقرير الذي سيقدمه قائد القوات الأميركية في العراق إلى مجلس النواب عن الأوضاع الأمنية في العراق قد اقترب موعده وعلى ضوء ما يرد في هذا التقرير سيقرر مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون السياسات الأميركية القادمة في العراق وهل يجب أن تنسحب القوات الأميركية من هناك أو جزء منها ومقدار التمويل المالي الذي سيوافق عليه .
يقول الرئيس بوش في تصريحات له قبل مغادرته العراق بأن الأوضاع الأمنية تحسنت كثيرا بعد تطبيق الخطة الأمنية الأخيرة ونشر عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين في محافظات المثلث السني وهذه التصريحات هي بالتأكيد محل نقاش لأن الواقع يقول غير ذلك فإذا ما خفت حدة العمليات العسكرية في محافظة الأنبار على سبيل المثال فإن ذلك يعود إلى إنسحاب المسلحين منها بسبب كثافة القوات الأميركية والعراقية التي انتشرت في هذه المحافظة لكن هذا الانسحاب هو بالتأكيد انسحاب تكتيكي لأن المسلحين يمكن أن يعودوا خلال أيام قليلة فالقوات الأميركية لا يمكن أن تبقى بهذه الكثافة لسنوات عديدة كما أنها لا تستطيع أن تبقى في حالة إستنفار دائم وكذلك القوات العراقية التي تساندها وإذا ما خفت العمليات الهجومية على القوات الأميركية في محافظة الأنبار فإنها لم تخف في محافظات أخرى فلا يمر يوم لا نسمع فيه عن سيارة أو عدد من السيارات المفخخة وهي تنفجر في بعض المدن العراقية وتقتل وتجرح العشرات من المواطنين العراقيين الأبرياء .
لقد نفذت القوات الأميركية عدة خطط أمنية في محاولة لفرض الأمن في العراق لكن كل هذه الخطط فشلت حتى الآن وما يزال العنف على أشده وما زالت النعوش التي تحمل جثث الجنود الأميركيين القتلى تحملها الطائرات كل يوم لتنقلها إلى الولايات المتحدة الأميركية وما زالت المظاهرات الشعبية تجتاح بعض المدن الأميركية مطالبة الرئيس الأميركي بسحب القوات من العراق. في النهاية لن يبقى الوضع على حاله في العراق فبالرغم من النعرات الطائفية التي أثارها الاحتلال هناك وبالرغم من الاقتتال الطائفي أحيانا إلا أن العراقيين متفقون على ضرورة إنسحاب جميع القوات الأجنبية من بلدهم وهم مستعدون للتضحية بكل شيء من أجل تحرير بلدهم وهذا الانسحاب سيتم إن عاجلا أو آجلا لأن الشعوب لن تقهر أبدا وهي متجددة باستمرار أما المحتلون فإن لهم طاقة محدودة للتحمل مهما كانت إمكاناتهم وها هي بريطانيا تجمع قواتها في البصرة داخل قاعدة عسكرية جوية ولم تسحبهم بشكل مباشر حفظا لماء وجهها وماء وجه جنودها لكنها ستسحبهم في القريب العاجل .
حتى لو زار الرئيس بوش العراق ألف مرة لرفع معنويات جنوده وحتى لو أرسل مليون جندي إضافيين للعراق فإن الشعب العراقي سيقاوم هؤلاء الجنود بكل شراسة حتى يحرر كل شبر من الأراضي العراقية ويهزم المحتلين شر هزيمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
شخص.. غريب الاطوار!
د. احمد قطامين
الراي الاردن
منذ عدة اشهر، درج شخص غريب الاطوار على الكتابة بشكل متكرر في بعض الصحف العربية الالكترونية كتابات مسيئة للشعب الاردني مستخدما لغة لا يمكن وصفها الا بالسفاهة والانحطاط. نحن نفهم مثلا ان يوجه النقد بلغة حوارية راقية الى سياسي بعينه او شخص معين او نظام حكم معين اما ان تستخدم لغة ''دبشية'' منحطة تنتقي اكثر الكلمات انحطاطا في المعنى وحتى في اللفظ ضد شعب باكمله، فهذا شيء جديد، وغير مسبوق، ويدل على نفسية غارقة في الاثم والانحطاط.

هذا الشخص يدعى محمد الموسوي وهو من اصول ايرانية، يقال انه دخل العراق ''ظافرا .. منتصرا'' على متن مروحية تابعة لجيوش الغزو برفقة احد زعماء الحرب العراقيين الذي دخلوا العراق مع الاندفاعة الاولى لقوات الغزو في الايام الاولى لاجتياح العراق واحتلاله. اذن، محمد الموسوي واكب دخول قوات الغزو الى العراق عام 2003 ليكون واحدا من اولئك الذي استباحوا عفة العراق العربي العظيم وقدمو شرفه الوطني للأغراب مقابل حفنة من ''النفوذ'' السادي اللانساني داخل العراق.

يصف هذا الشخص الشعب الاردني بأوصاف ونعوت قبيحة يندى لها الجبين، ويكثر في وصفه من الكلمات والعبارات ذات المغزى الشذوذي كما لو كان يعبر بالحاح غريب عما في اعماقه من شذوذ.. ويعتبر مواقف الاردنيين مع العراق على مدى الحقب الماضية وحتى اليوم نوعا من الشذوذ السياسي والاقتصادي. ينسى الموسوي ان الشذوذ الحقيقي سواء كان سياسيا ام اقتصاديا ام اخلاقيا ام وطنيا لا يمكن التعبيرعنه بوضوح اكثر مما يعبر عنه ذلك المشهد الغريب وهو مرافقة امثاله للغزاة وهم يجتاحون ارض العراق الذي يدعي انه وطنه. ولا يمكن ان يكون الشذوذ اكثر وضوحا وتجليا من ان يكون امثاله اداة تساعد المحتلين على تدمير البنية التحتية للعراق ونهب كل شيء فيه حتى الاثار التي تدل على عظمة تاريخ العراق وشموخه الاسطوري عبر التاريخ.

عندما كان العراق بلدا مهيبا قبل ان يدخله ''الموسوي''، كانوا يقولون''فليخسأ الخاسئون'' وذلك تعبيرا عن ردة فعل العراقيين الشرفاء على افعال الخونة الذين يتآمرون على بلدهم مع القوى الاجنبية، وكان هذا المصطلح يقال للتعبير عن مدى مقت العراقيين الشرفاء لمن يضعوا انفسم في خدمة مخططات الاعداء ويتآمرون على وطنهم.

والان آن الاوان للتذكير انه غاب عن ادراك البعض وفهم الموسوي ان الاردن بكل مكوناته لم يكن يوما ولن يكون الا في طليعة الشرفاء الذين يفعلون الخير اكثر مما يعدون بفعله وان محاولتك الاساءة للعلاقة التاريخية الممتدة عبر التاريخ بين الاردن والعراق لن تنطلي على احد.. وان الذين يسعون الى الاساءة للعلاقة القائمة بين الشعب الاردني العظيم ومئات الالاف من الاشقاء العراقيين الذين هاجروا ، لن يحصدوا الا الخزي والعار..

وسيبقى العراق عربيا في طليعة صناع مجد الامة.. وسيندحر الخاسئون.. وفعلا ''ليخسأ الخاسئون'' ...


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
لإشارات المتناقضة
افتتاحية
الخليج الامارات
لم يعد أحد يشك أن الاحتلال الأمريكي لم يعد قادراً على البقاء في العراق، فالمؤشرات الدالة على ذلك كثيرة، بعضها يأتي من الحلفاء الذين ينسحبون خلسة، أو علناً، وبعضها يأتي من الوقائع على الأرض العراقية حيث الاستراتيجية الأمريكية تلقى خيبات متلاحقة، وبعضها الآخر يأتي من التصريحات الأمريكية وآخرها من القائد العسكري الأمريكي في العراق الجنرال ديفيد بترايوس.

لكن الرئيس الأمريكي يرسل باستمرار إشارات تناقض كل ما تؤكده الوقائع أو يشهد به جنرالاته والكونجرس. إنه، على ما يبدو، يحب ألا يتذوق مرارة الهزيمة في عهده، لذا إما أن يؤكد أن الانسحاب مشروط بتحقيق الانتصار والتقدم في العراق، أو أنه يصر على عدم الانصياع للضغوط الداخلية من أجل الانسحاب، ثم سرعان ما يجد نفسه محاصراً من حلفائه أو من مؤسساته.

حلفاؤه إما أن ينسحبوا أو يعدوا بالانسحاب، والكونجرس الأمريكي يقول إن الحكومة العراقية أخفقت في تحقيق الكثير من مؤشرات التقدم. أما الجنرال بترايوس فيؤكد “أن هناك حدوداً لما يستطيع الجيش أن يقدمه”، وأن قرار الانسحاب سيؤثر فيه الإجهاد الذي يتعرض له جيش الاحتلال. ما يقوله الحليف وأهل البيت مفاده أن لا مناص من برمجة الانسحاب، وأن التأخير قد يحمل مخاطر كثيرة لمصالح الولايات المتحدة وقدرتها على التأثير في الأوضاع العالمية.

وقد قال ذلك علانية نائب وزير الخارجية الأسبق أرميتاج حينما أكد أن انشغال الولايات المتحدة في العراق أدى إلى التهائها عن منطقة جنوب شرق آسيا وزيادة النفوذ الصيني فيها. غير أن هذه الإدارة تمضي في تبرير موقفها من برمجة الانسحاب بأن خصومها قد يصوّرونه هزيمة للولايات المتحدة. ولكن الإدارة الأمريكية قد هزمت في العراق منذ الأشهر الأولى وخيباتها متواصلة. لقد هزمت حينما انكشف للعالم زيف دعاوى الحرب، وحينما لم تحقق أهدافها المتغيرة باستمرار.

ولن تؤثر في هذه الحقيقة المماطلة في برمجة الانسحاب، بقدر ما قد تنقل عبء الهزيمة إلى الإدارة اللاحقة، وبقدر ما قد تؤدي إلى كوارث أكبر في العراق. وستكون نتائج الهروب من استحقاق برمجة الانسحاب مشاكل أعمق للولايات المتحدة، ومصائب أكثر للعراق. وقد يكون من مصلحة هذه الإدارة أن تحاول بعض الإصلاح بتمكين الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي من وضع خطة لفترة انتقالية تساعد فيه الأطراف العراقية على تجاوز انقساماتها، وتعزيز وحدتها.

ولعل هذا هو المخرج الذي يقلل من تأثير برمجة الانسحاب في مصالح الولايات المتحدة ونفوذها. وبخلاف ذلك قد تجد الإدارة الأمريكية نفسها مضطرة للانسحاب بطريقة تذكر بما حصل في فيتنام. حينذاك ستكون الهزيمة مدوية وأشد مرارة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
عن العراق
د احمد ماهر
الشرق الاوسط
جاءت زيارة الرئيس بوش المفاجئة في الأسبوع الماضي إلى العراق ومعه وزير الخارجية ووزير الدفاع لتثير تساؤلات عن توقيتها والأسباب التي دعت إليها وإلى أنه يقوم بها في طريقه من الولايات المتحدة الى أستراليا فلم يسلك أقصر طريق بل أطوله.
ولما كانت الزيارة تمت قبل فترة قصيرة من التقريرين المتوقعين من جانب الجنرال «بترويس» قائد القوات الأمريكية في العراق والسفير الأمريكي في بغداد ريان كروكر، فقد بدا للكثيرين أن الغرض هو أساساً التأثير على كاتبي التقريرين المكلفين بتقييم نتائج قرار زيادة القوات الأمريكية.
ولعل الرئيس أراد تجنب أن يأتي التقريران بما لا يشتهيه وبما يؤكد فشل سياساته التي يبدو أنها تتخبط في مأزق وضع الرئيس نفسه وبلاده فيه. وقد تلازمت الزيارة مع تصريحات مضحكة من فرط تفاؤلها غير المبرر وادعاءاتها التي لم تستند إلى الحقائق متلاعبة – كما أوضحت مقالات صحفية أمريكية – بالأرقام والإحصاءات والبيانات إلى درجة تستفز الحقائق على الأرض. ولم يشأ الرئيس فيما يبدو الانتظار حتى موعد صدور التقريرين في منتصف الشهر فأراد أن يورط المسؤولَين في مواقف غير حقيقية وتتسم بادعاءات غير دقيقة حول نتائج سياسة تعزيز القوات. كما أن الرئيس بوش أراد فيما يبدو الرد على موقف بريطاني أدى الى سحب القوات من البصرة إلى معسكرات تحتمي بها إلى حين استدعائها مرة أخرى في حالة الحاجة، تاركة مسؤولية الأمن في المدينة الى قوات عراقية من الواضح أنها غير مكتملة التدريب وغير قادرة لأسباب عسكرية وغيرها على الحفاظ على الأمن. ومن الواضح أن تلك الخطوة البريطانية هي انعكاس للرغبة في بدء الخروج من الورطة التي وضع توني بلير نفسه فيها نتيجة لسوء تقدير.
ولعل من الأمثلة المؤكدة لسوء التقدير، هو ما جرى بيني وبين السفير البريطاني في القاهرة عند بداية الغزو للعراق، فقد كان يدعي ـ مؤمناً فيما يبدو ـ بأن التصاق بريطانيا بالموقف الأمريكي التصاقاً وثيقاً يتيح لها التأثير على السياسة الأمريكية لتجنب الكثير من الأخطاء، وقد انتهى الأمر إلى فشل ذلك التكتيك وتحول إلى استراتيجية تبعية كاملة وانزلاق إلى مواقف صعبة وخاطئة.
وقد انتقل السفير البريطاني الذي أشير إليه بعد ذلك للعمل في بغداد مع الدكتاتور المدني الأمريكي الأرعن بريمر فلم يستطع عليه صبرا إلا شهوراً معدودات.
وفي ما يتعلق بالموقف البريطاني فقد كشف مؤخراً قائدان عسكريان بريطانيان شاركا في التخطيط للغزو وتنفيذه عن نقدهما الشديد للموقف الأمريكي في ما يتعلق بمرحلة ما بعد الغزو، وقد وصفا سياسة واشنطن بأنها أفلست تماماً لأنها تورطت في أوهام بذرها في عقل مسؤوليها عدد من اللاجئين العراقيين الذين كانوا يجرون وراء أطماعهم الشخصية في الوصول إلى السلطة من دون أن يكون لديهم علم حقيقي بأحوال بلادهم التي تركوها منذ سنوات طويلة ليعرضوا خدماتهم كعملاء جهلة استطاعوا أن يساهموا في توريط الدولة العظمى في مستنقعات لا تعرف كيف الخروج منها.
وتتضح كل يوم مآس حول أسلوب الإعداد للحرب، ولمرحلة ما بعد الحرب. ومن الغرائب في هذا الشأن مثلاً ما نقل عن الرئيس بوش نفسه أنه لا يذكر كيف ولماذا أصدر القرار بحل الجيش العراقي مع أنه كان يتصور أنه سيتم الابتعاد عن الجيش للحفاظ على الأمن والنظام بعد استبعاد بعض قياداته البعثية المتورطة مع نظام صدام حسين، بل إن بعض المسؤولين الأمريكيين ذكروا أن القرار كان الإبقاء على الجيش فعلاً بناء على ما يقضي به المنطق ونصائح بعض من حاولوا منع الغزو، ثم عندما بدا ذلك مستحيلاً حاولوا أن يقللوا من مخاطره ومخاطر نتائجه بالنسبة لمستقبل العراق. ولكن بريمر وزمرة البنتاغون من الآيديولوجيين المتعصبين ادعوا أن القادة العسكريين تركوا قواتهم وتفرقوا كما تفرق جنودهم، وبالتالي فلا مناص من إعلان حل الجيش والشرطة، والاستعانة بمليشيات دعمت الانقسام الطائفي وأدخلت البلاد في دوامة حرب أهلية سقط ضحاياها مئات الآلاف من العراقيين، إضافة إلى تغذية حركة مقاومة عنيفة سقط في أتونها عدد كبير من الأمريكيين وحلفائهم.
ومن الناحية السياسية فإن السياسة الأمريكية فشلت فيما حاولته ـ لو ادعت أنها حاولته ـ من إقامة «حكم ديموقراطي نموذجي» فرأينا ما نراه من تفكك الحكومة العراقية، وفشل رئيس الوزراء ـ الذي تعرض لهجوم أمريكي ثم اعتذار عن هذا الهجوم وتخبط في التعامل معه ومع حكومته المهلهلة ـ في تنفيذ الشروط أو الأهداف التي حددتها له واشنطن وأقر الكونغرس في تقرير أخير بأنه فشل في تحقيق أغلبها. بل إن السياسات الأمريكية وقعت في تناقض آخر وهو أنها أعطت الفرصة لزيادة النفوذ الإيراني داخل العراق، بينما هي في مواجهة مع طهران ليس فقط حول سياساتها النووية بل حول دورها الإقليمي، وترسم الخطط المجنونة لتوجيه ضربات عسكرية لإيران تستهدف فيما قيل أكثر من ألف هدف استراتيجي. ولست أدري إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد حقاً للهروب من مغامرة مأساوية فاشلة إلى مغامرة جديدة لن تقل مأساوية وفشلا بل ستكون لها ـ إن حدث ـ انعكاسات إقليمية بالغة الخطورة.
لقد ورد في كتاب صدر أخيراً في الولايات المتحدة أن كوندوليزا رايس بعد زيارة منذ سنوات لبغداد تحمست لما رأته فلم تتمالك نفسها وأجرت مكالمة مع الرئيس بوش لتنقل إليه حماسها وثقتها في أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح، ولعل الوزيرة رايس قد خففت الآن من حماسها غير المبرر الذي يبدو أنه كان محاولة لخداع النفس قبل خداع الغير. ولعل ما نراه الآن من تحركات أمريكية حاولت مثلاً موازنة بداية الانسحاب البريطاني الفعلي بوعود ببقاء القوات الاسترالية – هو استمرار لمحاولة خديعة الذات في مواجهة كل الأصوات التي ترتفع في واشنطن منادية بالاستماع إلى صوت العقل، والعدول عن سياسات أثبتت المرة بعد الأخرى فشلها إلى درجة المساس ـ ليس فقط بالأوهام الإمبراطورية ـ بل بالمصالح الأمريكية التي دفعت بها سياسات الرئيس بوش والجماعة التي سيطرت على فكره وعواطفه ـ إلى مزالق الخطر.
وأنا شخصياً لا يهمني تأثير ذلك على من يفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، فسوف يكون على الرئيس الجديد أياً كان ـ أن يواجه الحقيقة ويحاول تقليل الخسائر ووضع حد لنزيف الدم والمال، ولكن ما يهمني هو مستقبل العراق الذي قد يتركه الغزاة ـ عندما يهرولون فارين ـ في أسوأ أحواله. وهو وضع تقع مسؤولية معالجته على العراقيين أنفسهم بعيداً عن غوايات الانقسام الطائفي والتأثيرات الخارجية. ولعل ما نراه من تفكك الحكومة الائتلافية فيه مما لا يبشر بالخير، ولكن ربما يكون ازدياد الشعور بالخطر يحدق بالجميع حافزاً على التعاون لإعادة بناء دولة جديدة على أسس لا «صدامية» ولا «بوشية»، ولعل العرب سيستطيعون هذه المرة النجاح في محاولة جادة ومستمرة غير متقطعة لإيجاد مصالحة حقيقية تحفظ المستقبل وتحميه من تداعيات الحاضر المؤلم الذي لن يخرج منه عراقي سالماً سواء كان سنياً أو شيعياً، عربياً أو كردياً. وليس من شك في أن بناء العراق الجديد سوف يحتاج الى جهد الجميع، كما سوف يحتاج إلى تحديد دقيق للعلاقة بينه وبين جيرانه جميعهم على أسس تختلف عن الأسس الواهية السابقة التي ساهمت ـ كل بقدر ـ في الوصول إلى ما نحن جميعاً فيه ويتعين الخروج منه.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
مجلس الانسحاب وسر الهزيمة!

كاظم الموسوي
الوطن عمان
للمرة الثالثة يغامر الرئيس الاميركي بوش الثاني ومعه اركان ادارته للتسلل الى ارض العراق سرا، دون اعلان واستقبال ومراسيم دبلوماسية. هكذا وصل رئيس دولة الاحتلال، اكبر دولة تسعى للهيمنة على العالم والاستفراد بالسياسة الدولية، من حدائق البيت الابيض الى صحراء الانبار، محتميا بقاعدة الاسد الجوية المحتلة من قبل آلاف من القوات الاميركية، والمرصودة منذ اسابيع متتالية. حسب محللين بأن الاخبار عن كل ما حصل تم بعد انتهاء المغامرة، وما تسرب عنها استهدف توجيه رسائل سياسية فارغة، لا تؤثر في تغيير للمواقف والآراء، سواء داخل الكونغرس الاميركي او الرأي العام، ولا يفرح كل المتعاونين معه في المنطقة الخضراء ببغداد او خارجها، اذ سحبهم من مكاتبهم الى مخبئه المكشوف دون ان يلحق اغلبهم الى حلاقة وجهه للتبرك بمصافحة تلفزيونية مذلة. إلا ان ما حصل أعطى اشارات كافية لعمق المأزق الذي تعيشه ادارة بوش الثاني، وكل التحرك البهلواني وما نشر عنه وبث اعلاميا أضاف الى الورطة ابعادا اسوأ منه. وحاولت الادارة والبنتاغون توصيف ما تم بأنه "الاجتماع الأخير الكبير بين المستشارين العسكريين للرئيس مع القيادة العراقية، قبل أن يقرر الرئيس خطواته التالية." وسماه ناطق باسم البنتاغون بـ"مجلس الحرب" قبل أيام من تقديم تقرير الجنرال دافيد بترايوس، قائد القوات الأميركية في العراق والسفير رايان كروكر، الى الكونغرس حول مسار استراتيجية زيادة القوات التي اتخذها بوش الثاني بداية هذا العام، لمناقشته بعد العاشر من هذا الشهر (سبتمبر 2007). وقال الناطق إن الرئيس عقد مجلس حربه ببغداد مع القادة العراقيين كي يناقشوا الطريق إلى الأمام. أما وسائل اعلام مرافقة او مطلعة فقالت إن الأسبوعين القادمين سيكونان حرجين لاستراتيجية بوش، بسبب تصاعد الجدل في واشنطن حول الطرق الممكنة للاستمرار، من جهة، وما سيحتويه التقرير المعد الى الكونغرس وطبيعة ما يجري على الارض، التي لم يجرؤ احد على البوح بها من جهة اخرى، وخلاصة الامر توضح ابعادا كثيرة اكبر حجما وتأثيرا من الصور السريعة والابتسامات الخادعة والكلمات المعدة سلفا وبحذر كبير.
الوقائع تقول بغير ذلك، احداثا وارقاما وتقارير ايضا، وهي الصورة الواقعية الحقيقية لكل ما جرى وحصل وسيحدث بعدها. فعن اي مجلس حرب ينفخ البنتاغون به بعد اكثر من اربع سنوات ونصف السنة من الاحتلال العسكري الدموي وبوجود اكثر من ربع مليون عسكري ومرتزق اميركي وحليف له على ارض العراق؟!. وكان بوش الثاني نفسه، كما اظهرته صورته، محاولا التشبث بقشة ما، تأتيه حتى من رمل الصحراء المدججة بالاسلحة الاميركية. وقد وصف في خطابه أمام حوالي 750 من قوات الجيش الأميركي جمعت له، خطوات الاحتلال بأنها مخيبة للآمال، وأن قرار سحب القوات من العراق يعود إلى القادة العسكريين الأميركيين في العراق لا إلى "ردود فعل انفعالية" من قبل بعض الساسة في واشنطن. مكررا هذا القول كما في اغلب خطبه ورده على المهاجمين لسياساته الحمقاء، ولكنه افصح عن خيارات تعذر عليه النطق بها، مضطرا لها، من بين اساليب المحافظين الجدد، في خططهم لاستباق الاحداث. وفي الوقت نفسه، ورغم التهويل والتضليل واجهته الخطوة المقررة، انسحاب القوات البريطانية، على الأقل من مدينة البصرة، اشارة تنبيه اولية. فحين دخل بوش الثاني خرج حلفاؤه، علق محلل سياسي اوروبي، "ان هذا اليوم لم يكن قطعاً دون دلالات رمزية فبينما كان الرئيس الأميركي في زيارته المفاجئة للعراق، يؤطر ملامح قراراته الجديدة في قاعدة عسكرية جوية، ويعلن عن خطوات في استراتيجيته الجديدة، كان حليفه الأهم في العراق يعد العدة لانسحاب مشرف لا يعطي انطباع الهزيمة". او هكذا يحاول ذلك، إلا ان الرأي العام البريطاني، اغلبه على الاقل، مقتنع بأن ما حدث هزيمة عسكرية وسياسية لقرارات غير شعبية وغير مرغوب بها من لدن الشعب العراقي، الذي اجبر القوات وقياداتها السياسية والعسكرية على تجرع سم الخسارة.
وقبل ان تصبح المفاجأة في هوامش الاخبار اليومية، رد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد عليها ببيان جاء فيه "كل تقييم هادف أظهر حتى اللحظة أن استراتيجية الرئيس الفاشلة أخفقت في تحقيق هدفها المفترض: حل سياسي للعراق." وتابع "عقب قرابة خمسة أعوام، وفقد 3700 جندي أرواحهم، وتكلفة تعدت نصف تريليون دولار، حان الوقت لأن يدرك الجمهوريون الحقيقة على أرض الواقع.. قفوا بوجه الرئيس بوش وساعدوا الديمقراطيين لإيجاد نهاية للحرب."
وتتناقض تعليقات الصحف والتقارير الاميركية والبريطانية وتصريحات المسئولين السياسيين والعسكريين في نقلها صورة الوضع في العراق اليوم، فبين صحيفة نيويورك تايمز التي تورد ان الاغلبية في الولايات المتحدة باتت شبه متفقة على حقيقتين أساسيتين في العراق: أن هناك زخما عسكريا بالنسبة للقوات الأميركية ـ العراقية المشتركة وهناك شلل سياسي في بغداد. وتختم إنه بالنظر إلى استمرار العنف وغياب التقدم السياسي، فالعراق ليس في طريقه الآن إلى تحقيق الاستقرار الدائم، وأميركا ليست لديها بعد استراتيجية واضحة للخروج من العراق.
صحيفة يو إس إيه توداي تفاءلت في افتتاحيتها بأن الأوضاع بدت أفضل قليلاً في العراق هذا الصيف، مشيرة إلى تقارير لبعض القادة العسكريين الأميركيين والمراقبين المستقلين. وذكرت أن أي تراجع في العنف في العراق وأي تقدم ضد القاعدة يجب أن يحتفى به ويشجع، لكن مع ذلك فهناك تقريران جديدان يظهران بما لا يدع مجالاً للشك أن النصر في العراق بعيد المنال. وكشفت الصحيفة أن أحد هذين التقريرين هو تقرير الاستخبارات القومية الذي اشتركت في وضعه 16 وكالة استخبارات أميركية وأفاد بأن "مستويات العنف إجمالاً تبقى مرتفعة" و"الجماعات الطائفية في العراق لا تزال رافضة للمصالحة." وقال التقرير إن الحكومة العراقية قد تصبح "أكثر زعزعة" على مدار الستة إلى الاثني عشر شهراً القادمة وإن قواتها الأمنية، وعلى الرغم من إظهارها تحسناً، لا تزال غير قادرة على العمل بدون مساعدة. أما التقرير الثاني فهو التقرير الصادر عن مكتب المحاسبة العامة، التابع للكونغرس، والذي شكك في التقارير الرسمية التي تفيد بتحقيق نجاح عسكري في العراق وفي تصوير حجم الإخفاقات السياسية، وختمت الصحيفة افتتاحيتها: "إن إدارة بوش ذهبت إلى العراق على فرضية أن كل شيء سيصبح على ما يرام بمجرد إسقاط نظام صدام حسين، وثبت لها أنها وقعت بكارثة وأخطأت في التقدير. لكن وبعد أربع سنوات من بداية هذه الكارثة، وبرغم بعض الأنباء السارة مؤخراً، ما زال التفاؤل هو السائد، وليست الاستراتيجية".
فهل المجلس الذي اجتمع كان للحرب ام للانسحاب ولوضع سر الهزيمة، الاستراتيجية التي سيجبر بوش الثاني عليها، مثلما يتذكر فيتنام اليوم؟!.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
لا يمكننا انتظار المالكي إلى ما لا نهاية
تشارلاز كراو ثامر
الشرق الاوسط

أمضت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أكثر من 15 شهرا في الحكم، لتحييد التمرد السني عن طريق اتفاقات وطنية حول المشاركة في حصة الأرباح المتأتية من النفط وتنظيم انتخابات على مستوى المحافظات، وفي ما يتعلق بسياسة اجتثاث البعث. لكنها لم تحقق أيا من هذه الأهداف. في الوقت نفسه تمكن الجنرال ديفيد بترايوس من تحييد عدد معتبر من العشائر السنية، من خلال منحها إدارة محلية وتقديم أسلحة لها كي تحارب جنبا إلى جنب مع القوات الأميركية «القاعدة».

يمكن القول إن استراتيجية بترايوس تحمل قدرا من المخاطر، لكنها في الوقت نفسه فعالة.

من جانب آخر، لم تكن الحكومة التي تهيمن عليها الأحزاب الشيعية سعيدة تجاه إجراءات بترايوس. واشتكى أحد مساعدي المالكي من أنها ستجعل العراق «مجتمعا وميليشيات مسلحة».

لكنه كيف يرى العراق الآن؟ عدا عن أن الكثير من الميليشيات السنية، التي كانت تطلق النار على الأميركيين أصبحت الآن تحارب «القاعدة».

طبيعة الحرب تغيرت. في يوليو الماضي، كانت نسبة الهجمات ضد القوات الأميركية في بغداد بواسطة الميليشيات الشيعية 73% لا من السنة. والمالكي ليس شخصا مغفلا. فمع زيادة عدد العشائر السنية المحَيَّدة يستطيع أن يرى تحولا جذريا في مسار هذه الحرب، وهذا يتمثل بتحول الماكنة العسكرية الأميركية ببطء لمواجهة المتطرفين الشيعة عسكريا.

لعل أكثر الأخطاء الجادة التي وقعت في العراق، هو الفشل في تدمير مقتدى الصدر وبقية جيشه المهلهل، حينما تمت محاصرته وهزيمته في النجف عام 2004. ونتيجة لذلك نحن نواجهه الآن مرة أخرى. وأدت الزيادة في عدد القوات الأميركية إلى شن هجمات مدمرة ضد حصون جيش المهدي في بغداد. يعاني الصدر حاليا من الأذى. فبعد مقتل الكثير من الشيعة على يد الشيعة في كربلاء الشهر الماضي، دعا إلى تجميد جيش المهدي لمدة ستة أشهر في العمليات العسكرية من أجل السماح له بإعادة تأهيل قواته التي أصبحت أكثر فأكثر في حالة فوضى.

في الوقت نفسه أداننا المالكي لقتلنا بعضا من أعضاء جيش المهدي خلال غارات جرت في مناطق شيعية ببغداد. وهذا ما ادى إلى فتح خلاف ما بين واشنطن وبغداد. وهذا سيتعمق فقط أكثر فأكثر طالما بقي المالكي في الحكم.

والمالكي الآن ليس صديقا للصدر أو ايران. وهو يعرف أنهم اذا ما سادوا أخيرا فإنهم سيبتلعونه. ولكن المالكي ضعيف سياسيا بحيث انه لا يتمكن من اتخاذ الخطوة الحاسمة في الاتجاه الآخر، نحو السنة والشيعة المعتدلين، من أجل تحقيق التسويات الوطنية الضرورية.

ولهذا فإنه يحاول أن يقي مراهناته من الخسارة. فهو يزور ايران، وعندما كان في زيارة الى سورية رد على دعوات من البرلمان العراقي لتغيير حكومته بالقول ان «أولئك الذين يطلقون مثل هذه التصريحات، منزعجون من زيارتنا الى سورية»، ويحذر بشدة من أن «العراق يمكن ان يجد اصدقاء في أماكن أخرى».

والمالكي ليس ضعيفا حسب، وإنما لا يمكن الاعتماد عليه. والوقت يمضي سريعا. وكان يتعين علينا منذ زمن بعيد، ولنقل منذ كتب مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي مذكرته المسربة في نوفمبر الماضي، حول فشل المالكي، أن نبدأ العمل من اجل تبديل حكومته العاجزة.

هل يتخيل أحد أن المالكي يتمتع بثقة أغلبية العراقيين؟ اذا لم يكن كذلك فإن البرلمان، الذي يمثل الشعب، لديه الحق الكامل بالتصويت بسحب الثقة وإسقاط الحكومة.

وماذا بعد؟ بدلا من السعي الى تحالف جديد باعتباره بديلا مهتزا، فإن البديل الأفضل هو اجراء انتخابات جديدة. وفي هذه المرة يجب ألا نكرر خطأ الانتخابات المتمثل بقوائم حزبية، وهو نظام مقصود به تقريبا خلق زعامة من جنرالات الحرب وتحالفات غير مستقرة.

والانتخابات الجديدة ليست حلا سريعا. فتنظيمها سيستغرق وقتا طويلا، وهو السبب الذي كان يتعين علينا أن نعمل في سبيله قبل اشهر. ولكن المصالحة من الأسفل التي تحدث في داخل المحافظات يمكن ان تؤدي منطقيا الى مصالحة وطنية في بغداد. لا يمكننا الجلوس الى ما لا نهاية بانتظار المالكي.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
حل جيش صدام من المسؤول
بول بريمر
نيويورك تايمز»


جاء في تقرير مشروع مستقبل العراق الذي اصدرته وزارة الخارجية في مايو 2002 ان «الجيش العراقي المستقبلي لا يمكن أن يكون امتدادا للجيش الحالي، الذي تحول الى أداة للدكتاتورية».

وبات من البديهي ان قرار حل جيش صدام حسين كان خطأ وكان مناقضا للتخطيط الأميركي ما قبل الحرب وكان قرارا اتخذته بنفسي. والحقيقة ان السياسة قد درست بعناية من جانب أعضاء كبار مدنيين وعسكريين في الحكومة الأميركية. وكان القرار الصحيح.

وبحلول سقوط بغداد يوم 9 ابريل 2003 انحل الجيش العراقي ببساطة. وفي 17 ابريل أشار الجنرال جون ابي زيد، مساعد قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي، لمسؤولين في واشنطن عبر مؤتمر بالفيديو الى أنه «لم يتبق هناك وحدات منظمة للجيش العراقي». وجعل اختفاء الجيش القديم لصدام حسين أية خطط لما قبل الحرب لاستخدام ذلك الجيش، شيئا لا صلة له بالموضوع. ولهذا كان السؤال حول ما اذا كانت سلطة الائتلاف المؤقتة يجب ان تحاول استعادته او بناء جيش جديد مفتوح لكل أفراد الجيش القديم والمجندين الجدد. وفضل الجنرال أبي زيد الحل الثاني.

وفي الأسابيع التي تلت توصية الجنرال أبي زيد ناقش والتر سلوكومبي مستشار الأمن القومي لدى التحالف خيارات مع مسؤولين كبار في البنتاغون، بينهم مساعد وزير الدفاع بول وولفويتز. وقد أقروا بأن استعادة الجيش السابق أمر مستحيل من الناحية العملية لأن عمليات النهب في فترة ما بعد الحرب دمرت كل القواعد.

وفضلا عن ذلك فان مجندي الجيش، وهم شيعة في الغالب، لم يكونوا ليستجيبوا لنداء الاستعادة من قادتهم السابقين، الذي كانوا من السنة أساسا. كما اتفق على أن استعادة الجيش ستكون كارثة سياسية لأنه بالنسبة لأغلبية العراقيين يعتبر سليلا للنظام السني القديم الذي يقوده البعثيون.

وفي الثامن من مايو 2003 وقبل مغادرتي الى العراق أعطاني وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مذكرة تحمل عنوان «مبادئ في ارشادات السياسة الخاصة بالعراق» تشير الى ان التحالف سيعارض بقوة مؤسسات صدام حسين القديمة، وهي: حزب البعث، وفدائيو صدام... الخ، وإننا سنوضح بأن التحالف سيزيل بقايا نظام صدام». وفي اليوم التالي أبلغني رامسفيلد انه كان قد أرسل ورقة «المبادئ» الى مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية.

وفي غضون ذلك فان مشاورات والتر سلوكومبي مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن وبغداد أظهرت انهم يفهمون ان الاتجاه العملي الوحيد هو بناء قوة محترفة جديدة منفتحة على أفراد الجيش القديم المدقق في أوضاعهم. وأعد سلوكومبي مسودة أمر لإنجاز هذه الأهداف. وأرسلت مسودة أولية من هذا الأمر الى وزير الدفاع يوم التاسع من مايو. وفي اليوم التالي أرسلت المسودة الى المستشار العام لوزارة الدفاع ويليام هاينز، وكذلك الى وولفويتز، ووكيل الوزير لقضايا السياسة دوغلاس فيث، ورئيس القيادة الوسطى الجنرال تومي فرانكس، والى أكبر اداري مدني للتحالف في ذلك الوقت وهو جاي غارنر، طالبا منهم التعليقات. وفي 13 مايو وفي الطريق الى بغداد، اطلع سلوكومبي كبار المسؤولين البريطانيين في لندن الذين ابلغوه انهم يتفهمون ان «حل الجيش العراقي هو امر مفروغ منه». وأضاف تقريره انه «اذا ما كان عدد من العسكريين او المسؤولين البريطانيين يعتقدون انه يجب اعادة بناء او تجميع الحرس الجمهوري القديم، فإنهم لم يلمحوا بذلك خلال اجتماعاتنا، وفي الواقع وافقوا معنا على الحاجة لعملية اجتثاث البعث، ولاسيما في القطاع الأمني».

وفي الاسبوع التالي، استمر سلوكومبي في مناقشات حول القرار المخطط له مع عدد من كبار المسؤولين في البنتاغون بمن فيهم فيث. وخلال تلك الفترة كان الليفتنانت جنرال دافيد مكيرنان، القائد الميداني لقوات التحالف في العراق، قد تلقى وأقر مسودة الأمر. وقد اطلعت وزير الدفاع رامسفيلد على الموضوع عدة مرات، وقدمت المسودة الاخيرة للأمر المقترح لإقراره لها في 19 مايو.

وتلقى وولتر سلوكومبي تعليقات تفصيلية حول مسودة الامر تضم وجهات نظر رئيس هيئة الاركان المشتركة ومكتب وزير الدفاع، موضحا ان كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في البنتاغون، بالإضافة الى القادة الميدانيين قد تلقوا الاقتراح. وقضي مستشار اخر للتحالف دان سينور ليلة 22 مايو ينسق نص البيان مع مستشار رامسفيلد المقرب لورانس دي ريتا. وبغض النظر عن بعض التعديلات البسيطة في الامر، لم يعترض أي من المسؤولين العسكريين والمدنيين على الاقتراح بتشكيل جيش عراقي جديد او حل الجهاز الأمني لصدام حسين.

وفي 22 مايو، بعثت الى الرئيس بوش، عبر وزير الدفاع رامسفيلد، اول تقرير لي منذ وصولي للعراق. وراجعت نشاطاتنا منذ وصولنا، بما في ذلك برنامج اجتثاث البعث. ثم نبهت الرئيس الى «انني سأوازي هذه الخطوة بإجراءات أقوى لحل البنية العسكرية والاستخبارية لصدام». وفي نفس اليوم اطلعت الرئيس على الخطة عبر خط فيديو مؤمن. وبعث الرئيس لي بملاحظة في 23 مايو شكرني فيها على تقريري، وجاء فيها: «تحظى بكل تأييدي وثقتي».

واجرى كبار المسؤولين في الحكومة الاميركية دراسة حول عدم استدعاء جيش صدام حسين. وفي نفس الوقت لم يكن هذا القرار مثيرا للجدل. وعندما عقد سلوكومبي مؤتمرا صحافيا في بغداد في 23 مايو لشرح القرار، حضره صحافيان فقط. وأول مرة سمعت عن شكوك حول القرار كانت في خريف 2003 بعد تصاعد عمليات التمرد. والأكثر من ذلك، كنا على حق في تشكيل جيش عراقي جديد. وبالرغم من الصعوبات التي واجهناها، فإن جنود العراق الجدد هم اكثر قوات الامن فاعلية وأكثرها ثقة. وبالمقارنة فإن قوات الشرطة في عهد البعث، التي استدعيناها، أثبتت عدم الثقة فيها ولا يثق بها الشعب العراقي المفروض أن تحميه.

* الحاكم الأميركي المدني للعراق


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
«لعنة العراق» تطارد الإدارة الأميركية إلى الرمق الأخير!
عمار تقي
الراي العام الكويتية

منذ هزيمة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس العام الماضي، والتي أفضت إلى سيطرة الحزب الديموقراطي على مجلسي النواب والشيوخ، وإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تعيش لحظات عصيبة وحرجة مع تزايد حالات الاستقالات لعدد كبير من مستشاري ومساعدي الرئيس الأميركي في ما اعتبر مؤشراً قوياً على الظروف الصعبة التي تعصف بالإدارة الجمهورية مع اقتراب أيامها الأخيرة!
أولى تداعيات نتائج انتخابات الكونغرس، استقالة (أو إقالة) أحد أبرز أقطاب الإدارة الأميركية، وهو وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. بعد ذلك توالت استقالات العديد من واضعي الاستراتيجية الأميركية الحالية، والتي عكست حجم الأزمة الداخلية للإدارة الجمهورية، فقد قدم راندال توبياس نائب وزيرة الخارجية ورئيس المساعدات الخارجية الأميركية استقالته بسبب فضيحة تعامله مع امرأة فاحشة! ثم استقال بيتر وايز مدير مكتب المبادرات الاستراتيجية في البيت الأبيض. بعد ذلك جاءت استقالة كل من ماغن أوسلن، وجي دي كراوش، مستشاري جهاز الأمن القومي، ولحق بهم بعد ذلك روب بورتمان مدير شؤون الموازنة في البيت الأبيض، وهاريت مايرز، مستشارة الشؤون القانونية، بالإضافة إلى دان بارتليت أحد أبرز المستشارين في البيت الأبيض.
أضف إلى ما سبق، استقالة بول وولفويتز مدير البنك الدولي وأحد أبرز صقور الإدارة الأميركية، على خلفية افتضاح أمره بقضية فساد مالي وإداري في البنك الدولي، الأمر الذي شكل ضربة قاصمة لمصداقية الإدارة الأميركية نظراً إلى اعتبار وولفويتز أحد ابرز أقطابها!
من جانب آخر، شكلت استقالة كارل روف كبير المستشارين في الإدارة الأميركية، والذي يوصف بأنه «عقل الرئيس»، نكسة كبيرة للإدارة الحالية وللرئيس الأميركي شخصياً بعد أن تعالت أصوات الديموقراطيين المطالبة باستقالته! وقد ارتبط اسم روف بالرئيس الأميركي منذ العام 1993 عندما مهد له الطريق لتولي منصب حاكم ولاية تكساس ووصوله لاحقاً إلى البيت الأبيض، إذ لم يقتصر دور روف على قيادة الحملات السياسية للرئيس الأميركي، بل كان هو من صنع شخصية الرئيس السياسية، كما عبرت عن ذلك صحيفة «الهيرالد تريبيون»!
أما أحدث فصول «تسونامي» الاستقالات الذي يعصف بالإدارة الأميركية، فكانت مع استقالة وزير العدل الأميركي ألبرتو غونزاليس بعد أشهر من العواصف السياسية التي أحاطت به باعتباره أحد أكثر مسؤولي البيت الأبيض إثارة للجدل، خصوصاً بعد حادثة قيامه بإقالة ثمانية من المدعين الفيديراليين الذين لهم مواقف لا تتوافق مع إدارة الرئيس بوش، كما جاء في التحقيق المنشور في موقع «تقرير واشنطن»!
فقد أشار «تقرير واشنطن» إلى جانب مهم في حياة غونزاليس السياسية بالقول إن «ألبرتو غونزاليس برز اسمه بصورة سلبية على الساحة الإعلامية في أعقاب نشر صحيفة (واشنطن بوست) لمذكرة من إعداد غونزاليس يرجع تاريخها إلى شهر فبراير 2002 تقنن استخدام بعض أنواع التعذيب في التحقيق مع المعتقلين سواء في معسكر غوانتانامو أو في سجن أبو غريب العراقي. وقد أثار كشف النقاب عن المذكرة ردود فعل غاضبة من فعاليات مدنية وقانونية ولكن الرئيس بوش فاجأ الجميع بتعيين صاحب المذكرة لاحقاً وزيراً للعدل»! أما تفاصيل الفضيحة التي كانت بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير»، كما يرويها «تقرير واشنطن»، فهي تعود إلى «الرسائل الالكترونية المتبادلة بين مسؤولين في مكتب وزير العدل ومستشارين في البيت الأبيض، إذ ترجع القصة إلى بدايات عام 2005، عندما تشاور كل من كايل سمبسون رئيس المكتب السابق لوزير العدل وكارل روف كبير مستشاري الرئيس بوش وغيرهما عن الطريقة المثلى للتخلص من المدعين المناوئين لإدارة الرئيس بوش»! وأضاف التقرير أن «التنفيذ كان في صيف عام 2006 عندما فصلت الوزارة أحد المدعيين، ثم فصلت سبعة آخرين في ديسمبر من العام نفسه. وقد كشف معظم هؤلاء لاحقاً في جلسات استماع عقدت في الكونغرس خلال شهر مارس السابق، أن السبب الرئيسي وراء فصلهم هو رفض التجاوب مع إملاءات مرشحين جمهوريين لتحقيق مكاسب انتخابية ضد مرشحين ديموقراطيين»!
صحيفة «الباييس» الإسبانية علقت من جانبها على الاستقالات الأخيرة في الإدارة الأميركية، وتحديداً على استقالة كارل روف وألبرتو غونزاليس بالقول: «روف وغونزاليس على حد سواء لا يعتبران فأرين يغادران سفينة رئاسية تغرق، وإنما أبطال فضائح نجم عنهما تحقيقات خطيرة لم تحدد معالم تبعاتها بعد أن تلطخا بالوحل»!
جدير بالذكر أن مسلسل تساقط رجالات الإدارة الأميركية لم يبدأ فقط بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، بل يعود هذا المسلسل إلى عهد الولاية الأولى من إدارة الرئيس بوش الابن!
فمازلنا نتذكر جيداً استقالة ريتشارد بيرل «أمير الظلام»، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي في إدارة الرئيس بوش الأولى، وأحد أبرز مهندسي الحرب على العراق ومدير مجلس الدراسات الدفاعية في البنتاغون، بعد افتضاح أمره بتلقيه رشوة مالية كبيرة! ثم استقالة مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت لأسباب تتعلق بتقصير الوكالة في منع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكذلك بسبب المعلومات الخاطئة التي اعتمدت عليها الوكالة في الحرب الأميركية على العراق. بعدها جاءت استقالة وكيل وزارة الدفاع دوغلاس فايث على إثر فضيحة التجسس التي تورط فيها أحد كبار الموظفين العاملين في مكتبه، وهو لاري فرانكلين الذي اتهم بالتجسس لصالح إسرائيل! ثم جاءت استقالة لويس ليبي، مدير مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، ومستشاره للأمن القومي، وأحد أبرز مهندسي الحرب على العراق بعد تورطه في فضيحة التسريبات التي طالت الكشف عن هوية العميلة الأميركية في وكالة الاستخبارات المركزية فاليري بالم، وهي القضية التي أثارت لغطاً واسعاً عن ضلوع المستشار كارل روف فيها!
اللافت للأمر في مسلسل الاستقالات، الذي أشرنا إليه، أن قضية «غزو العراق» كانت السبب المباشر وغير المباشر في التسونامي الذي مازال يعصف بأركان وأقطاب الإدارة الأميركية الحالية! ويبقى السؤال حاضراً: هل يشهد ما تبقى من عمر هذه الإدارة الأميركية المزيد من الاستقالات بسبب «لعنة العراق» التي مازالت تطاردهم؟

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
ميليشيات على مد العين والنظر...
خير الله حير الله
الراي العام الكويتية
...
ما لا يقوله الأميركيون عن حقيقة الوضع في العراق، يقول البريطانيون جزءاً منه فقط. جديد العراق هذه الأيام أن القادة العسكريين البريطانيين بدأوا يتحدثون صراحة عن الخلافات بين لندن وواشنطن وعن الفشل الذريع للاستراتيجية الأميركية في العراق. آخر من وجه سهامه إلى الإدارة الأميركية الجنرال مايك جاكسون الذي كان رئيس الأركان البريطاني في أثناء الإعداد للحرب على العراق، وبعد بدء هذه الحرب التي أسفرت عن احتلال أميركي بريطاني للبلد في أبريل من العام 2003. قال الجنرال جاكسون في حديث إلى صحيفة «دايلي تلغراف»، التي ستنشر حلقات من مذكراته قريباً، إن الاستراتيجية الأميركية في العراق اتسمت بـ «قصر النظر». وحمل الرئيس السابق للأركان على وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد الذي اعتبره مسؤولاً عن الكارثة التي حلت بالعراق خصوصاً بعدما اعتبر رامسفيلد أن «بناء الأمم ليس من مهمات الجيش الأميركي». ربما كان وزير الدفاع الأميركي السابق يريد القول إن من مهمات الجيش الأميركي تهديم الدول وتفتيتها بغض النظر عما يحل بهذا الشعب أو ذاك.
يرتدي كلام الجنرال جاكسون أهمية خاصة، نظراً إلى أنه يدعم وجهة نظر كبار ضباط الجيش البريطاني الموجودين حالياً في العراق. هؤلاء يعترفون بأن لا شيئا يمكن عمله لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإن على القوات البريطانية الانسحاب من جنوب العراق في أسرع وقت. ولكن ما الذي لا يقوله الأميركيون والبريطانيون وما لن يرد في التقرير الذي سيصدر قريباً عن قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال بترايوس والسفير الأميركي في بغداد رايان كروكر؟ من الآن، يفترض عدم توقع أن يسمي الرجلان الأشياء بأسمائها. أي أن بترايوس وكروكر لن يقولا للأميركيين صراحة لدى الإدلاء بشهادتيهما أمام الكونغرس أن الوضع في العراق مأسوي، وأن الكارثة حلت بهذا البلد العربي، سابقاً، وأن لا أمل حتى في لملمة الوضع بالتي هي أحسن قبل اكتمال الفصل الأخير من الحرب الأهلية التي تسبب بها الاحتلال.
تماماً مثل القادة العسكريين البريطانيين، لن يتجرأ الرجلان على القول لممثلي الشعب الأميركي أن في استطاعة الجيش الأميركي أن يربح كل المعارك التي يخوضها مع مسلحين في العراق... لكنه لن يكون في استطاعته أن يربح الحرب، اللهم إلا إذا كان الهدف النهائي من اجتياح العراق تقسيم البلد نتيجة حرب أهلية بدأت منذ ما يزيد على ثلاث سنوات، أي عندما تبين أنه ليس بالإمكان تشكيل جيش عراقي جديد يحل مكان الجيش الذي صدر قرار بحله عن بول بريمر الذي كان الحاكم المطلق الصلاحية للعراق.
لعل أهم ما لا يتجرأ العسكريون والمدنيون البريطانيون والأميركيون على قوله ان العراق متروك للميليشيات المسلحة التي تقتل المواطنين وتهجرهم على الهوية الطائفية والمذهبية لا أكثر ولا أقل. ميليشيات على مد العين والنظر ليس في العراق فحسب، بل في كل أنحاء المنطقة أيضاً. ومع انسحاب البريطانيين من البصرة، جنوب البلاد، فإنه ليس إلا على الأميركيين سوى البحث عن خطة تقود إلى انسحاب بطريقة مختلفة قد تسمح، وعلى الأرجح أنها لن تسمح، لإدارة بوش الإبن بإنقاذ ماء الوجه. تُركت الميليشيات التابعة للأحزاب الشيعية الكبيرة تسرح وتمرح وتخترق الأجهزة الأمنية التي حاول الأميركيون إعادة بنائها إلى أن اكتشفوا أن الولاء الأول للمنضوين تحت أعلام الميليشيات هو للأحزاب التي ينتمون إليها وليس للعراق، وأن ما يحرك عناصر الميليشيات التي دخلت في معظمها من إيران هو الرغبة في الانتقام من الآخر وليس بناء دولة أو مؤسسات في إطار دولة.
عمل الأميركيون كل ما في استطاعتهم من أجل انفلات الغرائز، كل أنواع الغرائز من مذهبية وطائفية ومناطقية، من عقالها. وكان أن القرار القاضي بحل الجيش والأجهزة الأمنية التابعة للنظام العائلي البعثي المخلوع اندرج في سياق إثارة الغرائز عندما تشرد آلاف الضباط والجنود من السنة العرب ولم يعد لديهم ما يعيلون به أفراد أسرهم. ووفر ذلك فرصة كي ينتشر التطرف والتزمت انتشار النار في الهشيم بين هؤلاء، فكانت تلك فرصة لا تعوض لتنظيمات إرهابية من نوع «القاعدة» وما شاكلها كي تعزز مواقعها في منطقة ما يسمّى «المثلث السنّي».
شاء الأميركيون أم أبوا، عليهم في نهاية المطاف الاعتراف بأنهم خسروا حرب العراق وأن الرابح الوحيد، أقله إلى الآن، هو النظام الإيراني عبر ميليشياته. هذا النظام الذي قدم للأميركيين كل التسهيلات المطلوبة كي يتورطوا في الحرب وكي يخلصوه من عدو تاريخي اسمه صدّام حسين، الرجل الذي كانت له علاقة بكل شيء باستثناء السياسة وكيفية التعاطي مع المعادلات الإقليمية والدولية. وربما كان أهم ما على الأميركيين الاعتراف به أن الطريقة التي أداروا بها العراق بعد إسقاط نظام صدّام أدت إلى نشر ثقافة جديدة في المنطقة هي ثقافة الميليشيات. هذه الثقافة التي بدأ النظام الإيراني يستخدمها في عملية تفتيت المنظومة العربية سياسياً وأمنياً... من الخليج إلى المحيط.
عن طريق ثقافة الميليشيات يجري تفتيت لبنان وتحويله جزءاً لا يتجزأ من المحور الإيراني السوري. وعن طريق هذه الثقافة، يبذل المحور الإيراني السوري كل جهده من أجل إبقاء الشعب الفلسطيني وقوداً للصراعات والنزاعات الإقليمية. وعن طريق الثقافة ذاتها مصحوبة بالفكر المذهبي، يتعرض اليمن منذ فترة لا بأس بها لمؤامرة الحوثيين التي تستهدف النيل من الاستقرار فيه. وبلغت هذه الثقافة مصر حيث ظهرت ميليشيا لـ «الإخوان المسلمين» قدمت عرضاً حياً في جامعة الأزهر في الشتاء الماضي. وكان واضحاً أن العرض الذي قدمته ميليشيا الإخوان مستوحى إلى حد كبير من عروض «حزب الله» في المربعات الأمنية التي أقامها في لبنان.
ليس سراً في لبنان أن «حزب الله» يسعى إلى تطويع الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وجعلها في أمرته بصفة كونه رأس حربة للمحور الإيراني السوري. قبل الاجتياح الأميركي للعراق والانتصار الذي حققته إيران هناك، كانت تصرفاته تتسم ببعض الخفر. في السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصاً بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري وقبيل استشهاده، لم يعد خافياً أن الحزب الذي يمتلك ميليشيا كبيرة خاصة به تمدد في الأراضي اللبنانية وحتى داخل بيروت نفسها من أجل تكريس واقع جديد. يتمثل هذا الواقع في أنه صاحب الكلمة الفصل في البلد، بما في ذلك أنه يتحكم بقرار الحرب والسلام، أكان مع إسرائيل أو مع الأطراف اللبنانية الأخرى التي لا تمتلك سلاحاً تتصدى به لطموحاته التي لا حدود لها. ولذلك، نجد ميليشيا الحزب التي هي في الواقع لواء تابعاً لـ «الحرس الثوري» الإيراني تحتل وسط بيروت بطريقة تريد أن تؤكد من خلالها أنها قادرة على اقتحام السراي الحكومية حيث رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وعدد لا بأس به من أعضاء حكومته الشرعية التي يعترف بها المجتمعان العربي والدولي.
كذلك، ليس سراً في فلسطين أن ميليشيا تابعة لـ «حماس» سميت «القوة التنفيذية» كانت وراء الانقلاب الذي شهده قطاع غزة منتصف يونيو الماضي وأن هذه الميليشيا أنشئت بدعم إيراني بهدف واضح كل الوضوح هو تمكين «حماس» من السيطرة نهائياً على جزء من القرار الفلسطيني تمهيداً لخطف القرار كله في مرحلة لاحقة في حال سنحت لها الفرصة.
كانت البداية في العراق حيث فرخت ميليشيات من كل الأشكال والأنواع نتيجة الاحتلال الأميركي والبريطاني. استغلت إيران الميليشيات لخلق فوضى في البلد. هل صدفة أن يكون القتال الذي دار في كربلاء قبل أيام بين ميليشا تابعة للنظام الإيراني وأخرى موالية له؟ يبدو مطلوباً أكثر من أي وقت انتشار ثقافة الميليشيات في كل أنحاء العالم العربي، من العراق، إلى لبنان، إلى فلسطين، إلى اليمن، إلى مصر، وذلك بغض النظر عمن يقاتل من. تلك هي حتى الآن النتيجة المباشرة لما ارتكبه الأميركيون في العراق وتقديمهم البلد على صحن من فضة إلى النظام في طهران. حصل النظام الإيراني فوق ذلك كله على رأس صدّام حسين يتوج به الملالي انتصارهم الذي أزال من أمامهم كل حاجز في اتجاه التمدد في اتجاه المتوسط عبر سورية ولبنان وفلسطين وصولاً إلى غزة، أي إلى الحدود مع مصر! هذا ما يفترض أن يعترف به القادة العسكريون البريطانيون بدلاً من الاكتفاء بلوم الأميركيين على قصر نظرهم. ما تشهده المنطقة حالياً تجاوز مرحلة إلقاء اللوم على الأميركيين وتوصيف غبائهم على غرار ما فعل الجنرال جاكسون. هذا الغباء تحصيل حاصل. السؤال هل من يريد مواجهة ثقافة انتشار الميليشيات التي تفرخ في الشرق الأوسط... أم أن الميليشيات جزء من عملية إعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم كل ما هو غير عربي فيها؟

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
امام امان في بعداد
حميد المالكي
الراي العام الكويت

منذ اختراع القيثارة السومرية وحتى العصر العباسي حينما ابتدأت المقامات العراقية الموسيقية الغنائية وأغاني «الچالغي» البغدادي و«الپستات» التي تختتم بها المقامات كانت كلمة أمان... أمان هي المبتدأ وهي الختام. أمان... أمان تعي السلم والأمان والاطمئنان حتى ترسخت هذه العبارة وظلت شعار العراقيين عبر العصور والأحداث والمذابح الكبرى التي قام بها اقوام أخرى غزت العراق ودمرت ما استطاعت تدميره كالمغول مثلا وغيرهم وكما يحدث اليوم حينما يقوم الغرباء من زمر القاعدة، وليس العراقيون بكل ما يندى له الجبين وتقشعر له الابدان... أمان... أمان تعني ان الأمن أساس كل رقي وتقدم ومبعث كل إبداع وابتكار.
اليوم نجحت خطة فرض القانون في فرضه على بغداد اذ بدأ الناس يعيشون حياتهم الطبيعية في معظم مدن العاصمة إلا بعض الأطراف الساخنة التي بدأت تبرد رغم حرارة الصيف اللاهبة وقبلها محافظة الرمادي التي أصبحت اكثر امانا من بغداد.
خطة فرض القانون كانت بالاضافة إلى اجراءاتها العسكرية الرادعة بمثابة اعادة الروح والحياة إلى الشعار الذي يتغنى به البغداديون، أمان... أمان وثقافة ليست جديدة عليهم وفلسفة هي في أعماق ضمائرهم ومكونات ادراكهم الواعي.
الفتنة الطائفية السياسية فشلت في التسلل إلى المجتمع واختراقه ولم تستطع ان تتحول إلى فتنة طائفية اجتماعية، بل بقيت في دهاليز واقبية وأوكار بعض الجماعات السياسية المنحرفة الطارئة على الفكر العراقي الاصيل خصوصا وان عملية التهجير والقتل على الهوية وتفجير اماكن العبادة جميعها اساليب انتهت إلى الفشل الذريع، ولم تعد تنطلي على أبسط بسطاء الناس الذين وجدوا بلادهم تحترق وثرواتهم تنهب ومجتمعهم الواحد بات على مشارف فاجعة كبرى.
إذا الفضل الاول للشعب الذي صمد بوجه تلك الهجمة الدموية الظلامية السوداء وما الاجراءات والتدابير والتقنيات الحديثة التي استخدمت في خطة فرض القانون كان لها دور تثقيفي تنويري والعودة إلى الاصول والجذور العراقية الاصيلة في التغني بالامان وسيادته في الحياة الاجتماعية، لتحقيق السلم الأهلي مع تنوع الأديان والمذاهب والعبادات واحترام القانون بقوة الردع العسكري الآن، البغداديون يتبغددون في عاصمتهم، عاصمة النور والمعرفة وسمح هذا الأمان لأمانة بغداد ان تسرع في انجاز مشاريع تزيين بغداد وتشجيرها ونثر الزهور والورود في ساحاتها وستنفذ مشروعا عملاقا اسمته «زوراء» في كل منطقة اي ستنشئ منتزهات كمنتزه الزوراء الشهير في كل مدينة من مدن بغداد، واعادت شارع ابي نواس إلى سابق عهده، وأصلحت جسر محمد القاسم بوقت قياسي وكلفة اقل بكثير مما رصد له من اموال وبخبرات عراقية خالصة ومخلصة مع ازدهار ونشاط ثقافي واسع ومتنوع لم تشهده اي عاصمة عربية اخرى على صعيد التأليف والطباعة والنشر العلمي والأدبي والمسرح والطفل والباليه وغيرها، اما الرياضة فقد حققت من الانجازات ما نعتز ونفتخر به وستبقى حناجر قراء المقام ومعهم العراقيون كافة يغردون بكلمة أمان، أمان في كل مقام، وكل اغنية يختتم به المقام. انها عودة إلى الجذور إلى ان يعم السلام في كافة مدن مدينة السلام، بغداد.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
- سيناريوهان بالعراق
حبشي رشدي
الوطن قطر

إما ان يبقى نور المالكي بموقعه رئيساً للحكومة، وفي هذه الحالة ستنسحب القوات الأميركية جزئياً، وتعيد انتشارها بالعراق، وتتوقف عن عمليات «فرض القانون» و«السهم الخارق»، و«ضربة الشبح»، تاركة أمر الأمن ومسؤولياته للقوات الحكومية العراقية «جيش وشرطة» ليتحمل المالكي ـ بالنتيجة ـ مسؤولياته.

أو ان يذعن المالكي لضغوط داخلية قاسية تمثلت في انسحاب التوافق، والصدريين، على نحو افقد الحكومة نصابها القانوني، وأخرى خارجية أكثر انتقاداً وقسوة وتطالبه بالرحيل، ابتداء من هيلاري كلينتون مرشحة الرئاسة الديمقراطية وعدد من النواب الديمقراطيين الذين يكيلون له انتقادات متوالية، فينسحب هو من واجهة السلطة مخلياً الموقع لشخصية بديلة، تتولى الحكومة، وتناط بإنجاز مصالحة وطنية عجز عن تحقيقها ولتبقي القوات الأميركية بعدما يفضي خروجه من السلطة، إلى ورقة في يد بوش يبرر بها بقاء القوات في مواجهة معارضة أميركية تطالب بسحب القوات.

هذان الخياران هما حالياً ما يلخصان الوضع السياسي والأمني في العراق، فإما ان يبقى المالكي وينسحب الأميركيون جزئيا، واما ان ينسحب المالكي ليبقى مبرر لبوش على بقاء القوات.

الوجه الآخر لهذين الخيارين، اننا امام محاولة سياسية أميركية لتغيير في مراكز القوى بواجهة السلطة بالعراق، بعدما تبين لهم ان الحل في العراق لم يعد أمنياً صرفاً بل انه سياسي بالدرجة الأولى، بدليل انهم حالياً بسبيلهم لتسليح عشائر سنية، نجحت في انزال خسائر متلاحقة بالقاعدة في بلاد الرافدين، واقل ما انجزته ، الكشف عن البؤر القاعدية وتحديد خطوط التماس، وايصال المواجهات إلى مرحلة تقترب من الحسم، على نحو فقد فيه تنظيم القاعدة الحاضن السني لمواجهة اللوجستية، ومناطق تجمع عناصره، مثلما نجح الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الأميركية في العراق في شن حرب بالوكالة، بمرتبات يتقاضاها عناصر عشائر سنية أقل بكثير مما يتقاضاه جنود الشرطة والجيش العراقيون، والنتائج واضحة على الأرض افقدت تنظيم القاعدة توازنه.

المالكي يعارض تسليح العشائر السنية، ويخشى أن يفضي ذلك إلى استقواء هذه العشائر على نظامه، وينظر بشكوك مستفيضة تجاه هذا التحالف الناشىء والبراغماتي بين الجيش الأميركي والعشائر السنية، ويعتبر ذلك خطراً قادماً لا محالة، ولهذا فهو على خلاف مع بتريوس، الذي لن يخلو تقريره منتصف سبتمبر الجاري من انتقادات للمالكي، حتى أن مراقبين يعتقدون ان بتريوس سيصفي حسابه مع المالكي في هذا التقرير، الذي سيضع الرئيس بوش امام خيارات محدودة، هي بكل تأكيد رياح ستعاند سفن المالكي وتضيف إلى مآزقه مآزق آخرى.

وإذا اضفنا إلى ذلك أن بوش لا يحبذ خيار الانسحاب، فإن النتيجة ستكون غالباً الاستغناء عن المالكي، الذي تم تعويمه قبل ازاحته، من خلال قيامه بزيارات إلى كل من تركيا وإيران وسوريا، وهو ما لم يلق ارتياحاً في واشنطن.

في واقع الأمرليس السؤال هو: من يكون خليفة المالكي، ولكن الأهم: ما هي الآلية التي سيتم بها ازاحة المالكي، الذي يستند إلى شرعة الانتخابات، باعتباره رئيسا لحكومة منتخباً.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
احتفاء ودماء في كربلاء!

عبدالزهرة الركابي
الراية قطر
.. قبل مايقارب الألف وخمسمائة عام حط موكب الحسين بن علي قادما" من المدينة في أرض بالقرب من نهر الفرات، وقد سأل عنها قيل له إنها أرض كربلاء، فقال حفيد رسول الله (صلي الله عليه وسلم): صدق جدي عندما قال ستُقتل في أرض اسمها (كرب وبلاء)، ومنذ ذلك التأريخ ونزيف الدم لم يتوقف في كربلاء، إذ قتل الحسين وأصحابه القلائل، علي الرغم من أن القتلة كانوا هم الذين دعوه من خلال آلاف الرسائل التي وصلته من (أهل الكوفة)، حتي يبايعونه خليفة بدلا" من يزيد بن معاوية، وبعدما قتلوه ندموا وثاروا علي الأمويين وهم ينادون (يا لثأرات الحسين)، فكانت تسميتهم بالتوابين والتسمية الأخيرة تواصلت في حرب الخليج الأولي من خلال الأسري العراقيين الذين وقعوا لدي إيران التي قامت بتأهليهم بمسمي (التوابين) لمقاتلة الجيش العراقي ضمن ميلشيا (فيلق بدر) التابع للمجلس الأعلي الذي يتزعمه آل الحكيم في الهجومات الإيرانية التي سُميت (عمليات كربلاء)، ثم جاءت المذابح التي حدثت أبان الإحتلال في النجف وكربلاء مثل مقتل عبدالمجيد الخوئي ومذبحة جند السماء والاغتيالات المتبادلة التي طالت مسؤولين ورجال دين من الجماعات المشاركة في العملية السياسية وتفجيرات السيارات المفخخة بما فيها الأحداث الأخيرة، كتواصل للنهج الدموي الذي استخدمه التوابون في إراقة الدم في ساحات مراقد أهل البيت (بيت النبي - صلي الله عليه وسلم -) التي يدعون بقدسيتها، بينما هم في التوارث والإجترار أول من سفك دم أهل هذه المراقد ومن ثم خضبوا ساحاتها بهذا الدم في امتداد هذا الإرث الذي مازال متواصلا.

وعلي هذه التراجيدية الكربلائية جاءت الأحداث الأخيرة في المدينة التي تحوي رفات الإمام الحسين وبعضا" من أهل بيته وأصحابه الذين استشهدوا في واقعة الطف التي يستذكرها العراقيون الشيعة في كل عام، واللافت ان هذه المرة كانت في مناسبة كان يحتشد فيها مايقارب المليون زائر حول مرقد الإمام الحسين عندما إنهال الرصاص علي الزائرين من كل حدب وصوب من جراء محاولة الميلشيات الشيعية في تلك المدينة إثبات حضورها وإبراز عضلاتها في هذه المناسبة، فكان الضحايا عشرات القتلي ومئات الجرحي، ومن المؤكد ان هذه الأحداث الكربلائية الأخيرة قد دقت المسمار الأخير في نعش حكومة المالكي، وأزعم ان نوري المالكي لن يكون له مستقبل علي صعيد تداول السلطة ضمن الجماعات الشيعية المشاركة في العملية السياسية تحت سقف الإحتلال، كما أعتقد ان مركزه سيكون ضعيفا" في حزبه (الدعوة) مثلما ان هذا الحزب سيتراجع مركزه بين الجماعات الشيعية خصوصا" وان التيار الصدري ليس بوارد دعمه بعدما استعدي المالكي هذا التيار وبات يُطلق عليه من قبل هذا الأخير (ناكر المعروف)، مع العلم ان التيار الصدري ومن جراء ممارسات ميلشياه المسلحة (جيش المهدي) تضرر كثيرا" علي صعيد الساحة الشيعية، ما حدا بالكثير من أنصاره الي التظاهر والإحتجاج علي هذه الممارسات، ومن هذا لا نستغرب عندما تظاهر أنصار الصدر في معقله مدينة الكوفة التي هي مقر إقامة زعيم التيار مقتدي الصدر، تأييدا" لتجميد هذه الميلشيا وإعادة هيكلتها وفق ما أصدره الصدر في هذا الشأن علي أثر الأحداث الأخيرة والتي إندلعت بين ميلشيات (جيش المهدي) و (فيلق بدر) وميلشيا السيستاني لأسباب غامضة ماعدا ما أفصحت عنه مصادر الحكومة من إدعاءات سمجة والتي فحواها وجود (مؤامرة) لإقتحام مرقد الإمام الحسين بغرض نسفه، أو (عصابات اجرامية مسلحة خارجة عن القانون ومن بقايا النظام الصدامي المقبور استهدفت الزوار الذين حضروا الي مدينة كربلاء المقدسة لإحياء مولد الامام المهدي المنتظر) وفقا" لتصريح المالكي بهذا الجانب.

ومن هذه (المؤامرة) المزعومة راح المراقبون يشخصون المدي الخطير الذي إختطته الميلشيات الشيعية علي طريق تعريض العراقيين لمخاطر الموت والاستهتار بحياة الناس من دون أدني شعور بأي مسؤولية وطنية وأخلاقية ودينية، وان مايُقال عن قوات جيش وشرطة مهمتها حفظ الأمن والإستقرار هو مجرد أكاذيب ماعادت تنطلي علي أبسط مواطن عراقي، خصوصا" وان مناطق الفرات الأوسط والجنوب أصبحت مضطربة الأمن وأسوة بالمناطق الساخنة، وبهذا الواقع أصبح العراقيون من دون استثناء ماعدا أكراد الشمال، عرضة لمخاطر الموت والتهديد والخطف والإبتزاز، نظرا" لهيمنة الميلشيات الشيعية علي مناطق الفرات الأوسط والجنوب والقسم الأكبر من بغداد، بينما المناطق الساخنة في غرب وجنوب وشمال بغداد بما فيها منطقة الشمال العربي تنوء هي الأخري تحت هيمنة إرهابيي القاعدة والجماعات التكفيرية والميلشيات السنية والعشائرية التي راحت تتعاون مع جيش الإحتلال الأمريكي، كدلالة واضحة علي أن أمريكا في العراق باتت هي الأخري رهينة هذه الفوضي أيضا" والتي أحدثتها في هذا البلد المحتل.

هذا وقد رأت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية في قرار (مقتدي الصدر) بإعادة هيكلة ميلشيا (جيش المهدي) التابعة لتياره، علي أنه اعتراف ضمني بالفشل، وفسّرت الصحيفة ذلك بقولها: إنّ تعليق عمليات ميليشيات (جيش المهدي) لستة أشهر بضمنها الهجمات ضد القوات الأمريكية، بعد ساعات فقط من حوادث الاشتباكات المسلحة في كربلاء وما جري في بغداد ومدن اخري من انتقامات، يعتبر إعلاناً مفاجئاً، ويؤخذ علي نحو واسع بأنه اعتراف ضمني بخسارة كبيرة تعرّضت لها سمعة حركة الصدريين خلال يومي القتال الشيعي - الشيعي، الذي أسفر عن مقتل 52 مواطناً، وجرح 279 آخرين، وأجبر الألوف من زائري كربلاء علي الهرب في يوم الاحتفال بمولد الإمام المهدي، أحد الأئمة الإثني عشر المقدسين لدي الشيعة، ومن غير الواضح ايضا" - تقول النيويورك تايمز - فيما إذا كانت المجموعة المخيفة جداً، ستستمر في ممارسة إبقاء قبضتها القوية علي عمليات توزيع الأشياء الضرورية في الحياة اليومية العراقية وبضمنها البنزين، والديزل، ووقود الطعام والمواد الأخري.

لاشك ان تقاتل الجماعات الشيعية في ساحات المزارات الشيعية المقدسة سابقا" وحاضرا"، يعطينا إنطباعا" واضحا" علي ان هذه الجماعات الإجرامية إنكشفت لدي المواطنين العراقيين من الطائفة الشيعية (الواعون والبسطاء)، حيث ان هذه الجماعات لم تسلم من إجرامها قبتا ومنارتا مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس، فإذا كانت الجماعات الإرهابية تكفلت بتفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء، فماذا بعد الآن يقول المواطنون العراقيون من الطائفة الشيعية عن هذه الجماعات التي لاتقل إرهابا" عن جماعات التكفيريين بدليل أن محمد المحنة سادن الحضرة العباسية أكد بالقول، ان عدداً من ممتلكات تلك العتبات احرق، إضافة إلي سرقة أمانات الزائرين الموجودة في أماكن نظامية خصصتها العتبة لذلك ومنها الهواتف النقالة لا سيما الثمينة، وذلك بعد تهديد حياة الموظفين المكلفين حماية هذه الأمانات وتنظيمها؟.

ومن المؤكد ان القاعدة الشعبية للطائفة الشيعية في العراق لم تعد تتأثر بالخطابات الطائفية التي يلقيها ويسوقها (الشيوخ المعممون) لهذه الميلشيات والجماعات والعصابات، بعدما ظهر جليا" زيف وباطل هذه الخطابات من جراء الممارسات الإجرامية والإرهابية التي قامت بها هذه الميلشيات حيال الطائفة المذكورة ولاسيما في المناطق التي تغلب عليها الديمغرافية الشيعية، وقد ظهر لافتا" في الفترة الأخيرة ان بعض ممثلي المراجع الشيعية في اكثر من مدينة في مناطق بغداد والفرات الأوسط والجنوب، قد تعرض للإغتيال في اطار التقاتل والصراع الشيعي - الشيعي، كدلالة إضافية علي ان المحرمات والمقدسات المثيولوجية الشيعية لدي هذه الجماعات لم تعد واردة في الحسبان، علي الرغم من تكسبها المادي والإجتماعي والإنتهازي من وراء هذه المحرمات والمقدسات.

وعلي هذا الأساس، فإن الطائفة الشيعية في العراق قد جري استغفالها طيلة مراحل إحتلال العراق، من قبل الجماعات الشيعية التي دخلت مع الإحتلال وكذلك من جماعات الداخل التي ترعرعت وشب عودها في هذه المراحل، وللتوضيح اكثر تدعي جماعات الخارج أنها الأحق بالكسب والنهب علي حساب مصلحة العراق بذريعة أنها كانت في المنافي طيلة الثلاثة عقود أو أكثر، بينما تدعي جماعات الداخل بهذا الحق (حق النهب والكسب) كونها ظلت طيلة العقود الثلاثة تعاني من بطش وعسف نظام صدام حسين ولم تهرب، وبالتالي راحت هذه الجماعات تتقاتل علي نهب وسلب ماتبقي من خيرات العراق التي جاء من أجلها الإحتلال أيضا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
زيارة بوش المفاجئة للعراق العـــراق بين نموذجــين لبنانيــــين

معن بشور

الوطن البحرين

لم يكن ممكناً - على الأقل إعلامياً- صرف النظر عن الانسحاب العسكري البريطاني من البصرة، وقد رأى فيه غالبية البريطانيين ''هزيمة''، إلا بالحضور المفاجئ للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ووزيرة خارجيته ووزير دفاعه ومستشاره للأمن القومي إلى العراق وحلوله في قاعدة عسكرية ''بالأنبار'' مهد انطلاق المقاومة المسلحة'' وفي حركة ''علاقات عامة'' من الدرجة الأولى يقوم بها الرئيس المحاصر بالرأي العام في بلاده، كما بالكونغرس وهيئة الأركان المشتركة ناهيك عن الفضائح الأخلاقية والمالية والسياسية التي تنبت كالفطر في جنبات إدارته والمقربين إليه.
وعلى الرغم من أن بوش تجنب الهبوط في ''المنطقة الخضراء'' التي كانت تعتبر حصن القيادات العسكرية الأمريكية والعملية السياسية العراقية والتي باتت في مرمى نيران المقاومة وقذائفها واختراقاتها الأمنية، إلا أن السيارتين المفخختين اللتين انفجرتا على مقربة من قاعدة ''عين الأسد'' حيث ''المقر المؤقت'' لبوش وأركان إدارته وأبرز حلفائه من العراقيين كانتا كافيتين لكي يفهم الرئيس ''العنيد'' رسالة الشعب العراقي المصمم على تحرير وطنه من الاحتلال ومن كل مفاعيله وإفرازاته وأبرزها دون شك مشروع تقسيم العراق بعد أن تم إنجاز مشروع تدمير واحدة من أقوى الدول في المنطقة.
ولقد اختلف المراقبون، بمن فيهم الأمريكيون بالذات، حول هدف الزيارة التي سبقت بأيام الموعد المنتظر لتقريري قائد القوات الأمريكية ديفيد بتريوس، والسفير الأمريكي كروكر، وللكونغرس حول مدى النجاح الذي حققته ''الاستراتجية الجديدة - القديمة لجورج بوش كآخر ورقة يلعبها قبل الإذعان لتوصيات لجنة هاملتون - بيكر ولرغبة العديد من أعضاء الكونغرس، ديمقراطيين وجمهوريين، وعشية انتخابات رئاسية تشير كل الاستطلاعات إلى نجاح ''بوش الابن'' الباهر في قيادة حزبه إلى هزيمة غير مسبوقة.
البعض رأى في الزيارة مسعى من بوش وأركان إدارته إلى مشاركة باتريوس وكروكر في وضع اللمسات الأخيرة لتقريرهما وتنقيته من أية استنتاجات قد يستخدمها خصومه الأشداء في الكونغرس للنيل من سياسة الإدارة الحالية، علماً أن كل التحليلات تؤكد أن التقريرين لن يخرجا عن سقف رغبات بوش نفسه، خصوصاً أن باتريوس بالذات ليس بعيداً عن سهام التحقيق بفضائح اختفاء أكثر من مليوني قطعة سلاح أمريكية ومليارات الدولارات أرسلت لتزويد الجيش والشرطة العراقية بها، وقد كان باتريوس مشرفاً على تدريبها، وكانت مساعدته الأقرب مشرفة على توزيع السلاح والمال.
وإذ يرى البعض أن وراء اختفاء هذه الكمية الضخمة من السلاح والمال صفقة فساد كبرى شارك فيها عسكريون أمريكيون وساسة عراقيون، فان البعض الآخر يرى أن هذه الأسلحة والأموال ذهبت لإعداد جيش سري مرتبط مباشرة بالقيادة الأمريكية ويتجاوز عدده 100 ألف جندي ويكلف بمهام خاصة من اغتيالات وتفجيرات وعمليات خطف متبادلة حتى أن العراقيين أسموا هذا الجيش - الذي كشف أسراره قبل أشهر الأستاذ محمد حسنين هيكل- ''جيش الفتنة'' غير النظامي وغير الأمريكي، العامل جنباً إلى جنب مع جيش الاحتلال الأمريكي والنظامي المنتشر في كل أنحاء العراق.
أما الاحتمال الآخر الذي يرجحه بعض المحللين هو أن للزيارة علاقة بالضغط على قيادات العملية السياسية العراقية من أجل الإسراع بإنجاز مصالحة وطنية شكلية، وإقرار قانون النفط الذي بدأ ''مجلس نواب المنطقة الخضراء'' بمناقشته هذه الأيام مع انتهاء عطلته الصيفية، وذلك لكي يستطيع الرئيس الأمريكي أن يقدم للكونغرس الأمريكي نماذج عن نجاح سياسته واستراتيجيته في العراق خصوصاً مع الادعاء بأن هذين ''الإنجازين'' يرافقهما تقدم أجنبي مبني على إحصاءات تم التلاعب بها لتعطي نتائج معاكسة لما يجري على أرض الواقع تحت شعار: أكبر كمية من القتل بحق العراقيين وأكبر كمية من الكذب على الأمريكيين.
يبقى احتمال ثالث لا يتناقض مع الاحتمالين السابقين بل قد يتكامل معهما، وهو أن بوش وأركان إدارته الذين يدقون طبول الحرب ضد إيران في عملية يقال إنها ستكون ''مفاجئة، وشاملة ومدمرة'' وغير مسبوقة في التاريخ الحديث ، قد يلجأون إلى خيار ''الانسحاب المفاجئ'' للتفرغ للعملية العسكرية المرتقبة، ولمنع إيران من استخدام القوات الأمريكية في العراق كرهائن، وهي في واقعها شبيهة بحالة ''البط العائم'' في بحيرة محاطة بصيادين مهرة.
هذا الانسحاب المفاجئ قد لا يكون وحده كافياً إذا لم يكن مقروناً بإعداد ''مسرح واسع'' لحرب أهلية عراقية لا تغرق العراقيين وحدهم في أتونها بل تغرق دولاً إقليمية متعددة وأبرزها إيران وتطلق في المنطقة كلها تداعيات ذات طابع عنصري أو مذهبي تطوق القيادة الإيرانية بشعور معاد من كل الجهات.
النصيحة في هذا المجال هي إسرائيلية، (وقد أقرت جهات إسرائيلية بوجود صهاينة في العراق يعملون في إطار شركات أسلحة) والنموذج المقترح هو ''نموذج لبناني'' يعود إلى مثل هذه الأيام من عام ,1983 حين قاد الانسحاب الصهيوني المفاجئ من الجبل إلى واحد من أكثر فصول الحرب اللبنانية دموية وقسوة وتهجيراً مازالت آثاره مستمرة حتى اللحظة الأخيرة، ويومها لم يهتم الإسرائيليون كثيراً بمصير فئات راهنت عليهم وسهلت وصولهم إلى العاصمة، بل مارست تل أبيب سياستها المعروفة ''نحن نستخدم الجميع، ولا نسمح لأحد أن يستخدمنا''.
ولكي يبدو الدور الأمريكي ''نظيفاً'' في ''المحرقة الدموية العراقية'' المرتقبة، ومؤشراتها ليست خافية على أحد، فانها تريد أن تحمل ''أركان العملية السياسية الحالية'' المسؤولية المباشرة عن تلك المحرقة، فهم لا ينفذون الأوامر بوقف مفاعيل ''اجتثاث البعث'' و ''بإشراك السنة في الحكم'' وغيرها من مطالب ومطالب لم يكن ممكناً أصلاً إثارتها لولا السياسة الأمريكية نفسها التي دخلت دباباتها أرض العراق وهي تحمل علناً مشروع تقسيم العراق و''إثارة النعرات العرقية والطائفية والمذهبية''، وتقرن احتلال العراق بحل جيشه وتدمير دولته وعزل الملايين من أبنائه بحجة الانتماء إلى حزب عريق في جذوره، واسع في انتشاره، عابر في بنيته الداخلية للأعراق والطوائف والمذاهب هو حزب البعث.
من هنا يأتي اجتماع بوش وأركان إدارته بالطالباني، والهاشمي الذي كان حزبه الإسلامي ينظم اعتصامات للإفراج عن عشرات آلاف العراقيين المعتقلين في السجون الأمريكية والعراقية فيما كان هو يهرول في عجل إلى قاعدة القادسية ليجتمع بالرئيس بوش، وبحضور المالكي رئيس الحكومة الفاقدة ''للتمثيل السني'' الذي كان محصوراً ''بجبهة التوافق'' وعمودها الفقري الحزب الإسلامي.
ويطلق البعض تعليقاً ساخراً على جملة رددها بوش في زيارته المفاجئة للعراق ''إن تخفيض عدد قوات بلاده في العراق مرهون بما يتحقق من تقدم أمني'' معقول بالقول إنه إذا كان التقدم الأمني المقصود هو نجاح قوات الاحتلال في بسط سيطرتها وسياستها على العراق فهذا بعيد جداً، أما إذا كان المقصود بالتقدم الأمني، وهذا هو الأرجح بنظر بوش، هو تقدم الأجهزة الأمنية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والعميلة في تنفيذ مخططاتها القائمة على إغراق العراق بالدم وقتل مئات آلالاف من أبنائه، وتشريد الملايين داخله وخارجه، فان هذا التقدم يحصل بالفعل وبالتالي فان بوش يستطيع سحب قواته بأسرع وقت ممكن.
لكن بين العراقيين أصوات كثيرة تقول نعم سنعتمد النموذج اللبناني، ولكن النموذج الذي برز بعد الانسحاب الصهيوني من الشريط الحدودي اللبناني المحتل في آيار ,2000 حيث سقطت كل الرهانات على فتنة أهلية دامية وعلى أن المقاومة التي حررت الأرض ستغرق في ممارسات وتجاوزات واعتداءات تحول التحرير انتكاسة، والنصر على العدو هزيمة في الداخل وهي رهانات ما زالت قائمة حتى الساعة.
ويعزو هؤلاء العراقيون تفاؤلهم إلى أن الفتنة الدائرة اليوم في العراق (وهي بالمناسبة لم تعد طائفية أو مذهبية فقط بل انتقلت إلى داخل الطائفة الواحدة والمذهب الواحد كما شهدنا في النجف، وقبلها في بعقوبة والأنبار)، هي من صنع أمريكي- بريطاني- صهيوني، وأن منفذيها من العراقيين هم أدوات للاحتلال سيخرجون معه إن لم يكن قبله، بل ويعطي هؤلاء أمثلة عديدة تشي بوجود رابط قوي يشد مكونات المجتمع العراقي إلى بعضها البعض، بعضها موضوعي مثلما نشهد في الشمال الكردي من ضغوط تركية وإيرانية لا سبيل لمواجهتها إلا من خلال الوطنية العراقية الجامعة، والدولة العراقية الموحدة، كما أن بعض الروابط يتصل بطبيعة المجتمع العراقي وامتدادته العشائرية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ناهيك عن وعي عراقي متنام، تعززه التجارب والمشاهد الدموية، بأن الطريق إلى الحرب الأهلية هي أقصر الطرق للإجهاز على ما تبقى من العراق والعراقيين.
النموذج اللبناني الآخر، نموذج ما بعد آيار ,2000 هو ما يتطلع إليه العراقيون، ويسعى القادة المخلصون بينهم إلى تحقيقه سواء عبر توسيع أفق الحوارات الدائرة عليها داخل العراق وخارجه، أو عبر قيام جبهة وطنية وقومية وإسلامية عراقية شاملة لكل القوى المناهضة للاحتلال، جبهة تتطلع إلى مستقبل العراق أكثر من الغرق في ماضيه ومآسيه وانقساماته ومحنه، وتدرك أن العراق إما أن يكون عراقاً موحداً ديمقراطياِ عربياً مستقلاً وإما أن يبقى فريسة اللأمن واللاستقرار.
في جميع الأحوال، فزيارة بوش وأركان إدارته هي تعبير عن عمق المأزق لا خطوة على طريق تجاوزه، ونقل مركز القرار الأمريكي من البيت الأبيض إلى عين الأسد، أو من واشنطن D.C. إلى الأنبار D.C.، لن يغير من اتجاه الأحداث أو يمنع نتائجها المحتومة.
إن الحرب الأمريكية على العراق التي أعلن جورج بوش نهايتها في 1/5/2003 من على حاملة طائرات أمريكية، قد فشلت فشلاً مدوياً ولن يغيّر من صورة فشلها صور جورج بوش متقرباً من الجنود والعسكريين ومتنقلاً بينهم، وهو لا يدري من منهم سيبقى على قيد الحياة غداً أو بعد غد.
وبالمقابل فان الحرب التي بدأها العراقيون على قوات الاحتلال من أم قصر في أقصى الجنوب إلى كل نواحي العراق، ولتستعر مقاومة وانتفاضات بعد 9/4/2003 (يوم احتلال بغداد) هي في طريقها إلى النصر مهما كبرت التضحيات.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
هرولة حزب الدعوة (السيستانية) مهازل عراقية

داود البصري
السياسة الكويت








بعد لقائه السريع والمفاجئ بالرئيس الاميركي جورج بوش في قاعدة (الاسد) الجوية في الانبار, وتلقيه للنصائح والتوجيهات والوصايا الاميركية لحل وحلحلة المعضلة العراقية, هرول رئيس وزراء حزب الدعوة نوري المالكي مسرعا نحو مدينة (النجف) للقاء المرجع والفقيه آية الله العظمى علي السيستاني, لاخذ التوجيهات اللازمة منه بشأن صياغة التشكيلة الحكومية الجديدة ومحاولة ترقيع حكومة الوحدة الوطنية التي ما يغلبها غلاب, والحقيقة ان هرولة المالكي السريعة نحو النجف تثير الحيرة والتامل والمتابعة ايضا, فالسيد السيستاني هو واحد من المراجع الفقهيين ولا وجود لاي دور له في الدستور العراقي, فضلا عن كون السيستاني عازف بالكامل عن المشاركة السياسية وهو لا يلعب دور الولي الفقيه المهيمن على الامور العامة للناس والذي يمتلك صلاحية ابطال الحدود والغاء الاتفاقيات واعلان الحرب والسلام كما كان عليه الحال في ايران ومازال مع الراحل الخميني او مع خليفته خامنئي, والمعضلة السياسية في العراق حلها لا يكمن بيد الفقهاء مهما كانت توجهاتهم, بل بيد السياسيين وقادة الميليشيات والسيستاني كما نعلم لا يمتلك ميليشيا عسكرية, فضلا عن كونه رغم مرجعيته الدينية والفقهية مواطنا ايرانيا مسالما لا يحمل الجنسية العراقية وهو بالتالي يحظى بوضعية مقيم اقامة دائمة, وهي الحالة الاولى في تاريخ الحكومات البشرية ان تشكل بامر ومباركة من اشخاص مهما كانوا اتقياء وملائكة لا يحملون جنسية حكومة ذلك البلد, فالقضية ليست في السيستاني ابدا, بل في الاحزاب العاجزة بقياداتها الفاشلة التي لا تعرف بداية الطريق ولا شكل نهايته, والتي تاهت في دروب السلطة وزواريبها وباتت تشكل عبئا على شعوبها وجزءا مركزيا من المشكلة بدلا من ان تكون الحل, ترى ماذا سيقول السيستاني للمالكي, دعونا نتصور ما سيقوله او يسديه من نصائح, سينصحه بوحدة الصف الوطني وبالتضامن وباختيار المخلصين وبسلوك طريق الهداية, وبضرورة الاسراع في تقديم الخدمات للشعب المحروم, وبتوفير الامن والامان لامة لا اله الا الله. نعم هذه هي النصائح العامة والتي لا تتطلب من المالكي شد الرحال للنجف وتعطيل مسؤولياته الكبرى, ومزاحمة وقت المرجع الاعلى بامور دنيوية لا يملك لها حلا ولا سلطة ولا حتى اجندة او برنامج عمل خصوصا وان الطرف الشيعي في المعادلة المذهبية العراقية المريضة يعيش انقساما فظيعا ودمويا ترجمته مؤخرا معارك كربلاء وتترجمه كل يوم تلك المجاميع الشيعية المتطرفة التي تدعو بعضها كجماعة (جند السماء) لقتل المراجع جميعهم دفعة واحدة, فضلا عن الدور العسكري والانقسامي الخطير الذي تمثله جماعة مقتدى الصدر وجيشه المهدوي هذا دون التطرق لفصائل شيعية اخرى لها مرجعياتها الخاصة مثل حزب الفضيلة بمرجعية الشيخ اليعقوبي, وجماعة الصرخيين, وجماعة الشيرازيين, وجماعة الشيخ المؤيد, وجماعات كثيرة اخرى جميعها ترفع السيوف وتلوح بشعار : يالثارات قريش,, ولن نتكلم عن الاحزاب والتنظيمات فهي اكبر من الهم على القلب, وجميع تلك القوى الشيعية المتنافرة لا يملك السيستاني اي سلطة عليها ابدا, اذن ماذا يريد المالكي والربيعي والجعفري وغيرهم من حزب الدعوة او المطرودين منه او المنشقين عليه سوى توريط القيادات الروحية بامور وحركات سياسية لا علاقة لهم بها وليسوا معنيين اصلا بمشكلاتها, فماذا يستطيع السيستاني ان يفعل بصدد مقاطعة جبهتي التوافق والحوار وجماعة علاوي, وهؤلاء علمانيون لا ياخذون تعليماتهم من الفقهاء, كما نعلم ان السيد السيستاني ليس الولي الفقيه ولا يمتلك صلاحيات سياسية, فهل ينوي حزب الدعوة بقياداته الفاشلة تعديل الدستور العراقي وتنصيب السيد علي السيستاني بمنصب الولي الفقيه لكي يحل لهم جميع المشكلات التي عجزوا بفضائحية كبيرة عن حلها, ترى ما رأي الحليف والكفيل والضامن الاميركي? تلك هي المسألة التي هي اساسا طرطرة في طرطرة في وطن قد تسلط عليه الطراطير ولم يخطئ الجواهري الكبير حينما قال اي طرطرا تطرطري, ويبدو ان هرولات المالكي ستدخل العراق في ماراثون ساخن جديد, فقد علمنا التاريخ المعاصر ان حزب الدعوة هو حزب الفشل والبلوى بكل جدارة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
بوش في الأنبار
طارق الشيخ ..
الراية قطر
زيارة خاطفة قام بها الرئيس جورج بوش للعراق، لكنها زيارة غير عادية. فقد توقف الرئيس بوش حيثما شاء أن يطلق إشارات قوية في اكثر من اتجاه.

توقف بوش في العراق لمدة ثماني ساعات وحط بالأنبار بدلا عن بغداد التي اعتبرت منذ غزو العراق أحد معاقل القوي المعادية للوجود الأمريكي، وهي منطقة سنية مهمة. والتقي بوش هناك بزعماء القبائل الذين تحولوا من أعداء الي ماقبل عام فقط وفقا للتصنيف الأمريكي الي أصدقاء يعتمد عليهم بعد إعلانهم الحرب علي تنظيم القاعدة في العراق وتحديدا في مناطقهم بالأنبار.

فهل كانت رسالة بوش هذه المرة أنه يعيد العراق الي عصر القبيلة بعد ان فقد أمله وخاب ظنه في حكومة المالكي الطائفية؟ الأمر الآخر فإن بوش لم يبحث عن الدولة الديمقراطية التي بناها في العراق كما أحب أن يباهي بذلك كثيرا بل إنه يعلن ثقته في القبائل السنية علها تأتيه بنجاح لم يطاله المالكي. فهل بذلك يذعن بوش الي مقولة كثير من معارضيه الذين أبدوا شكوكهم في قيام نظام ديمقراطي في العراق او حتي تحقيق استقرار مأمول في ظل هيمنة الطائفية علي كل مفاصل العراق السياسية .

ثماني ساعات في الأنبار بحث فيها بوش عن حلفاء جدد عله يجد فيهم مبتغاه في حليف جديد يضمه للقائمة الممتدة في الحرب علي الإرهاب.

فهل يعد بوش لتعديل في استراتيجيته في العراق بتحالف جديد في مواجهة حليفه المفضل حتي الآن.. المالكي؟ وهل يعتقد بوش من خلال هذه الزيارة العابرة بأنه يمكن ان ينزع فتيل الحرب الطائفية التي تدلل كثير من الشواهد أنها تأخذ بعضا من قوتها من البعد او القرب من الاحتلال الأمريكي ؟ هل تقارب المالكي مع طهران وزيارته التي قام بها بناء علي حسابه السياسي الخاص وليس من رصيد واشنطن جعل بوش يتململ ويري الأمور من منظور الحرب علي الإرهاب والتصنيف المؤتمن للدول الراعية للإرهاب.

لقد حاول الناطق باسم البيت الأبيض أن يرسم صورة مختلفة للغرض من هذه الزيارة فجعلها تدخل ضمن رؤية استراتيجية للرئيس بوش تمزج الحوار مع المالكي في بغداد والعناصر السنية القبلية. أي أن تتوزع الثقة بالعدل بين القمة السياسية والقبائل والقوي الأخري في قاع الهرم السياسي والاجتماعي بالعراق.

وفي الواقع أن شكوكا كثيرة تحيط بهذا الحب من طرف واحد الذي يبديه بوش إذ أن القبائل السنية تحارب القاعدة ليس حبا في أمريكا وإنما طلب للسلامة والأمان لأنفسهم. وهذا ما لاتستطيع أن توفره حكومة المالكي أو إدارة بوش نفسها.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
غرائب في بلاد الرافدين

جاسم الرصيف *
اخبار الخليج البحرين
تبتر آذان وذيول الجراء، في قرانا التي جايلت الصبر حتى ادمنته، لتعد على شراسة قتال مفترضة ضد اللصوص والثعالب والذئاب والكلاب السائبة، ولكن بعضها (يكبر) فيخيب الظن على جبن موثق في الهروب من الدار والقرية كلما انطلق عيار ناري، حتى يحين اطلاق نار جديد في مقر الإقامة (الجديدة) تتكرر الهروبات بين القرى، فنالت مثل هذه الكلاب لقب (كلاب القريتين) على جبن وانعدام وفاء وتعدد ولاء. ***

وعلى ذات الوهم والظن انتخب اكاديميو الفوضى الخلاقة انماطا بدت للناس (محسنة) الآذان والذيول على دلالات ترف وتعديلات جينية اتحفتنا بالمحاصصات الخاصة بقبائل (كوندي) المفدرلة المؤتلفة المتفقة المتحدة على تفتيت العراق : الى حصص لكلاب امريكية وبريطانية وغيرها من متعددات الجنسيات المصابة بداء تعاطي (كوكتيل) النفط بالدم البشري المزمن، وصلت إلى المراعي الخضراء (مزبدة مرعدة) ولكنها حوصرت ممن لا يحملون ورد (الطالباني) ولا وعود (الجلبي) ولا تقية (الحكيم) ولا (دعوة) المالكي المفخخة الملغومة بلحى مستعارة، فخيّبت بعد اكثر من اربع سنوات من تعاطي السعار ظنون من ربّاها على دلالة الخلاصة القائلة (بعدم جهوزية) هذه القوات لاحتلال العراق ثانية اذا رحل المربّون. واستباقا لمثل يوم (فيتنام) المرعب، وتأكيدا لعدم ضياع التربية (الاسلامية) على الطريقة (الكوندية) قدم واحد من المعدّلين وراثيا قبل رحيله عن المراعي الخضراء - رافعا علم الطائفية السياسية الرثة - نسخة من سيف الامام علي (رضي الله تعالى عنه) الى مربّيه ومعلمه وفقيه حزبه العجوز المهزوم (رامسفيلد)، اعترافا علنيا موثقا بوفاء المربّى للمربّي على ازدواجية المعايير والوجوه والولاءات، وتثمينا لكل التعديلات الفقهية والعقائدية (الإسلامية) على الطريقة (الكوندية) التي حصل عليها شخصيا مع حزبه الذي كان اول حزب (اسلامي) ارهابي فجر قنابله في الجامعة (المستنصرية) في بغداد عام .1979 وفي آخر صرعاته (الدعوية) اجاز وافتى آخر من هذه المحسّنات لقوات الاحتلال (ان ترحل، ومع السلامة) عن العراق (متى تشاء) ناسيا عجزه عن الخروج من المراعي الخضراء الى اقرب شوارع (بغداد) من دون حبل في عنقه وطوق نجاة وحماية متعددة الجنسيات والولاءات لا عراقيين فيها، فخيب ظن من درّبوه على الادعاء ابدا بأن القوات التي استعارت لقب عراقية (ليست جاهزة لإدارة امن) العراق المحتل، وخاب في درس القراءة وقراءة الأناشيد الذي يمهد عادة للتجديد لبقاء قوات الاحتلال من دون اذن من الشعب العراقي بقوة الأمم المتحدة على اهانتنا : بتبنيها حكومة احتلال وفق كل بنودها وفصولها التي جيرت لصالح تجار الحروب. ومن (ريان كروكر) الوالي الفقيه المحلي الى (موفق الربيعي) وبقية جوقة الكذابين المحليين تم تعديل العواء الخاطئ الى وضع (جراء لم تبلغ سن الفطام) لكل قوات المرتزقة (العراقية) الرديفة لقوات الاحتلال من (المؤمنين الطيبين بهدية الله) الى نجوم رابطة حرامية بغداد المحاصرين في المراعي الخضراء، وجاء التعديل لتأكيد تكرر يفيد المراعي بحاجة الى مزيد من العلف وساسة الخيول الخاسرة و(كلاب القريتين) التي لم تبلغ الفطام وتحتاج الى مزيد من التدريب على العض وحقن السعار لتتأهل للبقاء في اوجارها (الوطنية) المسيرة (بالستلايت) الأمريكي. ولأن اطلاق النار، جاء فضلا عن نيران أهل البيت الذي تناهبته اللصوص، من مصادر امريكية ومن اعلى المستويات لتفجير اطلاقة (الرحيل) غير مريح التقسيط، فقد راحت (كلاب القريتين) تبحث عن طرق هروب خاصة بها، وبعضها قد رحل فعلا، وبعضها الآخر رزم حقائبه مع ما طالته انيابه (الكريمة) من اموال عراقية منهوبة، ولكن محاولات اللحظة الأخيرة على امل (اعجوبة)، او العوبة، من اعاجيب والاعيب (هدية الله لتجار الحروب) قد تحصل من خلال تحالف بين (محور الشر) و(الشيطان الأكبر) قد تضمن (لكلاب القريتين) اقامة طويلة في قواعد في (كردستان) وجنوب (الحكيم). *** شاعت في امريكا خلال السنوات الماضية اغنية يقول مطلعها مستغربا متعجبا من كلاب سائبة، قد تكون (كلاب القريتين) في الشوارع: من اطلق الكلاب؟ ويبدو انها اغنية (استباقية) على الطريقة الأمريكية تصف رحيل قوات الاحتلال المضطرة لإطلاق كلابها وجرائها في عراء الوطنية العراقية عرضة لصيادي الحيوانات المسعورة السائبة من (كلاب القريتين) وغيرها من كلاب ضالة.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
وكل سياسي يكذب
جهاد الخازن
الحياة
06/09/07//أكثر ما يخيفني في الرئيس جورج بوش ليس ان يكذب، فكل سياسي يكذب، ولكن ان يقول الحقيقة، أو ما يتصور انه الحقيقة.

هذا الأسبوع توافر لي في يوم واحد مثلان على الحقيقة كما تبدو في عالم الرئيس الأميركي، وهو عالم غير ما نعرف.

هو توقف ثماني ساعات في العراق، في طريقه الى استراليا، وقال ملمحاً الى خفض القوات الأميركية بعد زيادتها انه «إذا استمر النجاح الذي نشهده نستطيع المحافظة على مستوى الأمن بقوات أقل».

النجاح؟ الرئيس بوش تحدث عن الأنبار حيث هبطت طائرته في قاعدة حربية محصّنة، وذكّرنا بأن بعض العسكريين قال قبل سنة ان القوات الأميركية خسرت الأنبار، غير انها الآن من أكثر المناطق أمناً في العراق.

لا أعتقد بأن جورج بوش الابن يكذب عمداً وهو يتحدث عن الأنبار، فالأرجح انه يعتقد فعلاً بأن استراتيجيته انتصرت في الأنبار مع ان كل ما حدث هو ان رجال المقاومة وإرهابيي القاعدة انسحبوا في وجه القوات الإضافية، إدراكاً منهم ان هذه القوات لن تبقى الى الأبد، وسيعودون فور سحب هذه القوات، ومن يعش ير.

الحقيقة كما لا يعرفها الرئيس بوش هي ان القتل في العراق بقي عند معدلاته المعروفة منذ زيادة القوات، وفي حين تزعم القيادة الأميركية ان قتل المدنيين هبط من 1600 في الشهر الى 1200، منذ شباط (فبراير) الماضي، فإن أرقاماً رسمية عراقية، من وزارتي الدفاع والداخلية وغيرهما، أعطت أرقاماً للقتلى المدنيين تراوحت بين 1600 في الشهر و1700.

في الوقت نفسه زاد التهجير الطائفي في الداخل، وزاد فرار العراقيين من بلادهم، والأمم المتحدة تقدر نزوح 50 ألف عراقي شهرياً الى البلدان المجاورة، والرقم هذا أقل تقدير قرأته. وهناك حرب طائفية بين السنّة والشيعة، بل حرب بين الشيعة وحدهم كما رأينا في كربلاء، ولا يوجد أي تقدم على الصعيد السياسي، فحكومة نوري المالكي تركها 15 وزيراً، هم كل السنّة، وممثلو جماعة مقتدى الصدر، وقد عاد البرلمان العراقي الآن من عطلته الصيفية (وكذلك الكونغرس) ولكن لا سبب عملياً لتوقع إقرار قوانين مطلوبة فلا اتفاق على تعديلات دستورية مطلوبة، ولا قانون نفط يرضي السنّة والشيعة والأكراد، وتعديل قانون اجتثاث البعث يراوح مكانه، وقد بدأ البريطانيون يغادرون المركب الغارق، فانسحاب قواتهم من البصرة هزيمة، لا إعادة انتشار الى المطار، لأن المنتصر ينسحب في وضح النهار، أما الجنود البريطانيون فتسللوا تحت جناح الظلام، وتركوا المدينة تحت سيطرة ميليشيات متناحرة وشرطة مخترقة فاسدة، ونفوذ استخباراتي ايراني.

طبعاً لا أتوقع من الرئيس بوش ان يصدقني، وكيف يفعل وهو لا يصدق تقرير مكتب المراقبة الحكومية التابع للكونغرس نفسه الذي ناقشه الأعضاء قبل يومين بعد ان كانت تسربت مسودة التقرير الى جريدة «واشنطن بوست» وتبين منها ان الحكومة العراقية أنجزت ثلاث نقاط فقط، أو شواهد على الطريق، من اصل 18 نقطة مطلوبة منها.

وبما أنني قرأت كل ما استطعت ان أجد عن هذا التقرير، فقد وجدت ملاحظة مهمة تقول ان سبب تسريب التقرير الى الجريدة، هو خشية من سرّبه ان تحاول وزارة الدفاع وغيرها تخفيف صورة الفشل في التقرير، وحجب معلومات سلبية.

التقرير الأهم هو الذي سيقدمه الجنرال ديفيد بيتريوس والسفير ريان كروكر الأسبوع المقبل، إلا انني أتصور ان هذا التقرير سيكون مخففاً بدوره، و «يرش على الموت سكّر» كما يقول المثل، ليتمكن الرئيس بوش من ان يزعم نجاح زيادة القوات في تأدية المهمة المطلوبة، فيكون سحبها لأنها نجحت لا لأنها فشلت.

أرجح ان الرئيس بوش سيعلن النجاح وهو يصدق نفسه، فأكمل بالمثل الآخر عن الرئيس المعجزة وعالمه.

هناك كتاب جديد عن إدارة بوش بعنوان «واثق جداً» من تأليف الصحافي روبرت دريبر الذي أجرى للرئيس ست مقابلات طويلة هي في اساس المعلومات التي بني عليها الكتاب. وهكذا فقد قرأنا ان جورج بوش «فوجئ» بقرار حل الجيش العراقي والاستخبارات، بعدما كانت النية المحافظة عليهما، وكلنا يعرف الآن ان قرار حل الجيش كان أسوأ قرار على الإطلاق اتخذته سلطة الاحتلال، فقد ترك في الشارع مئات ألوف الرجال المسلحين المدربين الغاضبين، من دون دخل لإعالة أنفسهم وأسرهم.

المبعوث الأميركي بول بريمر، أو المبعوث السامي، أعلن حل الجيش، والقرار مربوط باسمه، غير ان بعد صدور الكتاب وما ضم على لسان الرئيس، قرر بريمر كشف أوراقه، وتبين من مراسلاته مع الرئيس انه بلّغه قرار حل الجيش، وتلقى منه تهنئة على عمله.

مرة أخرى، أعتقد بأن الرئيس بوش لا يكذب، على رغم الرسائل المتبادلة، فقد وجدت ان الرسالة ذات العلاقة من بريمر الى بوش كانت في ثلاث صفحات، والإشارة الى حل الجيش مدفونة في فقرة واحدة في وسطها، لذلك أرجح ان الرئيس لم يقرأ الرسالة كلها (هو يعقد مؤتمراً صحافياً كلما قرأ كتاباً) ووافق عليها من دون ان يلاحظ قرار حل الجيش.

مشكلتنا مع الرئيس بوش أننا لا نعيش في عالمه وإنما في عالم الحقيقة الأخرى لذلك هو يقول ان العراق حُرّر، وأنا أقول انه دُمّر، ثم أحتكم للقراء.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
كيف نمنع إنهيار العراق عندما نغادر؟!
ترودي روبين:

الشبيبة عمان
بمجرد انتهاء عطلة يوم العمل, سوف يبدأ مباشرة العرض الكبير للعراق في عاصمة البلاد. فسوف يتلقى الكونجرس سلسلة من التقييمات الجدية حول الوضع في العراق والتي ستقود إلى القمة العظمى خلال تقديم الجنرال ديفيد بتريوس والسفير ريان كروكر لشهادتهما أما الكونجرس في الأسبوع الثاني من سبتمبر الجاري.
بعدها تتحول الدراما إلى سيرك سياسي. فالرئيس بوش سوف يقدم للكونجرس تقريرا حول العراق في 15 سبتمبر مطلقا جولة اخرى من المساجلات حول ما إذا كان علينا أن نغادر أو لا نغادر العراق بحلول 2008. وهذا النقاش سوف يتشكل لحد كبير وعلى كلا الجانبين بتكتيكات عام الإنتخابات أكثر منه بالإحداث على أرض العراق.
كلا الطرفين يعجل بكارثة أسوا في العراق. فالرئيس يريد إبقاء الجنود في العراق اطول فترة ممكنة. والديموقراطيون (وبعض الجمهوريين) يريدون سحب القوات إما سريعا أو ببطء.
عليه, فهاهنا رجاء. هل نستطيع من فضلكم أن نبدأ التفكير بصورة مختلفة حول مساجلات العراق؟ فبدلا عن (نبقى أو نذهب), هل نستطيع أن نركز على منع العراق من الإنهيار عندما نغادر في النهاية؟
مثل هذا التركيز لا يتناسب أبدا مع خطوط رواية كلا الطرفين. فالجمهوريون يريدون ان يصرفوا الإنتباه بعيدا عن مجمل إخفاقهم في العراق, لهذا فهم يدعون بأننا لا نزال قادرين على تأسيس الديموقراطية العراقية وإحراز نصر نظيف. والتركيز على "الإستمرار في النهج" يمنع من الفحص النزيه لكيفية إنقاذ أفضل ما يمكن إنقاذه.
ومع ذلك, فنحن نعرف أن البنتاغون لا يستطيع أن يحافظ إلى ما لا نهاية على المستوى الراهن للجنود في العراق, لأسباب تتخطى السياسة الداخلية. فقواتنا المسلحة قد شدت إلى ما فوق طاقتها والجمهور الأمريكي قد سأم الحرب وفقد العديد من العراقيين إيمانهم في وجودنا هناك. وذلك الفقدان للوهم لا يمكن أن يلام عليه الكونجرس. إنه ناتج لأعوام من إدعاءات الإدارة الأمريكية التي يكذبها واقع العنف على الارض.
بنفس القدر, فإن أؤلئك الديموقراطيين الذين يقولون بأن العنف في العراق سوف يقل عندما نرحل, هم على خطأ. فوضع تاريخ نهائي للإنسحاب الكامل لن يهز الفصائل العراقية أو جيرانهم من العرب والإيرانيين ليقوموا بردة فعل. فليس هذه هي الطريقة التي يعمل بها الشرق الاوسط.
ليس هناك من يثق بالآخر وسط هذه الفصائل بما يكفي للتوصل إلى سلام بدون تدخل خارجي قوي. وقد اضمحل التأثير الأمريكي في العراق بسبب أخطاء الأعوام الاربعة الماضية. فإذا وضعنا تاريخا للمغادرة بدون التحضيرات السليمة, فإن تأثيرنا سوف يختفي.
وقد حفزت المساجلات حول موعد المغادرة مليشيات العراق السنية والشيعية بالفعل لتبدأ في تصعيد الصراع الشامل على السلطة. ونفس الشيئ بالنسبة لجيران العراق.
يقول عديد من الديموقراطيين أن الأمر لا يستحق البقاء لأن الوجود الأمريكي لن يحدث فرقا على المدى الطويل. وهم يقولون بأن القادة الطائفيين في العراق يبدون إصرارا على القتال. وعليه, فإن أية مكاسب عسكرية أمريكية سوف تكون عابرة. ووجودنا هناك سوف يكون مثل وضع أكياس الرمل داخل مجرى الماء لتؤخر الفيضان.
لكن إذا غادرت القوات الأمريكية بدون ترتيبات سياسية, فإن القوات الطائفية سوف تندفع لتملأ فراغ القوة. كما أن القوى الإقليمية المختلفة سوف تمول وتسلح وكلاءها من الطوائف المختلفة.
نسحب اكياسنا الرملية فيجتاح الفيضان العراق. وهذا أمر أكيد. إذن, لماذا لا نرى الديموفراطيين والجمهوريين يحاولون بناء مصدات للفيضان قبل ان نرحل؟
عندما يدلي الجنرال بتريوس بشهاته أمام الكونجرس, فإنه سوف يتحدث عن مكاسب عسكرية في العراق تحققت على المستوى المحلي, حيث انقلبت العديد من القبائل السنية والمتمردون الشيعة ضد القاعدة. وهو يعرف ان هذه المكاسب في حاجة لأن تقوى. فرجال القبائل السنية هؤلاء, والذين يعملون الآن مع قواتنا, يمكن ان يتحولوا إلى مليشيات تنقلب على الحكومة التي يقودها الشيعة (أو على القوات الأمريكية).
ولا يزال الجنرال يأمل في إمكانية رتق رقع النجاح الذي تحقق في المحافظات وبعض أجزاء بغداد, ورتقها إلى بعضها البعض خلال العام القادم. لكن بتريوس يعرف أنه لا بد لزيادة القوات من نهاية. لكنه يريد العديد من الاشهر الإضافية ليحاول خلق غطاء سياسي مرقع من الفوضى الراهنة.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
الإنسحاب من البصرة.. خطأ قاتل أم مخرج إلى الامام؟

وليام فاف:

الشبيبة عمان

جاء انسحاب البريطانيين من مقر رئاستهم المحاصر في البصرة, ثاني أكبر مدينة عراقية, إلى قاعدة جوية أكثر قابلية للدفاع عنها في ضواحي البصرة, ليقدم إختبارا وسابقة في نفس الوقت للإنسحاب الأمريكي من العراق الذي سيحدث طال الزمن ام قصر.
وسوف يتضمن هذا الإنسحاب تخفيضا قي عدد القوات يبلغ 500 جندي ليترك 5,000 جندي بريطاني في العراق. وفي يناير الماضي كان عدد القوة البريطانية قد تناقص إلى 7,000 من 18,000 في عام 2003 عند إسقاط صدام حسين. وكان البريطانيون قد انسحبوا من ثلاثة محافظات في العام الماضي مخفضين وجودهم العسكري في العراق إلى قاعدة جوية واحدة مع تسيير دوريات رمزية وخطرة في مدينة البصرة.
وسوف يقدم رئيس الوزراء, غوردون براون قريبا تصريحا في البرلمان حول الوضع الراهن في العراق. وبينما أنه من المرجح ان يترك قوات مقيمة صغيرة الحجم في العراق لتهدئة خاطر واشنطون والحفاظ على وعود قطعت في الماضي, إلا أنه غالبا ما يضع جدولا لمغادرة القوات المتبقية.
يدعي البريطانيون أنهم قد سلموا موقعهم لمسؤولين حكوميين عراقيين, وأن هناك مراسم تسليم تشهد على ذلك في نهاية الاسبوع الماضي. لكن المنطقة التي يقومون بالإنسحاب منها قد ظلت منذ 2005 موضوع نزاع بين السلطات المركزية الضعيفة والمليشيات الشيعية المتصارعة التي يسيطر بعضها على قوات الشرطة المحلية, وهي تقاتل إحداها الآخرى, ليس لسبب أيديولوجي وإنما على سلطة ما بعد الحرب.
كان البريطانيون قد عملوا في البداية مع السلطات المحلية وكانو يقارنون وجودهم السلمي وخروجهم في الدوريات بدون خوذات أو دروع, مع الأمريكان لابسي النظارات الشمسية في الاماكن الاخرى وهم يحطمون الأبواب ويخيفون المدنيين.
ومع ذلك, وعقب وقوع بعض الإشتباكات غير السارة في عام 2005, صار البريطانيون يجدون انفسهم بصورة متزايدة واقعين بين نارين من نيران المليشيات المتصارعة. لقد وقعت بينهم حتى كتابة هذه المقالة, 159 إصابة قاتلة. وقد توصلوا بكل العقلانية إلى أنهم ليسو موجودين في العراق ليقرروا أي من هذه الفصائل العراقية العنيفة يجب أن تنتصر.
لم تستقبل واشنطن هذا الأمر استقبالا حسنا, رغم تجنب الإختلاف العلني. فقد قال الرئيس بوش أن الإنسحاب البريطاني إلى المطار الدولي "جميل" بالنسبة له, وقال لقناة إسكاي نيوز البريطانية أن ما حدث هو نتيجة لتطورات إيجابية على الارض وليس استجابة للمشاعر البريطانية العامة ضد الحرب.
لكن تلك لم تكن هي وجهة نظر منتقدي البنتاغون ووزارة الخارجية الامريكية ولا المحافظين الجدد الامريكان الذين اصروا على ان البريطانيين يستسلمون لجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر ومنافسيه. أما جماعة درء الكوارث العالمية فتسمي ما حدث "هزيمة مخزية".
ولم يعد الضباط البريطانيون يمتنعون عن الرد علي إطلاق النار. فقد قال الجنرال السير مايك جاكسون الذي قاد القوات البريطانية في غزو عام 2003, للصحف اللندنية, بان التخطيط الأمريكي للغزو وما بعده كان "مفلسا من الناحية الثقافية"
وقال الميجور الجنرال تيم كروس, الضابط البريطاني الاول في مجموعة التخطيط لما بعد الحرب, قال لدونالد رامسفيلد في وجهه بانه لم يكن هناك إنتباها كافيا لما سيحدث بعد الغزو, وقد جرى تجاهله. وفي تلك المرحلة فإن الجيش الأمريكي وإدارة بوش (وقبلها إدارة كلنتون), قد قرروا بألا يقوم الجنود الامريكان بمهام بناء الدول. فهذه لأنصاف الرجال في جيوش الامم المتحدة والجيوش الأوربية. فالفرقة 82 المحمولة جوا لا تقود الأطفال إلى المدرسة, هكذا قالت مادلين أولبرايت, وزيرة خارجية كلنتون في تصريح مرتبط بكوسوفو. هذا هو موقف الرجل الامريكي العنيف.
جاء البريطانيون والامريكان إلى العراق بهدف إسقاط صدام حسين. وقد فعلوا. ومن حينها ظلوا يقومون بمهام مختلفة. البريطانيون ساعدوا في الإنتخابات وقيام الحكومة الجديدة, لكنهم لم يتوقعوا الكثير منها. كما عملوا مع الناس المسيطرين فعليا على المستوى المحلي. وهم يقولون الآن بانهم قد دربوا فرقة عراقية وأن القاعدة هي قوة مهملة حيث يوجدون هم وأن العنف في منطقتهم هو ليس تمرد مضاد للحكومة ولكنه صراع على السلطة المحلية التي ليس للجيش البريطاني أن يقرر فيها.
أما السياسة الامريكية في بقية العراق, فقد ظلت ومنذ البداية هي فرض الديموقراطية على العراق, مما يعني على الصعيد التطبيقي محاولة فرض شكلها ومبناها سواء أرادهما العراقيون أم لا. وذلك لأنه بدون مثل هذا "الإنتصار", فقد يطالب الناخبون الامريكان بمعرفة لماذا كانت هذه الحرب اصلا.
لقد حذر الرئيس بوش مما سيلي الإنسحاب من العراق. وتنبا بالتوترات الإثنية المتزايدة وإندلاع الحرب الأهلية وانتشار الفوضى الإقليمية وحذر من خطر "ميادين القتل" كما كان لدي الخمير الحمر ومن هولوكوست آخر.
فهل, سوف يعقب الإنسحاب البريطاني من البصرة حتى ولو القليل من مثل هذه الكوارث؟ هل ستكون هناك زيادة في التطرف في الدول المجاورة؟ هل ستكون هناك فوضى شرق أوسطية متزايدة؟ هل سيشجع ذلك على الهجمات الإرهابية داخل الولايات المتحدة وأوربا؟ هل سنشهد ناطحات سحاب جديدة وهي تنهار وجسورا وهي تسقط؟
أم ربما سيكون هناك فقط صراع مستمر على السلطة المحلية يخفف من حدته معرفة أنه لم تعد هناك قوة خارجية لتحد من نتائجه. على المرأ ان يتنظر الأحداث.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
الاعتراف بالخطأ... إصلاحاً لكارثة العراق!

مادلين أولبرايت
وزيرة الخارجية الأميركية
نيويوك تايمز
السؤال البديهي والمبدئي قبل الشروع في أي حرب هو: ما الشيء الذي نحارب من أجله؟ وفي رأيي أن جنودنا على وجه الخصوص، يستحقون جواباً مقنعاً على هذا السؤال.



في العراق شملت قائمة المهام التي تمت تجربتها، ولم تكن ملائمة، ما يلي: الحماية من أسلحة الدمار الشامل، خلق ديمقراطية نموذجية تكون نبراساً للعالم العربي، معاقبة المسؤولين عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والعمل على منع الإرهابيين من شن هجوم جديد على الأراضي الأميركية.



قد يحاول أحد المتشككين أن يوحي بأن المهمة الحقيقية للجيش الأميركي في العراق، هي تمكين الرئيس بوش من الاستمرار في إنكار أن ذلك الغزو قد تطور بالفعل إلى كارثة. وقد يحدد ناقد آخر أقل تشككاً في نوايا الإدارة، ثلاثة أهداف وراء إقدام أميركا على الغزو هي: الحيلولة دون تحول العراق إلى ملاذٍ آمن لـ"القاعدة"، أو تحوله لدولة عميلة لإيران، أو تحوله لشرارة يمكن أن تشعل نار حرب تمتد لمختلف أنحاء المنطقة. وهذه الأهداف، لو نظرنا إليها جيداً، سنجد أنها لا تستجيب للمخاطر التي دفعت أميركا إلى غزو العراق، لكنها تستجيب أكثر للمخاطر التي ترتبت على هذا الغزو في حد ذاته.


التغيير المطلوب في العراق، لن يتحقق عن طريق دورياتنا العسكرية، أو معاييرنا لقياس أداء الحكومة، أو الزيارات المفاجئة... وإنما بجهد دولي منسق!


إن الرئيس يحثنا أن نصر على النجاح وعلى تجنب الفشل، لكنه مطالب أن يشرح لنا قبل ذلك الكيفية التي يمكن بها لقواتنا المسلحة أن تحقق النجاح في العراق رغم تعقيداته السياسية، وأن يشرح لنا أيضاً الأسباب التي جعلت إدارته تفتقر إلى المصداقية.



إن هذا الانفصال بين المهمة وبين القدرات، يجب أن يكون هو جوهر المناقشة التي ستدور بعد تسليم الجنرال "ديفيد بيترايوس" والسفير "رايان كروكر" لتقريرهما حول وضع قواتنا في العراق، وبعد قيام زعماء الكونجرس بإعداد استراتجياتهم لفصل الخريف القادم. ورغم الآمال التي تراود البعض بشأن انتهاء الحرب في العراق، فالحقيقة هي أنه من غير المرجح لتلك الحرب أن تنتهي خلال وقت قريب، كما أنه من غير المرجح أيضاً أن تؤدي تطوراتها إلى توفير دعم جديد للمسار التعس الذي نتخذه حالياً. ورغم أن الأمر المؤكد هو أن مستويات القوات الأميركية سوف تبدأ في الانخفاض، فمن المؤكد أيضاً القرارات الكبرى المتعلقة بالانسحاب وظروفه، ستبقى معلقة حتى يتولى الرئيس القادم (أو الرئيسة) مقاليد الحكم.



وحسب تقدير الاستخبارات الوطنية الذي نشر الشهر الماضي، فإن المكاسب العسكرية المتواضعة التي تحققت في العراق بعد جهد جهيد، لن تعني شيئاً ذا بال طالما لم يحدث "تغيير في العوامل التي تدفع التطورات السياسية والأمنية في العراق".



وإذا ما أخذنا عمق الانقسامات الطائفية في العراق بعين الاعتبار، فسيمكننا القول إن مثل هذا التغيير لن يتم إلا بواسطة العراقيين أنفسهم. فذلك التغيير -ونتيجة لافتقارنا إلى القوة الرافعة الضرورية- لن يتحقق عن طريق دورياتنا العسكرية، ولا عن طريق معايير التقدم التي نستخدمها لقياس أداء الحكومة العراقية، ولا عن طريق الخطب أو الزيارات الرئاسية المفاجئة إلى محافظة الأنبار، وإنما عن طريق جهد دولي منسق سيكون بالنسبة لنا هو الخيار الوحيد المتاح.



إن منطقة البلقان تنعم بالسلام الآن بفضل الجهود المشتركة التي بذلتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة من أجل مساعدة الزعماء المعتدلين في تلك المنطقة على حل خلافاتهم. ويدفعني هذا للقول إن سياستنا في العراق كان يجب ومنذ البداية أن تتضمن استراتيجية مثل هذه، أي استراتيجية تقوم على مساعدة المعتدلين داخل العراق، لكننا للأسف لم نقم بذلك أبداً بشكل جدي.



والسؤال الآن: هل لا تزال مبادرة مثل هذه صالحة في الظروف الحالية؟ لقد تعهدت الأمم المتحدة بالانغماس بشكل أكبر في الشأن العراقي، فضلاً عن أن الزعماء الأوروبيين الجدد الذين يقودهم "نيكولا ساركوزي"، و"أنجيلا ميركل" و"جوردون براون"، يدركون الدور الذي يمكن أن تلعبه دولهم في مستقبل العراق كما تتوافر لديهم الرغبة والاستعداد لتقديم يد العون من أجل ذلك المستقبل. من ناحية أخرى ينظر السعوديون والأردنيون والسوريون إلى عدم استقرار العراق كتهديد أمني خطير بالنسبة لهم... أما الأتراك والأكراد فقد وقّعوا اتفاقية للتعاون على امتداد حدودهم المضطربة... أما إيران فإنها وإن كانت تمثل أشرس تحدٍّ يواجهنا، فإن الأمر المرجح هو أنها ستكون حريصة على عدم عزل نفسها عن الجهد الدولي الواسع النطاق الهادف إلى تسوية الوضع في العراق، إذ هي تعرف جيداً أنها إذا ما فعلت ذلك فستهدي لنا، كما للعديد من الزعماء العراقيين من السُّنة والشيعة الراغبين في تقليص نفوذها في بلدهم، نصراً سياسياً لا شك فيه.



ويمكن للرئيس بوش أن يقوم بدوره في هذا الصدد من خلال الاعتراف بالحقيقة التي يعرفها العالم بأسره، وهي أن معظم الانتقادات التي وجهت له قبل الحرب كانت في محلها تماماً.



فمثل هذا الاعتراف سيكون هو بالضبط نوع الصدمة التي سيحتاجها أي مشروع دبلوماسي كي ينطلق، لأنه سيجعل من الأسهل على الزعماء الأوروبيين والعرب في مثل هذه الحال أن يقدموا يد العون له، لأن شعوبهم كانت ترفض أن يفعلوا ذلك مع رئيس يصر على أنه مصيب وأنهم على خطأ.



إذا ما كانت هناك فرصة لتجنب تفاقم الكارثة في العراق، فإن تلك الفرصة ستعتمد في توافرها على التحول النفسي الذي سيتيح للشعب البدء في الاستعداد للتنافس على السلطة من خلال وسائل سلمية، بدلاً من الاكتفاء بالتخطيط فقط للكيفية التي سيتمكن بها من النجاة وسط الفوضى الشاملة الضاربة أطنابها في العراق. إن المجتمع الدولي لا يمكن أن يضمن مثل هذا التحول، لكننا نستطيع ذلك، ويجب علينا بالتالي أن نفعل المزيد من أجل التشجيع على حدوثه.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
العراق واحتمالات التوجه نحو دولة علمانية

د. محمد عاكف جمال
البيان الامارات
حين تخسر... لا تخسر الدرس «الدالاي لاما». منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية في العقد الثاني من القرن المنصرم عند انتهاء الحرب العالمية الأولى، انتهى عصر الحكومات الدينية في منطقة الشرق الأوسط، وهو عصر طويل ابتدأ بالفتوحات الإسلامية في القرن الأول الهجري (القرن الثامن الميلادي) ودام قرابة ثلاثة عشر قرناً.


فالدول التي تأسست في هذه المنطقة، وفق اتفاقية سايكس - بيكو، غلب عليها الطابع المدني الأكثر قرباً إلى العلمانية، فدساتيرها وقوانينها والأعراف التي نشأت في أطرها فيها الكثير من المعالم الليبرالية، فالدستور العراقي لعام 1925 على سبيل المثال، لم يتح المجال لتأسيس دولة دينية رغم أن إحدى مواده تنص على أن الدين الإسلامي هو أحد مصادر التشريع.


هذا بالطبع أمر مفهوم فمن أشرف على هيكلة الشرق الأوسط ورسم خرائطه وبناء دوله هو من انتصر في تلك الحرب، بريطانيا وفرنسا اللتان سعيتا إلى تأسيس دول مستقرة لرعاية مصالحهما على الأمد الطويل. إلا أن تركيا قد تميزت عن بقية دول المنطقة بنهج علماني واضح المعالم نص عليه دستورها الذي فصل بشكل كلي بين المؤسستين الدينية والمدنية، فمؤسسات الدولة سواء كان الأمر يتعلق بهوية شاغلي المراكز المهمة في هياكلها أو بمنهج العمل الذي تبنته تعمل بآليات مدنية علمانية.


والحقيقة أن الفصل بين المؤسسة الدينية والدولة في تركيا لم يكن يعني استقلالية هذه عن تلك بل إن هذا الفصل قد خلق نوعاً جديداً من العلاقة بينهما وهي تبعية معاكسة، فالمؤسسة الدينية نفسها أصبحت تعمل تحت إشراف المؤسسة المدنية. فقد وضع مؤسس تركيا الحديثة، كمال أتاتورك، نصب عينيه الأخذ بالنموذج الأوروبي الغربي في تأسيس هياكل الدولة التركية وما تستند إليه من قوانين وتقاليد وأعراف وأساليب عمل، مديراً بذلك ظهره لإرث الإمبراطورية العثمانية التي حكمت منطقة واسعة من العالم في آسيا وأفريقيا وأوروبا على مدى أربعة قرون، وفي قطيعة تامة مع تأريخها.


ولكن مع وصول القرن العشرين إلى عقده الثامن بدأت القوى والأحزاب الدينية في عدد من دول الشرق الأوسط بالصعود وبدأت تفرض واقعاً سياسياً جديداً في المنطقة، وكان أبرز المؤشرات على ذلك هو نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 .


وما أعقب ذلك من تعضيد للإسلام السياسي في الدول الأخرى لأسباب مختلفة: سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان وصعود حزب العدالة والتنمية في تركيا إلى سدة الحكم بأغلبية كبيرة في فترتين انتخابيتين، ومجيء حكومتين لهما لبوس ديني في العراق بعد انتهاء مهمة الحكومة المؤقتة التي تشكلت عقب حل مجلس الحكم الذي تشكل بعد احتلال العراق، وفوز حركة حماس في الانتخابات النيابية الفلسطينية الأخيرة، وتعزيز الأخوان المسلمين لمواقعهم في البرلمان المصري.


لا تتسع المساحة هنا للحديث عن تجارب الحكومات أو الحركات ذات الطابع الديني في البلدان المختلفة، بل سوف نكتفي بتسليط بعض الضوء على التجربة العراقية بعد مرور ما يزيد على أربع سنوات من سيطرة الحركات الدينية على الشارع العراقي وعلى المفاصل الأساسية في العملية السياسية.


فقد بينت استطلاعات أميركية كُشف عن نتائجها في واشنطن ونُشرت مؤخراً بأن هنالك تحولاً متزايداً في المزاج السياسي لدى العراقيين نحو العلمانية ونحو تغليب الهوية الوطنية على هوية الانتماء المذهبي. فقد رصدت تلك الاستطلاعات التي أجريت على عينات تتناسب أعدادها مع ثقل المكونات الأساسية للمجتمع العراقي (الشيعة والسنة والأكراد) في الفترة الواقعة بين ديسمبر عام 2004 ومارس عام 2007، وجود «انخفاض في التأييد الشعبي لوجود حكومة دينية وزيادة تأييد النظام السياسي العلماني».


فقد ذكر منصور معدل الأستاذ والباحث المتخصص في العلوم الاجتماعية بجامعة شرق ميشيغان والذي أشرف على هذا الاستطلاعات: إن لدى العراقيين شعوراً قوياً بالهوية الوطنية يتجاوز الخطوط الدينية والسياسية». وبلغة الأرقام، وهي الأكثر دقة، أظهرت هذه الاستطلاعات (مارس 2007) بأن 54% من العراقيين يصفون أنفسهم بأنهم عراقيون قبل أي شيء مقارنة مع 28% في ابريل من عام 2006، وأن هذه النسبة بلغت 75% لدى سكان العاصمة بغداد، أكثر المدن العراقية تنوعاً في الانتماءات وأكثرها تفجراً.


وتعكس هذه النسبة المرتفعة في بغداد ردود أفعال العراقيين الغاضبة والمناهضة لنوايا تقسيم البلاد على أسس عرقية وطائفية التي تزايد الترويج لها مؤخراً كأحد السيناريوهات المحتملة لمعالجة الأزمة العراقية، وكان آخرها ما أشار إليه الصحافي الأميركي توماس فريدمان في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في الثلاثين من أغسطس المنصرم.


كما أبانت هذه الاستطلاعات أيضاً، بأن هنالك تغيراً آخر ملحوظاً في موقف الشارع العراقي حيال العلاقة بين الدين والسياسة، حيث ذكر 30% من العراقيين في الاستطلاع (مارس 2007) بأن العراق سيكون مكاناً أفضل إذا تم الفصل بين الدين والسياسية في حين كانت هذه النسبة 18 % في أكتوبر من عام 2006 وكانت 26% في ديسمبر من عام 2004.


نحن لا نفترض بأن جميع من شملهم استطلاع الرأي المذكور واع للمعنى الكامن في العلمانية، فذلك موضوع آخر لا نود الخوض فيه الآن، إلا أن من أدلى بصوته لصالح الابتعاد عن الأجندات الدينية وفضل التمسك بالهوية الوطنية قد دفعته لذلك تجربته الشخصية لمدة تزيد على أربع سنوات مرة سربلت العراق بالدماء.


حيث شهد فيها مرارة التطاحن العبثي وغياب الإنجازات وكثرة العطلات المهدرة لفرص البلد في التقدم وتردٍ في الخدمات على مختلف المستويات. فلم يحصد الإنسان العراقي من العملية السياسية حتى الآن غير الريح، حصد الكثير جداً من وعود خلابة وحصد الكثير من الكلام المعلب في عُلبٍ وُضعت على أغلفتها رموزاً دينية يَكُنُ لها الجميع كل احترام ويشذ عن ذلك من أسهم في توظيفها لتحقيق أجندته السياسية.


وتعزز هذه الدراسة ما سبق أن أشرنا إليه في أكثر من مقال في السابق وهو أن ما يبدو صراعاً طائفياً في الساحة العراقية هو في حقيقته ليس كذلك، بل هو صراع مصالح سياسية وُظف المذهب والعرق فيها للحصول على أدوات التغيير في هيكل الدولة العراقية لتحقيق أجندة خاصة.


إن المتابع للمَشاهد التي تنقلها مختلف الفضائيات عن الوضع في العراق، لا يستطيع أن يتجاهل التغير الواضح الذي يحصل في الشارع العراقي، فموجة الغضب لدى الفرد العراقي في تصاعد وهو يرى بأن النخب السياسية التي منحها ثقته وأوصلها إلى المناصب العليا في الدولة لم تقدم له مكسباً ملموساً، وبدأ يدرك حجم الدمار الذي لحق بالبلد بسبب الأخطاء الخطيرة التي وقع فيها معظم العراقيين حين اختاروا الاصطفافات الطائفية والعرقية كآليات في العملية السياسية حيث لم يُوظف البرنامج الانتخابي ولا شخصية المرشح للحصول على الشرعية الانتخابية كما هو معروف في التجارب الديمقراطية الناجحة.


لقد دفع الشعب العراقي حتى الآن ثمناً باهظا لصياغة تجربته السياسية وربما لا يزال أمامه المزيد ليدفعه كي يسترجع رشده كاملاً ويفيق من خدر حلم لم يرسم على أرض الواقع إلا صوراً مشوهة للديمقراطية وشرعية انتخابية تفتقر إلى شرعية الإنجازات.


عندها سيوظف الناخب العراقي صوته الانتخابي لصالح البرنامج السياسي المطروح أمامه ويتحرى عن مدى اتفاق هذا البرنامج مع ما يحلم به أو ما يطمح بتحقيقه من المكاسب سواء على مستوى تحسين الخدمات الصحية أو التعليمية أو تحسين دخله وطمأنة الأسرة على مستقبل أبنائها، ويتخلى عن موقف الاصطفافات المذهبية الخاطئة والبعيدة كلياً عن النهج الديمقراطي. فقد أوشكت هذه الاصطفافات أن تمحي العراق من الخارطة، بعد أن بعثت بما يزيد على المليون من أبنائه إلى حتوف لم يختاروها.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
من بوش وبراون إلى المؤتمر السري
سعد محيو
الخليج الامارات
ثلاثة تطورات متزامنة تعطي ولو بصيص أمل للمرة الاولى منذ سنوات باحتمال بدء الخروج من النفق العراقي المظلم.التطور الاول، هو انسحاب القوات البريطانية من مدينة البصرة وتجمع ما تبقى منها (5000 جندي) في مطار المدينة، استعداداً للمغادرة النهائية خلال أشهر قليلة.

هذه الخطوة ليست بأي حال “تسليماً ناجحاً للسلطة إلى العراقيين”، كما ادعى رئيس الحكومة البريطاني براون. إنها هزيمة وفي وضح النهار. فالجنود الإنجليز انسحبوا لأن العراقيين أرادوا ذلك. وهم نفذوا هذه الإرادة بتحويل الجنود العراقيين إلى أكياس تدريب على الملاكمة. كل فريق سياسي جديد يريد أن يثبت وجوده على الساح في جنوب العراق، كان يفعل ذلك عبر إطلاق النار على عساكر جلالة الملكة. وكل تيار إيديولوجي يسعى للحصول على أوراق اعتماد وطنية عراقية، كان يمطر قصر الرئاسة في البصرة حيث كان يتمركز البريطانيون بأنواع الأسلحة كافة.

إنه انسحاب الهزيمة. وهذا ليس على الصعيد العسكري فقط، بل التاريخي أيضاً.

فحين دخلت القوات البريطانية إلى البصرة في 6 إبريل/نيسان ،2003 كانت هذه المدينة (وبرغم السلطة الديكتاتورية الصدامية) تعج بالحيوية والحياة. والآن، يترك الاحتلال البريطاني وراءه مدينة أشبه بالجسم المشلول الذي تعبث فيه الأوبئة والجراثيم. فسلطة الدولة غائبة، وحكم القضاء والمحاكم بات أثراً بعد عين، والميليشيات تتوزع فيما بينها “الغنائم” بالعدل والقسطاس: حزب الفضيلة يسيطر على “قوة حماية النفط”. المجلس الأعلى للثورة الإسلامية يهيمن على أجهزة الاستخبارات وقوة الكوماندوز التابعة للشرطة. جيش المهدي يتسلل إلى قوات الأمن ويبسط جناحه على سلطة مرفأ البصرة. ونحو مائة تنظيم سياسي تسعى للحصول على حصصه في قطعة الجبنة الجنوبية.

هذا هو التراث العسكري والمدني الذي تركه وراءهم البريطانيون المنسحبون. وإذا كان هذا هو نصر كما تدعي حكومة براون، فما هي الهزيمة؟

التطور الثاني هو إعلان الرئيس بوش، وللمرة الأولى أيضاً، عن قرب خفض القوات الأمريكية في العراق. وهذا كان كذلك اعترافاً غير مباشر منه بالهزيمة. صحيح أن سيد البيت الأبيض اختار أن يعلن هذه الخطوة بطريقة درامية، حين حط الرحال فجأة في الأنبار، وصحيح أن هدفه الحقيقي من زيارته المفاجئة للعراق كان وقف انقلاب الجمهوريين في الكونجرس على مشروع الحرب، إلا أن كل ذلك لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً: بوش نطق بالكلمة السحرية في الوقت نفسه الذي كان فيه حلفاؤه الإنجليز في البصرة ينفذونها على أرض الواقع: الإنسحاب.

التطور الثالث هو “خريطة الطريق السرية” التي ذكر أن أطرافاً سنية وشيعية وضعتها في مؤتمر عقدته مؤخراً في فنلندا. الخطة، التي رعاها رئيس فنلندا السابق مارتي أهتيساري وواكبتها وفود من جنوب إفريقيا وأيرلندا الشمالية، تدعو، من ضمن ما تدعو، إلى بدء عملية المصالحة والمصارحة في العراق، وإلى قبول نتائج المفاوضات حول هذا الأمر. كما تدعو إلى العمل لإنهاء التدخلات الإقليمية والدولية في البلاد، ووقف “التطهير المذهبي”، وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي وفق “جدول زمني واقعي”.

ليس ممكناً بعد القول ما إذا كانت خريطة الطريق هذه سترى النور أم لا، برغم مشاركة العديد من الأطراف المتحاربة في وضعها. لكن مجرد صدورها الآن، وعلى إيقاع تجارب الشعوب الأخرى الناجحة في عملية إنهاء النزاعات، تطور إيجابي سيكون له حتماً ما بعده.

هل ثمة علاقة بين هذه التطورات الثلاثة؟

حتماً. فالانسحاب من البصرة مرتبط باستعداد بوش لبدء الانسحاب من بغداد. وكلا التطورين يمكن أن يكونا توكيداً لفشل الاحتلال ونجاح الاستقلال، في حال نجح مؤتمرو فنلندا العراقيون في تحويل خريطة الطريق النظرية إلى خريطة تنفيذ عملية.

فهل يفعلون؟ هل نبدأ قريباً برؤية ولو شعاع نور خافت واحد في النفق العراقي المأساوي والمظلم؟

ليست هناك تعليقات: