Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 7 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الخميس 6-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
صباح الخير فيتنام
يوجين روبنسون
الواشنطن بوست

اكثر ما يثير الاهتمام في حملة الرئيس بوش لإبعاد الكونغرس عن التدخل في حربه الغبية والمأساوية في العراق ، هو الطريقة التي بدأ يثير فيها حرب فيتنام - ليس باعتبارها درسا يعطي تحذيرا من عواقب العجرفة والعبثية ، بل باعتبارها سببا للسير قدما في العراق (بغض النظر عما تعنيه كلمة "قدما").
قل ما شئت عن الرجل ، لكنه رجل مليء بالمفاجآت - وأنا هنا لا أتحدث عن زيارته المفاجئة التي قام بها الى محافظة الأنبار.
فنظرا لاقتراب موعد صدور التقرير البالغ الأهمية للجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر حول الوضع في العراق ، ونظرا لأن الحكومة العراقية لم تحرز أي تقدم على صعيد المصالحة السياسية ، لم يكن مفاجئا أن يقرر بوش السماح بتصويره خلال جولته في جزء من العراق حيث يمكن ان يدعي تحقيق بعض النجاح.
لكن هل يعقل أن يسعى لكسب التأييد للحرب بتذكير الشعب بفيتنام؟ كنت سأشعر بشكل أفضل لو أنني فكرت بأن ما قاله بوش هو مجرد سخرية مهذبة ، لكن لدي شعور عميق بأن بوش يؤمن بالصورة التاريخية الحمقاء التي يروج لها ، وأخشى أن الرجل في مهمة لإعادة كتابة الماضي.
في الشهر الماضي ، خاطب بوش رابطة قدامى العسكريين الأميركيين ، في مؤتمرهم الذي عقد في كنساس سيتي ، قائلا "شيء واحد لا يمكن تجاهله في إرث فيتنام هو أن ثمن انسحاب الولايات المتحدة دفعه ملايين المواطنين الأبرياء ، الذين يمكن لآلامهم أن تضيف إلى لغتنا عبارات جديدة مثل "أناس القوارب" و"معسكرات إعادة التأهيل" و"ميادين القتل".
وأضاف: "هنا في الوطن ، يمكن للبعض إن يجادل بأن انسحابنا من فيتنام لم يكن له تأثير على مصداقية الولايات المتحدة.. لكن الإرهابيين يرونها بصورة مختلفة".
وخشية أن يعتقد أي شخص أن ذلك مجرد فورة خطابية عابرة ، كتب كارل روف ، القيصر السياسي ، المستقيل ، للبيت الأبيض ، مقالا يؤكد على هذا المسار في مجلة "ناشينال ريفيو" المحافظة الأسبوع الماضي قال فيه "إذا كانت المحصلة (في العراق) تشبه ما حدث في فيتنام بعد أن تخلت اميركا عن حلفائنا وانزلقت المنطقة نحو الفوضى والعنف والخطر ، فإن حكم التاريخ سيكون قاسيا.
وسينظر التاريخ إلى الرئيس بوش باعتباره على صواب ، ومعارضي سياسته باعتبارهم مخطئين... كما كان جورج ماكغفرن في زمنه". ماذا؟ فقط للتذكير ، القصف الأميركي غير المشروع لكمبوديا أدى الى زعزعة استقرار ذلك البلد ، وشجع الخمير الحمر ، الذين استولوا فيما بعد على السلطة وأبادوا هؤلاء "الملايين" في "ميادين القتل".
نظام الخمير الحمر الرهيب سقطوا على يد الشيوعيين الذين استولوا على السلطة في فيتنام عقب الانسحاب الأميركي. وكان ريتشارد نيكسون هو من قام بالتفاوض والبدء بالانسحاب الأميركي. أما جيرالد فورد ، فقد كان رئيسا للولايات المتحدة عندما سقطت سايغون ، وكلاهما جمهوري ، حسبما أتذكر. وجورج ماكغفرن ، الذي لم يصبح رئيسا ، كان على صواب. بوش ، وروف ، وديك تشيني ، وبقية من يتحملون المسؤولية من مهندسي حرب العراق ، لم يحاربوا في فيتنام - الواقع انهم فعلوا كل ما في وسعهم لابعاد انفسهم عن المغامرة العسكرية التي يصفونها الآن بأنها نبيلة وضرورية. في الوقت الراهن ، أشعر أنني لا أهتم لنفاقهم قدر اهتمامي بتحريفهم للتاريخ.
إن القول بأن الولايات المتحدة كان يجب ألا تسحب قواتها من فيتنام ، هي للقول بانه كان هناك شيء يمكن لتلك القوات فعله - شيء اكثر من النابالم والقصف الشامل وتدمير القرى لإنقاذها - وان ذلك ربما كان سيقود إلى نوع من "النصر". بالطبع ، بوش والآخرون لم يقولوا ما هو الشيء المميز لأنهم لا يعرفون. إنهم لا يرون شيئا سوى سراب تاريخي.
يبدو أن بوش يريد العودة الى عصر ذهبي كانت فيه الولايات المتحدة ، بكل ثقة ، تلقي بثقلها أينما تريد وفي أي وقت تريد وبالطريقة التي تحلو لها. المشكلة هي أنه لا وجود لمثل هذا العصر الذهبي. فالقوة الأميركية لها حدودها ، كما أن هناك دائما حروب لا يمكن ، ببساطة ، الانتصار فيها.
يبدو أيضا أن بوش ومساعديه نسوا أن دوايت آيزنهاور - وهو رجل اكثر خبرة بقليل في إدارة الحرب من الجنرالات الصغار الذين يحتلون الآن البيت الأبيض - هو من أدرك أن صيغة لا غالب ولا مغلوب هي أقصى ما يمكن أن يحققه في كوريا.
جورج بوش يريدنا أن نتذكر فيتنام؟ حسنا ، فلنتذكر إذن تلك المشاهد التي أصبحت رموزا مقدسة - أسير الفيتكونغ الذي أعدم بدم بارد بمسدس مصوب إلى رأسه ، الطفلة الصغيرة وهي تركض عارية وتصرخ من هجوم بقنابل النابالم. لنتذكر كم هو قليل ما نعرفه حقا عن المجتمع الفيتنامي. لنتذكر إلى أي حد ثبت أن نظرية الدومينو خاطئة. دعونا نتذكر كم من الزمن استمرت الأضرار التي ألحقتها حرب لا تتمتع بالشعبية بقواتنا المسلحة وبدولتنا ، وكم من الوقت استغرقنا معالجة ذلك.
شكرا لتذكيرنا سيادة الرئيس. عندما تتحدث عن "الانتصار" في العراق ، ويلمح تقرير بترايوس ضوءا في نهاية النفق ، فإننا سنفكر في فيتنام.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
ماذا يقول الدستور عن العراق؟
ماريو كومو
لوس أنجليس تايمز
يرغب معظم الاميركيين بإنهاء الحرب في العراق ، لكنها مستمرة والأميركيون يقتلون ، أو يشوهون أو يصابون كل يوم ، فيما تناضل الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس لإصدار تشريع يبعد قواتنا عن طريق الأذى. بينما يواصل الرئيس بوش التأكيد على أنه رئيس هيئة الأركان ، ولديه سلطة دستورية لشن الحرب واتخاذ القرار بشأن انهائها ، بشكل أحادي الجانب. في الوقت ذاته ، تبرز كارثة محتملة أخرى من بين الظلال: يبدو أن بوش يفكر بهجوم عسكري على إيران ، ومن دون أن يعلن الكونجرس الحرب أولا ، على ما يبدو.
كيف وصلنا إلى هذه النقطة ، وما الذي يمكننا أن نفعله الآن ، إن كان ثمة شيء يمكن القيام به؟
وقعت الحرب لأنه عندما أعلن بوش أولا عن نيته خوض الحرب ضد العراق ، رفض الكونجرس الاصرار على تطبيق المادة الاولى من الفصل الثامن من الدستور. فطيلة أكثر من 200 عام ، كانت تلك المادة توضح أن الكونجرس - وليس الرئيس - هو صاحب "سلطة إعلان الحرب". ولأن الدستور لا يمكن تعديله بمواصلة التهرب ، فان هذا التفويض الدستوري لم تمحه أعمال أعضاء الكونجرس الخجولين منذ الحرب العالمية الثانية التي سمحت للرؤساء المتحمسين بالبدء بحروب في فيتنام وفي أي مكان آخر دون "إعلان" من الكونجرس. لم تكن القرارات الضعيفة ، والتي جاءت بعد وقوع الحرب ، الصادرة عن الكونغرس لدعم اجتياح العراق - في عام 2001 وعام 2002 - بدائل مناسبة للإعلان الرسمي للحرب الذي طلبه الأباء المؤسسون. مذا يمكن أن نفعل الآن؟
أولا ، على الديمقراطيين أن يوضحوا أن الرئيس هو الذي يمنع وضع حد للحرب في العراق. حتى لو تمكن الكونجرس من تمرير مشروع قانون محصن ضد حق النقض بالنسبة للانسحاب ، فقد يقاوم الرئيس تطبيق مشروع القانون مؤكدا أنه بوصفه رئيس هيئة الأركان ، فأنه محصن ضد قرار الكونجرس. وهذا قد يثير قضية دستورية في المحاكم. لكن ، بناء على تاريخ المحاكم وما قضت به فيما يتعلق بسلطات الحرب الدستورية ، ومن ضمنها القرارات المتعلقة بحرب العراق التي اصدرتها محكمة الاستئناف الطوافة الأولى الأميركية في ماساشوسيتس ، فقد يختار القضاة ، على الأغلب ، عدم التدخل ، مدعيين أن عدم الاتفاق بين الرئيس والكونغرس هو قضية سياسية.
على أي حال ، لا يشار لفرضية القضية السياسية في أي مكان في الدستور ، كما أنه ينكر على الناس الحق في حماية الدستور عند التعامل مع ربما أخطر قضية تواجهها الأمة: "هل يتعين علينا خوض الحرب؟". ويجب مناهضة هذا الموقف بوصفه تخل من المحاكم عن الواجب الدستوري ، لكن الحقيقة المحزنة أن المحكمة العليا الحالية التي يسيطر عليها المحافظون قد تدعم على الأغلب رئيسنا الحالي المحافظ. وهذا يعني من الناحية العملية ان الرئيس وحده هو الذي يستطيع إنهاء هذه الحرب أو تغيير استراتيجيتا في العراق.
حتى لو فات الآوان لأن يقوم الكونجرس بتصحيح فشله في الالتزام بالدستور فيما يتعلق بالعراق ، فإن على مرشحينا للرئاسة وزعمائنا في الكونغرس أن يؤكدوا لنا ، على الأقل ، بأنهم لن يسمحوا بأن ينجم عن هذه الزلة تصرفات أحادية الجانب بشأن الحرب - ضد إيران ، أو الباكستان ، أو أي دولة أخرى - من قبل هذا الرئيس أو أي رئيس غيره. وعلى قادتنا أن يوضحوا بأن الكونغرس سيصر في المستقبل ، على الالتزام بالمادة الاولى من الفصل الثامن حين يتعلق الأمر بعمل عسكري لا يرى بوضوح أنه حدث طارئ غير متوقع.
من المخيف أن حكومتنا سمحت لهذا الخرق الدستوري الاساسي والمكلف بأن يتواصل لمدة تزيد عن أربع سنوات. علينا القيام بكل شيء يمكننا القيام به في حرب العراق وتجنب مأساة جديدة في الخارج بأن نعود إلى الالتزام بشدة بحكم القانون والدستور من قبل الرئيس ، والكونغرس ، والمحاكم - خاصة فيما يتعلق بسلطات الحرب.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
كوشنير وساركوزي.. والعراق
دانييل فيرنييه
لومون
لا فائدة من معارضة السياسة الجديدة للرئيس ساركوزي تجاه العراق. يكفي أن نفترض أن الرئيس قد دشن موقفا مختلفا تجاه السياسة الأميركية ، وأزال الغموض عن آثار زيارة وزير خارجيته إلى العراق.
لن يظل الموقف الفرنسي على حاله إلى الأبد ولن تراوح الجهود الدبلوماسية مكانها ، إنما يتوجب علينا أن نكون واقعيين ومتفهمين لضرورات التحرك وإنقاذ هذا البلد الذي أنهكته الصراعات.
في خطابه أمام السفراء الفرنسيين نهاية الشهر الماضي ، تناول الرئيس الفرنسي المسألتين اللتين تهمان فرنسا في هذه المرحلة. الأولى هي الموقف من الوجود الفرنسي في العراق ، فيما تتعلق الثانية بالدور الفرنسي المنتظر.
ساركوزي ربط صلاحيات وتحركات فرنسا بالوجود الأميركي في العراق. وبين أن "الحلول السياسية ما زالت ممكنة" وان "بمقدور فرنسا التدخل في العراق شريطة رسم أفق واضح لإنسحاب القوات الأميركية والأجنبية". كلام ساركوزي يذكرنا بموقف شيراك ، غير أن الرئيس الجديد استخدم عبارة "أفق واضح للإنسحاب" بدلا عن "إمكانيات الإنسحاب" التي رددها شيراك في أكثر من مناسبة ، لكن الموقف الفرنسي في الحالتين واضح وثابت.
بعد عودته من بغداد ، تحدث كوشنير إلى مجلة "نيوزويك" الأسبوعية الاميركية قائلا: "لا يريد أحد من القوات الأميركية أن تغادر العراق فورا. حتى العراقيون أنفسهم لا يريدون ذلك. يجب أن يتوقف احتلال أميركا للعراق.. لكن العملية قد تستغرق وقتا".
لهجة مختلفة يتحدث بها كبير الدبلوماسيين الفرنسيين تجاه الوجود الأميركي في العراق. توازن مهم بين الواقع العسكري والضرورات السياسية ، وذكاء في الطرح التدريجي للتصور الفرنسي الجديد عن الوضع في العراق.
أما الدور الفرنسي في العراق ، أو ما سماه كبار المسؤولين "العودة إلى قلب العراق" ، فيبدو أن كوشنير متحمس لتلك العودة أكثر من الرئيس. وزير الخارجية أكد بأنه يريد من فرنسا أن تكون "سباقة قبل الدول الأوروبية الأخرى للعودة بالشكل الصحيح إلى العراق" ، فيما يبدي ساركوزي تريثا أكبر حول حقيقة وحجم تلك العودة. الرئيس الفرنسي ينتظر قرارا أميركيا يجدول الإنسحاب من العراق كي لا تكون فرنسا شريكة في الاحتلال وقبل دعوة الدول الأوروبية للتحرك دبلوماسيا وتقديم الدعم في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والخدمية.
قال ساركوزي متحدثا إلى السفراء ، "عند إعلان جدولة الانسحاب ، فقط في تلك الحالة ، ستبدأ فرنسا بالتحرك". وهو يتوقع من بوش أن يسحب على الأقل مستشاريه ، المدني والعسكري ، في العراق كإشارة على حسن النية ، ورغبة الولايات المتحدة في ترك هذا البلد وهو ينعم بالأمن والاستقرار. وأضاف "عندما تقدم الولايات المتحدة على خطوة مماثلة ، لن تتخلى دول العالم عن دورها في العراق وفي مقدمتهم فرنسا".
لا فائدة إذا من معارضة الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته ، الأفضل أن نحاول فهم أسباب التحرك الجديد وآليته. المراقبون وصفوا ذلك التحرك بأنه "انفتاح فرنسي غير مسبوق على الملفات الساخنة في الشرق الاوسط" ، ما يبشر ربما بتحرك مماثل تجاه القضية الفلسطينية. وحده التباين في المواقف بين كبار المسئولين الفرنسيين يعكر صفو المشهد الجديد.
جون ديفيد ليفيت ، المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي ، تحدث بدوره لصحيفة "نيو يوركر" الأميركية قائلا: "ساركوزي سلم حقيبة الخارجية لكوشنير وهو يعلم بأن الأخير سيعطي دلائل واضحة على تغير النهج السياسي الفرنسي ، لقد تفهم الرئيس الجديد الفرق ما بين مبادئ السياسة وواقعها على الارض".
يجب أن يفهم الفرنسيون سبب تهافت الصحافة الأميركية على المسئولين الفرنسيين ، يجب أن نعي بأن العودة إلى قلب الساحة الدولية توجب تغيير المواقف. ملف الممرضات البلغاريات كان بمثابة إشارة الانطلاق لذلك التغير.
والفرق بين الحالتين: حضور قوي لوزير الخارجية الفرنسي. هذه المرة ، يبدو ان ساركوزي بحاجة إلى كوشنير ، على الأقل لتسهيل تمرير الفكر الفرنسي الجديد.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
العراق .. هل يتجه نحو الهدوء حقا ؟
افتتاحية
عمان اليوم
بالرغم من ان اعمال العنف وأعمال القتل العشوائي للمدنيين العراقيين استمرت وبوتيرة متصاعدة خلال الايام الاخيرة ، الا ان ذلك لا يمنع من التوقف والتساؤل حول ما اذا كان العراق سيتجه خلال الفترة القادمة نحو الهدوء ولو النسبي؟
ولعل ما يدفع الى التساؤل رغم ما يجري على السطح هو ان الايام الاخيرة شهدت في الحقيقة تطورات لها قدر من الاهمية وعلى نحو يجعلها ذات تأثير على ما يشهده العراق من تفاعلات وتطورات خلال الفترة القادمة.
من المؤكد ان الزيارة السريعة والمفاجئة التي قام بها الرئيس الامريكي جورج بوش الى الانبار - غرب العراق - يوم الاثنين الماضي والتي استمرت نحو ست ساعات التقى خلالها بوش مع كبار قادته العسكريين في العراق هي زيارة مهمة وذات دلالة ايضا في سياق ما يجري في العراق وما قد يشهده في الفترة القادمة.
ومع الوضع في الاعتبار ان زيارة بوش للانبار - وهو في طريقه لحضور قمة (ابيك) في استراليا - عبّرت عن الاهتمام الكبير من جانب الرئيس الامريكي بما يجري في العراق في هذه الفترة التي تشهد جدلا واسعا حول الاستمرار في العراق او الانسحاب الذي تطالب به قيادات الحزب الديمقراطي وقيادات امريكية اخرى ذات وزن - فإن مما له دلالة ان الزيارة جاءت قبل عدة ايام من تلقي الرئيس بوش تقريرا من قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال بترايوس ومن سفيره في العراق رايان كروكر في منتصف الشهر الجاري، وهو التقرير الذي سيشكل ركيزة لما يمكن ان تتخذه ادارة بوش من قرارات لتعديل سياساتها الحالية في العراق. ومن ثم فإنه كان ضروريا، فيما يبدو، ان يلتقي بوش بكبار قادته في العراق ليستمع منهم مباشرة وليس عبر مؤتمرات الدوائر التلفزيونية المغلقة التي يعقدها معهم في احيان كثيرة.
من جانب فإن الزيارة وتوقيتها تطرح عنصرا اخر، فقد تزامنت الزيارة مع انسحاب القوات البريطانية من قصر البصرة - اي من داخل مدينة البصرة - لتنضم الى القوات البريطانية الموجودة في مطار البصرة خارج المدينة تمهيدا لسحب بعض القوات البريطانية من العراق وتسليم الاشراف الامني على البصرة للقوات العراقية خلال الفترة القادمة. ونظرا لان انسحاب القوات البريطانية من البصرة قد تكون له تأثيرات ما على معنويات القوات الامريكية في العراق خاصة وان بريطانيا هي اكبر شركاء واشنطن هناك، فإنه يمكن القول بأن زيارة بوش للانبار والتقاءه بقواته من شأنها ان ترفع معنوياتهم وتطمئنهم. وليس مصادفة على اي نحو ان يشير بوش خلال الزيارة الى امكان تخفيض عدد القوات الامريكية في العراق، بغض النظر عما قد يحدث في الواقع.
وبغض النظر عن الجدل الامريكي - البريطاني في الايام الاخيرة حول الحرب في العراق، فإن سحب القوات البريطانية من داخل مدينة البصرة وما حققته القوات الامريكية في الانبار وهو خطوة ملموسة يشيران الى انه يمكن تحقيق تقدم ولو بطيئاً نحو استعادة الهدوء الى العراق وهو ما يراهن عليه الرئيس الامريكي ومن الممكن تحقيقه بالفعل خاصة اذا تم تطبيق الاتفاق الذي تم التوقيع عليه امس بين الاطراف العراقية في هلسنكي لتحقيق المصالحة العراقية والتخلي عن استخدام السلاح لحل الخلافات بين الفرقاء العراقيين.
واذا اضيف الى ذلك المساندة الامريكية لحكومة رئيس الوزراء العراقي، وهو ما اكده الرئيس بوش مرة اخرى خلال زيارته للانبار، فإنه يمكن لحكومة المالكي ان تحقق خطوات ايجابية خاصة اذا تخلصت بالفعل من العناصر الطائفية التي تسللت الى الشرطة وبعض الاجهزة الاخرى وهو ما اشار رئيس الوزراء العراقي الى اتخاذ اجراءات عملية بشأنه في الايام الاخيرة. ومن هنا فان استمرار وحتى اشتداد اعمال العنف في العراق لا يستطيع ان يخفي او يقلل من اهمية الخطوات التي تتبلور للسير نحو التهدئة واستعادة الاستقرار مرة اخرى في العراق الشقيق.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
السقوط الكبير *
رشيد حسن
الدستور الاردن
العدوان الأميركي على العراق ، كان بمثابة السقوط الكبير للإمبراطورية الأميركية ، فهو أولا: سقوط أخلاقي مدو لهذه الدولة ، التي بررت غزوها ، بحملة من الأكاذيب والافتراءات ، بدءا من أسلحة الدمار الشامل ، وشراء اليورانيوم من النيجر ، وليس انتهاء بتهمة التعاون مع القاعدة....الخ.
وكانت فضيحة أبو غريب ، إدانة صارخة لهذه الدولة ، التي تدعي أنها زعيمة العالم الحر ، والحامية للحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان ، فإذا بجنودها يقارفون أبشع أنواعا لتعذيب ضد السجناء ، بدءا من الانتهاكات الجسدية ، والتعذيب النفسي ، وإطلاق الكلاب المدربة لنهش اجسادهم ، وليس انتهاء بالانتهاكات الجنسية والاغتصاب.
ولم ينته مسلسل السقوط الأخلاقي المدوي هذا ، بل أثبتت السنوات الأربع العجاف من عمر الاحتلال ، أن ادعاءات أميركا بنشر الديمقراطية في العراق ، كانت أكثر من كاذبة ، وأكثر من سمجة ، فلقد تحولت بلاد الرافدين إلى جحيم لا يطاق ، وأرض للموت ، والحقد التاريخي ، والقتل على الهوية ، فاشتعلت الحرب الطائفية بين السنة الشيعة ، بعد أن فجرتها الإدارة الأميركية وغذتها بأساليب لا أخلاقية ، ولا إنسانية ، وهمجية بعد أن ثبت أنها وراء تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء.
ديمقراطية أميركا في العراق ، أدت إلى تهجير أكثر من 5 ملايين انسان ، فروا هاربين من الموت ، ومقتل أكثر من 200 ألف مدني ، وسيطرت الصفويين على مفاصل الحكم ، وانتشار أعمال الجريمة والسرقة والنهب المنظم للنفط ، على يد ميليشيات الحكيم والمالكي والجلبي ، علنا وأمام أعين الاحتلال ، وانقطاع المياه والكهرباء معظم ساعات اليوم ، وتحويل دجلة إلى مقبرة على يد ميليشيات الغدر.
السقوط الأخلاقي ، ليس هو السقوط الوحيد ، فلقد سقط بوش وعصابة المحافظين الجدد من أمثال رامسفيلد وبول وولفويتز ، سقوطا عسكريا مريعا بعد أن اعترف كبار العسكريين والسياسيين الأميركيين بالهزيمة ، وكان تقرير بيكر - هاملتون ، إدانة لهذه السياسة ، واعترافا بالمأزق ، واستحالة تحقيق النصر ، ودعوة إلى الخروج من العراق الذي تحول إلى مستنقع ، يمرغ هيبة الدولة الاعظم بالوحل .
الإدارة الأميركية تعيش أسوأ مراحلها ، وتعاني من التخبط والارتباك ، بدليل تناقض موقف بوش من المالكي خلا ل 24 ساعة ، في حين يجمع رجال إدارته على أن الرجل غير قادر على تحقيق المصالحة الوطنية ، لأنه طائفي حتى العظم ، فرفض محاكمة الفاسدين ممن ينتمون لطائفته ، وسهل لهم التحكم بمفاصل الدولة ، وكانت فضيحة تسريح آلاف الشرطة كونهم طائفيين ، كما طالبت أميركا ، فضيحة لهذا النظام ، ودليل أكيد على أن الأزمة وصلت طريقا مسدودا ، بعد أن أصبحت أغلب الأوراق في يد طهران ، ليعلن رئيس الجمهورية الإيرانية عن استعداد إيران لتعبئة الفراغ في حالة انسحاب أميركا.
أميركا وهي تغوص في أوحال الرافدين ، بفعل غبائها السياسي ، تسعى جاهدة للانسحاب ، اثر سقوطها الاخلاقي والسياسي المدوي ، وهذا الانسحاب سيؤرخ لنهاية مرحلة ، وبداية اخرى ، لن تقل عن الاولى خطورة.ولكل حادث حديث.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
خارج فضيحة ابو غريب

وليد الزبيدي

الوطن عمان

عندما انتشر الحديث عن التعذيب الاميركي في معتقل ابو غريب عام 2004،بعد التحقيق الصحفي الذي نشره الصحافي الاميركي سيمور هيرش،اقتنع الكثيرون بان الديمقراطية الاميركية على اكمل مايكون في العراق،والدليل حديث وسائل اعلامها على نطاق واسع عن التعذيب الذي تعرض له السجناء العراقيين في هذا المعتقل ، وعلقت حينها في هذا المنبر وعبر العديد من الفضائيات حول ما حصل ، وحصرت ذلك بنقطتين ، أعود لذكرهما ، وأنا أتابع القضاء الأميركي الذي اعلن براءة ستيفن براون المسؤول عن تعذيب العراقيين في معتقل ابو غريب ، والنقطتان هما:
الاولى-ان الادارة الاميركية تريد القول الى الرأي العام انها لا تخفي الاخطاء التي ترتكب بحق العراقيين،وانها لا تسكت على الظلم،واستمرارا لذلك ،فان القضية ستشغل الرأي العام وبالتقادم الزمني ،سيتم اختصار القصة والعمل على تكثيفها وتقليصها،لترسم صورة لما حصل يختصر الاف حالات التعذيب بعدة اشخاص،وقلت حينها ،سوف يتابع الرأي العام هذه المأساة من خلال عدة اشخاص ،وبالتالي سيتم نفي التهمة عن عشرات الالاف من الجنود الاميركيين الذين مارسوا ابشع انواع التعذيب بحق العراقيين ، سواء كان داخل منازل العراقيين التي تتم مداهمتها بوحشية اوفي المعتقلات والقواعد والمعسكرات حيث يتم اقتياد العراقيين الى هناك والاكياس على رؤوسهم والاغلال بايديهم،وما نراه الان هو اختصار لالاف الحالات من التعذيب بشخص واحد هو ستيفن جوردان،ورغم كل ما قيل صيف عام 2004 عن التعذيب واستنكاره فاننا نقف امام مسألة اخرى عندما تتم تبراة هذا الشخص، الذي كان يعطي الاوامر لممارسة ابشع انواع الضرب واستخدام الاسواط وتعليق الرجال وحرمانهم من النوم،وتركهم في العراء تحت الامطار والبرودة على اشدها،وكل ما يخطر بالبال وما لا يخطر يحصل مع العراقيين في المعتقلات،لكن يجري اختصار تلك الممارسات البشعة بشخص واحد ولا تحصل حتى ادانة له.
الثانية:ان الحديث عن فضيحة في معتقل ابو غريب ،توحي للرأي العام ان هذا المكان الوحيد في العراق الذي جرت فيه انتهاكات بحق المعتقلين العراقيين،والدليل ان وسائل الاعلام الاميركية فضحت ذلك ، ولو كانت هناك حالات مشابهة لما ترددت في الوصول اليها،وحقيقة الامر عكس ذلك تماما،لان جميع المعسكرات والقواعد العسكرية الاميركية والبريطانية وسواها تمارس التعذيب اليومي بحق المعتقلين العراقيين،وليذهب أي شخص او منظمة انسانية ودولية الى أي منطقة من مدن العراق ويسال الناس هناك ،عندها سيسمع ما هو مهول ومرعب عن التعذيب الذي مارسته تلك القوات بحق العراقيين،فالتعذيب حصل وما زال في معتقل المطار ببغداد وفي قاعدة عين الصقر جنوب بغداد وفي القاعدة الاميركية قرب وزارة الداخلية وفي قاعدة البكر الجوية ومعسكر القدس في بلد،وفي قاعدة عين الاسد بالرمادي وفي جميع المعسكرات المنتشرة بكثافة بالعراق.
اما خلاصة الصورة التي يرسمونها بمحاكمة اميركي واحد وعن فترة 2004،وفي مكان تعذيب واحد هو ابو غريب ،فهذا ضحك على الرأي العام وكذب لا مثيل له بالتاريخ.
كاتب عراقيwzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
من شاه إيران إلى تركيا وحتى إسرائيل
أسد ماجد :
الوطن قطر

مشكلة أميركا لا تقتصر على هزيمتها في العراق فحسب بل في التداعيات الاستراتيجية التي ستنتج من جراء انسحابها من ذلك البلد العربي الممزق وتأتي قوية وعلى مدى عقود من الزمن لأن غرورها العسكري الأحادي سينكفئ تاركة خلفها حلفاءها في المنطقة العربية وسط بحر من القلق والخوف من المستقبل الضبابي الذي خلفته سياسة بوش في المنطقة من العراق الى فلسطين ولبنان وأخيرا ايران وما صفقة الاسلحة المليارية التي ابرمتها مع بعض الدول العربية واسرائيل إلا فدية ما جنته يدا بوش وادارته التي يتهاوى افرادها واحدا تلو الآخر بدءا برامسفيلد حتى كارل روف أخيرا حيث استقالته بمثابة الضربة القاضية لتلك الادارة الفاشلة سياسيا وعسكريا واقتصاديا.

وكلنا يتذكر عندما اتخذ الرئيس رونالد ريغان قرار سحب جيشه الأميركي من لبنان عام 1983 إثر الضربة المؤلمة لقوات المارينز الأميركية في منطقة بئر حسن في بيروت حيث منح اسرائيل اسلحة متطورة تخطت العشرة مليارات دولار لتغطية وتعويض انسحابه من لبنان وترك اسرائيل وحدها تواجه «الإرهاب» المتمثل يومها بالمقاومة العنيدة التي اشتعلت في لبنان ضد الاحتلال الاسرائيلي والتي الحقت الهزائم تلو الهزائم بالمحتل على مدى ربع قرن وكان آخرها هزيمتها المدوية خلال عدوان صيف 2006 الذي انتهى بالفشل الذريع حتى آخرس اليوم افواه كل المسؤولين في الكيان الصهيوني ولم نسمع واحدا منهم حتى الآن يهدد ويتوعد لبنان كما كانوا يفعلون سابقا وكأنهم حذفوا لبنان من حساباتهم لما ألحق بهم هذا البلد العربي الصغير من آلام وهزائم فلم تنفع يومها صفقة الاسلحة الضخمة اسرائيل عام 1983.

وللتذكير ايضا عندما جاء الأميركيون الى لبنان عام 1958 ونزل المارينز عند شواطئ بيروت لإسقاط مشروع الوحدة العربية بين مصر وسوريا ولمحاولة انقاذ حلف بغداد الموالي لها كانت تعتمد يومها على قوى اقليمية هائلة تمتلك قوة ذاتية تمكنها من التحرك بحرية تامة وكان غطاؤها الأميركيين مثل شاه ايران الذي نصب نفسه عام 1969 كقوة احادية في منطقة الخليج وربما ابعد من ذلك في احتفال مهيب اقامه في طهران بمناسبة مرور الفي عام على إعلان الامبراطور الفارسي قوروش قيام امبراطورية فارس العظيمة وبالفعل كانت ايران الشاه القوة الهائلة في المنطقة والسند القوي لإسرائيل واميركا ومصالحهما في بلادنا العربية، ولا ننسى تركيا التي وقفت بقوة الى جانب اسرائيل واميركا والحلف الاطلسي ضد قضايا العرب العادلة ..إما اسرائيل فحدث ولا حرج فهي الدولة الوحيدة في العالم وعبر تاريخ البشرية التي لها «الحق» بالتحرك عسكريا براً وبحراً وجواً وفي الزمان والمكان اللذين تريدهما وحولتها اميركا إلى رأس حربة في الشرق كله لتحقيق مصالحها ومآربها فنجحت اسرائيل في اداء هذا الدور حتى عام 2000 حيث تلقت الهزيمة الأولى بتراجعها عن أرض لبنان دون قيد أو شرط مما الهب شعور الفلسطينيين وحماسهم فاشتعلت الانتفاضة في اكتوبر عام 2000 ثم المقاومة في فلسطين كلها فلم تنجح اسرائيل بكل قوتها وجبروتها في اجهاض تلك المقاومة بل حصل العكس حيث وصلت حماس إلى السلطة بخيار شعبي واسع إثر انتخابات تشريعية شفافة ، هذه الاحداث المحرجة لمستقبل اسرائيل في المنطقة حدت بالولايات المتحدة الى ان تشمر عن ساعديها وتأتي هي بنفسها إلى المنطقة لضرب الامن القومي العربي في قلبه لانقاذ اسرائيل فاحتلت العراق للامساك بالمنطقة كلها حماية لإسرائيل ومصالحها ولكن سارت الرياح بما لا تشتهي السفن الاميركية في العراق فشاهدنا تداعيات ذلك الاحتلال واوضاع بوش وادارته الداخلية التي تتآكل يوما بعد يوم.

والآن جاء وقت قطاف ما صنعه بوش في المنطقة وهو على أهبة الاستعداد للرحيل واعطاء ظهره للمنطقة كلها ولكن المشكلة لدى الاميركيين وحلفائهم تكمن بالسؤال الكبير الذي يطرحونه على أنفسهم صباحا ومساء: من سيدير شؤون المنطقة في ظل الهروب الاميركي الكبير؟ ومن هو اللاعب الكبير الذي عليه المحافظة على المصالح الاميركية ؟ فلا شاه ايران قويا يحمي الخليج لمصلحة اميركا واسرائيل بل هناك ايران في الضفة الاخرى المعادية لاميركا التي تتنامى قوتها باستمرار ولا تركيا العسكرية القوية لان الاهتراء يزحف إلى جسد الجنرالات في تغييرات هائلة تعيشها تركيا تبدأ من المزاج الشعبي التركي الذي يميل إلى أفضل العلاقات مع جيرانه العرب والمسلمين وتأييد حركات التحرر والخط المقاوم في المنطقة وربما بعد ان امسك حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان زمام الأمور كلها في انقرة سنرى تركيا جديدة مغايرة تماما لتلك التي كانت حليفا قويا لأميركا وإسرائيل.. أما اسرائيل وبعد حرب يوليو ـ اغسطس 2006 وما لحق بها من هزيمة قاسية جعلتها تخسر قوة الردع التي امتلكتها لمدى يزيد على الستين عاما بالاضافة الى كسر هيبتها العسكرية فلم يجرؤ أي مسؤول إسرائيلي على الرد على المفاجأة الكبرى لحسن نصر الله بل اصابهم الصمت والوجوم.. أما حلفاء أميركا الآخرون فلا حول لهم ولا قوة ولن تفيدهم كل صفقات الاسلحة في غياب الحلفاء الاقوياء وكأننا أمام عصر جديد بعد افول العصر الأميركي في منطقتنا العربية وهذا ما قاله أحد الزعماء العرب لوزيرة الخارجية الأميركية رايس خلال زيارتها الأخيرة للمنطقة بأنه يرى أميركا الموجودة اليوم بكل قوتها في المنطقة هي اضعف بكثير من التي كانت بعيدة بكل هذه القوة المنتشرة هنا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
التملص من فوضى القرارات
افتتاحية
الشرق قطر
لو أن الوضع في العراق كان ورديا واستتب الأمر للأمريكيين وثبتوا الواقع الذي يريدون، ولم تكن هناك خسائر يومية للجيش الأمريكي في الأرواح والعتاد بمليارات الدولارات، ولم يكن الرئيس الأمريكي جورج بوش أو المسؤولون الآخرون يأتون فجأة وسرا، ولو تحركت عجلة البناء الاقتصادي في العراق، لو تحقق كل هذا ومثله لرأينا المسؤولين الأمريكيين يتنافسون كل ينسب الفضل لنفسه، وكل منهم يزعم أنه صاحب الإنجاز. أما وأن الوضع عكس ذلك تماما، فكل مسؤول ينأى بنفسه بعيدا ولسان حاله يقول: لست أنا.

آخر تملص كان من بول بريمر الذي حكم العراق بعد إسقاط النظام السابق، فهو الذي وقع على كل القوانين التي حُكم بموجبها العراق المحتل كونه مفوضا من قيادة الاحتلال، ومن تلك القرارات التي أثارت الجدل وأسالت الكثير من الحبر ما تعلق بحل الجيش العراقي السابق، فبريمر أصدر قرار حل الجيش الذي أصر الإعلام الأمريكي على تسميته "جيش صدام"، وكان الهدف هو إنشاء جيش جديد مضمون الولاء للحكم الجديد، لكن ما غاب عن أصحاب القرار هو العواقب التي ستلي تنفيذ حل الجيش.

جاءت رياح النتائج عكس ما تشتهي سفن البيت الأبيض، فخبرات جنود وضباط خاضوا حربا ضد إيران استمرت 8 سنوات، انتقلت للتنفيذ الميداني ضد جنود البيت الأبيض الذي أقر حصارا قاسيا استمر 12 سنة، فحدث أن وقع الجيش الأمريكي في مستنقع لا يستطيع الفكاك منه، فالخسائر يومية وبوش لا يفتأ يطلب المزيد من التمويل وآخر فاتورة طلبها كانت قيمتها 50 مليار دولار.

ولأنه لا يستطيع التوفيق بين تصوير الوضع الكارثي في العراق على حقيقته وتأكيد الانتصار الواضح، بدأ الرئيس بوش يلقي بمسؤولية القرارات التي اتضح خطؤها على مساعديه، وجاء هذا التملص غريبا، فبينما يتحدث بوش عن عدم علمه بقرار حل الجيش العراقي، يصر بريمر على أنه لم يكن يتحرك بدون موافقة الرئيس بوش!

هذا السجال الغريب الذي تتناوله الصحافة الأمريكية يكشف الفوضى التي سبقت وصاحبت غزو العراق، فالرئيس بوش يعترف بنفسه أنه لم يكن يعلم بتصرفات بريمر، وهذا يجعل صورته مهزوزة أمام الأمريكيين الذين يرون رئيسهم غير مطلع على ممارسات أحد الأشخاص الذين نصبهم، ويصوره في وضع "المتمرد" على حاكم البيت الأبيض، بينما يكذِّب بريمر رئيسه ويقول إنه كان يعلم.

وفي الحالتين نجد الرئيس بوش في وضع لا يحسد عليه، لأن إجازته القرار تظهر أنه لم يُقَدِّرْ جيداً عواقب حل الجيش العراقي وهو رئيس الولايات المتحدة، فيما يُظهر عدم علمه بالقرار أنه لا يحسن التحكم في إدارته.

هذا التخبط هو سبب غياب خطة أمريكية واضحة للتعامل مع الوضع العراقي، مما جعل البيت الأبيض رهينة بيد الحل العسكري الذي يثبت فشله يوما بعد آخر، والدليل هو أن الرئيس بوش نفسه يتحدث عن التقدم الأمني في العراق لكنه لا يعلن مسبقا عن زياراته، بل يأتي فجأة وسرا وهذا في كل مرة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
ما يسود العراق من فوضى
تركية البوسعيدية
الشبيبة عمان
ان ما حدث قبل ايام عندما قامت مجموعة مخربة لا تحمل أي أدنى مسؤولية عن طريق تفجير أربعة صهاريج لقرية (سنجار) المكونة من 30 بيتا والأهالي نيام لا حول لهم ولا قوة مما أسفر عن قتل أكثر من 200 روح بريئة اكثرهم من الاطفال والنساء واكثر من 300 جريح اكتظت بهم المستشفيات هذه المستشفيات التي تفتقر الى الادوات الطبية وتفتقر الى نقص كبير في الكادر الطبي لأن معظم الاطباء والممرضات فروا بأرواحهم خارج العراق ولهذا تناشد العراق الجمعيات والمنظمات العالمية المعنية بحقوق الانسان والمنظمات الصحية ان تساعد هذه المستشفيات البائسة وان تسارع في النجدة والمعونة الانسانية نعود الى ما حدث من تفجير على قرية سنجار حقيقة الصورة مفزعة وتحتاج الى وقفة انسانية ووقفة تأمل ووقفة مراقبة النفس ان هذه الصورة المفزعة يجب ان تحرك الضمائر النائمة يجب على السلطة وصاحبة القرار ان تعيد حساباتها من جديد وان تجد لها حلا سريعا والا غاب العراق ولم يعد العراق عراقا اذا استمر على هذا الحال وهذا العذاب اليومي يكفي ان العراق اصبح بؤرة فساد وبؤرة ارهاب واذا لم ننتبه لهذا الوطن بطريقة عاجلة وسريعة فإن الحال سوف ينهار وسوف يتفاقم اكثر وبصورة مخيفة هذا غير المشوهين والمعوقين في العراق ان اكثر من مليون معوق في العراق يعيش معظمهم في ظروف صحية ومعيشية سيئة وبعضهم امتهن التسول ونشاهد الكثير منهم عند اشارات المرور وفي الأماكن المكتظة بسبب عدم وجود جمعيات خاصة لرعايتهم وفي حين يصر اخرون على ان يمارسوا مهنة تتناسب ودرجة الاعاقة يقول الدكتور صباح في قسم المعوقين في وزارة الصحة ان اعداد المعوقين بعد عام 2003 ازداد اكثر من 30% بسبب الاوضاع الأمنية السيئة مضيفا ان عدد معوقي الحرب المسجلين لدى هيئة رعاية المعوقين بلغ 43600 بينهم 7000 من ذوي العجز الكلي ومنهم من تعرضت اعضاؤهم الى البتر ووصل الى 100 الف تقريبا فيما بلغ عدد المكفوفين 250000 ويضيف انهم في حالة عدم استقرار الوضع والعنف الطائفي فإن ذلك سيؤدي الى تزايد اعداد المعوقين بشكل كبير يفوق النسب الموجودة لا في المنطقة فحسب بل في العالم واسباب ازدياد نسبة المعوقين بهذا الشكل المخيف معروفة فالحروب التي خاضها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي افرزت ظاهرة المعوقين وجمعية المعوقين العراقية تقدم بعض المساعدات لحوالي 60 الف معوق بحسب رئيس الجمعية موفق الخفاجي الذي يؤكد على ان جمعيته تعمل على تقديم خدمات لحالات العوق الجسدي الشديد فقط ولا يمكنها توسيع دائرة الرعاية للمعوقين الاخرين بسبب قلة الدعم سواء الحكومي او من المنظمات الدولية.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
ما كان ينقص بعض العراق
نواف ابو الهيجاء
الدستور
ربما كانت مفاجأة مذهلة تلك الانباء التي تحدثت عن تفشي وباء الكوليرا في شمال العراق - كردستان العراق - تحديدا . الاف الاصابات المعلن عنها ، وربما اكثر . السبب الذي تحدث عنه المختصون الصحيون هو ( الماء ) ، قلة الماء وتلوث هذه القلة.
وما كان العراق لينقص ، منذ الاحتلال ، المزيد من مسببات الموت والآلام للعراقيين . في الجنوب مازالت آثار الحرب الاولى عليه ( 1991) قائمة بسبب الاشعاعات النووية الناتجة عن استخدام الولايات المتحدة (اليورانيوم الناضب ) بكثافة ضد القوات العراقية هناك .
وارتفعت نسبة الاصابات بالامراض السرطانية عشرات المرات ، واصر المرض الخبيث على التمركز في (المستقبل العراقي ) - أي في الاطفال والصبية بصورة عامة.
اسباب الموت ازدادت منذ الاحتلال لان هذا الاحتلال الذي اقدمت عليه اكبر قوة عسكرية وتقنية واقتصادية في العالم مدمرة البنية التحتية للحياة العراقية ، مدمرة الحياة الاجتماعية هناك ، وساحقة اسس الدولة في العراق ، لم تقدم على اصلاح أي متعلق بالحياة البشرية الطبيعية: الماء والكهرباء والوقود ، واعدمت وسائل الخدمات ايضا.
عليه - اذا كان حال الوسط والجنوب مشحونا باسباب الموت بسبل شتى ( القتل والتفخيخ والاغتيال والخطف والاعتقالات والاشتباكات ) ، اضافة الى تفشي امراض كان العراق قد تخلص منها منذ عقود ، فان المنطقة الشمالية كانت الى يوم الاحتلال ( مفصولة ) عمليا عن السلطة المركزية في بغداد بسبب قرارات واجراءات الادارة الامريكية المتخذة في العام 1991. اي لم يكن متوقعا - وفي الجنة التي خلقتها الولايات المتحدة ورعتها وحمتها - ان تتفشى امراض واوبئة قاتلة مثل الكوليرا. العراق ، وادي الرافدين ، والبلد النفطي الكبير ، وارض السواد ، تتفشى فيه امراض سببها المعلن رسميا نقص المياه الصالحة للشرب ، ونقص الخدمات ، وانقراض المواد الطبية الضرورية ، حتى في شمال العراق ( كردستان) التي يصر زعماء الحزبين الكرديين على رفع راية (كردستان) في سمائها دون راية العراق الوطنية.
الادارة الامريكية التي سعت الى تكريس ( الديمقراطية الوليدة ) في المحافظات الكردية العراقية الثلاث لم تقدم شيئا يقى العراقيين الكرد هذه الامراض ولا مسبباتها ولا حتى وسائل مكافحتها . تعامل الاحتلال الامريكي مع مكونات الشعب العراقي واحد ومنظم ومنسق . فلا فرق في القهر ووسائل الاذلال - في نظر المحتل - بين عراقي في الشمال وآخر في الوسط او في الجنوب .والعسف الامريكي لايوفر (أي عراقي ، اكان سنيا ام شيعيا ، عربيا ام كرديا ، مسلما ام مسيحيا ) .. وتفشي الكوليرا في الشمال برهان ودلالة على وحدة النظرة الامريكية الى شعب العراق ، مقاومين و( مسالمين ) وارهابيين وفرق موت ، الاطفال والنساء والشيوخ - على قدم المساواة : تعميم الظلم على الجميع معادلة تقول بـ( العدالة ) او بـ( المساواة ).
ويبدو جليا ان من طاف على السطح السياسي في ظل الاحتلال يتبنى الافكار ذاتها فالمهم لدى هؤلاء الطارئين على العراق كم يستطيع كل منهم ان ( ينهب ) وكم يستطيع ان يستفيد والى أي مدى . اما التفكير في الملايين من العراقيين الذين اما عرضة للقتل او للموت او للتشريد او للجوع والحرمان وفهذا آخر ما يجول في الضمائر المخدرة او الميتة.
ومستقبل العراق ليس مهما بل المهم كيف تكون النجاة قبل ان يحزم المحتلون ( حوائجهم ) على عجل او على مهل) .
ماكان ينقص بعض اجزاء العراق جاء في ( ليل الاحتلال) الذي ما انحسرت ظلمته عن أي شيء ضمن حدود الوطن العراقي المستباح.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
نهاية الاسطورة
افتتاحية
الوفاق الايرانية


يتوقع ان يواجه المحافظون الجدد سقوطا تدريجيا على مستوى الولايات المتحدة بعد اخفاق الرئيس الامريكي جورج بوش في الترويج لافكاره المتطرفة عبر الاستيلاء على العراق وافغانستان.
وتشكّل الزيارة المفاجئة والمقتضبة للرئيس الامريكي الى قاعدة عسكرية في العراق ومن ثم الاعلان من سدني عن بدء الانسحاب، بداية لنهاية السياسة التي انتهجها انصار الحرب في البيت الابيض.
ويصاحب هذه التطورات خروج حلفاء امريكا من الساحة واحدا بعد آخر لاسباب تعود الى التوترات الداخلية وعدم تبرير حضورهم كقوة غازية الى جانب القوات الامريكية بعدما خسروا رهان الانتصار ميدانياً.
وهناك تخوف يراود المراقبين بان انزعاج امريكا من الهزيمة قد يسوقها الى خلق أزمات جانبية للتغطية على فشلها، لكن المعارضة الداخلية لمثل هذه الافكار لن تسمح للادارة العسكرية بخوض مغامرات اخرى قد تكون اخطر من سابقاتها.
فلا الجيش الامريكي ولا المجتمع الامريكي لديهما الاستعداد لمثل هذه المغامرات، بل هناك صعوبة في تمويل الحرب المفتوحة في العراق، خاصة وان فترة رئاسة جورج بوش تقترب على الانتهاء.
وتتحدث استطلاعات الرأي داخل الولايات المتحدة عن سقوط اسطورة بوش، حيث هناك اكثر من ۶۷% من الرأي العام الامريكي يعتبر عهده اسوأ العهود في النظام الجمهوري الامريكي.
وبهذا فان هناك اتجاهاً داخل تيار المحافظين الجدد لالقاء اللوم على الرئيس وفريقه قبل ان تنقلب الموازين ويخسر التيار بكامله الموقف. وبما ان التيار الخصم كان ينتظر مثل هذه الفرصة الذهبية في معركة السلطة، فانه غير مستعد لاعطاء الخاطئ فرصة جديدة.
ولكن التخوف هو من تداعي الثقة وتسارع الامور نحو الاسوأ بعد تدهور الاوضاع السياسية وتأثيرها على المسار الاقتصادي، لأن نتائج الحروب الامريكية ستعود على جميع مجريات الامور ولن تبقى مقتصرة على الجانب العسكري كما يرى البعض.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
واشنطن في العراق: حين تصبح العودة لما قبل الاحتلال حلما
عريب الرنتاوي
الدستور الاردن
لخّص أحد كبار الباحثين في السياسة الخارجية الأمريكية البروفيسور ولتر رسل ميد ، الأهداف الأمريكية الثلاثة في العراق على النحو التالي: (1) منع القاعدة من السيطرة على العراق والادعاء بأنها هزمت الاتحاد السوفيتي في أفغانستان من قبل وها هي تهزم القوى العظمى الأولى ، الولايات المتحدة في العراق اليوم...(2) منع إيران من السيطرة على العراق وبناء إمبراطورية إقليمية مهيمنة على جزء رئيس من نفط الخليج وصولا إلى نفط قزوين...(3) الحيلولة من انتشار الفوضى العراقية إلى عموم الإقليم وبصورة تحرق مصالح واشنطن وحلفائها وتهدد أمنهم واستقرارهم.
تقديرات صديقنا الأمريكي ، وانطباعات الرأي العام الأمريكي ، بأن الهدف الأول قابل للتحقيق جزئيا ، وربما تكون هناك نجاحات قد تحققت في الأشهر الأخيرة على هذا الصعيد ، بدءا من الأنبار ، بيد الهدفين الثاني والثالث لا قبل لواشنطن عليهما ولا قدرة لها على التحكم بهما والأرجح أن ستخفق في تحقيقهما. وبالطبع ، لم يغب عن بال الباحث الأمريكي المخضرم تذكير الحاضرين بأن جميع هذه الأهداف ، كانت متحققة قبل غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلالها له ، لكأن جل ما تبغي الإستراتيجية الأمريكية تحقيقه لا يزيد عن العودة إلى ما قبل 21 آذار 2003 ووضعية ما قبل احتلال العراق وسقوط بغداد.
بالأمس ، كان السيناتور الأمريكي جون كيري يتحدث عن تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية حول الشروط ـ الأهداف الثمانية عشر التي وضعها الكونغرس لتمويل القوات الأمريكية المنتشرة في العراق ، فأشار إلى نجاح الحكومة العراقية في إنجاز ثلاثة منها ، ونجاحها في إنجاز أربعة أخرى بصورة جزئية وفشلها في إنجاز الأحد عشر شرطا ـ هدفا الباقية.
أهم ما ورد في حديث السيناتور كيري قوله أن واشنطن تنفق الأموال على بناء مؤسسات أمنية وعسكرية لحكومة المالكي ، هي في واقع الحال أذرع عسكرية وأمنية لخصوم واشنطن في العراق ولحلفاء إيران فيه ، أي أن الولايات المتحدة تعمل تحت مظلة بناء مؤسسات الدولة العراقية ، ما يفعله الحرس الثوري الإيراني الذي يقوم بتدريب وتجهيز المليشيات المذهبية وفرق الموت التي تعيث قتلا وخرابا وتنكيلا في العراق.
في العملية السياسية الجارية في العراق ، كما في عملية بنا مؤسسات الدولة ، انتهت الإستراتيجية الأمريكية إلى عكس ما كانت تخطط له وتشتهيه ، والحقيقة أن جل ما تبغي واشنطن تحقيقه الآن هو الحيلولة دون وقوع مزيد من التدهور والانفلات والفلتان. لكن ما فاجأنا به ضيفنا الأمريكي هو ثقته بقدرة المجتمع الأمريكي على تحمل مزيد من الخيبات والخسائر في العراق ، فهو يرى أن أقل من أربعة آلاف قتيل ليس أمرا ضاغطا بما فيه الكفاية على الرأي العام الأمريكي ، قياسا بثلاثة وخمسين ألف قتيل كانوا وقود الحركة المناهضة للحرب على فيتنام ، ومن وجهة نظره ، فإن مشوارا طويلا سيتعين قطعه قبل التأكد من أن جنديا واحدا لن يبقى في العراق.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
نظام المخابرات السوري .. واللعب في الورقة العراقية

داود البصري
السياسة الكويت
بعيدا عن التجني وعن الافراط في لغة التحريض الاعلامي او اثارة الاتهامات المغرضة , فان اقطاب ورؤوس النظام الحالي القائم في العراق هم من ابعد الناس عن مهمة اتهام النظام السوري بتدخلاته المريبة في الشؤون العراقية جزافا فليس سرا معرفة حقيقة ان علاقات غالبية الاحزاب العراقية الدينية او القومية او اليسارية الموجودة في السلطة العراقية اليوم بالنظام السوري علاقات وثيقة ومهمة وحساسة للغاية ومستندة لتاريخ طويل وحافل من التواجد العراقي المعارض في الساحة السورية في فترة السبعينات والثمانينات قبل ان تنتكس وتخف وتيرتها في اواخر التسعينات 1997! بعد فتح حافظ الاسد في اخريات ايامه خطوط التعامل التجاري مع النظام العراقي السابق , وكان الخلاف المحتدم والدموي والمرير بين نظامي حزب البعث في البلدين يفعل فعله الحاسم على صعيد التحالفات وبناء العلاقات التي لها اذرع استخبارية وتخطيطات عسكرية واعمال تخريبية , فالنظام العراقي مثلا كان يحتضن البعثيين السوريين المعادين للبعث السوري ومن انصار قيادة عفلق القومية التي حسم السوريون منذ عام 1966 امرها وطردوها وكذلك احتضن بعثيو العراق تنظيم الاخوان المسلمين بل وشاركوا في مجازر دموية عدة في المدن السورية ضمن اطار تصفية الحسابات بين رفاق العقيدة الخالدة والداعين للوحدة القومية الشاملة, بينما فشلوا في تحقيق وحدتهم الحزبية رغم كل الشعارات الوحدوية الطنانة الرنانة حول وحدة المصير العربي, ومعركة الامة ورسالتها الخالدة, الى اخر عبارات الهلس والدجل والتخريف البعثية والتي كانت مجرد غطاء شفاف شبه عار لانظمة طائفية وعشائرية متحجرة ولنفوس مجرمة وحاقدة لا تعرف الخير ولا تبالي على الاطلاق بمصلحة الامة او الشعب العربي, في المقابل احتضن البعث السوري قوى اليسار العراقي وجماعته من البعثيين (غير العفالقة)! كما دخل على خط الحركة الاسلامية والاحزاب الشيعية العراقية وتقرب بواسطتها لنظام طهران وساهمت تلك الاحزاب باموالها ونشاطاتها في تنمية ريف دمشق وجعل منطقة (السيدة زينب) مكانا مهما للسياحة الدينية بفعل تدفق الاموال وانشاء الحوزات والمدارس الدينية والفنادق السياحية, والاهم من هذا وذاك انشاء وتكوين علاقات عمل مصلحية مهمة للامتداد للداخل العراقي والرد المباشر على اعمال النظام العراقي التخريبية في العمق السوري فكانت الجماعات الدينية العراقية المسلحة والمدعومة من ايران سلاح مهم للمخابرات السورية استطاعت من خلالها التمدد ايضا نحو دول الخليج العربي وتنفيذ العمليات المسلحة والسرية وبتنسيق تام وسري للغاية مع اجهزة المخابرات الايرانية, وكان ذلك النشاط قبل ان ينمو ويشتد عود حزب الله اللبناني الذي الغى كثير من صور التعامل مع الاحزاب العراقية فيما بعد لذلك ليس غريبا بالمرة ان يكون احد رموز السلطة العراقية الحالية من العاملين سابقا في المشاريع السرية للمخابرات السورية, كما انه ليس غريبا بالمرة ان يمتلك جهاز المخابرات السوري ارشيفا كاملا ودقيقا بكل سكنات وحركات وجوانب الكثير من قادة المعارضة العراقية العاملين في الساحة السورية, واستنادا الى ما تقدم فان الاتهامات المباشرة الموجهة ضد النظام السوري واعماله التخريبية في العراق حاليا والتي صدرت من السيد برهم صالح نائب رئيس الوزراء والسيد موفق الربيعي مستشار الامن القومي منذ شهور قليلة ليست مجرد كلام في الهواء, ولم تكن حملات مغرضة من اطراف صهيونية معادية, كما يحاول خطاب النظام السوري البائس ان يوحي دائما.. بل انها اتهامات حقيقية مستندة لمعلومات وثيقة ودقيقة لكون النظام السوري وهو يلعب اخر اوراقه الخاسرة اقليميا ودوليا بات مرتعا لكل قوى التخريب وملاذا لكل الجماعات البعثية والاصولية (المرتبطة بالمخابرات) ولكل الناعقين من اجل تحقيق معادلة سياسية وامنية تصب في مصلحة النظام السوري , فالهدف الستراتيجي للنظام هو الهيمنة على الحالة العراقية واحتواء القوى السياسية العراقية بكل السبل والوسائل الممكنة واستعمال كل الادوات المتوافرة والخبرة الطويلة لدى اجهزة المخابرات السورية من اجل تحقيق هذا الهدف المقدس للبعث السوري, لذلك ليس غريبا ان تصطف عصابات الرفيق فوزي الراوي في قيادة قطر العراق مع العصابات البعثية مع البهائم السلفية والتكفيرية المفخخة في مشروع تخريبي واضح, وليس غريبا ايضا ان نسمع لغة النفاق القومية من الاعلام السوري المتهاوي, وليس غريبا بعد كل ذلك ان ترتفع الشكوى في العراق من حدة التدخل السوري, لكن الغريب كل الغرابة صمت النظام العراقي الحالي المعلوماتي وعدم تركيز الاضواء على الادلة الاستخبارية التي تثبت تورط النظام السوري وتفضح اجهزة مخابراته وعملائه, فالاكتفاء بالشكوى والتصريحات العائمة لا تحقق الهدف المنشود ولا تجعل النظام السوري يرعوي ويتوقف عن اساليبه التخريبية, ما هو مطلوب حاليا من الحكومة العراقية امام اكوام الجثث المترامية في الشوارع العراقية هو حالة المكاشفة ونشر كل المعلومات الممكنة عن الدول والجماعات والاطراف التي تساند الارهاب وتساهم في اشعال الحرب الاهلية التدميرية في العراق, وعدم الاكتفاء بالولولة والصراخ والشكوى كما تفعل العجائز, وعند ذاك تعرف المخابرات السورية اي منقلب ستنقلب, فهل يفعلها العراقيون و(يبقون) البحصة? ام ان اللطم كالعادة سيكون سيد الموقف , وقد كانت زيارة المالكي الاخيرة لدمشق ذات نتائج عائمة انتهت بفرض النظام السوري فيزا دخول مسبقة على العراقيين تعطى لشرائح محددة فقط تقتصر على التجار ورجال الاعمال وغيرهم, والطريف ان البرلمان العراقي في اول ايام انعقاده بعد نهاية عطلته الصيفية قد كلف احدى اللجان الفنية التابعة له بمتابعة هذا الملف مع الاجهزة السورية المختصة, لقد بات نظام دمشق يفرض شروطه على حكام العراق الجدد, ولعل وجه الغرابة في الموضوع برمته والمفارقة الكبرى هي ان الشعب العراقي بات يهرب لجحيم البعث السوري هربا من ديمقراطية العمائم التي خلفت مصائب البعث العراقي, انها مفارقات السياسة العراقية المؤلمة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
الرهان الأميركي الفاشل في العراق

جلال بوشعيب
السياسة الكويت
زيارة الرئيس الاميركي الى الانبار في العراق تضع اكثر من علامة استفهام حول الكيفية التي سيتم التعامل بها مع الوضع الخطير في العراق في المرحلة المقبلة, ومن بين الاسئلة المطروحة لماذا هذه الزيارة المفاجئة الى مدينة الانبار التي تشهد اكبر نسبة من الهجمات? ولماذا اتت الزيارة قبل نحو اسبوع من تقديم الجنرال بتراوس والسفير كروكر تقريرهما للكونغرس بشأن نجاح الستراتيجية الاميركية في العراق? القراءة الاولى لهذه الزيارة تحيلنا الى رغبة الادارة الاميركية في اعطاء دعم نفسي للجنود الرابضين في تلك المناطق والذين يعانون من بطش هجمات المليشيات المسلحة هناك, والتي اودت بحياة المئات من الجنود الاميركيين وقوات التحالف, القراءة الثانية لزيارة بوش الى الانبار تعطينا انطباعا بان هناك نوعا من التمرد العسكري من قبل القيادة العسكرية التي يبدو انها تتمنى الانسحاب اليوم قبل الغد, كون الوضع في العراق اخذ في التدهور ولا بوادر لتحسنه في الاجل القريب, ومن المؤشرات التي تشير الى هذا الامر اعتراف وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس نفسه باهمال بلاده لحل المشكلات السياسية المتفاقمة في العراق, بل واقر بان تحسين الحالة السياسية في العراق لن يكون بالامر الهين, وهذا تأكيد صريح من اعلى شخصية عسكرية اميركية. اما القراءة الثالثة فهي متعلقة برغبة الادارة الاميركية في زيادة عدد قواتها في العراق باقناع الكونغرس لتمويل هذه الزيادة, ذلك التمويل الذي وضع بشروط من الكونغرس اهمها تحقيق الاستقرار ونبذ العنف الطائفي.
كان الرهان الاميركي فيما يتعلق بالاستقرار السياسي في العراق على تشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة مصالحة, وعلى قدرة حكومة المالكي على جمع جميع الاطراف تحت سقف واحد لتسيير شؤون البلاد والامسااك بزمام الامور, لكن هذا الرهان اصطدم بصعوبة ايجاد اتفاق او وفاق بين الزعماء السياسيين في العراق وهنا تكمن الصعوبة التي عبر عنها وزير الدفاع الاميركي في ختام جولته الشرق اوسطية الاخيرة من خلال ادلائه بتصريح للصحافيين الذين رافقوه حول صعوبة اتفاق الزعماء السياسيين في العراق, ويبدو انه خرج بانطباع لا يرضي الادارة الاميركية فالوضع من سيء الى اسوء. خاصة بعدما انسحب التيار السني من الحكومة العراقية, هذا التيار الذي سيكون هدفا لوسائل الاقناع الاميركية في محاولة لثنيه عن قراره بالانسحاب من الائتلاف الحكومي.
الرهان الاميركي الاخر والذي جعل بوش يطير الى الانبار هو حدوث تغيير في هذه المحافظة تمثل في انقلاب العشائر السنية ضد القاعدة, وهو امر يصب في مصلحة الجيش الاميركي خاصة ان بعض القبائل باتت تقاتل حاليا الى جانب القوات الاميركية, وهو ما جعل وزير الدفاع الاميركي يشعر بنوع من التفاؤل ويدعو الى زيادة حجم قوات الاحتلال الاميركية الذي يعتقد انه سيحسن من مستوى الامن في العراق.
لكن دائما تبقى المشكلة الحقيقية في العراق سياسية وليست امنية, واي تقدم في المسار السياسي سينعكس بالايجاب على المسار الامني, وطالما ان القوات الاميركية متواجدة على ارض العراق فان ذلك يشكل مبررا للمليشيات مجهولة الهوية لتنفيذ هجماتها.
ويمكن القول ان الوضع السياسي والامني في العراق اصبح مقترنا بالوضع في الشرق الاوسط باكمله, فالاستقرار الامني والسياسي في العراق مرتبط بقضايا اقليمية ينبغي حلها اولا بدءا بمشكلة الملف الايراني النووي الشائك ومرورا بعملية السلام المتعثرة بين العرب واسرائيل وانتهاء بما يجري في لبنان من مواجهات بين الجيش اللبناني ومقاتلي نهر البارد بالاضافة الى الوضع السياسي الخطير الذي يهدد بتشكيل حكومتين في لبنان, ناهيك عما يحصل في الصومال والسودان وافغانستان.
الادارة الاميركية رمت بالكرة في حضن الحكومة العراقية, بل واتهمتها بالفشل في تحقيق الاهداف المتفق عليها, وحسب ما جاء في تقرير لهيئة رقابية تابعة لمجلس الشيوخ الاميركي فان حكومة العراق لم تحقق 11 من بين 18 هدفا سياسيا وعسكريا حددها الكونغرس في شهر مايو الماضي, كان من بينها خفض العنف الطائفي واقرار القوانين الخاصة باقتسام عوائد النفط , فالتقرير يشير الى ارتفاع في مستوى العنف والجمود السياسي والتدهور الامني.
الحكومة العراقية بدورها استقبلت الكرة ملتهبة من الادارة الاميركية وتجد صعوبة في معالجة الوضع , خاصة بعد الانتقادات التي وجهت للحكومة العراقية بسبب ادائها البطيء, وانسحاب بعض الكتل السياسية , وهو ما دفعها الى البدء في تنفيذ ستراتيجية جديدة للامن القومي اطلق عليها " العراق اولا " بهدف الخروج من المازق السياسي وتحقيق المصالحة الوطنية المنشودة ومحاولة اعادة الاستقرار الامني والاقتصادي للعراق.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
أستاذة بوش أم تلميذته ؟ 1-2

عاطف عبد الجواد
الوطن عمان

عندما جاء الرئيس بوش الى البيت الأبيض لم يكن ملما بشئون العالم لم يكن يعرف اسماء رؤساء الدول او مواقعها الجغرافية لم يكن قد سافر في حياته خارج الولايات المتحدة الا مرة واحدة لزيارة والده في الصين عندما كان جورج بوش الأب سفيرا لأميركا في بكين لم يكن يعرف الفارق بين سلوفاكيا وسلوفينيا ولم يكن يعرف الفارق بين بغداد ودمشق وهنا كانت المهمة الأولى للدكتورة كوندوليزا رايس، مستشارته للأمن القومي التي جاءت الى هذه الوظيفة من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا اي ان الدكتورة رايس تركت التدريس في الجامعة لكي تدرس في البيت الأبيض ويوما بعد يوم تعلم جورج بوش ان يستمع الى ما تقوله الأستاذة لم يكن بوش يعرف بعد شيئا اسمه اللغة الدبلوماسية جاء الرجل من بلدة في صحراء تكساس حيث تهيمن ثقافة الكاوبوي على سلوكه كان يستخدم ألفاظ الكاوبوي غير اللائقة وكانت والدته باربرا بوش قد تعبت من سلوكه الأعوج وألفاظه البذيئة وفي اجتماع مبكر مع مستشاريه في البيت الأبيض استخدم الرئيس بوش ألفاظا غير دبلوماسية بشأن احدى الدول . وقاطعته رايس ونهرته قائلة : إنه لا يمكنه أن يستخدم هذه الالفاظ مع رؤساء الدول او مع اي شخص آخر لأن مثل هذه الألفاظ سوف تسبب ازمة دبلوماسية. وشيئا فشيئا تعلم بوش اللغة الدبلوماسية وكان كلما ألحت عليه الرغبة في استخدام ألفاظا غير لائقة يقول : أرغب في استخدام هذه الكلمة ولكني اعلم ان الدكتورة رايس لن تسمح لي بذلك .
ولكن بوش لم يتمكن من التخلص من ألفاظه الكاوبوية تماما فنحن نعلم على سبيل المثال ان الميكروفون المفتوح بالخطأ التقط مثل هذه الألفاظ لبوش وهو يتحدث مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في احد المؤتمرات الدولية.
ونشأت بين رايس وبوش علاقة شخصية وطيدة علاقة التلميذ والأستاذ ووصف بوش كوندي رايس بكونها اخته الصغرى كانت رايس من موقعها في البيت الأبيض تؤثر يوميا في قرارات الرئيس الأميركي ، لأنها كل صباح كانت تقدم له الخيارات المتاحة للتعامل مع كل مشكلة هامة والعواقب المترتبة على كل خيار. وفي الأمم المتحدة واثناء مأدبة لرؤساء الدول اخبر الرئيس بوش هؤلاء الرؤساء، وهو يتبادل اطراف الحديث، معهم ان رايس تتحدث باسمه وادت العلاقة الوثيقة بين الاستاذة والتلميذ الى تقوية نفوذ كوندوليسا رايس داخل الحكومة الأميركية وفي العالم وعندما انتقلت رايس الى وزارة الخارجية تمتعت بنفوذ لم يتوفر لسلفها كولن باول وبسبب هذا النفوذ تمكنت رايس من تغيير السياسة الأميركية في عدة مناطق من العالم في كوريا الشمالية تمكنت من التفاوض والتوصل الى اتفاق بشأن البرنامج النووي مقابل مساعدات وتنازلات اميركية ومع ايران دخلت رايس في مفاوضات محدودة بشأن العراق واعلنت عن استعدادها للتفاوض بشأن البرنامج النووي ولكن بشروط والأهم انها تمكنت من إحلال عقوبات الأمم المتحدة محل القوة العسكرية التي دعا الى استخدامها نائب الرئيس ريتشارد تشيني وصقور آخرون في حكومة بوش وفي الشرق الأوسط تنظم رايس الآن مؤتمرا للسلام بين الفلسطينيين واسرائيل بعد اهمال اميركي طويل لهذه القضية لكن البعض يقول ان رايس بهذه الأعمال انما تحقق انجازات تعوض بها عن فشلها في العراق مهما كان الأمر فإن رايس، استاذة بوش، تحولت في الوقت نفسه الى تلميذة بوش كانت تعلمه وتتعلم منه في آن واحد وسوف نبحث كيف حدث هذا.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
عنجهية القوة في العراق
فايز سارة
الوطن عمان


لايبدو من باب الصدفة، ان يتزامن في آن معاً قيام القوات البريطانية بالانسحاب من مدينة البصرة عاصمة جنوب العراق، مع زيارة الرئيس الاميركي وبعض اركانه الى محافظة الانبار، حيث عقد لقاءات مع اركان قواته وبعض كبار المسؤولين العراقيين، اعلن بعدها عن امكانية تخفيض عدد القوات الاميركية في العراق، وهو توجه يماثل ماكان اعلنه البريطانيون في وقت سابق، قبل أن يصبح التوجه البريطاني سائراً باتجاه الانسحاب من العراق، بدأ بالانسحاب من البصرة الذي تم مؤخرا ً.
ورغم التفاوت الظاهر بين الخطوات الاميركية والبريطانية في العراق، فان هناك أكثر من قاسم مشترك في سلوك الشريكين الرئيسيين في الحرب على العراق، ولعل الابرز في القواسم المشتركة، اعلان كل من الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني غوردن بروان، ان الخطوات الاميركية- البريطانية، لاتعكس تراجعاَ او هزيمة او تقهقراً في العراق، بل هي اجراءات في اطار استراتيجيتهما هناك، او انها "مخطط لها ومنظمة" كما قال رئيس الوزراء البريطاني، لكن الامر في الحالتين، ليس أكثر من مؤشر على ما اصاب عنجهية القوة الاميركية - البريطانية في العراق بعد مرور أكثر من اربعة اعوام على غزو العراق.
ان تعبيرات الضرر الذي اصاب عنجهية القوة في العراق، لاتتمثل فقط في الخطوات الاخيرة سواء في تخفيض القوات او الانسحاب من مناطق عراقية، وانما ايضاً في مسار الخسائر العسكرية المتصاعدة التي اصابت القوات الاميركية - البريطانية، وقد شكلت مع غيرها عوامل ضغط في الداخل الاميركي - البريطاني، اضافة الى عوامل الضغط السياسي الناتجة عن فشل الطرفين عن تحقيق تقدم ملموس في إخراج الوضع العراقي من مشكلات نجمت عن الاحتلال، واخرى كانت قائمة في ظل النظام الدكتاتوري البعثي السابق، والتي قال الاميركيون والبريطانيون انهم سوف يخلصون العراق والعراقيين منها ولاسيما القمع والدكتاتورية.
لقد سعى الاميركيون والبريطانيون بكل قوتهما وقدراتهما العسكرية على إعادة ترتيب الاوضاع العراقية وفقاً لمصالحهما، وبأقل قدر ممكن من مراعاة مصالح العراق والعراقيين الذين جرى التعامل معهم على أسس تميزية تعددت مستوياتها وتنوعت، فاتخذت مسارات قومية عرقية، او دينية - طائفية، او مناطقية عشائرية، لكنها ركزت في اغلب الاحيان على مجموعات الفساد والمنافع الشخصية والفئوية، التي تناغمت مصالحها مع شخصيات اميركية فاعلة ونافذة في متابعة الشأن العراقي، مما اضاف ابعاداً اخرى الى ترديات العراق بعد ان فشلت وافشلت اية محاولات للتغلب على المشاكل القائمة، مما دفع العراقيين الى مزيد من مناهضة الاحتلال ومقاومة سياساته، وقد تعدى الامر في هذا الخصوم التقليديين للاحتلال في العراق الى دخول فئات من النخبة العراقية التي انخرطت في العملية السياسية للمجاهرة بخلافها واختلافها مع السياسة الاميركية - البريطانية في العراق ولقد وضعت التطورات العراقية الاخيرة واشنطن ولندن، امام اختيارات جديدة، اساسها اما اعادة رسم سياسة عراقية جديدة، تتجاوز السياسة القديمة في اعتمادها عنجهية القوة، وتنشيط عملية سياسية تراعي المصالح الرئيسية للعراق والعراقيين، تعالج المشاكل القائمة وتخرج بهما الى افاق جديدة، او الاستمرار في السياسة الراهنة، والتي ستؤدي ليس فقط الى خروج عسكري اميركي - بريطاني من العراق، بل ايضاً الى خروج سياسي، فيما يشبه الهزيمة، حتى لو اصرت الحكومتان الاميركية والبريطانية على القول، : إن ما يجري خطوات يندرج في استراتيجية معتمدة للتعامل مع العراق، وهو كلام لن ينطلي في حقيقته لا على الداخل الاميركي - البريطاني ولا على الرأي العام الدولي الذي بات يدرك كل المعطيات المحيطة بالوضع العراقي ومسارات تطوره.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
الحرب والدستور في اميركا
ماريون ام.كومو

الوطن عمان

أغلب الاميركيين يريدون انهاء الحرب في العراق غير انها تستمر ويتم فيها قتل الاميركيين او يتم تشويههم او اصابتهم في كل يوم هذا في الوقت الذي تناضل فيه الاغلبية الديمقراطية في الكونغرس من اجل سن قانون يخرج قواتنا سالمة من العراق وفي هذه الاثناء يستمر الرئيس بوش في التأكيد على انه بوصفه القائد الاعلى للقوات المسلحة فان له السلطة الدستورية للذهاب الى الحرب وتقرير متى تنتهي بارادته المنفردة في نفس الوقت فان كارثة محتملة اخرى تلوح في الافق حيث يبدو ان بوش يدرس القيام بهجوم عسكري على ايران ومرة اخرى دون ان يعلن الكونغرس الحرب اولا على ما يبدو .
كيف وصلنا الى هذه النقطة وما الذي يمكننا عمله الان بعد كل ما حدث؟

وقعت الحرب لانه عندما فرض بوش ارادته بالذهاب الى الحرب ضد العراق رفض الكونغرس الإصرار على تنفيذ البند الثامن من الفقرة الأولى من الدستور الاميركي حيث على مدى اكثر من 200 سنة تقضي هذه الفقرة بانه يجب ان يكون للكونغرس-وليس الرئيس-سلطة اعلان الحرب ولانه لا يمكن تعديل الدستور من خلال التهرب او التملص المستمر فان هذا التفويض الدستوري لا يمكن ان تحميه الاعمال الجبانة للكونغرس منذ الحرب العالمية الثانية التي سمحت للرؤساء المتلهفين بشن الحروب في فيتنام وغيرها دون اعلان الحرب من قبل الكونغرس .
كما أن القرارات العقيمة والملتبسة للكونغرس بتأييد غزو العراق في 2001و2002 لا تحل بالشكل المناسب محلا أو تقوم مقام الاعلان الرسمي عن الحرب كما كان مطلوبا من الآباء المؤسسين .
ما الذي يمكن فعله الان؟
اولا،يجب على الديمقراطيين ان يوضحوا تماما ان الرئيس هو الذي يمنع انهاء الحرب في العراق وحتى لو كان الكونغرس قادرا على تمرير مشروع قانون يتجاوز حق النقض للرئيس فيما يتعلق بالانسحاب فان الرئيس يمكن ان يرفض تنفيذ مشروع القانون مصرا على انه بوصفه القائد الاعلى للقوات المسلحة فانه معفي من قرار الكونغرس ويمكن ان يثير ذلك قضية دستورية امام المحاكم .
غير انه بالنظر للسياق التاريخي للمحاكم فيما يتعلق بالصلاحيات الدستورية للحرب- بما في ذلك القرارات المتعلقة بحرب العراق في محكمة الاستئناف في ماساشوستس- فان السلطة القضائية يمكن ان تختار-بل وهو الاكثر احتمالا- عدم التدخل مدعية ان الخلاف بين الرئيس والكونغرس هو قضية سياسية غير ان القضية السياسية هذه لا يوجد اي اشارة في الدستور الى جهة يمكن احالتها اليها لتسويتها وهذا بطبيعته يحرم الشعب الاميركي من حماية الدستور له في التعاطي مع اخطر قضية يمكن ان تواجه امة وهي قضية الدخول في حرب من عدمه.ومن الواجب تحدي هذا الوضع بصفته تنازل عن واجب دستوري من قبل القضاء.وان كانت الحقيقة المحزنة هي ان المحكمة العليا الحالية- التي يهيمن عليها المحافظون- يمكن ان تؤيد رئيسنا المحافظ الحالي اي انه من المنظور العملي فان ذلك يعني ان الرئيس وحده هو الذي يستطيع ان ينهي هذه الحرب او يغير استراتيجيتنا في العراق .
حتى لو كان الامر قد تأخر كثيرا بالنسبة للكونغرس لمعالجة فشله في الانصياع للدستور فيما يتعلق بالعراق فيجب على الاقل على مرشحينا لمنصب الرئيس وزعمائنا في الكونغرس ان يطمئنونا بانهم لن يسمحوا لهذه الهفوة او الزلة بان تسفر عن اعمال حربية اخرى احادية الجانب-ضد ايران او باكستان او اي بلد اخر- من قبل هذا الرئيس او اي رئيس آخر ويتعين على زعمائنا ان يظهروا انه في المستقبل فان الكونغرس سوف يصر على الالتزام بالبند الثامن من الفقرة الاولى من الدستور فيما يتعلق باي عمل عسكري لا يمكن اعتباره بشكل واضح ونزيه حالة طارئة لم تكن متوقعة ومن المرعب حقا ان حكومتنا سمحت بهذا التجاوز او الانتهاك الاساسي والمكلف دستوريا بان يستمر لاكثر من اربع سنوات ويتعين علينا عمل كل شئ نستطيع عمله بغية انهاء الحرب في العراق وتجنب كارثة جديدة في الخارج وذلك من خلال الالتزام مجددا بالتمسك الصارم بحكم القانون والدستور من قبل الرئيس والكونغرس والقضاء ولاسيما فيما يتعلق بصلاحيات الحرب.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
العراق 3 مشاهد مؤثرة
توماس فيردمان
نيويورك تايمز


رأيت الكثير من المتناقضات في هذه الزيارة الى العراق، بحيث انه من الصعب الحديث عن اتجاه محدد. ولهذا دعوني أشارككم ثلاثة مشاهد كانت ذات تأثير عليّ:

المشهد الأول: ذهبت في جولة لزيارة فصيل من الجيش الأميركي في حي العامرية ببغداد، الى جانب «فرسان العامرية» الذين هم ليسوا «فريقا للركبي» حسب تعبير الجنرال ديفيد بترايوس.

العامرية حي سني كان موطناً للأطباء والمحامين والمختصين الآخرين. أما اليوم فانه مدينة أشباح. انه لمن المروع الى أي حد تشظت هذه المدينة الى قطع صغيرة. وما كان بيوتا للطبقة الوسطى أصبح مهجورا كله تقريبا، والشوارع مليئة بالنفايات والركام. وقد تعرض الحي اول مرة الى الهجوم من قبل المليشيات الشيعية، ثم من السنة العراقيين الموالين لـ «القاعدة»، ممن دخلوا بذريعة حماية السنة من الشيعة ثم فرضوا حكم الارهاب الاسلامي عليهم.

و«فرسان العامرية» هم أشخاص سنة علمانيون في الغالب من الحي ممن تجمعوا معاً لطرد القوات المؤيدة لـ«القاعدة» التي مدت جذورها هنا إلى نحو أكثر عمقا مما كنت أتصور، ولحماية بيوتهم من فرق الموت الشيعية. وقرروا العمل مع الأميركيين لأن تهديدنا لهم، في الوقت الحالي، اقل من تهديد السنة العراقيين الموالين لـ«القاعدة» أو الشيعة. وبدا لي كثير منهم مثل جنودٍ في جيش البعث السابق. وكان معظمهم يرتدون «الجينز»، وكل واحد منهم يحمل نوعاً مختلفاً من السلاح.

وعندما سألت واحداً منهم، وهو عمر ناصف، 32 عاما، عن سبب تحوله من اطلاق النار على الأميركيين الى العمل معهم، قال «رأيت أحد عناصر «القاعدة» يقطع رأس طفلة تبلغ الثامنة من العمر بأمِّ عيني. نريد الدعم الأميركي لأننا نقاتل التنظيم الأكثر شراً في العالم هنا. أفضل العمل مع الأميركيين على العمل مع الجيش العراقي. الأميركيون ليسوا طائفيين».

وفي مرحلة معينة، قمنا بجولة على الأقدام في الحي، وسرنا عبر التراب وتحت درجة حرارة بلغت 126 درجة. وعندما حدقت رأيت مشهدا سورياليا، حيث متمردون بعثيون سابقون وبنادق في كل الاتجاهات تشكل نطاقا حول ضابط أميركي كبير. تلك هي الأنباء السارة وغير السارة من العراق. والأنباء السارة هي أن زيادة القوات تقلص العنف. والأنباء غير السارة هي ان الهدوء النسبي ينبثق الى حد كبير من حرب سنية ـ سنية دفعت السنة العراقيين السائدين الى معسكرنا لمقاتلة السنة الجهاديين، بدلا من أي تقارب سني ـ شيعي حقيقي.

يجب بناء السلام في العراق على أساس إجماع شيعي ـ سني لا على فرض التوازن من قبلنا دائما. ولحد الآن ساعدت الزيادة في عدد القوات الأميركية على احتواء النزاع. لكن انسحابنا سيفجره مرة أخرى خلال عشر دقائق. فالتقدم لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تقدم يحققه الشيعة والسنة لوحدهم من خلال بناء جسور فيما بينهم.

حتى الآن كل الذي سمعته من الطرفين هو العبارات التالية: «أنا ضعيف فكيف أستطيع أن أساوم؟» أو «أنا قوي فلماذا أساوم؟». ليس هناك وسيط راض وليس هناك استقرار في العراق.

المشهد الثاني: قال لي أحد الزعماء السياسيين في الخليج: «كل واحد يجعلك مشغولا في العراق. الروس يبقونك مشغولا والصينيون والإيرانيون والسعوديون والمصريون والسوريون يبقونك مشغولا».

إنه محق. كل شيء يجعلنا مشدودين إلى العراق. يكفي أن يرى المرء كيف يرمي فلاديمير بوتين بثقله حول أوروبا وكيف يصبح الصينيون أكثر فأكثر مؤثرين، وكيف أصبح الإيرانيون أكثر تشددا وكيف شعر الديكتاتوريون العرب بالراحة، وهم يشاهدون أميركا متورطة في العراق، وهذا ما يجعلنا عاجزين عن دفع الديمقراطية إلى بلدانهم ولإفهامنا أن هناك ثمناً باهظاً يجب علينا دفعه من دون تحقيق النجاح أو حتى من دون وجود استراتيجية خروج بالنسبة لنا.

المشهد الثالث: كنت أزور مستشفى ميدانياً أميركياً في بلدة بلد وسط العراق. أشاهد الجنون بعينه: رأيت جنودا أميركيين مصابين بجروح جراء طلقات نارية، ومتمردين مصابين بطلقات نارية في بطونهم، وطفلة عمرها شهران مصابة بجراح ناجمة عن شظايا انفجار، انتشرت فوق وجهها. قال الجنرال بيرت «ليس هناك طفل عمره شهران على الكوكب يعرف أن يكره أي شخص. كل شخص هو موضوع للتعليم».

سأل الأدميرال ويليام فالون موظفي المستشفى عن كيف يستطيعون التنسيق بين كل هذه الإصابات المختلفة. قالت ممرضة أميركية: «نحن جميعاً في الفريق نفسه»، وحينما التفتُّ حولي وجدت وجوهاً أميركية ـ أفريقية، أميركية ـ هيسبانية وأميركية ـ آسيوية، كل الخلطة التي تشكل أميركا تعمل معاً. كان نصفهم نساء بمن فيهم أمهات تركن عوائلهن للعمل هنا.

نحن لا نستحق أناسا رائعين كهؤلاء ـ ولا العراقيين إن هم استمروا في كره بعضهم بعضا أكثر من حبهم لأطفالهم.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
العراق.. الطائفة.. أم العشيرة؟!
افتتاحية
الرياض السعودية

هل جاء تحول الرئيس الأمريكي بوش نحو عشائر الأنبار بالعراق، أنه شعر بخطيئة كبرى، عندما وضعهم في القوائم الخلفية من اهتمامه؟ أم أنه جهل بطبيعة تركيبة العراق، وأن السنّة الذين قادوا مراحل حكومات العراق، كانوا أصحاب الخطيئة الكبرى، ليتجه الرهان إلى الشيعة، وفي هذا التصرف يستطيع الحصول على ولائهم متجاهلاً خطورة هذا التصرف ليقف في النهاية مع القبيلة التي طالما ظلت في رأي المحلل الاجتماعي والسياسي أنها بلا قواعد تؤسس لنظم حكومية متطورة، باعتبار الولاءات متعددة، ويصعب جمعها تحت مظلة واحدة؟..
جيد أن تتعلم الدولة العظمى من أخطائها لتغير من استراتيجيتها، وإن حدث ذلك متأخراً في العراق الذي جعلته أمريكا حقل تجارب لأسوأ إدارة سياسية زمن الحرب وما بعده..

أمريكا شعرت أن نجاح عشائر الأنبار في صد وملاحقة أعضاء القاعدة كان نجاحاً عجزت عنه جيوش أمريكا وحلفائها، ليحدث تطوراً في مسارات كثيرة أهمها أن أهالي تلك المناطق وفروا الكثير من الخسائر البشرية والمادية على الرئيس بوش رغم مرارة المعاملة السيئة التي قادته إلى التدمير العشوائي لمناطقهم والقتل المتعمد في إبادة أسر بكاملها، ثم الأهم أن المبادرة بحماية أراضيهم ومواطنيهم جاءت بمبادرة منهم، وبتوافق ألغى الحواجز بربط مصير وجودهم بتكاتفهم، وهنا أدارت أمريكا نظرتها إليهم لترى ما لم تكن تتوقعه من عناصر وضعتهم في خصومة حادة معها معتقدة أن المقاومة نشأت بينهم وتحالفت مع عناصر القاعدة وهو ما قد يكون صحيحاً في البدايات الأولى، لكن بندول الساعة تغير لمجرد أن شعروا أنهم ضحية أمريكا والقاعدة معاً..

الأمر الآخر الذي قد يقلب النظريات السياسية والعسكرية في العراق أن أمريكا أدركت من خلال سير المعارك دور العشائر، وبالتالي اكتشفت أن هذه العشائر هم أبناء عمومة وأصهار وأرومة واحدة، تجمع عناصر عربية قبلية بين الشيعة والسنة، وأن المذهب قد يقسمهم مرحلياً، ولكنه قد يتغير إذا ما دخلت الأزمات وأخذت بعداً أكبر بحيث تكرر الصراع بين فرس وعرب عندما رفع صدام حسين هذا الشعار وحارب إيران بعروبة العراق وكان في طليعة جيشه الشيعة ، وهو ما قد تؤكده مراحل الحرب إذا ما دوّرت بهذا الاتجاه، ليأتي تحالف القبائل بديلاً عن تحالفات مذهبية وحتى فئوية أو شبه قومية، ثم إن القبيلة في العراق أغلبيتها ليست رعوية على أطراف حدود العراق الصحراوية، وإنما هي مستوطنة في أراض زراعية وأرياف كبيرة، وهذا يجعل حق الدفاع عن الأرض يتماثل بالهدف والنتيجة مع الحواضر التاريخية التي استوطنت المدن، خاصة وأن أغلبية الشعب العراقي ريف قبلي زراعي، وآخر رعوي، لكن الأواصر بينهما كبيرة ومتقدمة.

وحتى لا يُعتقد أننا نبحث عن بديل قبلي في مواجهة فصيل مذهبي وطائفي فنشوء هذه التقسيمات مضر بكل الشعب العراقي والخطورة تأتي من اللعب على هذه الأحاسيس التي يتوفر وقودها في كل القرى التي يتشكّل منها العراق، لكن إذا ما جاء التنوع لصالح وحدته، فإن المتغير سيكون لصالح كل الفئات.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
من يصدق.. هذه هي المشكلة

افتتاحية
اليوم السعودية

زيارة الرئيس الأمريكي بوش المفاجئة لبغداد، ومعه وزيرا دفاعه وخارجيته،، ليست إلا حلقة في سلسلة محاولات مستميتة لتحويل الفشل الأمني بالعراق إلى انتصار سياسي ودبلوماسي، أملاً في تحسين الصورة وتبييض وجوه ظلت مسودة إلى وقت طويل.. وجعل العام الأخير من ولايته عام إنجاز ولو ذهني على الأقل.
فالرئيس لم يستطع ـ حتى اللحظة ـ فرض الهيبة الأمريكية رغم آلته العسكرية الضخمة، وعسكريوه فشلوا في تحقيق الأهداف المعلنة لإدارة الحرب، ومنها الحرية والديموقراطية والأمن، وكلها شعارات تاهت في الرؤوس المقطوعة، وبين أكفان الجثث المجهولة، وخلف أصوات المفخخات وأعمال العنف المتواصلة.. ما خفي منها وما أعلن!
والعراق الذي يعيش دوامة صراع مذهبي وسياسي مؤلم، يبدو أنه دخل في مرحلة عدم تصديق شعبي لمجمل السياسة الأمريكية، وربما كان البريطانيون بخبرتهم الاستعمارية أحسن حالاً لأنهم عرفوا متى ينسحبون من البصرة ويخلونها ولو شكلياً، مع أنهم يحتفظون بمسؤولية الأمن، وبالتالي يضربون عصفورين بحجر واحد، يظهرون جديتهم في الانسحاب بالوقت المناسب أمام شعوبهم، ويبدون أن لا أطماع لديهم أمام المواطن العراقي، وهو ما فشل فيه صانع القرار الأمريكي السياسي أو العسكري أو حتى الإعلامي الذي لم يتخل بعد عن ثقافة الكاوبوي وأسلوب الروديو في الترويض.
صحيح أن رئيس الوزراء العراقي في أزمة من صنع أمريكا، ولأنه من الواجب أخلاقياً مساعدته على الخروج منها، فإن زيارة بوش تحاول إظهار نوع من هذا العرض المسرحي، رغم انتقادات متبادلة وصلت إلى حد التعنيف بين الرجلين، حتى في الحوارات شبه الأسبوعية عبر الدائرة المغلقة، أمريكا تستعرض عضلاتها، ولأنها تؤمن بثقافة الـ»شو» فإن قادتها يأتون ثم يخرجون بسرية تامة دليلاً على توفر الأمن، وهي الرسالة التي يحاول بوش نفسه إيصالها للأمريكيين الناقمين على التوابيت الطائرة، لتستمر أكبر عملية خداع في القرن الحادي والعشرين، خداع باسم مبررات الحرب وأسلحة الدمار الشامل، والقاعدة، وخداع باسم الحرية والديموقراطية، وخداع أخير باسم الأمن، وتكتمل فصول المأساة، والمشكلة.. أن هناك من يصدق؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
أيام ساخنة ..!
على قاسم
الثورة السورية)
استبقت الإدارة الأمريكية صدور تقرير سفيرها في بغداد, وقائد قواتها, لتسويق حملة ضد الحكومة العراقية، تتصاعد بشكل دراماتيكي، مما استدعى ردا من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، فند فيه الاتهامات الأمريكية، جملة وتفصيلا.
وبغض النظر عن محتوى تلك الاتهامات، فإن توقيت افتعالها يطرح أكثر من تساؤل، وخصوصا حين يكون مقدمة للخروج من مأزق تؤكده التقارير الأمريكية ذاتها، وفاتحة لمعركة تتحضر الإدارة الأمريكية لخوضها مع الكونغرس الذي أنهى عطلته الصيفية، ويتهيأ لفتح ملف الحرب في العراق.‏
لم يعد خافيا على أحد أن البحث الأمريكي عن مخرج، يبدو عبثيا في وقت تزداد فيه إدارة الرئيس بوش تخبطا، ولا سيما بعد سلسلة الانكسارات التي منيت بها ومغادرة القسم الأكبر من صقور الحرب للبيت الأبيض، وهو ما تجلى في حالة من التخبط في الأداء والموقف.‏
لذلك تبدو الأشهر، وربما الأيام القادمة الأكثر سخونة على الإدارة الأمريكية، ويتوقع أن تكون حرارة الانفعال الأمريكي الأكثر حدة في تاريخها، وبالتالي لا يستبعد المزيد من الارتجال والتخبط سواء في القرارات أم في الممارسة.‏
من هنا يبدو القلق الذي يثيره الموقف الأمريكي مبررا ومشروعا، فالعالم الذي واجه نتائج خطيرة من قرارات الإدارة الأمريكية، وهي خارج ضغط الوقت والحرج، يتوقع قرارات أكثر كارثية من تلك التي يشهد تداعياتها اليوم.‏
وإذا كانت اليوم الحكومة العراقية هي الدريئة الأسهل لتوجيه السهام الأمريكية، والشماعة التي يمكن أن تعلق عليها أسباب فشلها، فإن ذلك لا يلغي إمكانية توزيع الاتهامات الأمريكية ذات اليمين والشمال، وتصل حدود كل من يعترض على الاحتلال الأمريكي، أو على السياسات التي ينفذها في العراق.‏
من هنا كانت نظرية الفصول الساخنة المنتظرة في أكثر من منطقة تقتحم أجواء واشنطن قبل غيرها وتعلن حضورها الملح في أروقة البيت الأبيض، وداخل مكاتبه، لتؤكد من جديد أن اللهاث للبحث عن مخرج وصل حده الأقصى، ومهما كان الثمن.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
آمال العراق اللانهائية الكاذبة
روبرت باري
واشنطن بوست

قبل عامين ونصف وعند نقطة تحول أخرى في الحرب العراقية، كانت واشنطن بوست والصحف الامريكية الرئيسية الأخرى متحمسة ومتفائلة ان الانتخابات العراقية تحقق اخيرا حلم المحافظين الجدد بإعادة هيكلة وضع العالم الاسلامي.
ولكن ذات الصحف التي اشادت بانتخابات يوم 30 يناير عام 2005م تنتقد الآن هذه الانتخابات واصفة إياها بالفشل الذي يجب تصحيحه لكي تحقق احدث نقطة تحول للرئيس بوش- زيادة عدد الجنود الامريكيين في العراق- اهدافها كاملة.ولكن علينا تذكر الايام السعيدة في شتاء عام 2005م عندما جرى الاحتفال بفوز الرئيس بوش بفترة رئاسته الثانية، وكرر في خطاب تنصيبه عبارة «الحرية» 42 مرة.
ولكنني كنت احد الصحافيين الامريكيين القلائل الذين حذروا من المخاطر المترتبة على نظام الاقتراع الطائفي في العراق وما قد يعقبه من اعمال عنف طائفية واقتتال الانتخابات العراقية تحقق اخيرا حلم المحافظين الجدد بإعادة هيكلة وضع العالم الاسلامي

وهجمات انتحارية دموية.. وكتبت يوم 3 فبراير عام 2005م قائلا: بدلا من فتح باب خروج الولايات المتحدة من العراق، فان هذه الانتخابات قد تشكل سرابا آخر يغوص الجنود الامريكيون في اعماق اعماق بلاد الرافدين لأجل غير مسمى والى تاريخ دموي غير مسبوق بين السنة والشيعة». وعندما كتبت ذلك المقال كان نحو 1500 جندي أمريكي قد قتل في العراق، ولكن هذا العدد قد تضاعف منذ ذلك الوقت ليتجاوز 3700 قتيل!، وكانت المجازر بين العراقيين اسوأ بكثير وأكثر عددا من القتلى الامريكيين بحيث يقدر بعض الخبراء العسكريين عدد عمليات الموت ذات العلاقة بالحرب نحو مليون شخص تقريبا.
وفي خضم هذه المأساة والأزمة الانسانية المستمرة، فان بعض الصقور في ادارة بوش متفائلون بنجاح التصعيد العسكري الامريكي المتمثل في زيادة عدد الجنود في العراق رغم الدلائل الدامغة على فشل هذه الاستراتيجية في الحد من حدة العنف وتقليل عدد ضحاياه، سواء من العراقيين أو الامريكيين. وبدأ بعض الصحافيين الذين كانوا متحمسين حول الانتخابات العراقية يدعون لتغيير المسار والاستراتيجية في العراق.
ولولا تلك الخطة الكاسحة لتزوير الانتخابات ومقاطعة العديد من السنة صناديق الاقتراع، لما استطاع السياسيون الشيعة الفوز بالاغلبية الساحقة وتعيين نوري المالكي رئيسا للحكومة.
ومن التراجعات عند نقطة التحول الاولى، ان بعض المحافظين النافذين من امثال هيلاري كيلنتون والسيناتور الديمقراطي كارل لفين، يطالبون الآن باستقالة المالكي.
وبدأت الآمال الراهنة بزيادة عدد الجنود لتحسين الأمن، واقالة المالكي وانتخابات اخرى مزورة تحل محل الآمال التي اثارتها انتخابات يناير عام 2005م الا انها تبخرت لأنها كانت زائفة وكاذبة في آن واحد.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
الترياق الآتي من العراق
وليد ابي ملاشد
الشرق الاوسط


هل يمكن طي صفحة أزمة لبنان قبل أن تخرج الولايات المتحدة من أزمتها في العراق بموقف إقليمي شرق أوسطي واضح بدأت ملامحه تظهر ميدانيا؟

ربما يبدو الربط بين الأزمتين اللبنانية والعراقية مبالغا به في هذا المنعطف من اتجاه الأحداث في لبنان نحو الحلحلة. ولكن أليست الحلحلة المنتظرة في أزمة لبنان حصيلة جانبية لما يحدث في العراق؟

واضح أن الاستراتيجية الأميركية في العراق تمر اليوم في عملية «إعادة تقويم» قد تصل بها الى حد عكس مسارها السابق، فبعد أربع سنوات من احتلال عسكري يندرج بامتياز في خانة «التجربة والخطأ»، وجدت واشنطن نفسها أسيرة رهانها الفاشل على الالتزام الشيعي بمخططات الاحتلال.

ومع التسليم بأن حسابات واشنطن في العراق حسابات أميركية بالدرجة الأولى، فإن اكتشافها، متأخرة أربع سنوات، أن سياسة دعم الشيعة للتخلص من سيطرة السنة (تحت عباءة حزب البعث ) على الدولة والجيش، صبت في مصلحة خصمها الإقليمي الأول، إيران، حملها على إعادة تقويم هذه السياسة من منطلق «إنصاف» السنة، وبالتالي محاولة إعادة شكل من أشكال «التوازن» الى موقعها في العراق، فبدأت في الآونة الأخيرة بتسليح السنة ـ ممثلين بلجان الدفاع الشعبية ـ للوقوف في وجه الميليشيات الشيعية المتأثرة بالنفوذ الايراني.

تجربة أخرى قد تكون، هي أيضا، متأخرة عن وقتها. ولكن خروج الولايات المتحدة من الورطة التي زجت نفسها بها في العراق قد يستتبع إخراج «الحالة اللبنانية» أيضا من ورطة أخرى ساهم تخبط الولايات المتحدة في حسم خياراتها العراقية في نشأتها، وفي تفاقمها على مدى الشهور التسعة الماضية.

ولكن الصراع الأميركي – الإيراني في الشرق الأوسط يتجاوز إطار التصدي لنفوذ طهران في العراق، وحتى لمشروعها النووي، الى طموح إيران التاريخي للتحول الى القوة الإقليمية الاولى في المنطقة.

هذا البعد الاقليمي للصراع الأميركي ـ الايراني يجعل سياسة «تصحيح» التوازن السني ـ الشيعي في العراق جزءا من استراتيجية أميركية أشمل تتوخى دعم قيام محور عربي سني في الشرق الأوسط يتصدى لما سمي «بالهلال الشيعي» في المنطقة.

باختصار، وفي السنة الأخيرة من ولاية جورج بوش، عاد شعار المرحلة في واشنطن الى معطياته في ما قبل 9 سبتمبر (أيلول) 2001: تعزيز المحور السني في الشرق الأوسط ـ هذه المرة كحاجز إقليمي للمد الشيعي ـ الإيراني، لا الشيوعي ـ السوفياتي.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: أين موقع لبنان على «خارطة الطريق» الأميركية الجديدة للشرق الأوسط؟

مبادرة المعارضة (الشيعية) الداعية الى التفاوض على رئيس «توافقي» للجمهورية لقاء تخليها عن مطلب تشكيل حكومة «وحدة وطنية» ـ كانت تصر على قيامها ولو قبل «ربع ساعة من انتخاب الرئيس ـ قد تكون محاولة ذكية لتنفيس الاحتقان السياسي الداخلي. ولكنها لا تنفصل، في نهاية المطاف، عن المستجدات الإقليمية والدولية في المنطقة.

أول هذه المستجدات ما يوحيه موقف إيران «الهادئ» من الاستحقاق الرئاسي في لبنان من أنها لم تعد مستعجلة على بسط هيمنتها على هذا البلد، فيما أولويتها الإقليمية الأهم، والأصعب، لا تزال العراق ـ ربما مخافة تأليب العالم العربي السني عليها، من جهة، والتفريط بمكاسب حزب الله المعنوية من حرب الصيف الماضي، من جهة ثانية.

ولأن الولايات المتحدة تعتبر لبنان جزءا ـ وإن متميزا ـ من المحور السني في الشرق الأوسط، ولأن الإدارة الأميركية تتطلع الى تسجيل مكسب معنوي ما عبر تثبيت استقرار ما يسميه الرئيس الأميركي بـ«الديمقراطية الفتية» في لبنان، تأخذ معركة الرئاسة اللبنانية منحى يتعدى، الى مدى بعيد، أهميتها الحقيقية كرأس هرم البنية السياسية الرسمية في بلد صغير مثل لبنان مهدد، بالمفهوم الأميركي، لأن يتحول الى الطرف الغربي للهلال الشيعي.من هنا أهمية الترياق الآتي من العراق.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
حكايات من تاريخنا (32)

رضي السماك
اخبار الخليج البحرين
عبدالرحمن عارف لم يهن رئيس عراقي سابق في تاريخ العراق الحديث على مدى شطر طويل من حياته كما أهين الرئيس الأسبق عبدالرحمن عارف الذي رحل عن عالمنا قبل أيام قليلة عن عمر ناهز الـ 91 عاما، هو الذي لم يبق في الحكم سوى عامين ونيف بعد أن دبر البعثيون انقلابا عسكريا أطاح بحكمه عام .1968 وإذا كان تسليم أي رئيس عسكري عربي بهزيمة الاطاحة به انقلابيا وايثاره سلامته وسلامة شعبه والعيش مستقلا في حياته الخاصة بعيدا عن ضوضاء السياسة أمرا نادرا في عالمنا العربي،

فهو في العراق المعروف بطابعه القومي أو خصائص الشخصية العراقية المعروفة غالبا بحدة المزاج وبتاريخه المخضب بالدماء يعد بروز مثل هذا الرئيس العسكري ليس أكثر ندرة فحسب بل ويمثل اسطورة استثنائية فريدة من نوعها، وهذا ما جسده بالضبط بامتياز عبدالرحمن عارف الذي ظل مغيبا منسيا عن الاعلام والثقافة وتاريخ العراق طوال حكم البعث الديكتاتوري على امتداد 35 عاما، وظلت تجهله أجيال من العراقيين والعرب شبت أو ولدت خلال هذه الفترة، وربما لم يسمع بعضهم عنه سوى لحظة إعلان وفاته. تحتفظ مخيلتي جيدا بصورة للرئيس الراحل عبدالرحمن عارف تعود تحديدا لصيف عام 1967 غداة نكسة 1967 التي فتحت وعينا السياسي مبكرا ونحن في السنة الاولى الاعدادية لا تكاد تصل أعمارنا حينها الى سن الثالثة عشرة. وكنت آنذاك بصحبة والدي في زيارة دينية للعراق، حيث كانت صوره تملأ الاماكن والشوارع العامة، وأتذكر جيدا وأنا في هذه السن الطرية اني اشتريت ميدالية عادية رخيصة الثمن، في وجهها الاول صورة ملونة جميلة لعبدالرحمن عارف وهو مازال أنيقا شابا، بينما في وجهها الثاني صورة ملونة لجمال عبدالناصر. ومنذ الانقلاب عليه عام 1968 لم أر صورته قط. وفي أواخر التسعينيات ابان الحصار الدولي الكارثي المعيشي على العراق صعقت مرتين وأنا أحملق في صورة صحفية ظهر فيها الرجل: المرة الاولى وأنا أتمعن في هيئة عبدالرحمن عارف وقد غزا الشيب كل ما تبقى من شعر رأسه، فضلا عن شواربه، وغطت تجاعيد الشيخوخة كل وجهه ويديه كما بدا في الصورة. وكان عمره حينها 81 عاما، أما المرة الثانية لذهولي فكانت حينما تمعنت في المناسبة التي ظهر خلالها في الصورة ذاتها وهي حضوره حفل عيد ميلاد الرئيس صدام الذي انقلب على عبدالرحمن عارف، وحيث برز في الصورة طارق عزيز ببزته العسكرية، وتنفرج بين شفتيه ابتسامة تشف واضحة لا تخطئها العين وهو يرمق عبدالرحمن عارف.. وسرعان ما تكرر ذات المشهد بالتمام والكمال بعدئذ عندما أجبر الرجل على الادلاء بصوته في الاستفتاء على رئاسة صدام حسين عام 1999، من دون أدنى أي اعتبار لكرامة الرجل الرئيس السابق وهو في هذه السن. وهذا الرئيس الذي تسامى فوق كل هذه الاهانات الوضيعة، مقابل البقاء في وطنه من قبل اناس لا يرتوون من التشفي الرخيص والثأر من رجل مسالم قد بلغ من العمر عتيا، هو نفسه كان أحد الضباط الذين شاركوا في ثورة 14 تموز (يوليو 1958) التي أطاحت بالملكية وقوضت بقايا الوجود الاستعماري البريطاني في العراق. ومثلما كان للقائدين الوطنيين المصري جمال عبدالناصر والعراقي عبدالكريم قاسم، شرف المشاركة في حرب 1948 دفاعا عن فلسطين، فقد كان للرئيس عبدالرحمن عارف هذا الشرف أيضا حيث كان قائد كتيبة عراقية فيها. كما أرسل قوات عراقية الى الاردن خلال حرب .1967 ورغم هذه المآثر الوطنية والقومية التي حققها، ورغم انه التحق بتنظيم الضباط الاحرار قبل شقيقه الاكبر الراحل عبدالسلام عارف، فإنه آثر الابتعاد عن الزج بنفسه مباشرة في الصراعات التي خاضها اخوه مع عبدالكريم قاسم ومع البعثيين وغيرهم على السلطة. حتى شاءت المقادير ان يتسلم الحكم بعد مقتل أخيه في حادث طائرة غامض عام .1966 وغداة الانقلاب عليه عام 1968 وافق على التنحي مقابل ضمان سلامته الشخصية، وسلامة ابنه الضابط في الجيش والخروج مع عائلته من العراق حيث أقام في لندن معظم شطر حياته بالمنفى، ولم يسمح له بالعودة الى وطنه إلا وهو في أرذل العمر ليبقى فيه لفترة وجيزة وسرعان ما اضطر للانتقال الى الاردن غداة الاحتلال الامريكي عام 2003 وانفجار العنف الدموي في العراق، هو الذي عرف، رغم ما نعت به من ضعف في ادارة الحكم، بنهجه المتسامح خلال حكمه القصير الذي أتاح هبوب نسمات من الديمقراطية، كان من بينها تأسيس مجلس استشاري من رؤساء الحكومات السابقين، ومن ضمنهم خصوم له، وتمتعت الاحزاب والصحافة بهامش من الحرية، وظهور صحف مستقلة متطورة. ورغم انتمائه للتيار القومي العربي فانه نسج علاقات طيبة متميزة مع الأكراد وسائر الأقليات الأخرى. وكان يؤثر التنقل في برامج يومياته الشخصية أثناء وجوده في الحكم من دون مواكب أو حمايات خاصة وظل يعيش في السنوات الأخيرة من حياته من مرتب تقاعدي عادي. فلا عجب إذا ما اتصف رئيس عراقي بكل هذه السجايا والمناقب والخصال ان يتوحد كل العراقيين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية في نعيه وفي تشييعه بعد ان ظل ردحا من الزمن نسيا منسيا.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
مقارنة مغلوطة بين فيتنام والعراق

محمد الخولي
البيان الامارات
مراقبو المشهد السياسي الأميركي الراهن، سواء في العاصمة الرسمية واشنطن، أو في العاصمة الدولية نيويورك (حيث نكتب هذه السطور) رفعوا الحواجب دهشة واستغرابا عندما سمعوا أحدث تصريحات الرئيس الأميركي بوش التي قارن فيها دور أميركا الراهن في العراق بدور أميركا السابق في فيتنام.


في نيويورك تايمز (عدد 27 أغسطس) يكتب ستيفن لي مايرز تحليلا سياسيا يذهب فيه إلى أن استراتيجية السيد بوش في العراق أصبحت تعاني مما يصفه المحلل الأميركي بأنه «أزمة مصداقية» لدى الرأي العام في الولايات المتحدة، وإن كان يزيد من وطأة هذه الأزمة أن ساكن البيت الأبيض يواجهها بنفس الأسلوب الذي واجه به أزماته السابقة وهو: شن حملة شعواء بغير هوادة لإقناع الناس بأن يروا الأشياء كما يراها السيد بوش شخصيا.


يتطرق الكاتب الأميركي إلى تصريحات الرئيس بوش في منتصف أغسطس الماضي حين قطع إجازته السنوية في منتجع كرافورد بولاية تكساس ليلقى خطابا في جمع من قدامى المحاربين ويعقد فيه المقارنة التي جلبت على الرئاسة الأميركية انتقادات مريرة وصلت إلى حدود الهجوم والرفض من جانب قطاعات شتى من جماهير الأميركيين.


ولا يدري أحد ما الذي دفع خبراء الميديا ودهاقنة العلاقات العامة في البيت الأبيض إلى أن يجروا هذه المقارنة الغريبة على لسان رئيس البلاد؟


لقد ظل وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد يرفض، أو فلنقل يتجاهل، العودة إلى استخدام لفظة «مستنقع» (كواجماير بالانجليزية - بالجيم القاهرية غير المعطشة) لوصف الورطة الأميركية الراهنة في أرض العراق.


ورغم سلبيات السيد رامسفيلد، سواء من حيث توريط بلاده والإدارة الحاكمة التي انتمى إليها - أو من حيث بلايين الدولارات التي أنفقت في عملية «الصدمة والرعب» التي استهدفت العراق .


وما ترتب عليها من تآكل سمعة واشنطن الدولية وخسائر أرواح العسكريين النظاميين التي بدأت تقترب من رقم الأربعة آلاف (ناهيك بخسائر الأرواح والإصابات التي ما برحت تقع بين صفوف المقاتلين غير النظاميين الذين يصدق عليهم وصف «المتعاقد» كناية عن «المرتزقة») رغم هذا كله، فقد كان رامسفيلد يدعي أنه لا يعرف وسط الظروف الأخيرة كلمة «مستنقع»®. بل ولم يسمع بها: لأن الرجل كان يعرف كم ارتبط هذا اللفظ بقضية ومأساة فيتنام وكان المطلوب.


ولعله لا يزال مطلوبا، عدم التعرض لمشاركة أمريكا في حرب فيتنام لا من قريب ولا من بعيد.. باعتبار أن التعرض لها من جديد يستدعي إلى العقل الجمعي الأميركي وإلى الذاكرة القومية والوجدان العام لجماهير الولايات المتحدة ذكريات غاية في السلبية..


ليس أقلها صور حشود الناس من كل الأجيال التي كانت تملأ شوارع المدن الكبرى في أميركا وفي عواصم شتى من العالم تندد بواشنطن خلال الستينات، وتنتصر للمقاومة الوطنية الفيتنامية، وما زالت ذاكرة الأجيال المخضرمة التي عاصرت تلك الحرب تعي بالذات صورتين ماثلتين في الأذهان على مدى السنوات الثلاثين إلى الأربعين الماضية:


أولاهما صورة مواطن انجليزي مسّن نحيف القوام، استرسل شعره الأبيض فوق جبين مغضن تحت السنين.. ورغم ملامح النجابة والوقار التي كانت تلوح من هيئة الرجل فقد طالع العالم صورته وقتها جالسا على رصيف الشارع أو قارعة الطريق في لندن..


ولم يكن هذا العجوز الأشيب سوى واحد من أكبر عقول العصر وهو الفيلسوف البريطاني «برنزاند رسل» الحاصل على جائزة نوبل. ورغم أنه كان أيامها قد نيف على التسعين فقد كان يتقدم المظاهرات الشعبية العارمة التي عارضت حرب أميركا في فيتنام.


الصورة الباقية الثانية هي التي عمدت إلى نشرها معظم الصحف الأميركية المحترمة غداة تصريحات ومقارنات الرئيس بوش الأخيرة..


وهي صورة الهليوكوبتر التي ارتفعت عموديا من فوق سطح السفارة الأميركية في سايجون تحمل آخر من ولّى الأدبار من مسؤولي السفارة ومعهم بعض عملائهم من أهل فيتنام.


وفي غمار موقف كان لا بد وأن يثير شعورا بالمهانة والمرارة لدى جماهير الشعب الأميركي. وكم كان يولد شعورا بالمرارة إلى حد الغضب إزاء من زجوا بمصالح أميركا وسمعتها كقوة عالمية لها مكانتها الدولية في غياهب مستنقعات الأدغال الموحلة في جنوب شرقي آسيا.


ولقد شاء كاتبو خطابات بوش أن يجروا على لسانه القول بأن انسحاب أميركا من فيتنام كان خطأ أفضى إلى مزيد من العنف وإراقة الدم.. وهو أمر يصدق في رأي الرئيس الأميركي على احتمالات تطور الأوضاع في أرض العراق.


ومن الطريف أن كاتبي هذا الخطاب الرئاسي أحالوا أيضا إلى ما عبارات الروائي الانجليزي الشهير جراهام جرين (1904-1991) في روايته بعنوان «الأميركي الهادئ» فجعلوا السيد بوش يردد هذه العبارات التي يصف فيها جرين شخصية الأميركي قائلا: «لم أصادف قط إنسانا يصدر باستمرار عن دوافع أفضل بكثير من المشاكل التي يتسبب هو شخصيا في وقعها».


وهنا يعلن الرئيس بوش منتقدا الروائي الانجليزي ورافضا تصوير الإنسان الأميركي بأنه ساذج بقدر ما إنه خطير في كل حال.. فقد أثارت هذه المقارنات بين العراق وفيتنام عواصف من الانتقادات سواء على صعيد قطاعات شتى من الرأي العام لدرجة أن يكتب واحد من قراء نيويورك تايمز مطالبا رئيسه بأن يتخلى عن موقعه متسائلاً هل كان يريدنا أن نبقى في فيتنام لا نغادرها بعد أن منيت بلادنا بأكثر من 58 قتيلا فضلا عن أعداد لا تحصى من الإصابات والعاهات والإعاقات وهل المطلوب أن نفعل الشيء نفسه في العراق؟


قراء آخرون كتبوا يطالبون بالانسحاب من العراق ويؤكدون أن فيتنام تحسنت أحوالها بعد انسحاب الاحتلال الأميركي.. ومنهم من عارض ما ذهب إليه الرئيس بوش في خطاب آخر محذرا فيه من هولوكوست نووي في الشرق الأوسط.


على مستوى الدوائر الفكرية والأكاديمية أثارت تصريحات الرئيس الأميركي تحليلات وتأملات في مسألة عقد المقارنات بين الأحداث التاريخية، أو كما وصفها البعض عملية التنقيح والمراجعة في تناول أحداث التاريخ بقصد استغلالها لأغراض تكييف وتسويغ سياسات الحاضر وبالأدق ولتبرير ما يشهده الواقع المعايش من أخطاء وسلبيات.


يقول السناتور «ماكس كليلاند» وهو من صفوف الديمقراطيين المعارضين: كل أساليب وحملات العلاقات العامة في الدنيا لن تنجح في تغيير الحقيقة بشأن ما حدث على أرض الواقع في فيتنام.. ولا الحقيقة التي ما زالت تتجسد على أرض الواقع في العراق.


وهذا رأي يكتسب مصداقيته من أن صاحبه كان مقاتلا في الجيش الأميركي فيتنام. على الصعيد الأكاديمي أيضا سارع البروفيسور جيفري ريكورد، أستاذ علم الاستراتيجية في كلية الطيران إلى كتابة «نقض» من 9 نقاط يرفض فيه لجوء الرئيس بوش إلى عقد مثل هذه المقارنات أو المشابهات بين الأحداث التاريخية.


وفي هذا ينقل عنه الملحق «ذي ويك أن ريفيو» الأسبوعي السياسي قوله: من الخطورة بمكان إقحام تلك المشابهات أو المقارنات والتناظرات التاريخية لتفسير أحداث وقرارات في الحاضر.


والأخطر في هذا الخصوص هو أن يتم هذا على أيدي واضعي السياسات الذين ينقصهم الإلمام الكافي بوقائع وتفسير التاريخ من جهة، فيما يملكون بين أيديهم أجندات بمعنى مصالح سياسية محددة يريدون تحقيقها من جهة أخرى. نفس الملحق السياسي الصادر بتاريخ 26/8 يحيل إلى كتاب تصادف أنه تخصص في هذا الموضوع وقد صدر عام 1992 بعنوان «مقارنات الحرب: كوريا.. ميونيخ.. ديان بيان فو وفيتنام»®.


وفي الكتاب يحذر مؤلفه يون هونغ الأستاذ بجامعة أكسفورد من عقد تلك المقارنات موضحا أن ساسة أميركا وقادتها ظلوا في عقد الستينات يدفعون باتجاه تصعيد الدور الأميركي في فيتنام..


ويعمدون إلى استدعاء إدانة سياسة التهدئة أو الترضية التي كانت أوروبا تعامل بها هتلر في عقد الثلاثينات من القرن العشرين وكأنما كانت المسألة هي تصعيد الحرب في آسيا حتى لا نفاجأ بهتلر جديد في جنوب شرقها.. وكانت النتيجة هي 15 سنة من الورطة في تلك الأصقاع الآسيوية بكل ما أفضت إليه من استنزاف على أكثر من صعيد.. ما بين البشر إلى خزانة الدولة إلى سمعة البلاد.


والمعنى في التحليل الأخير هو: أن التاريخ لا يعيد نفسه. وليس للبشر أن يتعاملوا معه إلا من منطق العبرة والفهم وليس منطق المقارنة من أجل التبرير.




ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
لا مفاجآت في تقرير العراق

صبحي غندور
البيان الامارات
تترقّب الأوساط الإعلامية والسياسية في أميركا وخارجها موعد إلقاء التقرير الخاص عن العراق الذي سيعرضه في الأسبوع القادم أمام الكونغرس كل من السفير الأميركي كروكر وقائد القوات الأميركية الجنرال بيترايوس.


ولكن أهمّية هذا الاستحقاق الزمني القادم لن تكون في مضمون التقرير بل في كيفيّة رؤية الأميركيين له وبالطريقة التي سوف يتعامل الكونغرس فيها مع ما سيرد فيه من تبريرات ومن مناشدة لمجلسيْ الشيوخ والنواب الأميركيين بإعطاء فرصة أخرى من الوقت لتنفيذ الخطة التي وضعتها الإدارة في مطلع العام الجاري.


فقد وافق سابقاً مجلسا الكونغرس على خطة الإدارة بشأن زيادة عدد القوات الأميركية في العراق وعلى تمويل الخطة، مقابل جملة من الشروط كان أبرزها وضع علامات فارقة لمعايير تحسّن الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق. ولذلك فإنّ تقرير كروكر/بيترايوس سيحاول جاهداً القول بأنّ هناك بعض التقدّم قد حدث وأنّ المطلوب هو فرصة جديدة من الوقت.


وقد جاءت زيارة بوش لمحافظة الأنبار ومعه أركان إدارته كوسيلة إعلامية وسياسية ضاغطة على الكونغرس من أجل تحصيل الموافقة على تمديد المهلة للخطة القائمة الآن في العراق، ممّا يعني استمرار تمويل القوات الأميركية في العراق وعدم الضغط لجدولة انسحابها الآن، لكن مع استعداد الإدارة لإعادة الآلاف محدودة من القوات الأميركية لوطنهم قبل نهاية العام وذلك تجاوباً مع دعوة السناتور الجمهوري البارز جون وارنر.


ولقد كانت مصادفة زمنية ذات مغزى أن تتزامن زيارة بوش الأخيرة للعراق مع قرار بريطانيا بسحب قواتها من مدينة البصرة وحصر دور البريطانيين في تدريب القوات العراقية.


وهذه الخطوة من الحليف الأكبر لواشنطن فيها حتماً معانٍ سلبية لإدارة بوش التي رفضت في نهاية العام الماضي الأخذ بتوصيات لجنة بيكر/هاملتون التي دعت إلى تخفيض عدد القوات الأميركية في العراق وتحويل دورها إلى قوة إعداد وتدريب للقوات العراقية. إذن، لندن في ظلّ حكومة براون تسير على توصيات بيكر/هاملتون بينما لا تزال إدارة المعني الأول في هذه التوصيات (الولايات المتحدة) تمتنع عن ذلك.


وكم هي مراهنة خاطئة تعتمدها من جديد إدارة بوش حينما تصرّ على خطة عمادها الجانب العسكري فقط وخلط لطبيعة التحالفات المحلية وانتظار لصراعات داخلية تدفع أطرافها إلى علاقات أفضل مع القوات الأميركية.


ولربّما تكون نتائج ذلك كلّه تحسّناً جزئياً ومؤقتا لحال القوات الأميركية وتخفيضاً لنسبة العمليات العسكرية ضدّها، لكن ذلك لن يدفع بالعراق والأوضاع فيه إلى مستقبل أفضل أمنياً أو سياسياً أو اجتماعياً، بل ربّما قد تؤدّي الصراعات المحلية إلى مزيد من تدهور كل هذه الأوضاع وإلى جعل الانقسام السياسي السائد حالة تقسيمية دائمة للعراق أرضاً وشعباً.


إنّ إدارة بوش تأمل بموافقة الكونغرس على التمديد الزمني لقرار تمويل القوات حتى الربيع القادم، قبل الإعلان عن سحب تدريجي للعسكريين الأميركيين من العراق، لكن دون وضع أفق سياسي سليم للمرحلة المقبلة.


فالرئيس بوش ما زال يؤكّد أنّ الحرب في العراق هي الجبهة الأمامية للحرب على الإرهاب وجماعات القاعدة، وهاهو مؤخّراً يضع الخطر الإيراني بحالة مساوية لخطر إرهاب القاعدة على أميركا والقوات الأميركية، بل وعلى عموم المنطقة والعالم.


وهذه الرؤية السياسية لإدارة بوش تتناقض مع ما نصّت عليه توصيات لجنة بيكر/هاملتون من دعوة للتفاوض مع إيران وكل الجوار الإقليمي للعراق، ومن حثّ على إقامة مؤتمرات دولية جديدة لمعالجة أزمات العراق والمنطقة كلّها.


فالوفاق الوطني العراقي سيتحقّق حتماً إذا جرى وفاق إقليمي/دولي بشأن العراق وأزمات المنطقة، وإذا ما تراجعت إدارة بوش عن نهجها السياسي المعتمد على إشعال الحروب بدلاً من البحث عن تسويات عادلة وشاملة ودائمة.


فما يحتاجه العراق هو تغيير في الرؤية والأساليب الأميركية والعودة إلى مرجعية مجلس الأمن بشأن العراق وتحقيق تفاهم إقليمي/دولي حول كيفيّة ضمان وحدة العراق واستقراره وسيادته الوطنية، كما تبرز أيضاً حاجة كبيرة إلى وقف الصراعات العربية/العربية التي تنعكس سلباً على العراق وعلى المنطقة كلّها.


إنّ إدارة بوش تعمل الآن على محاولة توسيع دور الأمم المتحدة في المهام التنفيذية وليس في الصلاحيات الدستورية، وهناك فارق كبير بين الحالتين، وإدارة بوش تشجّع الآن على الصراعات العربية/العربية وعلى تغذية الصراعات المحلية في كلٍّ من العراق وفلسطين ولبنان، إضافةً إلى بناء سياسة المحاور في الشرق الأوسط التي تستهدف إشعال العداوة مع إيران وتحقيق التطبيع مع إسرائيل!


ولو سلّمنا جدلاً بصحّة ما قاله الرئيس بوش مؤخّراً عن وجود خطرين الآن في العراق: القاعدة والدور الإيراني، فإنّ السؤال المهم هو من الذي أحضر هذين الخطرين للعراق؟


أليس السياسة الراهنة للإدارة الأميركية التي قامت باحتلال العراق دون أي مبرّر شرعي؟ ثمّ أليس استمرار السياسة نفسها من قبل الإدارة ذاتها هو الذي دفع بأوضاع المنطقة كلّها إلى التأزّم وإلى مخاطر حروب أهلية وإقليمية؟!


طبعاً لا يعني ذلك كلّه تبريراً للنظام العراقي السابق ولممارسته الإجرامية بحقّ شعبه وجيرانه العرب والمسلمين، فخلاصة أوضاع العراق الآن أنّ النظام السابق كان مسؤولاً عن إحضار الاحتلال الأجنبي، والاحتلال هو المسؤول الآن عن حال التدمير والانقسام والمآسي والصراعات في العراق.


إنّ الاحتلال هو الذي دمّر مقوّمات الدولة العراقية وأوجد الفراغ الرسمي الأمني والسياسي ممّا شجّع القوى المحلّية على التنافس والانقسام، والقوى الإقليمية على التدخّل في شؤون العراق لأسباب مختلفة.


العدّ العكسي لسقوط إدارة بوش قد بدأ منذ نوفمبرالماضي في الانتخابات الأميركية الأخيرة، وقد سقطت حتى الآن رموز مهمّة من أركان إدارة بوش، لكن لم يسقط بعد النهج السياسي للإدارة في كثير من القضايا.


ولعلّها الآن أخطر مرحلة في ظلّ إدارة بوش؛ فإمّا الاستمرار في نهج إشعال الحروب والسير على الطريق المسدود، أو المراجعة في السياسات والأساليب حرصاً على مصلحة الحزب الجمهوري إن لم تكن المصلحة الوطنية الأميركية. في الحالتين، فإنّ غياب التضامن العربي الفاعل وسياسة «انتظار قرار واشنطن» هما الأشدّ خطورة على المنطقة العربية وأزماتها.


ليست هناك تعليقات: