Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأربعاء، 12 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الاربعاء 12-9- 2007

رابعا نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
الاحتلال وعوارض الإدمان
افتتاحية
الخليج الامارات


سيبقى الرئيس الأمريكي جورج بوش وأركان حربه في وادٍ وكل الداعين إلى نظرة عقلانية للمستنقع الذي تغرق فيه أمريكا في العراق، وللكارثة الكبرى التي حلّت بهذا البلد، في وادٍ آخر.

ومهما نادى المنادون في الداخل الأمريكي وفي الخارج ببرمجة واقعية للانسحاب من العراق، ومهما صدرت تقارير تدعو إلى التغيير وإلى تفادي فيتنام أخرى، فإن إدارة المحافظين الجدد في البيت الأبيض ستبقى تصمّ الآذان لأنها لم تحقق مبتغاها بعد.

إن غزو العراق وتدمير قدراته ومنع قيامته من جديد، وطناً موحداً سيداً حراً مستقلاً، هي جزء من المخطط، والأجزاء الأخرى تتناول الشرق الأوسط كله، وكل ما يمكن أن يعترض أو يقف حجر عثرة في طريق تقطيع أوصال المنطقة العربية وإضعافها إلى أقصى درجة ممكنة لتبقى “اسرائيل” احتلالاً وإرهاباً وتوسعاً من دون أي إزعاج.

ما قاله الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية وريان كروكر السفير الأمريكي في العراق المحتل، أمام الكونجرس، محاولة مكشوفة من إدارة الاحتلال للالتفاف على أي مطلب أو أي التزام ببرمجة الخروج من العراق، من الآن وحتى نهاية عهد بوش.

أقصى الممكن، كما أشار بترايوس وكروكر، تخفيض في حجم الزيادة التي طرأت على هذه القوات تحت ستار “الاستراتيجية الجديدة” والبداية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، والنهاية في الصيف المقبل، والرد على أي مطلب آخر هو التخويف، تخويف الأمريكيين وتخويف العراقيين وتخويف المنطقة، وهي سياسة باتت مكشوفة لدى هذه الإدارة، التي تريد إبقاء العالم كله غارقاً في ترهيب ورعب لا نهاية منظورة لهما.

مجدداً، يخشى أن يتحول احتلال العراق إلى حالة إدمان، إدمان أمريكي على ممارسته، وإدمان عربي على عدم الاهتمام به، كما حال التعاطي مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين منذ ستة عقود، وأن تتمدد عوارضه لتصيب الجوار وغير الجوار، وهذه معضلة لا بد من دواء عربي لعلاجها، وكم من داء يصيب الجسد العربي ويحتاج إلى مثل هذا العلاج؟

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
متاجرة حكومة الاحتلال بالمعتقلين العراقيين
هيفاء زنكنة
اخبار العرب الامارات


ذكرتني زيارة طارق الهاشمي، نائب رئيس حكومة الاحتلال الرابعة ورئيس الحزب الإسلامي، لأحد المعتقلات التي بنيت حديثا لاستيعاب الإعداد المتزايدة من المعتقلين العراقيين وقوله لهم صدقوني أن وضعكم أحسن من وضعنا في الخارج، بتعليق أطلقه دونالد رامسفيلد، وزير الخارجية الأمريكي السابق، عندما ذكرت أمامه أساليب التعذيب في سجن ابو غريب، ومن بينها إجبار المعتقلين على الوقوف بلا حركة وفي وضع ثابت مدة تزيد على العشر ساعات، فقال باستغراب مفتعل: لكنني أنا الاَخر أقف أثناء عملي عشر ساعات يوميا. ما لم يذكره رامسفيلد هو أن المعتقلين العراقيين كانوا لا يقفون مثله باختيارهم في مكتب فخم ليبتوا بشؤون دولة عظمى بل كانوا مجبرين على الوقوف وهم عراة وقد غطيت رؤوسهم بأكياس الخيش واعتدي على بعضهم جنسيا كما تم تصوير التعذيب والاغتصاب وبيعها على مواقع الإنترنت. وكما نعرف جميعا فان جرائم أبو غريب مرت على القضاء الأمريكي مرور الكرام ولم يعاقب عليها أحد وهي الجرائم التي وصفتها منظمة العفو الدولية في رسالة مفتوحة إلى رئيس الولايات المتحدة جورج بوش ، بتاريخ 7 أيار/مايو 2004، بأنها تشكل جرائم حرب. أما في حالة الهاشمي الذي زار المعتقل بحماية حراسه الأمنيين وأسرع حالما خطا خطوته الأولى خارج المبنى باستنشاق الهواء بعمق وارتدى نظارته الشمسية حماية لعينيه، فان ما لم يذكره هو ان عدد المعتقلين لدى قوات الاحتلال قد ازداد بنسبة خمسين بالمئة منذ تطبيق خطة فرض القانون وهو وحزبه أعضاء في الحكومة التي باركت الخطة، وان عدد المعتقلين صار 32 ألفا في بغداد لوحدها فيما بلغ عددهم في سجون قوات الاحتلال 24 ألف معتقل. وأكدت وزارة حقوق الإنسان وجود 18 ألف سجين في معتقل بوكا في أم قصر بالبصرة، وحوالي نصف هذا العدد في معتقل كروبر سيئ الصيت في المطار، وقد أمضى معظمهم معدل ثلاث سنوات في معتقلات الاحتلال بدون ان توجه له أي تهمة أو يتصل بمحام ولم تعرض قضيته على القضاء. ولم يذكر الهاشمي الأوضاع المأساوية التي يعيش في ظلها المعتقلون من سوء الخدمات وانعدام الرعاية الصحية فضلا عن التعذيب وإساءة المعاملة والإهانة المستمرة وانقطاعهم عن العالم الخارجي وحرمانهم من زيارة الأهل. أما بالنسبة إلى وجودهم في مكان حسدهم عليه الهاشمي فلعل الصورة التي نقلتها مراسلة لوس أنجلوس تايمز التي زارت أحد المعتقلات يوم 24 تموز/يوليو الحالي تعطينا فكرة بسيطة عنه، اذ كتبت: إن رائحة المخلفات الاَدمية الكريهة تزداد سوءاً كلما تقدم المرء داخل المعتقل باتجاه الحمامات، حيث يصطف عدد من المعتقلين الحفاة في وحل امتزجت فيه أشلاء القرميد بالمخلفات الاَدمية ينتظرون أدوارهم للترويح عن أنفسهم، غير مبالين بكون الحمام نفسه يعج بتلك المخلفات الاَدمية. مضيفة أن المعتقل الذي بني أصلاً لاستقبال 300 سجين، يحوي اليوم أكثر من 900 اختلط فيهم البريء بالمتهم بجريمة عادية بالمتهم بمقاومة المحتل. والمعروف بين المواطنين عموما هو أن قضية المعتقلين أصبحت ورقة لعب ومناورة سياسية بين الأحزاب المشاركة في حكومات الاحتلال المتعاقبة من جهة وإدارة الاحتلال من جهة أخري، بالإضافة إلى استغلالها للابتزاز المادي من قبل الميليشيات والعصابات على اختلاف أنواعها. والضحايا هم المعتقلون أثناء المداهمات العشوائية بتهم ملفقة، أو لمجرد الاشتباه أو البلاغات الكاذبة. وكثيرا ما يكون ثمن إطلاق سراح المعتقل باهظا حيث يجبر الأهل على دفع مبالغ نقدية، أو نقل ملكية البيوت والعقار عندما لا يتوفر المال. وقد لاحظنا في المجال الأوسع بأن إطلاق سراح المعتقلين لا يتم إلا وفق صفقات وتنازلات سياسية معينة ولا علاقة له لا من قريب ولا بعيد بمراعاة القانون واحترام حقوق الإنسان. مثال ذلك أن المأزق السياسي الحالي لإدارة الاحتلال مع المالكي وحكومته قد أدي إلى رغبتها في الخروج من المأزق عن طريق مراضاة الطرف الثاني أي الهاشمي وحزبه، واصبح السماح للهاشمي بزيارة المعتقل مع فريق تصوير تلفزيوني ليضرب عصفورين بحجر. فهو جزء من التضليل الإعلامي بان إدارة الاحتلال تتعامل بشكل إنساني وقانوني مع المعتقلين وليس لديها ما تخفيه، وهو عرض تلفزيوني ناجح لتحسين صورة بع والحريص على حقوقالهاشمي وإظهاره بمظهر المتا المواطنين وحمايتهم. ودقت طبول التصريحات الصحافية والمقابلات التلفزيونية والإذاعية لتكيل المديح والثناء لقوات الاحتلال وحكومة الاحتلال وخاصة الهاشمي، الذين تفضلوا فاكرموا الشعب العراقي، بمناسبة شهر رمضان الكريم، بقرارهم الذي ينص على إطلاق سراح 30 موقوفا يوميا طوال شهر رمضان، متعامين عن الحقيقة المرة وهي ان من سيطلق سراحهم هم من الموقوفين الأبرياء أساسا وان العدد الكلي سيكون في نهاية شهر رمضان 900 معتقل من مجموع 58 ألف معتقل، وهذا الرقم يدل على المسجلين لدي وزارة حقوق الإنسان فقط. وللإلمام بجوانب الصورة المأساوية بعيدا عن تضليل الاحتلال ومستخدميه وفي غياب وتهميش وإرهاب منظمات حقوق الإنسان المستقلة داخل العراق نضطر إلى الاعتماد على تقارير المنظمات الإنسانية العالمية خاصة وإنها باتت نتيجة الوضع الإنساني المتدهور تصدر التقرير تلو الاَخر محذرة من عواقب إنسانية وخيمة. ففي الشهر الماضي، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها العميق لأن قرار مجلس الأمن والذي يقضي بتوسيع نطاق صلاحيات بعثة الأ· المتحدة لمساعدة العراق، لا يتضمن اعترافاً بأوضاع حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية الخطيرة في البلاد. ويستمر اعتقال اَلاف العراقيين من دون تهمة أو محاكمة على أيدي القوة المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة وقوات الأمن العراقية، وانتشار أنباء التعذيب على نطاق واسع، والارتفاع الحاد في معدلات استخدام عقوبة الإعدام، وغير ذلك من الانتهاكات الفادحة. إن تدهور الأوضاع الإنسانية السريع دليل على أن كل من انخرط في عملية الاحتلال السياسية مدعيا بان المشاركة نابعة من الحاجة إلى وجود من يدافع عن المواطن إزاء شراسة قوات الاحتلال قد انحدر تدريجيا في هاوية الانتهاكات والجرائم، فإذا كان الانحدار بعلمه فالمصيبة كبيرة وإذا كان بدون علمه فالمصيبة أعظم لأن هذا يدل على أن الهاشمي ومن معه في حزبه أميون لا يعرفون القراءة والكتابة فتعليمات إدارة الاحتلال لمستخدميها واتفاقاتها معهم واضحة وصريحة وبعضها منشور على مواقع الإنترنت. وفيما يتعلق بشؤون المعتقلين يخبرنا موقع وزارة الخارجية البريطانية بأن سلطة ما يسمى بالقوات متعددة الجنسية مطلقة نتيجة الحاجة لمحاربة الإرهاب: ’’وتم تحديد استمرار الحاجة لهذه السلطة في رسالتين مؤرختين في 5 حزيران/يونيو 2004 موجهتين من وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول ورئيس الوزراء في الحكومة العراقية المؤقتة علاوي لرئيس مجلس الأمن في الأ· المتحدة يصفان فيهما مهام القوات متعددة الجنسيات، وتم التصريح بمنح هذه السلطة من خلال قرار مجلس الأمن رقم 1546. إذا كان لدى الحكومة العراقية المؤقتة أية صعوبات تتعلق بسياسة أو ممارسة عمليات الاعتقال التي تقوم بها القوات متعددة الجنسيات، فإنها تثير هذه الصعوبات معها. الرسالتان المشار إليهما تحددان بالتفصيل اَليات التشاور والتنسيق التي تم وضعها بين الجهتين لحل أي من هذه المواضيع. ’’ ان قراءة هذا النص لا تترك مجالا للشك بان مفهوم (أنا عبد المأمور) لا يغسل يدي العبد من دماء الضحية تماما بل ان أقصى ما سيفعله هو تخفيف الحكم عليه. وقد التزم القانون الدولي الإنساني بالقواعد التي اتخذتها محاكمات نورمبرغ للنازيين بعد الحرب العالمية الثانية، والتي أثبتت أن الالتزام بالأوامر ليس دفاعا مشروعا عن المشاركين في الجرائم حين يتعلق الأمر بالانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الطبيعية والجرائم ضد الإنسانية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3

العراق ومشكلة التعبئة في الجيش الأميركي

جراهام أليسون

الاتحاد الامارات
في شهادته أمام الكونجرس أول من أمس الاثنين، أعلن الجنرال ديفيد بيترايوس أنه ينوي سحب"الزيادة الأولى في عدد القوات" من العراق هذا الشهر. كما أوصى بإعادة أول لواء مقاتل إلى الوطن في ديسمبر المقبل، على أن يتبع ذلك عودة أربعة ألوية مقاتلة على مدى الثمانية شهور التالية، ولكنه أجل مع ذلك اتخاذ أي قرار بشأن القوة الأساسية البالغ قوامها 130 ألف جندي حتى مارس المقبل.



وفي معرض الدفاع عن وجهة نظره بشأن الانسحاب، استشهد بيترايوس بجوانب التحسن التي طرأت على قوات الأمن العراقية، وبالتعاون من جانب شيوخ العشائر السنية في الأنبار، والنجاحات التي تحققت في المواجهات مع المتطرفين وأعضاء تنظيم "القاعدة" في بلاد الرافدين. وقد لوحظ أن المشرعين سواء الذين عارضوا ملاحظاته، أو الذين أيدوها، قد ركزوا في الحالتين على تلك المتغيرات الاستراتيجية التي تمت في العراق.



بيد أن الشيء الذي غاب عن السجال المتعلق بالانسحاب مع ذلك، هو أن الدافع لذلك الانسحاب لا يرجع إلى الأحوال السائدة في العراق، أو إلى قواعد اللعبة السياسية في الولايات المتحدة بقدر ما يرجع إلى الحقائق الصلبة المتعلقة بجاهزية قوات الجيش والمارينز. فتمديد دورة الخدمة البالغة 15 شهراً بسبب عدم قدرة الجيش والمارينز على إيجاد العدد اللازم من الجنود لاستبدال زملائهم الموجودين في العراق لا يمكن أن يعني سوى أن الانسحاب هو الجانب الآخر والحتمي لسياسة الزيادة في أعداد القوات.


هل يُعقل أن دولة سكانها 300 مليون نسمة وناتجها الإجمالي 13 تريليون دولار، وميزانيتها الدفاعية 600 مليون دولار، غير قادرة على تجميع 30 ألف جندي إضافي.


على ضوء هذه الحقيقة يمكن القول إن تخفيض عدد القوات الذي دعا إليه "بيترايوس" لا يمثل مفاجأة خصوصاً إذا ما تذكرنا أن الجنرال "جون أبي زيد" القائد السابق للمنطقة المركزية المسؤولة عن القوات الموجودة في الشرق الأوسط، قد هيأنا لذلك الاحتمال عندما تم استجوابه بشأن"الزيادة في عدد القوات" من قبل لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي الخريف الماضي فكان جوابه:"نستطيع أن نضع 20 ألف جندي إضافي في العراق غداً ونحقق تأثيراً مؤقتاً... ولكننا لن نتمكن من الاستمرار في الاحتفاظ بهذا العدد لسبب بسيط هو أن حجم قوات الجيش والمارينز في العراق سيكون قد وصل إلى أقصى حد يسمح به العدد الإجمالي الحالي الموجود في الخدمة في القوات المسلحة الأميركية برمتها".



وهنا قد يقفز إلى الذهن سؤال هو:"هل من المعقول أن دولة يبلغ تعداد سكانها 300 مليون نسمة، ويصل ناتجها القومي الإجمالي إلى 13 تريليون دولار، وتبلغ ميزانيتها الدفاعية 600 مليار دولار، غير قادرة على تجميع 30 ألف جندي إضافي، وإدامتهم لعام كامل؟ إجابة هذا السؤال تنبني على نقطة أساسية وهي أن القادة المسؤولين عن قواتنا المسلحة وهم الرئيس، ووزير الدفاع، والكونجرس، قد رفضوا على مدار الأعوام الستة الماضية( كما رفض سابقوهم من قبل) أن يجندوا، ويدربوا، ويجهزوا المزيد من القوات. فحتى بعد اتخاذ القرار بمهاجمة العراق، فإن تلك القيادة أهملت الاضطلاع بواجبها في زيادة عدد القوات المطلوبة، واستمرت في ذلك حتى أصبح الوقت متأخراً جداً لتوفير تلك الزيادة.



الأسباب التي دعت لذلك متنوعة ومعقدة في الآن ذاته. فالأوهام الخاصة بإمكانية تحرير العراق من خلال حرب قصيرة، والإصرار العنيد على تجاهل التمرد المتزايد، أدى إلى حجب الرؤية عن العديد من القادة السياسيين.. علاوة على ذلك نجد أن نظام القيادة الذي يفصل المسؤولية عن تخطيط العمليات عن المسؤولية عن توفير المزيد من القوات، قد أدى إلى نوع من الخطط غير المقنعة والتي لا يمكن تبريرها، كما أدى كذلك إلى أخطاء فادحة في تقدير حجم الموارد المطلوبة. وفي غيبة إعلان رسمي للحرب، لم يكن أمام الرئيس سوى الإعلان عن عملية تعبئة جزئية- وليس كلية- للقوات المسلحة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو ما أدى عملياً إلى الحد من القدرة على الاستعانة بآلاف من الجنود التابعين للحرس الوطني والمارينز(الذين لا يتم الاستعانة بهم سوى في حالات التعبئة الكلية).



وهناك عدد من الخطوات التي يتم اتخاذها لمعالجة مثل هذه المشكلات منها على سبيل المثال تلك الدراسة التي صدر تكليف من الكونجرس بإجرائها عن دور قوات الاحتياط والحرس الوطني والكيفية التي يتم تجنيد تلك القوات بها.. ومنها أيضا التكليف الصادر من الرئيس والكونجرس أيضا للجيش، وقوات المارينز بالعمل على زيادة عدد قواتيهما بمقدار 57 ألف جندي- وإن كان الخبراء يتوقعون أن يستغرق ذلك بعض الوقت.



يجب علينا في هذا المضمار أيضا التمعن في طبيعة العلاقة بين أفرع القوات المسلحة الأميركية، وبين قيادات الوحدات المقاتلة، وقيادة الأركان المشتركة. فعندما تكون الصراعات صغيرة ومحصورة في نطاق محلي ضيق، فإن الخيار الأفضل هو أن يتم تعيين قادة مقاتلين ورؤساء قوات يرفعون تقاريرهم بشكل مباشر ومستقل إلى وزير الدفاع. أما عندما نخوض حربا كونية فإن السياسة الأكثر فعالية هو أن يكون لدينا رئيس لهيئة الأركان المشتركة ليكون مسؤولاً عن الجوانب المتعلقة بخوض الحرب وفي نفس الوقت عن الجوانب الخاصة بصنع القرارات العملياتية حتى يمكن التوفيق بين خطط واستراتيجيات ميادين القتال، وبين الموارد المتاحة والعكس صحيح.



بصرف النظر عن نجاح أو فشل استراتيجية زيادة عدد القوات، فإن الانسحاب من العراق غدا الآن أمراً لا يمكن تجنبه. ونظراً لأن القوات والقادة الموجودين هناك يجاهدون من أجل العثور على طريقه عملية لتحقيق أهدافنا وسط الحقائق القائمة على الأرض هناك، فإن أفضل وسيلة أرى أنه يمكن لنا مساعدتهم بها هي توسيع نطاق، وإعادة هيكلة قواتنا المسلحة بحيث يمكن اتخاذ القرارات المستقبلية المتعلقة بالمعارك الأطول مدة، والأكثر تعقيداً وفقاً لمزاياها الاستراتيجية من دون أن تعوقنا عن ذلك محددات قد تختلف طبيعتها من وقت لآخر.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
ثلاثة سيناريوهات لانسحاب البريطانيين

وليد الزبيدي

الوطن عمان

اعتقد بأن البريطانيين اختاروا مطار البصرة،دون سواه واتخذوه مقرا لقواتهم التي انسحبت من القصر الرئاسي في المدينة،لأنهم وضعوا بحسابهم اكثر الاحتمالات واقعية،او مايسميها البعض اسوأ الاحتمالات ، واقصد ان الاختيار وقع على افضل طرق الهروب من العراق ، فقد تم تهيئة واعداد مدارج مطار البصرة على افضل وجه.
يقول البعض،ان البريطانيين قد وضعوا خططا للطواري وهذه الخطط جاءت على ثلاثة مستويات هي:
الاول: وهو الاسوأ،ويتمثل باعداد خطة للطوارئ،يمكن تنفيذها خلال مدة لاتتجاوز الاسبوع،يتم فيها استخدام مطار البصرة،وانطلاق الجسر الجوي الذي تمت تهيئته لهذا الامر،والذي يسير باتجاهين،الاول يتجه مباشرة إلى بريطانيا،وينقل الاسطول الجوي المخصص لهذا الغرض كبار الضباط والقادة العسكريين والعاملين في القنصلية البريطانية في البصرة،واذا ساءت الامور الى الدرجة القصوى،فان العاملين في السفارة البريطانية في المنطقة الخضراء في بغداد،يتم نقلها على وجه السرعة عبر مروحيات مهيئة لهذا الغرض وطائرات نقل الى مطار البصرة،لتتم عمليه الاجلاء السريع من هناك،اما الخط الجوي الاخر ، فيتجه إلى اقرب نقطة آمنة ممكنة ، ويرجح ان تكون الفرقاطات المتواجدة في الخليج العربي ، والقواعد العسكرية الموجودة في المنطقة ، ويتم نقل الجنود والمدنيين إلى تلك الاماكن،ليتم تأمين وصولهم بعد ذلك إلى بريطانيا.
الثاني:ان يتم سحب القوات البريطانية بالتدريج ، لكن ليس وفق جدول زمني طويل الامد،بل يجري بسرعة وحسب الأوضاع الأمنية التي تجري في البصرة بصورة خاصة والعراق عامة ، وتشترك في عملية سحب القوات الناقلات البرية الضخمة من الاسطول البري وبالاتفاق مع شركات نقل ، بالاضافة إلى الاستعانة بالاسطول الجوي انطلاقا من مطار البصرة ، ويتم وضع السقف الزمني لاتمام سحب القوات من افراد وآليات بما يؤمن خروجها جميعا دون خسائر بشرية او في الاليات.
الثالث: وهو الانسحاب التدريجي ، الذي يبدأ بخفض القوات على مراحل،إذ تبدأ عملية سحب للآليات الثقيلة والمعدات ونقل الوثائق الخاصة بالجيش البريطاني،ثم يتم إجلاء الجنود والضباط وبعض العاملين معهم من العراقيين المتعاونين مع قوات الاحتلال البريطاني.
إن وضع هذه السيناريوهات الثلاثة ، يؤكد حقيقة المخاوف التي تعشعش في داخل القيادة البريطانية،وتوقعها حصول الاسوء في أي وقت،لهذا يرشح الكثيرون السيناريو الاول،أي يلجا البريطانيون الى المطار،فهو الاقرب الى الهروب من العراق،وقد يكون الافضل مع اقل الخسائر.
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
صناعة الأمل!
عادل سعد

الوطن عمان
على حدود معرفتي المتواضعة، ازعم انه لم ينجح كاتب عربي مثلما نجح القاص السوري زكريا تامر في تقديم رؤية فنتازية لتصنيع الأمل وذلك من خلال قصة قصيرة محبوكة بذكاء نادر عن أحوال شخصيتين مهمشتين لا يملكان من المستقبل شيئاً ، وبهذا يقترح احدهما على الآخر ان يرتكبا مخالفة جرمية بما يؤدي إلى القبض عليهما ومحاكمتهما وإيداعهما السجن ليعيشا فيه فترة من الزمن على أمل الخروج منه بعد ان يكونا قد أكملا العقوبة القضائية.
ويبدو أن هناك ما يضاهي تلك القصة من حالات مشابهة ينز بها الواقع اليومي في العراق مع اختلاف الحدث ذلك ان الأبطال الجدد الباحثين عن الأمل ضمن الواقع السياسي العراقي ليسوا مهمشين بل هم في الصورة ويتواجدون عند مساحات الضوء السياسية بكل ما فيه من عروض للوجاهة وتأكيد الحضور المتجدد الذي لا يمل من الاستعراض بلبوس عدة وعبارات فارهة وكأنهم يقولون للعراقيين ان الأمل في جيوبهم وعليهم ألاَ يخشوا شيئاً من المستقبل.
هناك الآن جيل من السياسيين العراقيين الذين يبحثون عن (خلاصهم) بتوفير المزيد من متطلبات الأمل تحسباً للمستقبل من خلال السرقة والابتزاز والاختطاف والاختلاس والسطو على المال العام باعتباره مالا مباحا بل ان البعض منهم مسح عن جبينه نقطة الحياء ليرد على كل الذين يعيبون عليهم هذه النقيصة في التصرف وكأن الانحراف أصبح وجهة نظر يستحق الدفاع عنها.
ان (المقرف) في الأمر هو ان كل هؤلاء اللصوص الماهرين يطبقون على فرائسهم من المال الخاص والعام في الوقت الذي لا ينقطع فيه نزيف الأبرياء الفقراء من العراقيين الذين لا حول لهم ولا قوة وكل ما هناك، ان رياح التغيير السياسي والفواجع الأمنية في مهب العاصفة الأمنية الهوجاء ليس فيها من قوانين الرحمة مفردة واحدة وكان أولئك اللصوص يجدون في دماء العراقيين غطاء لسلوكهم المخل بالشرف الاجتماعي العام.
وبمعنى مضاف أنهم يشعرون ان الوقت مناسب من أي وقت مضى للاضطلاع بهذه (المسؤولية)، وان اغلبهم بدل من ان يدخلوا السجون فروا بما يملكون وهكذا امتلكوا (الأمل) الذي يعتقدونه بما حصلوا عليه بدون أي عقوبة من اجل ان يتمتعوا بالمستقبل فحسب ،الأمر الذي يشير بصورة أو بأخرى ان الثروة التي هبطت على أيديهم سوف توفر حياة هانئة ولأجيال قادمة من عوائلهم، أي أنهم اشتروا الأمل بهذه الطبخات ناسفين بذلك الأمل الهش الذي وعد فيه القاص زكريا تامر بطليه في تلك القصة، فيا بؤس ما يمتلكوه من هذا الأمل.
والمقرف أيضاً ان وباء الفساد المالي الذي تفشى في الحياة العراقية أصاب جهات خولها القانون ان تكون أمينة على المال العام بملاحقة الذين لا يعرفون طريق النزاهة، مما يذكرنا بقصة واقعية حدثت في عهد هيمنة العثمانيين على العراق، إذ تفيد هذه القصة ان احد قطاع الطرق تمادى كثيراً في اصطياد القوافل التجارية ومصادرة ما تحمله من بضائع مما دفع العراقيين إلى الشكوى منه أمام الوالي فما كان منه ألا ان أمر بتجهيز حملة عسكرية بهدف إلقاء القبض على اللص المذكور، هذا ماحصل فعلاً ولكن بدل ان تتم محاكمته لينال الجزاء العادل عينه الوالي قاضياً واسند اليه مهمة التكبير في اذان الموتى قبل دفنهم وعندما استفسر الوالي عن أحوال هذا (القاضي) نقلوا اليه بأنه يمارس مهمته ببراعة وانسجام وانه يحرص على إلصاق فمه بإذن الميت فاستغرب الوالي ذلك واقترح ان يسجى احد اتباعه على أساس انه ميت وان تتم عليه كل المراسم المتاحة في هذا الشأن بما في ذلك عرضه على القاضي للتكبير في اذنه وعندما احضر الشخص الميت خدعة إلى الوالي ليستفسر منه عن ما قاله (القاضي احمد) أكد انه لم يكبر فيها وإنما همس قائلاً اخبر (من في الآخرة ان الدنيا فسدت فقد صار قاطع الطريق احمد قاضياً).
أمام هاتين القصتين لنا ان نتصور كم يحتاج العراقيون من جهد لإزاحة الغمة التي تسبب بها هؤلاء المفسدون الذين تغلغلوا في الحياة العامة وأصبحت لهم بعض الجذور بل أنهم يملكون وسائل إعلام تسوقهم برسائل سياسية مزيفة لكنها في كل الأحوال مطلية ببريق من الأدوار الطائفية والعرقية.
ان هؤلاء الذين اشتروا أملهم الشخصي بالسحت الحرام قد لا تكون سيئاتهم اقل خطراً من سيئات الذين يستهدفون الأبرياء و يقتلون على أساس الهوية الطائفية ، واذا كان هناك من أمل حقيقي في تحقيق مشروع للتطهير من هذا النوع فان العراق مقبل حقا إلى مساجلة اجتماعية وأخلاقية وقانونية سيجد فيها الأبرياء الشرفاء الكثير من الخصوم الذين لا هم لهم ولا مسؤولية سوى التشبث بالمهارة التي تخفي فسادهم و تتيح لهم (العيش الرغيد) على سواحل البحيرات السويسرية أو عند شواطئ بحيرات لا تعرف سوى الطيور والأشجار واسيجة الصمت واهمين بأنهم سيكونون بعيدين عن أي مقاضاة ومغلقين ضمائرهم في مجاهل من العتمة النفسية ومتناسين ان العراقيين ينظرون إليهم باحتقار تام والخزي لمن يكون محط احتقار شعبه.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
«تقرير» اللاقرار
افتتاحية
البيان الامارات
وصفته أوساط أميركية بأنه أهم تقرير يرفعه جنرال أميركي إلى الكونغرس، منذ فيتنام؛ تبين أنه ليس كذلك تماماً، على الأقل ليس من الصنف غير الاعتيادي. فالصورة التي قدمها الجنرال بتريوس مع السفير الأميركي في بغداد، حول الوضع العراقي؛ لم تحمل شيئاً خارج التوقعات. ما جاء به كان في التداول، منذ أيام. خلاصته أنه أعطى الرئيس بوش ما يكفيه.


وفي الوقت ذاته بدا وكأنه أعطى خصومه الديمقراطيين، شيئاً من مطلبهم. الأول نال ما يعزز موقفه لشراء المزيد من الوقت. والفريق الثاني، أخذ وعداً بخفض جزئي للقوات الأميركية في العراق؛ في غضون شهور. أما العراق فلم يأت التقرير، لا بالتصريح ولا بالتلميح، بما يؤشر إلى اقترابه ولو قليلا، من أي انفراج.


قائد القوات الأميركية في العراق حذر الكونغرس من مخاطر أي استعجال للانسحاب؛ على أساس أن ذلك ينطوي على «مضاعفات مدمرة». دعا إلى المزيد من الوقت والمثابرة. طلب من الكونغرس، بالتحديد من الديمقراطيين الضاغطين باتجاه الإسراع في جدولة الانسحاب، تأجيل طلب خفض القوات، حتى مارس المقبل؛ وذلك على أرضية الصورة المشجعة التي رسمها على الصعيد الأمني. شدد على ما وصفه بحصول تحسن، جيد ولو غير شامل، في هذا المجال. «لا حلول سريعة ولا أجوبة جاهزة»، يقول بتريوس: وليس هناك غير الصبر ومواصلة بذل الجهود «على المدى الطويل».


رفض الديمقراطيون هذه الخلاصة. البعض ذهب إلى حدّ إدانتها. وبذلك دخل الموضوع طوراً جديداً من الجدل، في واشنطن. من هذا الباب يدخل الملف العراقي إلى ساحة حملة انتخابات الرئاسة؛ ليصبح مادتها الرئيسية. الرئيس بوش، مع حزبه الجمهوري يأخذ من نبرة التقرير المتفائلة ـ أمنياً ـ غطاء لتعويم سياسته وتوظيفها انتخابياً؛ بالتالي. الحزب الديمقراطي يمضي في الرهان على العكس؛ بحيث يمكنه تجيير الفشل، الذي يتوقع المزيد منه، لصالح مرشحه الرئاسي.


وهكذا، لم يجلب التقرير الترياق من العراق؛ كما أوحى الحديث عنه خلال فترة انتظاره. بيت القصيد فيه أن القوات الأميركية باقية، في العراق، حتى إشعار آخر.


وأنه ليس في الجعبة الأميركية ما يتجاوز التعويل على الحلّ الأمني. الرئيس بوش أخذ من بتريوس ذخيرة سياسية، للمضي في هذا الخط. خصومه في الكونغرس لا يملكون الثلثين من الأصوات لكسر الفيتو الذي يلوّح به ضدّ أي قانون يجبره على جدولة انسحاب سريع، من العراق.


التقرير، إذاً، جاء وكأنه يقول لا قرار جديداً في واشنطن. والأمور بالتالي باقية على ما كانت عليه من حيث التعامل مع معطيات وتعقيدات الساحة العراقية.


الأمر الذي يعيد طرح الكرة، مرة أخرى، في ملعب القوى العراقية المختلفة. تجربة سنوات الاحتلال بكل أكلافها ومعاناتها وانسداداتها، تؤكد يوماً بعد يوم أن التوافق الوطني العريض هو بوابة الخلاص؛ وكل المراهنات الأخرى وهم. واشنطن تقرر وفق مصالحها. الموالي فيها والمعارض يلتقيان عند هذه النقطة. هل يقرر العراقيون ما يخدم مصالحهم؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7

الـخـروج مــن الـعـراق
جيف دانزيجر
بوسطن غلوب
لم يعد أمام البنتاغون من خيار سوى البدء بالتخطيط لانسحاب الجنود الأميركيين من العراق. وقد أقر مجلس النواب في الفترة الأخيرة قوانين تجعل قيام الجنود بتأدية فترة ثانية أو ثالثة من الخدمة في العراق ممكنة فقط في حال قضائهم فترة زمنية مساوية لفترة الخدمة في الوطن. نحن لا نملك عددا كافيا من الجنود الآن ، وما أقره البرلمان سيعني توفر عدد اقل من الجنود.
لدى الصحفيين طريقة مثيرة للاهتمام في توضيح الصعوبات التي ترافق الانسحاب: جاء في تقرير لمجلة التايم أنه إذا اصطفت كافة الشاحنات وعربات الهامفي ، والدبابات ، والعربات المقطورة ، والمدفعية ذاتية الحركة في قافلة على الطريق الجنوبي المؤدي للكويت ، فقد تمتد لمسافة مئة ميل. بالطبع لن يحدث الأمر بهذه الطريقة ، لكنها ستكون فرصة للتصوير مماثلة لصور الطائرات المروحية وهي تغادر سطح البناية في سايغون.
وبشكل مناسب أيضا. بالنسبة لهذه الصورة ، التي أظهرت الإرتباك والتسرع الذي شاب الانسحاب من الفيتنام وظهر أنه دون تخطيط على الإطلاق تقريبا ، فعلى الأرجح أنها ألحقت الأذى بهيبة الجيش الأميركي أكثر من أي صورة أخرى. واثبتت فيتنام أن الدخول في الحروب هو أمر أسهل بكثير من الخروج منها. إن استطعت الخروج أصلا.
كنت في فيتنام في اللحظة التي يطلقون عليها اليوم بالنقطة الحاسمة من الحرب. في عام 1970 ، كان هناك اقرار حزين بأن الولايات المتحدة قد خسرت الحرب تقريبا. فلم يكن لديها دعم داخل الوطن ، وقد انتخب رتشارد نيكسون على خلفية وعده بأن لديه خطة سرية للخروج من الحرب.
على أرض الواقع في جنوب الفيتنام ، كان عجز غريب قد بدأ يتفشى في صفوف القوات الأميركية. كنا نعاني ، وبصورة لا تصدق ، من نقص في القنابل. لقد أسقطنا أطنان من القنابل على أدغال وحقول فيتنام الشمالية أكثر مما أسقطته كل الأطراف طوال فترة الحرب العالمية الثانية.
وبدأت القوات الجوية بإعادة شراء القنابل من القوات الجوية الالمانية ، القنابل التي كنا بعناها لهم سابقا. وفي الجيش كان لدينا نقص في قذائف المدفعية من عيار 105 ملم ، السلاح الأساسي في كافة المعدات العسكرية ، والسلاح الذي جعل الفيتناميون حذرين جدا من الهجمات خلال الليل.
قررت إدارة نيكسون تحميل الفيتاميين الجنوبيين المسؤولية. وعلى مدى سنوات ، كان من الصعب الاعتماد على تدريب الجنود الفيتناميين الجنوبيين. معظم الضباط الأميركيون دفعوا الفيتناميين جانبا وأخذوا على عاتقهم بجرأة ، أو هكذا كانوا يعتقدون ، القيام بالمهمات القتالية هم ورجالهم. كنا لا نثق بحلفائنا ، واعتبرناهم جبناء أو يفتقدون للنشاط.
من المؤكد أن ضباطهم كانوا فاسدين ، وراغبين بشدة في ترك الأميركيين يقومون بالقتال. فعلى أي حال ، كانت فيتنام في حالة حرب تشتعل وتهدأ على مدى الخسمئة عام الاخيرة ، دون أن تنجز الكثير. خطة نيكسون ، عندما كشف النقاب أخيرا ، كانت تنص على "فتنمة الحرب" ، وتسليم كميات كبيرة من المواد إلى الجيش الفيتنامي الجنوبي. وقمنا بذلك فعلا - أسلحة المدفعية ، والشاحنات ، والطائرات ، والقاطرات ، ووحدات التبريد ، وما إلى ذلك.
كنت مترجما ومسؤولا استخباريا في فرقة سلاح الفرسان الأولى ، وارسلت لأرى كيف يسير التسليم. وباستثناء أجهزة التبريد والشاحنات ، لم يكن من بين المعدات الجديدة الكثير مما يسعد الفيتناميين. جرى رفض بعضها لأنها خردة ، وهي كذلك ، وقبلت كميات أخرى وتخلوا عنها لاحقا.
في الوقت نفسه ، أمرت القيادة الأميركية بخفض عدد الجنود الأميركيين بعدم إرسال بدائل للجنود العائدين إلى الوطن. كان هذا الهدف سياسيا ، بحيث يمكن لنيكسون تقديم تقرير عن خفض التدخل الأميركي. لكن على أرض الواقع كانت النتيجة خطرا أعظم لمن بقي هناك. خفضت دوريات الحراسة والاستطلاع ، وخفض جنود الحرس الحدودي ، واصبح من المستحيل أن يكون لنا تأثير في مواقع تجمعات العدو المراوغ. لم يكن لدينا عدد كاف من الرجال.
سرعان ما أدركت فيتنام الجنوبية ما هي خطتنا. وكذلك فعلت فيتنام الشمالية ، التي أرسل جواسيسها تقريرا بذلك للجنرال جياب في هانوي ، فزاد من هجماته ، وقذائف الهاون ، وحتى من الغارات في وضح النهار.
أصبحت المعنويات في الحضيض. واصبحت الأوامر خاضعة للمساءلة ، أو التمرد عليها ، او تجاهلها. كنت مع فرقة للمشاة ثبتت لمدة أسبوع في مكان واحدة في الأدغال وأرسلت تقريرا يقول أنها تقوم بدورية حراسة. ولم يبذل الرجال ولا الضابط المسؤول أي جهد لإخفاء ذلك عني ، ولم يخطر ببالي أبدا تقديم تقريرا بشأنه. كنا جميعا نعلم بأن هناك نقص في سلاح المدفعية وأن دعم المروحية لا يعتمد عليه. خلال تلك الفترة ، كان يقتل حوالي 250 أميركيا كل أسبوع في فيتنام - في رأينا كانوا يقتلون دون مبرر - ولم نكن نرغب بالانضمام إليهم.
هناك الكثير مما يمكن تعلمه من الخفض التدريجي للوجود الأميركي في فيتنام. على الأقل يمكننا أن نأمل بتخطيط ذكي.
سيتطلب الأمر مهارة ودقة وانتباها حذرا لكافة التفاصيل كي نتمكن من مغادرة العراق دون خسائر كبيرة في الارواح الاميركية.
بحسابات مختلفة ، استغرق خروجنا من فيتنام أربع إلى خمس سنوات. وكما تلاحظون من كتابة هذا المقال ، فإن بعضنا مازال موجودا.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
الجلبي ان حكى ماذا عن المالكي
محمد خروب
الراي الاردن

ثمة شخصيتان تشكلان نموذجاً ''صارخاً'' لافرازات الحرب الاميركية البريطانية، على العراق ومرحلة ما بعد سقوط بغداد في التاسع من نيسان 2003، حيث قادا وشجعا وباركا كل المقارفات والممارسات الطائفية وطبّقا سياسة المحاصصة والاقصاء والالغاء، وسعيا بكل الوسائل والطرق للهيمنة علة على القرار وحصره في دائرة ضيقة تفوح منها رائحة الطائفية والمذهبية والحزبية الضيقة (كل وفق مصالحه الشخصية اولاً وطبقاً لارائه وعقيدته الفكرية والايديولوجية) لكنهما يلتقيان في النهاية حتى وان باعدت بينهما المواقع السياسية والمرجعيات الايديولوجية والارتباطات الدولية والاقليمية، يلتقيان في العقلية الثأرية والاستئصالية وتشجيع الفساد والرشوة وخصوصاً الميليشيات وامراء الحرب ''الجدد'' الذين برزوا في مقدمة المشهد، وهم الذين يوفرون الحماية الامنية والتغطية السياسية، لمن يدفع اكثر وهو هذه الايام نوري المالكي، فيما يعيش احمد الجلبي فترة ''بيات'' سياسي قد تطول اذا ما قررت واشنطن استمرار حال ''تبديل الحرس'' التي قد تطبق في القريب على نوري المالكي، وخصوصاً بعد نشر تقرير كروكر - بتريوس الذي وإن كان (التقرير) صب في طاحونة بوش البطيئة والمنهكة، الا ان المالكي لم يخرج منه ''سالماً'' وهو الامر الذي كان موضع تعليقات ونقاش اعضاء الكونجرس خلال جلسة الاستماع لكل من ''الجنرال والسفير''..

احمد الجلبي، الذي كان اكبر الخاسرين من رهط المعارضة السابقة لنظام صدام حسين وجموع الذين جاءوا على ظهور الدبابات الاميركية وأحد ''اصدقاء'' رموز المحافظين الجدد في الادارة الاميركية، الذين وفروا له الحماية والدعم وكانوا خلف قانون تحرير العراق الذي اقره الكونجرس وكان صدوره هو بداية العد العكسي لغزو العراق، اضافة الى اختراع او فبركة الاكاذيب الحاضّة على الحرب مثل حكاية اسلحة الدمار الشامل واكذوبة علاقة النظام البعثي السابق مع تنظيم القاعدة.

احمد الجلبي هذا، يطلق تصريحات ويطرح مقاربات يمكن وصفها بأنها مفاجئة ولافتة، ليس في مضمونها فالرجل (فيما نحسب) لا يعنيها، بل يلجأ اليها للمناورة واطلاق بالونات اختبار والظهور بـ(لوك) سياسي جديد، بعد ان طال مكوثه في الظل وكاد (أو هو كذلك) أن يخرج من المولد بدون حمص (حمص سياسي بالطبع)، لأن الجلبي جنى الملايين وهو يعيش في نعيم وبحبوحة عيش رغدة، اذا ما تذكرنا انه تسلم ''كل'' الوزارات والملفات والعقود ذات العلاقة بالنفط العراقي، ولكم ان تتخيلوا معنى ''اشراف'' شخص مثل احمد الجلبي على هذه البحور بل ''الغابة'' النفطية العراقية المتحررة من كل قيد او رقابة او مساءلة، حيث هي مشاع لكل الافاقين واللصوص وخصوصاً هاليبترتن ديك تشيني وباقي المتعاقدين او الوسطاء او صائدي الصفقات من الاميركيين وحكام العراق الجدد..

احمد الجلبي ايضاً ودائماً، خرج على الناس في مقابلة طويلة (اقرأ مملة) تفوح منها رائحة النفاق والتزلف، يقول لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية: مطلوب تشكيل حكومة لكل العراقيين (صح النوم)، ثم يواصل في محاولة فاشلة لتبييض صورته الطائفية الفاسدة: الانتخابات (يقصد الانتخابات البرلمانية الاخيرة قبل عام ونيف)، كانت عبارة عن عملية استفتاء طائفي.. الشيعة انتخبوا الشيعة والسنّة انتخبوا السنّة..

تصوروا ان من يقول هذا الكلام هو احمد الجلبي، الطائفي حتى اخمص قدميه، وهو اول من اسس لنظام المحاصصة الطائفية، عندما اشهر ما سمي وقتذاك ''البيت الشيعي''..

المقابلة حافلة بالبطولات واحياناً طرح المقاربات والدعوات الجريئة، على جري عادة الذين يتم الاستغناء عنهم بعد انتهاء ادوارهم او يسقطون على جانب الطريق ضحايا الصراع على السلطة، والتنافس بين الخصوم السياسيين، وخصوصاً في الحال العراقية، حيث يتبارى الحكام الجدد وقادة الاحزاب والميليشيات وأمراء الحرب، لنيل رضى المحتل وتقديم كل ما يطلبه واكثر..

احمد الجلبي دائماً كشف للصحيفة العربية اللندنية، بأن قادة المعارضة (السابقة بالطبع)، كانوا قد قرروا تشكيل حكومة عراقية مؤقتة بعد تغيير نظام صدام حسين مباشرة، لكن الادارة الاميركية رفضت ذلك ''بقوة''، وقامت بتعيين بول بريمر حاكماً مطلقا (..).

لماذا كشف الجلبي الامر الان، ولم يقم باعلانه قبل اربع سنوات؟.

والاهم، أي سبب حقيقي يقف الان خلف قوله من شقته الفخمة في لندن، وليس من بغداد المشتعلة بالحرائق ورائحة الجثث المجهولة الهوية.. ان الاداء الاميركي في العراق فاشل؟.

لا يحتاج المرء لكثير عناء ليعرف العدد المتزايد للذين يقفزون من سفينة الاحتلال الجانحة، ظنا منهم ان الوقت قد يسعفهم للعب دور في مرحلة ما بعد الاحتلال التي قد تقود الى مصالحة او تذهب بالعراق الى اتون حرب اهلية مدمرة، ولهذا نرى الحلبي يقول في استسلام يدعو للشفقة وتبريرا للمصير الذي آل اليه (.. ان عمليات التغيير السياسي عبر التاريخ، ليس بالضرورة ان الذين يقومون بالتغيير هم الذين يتسلمون المسؤولية بعده''..

كلام اقرب الى ''النعي'' السياسي، رغم ان الرجل (في المقابلة) يبدي تفاؤلاً لا نعرف مصدره او قاعدته..

ماذا عن نوري المالكي؟.

رئيس الوزراء العراقي، وفي التقاء (ربما جاء صدفة)، يذهب مؤخراً في الطريق الذي يزعم الجلبي انه يسير عليه، فيقول (وهو الذاهب الى واشنطن يوم 22 الجاري)، ان المصالحة هي ''الخيار الأوحد'' امام حكومته لانقاذ العملية السياسية (..).

يلعبان، الجلبي والمالكي، في الوقت الضائع وليس بدل الضائع، لأن دورهما انتهى او لم يعد بمقدور كل منهما توفير ''البضاعة'' المطلوبة بعد ان ظهرا بوجههما الطائفي المذهبي وعقليتهما الثأرية الاستئصالية، وهما سيدفعان الثمن السياسي، وربما تكون رحلة المالكي الى واشنطن هي الرحلة الاخيرة وربما يكون العشاء الذي سيتناوله في البيت الابيض العشاء الاخير، فلا شيء يدل على ان ثمة مناصا من ''استبداله''، في غمرة بحث بوش عن مخرج من هذا المستنقع الذي أوقع نفسه فيه.. ودفع الشعب العراقي ثمن هذه الجريمة التي ارتكبت بحقه.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9

أن تقول غير الحقيقة
افتتاحية
الغارديان



كان إدلاء الضابط الأعلى الأميركي في العراق بشهادته امام الكونجرس حدثا متوقعا - على الأقل لأن جورج بوش قد اعتمد بشكل كبير عليها كطريقة لتجنب الإجابة على الأسئلة بنفسه.
عندما قبل الجنرال دافيد بتريوس القيادة وكشف النقاب عن استراتيجيته المضادة للتمرد امام الكونجرس في شهر كانون الثاني من هذا العام ، في مقابل وعد بتقديم تقرير آخر للهيئة ذاتها في شهر أيلول. في ذلك الحين ، أشيد كثيرا بحقيقة ان هذا الجندي المخلص سيقدم تقريره للكونجرس ومن خلاله للشعب الأميركي. وإذا فشلت الاستراتيجية فإنه سيعترف بذلك.
في تلك الاثناء ، كانت قدرة الجنرال بتريوس ذائعة الصيت على قول الحقيقة كما هي ، موضع شبهة. مع بعض التحذيرات المحدودة ، قدم دفاعا مستقبليا عن زيادة عدد الجنود ، مزودا باحصاءات مفرطة في التفاؤل تدعم التأكيد ، الذي يشاركه فيه أشخاص قلائل من خارج البنتاغون ، بأن الاستراتيجية ناجحة.
والامر الأكثر أهمية ، أعلن أن وحدة من المارينز قد تترك العراق في نهاية هذا الشهر ، يتبعها مغادرة لواء قتالي في شهر كانون الأول وأربعة ألوية أخرى في بداية العام المقبل. قد يعود مستوى عدد الجنود إلى مستويات ما قبل الزيادة في منتصف العام المقبل. لم يكن بتريوس الجندي المهني هو الذي رأيناه بالأمس ، إنما بتريوس المروج السياسي ، وخطته - أي اعطونا المزيد من الوقت وسوف تنجح خطة إعادة الاستقرار - ليست موثوقة على الإطلاق.
وكما يتردد كثيرا في كتيب الجنرال عن مناهضة التمرد ، لا بد من حملة فعالة تعمل على عدة جبهات في وقت واحد ، على الأقل ليس على قلوب وعقول من دعموا التمرد. فهل ربح الجنرال قلوب وعقول العراقيين العاديين؟ كلا ، وفقا لاستطلاع رأي 2000 عراقي أجرته هيئة الاذاعة البريطانية و"آيه بي سي" ووكالة انباء يابانية. يعتقد 70% أن الأمن قد تدهور في مناطق شملتها زيادة عدد الجنود ، وهي وثيقة أكدتها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم امتحدة ، والتي قدمت تقريرا أن 60 ألف عراقي في الشهر يتركون بيوتهم خوفا على حياتهم ، بزيادة 10 ألاف شخص في الشهر منذ بدء استراتيجية زيادة عدد الجنود.
وتقول احصاءات كئيبة من استطلاع الرأي الذي أجرته هيئة الاذاعة البريطانية: هناك أغلبية واضحة مقدارها 57% تعبر عن دعمها للهجمات على قوات التحالف. كما أنه ليس واضحا ما اذا كانت المكاسب العسكرية المعلن عنها ستدوم. وهو ما اعترف به الجنرال شخصيا ، عندما اشار الى خطر التنبؤ بأحداث مستقبلية في العراق كحجة ضد سحب القوات قبل الأوان. تحدث الجنرال بتريوس كثيرا عن التحول الذي تحقق في مقاطعة الأنبار ، التي كانت ذات مرة ملاذا للتمرد.
كانت الهجمات ضد قوات التحالف قد انخفضت من 13500 في العام الماضي إلى 200 في الشهر الفائت. الحقيقة ، التحول الذي حدث في الأنبار لم يكن من نشر 30 ألف جندي إضافي لكن من القرار الذي اتخذه زعماء العشائر السنية للتحول ضد المنظمة التي تعمل تحت مظلة القاعدة وتدعى دولة العراق الإسلامية. وقد تكون الانبار مثالا لإظهار سلطة القوات الأميركية لإحلال السلام في العراق ، لكن قد تثبت أيضا العكس: سلطة القوات السنية المحلية ، وهي ذاتها التي دعمت صدام ، على إشعال العنف وإخماده.
فقد تستأنف المليشيا السنية التي أعيد تسليحها هجومها ضد حكومة نوري المالكي التي يسيطر عليها الشيعة ، بمجرد انسحاب القوات الاميركية. ولا يظهر الهدوء النسبي في بغداد أي شيء سوى حقيقة أن التطهير العرقي قد توقف ، لأن المناطق المختلطة من العاصمة قد تطهرت عرقيا أصلا. سيحصل الجنرال على الشهور الإضافية التي يرغب فيها. لكن من الواضح أيضا أن الحد الأعلى من انتشار القوة الأميركية في العراق قد تحقق.
وسواء بدأ الانسحاب الاميركي بشكل تدريجي أو درامي ، فسوف يتم. ولن يقوموا بذلك ، لمصلحة الشعب العراقي ، كما ينبغي ، بل وفقا للجدول الزمني السياسي الاميركي.
سيقوموا بذلك ليس لأن الرئيس اعترف بمسؤوليته عن شن حرب كارثية. بل لانه تخلى عن تلك المسؤولية ، بترك مسألة سحب الجنود الأميركيين لخليفته.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
عراق المستقبل والخطر الايرانيى
حازم مبيضين
الراي الاردن

من حق الحكومة العراقية أن تشعر بالارتياح بعد إعلان الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الاميركية في العراق أمام الكونجرس ان انسحاب القوات الاميركية من العراق سيكون تدريجيا وأن خطط تخفيضها ستناقش مع الحكومة في بغداد لأن المؤكد أن أي انسحاب مفاجيء ليس في مصلحة العراق ولا دول الجوار ، وسيصب في طاحونة الارهاب المتربص بالعراق وأهله وبأي بوادر لاستقرار المنطقه ابتداء بأصغر قرية في جنوب العراق ومرورا بنهر البارد وليس انتهاء بغزه ستان .

لقد كان واضحا أن عملية زيادة عديد القوات الاميركية في بلاد الرافدين حققت بعض أهدافها العسكرية ، فمنذ منتصف حزيران الماضي شاهدنا انخفاضا واضحا في عدد الضحايا وعدد الهجمات اليومية. وتقول الإحصاءات بأن العنف الطائفي انخفض بمستوى 55% عن ما كان عليه قبل حوالي 10 أشهر ويعود الفضل في ذلك إلى اكتشاف أكثر من أربعة الاف مخبأ للأسلحة في الشهورالتسعة الأولى لهذا العام وهي أكثر بحوالي 1700 مما تم اكتشافه طوال العام 2006 ، غير أن الواقع يشير إلى أن بعض الصعوبات ما تزال قائمة على الارض وأن حل هذه الصعوبات يفرض إتاحة الوقت لاعداد القوات العراقية بشكل يعطيها القدرة على الحلول محل المنسحبين .

صحيح أن العنف تراجع في بعض المناطق بالعراق ، بنسبة تجاوزت45% بشكل عام وبنسبة أعلى في بغداد وصلت الى 70% إلا أنه تواصل بشكل متنام في مناطق اخرى، وخاصة في الاستهدافات الإرهابية للطائفة الايزيدية في الشمال كما انه تفجر بطريقة مثيرة للاسف بين أبناء الطائفة الشيعية في كربلاء في حين شهدت محافظة الانبار نقلة نوعية حين تصدى رجالها لقوى التخريب والدمار والارهاب الزاعمة بأنها تعمل لمصلحة العراق ، فانخفضت الهجمات من حوالي 1350 هجوما في شهر تشرين الأول العام الماضي إلى قرابة 200 هجوم في شهر آب من هذا العام وإذا كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يؤمن أن حكومته حالت دون انزلاق البلاد إلى هاوية حرب طائفية ، وأن مكاسب أمنية تحققت فان المؤكد أن هذه المكاسب ستضيع ما لم يعمل الساسة العراقيون على تحقيق المصالحة الوطنية ، للإرتقاء بالاداء الحكومي إلى المستوى المأمول ، ذلك أن الكثير من اطراف العملية السياسية يؤمنون بأن الاداء السياسي لحكومة المالكي لا يصل الى المستوى المطلوب للتعامل مع التحديات المخيفة التي تواجهها البلاد ، مثلما يؤمنون أن هذه الحكومة بحاجة إلى المساعدة سواء من خلال استمرار الدعم الاميركي والاقليمي ، او من خلال بذل المزيد من الجهد الذاتي الملتزم بمصلحة الوطن أولا وعاشرا وأخيرا.

وغني عن القول إن على الجميع ملاحظة أن اعضاء الكونجرس الديمقراطيين ومعهم الكثير من الناخبين الاميركيين يطالبون بنهاية سريعة للوجود الاميركي في العراق ، لكن بعض المحللين يرون أن الديموقراطيين الطامحين في الفوز بالبيت يخشون من أن انسحابا متسرعا قد يؤدي إلى تدهور الوضع ويجعلهم عرضة لاتهامات بأنهم خسروا العراق، بعد الخسارات الكبيرة التي قدمتها بلادهم للسيطرة عليه.

نثق بأن وجود عراق آمن ومستقر وديمقراطي يتعايش بسلام مع جيرانه أمر يمكن تحقيقه، وإن بشكل يبدو بطيئا غير أن الخطر الايراني محدق ببلاد ما بين النهرين ، فطهران تتطلع إلى أن تكون الرابح الاكبر في حال انسحاب سريع للقوات الاميركية من هذا البلد الذي يخطط ملالي قم لأن يتركه الاميركيون غارقا في الفوضى او في حرب اهلية مما يعطيها الحق في التدخل وبما يدفع دول الجوار هي الاخرى لمحاولة مد نفوذها لأن الجميع يرى أن مستقبله مرتبط بالاوضاع السائدة في العراق الآن ومستقبلا.

ولنا الحق أن نستذكر هنا تصريحات الرئيس الايراني عن استعداد بلاده لملء الفراغ بعد ان تنسحب القوات الاميركية من العراق خاصة وأن الاتهامات متواصلة ضد الايرانيين بأنهم يلعبون دورا مؤذيا ولا يكتفون بمواصلة مد المجموعات المتطرفة بالاسلحة بل أنهم يزيدون حجم هذه الامدادات ، ويسعون بناء على انتمائهم الطائفي لإستغلال المشاعر الطائفية لدى بعض الميليشيات الشيعية إلى تحويل هذه المليشيات إلى قوة مشابهة لحزب الله لتخدم مصالحها وتشن حربا بالوكالة ضد الدولة العراقية واستقرارها ومستقبل شعبها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
شهادات بتريوس وكروكر عندما يُدفع اللص الى حلف اليمين
جورج حداد
الدستور الاردن
أمس الاول.. وأمام لجنتي القوات المسلحة و.. الشؤون الخارجية ادلى كل من الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الاميركية في العراق و.. السفير الاميركي في العراق ريان كروكر بشهادتيهما حول تقييم الوضع الامني والسياسي في العراق بعد نحو اربع سنوات ونصف على غزو العراق واحتلاله،. وقد نقلت فضائية «الجزيرة» جلسة الاستماع هذه ، مباشرة ، مما سمح للمراقبين ان يشاهدوا ويسمعوا الشاهدين اللذين يُفترض ان تكون شهادتهما ذات اثر وتأكيد على صحة أو عدم صحة الاستراتيجية الاميركية المعتمدة من قبل ادارة بوش في.. العراق،.
وكنت ، خلال الاشهر الثلاثة الماضية قد قرأت اكثر من مقال ، لاكثر من كاتب ومختص يشككون فيها حول نزاهة الجنرال بتريوس وموضوعيته ، مدللين على ذلك باكثرمن واقعة واكثر من شهادة تطوّع بها الجنرال لدعم موقف الرئيس بوش ، قبل ان يتم تعيينه قائدا للقوات الاميركية في العراق،.
وزاد في تعميق الشك بموضوعية الجنرال الشاهد ان الصحف الاميركية في الاسبوع الاخير ، اكثرت من الاشارة الى هذا الأمر بل ان «نيويورك تايمز» تعمّدت ان يكون مانشيتها الكبير على صدر صفحتها الاولى صبيحة يوم الشهادة هو «.. بتريوس يخوننا»،،.
اضافة الى ذلك.. فان الرئيس بوش قبل ثلاثة ايام على ادلاء الجنرال بشهادة ، دعا الشعب الاميركي الى الاستماع الى شهادة بتريوس وكروكر والتمعن في مضمونها،،. وكانت هذه الدعوة بمثابة التحذير من الشاهد والشهادة لانها صادرة عن رئيس فاقد المصداقية والشعبية،،.
وفعلا.. لم يخيّب الجنرال الظن بغياب نزاهته،. وبحسب ما أورده الجنرال فان العراق والحياة في العراق منذ تولي القيادة قبل ثمانية أشهر ، اصبحت أو.. تكاد ان تصبح «قمرة وربيع» وسهرات متواصلة على شاطىء دجلة وشارع ابي نواس وحطب «المسقوف» يكاد دخانه يغطي سماء بغداد،،. ففي نظر بتريوس وشهادته التي تذكر بشهادة وزير الخارجية السابق كولن باول في مجلس الامن بتاريخ 5 ـ 2 ـ 2003(،،) في نظر بتريوس :
«.. أن الاهداف العسكرية للقوات الاميركية في العراق تحرز تقدما»،،.
«ان قواته تمكنت من تطهير العاصمة العراقية من جميع عناصر تنظيم القاعدة»،،.
«.. ان القوات الاميركية ستواصل دورها في العراق حتى يتم تحقيق النجاح المنشود»،،.
وهكذا.. وبمثل هذه الشهادة المزورة والاقوال المضللة يحاول الجنرال القائد ان ينتزع اعجاب بوش وتقديره من جانب ، واستقطاب سخرية الاميركيين وغضبهم من جانب آخر،،. انه.. الكذب.. ملح الرجال عندما لا يكون الساسة والقادة الاّ.. جبالا من .. الملح،،.
أما السفير كروكر فقد كان أقل تواضعا واكثر ذكاء في شهادته الحائرة «الملغوصة» التي حاول ان يجمع فيها بين النقيضين: اكاذيب رئيسه و.. الحقائق الموضوعية،،. مثال ذلك.. قول كروكر :
«.. انه يمكن للولايات المتحدة ان تحقق اهدافها في العراق ولكن.. لا اتوقع أن نشهد تطورا سريعا في تحقيقها»،،.
واللافت ان أيا من شهادتي الكفر اللتين نطق بهما بتريوس وكروكر ، لم تأت على ذكر العراقيين الاّ في سياق التعريض واللوم. أما المقاومة فلا يقوم بها الاّ.. الايرانيون وميلشياتهم التابعة لهم و.. عناصر القاعدة، ،
التفصيل هنا ، يوجع القلب والرأس لفرط هذا الامعان البشع في تمرير الاضاليل وتكريس الاكاذيب التي بلغت درجة من الاستخفاف بعقول الناس ، لا يحسد اصحابها عليها الاّ الاطفال الصغار وسكان.. العصفوريات، ،
تُرى.. هل يحتاج المراقب لنعمة النبوّة لاستشفاف مصير البلد والدولة التي تُقاد بالكذب والتضليل والتلفيق وشهادات الزور ، فضلا عن تعمد الاجرام؟ ،
لقد آن للمواطن الاميركي الاعمى ان يصحو وان ينتبه لما يُرتكب باسمه ، من فظائع واهوال لا يمكن ان تستقبلها الشعوب الاّ.. بالازدراء والحقد والمقاومة،،.
شهادات بتريوس وكروكر هي نفسها شهادة اللص عندما يُدفع الى حلف.. اليمين،،.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
كل هذا التناقض

: عماد عريان
الاهرام مصر
مع انطلاق المواجهة المنتظرة بين البيت الأبيض والكونجرس الأمريكي‏,‏ حول تقويم الجنرال ديفيد بيتريوس للأوضاع في العراق‏,‏ تكشفت خطوط عريضة حول كم هائل من التناقضات غرقت فيها أطراف الأزمة العراقية‏,‏ وربما كان ذلك واضحا في الجدل المستعر داخل الولايات المتحدة‏,‏ بل وداخل الإدارة الأمريكية نفسها‏,‏ دون أن ننسي تلك التصريحات الشائكة التي يحاول من خلالها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التسويف لبقائه في السلطة‏,‏ ولكنها في واقع الأمر تمهد لبقاء القوات الأمريكية المحتلة لأطول فترة ممكنة‏.‏

ولنتأمل التناقضات الأولي داخل الإدارة الأمريكية نفسها‏,‏ وبين بوش وقيادات الكونجرس‏,‏ فرغم حرص الرئيس الأمريكي وأركان قيادته ـ وآخرهم الجنرال بيتريوس قائد قوات التحالف في العراق ـ علي التأكيد بشكل دائم في الآونة الأخيرة علي تراجع معدلات العنف‏,‏ إلا أنهم في الوقت نفسه يؤكدون ضرورة استمرار القوات الأمريكية دون أي خفض أو انسحاب مرحلي أو جزئي‏,‏ وهذا تناقض صريح لا يحتمل اللبس‏,‏ فضلا عن أن مواقف الإدارة الأمريكية في هذا الشأن تتناقض كليا مع تقارير مستقلة صدرت عن الكونجرس وعن هيئات ومنظمات أمريكية خاصة‏,‏ كلها تؤكد أن أعمال العنف‏,‏ بل وعمليات التطهير العرقي ـ الديني تزايدت وتسارعت وتيرتها في العراق بشكل واضح‏,‏ منذ زيادة القوات الأمريكية في العراق مطلع العام الحالي‏2007.‏

ولاشك في أن تلك التقارير المستقلة البعيدة عن كل ضغوط حكومية من جانب إدارة بوش هي الأصدق‏,‏ لأنها تعكس الواقع الحقيقي‏,‏ الذي يعيشه العراق من دمار وخراب وعمليات قتل يومية‏,‏ أما الموقف الرسمي للإدارة الأمريكية فدوافعه مفهومة حيث لا يستطيع الرئيس بوش خلال تلك المرحلة‏,‏ وحتي خروجه من البيت الأبيض في يناير‏2009,‏ أن يعترف بفشل سياساته وجرائمه المستمرة في العراق‏,‏ وإلا فإنه بذلك يعلن للعالم صراحة أنه أخطأ فيما فعل بما يجعله أقرب الي مجرمي الحرب‏.‏

وعبر الأطلنطي وعلي الجانب العراقي يعيش المالكي نفس حالة التناقض‏,‏ وليس أدل علي ذلك من خطابه الطارئ أمام البرلمان العراقي أمس الأول‏,‏ واذا أخذنا في الاعتبار أن خطابه في مجمله لم يكن إلا تمهيدا لإدارة بوش في إضافة حائط صد جديد في مواجهة الكونجرس‏,‏ إلا أن هذا يحول دون الإشارة الي التناقضات الصريحة في كلماته‏,‏ فقد ذهب المالكي الي حتمية استمرار القوات المحتلة للعراق علي الرغم من أنه هو نفسه يري أن‏14‏ ألفا من المسلحين المنتمين للقاعدة‏,‏ قد انخرطوا في صفوف القوات العراقية‏,‏ وأن معدلات العنف في محافظة الأنبار تراجعت بنسبة‏75%,‏ وأن جهود حكومته نجحت في منع البلاد من الانزلاق نحو حرب أهلية شاملة‏,‏ واذا كان ذلك صحيحا ـ وهو غير ذلك بالقطع علي أرض الواقع ـ فما الحاجة لاستمرار القوات الأجنبية بكل هذا العدد؟‏!‏ إنه دليل آخر علي التناقض الصارخ والبهتان الذي تسوقه الأطراف المسئولة عن المأساة العراقية لتبرير فشلهم‏.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
تقرير بترايوس - كروكر: إخفاء الأسباب والتخويف من النتائج
وليد نويهض

الوسط البحرين


يستمر الكونغرس الأميركي في مناقشة التقرير الذي رفعه الثنائي قائد القوات في العراق الجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر. المناقشة لا يتوقع منها أنْ تغيّر من جوهر التقرير ولكنها يمكن أنْ تكشف تفصيلات تتعلق بتلك الأخطاء والثغرات والتجاوزات التي أوصلت بلاد الرافدين إلى حال يرثى لها.

هناك كارثة في العراق ولكن الاحتلال يرفض الاعتراف بوجودها وإذا اعترف يحمّل غيره مسئولية ما حصل. عدم الاعتراف والتهرّب من المسئولية واتهام قوى خارجية أو جوارية بأنها هي الطرف الذي أنتج المصيبة تعتبر مؤشرات على إنكار إدارة جورج بوش دورها في لعبة تدمير بلد وتفكيكه إلى مجموعات أهلية منزوية في مناطق متجانسة في هويتها المذهبية والطائفية. وعدم وجود رغبة لدى إدارة واشنطن بالتقدم نحو كشف ملفات الحقيقة تعطي إشارة سلبية للاحتمالات المتوقع حصولها في المستقبل.

التقرير الذي رفع أمس الأوّل إلى الكونغرس لم يقل الجديد من الأفكار. فهو ركّز على النجاح الجزئي للخطة الأمنية التي أطلقت في يناير/ كانون الثاني الماضي. وطالب بالاحتفاظ بزيادة القوات إلى أقصى فترة ممكنة على ألا تتجاوز الصيف المقبل. واتهم التقرير دول الجوار وتحديداً إيران بأنها تتحمّل مسئولية إثارة الفوضى وزعزعة الأمن.

الأفكار المطروحة كانت متوقعة حتى حين أشار التقرير إلى احتمال خفض القوات المحتلة 4 آلاف قبل نهاية السنة الميلادية الجارية. فالمعلومات هذه سربت سابقاً إلى الصحف ووكالات الأنباء؛ لأنها استهدفت شراء سكوت المعارضة التي تطالب بضرورة الانسحاب الفوري أو الإعلان بوضوح عن خطة تدريجية للخروج من العراق.

التقرير يتجّه عموماً إلى تأجيل فكرة الانسحاب بذريعة كسب الوقت وإعطاء فرصة للخطة الأمنية للنجاح. والواضح في التقرير أنّ الثنائي الأميركي أكد على خطورة تداعيات الكارثة في حال اتخذ قرار الانسحاب الفوري وغير المدروس والمبرمج. فالثنائي وصف الأمر بأنه سيعود بـ «نتائج كارثية» وستكون «إيران هي الرابحة». هذا الربط بين الانسحاب والكارثة وبين تداعيات الكارثة ومكاسب إيران يؤكد على أنّ إدارة واشنطن لاتزال تتبع أسلوب التخويف في التعامل مع أزمة مفتعلة ساهم تيار «المحافظين الجدد» في اختراعها.

الاحتيال على الأسباب التي دفعت إدارة واشنطن الجمهورية إلى تخليق كارثة في المنطقة يشكّل ذاك الامتداد لبرنامج أشرفت اللوبيات والمافيات على وضع آليات تنفيذه ميدانياً وبالضد من كل القوى الدولية التي تحفظت على الحرب. فالإدارة لاتزال تتبع أسلوب التغاضي عن ذكر الدوافع التي شجّعت واشنطن على الانفراد بالقرار. وبما أنها تتهرّب من شرح الأسباب وتفسيرها تلجأ واشنطن إلى اعتماد أسلوب التعمية لتغطية النتائج الكارثية واتهام غيرها بالمسئولية.

عملية الفصل بين الأسباب والنتائج التي اعتمدها التقرير في قراءة حال العراق بعد الاحتلال تشكّل تلك الثغرة المركزية في سياسة إدارة لا تريد الاعتراف بالخطأ وتتهرّب من المسئولية وتتردد في البوح بالحقيقة.

أسئلة الحرب

سؤال «مَنْ اتخذ قرار الحرب» يرسم صورة الهيئة المسئولة عنها. وسؤال «لماذا اتخذ قرار الحرب» يقدّم مادة دسمة لمعرفة الخفايا التي شجّعت إدارة بوش على اتخاذ تلك الخطوة. وسؤال «لماذا قوّضت دولة العراق» يعطي فكرة عن النتائج الكارثية التي وصلت إليها بلاد الرافدين بعد الاحتلال.

كلّ هذه الأسئلة لا يذكرها التقرير؛ لأنها تشكّل تلك المقدّمات الصحيحة التي تساعد على التوصّل إلى تحليل النتائج والخروج بأجوبة صحيحة وتوصيات واقعية. التقرير يقرأ النتائج بأسلوب معكوس وينطلق منها معتمداً نهج التخويف ليرسم صورة سلبية عن احتمالات وتداعيات محلية وإقليمية. وسياسة تغييب الأسباب والقفز على الأسئلة وبدء القراءة من النهايات لا المقدّمات تستهدف تغطية الفشل الذي وصل إليه الاحتلال بعد أربع سنوات من ترويع الأهالي وتمزيق علاقاتهم وتفكيك مصادر رزقهم.

الكارثة في العراق في مقدّماتها ونتائجها تتحمّل مسئوليتها واشنطن. فالإدارة الأميركية هي الطرف الذي اتخذ قرار الحرب. وإدارة الاحتلال هي الجهة التي تفردت في اتخاذ سلسلة قرارات وخطوات وتوصيات أسفرت في مجموعها عن توليد فراغات أمنية وشجّعت القوى المحلية والإقليمية على التنافس والاقتتال لاكتساب حصة في الغنيمة. والنتائج التي توصّل إليها العراق تقع مسئوليتها على جهة قررت من طرف واحد تعديل الخرائط السياسية وتعديل الموازين وتغيير مواقع الطوائف والمذاهب بهدف إعادة بناء دولة «نموذجية» في المحيط الجغرافي ودائرة «الشرق الأوسط». وكلّ هذا الكم من الأخطاء المقصودة أو غير المقصودة لا يمكن ترحيله من حسابات المسئولية الأميركية وتحميل دول الجوار وزر نتائج كارثة كان بالإمكان تجنب وقوعها.

أسلوب التخويف

التهرّب من المسئولية واللجوء إلى أسلوب التخويف واتهام دول الجوار بأنها تقف وراء الفشل تطرح أسئلة استفسارية عن القصد من إخفاء الأسباب والتركيز على النتائج والترجيحات المحتمل وقوعها في المستقبل. فالخطورة ليست بما حصل فقط وإنما بما سيحصل أيضاً. ولجوء التقرير إلى سياسة التحذير (التخويف) يطرح أسئلة بشأن الخطوات التي تعتزم واشنطن اتخاذها في الفترة المقبلة. فهل إدارة بوش تعتمد على النتائج السلبية لتتخذ منها ذريعة لرفض فكرة الانسحاب؟ وهل تخطط إلى سياسة إعادة الانتشار والتموضع العسكري الدائم بذريعة أنّ الخروج سيعطي مكاسب مجانية لقوى محلية وإقليمية؟

الاحتمالان واردان، كذلك هناك احتمال السيناريو الأسوأ وهو تطوير فكرة رفض الانسحاب باتجاه تعزيز سياسة الهجوم لمنع الأطراف الأخرى من الاستفادة من تداعيات الفشل.

قراءة الكونغرس للتقرير يجب أنْ تؤخذ على أكثر من وجه حتى لا تهمل تلك الثغرات المتصلة بمقدّمات الحرب. فالنتائج السلبية لها علاقة بالأسباب وإذا تركت تلك الدوافع التي أملت على الإدارة اتخاذ قرار الحرب فمعنى ذلك أنّ إدارة الحزب الجمهوري تهرّبت من الإجابة عن الأسئلة الحقيقية وتوجهت فوراً إلى الوقائع الميدانية لتعتمد عليها في سياسة تبرير الإبقاء على القوات إلى فترة طويلة.

هذه النقطة ليست غامضة في التقرير المرفوع إلى الكونغرس. فالثنائي بترايوس - كروكر تعمد تضخيم السلبيات التي ستنجم عن الانسحاب ليؤكد على ضرورة استمرار الاحتلال إلى أجل غير مسمّى ويرتبط بالحاجة. وعملية اشتراط الانسحاب بالوظائف المترتبة عن وجوده أو عدم وجوده تدفع إلى الاعتقاد بأن إدارة واشنطن الحالية لا تفكّر بالخروج من العراق وتخطط لتوريط الإدارة المقبلة بالنتائج السلبية المتوقعة في حال اتخذ القرار.

كلام بوش الدائم عن «الانتصار» وتخويف الناخب الأميركي من النتائج المدمّرة عن الانسحاب قبل «استكمال المهمات» وإثارة المخاوف من التداعيات المحتملة في حال ترك العراق على ما هو عليه الآن، يشكّل في مجموعه علامات واضحة تؤكد استمرار الإدارة في نهجها السابق وعدم استعدادها للاعتراف بالأخطاء سواء حين اتخذ قرار الحرب أو حين يتهرّب «البيت الأبيض» من تحمّل مسئولية نتائج قراره. وهذه الخلاصة تشير إلى أنّ الثنائي الذي أشرف على كتابة التقرير اتجّه إلى التخويف من نتائج الانسحاب لأسباب لا تتعلق بمدى نجاح الخطة الأمنية وإنما لحاجات تتصل بمشروع عام يرى ما تبقى من تيار «المحافظين الجدد» بأنّ الضرورة الاستراتيجية تتطلب استكماله وعدم التراجع عنه.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
خطة لـ «الانسحاب الكامل» من العراق

بيل ريتشاردسون
الوطن قطر
كان هناك تلميح من قبل هيلاري كلينتون، وباراك أوباما، وجون إدواردز، إلى أنه لا يوجد بين مواقفهم ومواقفي سوى فارق ضئيل بشأن العراق. وهو تلميح ليس بالصحيح، لأن الحقيقة هي أنني المرشح «الديمقراطي» الوحيد الملتزم بإخراج جميع القوات الأميركية من العراق، وعلى وجه السرعة.

في المناظرة الأخيرة سألت المرشحين الآخرين عن أعداد القوات التي يقترحون تركها في العراق... ولأي غرض؟ ولكنني لم أحصل على إجابات. والشعب الأميركي بحاجة إلى إجابات في هذا الخصوص، لأننا لو انتخبنا رئيساً يرى أن القوات يجب أن تبقى في العراق لسنوات، فإن معنى ذلك هو أنها ستظل هناك لسنوات، وهذا سيكون خطأ مأساوياً.

إن هيلاري وأوباما وإدواردز يعكسون ذلك النمط من التفكير السائد في الدوائر المسؤولة في واشنطن، والذي يرى أن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية سوف يكون بشكل من الأشكال سياسة «غير مسؤولة»، على رغم أن الحقائق تشير إلى ان الانسحاب السريع والكامل (وليس من خلال عملية طويلة على غرار ما تم في فيتنام) هو الذي سيمثل سياسة فعالة ومسؤولة إلى أقصى حد.

إن هؤلاء الذين يعتقدون أننا بحاجة إلى الاحتفاظ بقوات في العراق لا يفهمون الشرق الأوسط. لقد سبق لي الالتقاء والتفاوض الناجح مع العديد من الزعماء الإقليميين بمن فيهم صدام حسين، وهو ما يجعلني مقتنعاً بأن الانسحاب الكامل هو فقط الذي يمكن أن يُحدث تحولاً كافياً في سياسات العراق وجيرانه ويؤدي إلى حلحلة الأوضاع التي استمرت طويلاً وكانت سبباً في مصرع الكثير من الناس.

لقد فعلت قواتنا كل ما طُلب منها بشجاعة وحِرفية، ولكن يجب أن نعرف أن هذه القوات لا يمكن أن تكسب حرباً أهلية بالنيابة عن آخرين. فطالما ظلت القوات الأميركية في العراق فإن معنى ذلك هو أن المصالحة بين الفرقاء العراقيين ستظل مؤجلة. فبقاء تلك القوات هناك يتيح للعراقيين إمكانية تأجيل اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء العنف من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه سيمنعنا من استخدام الدبلوماسية من أجل إقناع دول أخرى بالمساعدة في تحقيق الاستقرار في العراق وإعادة بنائه من جديد. علاوة على ذلك فإن بقاءنا هناك يضعف من قدرة قواتنا على مواجهة تنظيم «القاعدة»، ويعزز الدعاية المناوئة لأميركا التي يقوم بها هؤلاء الذين يصورون أميركا على أنها قوة احتلال هدفها نهب ثروات العراق النفطية وقمع المسلمين.

وفي اليوم الذي سنغادر فيه العراق فإن هذه الخرافة ستتداعى وسيطرد العراقيون «الجهاديين» من بلادهم. كما أن رحيلنا سيمكننا أيضاً من التركيز على إلحاق الهزيمة بالإرهابيين الذين هاجمونا في الحادي عشر من سبتمبر، والذين توجد قياداتهم في المنطقة الممتدة على طول الحدود الباكستانية- الأفغانية وليس في العراق.

ومن الناحية اللوجستية، أعتقد أنه سيكون بإمكاننا الانسحاب خلال قترة تتراوح ما بين ستة إلى ثمانية شهور. وأنا أعتمد في تقديري لهذه الفترة على حقيقة أننا حرّكنا قرابة 240 ألف جندي إلى داخل العراق وخارجه خلال فترة قصيرة لم تتجاوز 3 شهور خلال عمليات تدوير القوات الرئيسية، وهو ما يدل بالتالي على أننا قادرون على إعادة نشر القوات بشكل أسرع من ذلك خصوصاً إذا ما تفاوضنا مع الأتراك من أجل فتح ممر لخروج قواتنا عبر أراضيهم.

وعندما يبدأ انسحابنا فسنكتسب قوة دفع، وتأثيراً دبلوماسياً، لأن العراقيين في تلك الحالة سيبدؤون في النظر إلينا كوسطاء وليس كمحتلين، كما سيبدأ جيران العراق عند ذلك في مواجهة حقيقة أنهم إذا لم يساعدوا في عملية تحقيق الاستقرار فإنهم سيواجهون عواقب انهيار العراق.

ويمكن للولايات المتحدة أن تسهّل المصالحة العراقية، والتعاون الدولي من خلال عقد مؤتمر مماثل لذلك الذي حقق السلام في البوسنة. وسنكون في مثل هذه الحالة بحاجة إلى مفاوضات بشأن الأمن الإقليمي بين جيران العراق، وإلى إجراء مناقشات بشأن الهبات التي يجب أن تمنح من الدول الغنية من أجل المساعدة في بناء العراق.

إن أياً من هذه الأشياء لن يتحقق إذا لم نعمل على إزالة أكبر عقبة تعترض طريق الدبلوماسية ألا وهي وجود القوات الأميركية في العراق.

وأرى أن خطتي واقعية لأسباب هي:

- أنها أقل خطورة من غيرها، لأن سحب بعض القوات وترك بعضها سيجعل هذا البعض الأخير معرضاً للخطر.

- أنها ستساعد على انتشال قواتنا من المستنقع الذي علِقت فيه، وتعيد تأهيلها من أجل التفرغ لمواجهة التحديات الحقيقية التي تواجهنا.

- عندما يتم تسريع عملية السلام فإن احتمال استمرار نزيف الدماء لمدة طويلة سيتناقص. لقد سحب الرئيس نيكسون قواتنا في فيتنام ببطء مما ترتب عليه عواقب وخيمة. فخلال الفترة التي استغرقها ذلك الانسحاب والتي بلغت سبع سنوات لقي 21 ألف أميركي وما يقارب مليون فيتنامي-معظمهم من المدنيين- مصرعهم دون فائدة حقيقية. وبمجرد أن خرجت قواتنا من فيتنام سيطر الشيوعيون على كل شيء.

- إن موقفي من موضوع العراق ومنذ أن دخلت هذا السباق كان واضحاً تمام الوضوح وهو: علينا إخراج كافة القوات، وتدشين جهد دبلوماسي جبار في الساحتين العراقية والدولية من أجل تحقيق الاستقرار. وأنه إذا ما أخفق الكونغرس في إنهاء هذه الحرب فإنني سأعمل على إخراج جميع القوات بدون تأخير، وبدون تردد، في أول يوم أتولى فيه مهام منصبي.

علينا أن نتوقف عن التظاهر بأن خطط جميع «الديمقراطيين» متماثلة. إن الشعب الأميركي يستحق إجابات دقيقة من أي شخص سيكون قائداً أعلى لقواته المسلحة عن أسئلة مثل: كم هو عدد القوات الذي ستتركه في العراق؟ وإلى أي مدى زمني؟ ومن أجل أي هدف على وجه الدقة؟ ووسائل الإعلام من جانبها مطالبة بأن توجه هذه الأسئلة للمرشحين بدلاً من السماح لهم بمواصلة ترديد أقوال مثل: «نحن ضد الحرب... ولكن نرجوكم ألا تقرؤوا ما هو مكتوب بحروف صغيرة».

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
حديث الانسحابات في تقارير امريكا
افتتاحية
الجزيرة السعودية
تتردد بين سطور التقارير والتصريحات الأمريكية الأخيرة إشارات هنا وهناك للانسحاب، والانسحاب لا يعني الأمريكيين فقط، فهناك البريطانيون الذين رحلوا من البصرة قبل أكثر بقليلٍ من أسبوع لكنهم بقوا خارجها ولم يغادروا العراق بصورة كاملة..

وعلى الرغم من أن البريطانيين يمهدون بحركتهم هذه لانسحاب كامل من أرض العراق، إلا أن خطوتهم لا يبدو أنها تثير قلق الحليف الأمريكي، فهو ذاته تنتابه أفكار الانسحاب، وكما بريطانيا فإن واشنطن تتعرض للضغوط الداخلية لسحب (الأبناء من المستنقع العراقي)، وقد ردد الرئيس الأمريكي في زيارته الأخيرة للعراق القول إن قياداته العسكرية أبلغته ان خفض عدد الجنود لن يؤثر في مستوى الأمن في العراق..

يبقى إذن أن الانسحاب قد يكون هو العنوان البارز للفترة المقبلة ويؤيد ذلك بشدة التقرير الذي قدمه القائد الأمريكي في العراق الجنرال باتريوس وفيه إشارة واضحة إلى خفض القوات الأمريكية بدءاً من أواخر الشهر الجاري على أن يتواصل الخفض التدريجي اعتباراً من منتصف العام المقبل..

ولسنا هنا في وارد الحديث عن انتصار أو هزيمة على الرغم من المصاعب التي تجدها القوات الدولية هناك وربما ارتفاع معدلات قتلاها، لكن ما يهم هو الوضع العراقي في ظل ما يتردد عن خروج للقوات الأمريكية، وهو أمر ليس وشيك الحدوث لكنه سيحدث على كل حالٍ طال الأمد أم قصر..

إذ من المهم ألا يكون هناك رهان عراقي على بقاء القوات الأمريكية وألا تتم الحسابات والخطط وفقاً لهذا المفهوم، وإنما العمل على بناء الوحدة الوطنية العراقية والاعتماد على القدرات الذاتية لإنقاذ البلاد، إذ إن الوجود الأمريكي يرتبط أيضاً بحسابات داخلية، فالتقريران الأخيران لكلٍ من قائد وسفير الولايات المتحدة في العراق والمناقشات التي دارت في الكونجرس على ضوء التقريرين تعكس تلك الحالة الداخلية خصوصاً ما يتعلق منها بالانتخابات الرئاسية المقبلة حيث يسعى الديمقراطيون إلى تجيير أي إخفاق عسكري لصالحهم في معركة الوصول إلى البيت الأبيض..

وفي كل الأحوال، وإذا عدنا إلى مدى ارتباط الانسحاب بالهزيمة أو الانتصار، فهناك دائماً من يحاول تفسير كل خروج لقوات دولية من مكانٍ ما وفقاً لموقفه من ذلك الوجود الأجنبي، وبذات الطريقة فإن القوات الأمريكية عندما تخرج من العراق سيقول البعض إنها خرجت تحت ضربات المقاومة وإنها انهزمت بينما سيردد آخرون أن الأمريكيين أنجزوا المهمة وخرجوا، غير أن الأمر سيعتمد كثيراً على وضع العراق حال هذا الخروج، فإذا كانت المعارك على أشدها فهذا وضع يختلف عما إذا رحلت تلك القوات والعراق يحتفل بتنصيب حكومة جديدة بعد انتخابات برلمانية ورئاسية تحظى بمشاركة جميع ألوان الطيف السياسي..



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16

التقرير.. والتقصير!!

افتتاحية
الرياض السعودية
ما يجمع بين تقرير "بيتريوس - كروكر" حول العراق، وأحداث 11سبتمبر أن الأحداث تلاقت ربما بالصدفة حول التوقيت، إذ جاء غزو العراق، وإن كان مبيتاً قبل ضرب "البرجين" والبنتاغون، ليعجل بتلك العملية التي حولت الموقف من انتصار تاريخي إلى أزمة طالت كلا المجتمعيءن العربي، وخاصة العراق، وأمريكا بجميع توجهاتها وحصيلتها من القضية..
الحديث ينصب على الكيفية التي تم بها إعداد وتنفيذ أحداث 11سبتمبر، ومع أن الشكوك لا تزال قائمة، وكيف اختفت معالم كثيرة، إلا أن الأمر لا يقتصر على مخادعة الأجهزة الأمنية الأمريكية التي لم تضع في حساباتها أن مجموعة الإرهابيين حظهم في التعليم والتخطيط أقل من مثل هذه العمليات، ومع ذلك هناك شيء مجهول لا يزال قيد التعتيم والإخفاء، غير أن الضربة كانت كبيرة، وآثارها لا تزال تشكل سابقة في تحويل العمق الأمريكي إلى هدف تحقق، وزلزل العالم كله، والموضوع ليس فقط بالجرأة التي قامت بها المجموعة الإرهابية، ولا بالتخطيط الذي وصل إلى دقة متناهية بحسب التحقيقات التي قيل إن أمريكا وأجهزتها الأمنية توصلت إليها، وإنما بالغاية التي جعلت من القاعدة شبحاً كونياً يتواجد في زوايا المدن والمراكز الحساسة، مرعباً كل العالم بمن فيهم العرب والمسلمون الذين هم قيد الاتهام وميدان الحرب القائمة..

قد تكون الأجهزة الأمريكية، رأت في كشف نصف الحقيقة، وترك الباقي لفرصة أخرى مراعاة لأمنها القومي وهذا ما دفع المراقبين والمدققين بالقضية إلى فتح أبواب الشكوك، والذين بنوا رؤاهم على سوابق تاريخية، مثل إخفاء كل أثر لقتل جون كيندي وضرب السفينة (ليبرتي) على السواحل الإسرائيلية، وقصص أخرى تروى، ولا تصل إلى الخيوط الموصلة إلى المعاني الصحيحة لتلك المسائل الدقيقة والخطيرة..

تقرير "بيتريوس - كروكر" تناول الوضع العسكري الأمريكي من خلال بعض الوقائع، لكنه لم يصل إلى التقصير في غزو العراق، والنتائج التي جاءت بعد الاحتلال، وهل كان حل الجيش والأجهزة الأمنية، وانحياز أمريكا لطرف دون آخر، شكّلا الأزمة التي لم يتطرق لها التقرير؟ ولماذا جاء تكوين الجيش العراقي الحديث من فئة بعينها، وفي الوقت نفسه لا يتم تسليحه كجيش نظامي يملك صد الغزو من أي جهة كانت، كأن يمتلك الطائرات والأسلحة الأرضية المتطورة والأجهزة المكملة من رادارات ووسائل رصد، ثم، وهو الأهم تدريب العناصر القادرة على استيعاب تكنولوجيات الأسلحة الحديثة، أم أن ما يجري إعداده ليس إلا شرطة بمسمى جيش نظامي ليس له مهمات كبرى؟

غزو العراق، هو رد الفعل لأحداث 11سبتمبر، لكنه بالوقائع القائمة تحول إلى خطأ تاريخي تجاوز تحقيق الأهداف العليا بتحويل المنطقة إلى مجال مفتوح لأمريكا ترسم خرائطه، وتعدّ لوائح أعماله السياسية والاقتصادية من قِبلها وحدها، لأنها جاءت في لحظة انفعالية قادت إلى نتائج صعبة..

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
هل يمكن أن يقول الديمقراطيون.. نعم؟
ديفيد اغناتيوس
واشنطن بوست



حاول خبير استراتيجي ديمقراطي رفيع المستوى توضيح ما ستكون عليه الأوضاع السياسية في العراق خلال الأيام التالية لتقديم الجنرال ديفيد بترايوس تقريره للكونغرس حول سير الحرب في العراق. أخذ هذا الخبير دفتر الملاحظات الخاص بي وكتب كلمة «نعم». وقال موضحا بعد ذلك إن التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة يتلخص في ما إذا ستكون قادرة على جعل كلمة «نعم» هي الإجابة. وبكلمة «نعم» قصد هذا الخبير الاستراتيجي ترجيح احتمال متابعة الرئيس جورج بوش تصريح الجنرال بترايوس ان الأوضاع الأمنية تحسنت بصورة مقبولة، وذلك بإعلانه البدء في خفض عدد القوات الاميركية في العراق في وقت لاحق من العام الحالي.

أشار الخبير الاستراتيجي الى ان ادارة بوش تتحرك في نفس الوقت باتجاه تحقيق هدف ثان ظل الحزب الديمقراطي على مدى فترة طويلة يسعى لإنجازه وهو السماح بـ«تقسيم معتدل» للعراق في وقت تبدو فيه مسألة تحقيق مصالحة وطنية سياسية أمرا مستحيلا. نهج التقسيم المعتدل هذا كامن في تحالف بترايوس التدريجي مع قادة العشائر المنتمين الى المذهب السنّي في محافظة الأنبار، التي اعتبرها كل من بترايوس والسفير رايان كروكر كنموذج لنجاح كبير تحقق في العراق.

تناول الخبير الاستراتيجي الديمقراطية دفتر ملاحظاتي مرة اخرى وكتب حول التصريح الذي يعتزم إصداره عقب شروع بوش في سحب القوات الاميركية من العراق: «هذه خطوة مهمة وتاريخية للخروج من الوضع الراهن المتمثل في وجود عدد كبير من القوات وإنفاق الكثير من المال والوقت. على أية حال، انها خطوة أولى، وأولى فقط».

ويعتقد هذا الخبير ان هذه استراتيجية ذكية من جانب الحزب الديمقراطي كي ينسب اليه الفضل في تغيير مسار الحرب في العراق، لكنه حذر قائلا انه «يجب الكف عن القول إننا سنوقف الحرب، لأننا لا نستطيع ذلك». كما انه عبر عن خشيته من مواصلة أعضاء الكونغرس الديمقراطيين العمل على حشد الأصوات لتأييد مقترحات خفض عدد القوات وتحديد جدول زمني لسحبها، كما يخشى ايضا من ان هذا التوجه ربما يجد تأييدا من قواعد الحزب الديمقراطي وليس من جانب الاميركيين ككل.

ويمكن القول هنا ان التحدي السياسي أمام الكل مستقبلا هو تحديد تعريف للنجاح كما هو وارد في السياق الحالي لسير الحرب في العراق؛ إذ ان النجاح هو جوهر أي استراتيجية للخروج من العراق. بمعنى آخر توفير أدلة كافية للتقدم الذي أحرز في العراق على نحو يمكن معه إعلان تحقيق انتصار ومن ثم الشروع في عملية إعادة القوات الاميركية الى الولايات المتحدة على مدى فترة زمنية محددة أقصاها عامان. العراق سيكون مشكلة للرئيس الأميركي المقبل أيضا.

إجراء زيادة عدد القوات الاميركية في العراق جاء في سياق التفكير في توفير أوضاع سياسية تسمح بالتوصل الى تسوية بين المسلمين السنّة والشيعة في العراق، إلا ان شيئا من ذلك لم يحدث؛ إذ بدلا عن تحقيق مصالحة شاملة بين الطوائف العراقية شجعت جهود بترايوس في مكافحة التمرد على ظهور حلول محلية وتوزيع للسلطات. بمعنى آخر، ثمن النجاح في الأنبار جاء على حساب الهدف الأكبر للمشروع الاميركي في العراق المتمثل في البناء الوطني. وينطبق ذات الشيء على النجاح الذي تحقق في كردستان.

تيار الوسط داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري وقف في الآونة الاخيرة الى جانب تقرير لجنة دراسة الوضع في العراق الذي صدر قبل حوالي تسعة شهور. على الصعيد الشخصي أبديت حماسة تجاه إعادة نشر القوات الاميركية في العراق على نحو يركز على تدريب الجيش العراقي ومحاربة «القاعدة» ومراقبة الحدود العراقية منعا لانتشار الحرب الأهلية، وهذه المهام لا تزال تبدو مجموعة المبادئ الاساسية والصحيحة.

المناقشات التي ستجري هذا الاسبوع ستكون بمثابة اختبار للواقع في نظر المؤيدين لتقرير اللجنة؛ فمناشدة اللجنة بتدريب الجيش الوطني العراقي، حسبما جاء في توصياتها، تمثل جوهر استراتيجية البناء الوطني، وهو أمر لم يحدث للأسف. وكان تقرير من الجنرال جيمس جونز الاسبوع الماضي قد أشار الى ان الجيش العراقي ليس على استعداد بعد للاضطلاع بالمسؤولية الأمنية. وإذا اتفقنا مع الجنرال بترايوس حول ان شيوخ العشائر في الأنبار وميليشياتهم التي تسلحها الولايات المتحدة هو افضل خيار لمواجهة «القاعدة»، فإنه يجب علينا ايضا ان نقبل بحقيقة ان هذه الاتجاه سيضعف التطلعات بتدريب جيش وطني عراقي قادر على توحيد السنة والشيعة الأكراد. ويمكن القول هنا ان الحلول المحلية على المدى القصير عدوة للحلول الوطنية.

انقلبت الحرب في العراق رأسا على عقب عشية تقديم بترايوس تقريره أمام الكونغرس. فالمسلمون السنة الذين كانوا ألد أعدائنا باتوا الآن أقرب اصدقائنا. والشيعة الذين خضنا حرب التحرير من أجلهم باتوا يشكلون عقبات في طريق المصالحة، وأصبحوا بالتالي أعداءنا. نجاح اليوم على أرض الواقع يضعف خطط الأمس الرامية الى تحقيق النجاح. وكما قال الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، حان الوقت كي نختار «نعم» للإجابة، وألا نقامر على أساس رهانات حول المستقبل لا تعدو ان تكون أكثر من تخمين فقط.

ليست هناك تعليقات: