Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الجمعة، 21 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الجمعة 21-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
نهاية حلم الامبراطورية الامريكية
د. فهد الفان

الراي الاردن



في حـوار بين اثنيـن من المحللين السياسيين الأميركيين حـدد أحدهما ثلاثة أهداف لغزو العراق كما جاءت في ذهن الرئيس الأميركي جورج بوش. الأول هو السـيطرة على البترول ، والثاني جعل الشرق الأوسـط مكاناً أكثر أمناً لإسـرائيل بالقضاء على النظام الذي كان يشـكل تهديـداً حقيقياً لإسرائيل ، والثالث هو إكمال المهمة التي قـام بها بوش الأب أي أن الابن أراد أن يتفـوق على أبيه.

هذا التحليل لا يأتي بجديد ، فقد قلنا مراراً وتكراراً أن الإدارة الأميركية أرادت السيطرة على البترول العربي وضمان أمن إسرائيل ، أما المنافسة بين الابن وأبيه فكانت أشـبه بملاحظة عابرة.

أما الثاني فلا ينكر أهمية البترول وأمن إسرائيل والمسألة العائلية ، ولكنه يربطها بهدف أعلى هو بناء الإمبراطورية الأميركية المهيمنة على الجميع ، سواء كانوا حلفاء أو منافسين محتملين ، وذلك عن طريق التحكم بنفط الشرق الأوسط ، الذي يمثل الدينمو المحرك لماكينة العالم الأول الصناعي ، بما في ذلك أوروبا والصين واليابان.

يستذكر هذا المحلل مخاوف أميركا من سيطرة الاتحاد السوفييتي على أفغانستان قبل ثلاثة عقود ، ليس لأن أفغانستان بحد ذاتها لها قيمة عسكرية أو استراتيجية أو اقتصادية ، بل لأنها تمثل بدايـة الطريق التي يمكن أن يسلكها الاتحاد السوفييتي للوصول إلى بترول الشرق الأوسط والتحكم به ، وبالتالي إخضاع الغرب للسيطرة.

إذا كانت سـيطرة الاتحاد السوفييتي (السابق) على بترول الشرق الأوسط تعني في نظر أميركا سـيطرته على العالم ، فإن الحقيقـة ذاتها تنطبق في حالة سـيطرة أميركا على البترول العربي.

المحافظون الجدد ، الذين شكلوا فريق الحكم لإدارة بوش ، لم يخفوا أحلامهم الإمبراطورية ، فانتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفييتي ، وصعود أميركا من مرتبة القوة العظمى الأولى إلى مرتبة القوة العظمى الوحيدة ، يجب توظيفها بسرعة لإدامة هذا الوضع ، بحيث لا يسمح بعد الآن ببروز قوى أخرى قد تشكل نداً لأميركا.

مشروع بناء الإمبراطورية الأميركية اصطدم بجدار مقاومة وطنية لم تكن تخطر بالبال. وبدلاً من حدوث المد الأميركي ليغطي العالم ، حدث انحسار أميركي مهين ، وتم وضع حد للأحلام الإمبراطورية ، وتدحرجت الرؤوس الساخنة للمحافظين الجدد واحداً بعد آخر.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
تقرير كروكر- باترايوس
مفـرح الطـراونة
الراي الاردن



منذ عدة أشهر والعالم ينتظرتقرير كروكر- باترايوس الذي ترافق بضجة إعلامية واهتمام عالمي واسع ولكن النتائج كانت باهتة ولا تستحق كل هذه الضجة، ولم يكن متوقعاً أن يقول الرجلان غير ما سمعنا سواءً فيما يتعلق بتراجع الإرهاب أو استتباب الأمن أو المصالحة الوطنية ... لأنهما موظفان ينفذان أوامر إدارتهما خاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس بوش نفسه وأركان إدارته للعراق حيث وضعوا اللمسات الأخيرة على شهادتي السفير والجنرال قبل الإدلاء بهما أمام الكونغرس.

وصحيح أن مستوى العنف ينخفض في بعض المناطق- كما جاء في التقرير- ولكن ذلك يتم بسبب تهجير السُّنة من بغداد وتهجير الشيعة من بعض المناطق ذات الأغلبية السُّنية مما يؤدي إلى عدم الاحتكاك الطائفي .ليكون ذلك تبريراً لحُجَّة تقسيم العراق مستقبلاً منعاً للاحتكاك الطائفي!!!! كما ويتحقق الأمن عندما تحَاصِر أعداد هائلةً من الجيش الأميركي مدعومة بالطائرات المقاتلة وطائرات الهيلوكبتر و الدبابات لمدينةٍ صغيرةٍ مثل بعقوبة لأسابيع أو أشهر....ولكن العنف يعود بعد ساعات من انسحاب تلك القوات .

وحقيقة الأوضاع أن العنف لم ينخفض و التهجير لم يتوقف والمصالحة الوطنية لم تتحقق، فقد اشارت جريدة الواشنطن بوست في 12/9/2007إلى أن 70%من العراقيين قالوا ان الوضع الأمني الآن اسوأ مما كان في بداية الغزو.

وعلى كل حال فقد شكك الديموقراطيون بتقرير كروكر - باترايوس الذي ( لايعكس نظرةً واقعيةً للأوضاع في العراق وفقا لما قاله هاري ريد) زعيم الأغلبية الديموقراطية في الكونغرس .

كما قام وفد من أعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديموقراطيين بزيارة لبغداد يوم الثلاثاء 11/9 للإطلاع على الأوضاع على الأرض بعيدا عن تقرير كروكر - باترايوس .

فكيف ينخفض العنف والقتل ويتوقف التهجير اذا كان الجنرال باترايوس يقول في مؤتمره الصحفي الذي عقده في 12/9 بعد تقديم شهادته مباشرة بأنه من غير المجدي وضع جدول زمني لسحب سلاح المليشيات لأنها ستتصلَّب في مواقفها وستزيد تسليحها ... وليس لكلام الجنرال سوى تفسير واحد هو أن المليشيات وفرق الموت باقية وستواصل نشاطها الطائفي!!!! وقد رحبت الحكومة العراقية بشهادتي السفيرو الجنرال واعتبرت أنهما تؤكدان انجازاتها التاريخية كما قال موفق الربيعي !!!! ومن الواضح أنه لن يترتب على الشهادتين أي خطط اميركية جديدة لتحسين الأوضاع في العراق .

والخلاصة أن تقرير كروكر- باترايوس كان موجهاً للأميركيين ولا علاقة للشعب العراقي بمضمونه وأنه جاء خدمة للرئيس الأميركي وإدارته فقط ودعاية إعلامية للانتخابات القادمة .

mf-tarawneh@hotmail.com

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
اختطاف مريب آخر
وليد الزبيدي
الوطن عمان


لم تهتم وسائل الاعلام، ولم يتوقف المراقبون عند عملية الاختطاف المريبة، التي جرت في وضح النهار، واستهدفت مسؤولا كبيرا في وزارة النفط العراقية مع عدد آخر من المديرين العامين، وقبل التطرق الى تفاصيل هذه العملية، لابد من التأكيد على النقاط التالية:
اولا: ان الاختطاف حصل بعد سيل من التصريحات التي اطلقها كبار قادة الجيش الاميركي، وقادة وزارة الداخلية العراقية، الذين اشادوا خلالها بالانتقال الكبير الذي حصل في الوضع الامني في مدينة بغداد، ووصلت الصورة في بعض التصريحات الى الوردية، وامتلأت الفضائيات والصحف والاذاعات بتلك التصريحات، لدرجة ان بعض المتوهمين تصوروا ان بغداد قد اصبحت آمنة.
ثانيا: ان عملية الاختطاف لم تكن الاولى، ولا العاشرة، كما انها جاءت بعد عملية اختطاف كبيرة وخطيرة حصلت في احدى دوائر وزارة المالية، التي تقع في منطقة محصنة وتقع على مقربة منها الكثير من الدوائر الامنية، واقصد عملية اختطاف البريطانيين من قبل العشرات من الاشخاص الذين يستخدمون سيارات وزارة الداخلية، ويفترض ان الجهات المختصة عملت على سد اية ثغرة في هذا المجال، تحسبا لحصول عمليات اختطاف كبيرة اخرى.
ثالثا: لمن لا يعرف المكان الذي حصلت بداخله عملية الاختطاف، نقول بانه لا يبعد عن وزارة الداخلية الا مئات الامتار، وفي حي المهندسين الذي يقع بالقرب من المجمع النفطي، حيث تم الاختطاف يقع بيت وزير الداخلية وكبار الضباط والمسؤولين في الاجهزة الامنية، وعلى مسافة قريبة تقع اكاديمية الشرطة وهناك قاعدة عسكرية اميركية، وتخضع المنطقة (مجمع التسويق النفطي) لاجراءات امنية مشددة، وليس بمقدور اي شخص الدخول اليه، ولا يوجد الا منفذ واحد للدخول والخرج ومحاط بتحصينات أمنية عالية.
رابعا: يعترف وزير النفط، ان عدد الاشخاص الذين نفذوا عملية الاختطاف تجاوز المائة مسلح ويستقلون عشرات السيارات ويحملون مختلف انواع الاسلحة. وقد اقتحم هؤلاء هذه الدائرة الحساسة واقتادوا وكيل الوزير والمديرين العامين، وغادروا دون الابلاغ عن ما حصل او متابعة الجهة التي ذهب اليها الخاطفون، ومن المعروف ان الهواتف المحمولة لدى الجميع.

خامسا: لم تصدر حكومة المالكي اي توضيح لما حصل، وتجاهلت وسائل اعلام الحكومة هذه الحادثة رغم خطورتها، وركز المسؤولون على الحديث عن خطة فرض القانون والنتائج الكبيرة، التي تحققت في مدينة بغداد كما يصرحون بذلك.
الغريب في الامر، ان بقية الوزارات والمسؤولين لم يعلنوا موقفا صريحا وحازما بخصوص ما جرى لزميل لهم، ولم نسمع عن جهة واحدة طالبت باطلاق سراحه، ولم تحتج وزارة، ولم يمتنع مسؤولون عن الذهاب الى اماكن عملهم، رغم ان الحادث مريب وخطير.
wzbidy@yahoo.com

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
حرب جديدة تكمن في (العجز المركب) لإدارة بوش!
جواد البشيتي
الوطن عمان

لو لم يزر الرئيس بوش (العراق) لظل محتفظا بقدرة أكبر على اقناع معارضي (استراتيجية زيادة عدد الجنود) من المواطنين، وفي الكونجرس، بأن هذه الاستراتيجية قد أحرزت بعض النجاح، ويمكنها أن تحرز مزيدا منه حتى مغادرته البيت الأبيض، فالزيارة كانت في معانيها إضعافا لكثير من حججه ومنطقه.
لقد أرسل الرئيس بوش نحو 30 ألف جندي إلى بغداد لجعلها آمنة أو أكثر أمنا، ولتمكين حكومة المالكي، بالتالي، من أن تحقق أكثر بكثير من الـ(9) أهداف التي حققتها، على ما زعم، من أصل الـ(18) هدفا التي حددها لها الكونجرس لقياس النجاح الذي أحرزته، وتحرزه، توصلا إلى تغيير البيئة الأمنية والسياسية في العراق، وفي عاصمته على وجه الخصوص، بما يسمح بتقليص حجم الوجود العسكري للولايات المتحدة هناك.
الرئيس بوش لم يزر بغداد، وكان ينبغي له زيارتها، وعلى نحو يظهر ويؤكد لكل معارضي استراتيجيته الجديدة أن الزيادة في عدد الجنود قد جعلت بغداد آمنة بما يكفي لقيامه بزيارته وعلى نحو يفي بالغرض الذي هو إظهار وتأكيد أن منسوب الأمن في العاصمة العراقية قد ارتفع ويرتفع.
لقد ذهب إلى محافظة الأنبار التي نجح تحالفه مع قبائلها وعشائرها السنية (العربية) في أن يضعف نفوذ (القاعدة) فيها، وأن يؤسس، بالتالي، لأمن من النمط وفي الحجم الذي يريد، والذي تعذر عليه أن يؤسس لمثله في بغداد، فجل ما أحرزته إدارة الرئيس بوش من نجاح، بعد (استراتيجيتها الجديدة)، وعلى ضآلة وزنه إذا ما قسناه بميزان الواقع الموضوعي، إنما أحرزته ميليشيا القبائل والعشائر في الأنبار، وكأن زيادة عدد الجنود في بغداد لم تعط من النتائج ما يوافق التوقع الذي زين للرئيس بوش إعلان (استراتيجيته الجديدة). ثم جاء اغتيال زعيم ميليشيا قبائل وعشائر الأنبار عبد الستار أبو ريشة، والذي صافحه الرئيس بوش وشد على يديه، ليؤكد أن أمن الأنبار يمكن أن يغدو كريشة في مهب الريح. إضافة إلى ذلك ليس ثمة ما قد يمنع، مستقبلا، من أن يتمخض تسليح تلك القبائل والعشائر عن مزيد من الحرب أو الحروب الأهلية، فبعد هذا الذي تحقق، بالحديد والنار، من فرز طائفي (بين الشيعة والسنة من عرب العراق) على الصعيدين الجغرافي والديمغرافي، ليس ثمة ما يمنع من مزيد من الحرب أو الحروب الأهلية؛ ولكن بين دويلات.
الرئيس بوش، على ما أعتقد، كان يتوقع أيضا أن تفشل (استراتيجيته الجديدة) في أن تؤسس لبيئة أمنية ـ سياسية جديدة في العراق، بدءا من بغداد، وفيها على وجه الخصوص، وأن يؤدي هذا الفشل (الذي هو الآن حقيقة واقعة لا ينكرها إلا كل من له مصلحة في سياسة تجانب الواقع وتجافيه) إلى زيادة ثقل المعارضة لاستمرار الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق، فأرسل الـ(30) ألف جندي إلى هناك حتى يظهر إعادتهم التامة إلى الوطن، في يوليو 2008، على أنها تلبية (واقعية) لمطلب المعارضة إنهاء هذا الوجود، الذي في استمراره ترجح أكثر كفة الهزيمة والفشل على كفة الانتصار والنجاح، ويفقد العراق وشعبه مزيدا من الأمن والاستقرار، أو مما بقي له من أمن واستقرار.
وحتى يظهر هذا الإنهاء للوجود العسكري الإضافي على أنه مستوف لـ(الواقعية)، التي يراها الرئيس بوش بعيون القادة العسكريين، تحدث عن (النجاح) الذي كان نجاحا فحسب في جعله (الحبة) في حجم (قبة)، وكأنه أراد أن يقول إن (استراتيجيته الجديدة) أثمرت من الأمن والاستقرار، ومن (نجاح) حكومة المالكي في اختبار الكونجرس لها، ما حمله على أن يقرر أن يعيد بالتدريج الجنود الإضافيين الذين أرسلهم إلى العراق، ملمحا إلى أن إحراز الولايات المتحدة لمزيد من النجاح الأمني (والسياسي) في العراق بعد يوليو المقبل قد يفضي إلى إعادة مزيد من الجنود إلى عائلاتهم.
على أن الرئيس بوش كان هذه المرة في منتهى الوضوح لجهة إظهاره العزم والتصميم على البقاء الدائم في العراق، فالولايات المتحدة، على ما قال، يجب أن تستمر في (التزامها العسكري والسياسي والاقتصادي) هناك إلى ما بعد انتهاء ولايته الرئاسية، أي أن سيد البيت الأبيض المقبل ينبغي له، (ديمقراطيا) كان أم (جمهوريا)، أن يحتفظ للولايات المتحدة بوجود عسكري ـ استراتيجي دائم في العراق.
الرئيس بوش يعلم أن هذا (النجاح) الذي أحرزته استراتيجيته الجديدة في العراق، والذي ليس كمثله نجاح لجهة صعوبة واستعصاء تمييزه من الفشل، لن يكون كافيا لبقاء الجمهوريين في البيت الأبيض بعد مغادرته له. وعليه، يصعب القول إن الرئيس بوش يمكن أن يغادر البيت الأبيض قبل أن يكتب باسمه نصرا عسكريا للولايات المتحدة ليس في العراق حيث أصبح انتصاره فيه والوهم صنوان وإنما في إيران التي هي حتى الآن الرابح الأكبر من غزو واحتلال الولايات المتحدة للعراق، وكأن إدارة الرئيس بوش لم تخض الحرب في العراق إلا لتقطف ثمارها المرة، ولتترك قطف ثمارها الحلوة لإيران.
وأحسب أن خير دليل على أن ساعة ضرب إيران قد أزفت هو أن تخرج الولايات المتحدة جيشها من (المصائد العراقية)؛ ولا شك في أنها ستصور هذا العمل الذي لا بد منه على أنه ثمرة نجاحها في نشر ما يكفي من الأمن والاستقرار في المناطق العراقية التي يمكن أن تحولها إيران مع حلفائها العراقيين إلى مصائد لجنودها.
وهذا إنما يعني أن الرئيس بوش عازم على جعل من يخلفه في الرئاسة في مواجهة واقع لا يسمح له إلا بالمفاضلة بين (هزيمة لا ريب فيها) وبين المضي قدما في الطريق التي سار فيها من قبله الرئيس بوش الذي سيظل حتى مغادرته البيت الأبيض محجما عن التسليم بما يقوله الواقع وهو أن هزيمة الولايات المتحدة في العراق تكاد أن تصبح حقيقة واقعة.
ساعة ضرب إيران..
إن إيران ومن غير أن تحيد عن سياسة التخويف والترهيب والردع لإدارة الرئيس بوش التي تبدو عازمة على توجيه ضربة عسكرية إليها، تميل إلى إظهار وتأكيد قوتها ومنعتها من خلال قولها في استمرار إن الولايات المتحدة، وبسبب ما تعانيه في العراق وأفغانستان، لن تجرؤ على شن الحرب عليها، مفضلة تفسير كلامها الحربي على أنه حرب كلامية تستهدف زيادة الضغوط السياسية عليها، فإذا بدا لها وللعالم أن الكلام الحربي لإدارة الرئيس بوش يتعدى ذلك، ويمكن تفسيره على أنه جزء من الاستعداد الحقيقي للحرب، سعت في ردع تلك الإدارة عن شن الحرب من خلال إظهارها لمخاطر عمل كهذا على مصالح الولايات المتحدة ووجودها العسكري في المنطقة (وفي العراق على وجه الخصوص).
إن الرئيس بوش مع بقايا فريقه الحاكم وفي مقدمه نائبه تشيني لا يستطيع انتهاج سياسة تضرب صفحا عن حقيقتين أساسيتين، الأولى هي أنه في عجز متزايد عن الانتصار في حربه في العراق، وعن الخروج منه خروج المهزوم، والثانية هي أنه لا يستطيع مغادرة البيت الأبيض قبل أن يتأكد، من خلال ضربة عسكرية يوجهها إلى إيران، أن طهران فقدت القدرة على إنتاج سلاح نووي. ولقد أكد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أن الولايات المتحدة منيت بـ(هزيمة) في العراق، قائلا: إن هزيمتها هناك حقيقة واقعة. أما تشيني فقد تحدث، من قبل، عن خطر هولوكوست (محرقة) نووي في الشرق الأوسط إذا ما سمح لإيران بالتحول إلى قوة عسكرية نووية. ويمكن تفسير ما قيل في الولايات المتحدة وإسرائيل، إعلاميا في المقام الأول، عن السبب النووي للغارة الجوية الإسرائيلية في عمق الأراضي السورية المحاذية للأراضي التركية على أنه جزء من محاولة إثبات أن تحذير تشيني من مغبة الهولوكوست النووي (الإقليمي) ينطوي على قدر كبير من الحقيقة.
وثمة تطورات ثلاثة يمكن النظر إليها على أنها دليل على أن ساعة ضرب إيران قد أزفت، الأول هو الانشقاق البرلماني لجماعة الصدر عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد، فهذه الجماعة تملك من الوزن الشعبي (الشيعي) والعسكري ما يجعلها جزءا مهما من الرد العسكري لإيران إذا ما وجهت إليها الولايات المتحدة ضربة عسكرية، والثاني هو ما تظهره الحكومة الإسرائيلية من ميل إلى الإحجام عن القيام بعمل عسكري كبير في قطاع غزة، والثالث هو قول رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه يريد لتفاوضه مع رئيس السلطة الفلسطينية، ولـ(اللقاء الدولي) أن يتمخضا عن بيان (أو إعلان) مشترك، وليس عن اتفاق (على مبادئ) ملزم، وكأنه أراد أن يقول إن الاتفاق الملزم يجب أن يصاغ ويكتب في ضوء الحقائق والوقائع التي ستتمخض عن ضربة عسكرية لإيران.
إدارة الرئيس بوش، ومن غير أن تتوقف عن الحديث عن أهمية وضرورة استنفاد وسائل الضغط الدبلوماسي والاقتصادي، تتوفر على الإعداد والتهيئة لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران. ويبدو أنها قد اختارت، بعد طول بحث، ان تكون الضربة (الجوية والصاروخية والبحرية في المقام الأول) شاملة، تدمر فيها ليس المنشآت النووية فحسب وإنما القسم الأكبر من قوة إيران العسكرية، فضرب المنشآت النووية وحدها لا يضعف قدرة إيران على الرد العسكري. ويبدو، أيضا، أنها قد اختارت أن تجعل تدمير المنشآت الاقتصادية الإيرانية المهمة وفي مقدمها المنشآت النفطية جزءا من ردها على قيام إيران (في سياق ردها على الضربة العسكرية) بتوسيع النطاق الجغرافي للحرب.
الولايات المتحدة تعتقد أنها لن تجد صعوبة عسكرية كبرى في أن تضرب إيران عن بعد، وفي أن تنجح من خلال هذه الضربة (الجوية والصاروخية والبحرية) في تدمير المنشآت النووية الإيرانية والقسم الأكبر من القوى العسكرية الإيرانية. وتعتقد، أيضا، أن تأجيلها لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت الاقتصادية والنفطية الإيرانية قد يفيد في ردع إيران عن توسيع النطاق الجغرافي للحرب.
على أن كل هذا الوضوح لا يجلو عن الحرب وعواقبها كثيرا من الغموض، الذي يثير كثيرا من الأسئلة والتساؤلات التي أهمها: هل تملك إيران القدرة على حماية منشآتها النووية، أو قسمها الأكبر والأهم؟ هل يستطيع سلاحها الجوي أن ينجو من ضربة عسكرية مباغتة؟ هل تملك من وسائل الدفاع ما يمكنها من مواجهة الغارات الجوية؟ هل تستطيع حماية ما تملك من قدرة صاروخية (صواريخ أرض ـ أرض) هي الأهم من بين قدراتها العسكرية؟ هل يشمل الرد العسكري الإيراني ضرب إسرائيل بالصواريخ؟ وهل تستطيع إيران، إذا ما وجهت ضربات عسكرية موجعة إلى إسرائيل، أن تدرأ عنها ردا عسكريا إسرائيليا كبيرا قد يشمل ضربها بأسلحة نووية؟ هل تستطيع أن تثبت، في سياق ردها العسكري، أن الوجود العسكري للولايات المتحدة في جوارها في متناول يدها العسكرية، وأن تلحق، بالتالي، خسائر بشرية كبيرة بالجيش الأميركي؟ هل تتمكن من تحويل العراق إلى ما يشبه جهنم بالنسبة إلى الجنود الأميركيين فيه؟ هل يتسع نطاق الحرب، فتنضم إليها سوريا و(حزب الله اللبناني؟) وهل توجه إسرائيل ضربة عسكرية لسورية ولـ(حزب الله) قبل أن توجه الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى إيران؟ إنها أسئلة وتساؤلات كثيرة يكفي أن تثار حتى يتضح ويتأكد أن في هذه الحرب الجديدة من المجهول وغير المتوقع ما يفوق أضعافا مضاعفة المعلوم والمتوقع. ومع ذلك لا يستطيع الرئيس بوش مغادرة البيت الأبيض وهو مظهر هذا (العجز المركب).. العجز عن إحراز إنجاز كبير في العراق يغير ميزان القوى الانتخابي لمصلحة المرشح الجمهوري، والعجز عن منع إيران من امتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
هل هناك عدالة في الجيش الأميركي؟
جاري سوليس
الوطن عمان

يُدان جنود الجيش الأميركي في العراق بارتكاب أعمال قتل لغير المقاتلين ولكن لا يُحكم عليهم بالحبس؛ ولا يُحمل ضابط أميركي المسؤولية عن الانتهاكات التي حدثت في سجن أبو غريب.
فلماذا يبدو أن إدانات المحكمة العسكرية يُصعب تحققها؟ فعمليات القتل الجماعي لعدد 24 مدنيا عراقيا في بلدة حديثة، بمن فيهم نساء وأطفال ـ على سبيل المثال ـ أفضت إلى تهم من محكمة عسكرية ضد ثمانية عناصر من مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، بمن فيهم أربعة ضباط. على أنه بعدها بسنتين تقريبا تم إسقاط التهم ـ حتى الآن ـ بحق اثنين من الأربعة جنود المتهمين من (المارينز) وبحق واحد من الأربعة ضباط.
فهل نظام العدالة العسكري الأميركي معطوب؟ وهل فشل قانون العدالة العسكرية أو القانون الجنائي العسكري؟ وهل تظهر الولايات المتحدة أنها تحترم قانون الحرب في الوقت الذي لا تحترمه في الواقع؟
أولا، تذكروا أن تهم جرائم الحرب تتعلق بقلة قليلة جدا من عدة آلاف من مقاتلي الحرب الأميركيين البطوليين في العراق وأفغانستان، وكذلك فإن إتهام شخص ما لا يعني بالضرورة أنه مذنب. وقانون العدالة العسكرية أثبت نفسه في السلم والحرب، بما في ذلك في العراق وأفغانستان. ولكن مما لا شك فيه ومما لا يُنكر أن هناك مشاكل في محاكمات جرائم الحرب.
وعلى الرغم من أن القانون يعمل جيدا، إلا أن قانون الحرب ـ وهو جزء من القانون الدولي الذي ينظم الأعمال القتالية المسلحة ـ لا يعمل جيدا. والعجب أنه لا يعمل على الإطلاق. وبعض جرائم الحرب تمر بدون الإبلاغ عنها. وذلك كان يصدق بشكل خاص على المراحل المبكرة في صراع العراق. وبعد فضيحة سجن أبو غريب، أُعطى اهتمام أكبر بفرض قانون الحرب، وهو ما يفسر جزئيا العدد الأكبر من روايات وسائل الإعلام عن الإجرام. إن جيشنا ليس مملوءا بالمجرمين. والقادة يولون اهتماما أوثق بجرائم الحرب الممكنة، كما يتطلب ذلك القانون العسكري، فهم يقومون بإجراء التحقيقات فيها وبالإبلاغ عنها.
وفي بلدة حديثة العراقية، وبعد أن أودت عبوة ناسفة بحياة عنصر (مارينز)، تم قتل 24 مدنيا عراقيا من غير المقاتلين. وأنكر قائد كتيبة (المارينز) إمكانية إجرام رجاله وفشل في القيام بتحقيق كاف عن أفعالهم، كما تزعم التحقيقات المتعددة. وقد دعمت هذا الموضوع مجلة (تايم) الأميركية وقام مقر (المارينز) بالتحقيق واتهام أولئك المحتمل تورطهم، بمن فيهم ضباط كبار الذين ربما قاموا بالتقصي والتحقيق بشكل غير كاف. وتمت معاقبة قائد الفرقة ـ وهو برتبة جنرال ـ تمت معاقبته إداريا. ولكن قضايا القتل المتعددة تمثل مشاكل صعبة لممثلي الإدعاء، سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين. وفي معسكر كامب بيندليتون، بكاليفورنيا، كان ممثلو الإدعاء في قضية حديثة مضغوطين؛ فقد تم جلب كل ممثل للنيابة العسكرية متاح إلى الخدمة للدفاع أو إجراءات التقاضي والمحاكمة للجلسات الأولية. وتم جلب محاميي (المارينز) إلى المحكمة من عبر أرجاء أميركا.
وأُرتكبت أخطاء. فلماذا كان هناك الكثير جدا من منح الحصانة في القضية، وهل تركوا المشاركين في الجرم المستحقين للعقاب يفلتون؟ ولماذا كان هناك الكثير جدا من التهم المسقطة؟ وهل ينبغي السماح للعملية بالاستمرار والمضي قدما حتى الحكم؟ إن محاكمات حديثة الفعلية ـ التي لم تُستهل بعد ـ يمكن أن تثبت أنها نماذج من ممارسات المحاكمات.
وهناك قضية أخرى لم تمض جيدا كما ينبغي أن تكون وهي القضية المتعلقة بانتهاكات الجيش الأميركي في سجن أبو غريب. فقد تمت معاقبة كبار الضباط إداريا بدلا من محاكمتهم عسكريا. وعندما حُوكم أخيرا الضابط الأميركي ستيفن جوردان, تمت تبرئته من المسؤولية الجنائية عن انتهاك حقوق للسجناء العراقيين والإساءة إليهم. ولكن بصرف النظر عن جرمه أو براءته، كانت محاكمته ناقصة للخبرة وضعيفة الأداء.
وهذه القضية توضح مشكلة أخرى تعيق العدالة العسكرية في كل فروع القوات المسلحة الأميركية. فممثلو النيابة العسكرية ناقصو الخبرة ـ والذين يعوزهم قضاء وقت مناسب في قاعات المحاكم لتطوير وتنمية مهارات في المحاكمات ـ تواجههم قضايا معقدة ويعارضهم محامو دفاع مدنيون يعرفون كل حبائل ومناورات قاعات المحاكم. أما المحامون العسكريون ـ الذين هم غالبا خريجو أفضل كليات القانون ـ فيعملون مع القليل جدا من القضايا المتنازع فيها كي يتعلموا حيل المهنة.
وأخيرا، فإن المحلفين ـ مدنيين أو عسكريين ـ لا يمكن التنبؤ بنتائجهم بالتوصل إلى الذنب أو بالبراءة أو بالحكم. فالمحلفون العسكريون، ـ وهم من مخضرمو الحرب عادةً ـ يبدو أحيانا أنهم ميالون إلى طلب دليل مطلق وليس دليلا مطلوبا قانونيا يتجاوز الشك المعقول؛ وأحكامهم لا تتناسب أحيانا مع الجرائم. ليس هناك ممثل نيابة عسكرية ذو خبرة أو جديد يمكن أن يعالج ذلك. وعمليات تبرئة الساحة أو إسقاط التهم هي في إطار كل نظام قانوني.
وبعد بداية مهتزة في العراق، تنجح العدالة العسكرية الآن. فقد حُوكم عسكريا ثلاثة جنود متورطين في اغتصاب وقتل وحرق فتاة عراقية عمرها 14 سنة وصدرت بحقهم أحكام بالسجن من 90 إلى 110 سنوات. المشاكل مازالت موجودة، ولكن فلنجد نظاما بدون مشاكل. وعلى مدى الوقت، يتحسن سجل محاكمنا العسكرية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
الفدرالية الشخصية والحفاظ على الوحدة الترابية
د. رغيد الصلح
الخليج الامارات

يعزو كثيرون التفتت الذي يصيب عدداً من الدول والمجتمعات وبضرب وحدتها الترابية في المنطقة العربية (العراق، السودان، لبنان، الصومال الخ...) إلى التدخل الأجنبي. فهذه المجتمعات كانت تعيش زمناً لا ينقطع من الوئام والتفاهم والانسجام لولا المطامع والتدخلات والمؤامرات الأجنبية. والتدخل لم يكن ليتحقق ويبلغ غرضه لو لم يتمكن من شق الأمة وتبديد وحدتها وإثارة بعضها على البعض الآخر، والزج بالاشقاء في حروب لا تنقطع.

هذا التفسير لا يخلو من الصواب. صحيح أنه، في حالات كثيرة، هناك علاقة بين مشاريع السيطرة الأجنبية، من جهة، وبين ارتفاع حدة الصراعات الفئوية، من جهة أخرى. صحيح أن القوى الأجنبية التي تسعى إلى السيطرة على المنطقة تحاول تحقيق الوصول إلى أهدافها عبر الممرات والمداخل التي توفرها هذه الصراعات. لكنّ هناك فرقاً بين الاعتقاد بأن الصراعات الاثنية والدينية والمذهبية تسهل التدخل الأجنبي وتتغذى منه، بين النظر إلى هذه العصبيات باعتبارها نتاجاً خالصاً للتدخل الاجنبي، وهذا خطأ. القوى الأجنبية لا “تخترع” العصبيات الدينية والمذهبية والاثنية. هذه العصبيات لا تكون دوماً في حالة صراع وتضاد وتقاتل. العلاقات بين الفئات المختلفة في المجتمعات التعددية قد تكون حسنة وطبيعية فنتحدث عندئذ عن “التنوع المجتمعي” ذي المزايا الكبرى، وقد تكون عدائية ودامية فنتحدث عندها عن الفتن.

الارتفاع في نسبة الصراعات الفئوية المسلحة له صلة وثيقة بحسب دراسات فريق من أساتذة العلوم الاجتماعية في جامعة ماريلاند الأمريكية ما دعاه هانتنغتون ب “الموجة الديمقراطية الثالثة”. يلاحظ أصحاب هذه الدراسات مثل تيد غور انه قبل التحولات الديمقراطية التي طرأت على بعض دول العالمين الثاني والثالث، كانت حكوماتها التي انتهجت نموذج الحكم المركزي الشديد تمنع الجماعات الدينية والإثنية من التعبير عن مصالحها وتطلعاتها بما فيها تلك التطلعات المشروعة. ولكن لما بدأت هذه الحكومات تطبق سياسة الانفتاح وفي تخفيف الضغوط الأمنية والسياسية على مجتمعاتها، اتجهت تلك الفئات إلى التعبير عن ذاتها بصخب وفي كثير من الأحيان في معارضة الآخرين وعلى حسابهم. وبالفعل، فإن هذه المتغيرات تلقي ضوءاً على جانب مهم من الأسباب التي تقف وراء التصاعد في التوترات الفئوية.

هذا ما يمكن أن يفسر لنا، ولو جزئياً، التصاعد في حدة التوترات الطائفية في لبنان. فخلال “الحقبة السورية”، كانت السلطات الأمنية السورية في لبنان تقوم باحتواء هذه التوترات حماية للنظام المؤيد لها. عندما خرجت القوات السورية من لبنان بات على اللبنانيين أنفسهم أن يضبطوا هذه التوترات، وان يطبقوا هندسة سياسية وفاقية بين الفئات المختلفة وإعادة إحياء الصيغ الميثاقية التي أمنت استمرار الكيان اللبناني.

البعض من اللبنانيين، كما هو الأمر في العراق والسودان يعتقد أن الصيغة الأفضل لإعادة الاستقرار الديمقراطي في لبنان والى تعزيز وحدته الترابية هي في تحويل الدولة اللبنانية من حالها الراهن إلى كيان فدرالي. واذا استبعدنا اولئك الذين يدعون إلى الفدرالية بينما هم يعملون من اجل تحويل لبنان إلى كونفدرالية، اي إلى حل انفصالي يقوض وحدة لبنان الترابية، فإن أكثر دعاة الفدرالية الحقيقيين في لبنان يعتبرون انه من المستطاع تطبيق هذا النموذج على أساس جغرافي، أي في إطار فدرالية جغرافية. فهناك في نظر هؤلاء، شيء من الفرز الديني/ المذهبي-الجغرافي بين اللبنانيين يسهل ولادة فدرالية لبنانية.

ويجري التداول في الحل الفدرالي للمعضلة اللبنانية في أوساط الطوائف اللبنانية المحدودة العدد أو التي تعاني من تراجع في عدد افرادها، كما هو الأمر بين المسيحيين اللبنانيين. فالصيغة الراهنة للدولة اللبنانية وتجلياتها المتنوعة مثل قانون الانتخاب تمكن غير المسيحيين من مقاسمتهم في اختيار نوابهم ووزرائهم وأولي الأمر فيهم. بالمقارنة، فإنه من المعتقد ان الفدرالية الجغرافية تمنح المسيحيين وغيرهم من الطوائف فرصة افضل لتصحيح هذا الوضع. هذا النمط من التفكير ينمو ويشتد مع تصاعد أعمال الاغتيال التي تصيب الزعماء المسيحيين والموارنة مثل اغتيال النائب انطوان غانم قبل يومين.

البعض مثل خالد لطفي، المحامي اللبناني-الصيداوي البارز، يعتقد أن الفدرالية الجغرافية لا تفي بالغرض، ويقدم اقتراحاً جريئاً لنموذج آخر من الفدراليات يسمح فيه لكل طائفة باختيار نوابها وقياداتها السياسية (“النهار” 29/08/07). ويزيد من مغزى الاقتراح أن صاحبه ليس مسيحياً بل هو مسلم، فهو يقدم اقتراحه ليس من باب التضامن مع أبناء طائفته ولكن بدافع من قناعاته الوطنية والديمقراطية.

ويرى الاستاذ لطفي أن هذا الحل سوف يؤدي إلى تحولات مهمة داخل الطوائف اللبنانية. فبدلاً من ان تنغلق كل طائفة على نفسها، وان “تتوحد” في مواجهة الطوائف الأخرى. فإن التنافس الانتخابي داخل هذه الطوائف، كما حصل في الانتخابات الفرعية في دائرة المتن الشمالي اللبنانية عندما تنافست الكتائب اللبنانية بشخص زعيمها أمين الجميل رئيس الجمهورية اللبناني السابق سوف يؤدي إلى نمو التعددية السياسية داخلها، والى صعود احزاب سياسية تتنافس على تمثيل الطائفة داخل هياكل الحكم العامة. هذه الأحزاب سوف تتطلع، بالضرورة، إلى حلفاء خارج الطائفة للاستعانة بهم على منافسيها داخل الطائفة فإذا استمر هذا التطور على حاله يؤدي إلى كسر جدران التقوقع الطائفي وإلى اندماجات حزبية وطائفية على النطاق الوطني.

تشبه هذه المقاربة الدعوة خلال القرن التاسع عشر إلى إقامة مجالس قومية-ثقافية في الإمبراطورية النمساوية-الهنغارية تمثل فيها الفئات القومية والإثنية والدينية المختلفة. وقدم الاشتراكيون النمساويون بزعامة كارل رينر وزميله اوتو باور هذا المقترح المقتبس من النظام الملي العثماني لحل مشكلة التعددية داخل الإمبراطورية النمساوية-الهنغارية. واصطلح على تسمية مشروع رينر-باور ب “الفدرالية الشخصية” على أساس انها أعطت المواطن الحق في اختيار الهوية الإثنية أو الدينية التي ينتمي اليها. وكان الغرض من المشروع وضع حد للصراعات الفئوية التي أنهكت الامبراطورية ابتداء من الصراع بين البروتستنت والكاثوليك. ولم تطبق هذه الاقتراحات بدقة في الإمبراطورية رغم ان الاشتراكيين بزعامة رينر شكلوا حكومة ائتلافية في بلادهم. الا ان الحكومات النمساوية المتعاقبة وبعض حكومات اوروبا الوسطى والشرقية التي عانت من الصراعات الفئوية طبقت جانبا من المقترحات. وساهمت هذه التطبيقات في تحويل الصراعات إلى ميدان السياسة بدلا من اتسامها بطابع العنف والاقتتال.

الثغرة الأساسية في مشروع الفدرالية الشخصية هي أن نجاحه يعتمد إلى حد بعيد على وعي النخبة السياسية ووطنيتها. وهذا الرهان قد لا ينجح دائماً. إنها في بعض الحالات تؤدي بالفعل إلى خلق تحالفات تتجاوز الفئات المجتمعية. ولكن في حالات أخرى قد تقع هذه الفئات تحت سيطرة زعامة مستبدة الطابع، تفرض هيمنتها على الطائفة عبر استخدام المال أو القوة أو التجييش الديني والطائفي. مثل هذه الزعامات تتجه عادة إلى الانغلاق الفئوي والى ابتزاز السلطة المركزية الضعيفة. وعندما تشعر هذه الزعامات ان السلطة إياها لم تعد تملك، بعد تعرضها إلى الابتزاز الطويل، ما تعطيه إلى تلك الزعامات، لا تتورع عن السير على طريق الانفصال وتفتيت الوحدة الترابية للبلد. هكذا ينكب المواطنون مرتين: مرة في وحدة بلدهم، ومرة أخرى في خسارة نظامهم الديمقراطي.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
هل تأخر إعلان انفصال الأكراد عن العراق؟ 1-2
طلال بركات
اخبار العرب


ان الدعوات الشهيرة التي كانت تمن بها قيادات الاحزاب الكردية على العراقيين من كونهم كانوا منفصلين ويصرون على العودة للالتحام بالوطن لا يمكن ان تعد حبا بالعراق ووفاء لشعبه وإنما مزايدات في أوقات لم تكتمل فيها متطلبات مشروع الانفصال خصوصا من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية ولم تكن قد تهيأت العوامل الداخلية والإقليمية والدولية بعد. اذ تبخرت تلك الدعوات عندما اقتربت مقومات نجاح ذلك المشروع بعد أن تمكنت القيادات الكردية من السيطرة على اغلب مفاصل الدولة العراقية بعد الاحتلال والهيمنة على القوى السياسية التي تشاركها في العملية السياسية ودأبت تفرض عليها شروطا تعجيزية وتهدد بالانفصال بين الحين والاخر وباتت تمارس نشاطات انفصالية على المكشوف على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي التي يمكن اعتبارها مؤشرات عملية لاقامة الدولة الكردية المنشودة. ومن الاهمية بمكان استعراض تلك النشاطات مع بيان اسباب تأخر اعلان الانفصال. 1 نشاط القيادات الكردية على الصعيد المحلي: أن القيادات الكردية غير قادرة على تحقيق الدولة المنشودة إلا من خلال تدمير العراق وإقامة دولتهم المزعومة على انقاضه، فقد لعبت تلك القيادات دورا كبيرا في مساعدة الولايات المتحدة على احتلال العراق والتعاون مع المخابرات الاسرائيلية لتدمير بناه التحتية من اجل قلب المعادلة السياسية لتكون القوى الكردية هي الاقوى والحكومة المركزية هي الأضعف حتى وان تم أعادة بناء مؤسساتها بمعايير جديدة فلن يختلف الأمر في شيء مادامت تلك المعايير من صنع الاحتلال، وبذلك تمكنت القيادات الكردية من احكام هيمنتها على كل مفاصل الدولة العراقية بعد تفكيك مؤسساتها المدنية والعسكرية وتسخيرها لمصالح احزاب انفتحت شهية قادتها للغرف من خيرات العراق وصبها في اقليمهم المزعوم على حساب المصالح العليا للعراق دون الاكتراث بالاحداث الدامية في هذا الوطن الجريح، فضلا عن احكام السيطرة التامة على اداء أي حكومة مركزية من خلال وضعها بين كماشتين هما الدستور والبرلمان. فقد عملت من خلال الدستور المزعوم على إبعاد عنوان العروبة عن الدولة العراقية وتضليل الشعب العراقي بتسميات طائفية كالسنة والشيعة بدل العناوين العربية الحقيقية واعتبار الشعب العربي في العراق أقلية عرقية والعمل على أبعاد العراق عن محيطه العربي الذي يشكل العمق الاستراتيجي لأمنه القومي فضلا عن تنسيق الجهود مع الجهات المعادية للعروبة لضمان عدم إمكانية تفعيل الفكر القومي العربي بشكل منقى من أخطاء المراحل السابقة التي أساءت لهذا الفكر نتيجة ممارسات لا تمت له بصلة بالإضافة إلى تثبيت الفدرالية العرقية كأساس للنظام السياسي في الدولة العراقية علاوة على تثبيت حقوق دستورية مجحفة تصب في مصلحة الحزبين الكرديين على حساب مصالح الشعب العراقي مثلما تم فرض المادة 140 في الدستور والتي تتضمن إجراء استفتاء عام في محافظة كركوك الغنية بالنفط بعد قيام قوات البيشمركة بالتصفيات العرقية والتهجير القسري للمواطنين العرب والتركمان منها ليتسنى ضمها إلى الحدود الإدارية لإقليمهم المزعوم لتكون عاصمة دولتهم المنشودة لفض إشكالية اختيار العاصمة ما بين اربيل والسليمانية من جهة ومنها سيتم الزحف على المناطق العراقية الأخرى لإكمال مسيرة الأحلام التوسعية حسب الحدود المرسومة لدولة كردستان من جهة أخرى. والتمهيد لهذا الموضوع تم عن طريق التحكم بقوت الشعب من خلال الهيمنة على توزيع الحصص التموينية لمناطق محاذية لإقليم كردستان تمهيدا لضمها الى الحدود الإدارية لإقليمهم المزعوم مثلما حصل بتحويل الحصة التموينية لقضاء سنجار من محافظة نينوى إلى محافظة دهوك التابعة لإقليم كردستان والبقية تأتي تباعا فضلا عن سن قوانين في ذلك الإقليم اغلبها يتعارض مع الدستور وبشكل يؤدي إلى استنزاف الدولة العراقية وحلب ثرواتها. والدليل على ذلك قانون النفط والغاز الخاص باقليم كردستان الذي بموجبه تم فرض مشاركة الأكراد في الواردات النفطية لجميع حقول الإنتاج في العراق بينما تنفرد حكومة الإقليم في إدارة واستثمار الحقول الجديدة في منطقة كردستان دون السماح للحكومة المركزية أن تتدخل في عقود التنقيب والاستثمار والتصدير. أما البرلمان الذي استحوذت القيادات الكردية فيه على خمسة وخمسون مقعدا وذلك بسبب الخلل المقصود في اللعبة الانتخابية حيث أدى هذا الخلل إلى سيطرة تلك القيادات على ما يسمى بالعملية السياسية برمتها وجعل مفاتيح تشكيل أي حكومة عراقية مزعومة بيد الكتلة البرلمانية الكردية فضلا عن مزاد المساومات مع الكتل النيابية الأخرى لمن يقدم تنازلات أكثر حسب أصول لعبة التحالفات الطائفية والعرقية التي تمخضت عن مصيدة الانتخابات التي نصبتها سلطات الاحتلال من اجل شرذمة العراق وتقسيمه إلى كانتونات عرقية وإثنية وطائفية. 2- نشاط القيادات الكردية على الصعيد الإقليمي: نستعرض في البداية نشاط تلك القيادات على صعيد الدول غير العربية المجاورة للعراق ولنبدأ بايران ثم تركيا. تعتبر ايران الحليف القوي للقيادات الكردية قبل الحرب العراقية الايرانية وبعدها، وقد لعبت تلك القيادات دورا تأمريا كبيرا لمساعدة ايران في عدوانها على العراق بسبب التقاء ارادة الطرفين في اعتماد اسس طائفية وعرقية لتفتيت الدولة العراقية. بينما نجد ايران تتبع سياسة التقيّة معهم حيث تقوم في بعض الاحيان بمسايرة تطلعاتهم الانفصالية لكي تدخرهم كخزين استراتيجي يضاف الى تعزيز نفوذها في العراق، وفي احيان اخرى تقوم بكبح جماحهم للتحوط من عواقب تأثير تطلعاتهم الانفصالية على اكراد ايران التي لازالت في ذاكرتهم جمهورية مهاباد الكردية التي تأسست في عام 1946 بالرغم من القضاء عليها بعد عام من تأسيسها، وكذلك للحيلولة دون التمادي في اتباع مواقف سياسية خارج اطار الاجندة الايرانية خصوصا بعدما ظهرت انيابهم بعد الاحتلال. أما تركيا التي ترفض بشدة تحقيق هذا المشروع فان القيادات الكردية دائما تذكّر الأمريكان بعصيان الحليف التركي الذي رفض استخدام أراضيه والقواعد العسكرية لضرب العراق وغالبا ما تحاول تلك القيادات إثارة الشكوك في كون هذا الحليف غير جدير بثقة الولايات المتحدة مستغلة الضرب على وتر تأثير الضغط الشعبي والإسلامي على الحكومة التركية خصوصا بعدما أفصحت إحصائيات موثوقة عن نسبة كراهية الشعب التركي للغول الأمريكي والتي بلغت أكثر من 82%، فضلا عن إلحاح تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوربي الذي سيجعل من سياساتها الخارجية تتماشى مع سياسات دول الاتحاد، فان من وجهة نظر القيادات الكردية إن دولتهم القادمة يمكن أن تعوض الولايات المتحدة عن كل ما هو مطلوب بدلا من أفضال تركيا التي ذاقت ذرعا بطلبات الحليف الأكبر لذلك تلح على الولايات المتحدة الاستعجال في بناء قواعد عسكرية في الشمال العراقي لحسم موضوع الرفض التركي لمشروع اقامة الدولة الكردية مستغلين عدم قدرتها على تنفيذ تهديداتها المتكررة نحو تجاوزات الاحزاب الكردية التركية المدعومة من قبل سلطات إقليم كردستان بسبب التناقضات السياسية داخل المؤسسات التركية، فضلا عن العامل الاقتصادي المتمثل في الكم الهائل من الشركات التركية العاملة في اقليم كردستان لان العمران الذي يتمتع به الاقليم المزعوم ما هو الا من دعم واسناد تلك الشركات.

لذلك تعتقد القيادات الكردية انه ليس من الحكمة أن تقوم تركيا بهدم مصالحها مع العراق وأمريكا والاتحاد الأوروبي في مغامرة ليست في محلها. لهذه الأسباب تعتبر تلك القيادات ان الفرصة الذهبية قد سنحت وحان موعد قطاف ثمرة الخدمات التي قدمتها الى صقور الإدارة الأمريكية. لذلك تسعى من اجل الحصول على موافقة أمريكية اشبة بوعد بلفور لإنشاء وطن قومي للاكراد في شمال العراق على غرار وعد بلفور البريطاني في فلسطين لكبح جماح كل من يريد تصفية حسابات معهم فيما يخص مشروعهم الانفصالي. أما على صعيد الدول العربية المجاورة وغير المجاورة للعراق ومن خلال البعد العنصري في توجهات القيادة الكردية نجدها قد لعبت دورا عدائيا للعروبة وخصوصا ضد سوريا حيث تدخر تلك القيادات نسبة من الأكراد لا يستهان بها من سكان تلك الدولة يمكن استخدامهم كورقة ضغط على الحكومة السورية وتسخّيرهم كاحتياط استراتيجي لصالح الولايات المتحدة عندما ترغب الأخيرة في فرض ضغوط حقيقية على تلك الحكومة متى ما استجدت ظروف تتطلب ذلك ودائما ترمي اتهامات متكررة على حكومة دمشق وتحاول ان تحملها مسؤولية فشل المشروع الامريكي في العراق من اجل اضعاف وتحييد الموقف السوري في مواجهة المشروع الانفصالي. اما على صعيد الدول العربية الاخرى فتعمل تلك الفصائل على عزل العرب عن العراق تماشيا مع استراتيجية المشروع الأمريكي الصهيوني المعروف بالشرق الاوسط الكبير لإضعاف إمكانيات الأمة ومحاولة تأجيج الفرقة والخلاف بين الدول العربية وجعلها دويلات إقليمية متباعدة ومتناحرة تنفرد بها إسرائيل وتفرض عليها اتفاقيات استسلام مهينة كما يحلو لها. ومن وحي هذه الأفكار فرضت القيادات الكردية من خلال هيمنتها على وزارة الخارجية العراقية بجعل سياسة العراق الخارجية تتماشى مع توجهات المشروع الأمريكي الصهيوني الرامي لإضعاف البعد القومي العربي للعراق وذلك من خلال الفعاليات السياسية التي تقوم بها تلك الوزارة والقيادات العراقية الجديدة والتي غالبا ما تتوج بسيل من الاتهامات إلى الدول العربية ليتسنى عزلها عن العراق من جهة وإضعاف الموقف العربي في مواجهة المشروع الانفصالي من جهة أخرى. وفي ضمن هذا السياق من استعراض نشاط القيادات الكردية على الصعيد الإقليمي لابد من الإشارة إلى التعاون الاستراتيجي على كافة الأصعدة بين القيادات الكردية والدولة العبرية التي اتخذت من منطقة كردستان مركزا لنشاط الموساد الإسرائيلي في العراق، حيث أن هذا التعاون يحمل في طياته مصالح وأهدافا استراتيجية مشتركة نابعة من انسجام اجندة الطرفين الكردية والصهيونية الرامية إلى تقسيم العراق وتفتيته إلى دويلات اثنية وعرقية وطائفية وفق معتقدات قائمة على أسس دينية وتاريخية مهمة في ايدلوجية الفكر الصهيوني تتماشى مع المعتقدات الاثنية والعنصرية في أجندة الأحزاب الكردية. وقد ترجم هذا التعاون بتعهد إسرائيلي يضمن حماية مستقبلية للأكراد تحسبا من احتمال اي فشل قد تمنى به الولايات المتحدة في حربها على العراق يمكن ان يؤدي الى انسحاب أمريكي مفاجئ. لذلك تتعشم القيادات الكردية من إسرائيل أن تكون الظهير القوي لدعم مشروع تأسيس الدولة الكردية المنشودة مقابل قيام تلك القيادات مساعدة الصهاينة في التغلغل في العراق ومنه إلى منطقة الشرق الأوسط لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى وفق معتقداتها الدينية وليس بالضرورة أن يتم من خلال احتلال عسكري للمنطقة بل يكفي إسرائيل موطئ قدم تنطلق منة للهيمنة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا على دول المنطقة وفق اجندة المشروع الأمريكي الصهيوني المسمى بالشرق الأوسط الكبير. وقد توج هذا التعاون بانفتاح إسرائيلي على منطقة كردستان بعد الاحتلال الأمريكي للعراق الذي تجلى بتواجد الشركات الصناعية والتجارية الإسرائيلية في شمال العراق فضلا عن غزو المنتوجات الصهيونية للأسواق العراقية بعد تغيير علاماتها التجارية في الإقليم المزعوم بالإضافة إلى تواجد رجال أعمال ومتعهدين ومقاولات لشركات استشارية واستثمارية عملاقة لاقامة مشاريع استراتيجية في مجال النفط والطاقة وكذلك في مجال استثمار الموارد المائية علاوة على إنشاء مراكز بحوث ومكاتب ثقافية وإعلامية وصحفية وعقود مع شركات أمن خاصة كان من ابرز أنشطتها تهريب الاَثار التي تتعلق بالتاريخ اليهودي وتصفية الكوادر العلمية والعسكرية ناهيك عن التفجيرات والسيارات المفخخة التي تحصد أرواح المئات من العراقيين في كل يوم فضلا عن عمليات الابتزاز والخطف والقتل التي حولت حياة المواطن العراقي إلى جحيم.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الصناعة النفطية العراقية تفشل في تحقيق الطاقة الإنتاجية القصوى
تياري راث
اخبار العرب الامارات


عندما غزت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة العراق، وجهت اليها انتقادات حول الحرب ورفع شعار زلا دماء من اجل النفطس . وتم النظر الى الاحتياطي العراقي الهائل من النفط، والذي يمثل ثاني او ثالث اكبر احتياطي عالمي، على انه السبب الرئيس لمهاجمة العراق وازالة نظام صدام حسين. وعلى هذه الخلفية، بدت هذه النظرية معقولة. فقد كان العراق قد وصل الى قمة انتاجه من النفط عام 1979 حيث وصل انتاجه الى اربعة ملايين برميل يوميا. وقد تراجع هذا الرقم ليصل الى 6^2 مليون برميل يوميا في العام 2002، وذلك قبل فترة وجيزة من الغزو الاميركي. ففي بغداد، ومباشرة بعد الحرب، تنبأ المسؤولون الاميركان، وبثقة، انه مع بعض الجهد سيصل الانتاج الى 5^3 مليون برميل يوميا خلال 18 شهرا، وسيصل الانتاج الى خمسة او ستة ملايين برميل خلال سنين قليلة. وعلى العكس من ذلك، فان العراق ينتج الان 95^1 برميل يوميا، وذلك بحسب المفتش العام لاعادة اعمار العراق وبحسب الوكالة الامريكية المسؤولة عن مراقبة اعادة اعمار العراق. فهناك فقط 27 حقلا من اصل 78 حقلا تعمل في العراق. ويعيق العنف والفساد والتهريب الجهود لاستغلال النفط العراقي . وكما تشير التقارير فان انتاج النفط هو من الصناعات الهشة المعرضة للهجمات والمعتمدة على الاستثمارات الضخمة. وإن كان النفط هو السبب وراء الاطاحة بنظام صدام، فان ذلك لا يبدو فكرة حسنة. لم يتسبب الغزو الذي قادته اميركا بالخراب الكبير الذي حصل، الا ان الصناعة النفطية تضررت كثيرا من جراء عمليات السلب والنهب التي حصلت مباشرة بعد الحرب. كانت وزارة النفط في عهد صدام تتمتع بسمعة طيبة بشكل عام. وكانت تدار من قبل موظفون تكنوقراط اكفاء ينهضون بواجباتهم على افضل وجه. لم يعد هذا الامر مهما بعد ذلك، حيث تم استبدال الكثير من الموظفين الاكفاء في بقية الوزارات بمن هم اقل كفاءة منهم لانهم معتمدون من جهات سياسية. وقانون النفط الجديد الذي تراه ادارة الرئيس بوش على انه احد الحلول لتهدئة العنف في العراق وبانه الخطوة الجيدة في توزيع ارباح النفط، لا يزال حبيسا في البرلمان العراقي منذ عدة شهور. ولم تصل الاطراف المختلفة في الحكومة العراقية الى اي اتفاق بخصوص القانون المقترح. وحتى في حالة الوصول الى اتفاق، فان صناعة النفط نفسها متعثرة بسبب الفساد الكبير وبسبب هجمات المسلحين. واصدر المفتش العام الاميركي الخاص تقريرا في 30 حزيران/يونيو يصف فيه تهريب النفط على انه زمستشريس وسفظيعس . وذلك يهدد امكانية العراق ليس فقط في ما يخص زيادة الانتاج، بل في ما يخص انتاجه من النفط. وكما تشير النقاط الثلاث في هذا التقرير الخاص ، فان انتاج النفط قد تعثر بسبب التهريب وسرقات المعدات وبسبب هجمات المسلحين على انابيب النفط وفساد المسؤولين. في كردستان العراق في الشمال فقط، تم حفر ابار جديدة لانتاج النفط وهي تعمل بشكل جيد. لكن هذا النجاح تسبب في بعض التوترات بين السنة والشيعة وخاصة في منطقة كركوك الغنية بالنفط والتي يحاول الاكراد ضمها الى اقليمهم.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
الموت "مقاولة" والحرب "خصخصة"
سعد محيو

الخليج الامارات

هل صحيح أن هناك 180 ألف جندي مرتزق ينشطون حالياً في العراق، إلى جانب 170 ألف جندي “رسمي” أمريكي؟

أجل. وهل صحيح أن هذا الجيش اللجب لا يخضع لأية قوانين محلية، ولا دولية، أو حتى للمساءلة القضائية من قبل الطرف الرئيس الذي يوظفه (الولايات المتحدة)؟

أجل. ثم: هل صحيح أن جيوش المرتزقة هذه ستكون، أو هي بدأت تكون، ظاهرة المستقبل في كل أنحاء هذا العالم المتعولم؟ وأن استمرار نمو هذه الظاهرة، سيعني اجتياح الخصخصة التي صادرت معظم وظائف الدولة الحديثة (من الاقتصاد والتعليم والبريد ومؤسسات البنى التحتية، إلى حفظ الامن الداخلي والإشراف على السجون)، لآخر معاقل هذه الدولة: المؤسسة العسكرية؟ أجل.

لكن، إذا ما كان كل ذلك صحيحاً، أي عالم يمكن أن نعيش فيه، إذا ما تمت بالفعل خصخصة الحروب على هذا النحو، وإذا ما تم تسليم الأمن إلى “مقاولي الموت” على هذه الطريقة؟ سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل.

قبل ذلك، إشارة إلى أن مرتزقة القرن الحادي والعشرين، لا يشبهون بشيء زملاءهم المرتزقة في التاريخ. فالأخيرون من أيام الأمبراطورية الرومانية والبيزنطية، مروراً بملوك الطوائف في الأندلس، والعهدين المملوكي والعثماني في الشرق الأوسط، وعصر المرتزقة السويسريين في اوروبا القرن السادس عشر، كانوا دوماً ملحقين بجهاز الدولة ونادراً ما كانوا يعملون لصالح قوى اجتماعية مستقلة.

أما المرتزقة الحديثون فإنهم تحولوا، أو يكادون، إلى مؤسسات مستقلة كغيرها من قطاعات القطاع الخاص، وهذا يحدث للمرة الأولى في التاريخ الذي خَص الدولة وحدها بمسؤولية احتكار العنف لحفظ الأمن أو الدفاع عن الأوطان.

هناك الآن مئات شركات الامن في العالم التي توظف بشكل دائم مئات آلاف المدنيين- العسكريين، والتي تناهز أرباحها 100 مليار دولار سنوياً. وهي تعمل في أكثر من 50 دولة مختلفة في ثلاثة مجالات رئيسة: خوض الحروب بشكل مباشر، مستخدمة أنواع الأسلحة كافة بما في ذلك طائرات الهيلوكوبتر والمدرعات؛ تدريب وتطوير القوات المسلحة المحلية؛ وأخيراً، القيام بأعمال لوجستية، وتقديم مساعدات تكنولوجية، وتوفير الحمايات للأفراد والمؤسسات. يتقاضى المرتزق راتباً فلكياً يترواح ما بين 500 إلى 1500 دولار في اليوم. وهذا ما يجعل هذه المهنة جذابة للغاية للشبان من كل أنحاء العالم من بنجلاديش إلى السويد، وأيضاً لجنرالات وضباط العالم الغربي الذين تلقوا تدريبات وتعليماً عالياً قبل أن يستقيلوا من مؤسساتهم العسكرية.

أسباب صعود ظاهرة المرتزقة الحديثين في العقدين الأخيرين عديدة، وفق ما يرى المؤلف الأمريكي ب. سينغر في كتابه الجديد “محاربو الشركات: جيوش الخصخصة والعراق” :

أولاً: مسألة العرض والطلب. فبعد نهاية الحرب الباردة، تم تخفيض الجيش الأمريكي بنسبة 35 في المائة وباقي جيوش العالم بمعدل 6 ملايين جندي. وهذا ما أدى إلى زيادة الطلب على المرتزقة، خاصة في حروب أفغانستان والعراق والبلقان وآسيا الوسطى.

ثانياً: اتساع رقعة الحروب “غير الاستراتيجية” في العالم الثالث، والتي لا تتطلب استخدام قوات الدول الكبرى. هذا إضافة إلى تغير سلوكيات الحرب نفسها والتي ألغت التمايزات بين المدنيين والعسكريين.

ثالثاً: التطويرات التكنولوجية التي سهلَت وصول الأسلحة بأرخص الأثمان إلى أيدي المدنيين (هناك الآن نحو 550 مليون سلاح خفيف في السوق العالمي).

رابعاً، “ثورة الخصخصة”، والتي تضمنت انقلاباً في العقلية السياسية، انتقلت بموجبها وظيفة الأمن من الدولة إلى السوق. من بين كل هذه الأسباب، يبدو السبب الرابع لتفسير صعود ظاهرة المرتزقة هو الأهم والأكثر إقناعاً، لارتباطه الوثيق بظاهرة العولمة التي تهيمن على العالم هذه الأيام. وهو سبب يعيدنا سريعاً إلى سؤالنا الأولي: أي عالم هذا الذي سنعيشه نحن وأطفالنا، في ظل خصخصة الحرب لصالح مقاولي الموت؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
لماذا الانسحاب من العراق بالذات؟

ممدوح الشيخ
البيان الامارات

المطالبة بجلاء القوات الأجنبية عن العراق مطلب طبيعي وهو مطروح في الداخل والخارج بقوة وإن هناك من يرى أن الانسحاب الفوري خطر يهدد أمن العراق والمنطقة والعالم، وهو تشخيص أراه صحيحا.


لكن ما لفت نظري من فترة وترقبت ظهور الشواهد التي تؤكده الإلحاح الشديد عربيا وعالميا على الانسحاب من العراق والعراق وحده، رغم أن احتلال العراق سبقه بقليل احتلال أفغانستان، بل إن المطالبة بالانسحاب من العراق احتلت موقع الأولوية قبل المطالبة بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فلماذا العراق بالذات؟


استطلاع ثلثي العالم


من الشواهد التي أراها مثيرة في هذا الصدد استطلاع رأي عالمي أجرته مؤسسة جالوب سكان العالمية المعروفة وبرنامج مواقف السياسة الدولية بجامعة ميرلاند في الفترة من 29 مايو و26 يوليو. الاستطلاع أعلنت نتائجه الخدمة الدولية في البي بي سي البريطانية قبل أيام (7/ 9/ 2007) واهتمت به الصحافة العربية لأن نتائجه تقول إن «ثلثي سكان العالم مع الانسحاب من العراق خلال عام».


التفاصيل تقول إن الاستطلاع شمل 32 ألف شخص في 22 بلدا وهؤلاء ليسوا العالم، كما أن قضية اختيار العينات العشوائية والضمانات التي ينبغي توفرها حتى يمكن اعتبار هذه العينة «عينة ممثلة» كانت دائما مثار جدل بين الإعلاميين.


وفي مقابل مطالبة ثلثي العينة بالانسحاب خلال عام كان رأي ربع من شاركوا فيه يعتقدون أن القوات الأجنبية يجب أن تبقى في العراق إلى أن يتحسن الموقف الأمني. وقال نحو ثلثي الأميركيين الذين سئلوا (61 في المائة) إنهم يعتقدون أن قواتهم يجب أن تغادر العراق خلال عام. بينما نحو ثلث الأميركيين يقولون إن هذه القوات يجب أن تبقى إلى أن يتحسن الموقف الأمني.


والدول الأخرى الأعضاء في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بها أيضا أغلبية تريد انسحاب القوات خلال عام: 65 في المائة من البريطانيين، و63 في المائة من الكوريين الجنوبيين، و63 في المائة من الاستراليين. ولخص دوج ميلر رئيس مؤسسة جلوب سكان الموقف بقوله إن الاستطلاع أظهر أن معظم الناس سيؤيدون وضع جدول زمني للانسحاب.


وأضاف في بيان «غالبية الرأي العام العالمي والرأي العام الأميركي يعارض السياسة الحالية لإدارة الرئيس بوش التي تسمح للأوضاع الأمنية في العراق أن تملي توقيت سحب القوات الأميركية».


الاستطلاع ليس الوحيد لكنه من أهم المؤشرات على الاهتمام الشديد أو قل المبالغ فيه بضرورة الانسحاب من العراق، رغم أن القضايا المشابهة كثيرة ومنها كما أسلفت الوجود العسكري الأجنبي في أفغانستان، ويمكننا أن نضيف الوجود العسكري الإسباني في سبتة ومليلية المغربيتين وعمره مئات السنين، ومشكلة إقليم كوسوفو أيا كان الرأي في الحل الصحيح لمشكلته.


وفي المقابل هناك «الاستبداد» الذي تسبب - ضمن أسباب أخرى - في مجيء القوات الأجنبية للعراق، فلماذا لا يحظى الاستبداد بالموقف نفسه وهو دون شك ظاهرة تستحق الاستنكار والمواجهة والمطالبة.


قلب العالم


إن الاهتمام المبالغ فيه بالفعل بالانسحاب من العراق يعكس حقيقة أن قضايا تحرير التراب الوطني لا تتساوى فهناك قضايا «درجة أولى» وأخرى «درجة ثانية» ومن قضايا الدرجة الأولى العراق، فهي ليست مجرد دولة توجد على أرضها قوى أجنبية بل واحدة من أهم دول العالم في أي تصور كوني للأمن.


ربما كان هذا من أسباب تشدد الإدارة الأمريكية في رفض تحديد موعد للانسحاب منه، ويحلو للبعض أن يختصره في كونه عرضا من أعراض مرض الهيمنة الذي تعانيه الإدارة الأمريكية، وهنا نتوقف عن التحليل ونبدأ في الهجاء!


وبينما يقع العالم العربي في القلب الجيوستراتيجي للعالم بحكم الموقع وبسبب اعتبارات جغرافية لا تحابي أحدا كان الصراع خلال النصف الثاني من القرن العشرين يدور حول القلب السياسي للعالم (أمريكا/ أوروبا) وكان الأطلنطي نقطة ارتكاز المخططات العسكرية للقطبين.


ومع انهيار الاتحاد السوفييتي تحركت ساحة المواجهة على مصير العالم ومستقبله جنوبا ليتطابق القلب «السياسي» والقلب «الجيوستراتيجي» ويكتسب الحوض الجغرافي الممتد بين المحيط الأطلنطي والخليج العربي أهمية مضاعفة، وإن تفاوتت الأهمية النسبية لهذا الجزء أو ذاك.


ولذا فإن المطالبة بانسحاب القوات الأجنبية من العراق لا تقارن في الإلحاح عليها بأي ملف مشابه، وأهمية العراق الاستثنائية هي في الوقت نفسه سبب من أسباب شراسة الصراع عليه وامتداد المعركة زمانا ومكانا.


الاستثناء العراقي


والعراق أيضا استثناء من زاوية نظر أخرى، فرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية أطاحت نظامين قوميين متشددين خلال الحرب العالمية الثانية هما النظامان الياباني والألماني واحتلت الدولتين لسنوات وأعادت هيكلة النظام السياسي فيهما على أسس ديمقراطية فإن أحدا لم يفكر لا في اليابان ولا في ألمانيا في حتمية المقاومة العسكرية للاحتلال الأمريكي.


ولا يوجد فيهما من رفع شعار رفض الانخراط في العملية السياسية في ظل الاحتلال، بل دفع الشعبان الألماني والياباني بشجاعة منقطعة النظير ثمن هزيمة النظام السياسي وانخرطوا في عمل دؤوب للبناء، وكلتا الدولتين الآن تربطهما علاقات وثيقة بالولايات المتحدة وكلتاهما من أصحاب المعجزات الاقتصادية المدهشة، وكلتاهما أيضا احتفظ بهويته السياسية فلم «يتأمرك» بقوة السلاح بل تأثرت أمم أخرى بالقيم الأمريكية تأثرا شاملا دون أن تطأ أقدام جندي أمريكي واحد أرضها.


ولكن كما قال لي مثقف وهو يصرخ فيَّ غاضبا: «إحنا حاجة تانية» رافضا أية مقارنة للعراقيين باليابانيين أو الألمان، والملفت هذه المرة أن هناك أطرافا نافذة على ساحة السياسة يجمعها العداء للولايات المتحدة ويجمعها أيضا الاقتناع بأن تغذية هذه الفكرة يخدم مصالحها.


لكن هذا «الوهم اللذيذ»، ضار بحاضرنا ومستقبلنا أبلغ الضرر فنحن مختلفون في النهاية بشر وما يحكمنا ليس فقط إرادتنا بل هناك سنن كونية لا تختلف وتفعل فعلها في العراقيين كغيرهم من الشعوب دون تفرقة، فاليابانيون أبناء دائرة ثقافة الكانجي، والألمان أبناء الثقافة الغربية الأوروبية، والعراقيون أبناء الثقافة العربية الإسلامية، كلهم لآدم والفطرة واحدة، حتى في السياسة!.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
الرئيس الامريكي بعيون دولية
عمار تقي
الراي العام الكويت

ليست هي المرة الأولى التي تتعالى فيها الأصوات المنادية لاعتبار الرئيس الأميركي جورج بوش «مجرم حرب»! فقد شهدت العديد من عواصم العالم في الأعوام الأخيرة مظاهرات احتجاج واسعة ضد الرئيس الأميركي رفعت خلالها شعارات تطالب بمحاكمته كمجرم حرب على خلفية الأحداث التي تلت الحرب الأميركية على العراق. ولم تتوقف هذه المطالبات عند حدود رجل الشارع العادي، بل إنها تعدت ذلك إلى مستوى رؤساء وقادة دول!
فعلى سبيل المثال (لا الحصر)، دعا الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز إلى الحكم على الرئيس الأميركي جورج بوش بالسجن مدى الحياة باعتباره مجرم حرب! وكذلك طالب رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد بمحاكمة الرئيس بوش كمجرم حرب بتهمة ارتكابه جرائم حرب في العراق، على حسب تعبيره!
وآخر تلك التصريحات جاءت قبل أيام على لسان المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله العظمى السيد علي الخامنئي الذي طالب بتقديم الرئيس بوش إلى محكمة دولية ومحاكمته على جرائم الحرب التي اقترفتها إدارته في العراق! فقد ذكر السيد الخامنئي أنه «سيأتي اليوم الذي يمثل فيه بوش للمحاكمة على الكارثة التي سببها في العراق، وأنه يجب أن يحاسب...»!
لن نخوض في تحليل «أسباب» و«توقيت» و«مغزى» و«أبعاد» تصريح المرشد الأعلى في إيران ضد الرئيس الأميركي، فلهذا مقام آخر قد نتطرق إليه مستقبلاً! لكن ما نود أن نسلط عليه الضوء في هذا المقال هو محاولتنا البحث عن إجابة للسؤال التالي: هل ارتكب الرئيس الأميركي جورج بوش حقاً جرائم يستحق معها أن يحاكم كمجرم حرب بعد أن تزايدت الأصوات المطالبة بذلك؟
دعونا نبدأ من النقطة التي أثارها الأديب اليساري الإسرائيلي بي ميخائيل في مقاله المنشور في صحيفة «يديعوت أحرونوت» تحت عنوان «بوش نموذج مخيف». يقول ميخائيل: «لا يوجد توجيه مباشر لعمليات التعذيب والتنكيل والاغتصاب وباقي الجرائم الإجرامية التي ارتكبت تحت غطاء الحرب الأميركية على العراق، ولكن هناك توجيهاً للأعمال التي تُصور على أنها أعمال شرعية في ظل الحرب: القصف الوحشي، وعمليات القتل بلا هوادة، وسهولة قتل المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، والاعتقالات الجماعية للأبرياء. هذه الخطايا يجب ألا تُحمل للجنود البسطاء وإنما لرؤسائهم»! سنضرب هنا مثالاً «واحداً» على تلك الأعمال والجرائم التي ارتكبت تحت غطاء الحروب الأميركية التي قامت بها الإدارة الأميركية الحالية تحت مسميات مختلفة كالحرب على الإرهاب وعلى أفغانستان وعلى العراق، وهذا المثال ليس سوى «غيض من فيض» أمثلة عدة لعمليات التعذيب والتنكيل والاغتصاب والجرائم التي ارتكبت تحت غطاء الحرب الأميركية على العراق!
الجميع يتذكر ما جرى من فظائع في معتقل أبو غريب العراقي من تعذيب يندى له جبين الإنسانية! فقد مارس الجنود الأميركيون شتى أنواع التعذيب والاغتصاب بطرق وحشية وغير إنسانية ضد المعتقلين العراقيين. ومنذ أن كشفت وسائل الإعلام المختلفة النقاب عن تلك الفظائع داخل المعتقل، والعالم كله يترقب محاسبة المسؤولين عن تلك الجرام البشعة! لكن ما حدث أن القيادة الأميركية برأت جميع المتهمين في هذه القضية، وكان آخرهم ضابط الاحتياط الكولونيل ستيفن جوردان الذي كان يدير مركز الاستجوابات في سجن أبو غريب، والذي تمت تبرئته أخيراً من التهم الموجهة إليه في هذه القضية!
حقيقة اننا نقف مندهشين أمام هذا الاستخفاف السافر من قبل الإدارة الأميركية بحقوق الإنسان! فما حدث من انتهاك خطير لحقوق الإنسان في سجن أبو غريب لا يعتبر مجرد خطأ أو حادثاً فردياً، بل يعتبر خطيئة لا تغتفر. وإلا كيف يمكن اعتبار جريمة بحجم ما جرى في سجن أبو غريب تمر من دون حساب ولا عقاب؟ ألم يعترف الرئيس الأميركي وباقي أفراد إدارته بتلك الجرائم التي ارتكبها جنودهم في العراق؟ أليس الاعتراف سيد الأدلة، كما يقولون؟ ألا تعتبر «اتفاقية جنيف» أن المسؤول عن إمرة آخرين يعد مسؤولاً مباشراً عن أي جرائم يرتكبها آخرون تحت إمرته؟ بناء عليه، ألا يعتبر الرئيس الأميركي جورج بوش وحكومته هم المسؤولون عن تصرفات جنودهم الذين مارسوا جرائم في معتقل أبو غريب يمكن تصنيفها تحت بند جرائم الحرب؟
السؤال الآن: ما هو الأساس القانوني الذي يمكن اعتماده لمحاكمة الرئيس الأميركي بتهمة ارتكابه جرائم حرب؟ يجيب المحامي والخبير القانوني الأميركي فرنسيس بويل ان إدارة الرئيس الأميركي ارتكبت جرائم كبرى تحت ميثاق «نورمبرغ» لجرائم الحرب وهو ما يستدعي، حسب رأي الكاتب، إلى محاكمة الرئيس وأفراد إدارته كمجرمي حرب! يقول بويل في مقاله المنشور على موقع «العرب أون لاين»: «إن الجرائم الدولية تشمل عادة تحديد قانون نورمبرغ للجرائم ضد السلام والإنسانية وجرائم الحرب، وكذلك الانتهاك والخرق التام لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وقوانين المحكمة الدولية في لاهاي 1907 عن الحرب البرية والتعذيب والاختفاء والاغتيالات»! وأضاف بويل: «لقد اقترف العديد من أعضاء إدارة بوش الابن جرائم بدت للتو مشابهة للجرائم الكبرى التي ترتكب تحت ميثاق (نورمبرغ)، والتي تعتبر جرائم دولية في حد ذاتها». ومضى الخبير القانوني بالقول: «وفقاً للقواعد الأساسية للقانون الجنائي الدولي، فإن الموظفين المدنيين كلهم ذوي المناصب العليا والضباط العسكريين في الحكومة الأميركية ممن كانوا يعلمون أو كان عليهم أن يعرفوا أن الجنود أو المدنيين تحت سيطرتهم ارتكبوا أو على وشك ارتكاب جرائم دولية وأخفقوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقافهم أو عقابهم أو كلا الأمرين معاً، هم بالمثل مسؤولون عن تلك الجرائم»! وشدد بويل على أن «كل كبار موظفي الحكومة الأميركية وتابعيهم المباشرين، هم مسؤولون شخصياً عن التواطؤ في هذه الجرائم ضد السلام والإنسانية وجرائم الحرب وفقاً لمبادئ وميثاق وقوانين (نورمبرغ)، وأن إدارة بوش الابن نفسها تحيك مؤامرة جنائية مستمرة تحت طائلة القانون الجنائي الدولي»!
أما عن كيفية تقديم الرئيس الأميركي للمساءلة القانونية بسبب جرائم الحرب، فيجيب بويل: «كل ما يتطلبه الأمر عضو من الكونغرس يتحلى بالشجاعة والأمانة والمبادئ لرفع قضية المساءلة القانونية ضد بوش وأركان إدارته»!
خلاصة القول، قد لا تكون مسألة رفع دعوى قانونية داخل الكونغرس ضد الرئيس الأميركي بتهمة ارتكابه جرائم حرب عملية سهلة وبسيطة، كما عبر عن ذلك الخبير القانوني فرنسيس بويل! لكن ما هو مؤكد أن جرائم الحرب التي ارتكبتها الإدارة الأميركية لا تسقط بالتقادم والدعوات الدولية لتقديم الرئيس الأميركي وطاقم إدارته للمحاكمة القانونية على الفظائع التي ارتكبتها إدارتهم في العراق وفي غير العراق ستستمر حتى يأخذ العدل مجراه! فهل نشهد مثل هذا اليوم؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
الانسحاب البريطاني من جنوب العراق
فيصل عبدالله اللافي
القبس الكويت
انسحاب القوات البريطانية من جنوب العراق خطوة متوقعة منذ سنوات، ولم تكن خطوة طارئة، حيث صرح بها رئيس الوزراء البريطاني بعد سقوط بغداد مباشرة بان القوات البريطانية سوف تنسحب من العراق فور انتهاء مهمتها، ومن المتوقع كذلك انسحاب القوات الاميركية من العراق بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي جورج بوش، حيث ان الشارع الاميركي يريد انسحاب القوات من العراق علاوة على ان الحزب الديموقراطي المتقدم نحو الرئاسة في المرحلة المقبلة لا يريد بقاء قوات الولايات المتحدة في العراق.
ما يهمنا في هذا المجال في الكويت هو ان نكون على معرفة تامة بما يجري في الجنوب العراقي من حركات سواء اكانت شعبية او حكومية لكي نضمن ان ليس هناك فراغ سياسي قد يؤدي الى خلق زعامات جديدة والتي من المؤكد لن تكون على وئام مع الحكومة الكويتية بالعلن او بالخفاء، وذلك لعدة اسباب منها على سبيل المثال الخلافات الحدودية التي ظهرت بشكل مفاجئ عندما تظاهر مئات المزارعين في ام قصر معترضين على الانبوب الحدودي، وكذلك الخلاف القديم الجديد بان الكويت كانت تابعة لولاية البصرة ابان الحكم العثماني، وقد اقتطعها الاستعمار الانكليزي من العراق بعد معاهدة سايكس - بيكو، واسباب اخرى قد تكون طائفية او اجتماعية.
واشير في هذا المجال الى تصريحات الشيخ ثامر علي السالم نائب رئيس جهاز الامن الوطني من ان انسحاب القوات البريطانية من جنوب العراق سوف يؤدي الى خطر داهم على الكويت، وان من وسائل التعامل مع الوضع الجديد هو تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز انضمام الكويت الى حلف الناتو، وهو امر بلا شك مهم، لكن سياسة استجداء المساعدة من الآخرين والركون بشكل كامل الى العلاقات الوثيقة مع القوى العظمى لتحقيق الامن الوطني على المستوى الاقليمي سياسة مصيرها الفشل بلا شك، حيث ان مقاييس القوة في هذا العصر متغيرة وبسرعة مفاجئة وكذلك التحالفات الدولية وبالتبعية السياسات المعلنة تجاه دول أو قوميات.
وهو الامر الذي قد لا يصب في مصلحة الكويت دائما وكارثة الغزو العراقي اكبر دليل على ذلك، لذلك يجب على القائمين على الاجهزة الامنية والدفاعية ان يتحركوا بنشاط لجمع اكبر حجم ممكن من المعلومات عن الاوضاع في الجنوب العراقي خصوصا، وعن العراق بشكل عام، لكي يكون من الممكن قياس حجم المخاطر المحدقة وتحديدها والتعامل معها بشكل حرفي وفني.
وكذا العمل على تحصين الجبهة الداخلية من خلال التوعية الاعلامية كخط اول لتوحيد الصف، والعمل نحو تعزيز الامن الداخلي سواء على مستوى جهاز أمن الدولة او جهاز استخبارات الجيش، والعمل على تعزيز القوات المسلحة بالافراد والسلاح المتطور والفعال، خصوصا سلاح الدفاع الجوي، واستغلال الفئات العاطلة داخل المجتمع لتعزيز النواحي الامنية بشكل سريع ومنظم، وهو الامر الذي سيؤدي، اذا تم، الى زيادة قدرتنا على حماية الكويت قبل حدوث الخطر واثناءه وبعده.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
العراق حرب النفط واللاشيء

ويليام فاف

الاتحاد الامارات
أرسى الرئيس بوش مستقبل الحرب العراقية بصرف النظر عن موقف الأغلبية الأميركية المعادية لهذه الحرب حسبما أظهرته نتائج انتخابات الكونجرس التي أجريت في العام الماضي. وعليه فستستمر هذه السياسات كما هي إلى أن يخلف بوش في منصبه رئيس أميركي جديد، على افتراض عدم حدوث أي تحول دراماتيكي مفاجئ في مسار الأحداث والتاريخ. فما لم تحدث أي من هذه المفاجآت، فإن من المرجح أن تستمر سياسات وخطط الحرب كما هي، سواء في ظل إدارة بوش الحالية، أو في إدارة أي رئيس سيئ الحظ يخلفه في البيت الأبيض. وفيما نرى من مقترحات سياسات الحرب المنسوبة إلى المرشحين الرئاسيين الحاليين، فليس ثمة مؤشرات تدل على احتمال تغيير يذكر في السياسات المطبقة حالياً في العراق. ذلك أن الحرب نفسها تظل "صراعاً من أجل اللاشيء وعن لا شيء وفي اللاشيء" أيضاً كما قال "فريتجوف ناسين"، مستكشف المحيط القطبي والعالِم ورجل الدولة النرويجي ذات مرة في وصف الكشوفات العلمية المتعلقة بالمناطق القطبية. وما الاختلاف الوحيد بين هاتين الحالتين سوى أن الحرب العراقية، ستصرع المزيد من الآلاف أو تبتليهم بإعاقات مستديمة خلال العامين المقبلين، بينما يظل الكونجرس والصحافة الأميركية عالقين على جدول الروزنامة السياسية.



ففي البدء كان ممكناً التفكير في أن هذه الحرب كانت قد شنت لأهداف معقولة وجديرة بخوض المغامرة العسكرية فيها، على الأقل من وجهة نظر الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني وغيرهما، في مقدمتها تحقيق مخطط الشرق الأوسط الكبير- وإن لم تكن تلك الأهداف معقولة ولا جديرة بالمغامرة في واقع الأمر- المهم أن ذلك هو التبرير الذي قدم لاحقاً، ما أن مضت بضعة أشهر على الاحتلال، وبدا واضحاً أن الوضع العراقي قد بات خارجاً عن السيطرة، وكان لا بد من تقديم تبرير أكثر إقناعاً لما يجري هناك.



وعليه فقد كان الافتراض أن تدور هذه المغامرة العسكرية حول التحرير والتحول الديمقراطي والدفع بعجلة الإصلاح السياسي في المنطقة، بدءاً بالإطاحة بطاغية طالما نظر إليه في واشنطن على أنه عدو لدود لإسرائيل والولايات المتحدة، إلى جانب ما لحق من اتهامات تتعلق بمحاولته قتل الرئيس الأسبق بوش الأب. لكن ووفقاً للتصريحات الأخيرة لبعض "المحافظين الجدد" الذين كانت لهم اليد الطولى في التخطيط للحرب ودق طبولها، فقد شنت تلك الحرب بدافع الواقعية المحضة، في تحد سافر وساحق لإرادة الخصوم "الليبراليين". أما هدفها، فقد تمحور حول تدشين سياسة خارجية جديدة إزاء العلاقات الأميركية-الإسرائيلية، إلى جانب بسط هيمنة واشنطن على هذه المنطقة الغنية بالنفط. ولنضرب مثلاً لهذا بما قاله "بول وولفوفيتز" أثناء جولة آسيوية أخيرة له، رداً على سؤال وجه إليه بشأن المغزى من تلك الحرب:"العراق يسبح في سطح بركة نفطية".


"جرينسبان" يرى أن الحرب العراقية كلها لم تدر حول أي شيء آخر سوى السيطرة على النفط، وحثَ الإدارة الأميركية على إسقاط نظام صدام لتحقيق هذا الغرض.


لكن وبعد مضي أربع سنوات ونصف على شن الحرب، فقد تعين على الجنرال "بيترايوس" وزميله الدبلوماسي "رايان كروكر" الاعتراف علناً بأنه لم يعد هناك من هدف يجب السعي إلى تحقيقه أكثر من الاستمرار في بقاء القوات درءاً لانزلاق العراق إلى ما هو أسوأ مما هو عليه الآن. والملاحظ أن كليهما قد فشل في تحديد المدة الزمنية اللازمة لاستمرار بقاء القوات، إلى جانب فشلهما في الحكم على ما إذا كان هذا البقاء سيجعل من أميركا بلداً أكثر أمناً وسلامة. وهل من حاجة للسؤال عن هذا أصلاً؟! أضف لذلك كله أن الحكومة العراقية الحالية لم تتمكن بعد من إجازة تشريعات الخصخصة، وهي التشريعات التي يتوقع لها أن تضع صناعة النفط العراقي تحت السيطرة الأميركية بعيدة المدى. بل الذي حدث أن الحكومة العراقية قد أمرت مؤخراً شركة "بلاك ووتر" للخدمات الأمنية الخاصة، بمغادرة البلاد، على الرغم من أن جزءاً من مهام الحرب الأميركية الجارية قد عهدت إليها. وفيما لو تم تنفيذ هذا الأمر الصادر عن الحكومة العراقية، فإن ذلك يعني أن السفير الأميركي في بغداد، قد ترك مكشوفاً وعارياً من دون أدنى حماية أمنية أمام العراقيين.



وأخيراً أصل إلى "آلان جرينسبان"، المحافظ السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي ألّف كتاب "تنبؤات عن إدارة بوش"، وذهب فيه إلى أن هذه الإدارة ستضع النفط العراقي في المستقبل تحت سيطرة شركات النفط الأميركية لمدة طويلة من الوقت. وفي الكتاب نفسه قال "جرينسبان" إن الحرب العراقية كلها لم تدر حول أي شيء آخر سوى السيطرة على الثروة النفطية. بل تطوع "جرينسبان" بالقول صراحة إنه قد حث الإدارة من جانبه على إسقاط نظام صدام حسين بغية تأمين بسط الولايات المتحدة لسيطرتها على النفط العراقي. غير أنه لا "جرينسبان" ولا أولئك الذين علقوا على كتابه لاحظوا أن ما قاله المؤلف، ليس سوى لغة وافتراضات وأساليب مرتكبي الإجرام الدولي لا أكثر.



ويذكرني هذا في نهاية الأمر باقتصادي آخر ومحافظ لبنك مركزي، أراد قائده شن حرب، إلا أنه اعترض عليها منطلقاً من ضميره الحي اليقظ. ذلك هو "هجالمار سشاكت"، فقد عيّن هذا الأخير وزيراً للاقتصاد الألماني في عام 1935، ثم وزيراً بلا حقيبة وزارية فيما بعد. وعلى رغم ذلك فقد اختلف "سشاكت" مع القائد النازي هتلر، ما أن أدرك أن هدفه هو شن حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر، وليس لتدشين حملة لإعادة البناء الوطني كما أعلن. فذاك اقتصادي أميركي يحض رئيسه على غزو الدول الأخرى لنهب ثرواتها، وهذا وزير ألماني يغادر منصبه إدانة منه لشن الحروب على الدول الأجنبية واحتلالها!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
: المرتزقة.. يمارسون هواية القتل في بغداد
علي الطعيمات
الوطن قطر
اعتاد العراقيون في بغداد ومنذ ان سقطت عاصمة الرشيد بأيدي المرتزقة وقوات الاحتلال الاميركي، رؤية المواكب «الامنية» التي تضم عددا من السيارات المدرعة البيضاء او السوداء الاميركية، وهي تحمل رجالا مدججين بالسلاح من كل صنف، يرتدون قبعات وملابس واقية من الرصاص وهي تدنس شوارع مدينتهم المقاومة، الرافضة للاحتلال بكافة اصنافه الملموسة والمستترة.

ومثلما اعتاد العراقيون على مثل هذه المشاهد المخزية والتي تؤشر على افتقاد الامن، وحالة الحرب اعتادوا على رؤية هؤلاء وهم يفتحون اسلحة الموت على المواطنين العزل، الذين لا ذنب لهم سوى انهم عراقيون قادهم حظهم العاثر في تلك اللحظة ليكونوا هدفا لرصاص الشركات الامنية التي تضم عناصر حاقدة لا تعرف غير لغة القتل واطلاق الرصاص بصرف النظر عمن تستهدفه هذه الرصاصة او القنبلة، بريئا او طفلا او امرأة.

فإقدام شركة «بلاك ووتر» الاميركية المتخصصة بحراسة الدبلوماسيين الاميركيين ومن هم على شاكلتهم على قتل عشرة عراقيين بنيران اسلحتها في بغداد ليس سوى فعل يتناسب وتصرفات افرادها خلال مواكبهم الامنية المستفزة والمخالفة لابسط الشرائع والقوانين المحلية والدولية حيث يلقي عناصرها الاشبه برجال العصابات عبوات مملوءة بالمياه على السيارات او القاء قنابل صوتية باتجاه العراقيين في الشوارع لارهابهم واخافتهم وادخال الرعب والفزع الى نفوس المارة خصوصا الاطفال وباتجاه السيارات التي تتعرض احيانا لصدمات متعمدة من سياراتهم المدرعة وهم يسيرون في شوارع بغداد.

ولكن كيف يمكن وقف تصرفات هؤلاء المتوحشين والقتلة ومن يستطيع ان يقدمهم الى العدالة التي كانت واحدة من الذرائع المتعددة للغزو الاميركي ولاحتلال هذا البلد الذي مزقته الاحقاد والاطماع الاجنبية والداخلية، هل تستطيع حكومة المالكي فعلا اخضاع القتلة الاميركيين للقانون العراقي وهل يمكن للقضاء العراقي ان ينصف العراقي الذي استبيحت دماءه من المتوحشين الامنيين؟ تساؤل بريء ومشروع.

وامام هذه الجرائم التي ترتكبها الشركات الامنية التي تجند المرتزقة بهدف التجارة بهذه المهنة المفترض انها لخدم الامن وليس لاشاعة الارهاب والفزع والرعب والقتل فإن المسؤولية الكبرى تتحملها قوات الاحتلال الاميركي ومعها الحكومة العراقية التي «تسمح» لمثل هذه الشركات بتكوين جيش من المرتزقة في العراق بعد قوات الاحتلال الاميركي الذي قتل حتى الآن اكثر من مليون مواطن عراقي وسرق مئات المليارات من عوائد البترول العراقي.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
اصدقه
لؤي قدومي
الوطن قطر

آلن غرينسبان لمن لم يسمع به لا يعمل نادلا في احدى حانات نيويورك ولا ساعي بريد في دائرة الاتصالات بلوس انجلوس، فهذا الرجل كان يشرف على كل سنت يدخل الخزينة الاميركية وكان على رأس كل خطة اقتصادية أو مشروع استراتيجي تبنته الولايات المتحدة لسنوات طويلة، كيف لا والسيد غرينسبان كان يرأس صندوق الاحتياط الفدرالي الاميركي بين عامي 1997 و 2006 مما يعني ان ما يقوله اليوم لا يقل أهمية عن تريليونات الدولارات التي ائتمن على حمايتها وانمائها إلى ان ترك منصبه قبل 18 شهرا من الآن؟ واذا كانت ادارتا كلينتون وبوش الابن قد وثقتا بهذا الرجل كفاية لتأمينة على أموال البلاد في عهد رئيسين اميركيين ينتميان إلى حزبين مختلفين، فهذا يعني بين أمور أخرى ان الرجل أمين وصادق وفوق مستوى الشبهات.

غرينسبان نشر قبل ايام مذكراته التي احدثت ضجة هائلة في واشنطن لانها تؤكد ما كان العالم يردده طوال السنوات الاربع الماضية. فالسبب الاساسي لغزو العراق كما يقول القيِّم على احتياطات النقد في اقوى دولة على وجه الأرض لمدة «9» اعوام هو الرغبة في الاستيلاء على نفطه وليس أي سبب آخر.

ومما يورده غرينسبان المعروف بصمته وتحفظه في مذكراته قوله «يحزنني انه من غير اللائق سياسيا الاقرار بما يعرفه الجميع وهو ان النفط كان من الاسباب الرئيسية للحرب على العراق».

وكما حدث مع مسؤولين سابقين دفعهم ضميرهم إلى قول الحقيقة وكان آخرهم الرئيس الاسبق جيمي كارتر فقد تعرض غرينسبان إلى هجوم عنيف من مسؤولي الإدارة الاميركية وأعضاء الكونغرس حيث ذهب وزير الدفاع إلى التقليل من شأن الرئيس السابق لصندوق الاحتياط الفدرالي مؤكداً ان منع الانظمة المارقة من تطوير اسلحة الدمار الشامل - التي ثبت لاحقا انها لم تكن موجودة من الاساس - هو السبب الرئيسي لغزو العراق، في حين فضل أعضاء في الكونغرس العزف على وتر حماية الامن القومي، في حين لم يكن مدى الصواريخ العراقية الاكثر تطوراً يتجاوز 120 كيلو مترا!

التاريخ يعلمنا انه عندما تقف المؤسسة السياسية الاميركية وبأكملها ضد شخص واحد فهو يقول الحقيقة حتما.. انا شخصيا اصدق غرينسبان


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
المرتزقة قادمون
بابكر عيسي
الراية قطر


: كنا حتي وقت قريب نستغرب المعلومات التي يتضمنها كتاب بلاك ووتر الذي تنشر الراية ملخصات منه علي حلقات، لغرابة المعلومات ولمجافاتها للطبيعة الانسانية السوية، ان يجري تشكيل جيش من المرتزقة ليعيد إلي الأذهان الحرب الصليبية الجديدة وليصبح ذراع البنتاجون في القرن الحادي والعشرين، ويملك رخصة مطلقة للقتل دون مساءلة أو محاسبة ما دام القتلة فوق القانون، ولم يكن هناك من يصدق أن هناك جيوشاً للمرتزقة تتعاقد معها الدول والحكومات للقيام بالمهام القذرة في العالم الاسلامي تعميقاً لفكر اليمين المسيحي الصهيوني وهو ما تجلي بصورة صارخة في أفغانستان والعراق والسودان والصومال.

بداية الظهور العلني لشركة بلاك ووتر كان في الفالوجة حيث وقعوا في كمين للمقاومة العراقية التي كانت ترصد ممارساتهم وقامت الحشود الغاضبة بتعليق جثث أربعة من المرتزقة فوق جسر علي نهر الفرات، وهي الحادثة التي أثارت أصداء واسعة غير أنه جري التكتم عليها إعلامياً لتدفع الفالوجة ثمن المواجهة الصلبة وتتحول إلي رماد علي يد المارينز.

.. والواقعة الثانية في ساحة النسور بوسط بغداد، حيث قام قتلة شركة بلاك ووتر من المرتزقة بإطلاق النار بصورة عشوائية علي المدنيين العراقيين وقتلوا عشرة وأصابوا عشرين آخرين دون أن تكون هناك مبررات لذلك، الأمر الذي اعتبرته الحكومة العراقية عملية اجرامية مدانة وأعلنت إلغاء ترخيص شركة بلاك ووتر وتقديم القتلة إلي القضاء العراقي وفتح ملف الشركات الأمنية التي تعبث في أمن البلاد دون أن يحكمها قانون أو تكون عرضة للمساءلة.

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ووزير الداخلية جواد البدلاني تناسيا أن لهذه الشركة بلاك ووتر تعاقدات مع وزارة الدفاع الأمريكية ومع وزارة الخارجية الأمريكية لحماية السفراء والمبعوثين وشركات الإعمار والوفود الرسمية، وبما أن واشنطن تمثل سلطة الاحتلال في العراق فليس علي بغداد سوي السمع والطاعة بعد محادثة هاتفية أجرتها وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس مع المالكي ليغلق هذا الملف فيما التزم البيت الأبيض الصمت تجاه جرائم المرتزقة الذين لا يخضعون لأي قانون سواء أكان قانوناً أمريكياً أم عراقياً أم دولياً، هؤلاء المرتزقة يملكون فقط رخصة مفتوحة للقتل!!

ظاهرة الشركات الأمنية أو جيوش المرتزقة انتشرت بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كنموذج للديمقراطية التي وعد بها الأمريكيون العراقيين، وتعتبر بلاك ووتر التي تتولي حراسة السفارة الأمريكية في بغداد الأكثر شهرة وأبرمت عقوداً بلغت قيمتها مئات ملايين الدولارات مع البنتاجون، ويعتمر هؤلاء المرتزقة خوذات معدنية وسترات واقية من الرصاص ومجهزون بمعدات مماثلة لجيش حقيقي تشمل أسلحة خفيفة ورشاشات ثقيلة وآليات مصفحة وحتي مروحيات، وهم يتصرفون بكل استقلالية ولا يحاسبون علي أعمالهم باعتبار أنهم لا يتبعون القانون الدولي الخاص بالنزاعات.

وتعد هذه صورة صارخة من صور الديمقراطية الأمريكية التي تعد بها الشعوب، وحكومة المالكي المغلوب علي أمرها لن يكون بمقدورها ان تمنع شركة بلاك ووتر أو بقية شركات المرتزقة عن العمل لأن هذه الشركات لم تطلب ابتداءً ترخيصاً من الحكومة العراقية وانما قدمت بموافقة القوات الأمريكية، ونطاق شركات عمل المرتزقة لن يقف عند حدود العراق وافغانستان فقريبا سنسمع عن جرائمها في أكثر من مكان ما دامت خدماتها متاحة للايجار، ويا شعوب العالم الثالث شدوا الأحزمة ف المرتزقة قادمون .

ليست هناك تعليقات: