Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأربعاء، 19 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاربعاء 19-9- 2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
السيد بوش: شكراً لاهتمامكم ، ارحلوا عن ديارنا
محمد شريف الجيوسي
الدستور الاردن
تحتاج قضية تقريري الجنرال والسفير إلى كلام مزيد ، لما يعتورهما من عدم الدقة ، وإن كان يفترض أمريكياً وضوح زيفهما دون الحاجة إلى كل هذا الجدل . ويصر بوش ومعاونوه من كبار وصغار موظفيه التنفيذيين والمنظرين على القول أنهم يحققون انجازات لا يراها أحد غيرهم رغم ان العديد من أعلام هذه الإدارة رحلوا تحت وطأة الفشل ، أو الفضائح أو جراء"استيقاظ الضمير"كولن باول".
واضح أن بوش لا تحركه مصالح بلاده ، وإنما مصالح فردية وغيبيات توراتية يجري إلباسها النتائج المدمرة ، ولا يبدو أن شيئاً سيخرجه من العراق غير هزيمة منكرة بائنة فاضحة ، تأتي على ما تبقى من إمبراطورية عجوز جديدة. لكن هزيمة نهائية تحل بأمريكا ، لن تقود إلى هزيمة تقليدية كحال بريطانيا وفرنسا ، ولا كالاتحاد السوفيتي ، ولا كزوال تركيا العثمانية ، حيث عادت إلى حجومها السابقة ، ولم تزُلْ من الخريطة دولها ، بل عادت لتسترد على آماد متفاوتة استقرارها وأهميتها. أما امريكا بلا تاريخ ولا جغرافية ، ولا مصالح قومية تربط بين أبنائها غير المنافع ، أي مصير هو الذي ينتظرها. ذاك سؤال.
أما الحديث عن وجود إيران في العراق فحديث الغبي المغرض ، فإيران ما كان لنفوذها الراهن في العراق أن يتحقق لولا الاحتلال ، ولولا انكباب استراتيجية كونية سابقة على احتلال أفغانستان (..) على وضع الخطط لدعم نفوذ مذهبي معين على حساب نفوذ مذهبي آخر ، دفعاً لاقتتال في المنطقة بالنيابة عن إسرائيل وامريكا ، وقوده عرب وفرس وترك وكرد وغيرهم من أواسط آسيا حتى شواطئ المتوسط .. لكن حسابات البيدر والبندر الأمريكية لم تتحقق وانقلبت أمور كثيرة على غير ما كان مقصوداً.
إن العراق رغم حرب ألـ 8 سنوات المريرة مع إيران وجد مناسباً إيداع طائراته في إيران بعد نحو سنتين من توقف الحرب ، فإيران موجودة كجارة منذ الأزل ، من غير الممكن استئصالها ، وكذلك العرب ، ثمة ثارات وإحن منذ ما قبل الإسلام ، ولكن بين الفريقين أيضاً جيرة أبدية وجغرافيا وتاريخ مشترك في جوانب منه ، ودين واحد ، ومصالح اقتصادية ، وأبجدية عربية تكتب بها الفارسية ، والكثير من المشترك لغة وأدباً وعادات. ودم بالمعنيْين بمعنى النسب ومعنى الحرب ولا يمكن مهما بلغ الافتراق أن يكون الاختلاف معها كالاختلاف مع أمريكا وإسرائيل.
نختلف مع طهران في سياساتها العراقية الراهنة ، في غير شك ، ولكن طهران ومهما كانت مطامعها ونوازعها ، تشكل نوعاً من التوازن في المنطقة في صالح المقاومتين اللبنانية والفلسطينية ، والممانعة السورية ، وقلعة مهمة في مواجهة الصلف الأمريكي الإسرائيلي.
لترحل أمريكا عن العراق ، ومن بعد ، يكون حديث مع الإيرانيين ، وتكون حلولاً عراقية قادرة على حل كل مشكلات العراق العديدة التي ولدها الاحتلال الأمريكي . ثمة مخاطر وأعداء مشتركين لكل من العرب والترك والفرس أقولها مجازاً باعتبار أن الفرس في إيران لا يتعدون 45% وفي إيران عرب وكرد وترك وتركمان وبلوش وغيرهم .. فأي تقسيم للعراق لن يتوقف ، عند حدوده ، ولا بد ممتد في كل اتجاه . ومن هنا إضافة لاعتبارات عديدة لا مصلحة لأحد وفي المقدمة إيران إذكاء لأي خلاف عربي إيراني ، ولا ينبغي أن يكون مدخلاً للشيطان ينفذ إليه إلى المنطقة بكل مكوناتها.
لا بد من الإقرار بوجود مشكلات عويصة ، تاريخية ومعاصرة وراهنة ، وان ثغرات في جدار الثقة تفعل فعلها ، لكن ذلك ليس كل شيء في العلاقة العربية الإيرانية ، والأهم أن العدو والخطر المشترك واحد ، وعليه ينبغي العمل على الهوامش العديدة بين الفريقين . أما تلويحات وتلميحات أمريكا العطوفة جداً وخوفها علي العرب والعراق من النفوذ الإيراني فيه ، فلتسامحنا أمريكا وترحل ، ونحن أبناء المنطقة نحل قضايانا وحدنا دون تدخلاتها النزيهة جداً.
albuhira@hitmail.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
حرب بوش النفطية في العراق.. الن غرينسبان على الخط!!
محمد خرّوب
الراي الاردن

تختلف اقوال رئيس الاحتياط الفيدرالي الاميركي (محافظ البنك المركزي) الشهير الن غرينسبان، عن كل التصريحات والاقوال التي ادلى بها الفارون من سفينة الرئيس الاميركي جورج بوش الجانحة، وحتى اولئك الذين اجبروا على الاستقالة، بعد ان بدأ مشروع المحافظين الجدد بالتصدع، وبعد ان بات الجميع على قناعة بأن لا نصر في العراق، بل ان تصميم استراتيجية للخروج من الورطة العراقية، يبدو محفوفاً بالمخاطر الجدية، ليس فقط لجهة هدر المزيد من ماء وجه الامبراطورية الاميركية الجريحة، على نحو يعيد سيناريوهات الحرب الفيتنامية، التي حاول بوش تذكير الاميركيين بها، لكن المقاربة هذه انعكست غضباً شعبياً عارماً، اضطر بوش لاحقاً لتصحيح زلة اللسان التي وقع فيها، وانما ايضا لأن واشنطن عندئذ ستبدو كمن خاض حرباً باهظة ومكلفة ماديا وبشريا، وجلبت المزيد من الكراهية العربية والاسلامية لها، من اجل تسليم العراق على طبق من دماء وجراح وحرب اهلية ماثلة لألد اعدائها في المنطقة، والذين يتمتعون بنفوذ وتحالفات قوية داخل العراق، ونقصد بذلك ايران وتالياً سوريا وربما ايضا تنظيم القاعدة..

الن غرينسبان الذي لم يكن يتكلم كثيراً، والذي حظي في رئاسته للاحتياط الفيدرالي الطويلة، بدعم من كل الرؤساء سواء كان من الديمقراطيين أم من الجمهوريين، اصدر مؤخراً كتاباً حفل بانتقادات للرئيس الاميركي والطواقم المحيطة به، وقال في وضوح ان الاطاحة بصدام حسين كانت خطوة اساسية بهدف تأمين مصادر النفط العالمية .

قد لا يجد كثيرون، وخصوصاً في المنطقة العربية، حيث كتائب المحللين السياسيين الذين يملأون علينا الفضاء والفضائيات، وينظّرون في كل شيء وعن أي شيء، بل ومنهم من يصدر الفتاوى النووية في بلاد ما تزال نسبة الامية فيها مرتفعة وما تزال الكهرباء مفقودة في معظمها بل ان المدن التي يصلها التيار الكهربائي تخضع للتقنين ناهيك عن تحول الجامعات الى مدارس ثانوية وعن افتقار الخريجين لأبسط المعلومات وهبوط مستوى الثقافة العامة وتدني مستويات التفكير وانعدام القدرة على التحصيل او المتابعة..

نقول سيخرج عليه هؤلاء باستعلاء: الم نقل لكم من قبل، ان حرب بوش كانت من اجل النفط..

حسناً، ان نقول نحن ذلك في استنتاج متسرع او وفق قواعد نظرية المؤامرة حيث ليس لدينا سوى النفط من سلعة استراتيجية بعد ان فقدنا اهمية الموقع الاستراتيجي (..) الذي نمنا عليه طويلاً، ليس بالأهمية، او التأثير او الصدى الذي يمكن ان تحدثه شخصية مثل الن غرينسبان الذي تحكم كالمايسترو بكل اسعار العملة في العالم ونجح في جعل كل الدول بما فيها الاتحاد الاوروبي يرقصون على ايقاع الدولار الاميركي وعيونهم شاخصة الى أي قرار سيتخذه غرينسبان سواء في رفع سعر الفائدة ام في تخفيضها ولو بنسبة لا تذكر (25ر0% مثلاً) لتصاب البنوك المركزية في انحاء المعمورة بالاضطراب او الانتشاء (والاخير امر نادر..).

ماذا يقول غرينسبان الذي فاجأت انتقاداته البيت الابيض؟ رجل المال الشهير الطاعن في السن والمترفع عن لعبة السياسيين والذي لم يبد ذات يوم تلهفه للبقاء في موقعه المهم والحيوي بل ان الرؤساء هم الذين سعوا اليه وجددوا له الولاية تلو الاخرى، على اضخم بنك مركزي في التاريخ واكثر البنوك تأثيراً بحركة الاموال واتجاهات السياسة المالية في العالم..! اصدر كتاباً تحت عنوان عصر الاضطراب: مغامرات في عالم جديد يقول عنه (وفق صحيفة واشنطن بوست التي اجرت مقابلة معه):.

.. في حين ان تأمين واردات النفط العالمية، لم يكن حافز الادارة الا انه (غرينسبان) قدم الى البيت الابيض القضية التي شرح خلالها لماذا تعتبر ازالة نظام صدام حسين مهمة بالنسبة للاقتصاد العالمي. بل مضى الى القول: انه قدم حجته الى البيت الابيض وان احد صغار المسؤولين (لم يكشف عن اسمه) قال له: لسوء الحظ، لا يمكننا الحديث عن النفط، ثم اضاف انه أسمَع جميع المسؤولين حجته وتحدث الى الجميع حول هذه النقطة بمن فيهم نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني .

نحن إذاً وبعد اربع سنوات ونصف على جريمة تدمير الدولة العراقية، وليس فقط اسقاط النظام السابق، امام مؤامرة واضحة ومكشوفة قادتها الدولة الاولى والاعظم في العالم لخدمة الثالوث الاخطر فيها وهو المجمع الصناعي العسكري البترولي والتي تستدعي قصص وتاريخ تلك الحملات الاستعمارية التقليدية التي عرفتها الشعوب الضعيفة منذ قرون عديدة، والتي وصلت ذروتها الان في الحروب العصرية التي تشنها الامبريالية الاميركية بعد ان انتصرت في الحرب الباردة ووضعت نظرية القوة العارية موضع التنفيذ، لخدمة مشروعها الامبراطوري تحت ادعاءات متهافتة من قبيل الحرب على الارهاب ونشر الديمقراطية وقيم الثقافة الاميركية وشعارات حقوق الانسان عبر عقيدة بوش المعروفة بالضربات الوقائية ووفق مقولته الشهيرة : من ليس معنا فهو ضدنا .

اطاحة الانظمة لتأمين النفط وخلفه تكمن اهداف استراتيجية اخرى مثل المحافظة على امن اسرائيل والبحث عن مزيد من الاسواق للسلع الاميركية وخصوصا المبيعات العسكرية واشعال الحروب الاهلية الطائفية والمذهبية والعرقية وتفكيك الدول واعادة رسم الخرائط وبما يضمن هيمنة الولايات المتحدة وابراز طبقة من النخب الحاكمة المستبدة التي تأتمر بأمر البيت الابيض ووكالة الاستخبارات الاميركية (سي. آي.ايه) وتبدي ازدراءها لشعوبها ومصالحها الوطنية.

ليس غريبا والحال كذلك ان يقول غرينسبان بكل فظاظة المستعمر وغطرسته في تبرير للعدوان الاميركي على دولة عضو في الامم المتحدة لم تثبت واحدة من الاكاذيب التي ساقها بوش وعصابة المحافظين الجدد لتبريرهم جريمتهم التي ما تزال مستمرة .. ان توقف تدفق ما بين 3 إلى 4 ملايين برميل من النفط يوميا، كان ليؤدي الى ارتفاع اسعار النفط الى حدود 120 دولاراً للبرميل، وخسارة أي شيء اكثر، كانت تعني الفوضى في الاقتصاد العالمي .

إذاً .. ليدفع العراقيون ثمن الرفاه الغربي وخصوصا الاميركي من نفطهم وقبل كل شيء من دمائهم وأرواحهم.

Kharroub@jpf.com.jo
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
الاستنتاج الخاطئ في الحرب على العراق وأفغانستان
د.جلال فاخوري
الراي الاردن
إن المعتقدات المتصارعة التي أشار إليها السوسيولوجيون الغربيون تعتبر كشكل من التفسير النفسي التحليلي لطبيعة العنف الذي يستخدمه الأقوياء. وهو استنتاج مشوّه للظواهر الواقعية. ويظن بعض علماء الإجتماع الغربيون أن طراز الواقع الإجتماعي الذي يتشكل في الوعي في عملية الاستنتاج يظهر دوماً وفي أسباب مختلفة طابعاً غير متوازن أو معادل للواقع الفعلي وتقييم الأحداث أو فهمها وتفسيرها أو تعليلها يعود إلى أن الأمم والأفراد تدرك ذلك بشكل مختلف. وهناك أنصار الرأي الخاطئ يرون أن ظروف التقاليد والفهم المختلف والعادات والثقافة التاريخية هذه جميعها تقرر بالدرجة الأولى التناقضات والصدامات الأيديولوجية والسياسية في المجتمعات المعاصرة، وهذا ما يجعل من العنف والحروب ذات عوامل ذاتية خالصة وأن السبب الرئيس للصراعات والحروب والعنف هو عدم كمال الوعي والنفسية وعدم التطابق بين معرفة الواقع الإجتماعي الحقيقي وتمثيله. وهذا ما يعني أن الزعماء السياسيين الكبار الذين يرتكبون أخطاء أو يبدون غير قادرين على إفهام جماهيرهم صحة الخطأ السياسي الذي يرتكبونه، ويحاولون إقناعهم بأن هذا الخطأ هو للمصلحة العامة. لقد كتب عالم الإجتماع الأميركي كتاباً حديثاً أحدث ضجة أميركية بعنوان لم يكن أحد يريد الحرب وهدف هذا الكتاب هو البحث عن العوامل النفسية للزعيم الذي يعتبر الحرب ممكنة وضرورية. لقد كشف وايت أن غالبية من يدخلون في قرارات الحرب لا يدخلونها لأنهم يريدونها ولكن لأسباب نفسية عميقة. والسؤال الذي يفرض نفسه علينا هو ما هي هذه الأسباب التي تدفع الرؤساء إلى إبادة البشرية؟ إن الحروب تولد غالباً بسبب سوء تفاهم متبادل. ويحصل هذا حسب رأي وايت بسبب واقع الحياة المتحرك أكثر من صورتها المرتسمة في ذهن الناس وهذا ما يعبّر عنه عادة بتعبير Misperception أي الإستنتاجات المغلوطة أي أن لكل جهة متخاصمة مع الأخرى عالمها التفكيري الخاص.

وربّما أن الأسوأ من ذلك هو الإعتقاد أن مواقفه عادلة ومبررة أخلاقياً ومواقف خصمه غير عادلة ولا أخلاقية ويعتبر نفسه ضحية ومعتدى عليه وهذا ما يجعل الأميركان المسؤولين يعتقدون أن حروبهم مبررة وإسقاطهم للأنظمة عمل أخلاقي. وهنا تبرز مفارقة جادة وحادة وحقيقية وهي أنه في الوقت الذي تقود أميركا فيه حرباً على العراق وأفغانستان بحجة أنها حرب عادلة وأخلاقية فإن العراقيين والأفغان يعتبرون هذه الحرب والإحتلالات لا أخلاقية وغير مبررة وهذا ما اجمع العالم كله على وصفه للإحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان وأنها حرب ظالمة وهكذا تبدو مسألة الإستنتاج المغلوط واضحة لا تحتاج إلى تفسيرات وتحليلات. وتبدو مسألة الإستنتاج الخاطئ في هذه الحروب هي أن كل طرف يعتقد بفداحة الخطأ الذي ارتكبه الآخر. والحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها أو القفز عنها هي أنه لا توجد حقيقتان في تقييم الصراعات العسكرية فالمعتدي دائماً هو الذي يتحمل المسؤولية والنتائج كاملة عن الحروب حسب القانون الدولي. صحيح أن العوامل السيكولوجية لدى الزعماء تعتبر من المسائل المعقّدة التي يمكن أو لا يمكن تحديد تأثيراتها في النشاطات الإنسانية ولكن بالتأكيد انه من وجهة نظر أردري "Ardrey" إذا نظرنا إلى العنف أو الصراع كظواهر لن يتمكن الإنسان الحديث أن يتخلّص منها وهذا ما يجعلنا نطرح السؤال التالي وبشكل مُلحّ وحسّاس: إذا كانت البشرية لا تستطيع الخلاص من الحروب فلماذا يمتنع الكثير من زعماء القوة وفرسان الحروب عن شنّها أو خوضها؟ والجواب المباشر هنا هو الميوعة العلمية والمنهجية والروح التبريرية لهذا النوع من إلقاء التبعات والتناقضات وخطايا المجتمع الملازمة للرأسمالية على كل المدينة المعاصرة ولكن ترسيخ دور العنف في التاريخ قد قاده علماء التطور التاريخي النفعي والمدعوم دوماً بالقوة تارة والنظام والقوانين غير الصالحة تارة أخرى أمثال ميكافيللي وسبينوزا أو بودان وغيرهم دون وعي على طبيعة المجتمعات ودون أخلاق ومبرر.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
إلغاء ترخيص الاحتلال.. المطلوب
افتتاحية
الجمهورية
أخيراً.. تحرك المكلفون بالحكم في العراق. نيابة عن سلطات الاحتلال الأمريكية. ضد شركات القتل والتدمير المسماة بشركات الأمن الخاصة التي تسند إليها معظم العمليات القذرة حيث يلقي أبناء الشعب العراقي حتفهم في جرائم مشبوهة تستهدف الإيقاع بين الشيعة والسنة أو بين العرب والأكراد والتركمان.
وجدت هذه الشركات ومعظمها أمريكية في العراق المحتل وجبة دسمة لزيادة أرباحها فأرسلت إليه مايزيد علي 100 ألف من المرتزقة تحت شعار مهمات حراسة تجاوزتها إلي قتل العراقيين الأبرياء بمجرد الشبهات. كما حدث من جانب قتلة شركة "بلاك ووتر" الأمريكية في الاسبوع الماضي مما دفع الحكومة العراقية للتحرك ضدها.
ان الغاء ترخيص "بلاك ووتر" لا يكفي. فالمطلوب لحماية العراق حاضرا ومستقبلا الغاء ترخيص الاحتلال الأمريكي نفسه فهل يستطيع القائمون بالحكم في العراق مطالبة الإدارة الأمريكية بذلك أسوة بأغلبية الشعب الأمريكي نفسه أم أن لهم رأياً آخر؟!


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
غزو العراق .. الحقيقة والجريمة
افتتاحية
الشرق قطر
لمدة 20 عاماً كانت مصارف العالم وأسواق ماله تحبس أنفاسها تحسبا لأي شهادة يدلي بها الرئيس السابق للبنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي آلان غرينسبان سواء تعلق الأمر بأسعار الفائدة، أوبالسياسات المالية لاقتصاد يقود العالم، نظراً لما سيترتب عليها من تداعيات، إلا أن الشهادة الأخطر في تاريخ هذا الرجل المحنك جاءت هذه المرة سياسية وليست اقتصادية، وهي شهادة بوزن أضخم ووقع أقوى من جميع شهاداته السابقة لما كشفته من حقيقة مرة، وفضيحة مدوية قام عليها قرار الرئيس الامريكي جورج بوش بغزو العراق، الحقيقة كما قال غرينسبان: «النفط».

هذه الحقيقة لم تكن خافية على جميع المراقبين والمتابعين لجوهر الاحتلال الامريكي للعراق، لكن أن تصدر من غرينسبان وهو من هو في هرم الادارة الامريكية، فهنا تتأكد الحقائق وتنتفي التكهنات. شهادة غرينسبان تكشف زيف الوجه الانساني، والمبرر الاخلاقي الذي سوغت به الادارة الامريكية غزوها للعراق، بعدما تأكد زيف جميع المبررات الاخرى من قبيل امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وتحويله واحة للديمقراطية في المنطقة. واذا كان المنتصر دائما من يكتب التاريخ، فهاهو المنتصر يكشف حقائق هذا الفصل من التاريخ.

هذا الغزو جر العراق الى مسلسل من الكوارث، ليس أقلها جعله مرتعا للمرتزقة العابثين بحقوق الانسان وكرامته، انه جيش شركات الأمن الخاصة الذي جعل من القتل والترويع ديدنه في هذا البلد لحماية الوجود الامريكي، وكان آخر ضحاياه 11 بريئا قضوا برصاص شركة «بلاك ووتر» التي تولت في السابق عملية سحق الفلوجة، فالى أين يلجأ العراقيون من هذا الجحيم؟

صحيفة واشنطن بوست ذكرت ان السفير الامريكي في العراق راين كروكر اثار مشكلة نحو عشرة آلاف لاجئ عراقي قد ينتظرون عامين قبل ان يتمكنوا من دخول الولايات المتحدة بسبب كثافة عددهم وتعقيدات إدارية خانقة. ورفع كروكر الى وزارة الخارجية الامريكية في السابع من هذا الشهر تقريرا داخليا بعنوان «اللاجئون العراقيون: هل بامكاننا تسريع العملية؟». وبحسب الصحيفة فانها المرة الثانية التي يدق فيها السفير الامريكي ناقوس الخطر حول هذه المسألة. وبحسب الصحيفة فان كروكر كتب في تقريره ان قبول اللاجئين العراقيين في الولايات المتحدة مازالت تعوقه تعقيدات ادارية خانقة بسبب الاجراءات الامنية في وزارتي الخارجية والأمن الداخلي. واضاف ان على المرشحين لدخول الولايات المتحدة الانتظار بين 8 و10 اشهر منذ تقديم ملفاتهم الى السلطات الامريكية عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وحتى تطأ اقدامهم الأرض الامريكية. فهل هذا إجراء صائب من دولة تدعي رعاية حقوق الانسان في العالم؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
مراحل خطاب الهزيمة الأميركية

وليد الزبيدي

الوطن عمان

بين الحديث المباشر عن الانسحاب الاميركي من العراق، الذي يحصل الان على اوسع نطاق، وتحريم الاشارة الى ذلك خلال سنوات الاحتلال الاولى، وتهيئة الرأي العام الاميركي والعالمي لقبول مسألة الانسحاب، كانت هناك مرحلة في غاية الاهمية، وهي ما يمكن ان نسميه بالخطاب الاميركي، الذي يهيئ الاجواء لقبول الهزيمة بشكليها، الهزيمة الميدانية الشنيعة والمباشرة، والهزيمة غير المباشرة عن طريق الانسحاب التدريجي او حتى ما هو اسرع من ذلك.
يعرف الجميع، ان الحديث عن انسحاب اميركي من العراق كان محرما في الأوساط السياسية والاعلامية الاميركية، بل لم يجرؤ احد على ذكر ذلك في التحليلات او الخطب ولا حتى في المناقشات، حتى ظهرت اولى البوادر مع وقوع اكبر الخسائر بين القوات الاميركية في العراق، وتزامن ذلك في اولى اشاراته مع انعقاد مؤتمر الوفاق العراقي (المصالحة) في 19ـ21 نوفمبر 2005 في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية، واشتركت فيه اطراف من الحكومة والمشاركين بالعملية السياسية، واطراف معارضة ومناهضة للاحتلال، وخلال جلسات المؤتمر ظهر رأيان متناقضان لحل المأزق العراقي، فبينما تمسك الطرف العامل تحت مظلة الاحتلال، بالحل الاميركي للقضية العراقية، جاء الرد من الطرف الوطني العراقي المشارك في المؤتمر وابرز ممثليه الشيخ جواد الخالصي رئيس المؤتمر التأسيسي والشيخ الدكتور حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين، واللذان أكدا أن لا حل في العراق من دون الخروج التام والنهائي لقوات الاحتلال الاميركي، وساند هذا الرأي حشد من الوطنيين العراقيين داخل المؤتمر وخارجه، واختلف الطرفان في التوصل الى قناعة واحدة.
لقد تمسك كل طرف بموقفه، وتبين الان، ان الحل في العراق، لن يكون بوجود قوات الاحتلال، وانتقلت هذه القناعة الى الاميركيين انفسهم والى البريطانيين الذين اتخذوا خطوتهم العملية الاساسية وسحبوا قواتهم من مدينة البصرة.
الاميركيون وبالاخص الديمقراطيين، اضطروا للاجهار بأصواتهم ومنذ ما يقرب من عام وهم يجادلون ويناقشون مسألة الانسحاب الاميركي من العراق، ولم يتصور الكثيرون انهم سيحققون بعض النتائج، وتسربت المعلومات الاولى، التي قالت ان الديمقراطيين سيطالبون بالانسحاب خلال ثلاث سنوات، لكن يتذكر الجميع ان الطروحات ابتدأت بانسحاب يتم خلال سنة ونصف السنة، ثم اتفقوا على ان نهاية مارس 2008، يجب ان يكون نهاية المطاف بالنسبة لتواجد القوات الاميركية في العراق، وبعد عدة اشهر من الجدال والنقاش، تأتي الصورة التي يتوصل اليها قادة البنتاجون والبيت الابيض مقاربة لذلك، وفي واقع الامر، فان ما يخشاه الديمقراطيون والجمهوريون وكروكر وباتريوس، هو حصول الهزيمة في ميدان الحرب في العراق، لذلك تجدهم يسرعون جميعا في ايجاد مخرج لتحاشي تلك الصورة المرعبة، التي يخشون حدوثها وتقض مضاجعهم في كل يوم.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
العراق وفقا للمصالح الأميركية
ستان مور
ميديا مونيتور
في جلسات الاستماع التي جرت مؤخرا في الكونجرس الأميركي ، وبشهادة كل من الجنرال بترايوس والسفير كروكر ، بالإضافة إلى تعليقات أدلى بها الرئيس بوش والعديد من مسؤولين الحكومة ، من الواضح ان مصير العراق قد صنف وفقا للمصالح والأهداف الأميركية بشكل شامل كدولة ومصلحة إقليمية للولايات المتحدة. اي شخص يعتقد أن العراق دولة ذات سيادة حقيقية هو شخص يعيش في أرض الأحلام. لدى العراق ديمقراطية منتخبة حددتها له الولايات المتحدة. وللعراق دور في الإقليم حددته له الولايات المتحدة. الولايات المتحدة هي من قرر قوانين النفط. وأصدقاء العراق داخل المنطقة ستحددهم الولايات المتحدة وستسيطر عليهم وتراقبهم. لن يسمح للعراق أن ينحرف عن المسار الضيق من التحركات والسياسات التي قيمتها الحكومة الأميركية وشرطتها السرية بحذر بما يتفق والمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة. الأمر كله يتعلق بالمال والسلطة والاقتصاد والمصالح التكتيكية والاستراتيجية للولايات المتحدة ضمن المنطقة وفي العالم. لن يسمح للعراق أن ينحاز إلى إيران. لماذا؟ إيران لم تعد دولة إرهابية أكثر مما هي الولايات المتحدة دولة إرهابية ، لكن إيران منافس استراتيجي للولايات المتحدة وهذا هو ما يهم حقا.
داخل العراق هناك العديد من الفصائل ، والجماعات العراقية ، والأنظمة الدينية والسكان ، وكل منها يخضع للمراقبة من جانب الولايات المتحدة لخدمة مصالحها. كما أن الولايات المتحدة تستخدم المبدأ القديم "فرق تسد" الذي استخدم بشكل ناحج مع السكان الأصليون لأميركا الشمالية عندما احتلت القارة الأميركية. قام جيش الولايات المتحدة بتشكيل تحالف مع الهنود ضد لاكوتا ، ومع الأباتشي الذين جرت "تهدأتهم" ضد المرتدين أمثال جيرونيمو ، ومع بعض الشيوخ السنة ضد القاعدة والشيعة العراقيين. كما تعمل الولايات المتحدة مع الاكراد ضد السنة والشيعة. فرق تسد ، والمستفيد الرئيسي دائما هو الولايات المتحدة ومصالحها الاقتصادية.
خلال جلسات الاجتماع الأخيرة مع بتريوس وكروكر ، هل سمع أحدهم مناقشات جادة او استجوابا لهؤلاء الرجال حول الوضع الراهن للأطفال العراقيين ، واللاجئين الذين فقدوا أملاكهم ممن كان عليهم الفرار من أحيائهم او حتى بلادهم للعثور على الأمان ، وغيرهم ممن يعانون من العيش في منطقة حرب شنت من أجل المصالح الأميركية؟ لم يهاجم العراقيون الولايات المتحدة. وهم لم يبدأوا هذه الحرب. وحتى لو كان باستطاعتهم تجنب المجزرة العسكرية بطريقة أو بأخرى ، فهم لا يريدون أن يكونوا تحت الاحتلال ، أو الاستعمار ، أو أن يقايضوا مصادرهم ، أو يشردوا ، او يقتلوا ويشوهوا ، أو يتم إفقارهم. لكن هذا الوضع القائم يناسب المصالح الاقتصادية الأميركية ، وسوف يستمر طالما بقيت المصالح الاقتصادية الأميركية هي كل ما يهم في العراق. عراق يتمتع بسيادة حقيقية ليس بحاجة لتدخل الولايات المتحدة في كتابة مسودة دستوره أو في خططه الاقتصادية وقوانين النفط. عراق يتمتع بسيادة حقيقية لن يكون على أراضيه قواعد للجنود الأميركيين. عراق يتمتع بسيادة حقيقية لن يكون مكانا لأكبر سفارة أميركية بنيت في العالم ، تتناسب مع الثروة النفطية الضخمة غير المستغلة والتي يفترض أنها ما زالت تحت الرمال العراقية. يعلم المتمردون ما هو المعرض للخطر ، ويعلمون أن المعارضة العسكرية للمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة تجعل جميع المتمردين عرضة للقتل على يد القوات الأميركية ومن جندوهم من العراقيين.
كان كريزي هورس ، الهندي الاميركي الشهير من السكان الأصليين قد قتل ، ليس على ايدي الجنود الأميركيين ، بل داخل معسكر للجيش الأميركي وعلى يد مجندين من شعبه من لاكوتا.
العراق يشبه جنوب داكوتا ، موطن كريزي هورس. في جنوب داكوتا أشجار ومعادن وذهب ، وعندما عثر على الذهب في بلاك هيلز اعتبرت جميع المعاهدات بين الولايات المتحدة وشعب لاكوتا ملغاة على الفور. جزء كبير من المصالح الاقتصادية كان معرضا للخطر. وعندما اصبح البيت الأبيض الأميركي يمتلك جزءا من صناعة البترول في الولايات المتحدة ، بتسلم جورج بوش وإدارته المستحوذة على النفط ، أصبح العراق جنوب داكوتا الجديدة. لم يكن من الصعب جدا في القرن الواحد والعشرون أن تجتاح الولايات المتحدة العراق كما حدث في القرن التاسع عشر عندما اجتاحت الولايات المتحدة أرض لاكوتا.
إن الأهداف والمصالح الاقتصادية الاميركية في خطر ، والعراق يدفع الثمن ، تماما كما دفعت لاكوتا الثمن في عام 1800. سيجتاز العراق ذلك ، لكن سيموت العديد وسيستمر الاستعمار إلى أن يجني اللاعبون الاقتصاديون ثمار عملهم الدموي.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
إنه فخ بوش·· فاحذروه
د.أميرة أبوالفتوح
الشبيبة عمان

يشغلني دائما ما يدور في الاجتماعات المغلقة بين المسؤولين، ولا أهتم كثيراً بما يعلنونه ويصرحون به أمام الصحفيين، فأعتبره كلاماً دبلوماسياً وتغطية لما جري وراء الكواليس داخل الغرف المغلقة، ولذلك أحاول أن أقرأه بشكل مختلف لعلي أصل إلي حقيقة ما تم في تلك اللقاءات المغلقة، أن الرئيس الأمريكي مثلا تحدث في أحد خطابات قائلاً: "علي الدول المجاورة للعراق أن تدرك أن هزيمة أمريكا في العراق تعني تهديداً استراتيجياً لبلادهم"! انتهي كلام بوش ولكن صداه مازال يجلجل ويؤجج نفوسنا ويرعد أوصالنا فالرجل كان صريحاً في كلامه، عفواً في تهديده فإما أن تكونوا معي في حربي القادمة ضد إيران، وأما ستهلكون، ولكم في صدام عبرة يأولي الألباب، ولذلك أرسل وزيرة خارجيته لكي يكون الكلام علي المكشوف كما يقولون ولتوضح لهم حقيقة الوعد والوعيد وما لديها من أوراق قديمة وحديثة، وكيف ومتي سيستخدمونها إذا ما لم تلب مطالبهم، لذلك جاء التأييد الفوري لخطة أمريكا من قبل هذه الدول علي الرغم من علمها أن تلك الخطة ستكون أكثر شراسة وستؤدي إلي المزيد من الدمار والخراب والقتل في العراق، وعلي الرغم أيضا من أن كل النواب الديمقراطيين في الكونجرس وبعض الجمهوريين أيضا يرفضونها، لقد شاهدت كوندوليزا وهي تجلس أمام هؤلاء النواب في لجنة الاستماع بالكونجرس وهم يهاجمونها ويوبخونها علي سياستها التي أضرت بصورة ومكانة أمريكا في العالم، ولكنها تستقبل في العواصم العربية استقبال الفاتحين الأبطال، لقد أراد بوش أن يستعين بحلفائه العرب لمواجهة خصومه السياسيين في الداخل في مقابل أن يغض الطرف عما يجري في بلادهم من انتهاكات لحقوق الإنسان وكبت للحريات، انتهي كل ذلك من أجندته فلم تعد تحمل بين صفحاتها أي كلمة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وما إلي ذلك مما كان يهدد به حلفاءه بالأمس القريب وليس البعيد، الآن أصبح كل همه وشغله الشاغل تجييش هذه الدول العربية ضد إيران زاعماً أنها الخطر الأكبر علي المنطقة، معطياً الملف النووي أبعاداً أكثر بكثير من حقيقته، فإيران من حقها الحصول علي البرنامج النووي للحصول على الطاقة خاصة أن ما لديها من مخزون قد قرب من النفاد، وهذا البرنامج سلمي حتى إذا سلمية برنامجهم هذا، فإن إيران لا تملك تكنولوجيا القنبلة النووية إذن فلاً يمكن تصنيعها وحتى إذا افترضنا جدلاً إمكانية نجاحها وحصولها على هذه التكنولوجيا بعد سنوات، فإنها لن توجه ضد الدول العربية بل ستخلق توازناً في المنطقة، على اعتبار أن إسرائيل تملك الآلاف من الرؤوس النووية فلماذا هذا الخوف والهلع من إيران وغض البصر عن إسرائيل بل ومباركة سلاحها النووي؟، إن أكبر خطأ تقع فيه الدول العربية حالياً هو الانجرار وراء أمريكا والانصياع لأفكارها ومباركة خططها فإيران ليست عدونا، والإيهام بأنها الخطر الداهم على الأمة العربية كذب وافتراء وتمويه للحقيقة الراسخة في عقولنا وذاكرتنا جميعا بأن إسرائيل هي عدو الأمة العربية، وهي الخطر الحقيقي علي أمتنا والذين يحاولون صرف الأنظار عنها لنتفرغ لمحاربة عدو وهمي من صنع أمريكا ربما، بل بالتأكيد عدو أمريكا ولكنها إيران ليست عدواً للدول العربية، ويجب أن يدرك العرب مدى خطورة المستنقع الذي يريد بوش جرها إليه، لقد سبق لريجان أن جرها لتمويل الحرب العراقية ضد إيران، وهو بالمناسبة من نفس مدرسة بوش الأصولية التي تعتنق بالمسيحية الصهيونية كمنهج أيديولوجي، أعود فأقول إن إيران ليست البعبع الذي يحاولون تصويره وتسويقه للعالم العربي فهي لم تهدد أي دولة عربية ، بل إن العراق العربية هي التي شنت عليها الحرب بأوامر أمريكية وبمباركة عربية خشية من نفس المزاعم التي ترددها أمريكا الآن، تصدير الثورة الإسلامية والمد الشيعي في المنطقة فهل تعلم القادة العرب من الدرس الماضي الذي استنزف ثروات الأمة وقدراتها على مدى ثماني سنوات، وأدى إلى ما أدى بعد ذلك من احتلال الكويت وتمزيق الأمة ثم الكارثة الكبري وهي الغزو الأمريكي للعراق واحتلالها، وحتى بصمتها الخجول وغض البصر عما يحدث وكأن الأمر لا يعنيها إلخ، فهل هم مستعدون مرة أخرى لارتكاب نفس الخطأ ضد إيران إكراما لبوش ذلك المعتوه المقامر، وإنقاذاً لعزلته التي أصبح يعاني منها بين شعبه الذي أصبح يرفضه ويرفض استراتيجيته الجديدة التي رحبت بها بعض الدول العربية·
أتعجب من هذا الزمان الذي أصبح فيه العدو صديقاً وحليفاً يستعين به الأخ ضد أخيه، وبعضنا ضد بعض، ولكن لماذا نعيب زماننا والعيب فينا؟ يارب أرفع مقتك وغضبك عن الأمة الإسلامية

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
خبير ألماني يحذر من انهيار العراق
سمير عواد
عمان اليوم عمان
«ان الجهود برأيه ينبغي أن تنصب لهدف منع انهيار العراق وهو الخطر الذي يحدق اليوم بالعراق أكثر من أي وقت مضى. ويرى الخبير الألماني في استنتاجه أن الحل الوحيد لتدارك الوضع هو قيام دولة فيدرالية، تحول دون انهيار الدولة، ويحذر من أنه في حالة الفشل، سوف تتحول سيناريوهات مرعبة كثيرة إلى واقع وتمتد نيران الحرب إلى دول الجوار».
لم يعرف المواطن العراقي وليد جاسم حين وصل مع ابنته ماريا البالغة أربعة أعوام من العمر إلى المدينة البافارية الوديعة الصغيرة (بفافنهوفن) انه حصل على فرصة العمر لا تتوفر لكثيرين من أبناء وطنه المنكوب. ففي شهر يوليو الماضي جاء وليد وابنته ماريا إلى ألمانيا بعد أن تبرع مئات من المواطنين في هذه المدينة الألمانية عقب دعوة لإنقاذ حياة الطفلة العراقية التي كانت تعاني من انغلاق أحد شرايين القلب منذ الولادة وكان يتحتم إجراء عملية جراحية لها لتنقذ حياتها وتصبح قادرة على العيش حياة طبيعية. بعد أسابيع قليلة أجرى جراحو القلب في المستشفى الجامعي بمدينة ميونيخ العملية التي تكللت بالنجاح استطاعت ماريا بعد أيام قليلة تعلم دروس السباحة.
فيما ارتاح وليد جاسم للانفراج الكبير الذي حصل لصحة ابنته إلا إنه لم يستطع إخفاء قلقه. فقد فاتح الألمان الذين تدخلوا كي تحصل ابنته على العلاج في ألمانيا، أنه لا يريد إعادة ابنته بعد شفائها إلى العراق غير الآمن، إلا أنه لم يكشف عن الخطة التي وضعها للفرار مع ابنته من ألمانيا وطلب اللجوء السياسي في السويد التي أصبحت في المدة الأخيرة أبرز بلد أوروبي لجأ إليه الآلاف من المواطنين العراقيين وعلى أمل أن يتمكن من استحضار باقي أعضاء الأسرة من العراق لاحقا.
لا يشعر سائر سكان مدينة(بفافنهوفن) الذين تبرعوا لعلاج الطفلة العراقية ماريا بأي غضب بسبب فرار وليد وابنته إلى دولة أخرى، ففي ألمانيا كانت فرصتهما في الحصول على اللجوء السياسي ضعيفة. صحيح أن السلطات الألمانية لا تبعد العراقيين إلى بلادهم لكن نسبة منحهم حق اللجوء السياسي ضعيفة جدا مقارنة مع السويد.
ويعتقد سكان مدينة(بفافنهوفن) أن الخطوة التي قام بها وليد قد تتكرر في المستقبل بسبب التوقعات القاتمة لمستقبل العراق. وهذا ما أكدته دراسة ألمانية جيدة أعدها الباحث جيدو شتاينبيرج خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد السياسة والعلوم في برلين عن المستقبل السياسي لبلاد الرافدين، ولا يصل في استنتاجه إلى نتائج مريحة. ويرى شتاينبيرج أن الدولة العراقية ببنيتها الحالية التي قامت بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، قد باءت بالفشل وأن السبب لا يعود لأعمال القتل والعنف اليومية بل لعدم اتفاق فئات الشعب من الشيعة والأكراد والسنة على بناء دولة لاختلاف مصالح كل فئة.
وقال شتاينبيرج أن الدراسة علمية لكنها تكشف عن مخاطر واضحة، إذ أن الجهود برأيه ينبغي أن تنصب لهدف منع انهيار العراق وهو الخطر الذي يحدق اليوم بالعراق أكثر من أي وقت مضى. ويرى الخبير الألماني في استنتاجه أن الحل الوحيد لتدارك الوضع هو قيام دولة فيدرالية، تحول دون انهيار الدولة، ويحذر من أنه في حالة الفشل، سوف تتحول سيناريوهات مرعبة كثيرة إلى واقع وتمتد نيران الحرب إلى دول الجوار واحتمال قيام هذه الدول بالتدخل عسكريا في العراق واحتمال حصول مواجهة تصفية الحساب بين مختلف الدول على أرض العراق وأيضا تصعيد الحرب الأهلية بين الفئات العراقية المتناحرة.
وتشير الدراسة التي وضعها شتاينبيرج في ثلاثين صفحة وتحمل عنوان (العراق بين الفيدرالية وانهيار الدولة) إلى أن العراق أمام منعطف خطير وأن غزوه في عام 2003 قد يجر المنطقة برمتها إلى مخاطر لا أحد يعرف عواقبها. كما توضح الدراسة الألمانية عن العراق أن العنف واحد من المشكلات التي نشأت لكن المشكلة الأكبر والأهم، اختلاف مصالح أطراف النزاع. ويجد شتاينبيرج في استنتاجه أن قيام دولة ذات نظام فيدرالي في العراق، هو الحل الوحيد لتدارك انهيار الدولة وانفجار العنف في كافة أراضي العراق. الثابت أن العراق، لا يعود كما كان في عهد رئيسه السابق صدام. فقد جاء الغزو ليقوي الأكراد بصورة خاصة، وهم يسعون منذ مارس 2003 إلى تحقيق هدفهم المعروف بإقامة دولة كردية في شمال العراق وضم مدينة كركوك الغنية بالنفط بعد استفتاء شعبي، لهذه الدولة، كي تمول كردستان ميزانيتها من عوائد النفط. كما سيحصل الشيعة على دولة خاصة بهم في الجنوب الذي يحتوي على نسبة خمسين بالمائة من النفط مما يكفل تمويل دولتهم علاوة على المعونات من إيران، والسنة على دويلة تضطر إلى الاعتماد على أموال من حكومة مركزية في بغداد. وكان برلمانيون عراقيون قد أمضوا قبل مدة بعض الوقت في ألمانيا حيث اطلعوا على سير نظام الفدرالية فيها نظرا للتشابه بين مصير البلدين إذ كلاهما تعرض إلى غزو من قبل الولايات المتحدة ودول تحالفت معها. فيما مضى الألمان في بناء دولة أصبحت بعد عقدين واحدة من أبرز الدول الاقتصادية العملاقة في العالم، فإن فئات الشعب العراقي تتصارع فيما بينها على مصالحها. الفارق أنه حين غزا الحلفاء الأربعة (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا والاتحاد السوفييتي) ألمانيا النازية في عام 1945 كانت هناك خطة لما بعد الحرب، فقد استثمر الأمريكيون وعملوا بمشروع وضعه جورج مارشال يحمل اسمه حتى اليوم، لإعادة بناء المانيا التي تحققت على أرضها معجزة اقتصادية جعلت بعض الدول التي انتصرت عليها تشعر بالحسد. لكن حين غزا الأمريكان وحلفاؤهم العراق عام 2003 لم تكن هناك خطة لما بعد الحرب. كما لم يستقبل العراقيون الجنود الغزاة بالورود والأرز كما قال خصوم صدام حسين للمسؤولين في واشنطن. ويرى شتاينبيرج أن السياسة الداخلية في العراق لا تعرف سوى قضية واحدة وهي الصراع على السلطة والنفوذ وأن كل طرف من أطراف الصراع ينظر إلى الأمور من منظار طائفي عرقي ضيق ويفضل مصالحه على المصالح العامة للعراق. ويوضح أن تنامي ثقة الأكراد بأنفسهم بصفة خاصة وما حققه غزو الحرب لهم بفرض سيطرتهم على مناطق الشمال، أدى إلى نشوء مشكلات جديدة. فتركيا لا تتسامح مع دولة كردية في شمال العراق تسهم في التأثير على الأكراد الذين يعيشون في جنوب شرق الأناضول، كما تعتبر تركيا نفسها المحامي باسم التركمانيين المهددين مع السكان العرب بالترحيل من كركوك. ويضع شتاينبيرج في الحسبان احتمال وقوع صدام مسلح بين القوات التركية والأكراد في شمال العراق، حيث هدد الأتراك مرارا باجتياح الشمال لهدف القضاء على فلول حزب العمال الكردستاني الذي ينفذ هجمات بين فينة وأخرى على مواقع للشرطة والجيش في تركيا. ويخلص شتاينبيرج في دراسته عن العراق إلى أن السنة الذين يشكلون نسبة عشرين بالمائة من عدد السكان هم الطرف غير المحظوظ في اللعبة. إذ أن النظام الفيدرالي ليس جذابا بالنسبة لهم إذ بينما يتقاسم الأكراد والشيعة النفط فإنهم خرجوا خالي الوفاض.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
تعميق التخبط الأمريكي فـي العراق

د. جوزيف كشيشيان
عمان اليوم عمان
«جرت اشياء كثيرة تؤكد على تعميق الارتباك الذي أملى شروطه على المشهد السياسي في العراق، إلا أن ذلك الارتباك والتخبط يمكن فقط أن تم معالجته بعد أن يمنح العراقيون المسؤولية الكاملة لدولتهم قليلة الحظ، وبتبني، وبإخلاص مبادرات أكثر وطنية».
فيما تشبثت لتحويل الورطة إلى سياسة، فقد وسعت إدارة بوش من سعيها الدائم لتأييد حرب العراق، وذلك باتخاذ اجراءات تفتقر إلى الدراسة الجيدة. وفي الواقع، فإن الرئيس ذا الوازع الديني استحضر في ذهنه الآثار المتناثرة للحرب الخاطئة في فيتنام كي يجيز وجودا على المدى البعيد في العراق.
وبالنظر إلى ما أعرب به بوش عن رأيه في التاريخ منذ أيام قليلة، ونتيجة عدم موافقة جماعية بشأن تحليله، فما الذي يمكن إضافته للمساعدة على توضيح حالة الارتباك التي تبزغ من واشنطن ؟
ولعله يكون هينا بالفعل أن نسترجع نقد «منطق» بوش.ويكفي أن نقول إنه حتى كريستوفر هيتشنز، الكاتب المؤيد للحرب قد تبدل موقفه إلى الضد من إدارة بوش واستنتج أن التناظر الوظيفي كان مجرد تخبط. إلا أن مثل تلك المهمة من الأفضل أن تترك للمؤرخين الذين من المحتمل أن يقضوا سنوات كي يعيدوا تخمين استراتيجيات بوش. وسواء كانت الآثار المتناثرة للتدخلات العسكرية الأمريكية في فيتنام أفقدت استقرار كمبوديا، وأدت إلى مذبحة الخمير الحمر، وسواء كان هذا الفصل ممكنا تطبيقه في العراق، فإن كل هذا يعد بعيدا عن تكهن أي شخص.
وإلى حد ما فهناك جانب وثيق الصلة بالموضوع ألا وهو تقرير موجز نشر منذ أيام قليلة واحتوى على أحدث تقديرات الاستخبارات القومية.
فقد استنتج التقرير أن «معدل العنف ككل، مشتملا على الهجمات والوفيات بين المدنيين، ظل عاليا» وأن «الجماعات الطائفية في العراق لا تزال غير متصالحة» وهذه لم تكن بالطبع أخبارا جيدة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد كان تقرير الاستخبارات متشائما بشأن قدرات القادة السياسيين العراقيين الذين يبدو أنهم «غير قادرين على إدارة الحكم بطريقة أكثر فاعلية.» بل وهناك المزيد من الأخبار السيئة. فقد حذر التقرير من أن انسحاب، أو حتى مجرد التلميح بانسحاب (مثل وضع تاريخ لذلك)، من الممكن أن «يشجع مختلف الفصائل في الحصول على جانب من السلطة سعيا لبلوغ حلول أمنية من الممكن أن تقوي العنف الطائفي والصراع حتى داخل الطائفة نفسها». وكما لو أن هذا لم يكن سيئا بدرجة كافية، فقد قدر التقرير أنه بينما «اندمجت قوات الأمن العراقية في عمليات مشتركة مع قوات التحالف لتؤدي على نحو كاف» فإن تحسن أداء تلك القوات لم يكن كافيا لتركها تعتمد عل نفسها على أسس قوية.
وبتعبير آخر، فقد أعلن التقرير أن القوات الأمريكية يجب عليها أن تقدم الدعم العسكري والفني للقوات العراقية في إطار زمني غير محدد. كما أكد التقرير أن الحكومة العراقية من الممكن أن «تصبح أكثر تقلقلا خلال الفترة القادمة التي تمتد من 6 إلى 12 شهرا».
وضد هذا الإفراط لتقارير الاستخبارات المخيفة، فقد أوضح بوش رأيه إذ قررت واشنطن أن تبقى معززة، عازمة على مواصلة الكفاح ضد تنظيم القاعدة.
وكان ضمن محتوى رأي بوش أن التشابه الجزئي مع فيتنام استحق الانتباه. وفي الواقع، عندما نشر ذلك التقرير الأخير للاستخبارات، أكد بوش أن تنظيم القاعدة أعيد تشكيله بشكل خطير في إقليم وزيرستان الجبلي في باكستان، ليربط العراق مرة أخرى بنهاية مفتوحة «الحرب على الإرهاب».
وقد زعم بوش أن «عراقا حرة» بات أمرا وشيكا. وعلى نحو غريب، فإن تفسيره الوهمي ذلك كان لا يزال أفضل من التصرفات المتخبطة لكثير من السياسيين والنقاد الذين فضلوا تقسيم الدولة على أسس دينية وعرقية. فما الذي تعنيه مثل تلك الآراء سوى إتاحة الفرصة لوقوع كارثة؟ ألم يكن ذلك نداء لعملية تطهير عرقي من الممكن أن تتشابه مع مذبحة الخمير الحمر؟
وبالرغم من أن واشنطن جادلت ضد انسحاب متهور تماما لتتجنب مثل تلك السيناريوهات، وبسبب مخاوف من أن الشرق الأوسط من الممكن أن يقع في أياد متطرفة ، فإن أمنها طويل الأمد يتطلب مفهوما مختلفا: كيف تنشئ وطنية وقومية عراقية .
وتقرير الاستخبارات لم يتطرق إلى مفهومي القومية والوطنية، إلا أن هاتين القوتين كانتا بمثابة الدافع الذي حرك الفيتناميين وربما يكونا كذلك بالنسبة للعراقيين. فالقومية والوطنية تدعمان دائما مصلحة «الدولة»، وتبدو مهمة أولية للقادة الأمريكيين أن يشجعوا كلا المفهومين داخل الدولة، خصيصا لإنكار مفهوم «الاستشهاد» لدى المسلحين.
كما ذكر الكاتب هتشنز مؤخرا أن الولايات المتحدة كانت تخوض ثلاث حروب في العراق - معركة من أجل السيادة بين السنيين والشيعة، وحملة لفصل وهزيمة تنظيم القاعدة في العراق، وكفاح كردي لقيام حكومة إقليمية منفصلة. ولم يتساءل ما إذا كانت واشنطن لها مصلحة في إرسال جنود ليموتوا في دولة لم تعرف عن تاريخها وحضارتها ما يكفي للإقدام على تلك الفكرة. وبالطبع فقد كان هناك العديد من الأكاديميين والمسؤولين الحكوميين ذوي الإطلاع الذين حاولوا إخبار إدارة بوش بذلك، إلا أن التفضيل كان للسماع إلى آراء خبراء آخرين أمثال برنارد لويس وفؤاد عجمي.
فالمسؤولون لم يرغبوا في سماع أي شيء يخالف نظريات معدة سلفا تمتاز بالغطرسة والعزلة. وبدون التظاهر بمعرفة متى بالضبط خسرت الولايات المتحدة الحرب في العراق، فإن التاريخ يجب أن يكون ذلك اليوم الذي سقطت فيه بغداد، عندما رفع جندي مستهتر العلم الأمريكي فوق تمثال صدام حسين. وبالرغم من أن تلك الزلة الخاطفة كشفت عن الدوافع بشكل أفضل، لكنها فشلت أن تتفهم أن التسلط نادرا ما يحقق انتصارا دائما. والغلطة الأخيرة تلك التي طالبت بإبعاد رئيس الوزراء. وقد أصر نوري المالكي منذ أيام أن العراق لم تكن قرية في مكان ما بالولايات المتحدة. وكل ما سبق يؤكد على تعميق الارتباك الذي أملى شروطه على المشهد السياسي، إلا أن تلك التخبطات يمكن فقط أن تعالج بعد أن يمنح العراقيون المسؤولية الكاملة لدولتهم قليلة الحظ، وبتبني، وبإخلاص مبادرات أكثر وطنية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
بلد المليون «فقيد» *
خيري منصور
الدستور الاردن
نشرت الصحف العراقية قبل ايام ان عدد المفقودين في جمهورية الرعب بلغ المليون ، وبذلك استحق العراق الجديد لقبا موازيا لما حققه بلد المليون شهيد في الجزائر ، والمليون شاعر في موريتانيا والمليون شريد في بلد ثالث والمليون متسول في بلد رابع.. الى اخر القائمة التي تتوزع ملايينها بين مذعور ومقهور وسجين واسير في عقر وطنه ،
قلنا من قبل ان العراق نفسه من شماله الى جنوبه مخطوف ، ونقول الآن انه مفقود ايضا لان شعبا ينام اذا استطاع النوم وهو لا يدري ما الذي ينتظره في الهزيع الاخير من الليل ، يموت في كل ساعة الف مرة ، يموت قلقا على طفل خرج الى المدرسة وقد لا يعود.. ويموت كمدا وقهرا لانه لم يستطع توفير عشرة دفاتر اي مئة الف دولار حسب معجم الخاطفين كي يفتدي اخاه او امه او اباه ،
لقد ظهرت في العراق المحرر من الوحدة الوطنية ومن الشعور بالامان وليس من الديكتاتورية كما يقول معجم اخر الفه المحتلون مصطلحات جديدة ، منها مثلا القتلى المجهولو الهوية وهم بالالاف بل بعشرات الالاف يتم احصاؤهم من خلال اكوام من الاكياس السوداء في الشوارع والازقة.
ومن هذه المصطلحات المبتكرة ، ما يتعلق بالطوائف والاعراق ، والبحث عن جذور ضاربة في التاريخ والتراب لحرب اهلية مؤجلة ،
ما كتب عن العراق حتى الان من مختلف الزوايا والنوايا والمقتربات هو حفنة رمل فقط من صحراء مترامية الارداف والاطراف ، فالحقائق لا تزال مدفونة في باطن التقارير السياسية والانباء العاجلة في الفضائيات وما لحق بالعراقيين من اوبئة عضوية واخرى نفسية واجتماعية لم يظهر منه حتى الان غير البثور ، اما الاثار غير المنظورة فهي كالخسائر غير المنظورة والتي لا يشملها الحاسوب ، لانها متعلقة بمستقبل العراق ورأس ماله الروحي ، ومنجزه الثقافي وثرواته المسلوبة ،
وقد نعتذر ذات يوم اذا بقينا على قيد الحياة وعلى قيد الاحتلال ايضا عن كل ما كتبنا عن العراق ، ذلك المجهول الذي لا نعرف عنه منذ عدة اعوام الا ما يأتي من غربال الميديا الطاعنة في التضليل وقلب الحقائق.
فنحن نتعامل مع الموت باعتباره ارقاما وتوابيت فقط.
ونتعامل مع الاختطاف بمعزل عن النوازع العدوانية والثأرية اضافة الى التجارة القذرة السوداء التي حولت الاختطاف الى نمط انتاج اقتصادي ،
والعرب الذين ادمنوا التعامل مع قضايا جذرية باستخفاف بدءا من فلسطين لن تغير حليمتهم عادتها القديمة وهي تتعامل مع عراق ممزق ، ومخطوف ومفقود ،
فالاوطان هي في نهاية المطاف حاصل جمع المواطنين ، وحين يكون هؤلاء بالجملة رهائن ومفقودين ومقتولين فان الوطن برمته يصبح كذلك..
العراق اذن بلد المليون فقيد ، وليس بلد الثلاثين مليون نخلة او الالفيات الخمس التي علمت الانسان الكتابة والقراءة والقانون والرسم والشعر والحب، ،

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
علاوي يتصدى للمشروع الطائفي
يوسف جمال
السياسة الكويت
يتمسك الدكتور اياد علاوي ويؤمن ايمانا مطلقا بالنهج الديمقراطي الصحيح الذي يفترض ان يكون سائدا في العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق ومضي اكثر من اربع سنوات على انطلاق العملية السياسية الجديدة والتي اريد لها ان تكون انموذجا يحتذى في الوطن العربي.
وهو يسعى جاهدا الى انجاح هذا المشروع الديمقراطي من خلال مايمتلكه من علاقات جيدة عربيا واقليميا ودوليا وتحشيد الجهد الدولي والاقليمي والعربي الى دعم العملية الديمقراطية الناشئة في العراق, وكذلك عمله الجاد من اجل توفير الامن والامان في العراق واشراك جميع المكونات العراقية في العملية السياسية واستبعاد من تلطخت ايديهم بدماء الشعب العراقي.
ومن منطلق الحرص على العملية السياسية ونجاحها وتنقيتها من الطائفية المقيتة والتبعية للجوار الاقليمي الذي يريد ان ينفذ اطماعه وبرامجه في العراق, فقد قدم الدكتور علاوي مشروعه لانقاذ البلاد, وهذا المشروع الوطني يحشد الجهد العراقي المخلص لبناء البلاد بعيدا عن التهميش والاقصاء لاي مكون من المكونات العراقية ممن تشارك في العملية السياسية الحالية او لم تشارك فيها, ورفض التوازن الطائفي الذي تسعى الحكومة الحالية الى تكريسه كمنهج عمل لها في توسيع الوظائف في مراكز الدولة الحساسة او غير الحساسة وانما اعتماد مبدأ المواطنة والكفاءة والنزاهة والقدرة والاستعداد للعمل الجاد في بناء العراق الجديد.
واذا كان الدكتور علاوي وعلى مدى اكثر من ثلاثين سنة في النضال لاسقاط النظام السابق تعرض لمحاولات اغتيال من اجل ثنيه عن مشروعه النضالي الا ان هذه المحاولات زادته اصرارا على النضال والاستمرار في مشروعه النضالي, وهو اليوم يتعرض الى حملات تشويه عنيفة من حلفاء الامس في المعارضة بسبب ارائه وملاحظاته لتصحيح مسار العملية السياسية واتهامه بالتامر على حكومة الوحدة الوطنية التي فقدت هذه الصفة اثر انسحاب عدة شركاء من هذه الحكومة التي تركت لمواجهة مصيرها الطائفي بنفسها.
وتبقى اطروحات الدكتور علاوي لانقاذ الوضع العراقي هي حجر الزاوية في مستقبل العملية السياسية في المرحلة المقبلة وهى الا تفكر الطبقة السياسية الحاكمة بعقلية المعارضة وهي تدير العملية السياسية الحالية وألا تغلب المصالح الحزبية والفئوية والطائفية والعرقية على حساب المصلحة الوطنية, وان يفكر المسؤول السياسي الذي يتصدر العملية السياسية بالعراق ارضا وشعبا وان يعمل على تحقيق الامن والامان للعراقيين جميعا وان يعمل على تحقيق المصالحة الوطنية من دون استثناء هذا المكون او ذاك وان ينفتح على العراقيين جميعا وان يكون بعيدا عن الولاءات لهذا الجار او ذاك في المحيط الاقليمي وانما يكون ولاؤه اولا واخيرا للعراق والعراقيين.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
بعض ما يتجاهله المثقف الكردي عن كردستان العراق
هوشنك اوسي
السياسة الكويت
من اخطر ما يمكن اعتباره انه يهدد مصائر الشعوب, ان يمتهن مثقفوها حرفة اعماء البصائر, عبر الاداء الازدواجي او الانتقائي في التهافت على التسويق لجهة او تجربة سياسية معينة دون غيرها, عبر تحوير الحقائق, او محاولة الالتفاف عليها, وتجيير الوقائع, او القفز من فوقها, مُعتبرا "تزلُّفه" وزعمهُ هذا, دعما ودفاعا عن مصالح ومكتسبات شعوبهم. وبذلك, يصبح مسلك المثقف تدميريا وليس تنويريا. بخاصة, حين يعمي عين السياسي بالتهليل والتطبيل ل¯"انجازاته" التاريخية, وينصِّع صورته وصورة واقع الحال, عبر تضخيم وتفخيم النقاط الايجابية, والتغاضي عن النقاط السلبية, وفي احسن الاحوال, محاولته تبريرها وليس تفسيرها ونقدها. ومن المؤسف القول: ان هذه الآفة الخطيرة بدات تجد لنفسها مفاعيل في المشهد الثقافي الكردي, عبر الافراط في مدح تجربة كردستان العراق وقادته, لدرجة, دفعت رئيس الاقليم الكردي الفيدرالي مسعود بارزاني, في احدى مقابلاته التلفزيونية, حين سُئل عن الفساد في كردستان, للقول حيال هؤلاء, بما معناه: هنالك من ينتقدنا بنوايا حاقدة, وهنالك من يمدحنا بشكل مفرط, لدرجة نستغرب من انفسنا ونتساءل: هل نحن فعلا في هذه الدرجة من التطور?!
كثيرا ما يطالعنا بعض مثقفينا الكرام بمقالات المديح والتقريظ والاشادة بالتجربة الكردية في كردستان العراق, متحدثين عن: "الامن والامان, النهضة العمرانية والاقتصادية, الرخاء, الانفتاح السياسي, حرية الصحافة والتعبير, المجتمع المدني...". متجاهلين الاختراقات الامنية الكثيرة التي تسببت في نشوء البؤر الارهابية, وارتكابها لجرائم فظيعة, طالت حياة المئات من الابرياء في العاصمة هولير, واخرها كان المجازر الارهابية في قضاء شنكال, الذي يراد اعادته للاقليم بموجب المادة 140 من الدستور, وراح ضحيتها اكثر من 700 كردي من الازيديين, ما يعني ان الامن والامان اصبح ضمن دائرة الخطر. وطبعا, تتحمَّل حكومة الاقليم مسؤولية ذلك. كما يتجاهل اصحاب هذه المقالات حجم الفساد الاداري والاقتصادي والسياسي الذي اعترف بوجوده رئيس الاقليم, وتاثير ذلك على الحياة العامة, وتغذية بؤر التطرف والارهاب التكفيري. ويتجاهلون ان الاحزاب الكردية الصغيرة شكَّلت تحالفا فيما بينها, ردَّا على احتكار الحزبين الرئيسين, الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني للمناصب الحكومية. وان هذين الحزبين لا يسمحان البتَّة لاي نشاط سياسي اخر يزاحمهما على اقتسام السُّلطة والمجتمع والدولة فيما بينهما. كما يتجاهلون ان عصب اقتصاد كردستان العراق بات في يد المسؤولين المتنفذين في الحزبين الرئيسين, ورموز العشائر والقبائل الكردية, بخاصة رموز عشيرة بارزان التي ينتمي اليها رئيس الاقليم ورئيس الحكومة ومدير الامن. ويتجاهلون تفشي ظاهرة بيع الاطفال لصفائح البنزين في الشوارع, وانه لا يوجد حتى الان مستشفى حكومي في الاقليم يقدم العلاج المجَّاني للاهالي. ونظرا ل¯"العناية الصحيَّة الفائقة" التي تؤمِّنها الحكومة لمواطنيها, بدا وباء الكوليرا يستشري في الاقليم مؤخرا, حاصدا ارواح اكثر من 8 اشخاص واصابة الالاف في مدينتي السليمانية وكركوك ونواحيها, بحسب تصريحات وزير صحَّة الاقليم. ويتجاهلون ساعات انقطاع الكهرباء, في العاصمة هولير والمدن والقصبات الاخرى, في الصيف الفائت الذي كان لاهبا, في وقت كانت الكهرباء لا تنقطع عن بيوت المسؤولين واقرباء وجيران اقربائهم. على مدار الساعة... ويتجاهلون ان لا صحافة حرَّة في الاقليم, رغم غزارة العنوانين, وتناول بعضها لحالات الفساد, وتردِّي وسوء مستوى الخدمات في الاقليم بالنقد. وان الاعلام المرئي والمقروء والمسموع خاضع للراسمال الحزبي, بخاصة الحزبين الرئيسين. ويتجاهلون معدلات البطالة المتزايدة, ومعدَّلات حالات الانتحار بين النساء التي وصلت لارقام مرعبة, فضلا عن تصاعد معدلات الجريمة, وقمع السلطات للمظاهرات في »حلبجه« و»جوارقرنه« ومدن اخرى المطالبة بتوفير الخدمات, وفرص العمل, وزيادة الرواتب, رغم ان ميزانية الاقليم تبلغ 6 مليار دولار, من اجمالي الميزانية العامَّة للعراق. ويتجاهلون تقارير المنظمات الحقوقية التي تنتقد بشدَّة واقع السجون في الاقليم, كمنظمة العفو الدولية. ويتجاهلون الكثير, ويغضُّون الطرف عن الاكثر.
بالتأكيد, لن يعجب هذا الكلام اصحاب تلك المقالات بالدرجة الاولى, وصانعي القرار في كردستان العراق بالدرجة الثانية. وقد يتنطَّع او يتبرَّع احدهم للردَّ, موحيا او مشيرا: ان راي كاتب هذه السطور, فيه من التحامل والتطاول على التجربة الكردية ما فيه, وانه يثير البلبلة, مشوِّها صورة الكرد وكردستان في المعمورة, ذاكرا الاسطوانة الانشائية القديمة ذاتها عن: "الامن والامان, النهضة العمرانية والاقتصادية, الرخاء, الانفتاح السياسي, حرية الصحافة والتعبير, المجتمع المدني..." في كردستان العراق, والخير والرفاه العارم, وهامش الحرية الذي ينعم به الشعب الكردي هناك. والغريب في الامر, ان من بين لفيف المدَّاحين لتجربة كردستان العراق وزعاماتها, من كان ينتقد الاحزاب الكردية هناك قبل سقوط نظام صدام حسين, بلا هوادة, متهما اياها بالعشائرية و"العمالة للخارج", والتخلف...الخ, وحاليا, انقلب المشهد رأسا على عقب. وصارت هذه الاحزاب عقلانية وبراغماتية, بعد ان خلعت لبوس الايديولوجيا, ونزلت من الجبال للسهول, وبدات تعمل تحت سقف المعقول...الخ. كل هذا التطور الهائل, طرا على كردستان العراق واحزابه خلال بضعة اعوام.. والحق, انه من حق رئيس الاقليم ان يستغرب حين يقرا هكذا تقريظات شاعرية في الحال السياسية الكردية العراقية, ويستفسر: هل هذا الكلام هو عن كردستان العراق ام عن سويسرا?.
والحقيقة الدامغة التي يعيها الكرد قبل غيرهم, ان مكتسباتهم في كردستان العراق, لم تاتِ ثمرةَ نزولهم من الجبال, وتخليهم عن المقاومة, وتبنيهم للبراغماتية, وتخليهم عن الايديولوجيا والشعارات الفضفاضة, على العكس من ذلك, كانت ثمرة التضحيات والنضالات الجبارة والمقاومة الباسلة في قمم الجبال. بالاضافة الى ان الايديولوجيا مازالت حاضرة بقوة في اداء الاحزاب الكردية, وبل حتى ان تركيبة الحزبين الرئيسين مازالت تعتمد على القبلية. كما ان حرب الخليج الثانية وتبعاتها امَّنت لاكراد العراق منطقة الملاذ الامن, وتاليا النزول من الجبال على المدن. ثم ان الحرب الاميركية على النظام العراق اجبرت الفريقين السياسيين الرئيسين في كردستان العراق على وضع خلافاتهما جانبا, وتشكيل حكومة موحَّدة, بضغط اميركي. والسؤال: لماذا التعامي عن هذه الحقائق?.
يُفترض ان يعي المثقف الكردي ان الدعم الحقيقي للتجربة الكردية الناشئة, لا يكمن في الانزلاق نحو تدبيج "المزاعم" حول هذه التجربة بين الحين والاخر, بل في البحث والتحرِّي عن مكامن الضعف والخلل والفساد والافساد, ونقدها بجراة, بعيدا عن المحاباة والزئبقية والانتقائية والتحايل على الذات والاخر. فاقل ما يقال في هذا المسلك: بانه مائع وارتزاق, ولا يمتُّ بايَّة اصرة بالمسؤولية الوطنية والقومية والاخلاقية والثقافية اتجاه نضالات الشعب الكردي وتضحياته ومكتسباته. ويُفترض ان لا يقع المثقف الكردي في المطب الذي وقع فيه المثقف العربي, حين كان يتغاضى عن عيوب ومثالب واخطاء انظمته السياسية, بداعي عدم "نشر الغسيل الوسخ" على الملا, بغية تفادي ان يتشفَّى فيهم الامبريالية والصهيونية واعداء الامة العربية. فكانت الشعوب والمجتمعات العربية ضحيَّة انظمتها, والانظمة ضحيَّة نخبها الثقافية والسياسية. فتحصين كردستان العراق من الداخل والخارج, لا يكمن في ان يصبح المثقف الكردي نسخة عن المثقف العربي الذي كان يقتات ويرتزق على موائد النظم العربية, بل يمرَّ عبر المكاشفة والصراحة والتخلي عن فبركة المزاعم, وصولا لان يصبح المثقف الكردي ضمير شعبه, لا ان يكون طيع امر السياسي, كفرشاةٍ تخفي عيوب التجربة بالطلاء اللامع الخادع.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
فضيحة ساحة النسور
افتتاحية
الخليج الامارات
المجزرة التي ارتكبها مرتزقة الاحتلال التابعون لشركة “بلاك ووتر” الأمريكية في ساحة النسور غرب بغداد الأحد الماضي يجب ألا تمر بلا حساب وعقاب، كما مر غيرها من مجازر ارتكبها هؤلاء القتلة بدم بارد، وبحق مواطنين عراقيين أبرياء لا ذنب لهم وى أنهم مصرون على البقاء في بلدهم رغم كل ما يتعرض له من قبل الاحتلال وفوضاه القاتلة منذ مارس/ آذار 2003 إلى الآن.

لا اعتذار كوندوليزا رايس أحد جنرالات الغزو يكفي ولا أي إجراء يلجأ إليه الاحتلال للالتفاف على ما يرتكب من جرائم، خصوصاً على أيدي مرتزقته الذين يعملون تحت اسم “شركات أمنية” أو “شركات حماية”، والمساءلة والمحاسبة والعقاب من شأنها على الأقل العمل على منع جراذم أخرى ووقف هؤلاء المرتزقة من العمل وطردهم من بلاد الرافدين.

إن مجزرة ساحة النسور فضيحة بكل ما للكلمة من معنى مثلها مثل ما سبقها في سجن أبوغريب، وغير ذلك من ممارسات الاحتلال ومرتزقته الذين يتعاطون مع العراقيين كأنهم ليسوا بشراً، ويطلقون النار عشوائياً، أصيب من أصيب، وقتل من قتل، لا فرق بالنسبة إليهم، لأنهم مجرمون محترمون، وما الذي يكونه المرتزق غير ذلك؟

ولا يكفي لجوء الحكومة العراقية إلى وقف ترخيص شركة “بلاك ووتر” مؤقتاً، بل المطلوب معاقبتها وتجريحها وجعلها تدفع الثمن هي ومرتزقتها القتلة، وكذلك وضع حد لها ولغيرها من شركات الموت هذه، لأن المكشوف من أعمالها خطير، والمستور أخطر بكثير، ولا يستبعد أن يكون لها دور في صناعة فوضى الموت والخراب في العراق، وفي زرع القتنة بين العراقيين، خصوصاً أن المرتزقة يمكن أن يقوموا بأي عمل، مهما كانت بشاعته أو حقارته، لأن المهم في النهاية، مثلهم مثل شركاتهم، هو جني المال على حساب أي شيء آخر.

وهذه القضية يجب ألا تضيع كما ضاعت قضية التعذيب في أبو غريب، وكل القوى العراقية مطالبة بالتوحد حول ضرورة محاسبة المرتزقة وشركاتهم وإنهاء وجودهم في العراق، عسى أن يخفف ذلك من عمليات القتل والتخريب التي يشهدها هذا البلد المحتل، والعمل في الوقت نفسه على محاصرة كل من يصنع الفوضى تحت سقف الاحتلال أو خارجه، لعل ذلك يساعد على بث قليل من الطمأنينة في نفوس العراقيين، علماً أن لا طمأنينة ولا سكينة ولا حياة في وجود الاحتلال.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
الاستراتيجية الأمريكية. . من نشر الديمقراطية إلى صراع المحاور
نهاد خشمان
الدستور الاردن

ادعاء غريب بالمثالية ما تدعيه الإدارة الأمريكية، فبعد 11 سبتمبر أعلنت أنها ستقضي على الإرهاب وستريح العالم منه، وفي خريف 2003 وبشكل مثالي أيضا أعلنت أنها ستسقط النظام الدكتاتوري في العراق الذي يرأسه صدام حسين وتقيم فيها نظاماً ديمقراطيا، انه على اثر ذلك ستكتسح الديمقراطية الشرق الأوسط وتنتشر وتطيح بباقي الأنظمة الدكتاتورية، كما أنها ستقضي على أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها النظام العراقي الذي يهدد المنطقة ويثير الرعب فيها وبالتالي سيعم المنطقة الأمن والاستقرار. وسيستمر ضخ صادرات النفط إلى العالم.

فلو سلمنا جدلا أن أمريكا تفكر بمثالية وهي في الواقع والحقيقة غير ذلك، فإنها من حيث المبدأ لا توجد في عالم مثالي، ولا هي في عالم يمكن إصلاحه بشكل مفاجئ ليسير على طريقتها ’’باعتبار أن ما تريده إصلاحا’’، أو يتبنى أفكارها حتى ولو من خلال بين قوسين ’’النوايا الحسنة والإرادة الناعمة للإصلاح والتغيير’’.

وهذا ما يدفعنا إلى طرح إشكالية حول مثالية الطرح وما يحتوي من منظومة للقيم وتطبيقاته العملية على المصالح النفعية، وما تريده الإدارة الأميركية في الواقع من المنطقة وشعوبها، وما يلزمهما لحماية مصالحها باعتبار أن لها مصلحة إستراتيجية في الشرق الأوسط ومجال حيوي لأمنها القومي ومصالحها الوطنية كل ذلك يطرح لائحة طويلة من الأسئلة: هل أن الولايات المتحدة تمثل صدقا منظومة القيم التي تتحدث عنها أو التي طرحتها؟ وهل هي حقيقة تستهدف الدكتاتوريات لبناء النظم الديمقراطية وبأي طريقة بالعنف أم بعمليات التغيير السلمية؟ وهل حقيقة إنها تستهدف الإرهاب للقضاء عليه واجتثاثه أم تعمل على تغذيته واستعماله على طريقتها؟ هل هي حقاً تريد شرق أوسط كمنطقة اَمنة ومستقرة خالية من الأسلحة على أنواعها؟ وهل تسعى لقيام تالف وتفاهم عقلاني في منطقة تقف على برميل من البارود أو تريد تفجيرها من أجل تحقيق نفوذ لها فيها.

أم باتت بحاجة للتراجع عن تصرفاتها، والعودة إلى العالم الواقعي لترى حقيقة ما تفعله هي وما تريده أنظمة المنطقة وشعوبها؟ تتشعب الأسئلة ولا يتسع المجال هنا لتبيانها، لذلك سوف نستعرض الممارسات الأميركية على ارض الواقع.

إن الولايات المتحدة والإدارة الحالية أعلنت عن نفسها أبانها رائدة الديموقراطيات والحريات في العالم من خلال الحرب على العرب والإسلام، تحت ذريعة الحرب على الإرهاب لإجتثاث جذوره، وحرب الحضارات وحرب تحضير الأ· لفرض الديمقراطية والليبرالية عليها، ومقولات إعادة بناء الأ· من خلال شرق أوسطي جديد بحسب تصورها له، لإقامة السلام والأمن الدوليين في المنطقة. مبتدعة تلك العناوين والمشاريع الرنانة لتغطية نزعتها الإمبراطورية والاستعمارية على المنطقة وللسيطرة على مقاليد الأمور فيها وعلى المنظمات الدولية لتسخرها لخدمتها، ووضع اليد على مفاصل الحراك الاقتصادي العالمي.

ولما عجزت عن إقناع العالم بهذه القيم والأفكار، إذا بها تنزلق لتكشف حقيقة مفاهيمها على ما اعتبر زلات لسان رئيسها وصقور إدارتها في اكثر من مكان مستعيدة ذريعة ورموز الحملات والحرب الصليبية بلغة تكفيرية واضحة ’’من ليس معنا فهو ضدنا’’ وتحولت للحديث عن المصالح القومية الإستراتيجية الأميركية التي جعلتها عارية وواضحة في أطماعها. وحين تبدت لها عدم القدرة على الانتصار في هذه الحرب بذرائع دينية وإيمانية وقيم حضارية اندفعت لإظهار أهدافها السافرة بدون رتوش أو لبوس تتلبسه، لتقدم نفسها على حقيقة ما تسعى إليه بأنها مصالح قومية استراتيجية أميركية فحسب ، تعتمد على سياسة تقسيمية وتفتيتية من محاور وحلفاء، يهدف إلى إبقاء المنطقة تجتر مخاوفها وتعيش هاجس الأمن والتوتر، بحيث يكون ماثلاً باستمرار للانخراط في تصور جديد ’’لصراع الحضارات’’ يكون الغرب خارجه ويوقد من نار مذهبية وطائفية بين ’’السنة والشيعة’’ يجري تصديره من الصراع الطائفي المتأجج في العراق. وتدفع ثمنه المنطقة ويستفيد منه كل الاَخرين غير دول وشعوب المنطقة.

لقد بدأت لهجة الإدارة الأميركية تنم عن الوضوح اكثر فاكثر عن استراتيجيتها التاريخية ، والتي تهدف لدعم قوى إقليمية لفرض قبول إسرائيل، وكان ظاهرا حين دافعت رايس عن الرفض الأمريكي لطلب إيقاف حرب إسرائيل ضد حزب الله في لبنان، مدعومة بتواطؤ دول عربية، قائلة إن النزاع مجرد ’’مخاض مؤلم لشرق أوسط جديد. ’’ خلافا لما جرى الإعلان عنه سابقا بانه يهدف لشرق أوسط تحركه حرب العراق، نحو ديمقراطية وحرية وإصلاح وتغيير في المنطقة. أجندة واشنطن الديمقراطية ’’ماتت وانتهت’’. وبات واضحاً أن هذه الذرائع هي كذبة كبيرة.

وتعزيزاً لاستراتيجية سياسة المحاور التي تعتمدها الإدارة الأميركية، أكدت رئيسة الدبلوماسية الأمريكية كونداليزا رايس في جولة لها إلى الشرق الأوسط، بعد ان كشفت واشنطن عن صفقة سلاح تصل قيمتها إلى 63 مليار دولار لإسرائيل وللدول العربية الحليفة في الشرق الأوسط، بقولها: ’’أن بلادها ستساعد حلفاءها في الشرق الأوسط لكي يتمكنوا من مواجهة خطر تصاعد القوة العسكرية الإيرانية. وأن الهدف من وراء صفقات السلاح الأميركي الهائلة مع السعودية وإسرائيل ومصر هو محاربة إيران وسوريا وحزب الله، والتزام جديد من أجل أمن شركائنا الاستراتيجيّين في المنطقة. أمّا حصة الأسد من المساعدات العسكريّة لإسرائيل، وقيمتها 30 مليار دولار والتي بحسب رايس ستؤمّن للدولة العبريّة ’’قدرة الدفاع عن نفسها’’، كما أنّ ’’تحديث’’ الترسانة العسكريّة للسعوديّة ومصر سترفع من قدرتي البلدين ’’في مواجهة التحدّيات التي يطرحها التطرّف’’ وستمتّن ’’دوريهما كقائدين إقليميّين’’ من أجل ’’مسعى السلام في الشرق الأوسط’’. وعلى لسان متحدث باسم البنتاغون أن صفقات السلاح ستؤمّن ’’تمتين القدرات الدفاعيّة لشركائنا من خلال رزمة تكنولوجيا عسكريّة ستدعم قدراتها على تأمين السلام في الخليج العربي’’.

وبهذه التصريحات تكون قد أطلقت مرحلة جديدة للتأزم والتمترس في المنطقة، من إشعال حرب باردة وسباق للتسلح، الى وضع الأطراف في المنطقة في مواجهة بعضها البعض ، وفي محاور متواجهة، بعد أن كانت تعيش حالة من المساكنة الهادئة على اقل التقديرات في علاقاتها مع بعضها البعض . وبذلك تكون قد جعلت من الشرق الأوسط منطقة غير اَمنة وغير مستقرة ومليئة بالأسلحة وأكوام المتفجرات على أنواعها.

ويكمن خطر هذه الاستراتيجية التي تسعى لفرضها في الشرق، لتشكيل حلف يجمع بعض الدول العربية مع الكيان الصهيوني، بان هذه الدول وان تحركت بإيجابية في البداية مع الطروحات الأمريكية، إلا أنها ستجد نفسها أمام معضلة حقيقية وحرجة، تتمثل اما برفضها لشراء الأسلحة، وبذلك تكون قد حرمت نفسها من وسائل مفيدة للدفاع المشروع عن النفس ، والذي سيعرضها لانتقاد الولايات المتحدة وتحميل هذه الدول مسؤولية الامتناع عن الحصول على الأسلحة ووسائل الدفاع، وفي حال قبول دول المنطقة صفقة الأسلحة المعروضة، سيؤدي ذلك إلى زيادة تفاقم تعقيدات الوضع الجيو- سياسي في المنطقة.

كما انه سيعقد القضايا المستعصية في الشرق الأوسط ولن تجد لها طريقا للحل والمعالجة، وسيقود إلى مزيد من التدهور والتأزم، والسعي إلى امتلاك المزيد من الأسلحة. وإشاعة أجواء ’’حالة الحرب’’ فى المنطقة سيفضي إلى تأزيم العلاقات بين دول المنطقة، لاسيما بين إيران ومن معها وجيرانها العرب. ولن ننسى تهديدات التطرف وقدراته التي ستتفاعل وتنمو وتنشط بشكل دراماتيكي لزعزعة الاستقرار والأمن، الذي يؤرق الجميع ولا تنفع معه الصواريخ الموجهة بالأقمار الاصطناعية والطائرات المقاتلة.

والأخطر من ذلك كله في حال نجح اكتمال بناء، سيكون دور هذا السلاح والمهمة التي سيتطلع بها هذا الحلف الهجين هو حماية الكيان الصهيوني، وتحويل هذه الدول العربية المنضوية في هذا الحلف إلى دروع حماية، تكون فيها خط الدفاع الأول عن إسرائيل، بحيث يصبح الكيان هو بمثابة القلب لهذا الحلف وتصبح الحافة الأمامية للدفاع عن حدوده، هي حدود الدول العربية المنضوية في هذا الحلف، وإلا ما مدى وجود أولوية لتلك الأسلحة؟ خاصة انه ليس خافيا في واشنطن والعالم ان صفقات السلاح التي يقررها البنتاغون أو الإدارة الأميركية لبعض الدول وبالأخص دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، تتعرض لاعتراضات حادة داخل الكونجرس من مراكز الضغط السياسية وبالأخص اللوبي الصهيوني وموافقته على هذه الأسلحة خاصة أن إسرائيل تخلت عن معارضتها التقليدية لمثل هذه الصفقة. وهذا ليس كرما لعيون دول المنطقة، بل لأجل دور كبير رسمت سياسته الولايات المتحدة لقيام إسرائيل العظمى، التي تصل حدود هيمنتها ولو أمنيا على الأقل إلى أراضى الدول العربية، بحيث يصبح الصدام مع إسرائيل يفترض أن يبدأ مع دول هذا الحلف العتيد.

في الوقت الذي تهدر فيه حقوق الشعب الفلسطيني ويذبح ويجوع يومياً، ويدفع به نحو الصدام والانقسام الداخلي في محاولة إخضاعه للتنازل عن حقوقه، تحت حجج مكافحة الإرهاب وفرض ظروف الخضوع لإملاءات إسرائيلية على عملية السلام التي يروج لها.

على هذه الإدارة الأمريكية أن تدرك أن المشكلة في المنطقة ليست مشكلة ديمقراطية وحرية ولا سلام، بل التأييد الأعمى غير العادل والمنحاز للنظام الصهيوني إلى جانب تحالف مقدس بين شركات النفط والسلاح مع الإدارة الأميركية لتحقيق أرباح ومليارات الدولارات التي تستبدل بأثمان غالية من دماء العرب ودماء الجنود الأميركيين.

وان سعي أمريكا وإسرائيل ومن يتحالف معهما لتحقيق التوازن العسكري والتسلح المنشود سعي لا طائل منه، اذ لم تحتاج المقاومة في لبنان او فلسطين لكل هذا الكم من السلاح لتضح حدا للغطرسة الإسرائيلية، وتفرض عليه حالة من التوازن والردع. كما أنه ليس هناك ثمة تهديد عسكري يبرره، وإسرائيل ليست بحاجة إليه ولن يحميها على المدى الطويل، بل هي محتاجة الى رؤية سياسية أو إرادة سياسية للتوصل إلى تسوية عادلة تعيد اللاجئين والحقوق للشعب الفلسطيني، وتعالج الصراع القائم في المنطقة. بات على الولايات المتحدة أن تنظر إلى الواقع بنظرة جديدة ومختلفة لسياستها في المنطقة، وتراجع تصرفاتها وتنظر إلى حقيقة ما تريده شعوب المنطقة، لأن هذه السياسة ستدفع بدول الممانعة إلى مزيد من التشدد والتسلح والتهيؤ للحرب. في الواقع ليس ما ينقص منطقتنا غياب تصور سياسي واضح لتفاهم قادر على إرساء قواعد الاستقرار الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وتجنيبه الصراعات المحدقة به.

فإلى متى يبقى قدر المنطقة الاستمرار بدفع الثمن الكبير بسبب جشع وطمع دولي من جهة ومن نظم سياسية فاسدة، مصرون على توريطها مص دمها حتى اَخر قطرة. في مذابح دموية و

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
بترايوس وكروكر و"طبخة البحص
أحمد إبراهيم
الخليج الامارات
“الطنجر” هو الاسم الشعبي للقدر (بكسر القاف)، أو “جدور” الضغط للطبخ السريع على البخار والتي لا تسمح بالكشف عما بداخلها من محتويات، أو تسرب محتوياتها لمن يلتف حولها من الجياع المنتظرين الذين يكتفون بشم نكهات البهارات. إنها طبخة لا يكشف النقاب عن مكوناتها ومقبلاتها ومتبلاتها إلا من خلال طهاتها المخضرمين والمخولين بالتذوق للتأكد من مقادير الملح والفلفل والتوابل.. لكن تبين لاحقاً بعد رفع الغطاء وكشف الطبخة أنها كانت “طبخة بحص”.

هكذا طبخة تم تقديمها على سفرة عراقية مساء الثلاثاء الماضي ولكن على يد طهاة أمريكان حيث جدد قائد القوات الأمريكية بالعراق الجنرال بترايوس والسفير الأمريكي كروكر ايان قلقهما بشأن أداء الحكومة العراقية، فعبر السفير عن قلقه العميق إزاء الطبخة ومحتوى طنجرة الضغط، خشية ألا تروق للعراقيين، لكنه عاد ورطب السفرة بتوابل اعتبرها البيت الأبيض “علامة صحية”، ثم أعلن قائد القوات الأمريكية في العراق أنه “مضطر جداً” للتوصية باستمرار زيادة القوات إذا استمر الوضع كما هو عليه الآن.

هاتان الملاحظتان هما أبرز ما تم استنتاجهما في شهادة كل من السفير كروكر والجنرال بترايوس أمام الكونجرس الذي انصاع لمضمون تقريريهما اللذين أشارا فيهما إلى أن العقبات مازالت كثيرة، ولكن الضوء بدأ يظهر في آخر النفق العراقي.

تزامنت “طبخة البحص” هذه مع الذكرى السادسة لهجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على أبراج نيويورك، وهو ما انتهزه السيناريو روس فيتغولد للسؤال عما إذا كانت الطبخة العراقية أهم من الطبخة الباكستانية في الحرب على القاعدة، من دون أن يلقى جواباً عن ذلك من بترايوس وكروكر، ولعلهما أدركا أن الأرضية الباكستانية مازالت غير جاهزة “للطنجر” الأمريكي قبل أن يخلع برويز مشرف بزته العسكرية طواعية، أو تحل محله بنازير بوتو لتتبوأ منصب رئاسة الوزراء للمرة الثالثة، هذا إذا تم السماح لطائرتها بالهبوط على مدرج مطار كراتشي يوم الثلاثاء 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2007.

وتناغمت مع أصوات الطهاة الأمريكيين في بغداد أصوات متضاربة في الكونجرس، فهناك من فسر الموقف ب “عمى العراق”، وأردف آخر قائلاً: “من وجهة نظري مقاتلة القاعدة هي الأهم”، ولخصه ثالث: ب “أن عراقاً مستقراً وآمناً وديمقراطياً يمكن الوصول إليه قريباً”. وأعقبته كبيرتهم بيلوسي بأن “الولايات المتحدة لا يمكنها الاستمرار في حرب بلا نهاية، وأن الوقت قد حان لإعادة ما تبقى من القوات الأمريكية إلى قواعدها سالمة غانمة”.

هنا وضع الجنرال ديفيد بترايوس آخر نكهات توابله الدبلوماسية على الطبخة بقوله: “إن قادة العراق يريدون مزيداً من السيادة والوحدة والتوافق، وإن وجود القوات الأمريكية في العراق قد يحقق هذه الوحدة وتلك الديمقراطية خلال عام 2008”، ولعلها صدفة أن التيار الصدري أعلن في اليوم نفسه الانفصال عن “الائتلاف الموحد” احتجاجاً على الوجود الأمريكي الأجنبي في العراق.

قرأت قبل فترة على أحد المواقع الإلكترونية تقريراً منسوباً للبنتاجون أشار إلى ان ربع مليون بندقية أمريكية اختفى نصفها قبل توزيعها على الجنود، ثم ظهرت نفس البنادق في أيادي المسلحين ممن يمارسون الصراعات العرقية والقبائلية والطائفية.. إنها نكهة أخرى للطبخة الأمريكية ذاتها، أي المضي في إشغال العراقيين بأنفسهم من سنة وشيعة وأكراد وتركمان، وانشغال الاحتلال بالطناجر التي تطبخ على النفط والمعادن والثروات، حتى وإن خرج الاحتلال يوماً من العراق فماذا يبقى في العراق لأهل العراق؟

أمريكا إن أرادت فعلاً طبخة شهية وصحية للطرفين وليس “طبخة بحص” فهي قادرة على ذلك قبل غيرها، وهي الأدرى بتوابلها الصحية قبل غيرها، لأنها كما تحمل شعلة الديمقراطية على أرضها عليها أن تحملها أيضاً في بلاد الآخرين، لأن إضاءة أنوار الديمقراطية تضيء الطريق أمام الشعوب، وإن إطفاء هذه الأنوار هو الذي جعل العراقيين يضلون الطريق في شوارع بغداد والرمادي والفلوجة في وضح النهار.

أمريكا تستطيع أن تكون صديقة الشعوب وعلى رأسها الشعب العربي المجبول على الوفاء والمحبة، هذا إذا أرادت، وتمسكت بقيم الحرية والديمقراطية والعدالة فعلاً، وتخلت عن سياسة القوة وأحلام الامبراطورية، والدعم الأعمى للكيان الصهيوني، والإصرار على ضمان تفوقه، وتأييد اعتداءاته وعربدته، وتأمين مظلة الدعم السياسي له في المحافل الدولية لحمايته من قرارات الشرعية وتشجيعه على عدم تنفيذها.

إن الحريات أينما دخلت أدخلت معها الرخاء من الباب وطردت الفقر من الباب الآخر، كما إن الديمقراطية إن عمت عم معها الأمن والأمان، وهرب منهما الفوضى والتخريب، والعدل حيثما وجد جاوره السلم والحب، والظلم حيثما وجد جاورته نار الظلام.

هذا ما تؤمن به الشعوب في كل مكان، وعندما تسلك أمريكا طريق الديمقراطية والحرية والعدالة فعلياً، فلا يهم بعد ذلك بأي قدر تطبخ، ومن يشرف على الطبخ.. وبالتأكيد لن تبقى الطبخة.. “طبخة بحص”.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
أين تصورنا لعراق المستقبل؟
د.شملان يوسف العيسى
الوطن الكويت

قدم قائد قوات »التحالف« في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس وسفير الولايات المتحدة في بغداد ريان كروكر، تقريرهما للكونجرس الامريكي، وخضع الجنرال والسفير الى تساؤلات عديدة وطلب منهما تفسير للعديد من الاسئلة التي كانت على بال اعضاء الكونجرس..ما اكده المسؤولين الامريكيان في العراق هو ان هناك تقدما فعليا على الصعيد العسكري، وان كان بطيئا، ولكن هناك قضايا سلبية تتعلق بالبعد السياسي حيث فشلت الحكومة العراقية في تحقيق الوفاق المطلوب بين الفرقاء العراقيين. ما يهمنا هو ان الجنرال والسفير اكدا بان العراق والمنطقة سيواجهان مشاكل عديدة في حالة الانسحاب الامريكي من العراق مبكرا، كما اكدا ان مشاكل العراق تحتاج الى وقت قبل ان تستقر الامور.
الاهتمام بالعراق ومستقبله ازداد في الفترة الاخيرة بسبب اشتداد الحملة الانتخابية بين الحزبين »الديموقراطي« و»الجمهوري« لقرب الانتخابات في العام القادم، لذلك لا غرابة في بروز عدة تقارير امنية تخص العراق. فهناك دراسات مولها الكونجرس الامريكي واخرى بطلب من الادارة الامريكية، كل هذه الدراسات تحاول الاجابة على عدة اسئلة محورية، هل ننسحب من العراق؟ متى ننسحب؟ وما هي الفترة الزمنية المطلوبة لذلك الانسحاب؟ وهل ستهدأ الامور في العراق بعد الانسحاب؟ وماذا عن المصالح الامريكية في المنطقة، هل ستتأثر؟
من متابعة كل هذه التقارير الامنية المتنوعة، يخرج المراقب بانطباع قوي بان الولايات المتحدة مهتمة فعلا بالعراق ومستقبله، لكن مشكلة السياسة الامريكية الان، هي كيفية التعامل مع الحكومة العراقية التي عجزت الولايات المتحدة عن اقناعها باجراء تغييرات لتحقيق حكومة الوفاق والسلام.
الولايات المتحدة ركزت في الفترة الاخيرة على الاجهزة الامنية العراقية، وتحديدا الجيش والشرطة والاستخبارات، وكان الهدف هو معرفة مدى التزام هذه الاجهزة بمدى قدرتها على تولي مسؤولياتها بعد الانسحاب، وهل يمكن الاعتماد عليها؟ التقارير الامنية الامريكية المتعددة تشير الى حقيقة ان الجيش وضعه افضل من اجهزة وزارة الداخلية، فوزارة الداخلية العراقية مخترقة من الميليشيات الشيعية المختلفة، وان ايران لها نفوذ قوي داخل هذه الاجهزة، لذلك هناك تفكير لاعادة النظر في هذه المؤسسة الامنية المهمة.
الولايات المتحدة طرحت تصوراتها وخططها لعراق المستقبل، ماذا عن دول الخليج العربية؟ هل لديها تصور خليجي مشترك لمستقبل العراق؟ وماذا سيكون دورنا بعد الانسحاب الامريكي، خصوصا ان هناك قلقا في الكويت بعد انسحاب القوات البريطانية من البصرة؟
مجلس الوزراء الكويتي بحث الوضع الامني على الحدود العراقية ـ الكويتية والمخاوف الناجمة عن الانسحاب العسكري البريطاني، فقد خلق ذلك الانسحاب استنفارا سياسيا وامنيا في الكويت لمواجهة فلتان امني محتمل على الحدود، فالجانب العراقي من الحدود اصبح تحت رحمة الميليشيات، بدءا من »فيلق بدر« و»جيش المهدي«، وهؤلاء لديهم اجندتهم الخاصة بهم.
هل تملك دول الخليج تصورات او دراسات وبحوثا تبين التحركات الخليجية القادمة، وكيفية التفاعل مع الاحداث؟ ام ان دول الخليج تكتفي بالبيانات التي تصدر بعد مؤتمرات القمة والتي تدعو وتطالب الحكومة العراقية بتعزيز الوحدة ا لوطنية والابتعاد عن الحرب الطائفية وادانة الارهاب في العراق؟ وهل البيانات تكفي لانقاذ العراق؟
دول الخليج في رأينا، قد قصرت كثيرا في دعم ومساندة اللاجئين العراقيين الذين نزح معظمهم الى ايران وسورية والاردن، وقليل منهم لدول الخليج واوروبا والولايات المتحدة.
نتفهم ان تكون دول الخليج متخوفة من انهيار الاوضاع في العراق، لكنها مع الاسف، وقفت متفرجة على ما يحدث تنتظر الموقف الامريكي..لقد ان الاوان لتوحيد صفوفنا تجاه ما قد يحدث في العراق وايران.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
اليانكي" أباطرة في عقول العرب وحدهم
فيصل جلول

الخليج الامارات
نشرت صحيفة “لو كانار انشينيه” الأسبوعية الفرنسية الساخرة في عددها الفائت برقية من السفارة الفرنسية في بغداد قالت إنها حظيت بإجماع فريق المخابرات الخارجية العامل في بغداد فضلاً عن دبلوماسيي السفارة الفرنسية في العاصمة العراقية. تنطوي البرقية على تفاصيل متعلقة بزيارة جورج بوش الخاطفة لقاعدة “عين الأسد” في محافظة الأنبار، ولعل من المفيد الإشارة إلى الفقرة الأبرز فيها.. هبط بوش في قاعدة الأسد الواقعة على بعد 180 كلم من العاصمة العراقية. ولضمان سلامته انتشر آلاف من مشاة البحرية على مسافة 27 كلم وفي المساحة نفسها كانت الحراسة الجوية مكثفة بواسطة المروحيات وطائرات الرصد من دون طيار. واستدعى بوش مساء على جناح السرعة رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الجمهورية جلال الطالباني والزعيم الكردي مسعود البرزاني فضلاً عن زعماء العشائر المنضمين حديثاً للقوات الأمريكية في الأنبار ومن بينهم عبد الستار أبو ريشة وهو زعيم عشائري شاب (36 عاماً)” جمع ثروة طائلة من خلال قطع الطرق وعمليات التهريب بين العراق والحدود مع سوريا والأردن. بوش أراد أن يظهر من خلال هذه الزيارة سيطرته على محافظة الأنبار المتمردة في محاولة لإقناع الكونجرس والأمريكيين أن النجاح ممكن في العراق.

بعد مضي أيام على لقائه مع بوش سقط أبوريشة صريعاً بانفجار استهدف سيارته ليتضح أن ما بناه الرئيس الأمريكي خلال عام في الرمادي انهار في يوم واحد، وبالتالي تبدد معه حلم “النجاح” الموهوم في بلاد الرافدين. بيد أن أخباراً أخرى لا تقل سوءاً كانت في طريقها إلى البيت الأبيض.

بعد أيام من زيارة الرمادي صدر كتاب آلان غرينسبان الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي والذي كان يعد حتى العام الماضي الشخصية الثانية الأقوى في الولايات المتحدة بعد بوش. وفي كتابه يكشف النقاب عن أن واشنطن شنت الحرب على العراق من أجل النفط معتقدة أن نظام صدام حسين يشكل تهديداً لإمدادات النفط شرق الأوسطية، ويلاحظ غرينسبان أن سوء إدارة بوش أفضى إلى عجز قياسي في الموازنة العامة وصل إلى 413 مليار دولار عام 2004.

بعد غرينسبان كان على بوش أن يتلقى آثار المزاج المتعكر ل “توماس فريدمان” صاحب الافتتاحيات الشهيرة المؤيدة للحرب على العراق، ومن بينها افتتاحية حول “الإصبع العراقية البنفسجية التي ستغير مصير الشرق الأوسط” فريدمان صار من أشد المنتقدين لسياسة بوش العراقية إلى حد أنه يصادق في تعليقه الأخير على أن رئيس بلاده تنازل في خطابه الإذاعي في لحظة واحدة تنازلاً مزدوجاً عن مسؤولياته مخلياً السبيل للجنرال ديفيد بترايوس ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ليحلا محله. فقد ترك شأن إدارة وتسيير الحرب للجنرال بترايوس، بينما وقع على المالكي عبء وضع الجدول الزمني للانسحاب، في حين أصبح متروكاً ل”الديمقراطيين” تقرير الكيفية التي يضعون بها حداً للحرب بمجملها. ويضيف فريدمان مؤكداً ما جاء على لسان النائب الجمهوري “آيك سكيلتون”، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، إذ قال في مقدمة حديثه: “علينا أن نضع في الاعتبار الأمن الشامل وليس الجزئي لأمتنا، ونحن نناقش هذه الحرب. ومن مسؤوليتنا هنا في الكونجرس، وبموجب نصوص وأحكام الدستور، أن نؤمن قدرة الجيش الأمريكي على ردع أية مخاطر أمنية على بلادنا، وأن يكون قادراً على بسط هيمنته وسيادته، في أي بقعة من بقاع الأرض تهدد فيها مصالحنا الحيوية. ولا شك في أن العراق يمثل جزءاً مهماً من هذه المعادلة، إلا أنه يظل جزءاً منها فحسب وليس الكل. وعندما ترسل بلادنا 160 ألفاً من مقاتليها إلى العراق وحده، فإن ذلك يعنى أن كل هذا العدد الضخم من مقاتلينا لم يعد متوفراً لابتعاثه إلى مهام أخرى حول العالم”.. هكذا لم يعد لدى بوش من يكتب معه.. حتى فريدمان.

عندما يضطر زعيم القوة العظمى في العالم إلى التسلل خفية إلى بلد يحتله 160 ألف جندي أمريكي وتقف على مقربة منه ثلاث من حاملات الطائرات الأضخم في العالم، وعندما يضطر إلى استدعاء “حكام العراق” على عجل إلى لقاء من دون إن يخطرهم مسبقاً بزيارته لعدم ثقته بهم. وعندما يصل به الأمر إلى حد الرهان على “صورة” تجمعه مع أحد أمراء الحرب المحليين لإقناع الرأي العام والكونجرس في بلاده ثم يعلن أن “الانتصار ممكن في العراق” فلا تصمد ذريعته الوحيدة أربعة أيام بعد الصورة، وعندما يقول فريدمان إن رئيسه يلقي بمسؤولياته العراقية على موظفيه العسكريين وعلى “حكام” العراق الذين يدينون ببقائهم لجيشه، وعندما يصل فضح حجج الحرب الحقيقية إلى لسان الرجل الأقوى في أمريكا بعد الرئيس، عندما يحدث ذلك كله في أسبوع واحد فإنه لا يتيح إلا استنتاجاً واحداً هو أن القوة العظمى في العالم باتت أشبه بأسد كهل ما زال يحتفظ بكامل أنيابه ومظهره الخارجي لكنه عاجز عن الإمساك بفريسته.

في كتابه الصادر قبل أربع سنوات بعنوان “ما بعد الإمبراطورية” توقع الباحث الفرنسي إيمانويل تود أن تكون حرب العراق الرقصة الأخيرة “لليانكي” في العالم، مستنداً إلى حجج اقتصادية وسياسية وإلى نظام العلاقات الدولية ولو أراد اليوم متابعة بحثه لأضاف إليه السؤال التالي: هل سبق أن انتقد “حاكم” تابع إمبراطوره بالسهولة التي ميزت انتقاد نوري المالكي لجورج بوش مطالع الصيف الماضي؟ ولعله يستنتج أن الإمبراطورية الأمريكية ربما لم تعد قائمة إلا في عقول العرب الخاضعين وحدهم.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
لا حل إلا بتنحية بوش ومحاكمته كمجرم حرب

حسن نافعة
الحياة

وسط ضجة إعلامية لا مثيل لها، وتحت سمع وبصر العالم كله، ناقش الكونغرس الأميركي تقريرا أعده رايان كروكر، سفير الولايات المتحدة، والجنرال بترايوس، قائد القوات الأميركية في العراق. وتوصل هذا التقرير إلى خلاصة مفادها «أن الوضع في العراق ما زال تحت السيطرة بل ويشهد تحسنا في النواحي الأمنية وبالتالي لا يوجد مبرر للقلق وما على الشعب الأميركي إلا أن يتحلى بقليل من الصبر ليصبح النصر هناك في متناول اليد». وأظن أن هذه الخلاصة هي في ذاتها رسالة سياسية موجهة للداخل الأميركي وتضفي على هذا التقرير طابعا تبريريا تجعل من مناقشته أمراً لا قيمة له وكل ما ورد فيه من أرقام وإحصاءات ورسوم بيانية ومصطلحات حمالة أوجه.

ولأن التقرير صادر عن موظفين تابعين للإدارة الأميركية ومسؤولين عن تنفيذ سياستها في العراق، بشقيها الديبلوماسي والعسكري، فلم يكن من المتوقع على أي حال أن يتضمن تقييما موضوعيا ومحايدا لهذه السياسة. ومع ذلك فلهذا التقرير أهمية كبرى باعتباره كاشفا لحقيقة نوايا إدارة بوش واتجاهات تفكيرها في المرحلة المقبلة. فلو كانت هذه الإدارة مستعدة حقا لتغيير مسار سياستها في العراق لانتهزت المناسبة للاعتراف ببعض ما ارتكبته من أخطاء في الماضي ولأرسلت من خلال هذا التقرير إشارات توحي بأنها استخلصت منها دروسا يمكن أن تعينها على تجنب الوقوع في المزيد منها مستقبلا. غير أن ما حدث كان العكس تماما. فالتقرير جاء ليؤكد، صراحة أو ضمنا، أن السياسة المتبعة في العراق كانت وما تزال صحيحة ولم يبق إلا الإصرار على المضي قدماً في الطريق ذاته للوصول إلى الغاية المنشودة وجني الثمار كاملة في النهاية.

لقد تعمد التقرير عند تشخيصه وتحليله للأزمة الراهنة البعد عن الغوص في جذورها وأسبابها التي تقطع بأن غزو العراق استند إلى معلومات مضللة وأن السياسة التي رسمت لإدارته في مرحلة ما بعد الغزو والاحتلال بنيت على فرضيات غير صحيحة، ولذا فقد تعذر عليه تماما تبين السبل الحقيقية الكفيلة بمعالجة هذه الأخطاء. ولأنه تعمد أن يحصر نفسه في «البعد الأمني» للأزمة، باعتباره المعضلة التي يتعين أن يعثر لها على حل، فقد كان من الطبيعي أن يدخل التقرير في تفاصيل لا تسمن ولا تغني من جوع لإثبات أن العنف في العراق انخفض منذ قرار الرئيس بوش زيادة عدد القوات العاملة في العراق!

لقد أصبح واضحاً تماماً الآن، وبما لا يقبل أي مجال للجدل، أن تقرير كروكر - بترايوس لم يستهدف سوى شيء واحد وهو تبرير قرار بوش بزيادة أعداد القوات العاملة في العراق، بدلاً من خفضها كما كان يقترح تقرير بيكر - هاملتون. دليلنا على ذلك أن بؤرة الاهتمام في هذا التقرير تركزت على محاولة إثبات أن زيادة أعداد القوات العاملة هي التي أدت إلى تحقيق «نجاحات وإنجازات» أمنية ملموسة والتي لولاها لاستحال التفكير في أي سحب، ولو جزئي، للقوات. بعبارة أخرى يمكن القول إن إدارة بوش حاولت استخدام هذا التقرير كأداة للتظاهر، ولو بطريقة ملتوية، لتفهمها لموقف الرأي العام الأميركي من قضية الانسحاب. فما إن صدر التقرير حتى راحت إدارة بوش تؤكد أن الانجازات الأمنية التي تحققت تمكنها الآن من سحب بعض القوات العاملة فورا من دون الحاجة لإحلالها بقوات أخرى والشروع في سحب منظم لأعداد قد تصل بحلول الصيف المقبل إلى حوالي ثلاثين ألف جندي. غير أن هذه الإدارة لم تنتبه إلى حقيقة أنها أفصحت بهذه الطريقة، من حيث لا تدري، عن الأسباب التي دفعتها من قبل لاتخاذ قرارها بزيادة أعداد القوات بدلا من خفضها. فمن الواضح الآن أنها لجأت إلى هذا التكتيك كوسيلة لتفادي أي تخفيض لأعداد القوات التي تريد أن تحتفظ بها على نحو دائم في العراق!

نحن إذن أمام مناورة تكتيكية هدفها التضليل والانحناء قليلا أمام العاصفة، من خلال الإيحاء بأن عملية الانسحاب التي يطالب بها الرأي العام بدأت بالفعل، على أمل تجاوز مرحلة الانتخابات الرئاسية الحرجة والتي توشك حملتها أن تبدأ رسميا، ومنح أعضاء الكونغرس من الجمهوريين زادا يبقيهم على قيد الحياة ويمكنهم من الصمود في وجه هجوم ديموقراطي كاسح يحاول استغلال ما يجري في العراق لضمان الفوز بمقعد الرئيس.

وفي تقديري أنه ما كان يمكن لإدارة بوش أن تقدم على مناورة مكشوفة من هذا النوع لو لم تكن واثقة من انعدام الخيارات والبدائل المتاحة أمام الديموقراطيين لحملها على تغيير المسار وإجبارها على انتهاج مسار آخر يتعارض مع رؤيتها وقناعاتها الأيديولوجية. ومن شأن هذا الوضع منح بوش وعصابته فرصة إضافية ليس فقط للاستمرار في السياسة المتبعة تجاه العراق ولكن للمضي قدما نحو تنفيذ مخططات أوسع ترمي لإقامة شرق أوسط جديد، بما في ذلك احتمالات توجيه ضربة عسكرية لإيران أو حتى ضربة عسكرية كاسحة ومتزامنة لكل من إيران وسورية و «حزب الله» و «حماس»! وهنا مكمن الخطر. فالمشكلة التي يواجهها العالم الآن لا تكمن في وجود إدارة أميركية متطرفة تشكل خطرا على الأمن العالمي، بما في ذلك أمن الولايات المتحدة نفسها، ولكن أيضا في عجز النظام السياسي الأميركي عن التعامل مع هذه الإدارة الحمقاء بطريقة تمكنه من تجنب شرورها المقبلة! وتلك مسألة مهمة ينبغي أن نتوقف عندها بقدر أكبر من التحليل لأن المعضلة الحقيقية لم تعد تتعلق بكيفية تصحيح أخطاء تم ارتكابها في الماضي وإنما بكيفية منع الإدارة الحالية من ارتكاب حماقات جديدة أكبر وأخطر. ولذا تبدو الكرة في ملعب النظام الأميركي أكثر مما تبدو في ملعب بوش.

من المعروف أن في حياة المجتمعات، خصوصًا في المراحل التي تشهد تحولات تاريخية كبرى، لحظات قلق أو عدم يقين تسلم فيها القيادة لمن ليس أهلا لها. غير أنه يفترض في النظم السياسية الديموقراطية المخضرمة، ومنها النظام الأميركي، أن تحتوي ما يكفي من آليات الرقابة والضبط لكبح جماح أي أهواء شخصية أو نزعات ديكتاتورية ولمحاصرة الأيديولوجيات المتطرفة وبالتالي تصحيح ما قد يرتكب من أخطاء أو منع التمادي فيها، إن وقعت، والحيلولة دون تسببها في أزمات وكوارث كبرى. غير أن ذلك لم يكن للأسف حال النظام السياسي الأميركي منذ انتخابات عام 2000 والتي فاز فيها رجل محدود الخبرة والقدرات ومتطرف أيديولوجيا بأهم وأخطر منصب في العالم بحكم من المحكمة الفيدرالية العليا، على رغم حصول منافسه آل غور في هذه الانتخابات على عدد أكبر من إجمالي أصوات الناخبين. فبعد أشهر قليلة من تولي هذا الرجل لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة وقعت أحداث استثنائية خلقت جواً هستيرياً من الخوف والكراهية مكن نخبة أيديولوجية متطرفة من السيطرة على آليات النظام برمته واختطافه وتوظيف إمكاناته الهائلة لخدمة أجندة سياسية حمقاء. وربما يكون الحزب الديموقراطي المعارض وجد نفسه مضطرا للانحناء أمام العاصفة الهوجاء خشية التشكيك في «وطنيته» وللتأكيد أنه لا يقل حرصا على الأمن القومي، غير أن النظام السياسي الأميركي كله بدا وكأنه أصيب بالعطب. فقد أصبحت ساحته خالية إلا من عصابة فقدت رشدها وراحت تضرب في كل مكان محاولة بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة التمكين لمشروعها الخاص للهيمنة على العالم تحت ستار «الحرب الكونية على الارهاب».

كانت بعض القوى والتيارات السياسية داخل الولايات المتحدة وخارجها حاولت التماس الأعذار للرئيس بوش وتبرير قراره لشن الحرب على أفعانستان. وربما كان لهذه القوى بعض الحق في اتخاذ مثل هذا الموقف، بالنظر إلى ما قام به تنظيم «القاعدة» ومساندة حركة «طالبان» لها. غير أن تلك الأعذار كلها ما لبثت أن سقطت بعد أن راح البيت الأبيض يصوب آلة حربه الجهنمية نحو العراق ويوزع التهديدات يمينا وشمالا ضد كل من يخالف سياساته في المنطقة وخارجها. ومع الانكشاف التدريجي لما خفي من سلوك إدارة تتصرف بمنطق العصابات وليس بمنطق السلطة التنفيذية المسؤولة، بدأ حاكم البيت الأبيض يبدو لكثيرين كرجل فقد عقله وأصبح مستحقا لإقامة دعوى الحجر عليه. وفي سياق كهذا كان من الطبيعي أن يخضع النظام السياسي الأميركي لاختبار قاس بدا وكأنه غير قادر على اجتيازه وربما على وشك الرسوب فيه بالفعل! فكل الجرائم التي ارتكبتها إدارة بوش أو «عصابة البيت الأبيض» لم تكن، على كثرتها، كافية لتحريك آليات النظام لشلها ومنعها من التمادي في غيها. وعلى رغم ما يبديه الحزب الديموقراطي حاليا من يقظة مفاجئة إلا أن هذه اليقظة جاءت متأخرة ولا تبدو غير كافية لمحاصرة ناهيك عن علاج ما وقع من ضرر.

يفترض في النظم الديموقراطية العريقة كالنظام الأميركي أن تتحرك على الفور لمحاسبة حكامها حين يثبت بالدليل القاطع أنهم كذبوا على شعوبهم وتعمدوا خداعهم وتضليلهم ولجأوا إلى اكثر الأساليب خسة ودناءة لتبرير حرب غير مشروعة على بلد عضو في الأمم المتحدة ضد رغبة مجلس الأمن ورغم أنفه. غير أن النظام الأميركي لم يحرك ساكنا، ولفترة طويلة بدا وكأنه على استعداد لابتلاع الإهانة وغض الطرف عن كل القيم التي داسها حكامه بالأقدام لو كان هؤلاء نجحوا في الإفلات بعملية سطوهم المسلح على العراق بأقل الخسائر الممكنة. وفي هذا السياق وحده يمكن فهم لماذا لم تتحرك مؤسسات النظام الأميركي ولماذا فشل الحزب الديموقراطي المنافس في تحريك الرأي العام وتعبئته للضغط لوقف الحرب على العراق خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2004، كما يمكن فهم لماذا استطاع بوش أن يقنع الناخب الأميركي بتجديد الثقة به لولاية ثانية وبأغلبية ساحقة هذه المرة.

ما زلت أتذكر مقالا كتبته قبيل هذه الانتخابات طالبت فيه الشعب الأميركي بأن يعبر عن ندمه لانتخاب رجل توحي ملامحه وتصرفاته بإصابته بنوع من التخلف الفطري، بالامتناع عن تجديد ثقته به بعد أن تبين أنه يشكل خطرا على مصالح الولايات المتحدة ذاتها وليس فقط على السلم والأمن في العالم. غير أن الشعب الأميركي خذلني كما خذل الكثيرين من أمثالي، ولم يتنبه إلى أنه أخطأ في حق نفسه وفي حق العالم بإعادة انتخاب بوش رئيسا إلا متأخرا جدا وبعد أن اكتشف أنه بدأ يخسر الحرب في العراق. الدليل على ذلك تصويت أغلبية الشعب الأميركي لصالح الحزب الديموقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس واستمرار تدهور شعبية بوش إلى أن وصلت الآن إلى أقل من 30 في المئة.

ما فات لم يمت وما تزال آثاره تستنزف الشعب الأميركي دما ومالا وبمعدلات تتزايد كل يوم. ومع ذلك يبدو هذا الشعب المسكين وكأنه مغلوب على أمره ويعيش في دولة تنتمي للعالم الثالث بعد أن أصبح يواجه معضلة أكبر. فأكثر ما يخشاه كثير من الأميركيين الآن لم يعد يتعلق بسبل معالجة الآثار السلبية لأخطاء سابقة بقدر ما أصبح يتعلق بكيفية منع رئيس أهوج من ارتكاب حماقات لاحقة، كضرب إيران مثلا، وهو إن حدث فستبدو كل حماقاته السابقة ضرباً من عبث الأطفال! وللأسف الشديد فإن كل الدلائل تشير إلى أن النظام الأميركي بتركيبته الراهنة ليس قادرا على الحد من قدرته على ارتكاب الحماقات.

لقد حكم العراق في ما مضى طاغية يسمى صدام حسين اتهم بقتل وتعذيب واضطهاد آلاف الأشخاص. ثم جاء جورج بوش رافعاً شعار تحرير العراق من حكم الطاغية وتدمير أسلحة دمار شامل ثبت أن الطاغية لا يمتلك مثقال ذرة منها. وبدلاً من بناء عراق آمن وحديث وديموقراطي، راح بوش يزرع الفوضى في كل مكان. فتسبب في قتل مليون عراقي وتشريد أربعة ملايين آخرين وتعذيب آلاف الرجال والنساء واغتصابهم في السجون والشوارع والبيوت. وها هو الآن يستعد لتكرار المشهد نفسه في إيران بدعوى امتلاك هذه الأخيرة للسلاح النووي. وأظن أن تجنب الكارثة المقبلة يتوقف على تنحية بوش تمهيدا لمحاكمته كمجرم حرب. لذلك اعتقد أن الكرة الآن في ملعب النظام الأميركي وليس في أي ملعب آخر.

ليست هناك تعليقات: