Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأربعاء، 31 أكتوبر 2007

صحيفة العراق الالكترونية المقالات والافتتاحيات الأربعاء 31/10/2007


نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
سباق الأقوى في المنطقة
افتتاحية
اخبار العرب الامارات
عندما أكد الجنرال دافيد باتريوس قائد القوات الأمريكية المشتركة في العراق على أن المرحلة المقبلة ستشهد تراجعاً في أعمال العنف بعد إكمال تطهير المدن الرئيسية من الإرهابيين، كان يراهن على أمرين، زيادة عدد الجنود الأمريكيين الملتحقين بقواته في العراق، والتعاون الوثيق مع الأهالي لمحاصرة الجماعات المسلحة واستعادة الأمن في المناطق المضطربة.
ولكن يبدو أن رهانه قد خذلته العبوات الناسفة التي تحدت التكنولوجيا والصناعة الحربية الأمريكية، حيث لم تتوصل المصانع إلى ترياق ضد هذه المتفجرات التي تخترق الدروع الصلبة، لتحدث هلعا وفوضى وإحباطاً. وربما كان أكبر حادث أدى إلى خسارة الجنرال باتريوس لرهانه هو إصابة أول جنرال أمريكي بانفجار ناسفة وقع بالقرب من مركبته العسكرية شمالي بغداد. ومن المؤكد أن يثير هذا الهجوم مزيداً من الجدل السياسي والعسكري والأمني حول ما تحدثه تلك العبوات الناسفة التي يعتقد القادة العسكريون في بغداد أنها تجلب من إيران التي تقوم بعمليات تصنيع وتمويل وتدريب وتسليح العناصر المتمردة ضد القوات الأمريكية والبريطانية والعراقية. ولكن ماذا يفيد إذا كانت القوات الأمريكية قد اكتشفت مصادر تلك العبوات الناسفة. . هل تستطيع منعها أو إجهاضها قبل أن تنفجر. . أم أنها قادرة على منع تصنيعها وتجفيف منابع استجلابها واستيرادها إلى داخل العراق. . ؟ إيران في خريطة السياسة الأمريكية عدو قديم، وفي مفهوم الرئيس الأمريكي جورج بوش دولة خطيرة لابد من محاصرتها واقتلاع نظامها وتدمير بنيتها النووية كي يستريح العالم من شرورها ومخاطرها وشبح ترسانة أسلحتها. قد يكون مثل هذا الحديث (رطبا) في نفس قادة الحكم في طهران، لأن واشنطن تمنحهم قوة إضافية بإشاعة أن إيران قوة لا يستهان بها، في مجال الأسلحة التقليدية أو في مجال السلاح النووي، في حين كان مدير عام وكالة الطاقة النووية في الأ· المتحدة د. محمد البرادعي قد أشار أكثر من مرة إلى أن إيران تحتاج إلى سنوات طويلة لبناء قوتها النووية، وهي لا تمثل خطراً اَنياً، وربما لا تمثل خطراً مستقبلياً إذا تمت معالجة الملف السياسي والأمني والنووي بحكمة وروية.
ولكن أين الحكمة والروية إذ كانت واشنطن لم تنتصح برأي العقلاء والحكماء بعدم غزوها للعراق، فكيف يمكن أن تنتصح اليوم وهي مشدودة إلى فكرة إبقاء (إسرائيل) أقوى قوة في الشرق الأوسط، تمنحها الأمن والدعم والمساندة في كل شيء، تاركة القضية الكبرى بلا حل، أو بالأحرى تركتها في مهب المماطة الإسرائيلية وغرورها ومناوراتها وغاراتها التي تقتل ما تشاء ومن تشاء بغير حساب أو عتاب. إيران تريد أن تكون القوة الأولى في المنطقة، وإسرائيل تريد أن تكون القوة المهابة في المنطقة. وليس بين أهل المنطقة من يريد أن ينافس على هذا الموقع ليس خوفاً بل لأن شروط المنافسة أن يصل المنافس إلى قناعة شمشمون الجبار (عليّ وعلى أعدائي) حينما لم يجد مفراً من تدمير كل المعبد على رؤوس الحاضرين.
فالقضية ليست قضية متفجرات وقنابل ناسفة وضحايا كبار وضحايا صغار، إنما في سباق التسلح نحو بلوغ (الأقوى) في المنطقة. فإذا حلت واشنطن هذه المعضلة سيعود الشرق الأوسط إلى أمنه واستقراره. .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
موعد مع المشنقة 1-2
عاطف عبدالجواد
الوطن عمان
في ليل العاشر من سبتمبر الماضي كان سلطان هاشم احمد يستعد للموت. كتب وصيته وترك توجيهات بشأن اين يدفن. كل ما تبقى هو انتظار موعده مع المشنقة. هناك كانت اجراءات الأمن المشددة تحسبا لأي محاولة محتملة لانقاذه. فالفريق سلطان هاشم لم يكن شخصا عاديا ادين بجرائم. فهو وزير الدفاع العراقي السابق الذي حكمت محكمة عراقية بإعدامه لدوره في مذبحة تعرض لها آلاف العراقيين الأكراد. وكان الفريق محتجزا، مثل بقية كبار المسئولين العراقيين السابقين في كامب كروبر، وهي قاعدة عسكرية اميركية على مشارف بغداد. ومعنى ذلك هو ان الأميركيين كانوا هم الذين سيقومون بنقل الوزير السابق من زنزانته داخل القاعدة بطائرة هليكوبتر الى المشنقة في موقع آخر. وكانت الحكومة العراقية قد رتبت لتنفيذ الإعدام في الثالثة صباحا، في الذكرى السنوية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأعدت كلمة لكي يلقيها متحدث عراقي بهذه المناسبة تشير الى اوجه الشبه بين الإرهاب الذي اقترفه هاشم في حكومة صدام حسين، وبين الهجمات التي وقعت في الولايات المتحدة قبل ست سنوات. ولكن في العاشرة مساء تسلم المسئولون العراقيون الموجودون عند المشنقة رسالة تقول إن الهيلكوبتر لن تأتي. لقد قرر الأميركيون انقاذ رقبة هاشم ولو لفترة مؤقتة. ولأن تنفيذ حكم الإعدام لم يعلن من قبل، فقد كان من السهل الغاؤه بدون اثارة انتباه الرأي العام في العراق والعالم الخارجي. ورغم وجود جدل داخل الحكومة العراقية الراهنة بشأن الحكمة في تنفيذ احكام الإعدام بصورة عامة، فإن السبب الحقيقي الذي انقذ رقبة هاشم هو ان الأميركيين رفضوا تسليمه للعراقيين.
من المعروف ان الرئيس العراقي جلال طالباني يعارض من حيث المبدأ عقوبة الإعدام. وهناك من الزعماء العراقيين الآخرين من يجادل بالقول: كفانا الإعدام. كفانا الموت. لكن السبب الحقيقي وراء الغاء، او تأجيل، اعدام هاشم هو انه تعاون مع الأميركيين اثناء الغزو، وكان على اتصال بالمخابرات الأميركية قبل وقوع الغزو. ويقول الأميركيون إن الفريق هاشم اسهم في تقصير امد الحرب بأن أمر الجيش العراقي بتحاشي مقاومة القوات الغازية. وربما كان دافع وزير الدفاع العراقي في ذلك الوقت هو الحفاظ على ارواح الجنود العراقيين. ولكنه في الوقت نفسه قلل من المخاطر التي واجهت القوات الأميركية. مسئولون في وكالة المخابرات العسكرية الأميركية اتصلوا به هاتفيا اثناء الغزو وقالوا له: اسمع، نحن سنقتل ونبيد كافة الوحدات العسكرية العراقية ما لم تفعل كذا وكذا. وكان أن امر وزير الدفاع قواته بعدم التصدي للقوات المهاجمة او بالانسحاب من مواقعها، وانقذ الجنود الأميركيين والعراقيين بهذا التعاون. وتقول وكالة المخابرات العسكرية الأميركية في تفسيرها لإنقاذ رقبة هاشم من حبل المشنقة إنها من حيث المبدأ تحفظ وعودها للاشخاص الذين يتعاونون معها.
فما هي الوعود التي اعطتها الولايات المتحدة لوزير الدفاع العراقي السابق، ومن الذي صدرت عنه هذه الوعود؟ وما مدى تعاون هاشم مع الأميركيين؟سوف نجيب على هذه الأسئلة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
قشرة الحضارة
شوقي حافظ
الوطن عمان
الصراع القائم بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يستدعي من الذاكرة صراعات دموية اخرى اطرافها مسلمون، بدأت مع تحيز بني أمية للعرق العربي ضد اعراق اخرى دخلت الاسلام خصوصا في بلاد فارس وشبه القارة الهندية، والنتيجة ثورات اجتماعية لبست رداء دينيا هشا في مذاهب وطوائف كان وراء بعضها ـ خصوصا في الهند ـ اصابع اجنبية شجعت هذا التفرق والتشرذم ونفخت فيه روح التعصب لانه يحقق مصالحها في الهيمنة والسيطرة على تلك المناطق، ونماذج هذه الصراعات اكثر من ان تحصى في التاريخ الاسلامي، ومازالت تتواصل باستنساخ متطابق لا يتعلم شيئا من دروس الماضي البعيد والقريب.
يثير الدهشة ان الجميع يتعامى عن هذه الحقيقة، وعن ادراك بديهية ان كل الفرقاء موسومون بالارهاب والعنصرية كما يدعي من يمسكون اطراف الخيوط بايديهم، هؤلاء الذين يتعاملون مع مختلف الاعراق والمذاهب المسلمة كمجرد احجار شطرنج يحركونها بالكيفية التي تحقق مصالحهم، في عالم تحدد فيه المصالح ـ وليس الاخلاق ـ مبادئ السياسة الدولية، وفي استعلاء عنصري من الغرب بإرثه الاستعماري في علاقته بالشرق (المتخلف)..وليس هناك من سبيل لتجاوز سلبيات هذه الظاهرة سوى اعادة البناء وفقا لقواعد واسس جديدة.
لابد من الاعتراف بالآخر الذي يشاطرنا لقمة الخبز ونسمة الهواء وجرعة الماء، أيا كان انتماؤه العرقي او الديني او المذهبي او الطائفي، شرط التزام الجميع بأجندة وطنية واحدة في مواجهة من يريدون ان نعيد انتاج عصر ملوك الطوائف في الاندلس، الذي سهل مهمة فرديناند وايزابيلا في السيطرة عليها واطفاء شمعة حضارة اسلامية كانت تضيئ هناك، وتنفيذ واحدة من افظع عمليات التطهير العرقي في التاريخ، كان المسلم يخير فيها بين ان يكفر او ان يقتل..لابد من الاعتراف بالتعددية وصون حقوقها وتوظيفها فيما يحقق مصالح الجميع بشرط عدم ازدواج الولاء..هذه هي ام مصائب العرب والمسلمين منذ قرون، وربما هي ما دفعت نزار قباني الى قول: لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح بعد جاهلية!shawkyhafez2001@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
لا تمت بصلة للنزاهة
وليد الزبيدي
الوطن عمان
يعطي راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة ارقاما خطيرة سواء عن المليارات التي سرقت، او عن الذين قتلتهم الاجهزة الرسمية من العاملين في هذه الهيئة.
يقول ان اكثر من ثلاثين موظفا بين العاملين في الهيئة قد تم اغتيالهم من قبل الاجهزة الامنية الحكومية، وان ثمانية عشر شخصا من اقاربه واهله قد اغتالتهم الحكومة ايضا.
هذا امر يحتاج الى اكثر من وقفة، فاذا كانت الاجهزة الحكومية تقتل موظفيها ومن العاملين داخل مؤسساتها للتغطية على سرقة مليارات الدولارات، ولم تتردد في قتل اقارب الموظف والمسؤول الاول في مؤسسة حكومية، لمنعه من الحديث عن السرقات وعدم السماح بالتحقيق مع الوزراء والمسؤولين، ووضع الاغطية على كل ما يجري في اروقة المؤسسة المالية العراقية، اذا كان هذا يحصل داخل هيئة النزاهة، فكيف تتصرف الحكومة مع الاطراف المناوئة والمعارضة لها، وما هو حجم الاذى الذي يلحق بالاخرين، ومن الامثلة القريبة ما جرى في منطقة الزركة التابعة لمدينة النجف وفي البصرة والديوانية، وفي سامراء والطارمية وبعض مناطق ديالى، وما تتحدث به سجون ومعتقلات الحكومة، وما بقي طي الكتمان من قصص مأساوية مرعبة ذهبت مع الذين قتلوهم في حفلات الاعدام الجماعي التي تجري لآلاف الشباب الذين تعتقلهم الاجهزة الحكومية، والذين تختطفهم عصابات الميليشيات وتعذبهم ويتم اعدامهم بصورة وحشية.
ان السلطة التي لن تكون امينة على اموال الناس ومصدر معيشتهم وهذه الاموال التي تدخل في التنمية وميادين الخدمات، كيف تؤتمن هذه الحكومة على حياة الناس واموالهم ومستقبل الاجيال.
ان الامر في غاية السوء والخطورة، وما يجري في العراق لا يقف عند حد السرقات التي تجري في الكثير من دول العالم، لان الوثائق التي عرضها الكونجرس تكشف عن الدور الرئيسي للحكومة في برمجة عمليات السرقة، ورغم ذلك فان خطوة واحدة، لم يتم اتخاذها لمعالجة اجزاء من هذا المرض الخطير، فلا الحكومة تجيب، ولا المواطن العراقي يعرف شيئا عن اموال وواردات العراق، ولم تتحرك الادارة الاميركية او من هو حريص على شعب العراق ومستقبله، للضغط على حكومة المالكي لوقف هذا النزيف الخطير لثروات العراق، ومن المعروف ان الادارة الاميركية على علم ومعرفة بجميع انواع الفساد والسرقات، وكل ما يجري يتم بدرايتها وتحت عيونها، لكنها تحاول الان ان تتبرأ من بعض جرائمها، عسى ان تغطي على العيوب الكبيرة، وتقلل الحديث عن هزيمتها في جميع الميادين داخل العراق، والاستعداد لاغلاق دكاكينها، بما في ذلك مؤسسات الرقابة المالية، التي انكشف سرها، وظلت تغطي على السرقات الكبيرة.
wzbidy@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
هل تتحمل المنطقة اشتعال الحريق الكردي؟
د.أحمد القديدي
الوطن عمان
منذ أسابيع عاد الملف الكردي الى سطح أحداث الشرق الأوسط وبقوة وبشكل دموي بعد مصرع خمسة عشر جنديا تركيا وكذلك بشكل دبلوماسي منذر بالمخاطر بعد دخول قوات تركية الى شمال العراق وتهديد الاقليم الكردي العراقي بالرد عليها، ثم بشكل دولي مع اقتراع لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس الأميركي في العاشر من أكتوبر على لائحة تورط الدولة التركية في ما يسمى ابادة الأرمن عام 1915 مما أثار ظلالا من الريبة والتوجس بين أنقرة وواشنطن.
هذه الأحداث توجت الأسبوع الماضي باندلاع مظاهرات نظمها حزب العمال الكردي في قلب اسطنبول وذهبت صحيفة تركية يوم الأحد الماضي الى حد التساؤل عن دور الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي في رعاية وتحريك حزب العمال الكردي لغايات استراتيجية بعيدة تهدف لعزل تركيا واضعاف جانبها في وقت تقوم فيه أنقرة بمهام دبلوماسية حثيثة لحلحلة الكثير من معضلات الشرق الأوسط بطريقة قد تكون بعض العناصر لدى المحافظين الجدد في واشنطن غير مرتاحين لها!
يجب القول أول الأمر بأن القضية الكردية ليست مسألة تركية داخلية لأن الشعب الكردي موزع على دول عديدة منذ عقود، والأكراد يشكلون نسبا متفاوتة من شعوب تركيا وايران وسوريا والعراق وأرمينيا، ويجمع بينهم تراث واحد ويتكلمون لغة كردية عريقة وقد دخل شعبهم الاسلام عام 18 هجرية في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. وقدم هذا الشعب للتاريخ الاسلامي بطلا عظيما هو صلاح الدين الأيوبي محرر بيت المقدس من الصليبيين وعددا من القادة والعلماء على مر التاريخ. وليس من مصلحة أية دولة في اقليم الشرق الأوسط أن تتعقد الأزمة الكردية وتتدول وتتجاوز الارادات الاقليمية لتشكل في المستقبل أخطر بؤرة صراع في المنطقة وأكبر مأساة عرقية لدى الشعوب التي تضم جانبا كرديا في صلبها وأبرز حجة تتيح للقوى العظمى المزيد من التدخل السافر في تحديد مصير الشعوب المتجاورة في هذه الرقعة المتفجرة من العالم والتي يكفيها ما يدور في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان وما يهدد ايران من سوء العواقب.
المشهد اليوم يبدو أكثر وضوحا من ذي قبل بعد احتلال العراق واعلان الاستقلال الفعلي لاقليم كردستان العراقي بحكومة وبرلمان وعلم خاصة وأن رئيس الجمهورية العراقي هو كردي وزعيم سابق لحركة كردية سياسية وعسكرية في العراق أيام حكم البعث. وهذا الواقع الجديد لا بد أن يجعل أكراد تركيا وسوريا وايران يفكرون في عمل مماثل كخطوة تراها الأحزاب الكردية الانفصالية ضرورية للوصول الى انشاء دولة كردستان مستقلة. وبالطبع فان تصريحات الرئيس بشار الأسد المؤيدة منذ شهر لقرار البرلمان التركي تخويل الحكومة التركية استعمال القوة في شمال العراق لملاحقة المتمردين الأكراد أثارت تصريحات قوية للرئيس الطالباني الذي اعتبرها تجاوزا للخط الأحمر.
أثناء مشاركتي في المؤتمر الدولي الذي انعقد في ألمانيا الشهر الماضي بمبادرة من معهد شيلر العالمي للعلاقات الدولية والذي شارك فيه 500 شخصية من 50 دولة لاحظت شبه اجماع حول تحرك بعض الأوساط الأميركية والاسرائيلية لخلق متاعب لأنقرة من أجل زعزعة دورها الاقليمي وتحجيم قدراتها الدبلوماسية الجديدة منذ انتخاب عبدالله جول رئيسا لتركيا. فالقيادة التركية تريد اليوم ربط علاقات مع ايران بعد ابرام عقد نقل البترول الايراني الى أوروبا عبر الأراضي التركية، وتريد أيضا التوسط بين اسرائيل وسوريا لايجاد خيوط اتصال مبدئية بين الدولتين بعد أن تقابل وزير الخارجية التركي علي بابا جان مع شيمون بيريز. ولاحظت كذلك تأكيدا أميركيا على صعوبة الاستغناء عن القاعدة العسكرية الأميركية بتركيا (أنجرليك) في الظرف الراهن، وهي القاعدة التي تنطلق منها أغلب العمليات الأميركية في العراق وأفغانستان وربما في المستقبل في بلدان أخرى.
هذا هو المشهد اليوم: تناقض في التحركات والمواقف الأميركية باتجاه أهم حليف لا يزال عضوا في حلف الناتو وتقليديا توكل له دول الحلف مهمات حساسة في اقليم المشرق الاسلامي وتناقض أيضا بين دول الاتحاد الأوروبي أمام رغبة تركيا الانضمام للاتحاد منذ عقود وتناقض أخيرا بين دول المنطقة بسبب الجرح الكردي النازف منذ 1924 حين انفلق السلطان العثماني الى ذرات بارادة الدولتين الأوروبيتين الأعظم في ذلك العهد: فرنسا وبريطانيا.
الأهم من كل شيء في هذه المرحلة الدقيقة هو عقد مؤتمر اقليمي يجمع بين كل الدول التي لديها أقليات كردية للتشاور والتنسيق حتى لا تنفلت الأمور من الأيدي الاقليمية لتتحول قضية كردستان الى أخطر حريق في مطلع القرن في منطقة لا تنقصها ألسنة اللهب الصاعدة هنا وهناك!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
بذور التسوية السياسية في العراق
ريان كروكر
الحياة
تبين عدسة التاريخ ان العراق بلد مركزي للاستقرار الاقليمي. ويؤثر جيران العراق على الاحداث فيه كما يتأثرون بها. وقد ظلّ العراق في عهد صدام يشكل تهديداً عسكرياً وارهابياً نشطاً للمنطقة، كما يشهد بذلك غزوه لإيران والكويت وجهوده التخريبية في اماكن اخرى. ولقد زال التهديد، ولكن عراقاً تسوده الفوضى او الحرب الاهلية، سيعني معاناة انسانية ضخمة تتجاوز بشكل كبير ما حدث في الماضي، ويثير تدخل دول المنطقة التي تسعى الى دفاع افضل يُعزز أمنها ومصالحها. لذلك، فإن جيران العراق والمنطقة الاوسع والمجتمع الدولي لديهم مصلحة جماعية في دعم البحث عن الامن والاستقرار الدائم في العراق. وفي بداية تشرين الثاني (نوفمبر)، يعقد المؤتمر الوزاري الثاني لدول جوار العراق في اسطنبول، وسيكون ذلك المؤتمر فرصة لالقاء نظرة جديدة وقوية على الاحداث في العراق والمنطقة، وفرصة كذلك لحكومة العراق لمراجعة التقدم الذي احرزته ونظرتها للمستقبل وفرصة لاصدقاء العراق وجيرانه للمساعدة في بناء مستقبل ايجابي لهذا البلد.
وتعمل اغلب دول الجوار بالفعل مع العراق بشكل بنّاء ولم يقتصر الحضور في المؤتمر الوزاري الاول لدول الجوار في ايار (مايو) الماضي على جميع جيران العراق فقط ولكنه شمل اصدقاء آخرين في المنطقة وممثلين للاعضاء الدائمين الخمسة في مجلس الامن الدولي ومجموعة الدول الصناعية الثماني. وقد تمخضت الجلسات عن مجموعات عمل بشأن امن الحدود واللاجئين والطاقة، مما ادى الى اتصالات ومشاركة متزايدة بين العراق وجيرانه. ويُصدر العراق الان النفط عبر تركيا والخليج. ويقترب كل من العراق والكويت من ابرام اتفاقيات تجارية تقدم بموجبها الكويت لجارها الشمالي زيت الديزل، لحاجة العراق الماسة اليه. وفي نهاية تشرين الاول (اكتوبر) بدأ العراق بتسليم النفط الخام الى الاردن.
تلك هي بدايات عودة المشاركة الخارجية وترافقها ببدايات للتسوية السياسية الداخلية في العراق. فقد شاهدنا اعداداً متزايدة من المواطنين العراقيين يبادرون الى العمل مع الحكومة وقوات الائتلاف لحماية مجتمعاتهم ومقاتلة المتطرفين، وقد هيأوا بذلك الساحة لعمل تسوية على نطاق اوسع، ولم يعد ينظر الى بغداد القوية تماماً على انها هي الحل لمشاكل العراق. وفي محافظات الانبار وصلاح الدين، هناك الان مشاركة اكبر في اتخاذ القرار وتعزيز اكبر للادارات المحلية.
كما بدأت حكومة العراق تمد يدها الى مناطق اخرى. ففي منطقة ابو غريب، على سبيل المثال، قبلت الحكومة العراقية 1700 من الشبان، بمن في ذلك اعضاء سابقون من جماعات التمرد، لكي يصبحوا جزءاً من قوات الامن العراقية. والان، ومن دون ضجيج قامت الحكومة العراقية بالاتصال بالآلاف من اعضاء الجيش العراقي السابق وعرضت عليهم العودة الى القوات المسلحة او الحصول على وظائف في القطاع العام. وفي الوقت الذي لا يوجد فيه عفو عام رسمي بعد، الا ان عفواً فعلياً يحدث على الارض.
وفي الوقت الذي لم يتم فيه التصديق رسمياً بعد على الاصلاحات الخاصة باجتثاث البعث الا ان الحكومة تمد يدها الى ضباط القوات المسلحة. وبالتأكيد، ما زال هناك الكثير مما يجب عمله ولكن بذور التسوية تم غرسها. ان هذه التطورات يجب ان تحظى بالتشجيع كما يجب ان تستمر وتتوسع.
يشهد العراق اليوم تغيراً ثورياً، وهو ينهض بعد خمسة وثلاثين عاماً من الدكتاتورية. ويواجه العراقيون بعضاً من اصعب التحديات السياسية والاقتصادية والامنية التي من الممكن تصورها، وهم لا يتصارعون ببساطة حول من سيحكم العراق ولكن ما هو نوع البلد الذي سيكون عليه العراق، وكيف يُحكم وكيف يتشارك العراقيون في السلطة وكيف تتشارك المجموعات العرقية والدينية المتنوعة في الموارد وما هو الدور الذي يلعبه العراق في اطار اقليمي اوسع؟
ان مسار التنمية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية يتحرك ببطء الى الاعلى. ويتطلب استمرار هذه العملية، ومن اجل ضمان مستقبل موحد وآمن ومستقر للعراق، اصراراًً عراقياً وأقليمياً ودولياً كبيراً، والتزاماً من غير تردد من قبل قيادات وشعب العراق لتحقيق الاستقرار لبلدهم، وانضمام جيران العراق للمساعدة على بناء مستقبل ايجابي من خلال المشاركة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية والمساعدة والدعم المستمرين للمجتمع الدولي.
لدينا جميعاً مصلحة في قيام عراق آمن مستقر وموحد يعيش بسلام مع نفسه ومع جيرانه. ونحن نأمل ان يجيء كل جيران العراق الى المؤتمر لوضع الافكار التي تدعم التغيير الايجابي في العراق والاستقرار في المنطقة على الطاولة.
سفير الولايات المتحدة في العراق
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
تركيا وحسابات الهجوم على حزب العمال الكردستاني
خليل العناني
الوطن عمان
هل ستتراجع تركيا عن حربها على حزب العمال الكردستاني؟ سؤال يطرح نفسه بعد أن ارتفع سقف التهديدات التركية للحزب طيلة الأسبوعين الماضيين، وبعد أن صوّت البرلمان التركي على قرار بشن حرب واسعة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
من الصعب افتراض أن تركيا قد تراجعت عن قرارها بالقيام بمثل هذا الهجوم، ولكنها بالأحري تتريث لاستجلاء الأبعاد السياسية والدبلوماسية التي قد يخلفها حدوث مثل هذا الهجوم الواسع.
فمن جهة تحاول أنقرة كسب مزيد من التعاطف السياسي من قوى إقليمية وعالمية من أجل توفير غطاء سياسي لتبرير أي عملية برية قد تقوم بها داخل الأراضي العراقية. ومن جهة ثانية، تخشي تركيا أن يؤدي مثل هذا الهجوم إلى الإضرار بعلاقاتها ببعض الدول التي تحظي بمصالح قوية مع العراق مثل إيران، التي أبدت رفضها لمثل هذا الهجوم، ولكنها أكدت حق تركيا في الدفاع عن نفسها. ومن جهة ثالثة تسعى تركيا للحصول على أكبر مكاسب سياسية مقابل عدم القيام بمثل هذا الهجوم منها مثلاً تليين موقف الاتحاد الأوروبي تجاه مسألة العضوية به.
بيد أن السؤال هو: هل تستطيع تركيا الحصول على مثل هذه المكاسب السياسية في حال عدم قيامها بالهجوم على حزب العمال الكردستاني؟ واقع الأمر أن الحسابات العسكرية التركية تبدو هي الأكثر غلبة في معادلة صنع القرار التركي. حيث تتعاطى تركيا مع قضية اختراق حزب العمال الكردستاني باعتبارها تهديد حقيقي وجاد لأمنها القومي ما يستلزم رداً قوياً وفاعلاً حتى لا يتكرر مثل هذا الاختراق.
ومن جهة ثانية تدرك تركيا جيداً أنها ما لم تقم بلجم حزب العمال الكردستاني، فلن يتحرك أحد للقيام بذلك نيابه عنها، وهو أمر واقعي، فمن الصعوبة بمكان الاعتقاد بقدرة الحكومة العراقية، وهي التي تعاني من مشاكل داخلية كثيرة، على القيام بلجم والتحكم في قرارات حزب العمال الكردستاني تجاه تركيا. لذا لم يكن غريباً أن تفشل جميع المحاولات التي بذلت في هذا الإطار بين بغداد وأنقرة، حيث لا تملك الحكومة العراقية أية أوراق يمكن من خلالها إثناء تركيا عن ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني. وهو ما حدث بالفعل حيث فشلت المحادثات التي جرت بين الطرفين التركي والعراقي خلال الأيام القليلة الماضية في الاتفاق على وسيلة دبلوماسية أو سياسية لوقف الهجوم التركي المزمع، ولم ينجح الوفد العراقي في إقناع تركيا بقدرته على وقف هجمات حزب العمال الكردستاني مستقبلا. خاصة وأن المناطق الحدودية مع بين العراق وتركيا لا تقع تحت سيطرة الحكومة المركزية في العراق وإنما تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان والتي تبدي تعاطفاً وترتبط تاريخياً بحزب العمال الكردستاني.
وهنا يبرز تساؤل مهم: هل يملك أكراد العراق أي تأثير في الملف الكردستاني ـ التركي؟ تبين مواقف القيادة الكردستانية ممثلة في مسعود بارزاني أنه من الصعب فك الارتباط بين أكراد العراق وأكراد تركيا، الأكثر من ذلك أن بارزاني يري أن حزب العمال لا يبادر بالهجوم على تركيا، ولكن هذه الأخيرة هي التي تقوم بذلك. وثمة مقولة رائجة لدى أكراد العراق أن هناك تياراً متطرفاً داخل الجيش التركي هو الذي يرغب في المواجهة مع حزب العمال الكردستاني ويسعى إليها، وبالتالى ليس هناك ما يدفع بالوقوف مع حكومة أنقرة ضد الحزب.
ما يعزز موقف تركيا إزاء حزب العمال الكردستاني ثلاثة أمور: أولها أن ثمة إجماعاً إقليمياً ودولياً برفض هجمات حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي التركية، والتعاطي معه باعتباره مجموعات متمردة، بل إن بعض الدول تصنفه باعتباره منظمة إرهابية كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ثانيها، أن تركيا تتمتع بدور إقليمي كبير ومؤثر، ويبدو استقرارها أمراً مهما لمختلف الأطراف إقليمياً ودولياً، وهو ما يقتضي ضرورة التخلص من الصداع الذي يمثله حزب العمال الكردستاني للدولة التركية. وثالثها، أن تحجيم حزب العمال الكردستاني يعبر عن مصلحة إقليمية ودولية، باعتباره لجم (معنوي) للطموحات الكردية بتكوين دولة مستقلة، وهي مخاوف يتم التعبير عنها صراحة من أطراف عديدة. وبحساب المكسب والخسارة تبدو تركيا في موقف قوي يجعلها تحقق العديد من المكاسب السياسية من وراء حملتها على حزب العمال الكردستاني، سواء من خلال تنفيذ هجوم واسع النطاق، أو ما إذا تراجعت عن القيام بمثل هذا الهجوم.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
العدوان وتعدده!
طارق مصاروة
الراي الاردن
بغض النظر عن التعديلات على تصريحات التوافق مع الموقف التركي الحاد من قضية حزب العمال في الشمال العراقي، فإن الواضح أن التوافق التركي - السوري - الإيراني على ان هذا الحزب غير مقبول. وانه خطر على امن المنطقة الكردية في الدول الثلاث!.
في سورية وايران توافق مع تركيا، لكن البلدين لا يحبان اجتياحاً عسكرياً تركياً للشمال العراقي. لأن هذا الاجتياح يقلب المعادلات القائمة التي تعمل لصالحهما. ولعل ذلك يتقاطع مع المصلحة الأميركية التي لا تريد الاصطدام مع الحليف التركي، لكنها ايضاً غير مستعدة لقبول تواجد كردي يخرج عن النص.. ويتجاوز المطلوب.
المشكل الآن اقرب الى المشهد السوريالي. فقضية حزب العمال الكردستاني التركي هي قضية تركية داخلية. وقضيته تتجمع في شمال العراق حيث لا تستطيع تركيا ان تدخل في مباحثات جادة مع بغداد مع معرفتها بواقع حكومتها الضعيفة التي لا تستطيع تأمين شارع في بغداد.. فكيف تستطيع تأمين السيادة على اقصى الشمال؟؟. يبقى أن حكومة البارزاني في اربيل تحاول ان تتبرأ من وجود حزب العمال.. ثم تعلن استعدادها لحماية ''الأرض العراقية'' في وجه أي اجتياح تركي.. ثم تركن إلى التهدئة بالقول: لا نحن ولا تركيا نستطيع طرد مقاتلي الحزب من المناطق الحدودية!!.
حتى الآن يبدو ان تركيا امنت جيرانها الايرانيين والسوريين، وهي قادرة على اقناع واشنطن بأنها ليست في وارد احتلال شمال العراق.. وان هدفها هو اقتلاع حزب العمال ''الارهابي'' من المنطقة بعملية جراحية نظيفة. وهذا لا يضر علاقتها بالحليف التركي، ولا يشكل عبئا على الاحتلال في العراق.. وان آذى البارزاني..!!.
لا أحد مستعداً لاتهام تركيا بالعدوان على العراق وخاصة العرب من جيرانه. فالعراق معتدى عليه أصلاً.
فماذا إذا اعتدى عليه أكثر من الأميركان والانجليز والبولنديين؟؟.
وهل سيكون هذا الاعتداء اكثر خطرا من التدخل الايراني المسلح وغير المسلح على الشمال وفي البصرة على السواء؟؟.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
شمال العراق.. تعريب أم تدويل؟
نواف ابو الهيجاء
الدستور الاردن
هناك مفارقة محزنة تتجلى في الموقف (الرسمي) لبغداد من المأزق على الحدود مع تركيا ، ومشكلة حزب العمال الكردستاني التركي .فالحكومة في بغداد طلبت اجتماعا عاجلا للجامعة العربية (لبحث التهديدات التركية الخاصة باحتمال غزو العراق). المفارقة ان العراق قد تم غزوه واحتلاله منذ التاسع من نيسان عام 2003 ، والسلطة في بغداد تصر ان هذا الاحتلال (ليس احتلالا) بل هو (تحرير للعراق) ، وهو فعل امريكي (مشترك) لجعل العراق واحة ديمقراطية ومثلا يحتذى في المنطقة.
وصورة العراق بعد اربع سنوات ونصف من الاحتلال معروفة ، وهي لا تحتاج الى تفصيل ، سوى القول ان العراق فقد اكثر من مليون ضحية وان اكثر من ستة ملايين عراقي مهجرون ولاجئون ، وان امراضا كان العراق قد تخلص منها منذ عقود قد عادت تتبختر في مدنه وقراه من الشمال الى الجنوب وهو على شفا حفرة من الحرب الاهلية ، والجثث مجهولة الهوية ما زالت (تطرز) شوارع العاصمة وبعض المحافظات الى جانب المفخخات والتفجيرات والقتل على الهوية.
الطلب الذي تقدمت به بغداد للجامعة العربية يثير اكثر من تساؤل : هل آمنت الحكومة في بغداد بأن العراق (عربي) وهو جزء (لا يتجزأ من الوطن العربي)؟ وهل ان ذلك يخولها طلب بحث التهديدات التركية ، مع انها ترفض اي موقف من الجامعة يطالب بجدولة انسحاب قوات الاحتلال المجرمة من العراق؟
نحن هنا لا نسعى الى تبرير التهديدات التركية ولا نؤيد الدخول التركي العسكري في العمق العراقي ولا تجاوز تركيا خطوط الحدود وان لمتر واحد في العراق ، لكننا نذكر ان العراق وطن محتل ، وان حمايته عمليا مسؤولية دولة الاحتلال ، وانه بالتالي فاقد للسيادة والاستقلال ، اذ لم يشهد التاريخ البشري دولة محتلة (سيدة ومستقلة) على الاطلاق ، فهل العراق حالة استثنائية؟
مشكلة الازدواجية تعصف بأمن العراق مع ما ايقظه الاحتلال وجره على العراق من مآسْ وويلات ، والازدواجية تتجلى هنا في الموقف من الاحتلال الامريكي الغاشم والفظ والاجرامي ومن تهديدات بالغزو من تركيا او من اي دولة اخرى في العالم .واذا كان من حق العراق ان يطلب اجتماعا للجامعة لبحث (التهديدات التركية) فان من واجبه قبل ذلك ان يقر مسؤولوه بأنه محتل وان المطلوب ضغط عربي جماعي لانهاء الاحتلال وعودة العراق الحر المستقل السيد الى دوره في الساحة العربية والاقليمية والدولية بعد ان يتعافى من كل جراح الاحتلال ومخلفاته .ام ان المسألة اليوم تتلخص في (طلب خطوة عربية) مقدمة (لتدويل) القضية في الشمال؟
ليس من المفروض التركيز على التهديد بالغزو ونسيان او تجاهل واقع الغزو الامريكي والاحتلال الامريكي للعراق .ومع ذلك فالواجب القومي للعرب ان ينهضوا بمسؤولياتهم حيال عراقهم المحتل والمهدد بمزيد من الويلات والدمار في ظل التناقضات الدولية والصراعات الاقليمية وغياب السلطة العراقية المستقلة والحرة عن المسرح حيث ان القرار الفعلي لكل الشؤون العراقية بيد المحتل الامريكي .والمحتل الامريكي مسؤول مباشرة عن كل ما لحق بالعراق وما يمكن ان يلحق به ، ان جراء (غزو) تركي ام جراء قصف من هنا او هناك من الجوار العراقي ام من (البعيد) عن العراق جغرافيا وفعليا.
خلاصة الامر ، البحث عن النتائج اغتراف ماء باليد من المحيط . المطلوب انقاذ العراق مما هو فيه ، من جهة ، وسعي جاد لانهاء وغلق ملف مقاتلي حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق ، من جهة اخرى ، والا فالمشكلة ستتفاقم وربما جرت الى المنطقة ككل المزيد من الاضطراب والمصائب والويلات.
nawafabulhaija@yahoo.com
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
تركيا والحدود والخيارات
* د. كمال رشيد
الدستوور الاردن
إذا كان من حق كل دولة أن تكون ذات سيادة ، وذات حدود آمنة ، فإن تركيا يجب أن تكون واحدة من هذه الدول . ولتركيا خصوصيات وميزات تجعلها تتمتع أكثر من غيرها بهذا الحق ، أو تتمتع به بامتياز ، من ذلك أن تركيا ذات موقع جغرافي استراتيجي متميز ، فهي تربط قارة آسيا بأوروبا ربطاً مائياً وربطاً أرضياً ، وجوياً ، وهي دولة ذات تاريخ عريق وحضارة متميزة ، وهي قبل أقل من قرن كانت حاضرة العالم الإسلامي وعاصمة الخلافة ، ويومها كانت هي الأقوى.
وتركيا ذات مساحة كبيرة وسكانها يتجاوزون سبعين مليوناً ، وهم خلية نحل في العمل الجاد الدؤوب ، بل هم أيد عاملة منتشرة في كثير من الدول الأوروبية . كما أن الدول المحيطة بها هي دول كبيرة ضخمة مثل إيران والعراق وسوريا والدول الأوروبية المجاورة . لكل هذا ، ولأقل من هذا فإن من حق تركيا أن تعيش بحدود آمنة مطمئنة ، فلا تكون معتدية ، ولا يكون معتدى عليها ، ولا يمكن أن يكون لإسرائيل هذا الحق لأنها قائمة أصلاً على أرض مغتصبة ، احتلتها وطردت أهلها بقوة سلاحها ودعم الغرب لها . وقيام حزب العمال الكردي باعتداءات وتفجيرات على الحدود التركية أو داخلها وقتل الأبرياء ، تحت أحلام قيام دولة كردية مستقلة ليس له ما يبرره وهو إن كان في الأذهان فإن سبيله الحوار والتفاوض ، وليس مثله حركات المقاومة الفلسطينية ، لأن أولئك إنما يسعون لاسترداد أرضهم من المغتصبين.
وإذا كان الحزب تركياً فإن مطالبه في تركيا ، وإن كان كردياً فإن مطالبه مستقرة في كردستان في شمال العراق وليس في تركيا . ومما يعقد الأمر وجود كيانين سياسيين في العراق حيث يوجد ذلك الحزب ، وحيث يمارس اعتداءاته ، وكأنهما دائرتان متداخلتان أو كأن الحزب ينطلق من كيانين من إقليم كردستان ومن العراق . ولا يستطيع إقليم كردستان بزعامة البرزاني أو الطالباني أن يقول لا علاقة لنا بالحزب واعتداءاته ، وبالتالي لا يحق لتركيا أن تدخل أراضينا الكردية فالحزب موجود هناك ، وينطلق من هناك ، وكردستان عمقه العسكري . كذلك لا تستطيع الحكومة الكردية شبه المستقلة أن تطلب تدخل الحكومة في بغداد ، لأنها غير منخرطة بأمر حكومة بغداد ولا تستجيب لمطالب حكومة العراق ، وليس بينهما إلا شعرة ، ولا نقول شعرة معاوية.
وهكذا يتقلب موقف إقليم كردستان ، فإن أصابه خير فهو كردي مستقل ، وخيره لنفسه ، وإن أصابه شر فإن على الحكومة العراقية أن تحمي حدودها . إن من يوجب على الحكومة الأم أن تحميه عليه أن يتحمل الموقف الذي تقفه تلك الحكومة ، وأن يحترم قراراتها ، أما أن يكون إقليم كردستان حيناً عراقياً ، وحيناً مستقلاً آبقاً فهذا ليس من طبائع الأشياء.
وموقف الحكومة العراقية في بغداد هو موقف مهزوز ضعيف غير واضح ، فحيناً يعتبرون التدخل التركي العسكري لحماية حدوده اعتداء على الأرض العراقية ومساً بسيادتها ، حتى إذا طلب منه أن يزجر ذلك الحزب وأن يلجمه وأن يوقف هجماته قيل هذا حزب كردي في الأرض الكردية.
ليس من حق حكومة كردستان وحكومة العراق في بغداد أن يتنصلا من ذلك الحزب وأفعاله حتى إذا قام الجيش التركي بمطاردة الحزب في مواقعه قيل هذه حدود كردية أو عراقية . وتبدو الولايات المتحدة الأمريكية متحرجة في هذه الأزمة وموقفها غامض ، فهي تحاول أن ترضي جميع الأطراف وكأنها تتعاطف مع هذا الحزب ومع الحكومة العراقية وفي الوقت ذاته هي تدرك خطورة المس بعلاقاتها مع تركيا.
والغريب هذا الصمت الرهيب من المجموعة الأوروبية ، وتركيا مرشحة - نوعا ما - للانضمام لتلك المجموعة . كيف لا وهي تدرك جيداً أن تركيا شعب مسلم ، وأن حزب أردوغان غير مأمون الجانب في حساباتها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
أزمة جديدة وفشل جديد
د. محمد السعيد إدريس
الخليج الامارات
هل يتذكر أحد الآن لماذا غزت الولايات المتحدة العراق؟ واذا كان هناك من يتذكر سبب هذا الغزو فهل يستطيع أن يربط بينه وبين المبررات الأمريكية الراهنة للبقاء في العراق؟
السؤالان مهمان على ضوء التطورات الأمريكية المتلاحقة الخاصة بإيران، الأمر الذي أدركه النائب الديمقراطي، إيني فاليو مافيجا في تعليقه على هذه التطورات والاجراءات الأمريكية التي تكشف عن نوايا جادة لتكرار التجربة العراقية مع ايران مع اختلاف في الشكل فقط. فقد حاول هذا النائب ان يلفت انظار زملائه في مجلس النواب الأمريكي إلى أن خطر التجربة الأمريكية في العراق يكاد يتكرر مع ايران، وقال إن هذه التصريحات تذكره باللهجة العدائية التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق، ووجه حديثه إلى وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بعد تصريحاتها النارية عن ايران أمام جلسة استماع بالكونجرس قائلاً: “يبدو لي أن هذه اللغة هي اللغة ذاتها التي قادتنا إلى الحرب مع صدام حسين”.
النائب الأمريكي كان يقصد بالتحديد قول رايس ان البرنامج النووي الايراني ودعم طهران للارهاب يمثلان ربما “اكبر تحد لأمن الولايات المتحدة” وقولها، “إننا قلقون للغاية حيال السياسة الإيرانية التي تشكل أكبر تحد لمصالح الولايات المتحدة الأمنية في الشرق الأوسط والعالم”.
رايس قالت ذلك في محاولة لتبرير العقوبات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد ايران، لكن المهم هو تعمد أو “تورط” رايس في الربط بين الأزمة الأمريكية في العراق والتوجه الأمريكي الجديد ضد ايران.
هذا التورط الأمريكي في الربط بين البرنامج النووي الايراني من ناحية، والتحديات الايرانية لمصالح أمنية أمريكية في العراق وأفغانستان، يكشف عدم جدية الاتهامات الأمريكية للبرنامج النووي الايراني، ويؤكد أن القضية الأساسية هي الجمهورية الاسلامية الايرانية كطرف إقليمي أصبح قادراً على فرض تحديات للمصالح الأمريكية في المنطقة التي باتت ممتدة من حوض بحر قزوين إلى حوض الخليج العربي ثم إلى المشرق العربي، وهي التي يمكن تسميتها ب “قلب الشرق الأوسط الكبير” الذي يعتبر بمثابة “محور الارتكاز” للمشروع الامبراطوري الأمريكي، الذي لا يمكن ان يتحقق من دون امتلاك واشنطن القدرة الكاملة على أن تفرض سيطرتها على منطقة “القلب” هذه. وهذا يفرض عليها مواجهة أي تهديد، ومنع قيام أي قوة اقليمية يكون في مقدورها ان تصبح خطراً ومصدراً لتهديد المصالح الأمريكية في هذه المنطقة.
لقد تخلصت الولايات المتحدة من العراق كمصدر لتهديد مصالحها وبقي ضمن “محور الشر” ايران وسوريا، بعد أن تم احتواء ثلاثة اطراف أخرى سابقة كانت مدرجة ضمن هذا المحور الأمريكي ل “الشر” وهي ليبيا والسودان وكوريا الشمالية.
إيران هدف أمريكي إذن؟
هذه هي الحقيقة، والمقصود بإيران هنا هو النظام الاسلامي في طهران، والمطلوب هو اسقاط أو احتواء هذا النظام وانهاء وضع ايران كمصدر لتهديد المصالح الأمريكية، وإلى ان يتحقق هذا الهدف سوف تلجأ الإدارة الأمريكية إلى العديد من المبررات، بل سوف تختلق أغلب هذه المبررات لخلق قناعة داخل الكونجرس أولاً وعلى المستويين العالمي والاقليمي بحتمية الحل العسكري للأزمة الايرانية التي ستكون البديل للأزمة العراقية أو الوجه الآخر لها.
في النهاية سنكون أمام ما سوف يسمى ب “الأزمة الايرانية” تماماً على نحو ما تم تخليقه باسم “الأزمة العراقية” والمصير واحد في النهاية هو مزيد من التورط ومزيد من الفشل الأمريكي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
وتبقى لغة التهديد غير مقبولة
افتتاحية
البيان الامارات
يمياً تتزايد الدعوات والتحذيرات لتركيا، كي لا تقوم بعملية عسكرية ضد شمال العراق. آخرها كان أمس، طهران أعربت عن عدم موافقتها على مثل هذا الخيار وشددت على وجوب اعتماد المعالجة والحلول الدبلوماسية، مع حزب العمال الكردستاني.
وصار هناك ثمة إجماع ضد أي اجتياح تركي لتلك المنطقة، الكل متفهم لقضية أنقرة مع مقاتلي هذا الحزب في ضوء عملياته الأخيرة عبر الحدود، لكن الكل على قناعة بأن معالجة القضية بحشد قوة ضاربة قوامها مئة ألف جندي لمطاردة مقاتلين داخل أراضي بلد كالعراق في أوضاعه الراهنة المعروفة،
وأن التعنيف المتصاعد لخطاب التهديد بالحل العسكري؛ لا يخدم أياً من مصالح المعنيين بالأزمة، وبالتحديد تركيا، ومع ذلك تتواصل الاستعدادات والتعزيزات المترافقة مع تحرك أنقرة بصورة مكثفة ومستعجلة لتسويق حملتها العسكرية؛ التي تتوالى المؤشرات على اقتراب بدء عملياتها.
وكأن تركيا، باندفاعها في هذا الاتجاه قطعت خطوط الرجعة، والحكومة التركية لا تكف عن الحديث عن ضربة «عند الضرورة من غير أخذ رأي أحد»، ولو أن مثل هذه «الضرورة» لا يرى أحد أنها متوفرة باستثناء أنقرة! ثم إن هذه الأخيرة تطالب بغداد باتخاذ «إجراءات تؤدي إلى نتائج سريعة جداً جداً» ضد حزب العمال ومقاتليه.
الوفد الحكومي العراقي كان في أنقرة قبل أيام وعرض مقترحات وإجراءات رأى فيها الأتراك عروضاً غير كافية ورخوة، ثم صدرت عروض أخرى للتفاوض حول كيفية العثور على صيغة تسوية لملف الكردستان التركي، كما صدرت إشارات بخصوص إعادة الجنود الأتراك الثمانية الموجودين لدى مقاتلي الحزب،
لكن الردود لا تزال تتوالى من خلال قيام القوات التركية بعمليات محدودة داخل الحدود العراقية؛ بانتظار شن الهجوم الموعود الذي «لا يمكن حتى تصوره» على حد وصف الجيش التركي له، وما يزيد الأمر خطورة أن التعامل مع هذا الملف بدأ يأخذ طابع انحصار المشكلة بالجزء الشمالي من العراق، وكأن تلك المنطقة لا تتصل بالبلد،
أو كأن بغداد حاولت وقامت بما تقوى على القيام به، من حيث الاتصالات واقتراح إجراءات ضامنة لعدم تكرار ما حصل؛ لكن ما تقدمت به لم يلق القبول، وبالتالي أخذت الأزمة صورة منازلة قادمة بين أنقرة وإقليم كردستان العراق، وهذا الأخير يتحدث عن حقه في الدفاع عن النفس، وأنقرة تتمسك بما ترى أنه حقها في اجتياز الحدود للدفاع أيضاً عن حقها في حماية أراضيها وقواتها،
وليس سراً أن نشوب هذه الأزمة يأتي على خلفية تلميحات، حول منطقة في شمال العراق وأقلية معينة فيها، جديرة بحماية من خارج الحدود، الأمر الذي أثار الشكوك وحالات ارتياب متبادلة؛ يخشى معها أن تتفجر جراء اندلاع قتال واسع هناك؛
كالذي تحشد له أنقرة، وإذا حصل ذلك ـ وهل من ضمان بأن لا يحصل؟ ـ تكون المواجهة التي بدأت لاعتبارات أمنية دفاعية؛ قد تحولت إلى عملية ذات جوانب أخرى أكثر تعقيداً؛ وبالتأكيد أكثر خطراً على الأمن في عموم المنطقة؛ فضلاً عن أمن ووحدة العراق وسيادته.
ليس بالضرورة أن تقوم تركيا باجتياحها بنية تصعيد المشكلة إلى هذا الحد، لكن، كما قيل دوماً، انه من السهل إشعال الحروب لكن هذه الأخيرة سرعان ما تصبح عصية على التحكم بمسارها ناهيك بنهاياتها، وبناء عليه من الحكمة أن تصغي أنقرة لأصوات التحذير
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
عيد آخر وغربة متجددة
نزار السامرائي
صحيفة الحرية العراق
العيد ليس كالماء ، عديم الطعم واللون والرائحة ، بل هو ملون بكل ألوان الطيف الشمسي ، وله رائحة القرنفل والرازقي والجوري ، وله نكهة خاصة ، طعمه كالعسل ، لا يتذوقه إلا ذاق مرارة الغربة ولوعتها ، وأدمى قلبه الشوق ، ومزق رجليه الشوك والحسك ، هذا كله لا يتوفر لمن يريد أن يعيش عيدا ، إلا إذا تحقق أمران ، الأول أن يعاش في الوطن ، والثاني أن يجد المواطن و الأطفال خاصة ، فيه متسعا من الزمن الآمن ، واللهو البريء ، دون أن ترعبهم همر الاحتلال ، أو تصدم عيونهم مناظر دم الموت المجاني ، والجثث المجهولة الهوية ، أو المقطعة الأوصال في مدن العراق ، بلا استثناء .
ولكن أنى يتأتى ذلك ، والعراقي في الخارج ممنوع من العودة ، بقوة البندقية المجهولة المعلومة، أو قرار سلطان جائر ، والعراقي في بيته غير آمن على أن يأتي لأولاده بهدية العيد أو رغيف الصباح ، فالجدران الإسمنتية ، تتلوى في أحياء بغداد وبينها ، كإفعوان خرافي خرج من البعيد البعيد ، ليحكي قصة وطن يذبح أمام أعين أبنائه ، دون رعشة من يد الجزار ، أو طرفة عين له ، ومع ذلك يريدون للفرحة أن تعلو الشفاه ، وكأنها مسرحية هزلية ، نصبت خشبتها وسط مقبرة ، ما تزال دماء الراقدين فيها طرية ، ورحم الله أبا الطيب ، في هذا العيد وكل عيد .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
إرهابيون يتوالدون
نزار السامرائي باحث في المركز العراقي للدراسات الستتراتيجية
واع

لم يشأ رئيس فيلق بدر ، أن يترك قرار الحكومة الأمريكية باعتبار حرس الثورة الإيرانية ، وفيلق القدس المرتبط به قوة إرهابية ، دون أن يؤكد رفضه لهذا القرار، فالقرار يرتبط بالأم الحنون ، الحرس الثوري الإيراني ، التي حملت فيلق بدر وهنا على وهن منذ أن كان فوجا ثم لواء ثم فرقة ، حتى أصبح مليشيا كاملة التجهيز والتسليح ، وأرضعته ولم تفطمه رغم أنه بلغ أشده .
وبالشقيق التوأم ، فيلق القدس ، الذي لم يتمكن من التواصل الكامل مع شقيقه في الساحة العراقية فيلق بدر ، كما كان مخططا له ، بسبب ملابسات الملفين الأمني والسياسي في العراق بعد الاحتلال الأمريكي ، الذي قال عنه الرجل القوي لكل المراحل في إيران ، هاشمي رفسنجاني ، أنه ما كان لينجح ، لولا المساندة الإيرانية .
رئيس فيلق بدر ، أو منظمة بدر كما يحلوا لهم أن ينزعوا عنه الصفة العسكرية ، يمر بمأزق حقيقي ، لأنه إن وقف صامتا إزاء القرار الأمريكي ، فمعنى ذلك أن يتنكر لأمه وشقيقه التوأم ، بل سيجد نفسه في نهاية المطاف ، إذا أرادت الولايات المتحدة أن تفعل هذا القرار ، وتلاحق الأبناء والأشقاء ، فإن فيلق بدر هو أول من يجب ملاحقتهم ، بالتهمة ذاتها ، فليست المخابرات الأمريكية على هذه الدرجة من الغباء ، بحيث لا تعرف أن الأعمال المنسوبة للحرس الثوري وفيلق القدس ، تنفذ عن طريق خلايا من بدر بالذات ، ولعبت بدر لعبة مزدوجة ، حينما استدرجت جيش المهدي إلى خط التقاطع مع القوى الوطنية المعادية للاحتلال ، فأقامت بينه وبينها جدارا عاليا من الجماجم ، وبركة عميقة من الدم ، وفي الوقت نفسه ركزت الأضواء على أن بعض ما يلحق بالقوات الأمريكية ، من خسائر هي من فعل جيش المهدي ، العدو اللدود لفيلق بدر ، وبذلك تحقق حزمة من الأهداف بضربة واحدة ، فمن جهة تنفذ مخططا إيرانيا لمواجهة المشروع الأمريكي ، بخطى متناسبة مع تطورات الملف النووي الإيراني ، ومن جهة اخرى تضع جيش المهدي في خط الصدام المباشر مع الجيش الأمريكي ، من أجل إزاحته عن الخارطة السياسية والعسكرية العراقية ، ومن جهة ثالثة يلقي بكل قباحاته على عاتق جيش المهدي ، هنا لسنا في معرض الدفاع عن جيش المهدي الذي ارتكب جرائم إبادة جماعية وتطهير على الهوية ، وزج نفسه في معارك طائفية ذهب ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين ، ولكن سذاجة قيادته السياسية ، وانعدام خبرتها ، ونفسها الطائفي المقيت ، وتصورها بإمكانية إلغاء نصف الشعب العراقي ، وحينما تحين ساعة جرد الحساب ، سيحرص فيلق بدر على الظهور بمظهر قوة مدنية ، نزعت سلاحها من تلقاء نفسها ، وسلكت طريق العمل السياسي .
و لا يختلف اثنان أن التيار الصدري ، المالك الحقيقي لجيش المهدي ، هو الذي أوقع نفسه بمنزلقات خطيرة ، لعل أهمها عدم وضوح موقفه من العملية السياسية الوليد الشرعي للاحتلال ، فهو في الوقت الذي يعلن نفسه قوة مناهضة للاحتلال الأجنبي للعراق ، نراه يمد يده بكل قوة من تحت الطاولة ، للوجود الأمريكي ممثلا بالعملية السياسية ، ويشارك في انتخابات مجلس النواب ضمن قائمة الائتلاف العراقي الموحد ، بعد أن كان شارك في انتخابات الجمعية الوطنية ، بصورة غير رسمية ، وشارك في حكومتي إبراهيم الجعفري ونوري المالكي ، بثقل غير عادي ، جنبا إلى جنب مع المجلس الأعلى وذراعه السكري فيلق بدر ، في محاولة منهما لطي صفحة العلاقات السيئة التي تحكم نفوذ عائلتي الصدر والحكيم ، والتي كانت إحدى صفحاتها معارك النجف ومدينة الثورة ( مدينة صدام ) عام 2004 .
وحينما يقول رئيس فيلق بدر إن قرار الإدارة الأمريكية ، باعتبار الحرس الإيراني وذراعه في العراق فيلق القدس ، قوة إرهابية وداعمة للإرهاب ، غير ملزم لفيلق بدر والمجلس الأعلى ، فإنه في واقع الحال يؤكد أكثر من حقيقة أكدتها الأحداث الميدانية ، أولاها ظروف النشأة ، ففيلق بدر تنفس نسمته الأولى في إيران ، وأخذ نسغه كاملا من بيئته الأصلية ، فشب وترعرع في إيران فكانت بحق ولية نعمته بلا منازع ، أما الحقيقة الثانية فهي أن بدر لا يستطيع قطع الحبل السري بينه وبين أمه مهما بلغ من العمر ، وبالتالي حينما يقع الخلاف على التبني بين الأب الأمريكي الذي تسلم مقاليد الرعاية والإشراف ، منذ عام 1991 وحتى يومنا الراهن ، والأم فإن الخيار سيكون للأم دون منازع ، غير أن المفاضلة ستكون صعبة وقاسية ، لأن رفض الحضانة الأمريكية ، سيعني اختيار الالتصاق بالمشروع الإيراني الإرهابي والداعم للإرهاب في آن معا ، وهذا قد يجلب على الفريق القريب من قوى الإرهاب الكثير من الصعوبات والتبعات ، فكيف إذا كانت العلاقات ليست بمستوى العلاقات الثنائية ، وإنما بمستوى التحام القوة الواحدة .
لم يكن غريبا أن يصدر القرار الأمريكي باعتبار الحرس الإيراني وفيلق القدس قوة إرهابية ، بل الغريب أنه تأخر كل هذا الزمن ، ولم يكن غريبا أن يكون موقف فيلق بدر من القرار الأمريكي على النحو الذي أعلنه رئيس الفيلق ، بل الغريب ألا يكون الموقف هذا ، الغريب في كل الوضع السائد في القضية مثار البحث ، أن القوات الأمريكية لم تزج بكل قيادات المجلس الأعلى وخاصة عبد العزيز الحكيم وولده وبقية قيادات الخطين الثاني والثالث ، رهن الاعتقال ، للتحقيق معهم ومعرفة حقيقة النفوذ الإيراني في العراق ، والدور التخريبي الذي لعبته إيران لإثارة في حالة الاحتراب التي يعاني منها العراق .
إن من يريد قطع يد التدخل في العراق ، لا يبحث عن الحواشي البعيدة ، والأسماء الصغيرة ويترك الأسماك الكبيرة ، تعبث وتفترس كل يوم ، بلدا لا صلة لها به ، وتنقل خيراته إلى البلد الأم وقوة الإرهاب الرئيسة على مستوى العالم ، الحرس الإيراني ، وذراعيه ، فيلق القدس وفيلق بدر ، وأمريكا لم تفعل شيئا من أجل العراق ، بل لأنها أخذت تتحسس خطرا قادما من إيران ، كانت قد سلمته العراق هدية مجانية على طبق من فضة .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
أمريكا وتركيا وأحداث شمال العراق
يوسف مكي
الوطن عمان
لم يعد سرا تورط الإدارة الأمريكية في الأحداث التي تأخذ مكانها الآن في شمال العراق. فهذه الإدارة هي التي أعطت ضوءا أخضر للحزبين الكرديين الرئيسيين المتنافسين: الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البرزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة السيد جلال الطالباني، لإيواء عناصر حزب العمال الكردستاني، ولتتخذ من مناطق الحدود الشمالية العراقية منطلقا لها للهجوم على القوات التركية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل بلغ حد تأسيس مقرات رئيسية ومعسكرات تدريب لمقاتلي حزب العمال، تحت سمع وبصر قوات الاحتلال الأمريكي. فلماذا حمست الإدارة الأمريكية الأكراد المنشقين على التحرك من شمال العراق؟ ولماذا تغير موقفها لاحقا بعد قرار الحكومة التركية اجتياح الأراضي العراقية لمطاردة المقاتلين الأكراد؟ هذه الأسئلة، وأخرى ذات علاقة، ستكون موضوع مناقشتنا في هذا الحديث.
ولعل من الأهمية، أن نذكر أن جذور العلاقة بين تركيا، والولايات المتحدة بشكل خاص، والدول الغربية بشكل عام، تمتد عميقا إلى نهاية الحرب العالمية الأولى، ونجاح حركة الاتحاد والترقي، بزعامة كمال أتاتورك في الوصول إلى السلطة عام 1923م، وإعلان إلغاء الخلافة العثمانية، وقيام جمهورية تركية على النمط الأوروبي الحديث.. ويعتبره كثير من الأتراك مؤسس تركيا الحديثة، ورمز التقدم والإصلاح في تاريخها. وكان أتاتورك قد وضع كل ثقله للحيلولة دون قيام كيان كردي في جنوب تركيا.
وبالنسبة للدول الغربية، فإن أتاتورك حقق لها، من خلال النظام السياسي الذي أشاده، ما عجزت عن تحقيقه بقوة السلاح. فخلال الخمسة عشر عاما التي تولى السلطة فيها، تم تغيير هياكل السلطة القديمة، وجرى تبني قوانين وضعية تقوم على فصل الدين عن الدولة، وإقامة نظام علماني، شمل طريقة الحكم، والتعليم، ومنح حقوقا متساوية للمرأة، وغير الأحرف الأبجدية من العربية إلى اللاتينية. وقد مهدت هذه التغيرات الهيكلية الجذرية لقيام تحالف تركي غربي، طويل الأمد، بدأ بقوة بعد الحرب العالمية الثانية، واستمر حتى يومنا هذا.
حين انتهت الحرب العالمية الثانية، عام 1945م، بدا واضحا أن العالم يستعد لقيام نظام دولي جديد يستند على الثنائية القطبية. وعلى هذا الأساس انشطر العالم إلى كتلتين رئيسيتين: كتلة الدول الرأسمالية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وكتلة الدول الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي. وكانت تركيا قد اختارت اللحاق بالكتلة الغربية. وكان موقعها الإستراتيجي قد جعل منها حليفا مدللا بالنسبة للدول الغربية، خاصة بعد اندلاع الحرب الباردة. فعلى شمالها، يقع مباشرة الغريم السوفيتي. وإلى الجنوب والشرق منها تقع إيران والعراق، الدولتان النفطيتان، بأهميتها الإستراتيجية، باعتبارهما محطتين رئيسيتين للعبور إلى الشرق.. إلى أفغانستان والهند، وباكستان والصين... وإلى الغرب يقع الجسر الموصل إلى القارة الأوروبية، عبر مضيق الدردنيل، حيث يشكل هذا المضيق ممرا إستراتيجيا للأساطيل والبوارج العسكرية، والسفن المحملة بالبضائع من وإلى الاتحاد السوفيتي.
هذه الأهمية الإستراتيجية قد وضعت تركيا في القلب من معظم المشاريع التي تبناها الغرب في المنطقة التي عرفت بالشرق الأوسط. كان حضورها جليا في مشروع إيزنهاور لملء الفراغ في منتصف الخمسينيات، وكان واضحا في حلف بغداد، ولاحقا في حلف المعاهدة المركزية، السنتو. وأصبحت عضوا فاعلا في حلف الناتو، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
وحتى أثناء الصراع التركي- اليوناني، حول حقوق الأتراك القبارصة، وقفت الإدارة الأمريكية، علنا على الأقل، على الحياد، رغم القيمة الاعتبارية للحضارة اليونانية في الثقافة والمواريث الأوروبية، ورغم كون اليونان الحديثة حليفا استراتيجيا راسخا للغرب.
لقد انعكست العلاقات الغربية الإستراتيجية مع تركيا، على علاقة الأخيرة بالكيان الصهيوني الغاصب. حيث ارتبطت معه بعلاقات عسكرية واقتصادية متينة. وبلغت هذه العلاقات ذروتها في عهد الرئيس التركي، طورغوت أوزال الذي قدم عام 1989 مشروعا لنقل المياه من تركيا إلى إسرائيل. وكانت تركيا، في عهده، قد انفردت بتبني سياسية أحادية الجانب، دون التشاور مع حكومتي سوريا والعراق، وخلافا للقانون الدولي المتعلق باستخدام مياه الأنهر، فشيدت سدودا ضخمة على ضفاف نهر الفرات، كان سد أتاتورك هو الأضخم بينها. وأثناءها قارن أوزال بين امتلاك العرب للنفط وامتلاك بلاده للمياه، وأبلغ أن بلاده ستتحكم في الثروة المائية كما يتحكم العرب بالثروة النفطية. وحين حدثت حرب الخليج الثانية، إثر غزو العراق للكويت، دخلت تركيا الحرب إلى جانب الحلفاء. وقد أشارت مصادر تركية إلى أن أوزال كان يريد استثمار نتائج الحرب لضم مدينتي الموصل وكركوك إلى بلاده، وأنه أصدر أوامره بالفعل إلى رئيس الأركان نجيب طورومتاي بالاستعداد للتدخل العسكري من أجل تحقيق ذلك، لكن معارضة رئيس الأركان، ورفض رئيس الحكومة يلديريم قبولوت، لهذه الخطوة حالا دون تحقيق طموحات أوزال، وأوقف العملية.
نستطيع القول إن العلاقة بين الغرب وتركيا استمرت قوية وثابتة ومستقرة، لفترة طويلة وإن قضية فلسطين والعراق، والعلاقة التركية الإسرائيلية، التي بلغت مستوى إستراتيجيا في عهد أوزال، هما الندوب التي بدأت تحدث شروخا مرئية في تلك العلاقة. لقد بدا ذلك واضحا في نمو التيارات الإسلامية، وفي وصول نجم الدين أربكان إلى رئاسة الحكومة، وفي دعم الشعب التركي لانتفاضة أطفال الحجارة، وفي المظاهرات التي عمت تركيا احتجاجا على استمرار الحصار الأمريكي المفروض على العراق.
كان احتلال العراق، عام 2003م، نقطة انتقال فاصلة في العلاقة الأمريكية- التركية. فقد صوت البرلمان التركي، ضد مشاركة تركيا في الحرب، وعمت المظاهرات المدن التركية الرئيسية احتجاجا على العدوان الأمريكي على العراق، وكانت المواقف التركية سلبية من العملية السياسية التي نفذتها الإدارة الأمريكية في العراق بعد احتلاله، وبخاصة ما ورد في لائحتي الدستور والفدرالية. وكان طبيعياً ألا تمر مواقف تركيا، تجاه السياسات الأمريكية، في العراق والمنطقة، دون عقاب.. وكان إعطاء حزب العمال الكردستاني قواعد ومقرات في شمال العراق، في أربيل ودهوك هو أول الغيث في العقوبات الأمريكية لتركيا.
وردت تركيا على تلك الخطوة بالإعلان صراحة بأنها لن تسمح بإقامة دولة كردية في شمال العراق، وبأن ضم كركوك إلى "إقليم كردستان" هو خط أحمر. ورد الأمريكيون بالمضي قدما بالعملية السياسية. في هذه الأثناء، كان الاحتقان الشعبي التركي، تجاه السياسات الأمريكية المتحيزة للكيان الصهيوني يتزايد يوميا، وكانت معالم التعاطف مع حقوق الشعب الفلسطيني، تبرز في صور وأشكال مختلفة، آخرها تخطيط عدد من الجمعيات الأهلية التركية لاحتضان مؤتمر عالمي يعقد في العاصمة التركية، بمنتصف الشهر القادم، نوفمبر عام 2003 لنصرة القدس.
واستمر صراع الديكة، غير المعلن بين تركيا وأمريكا لاحقا، حيث صدر قرار الكونجرس الأمريكي، غير الملزم، بتقسيم العراق الذي رأى فيه بعض المراقبين معاقبة أخرى لتركيا، وتهديدا لمصالحها القومية وأمنها الوطني. وجاء القرار الأخير، بتحميل تركيا مسؤولية ارتكاب جرائم إبادة إنسانية بحق الأرمن، وتصاعد عمليات جيش حزب العمال الكردي، لتصب الزيت في النار، ولتجعل الحكومة التركية تتخذ قراراتها الأخيرة، باجتياح الشمال العراقي، وملاحقة المتمردين الانفصاليين الأكراد.
ولا شك أن الحكومة التركية قد اتخذت حساباتها بدقة متناهية، ونفذت مشروعها في وقت تجد الإدارة الأمريكية فيه نفسها مشلولة، تنوء بحمل قضايا كثيرة، تجعلها غير قادرة على فعل أي شيء. وقد جاءت تصريحات المسؤولين في الإدارة الأمريكية الأخيرة، بأن قواتهم المتواجدة في العراق، قد سلمت الملف الأمني للحكومة الكردية، وأنها ليست مسؤولة عن صيانة أمن العراق لتؤكد دقة حسابات الحكومة التركية وصواب قرارها من الناحية العسكرية واللوجستية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
أكراد، أرمن، أتراك، أميركيون .. الذاكرة والمستقبل
سمير عطا الله
الشرق الاوسط طبعة بريطانيا
بدأت الأزمة الاخيرة على نحو غريب، او مستغرب على الاقل، في موقعين مختلفين وقضيتين متناقضتين: لجنة خاصة في مجلس النواب الاميركي تصوت على مجازر الاتراك (العثمانيين) ضد الارمن، وفرقة خاصة من حزب العمال الكردستاني تعبر الحدود وتخطف 12 جندياً تركياً. وإذا كان التصويت الاميركي بلا مناسبة، فان الاقتحام الكردي تزامن مع زيارة الرئيس السوري الذي رعت بلاده ذات مرحلة الحزب المذكور الى درجة كادت تتسبب في حرب مع تركيا. هل هي مجرد مصادفة؟ لا نعتقد.
اريد التوقف قليلاً امام التصويت الاميركي: ما هي دوافعه؟ ما هي فوائده؟ ولماذا الآن؟ من حيث الفائدة، أجاب على ذلك جورج بوش عندما قال «انه لا يفيد». ولكن واشنطن مدينة تزدهر فيها قوى الضغط وتجارة «اللوبيات». ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي وقيام أرمينيا المستقلة، بدأ اللوبي الأرمني يزداد نشاطاً. وتوسعت الهجرة الارمنية الى اميركا، وخصوصاً الى لوس انجيليس. وكثير من الارمن الذين جاؤوا الى سورية ولبنان اوائل القرن الماضي من تركيا، هاجروا هذه المرة الى اميركا، التي يرون فيها وطناً «نهائياً» بعيداً عن هزات الشرق الاوسط ومخاوفه وحروبه الاهلية.
والأرمن قوم جاهدون. وصناعيون. ولهم في بلاد الهجرة حضور ثقافي وفني وأدبي، بالإضافة الى النجاح المالي، الذي كان اشهر رموزه غولبنكيان الذي عرف باسم «السيد 5 في المائة». وبالتالي لم يكن غريباً ان يكون لهم نفوذ في واشنطن، شبيهاً بنفوذهم في باريس، التي سجل نوابها السابقة بالتصويت على مشروع قرار حول المجازر. ومع ان تركيا اعترضت بشدة على التصويت الفرنسي فقد ظل موقفها اكثر تأنياً بكثير من ردة فعلها على التصويت الاميركي. ولذلك ثلاثة اسباب اساسية: الاول، ان انقرة المتطلعة الى عضوية اوروبا، لا تريد اثارة فرنسا التي هي ابرز ـ واهم ـ معارضي الانضمام. الثاني ان العلاقات الفرنسية ـ التركية لا تقارن بعراقة وأهمية واستراتيجية العلاقة التركية ـ الاميركية. ثالثاً، لأن السابقة التي سجلها البرلمان الفرنسي قد تبقى معزولة ومجرد خطوة أدبية لإرضاء ارمن فرنسا، بينما التصويت الاميركي قد يتطور الى سابقة تنتقل الى مجلس الامن، او على الاقل الى المحاكم الاميركية حيث تبدأ سلسلة من طلب التعويضات لا نهاية لها.
لكن بين ارضاء، او استرضاء الارمن في الداخل الاميركي، حتى عشية سنة انتخابية، وبين اغضاب او فقدان الحليف التركي، لا مجال للتأمل. هذا باب سوف تصده تركيا، عسكراً وإسلاميين وعلمانيين واتاتوركيين، بدون تردد لحظة واحدة. بين ذاكرة الارمن الحزينة وبين مستقبل الدولة التركية، لا تريد انقرة ان تتذكر شيئاً.

ليست هناك تعليقات: