Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاثنين 24-9- 2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
حرب بوش فى العراق تستعين بالخداع لتحاشى الحقيقة/
توم إنجلهارت
ترجمة وكالة الاخبار العراقية
فى يوم من الأيام سنكتشف دون شك، أن ادارة الرئيس جورج بوش تستعين بلغة الخداع فيما يخص الحرب، تماماً كما ظهر فى خطة الرئيس "الطريق الجديد الى الأمام" التى أعلنها فى يناير-كانون الثانى الماضي.

وتتمثل المحاولات الآن فى تجنب اللغة التى كانت سائدة أثناء حرب فيتنام. وحيث لا يوجد أكياس يوضع فيها الموتى من الجنود "أو كاميرات لتصوير أجسادهم أثناء عودتها للوطن"، وحيث ليس هناك إحصاء شامل لعدد الموتى، وليست هناك مستنقعات أو حاجة إلى البحث عن "شعاع من الضوء فى نهاية النفق المظلم" فليس هناك أيضاً بالتأكيد الأرقام والإحصاءات التى توضح حقيقة الموقف.
إن التقديرات الإحصائية لحرب فيتنام التى راح ضحيتها أكثر من 50 ألف جندى أمريكي، والكثير من القواعد ومراكز القوى البحرية والقوات البحرية والجوية الهائلة حول فيتنام وداخلها "لاوس وكمبوديا"، كل هذه التقديرات قد أحاطها الشك من كل جانب. إن كل زيادة فى أعداد القوات التى يتم إرسالها، أو حتى توسيع حملات القصف المستمرة بالقنابل، فإن هذا يؤدى فقط إلى مزيد من البؤس والموت للفيتناميين. وعلى النحو نفسه، فانه يمثل كارثة للولايات المتحدة فى العراق. وليس من المدهش أن التجربة الأمريكية فى العراق ـ احتلال آخر لدولة أجنبية ـ يعد بمثابة قذيفة موجهة نحو ذكريات أليمة لحرب فيتنام.

ذكرت المؤرخة مارلين يانغ فى بداية إبريل-نيسان عام 2003 بينما كان الغزو الأمريكى على العراق قد بدأ: "فى أقل من أسبوعين، عادت للألسنة مفردات ترجع لأكثر من 30 عاماً وهي: عدم المصداقية، والسعى للتدمير، وصعوبة التفريق بين الصديق والعدو، والتدخل المدنى فى الشؤون العسكرية، وسيادة السياسة المحلية، والفوز، وغالباً فقدان صوابنا. وبحلول أغسطس-آب 2003 توقعت إدارة بوش أن تترك فى العراق قوات مكونة من 30 ألف جندى فقط فى ثكنات وقواعد كبيرة ومتينة فى بلد هادئ تم قمعه. لكن العكس هو ما حدث. وهناك تمرد تلو الآخر منذ بداية الاحتلال. فقد فات الأوان للاستعانة بما نادى به الرئيس وأسماه "الطريق الجديد الى الأمام" كما كانت الحال فى حرب فيتنام. من المعترف به أن الحرب تبدو أكثر راحة وأقل عنفاً إذا كانت لا تدوم لوقت طويل وتصبح أقل ضرراً بطريقة أو بأخرى إذغ كانت لا تزيد على مجرد "تصعيد للعنف". لكن الحقيقة هى أننا منذ 6 شهور ونحن نواجه تصعيداً جديداً للقوة الأمريكية فى العراق. لقد نشرت أمريكا عدداً كبيراً من القوات هناك، ولا شك فى أنها زادت عدد الطائرات والسلاح حول تلك البلاد وداخلها بأكثر من أى لحظة أخرى منذ بداية الغزو فى 2003.

فى سبتمبر-أيلول الجارى سيقوم الجنرال ديفيد بترايوس المسؤول عن القضاء على العنف فى العراق ورايان كروكر "سفير التصعيد" هناك بتقديم تقرير عن "تطور الموقف " للكونغرس ""التطور" كلمة أخرى مفضلة ذكرت كثيراً فى التصريحات الرسمية الأمريكية أثناء حرب فيتنام" واسم التقرير ينبئنا بما نتوقعه. فالتقرير بالفعل يشير إلى مجرد "لقطة" للعمليات التى تجرى حالياً، ولا يمكن تقييمها بجدية أو الحكم عليها حتى آخر نوفمبر- تشرين الثانى المقبل أو ربما أوائل عام 2008 أو...
مع وضع ما سبق فى الاعتبار، هناك تقرير إحصائى ثان فى موقع "تومديسباتش " Tomdispatch عن العراق، اعتبره محاولة لوضع المستنقع العراقى الذى تحول إلى كابوس فى المنظور الصحيح. إن كلمتى "المستنقع" و"كابوس" من مصطلحات حرب فيتنام أيضاً.

إن القليل جداً من إحصائيات العراق يمكن الوثوق فى مصداقيتها، فالإحصاء الدقيق وسط الاضطرابات المستمرة المنتشرة، والعنف، والفوضى، وسفك الدماء، تحت نير الاحتلال الفاشل، وفى أرض تنقصها حكومة مركزية، وفى مجال الإعلام الأمريكى الذى مازال تحت تأثير إدارة بوش وحلقتها المفرغة، والقادة العسكريين، فإن ذلك أقرب للمستحيل. لكن مهما كانت الأرقام التالية تقريبية، مازالت توفر صورة حية جداً لما سببه الغزو.
لم تشهد أى دولة من قبل مثل هذا الدمار والموت والخسائر الفادحة والحرمان. ومع ذلك يتحدث الموظفون والمسؤولون العسكريون والمدنيون الأمريكيون الآن عن البقاء فى العراق حتى 2008 أو 2009 أو العقد التالي، أو لأجل غير مسمى ولفترة طويلة. لكن العراق "بالأرقام" يتدهور من شهر لآخر، ومن عام لآخر لمدة تزيد على 4 أعوام. ولا يوجد أى سبب للاعتقاد بأن التصعيد الأخير ـ أو أى تصعيد آخر فى المستقبل، مهما كان اسمه "سواء كان سببه الجيش الأمريكى أو جيش ينمو فى الظل من جنود مرتزقة تؤجرها شركات الأمن الخاص" يمكنه فعل أى شيء سوى الإسراع من إيقاع التدهور. ولذلك تخيل ماذا سيكون تقرير إحصائيات العراق عام 2008 أو 2009، مع الأخذ فى الاعتبار إصرار إدارة بوش الواضح "ومفكريها الاستراتجيين" لمواصلة احتلال العراق فى المستقبل البعيد.

إليك إحصائيات وأرقام تصعيد العنف فى العراق ـ وكلها أرقام تتصاعد ... وبحلول منتصف أغسطس-آب 2008 ستتضاعف:
× عدد القوات الأمريكية فى العراق: 162 ألف "مع عدة آلاف من موظفى الحكومة" وفى حالة طوارئ دائمة.
× عدد تقديرى لشركات متعاقدة للاستثمار فى العراق وتدفع الضرائب: أكثر من 80 ألفا، وفى حالة طوارئ ونشاط مستمر، ويشمل الرقم 21 ألف أمريكى و43 ألف أجنبى "غير عراقي" من المتعاقدين "من شيلى ونيبال وكولومبيا والهند وفيجى والسلفادور والفلبين وغيرها من الدول" و18 ألف عراقي، لكن لا يشمل هذا الرقم إحصاء كامل لعدد متعاقدى الأمن الخاص ممن يتولون حراسة مبانى وموظفى الحكومة"، وفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية البنتاجون نقلاً عن جريدة "لوس أنجيليس تايمز".
× النسبة المئوية للمتعاقدين بشكل خاص فى إجمالى القوات الأمريكية المنتشرة فى الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية: 3 ـ 5% وفقاً لشهادة الكونغرس لمحامى حقوق الإنسان سكوت هورتوت. فى حرب فيتنام وحرب الخليج الأولى، يصل الرقم إلى 10%، والآن يصل على الأقل لضعف هذه النسبة.

× عدد الشركات الخاصة التى تعمل فى العراق بالتعاقد مع الحكومة الأمريكية: 630، وبها عاملون من أكثر من 100 دولة، وفقاً لـ جيرمى سكاهيل مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً: "مياه سوداء: قيام أكبر وأقوى جيش مرتزقة فى العالم".
× المرتب المعتاد للجندى الأمريكى من القوات الخاصة سابقاً وكان يعمل فى شركة أمن خاص فى العراق: 650 دولارا يومياً وفقاً لـ سكاهيل : "بعد أن تخصم الشركة نسبتها" ولكن هذا المعدل يمكن أن يتجاوز ألف دولار يومياً.
عدد الشاحنات على الطريق يومياً كجزء من عملية إعادة تموين الجيش فى العراق: 3000 شاحنة.

عدد الهجمات منذ يونيو-حزيران 2006 حتى مايو-أيار 2007 على قوافل تموين أمريكية يحرسها متعاقدون أمن خاص: 869، وتضاعف 3 مرات منذ الاثنى عشر شهراً الماضية.
عدد المقاولين الذين قتلوا فى العراق: أكثر من ألف، وفقاً لوزارة العمالة الأمريكية، بناءً على الأرقام الجزئية بسبب أن الشركات الخاصة لا تعلن عن موتى الحرب.
التكلفة المتوقعة لزيادة 21500 جندى أمريكى فى العراق وفقاً لحسابات البيت الأبيض فى يناير-كانون الثانى 2007 بلغ: 6.5 مليار دولار، وهو رقم أعلن عنه قبل الشهر الذى أعلن فيه عن استراتيجية الرئيس للقضاء على التمرد.
التكلفة المتوقعة لعام من مواجهة التمرد لـ 30 أو 40 ألف جندى وفقاً لروبرت صانشاين المدير المساعد لتحليل الميزانية لمكتب الميزانية للكونغرس: 22 مليار دولار وقدمت هذه الأرقام فى شهادة للكونغرس بعد 5 شهور من إعلان الرئيس لخطته للقضاء على التمرد رسمياً.
النسبة المئوية للدولارات التى تخصصها الحكومة الأمريكية وتنفقها على أنشطة متعلقة بالعراق: أكثر من 10% أو دولار واحد من كل 10 دولارات، وفقاً لـ صانشاين فى مكتب ميزانية الكونغرس.
تقدير التكلفة الشهرية لحرب العراق "وأفغانستان": 12 مليار دولار ـ 10 منهم للعراق ـ أعلى بمقدار الثلث فى 2006 وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس غير الموالية للأحزاب.
تقدير التكلفة الإجمالية لحرب العراق إذا تركت 30 ألفاً من القوات الأمريكية فى العراق حتى 2010 وفقاً لسيناريو صانشاين المتفائل: أكثر من 1 تريليون دولار "إذا كان السيناريو صحيحاً وكان هناك 75 ألفاً من القوات الأمريكية فى العراق بحلول 2010 ـ فسيصل المقدار إلى 1.5 تريليون دولار" .
تقدير عدد النازحين العراقيين من بلادهم: 2 ـ 2.5 مليون منهم 750 ألفاً للأردن، 1.5 مليون فى سوريا و200 ألف فى مصر ولبنان ـ وكل شهر يهرب 40 أو 50 ألفاً، أى 2000 يومياً وفقاً لأرقام الأمم المتحدة.
ويتلقى موظفو مكاتب السفر المركزى فى بغداد ما يقرب من 3000 طلب تأشيرة سفر كل أسبوع. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تخمين الجميع، فإن أكثر من 2 مليون عراقى يعتبرون من اللاجئين الداخليين ونزحوا من ديارهم ومنازلهم بسبب العنف الطائفى وأعمال الإبادة العرقية. حوالى 70% منهم نساء وأطفال وفقاً لمؤسسة اليونيسيف. فى حين ان عدد اللاجئين العراقيين الذين دخلوا أمريكا فى يوليو-تموز: 57 عراقياً، و133 هذا العام.

عدد المساجين العراقيين فى السجون الأمريكية فى العراق: حوالى 22500 عراقي، وفقاً لمسؤولى الجيش الأمريكي. وكان العدد قبل بداية التمرد فى فبراير-شباط 16 ألفا ، مما يعد قفزة مهولة "مازلت سجون أمريكا فى العراق مستمرة فى التوسع".
عدد المفرج عنهم من العراقيين من السجون الأمريكية فى الشهر الماضي: 224.
عدد المقاتلين الأجانب "المجاهدين" الذين سجنتهم أمريكا فى العراق 135 "نصفهم تقريباً من السعودية".

× تقدير عدد الرصاصات التى ألقتها القوات الأمريكية لكل متمرد قتل فى العراق أو أفغانستان 250 ألف رصاصة، وفقاً لـ جون بايك مدير مركز أبحاث الجيش فى واشنطن فى موقع الإنترنت Globalsecurity.org وهذا يعنى 1.8 مليار قطعة ذخيرة للأسلحة الصغيرة سنوياً. ومصانع أمريكا للذخيرة لا تتمكن من سد هذه الحاجة الكبيرة، 313 مليون قطعة ذخيرة تم شراؤها من إسرائيل بمبلغ 10 ملايين أى أكثر من الإنتاج المحلي.
× النسبة المئوية لبتر أعضاء جرحى حرب العراق من الأمريكيين: 6%، وكانت النسبة المتوسطة فى الصراعات الأمريكية السابقة التى لم يكن فيها للانتحاريين والسيارات مفخخة أى دور: 3%. وتقدم الأطراف الصناعية اللازمة سنوياً للعراقيين فى شمال العراق فقط: 3000، وفقاً لجمعية الهلال الأحمر ومدير الخدمات الصحية فى الموصل. "على عكس الجنود الأمريكيين، فإن العراقيين من فقدوا أطرافهم ليس لديهم سوى عدد محدود قديم من الأطراف الصناعية التعويضية".
× العدد التقريبى المتوقع إذا جرت نفس الأحداث فى أمريكا للمدنيين الأمريكيين: 18 ألفاً وفقاً للأكاديمى الشرق أوسطى جون كول.
× تكلفة النعش فى بغداد: 50 ـ 75 دولاراً، وكان النعش فى أيام حكم صدام حسين يتكلف 5 ـ 10 دولارات.
× عدد المدنيين العراقيين ممن قتلوا فى يوليو-تموز 2007: 1652 ، وفقاً لإحصائيات وزارات الصحة والدفاع والداخلية العراقية؛ و2024 وفقاً لإحصائية "الأسوشيتد بريس " و1539 وفقاً لجريدة "الواشنطن بوست"، وكلها مصادر تقول "عداالواشنطن بوست" إن هذا ارتفاع فى نسبة الخسائر فى الأرواح. كل هذه الأرقام لعدد مختلف من الأسباب، بالتأكيد أقل من الواقع كثيراً.

× تقدير عدد قتلى العراقيين منذ بدء الغزو 2003 وحتى يونيو-حزيران 2007 إذا كانت أرقام دراسات لانست صحيحة "وهى 655 ألفاً" وظل معدل القتلى كما هو "حتى هذا العام" الذى نشر سابقاً: أكثر من 1 مليون بقليل، وفقاً لدراسة "السياسة الخارجية العادلة" "التابعة لدراسات لانست وهى التى ظلت تقاريرها علمية ومن أرض الواقع عن خسائر العراقيين من قتلى وجرحى طوال هذه السنوات".
× عدد المدنيين العراقيين القتلى فى يوليو-تموز فى الجهات بالقنابل والسيارات المفخخة: 378، وهى نسبة ارتفاع عالية مقارنة بشهر يونيو-حزيران، وفقاً لجريدة الواشنطن بوست. الرد المضاد على التمرد من جانب أمريكا منذ خمسة شهور لم تسبب أى تغيير مهم يعتد به لوقف هجوم السيارات المفخخة، وفقاً لأرقام المراسلين الصحافيين من جريدة ماكلاتشى.
× عدد الجثث التى لم يُتعرف عليها وقتلوا بسبب فرق الموت ووجدوا فى شوارع بغداد فى يونيو-حزيران 2007: 453، وهذا ارتفاع نسبته لـ 4% منذ يناير-كانون الثانى 2007، قبل شهر التمرد وعمليات التمرد، وفقاً لإحصائيات غير رسمية لوزارة الصحة العراقية من سجلات المشرحة.

× عدد قتلى المدنيين العراقيين والجرحى فى "حوادث تصعيد العنف" فى نقاط التفتيش الأمريكية أو "حوريات العسس" الأمريكية أو القوافل الأمريكية فى العام الماضي: 429، وفقاً لإحصائيات الجيش الأمريكى فى جريدة ماكلاتشي. هذه الإحصائيات التى ارتفعت أرقامها أثناء التصعيد العنيف مؤخراً فى الشهور الأخيرة لا تشمل قتلى المدنيين والغارات على المنازل أو فى المعارك "ولا تعتبر كاملة على أية حال، لأن عدد قتلى تصعيد للعنف الأخير لا تكره وحدات الجيش الأمريكي".
× إجمالى عدد الهجمات ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف وقوات الأمن العراقية والمدنيين العراقيين وأهداف البنية التحتية فى يونيو-حزيران 2007 بلغ: 5335. ويتضح أنه بمعدل يومى متوسط 177.8، ومرتفع وآخذ فى الزيادة منذ مايو-أيار 2003، وفقاً للبنتاغون، و46% أكثر فى يونيو-حزيران 2006، وأكثر من 68% من هذه الهجمات ـ أى بالضبط 3617 هجمة ـ كانت ضد القوات الأمريكية أى ارتفعت بنسبة 7% منذ مايو-أيار 2007.
× عدد الهجمات فى يوليو-تموز 2007 بأقوى القنابل: 99 والتصعيد مستمر طوال الوقت، وفقاً للجنرال راى أوديرنو نائب القائد فى العراق، مما يجعل تلك الهجمات المسؤولة عن ثلث قتلى الأمريكيين فى هذا الشهر.
× عدد قتلى الجيش الأمريكى فى شهور التمرد فبراير-شباط ويوليو-تموز 2007: 572، وفقاً لموقع خسائر التحالف فى العراق عبر الإنترنت، وهذا يمثل 189 قتيلا أمريكيا فى نفس الشهور فى 2004، و15 أكثر مقارنة بعام 2005، و237 أكثر مقارنة بعام 2006.
× متوسط درجات الحرارة فى الصيف نهاراً فى بغداد 110 ـ 120 درجة فهرنهايت، و130 درجة كانت منتشرة أيضاً، ونادرة ما تهبط عن 100 درجة ليلاً.
× عدد المغياوات للكهرباء اليومية للعراق: أقل من 4000 ميغاوات، وكان قبل الاحتلال المستويات فى الطلب اليومى 8500 أو 9.500 ميغاوات.

× عدد ساعات الكهرباء يومياً لزهد بغداد من الشبكة القومية للكهرباء: 1ـ 2 ساعة يومياً، والملاذ الوحيد للحصول على الكهرباء، وفقاً للصحفية الفرنسية آن نيفان التى عاشت أسبوعين مؤخراً فى المنطقة الحمراء فى بغداد هو الكيمياء من المولدت المحلية التى تستهلك 20 غالون من الغازولين يومياً.
× عدد مرات انقطاع الكهرباء فى يومين فى يوليو-تموز 2007: 4 مرات وظلت المدينة المقدسة كربلاء بدون كهرباء 3 أيام متواصلة فى يوليو-تموز مما سبب انقطاع المياه. "قال حازم عبيد وهو بائع ملابس فى متجر فى سوق كربلاء: "لم نعد بحاجة للتلفاز لنرى برامج وثائقية عن العصر الحجري، نحن نعيش فيه بالفعل، ونحن فى خطر دائم بسبب الماء الملوث والطعام الفاسد"".
× ثمن زجاجة ماء نقى ومصفى أثناء نقص الماء الحالي: 1.6 دولار لزجاجة سعة 10 لترات، وهذا ارتفاع فى السعر قدره 33% "العديد من العراقيين لا يملكون المال لشراء الماء فى دولة، وفقاً لملخص دراسة "أوكسفام" للأزمة العراقية فى "فقر مدقع"، ودخلهم أقل من 1 دولار يومياً" .

× نسبة مهندسى المياه ممن غادروا العراق: 40% وفقاً لتقرير "أوكسفام"، وهناك نسبة مماثلة من الطبقة المتوسطة من الأطباء والمعلمين والمحامين ـ من هربوا من البلاد. وفقاً لأوكسفام، يعطى جامعات ومستشفيات بغداد فقدت 80% من العمالة.
عدد العراقيين ممن لديهم موارد ماء نظيف: 1 من كل 3 وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة "فى 2007 كانت الأمراض التى تنتقل عبر الماء مثل الإسهال: أكثر أسباب وفيات الأطفال تحت سن الخامسة وارتفعت هذه النسبة إلى 70% لبعض المناطق العام الماضي".
× من 3.5 مليون متر مكعب من الماء التى يحتاجها أهل بغداد "6 ملايين" الكمية الفعلية التى تصل لهم 2.1 مليون متر مكعب.
× عدد خطوط الضغط العالى عبر بغداد التى تعمل جيداً: 2 من كل 17، بسبب تدمير المتمردين، وفقاً لمزاعم متحدث باسم زراعة الكهرباء، مما يساهم فى أسوأ وضع لايصال الكهرباء منذ الغزو فى صيف 2003، وشبكة الطاقة الكهربية فى البلاد على وشك الانهيار.
× عدد الوزراء فى مجلس الوزراء تحت زعامة نورى المالكي: 20 عدد الوزراء المنسحبين: 17.
× عدد الموظفين الكبار ممن استقالوا من جيش العراق احتجاجا على حكومة المالكي: 9 منهم الجنرال أبوبكر زيباري.
× عدد الدول التى هرب إليها برلمانيو العراق وأثناء إجازة مدتها شهر أغسطس-آب كله: 6 دول على الأقل وفقاً لجريدة نيويورك تايمز: مثل الأردن، دبي، إيران، بريطانيا، مصر، وآخر أكثر الأماكن أمناً فى العراق: كردستان التى تتمتع بالحكم الذاتى "التى تتفشى فيها الكوليرا الآن!".
× تكلفة تقديرية لعمليات الجيش الأمريكى المستمرة وقت إجازة أغسطس-آب فى العراق: 200 ألف دولار كل دقيقة، وفقاً لـ بوب شيفر من قناة "سى . بى . إس نيوز".
× كم البترول الذى يملكه العراق 115 مليار برميل من احتياطى البترول، وهو ثالث أعلى احتياطى فى العالم "بعد إيران والسعودية". وهناك تقديرات موجودة لرواسب بترول محتملة سيتم اكتشافها مما يزيد على 45 مليار برميل إضافى وحتى 400 مليار برميل إضافي.

× سعر 40 غالون غاز أيام حكم صدام حسين: 50 سنت، وسعر 40 غالون غاز فى يوليو-تموز 2007: 75 دولارا فى السوق السوداء، و35 دولارا فى محطة الغاز ولكن الطابور طويل جداً وقد ينتظر فيه صاحب السيارة ساعات طويلة أو حتى أيام.
× النسبة المئوية لدخل العراق من تصدير البترول: أكثر من 90%، لكن إنتاج البترول مازال أقل من أيام حكم صدام حسين.
× الكم الذى تم إنفاقه بالفعل بواسطة وزارة البترول العراقى للمصاريف الكبيرة للنهوض بصناعة البترول: 90 مليون دولار.
× النسبة المئوية للأموال المخصصة التى أنفقت حكومة العراق على البترول والكهرباء ومشاريع التعليم: 22%
× كم المال المفقود نتيجة فساد الحكومة الذى ظهر فى تحقيقات المحقق الأعلى لمكافحة الفساد القاضى رافد الراضي: 11 مليار دولار.
× كم الدولارات التى تم استثمارها فى تدريب الجيش العراقى والشرطة بلغ 19.2 مليار دولار، أى 55 ألف دولار لكل عسكرى أو مجند عراقي، وفقاً لتحقيقات الكونغرس التابعة للحزبين.

× المبلغ الذى طلبه البنتاغون لاستمرار عملية تدريب قوات الأمن العراقية وإمدادها بالسلاح: 2 مليار دولار .
× النسبة المئوية للأسلحة والمعدات التى منحها البنتاغون لقوات الأمن العراقية منذ 2003 ولا يحاسب عليها: 30% وهذا يشمل بنادق إيه ـ كيه ـ 47 عددها 1110 آلاف و80 ألف مسدس و135 ألفا من الدروع لحماية الجسم و115 ألف خوذة وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومى الأمريكي. لكن وفقاً لجريدة الواشنطن بوست: "اعترف أحد أهم مسؤولى البنتاغون أن بعض هذه الأسلحة استخدمت ضد القوات الأمريكية".
× عدد حاويات النقل للفولاذ التى تعتبر مفتوحة فى العراق وأفغانستان: 54390، أو ثلثهم وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومي.
× التكلفة التقديرية لتدريب قوات الأمن العراقية والأفغانية عبر العقد القادم إذا استمر نفس الوضع: على الأقل 50 مليار دولار وفقاً لمكتب الميزانية التابع للكونغرس.
× عدد القواعد الأمريكية الكبرى فى العراق: أكثر من 75، وفقاً لجريدة "نيويورك تايمز".

× تكاليف القواعد الأمريكية فى العراق "التى قال عليها الكونغرس أنها ليست دائمة" وفى أفغانستان "التى قال البنتاغون إنها دائمة": غير معلوم. فى مجلة هندسية شهيرة فى آخر عام 2003 كان الكولونيل ديفيد هولت مهندس الجيش المكلف ببناء المرافق فى العراق يتحدث بفخر عن عدة مليارات دولارات تضيع لبناء القواعد العسكرية. وفقاً لجريدة الواشنطن بوست فإن جهاز خدمات الأبحاث التابع للكونغرس قال إن 2 مليار دولار كانت تكلفة البناءات العسكرية فى العراق وأفغانستان، "فى 2004 ـ 2006" و1.7 مليار دولار صدق عليها الكونغرس لعام 2007، والبنتاغون مازال مستمراً فى بناء المنشآت العسكرية. للعام المالى 2008 طلب مبلغ 738.8 مليون دولار لبناء 33 مشروعا حيويا فى العراق وأفغانستان "عندما تتعلق الأرقام ببناء قواعد عسكرية لا شك أن هذه الأرقام أقل من الحقيقة".
× كم المساعدة المالية لشركة "هاليبرتون" وفروعها ""كيلوج"، "براون"، و"روث"" كعقد ما قبل الحرب لتمون الجيش الأمريكى بالغذاء والوقود والإسكان وغيرها من الضروريات: على الأقل 20 مليار دولار. وقدر البنتاغون عمل الشرطة بمقدار 16.2 مليار دولار وهناك 3.2 مليار يجب المساءلة عنهم لأنهم غير مدعمين بالوثائق.
× النسبة المئوية للعراقيين ممن لا يمكنهم شراء ما يكفى من العام: 15% وفقاً لأوكسفام.
× النسبة المئوية للأطفال العراقيين الذين يعانون سوء التغذية: 28% "مقارنة بـ 19 % قبل الغزو"؛ ونسبة المواليد تحت الوزن المناسب 11% "مقارنة بـ 3% قبل الغزو".
× النسبة المئوية للأطفال العراقيين ممن يعانون صعوبات التعلم: 92% وفقاً لدراسة لمركز أوكسفام.

× تكاليف طائرة "بريد يتور" بلا قائد وبها قذائف من نوع "جهنم": أكثر من 3 ملايين دولار "وتحطمت خمسة منها أو نسفت فى العراق وأفغانستان فى العالم الماضي".
× تكاليف بناء الطائرات الحربية بدون قادة مثل القناصة والحاصدة "إم كيو ـ 9" والمنتشرة فى أفغانستان وسرعان ما ستأتى للعراق: 7 ملايين دولار، والحاصدة أثقل 4 مرات من "البريديتورة، ويمكنها حمل 14 قذيفة جهنم أو 4 زنة 500 رطل من ذخيرة الهجوم المباشر، وهى مساوية لطاقة نيران طائرات "إف ـ 16" وفقاً للمراسل الصحافى تشارلز هانلى من وكالة "الاسوشيتد بريس": "قائد هذه الطائرة سيراقبها من على شاشة الفيديو على بعد 700 ميل فى نيفادا وهى تلقى القنابل على أهداف على العراق" "عبر إشارات ترسلها الأقمار الصناعية".

× عدد الطائرات الأمريكية فى المجال الجوى العراقى فى أى لحظة: 100 وفقاً لـ هانلي.
× عدد مرات مضاعفة عدد القنابل الملقاة على العراق فى أول 6 شهور من 2007 مقارنة بأول 6 شهور من 2001: خمسة أضعاف.
× النسبة المئوية لموارد بترول العراق حول البصرة، حيث شنت بريطانيا فى سبتمبر 2006 حملتها الفاشلة المسماة: "دمر، وتحكم، وأعد بناء المنطقة" فى عملية تصعيد للعنف فى بغداد: 66%.
× عدد الأطباء الذين اغتيلوا على يد مجهولين مسلحين فى مناطق "آمنة وهادئة" فى البصرة منذ 2003: 12 .
× عدد مرات الهجوم على قاعدة المطار خارج البصرة، والتى تأوى منطقة محصنة لمكتب سفارة أمريكية وبها 5500 من أصل 40 ألف جندى بريطاني، بواسطة قذائف الهاون أو الصواريخ فى الشهور الأربعة الماضية: 600 مرة.
× تأثير حرب العراق على نفقات وأرباح شركات السلاح الكبرى: زادت مبيعات شركة "نورثروب جرامان" 15% عام 2006 لقسم الاستخبارات بها، و7% لقسم الالكترونيات، ووحدة "جنرال ديناميكس" لأنظمة القتال سجلت 19% ارتفاع فى المبيعات وصلت أرباح شركة "لوكيدمرتين" إلى 34% "778 مليون دولار" وفقاً لوكالة "إنتربريس" الصحفية ومراسلها إيلى كليفتون.

× تكاليف تقديرية لنشر جندى أمريكى فى العراق لمدة عام واحد: 390 ألف دولار، وفقاً لخدمات أبحاث الكونغرس.
× تكاليف نقل الجندى لأرض الوطن بالطائرة : 627.85 دولار، وهو سعر يدفعه البنتاغون لشركات "فيديكس" و"يو بى إس" وغيرها لكل جندى يعود لأرض الوطن.
× تقدير لعدد أطنان معدات أمريكا التى قد تخرج عن العراق عن طريق الكويت فى حالة الانسحاب: 1 مليون طن.
× النسبة المئوية للأمريكيين ممن خدموا فى الجيش الأمريكى فى العراق "أو لديهم صديق أو قريب كان فى الجيش" ويوافقون على سياسة الرئيس فى إدارة صراع العراق، وفقاً لآخر استطلاع للرأى فى واشنطن فى قناة "إيه بى سى نيوز": 38%.
× فى استطلاع مايو-أيار فى "نيويورك تايمز" وقناة "سى بى إس" فان أقل من نصف الأسر ممن لديهم جنود فى الجيش قالوا إن قرار أمريكا بغزو العراق كان قرارا سليما".

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
مرشح الرئاسة الجمهوري " براونباك "يقدم للكونغرس مشروعا لتقسيم العراق الى ثلاث دول

وكالة الصحافة العراقية
دعا المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري الامريكي سام براونباك الكونغرس الى إيقاف النقاش بشأن وضع جدول لانسحاب الجيش الأمريكي من العراق، والتوجه بدلا عن ذلك إلى وضع خطة "تقسيم" للعراق إلى ثلاث دول.


ورؤية براونباك يندر ان يتطرق إليها رشح رئاسي من كلا الحزبين.، لكن براونباك قال انه سيحاول أن يتقدم بمشروع قرار الأسبوع القادم، بالاشتراك مع المرشح الديمقراطي السيناتور جوزيف بايدن، يفترض إقامة ما يسمى بـ (حل الدول الثلاث في العراق)، وتقضي الخطة بإقامة حدود منفصلة بين المناطق الكردية والسنية والشيعية.


وعرف السناتور الديمقراطي جوزف بايدن، على مدى الأعوام الماضية، بدعواته المتكررة الى تقسيم العراق وفق صيغة دول ثلاث، باعتباره حلا لأزمة العنف.


وأشارت مصادر اعلامية إلى أن مشروع هذا القرار، سبق وأن واجه معارضة من جانب البيت الأبيض، الذي رفض مفهوم حكم عراقي غير مركزي، يتعامل بنحو أساس مع حماية الحدود من الاعتداء الخارجي وتوزيع عائدات النفط العراقي.


ويتحدث تقرير لصحيفة نيويورك تايمز عن تنامي اهتمام ادارة الرئيس بوش بخطة السيناتور الديمقراطي جوزف بايدن حول تقسيم العراق إلى ثلاث كيانات سني وشيعي وكردي تحت مظلة حكومة مركزية واحدة، لكن ضعيفة.


وأشار التقرير إلى أن مسؤولا أميركيا في إدارة بوش أكد أن الإدارة أصبحت "قريبة من خطة بايدن"، في وقت نسب فيه التقرير إلى محلل سياسي قوله إن الإدارة أعطت إشارات إيجابية بشأن هذه الخطة.


وكشف تقرير الصحيفة الأميركية عن زيارة السناتور بايدن إلى نيويورك للتباحث في هذا الشأن مع أعضاء دائميين في مجلس الأمن الدولي، ناقلا عن بايدن أن خطته لاقت استجابة جيدة، حسب قوله.


وفي هذا الإطار، ذكر بايدن أن ممثل إحدى الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن قال له "إنكم أخذتم وقتا طويلا لتصلوا إلى هذه الخطة"، وأجابه بايدن بـ"إننا وصلنا إلى هذه النقطة على أية حال، والمهم أن نعرف كيف ندير التحول".


وشدد التقرير على أن خطة تقسيم العراق إلى ثلاثة أجزاء بمظلة حكومة مركزية غير فاعلة يحظى بتأييد متزايد وصريح من خبراء الشرق الأوسط الذين يؤشرون فشل السنة والشيعة في تحقيق المصالحة الوطنية ويلفتون إلى الاخفاق في تمرير قانون النفط، فضلا عن التطهير الطائفي الذي يشهده العراق، حسب الصحيفة.


ولفت التقرير إلى أنه بموجب هذه الخطة سيتشكل كيان للسنة غرب العراق، وثان للشيعة في الجنوب، فضلا عن إقليم كردستان في الشمال، مشيرا إلى أن مدن بغداد وكركوك والموصل ذات التنوع الديموغرافي شهدت تطهيرا جعلها مؤهلة بدورها لأن تنخرط في هذه الكيانات.


ونقل التقرير عن محللين سياسيين إشارتهم إلى أن مخاوف كانت تتردد من أن يؤدي هذا التقسيم إلى حدوث مذابح في العراق، غير أنهم يعقبون على هذه المخاوف بقولهم: " ولكن ما الذي يحدث في العراق الآن سوى المذابح".


رأي البنتاغون نقله الكاتب رالف بيترز في مقاله بعنوان "حدود دموية" نشرتها مجلة القوات المسلحة الأميركية قال فيها ان هناك امكانية قيام 3 كيانات مستقلة في العراق على اسس دينية وطائفية


التحرك والتخطيط الاميركي في الساحة العراقية ياتي على وقع الصمت العربي والدولي والدور والغياب السلبي للجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، ووحدة الفريق الداعي للتقسيم هو الذي يلعب في هذا الجزء العربي


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
اسرار حياة كونداليزا رايس


وكالة الاخبار العراقية
نشر المراسل السياسي لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية جلن كوسلر تفاصيل مثيرة للجدل عن حياة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس والتي تعتبر المرأة الأقوى في إدارة الرئيس جورج بوش ، وذلك في كتابه الجديد "امرأة السر: كوندوليزا رايس وإبداع ميراث بوش". وقال كوسلر في كتابه ان رايس بلغت 53 عاماً من العمر ولم يرتبط اسمها باسم رجل. تعيش مع صديقة تدعى ريندي بين، وهي مصورة أفلام وثائقية، تقاسمها ملكية المنزل، وتقاسمها أيضاً حساباً مصرفياً.
وتجاهلت رايس ما جاء في الكتاب والذي حاول أن يلمّح إلى أنها شاذة جنسيا، زاعما وجود وثائق تثبت كل المعلومات التي أوردها. لكن شريكتها، ريندي بين ردّت، موضحة أن الملكية المشتركة بينها وبين وزيرة الخارجية تعود إلى مشاكل مادية صعبة واونقلت جريدة "الأخبار" اللبنانية عن ريندي قولها ، إن رايس ليست الشريكة الوحيدة للبيت، فهناك رجل آخر وهو بروفيسور في جامعة ستينفورد يدعى كويت بلاكر، الذي يشير الكتاب إلى أنه "مثلي الجنس معلن".وذكر مراسل صحيفة "معاريف" العبرية في نيويورك أنَّ التفاصيل المنشورة حديثاً لم تصدم الأميركيين بشكل خاص، وخصوصاً أن هناك الكثير من الشائعات التي تُتناقل عن وزيرة الخارجية. وكان التعرض الأول للحياة الشخصية لرايس قد جرى في أثناء الحرب على العراق، عندما ربطت السيناتور الأميركية الديموقراطية باربرا بوكسر بين تأييد "كوندي" لغزو العراق وكونها عزباء.وقالت بوكسر، في حينه، "من سيدفع الثمن؟ أنا لن أدفع الثمن لأن أولادي كبار السن وأحفادي صغار". وأضافت، مخاطبةً رايس، "وأنت أيضاً لن تدفعي ثمناً يتعلق بأفراد عائلة أقرباء".وردت رايس في حينه قائلة "اعتقدت أنه من الجيد ألّا أنجب أولاداً. واعتقدت أنني أستطيع اتخاذ قرارات صحيحة من أجل هذا الشعب، حتى لو كنت عزباء
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
لغم التفاوض مع أمريكا : كيف نفجره في وجهها؟رسالة مفتوحة الى كوادر المقاومة المسلحة من كافة التنظيمات
صلاح المختار

شبكة البصرة

سألني صديق، يبدو ان نفسه قد تقطع ووصل شوقه للراحة حد الاستعداد للمساومة مع الاحتلال : لم لا تفاوضون الاحتلال الامريكي لتحقيق الانسحاب من العراق رغم دعواته وادعاءاته انه يتفاوض مع فصائل في المقاومة من اجل حل المشكلة؟ وهذا السؤال طرح علينا مرارا من قبل اشخاص من مختلف التوجهات، بعضهم توهم ان الدعوة الامريكية للتفاوض تنطوي على صدق وجدية، خصوصا وان امريكا قد فشلت في خطتها الاحتلالية مما قد يوحي بان الدعوة للتفاوض نتاج استعداد حقيقي للانسحاب عبر التفاوض. وكنا نعرف انه، بالاضافة الى تعب البعض، فان عدم معرفة البعض الاخر بامريكا، بتكتيكاتها وحجم وطبيعة مطامعها الامبراطورية الاستعمارية، هو الدافع لهذه الدعوة، لذلك كنا لا نتعب من شرح اسبابنا والتي اقتنع البعض بها في حين ان اخرين لم يقتنعوا.
ثم جاءت حملة شرسة تروج لاكاذيب مضللة، منها أدعاء اياد علاوي بان البعث قد تفاوض مع الامريكيين بوساطته، الامر الذي نبهنا الى ضرورة حسم الموضوع ليس بصيغة بيان يكذب فقط وجود تفاوض بين البعث والادارة الامريكية، وهو ما حصل، بل عبر تحديد خارطة طريق التفاوض، مع تحديد دقيق للالغام الامريكية المزروعة فيها، وتعلم كيفية تجنبها من خلال تجارب الامة العربية في التفاوض، وهي تجارب غنية جدا ومهمة جدا، خصوصا فيما يتعلق بالتفاوض حول القضية الفلسطينية، والعمل على رمي اللغم الامريكي، المدسوس في قلب لعبة التفاوض، في وجه المفاوض الامريكي في اللحظة المناسبة.
ان مناقشة هذه القضية الان واجب جوهري لإزالة سوء فهم كيفية تفكير امريكا، او لكشف ان التعب والقبول ب(حل وسط)، كما يصف هؤلاء الامر، ليسا سوى عملية انتحار حقيقي، وفي افضل الاحوال تقديم دعم لاستمرارية الوضع المأساوي الحالي في العراق وزيادته، بعد ان تنجح امريكا في أستدراج قادة في المقاومة الى لعبة التفاوض وتورطهم في أشكالياتها المعقدة، وبعد ان تكشف احتياطيات المقاومة العراقية وخططها، الموضوعة للحظات الحسم وتتعرف على القادة الحقيقيين للمقاومة وطريقة تفكيرهم ومستوى وعيهم وتكتيكاتهم... الخ، او على الاقل بعضهم، وهي خطوات ضرورية لقلب مجرى الصراع لصالح امريكا، بعد ان وصلت الى حافة الانهيار واعترفت بفشلها في دحر المقاومة الوطنية. اننا سنتناول بعض الحقائق التي قد تغيب عن بال البعض، وهو يفكر في كيفية انقاذ العراق باقل التضحيات واقصر الطرق، مع انها حقائق بالغة الاهمية، خصوصا قدر تعلق الامر بتجنب الوقوع في فخاخ امريكا الذكية جدا والخطيرة بنفس القدر.

غزو العراق : دوافعه الستراتيجية
قد يخدع البعض بقبول الادعاء الامريكي بان احتلال العراق كان نتيجة خلاف مع حكومة القائد الشهيد صدام حسين وسياسته العامة، ومن ثم فان الغزو محدود الاهداف، وان هذه الاهداف قد تحققت باسقاط النظام الوطني، وان الوقت مناسب للتفاوض من اجل الانسحاب! وهذا كلام فيه بعض الصحة ولكنه لا يكفي لتوفير الحصانة لمن يتعامل مع امريكا، حربيا وسياسيا، لاسباب ستراتيجة ابعد بكثير واهم بكثير من مجرد الاعتراض على سياسات البعث في العراق. ان قرار احتلال العراق هو قرار ستراتيجي، في المقاوم الاول، مدروس بدقة ولزمن طويل كانت محطته الحاسمة افتعال ازمة الكويت في عام 1990، بعد ان شجعت امريكا حكام الكويت على تحدي العراق والتجاوز على حقوقه وكرامة شعبه منذ عام 1988. وسبب تحديد ان الغزو المسلح هو الاسلوب الوحيد المتبقي لاستعمار العراق من قبل امريكا يعود الى فشل المحاولة الامريكية لاستخدام خميني ونظامة القومي الفارسي لاحتلال العراق، وهي محاولة قدرت امريكا انها ستؤدي الى اضعاف العراق وخلخلة توازنه، ومن ثم تسهيل اما احتواءه بلا حرب او اسقاط نظامه، اذا فشل الاحتواء، عن طريق دعم عملاء تبرقعوا باسم (المعارضة). ولذلك لاحظ العالم ان امريكا قد تخلت، في موقفها من العراق المنتصر على ايران، عن (ستراتيجية الحرب بالنيابة)، والتي كانت تخوضها ايران الشاه واسرائيل وانظمة عربية ضد حركة التحرر الوطني العربية وقواها التقدمية بدعم امريكي شامل، وتبنت (ستراتيجية الحرب بالاصالة) عن نفسها، لان انتصار العراق على ايران خميني قد اقنع امريكا ان العراق ليس قوة يمكن لقوى اقليمية دحرها بل ان المطلوب هو تدخل مباشر من قبل تحالف دولي كبير.
لقد روج الاعلام الغربي لكذبة ان ايران بعد اسقاط الشاه قد ضعفت عسكريا وتنظيميا نتيجة فوضى الثورة لذلك اصبحت فريسة سهلة للعراق القوي! هذه الكذبة تسقط بمجرد تذكر ان النصر في الحرب يعتمد بالدرجة الاولى على المعنويات وليس على السلاح فقط، وايران في زمن خميني امتلكت قواها المقاتلة معنويات لم يسبق لايران ان امتلكت مثلها في كل تاريخها، وهي معنويات من ضلل وغسل دماغه وتصور انه يحارب باسم الله وتحت رايته وان الموت اثناء الحرب هو سيد الاماني لضمان دخول الجنة فورا! ووزع خميني عليهم مفاتيح الجنة، التي صنعت في كوريا كما اتضح فيما بعد، ووضعوها في رقابهم واندفعوا للموت بلا تردد وهم يهاجمون القوات العراقية! وقد كتبت اثناء تلك الحرب مرارا اقول بان امريكا او الاتحاد السوفيتي لو قاتلا ايران بعد اسقاط الشاه لهزمتا عسكريا وانتصرت ايران، اذا لم تستخدما اسلحة الدمار الشامل، لان ملايين الايرانيين كانوا مستعدين للموت تطوعا وبتطرف عرفه العالم.
من هنا فان عام انتصار العراق الحاسم والباهر والتاريخي على الاستعمار الايراني (1988)، في قادسية صدام المجيدة الذي حاول احتلال العراق تحت شعار استعماري بغيض اطلق عليه خميني تسمية مضللة هي (نشر الثورة الاسلامية) وهي حقيقة توفرت الان حقائق كثيرة تثبتها، كان نقطة تحول كبرى في الستراتيجية الامريكية تجاه الوطن العربي، لان من انتصر على ايران وهي في اوج قوتها لا يمكن لاية قوة اقليمية ان تدحره، بما في ذلك اسرائيل التي اصبحت مكشوفة ستراتيجيا امام العراق، فقالت امريكا لتوابعها : انسحبوا فجيش صدام حسين لن يقهر الا على يدنا ويد حلفاءنا في العالم. لقد تخلت امريكا مضطرة عن ستراتيجيتها التقليدية في المنطقة وهي خوض (الحرب بالنيابة)، وتبنت ستراتيجية الحرب بالاصالة ابتداء من عام 1988، وشرعت بالاعداد للحرب مع العراق بقيادتها، واستخدمت حكام الكويت لاستفزاز العراق ووضعه في زاوية لا مخرج منها الا بالحرب. والسؤال المهم هنا لماذا قررت امريكا محاربة العراق بالنيابة اولا ثم بالاصالة؟
الجواب هو ان امريكا واجهت مأزقا خطيرا وهو ان فرصة العمر التي انتظرتها مائتي عام للسيطرة على العالم واعادة تشكيله، ليصبح على شاكلتها وفي خدمتها، قد توفرت عندما انهارت الشيوعية في اوربا الشرقية لكن المشكلة الخطيرة، التي صدمت امريكا، هي انها، ورغم توفر الفرصة، لا تستطيع غزو العالم بالقوة العسكرية لوجود قوى كبرى ونووية لن تسمح لها بفرض ديكتاتورية عالمية او نظاما أستعماريا جديدا بقيادتها المنفردة، فما العمل؟ هل تنتظر توفر الظروف المناسبة للغزو العسكري مع ان ذلك قد يؤدي الى ضياع فرصة العمر الوحيدة؟ ام تلجأ لستراتيجية اخرى تتناسب مع توفر فرصة استعمار العالم في ظل محدودية امكانات امريكا لغزو العالم عسكريا؟ الجواب كان تطوير نظرية جيوبولوتيكية جديدة تقول بان من يسيطر على قلب العالم يسيطر على العالم، وقلب العالم هو النفط، لذلك فان من يسيطر على منابع النفط الاساسية يسيطر على العالم، بمجرد التهديد بقطع النفط او تقليل كمياته المصدرة او رفع اسعاره فوق طاقة تحمل الدول المستهلكة.
بتطوير هذه النظرية وجدت امريكا الحل الاسهل والاقل تكلفة، كما اعتقدت، وهو ان غزو كل منابع النفط الاساسية سيوفر الفرصة لاخضاع العالم كله بلا حروب عسكرية تستهلك ثروات امريكا وتبيد الالاف من ابناءها وتشوه صورتها التي رسمتها هولي وود، وهي صورة ايجابية وجميلة، عن طريق ممارسة الابتزاز النفطي، أي استخدام النفط سلاحا سياسيا بيد امريكا ضد كل العالم. وهنا يجب ان نكرر الرد على النقد الضحل للراي الذي يقول بان امريكا غزت العراق من اجل النفط فيتصدى مارينز الاعلام ليقول ان النفظ لم يكن هو سبب غزو العراق لان امريكا تحصل على النفط الذي تحتاجه بلا حروب فلماذا تغزو العراق من اجل مادة تستطيع الحصول عليها بلا خسائر الحرب؟
ان الرد على هؤلاء السذج والملاعين هو ان النظرية الجيوبولوتيكية التي اعتمدتها امريكا لا صلة لها بهذا الرد التافه لانها تتحدث عن النفط كقوة ستراتيجية، وهو ما لا يفهمه او لا يريد فهمه مارينز امريكا في الاعلام او الاقتصاد، وليس عن النفط كقوة استهلاكية، وهو ما يركز عليه مارينز امريكا في الرد على دور النفط في غزو العراق. ان التمييز الواضح بين النفط كقوة ستراتيجية جبارة تحرك العالم كله وبدونه تتوقف اغلب مظاهر الحياة وتنهار دول بكاملها وتحدث فوضى اشد من فوضى أي حرب شاملة، وبين النفط كطاقة استهلاكية اذ توفرت ومهما كانت نوايا ماسك حنفيتها فسوف تبقي حركة العالم قائمة بصعوبات قد تكون كبيرة وقد تكون بسيطة لكنها لا تدمر امما وتهدم مقومات الحياة الطبيعية. فمثلا ان رفع اسعار النفط من قبل اوبيك مرارا احدث مضايقات لكنه لم يهدم دول ويحدث كوارث عامة.
هذه النظرية الجيوبولوتيكية واجهت مشكلة معقدة منعت تطبيقها وهي ان المالك الحقيقي لاكبر احتياطي نفطي عصي على الاخضاع وهو قوي الى درجة تجعل محاولات غزوه مكلفة جدا ومغامرة خطيرة وهو العراق. فالعراق يعد رسميا ثاني اكبر دولة منتجة للنفط بعد السعودية، فهو يملك 120 بليون برميل والسعودية تملك 220 بليون برميل، لكن الاحتياطي المقدر وغير الرسمي للعراق حتى التسعينيات كان بين 250 – 300 بليون برميل، وتوجد مناطق اخرى في العراق لم تستكشف بعد وقتها وكانت ترشح الاحتياطي العراقي للارتفاع اكثر، من هنا برزت المشكلة العملية التالية : من دون دمج النفط العراقي، المكتشف والمقدر، مع نفوط الدول التي تخضع حاليا للسيطرة الامريكية فان العراق قادر بمفرده على منع تطبيق النظرية الجيوبولوتيكية الامريكية، وهو امر يعني تبديد حلم امريكا الاغلى والاقدم وهو اقامة امبراطورية امريكية تسيطر منفردة على العالم، لان العراق بمفرده وباحتياطيه الثابت يستطيع ان يقدم للقوى والكتل والدول المحتاجة للنفط ما تحتاجة دون ابتزاز او شروط سياسية وبذلك تفشل خطة امريكا لاستخدام النفط سلاحا سياسيا لاخضاع العالم كله!
هنا برزت الاهمية الإستراتيجية الكبرى لإخضاع العراق لامريكا، باي ثمن وباي طريقة، لان ذلك هو المفتاح الوحيد لفتح البوابة التي تستطيع امريكا الدخول منها للعصر الامريكي، الذي يجب ان يجعل من القرن الجديد قرنا امريكيا بلا منازع. ان السيطرة الامريكية المنفردة على نفط العراق هدف ستراتيجي حاسم وليس اقتصادي بالاساس، لانه الشرط المسبق لقيام الامبراطورية الامريكية وبدونه ستضيع الفرصة الوحيدة لسيطرة امريكا على العالم. اذن غزو العراق يقع في قلب الإستراتيجية الامريكية الجديدة وهو الشرط المسبق لنجاحها، واذا لم تتم السيطرة عليه لن تستطيع امريكا الانتقال الى موقع القوة الاعظم الوحيدة والمسيطرة على عالم يعاد تشكيله ليصبح خادما مطيعا لامريكا. ان هذه الحقيقية، التي يتجاهلها الاعلام الامريكي والخبراء والساسة في امريكا، وبعضهم ينكرها بوقاحة كما فعل ريتشارد بيرل احد اهم مخططي غزو العراق ومن واضعي خطة جعل القرن الجديد قرنا امريكيا، ويتعامل معها مارينز امريكا العرب، لفرط سذاجتهم اوانحطاطهم الفكري والاخلاقي، وكانها اشاعة كاذبة كما يفعل من تطلق عليهم تسمية (الليبراليون الجدد)، نقول ان هذه الحقيقة هي المحرك الاول والاهم لغزو العراق ومن لا يتعامل معها ويكتشفها لن يستطيع فهم اسباب غزو العراق ومن ثم سيكون مستحيلا عليه اختيار الموقف الصحيح في التعامل مع امريكا وسيجد نفسه وقد وقع في الفخاخ الامريكية، واحدا بعد الاخر، حتما مهما كان يرفض ذلك.
ان اهم ما يترتب على هذه الحقيقة هو ان امريكا، التي ربطت مباشرة بين قيام امبراطوريتها وضمان غزو العراق، تعرف بان الفشل في العراق لا يساوي فقط منع اقامة الديكتاتورية الامريكية العالمية بل انه أيضا المقدمة الحتمية لزوال امريكا، كقوة عظمى منفردة. كيف ذلك؟
ان الفشل الامريكي في العراق يساوي وضع امريكا امام خيارين لا ثالث لهما : فاما ان تختار سياسة العزلة، وهو خيار انتحاري، لسببين، السبب الاول هو ان دورة الانتاج الراسمالي حينما تتخطى الحدود الوطنية وتصبح عالمية الوظيفة لا يمكنها ان تعود مرة اخرى دورة انتاج محلية ووطنية الانتشار، والسبب الثاني هو ان الراسمالية الامريكية من نمط الراسماليات التي دخلت طور الازمة البنيوية، أي ازمة الشيخوخة والاحتضار، لذلك فانها لا تعيش الا على الاقتيات الطفيلي على ما يوجد في غرفة انعاش عالمية اسمها الدولار، فاذا انعزلت امريكا فان العالم لن يكون ملزما باعتماد الدولار عملة رئيسية مسيطرة توفر للاقتصاد الامريكي اعظم مصدر للنهب المنظم. وبما ان الدولار عملة يسجل باسمها اعظم دين في التاريخ في ذمة امريكا، فان مجرد مطالبة الدول والافراد والشركات امريكا بدفع ديونها الخارجية والداخلية، والبالغة اكثر من ستة تريليون دولار، وهو مبلغ يساوي اكثر من 85 % من قيمة الناتج القومي الامريكي، سيكون كارثة مدمرة للاقتصاد والمجتمع هي الاعظم في التاريخ الامريكي. وفي هذا الصدد يجب ان يتذكر الجميع ان كل دولار في الخارج والداخل هو دين في ذمة امريكا لانه لم يعد مسنودا بما يعادله من الذهب منذ ألغيت اتفاقية (بريتون وودز) في السبعينيات من القرن الماضي.
اما الخيار الثاني فهو ان فشل غزو العراق، أي الفشل في استخدام النفط كسلاح جبار لا يرد، سيؤدي الى تفكك امريكا وتحولها الى دول متعددة مستقلة، كما حصل للاتحاد السوفيتي، لاسباب عديدة، منها ان التنافس بين الراسماليات العالمية كاليابانية والاوربية، ومع الصين العملاق الصاعد بسرعة صاروخية، اذا تم في اجواء حرة وبلا ابتزاز فان الغلبة ستكون للراسماليات الاخرى اضافة للصين، التي تشكل التحدي الاعظم للدور الامريكي خلال اقل من ربع قرن منذ الان. وهزيمة امريكا في المنافسة الراسمالية العالمية سيسمح بتغليب المصالح الفئوية داخل امريكا، بصفتها مجتمع جاليات لم تندمج بعد في امة حقيقة، ويطرح جديا ضرورة بروز دول مستقلة على انقاض امريكا تتشكل من الاقوام التي هاجرت الى امريكا ومازالت تحتفظ بسماتها القومية والثقافية الخاصة، تماما كما حصل للاتحاد السوفيتي.
يجب على من يريد فهم مدى استعداد امريكا للانسحاب من العراق ان يفهم هذه الحقيقة، وهي ان معركة العراق بالنسبة لامريكا هي معركة وجود النظام الامريكي ذاته، ووجود امريكا الواحدة كما نعرفها الان بذاته ايضا، وان يضع ذلك في حساباته دائما عندما يفكر في كيفية طرد امريكا من العراق، والا فان محاولة معرفة مدى استعداد امريكا عبث اطفال خدج.

ثوابت مأزق امريكا في العراق
بعد ان وضحنا الاطار الستراتيجي المتحكم بغزو امريكا للعراق من الضروري النظر الى المآزق الامريكية في العراق والتي تجعل الانسحاب مشروطا بها وبفهمها، فما هي هذه المآزق؟ لقد تحملت امريكا نتيجة غزوها للعراق ثمنا باهضا جدا لم تتحمل مثيلا له حتى في حرب فيتنام، والتي كانت تعد حتى غزو العراق اعظم كوارث امريكا الستراتيجية والمالية والمعنوية والسياسية. وهذه الخسائر الباهظة تجعل امريكا اكثر اصرارا على البقاء في العراق والبحث عن طرق جديدة لتحويل الحرب لصالحها، مهما كانت هذه الطرق مدمرة لامريكا في مجالات اخرى. فما هي اهم الخسائر الامريكية التي تجعل انسحابها اصعب جدا؟
1 – ان الخسائر البشرية الامريكية في الحربين العالميتين اللتين خاضتهما ضد العراق، في عام 1991 وعام 2003، ضخمة جدا وتتجاوز بكثير الرقم الرسمي الذي يعلن، وتصل الخسائر الفعلية حسب مصادر المقاومة العراقية ومصادر امريكية غير رسمية الى اكثر من 30 الف قتيل، واكثر من 50 الف معوق جسديا ونفسيا، ولذلك فان غزو العراق اصبح مشكلة امريكية داخلية اصعب من مشكلة فيتنام ستبقى تؤثر سلبا على المحتمع الامريكي لعدة عقود من الزمن، فهل تتخلى امريكا عن العراق بعد كل هذا الثمن الباهض دون ان تعوض عنه بطريقة ما؟

2 - بلغت تكاليف حرب العراق المادية رسميا حتى الآن ما يزيد عن 500 مليار دولار، وما زالت تستهلك حوالي 8 مليارات دولار شهريا، هذا بخلاف التكاليف غير المباشرة مثل تكاليف العلاج الطويل الذي يحتاج إليه المحاربون. ونقلت وكالة يو بي آي من واشنطن معلومات وردت في تقرير أصدره الكونغرس أظهر أن تكاليف الحرب علي ما يسمى ب(الإرهاب) بلغت 510 مليارات دولار حتي الآن، ومن المتوقع أن تتجاوز التريليون دولار بحلول العام 2013. وأوضح المكتب أنه إذا استمرت الحرب 10 سنوات مع خفض القوات إلي 70 ألفاً بحلول العام 2013، فذلك سيعني 919 مليار دولار إضافي، وهو ما سيرفع كلفة الحرب إلي 1.4 تريليون دولار.
وكشف التقرير أن 90% من هذه التكاليف تم دفعه من مخصصات الحالات الطارئة التي لا تخضع لقيود العجز في المصروفات، حين إنفاقها، ولكنها مع ذلك تزيد الدين العام.
واشنطن بوست: الجيش الأمريكي في "دوامة الموت" بسبب العراق وأفغانستان. الاثنين 19-3- 2007 وتكاد تجمع اغلب المصادر الامريكية على ان امريكا خسرت ماديا في الحربين العالميتين ضد العراق اكثر مما خسرت في كل حروبها الاخرى مجتمعة، كما اكد تصريح العالم الامريكي في الاقتصاد الحاصل على جائزة نوبل، بتقديره للكلفة الحقيقية للحرب على العراق وغزوه بحوالي تريليوني دولار (الفي مليار)، بعد حساب كل ما يتعلق بالصرف المباشر وغير المباشر على الغزو ونتائجه واثاره. وهذا الرقم خيالي في حجمه وهوخسارة من المستحيل على امريكا ان تتحملها وتنسحب دون محاولة التعويض عنها. اننا حينما نصف الحرب ضد العراق بانها حرب عالمية لا نبالغ ابدا، ففي حرب عام 1991 قاتلت ضد العراق جيوش 28 دولة وساهمت في الجهد الحربي ضد العراق 43 دولة، بعضها قوى كبرى كبريطانيا وفرنسا، وتقودهم قوة عظمى هي امريكا، وفي حرب غزو العراق ايضا حارب العراق ضد نفس العدد تقريبا ولكن بقدرات اكبر، فهل كان عدد الدول التي شاركت في الحربين العالمتين اكبر؟ بالتأكيد كلا، بل ان الجيوش التي قاتلت العراق كانت تستخدم اسلحة افتك وارقى بكثير من تلك التي استخدمت ضد المانيا واليابان.

3 – خسرت امريكا نتيجة غزوها للعراق واحدا من اعظم مصادر قوتها وهو تكتيك ابتزاز العالم بقوتها العسكرية والتكنولوجية التي لا تقهر. في نظريته حول دور الصواريخ النووية العابرة للقارات يقول زبجنيو بريجنسكي، مستشار الامن القومي للرئيس جيمي كارتر، بان القيمة الحقيقية للصواريخ النووية هي ليست في استخدامها بل في قدرتها السايكولوجية الردعية، فحينما يعرف العالم، خصوصا العدو بأنك تملك سلاحا مدمرا جدا سيخشاك ويتجنب المواجهة معك، لذلك لا تحتاج لاستخدام الصواريخ النووية ضد احد مادام الجميع يخشونك ويتجنبون الاصطدام بك. في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية برزت امريكا بصفتها القوة العالمية العظمى الاولى والتي تستطيع تدمير الكرة كلها عدة مرات بخزينها النووي لذلك كان العالم يتجنب الاشتباك مع امريكا، بما في ذلك القوى النووية الاخرى كالاتحاد السوفيتي والصين وغيرهما. وهذه السمعة منحت امريكا امتيازا استثنائيا مكنها من تحقيق الكثير من المكاسب الستراتيجية دون خوض حروب حقيقية، ولعل ازمة الصواريخ الكوبية في الستينيات وتنازل الاتحاد السوفيتي، رغم عظمته، لامريكا وسحبه لصواريخه منها، احد الامثلة الكبيرة على القيمة الردعية او الابتزازية للقوة الامريكية.
هذه القيمة الابتزازية او الردعية الامريكية، التي ارعبت العالم كله دون استثناء خلال خمسة عقود، نجحت المقاومة العراقية في تبديدها، او على الاقل خلخلتها، حينما غزت امريكا العراق وهي مسلحة بافضل الاسلحة في التاريخ الانساني وبدون منافس او رادع كبير لها كما كان الحال عندما وقعت حرب فيتنام، وضد عدو بسيط التسليح حوصر لمدة 13 عاما وجرد من اغلب اسلحته، واستنزف لمدة ربع قرن تقريبا بحروب فرضت عليه فرضا هو العراق، ومع ذلك فان ارادة القتال لدى شعب العراق ومقاومته الباسلة مرغت انف امريكا في الوحل لمدة وصلت الان خمس سنوات عجزت خلالها امريكا عن تحقيق نصر واحد على المقاومة العراقية.
ان العالم كله يعرف الان ان امريكا قد خسرت واحدا من اعظم مصادر قوتها وهو ابتزاز العالم بالقوة الامريكية الرادعة والمخيفة، فبين عامي 1991 و2003 انكشفت حقيقة امريكا وبان للعالم معدن امريكا الحقيقي وليس الذي فبركته الدعاية وهولي وود، وتحول النمر الامريكي المزود بانياب ذرية مدمرة الى نمر من ورق بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وعرف الشعب الامريكي حدود قوة دولته، كما اكتشف العالم امريكا الحقيقية من خلال هزيمتها في العراق وهي انها يمكن ان تهزم اذا توفرت ارادة القتال لدى الشعب وتوفرت له قيادة وطنية شجاعة وذكية، فسقطت ورقة الابتزاز الامريكية الاولى التي قهرت بها الكثير من الشعوب واذلتها وابادت عشرات الملايين من البشر نتيجة تمتعها بهذه القدرة الابتزازية. والسؤال هنا هو : هل يستطيع نمر جريح تعود على الافتراس السهل للضحايا ان يكبح نزعة الانتقام لديه ممن عراه وهزمه وجرحه؟ ان المقاومة العراقية علمت العالم كله ان القوة العسكرية للدول مهما بلغت في تفوقها وتدميرها اذا لم تقترن بقوة معنوية لجيوشها وشعبها فانها تتحول الى عبء معنوي ومادي كبيرين عندما تواجه شعبا مصمما على الدفاع عن كرامته واستقلاله الوطني كالشعب العراقي.
ان المقاومة العراقية، ورغم كل المصاعب التي تواجهها، انتصرت وتقدمت وحافظت على تقدمها ولم تتراجع ابدا رغم خسائرها البشرية الهائلة، لذلك فان نظرية الردع بالتلويح بالقدرة التدميرية الامريكية دون استخدامها قد سقطت في العراق رغم استخدامها الكثيف والشامل، واصبحت امريكا كاللص الذي يخيف ضحاياه بمسدس مملوء بالذخيرة القاتلة لكن الضحايا يتحدونه وهم يظنون ان ذخيرته فعلا قاتلة لكنهم يكتشفون عند الصراع معه بانها ذخيرة فاسدة، فكيف يكون وضع اللص بمواجهة الضحايا؟

4 – كانت امريكا لقرنين من الزمن تتحدث عن (القيم الامريكية) وضرورة تصديرها للعالم واعتبار ذلك (رسالة اخلاقية يحملها الشعب الامريكي للعالم)، واستخدمت تلك الاسطورة الكاذبة في الصراع مع الشيوعية اثناء الحرب الباردة، وكان لها تأثير كبير في العالم رغم دلالات حرب فيتنام اللا اخلاقية التي هزت صورة القيم الامريكية وقدمت صورة لامريكا، تمثلت في انتشار وصف امريكا ب(الوجه الامريكي القبيح) في العالم. ومن اهم القيم الامريكية التي خدع بها كثيرون احترام الانسان كفرد وحقوقه في القول الحر والممارسة الحرة لاعماله، ومنع تعريضه للاضطهاد والتعذيب ومصادرة حرياته الشخصية وحماية حياته من الاعتداء، وخصوصيته وتوفير الفرص لتحقيق الثراء المادي، واطلاق كافة النزعات الشخصية الانانية الفردية وتحريرها من كافة القيود على الجنس وغيره، ورفض تضحية الاجيال الحالية بامتيازاتها من اجل الاجيال القادمة،...الخ.

هذه القيم أغرت البعض في العالم الثالث واوربا الشرقية وخدعتهم وورطتهم في مواقف ندم الكثيرون بسببها، مثل تهديم مجتمعات اوربا الشيوعية والاتحاد السوفيتي، التي كانت تقدم للمواطن كل شيء مجانا من سكن وطب وتعليم وخدمات، لكنها افتقرت للحرية الفردية وتميزت بانها مثلت نظما شمولية تخنق الانسان، ففضل بعض الناس حرية الصراخ ولبس الجينز والحصول على العلكة على ضمانات الحياة الاساسية، فسقطوا في فخ الجوع وبيع الجسد الانساني من قبل نساء، وبيع الضمير من قبل رجال من اجل لقمة العيش! لقد كان الابتزاز الاخلاقي باسم القيم الاخلاقية الامريكية احد اهم اسلحة امريكا ضد الاتحاد السوفيتي واوربا الشرقية، وكان مقدمة فعالة للغزو الثقافي لتلك البلدان ولغيرها، كما كان من اهم اسس الدعاية الامريكية المصممة لغسل ادمغة الامريكيين واقناعهم بانهم يذهبون للغزو من اجل قيم عليا وراقية.
لكن المقاومة العراقية بكفاحها الناجح بشكل استثنائي في دحر الاحتلال اجبرت امريكا على كشف وجهها الحقيقي وتقديم الترجمة الحقيقية لمعنى (رسالة امريكا الاخلاقية). لقد اكتشف العالم ان الرسالة الاخلاقية الامريكية للعالم، في ترجمتها الواقعية، هي القتل الجماعي للابرياء وتدمير بلدان كاملة وانتهاك كل الحصانات التي وفرها القانون الدولي واتفاقيات جنيف حول حقوق الانسان، من اجل نهب ثروات الاخرين واحتكار ثروات الكرة الارضية. لقد حولت قوات الاحتلال الامريكية، وباوامر مباشرة من بوش ورامزفيلد وتشيني، العراق كله الى ابو غريب يقوم فيه الضابط الامريكي بابشع الانتهاكات لجسد وكرامة وحقوق وحياة الانسان العراقي، لدرجة ان كلمة (ابو غريب) اصبحت ترمز في العالم الى احتقار امريكا لكل ما هو انساني وخير. كما ان قوات الاحتلال الامريكية جعلت من مدن العراق كلها مقابر جماعية بعد ان اطلقت حكومة بوش - تشيني - رامزفيلد الغرائز الحيوانية للضابط الامريكي كي يتفنن في القتل الجماعي ونهب اموال العراقيين والدولة العراقية واغتصاب العراقيات بلا تردد او قيود او عقوبات.
لقد شاهد العالم امريكا الحقيقية في العراق، بصفتها الثابتة والمؤكدة، وهي انها الرمز الاسوأ للشر الاقصى، واداة للقتل الذي يمزق اجساد الاطفال والنساء والشيوخ، ورأى العالم برعب كيف ان التلذذ بقتل العراقيين وتعذيبهم لم يشبع نزعة القتل لدى الضابط الامريكي فاخذ يستخدم الكلاب المدربة على الحاق اشد الاذى بالانسان في تمزيق اجساد الاسرى العراقيين لمجرد الشعور بلذة القتل وتمزيق لحم الضحايا، او العبث بجسد العراقيين الذين ماتوا من جراء التعذيب وتصوير ذلك وتعميمه على العالم ليرى بتقزز كيف ان ضابطا امريكيا يدس اصابعه في مؤخرات الموتى، وكيف ان ضابطة امريكية تجر الاسرى وهم عراة كما خلقهم الله بالحبل الملتف حول رقابهم كالكلاب، لمجرد التلذذ السادي! هذه هي امريكا التي عرفها العراقيون من واقع تجربة الاحتلال ولم يسمعوا بها من دعاية ما، وهي بهذا المعنى دولة الشر المطلق والانحاط التام الاخلاقي والانساني والتي لم تظهر في كل التاريخ الانساني دولة وحشية اسوأ منها على الاطلاق، فهي الاسوأ دون ادنى شك في كل ما يتعلق بالرحمة والمشاعر الانسانية وامتلاك روادع اخلاقية.
ان اطلاق هذه الوحشية الامريكية ضد الشعب العراقي هو نتاج قرارين رسميين امريكيين : قرار الحكومة الامريكية وضع الضابط الامريكي في منطقة القتل الحتمي نتيجة غزو العراق، وتحت ضغط شعوره بانه سيقتل حتما برصاص المقاومة الشرسة للاحتلال الاستعماري الامريكي وبقوة الرعب والخوف من الموت، اصبح الضابط الامريكي اداة قتل لا غاية لها سوى القتل، حتى لو لم تكن هناك ضرورة حربية له، وحتى لو كان الضحايا اطفال، وحتى لو كان عددهم الاف الضحايا! لقد كان الضابط الامريكي ومازال يقتل لمجرد الشك، ويقتل عند الشعور بالقلق، ويقتل عند اصابته بالكأبة، ويقتل اذا غضب على زميله او ازعجه صوت زوجته الغاضبة عندما تحدثه في التلفون! بل ان الجندي اوالضابط الامريكي ونتيجة لصعوبة العيش في العراق اصبح يجد الترفيه الوحيد في القتل! اما القرار الثاني الذي اطلق الغرائز الوحشية الامريكية، وهي الاكثر دموية في التاريخ الانساني كله، فهو قرار امريكا عدم محاسبة جنودها في العراق، مهما فعلوا وارتكبوا من جرائم! فتخيلوا ان مجرما عتيقا كان نائما تحت جلد اغلب العسكريين الامريكيين في العراق يقال له لن تحاسب مهما فعلت ومها قتلت ومهما نهبت من ثروات ومهما عذبت في العراق، ماذا يفعل؟ ان ابو غريب لم تكن فقط محصورة في المكان المحدد الذي يطلق عليه هذا الاسم بل ان كل سجن امريكي في العراق كان، ومازال، ابو غريب، وكل ما ارتكب من جرائم في سجن ابو غريب يرتكب في مئات السجون الاخرى في العراق التي اسسها الاحتلال الامريكي. وهكذا وجدنا الامريكي في العراق مخلوقا متوحشا فقد كل صلة له بالانسان الطبيعي واصبح رمزا حقيقيا لكل ما هو شرير وفاسد ومتوحش الى اقصى حدود التوحش.
لقد عرف العالم جزء مما ارتكبته امريكا من جرائم فاصابه الرعب والاشمزاز من النزعة الامريكية لافتراس الاخر بلا رحمة، فهل تتصورون صدمة العالم غدا حينما سيكتشف الجرائم الحقيقية والكاملة التي ارتكبتها القوات الامريكية ضد شعب العراق بأوامر مباشرة من بوش وتشيني ورامزفيلد؟ بعد ان اهتزت وضعفت القيم الامريكية، بنظر العالم الخارجي، نتيجة جرائم امريكا في فيتنام جاء غزو العراق ليسقط الى الابد اسطورة القيم الاخلاقية الامريكية ويسقط معها اكذوبة الرسالة الاخلاقية الامريكية الى العالم، وحلت محلهما صورة واحد لامريكا وهي انها الشر المطلق مجسدا في جيوش لا تعرف سوى القتل والابادة واغتصاب النساء والرجال والشيوخ والاطفال وسرقة اموال الافراد والشعوب! ان غزو العراق اصاب امريكا بلعنة ابدية لن تزول الا مع زوال الشر المطلق.
ما هي نتائج هذه السايكولوجية المرضية؟ يمكن تلخيص الصورة كما يلي : ان الجيش الامريكي في العراق يعمل، تلقائيا وغريزيا، وفقا لشعارين محددين، الاول هو (أقتل غيرك لتزيد ثروتك) والثاني هو (اقتل لئلا تقتل). هذه الحقائق التي تدركها امريكا تشكل عوامل اصرار على البقاء في العراق مهما كان الثمن، وحتى لو كانت الحرب تسير لغير صالح امريكا، لذلك فان من يريد الافتراض بان امريكا ستخرج من العراق دون تذكر ما قلناه ومعالجته بالتفاصيل، محكوم عليه بلعنة الوقوع في اسر أخطاءه.

كيف تفهم امريكا التفاوض؟
من يسمع بان امريكا تريد التفاوض يظن فورا انها تريد التفاهم حول الانسحاب، السريع او البطئ، وهنا يكمن مقتل من لا يعرف النظرية الامريكية في التفاوض. ان شرح هذه النظرية شرط مسبق لتجنيب بعض الوطنيين الوقوع في فخ امريكا، الذي قد يكون قاتلا او على الاقل مشوها لصورة وطنيين يجدون انفسهم وقد تورطوا في موقف لا يستطيعون مواصل التمسك به لانه خاطئ، لكنهم ايضا لا يستطيعون التراجع بسهولة عنه لانهم ساروا في طريق فيه التزامات من الصعب التملص منها، وهذا ما حصل مع منظمة فتح في فلسطين اولا، ثم يحصل الان مع حماس لجرها للوصول الى ما وصلت اليه فتح من حيث الموقف من الاعتراف باسرائيل، كما سنرى.

هدف التفاوض : سرقة الوقت
تقوم نظرية التفاوض الامريكية، والاسرائيلية، على اعتبار التفاوض احد اهم تكتيكات مواصلة الحرب بطرق غير عسكرية لضمان تضليل العدو او احتواءه او على الاقل ارباكه. فحينما ترى امريكا ان حربها او ازمتها مع طرف ما غير قابلة للحل بالقوة العسكرية، او بالضغوط المتاحة، تلجأ الى طلب التفاوض مع الخصم، مباشرة او عبر وسيط، وتحيط الطلب باجواء توحي بانها مستعدة لتقديم تنازلات مهمة مما يجعل الخصم الغير عارف بهذه السياسة يظن بان امريكا المنهكة والفاشلة، او ان اسرائيل التي كانت تتعرض لهجمات المقاومة قد وصلت الى حد الاستسلام والاستعداد لتقديم تنازلات، فيوافق الخصم على التفاوض وهو يفترض انه سيكلل بنتيجة سريعة. لكن امريكا ودبلوماسيتها تتصرفان على نحو مغاير تماما، وفقا لنظرية خير من جسدها عمليا هنري كيسنجر تسمى (التفاوض من اجل التفاوض) او (التفاوض لسرقة الوقت).
ان امريكا، وحينما تبدا التفاوض، تأخذ بطرح مقترحات وبدائل عديدة ومعقدة او طويلة، وتتضمن افكارا تحتاج للدراسة والمناقشة والاخذ والرد الطويلين، مع ملاحظة حشر افكار مغرية للطرف الاخر لابقاءه مستمرا في وهم انه قد يحقق مكسبا بالتركيز على العناصر الايجابية في الطروحات الامريكية.
هنا تضع امريكا واسرائيل الطرف العربي في قلب نظرية (التفاوض من اجل التفاوض) وليس للوصول الى تفاهم او اتفاق او حل نهائي، وهدف هذه النظرية الأساس هو كسب الوقت من قبل امريكا او اسرائيل عبر جعل التفاوض بلا نهاية، فما ان تطرح مبادرة او مشروع ويبدأ التفاوض حولهما ويستمر سنوات حتى يطوى نتيجة عدم الاتفاق ويعرض مشروع او مبادرة اخرى بديلة، ويبدأ الركض التفاوضي ويستمر لسنوات، ثم ترفض وتطرح اخرى ثالثة، وبعدها رابعة وخامسة، دون التوصل الى حل! وتتخلل ذلك فترات توقف المفاوضات لزمن غير محدد، وحينما تتوتر الاوضاع تحيى المبادرات القديمة او تقدم اخرى جديدة ويبدأ سباق التفاوض العبثي مرة اخرى ليصل الى نقطة ميتة مرة عاشرة او عاشرة بعد المائة!
في هذه الاجواء، والتي تتعب المفاوض العربي، يصبح الشعور بالراحة هو الامل المرحلي وليس استعادة الحقوق، وعلى المستوى الرسمي، ونتيجة تعب المفاوض العربي من طول الركض وراء سراب الوصول الى حل وتضاؤل الامل، مع بقاء احساس ضعيف لديه بوجود احتمال الوصول الى نتيجة، يقدم هو الاخر مقترحات وخطط للنقاش وتكون تلك بداية مسار أكثر تعقيدا وطولا لانه صار صاحب مبادرة وعليه مواصلة تبنيها والدفاع عنها، فيوصل امريكا الى الهدف الحقيقي في نظريتها الخاصة بالتفاوض، وهو ما يسمى (سرقة الوقت). ان سرقة الوقت هو اساس نظرية التفاوض الامريكية مع العرب بشكل خاص، وهي عملية تقوم على الهاء الخصم بالتفاوض المعقد والطويل زمنيا مع وجود قرار مسبق بعدم السماح بحصول اتفاق او حل حقيقي والعمل على احتواء الطرف العربي، وذلك يعني تجريده من مصادر قوته اثناء التفاوض وشق صفوفه، او القيام باتخاذ إجراءات تعزز الموقف الامريكي اوالاسرائيلي.
واثناء تلك العملية تقوم امريكا او اسرائيل بمحاولات خارج التفاوض لتغيير المعادلات على ارض الصراع العسكري، وتحاول أيضا فهم الخصم بصورة افضل وادق، مثلا فهم طريقة تفكيره وتكتيكاته ودرجة تحمله للضغوط النفسية والجسدية...الخ. وخلال هذا الوقت الطويل تعيد امريكا او اسرائيل ترتيب اوضاعها هي بما يؤمن تفوقها اذا استأنف الصراع، او اذا كان مستمرا تستطيع العمل بشكل افضل. وهكذا ومن خلال استمرار التفاوض تضيّع امريكا على خصمها الفرصة التي اتيحت له لانتزاع تراجعات كبيرة من امريكا، وهي محاصرتها باحتمال الهزيمة، بعد ان يبرد قليلا ويعتقد بان طريق التفاوض مفتوح لاكمال ما حققه العمل العسكري من انجازات.

تطبيق نظرية سرقة الوقت
ان ما حصل على ساحة صراعنا في فلسطين يقدم لنا صورة متكاملة لتكتيك سرقة الوقت، فامريكا، التي تعد الراعي الحقيقي لكل المفاوضات العربية الاسرائيلية منذ مشروع روجرز عقب هزيمة عام 1967 وحتى الان، اعتمدت نظرية سرقة الوقت مع المفاوضين العرب، والذين اظهروا قدرا واضحا ومحزنا من السذاجة او التواطؤ اثناء التفاوض، لانهم استمروا يتفاوضون منذ عام 1967 وحتى الان (40 عاما) مع امريكا واسرائيل حول ما يسمى (مبادلة الارض بالسلام) تنفيذا لقرار 242 الصادر عن مجلس الامن في نفس العام، دون ان يتوقفوا ليسألوا انفسهم : كم تراجعنا عن مطاليبنا الاصلية وهي مشروعة بالتأكيد؟ وكم تقدمت اسرائيل في عملية قضم المزيد من حقوقنا؟ وكم تراجعت امريكا واسرائيل عن عروض قدمت للمفاوض العربي لإغرائه بالبقاء محاصرا بطاولة مفاوضات لا نهاية لها وتدور عجلتها فوق المطالب العربية فتسحقها وتزيلها، مما يجبر المفاوض العربي على تقديم مشاريع اخرى تقبل بإلغاء المطالب السابقة والبدء من ذلك التنازل، حتى وصل المفاوض العربي الان الى حدود التنازال حتى عن مقترحات كانت اسرائيل وامريكا تطالبان بها وكان المفاوض العربي يفضها بشدة؟!
لنذكر بمسلسل التنازلات العربية ليدرك كادر المقاومة العراقية الذي قد لا يعرف حقيقة دور التفاوض في السياسة الامريكية والاسرائيلية طبعا :
1– كان قرار 242 الذي صدر عقب حرب عام 1967 واحتلال اسرائيل لاراض سورية هي الجولان، واراض مصرية هي سيناء، اضافة لاكمال احتلال كل فلسطين التاريخية، وقام على المطالبة ب(انسحاب من اراض عربية)، بعد ان حذف اللورد كارادون البريطاني حرفي التعريف (أل) ليجعل الانسحاب وفقا للقرار من بعض وليس من كل الاراضي التي احتلت في تلك الحرب! وكان ذلك من مظاهر سذاجة الدبلوماسيين العرب والحكومات العربية! بحذف (ال) التعريف دخلنا في متاهة سرقة الوقت لان الجهد انصب على التنافس في تحديد ما المقصود : هل هو الانسحاب من كل الاراضي ام من بعضها؟
لقد ادت هذه العملية اللغوية التضليلية المقصودة الى نقل المفاوضات من تحقيق الانسحاب الى الجدل حول هل هذا انسحاب كامل ام ناقص؟ وتمسكت اسرائيل وبريطانيا وامريكا بالقول ان المنطوق يقول انسحاب وليس الانسحاب. وهذا شكل مهم من اشكال سرقة الوقت.

2 – كان جوهر القرار هو مبادلة الارض العربية التي احتلت عام 1967 بالسلام، أي ان على العرب ان يعترفوا باسرائيل مقابل اعادة بعض الاراضي العربية واحداث تعديلات في حدود ما قبل الهزيمة لضمان امن اسرائيل. وبعد مفاوضات مرهقة وطويلة استمرت سنوات قبلت الحكومات العربية التفسير الامريكي الاسرائيلي البريطاني وتنازلت عن تمسكها بالانسحاب الكامل وصارت تريد دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة مع تعديل الحدود لصالح الامن الاسرائيلي! وكان من اهم احصل هو النجاح في جر منظمة التحرير الفلسطينية وتيار داخل فتح للتنازل عن اهم ما ورد في الميثاق الوطني الفلسطيني، وهو التحرير الكامل لارض فلسطن من البحر حتى النهر، وصار الهدف هو دولة في الضفة والقطاع فقط وتقاسم القدس! وكان المنطق الذي ركزت عليه امريكا هو ان انشاء دولتين دولة فلسطينية واخرى اسرائيلية سيحل المشكلة جذريا وعلى العرب الان قبول ما يقدم لهم لكي لا تتكرر تجربة رفض العرب قرار الامم المتحدة انشاء دولتين في فلسطين، والذي رفضه العرب فاحتلت اسرائيل اراضي ما كان يجب ان يصبح دولة فلسطينية. وفق هذا الطرح الامريكي قبلت اغلب الحكومات العربية بذلك وتنازلت عن الاراضي التي احتلت عام 1948 وبعض الاراضي التي احتلت عام 1967. وهذا احد اهم مكاسب جعل التفاوض مجرد عملية كسب للوقت.

3 – وبعد ان رقص حكام عرب على موسيقى وحدة ونص، ابتهاجا بموافقة امريكا واسرائيل على دولة فلسطينية في الضفة والقطاع وقسم من القدس، بدأت المفاوضات حول الدولة الفلسطينية وحدودها وطبيعتها الامنية والعسكرية والسياسية والسكانية، والتفاوض حول تحديد ماهي الاراضي التي احتلت عام 67 وكم يقتطع منها لاغراض امنية اسرائيلية، وماهي شروط اعادة سيناء والجولان...الخ! سرقة الوقت كان التكتيك الاول لامريكا واسرائيل، وتعمد اطالة المفاوضات كان القرار الامريكي الاسرائيلي الغالب مقابل (حكمة عربية) جعلت الحكومات تمارس ازدواجية مذهلة : فهي تبدو حكيمة ومتعقلة وطويلة البال مع امريكا واسرائيل لكنها حمقاء ومتعجلة وقاسية مع الشعب العربي!

4 – وبتكرار عرض المشاريع ومناقشتها لسنوات، ثم التخلي عنها وطرح مشاريع بديلة، ينغمس الحكام العرب في مناقشتها لسنوات اخرى وصل العرب الان الى ما يلي : ان الدولة الفلسطينية الموعودة قد صارت سلطة فلسطينية، أقل من حكم ذاتي بكثير، غير محددة الملامح والهوية تحت السيطرة التامة للاحتلال الاسرائيلي، والارض التي كان يجب ان تعاد تضاءلت نسبتها فاصبحت حوالي 18 % من ارض فلسطين، وشرط اقامة سلطة وليس دولة هو ان تكون مجردة من السلاح وتابعة امنيا لاسرائيل وخاضعة اقتصاديا لاسرائيل! لقد طويت صفحة استعداد اسرائيل للاعتراف بدولة فلسطينية حقيقية عازلة بين العرب واسرائيل وتقام على الضفة وغزة، كما قيل في السبعينيات!

5 – واذا نظرنا الى ما يجري الان نلاحظ بوضوح ان امريكا واسرائيل تعملان على تنفيذ خطة تصفوية تضع حدا نهائيا للوجود الفلسطيني، فهناك الان خطة تزداد خطوطها وضوحا يوما بعد اخر تقوم على تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، البالغ عددهم اكثر من اربعة ملايين فلسطيني في الشتات، عن طريق اجبار الفلسطينيين على التنازل عن حق العودة وهو حق قانوني طبقا لقرارات الامم المتحدة، ودمجهم في اماكن الشتات العربية في لبنان وغيرها، وتوطين اللاجئين الاخرين في غرب العراق، ودمج الضفة الغربية بالاردن واقامة اتحاد كونفدرالي اردني – اسرائيلي يضم فلسطينيي غرب العراق والاردن والضفة تحت السيادة الاسرائيلية، اما غزة فتضم الى مصر نهائيا!
بين دولة فلسطينية كاملة في الضفة وغزة، عرضتها اسرائيل وامريكا لتكوين جدار بشري عربي عازل يحمي اسرائيل من (الخطر العربي)، تقام بضمانات عربية ودولية، وحل توزيع الفلسطينيين على دول الجوار وانهاء الوجود الفلسطيني الوطني الى الابد، وقمع حتى سلطة هي اقل من حكم ذاتي بكثير، نجد ان فكرة التفاوض كانت هي الخيار الملعون الذي اوقع قيادات فلسطينية في الفخين الامريكي والاسرائيلي وجعلها تتراجع باستمرار عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وتواجه خيار التذويب الكامل للهوية الفلسطينية والحق الفلسطيني!

لقد وصل التراجع الفلسطيني الى نقطة العدم، أي الى النقطة التي لا توجد بعدها تنازلات، فحل وقت التصفية النهائية للقضية الفلسطينية بسلاح فلسطيني هذه المرة، نراه مرفوعا في غزة والضفة بعد ان قسمت السلطة، بطريقة انقلابية مثيرة لاعمق الشكوك المشروعة وهي سلطة شكلية لا غير يتحكم فيها الاحتلال بشكل تام، الى سلطتين والبندقية الى بندقيتين، ليس بسلاح عربي او امريكي او اسرائيلي، كما كان يحصل في العقود التمهيدية السابقة، بل بسلاح فلسطيني تمثل في اللجوء الى السلاح للسيطرة على غزة وترك الضفة لسلطة فتح، في اصرار عجيب على ان لا تراجع عن هذا المكسب مع ان العالم يعرف بان لا السلطة في غزة ولا الاخرى في الضفة تمثل سلطة مستقلة ولو بالحد الادنى، لان الاحتلال الاسرائيلي هو الحاكم الفعلي! اننا نؤكد بجزم تام بان التخطيط الاسرائيلي الامريكي هو الذي حدد مسار التأزم الفلسطيني – الفلسطيني وفجره، وهو الذي يصر على تعميق الشرخ بين فتح وحماس، وهو الذي اسقط شعار حرمة الدم الفلسطيني وجعل الاستيلاء على غزة يستأهل سفح دم اكثر من مائة فلسطيني!
ونحن نراقب ماساتنا في فلسطين لا يسعنا والدم، وليس الدمع، يتحدّر من عيوننا، الا ان نقول لقيادات حماس وفتح : مبروك على وعيكما وشعوركما بالمسئولية الذي جعلكما تتقاتلان على سلطة تقع ادارتها في فم الضبع الاسرائيلي، ولذلك فهو يلوكها كما يشاء ومتى شاء، وانتم كبار السلطة في غزة (المحررة) بدم اكثر من مائة شهيد فلسطيني قتلوا عند (تحريرها) من يد محمد دحلان، والاخرى الاكثر تحررا في الضفة، اسرى داخل فم الضبع الاسرائيلي، وهي سلطة يدرك طفل غر في الخامسة من عمره انها لعبة بيده، ولا تستحق قطرة دمع، وليس قطرة دم، حينما يفقدها، فكيف ذبحتم اكثر من مائة شهيد فلسطيني في غزة فقط من اجل سلطة هي لعبة اطفال اعطاها لكم المحتل، كي يفقدكم الصواب ويسكركم بخمرها المعتق، تمهيدا لقذفكم الى الصحراء للمرة الاخيرة؟
ان الدرس الاكبر من تجربتنا في فلسطين هو ان العدو، سواء كان اسرائيليا او امريكيا، يفتح باب التفاوض معنا ليس للانسحاب او اعادة حقوقنا بل للعب علينا بتقديم لعب اطفال لنا لإلهائنا وإغرائنا وجعلنا نتقاتل من اجلها، كما تقاتل دحلان وخالد مشعل، ثم تطلق رصاصة الرحمة في النهاية على راس كل من دحلان، لان دوره انتهى، وعلى رأس مشعل، اذا أما اصر على موقف حماس الاصلي، وهو موقف فتح الاصلي بالمناسبة، واصبح عقبة، او لانه تكيف كما تكيف محمود عباس فاحرقت اوراقه واصبح حرق سادات فلسطين ضرورة كما احرق سادات مصر من قبل، وبعد ذلك سيأتي الشتات الفلسطيني الجديد بتهجير من تبقى من الفلسطينيين!
تذكروا فقط ما ذكرناه : لقد كان اهم مطلب اسرائيلي حتى هزيمة عام 1967 هو الاعتراف العربي فقط بأسرائيل مقابل السلام، كما توسلت غولدا مائير وغيرها، ثم تطور وصار الاعتراف مضافا اليه التطبيع الكامل مع اسرائيل كشرط مسبق للصلح مع العرب، فزادت مطاليب اسرائيل. ومقابل ذلك فرض على العرب قبول منطوق القرار 242 الخاص بانسحاب من اراض عربية، وليس الانسحاب من كل الاراضي العربية، فنقصت مطاليب العرب! وتدريجيا، وبعد اربعين عاما من التفاوض المرهق حتى للبغال، اخذت اسرائيل كل شيء وتنصلت عن كل الوعود والالتزامات، التي قدمتها اثناء لعبة سرقة الوقت المسماة التفاوض، حتى ما وعدت بتقديمه للعرب اثناء تلك اللعبة الجهنمية، وخسر العرب كل شيء، حتى ماكان بين ايديهم قبل بدأ التفاوض!
ومانراه الان من تصارع دموي بين حماس وفتح، حول لعبة لا يقع في فخها الا الخدج وليس الاطفال، ما هو الا الحلقة الاسرائيلية الاخيرة في لعبة التفاوض الاسطورية من اجل دفن قضية مشروعة اسمها احتلال فلسطين، واذا لم يدرك خالد مشعل ذلك وينتقل من وعي الخدج الى وعي القادة فانه لا يختلف كثيرا في ممارساته عن محمد دحلان، الذي وصل الى احضان امريكا بعد ان كان يصرخ (عاشت فلسطين) كما يفعل مشعل الان، ومازال يتجرأ، أي دحلان، على القول ان حماس انزلت علم فلسطين ورفعت علمها الخاص!

ماذا يجب ان يتعلمه العراقيون؟
ان الدرس الاعظم الذي يجب ان نتعلمه نحن العراقيون، ونحن نخوض المرحلة الاخيرة من حرب تحرير العراق، هو ان النصر الحاسم حتى لو كان مضمونا عسكريا فان حماقة الاطفال الخدّج، وهم يتعاركون على لعبة تافهة كما نراها الان في غزة والضفة، قد تقودنا الى الهزيمة مهما كنا اقوياء ومتفوقين، لذلك علينا التمسك بحبل الله حبل النجاة المتمثل في :
1 – التوقف الفوري من قبل كافة الفصائل عن الحديث عمن يحق له حكم العراق، سواء الان او بعد التحرير، لان تلك المسألة هي ام الفواحش الوطنية كلها، وهي الثغرة التي تريد امريكا الدخول منها لبيت المقاومة العراقية النظيف لتخريبه وتدميره كليا، كما حصل لنا في فلسطين. ان مسألة من يحكم العراق تخضع لقانونين صارمين لا يجوز القفز من فوقهما، وهما قانون ان تشكيل حكومة في ظل الاحتلال ما هو الا حماقة اطفال خدّج، هذا اذا افترضنا توفر شرط الوطنية والبراءة من خدمة الاحتلال، لان الاحتلال يستطيع احتواء أي حكومة بالقوة نتيجة تفوقه المطلق عسكريا، وبالاخص يمكنه ذلك من استنزاف المقاومة يوميا دون ان يخسر شيئا هو مادامت للمقاومة سلطة ومراكز ورموز محددة. اما القانون الاخر فهو ان السلطة في العراق المحرر لن تكون لحزب او جماعة واحدة بل هي لكل من شارك في تحرير العراق، وفي اطار جبهة وطنية عريضة تضم الجميع، ولا تستثني احدا من الوطنيين.
من يتجاهل هذين القانونين لا يمكن ان يوصف الا انه اكثر من ساذج، وانه دون شك عميل للاحتلال، لان محاولة اقامة سلطة في ظل الاحتلال والانفراد بالعراق ما هي الا وصفة حتمية للقتال الدموي بين المقاومين العراقيين وهو امر لن يخدم الا الاحتلال ويلحق ضررا فادحا بالشعب العراقي وثورته المسلحة. وبسبب هذه الحقيقة فان من له الحق بالمطالبة بالسلطة، وهو البعث لانه كان فيها حاكما لمدة 35 عاما، لكنه تخلى عن حقه هذا لانه اراد غلق أي باب تدخل منه الانقسامات بين القوى الوطنية وقرر التضحية بحقه الشرعي وقبول قيام حكم ائتلافي يمثل كافة الوطنيين بعد التحرير، كما ورد في المنهاج السياسي والستراتيجي للحزب والمقاومة الذي تبناه في ايلول – سبتمبر من عام 2003، أي بعد الاحتلال بحوالي خمسة شهور.
وهناك حقيقة اخرى مهمة وهي ان البعث الان يمثل اكبر قوة مقاتلة في ساحة الجهاد واكبر حزب سياسي وطني يمثل كافة مكونات الشعب العراقي، وهو افضل من يملك خبرات الدولة لانه بنى دولة قوية وعصرية وحكم لعدة عقود، وهو قدم اكبر عدد من الشهداء اثناء الصراع مع امريكا، في ضوء ذلك فان السؤال المنطقي هو : هل يوجد من هو احق بالحكم من البعث ومع ذلك تخلى عنه ثم يأتي من هو اصغر واقل من البعث، في كل شيء، ليدعي انه يملك حق اعلان دولة يحكمها هو منفردا؟ ان كل دعوة او ادعاء بالحق في الحكم الان ما هو الا وصفة لشق المقاومة العراقية واشعال حرب بين فصائلها لذلك يجب ان ننظر الى هذه المسالة من هذه الزاوية وان نتمسك بالعمل الجبهوي كاطار وحيد لضمان وحدة كل الوطنيين العراقيين والتي تعد اهم عوامل ضمان النصر.

2 – ان التفاوض مع الاحتلال يجب ان يتم وفقا للشروط التالية :
أ – ان يفاوض الاحتلال وفد مشترك يمثل الفصائل المقاتلة وليس وفدا يمثل فصيلا واحدا او فصيلين.
ب – ان لا تتم المفاوضات الا وفقا للشروط المعلنة للمقاومة وبعد ان يقبل الاحتلال مبدئيا بها، واولها الانسحاب الكامل وغير المشروط.
ج – ان تكون شروط المقاومة هي قاعدة التفاوض من اجل وضع اليات تنفيذها وليس للاستماع لشروط او طلبات امريكية تتناقض مع شروط المقاومة.

3 – على وفد المقاومة المشترك ان لا يسمح لامريكا بان تماطل لاجل سرقة الوقت ابدا، فهناك قضايا محددة يجب التمسك بها وعدم السماح بالخروج عنها، ولذلك يجب وضع اطار زمني للتفاوض لا يمدد ويجب ان يتم الاتفاق ضمن حدوده.

4 – ان لا يتوقف اطلاق النار ابدا عند بدء التفاوض بل يجب ان تزداد الثورة المسلحة ضراوة وحدة وان يوسع نطاق العمليات العسكرية ضد الاحتلال لاجل ممارسة ضغط اشد عليه للقبول بآليات تنفيذ شروط المقاومة كما تراها هي وليس كما يراها الاحتلال.

5 – الرفض التام والمطلق لاي جدول زمني يتجاوز الفترة التي تتطلبها عملية سحب القوات وترتيب الوضع الامني، من قبل المقاومة وحكومتها خصوصا ضمان منع أي تدخل خارجي في شئون العراق المحرر، وعلى حكومة المقاومة ان تقرر هي المدة الزمنية المطلوبة بناء على متطلبات فنية وعملية صرفة.

6 – يمكن لوفد المقاومة المفاوض ان يلجأ لتكتيك سرقة الوقت، أي اطالة مدة المفاوضات اذا كان ذلك يخدمه ويساعد على انتزاع المزيد من التنازلات من امريكا، نتيجة تشديد الضغط العسكري عليها وجعل خسائرها اكبر، عندها فان سرقة الوقت من قبل المقاومة يقلب الاية بجعل التكتيك الامريكي اداة تخدم المقاومة العراقية.

7 – من المفيد ان يحضر ممثل او اكثر عن منظمات او دول بعض جلسات التفاوض كشهود خصوصا عند توقيع الاتفاقيات النهائية.

8 – لتجنب بعض الارباكات على الوفد المفاوض ان يكون قد اعد كل القضايا بدقة وان تكون هناك ملفات متخصصة بكل موضوع لحسم الامور، وعدم السماح لامريكا بسرقة الوقت واستخدامه للعثور على ثغرات بين صفوف المقاتلين.

وهنا يجب ان نسأل من تورط في العراق من المقاومين في لعبة، محمد دحلان العراق وخالد مشعل العراق، حول من يسيطر على السلطة في العراق، مع انه مازال تحت الاحتلال، تماما كما هي غزة والضفة، واراد بعد اعلان نفسه حاكما اوحدا ان يصفي من لا يبايعه من المقاومين الاخرين الاعتق والاقوى والاكبر والاكثر تضحية منه، وهو وضع يتطلب اقصى الوحدة في صفوف المقاومين والمناضلين وليس تمزيق صفزفهم : أليس موقفكم اكثر سذاجة وانانية وخدمة للاحتلال من موقف محمد دحلان وخالد مشعل في فلسطين؟ ان احتلال العراق او تحرير العراق هو مفتاح كل بوابات العالم، فاذا تحرر العراق فانه يمهد الطريق لتحرير فلسطين واذا هزمت المقاومة لا سامح الله فان العالم كله سيقع في قبضة ديكتاتورية عالمية تتزعمها امريكا.
من هنا فان الحل الاوحد للوصول الى تحرير العراق هو وحدة المقاومة المسلحة وتجنب أي انشقاق فيها من جهة، والتمسك التام وغير القابل للنقاش بحقيقة جوهرية وهي ان امريكا يجب ان لا تفاوض الا والبندقية هي المفاوض الوحيد والذي لا يسكت ابدا عن الكلام حتى تخرج امريكا مضطرة، من جهة ثانية.
عاشت الثورة العراقية المسلحة.النصر او النصر ولاشيء غير النصر.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
بلاكووتر" على الـ"بلاك لِست
جميل النمري
الغد الاردن
لم يصمد قرار المالكي بإلغاء ترخيص شركة "بلاكووتر" طويلا مع وعد بعمل مشترك أميركي عراقي لإعادة النظر في موضوع خدمات الأمن الدبلوماسي، مع ذلك فإن الحادث الأخير (قتل عشرة عراقيين مدنيين في احد شوارع بغداد في 9 الشهر الجاري بادّعاء الردّ على مصادر نيران)، هذا الحادث قد يضع حدّا، بل يجب، لتمدد الشركة التي قيل انها كانت بصدد الحصول على عقود عمل في الخليج كما كانت تروج بقوّة لنفسها كبديل اسرع وأكفأ لقوّات الحماية الدولية المقترحة في دارفور، فـ"بلاكو وتر" في الواقع ليست مجرد شركة أمن وحماية، والتسمية القديمة لهذا النوع من القوّة المسلحة الخاصّة هو "المرتزقة".

هذه الشركة التي تأسست منتصف التسعينيات اصبحت لها سمعة اسطورية بعد احتلال العراق وحصولها على خدمات الأمن والحماية للسفارات والدبلوماسيين وللشركات والمؤسسات ورجال الأعمال، وقيل أن عديد رجالها وصل الى 100 الف لا يخضعون لمحاسبة أو مسؤولية عن سلوكهم أمام أي جهة، وقد يكون الرقم مبالغا فيه، لكن بالتأكيد هم عشرات الألوف، والجيش الأميركي ليس مسؤولا عن تصرفاتهم لأنهم "مدنيون".

ولم يكن هناك سلطة أو حكومة عراقية زمن الحاكم بريمر، وبهذه الحرية -في أرض بلا قانون- زاول فتوات "بلاكووتر" وظيفتهم كمحترفين قساة وأشدّاء، وقد سمعت من مراسلين اجانب في العراق عن طريقة عملهم، فقد كانوا يتعرضون مثلا لإطلاق نار على قافلتهم اثناء مرورها في منطقة ما، فيعودون في اليوم التالي في حملة "تأديبية" للمنطقة فيطلقون النار عشوائيا ويروعون الأهالي ويعودون دون مساءلة عمّا خلفوه من قتلى وجرحى أو دمار.

بقي عمل "بلاكووتر" بعيدا بعض الشيء عن الإعلام حتى ظفر العراقيون بأربعة منهم ومثّلوا بجثثهم وعلّقوها على الجسر، ففوجئ العالم بكمّ الغضب العراقي عليهم.

اجلاف تبلغ اجرة الواحد منهم اليومية أكثر من 600 دولار، مقابل مغامراتهم في أماكن خطرة، وقد اتضح ان الكثير منهم هم عسكريون سابقون وقادتهم من الضبّاط السابقين من اميركا اللاتينية كانوا مسؤولين في فرق الموت اليمينية التي انشأتها أنظمة استبدادية بقبول أميركي، في حقبات سابقة، لمواجهة حركات التمرد اليسارية، أي أن لهم تاريخا سابقا في الإجرام العسكري، وهم يقدمون انفسهم الآن بأناقة كمديري شركة خدمات أمنية.

وقد فضح الصحافي والكاتب جيرمي سكاهيل في كتابه عن "صعود اقوى جيوش المرتزقة في العالم " حقيقة "بلاكووتر" حيث لقيت تشجيعا ودفعة قويّة مع تسلم رامسفيلد لوزارة الدفاع، الذي حمل مع عصابة اليمين نظرية خصخصة خدمات الدفاع والأمن وأعطيت عقودا تجاوزت مبلغ 750 مليون دولار.

وفي العراق توسعت أعمال الشركة التي تملك اضافة للأسلحة الفردية اسلحة رشاشة وعربات مصفحة وطائرات عمودية! كما تتناولها تهم تهريب وبيع اسلحة خارج القنوات الشرعية.
jamil.nimri@alghad.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
ابن أمه.. وأمن العراق
ليلى الاطرش
الدستور الاردن
استوقفني حادثان لا علاقة بينهما خلال الأيام القليلة الماضية ، حلقة من مسلسل "طاش ما طاش" السعودي ، وفتح تحقيق أمريكي عن نيران المرتزقة في العراق التي طاشت وتطيش فتقتل الأبرياء إذ يتحركون طلبا للعيش أو بحثا عن طبيب أو التوجه للمسجد فيشتبه بهم مرتزقة يترصدون الطير الطاير.
صدفة زامنت حلقة مسلسل "طاش ما طاش" ، الذي يحتفل بعامه الخامس عشر ، حول عدم منح جنسية الأم لأبنائها ، مع قرار ليبي يضاف إلى معظم القرارات العربية في التمييز ضد النساء بعدم منح الجنسية لأبناء المواطنات في هذه الدول والمتزوجات من غير جنسيتهن بعلل مختلفة تتراوح بين الخوف على الديمغرافيا والمحافظة على القضايا الكبرى ، ولكنها تجتمع على التمييز بين الذكر والأنثى في قانون الجنسية.
المسلسل السعودي ركز على ارتباط الابن بمكان ولادته وعيشه ، وعلى أن حرمانه من جنسية الأم ليس اعتداء على حق أمه فقط وحريتها في اختيار حياتها ، وأحيانا اجبارها على هذا الارتباط لظروف خاصة ، ولكنه تمييز دامغ وتفرقة صارخة بينها وأخيها الرجل حين يتزوج من أجنبية فتمنح جنسيته لزوجته وأبنائه.
حلقة "طاش ما طاش" كوميديا سوداء تناولت حيرة الشاب حين يذهب إلى وطن أبيه الذي لا يعرف ، فتتقبله عائلة الوالد بالحب ولكنه ممزق بين الانتماء لوطن يحب وآخر لا يعرف وجنسية يرتبط عاطفيا بها ولكنها ترفضه وأخرى تلاحقه دون انتماء حقيقي لها لأنه لم يعشها. وهو ما يفجر السؤال ، ما هو الانتماء وما هي المواطنة؟ وهل الوطن هو ما يكتب في جوازات السفر؟ أليست هي المكان والزمان والمعايشة اليومية للناس والتفاصيل الصغيرة وصداقات الطفولة وأسرار الشباب؟ ألا تراهن الدول التي تستقطب مواطنين بالهجرة على انتماء أطفالهم ، فيرجح الصغار دائما كفة طالبي الهجرة إلى دول عظمى وغنية وتتحكم في مصائر العالم؟ أما القرار الليبي فيحرم أطفال الليبية المتزوجة من غير ليبي من مجانية التعليم والعلاج ، وهو ما يطبق في معظم الدول العربية ، وقد ناضلت نساء مصر عقودا حتى أنصف القانون الأمهات المصريات وأبناءهن رغم الأعداد الهائلة من أبناء "أمهاتهم" نتيجة الظروف المعيشية - الاقتصادية والثقافية - التي أوقعت كثيرا من فتيات مصر الصغيرات والساذجات في براثن عرب بوثيقة زواج وأحيانا أسماء غير حقيقية ثم اختفوا.
يمكن للدول العربية تقنين زواج المواطنة من غير جنسيتها لحماية حقوقها ، فشهادة عن الحالة الاجتماعية مصدقة من بلد طالب الزواج ستمنع استغلال النساء ، وفي السعودية لا يتزوج السعودي الرجل من غير جنسيته إلا بموافقة الداخلية ، فلماذا لا يطبق هذا على المرأة؟ أما قهر النساء اللواتي تزوجن ووقعت الواقعة وأنجبن ثم تطلقن أو ترملن أوتركن فلا يمكن إجبارهن على اللجوء إلى موطن زوج لا يعرفنه ، ولمجرد التفرقة والتمييز بالجنس لأن هذا يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان والعدالة الإلهية التي خلقت الناس من ذكر وأنثى ، فسن الرجل قانونه الذي يحرم امرأة وأطفالها من العيش الكريم في وطن لا يعرفون غيره فقط لأنها امرأة ولأنه ابن أمه.
الحدث الثاني حول نيران المرتزقة في العراق ونكتة كونداليزا رايس بفتح تحقيق لمعرفة كيف هربوا أسلحتهم الفتاكة. ما شاء الله، كيف تصنف أمريكا ما هو مسموح وممنوع في الأسلحة لحماية جنودها؟ من سيحاسب أمريكا عن جرائمها بحق العراقيين بحجة حمايتهم من طغيان حكامهم ، ثم من انقسامهم الطائفي ، و "بفتح النار" على طريقة الكاوبوي الذي يطلق رصاصه بمهارة إذا ما حرك الريح غصن شجرة.
ماذا يفيد العراقيين فتح تحقيق مع شركة "بلاك ووتر" لحماية الدبلوماسيين ومساندة القوات الأمريكية بعد قتلهم عشرات الأبرياء لمجرد الاشتباه بأنهم يتجهون صوبهم. فهل تعتقد وزيرة الخارجية الأمريكية أنها ستسكت الناس بتحقيق مثله؟ وماذا عن عشرات الجماعات المسلحة التي تعمل في الخفاء لحساب الشركات والمافيا والتجار واللصوص؟ وليس بين كل هؤلاء من هو أعزل إلا المواطن العراقي الذي لا يستطيع الهجرة. لقد تكررت حوادث قتل الأبرياء لأنهم يتحركون في بلدهم لتأمين رزقهم. فعلى من ستنطلي هذه الكذبة؟ شركات "رجال الأمن" تنتشر في جميع أنحاء العراق ترافق القوافل وهي تنهب خير العراق. فكيف تتشدق أمريكا بفرض الديمقراطية بجنودها ورجال أمن يحرسونهم بينما كل ما فعلته أنها فتحت العراق للصوص الآثار ونهب كنوزه وبتروله وشردت أهله. لم تأت أمريكا لحماية أحد ، بل لتسيطر على النفط ومنابعه ، لهذا أحضرت ربع مليون جندي ، 160و ألف مسلح مرتزق مما جعل من تبقى من العراقيين في بلده تحت رحمة نصف مليون جندي ومرتزق يطلقون نيرانهم لمجرد نأمة.
فلماذا لا تواجه أمريكا العالم صراحة بأهدافها ما دامت تعتقد أنها ستدبر العالم حسب أهوائها.
لقد قال هتلر يوما بغطرسة مبررا دكتاتوريته وفتكه بالآخرين في سبيل حلمه المجنون "ألمانيا فوق الجميع" فانتهى منتحرا ، اليوم يقول بوش إن "أمريكا فوق الجميع" فهل هي بداية الأفول؟ ولماذا لا يتعظ بوش من رواية التاريخ عن جنون القوة ونهايات أصحابها؟ ولكن معلوم عنه الجهل وضعف الذاكرة والهوج.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
جدل حول السيادة

وليد الزبيدي

الوطن عمان

عندما يقولون ، إن ضوء الشمس لا يمكن أن يحجب بغربال ، فإن الذين يتحدثون عن السيادة في العراق ، وامتلاك الحكومة لها ، وانتقالها إلى الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة ، فهؤلاء لا يختلفون على الإطلاق عن الذين يريدون إخفاء ضوء الشمس بالغربال .
إن مناسبة الحديث عن السيادة الكاملة والسيادة المنقوصة، هو بروز ما يؤكد وجود السيادة الكاذبة في العراق ، وآخر هذه الأدلة القاطعة ، ما يثار حاليا عن دور الشركات الأمنية العاملة في العراق ، والصلاحيات والامتيازات والحصانة المطلقة، التي تمتلكها هذه الشركات، ورغم التصريحات الكبيرة والكلمات الرنانة، التي أطلقها المسؤولون في حكومة المالكي ، على خلفية آخر الجرائم التي ارتكبها عناصر شركة(بلاك ووتر) وسط العاصمة العراقية، وقتلوا فيها العشرات من العراقيين، إلا أن حكومة المالكي ، لم تتمكن من اتخاذ إجراء واحد ضد هذه الشركة وذلك للأسباب التالية : أن القرار الامني الاساسي، تتحكم به قوات الاحتلال الاميركي ، وان الاوامر تصدر من مكتب قائد القوات الاميركية في المنطقة الخضراء الجنرال ديفيد بتريوس، ومثلما تذهب نسخة من تلك الاوامر الى القادة الاميركيين في القواعد والمعسكرات الاميركية المنتشرة في مختلف انحاء العراق ، فان نسخة من تلك الاوامر تذهب الى مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي ، إما لغرض العلم او لتنفيذ ما جاء فيها من تفاصيل ، وفي اغلب الاحيان ، لا تذهب مثل تلك الاوامر الى مقر الحكومة داخل المنطقة الخضراء ، وهذا الامر يعرفه جميع العاملين في المكاتب الاميركية والعراقية داخل المنطقة الخضراء .
ان مهمة الاجهزة الامنية في حكومة المالكي، هي توفير الاسناد والدعم المطلوب للقوات الاميركية، وان هذه القوات تبقى على اهبة الاستعداد على طول الوقت، وتكون جاهزة لتنفيذ اوامر قادة الجيش الاميركي ، ويتذكر الجميع احتجاجات المالكي على قصف ومداهمة القوات الاميركية لأحياء في مدينة الصدر والشعلة وغيرها، ووصل الامر الى ابعد من ذلك، عندما اعلن عدة مرات، انه لا يعرف بتلك الضربات وعمليات الاعتقال التي تنفذها القوات الاميركية والعراقية، وهنا يجب ألا ننسى ان منصبه الرسمي بالاضافة الى رئيس الوزراء هو منصب (القائد العام للقوات المسلحة).
إن الحكومات الثلاث التي جاءت بعد حكومة الاحتلال الاولى (سلطة بول بريمر) ، لم تتمكن من تغيير القرارات التي وضعها الحاكم المدني الاميركي بريمر اثناء حكمه مجلس الحكم في بداية الاحتلال ، ومن بينها القرار رقم (17)، الذي يمنح القوات الاميركية والعاملين معها من مختلف الجنسيات الحصانة التامة، ولا يمكن محاسبتها او اخضاعها لسلطة القانون، وعلينا ان نتذكر ان هؤلاء العاملين مع الشركات الامنية وقوات الاحتلال يصل عددهم الى ما يقرب من نصف مليون فرد .
ومن حق هؤلاء قتل العراقيين والاعتداء عليهم، وهم جميعا يحملون الاسلحة، ويدركون ان العراقيين اعداء لهم، ووسط هذه الصورة الواضحة، يتحدث البعض عن سيادة لا يخفي حقيقتها الغربال .
wzbidy@yahoo.com

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الجدل الأمريكي حول الانسحاب من العراق؟ «1-2»
جورج باكر

عمان اليوم عمان
«إن حلم دمقرطة العراق وتحويل الشرق الأوسط أصبح الآن ركاما. وما من فرصة للسياسة العراقية إلا التي تبدأ من تفهم أن السياسة الأصلية قد أخفقت، وأن ما تبقى من قوة لأمريكا لا يكفي إلا للحد من الضرر. ولكن العراق لا يزال مهما بالنسبة للولايات المتحدة مهما يكن ساكن البيت الأبيض، وهكذا سيظل لسنوات قادمة».
هناك عراقي ــ سوف أسميه أحمد ـ يعيش في السعيدية، وهي منطقة في جنوب بغداد أقام فيها نظام صدام حسين في ثمانينيات القرن الماضي منازل واسعة لكبار ضباط الجيش وأغلبهم من السنة، ثم أصبحت السعيدية بعد الغزو الأمريكي في عام 2003 قاعدة للمقاومة السنية، إلى أن نشب في العام الماضي قتال طائفي ضار انقسمت على إثره شوارع المنطقة بين السنة والشيعة، وامتلأت بجبهات متقاطعة، بل وصار الطريق السريع الفاصل بين السعيدية ومنطقة البيعة الشيعية الواقعة إلى الشمال من السعيدية بمثابة حد غير قابل للاجتياز، حتى ان أحمد يصفه في حوار هاتفي جرى بيننا مؤخرا بأنه «أشبه بسور الصين العظيم». تخرج أحمد في جامعة بغداد التي درس فيها الأدب الإنجليزي، وكان، قبل الحرب، يعمل مترجما للأخبار في التلفزيون العراقي الرسمي.
يعتبر معدل القتل لأسباب طائفية في السعيدية من أعدل معدلات هذا النوع من القتل في العراق. فقد عثر فيها بين منتصف يونيو ومنتصف يوليو من العام الحالي ـ والعهدة على زياد كاظم الباحث في موقع الكتروني ـ على ثمان وأربعين جثة مجهولة الهوية، وهو رقم يرى أحمد أنه يمثل تحسنا، إذ إنه في مطلع العام كان يرى الجثث متناثرة في الشوارع بوتيرة أكبر. فقد كان للقوات الأمريكية التي قدمت إلى بغداد في الربيع أثر مساعد على استقرار وضع الحدود الطائفية في السعيدية. ومع أن دوريات الأمريكيين لا تظهر غالبا في الحي الذي يعيش فيه أحمد، إلا من الممكن أن تظهر طائرات الأباتشي في سماء السعيدية في غضون دقائق من تلقيها اتصال طلب النجدة من قوات الجيش العراقي.
يكاد إيمان أحمد بالجيش العراقي يكون معدوما. فقد قال إن تصرفات جنوده تفتقر إلى الاحترافية، واحترام التسلسل القيادي، ويبدون أكثر انشغالا برواتبهم منهم بمسؤولياتهم. وقال إن 'تسعين في المائة من الناس في منطقتي لا يرجون عونا من الجيش العراقي.
لا توجد حكومة عاملة في السعيدية. والطاقة الكهربية لا تتوفر لأكثر من ساعتين في اليوم، وعلى مدار شهر كامل لم يتسن لأحمد ـ وهو أب لطفلين، يبلغ عمره سبعة وثلاثين عاما، ويعاني من السكري والقلب ـ الحصول على الماء إلا من بئر أقامها بيديه في فناء بيته الخلفي. يقع الحي الذي يعيش فيه أحمد تحت سيطرة ميليشيا شيعية تزعم موالاتها لمقتدى الصدر، وهو راديكالي ينتمي إلى أسرة دينية ذات نفوذ كبير، وقد بات يعد مؤخرا بمثابة الشخصية السياسية الأكثر أهمية في العراق. وتقوم الميليشيا بتوظيف المعوقين والفقراء في جباية نقود الحماية، وتسيطر على سوق الوقود السوداء، وتجند الشباب بالقوة للقيام بأعمال الإنذار المبكر لظهور الأمريكيين. وتتألف قوتها «الأمنية» المحلية من مراهقين يحملون أسلحة الـ َّ47-KA
يعتبر أحمد ــ وهو ينحدر من أب شيعي وأم سنية ــ شيعيا علمانيا، ويرى أن الميليشيات الدينية تريد أن ترغم أمثاله على الخروج من بغداد. قال إن «الأمريكيين هم الملاذ الآمن لمجمل الوضع في العراق، وما أن يقولوا إنهم يعتزمون الانسحاب، حتى يتحول البلد كله إلى جحيم»، ومضى قائلا 'إنني أتخيل أنه لن يكون في بغداد سُنَّةٌ على الإطلاق، إن الأمريكيين يمثلون التابوهات، تماما كما في رواية لورد الذباب (البريطاني الحاصل على نوبل، وليم جولدنج). أتخيل أن الشيعة سوف يكونون كذلك بالضبط إذا ما تحتم على الأمريكيين أن ينسحبوا. من يمكنه القتال سيقاتل، ومن يتحتم عليه الرحيل سيرحل. وأضاف: ان هؤلاء هم الضعفاء، هم الذين يحاولون اجتناب الوحشية، هم الذين سيكونون على شفا أن يلتهمهم الشيعة على وجه التحديد، ولتكونن هذه نهاية المطاف، وليكونن ذلك يوم قيامتهم. والخطة ـ كما بلغنا ـ تقوم على إخلاء بغداد تماما من السنة.
قام كل من ريان كروكر ــ السفير الأمريكي في بغداد ــ والجنرال ديفيد بيتراوس ــ قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق ــ بعرض تقييمهما للقوات الإضافية على الكونجرس خلال الايام الماضية ، وهو حدث يكتسب في واشنطن هالة لحظة الحسم بالنسبة لسياسات الإدارة الأمريكية. ولكن لن تكون شهادتهما بارزة. بل إن مسؤولين في الإدارة وضباطا في الجيش وأعضاء في الكونجرس قد عبّروا من قبل عن توقعاتهم من تلك الشهادة بعبارات أكثر حدة، وقال قليلون إنهم يتوقعون أن يقوم كلاهما بكتابة شهادتيهما مسبقا لتنص على أن هناك: تقدما عسكريا، وركودا سياسيا بين العراقيين، واحتياجا للمزيد من الوقت.
تأتي شهادة بيتراوس/كروكر ضمن تلك الأحداث قصيرة العمر التي تعتمد عليها إدارة بوش في تعضيد الدعم للحرب: إعلان «اكتمال المهمة»، وفاة عدي وقصي ولدي نجلي صدام حسين، اعتقال صدام، خطة النصر، مقتل أبو مصعب الزرقاوي. فكل منجز ـ وإن يكن سرابا ـ يتيح للإدارة اجتناب التفكير في الآتي، أي في السنوات التي ستظل فيها أخطاء العراق هواجس مسيطرة على الولايات المتحدة.
لقد حذا الإعلام ــ إلى حد كبير ــ المنهج قصير النظر التي تتبعه الإدارة الأمريكية في التعامل مع الحرب، ولذلك حظيت الشهادة أمام الكونجرس بتغطية إعلامية مكثفة. ولكن عدم كفاية القوات الإضافية العسكرية أمر بات واضحا للعيان، إذا كان للمرء أن يراعي الوفيات اليومية بين العراقيين. فعلى الرغم من أن شوارع بغداد باتت أقل فتكا مما كانت عليه خلال عام ،2006 إلا أن ستين ألف عراقي في الشهر لا يزالون يغادرون بيوتهم ــ وذلك وفقا للمنظمة العالمية للهجرة ــ لينضموا إلى المليوني لاجئ خارج العراق والمليوني مشرد داخله. أما الميليشيات ــ التي انحسر ظهورها انتظارا لما ستسفر عنه الإضافة العسكرية ــ فإنها تزداد قوة، إذ توسع نفوذها على أحياء جديدة كذلك الذي يعيش فيه أحمد. وفي الشوارع الخلفية، والأسواق الصغيرة، وقاعات الجامعات، وكل ما لا يطاله المراقبون الأمريكيون أو القوات الأمريكية، فلا وجود لسيادة القانون، ولا سيادة إلا التي للمسدس. وهكذا يسيطر على حياة العراقيين نطاق معقد من الميليشيات والعصابات الإجرامية المتنافسة فيما بينها بلا رحمة والتي تدفعها إلى القتل دوافع اقتصادية وشخصية أكثر منها دينية أو عقدية. وقد حذر تقرير صدر مؤخرا عن المجموعة الدولية للأزمات الحكومتين الأمريكية والبريطانية على الاعتراف بأن من يوصوفون بـ «شركائهم العراقيين» وما أبعدهم عن القيام ببناء دولة جديدة ــ يعملون بلا كلل على تمزيق تلك الدولة.
في أعقاب سلسلة القرارات الخاطئة التي اتخذها القادة الأمريكيون في سنوات الاحتلال الأولى، أخذ المسؤولون في بغداد بالقيام بالعديد من التصحيحات التقنية: مثل تدريبهم جيشا عراقيا جديدا بصورة أكثر احترافية، وتمويلهم مشاريع إعمار تسفر عن نتائج أسرع، وإدخالهم على الحرب مناهج في مقاومة التمرد. ولكن تلك المناهج الحسنة أتت بعد فوات الأوان بكثير، ولم تقلل من الكراهية الطائفية المتأصلة التي برزت بعد الإطاحة بصدام. لقد قال لي مسؤول سابق في سفارة ببغداد «إنه إذا لم يكن القادة العراقيون متفقين قلبا وقالبا على رؤية واحدة، فليس بأيديكم ما تفعلونه. ولا أحسب أن الوضع متمخض يوما عن تسويات».
من الممكن إيعاز هذا الفشل السياسي إلى العراقيين وحدهم. لقد تكونت القيادة العراقية منذ بادئ الأمر على أسس طائفية، وقد تم تكوينها على هذا النحو على أيدي سلطة التحالف المؤقتة ذات القيادة الأمريكية، كما أن الفوضى التي أعقبت الغزو هي التي حملت العراقيين على البحث عن الأمان في الجماعات المسلحة المكونة على أساس الهوية. ولا يعفي الولايات المتحدة من المسؤولية كون الجماعات العراقية المختلفة عاجزة عن التصالح فيما بين بعضها البعض. بل إن ذلك العجز يثير المزيد من المسائل الأخلاقية والاستراتيجية التي تتسبب في آلام تفوق كل ما أثارته مراحل الحرب السابقة. ومواجهة هذه المسائل تقتضي من القادة الأمريكيين القيام بما لم يقوموا به حتى الآن، وهو أن ينظروا إلى ما هو أبعد من الثلاثة أشهر أو الستة أشهر التالية، أو السنتين أو الثلاث القادمة. فعندما يتهيأ الأمريكيون ــ لا محالة ــ للرحيل، ما الذي سيكون بوسعنا القيام به للحد من الضرر اللاحق لخروجنا، ليس فقط على العراق، وإنما علينا نحن أيضا؟
يصر مسؤولو البيت البيض على تقديم زيادة القوات بوصفها تحولا دراماتيكيا في الحرب ـ وكأنما لا يزال من الممكن الانتصار في هذه الحرب. فهم في حواراتهم معي يرجعون السخط الشعبي إلى قيام الديمقراطيين بألاعيب سياسية مع الحرب، كما يرجعون هذا السخط أيضا إلى الصحفيين لتكتمهم على الأخبار الجيدة، وعلى الجماهير أنفسها لعدم التفاتها إلا إلى نطاق خبري بالغ الضيق. لقد اعترف بيتر وينر ــ وهو مستشار سابق للرئيس جورج دبليو بوش ترك البيت الأبيض الشهر الماضي ــ بأن الإدارة ارتكبت العديد من الأخطاء في العراق. لكنه أصر على أن النصر لا يزال ممكنا. وقال إن بوش هو الأكثر صلابة في الإدارة. وتساءل عما سيكون عليه الحال لو أننا شهدنا في اللحظة الأخيرة واحدة من أبرز مآثر الأمريكيين في التاريخ على يد جنرال؟ ولو كان هذا هو الحال، فلماذا يتملك اليأس منكم الآن؟
سيقوم بوش على الأرجح باستغلال شهادة بيتراوس، ومكانته العسكرية المرموقة في الحصول على سلطة إبقاء أكبر تواجد أمريكي ممكن في العراق خلال انتهاء فترته الرئاسية. ولكن إلى أي مدى يمكن أن يكون حجم هذا التواجد بصورة عملية؟ إن في العراق حاليا مائتين وستين ألف فرد من القوات الأمريكية. والفترة الطبيعية للقوات المضافة سوف تنتهي في ،2008 عندما تكمل الألوية المرسلة في مطلع العام الحالي مدتها البالغة خمسة عشر شهرا وتعود إلى الوطن. وسيكون من شبه المستحيل بعد ذلك المحافظة على المستوى الراهن للقوات، وذلك على الأقل بالنسبة لإدارة لم تبد عزمها على التضحية بحياة أعداد كبيرة من الأمريكيين من أجل شن الحرب. إن صغار الضباط يتركون الجيش بمعدلات منذرة بالخطر، ولو تم تمديد فترات خدمة القوات التي عملت بالفعل لدورتين أو ثلاث دورات من خمس عشرة إلى ثماني عشرة، فإن البنتاجون يتخوف من أن الإنهاك المترتب على ذلك سوف يدمر الجيش الأمريكي لمدة جيل قادم. كما أن تفعيل الحرس الوطني والاحتياطي لفترات أطول قد يتسبب في انهيار التأييد الشعبي للحرب. وبعيدا عن مثل هذه الإجراءات، لا توجد قوات أخرى متاحة.
منذ سنوات بعيدة، عند بدء التمرد، قرر دونالد رامسفيلد وزير الدفاع آنذاك أنه لا حاجة إلى المزيد من القوات في العراق، ورفض المطالبات بتوسع بعيد المدى للجيش وقوات المارينز. وبذهاب رامسفيلد وتولية القيادة في العراق لبيتراوس ــ وهو مفكر عسكري مبدع أشرف على كتاب الدليل الميداني لمقاومة التمرد ــ أصبحت لدى الإدارة على الأقل استراتيجية حقيقية، ولكن تضييعها قبل ذلك لأربع سنوات يجعلها الآن تعاني نقصا في القوات اللازمة للحفاظ على المكتسبات التي حققتها القوات الإضافية. ووفقا لأحد الاستشاريين في الكونجرس، فإن ــ خلية التخطيط الاستراتيجي المكونة من مجموعة من العقداء العاملين تحت قيادة رئيس أركان الجيش الجنرال جورج كاسي ــ تقدر أن عدد القوات الذي يمكن الإبقاء عليه في العراق في عام 2009 لن يتجاوز بأية حال مائة وثلاثين ألفا من الجنود والمارينز. ومع ذلك فقد قال بوش في عيد العمال، وفي قاعدة جوية بغرب العراق «إن هذا النجاح الذي نشهده لو استمر في التحقق فسوف يتسنى الحفاظ على هذا المستوى من الأمن بعدد أقل من القوات الأمريكية». أما ما لم يقله فهو أن بعض الانسحابات سوف تحدث بصورة شبه يقينية خلال العام القادم، بغض النظر عن الـ«نجاح» العسكري.
في حين يرى أغلب الديمقراطيين أن حتمية تقليل عدد القوات الأمريكية والركود السياسي في بغداد والتراجع في التأييد الشعبي سوف تستوجب الإسراع في بدء الانسحاب. لقد أعلن جميع المرشحين الديمقراطيين أنهم سوف ينهون الحرب. كما تبنى أغلب الجمهوريين في الكونجرس تقرير لجنة العراق الذي أصدرته مجموعة دراسة العراق في ديسمبر الماضي والذي دعا إلى الدبلوماسية الإقليمية وسحب الوحدات الأمريكية المقاتلة وتحديد دور القوات المتبقية ــ والتي يحتمل أن يتراوح عددها ما بين خمسين وستين ألف ــ على التدريب والاستشارة ومواجهة الإرهاب والحماية. لم يقم التقرير بفرض جدول زمني، ولكن آخرين حاولوا القيام بهذا الدور، ففي مجلس النواب قام النواب الديمقراطيون جاك ريد عن رود آيلند وكارل ليفن عن ميشيجن بتقديم مشروع قانون بتعديل مخصصات الدفاع والذي سوف يقضي ببدء سحب القوات في غضون أربعة أشهر من تمرير المشروع مع ترك «تواجد محدود». ومن بين الرعاة المشاركين لهذا المشروع ثلاثة نواب جمهوريين وثلاثة مرشحين ديمقراطيين للرئاسة هم هيلاري كلينتون وباراك أوباما وجوزف بايدن. وفي أغسطس دعا النائب الجمهوري جون ورنر عن فرجينيا إلى البدء في سحب بعض القوات قبل عيد رأس السنة.
لقد رفضت القيادة الديمقراطية للكونجرس التصويت على أي مقترحات بتسوية يجمع عليها الحزبان ما لم تحتو جدولا زمنيا للانسحاب. وكان النائب الجمهوري لامار ألكسندر عن ولاية تينيسي قد تقدم بمقترح من هذا النوع يعتمد على تقرير مجموعة دراسة العراق وقال إن هذا المقترح كفيل ــ في حال سمحت القيادة الديمقراطية للكونجرس بطرحه للتصويت ــ بحصد أصوات تكفي للتغلب على التأييد الذي يحظى به الرئيس. وقال ألكسندر إن لدينا الآن رئيسا لا يتسم بالمرونة، وديمقراطيين يستغلون الوضع سياسيا. ولو استمر هذا الركود التشريعي حتى نهاية فترة بوش الرئاسية، فسيكون البيت الأبيض قد حصل قطعا على ما يريده.
في واشنطن، يخضع الجدل الدائر بشأن الحرب لقضايا مثل عدد القوات والجدول الزمني للانسحاب، وكلتاهما قضايا سياسية أمريكية داخلية. أي أن أمريكا فيما يبدو واقعة في شرك واقع أبدي يلجمه ماضيه الحافل بالأخطاء. ولا يكاد يوجد في المقابل أي نقاش لما ينبغي أن تكون عليه السياسة الأمريكية في العراق خلال السنوات الخمس أو العشر التالية، أو لما يمكن أن يحدث من تناقص في الموارد وتحول في الأولويات. ولو أن هناك مخططا للطوارئ لدى الحكومة، فلا بد أنه معد على غرار النحو السري الغامض الذي يمثل تكرارا للفوضى المؤسساتية التي شابت دخول أمريكا إلى العراق، بما يعني أنها سوف تشوب الخروج أيضا.
إن الإعداد لانسحاب متزن من العراق سوف يتطلب جهدا متكاملا من الحكومة كلها، وليس ذلك في ظل هذا الرئيس فقط، وإنما في ظل الرئيس التالي أيضا. لقد قال لي مسؤول السفارة السابق إنه «لا يحق لكم أن تتصوروا أن حرب العراق لم تكن وإن كل شيء عائد إلى ما كان عليه من قبل» وأضاف أن الوضع قبل 2003 لم يعد قائما. فلقد أوجدنا خللا جديدا وأساسيا في واحد من أكثر أجزاء العالم حساسية. فكيف لكم أن تعملوا على احتوائه؟ على الناس أن يبدأوا التفكير في هذه الأشياء، مجموعات دراسية صغيرة، مع الجيش والدولة، وعلى رجال المخابرات أن يقدموا تصورات عن المصالح الأساسية على المستوى الإقليمي، وانطلاقا من ذلك كله نبدأ في مناقشة بعض البدائل. ولو تم ذلك، لا أعرف ما الذي قد يتمخض عنه.
في يونيو أصدر مركز أبحاث جديد ــ هو مركز الأمن الأمريكي الجديد الذي يقع إلى يسار الوسط ــ تقريرا بعنوان «التحول المرحلي». يقدم التقرير تصورا لتحول تدريجي من استراتيجية المبادرة بعمليات مقاومة التمرد إلى دور «دعمي» في العراق. ويتطرق التقرير إلى مزيد من التفصيل حول هذا التحول بصورة تفوق ما قدمته مجموعة دراسة العراق، كما أنه يقدم جدولا زمنيا. حيث يتم تقليص مستوى تواجد القوات إلى ستين ألفا بحلول يناير من عام ،2009 يكون لثلثها دور استشاري موسع، ويندمج الجنود الأمريكيون اندماجا تاما مع القوات العراقية لمعاونتها على التخطيط وتنفيذ العمليات والأعمال الاستخبارية من قبيل تحديد القادرين والفاسدين والطائفيين بين القيادات العراقية. وتستمر هذه العملية لسنوات عديدة قبل أن يبدأ تنفيذ الانسحاب الكامل في نحو عام .2012 وفي تلك اللحظة لا يبقى سوى ستة آلاف أمريكي يقومون بأعمال التدريب والاستشارة لعراقيين، وبعد أربع سنوات من الحرب، نجد أن البنتاجون لم يوفر بعد الموارد اللازمة لتوسيع هذه الجهود، برغم أن حرب مقاومة التمرد تعتمد على وجود مثل هذا الجيش المحلي القادر. (وقد اعترض أحد المتحدثين العسكريين على هذا الطرح قائلا إن البنتاجون قد تجاوز حدود المطالب الموكل بتنفيذها). يتبع غدا
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
العراق بحاجة للمتعاقدين
تيموثي هاسيا
لوس أنجليس تايمز
من اللحظة التي يستيقظ فيها الجندي إلى أن يذهب إلى النوم ، يتعامل مع متعاقدين مدنيين. معظم التركيز كان على وحدات الامن الشخصي ، أو الحرس الشخصي ، مثل بلاكووتر. لكن وفقا لبعض التقديرات هناك حوالي 180 ألف متعاقد ، ولا تشكل وحدات الأمن الشخصي سوى فئة صغيرة منها. الغالبية العظمى من الأعمال هي خدمة دعم القوات ويشغلها غير الأميركيين.
تأثير هؤلاء المدنيين على حرب العراق لم تدرس بشكل كامل بعد ، ومدى شرعية استخدامهم سوف تؤثر على الكيفية التي ستخوض بها أمتنا حروبها المستقبلية.
عملية نقل القمامة وفرزها من السلة الخاصة بالجندي يقوم بها عمال مدنيون من شركة تويفور.
وعندما يذهب الجندي إلى المرافق الترفيهية لتجديد نشاطه ، يرحب به المزيد من المدنيين الذين يديرون المركز الرياضي.
وعند مغادرته المركز ، يمكنه رؤية المدنيين الذين يقومون بتكديس زجاجات المياه. وعندما يرسل الجندي ثيابه إلى المغسلة ، فإنه يسلمها لمدني من شرق آسيا يعتد بنفسه وبلغته الانجليزية وبخدمة الزبائن.
ويمتلك الجندي رفاهية الاستحمام بماء ساخن لأن المدنيين الأندونيسيين يتأكدون من أن كل شيء جاهز لتزويده بالمياه. وعندما يدخل المطعم ، يرحب به حرس أمني أوغندي ممن يعملون لدى شركة "إي إو دي" للتكنولوجيا.
وهؤلاء الأوغنديون يحصلون على 1000 دولار شهريا ، على الأقل ، ربما كانت تعتبر قليله بالمقاييس الأميركية لكنها تعتبر ثروة صغيرة في بلادهم. وهم ايضا يوفرون الأمن لقواعد العمليات الامامية - أكبر المعسكرات - لعدم وجود عدد كاف من الجنود الأميركيين للقيام ذلك.
وأثناء التحضير لمهمة ، يمكن للجندي ان يتوقع وجود تقنيين من شركة جنرال ديناميك ، أو غيرها من كبار شركات التعاقد الدفاعية ، لمساعدة جنود الجيش في الحفاظ على المعدات الأساسية وصيانتها. ويمكن أن يتوقع أن مترجمه العراقي يعمل كمتعاقد ، على الأرجح في شركة تيتا.
بالإضافة إلى ذلك ، العديد من السائقين الفلبينيين هم المسؤولون عن التأكد من أن معظم المعدات الثقيلة - مثل عربات الهامفي والسترايكر - وصلت إلى غايتها بعد تفريغ حمولتها في الكويت.
وبعد عودته من مهمته ، سيتعامل الجندي مع العديد من المدنيين الذين عينتهم شركة "كي بي أر" ، التي تدير خدمات الدعم العامة من القاعدة العسكرية. العديد من هؤلاء العاملين هم من الصرب والكروات الذين عينتهم الشركة منذ إدارة كلنتون ، عندما قامت الولايات المتحدة بدور مهم في عمليات حفظ السلام في صربيا.
معظم هذه النشاطات المدنية لا يلاحظها عادة الجنود في القواعد ، ولا حتى دافعي الضرائب الأميركيين ، الذين يظنون بشكل عام أن ضرائبهم تدعم فقط القوات العسكرية.
بعد حرب فيتنام ، انتقلت معظم خدمات الدعم العسكري من الجندي المتفرغ إلى الحرس الوطني ووحدات الاحتياط. لكن اليوم ، تقلصت هذه البنية عندما تسلم المدنيون تلك الأعمال.
وهؤلاء المتعاقدون المدنيون الذين يقومون بأدوار لا علاقة لها بالأمن ، بعيدون درجة عما أسميناه تاريخيا بالمرتزقة.
ربما كانوا لا يحملون الأسلحة ، لكنهم رغم ذلك يساعدون ويجهزون ويدعمون ويحافظون على القوات العسكرية في العراق.
لقد أظهرت هذه الحرب أنه ليس هناك عدد كاف من الجنود لتجهيز ودعم القوات التي ستنتشر بشكل متواصل لعدة سنوات.
ورغم أن وزارة الدفاع لم تنشر أي إحصاء رسمي حول العدد الإجمالي للمتعاقدين ، إلا أن بعض التقارير تشير إلى أن عدد المتعاقدين يفوق عدد الجنود.
لقد حدثت الثورة في الشؤون العسكرية التي تخيلها دونالد رامسفيلد في بداية توليه منصب وزير الدفاع. يمكن للجيش أن ينتشر بأقل عدد من الجنود ويظل قادرا على تحقيق أهداف الإدارة.
ومضمون هذه الثورة هو حقيقة أن المتعاقدين المدنيين جاؤوا للقيام بدور مهم وحيوي في متابعة الحرب التي خدع فيها الأميركيون بالعدد الحقيقي اللازم لتنفيذ الحرب.
أوجد الرومان المرتزقة ليكونوا حلا سريعا للخروج من الورطة.
إلا ان الحل المؤقت أصبح قوة دائمة استخدمها الرومان عندما وجدوا أن فرقهم أصبحت مكلفة جدا - اقتصاديا وسياسيا.
دعونا نأمل أن لا تلقى الولايات المتحدة مصير الامبراطورية الرومانية بهذا الشان.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
مشكلة الشرق الأوسط المنسية
عمرو خالد
الشبيبة عمان
تشهد منطقة الشرق الأوسط ظروفًا بالغة الحساسية تجعلها محط أنظار العالم بأسره وبرغم كل الجهود المبذولة والنوايا الحسنة، فإن هذه الظروف القاسية تتفاقم يومًا بعد يوم بشكل حاد يثير قلق ومخاوف قادة وحكماء الكرة الأرضية، وحينما نقول مشكلة الشرق الأوسط يتبادر إلى الذهن الصراع العربي - الإسرائيلي والاحتلال الأمريكي للعراق ومشكلة الإرهاب والعنف، إلا أن الكثير يغفل الضلع الرهيب الذي يسيطر على المنطقة، وهو الضلع الذي تتفرع عنه معظم مشاكل الشباب في المنطقة ألا وهو ضلع فشل منظومة التنمية فى العالم العربي، ولاسيما أن هذا الفشل يتزاوج مع أكبرنسبة زيادة سكانية في الوقت الحالي.
تلك المُشكلة التي تؤدي بشكل متزايد إلى ارتفاع نسبة الباحثين عن عمل في هذه المنطقة من العالم حيث بلغت نسبة الباحثين عن عمل بين الشباب وفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة لسنة 2003 إلى 26.5%، ثم زادت النسبة سنة 2005 إلى 30%، والمشكلة في تزايد مطرد مع زيادة السكان، وضعف الأداء الحكومي في معظم الأقطار·
ومن المعروف أن عدم الانخراط في العمل يسبب كثير من الانحرافات الفكرية والسلوكية من عنف وجرائم وإدمان ومخدرات نتيجة الفقر والفراغ والشعور بالإحباط، وهذه الأوضاع المزرية هي التي تفسر نظرة العالم إلى شباب هذه المنطقة، والتي هي واحدة من أربع نظرات:
النظرة الأولى : نظرة الخائف الذي يرى أن هذا الشباب يحتمل أن يدمر الأرض بالعنف والإرهاب، وينبغى أن تتخذ جميع إجراءات الوقاية من ذلك، والتعامل معه بمنتهى الحزم والحسم.
والنظرة الثانية: نظرة المترقب الحذر الذي يتساءل : هذه الكتلة الصماء المحيطة بالشباب، ماذا تريد ولماذا هي صامتة ومتى ستعبر عن آرائها وطموحاتها وهل سيتحول هذا الصمت إلى تنمية أم تدمير ·· إلى بناء أم هدم ؟!.
والنظرة الثالثة : نظرة المشفق الحزين على هذه الطاقة الهائلة المعطلة من شباب يمتلك عناصرالقدرة والنجاح، لكنه كم مهمل بسبب البطالة وفشل التنمية وغياب الحرية وضياع المثل والقدوة.
والنظرة الرابعة : نظرة المتأمل الواثق أن المستقبل ملىء بالتنمية والرخاء والإنتاج وتشغيل الشباب وتفيعل دور المرأة التي تمثل نصف المجتمع، والتي تعُاني بالإضافة إلى معاناة الشباب من رصيد ثقيل من الأعراف والتقاليد الرجعية التي تكبل مسيرة حياتها، والتي لا تمت للأديان السماوية بصلة.
وأصحاب هذه النظرة يرون أن هناك صفحة تقلب فى العالم العربي الآن، وستفتح بدلاً منها صفحة جديدة تتصدرها صور مضيئة عاقلة متزنة لشباب عربي قادر على أن يتحرك بقوة وعزيمة وإصرار، بحيث يلحق قارب هذه المنطقة بالركب الحضاري، ومن ثم يتمكن من التعايش مع العالم بأسره.
وأنا من أصحاب هذه النظرة الرابعة بحكم احتكاكي المستمر والفعال مع شباب ونساء هذه المنطقة من العالم على مدار السنوات الماضية حتى وصل هذا الاحتكاك إلى درجة من النضج والتفاهم والعمق والثقة التي تجعلنا نتبادل الأفكار والمشاعر والأحاسيس التي تكون في مجال القول حينًا، وفي مجال التنفيذ المستنير في كثير من الأحيان، وقد دفعنى ذلك اليوم في هذا التوقيت الحرج من تاريخ العالم العربي إلى أن أتحمل المسئولية التي حملني إياها شباب ونساء هذه المنطقة لأنقل عن هذا الشباب العربي رسالة مصيرية يحسن أن يستمع إليها وأن يتفاعل معها الجميع قبل فوات الآوان.
إن مشكلة البطالة وضرورة إيجاد الحلول العملية لتشغيل الشباب لتحقيق التنمية المنشودة السبيل الوحيد لحماية الأرض من شبح العنف والإرهاب، إن هذا الطلب يتسق مع المنظومة العالمية الهادفة لحماية العالم من الانحرافات الفكرية والسلوكية للشباب، وأن عدم الاستجابة لأصوات هؤلاء الملايين من الشباب سيؤدى إلى المزيد من الاحتقان والإحباط لدى شباب هذه المنطقة الذين خرجوا عن صمتهم، وحددوا مطالبهم بدقة ليصل صوتهم إليكم ياقادة وعقلاء الأرض.
ومطالبنا تتلخص فيما يلي:ـ
نريد تعاونًا عالميًا من أجل معالجة مشكلة البطالة فى العالم العربي، ويتمثل ذلك في دعم الشباب والنساء العرب في تكوين مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، وذلك عن طريق تكوين مؤسسات ضخمة غيرحكومية، ولا تهدف للربح توفر للشباب عناصرنجاح المشروعات الصغيرة من تمويل وتدريب، كما نطالب بأن يفتح العالم الأبواب الموصدة لتسويق منتجات هؤلاء الشباب، ولمدهم بأفكار يكون لها ميزة نسبية، لضمان النجاح والتعامل المثمر مع السوق العالمية.
إن صوت الشباب العربي الذي أحمله إليكم اليوم هو صرخة الذي خرج عن صمته ·· ليست صرخة تدمير ولا صرخة كراهية ·· لا ·· بل صرخة من يريد أن يعمل وينتج ويبنى نفسه ويتعاون مع العالم كله من أجل مستقبل أفضل للجميع، والطريق الذي اخترناه لتوصيل هذه المطالب، وهذا الصوت للعالم هو أننا نطرق اليوم أبواب كل المحافل والجهات الدولية والعالمية نطالبها بأن تسمع صوت الشباب وتستجيب له.
ونرجو من كل ذلك إحياء مشكلة الشرق الأوسط المنسية والأساسية التي هي قضية الباحثين عن عمل، وغياب التنمية واتخاذ الإجراءات والتوصيات العملية المناسبة، لعلاج مشاكل الشباب العربي، والنساء العربيات في هذه المنطقة من العالم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
انتهى دور صدام وجاء دور نجاد

علي فهد العجمي
الوطن الكويت

ما اشبه الليلة بالبارحة فبدون ادنى شك هناك تشابه في الدور الذي قام به صدام المقبور وما يقوم به نجاد رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية وإن كنت لا افقه في السياسة وغير متمرس بها الا ان الاحداث قد اخذنا منها عبرا ودروسا ومن لم يستفد من تجارب الحياة ودروسها فذاك انسان معتوه لا يفقه وقد يكون من ضمن الثلاثة الذين »رفع عنهم القلم كما جاء في حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) رفع القلم عن ثلاثة النائم حتى يستيقظ والصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق« (سنن ابن ماجة)، وكما قال عليه افضل الصلاة والتسليم، والمهم كنا في يوم من الايام حكاما ومحكومين فصفقنا للمقبور واعتبرناه حارسا لبوابة العرب الشرقية المطلة على الخليج العربي وكنا معتزين بقوته العسكرية ونعتبرها بأنها قوة للعالمين العربي والاسلامي وقد كان لبراعة اعلامه دور كبير حتى اعمى البصائر واصبح الناس يصدقون ما لا يصدق واخيرا وجه حرابه الى الكويت وشعبها واخذ يكثر من الادعاءات والافتراءات واصابه والحمدلله شيء من جنون العظمة حتى انه صار يرى العالم امامه وكأنهم ذباب فتحدى العالم بأسره وعلى رأسهم امريكا فتم توجيه انذارات له بالخروج من الكويت واتهام له بأنه يملك اسلحة كيماوية وذرية وجرثومية وغيرها من اسلحة الدمار الشامل وكلها صارت تيش بريش كما يقولون في الامثال واصبحت لجان التفتيش قادمة وغادية وعمنا العربي محمد البرادعي الذي كان على رأس هؤلاء المفتشين الذين زوروا الحقائق واظهروا بأن العراق يملك كذا كذا وما هي الا مبررات لغزو العراق والقضاء على مقدراته واقتصاده وامنه وتفريق شعبه الى دويلات واقليات وطوائف ومذاهب وهذا ما شهدناه وكل ذلك بسبب تهور المقبور وخيلائه وجنون عظمته التي ادت الى حالة العراق الحاضرة والى هذه الاوضاع الرديئة هذا الوضع الذي يرثى له وترثى معه الامة العربية والاسلامية، وانتهى دور المقبور وشلته واصبح في خبر كان.
الانسان احيانا يتصرف تصرفات قد لا يعلم عواقبها ونتائجها وتكون سلبية عليه وعلى حياته والمقبور سواء علم أو لا يعلم فقد قام بخدمة الأمريكان ومن سار على دربهم أي انه قام بدور العميل فأحيانا بعض المسؤولين أو القادة وبخاصة في العالمين العربي والاسلامي بعضهم عملاء للامريكيين وللغرب وهم يعلمون وبعضهم يقوم بدور العميل وهو لا يعرف المهم ان واحدة من الحالتين ادت الغرض وبعد ان هدأت الامور وبدأت المنطقة تتجه الى الاستقرار جاء دور نجاد الذي عرض الامة الاسلامية بدلا من صدام المقبور فأصبح يتحدى العالم ويبرز عضلاته قائلا بأنني سوف انتج القنبلة النووية وسأفعل وو.. الخ وفي كل شهر مفاوضات ومباحثات بين الغرب وبين ايران بين لجان التفتيش وايران وعمنا العربي محمد البرادعي رايح وجاي مع شلته وتهديدات تلو الاخرى من الامريكيين لنجاد وبالعكس من نجاد الى الامريكيين والمنطقة المحيطة بإيران طبعا نحن الخليجيين العرب وكأنهم يعيدون السيناريو الذي فعله المقبور صدام.
الحزن بدأ يدب في الدول العربية الخليجية المقابلة لإيران والغرب على رأسهم فرنسا بدأوا يهددون ويحذرون وكل ذلك حتى لا تستقر المنطقة وحتى تكون في قلق دائم وحتى تكون مصالحهم هي المهم والاهم وكذلك من اجل عيون اسرائيل التي تمتلك مئات القنابل الذرية والرؤوس النووية واسلحة الدمار الشامل لكن المدللة اسرائيل كما يزعمون دولة ديموقراطية وغير ممكن ان تستعمل هذه الاسلحة في ابادة البشر لكنها مسموح لها في اليوم الواحد ان تقتل عشرات الفلسطينيين واما نجاد ومن قبله المقبور صدام ويلحق بالركب سورية الاسد التي ارتمت في احضان الايرانيين مما جعل السلطات السورية تفرض على اصحاب المحلات التجارية في دمشق ان يعلقوا صور الخميني وصور تلميذه نصر الله على واجهات محلاتهم وفي الساحات العامة وسواء عرفت سورية الاسد أو لم تعرف فالعواقب سوف تكون وخيمة لأنها سوف تصنف مع صدام ونجاد وان قبول سورية لاستيراد الثورة الخمينية سيكلفها ثمنا باهظا.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
مكانة أميركا تنحدر لسببين أحدهما العراق
جميل مطر
الحياة

مرشحون جمهوريون لمنصب الرئاسة يتفادون أن تظهر لهم صور وهم في صحبة الرئيس جورج بوش. رؤساء دول وزعماء سياسيون يتعمدون عدم دعوة الرئيس الأميركي لزيارة عواصمهم، وآخرون يتهربون من تكرار اجتماعاتهم ولقاءاتهم به. إعلاميون، وبينهم أميركيون، صار شغلهم الشاغل في مؤتمرات القمة تغطية لامبالاة الرأي العام ورؤساء الوفود بوجود رئيس الولايات المتحدة أو عدم وجوده. وفي مؤتمر آبيك الأخير الذي عقد في استراليا كانت اللامبالاة واضحة إلى حد دفع بأحد الإعلاميين إلى إطلاق صفة «القمة الصينية» على المؤتمر، وهو ما أثار غضب الرئيس الأميركي ودفعه إلى الرد بأن رابطة دول آسيا والباسيفيكي أصبحت «رابطة صينية».

ماذا حدث؟ هل تراجعت المكانة الأميركية أم تراجعت مكانة الرئيس بوش؟ أم أن التراجع في واحدة يغذي التراجع في الأخرى وبمعدلات يخشى زعماء دول وقادة فكر في أوروبا والولايات المتحدة أن تزداد تسارعاً؟

صار أمراً ذائعاً أن كبار الديبلوماسيين في عواصم متعددة وفي الأمم المتحدة ومنظماتها ومعظم المحافل الدولية يتحدثون صراحة عن أن الولايات المتحدة لم تعد تتصدر أي حوار دائر في العالم باستثناء الحوارات والمفاوضات في شأن الأمن والإرهاب. أميركا لا تقود بل تكاد لا تشارك في معظم حوارات الحضارة والأديان والثقافات. وما زالت تتهرب من كثير من المؤتمرات التي تناقش قضايا تلوث البيئة والاحتباس الحراري. أميركا ليست في صدارة الحوارات عن الفقر والمرض والبحث عن حلول لمشكلات نقص الدواء وارتفاع ثمنه في الدول الكثيفة السكان الشديدة الفقر. من ناحية أخرى تخلت أميركا في السنوات الأخيرة عن قيادة مؤتمرات وحوارات لا يلتزم الحاضرون فيها مسبقاً باستعدادهم للقبول بالشروط التي وضعها اليمين المحافظ في الحزب الجمهوري للمعونات الأميركية، مثل القيود على الإجهاض أو القبول بمبدأ زواج المثليين، وشروط أخرى من كل نوع ابتداء بحرية العقيدة وانتهاء بحصانة المواطن الأميركي خارج وطنه.

تبدو أميركا كما لو أنها قررت التخلي عن دورها في قيادة العمل الدولي في قطاعات وأنشطة كثيرة، بل تبدو كما لو أنها قررت الانعزال بتدرج. وتبدو لآخرين دولة أعظم تفتقر إلى حماسة قياداتها البيروقراطية كما في قطاع الديبلوماسيين وأجهزة الاستخبارات وقياداتها الفكرية الأكاديمية كما في قطاع الجامعيين والبارزين في مراكز العصف الفكري والبحث العلمي.

أم أنها، وهي الدولة الأعظم من دون منازع، حتى الآن على الأقل، ركزت بأكثر مما يجب على العراق فتشتت فكرها وجهدها في أي قضية أخرى وخاب أداؤها في أي موقع آخر. الدولة التي تنفق أكثر مما ينفقه العالم كله على السلاح والحرب محرجة أمام شعوب وحكومات أخرى لأنها عاجزة عن «تخليص» نفسها من ورطة العراق وفرض نهاية للحرب تعيد إليها احترام الآخرين. هذا الشعور بالحرج المختلط بشعور الذنب بسبب فضائح التعذيب وخرق حقوق الإنسان وتدمير أمة وإشعال فتنة أو حرب أهلية بين طوائفها، يضع الديبلوماسية الأميركية، وربما أساليب التعامل مع الخارج بما فيها «ديبلوماسية القمة» كافة، في موقف المرتبك أو غير الواثق، فتبتعد عن الصدارة، وعن القضايا العالمية العظمى التي تهتم بها شعوب أخرى، ولا تبدو أميركا منتبهة إليها أو مكترثة بها.

قرأنا لمن يشكو في أوروبا الشرقية إهمال أميركا، ولمن يشكو في آسيا، مثل لي كوان يو زعيم سنغافورة، انشغالها بالعراق على حساب بقية العالم. ولمن يشكو في أميركا اللاتينية تجاهلها التطورات الجذرية في القارة وصحوة السكان الأصليين وتقدم اليسار القومي المتمرد. ونعرف عرباً لا يكفون عن الشكوى من رفض إدارة بوش الاقتراب من الصراع العربي الإسرائيلي حتى من قبل أن يغزو العراق، ومن ترك الصراع لإسرائيل تتولاه إلى النهاية التي تتوخاها.

الظاهرة لا شك محيرة، فالدولة الأعظم تنحدر في نظر الآخرين رغم احتفاظها الكامل بإمكاناتها الفائقة. وقد لا يكون لهذه الحالة سابقة في تاريخ العلاقات الدولية. إذ لم يحدث من قبل، على الأقل حسبما أذكر، أن دولة متفوقة في الإمكانات والقدرات كافة على ما عداها انسحبت طوعاً وبإرادتها من مواقع الصدارة في الحوارات الدولية. صحيح أن تاريخ العلاقات الدولية لم يسجل مرحلة بلغت فيها دولة ما بلغته الولايات المتحدة من تفوق في الإمكانات على كل ما عداها، ولكنه صحيح أيضاً أنه لم يسجل أن دولة عظمى تخلت من دون هزيمة عسكرية عن مسؤولياتها المتنوعة بتنوع مصالحها ومبادئها.

لعلنا نجد تفسيراً للظاهرة في أحد احتمالين، أو في كليهما معاً. الاحتمال الأول أن موجة الصعود الكاسحة التي تركبها الصين والهند وروسيا، وتركبها أيضاً فنزويلا وإيران وقوى دينية وغير دينية متطرفة في آسيا وإفريقيا، قد تكون السبب وراء الانسحاب الأميركي من مواقع الصدارة في المحافل الدولية باستثناء محافل الأمن والإرهاب. هذا الصعود المتدرج، ولكن الثابت والحاسم، لا يعني بأي حال أن قصوراً أو عجزاً أصاب تفوق أميركا العسكري والتكنولوجي والاقتصادي، ولا يعني أن الآخرين انتهزوا فرصة انشغال الولايات المتحدة في العراق، ليبدأوا بجسارة ومن دون معيقات أميركية صعبة رحلة الصعود، أو أسرعوا الخطى من أجل صنع واقع جديد في النظام الدولي تجده الولايات المتحدة في انتظارها عندما تقرر العودة إلى صدارة القيادة.

ستجد أميركا في انتظارها في جنوب آسيا، على سبيل المثال، شبكات بنية تحتية ومشروعات عملاقة أقامتها الصين في لاوس وكمبوديا والفيليبين وتيمور الشرقية، غيرت الكثير من ملامح خطة التنمية والتقدم في هذه المنطقة وطرحت قدوة ونماذج جديدة. وفي إفريقيا وأميركا اللاتينية يقع تطور مماثل وإن بحجم آخر وأساليب أخرى.

يحدث هذا الاختراق من جانب الصاعدين في الوقت الذي يحضر فيه الرئيس بوش مؤتمراً لقادة آسيا ويجد نفسه، واحداً بين أقران.. لا أكثر، بل ربما أقل إذا أخذنا في الاعتبار الاهتمام الذي حظيت به الصين فعلاً في هذا المؤتمر. يحدث الاختراق أيضاً في الوقت الذي يعتذر فيه روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي عن رحلة كان مقرراً أن يقوم بها الى أميركا اللاتينية، وكان السبب المعلن وراء الاعتذار، تطورات أزمة العراق. ويحدث في الوقت الذي تعلن فيه إيران بالصوت العالي والضجة المناسبة أنها جاهزة لتملأ الفراغ الذي خلفته أميركا في أنحاء الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس فنزويلا هوغو شافيز أميركا إلى منازلة على أرض كولومبيا، الحليف الأكبر لأميركا في القارة الجنوبية، بعد أن حقق انتصارات متعاقبة في بوليفيا والأرجنتين وكوبا وإكوادور ونيكاراغوا وغيرها. صعود الآخرين أياً كانت أسبابه ومحفزاته ليس كافياً وحده لتفسير انحدار الممارسة الأميركية لدورها القيادي.

الاحتمال الآخر الذي يمكن أن يفسر انحدار الممارسة الأميركية لدورها القيادي هو الرئيس بوش شخصياً، ليس فقط بسبب أسلوبه في إدارة سياسة أميركا الخارجية وحروبها وأفكاره ومبادرته، ولكن أيضاً بسبب وقوعه تحت تأثير «رؤيته لدوره في التاريخ»، فالرجل يعيش في وهم صنعه لنفسه بنفسه ومع عدد من الأشخاص الذين تولوا «خلاص روحه» في مرحلة سابقة على دخوله الساحة السياسية. يعتقد الرئيس أن التاريخ سيقدر له دوره في الحرب ضد «الإسلام العالمي» ونشر الديموقراطية وهزيمة الاستبداد في دول كثيرة أو أن التاريخ سيقدر له ما فعله من أجل العراق بعد أن «حرره» من دكتاتورية مستبدة وشريرة. لا يرى الرئيس بوش أن العراق أصابه ضرر فادح وقد لا يعود إلى سابق عهده بلداً يسكنه «عراقيون»، وأنه شخصياً، وبفضل الفوضى التي صاحبت خطة الغزو كما صاغها رامسفيلد وتومي فرانكس، قضى على دولة وغرس بذرة فوضى إقليمية لن تقف عند حدود الخليج. لا يعرف الرئيس، ولا يريد أن يعرف، لأنه مقتنع بأنه مسيّر من قوى أعظم.

إننا أمام أدلة متزايدة على أن الرئيس بوش كان، وربما ما زال، خاضعاً لـ «رسائل» يعتقد أنها تصل إليه من قوى وراء الطبيعة. وآخر دليل ما نشرته مجلة متخصصة فرنسية عن الاتصال الذي تم بين الرئيس بوش والرئيس شيراك قبل غزو العراق، تبلغ فيه الرئيس الفرنسي الخبر أن صراع ياجوج وماجوج نشب من جديد في الشرق الأوسط، وأن النبوءة المزعومة على وشك أن تتحقق، أي إبادة أعداء شعب إسرائيل. بئس حرب يقودها من يؤمن بأنه مبعوث لتحقيق نبوءة سماوية ويعمل في الوقت نفسه ليسجل اسمه كزعيم سياسي وقائد عسكري في صفحات التاريخ.

بوش وغيره من الزعماء الذين عاشوا وماتوا مقتنعين أن التاريخ سيعترف يوماً ما بأفضالهم التي أنكرها في حياتهم المفكرون والسياسيون والإعلاميون، هؤلاء الزعماء لا يلقون بالاً لآلام الشعوب ولا يهتمون بالتضحيات والخسائر والهزائم القصيرة، لأنهم آمنوا بأنهم على حق، والعبرة ليست بما يحدث ويقال الآن ولكن بما سيسجله التاريخ. عاش معظم هؤلاء ولم يغيروا سياساتهم أو أفكارهم حتى النفس الأخير. وفي ظني أن بوش كواحد منهم لن يغير سياسته في العراق ونياته تجاه غيرها، ليس فقط لأنه مؤمن بدوره في التاريخ ولكن أيضاً لأنه غير معني بتبعات سياساته على الوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة بعد أن اقتربت نهاية ولايته إذ لم يتبق له في الحكم سوى أربعة عشر شهراً.

سيترك بوش الرئاسة مطمئناً إلى أن أميركا لن ترحل عن العراق وغافلاً عن حقيقة أن العراق هو الآخر لن يرحل عن أميركا بعد أن تسلل إلى روحها وتمكن منها ومن معنويات الشعب وطبقة الحكم.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
النفط وغزو العراق
جاسم حسين
الوسط البحرين
صادف وجودنا في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي لحضور فعاليات منتدى مستقبل الديمقراطية صدور كتاب «ألن غرينسبن» الرئيس السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي (أو البنك المركزي المسئول عن السياسات النقدية). الكتاب عبارة عن مذكرات غرينسبن الذي تقاعد في يناير/ كانون الثاني من العام 2006 بعد أن بقي في منصبه مدة 18 عاماً.

كتاب غرينسبن

أثار الكتاب ردود فعل متباينة في الولايات المتحدة، فقد زعم الرئيس السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي أن النفط كان السبب الرئيسي للغزو الأميركي للعراق في العام 2003. ورأى غرينسبن أن إدارة الرئيس جورج بوش كانت تنظر إلى النظام العراقي السابق خطراً على الإمدادات النفطية، بيد أن غرينسبن لم يشرح التهديد العراقي المزعوم للصادرات النفطية من المنطقة عبر مضيق هرمز على رغم البعد الجغرافي النسبي للعراق عن المضيق.

يعتقد بأن الرجل لم يكن يفقه ما يقول لأنه تحدث في موضوع ليس من اختصاصه. بلا شك الكل كان ينتظر الكتاب لمعرفة أسباب بعض القرارات التي اتخذها حيال أمور مثل معدلات الفائدة (وما زاد من الترقب صدور الكتاب يوم الاثنين الماضي أي قبل يوم واحد من اجتماع لبنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي لاتخاذ قرار بشأن معدلات الفائدة).

في المقابل هناك من يعتقد بأن غرينسبن أراد فقط الإساءة إلى إدارة الرئيس جورج بوش. فقد شرح في جانب آخر من كتابه أنه خلافاً لعلاقاته مع إدارة بوش كانت علاقاته جيدة مع إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون. طبعا حدث كل ذلك على رغم إعلان غرينسبن أنه يتبنى أفكار الحزب الجمهوري الذي بدوره يسيطر على البيت الأبيض في الوقت الحاضر.

رفض رسمي

بدوره رفض وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ما جاء في الكتاب بأن النفط كان السبب الرئيسي للغزو. في المقابل زعم غيتس أن التدخل الأميركي في العراق يعود إلى أسباب جوهرية وفي مقدمتها الأمن في منطقة الخليج فضلاً عن مواجهة الأنظمة الدكتاتورية التي كانت تعمل لتطوير أسلحة فتاكة.

وكان وزير الدفاع الأميركي من بين الشخصيات التي شاركت بكلمات في منتدى مستقبل الديمقراطية الذي شاركنا فيه. ففي كلمة له بعنوان: «الواقعية والمثالية» في السياسة الأميركية أشار غيتس إلى أهمية متغير الصبر في ترسيخ القيم الديمقراطية. ورأى أن الشعب الأميركي غير صبور ويرغب في رؤية نتائج سريعة. وبدا أن وزير الدفاع كان يشير إلى الأوضاع في العراق التي تعاني من انفلات أمني على خلفية الغزو الأميركي في العام 2003 وفشلها في تأسيس ديمقراطية سلمية في بلاد الرافدين.

ولاحظت ورود عنوان المحاضرة في أدبيات المنتدى من دون ذكر اسم المحاضر، لكني تيقنت من وجود شخصية مهمة في القاعة المخصصة وذلك بالنظر إلى رجال الأمن المنتشرين داخل وخارج مكان المحاضرة. وعرفت فيما بعد بعض أسباب مجيء غيتس إلى المنتدى. من جملة الأمور, فهو من ولاية فرجينيا بل درس في كلية ويليم و ميري في مدينة ويليميزبرغ التي بدورها احتضنت فعاليات المنتدى.

تعتبر كلية ويليم و ميري التي تشير إلى الملك ويليم والملكة ميري من بريطانيا ثاني أقدم جامعة في الولايات المتحدة بعد جامعة هارفرد الشهيرة. وقد زرت الكلية وعلمت بأن بعض الرؤساء الأميركيين مثل توماس جيفرسون تعلم في الكلية. المعروف بأن جيفرسون كان ثالث رئيس للولايات المتحدة بعد كل من جورج واشنطن و جون أدامز.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
حرب أميركا... ونفط العراق!
عبد الله الشايجي
الاتحاد الامارات
غض النظر عن الأسباب التي قُدمت عن أسلحة الدمار الشامل لصدام حسين، فإن المسؤولين الأميركيين والبريطانيين كانوا قلقين من العنف في المنطقة التي تحتوي على مصدر للطاقة (النفط) لا يمكن الاستغناء عنه لاقتصاديات العالم. إنني حزين لأنه من غير الممكن سياسياً الاعتراف بما يعلمه الجميع: أن النفط كان السبب الرئيسي لحرب العراق". هذا الكلام ورد على لسان "آلان جرينسبان" -رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ست إدارات أميركية من "الجمهوريين" و"الديمقراطيين"- في سياق حديثه عن السبب الحقيقي للحرب على العراق، وذلك في مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية 17/9/2007.
وبالرغم من الاعتقاد السائد لدينا، سواءً كنا واقعيين أم مؤمنين بـ"نظرية المؤامرة"، تجاه الحجج التي ساقتها الإدارة الأميركية لتبرير حربها الاستباقية على العراق عام 2003، فإن النفط وحماية أمن إسرائيل ومنح الولايات المتحدة الهيمنة المُطلقة على ما تسميه "الشرق الأوسط الكبير" تبقى في مقدمة دوافع تلك الحرب. وطبعاً لم تكن ثمة أية أدلة أو براهين تدعم مثل هذا الطرح وتقنع المُشككين فيه، على قلتهم وتفرقهم، إلى أن جاء الآن "جرينسبان" الذي أعلنها صريحة مدوِّية، واضعاً النقاط على الحروف، مؤكداً أن النفط -بالذات- كان هو السبب والمبرر والمحرك الأقوى لتلك الحرب التي سُميت يومها "عملية حرية العراق"، والتي لا تزال مستمرة بدمويتها وجنونها بعد أربعة أعوام ونصف من اشتعالها، وسط تعبئة الأجواء لحرب نخشى أن تكون قد باتت هي الأخرى محتمة بين إيران والغرب.
والحقيقة أن المبررات التي قدمتها الإدارة الأميركية للحرب الاستباقية على العراق لم تكن مقنِعة، وخاصة في بُعدها الذي تم تطويره لاحقاً، بالقول إنها تشكل جبهة رئيسية في الحرب على الإرهاب، إذ أنه لم تكن هناك في العراق يومها منظمة إرهابية مثل تنظيم "القاعدة"، أو أية منظمة أخرى مما تصنفه واشنطن قبل الحرب ضمن المنظمات الإرهابية.
أما "تحالف الراغبين" في حرب العراق فلم يكن هو الآخر تحالفاً ثابتاً ومقنِعاً، وافتقر إلى غطاء الشرعية الدولية. وقد وصف "كوفي أنان" لاحقاً تلك الحرب بأنها "غير شرعية". وانفرط عقد ذلك التحالف الهش بانسحاب الدول التي شاركت فيه، والتي لم يبق منها سوى بقايا للقوات البريطانية لتلعب دور المساند الضعيف مع الأعداد القليلة من القوات الأسترالية، التي أخطأ الرئيس بوش ذات مرة، وأطلق عليها اسم: "القوات النمساوية"!
أما الادعاءات بوجود أسلحة دمار شامل عراقية، وعلاقة لنظام صدام حسين مع "القاعدة"، فقد ثبت أيضاً عدم صحتها. وهكذا لا يبقى سوى ما تفتقت عنه عقلية "المحافظين الجدد" من إمكانية تحويل العراق إلى "نموذج" في نشر الحريات ومحاربة الطغاة. وبعد كل تلك الخطابة المحمومة عن تحويل "النموذج العراقي" إلى مثال تستطيع واشنطن التلويح به لتأديب الأنظمة الموالية ودفعها لدخول بيت الطاعة الأميركي، ولترهيب "الأنظمة المارقة" التي أصبحت لاحقاً "محور الشر"، بعد كل ذلك ها هت تلك الادعاءات تمنى بالفشل أيضاً إلى درجة أن واشنطن نفسها توقفت تماماً عن ترديدها.
لقد تحطمت جميع هذه الادعاءات تباعاً على صخرة الواقع، وتحول المثال العراقي في الديمقراطية والحريات والمشاركة السياسية إلى تناحر واقتتال يمزقان العراق على خطوط مذهبية وإثنية وطائفية، وتحولت البلاد بذلك إلى "دولة فاشلة". ومع عودة واشنطن لسياستها القديمة بتفضيل الاستقرار على الحريات، ونشر الديمقراطية تقزَّمت أهدافها في العراق إلى كيفية الخلاص والانسحاب من مستنقع الموت بأقل تكلفة بشرية ومادية وسياسية ممكنة في عام انتخابات مصيري.
ويبقى أن نشير أخيراً إلى أن "آلان جرينسبان" رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) نشر مؤخراً مذكراته: "عصر الاضطرابات". وتكتسب انتقاداته لسياسة بوش بعداً مهماً لمكانته ولموقعه السابق وهو المطلع على خبايا وأسرار واشنطن وطريقة صنع القرار فيها.
وقد وفرت تصريحات "جرينسبان" الأخيرة أرضية ووقوداً يوظف ويستخدم من المؤمنين بـ"نظرية المؤامرة" ومعارضي الحرب في أميركا والغرب. وبالرغم من نفي وزير الدفاع الأميركي "روبرت جيتس" صلة الحرب بالنفط، إلا أن ذلك لم يعد مقنعاً. لأن النفط كان ولا يزال هو السبب الرئيسي لتلك الحرب. ويأتي كتاب "جرينسبان" وانتقاداته لإدارة الرئيس بوش، في توقيت سيئ للإدارة المحاصرة، وسيزيد من تعميق مأزقها وتعثر مشروعها في الشرق الأوسط الكبير، ما يلغي النموذج العراقي كمثال، وكعِبرة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
«بلاك ووتر» أو المياه السوداء 2/4
عبيدلي العبيدلي
الوسيط البحرين

لعله من المناسب هنا أن نصل مع القارئ إلى تحديد مشترك لمفهوم «الارتزاق أو المرتزقة». يقول الباحث في المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية في عمَان (الأردن) رائد فوزي أحمود إن البعض يطلق اسم المرتزقة «على طبقة من المحاربين المحترفين الذين يقدمون خدماتهم إلى من يطلبها نظير أجر معين، من دون اعتبارات خلقية أو قومية.

ويستعين أحمود بالمادة الأولى من تعريف الاتفاق الدولي لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم الصادر في 1989 الذي تحدد أن المرتزق هو «أي شخص يجند خصيصاً، محلياً أو في الخارج للقتال في نزاع مسلح ويكون دافعه الأساسي الاشتراك في الأعمال العدائية والرغبة في تحقيق مغنم شخصي ويبدل له فعلاً من قبل طرف في النزاع، أو باسم هذا الطرف وعد بمكافأة مادية تزيد كثيرا على ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة».

ولربما كان أفضل من لخص، وعلى نحو واضح، ما تقوم به «بلاك ووتر» في العراق، ووضعه في إطاره «الارتزاقي» الصحيح هو تيري جونز، محرر في صحيفة «الغارديان» البريطانية ونشرت ترجمة له صحيفة «الاتحاد» ( الصحيفة المركزية للاتحاد الوطني الكردستاني) على موقعها على الإنترنت.

يؤكد جونز أن «عمليات شركة بلاك ووتر المختصة بالعقود العسكرية أثبتت أن العراق هو فعلا الأرض الحقيقية للفرص، إذ أعلن مدير الشركة غاري جاكسون أن الأرباح لا تزال تتراوح على النسبة نفسها للعام 2004 بـ 600 في المئة، ويقول جاكسون إن الأمر يتعلق بمشروع مليار دولار ونحن مع ذلك لانزال في البداية. وللبدء بمثل هذا المشروع تكون بحاجة الى ان ترث مليار دولار وهو الأمر الذي حصل لمؤسس شركة بلاك ووتر ثم استثمار هذا المبلغ لانشاء شركة تختص بقتل الآخرين، وطبعاً كما يقول البعض فإن مهمة الشركة أن تعزز الأمن والسلام، الحرية والديمقراطية في كل مكان ولكن النشاط الذي يصور نشاط الشركة مليء بصور رجال يقتحمون الغرف وهم يحملون البنادق الآلية أو يطلقون النار من الطائرات المروحية ويمكن تلخيص هذا النشاط في أربع نقاط: التمركز العسكري، التقدم العسكري، اتخاذ وضع القنص، وأخيرا إطلاق النار من الزوايا العليا (السطوح والطائرات المروحية).فالهدف هو تحقيق الأرباح من خلال هذا النوع من العنف السائد في العراق أيا تكن اللغة المثالية التي تصفه بها».

ويعود تصدر اسم «بلاك ووتر» في وسائل الإعلام بشكل مكثف إلى ظهورها كقوة مؤثرة وذراع متعددة المهمات في العراق بعد احتلال العراق بعدة شهور، وبلغ ذروة هذا الظهور في31 / مارس/ آذار 2004، بعدما اصطادت»المقاومة» العراقية أربعة أميركيين في مدينة الفلوجة يعملون لدى الشركة، إذ أثبتت المعطيات أن ميليشيات هذه الشركة هي من قاد جرائم معركة الفلوجة، وتم التركيز الإعلامي على أنشطة هذه الشركة بعد أن قام المواطنون العراقيون بحرق جثث العناصر الأربعة على جسر الفلوجة رداً على ما ارتكبته من جرائم وحشية.

والذي لا يعلمه كثيرون هو أن هذه الشركات المرتزقة العاملة في العراق تعمل وفق مرسوم وضعه الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر عقب احتلاله، فوفقا للعقود المبرمة معها واستنادا كذلك إلى المرسوم الذي أصدره الحاكم الأميركي السابق في العراق بول بريمر العام 2004 والمسمي «القاعدة 17»، فإن «القوات الأميركية والمتعددة الجنسيات ورعايا هذه الدول المقيمين في العراق والشركات الأمنية الخاصة «معفون من أية مساءلة قانونية أمام المحاكم العراقية ولا يشملهم القانون العراقي»!

وبالتالي فليس للحكومة العراقية الحالية أي سلطة علي هؤلاء المرتزقة وليس لهم أي سند قانوني يخولهم سحب ترخيص «بلاك ووتر»، أو أي من الشركات الأمنية الخاصة، بل ولا تستطيع الحكومة - قانونا - محاكمة أي مجرم من هذه الشركات ارتكب مجازر بحق المدنيين، لأن هذه الشركات الأمنية الخاصة في العراق تتمتع نظريا بحصانة دبلوماسية وتتوقف الملاحقات القضائية المحتملة ضدها على القرار السياسي.

وربما لهذا عهد الاحتلال الأميركي إلي هذه الشركة الأمنية - التي تعمل بسرية بالغة – العمل في العراق وتصفية وقتل العراقيين وتعميق الصراع بين السنة والشيعة، لأن مثل هذه الشركات ومرتزقتها لا تتحمل أي عواقب أو متابعات قانونية إذا ما اكتشف عملها الإجرامي، وسيسهل على الاحتلال الأميركي نفي صلته بهذه الأعمال والزعم بأنها من قبل «إرهابيين».

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
هسة الفرح ممنوع على العراقيين
محمد عبدالله محمد
الوسيط البحرين

عندما أقرأ أن نائب رئيس جمهورية العراق طارق الهاشمي قال لنزلاء سجن حديث في بغداد يضم زهاء الثلاثة آلاف سجين بأن «ما أنتم فيه هـو ظلم لا يمكن أن نقبل به، وهو عار علينا جميعاً» فإن ذلك يعني أن الحكومة العراقية ليست هي صاحبة الكلمة والسلطة في إدارة العمل الأمني وتسيير الإجراءات الجنائية الخاصة بمواطنيها، خصوصاً وأن الرجل هو نائب رئيس الجمهورية وليس ساعٍ للبريد أو جابياً لفواتير الكهرباء! وعندما أسمعه مرة أخرى يُخاطبهم جهاراً بأنكم أيها السجناء «محظوظون جداً، على الأقل لأنكم تنعمون بالأمان هنا، فالناس في الخارج لا يأمنون على حياتهم» فهذا يعني أن العراق أصبح غابة وليس دولة، إذ كيف يُعقل أن يكون السجن أفضل وسيلة للبقاء على قيد الحياة، في حين تُصبح الحرية المقصلة التي تهبك الموت بالطريقة التي يراها الجناة؟! لكن الهاشمي ربما كان أفصح من غيره من الساسة العراقيين الذين اعتادوا على الفذلكات والكذب البيّن، فالهاشمي أنتج فتحاً صريحاً لما يجري على الأرض في بلاده، فهو لم يقل إلاّ ما يحصل وما هو حاصل فعلاً، فبلاد الرافدين ومنذ الاحتلال الأميركي باتت تدفع أكلافاً استثنائية على كل المستويات، تخريب المؤسسات المدنية، وتشطير المتعاضدات الاجتماعية ومن ثم فرزها طائفياً، وتمكين الاحتلال ووضعه ضمن نسيج الدولة وحراكها اليومي، بل ولأول مرة في التاريخ يحصل فيه أن دولة تحتل بلداً وتُعلن أنها ستنسحب منه في حين يُصرّ البلد المحتل على بقاء مُحتليه مدة أطول! ولأول مرة يحصل أن الأمم المتحدة تُصدر قراراً يصف الوجود العسكري الأميركي والبريطاني في العراق بأنه احتلالاً في حين يُصرّ الساسة العراقيون على تنعيم تلك التسمية ونعتها بالقوات متعددة الجنسيات وقبلها بقوات التحرير! السبب بسيط وهو أن هؤلاء الساسة الجُدد هم غرباء على العراق ولا يُتقنون فك رموزه وميكانيزماته على رغم أنهم عراقيون بالتذارر فقط، ولأنهم مصدومون بما آلت إليه أوضاع البلد الذي مَنّوا أهله وناسه بحلم الدولة المتماسكة العادلة القوية، وهم يرون مشروعهم مات في محراب العمالة قبل أن يُولد، وإذا كان الناس في السابق لا يرون في صدام حسين ونظامه إلاّ صورة جليّة للقمع والاضطهاد والتنكيل، فإنهم اليوم وبسبب ضياع الهوية وانكسار الحاضر وسواد المستقبل بسبب نخبة العراق الجديدة المُتأمركة باتوا يترحمون عليه كلما حصل تفجير أو أزيحت عوائل من مرتعها أو امتلأت مشرحة بغداد بالجثث المجهولة، وهي نهاية لم يكن أحد ليتخيل أنها ستحصل على اعتبار أن جرائم البعث أنست من قبلها وأتعبت من بعدها، فالهاجس الأمني أصبح كالدولاب الذي يستقيم على إيقاعه كل شيء، السياسة والاقتصاد والاجتماع وحياة الناس العادية، بل حتى النواحي الصحية أمست تلابيها مُجتَرّة إلى حيث مركزه وبوصلته، وقد أفادت الدراسات الأخيرة أن أربعين نوعاً من الأمراض النفسية باتت أقفالاً على قلوب وعقول الملايين من العراقيين بسبب العنف والقتل والتهجير في ظل وجود طبيب واحد لكل ثلاثمئة ألف مريض نفسي!! وقد سمعت أحد الاستشاريين النفسانيين مرة يتحدث عن أمارات ذلك الوضع بالإشارة إلى الضحك أو البكاء بصوت مرتفع، أو الحديث بصورة حدّية وهي سمات باتت واضحة في شخصية الفرد العراقي، لكن الأمرّ هو أن المسوحات النفسية قد أظهرت أن المشمولين في الاستطلاعات قد أفادوا بتعرضهم لـ 3504 حوادث عنيف منذ مجيء صدام حسين إلى الحكم نهاية السبعينات ولغاية انهيار حكمه، في حين أفادوا بأنهم قد تعرضوا لـ 6463 حادث عنف منذ الاحتلال الأميركي إلى العراق في 9 أبريل/نيسان في العام 2003 ولغاية إجراء الاستطلاع، والأغرب أن الطلاب الصغار الذين شهدوا عمليات العنف والتفجير والأعمال الطائفية وأصيبوا بأمراض نفسية حادة باتت سلوكياتهم تعكس مدى منسوب الصور المترسخة في أذهانهم، بل إن الكثير منهم باتوا مُدمنين على سؤال بعضهم بعضاً في المدرسة بذات الأسئلة التي يتداولها أمراء الحرب الطائفية في العراق: هل أنت شيعي أو سنّي؟! ويتسمّون في ألعابهم بأسماء الجماعات المسلحة كالقاعدة وفيلق بدر وجيش المهدي وجيش عمر.

في منتصف الشهر الثامن من العام الجاري ذكر الزميل حسين علي حادثة تدل دلالة واضحة على طبيعة الصراع الطائفي القائم ومنسوبه وفترات تصاعده، فقد أفاد زميلنا بأن أحد المعتقلين ويُدعى عطاء داوود وهو سُنّي كان محتجزاً في سجن الكاظمية لمدة ثلاثة أعوام من قِبل القوات الأميركية والعراقية قد أطلق سراحه ليواجه واقعاً طائفياً مُرّاً وخريطة غير مألوفة لمفارز مذهبية لا يستوعبها أحد، فهو قبل اعتقاله كانت مورفولوجيا الطائفية لاتزال مكتومة ولا يُتحدث عنها على أنها حرب مُمنهجة في طريقة الإقصاء، وكانت مقتصرة فقط على منتسبي القاعدة ضد الجيوب الشيعية في أحياء بغداد والمناطق الغربية، ولم تنزلق في سوادها الميليشيات الشيعية إلاّ بعد تفجير مرقد العسكريين في فبراير/شباط من العام 2006، يضيف الزميل بأن عطاء داوود وبعد ركوبه للحافلة التي أقلّت السجناء المُفرج عنهم إلى منطقة العلاوي التي تحوي محطة الحافلات الرئيسية، نزل عطاء ليبحث له عن سيارة أجرة تُوصله إلى منزله بحي الضباط السُنّي، إلاّ أنه وبعد رفض متكرر من سائقي الأجرة الذين يعلمون جيداً كيف تجري الأمور هناك في حين يجهلها هو لغيابه الطويل في السجن؛ اتفق مع أحدهم أن يُوصله إلى حي الجهاد الشيعي القريب من حي الضباط، فوافق المسكين على الفور ظناً منه أن الطريق سيكون سالكاً إلى بيته، فالحيّان متجاوران ولا يفصلهما سوى مسافة مرمى حجر، من دون أن يُدرك حجم الاحتراب الطائفي البغيض بين الحيّين من متطرفي السُنة والشيعة في العاصمة بغداد، لذا فإنه وعندما نزل عطاء إلى حي الجهاد مجتازاً أزقّته اعترضه مسلحون مجرمون، وبعد التدقيق في هويته وسؤاله قاموا بقتله بدمٍ بارد ورميه على قارعة الطريق! وعند سؤال أهله عنه لدى إدارة السجن أبلغتهم الأخيرة بأن عطاء قد أفرج عنه منذ أسبوع وأنه وُجَد مقتولاً وهو الآن في المشرحة الرئيسية ببغداد!

بطبيعة الحال هذه حالة واحدة ضمن مئات الآلاف من الحوادث التي وقعت وتقع في محافظات العراق المختلفة يكون ضحاياها سُنّة وشيعة، ولمن يريد أن يُدرك حقيقة الفرز فعليه أن يُعاين الخريطة الجديدة للعاصمة فالسُنة يعيشون في الجانب الغربي من بغداد، في حين يقطن الشيعة في شرقها وتفصلها موانع نفسية وثارات ودم، وبات الجميع يحرص على حمل العديد من الهويات المذهبية لكي يستطيع اجتياز حاجز هنا أو حاجز هناك والهروب من هذا الجحيم، سواء إلى مناطق أكثر أمناً في داخل العراق أو إلى دول الجوار، وقد أعلنت الأمم المتحدة أن العنف في العراق أدى إلى أكبر موجة نزوح في الشرق الأوسط منذ قيام الكيان الصهيوني في العام 1948، وأن واحداً من كل ثمانية عراقيين نزحوا عن ديارهم، وأن نصف مليون شخص تركوا منازلهم خلال الأشهر الستة الأخيرة فقط، وأن مليوني شخص غادروا البلاد في حين نزح أكثر من مليون وسبعمئة ألف شخص داخل العراق.

وإذا كان هذا حال العراق أليس من العيب أن يبقى أحدٌ من هؤلاء السياسيين في السلطة؟! بل أليس من العيب أن يقول أحدهم أو يدعي بأنه ضمن طبقة سياسية موالية أم معارضة ضمن فضاء هذه السلطة الموبوءة، هذه الطبقة التي لم تستطع أن تُرجع حقوق السجناء في سجن أبي غريب من شارلز غلرنر، وتمسح من ذاكرتهم إجباره لهم على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول وسب الإسلام، والأكل من المرحاض، كيف يُمكن لهؤلاء أن يستمروا في السلطة لولا طمعهم بها لا أكثر ولا أقل.

ليست هناك تعليقات: