Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الخميس، 13 سبتمبر 2007

صحيفة العراق الألكترونية (المقالات والإفتتاحيات) الخميس 13-9-2007

نصوص الافتتاحيات والمقالات
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
1
أن تقول غير الحقيقة

افتتاحية
الغارديان

كان إدلاء الضابط الأعلى الأميركي في العراق بشهادته امام الكونجرس حدثا متوقعا - على الأقل لأن جورج بوش قد اعتمد بشكل كبير عليها كطريقة لتجنب الإجابة على الأسئلة بنفسه.
عندما قبل الجنرال دافيد بتريوس القيادة وكشف النقاب عن استراتيجيته المضادة للتمرد امام الكونجرس في شهر كانون الثاني من هذا العام ، في مقابل وعد بتقديم تقرير آخر للهيئة ذاتها في شهر أيلول. في ذلك الحين ، أشيد كثيرا بحقيقة ان هذا الجندي المخلص سيقدم تقريره للكونجرس ومن خلاله للشعب الأميركي. وإذا فشلت الاستراتيجية فإنه سيعترف بذلك.
في تلك الاثناء ، كانت قدرة الجنرال بتريوس ذائعة الصيت على قول الحقيقة كما هي ، موضع شبهة. مع بعض التحذيرات المحدودة ، قدم دفاعا مستقبليا عن زيادة عدد الجنود ، مزودا باحصاءات مفرطة في التفاؤل تدعم التأكيد ، الذي يشاركه فيه أشخاص قلائل من خارج البنتاغون ، بأن الاستراتيجية ناجحة.
والامر الأكثر أهمية ، أعلن أن وحدة من المارينز قد تترك العراق في نهاية هذا الشهر ، يتبعها مغادرة لواء قتالي في شهر كانون الأول وأربعة ألوية أخرى في بداية العام المقبل. قد يعود مستوى عدد الجنود إلى مستويات ما قبل الزيادة في منتصف العام المقبل. لم يكن بتريوس الجندي المهني هو الذي رأيناه بالأمس ، إنما بتريوس المروج السياسي ، وخطته - أي اعطونا المزيد من الوقت وسوف تنجح خطة إعادة الاستقرار - ليست موثوقة على الإطلاق.
وكما يتردد كثيرا في كتيب الجنرال عن مناهضة التمرد ، لا بد من حملة فعالة تعمل على عدة جبهات في وقت واحد ، على الأقل ليس على قلوب وعقول من دعموا التمرد. فهل ربح الجنرال قلوب وعقول العراقيين العاديين؟ كلا ، وفقا لاستطلاع رأي 2000 عراقي أجرته هيئة الاذاعة البريطانية و"آيه بي سي" ووكالة انباء يابانية. يعتقد 70% أن الأمن قد تدهور في مناطق شملتها زيادة عدد الجنود ، وهي وثيقة أكدتها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم امتحدة ، والتي قدمت تقريرا أن 60 ألف عراقي في الشهر يتركون بيوتهم خوفا على حياتهم ، بزيادة 10 ألاف شخص في الشهر منذ بدء استراتيجية زيادة عدد الجنود.
وتقول احصاءات كئيبة من استطلاع الرأي الذي أجرته هيئة الاذاعة البريطانية: هناك أغلبية واضحة مقدارها 57% تعبر عن دعمها للهجمات على قوات التحالف. كما أنه ليس واضحا ما اذا كانت المكاسب العسكرية المعلن عنها ستدوم. وهو ما اعترف به الجنرال شخصيا ، عندما اشار الى خطر التنبؤ بأحداث مستقبلية في العراق كحجة ضد سحب القوات قبل الأوان. تحدث الجنرال بتريوس كثيرا عن التحول الذي تحقق في مقاطعة الأنبار ، التي كانت ذات مرة ملاذا للتمرد.
كانت الهجمات ضد قوات التحالف قد انخفضت من 13500 في العام الماضي إلى 200 في الشهر الفائت. الحقيقة ، التحول الذي حدث في الأنبار لم يكن من نشر 30 ألف جندي إضافي لكن من القرار الذي اتخذه زعماء العشائر السنية للتحول ضد المنظمة التي تعمل تحت مظلة القاعدة وتدعى دولة العراق الإسلامية. وقد تكون الانبار مثالا لإظهار سلطة القوات الأميركية لإحلال السلام في العراق ، لكن قد تثبت أيضا العكس: سلطة القوات السنية المحلية ، وهي ذاتها التي دعمت صدام ، على إشعال العنف وإخماده.
فقد تستأنف المليشيا السنية التي أعيد تسليحها هجومها ضد حكومة نوري المالكي التي يسيطر عليها الشيعة ، بمجرد انسحاب القوات الاميركية. ولا يظهر الهدوء النسبي في بغداد أي شيء سوى حقيقة أن التطهير العرقي قد توقف ، لأن المناطق المختلطة من العاصمة قد تطهرت عرقيا أصلا. سيحصل الجنرال على الشهور الإضافية التي يرغب فيها. لكن من الواضح أيضا أن الحد الأعلى من انتشار القوة الأميركية في العراق قد تحقق.
وسواء بدأ الانسحاب الاميركي بشكل تدريجي أو درامي ، فسوف يتم. ولن يقوموا بذلك ، لمصلحة الشعب العراقي ، كما ينبغي ، بل وفقا للجدول الزمني السياسي الاميركي.
سيقوموا بذلك ليس لأن الرئيس اعترف بمسؤوليته عن شن حرب كارثية. بل لانه تخلى عن تلك المسؤولية ، بترك مسألة سحب الجنود الأميركيين لخليفته.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
2
: بتريوس وكروكر يشهدان لصالح رئيسهما
ياسر الزعاترة
الدستور الاردن
بينما كان الجيش الأمريكي يختتم يوماً دامياً من أيامه العراقية الكئيبة (9 قتلى 21و جريحاً)، وبينما كان الأمريكيون يسترجعون حصيلة ست سنوات من حرب رئيسهم العبثية ضد ما يسميه الإرهاب ويقول 62 في المئة منهم إن حرب العراق كانت غطلة: هي التي قال مدير الاستخبارات السابق (جورج تينيت) إن الرئيس قد جاء إلى البيت الأبيض وقرار شنها في جيبه.
بينما يحدث ذلك، كان على الجنرال ديفيد بتريوس والسفير رايان كروكر أن يقدما ما ينجد رئيسهما المأزوم وسط هجوم الديمقراطيين عليه، وهو ما كان ، إذ قدما شهادتين فيهما الكثير من جرعات التفاؤل بالمستقبل ، سبقهما إلى ذلك نوري المالكي ، ربما كثمن لبقائه في منصبه ، وذلك حين قدم معلومات لا صلة لها بالمنطق ، من بينها أن 14 ألف مقاتل من تنظيم القاعدة قد انضموا إلى الجيش والأجهزة الأمنية ، من دون أن يقول لنا بالطبع كم كان عدد أعضاء التنظيم قبل ذلك؟، ولا تسأل بعد ذلك عن تصريحه بانضمام أكثر من 27 ألف عنصر من العشائر إلى الجيش والأجهزة الأمنية ، ودائماً في سياق حرب القاعدة،،
في حال النجاح ، بحسب بتريوس ، سيتم البدء بسحب القوات بحلول الصيف المقبل ، مع التأكيد على أن الانسحاب المبكر سيعود بنتائج كارثية ، مع العلم أن من المشكوك فيه أن يبادر الديمقراطيون إلى تنفيذ انسحاب مبكر في حال الفوز لما لخطوة من هذا النوع من نتائج كارثية ، ليس على العراق الذي يعيش الكارثة على نحو يومي ، بل على نفوذ وهيبة الولايات المتحدة ، وربما مصالحها في العالم (لا قيمة هنا لمقولة مطاردة الإرهابيين في العراق كي لا يلاحقونا هنا داخل الولايات المتحدة).
في التفاصيل ركز الرجلان في شهادتهما على بعدين مهمين يعكسان التطورات العسكرية والسياسية على الأرض: يتعلق الأول بتطورات الوضع في محافظة الأنبار ، وهي التطورات التي سبق أن بشّر بها بوش في سياق زيارته المفاجئة إلى العراق الأسبوع الماضي ، بينما يتعلق البعد الثاني بالعلاقة مع إيران واحتمالات توجيه ضربة عسكرية لها خلال الشهور المقبلة.
في الأنبار ثمة تطور بالغ الأهمية لا يمكن تجاهله ، وهو تطور لا يعكس مشاركة بعض القوى السياسية والعشائرية في الحرب على القاعدة ، بل يعكس أيضاً خطوة سياسية أمريكية تبدو في بعض تفاصيلها انقلابية من حيث منح العرب السنة وضعاً مختلفاً عن وضع الأقلية الذي حشروا فيه منذ احتلال العراق.
صحيح أن الانقلاب لا يبدو مفضوحاً إلى حد كبير ، ويجري تقديمه كما لو كان محض خطوات أمنية ، وبالطبع من أجل عدم استفزاز القوى الشيعية ، إلا أنه كذلك في واقع الحال ، فيما لا تجد تلك القوى بداً من البقاء في مربع التعاون مع الأمريكان خشية انقلاب كامل من طرفهم لصالح العرب السنة.
الأمريكان بدورهم لا يريدون حسم الموقف الشيعي لصالح إيران عشية التحضير للضربة العسكرية، لكنهم لن يقبلوا منها نصف أو ربع ولاء، ومن هنا ركزت الشهادتين على الدور الإيراني في تخريب الوضع الأمني، وهو دور ستردّ عليه واشنطن بكل السبل ، والقاعدة التي ستبنى على الحدود العراقية مع إيران هي إجراء مهم من دون شك.
معادلة صعبة من دون شك يتخبط فيها بوش ، ويزيدها تخبطاً التركيز على ترتيبات الضربة العسكرية لإيران ، أما جذرها فهو المعادلة الطائفية التي تجعل إرضاء الطرف الشيعي مثار سخط الطرف السني ، والعكس صحيح بالطبع. إنه الفشل المحتوم ، لكن بوش لن يعترف به بحال ، بل سيهرب إلى الأمام من خلال مغامرة جديدة مع إيران سيكون مصيرها الفشل أيضاً ، ودائماً من أجل عيون الدولة العبرية!!
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
3
تقويم حالة الاحتلال
باسم الطويسي
الغد الاردن
لا يجب الذهاب بعيداً في تقويم حالة الاحتلال بعد الشهادة التي قدمها الجنرال ديفيد بترايوس أمام الكونجرس الأميركي يوم الاثنين الماضي، فالانسحاب وإعادة الانتشار اللذان تحدّث عنهما يقتصران على التعزيزات العسكرية التي أرسلتها الولايات المتحدة مطلع عام 2007، والتوصية بسحبها في صيف العام القادم، في حين لا يوجد أي حديث جدي عن انسحابات محتملة تلوح في الأفق تنال القوات الأساسية للاحتلال والتي تقدر بحوالي (130) ألف جندي.

من المفارقات المحزنة حجم التباعد في القراءات السياسية العراقية وبعض القراءات العربية عن المضمون الحقيقي للتقرير الأميركي، وعن جوهر النقاش الداخلي الدائر في الولايات المتحدة، وصولا إلى الانتقادات التي وجهت لهذه الشهادة من قبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري معاً، ومصدر هذه المفارقة يرتبط بطبيعة الانسحاب الذي أوصى به الجنرال الأميركي ومبرراته غير المرتبطة بواقع العمليات العسكرية في العراق، وحقيقة الاحتلال ذاته، بل بأسباب تتعلق بالقدرة على التعبئة في الجيش الأميركي؛ هذا في الخطاب السياسي المعلن، أما في جوهر الحدث فلا يمكن الفصل بين أصل عملية التعزيزات الذي يدور حديث الانسحاب عنها وبين كون هذه الزيادة التي تمت ما هي إلا جزء من استراتيجية استمرار الاحتلال لا أكثر، بينما يشمر مسؤول أمني عراقي عن ساعديه مرحباً بما اسماه الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية.

السؤال الأساسي؛ هل تعبّر شهادة ( بترايوس) و(كروكر) عن شفافية حقيقية في تقويم حالة الاحتلال الأميركي في العراق؟ نعم؛ إنها تعبر عن شفافية من نوع آخر مفادها رغبة الإدارة الأميركية في استمرار الأوضاع الراهنة في العراق أي استمرار الاحتلال إلى مدى غامض، وذلك بضمان استمرار تردي الأوضاع الأمنية واستمرار الأسباب الموجبة لذلك، مقابل تقاسم أوارق الضغط والتهديد والمناورة لشراء الوقت؛ كما هو الحال في ورقة الضغط الإيرانية التي تستخدمها الولايات المتحدة لإذعار حلفائها العرب وساحة اختبارها الأساسية العراق، وإلا كيف يمكن تفسير تصريحات الرئيس الإيراني التي سبقت التقرير الأميركي الأخير بأسبوع حول استعداد إيران لملء الفراغ الأمني والعسكري في العراق، إذا ما انسحبت الولايات المتحدة بشكل مفاجئ من العراق، إلى جانب أن مناورة استمرار الوضع الراهن مخدومة بشكل فعال من الحليف الشمالي الكردي الذي يعزز واقع الانفصال يوماً بعد يوم ويذهب باتجاه تكريس فكرة تقسيم العراق وتعميمها في الجنوب والوسط.

لا يوجد ما يعبّر استراتيجياً عن نيّة حقيقية بانسحاب تدريجي، بل هنالك تكريس لواقع الاحتلال وتدشين المزيد من الأسباب لاستمراره، ولا يرتبط ذلك بواقع السجال الأميركي الداخلي بين الحزبين والموقف من الحرب وإدارة العمليات العسكرية، أو من مواقف واتجاهات الرأي العام الأميركي.

وحتى محاولة تفسير التوصية بسحب التعزيزات بأعباء التعبئة العسكرية للقوات الأميركية تبقى موضع شك؛ فإذا ما عدنا إلى ما قبل أحداث أيلول حيث وجدت الولايات المتحدة ذاتها على قمة الهرم العالمي من دون أن تخوض حربا مباشرة تخسر فيها وتنتصر، نجد كيف كانت حالة الاسترخاء الحذر زائفة وغير حقيقية حيث تبين وجود فائض هائل من القوة بعناصرها المتعددة، وجدول أعمال واسع وانشغالات متشعبة شغلت العالم بأكمله في ضوء رؤى سياسية واقتصادية مختلفة هي جدول أعمال القوة الذي أدار العالم الجديد، وهي في التحليل النهائي المعادل الأيديولوجي الذي يعمل على إعادة صياغة العالم وفق مقاييسه وأولوياته. كانت الأحداث قبل أيلول تتسارع في حين كان الخطاب الرسمي للقوة العظمى يحاول أن يؤكد دوماً بشكل مباشر وغير مباشر بأن هذه القوة قادرة على الاستمرار في امتلاكها عناصر التفوق والقوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والدبلوماسية؛ بينما بقي الأمن والقوة وجهين لعملة واحدة هي الوحيدة القابلة للصرف في هذه المرحلة كما كانت في السنوات القليلة الماضية.

سوف نشهد تحولات في الخطاب السياسي الأميركي حيال الملف العراقي بالتزامن مع بداية مرحلة جديدة من استراتيجية ما تزال غامضة في معظم فصولها، في أجواء متوالية من الهزائم الأمنية، وفشل ما سمي خطة امن بغداد، والتعلل بتحالفات هشة مع بعض شيوخ العشائر، بينما العملية السياسية متعثرة وأخذت مداها في الفشل.

في مثل هذا الوقت من العام الماضي كانت معظم الآراء تشير إلى أن عامنا الحالي المدبر سيكون عاما حاسما فيما يتعلق باستراتيجية الخروج وإنهاء الاحتلال، وهاهو العام شارف على الانتهاء بهذه الصيغة الغامضة، وفي تقدير آخر، فان العام القادم سيكون عام حسم، ولكنه الحسم الذي سيحدد شكل الوجود النهائي على المدى المتوسط للقوات الأميركية وتنظيم علاقتها مع سلطة محلية ناقصة السيادة لمرحلة سوف تمتد إلى عقد من الزمن على اقل تقدير. أي فرض شبه الاحتلال العسكري أو ما يسمى بالوجود العسكري الهادئ والسلمي لمدى غير معروف أو محدد.

لقد تم تضخيم الخطاب الدائر في وسائل الإعلام حول مأزق الولايات في العراق، وإذا كان الأمر قد ارتبط في وسائل الإعلام العالمية والأميركية بمناخ تقاسم المصالح والأدوار أو المعارضة الحزبية الداخلية، أو فيما يتعلق في إدارة بعض الازمات، فإن الأمر في وسائل الإعلام العربية قد وصل ذروته وصور الوضع في العراق وكأن جنود الجنرال الأميركي الأخير منذ شهور في حالة استنفار بانتظار قرار الرحيل.

ويكفي أن نستعرض ما تقدمه الصحف العربية من مواد رأي مترجمة عن الصحافة العالمية، وتحديدا البريطانية والأميركية، ما يُظهر درجة انتقائية عالية تصب في تضخيم قصة المأزق الأميركي.

ان تقويم السلوك السياسي والعسكري الأميركي في العراق وحوله يشير إلى حقيقة واحدة مفادها الاستمرار في خلق المبررات لاستمرار الاحتلال، هذا ما أراد ان يقوله التقرير الأميركي حول تقويم حالة الاحتلال.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
4
مصداقية بتريوس
حسن البراري
الغد الاردن
هنالك تياران في الولايات المتحدة، فيما يتعلق بمصداقية واستقلالية تقرير ديفيد بيتريس، وفيما إذا كان التقرير انعكاسا لرغبة ومصلحة الرئيس بوش الذي لا يريد أن يغير استراتيجية العمل في العراق أم انه تقرير يعكس تقييم الواقع كما هو.

لكلا التيارين منطلقاته ومنطقه وأغراضه السياسية الخاصة به. فقد هاجم اليسار الاميركي والقوى المعارضة للحرب استقامة ديفيد بيتريس حتى قبل ان يبدأ في الحديث على افتراض أنه سيقول ان الخطة الامنية تعمل بشكل مقبول.

وقد نشرت النيويورك تايمز على صفحاتها (مانشيتا)، يلعب بالكلمات، واصفة الجنرال بـ Betray us (بمعنى يخوننا) بدلا من مناداته باسمه بيتريس. وفي الكلمات الافتتاحية تكلم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس توم لانتوس، قائلا: أنه وحزبه الديمقراطي لا يثقون بالتقرير المقدم ولا بإدراة بوش، وأن الادارة الاميركية ارسلت الجنرال لاقناع الكونغرس ومجلس الشيوخ بنجاح الخطة الامنية. وبتقديري فقد كان ذلك هجوما مباشرا على التقرير وعلى استقامة مقدم التقرير بالرغم من كلمات الاطراء والمجاملة التي يستعملها السياسيون وهم يتحدثون عن الجيش وتضحياته.

ولم يمنع تأكيد بيتريس على استقلالية تقريره من تكرار الهجوم على مصداقية التقرير من قبل بعض اعضاء المجلسين في جلسة الاستجواب. وحاول بيتريس الظهور بمظهر مهني وهو يدعم مقولاته بالخرائط التي تبين النجاحات الامنية التي تحققت وقطع العهد بخفض القوات الى مستوى ما قبل الخطة الجديدة مع منتصف شهر تموز القادم. أما السفير الاميركي في العراق، فقد فاجأ الجميع بشهادة هشة تركز، وبصورة اعتذارية، على الصعوبات التي تواجه حكومة المالكي "الملتزم بالمصالحة الوطنية" بدلا من التأكيد على ما يعرفه الجميع في واشنطن من أن هذه الحكومة هي جزء كبير من المشكلة.

التيار الآخر يتمثل بالحزب الجمهوري، بصورة عامة، الذي دافع فيه عن نزاهة واستقامة بيتريس وأنه لا يمكن التسامح مع من يقول غير ذلك، وبخاصة بعد أن وافق مجلس الشيوخ وبالاجماع على تعيين بيتريس ليقود القوات الاميركية في العراق. ويتهم أصحاب هذا الاتجاه خصومهم الديمقراطيين بالتمترس خلف مواقف مسبقة. وهذا الى حد كبير صحيح. ولكن في المقابل يتمترس المنادون ببقاء القوات الاميركية بمواقفهم ولا يولون التقارير الاخرى المستقلة التي خالفت تقرير الجنرال اي اهتمام يذكر.

الحقيقة الساطعة هي ان الخطة الأمنية حققت نجاحات أمنية تكتيكية، بخاصة في محافظة الأنبار لكن تجاهل التقرير لفشل الهدف الاستراتيجي للخطة يعطي مصداقية للمشككين باستقلالية الجنرال والسفير كروكر. الهدف الاستراتيجي هو اعطاء الحكومة العراقية الفرصة لاجراء مصالحات وطنية. بعبارة أخرى؛ يوجد اجماع الى حد كبير بين المتابعين بأن التقدم السياسي الذي كان من المفترض ان ينتج عن بيئة أكثر أمنا لم يتحقق. وما يحصل هو ان حكومة المالكي لم تستفد من الفرصة لأنها لا تريد في الأساس إلا تكريس المكتسبات الطائفية. وإصرار كروكر على تجميل صورة الحكومة العراقية لا يمكن فهمه إلا في سياق محاولة الإدارة لمنع منح خصومها الديمقراطيين مزيدا من الذخيرة في صراعهم حول ملف الانسحاب من العراق. وهذا ما أضعف، بتقديري، شهادة السفير.

التراشق اللفظي غير المباشر الذي تم بين اعضاء الجمهوريين والديمقراطيين يؤكد على عمق الاختلاف بين الجانبين من ضرورة أو عدم ضرورة وضع جدول زمني للانسحاب. سيشعر الديمقراطيون بعد هذه الشهادة بصعوبة فرض جدول زمني للانسحاب، وهذا ما يفسر تراجع هاري ريد زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ واقتراحه تبني موقف مشترك دون التوقف على وجود جدول زمني.

وجود جدول زمني يؤدي الى استقواء المتشددين، حسب رأي المعارضين. لكنه، من ناحية أخرى، يضع الحكومة العراقية في موقف يملي عليها ضرورة التصرف وتقديم التنازلات لاجراء المصالحة الوطنية وينهي تنامي ثقافة عراقية جديدة تعتمد على وجود القوات الاميركية.

بصرف النظر عن مصداقية التقرير من عدمها، فالراهن أنه لن يغير في مواقف اللاعبين المختلفين، ولن يتحقق انسحاب القوات الاميركية في عهد بوش، وهذا الأمر سوف يسيطر على حملة الانتخابات الرئاسية في الاشهر القادمة.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
5
الانسحاب من البصرة

محمد حسين المومني
الغد الاردن
قد يشكل الانسحاب البريطاني من مدينة البصرة انموذجا لما يمكن اعتباره نواة استراتيجية للخروج من العراق، بعد أن وصلنا لمرحلة أشبه بعنق الزجاجة، تتمثل في وقوع لعنة إذا ما خرجت القوات الأميركية ضمن ملامح المشهد العراقي الراهن، ولعنة إذا ما بقي الاحتلال مستمرا، وبتنا لا ندري ما هو الخيار الأفضل في ظل وضع عراقي لا يحبذ البقاء ولا الذهاب.

الانسحاب البريطاني كان ذا أثر لوجستي وإستراتيجي محدود ولكنه ذو أثر سياسي كبير ويعيد للأذهان غياب سياسة خروج أميركية واضحة من العراق.

البريطانيون بهذا السلوك، إنما يرسلون عددا من الرسائل أولها أنهم ليسوا بالضرورة راضين عن إدارة الملف العراقي أو إستراتيجية التعامل الأميركية مع هذا الملف، وهم بالضرورة لا يتلمسون ملامح ولوج استراتيجية خروج أميركية من العراق يستطيعون أن ينسقوا معها أو أن يصبحوا جزءا منها.

يحمل القرار البريطاني رسالة أخرى هامة مردها أن الانجليز لن ينتظروا للأبد حتى ينجح الأميركان بإصلاح هذا الملف ولا يستطيعون التعايش مع ضبابية سياسية، فيما يختص بمستقبل العراق لا تزودهم بالحد الأدنى المطلوب ليخططوا لسياساتهم وليحافظوا على مصالحهم وأن يكونوا رهينة لحراك واشنطن السياسي الداخلي. وفي الجانب الايجابي لقراءة انسحاب اليريطانيين، فهم في الحقيقة يجربون سياسة من الممكن أن تكون قدوة ومثالا يحتذى من قبل الأميركان ويناجي معضلة عنق الزجاجة التي وصلنا لها.

فالانسحاب قد يكون العامل الأقوى والمحفز لدعم التوافق العراقي والضاغط على العراقيين للتعايش ودفع العملية السياسية قدما إذا ما وصلوا لقناعة أن القوات الاجنبية حيدت نفسها وأنهم وحدهم الباقون، لذا فهم مضطرون للتفاهم سياسيا.

كما أن الانسحاب من المدن مع استمرار البقاء بالعراق، يتعامل مع مؤرقات واشنطن الأساسية وعلى رأسها احتمالات الاستغلال وزيادة النفوذ الإيراني نتيجة الفراغ الذي قد ينتج عن انسحاب شامل وكامل من كافة الأراضي العراقية.

الدروس المتعلمة من القرار البريطاني هامة، وبالأخص على الصعيد السياسي، إذ أن الأميركان لايزالون في مرحلة ضبابية فيما يختص بالتعامل مع العراق، فهم يراوحون ما بين قناعتهم الإستراتيجية أن العراقيين هم وحدهم المعنيون بإصلاح النظام السياسي وإنجاح عملية التوافق والمصالحة السياسية وما بين قناعتهم "الأضعف" من أن العراق دولة منهارة وبالتالي فهي لا تستطيع إصلاح نفسها بنفسها ووحدها، وإنما بحاجة لتدخل مباشر ومساعدة طويلة الأمد.

الخروج من هذه المأزق يجب أن يبدأ بأن تحسم واشنطن بحزبيها أمرها وتقتنع ان العراق دولة منهارة تحتاج لمن يصلحها.

الخطوة اللاحقة تكون من خلال تكثيف الجهد الأميركي بإتجاه ادماج المجتمع الدولي والبدء بعملية بناء سياسة في العراق يقودها المجتمع الدولي وبشكل تعددي وليس أحاديا.

من شأن توجه كهذا إعطاء إطار دولي أكثر شرعية من الوجود الأميركي ويزيل الاحتقانات السياسية المتولدة عن وجود الاحتلال. وهنا ولأغراض استتباب الأمن والحفاظ عليه يمكن الاستعانة بقوات أممية متعددة الجنسيات لكي تقوم بمهام حفظ السلام بعد أن تترسخ قواعده الأساسية ويصار لتعريف نظام توزيع المكتسبات السياسية من خلاله.

واذا ما توافق المجتمع الدولي على أن يتدخل للمساهمة بإصلاح الملف العراقي، فعليه أن لا يكرر تجربة الولايات المتحدة في إدارة الملف العراقي وعليه الإندماج وبشكل أكبر وتفصيلي بالمعادلة السياسة العراقية لا أن يراقبها من بعيد لاسباب مرتبطة بالقناعة بعدم جدوى أو فائدة التدخل وأن العراقيين وحدهم المعنيون بإصلاح شأنهم السياسي وأنه ليس من المنطق ولا من الخلق السياسي في شيء أن نخبر العراقيين ما عليهم أن يفعلوا.

التجربة الألمانية واليابانية في أعقاب الحرب الثانية تخبرنا بعكس ذلك! الجهد الدولي يجب أن يركز أيضا على ضرورة تحييد النفوذ الإيراني بالعراق والتأكد أن القوة السياسية العراقية تتوافق على ذلك بل وتجرمه لأن هذا قد يشكل أساسا لعملية سياسية منتجة تتجاوز المماحكات الدائرة حاليا.

الخيار البديل لهذا التوجه قد يكون العودة لنظرية القائد العادل المستبد، وعندها نكون قد تخلينا عن حلم الديمقراطية العراقية وتوافقنا على قائد مقبول من كافة القوى السياسية في العراق، يستطيع أن يقود عملية انفتاح وتوافق سياسي هادئة وبطيئة تسمح بالحفاظ على الأمن، وتعزز معادلة التوازن الإقليمي الإستراتيجي، وبذات الوقت لا تنهي جهود الديمقراطية والإنفتاح السياسي العراقي. المستبد العادل في هذه الحالة لا بد أن يقسم الخريطة السياسية العراقية ضمن خطوط علمانية واضحة ويتجاوز تقسيمات الطائفية السياسية اللعينة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
6
تصاعد تكلفة الحرب تحد جديد لأمريكا !

عمرو عبد العاطي
الشبيبة عمان
في كلمته أمام جمعية المحاربين القدامى في مدينة "رينو" بولاية "نيفادا" دافع الرئيس الأمريكي عن استراتيجيته في العراق، فقال: "إن العراق يُشكل خط جبهة مشتركة لمواجهة القاعدة والجماعات المنضوية تحت لوائه، وأيضا راديكالية النظام الإيرانية التي تظهر من خلال دعم الميلشيات المسلحة". وخلال الأسبوعين الماضيين، استغل بوش خطابه الإذاعي الأسبوعي للترويج لفكرة النجاح الأمريكي في العراق، بعد أيام حافلة من الأخبار السيئة والمناقشات بشأن استراتيجيته في الحرب حتى في داخل وزارة الدفاع (البنتاجون). ومع بدء العد التنازلي لموعد تقديم تقارير مهمة إلى الكونجرس، ولاسيما تقرير كل من "ديفيد بترايوس" قائد القوات الأمريكية في العراق، و"رايان كروكر" السفير الأمريكي في العراق، بشأن الوضع في العراق، يعرض تقرير واشنطن لآخر الخسائر الأمريكية في العراق.
الخسائر الأمريكية في العراق
يتأزم التورط الأمريكي في العراق مع صدور العديد من التقارير والدراسات، التي تظهر فداحة الخسائر المادية والبشرية الأمريكية في العراق عقب حربها على نظام صدام حسين. فبإعلان الجيش الأمريكي مقتل جندي أمريكي، وإصابة أربعة بانفجار في محافظة صلاح الدين يوم الجمعة (24/8/2007)، ارتفع عدد القتلى الأمريكيين خلال أغسطس 2007 إلى 67 قتيلا. وبهذا الانفجار ارتفعت الخسائر بين صفوف القوات الأمريكية منذ حربها في العراق إلى 3726 قتيلا. وتُرجع تقارير أمريكية على درجة عالية من المصداقية ارتفاع عدد القتلى؛ إلى نجاح الجماعات المسلحة العراقية إلى استخدام العبوات المتفجرة البدائية الصنع، التي أصبحت الخيار المفضل لهم.
فمنذ سقوط أول ضحايا العبوات الناسفة البدائية الصنع، الجندي "جويل بيرتولدي" بـ "الفلوجة" في يوليو 2003 لقي نحو 1512 جنديا مصرعهم من إجمالي الخسائر البشرية التي مُنيت بها القوات الأمريكية، وتضاعف استخدام المسلحين في العراق للعبوات الناسفة منذ عام 2003 بواقع ستة أضعاف ووفق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون). فبلغ عدد انفجار العبوات الناسفة البدائية في يوم واحد خلال مايو الماضي (2007) 101 انفجار مع إجمالي 139 هجوما ضد القوات الأمريكية. ويُذكر أن تلك العبوات الناسفة البدائية أوقعت خلال الفترة من مايو إلي يوليو الماضيين حوالي 203 جندي من أفراد القوات الأمريكية في العراق، أي ما يعادل 60% من إجمالي القتلى خلال الفترة المشار إليها. وعلي الرغم من التقنيات العالية التي تمتلكها وزارة الدفاع الأمريكية، إلا أنه ظهر تعثرها في احتواء الخطر المتنامي لتلك العبوات الناسفة الذي يصيب أفراد قواتها التي تخدم في المحافظات العراقية.
وتعد الفترة الممتدة من شهر ابريل إلي يونيو من العام الجاري من أكثر الأشهر دموية بالنسبة للجيش الأمريكي في العراق، حيث سجلت التقارير الأمريكية سقوط 104 قتيل خلال ابريل الماضي، و126 قتيلا في مايو، فيما سجل شهر يونيو سقوط 101 قتيلا، ليصل بهذا إجمالي القتلى خلال الأشهر الثلاثة المشار إليها فقط 331 قتيلا.
فيما تعتبر العديد من المصادر الأمريكية أن شهر نوفمبر من عام 2004 كان أكثر الأشهر التي سقط فيها جنود أمريكيين في مواجهات عنيفة مع مسلحين في الفلوجة، حيث سجل مقتل 137 جنديا، يليه شهر ابريل من العام نفسه حيث سجل مقتل 135 جنديا. ويعد يوم السادس والعشرين من يناير 2005 أكثر الأيام دموية للقوات الأمريكية، حيث شهد مقتل 137 جنديا بينهم 27 من المارينز لقي حتفهم في تحطم مروحيه كانت تقلهم، في حين يعد يوم الثالث والعشرين من مارس 2003 أي بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب الأمريكية، سُجل مقتل 31 من المارينز، حيث يعد ثاني أسوأ يوم للجيش الأمريكي. ويمثل يوم العشرين من يناير الماضي ثالث أكثر الأيام دموية للقوات الأمريكية بالعراق، إذ سُجل مقتل 25 جنديا، بينهم 12 في تحطم مروحيه عسكريه شمالي شرق بغداد.
وبمقتل 14 جنديا أمريكيا في حادثة تحطم طائرة مروحيه أمريكية في محافظة "الـتأميم" شمالي العراق (يوم الأربعاء الموافق 22/08/2007)، ارتفع عدد قتلى حوادث سقوط وتحطم الطائرات المروحية في العراق إلى 202 قتيل، وفقا لإحصائيات شبكة (CNN) الإخبارية الأمريكية مستقاة من معلومات من البنتاجون.
وجاء في تقرير أعده معهد بروكنجر(Brookings Institution) حول حقائق الشأن العراقي، أن عدد حوادث تحطم الطائرات المروحية في العراق بلغ 67 حادثة، وذلك منذ شهر يوليو 2003، وإن بلغ عدد الطائرات التي أسقطت نتيجة نيران معادية من إجمالي الحوادث السبعة والستون ستة وعشرون طائرة.
ومن جهة أخرى بلغ عدد القتلى من المجندات في الجيش الأمريكي بالعراق 82 قتيلة منذ بدأ العمليات العسكرية في العراق، قبل نحو أربعة أعوام ونصف العام. وفقا للأرقام التي حصلت عليها شبكة (CNN) الإخبارية من (البنتاجون)، منهم أربعة مجندات في شهر أغسطس الحالي. وحسب الأرقام فقد قتلت 5 مجندات في شهر يوليو 2005، وأربعة في اكتوبر2003، ومثلهم في نوفمبر 2003، سبتمبر 2006 ويناير 2007. وينقسمن إلي 68 قتيلة من عناصر المشاة, و6 من مشاة البحرية (المارينز)، 5 من سلاح البحرية و3 من سلاح الجو.
وقد شهدت الخسائر الأمريكية في الأرواح انخفاضا تدريجيا خلال الأسابيع الأخيرة، رغم أنها كانت قد ارتفعت خلال فصل الربيع. وأرجع القادة العسكريين الأمريكيين السبب إلي أن القوات الأمريكية والعراقية تعمل علي فرض حالة الأمن والاستقرار في مناطق التوتر والصراع. وهو ما أشار إليه مايكل أوهالون (Michael O'Hanlon) وكينيث بولاك (Kenneth Pollack)، استنادا علي زيارتهما الميدانية إلى العراق في الفترة الممتدة من 17-25 يوليو الماضي، ولقائهما بالعديد من المسئولين العراقيين والأمريكيين الذين يخدمون هناك. فيريان أن القوات الأمنية العراقية أضحت على درجة عالية من القدرة على التصدي للتحديات الأمنية التي تواجهها هناك بموازة التأييد الأمريكي الأمني لتلك القوات.
ونشرا ملاحظاتهما ورؤيتهما للوضع في العراق في تقرير تحت عنوان "تقرير الرحلة العراقية" Iraq Trip Report))، وهو منشور على موقع المعهد. ولحض أوهالون ما جاء في التقرير المشار إليه في مقال له بـ "الواشنطن بوست" (25/8/2007) والمعنونة بـ "العمل خلف رؤيتنا بشأن العراق (The work behind our Iraq)، والتي جاء فيها أن انخفاض عدد العمليات المسلحة خلال تلك الفترة وعلى وجه الخصوص منذ يناير هذا العام، والتي انخفضت بمعدل الثلث عن العام الماضي، علي عكس تلك الفترة الممتدة من 2003 إلى 2005، والتي ظهر فيها الإخفاق العراقي في مواجهة التحديات الأمنية هناك، بحيث أصبحت الاستراتيجيات والخطط الأمنية الهادفة لمواجهة التمرد أكثر فاعلية عن ذي قبل. هذا، بجانب التطرق إلى الإنجازات علي الصعيدين الاقتصادي والسياسي.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
7
أبناء العراق في نن العين

عبد الحميد بدر الدين
السياسة الكويت
في مصر الآن مايقرب من 100 ألف عراقي يعيشون حياتهم ككل المصريين, فلا أحد يضيق عليهم, ولا أحد يسألهم عن جنسيتهم, ولا أحد يشتري منهم أو يبيع لهم بأسعار تخالف الأسعار التي يشتري أو يبيع بها للمصريين, حتى لو استخدم الأخ العراقي لهجته المحلية أو اللهجة المصرية غير المتمكن منها بعد . ويحدث في مرات عدة عكس هذه المساواة المطلقة غير المفتعلة والتي لادخل لأحد بها, ويكون نصيب الأخ العراقي وحظه أفضل كثيرا من حظ أخيه المصري من خلال نماذج ووقائع كنت شاهدا على بعضها . وبعيدا عن كل الدعاوى الباطلة لبعض الجهات الأجنبية التي تقول أن العراقيين يلقون معاملة سيئة في مصر, فإن الأشقاء العراقيين يحققون كل يوم نجاحات هائلة في المجتمع المصري, فمطاعمهم بدأت تنتشر ويقبل عليها المصريون بكثافة, وخبزهم نحجزه قبلها بأيام بالرغم من أن سعر الخبزة الواحدة يساوي سعر رغيفين من الخبز المصري الفاخر, أما القوازي بالأرز بالكاري والزعفران وكذلك الدجاج وخلافه فحدث ولا حرج . وقد تعرفت قبل أيام قلائل على أستاذ في جامعة بغداد يعيش في مصر منذ نحو العام ونصف العام يتاجر في مجال العقارات والأراضي, ويحقق مكاسب هائلة يشكر الله عليها باستمرار مؤكدا أمامي أن المدن الجديدة في مصر مفخرة معمارية ومجال ناجح للاستثمار . ويمكن تلخيص شكوي الأخوة العراقيين في القيود التي فرضت مؤخرا على دخول مصر, وحقيقة لاأعرف إن كانت هناك قيود أم لا, خاصة وأن مصر لاتغلق أبوابها أمام كل من يأتي إليها سائحا, وقد دخلتها أعداد كبيرة من العراقيين بهذه الصفة ما يجعل أرقام اللاجئين تبدو متواضعة . ولكن بفرض أن السلطات المصرية تراجع بين فترة وأخرى أعداد القادمين من الأخوة العراقيين, فما العيب في ذلك ? نعم كل عراقي في مصر يريد أباه وأمه وأشقاءه وأبناء عمومته معه أو بجواره, ولكن سكان مصر 75 مليونا, لهم احتياجات تموينية, وتتزايد ضغوطهم على الكهرباء والماء, وتختنق الشوارع بسياراتهم, وتئن المدارس والجامعات من زحامهم, وأمور أخرى كثيرة لايتسع الوقت لحصرها, مما يجعل التحكم بأعداد القادمين ضرورة, خاصة وأنها ليست مقصورة على الأشقاء العراقيين, بل هناك الأخوة الفلسطينيين واليمنيين والسودانيين والأصدقاء من جنوب شرقي آسيا ومن الصين ومن الدول الأفريقية الذين يذوبون في مصر عشقا واستوطنوها ربما مؤقتا وربما بشكل دائم وتفوق أرقامهم أعداد المصريين في الخارج مرات ومرات . وفي ظل وضعية مثل هذه, فإن العبء الأمني يكون كبيرا, ولكن الأجهزة الأمنية - وبشهادة مصري يصنف نفسه بعيدا عن الحزب الوطني - لا تشعر أي شقيق عربي أو صديق من أية دولة بأن المواطن يتميز عنه في المعاملة, وإنما كثيرا ما اشتكي المصريون بأنهم يعاملون أقل من المعاملة التي يلقاها الوافدون من العرب والأجانب مع ملاحظة أن كلمة وافد هذه لاوجود لها في مصر . العراقيون وقد استمع صديقي أستاذ جامعة بغداد لبعض مما أقول, في قلب كل مصري وفي نن العين إلى أن يعود العراق إلى شعبه وإلى أمته حرا ديمقراطيا يمارس دوره المعهود على الساحات الإقليمية والدولية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون لهم مكان أو مكانة غير هذه .


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
8
توحيد الرؤية.. وتوحيد المواقف

افتتاحبة
الاخبار مصر
مشكلة تتكرر كل عام في العالم الإسلامي وهي عدم الاتفاق علي توحيد رؤية هلال شهر رمضان.. وإذا كان الأمر ينطوي علي حساسية خاصة بسبب الجدل المحتدم بين انصار الرؤية الشرعية والتقويم القائم علي الحسابات الفلكية فإن الامر يتطلب بذل المزيد من الجهد بين علماء ومفكري الامة الاسلامية للبحث عن سبيل لتوحيد رؤية الهلال.. وليس من المعقول او المقبول ان يستمر هذا الخلاف العقيم في الوقت الذي حققت فيه الوسائل العلمية والتكنولوجية تقدما عظيما في حسم أدق الحسابات الفلكية.. وليس من المعقول ايضا ان يختلف ابناء الشعب الواحد في دولة واحدة مثل العراق في تحديد بداية شهر الصوم.. ففي العراق مثلا اعلن ديوان الوقف السني ان اليوم الخميس هو غرة شهر رمضان المبارك بينما اصر مكتب المرجع الشيعي الاعلي في العراق آية الله علي السيستاني علي ان غدا الجمعة هو أول أيام الشهر الكريم.. ولاشك ان مثل هذه الاختلافات لا تستند إلي أسس شرعية بقدر ما تعود إلي اختلافات طائفية ومذهبية ربما تؤدي إلي تعميق الهوة بين طوائف الشعب الواحد بدلا من العمل علي جسر هذه الهوات والتقريب بين أبناء الأمة الواحدة.
ان ما يحدث كل عام بمناسبة استطلاع رؤية هلال شهر رمضان وما يليه من استطلاع لهلال شوال يثير الكثير من التساؤلات بشأن عجز علماء الأمة عن التوصل إلي حل حاسم وعلاج ناجع لهذه المشكلة. لقد حان الوقت لايجاد هذا الحل المنشود لتوحيد الرؤية سعيا وراءتوحيد مواقف الامة الاسلامية التي تواجه تحديات هائلة تجعلها احوج ما تكون إلي الوحدة.. ولن تصل إلي ذلك الهدف إلا بنبذ الخلافات وتوحيد الصفوف والتفرغ إلي مواجهة المشاكل الحقيقية التي تواجه المسلمين في العالم في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فهل تكون البداية توحيد الرؤية حتي تكون نقطة الانطلاق إلي توحيد المواقف.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
9
دولة عظمى تعود إلى عصور الظلام
الافتتاحية.. الاربعاء
صحيفة تشرين سوريا

الولايات المتحدة الأميركية دولة عظمى وليست من دول العالم الثالث، لكن ما حدث في جلسة الكونغرس جعلنا نعتقد انها كذلك!

فما كاد الجنرال بترايوس يبدأ بتلاوة تقريره عن الوضع الميداني في العراق حتى تعطل «المايكروفون» كما يحدث في بنغلاديش أو ليبيريا أو إحدى جمهوريات الموز، فهل يعقل أن يحدث «خطأ فني» فقط عندما يهم قائد القوات الأميركية في العراق بالكلام؟ ‏

هل هو خطأ مقصود.. أم إنه حتى الأجهزة الإلكترونية أرادت التعبير عن رفضها للأكاذيب التي ستمر عبر اسلاكها؟! ‏

الأمر الآخر الذي جعلنا نظن أن الولايات المتحدة تحولت إلى منظومة دول العالم الثالث هو طريقة طرد المناهضين للحرب في العراق وتهديدهم بالعقاب ولو حدث ذلك في دولة من دول هذا العالم الثالث البائس، لقامت الدنيا ولم تقعد ولتبرع «دعاة وحماة» حرية الرأي والديمقراطية بتوجيه الاتهامات إلى هذه الدولة بقمع الحريات، وكم الأفواه ولهددوا وتوعدوا! ‏

لكننا لا نستطيع الترحيب بالولايات المتحدة في عالمنا هذا، فهي مختلفة كلياً عنه، وعدوه اللدود، وهي التي حولت دول العالم الثالث إلى حقول تجارب لأحدث أسلحتها الفتاكة، وجعلته بقرة حلوباً تمتصها شركاتها واحتكاراتها إلى آخر قطرة. ‏

مشكلتنا مع هذه الدولة الكبرى الاستعمارية انها جعلتنا مشكلتها، وربطت أمنها بضياع أمننا وخراب بيوتنا وتدمير اقتصادنا وحصارنا ومعاقبتنا على ذنوب لم نقترفها. ‏

مشكلتنا ـ خاصة بعد عمليات 11 أيلول 2001 الإرهابية ـ أننا صرنا إرهابيين بالوراثة والانتماء والممارسة، حتى لو كنا عرضة للإرهاب اليومي الذي يهبط علينا من كل حدب وصوب. ‏

مشكلتنا أننا لا نؤمن بالأساطير والخرافات التوراتية والتلمودية التي صارت دستوراً مقدساً عند المحافظين الجدد، صنّاع السياسات الأميركية، وتجار الحروب والدماء والدمار و..النفط! ‏

وأساطيرهم تلك تقول لهم ما يقوله بعض حاخامات إسرائيل المتطرفين: العرب أفاع وعقارب وحشرات يجب إبادتهم! ‏

وتقول لهم أيضاً: إن هناك أرضاً يسمونها «أرض الميعاد» وشعباً يزعمون انه «شعب الله المختار» وأن الله وعد هذا «الشعب» بتلك «الأرض» و.. تحقيق الحلم الصهيوني الخرافي يتطلب إفراغ الأرض المستهدفة من أهلها وسكانها بكل الوسائل، بما فيها ـ وفي مقدمتهاـ المجازر والمذابح الجماعية بدءاً من فلسطين مروراً بالعراق ودول المنطقة، دون أن نستثني دولة واحدة وصولاً إلى المغرب العربي وأواسط آسيا. ‏

وهذه ليست تهيؤات كالتي تصيب المحافظين الجدد، وإنما حقائق تؤكدها تصرفات وأفعال، ولو لم تحدث عمليات 11/9/2001 الإرهابية، لاخترع هؤلاء المحافظون ما يوازيها أويفوقها إرهاباً لتبرير هذه الحملة الاستعمارية المركزة التي يتعرض لها العالمان الإسلامي والعربي، وعلى وجه الخصوص منطقتنا العربية. ‏

لا نبرئ الإدارة الأميركية من دم العراقيين والفلسطينيين واللبنانيين، فهي متورطة في مشروع صهيوني قديم، وورطت معها الشعب الأميركي الذي يدفع الثمن باهظاً من دماء شبابه الذين أرسلوا إلى ما وراء البحار ليخوضوا حرباً خاسرة ليست حربهم، وليدافعوا عن مشروع لا يهم الشعب الأميركي في أغلبيته الكاسحة. ‏

نردّ لهذه الإدارة المحافظة التهمة التي توجهها لنا، أي تهمة الإرهاب، فهي من «خلق» تنظيم القاعدة، وهي ـ والإدارات التي سبقتها ـ حولت الإرهابيين إلى «مجاهدين» ثم تخلت عنهم بعد أن أدوا الدور الذي تريده، وهي التي ترتكب اليوم أبشع الجرائم وتمارس الإرهاب الموصوف وتنتهك حقوق الإنسان. ‏

هي من احتل العراق وحاول اشعال حرب طائفية ـ عرقية فيه خدمة لمشروع الشرق الأوسط الصهيوني، وهي التي تقوم بعمليات ثأرية من المدنيين العراقيين كلما اصطادت المقاومة العراقية جندياً يعبث بأمن العراق وينكل بأبنائه. ‏

وإذا كان الإرهاب صناعة صهيونية بامتياز، وإذا كان الصهاينة هم من أدخل الإرهاب إلى منطقتنا العربية منذ بدايات القرن العشرين الفائت، فإن الإدارة الأميركية الحالية لم تكتف بأن تكون حاضنة الإرهاب وحامية الإرهابيين والمدافعة عنهم، بل تكفلت بأن تلعب بنفسها دور الإرهابي المتمرس وتسجل الأرقام القياسية في هذا الإرهاب الذي حصد حتى الآن أكثر من مليون نسمة في العراق وحده. ‏

قلنا في البداية: إن الولايات المتحدة ليست من دول العالم الثالث.. لكنها أيضاً ليست في عداد الدول الراقية التي تحترم حقوق الإنسان، وللأسف فقد جعلت إدارة بوش هذه الدولة العظمى من دول عصور الظلام، فما تقوم به هذه الإدارة يذكرنا بحروب الإبادة التي قامت بها شعوب الهون والبرابرة وقتل فيها مئات الآلاف من البشر، مع اختلاف بسيط هو أن الدول الغازية قديماً لم تكن تملك أسلحة دمار شامل كما تمتلك إدارة بوش اليوم، لذا فإن فتكها بالشعوب أكبر وأخطر، والمخفي أعظم. ‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
10
العراقيون... و«سوء الحظ» الأميركي
رزان عمران
صحيفة تشرين سوريا
العراقيون كانوا الغائب الحاضر في شهادة الجنرال الأميركي ديفيد بتريوس أمام الكونغرس، لقد غابوا بل غيبوا في خضم الحديث المطول عن جدوى مضاعفة القوات الأميركية.

وخطورة تقليصها حالياً الى العدد الذي كانت عليه سابقاً، بينما حضروا بين سطور الشهادة، لأنهم ببساطة أصحاب الأرض التي يجثم الاحتلال فوقها، جنباً الى جنب مع الإرهاب الذي أفسح له هذا الاحتلال مكاناً. ‏

بتريوس بدا ناطقاً ممتازاً بلسان حال رئيسه جورج بوش، وبالتالي فإن الوضع الانساني للعراقيين لم يكن له ذلك الحيز المهم في الحديث، بالنسبة لبوش الأمر يتعلق بحياة أو موت سياسي له، فإما أن تسهم هذه الشهادة ومثيلاتها في تأمين مجد يبحث عنه مسابقاً موعد انتهاء ولايته، وإما أن تكون مسماراً جديداً في نعش سيرته السياسية وجداراً يمنع الجمهوريين من الاستمرار في سدة الرئاسة في الانتخابات المقبلة. ‏

وحال الديمقراطيين لا يختلف فالقضية أيضاً سياسية بالدرجة الأولى بالنسبة لهم والعراق بحسب ما يظهر من مزاودات المرشحين الديمقراطيين للرئاسة صار قضية أميركية داخلية هي الأكثر قدرة بنظرهم على توسيع مدهم إلى البيت الأبيض مثلما أمنت لهم ذلك المد في مجلس الكونغرس. ‏

والعراقيون الأبرياء المعنيون في هذا السجال ليسوا في موضع التركيز عليهم ميدانياً إلا عند الانتقام فلا تتذكر قوات الاحتلال سواهم عندما يقتل من جنودها دفعة، صغيرة أو كبيرة، فينهال الرصاص والقنابل الأميركية على الناس والبيوت الآمنة ويغدو الضحايا أرقاماً يقحمها الأميركيون في رصيد قتلاهم من الإرهابيين، فيما يتهمون غيرهم بالتسبب في انفلاش الموت في العراق، ويحمّلون الحكومة العراقية جل المسؤولية عن «سوء الحظ» الذي يحالفهم. ‏

مقتل السياسة الأميركية في العراق كان وما زال استعجال الإنجاز باستخدام العسكرة وحدها، والاستخفاف بالمزاج الشعبي العراقي بل عدم الرغبة في التعرف إليه أصلاً، لتصبح معاناة العراقيين مجرد عنوان يساق لإدعاء التفهم للكارثة، بل إن المعتدي لا يتورع عن استخدام هذه المعاناة التي تسبب بها، حجة ليسوغ بقاءه على الصدور الضائقة به. ‏

الولايات المتحدة لن تغادر العراق بسهولة بعدما أصابها منه ما أصابها، فإذا ظل الانتصار المنشود يبتعد عنها فستواصل الاعتقاد بأن انتقامها من العراقيين «تعويض ما» نفسياً على الأقل، ما يتجلى في قول السفير الأميركي بالعراق، رايان كروكر في شهادته: لقد دفعنا الكثير من الدماء والأموال ولا ينبغي الاعتقاد بأن «القصة» شارفت على خواتيمها، فالعراق سيبقى في تفكيرنا.‏
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
11
عبثية الخروج من حالة اللامصداقية
شارل كاملة
صحيفة تشرين الاردن
نتوقع في الأيام المقبلة تزايد الجدل مع سخونة المواجهة في الشارع الأميركي من قمة الهرم الحاكم إلى أسفله، جدل سعّرته رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.

مع صدور أول السطور من تقرير بترايوس ­ كروكر بشأن الوضع في العراق. ‏

بيلوسي قالت، وقولها ليس نابعاً من دوافع انتخابية، بقدر ما هو حقيقة لم تعد شتى المصطلحات قادرة على إخفائها: إن التقرير مهد الطريق لوجود أميركي طويل الأمد في العراق عبر مخطط عسكري لا ينهي الاحتلال بقدر ما قدم ذرائع للاستمرار، والتوصية بسحب جزء من القوات ليس مقدمة لسحب الاحتلال كاملاً!. ‏

هذا فعلاً ما أسس له تقرير بترايوس ­ كروكر إذ جاء مطابقاً بالكامل لما تطلع إليه بوش وأرضية ينطلق منها في كلمته القادمة. ‏

وما يهم القول هنا ان الواقع الأميركي الراهن وسجالاته التي لن تنتهي ما بقي الاحتلال قائماً تحول اليوم بفعل الإصرار على التعامي إلى حالة عبثية. ‏

إذ كان من المفترض الخروج منها على أكتاف التقرير المذكور ما دامت السياسة عجزت عن التوصل إلى قواسم لذاك الخروج. ‏

وكان يفترض أيضاً مع توافر قدر ضئيل من التوازن أن يتلطى بوش ودائرته الضيقة جداً وراء الدفع بتقرير عاقل نسبياً يغطي أبعاد المأزق الأميركي والكارثة العراقية ليتم على أساسه اختيار نقطة الصفر لبداية تصحيح المسار وإنقاذ ما يمكن إنقاذه على مستوى الأزمة ككل. ‏

أما وأن يأتي التقرير موائماً لما يريده بوش ويحوي ما يحويه من عشرات الذرائع الواهية والهشة لتسويغ دوام الاحتلال لعشرات السنين فهذا شأن لم يعد يخص الأميركيين فقط بقدر ما بات يخص العالم بدوله وأقطابه ومنظمته الدولية ­ الأمم المتحدة ­ التي طال أمد تجميدها بعد أن ضربها الإعصار السياسي، أو الموقع الأكثر ضرراً والأكبر تأثراً من ذاك الإعصار بعد أحداث 11 أيلول لدرجة بات فيها دورها معطلاًَ بالكامل ومشلولاً حيال اتخاذ أي قرار يعيد التوازن إليها ويعيد توازن قراراتها المشهودة. ‏

بناء عليه وبعد أن وضحت الرؤية وصعد الدخان الأسود من تقرير عبق بدواعي استمرار الاحتلال فإن التعويل على أي حراك داخلي أميركي لصنع قرار إنهاء الاحتلال هو مس من الحماقة. ‏

فالديمقراطيون يفضحون بخجل ويتكلمون بتورية ويطالبون دون إمكانية التأثير رغم استطاعتهم ذلك. ‏

والجمهوريون لن يتخلوا عن بوش بالمطلق ومتمسكون بذريعة النصر المزمع، فالانتخابات على الأبواب، والخسارة قاب قوسين وما بين البينين، خلاصة، وهي البحث عن طريق ثالث طريق لابد من صنعه ­ رغم وجوده أصلاً­ يقلع عن الصمت للخروج من حال العبث الراهن، ليس رحمة ببوش ولا بإدارته بقدر ما هو رحمة بالعراق وشعبه وشعب أميركا معه. ‏

فخلاص الشعبين يلزمه أكثر من موقف معارض فالطريق الثالث بات ضرورة استثنائية قد تكون نواة الخلاص بعد أن تأكد بالمطلق عبثية الخروج من حالة اللامصداقية عند بوش وإدارته التي سكنتها الحماقة دون رجعة.‏

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
12
تقرير بترايوس أو لغة الاستعمار الجديد!
طاهر العدوان
العرب اليوم
تقرير بترايوس - كروكر حول الوضع في العراق يمثل انتصارا لبوش ونهجه العنيد (استمرار المهمة). غير ان الديمقراطيين لن يستسلموا وسنرى في الايام والاسابيع المقبلة مواجهة ساخنة بينهم وبين الجمهوريين الذين يسعون لتوظيف التقرير في حملتهم للحفاظ على رئيس جمهوري في البيت الابيض.

العراق لم يكن حاضرا في التقرير, المهم هو وضع قوات الاحتلال الامريكي وانجازاتها ومستقبلها, فلم نسمع من كروكر او بترايوس اي كلمة عن اوضاع اربعة ملايين عراقي هجروا من مساكنهم ونصفهم اصبح في المنافي. ولم نسمع من بترايوس رقما واحدا عن تكاليف نجاحاته الميدانية في الاشهر الثمانية الماضية. مثل كم عراقيا قتل وكم ألفا تم اعتقالهم وكم منزلا دُمر في ظل حملات عسكرية متواصلة في شوارع بغداد وديالى وبعقوبة والرمادي. ولم نر خريطة واحدة تعرض على الكونغرس الشكل الجديد لمدينة بغداد, التي اصبحت كانتونات ممزقة خلف جدران عازلة كتلك التي في الضفة الغربية المحتلة, فيما يسري منع التجول على المدينة ايام الجمعة وساعات طوال من ايام الاسبوع الاخرى.

تقرير بترايوس يتحدث عن انخفاض عدد القتلى من المدنيين العراقيين لكنه لم يذكر الرقم, ولم يقدم اجابات على تقرير امريكي سابق, جاء فيه ان العدد كان في الاشهر الستة السابقة قد وصل الى 14 ألف قتيل مدني وانه اكثر ببضع مئات من العدد في العام السابق!

كل من تابع الحملات العسكرية الامريكية داخل العراق منذ احتلاله كان يلاحظ هبوط عمليات المقاومة اثناء هذه الحملات. والمسألة طبيعية لان المقاومة ليست جيشا, فهي تختفي امام الضغط العسكري ثم تعود بعد انهائه. وبالتأكيد لقد حشد بترايوس جميع قواته خلال الشهرين الماضيين من اجل اعداد تقرير يرضي بوش, ويسمح له بالحديث عن انجازات امنية. بينما الانجاز الامني في العراق يقاس فقط عندما يرفع حظر التجول وتزال الجدران العازلة, ويستطيع المالكي وحكومته »الخضراء« السير في شوارع بغداد في اطار مصالحة وطنية يدعمها العراقيون وليس حكومة قائمة على اخضاع الناس واستباحة ارواحهم وبيوتهم بقوة الجيوش الامريكية المحتلة.

التقرير, باختصار, يمثل رؤية غير واقعية لا تتناسب مع حقائق الاوضاع المتدهورة في العراق, وفيه كثير من روح رامسفيلد المتطرفة واساليبه في تصوير الهزائم بانها انتصارات, والحديث عن اوضاع العراقيين في ظل (نعيم) الاحتلال وكأنهم يعيشون في ولاية فلوريدا او كاليفورنيا!!

اخطر ما في التقرير انه يؤسس لاحتلال عسكري طويل الامد في العراق وكل ما جاء فيه عن انسحابات في نهاية العام او الصيف المقبل يتعلق فقط بالثلاثين ألف عسكري امريكي الذين ارسلو الى العراق منذ بداية العام وفق خطة بوش, فبترايوس لم يأت على اية اشارة لانسحاب الجسم الرئيسي لقواته في جدول زمني وهو ما يضع الخطاب الامريكي في العراق في اطاره الصحيح, انه لغة الاستعمار الجديد التي ترتكز الى القواعد العسكرية وتقاتل للسيطرة على النفط, مع تصوير ذلك بانه يساعد الشعب المقهور للحصول على حريته!

الأفق لا يزال مسدودا, لان ما يحتاجه العراق انسحاب امريكي شامل, ووقف تدخل الآخرين في شؤونه, ومنح الحرية لعشرات الآلاف من المعتقلين واعادة الملايين من المهجرين الى منازلهم. وهو امر لا يصنعه غير العراقيين انفسهم وبارادتهم الحرة وبمساندة الدول العربية وتركيا وايران. ومن دون ذلك فان مهمة بوش ستتواصل على جثث العراقيين وبؤسهم وحربهم الداخلية.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
13
هذه ديمقراطية بوش!!

محمد علي بوظة
الثورة سوريا

كان من المفترض أن تقدم الإدارة الأمريكية مقاربة صحيحة للأوضاع في العراق , وأن تتوخى ولو بعض الدقة في مثولها أمام الكونغرس,وتقديمها كشفاً وجردة حساب بما حققته سياسة المحافظين الجدد هناك بعد سنوات الغزو الأربع ,

لا سيما وأن المشهد المثقل بالدم والنار والفوضى المتنقلة,والقتل الأعمى و التدمير الشامل لكل مظاهر الحياة في هذا البلد , قد بات أكبر من أن تتم التغطية والتعمية عليه , وتجييره كإنجاز للنهج الاستعماري المغامر , يمكن أن يسوغ حروبه العدوانية الكونية , ويقلب هزائمه وانكساراته واندحارات مشاريعه في العديد من الساحات إلى انتصارات .‏

والصورة التي حاول صقور إدارة يوش نقلها والإيحاء بها , من خلال تقريري قائد القوات الجنرال بترايوس والسفير رايان كروكر , وحديثهما خلافاً للواقع عن تقدم وعن تحقيق الإستراتيجية الأميركية لأهدافها العسكرية في العراق بشكل واسع , إنما تمثل قمة النفاق والخداع والتضليل المتعمد للعالم وللشعب الأمريكي وممثليه , والذي دفع وما زال يدفع ثمن الحماقات والسياسات الطائشة لهذه الطغمة , والتي لا تجيد غير لغة الحروب واستجرار العداوات , والزج بأمريكا أزمات مفتوحة لا تنتهي .‏

وما لا يختلف عليه أحد أن لجوء إدارة بوش إلى الدفاع , في مواجهة معارضة الداخل الواسعة , وبخاصة الخصوم الديمقراطيين ومطالباتهم الملحة والضاغطة , بجدولة سريعة لعودة المائة وثمانية وستين ألف جندي إلى الولايات المتحدة , والتزيين الملفق للأوضاع مع الأخذ بمبدأ التهويل وتصوير الانسحاب بأنه سيكون كارثياً , ليس إلا مناورة لكسب الوقت ومحاولة خبيثة أخرى للالتفاف على الفشل السياسي والعسكري, وإعطاء المشروعية للاحتلال واستمرارية بقائه لسنوات طويلة , استكمالاً لمخطط تدمير العراق والإجهاز عليه , وإلحاقه بالركب الصهيوني - الأميركي .‏

لقد أسقط الاجتياح الأميركي للعراق والاحتلال البغيض لأراضيه كل الخطوط الحمر , وقدم ويقدم كل يوم الأدلة القاطعة على أن : الأكاذيب التي فبركت واعتمدت كأساس للعمل العسكري وشن الحرب القذرة ضده, بدءاً من ( أسلحة الدمار الشامل والحرب على الإرهاب , وانتهاءً لا نهاية بتعميم ونشر الديمقراطية , وجعل العالم أكثر أمناً ) , ليس بمقدورها إخفاء حقيقة الفشل الأميركي , وأن هناك شعباً بالكامل سلبت حريته واستبيحت أرضه ودمرت بناه , وبلداً مدمى ينزف ويذبح أبناؤه , ويراد تحويله إلى أرض محروقة وفلسطين أخرى , هو النتاج والحصاد ل ( استراتيجية بوش وديمقراطيته ) , وهو أعلى مراتب الإرهاب وأشده خطراً على البشرية , والأكثر مدعاة للمساءلة والتدخل لرفع الظلم , والذي لا يستقيم بغير الزوال الكامل والعاجل للاحتلال .‏


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
مسلسل "التقرير"!!
محمد كعوش
العرب اليوم الاردن
سهرنا مع الامريكيين نشاهد مسلسل بترايوس المدبلج والممنتج ساعات طويلة!!

فقد جلس الجنرال بترايوس بكامل قيافته العسكرية ونجومه واوسمته امام اللجنة في مجلس الشيوخ الامريكي وقدم تقريره وشهادته حول الوضع في العراق وسط صيحات وصراخ المعارضين لهذه الحرب القذرة..

المدهش ان نص التقرير لا يقدم اي جديد عما يردده الرئيس جورج بوش في خطاباته وتصريحاته الصحافية .. لدرجة اننا نشك بان مكتب الرئيس الامريكي هو الذي زود الجنرال بترايوس بالمعلومات التي قدمها او ادلى بها وليس العكس, لان ما تضمنه التقرير وما سمعناه في شهادة الجنرال امام لجنة الكونغرس لا يقدم ولا يؤخر, ويضر ولا ينفع, ولا يخدم السياسة الامريكية بشيء...

لذلك قال احد اعضاء اللجنة إن التقرير لا يجيب على الاسئلة المطلوبة والمطروحة والتي ينتظرها الكونغرس والشعب الامريكي .. فالتقرير هو عبارة عن جمع واعداد معلومات تخدم خطة الرئيس بوش وسياسته فقط لا غير...

التقرير يزيد من موجة الرعب التي يوجهها بوش الى المجتمع الامريكي لتخويف الشعب باستخدامه »فزاعة القاعدة« والخطر الايراني الذي يهدد أمن العراق والأمن الداخلي الامريكي. وخصوصا بعد ظهور بن لادن مجدداً عشية ذكرى احداث 11 سبتمبر في واشنطن ونيويورك.

نحن نعرف ان الاعلام الامريكي المؤيد للحرب ولسياسة البيت الابيض يستطيع بسهولة التلاعب بمشاعر الامريكيين وتضليلهم واقناعهم بان الجيوش الامريكية انتصرت في العراق, وهي الآن تقوم باعمار العراق على قاعدة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان!!

الرئيس بوش يعتمد في هجومه المضاد داخل الساحة الامريكية على تقارير رئيس حكومة المنطقة الخضراء الذي يزعم ان حكومته مقتدرة ونجحت في بسط نفوذها وتحقيق الأمن في العراق, وكذلك تقرير الجنرال بترايوس والسفير الامريكي كروكر, هؤلاء هم اسلحة الرئىس بوش في حملة التضليل والكذب.

نحن نعرف ان الاحتلال هو الذي اتى بالقاعدة الى العراق, وهو الذي فتح الحدود امام الحرس الثوري الايراني, وهو الذي سمح بانشاء المليشيات الطائفية وفرض سيطرتها على الاحياء, وهو الذي حل الجيش وهدم هيكل الدولة السياسي والعسكري والاقتصادي.

على كل حال نستطيع الجزم بان لا شيء حقق تقدماً, بل الوضع في تدهور متواصل على كافة الاصعدة الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدماتية, فالعراق منكوب منهوب ومعاناة شعبه تتعاظم بشكل غير مسبوق في التاريخ!!

التقرير الذي يشبه سيناريو مسلسل مكسيكي طويل لن يستطيع حجب الحقيقة رغم قيافة الجنرال ونجومه واوسمته فالقوات الامريكية غارقة في المستنقع حتى قمة رأسها, وهزيمتها صارت على الابواب.. رغم تفاؤل بترايوس وكروكر والمالكي وبوش واخرين من اعضاء عصابة الحرب..

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
استعراض برلماني في واشنطن ومأزق في العراق
عزمي بشارة
الخليج الامارات

مع تقرير السفير الأمريكي في العراق كروكر وقائد الجيش الأمريكي في العراق بتريوس بتكليف من البيت الابيض وجلسات الاستماع في الكونجرس، حاولت الإدارة أن تفرض أجندتها وتوقيتها ومفاهيمها على الرأي العام الأمريكي. وفرضتها الهيمنة الثقافية الأمريكية على أجندات الإعلام العالمي كمزود أول للاستهلاك الإعلامي، وعبر تحويل الأخبار منذ أمد بعيد إلى تسلية إخبارية: من ترقب “الحدث”، اي ما يصور سابقا كحدث ينبغي انتظاره، إلى بث مباشر على حساب كل شيء آخر يجري في هذا العالم، إلى تعليقات على البث المباشر. ولا تتخلف صحيفة ولا وقناة تلفزيونية عن زميلاتها، لكي لا تتهم بالتقصير، ولكي لا تخسر ولو جزءاً من سوق المستمعين الذي قد يتحول عنها.. المنصة وجدت، إذاً لا معنى للتهرب من الإدلاء برأي.

أعضاء الكونجرس الذين استجوبوا السفير والآمر العسكري لم يقوموا بالاستجواب من منطلق عربي او عراقي، بل من منطلق أمريكي، وهم يوجهون الاتهامات للإدارة كابحين غضبهم بهدوء مصطنع بات يميز ذاته كنبرة صوت أمريكية في السياسة لسببين رئيسيين: الأول هو فشلها في تحقيق أهداف الحرب الكاذبة والفعلية. ولو نجح بوش بنفس المهمة والأهداف لما كانت هنالك مشكلة، فهؤلاء النواب ليسوا وطنيين عراقيين، ولا قوميين عرباً، ولا حتى ليبراليين كونيين. فهم يتعايشون مع نظام استبدادي في دولة أجنبية ما دام قصة نجاح، أي ما دام ناجحا في خدمة مصالحه ومصالح أمريكا. بوش يحاسَب بموجب الأهداف التي وضعها لنفسه. ولو جاءهم آمر قوات الاحتلال الى الكونجرس رابحا ولو بعدد أكبر من الجرائم ضد المدنيين لما كانت هنالك مشكلة. لا يوجه في الكونجرس نقد ضد مبدأ الاحتلال وعلى هدم الكيان العراقي بمعول بريمر ورؤسائه ومرؤوسيه، بل نجد نقدا لسياسة بوش لأنها فشلت، وقد فشلت بالمعايير الأمريكية. الأمر الثاني الذي يهم اعضاء الكونجرس هو الدقائق السبع التي سوف تسلط فيها الكاميرا على وجوههم وهم يتكلمون ويوبخون ببلاغة وإيجاز سياسة غير شعبية لا يتحمل الموظفان المسؤولية عنها. اهتم كل عضو كونجرس ان يوضح ذلك في مقدمته، كما اهتم أن يحيي رجال ونساء الجيش على شجاعتهم.

لقد بدأ النقد الذاتي في الصحافة الأمريكية على دورها في التعبئة للحرب على العراق، وتجده في مقالات صحافيين عديدين ينتقدون دور الصحافة مباشرة، وقد فعلت ذلك “نيو يورك تايمز” إذ اعتذرت للقراء. ولكن الكونجرس ينسى ويتناسى أنه أيد الحرب حين إعلانها بنسب أعلى من تأييده حرب فيتنام في بدايتها.

لعبة الاستعراض البرلماني والتقارير وغيرها هي لعبة سياسية أمريكية داخلية من قمة رأسها الى أخمص قدميها. فبالنسبة لمعارض السياسة الأمريكية في العراق ليس معيار الموقف هو نجاحها أو فشلها في تحقيق الأهداف، بل الأهداف ذاتها هي المشكلة .

ومنذ ان أدرك بوش درجة تورطه بدأ في عملية تمرير فترة رئاسته في العراق بإشغال الرأي العام الامريكي بمواعيد زمنية وهمية وأحداث قادمة يتطلع لها الرأي العام الأمريكي وتفرض على الرأي العام في المنطقة العربية أيضا: نقل السلطة في العراق، الانتخابات، تقرير بيكر هاملتون، زيادة عدد القوات، مؤتمر الدول المجاورة، تقرير كروكر بترايوس...الخ. وكلها مواعيد وهمية يتطلع الناس إليها كأنها تواريخ فاصلة سيختلف ما بعدها عما قبلها، ولكن الخيبة بنيوية. ولا يحدث “تقدم” طبعا، (لا يوجد اصلا اتفاق على سؤال: تقدم بماذا؟). وكل ما يجري هو زيادة التورط الأمريكي، وسير العراق بخطوات أسرع نحو التفكك...هذا هو الحدث العظيم الوحيد الحاصل فعلا. وفرض كل ما جرى في الكونجرس والمهرجان الإعلامي من حوله على العرب، أي فرض التعامل المشهدي مع بترايوس كجنرال و”جنتلمان” وليس كمجرم حرب، وتعاملنا من حيث ندري ولا ندري مع أعضاء الكونجرس كحكماء محايدين وحازمين يطمس الفرق بين قوات الاحتلال وقوات حفظ السلام، وبين الحرب والتفاهم وسوء التفاهم مع أمريكا.

ولو هبط كائن فضائي في واشنطن وجلس يستمع إلى جلسات الكونجرس لحسب ان العراق كان كيانا تمزقه الحرب الأهلية الطائفية عندما قررت أمريكا ارسال قوات حفظ السلام إليه لتفصل بين الطرفين، وأن النقاش يدور في الكونجرس حول النجاح في المهمة من عدمه. نحن نعرف تاريخ الاحتلال وتفكيك دولة العراق بالحرب العدوانية بعد حصار تجويعي دام ثمانية عشر عاما، ولكن المواطن الأمريكي المسكين هو فعلا أقرب إلى كائن فضائي. ومع ذلك، ورغم كل ذلك، لم يتضمن المشهد مفاجآت، “إنه الأسبوع الذي لن يحدث فيه شيء” كما توقع أحد المعلقين الأمريكيين. وفعلا لم يحدث شيء. توقع الجميع ان يكون تقرير الموظفين ( الدبلوماسي والعسكري) تقريرا تجميليا للسياسات الأمريكية فيبرر زيادة عدد القوات ويثبت نجاعة استراتيجية المشغل، جورج بوش، في تقليض عدد حالات العنف الطائفي وعدد عمليات المقاومة ضد جيش الاحتلال. وهذا ما حصل فعلا.

إنه نفس بترايوس الذي كتب كجنرال من العراق مقالا في “واشنطن بوست” يوم 26 سبتمبر/أيلول 2004 في اوج العنف الطائفي وعمليات المقاومة التي كانت تجتاح العراق يدافع فيه عن سياسة بوش ويرى فيه ضوءاً في آخر النفق ويتوقع تغييرا حقيقيا في السنة التالية أي في 2005.

هنالك موظفون...وهنالك موظفون. فمراقب الدولة الأمريكي، أو مكتب المساءلة المستقل والملتزم قانونا أمام الكونجرس قدم تقريرا أكثر استقلالية لأنه يشكل سلطة مستقلة ولو دخل نفس المؤسسة. لم يحظ التقرير بعظيم اهتمام. وكانت العاصفة الإعلامية والتغطية والدراما والحشد الصحافي والسحنات الجدية على الكراسي الجلدية من نصيب التقرير الأقل أهمية والذي جاء بتكليف من بوش.

لا نعرف كيف اختار التقرير احصائياته وأرقامه، ولا كيف قرر الفرق بين عنف جنائي وطائفي، ولا نعرف ايضا لماذا اختيرت هذه الأشهر تحديدا لمقارنات تظهر انخفاضا في معدلات العنف وبالتالي نجاحا لسياسة التدخل العسكري. ولكننا نعرف أنه فعل ذلك برسوم بيانية وجمل تحمل الف معنى وكليشيهات، ولم يقتنع أحد. لم يقتنع أحد ان تقليص العنف بتطويق مدن مثل بعقوبة والفالوجة والتنكيل بسكانهما وانخفاض مستويات المقاومة طالما بقي الجيش مركزا من حولها هو إنجاز استراتيجي. الجميع يعرف أن نفس العنف سيعود مضاعفا حال مغادرة الجيش أو إرخاء قبضته. وبالعكس ربما يزداد العنف نيتجة نزعات ثأرية لدى المدنيين الذين نكل بهم. ولم يصدق أحد أن انخفاض العنف في بغداد ناجم عن انخفاض الاحتراب الطائفي. فمن السهل إثبات أن العنف انخفض لأن حملات التطهير العرقي من قبل ميشليات المهدي وبدر والمدعومة من الشرطة والأمن العراقي نجحت في تحويل بغداد من مدينة 63% من سكانها من السنة الى مدينة 75% من سكانها من الشيعة. وهذه ارقام جون كيري، وتدعمها تقارير العدد الأخير من “نيوزويك” حول ما يجري في بغداد. وهذا يعني ان العنف انخفض بعد ان حقق مراده فقل الاحتكاك الطائفي نتيجة لتحقق هيمنةِ طائفيةٍ بعينها. كما لم يصدق احد أن ميل عشائر الانبار لمقاتلة القاعدة الناجم عن ممارسات الاخيرة الطالبانية ضدهم وضد ابنائهم وبناتهم هو انجاز للاستراتيجية العسكرية الأمريكية، إذ يمكن قراءته كنتيجة لفشل الاستراتيجية الأمريكية واضطرار هذه القبائل ان تدافع عن نفسها أمام همجية وتجبر القاعدة. وما مفاخرة بتريوس وكروكر بهذا “الانجاز” إلا تعبير عن عمق أزمة الاحتلال وعن حجم التورط الأمريكي في الفخ العراقي.

إنها تكريس لنفس الخطيئة التي بدأ بها الاحتلال سفره غير الميمون في العراق على السكة الخطأ. لقد بدأ بتقسيم البلد طائفيا حتى وصلنا الى الوضع البائس الذي بات فيه العلماني يحصي نسب الشيعة والسنة ببغداد بعد تطهير طائفي. ثم عندما أدت الطائفية إلى متاجرة الاصولية الدموية بها راهن الاحتلال على غضب العشائر وسلحها، ومستقبلا قد تنقلب العشائر عليه او ربما على عشائر أخرى. نجح الاحتلال في هدم بنيان دولة، وهو لا يعيد بناءها بل يمعن في التفتيت.

في المشهد البرلماني الحي والمباشر ظهرت أمريكا كما هي. دولة عظمى دخلت الحرب بعدة ولكن من غير إعداد، وبتآمر ولكن من دون خطة لإدارة البلد، شنت أمريكا العدوان عبر نشر الأكاذيب وإزاحة الغضب الشعبي على 11 ايلول من القاعدة وتوجيهه بتآمر ودهاء نحو العراق، وهي نفس أمريكا التي أدركت أنها كانت الحرب الخطأ، ولكن ليس لديها خطة للخروج من العراق، إنها أمريكا التي أدركت انها الحرب الخاطئة لانها حرب فاشلة، خروجها المفاجئ سيعرض حلفاءها ومصداقيتها ومنطقة الخليج برمتها للخطر، أما بقاؤها في العراق فسوف يمدد زمن النزيف المستمر لها وللمنطقة بلا نهاية. ليس لدى أمريكا خطة للخروج، ومن يدعون الى انسحاب مبكر يراهنون على ان مغادرة من هذا النوع سوف تضع القيادات العراقية أمام مسؤولياتها وسوف تضطرها الى مصالحة وطنية، وهذه طبعا مجازفة. وتخشى أمريكا ليس فقط من الفوضى والحرب الاهلية على نمط رواندا والكونجو وكلها مجازر رهيبة كبرى تمت بسلاح خفيف، بل ايضا من فراغ سياسي تحتله دول إقليمية مثل إيران وسوريا.

كانت الخطيئة الكبرى وما زالت هي إعلان الحرب على العراق واحتلاله من دون سبب للحرب. ثم كانت الخطيئة الثانية التي وضعت مسارا للاولى في التعامل مع العراق ككيان طائفي تحكمه أقلية سنية تضطهد اكثرية شيعية، وكانت الخطيئة الثالثة تفكيك الدولة والجيش وفسح المجال لمليشيات طائفية للتلبس بلبوس الشرطة والأجهزة الأمنية...في حين كان العراق دولة، وكان المضطهَدون والمضهِدين في العراق من السنة والشيعة. لقد وضعت هذه الخطايا الاحتلال والتطور السياسي في العراق بما فيه الدستور وبناء أجهزة الامن وغيرها على سكة تقود نحو الدمار. حتى المعايير والأدلة التي تحاسب الحكومة العراقية بموجبها في الكونجرس هي تعبير عن توجه طائفي للعراق. خذ مثلا مشاركة إقليمٍ من الاقاليمَ الأخرى بثروته النفطية. منذ متى تتبع الثروة النفطية أصلا لإقليم؟ يطرح المعيار الذي تحاسب عليه حكومة نوري المالكي في توزيع ثروة العراق وكأن إقليماً بعينه يملك النفط ويتكرم بجزء منه على الآخرين... في حين يتلخص توجه بناء الدول بأن هذه ثروة العراق وشعب العراق. لقد أدخل الاحتلال فيروس الطائفية أو سمح له بالتفشي بعد ان أزال كافة الموانع من طريقه. ولن ينجو من عدواه مخلوق. ولن ينقذ الأمريكيون العراقيين من هذه العدوى، وفقط قيادات عراقية وطنية جدية وقادرة على التفاهم مع المقاومة قادرة على إنقاذ بلدها إذا توفرت لديها الإرادة والقوة.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
«تقرير» اللاقرار
افتتاحية
البيان الامارات
ما وصفته أوساط أميركية بأنه أهم تقرير يرفعه جنرال أميركي إلى الكونغرس، منذ فيتنام؛ تبين أنه ليس كذلك تماماً، على الأقل ليس من الصنف غير الاعتيادي. فالصورة التي قدمها الجنرال بتريوس مع السفير الأميركي في بغداد، حول الوضع العراقي؛ لم تحمل شيئاً خارج التوقعات. ما جاء به كان في التداول، منذ أيام. خلاصته أنه أعطى الرئيس بوش ما يكفيه.


وفي الوقت ذاته بدا وكأنه أعطى خصومه الديمقراطيين، شيئاً من مطلبهم. الأول نال ما يعزز موقفه لشراء المزيد من الوقت. والفريق الثاني، أخذ وعداً بخفض جزئي للقوات الأميركية في العراق؛ في غضون شهور. أما العراق فلم يأت التقرير، لا بالتصريح ولا بالتلميح، بما يؤشر إلى اقترابه ولو قليلا، من أي انفراج.


قائد القوات الأميركية في العراق حذر الكونغرس من مخاطر أي استعجال للانسحاب؛ على أساس أن ذلك ينطوي على «مضاعفات مدمرة». دعا إلى المزيد من الوقت والمثابرة. طلب من الكونغرس، بالتحديد من الديمقراطيين الضاغطين باتجاه الإسراع في جدولة الانسحاب، تأجيل طلب خفض القوات، حتى مارس المقبل؛ وذلك على أرضية الصورة المشجعة التي رسمها على الصعيد الأمني. شدد على ما وصفه بحصول تحسن، جيد ولو غير شامل، في هذا المجال. «لا حلول سريعة ولا أجوبة جاهزة»، يقول بتريوس: وليس هناك غير الصبر ومواصلة بذل الجهود «على المدى الطويل».


رفض الديمقراطيون هذه الخلاصة. البعض ذهب إلى حدّ إدانتها. وبذلك دخل الموضوع طوراً جديداً من الجدل، في واشنطن. من هذا الباب يدخل الملف العراقي إلى ساحة حملة انتخابات الرئاسة؛ ليصبح مادتها الرئيسية. الرئيس بوش، مع حزبه الجمهوري يأخذ من نبرة التقرير المتفائلة ـ أمنياً ـ غطاء لتعويم سياسته وتوظيفها انتخابياً؛ بالتالي. الحزب الديمقراطي يمضي في الرهان على العكس؛ بحيث يمكنه تجيير الفشل، الذي يتوقع المزيد منه، لصالح مرشحه الرئاسي.


وهكذا، لم يجلب التقرير الترياق من العراق؛ كما أوحى الحديث عنه خلال فترة انتظاره. بيت القصيد فيه أن القوات الأميركية باقية، في العراق، حتى إشعار آخر.


وأنه ليس في الجعبة الأميركية ما يتجاوز التعويل على الحلّ الأمني. الرئيس بوش أخذ من بتريوس ذخيرة سياسية، للمضي في هذا الخط. خصومه في الكونغرس لا يملكون الثلثين من الأصوات لكسر الفيتو الذي يلوّح به ضدّ أي قانون يجبره على جدولة انسحاب سريع، من العراق.


التقرير، إذاً، جاء وكأنه يقول لا قرار جديداً في واشنطن. والأمور بالتالي باقية على ما كانت عليه من حيث التعامل مع معطيات وتعقيدات الساحة العراقية.


الأمر الذي يعيد طرح الكرة، مرة أخرى، في ملعب القوى العراقية المختلفة. تجربة سنوات الاحتلال بكل أكلافها ومعاناتها وانسداداتها، تؤكد يوماً بعد يوم أن التوافق الوطني العريض هو بوابة الخلاص؛ وكل المراهنات الأخرى وهم. واشنطن تقرر وفق مصالحها. الموالي فيها والمعارض يلتقيان عند هذه النقطة. هل يقرر العراقيون ما يخدم مصالحهم؟
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
تداعيات الانسحاب البريطاني من البصرة على أمن الكويت

حسن علي كرم
الوطن الكويت
لعل الموضوع الأهم هو مستقبل العراق، فما يترتب على كامل التراب العراقي سيترتب على جنوبه، والانسحاب البريطاني الجزئي او الكامل عن البصرة لا يشكل خطرا على أمن الكويت، بقدر ما سيؤول عليه الوضع العراقي الكامل. فتقسيم العراق الى دويلات وارد وملء الفراغ الامني من قبل الجوار في داخل التراب العراقي ايضاً أمر وارد، مادام العراقيون منقسمين وغير قادرين على لملمة اجزائهم والاتفاق على كلمة سواء.
من المؤكد ان خطر العراق على الكويت قائم مادم ارضا مفتوحة، وممراً او مستقراً للارهابيين والمتطرفين والمحرضين على الفتنة والانقسامات الطائفية، ومادام بقي العراق عاجزاً عن تلبية امنه الداخلي والخارجي، غير ان امننا هو مسؤولية دولتنا ومسؤولية قواتنا المسلحة ومسؤولية رجال حدودنا. ولعل الخروقات الامنية التي باتت شبه يومية لحدودنا الشمالية عبر المناطق العراقية المحاذية سواء من قبل المهربين او من قبل المتسللين او من غيرهم هي في النهاية تظل مسؤوليات رجال حدودنا وعلى عاتقهم واذا كان ثمة خوف جراء انسحاب القوات البريطانية من البصرة على أمن الكويت، علينا تحصين حدودنا بكل الوسائل الممكنة فلقد ثبت هشاشة امن حدودنا بدليل الخروقات والتسللات اليومية عبر الحدود وثبت فشل السياج الامني والبايب الامني والكاميرات الحرارية ازاء تلك الخروقات الامر الذي يتطلب اعادة النظر كلية بتلك الوسائل واسباب فشلها عن منع الخروقات..
ان مستقبل العراق غامض وكل الاحتمالات واردة سواء تقسيمه الى دويلات اثنية وطائفية، او تقسيمه الى اقاليم بصلاحيات ذاتية داخل حدود الدولة العراقية المركزية او اعادة ترتيبه السياسي او انقلاب عسكري يعيد الحكم الدكتاتوري الفردي، كل الاحتمالات والحلول واردة، غير ان الشيء المؤكد هو ان بقاء الامريكان في العراق يشكل حزام الامان، ليس لأمن واستقرار العراق وحسب، وانما لأمن الكويت وامن المنطقة، ففي ظل التوترات وعدم الاستقرار الذي تعيشه المنطقة بات الوجود الامريكي مسألة حتمية.
ان منطقة الشرق الاوسط منطقة متوحشة لم تشهد في تاريخها الحديث الاستقرار الذي يدل على الامان والثقة بين دولها او بين مجتمعاتها، فكل دولة تطمع بالاخرى، وكل دولة تريد جر الاخرى الى ركابها. ومايشهده العراق حاليا او النموذج الحقيقي لسلوك دول ومجتمعات المنطقة فلا يحتاج المرء الى دليل على ان الجوار هو المؤثر والمحرض في الوضع العراقي الراهن.
يبقى في النهاية القول، ان تداعيات انسحاب القوات البريطانية من جنوب العراق على أمن الكويت ربما لا تظهر في المنظور القريب.
الا ان امن الكويت وامن حدودنا يظل مسؤوليات الدولة الكويتية ومسؤوليات قواتها المسلحة ولعل الاهم حاليا هو اثبات قدرة الكويت صون حدودها من الخروقات والتسللات شبه اليومية الحاصلة عبر الحدود.دود.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
حصة المقاومة العراقية من تقرير بترايوس وكروكر

عوني القلمجي
العراق
وكما توقع الخلق داخل امريكا وخارجها ، جاء التقرير الذي تقدم به الرجلان الى لجنتي الدفاع والخارجية في الكونغرس الامريكي ، مفصلا على مقاس بوش وبما يخدم استراتيجياته الخائبة ، التي تتمحور حول رفض الانسحاب من العراق قبل انجاز المهمة ، التي تتلخص في وضع العراق تحت الاحتلال ، وبشرط ان يكون مدمرا ومقسما ومتخلفا. فليس غريبا او مستغربا ان يحول بترايوس وكروكر الهزيمة الى انتصار بشكل يدعو الى السخرية والاستهجان ، حيث الوقائع العنيدة تؤكد على ان قوات الاحتلال ، تعاني من مازق حرج جراء تصاعد عمليات المقاومة العراقية. ومن الطريف ان تسدد المقاومة العراقية ضربات موجعة لقوات الاحتلال قبل ساعة واحدة من بدء جلسة الاستماع وعلى وجه التحديد في مدينة بغداد ومحافظة الانبار ، اللتان تمحور الحديث عنهما وعن التقدم الذي حصل فيهما. حيث قتل في بغداد 9 جنود امريكان وجرح 11 وفي الانبار قتل 7 وجرح اكثر من هذا العدد.

ولم تسعف الرجلين لتمرير شهادتهما المتفائلة بسهولة ، الزيارة البهلوانية المسبقة التي قام بها بوش لقاعدة عين الاسد المحصنة في محافظة الانبار وفرحته بمصافحة شيخ عشيرة منبوذ مثل ابو ريشة وابرازها بطريقة هوليودية ، على انها أقوى دليل على نهاية المقاومة المسلحة في اهم معاقلها الرئيسية!!!. والشاهد فان الغرض من كل هذه المسرحية البائسة ، هو الضغط على الحزب الديمقراطي للتخلي عن المطالبة بوضع جدول زمني للانسحاب وحرمانه من هذه الورقة في معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة ، وكذلك تقديم وصفة مهدئة لخواطر الشعب الامريكي الغاضب من عودة ابنائه في اكياس سواد وتطمينهم باقتراب ساعة الانتصار الموعود ، وتوقف بالمقابل هروب حلفائه من ارض المعركة كما تهرب الفئران من سفينة غارقة.

ما يعنينا من شهادة ثنائي بوش ، هو حصة المقاومة العراقية من هذه المسرحية البائسة ، حيث جرى التركيز على دور ايران في العراق والادعاء بشنها حربا ضد الدولة العراقية وقتالها ضد امريكا بالوكالة من خلال دعمها المتمردين ومن انها ستكون الرابحة من انسحاب امريكي من العراق ، اذ ستتمكن من تعزيز هيمنتها علي الموارد وربما ايضا على الاراضي العراقية او التلويح بتقسيم العراق ، بجعل المنطقة الغربية منطقة امنة لتنتقل هذه التجربة الى المناطق الاخرى من انحاء العراق . وفي هذه لم ياخذ الشاهدان بالمثل القائل اذا كنت كذوبا فكن ذكورا ، فنسى الرجلان او تناسا الحلف المتين بين امريكا وايران حول العراق وان الدور الايراني ما كان له ان يتحقق من دون رضى قوات الاحتلال ، كمكافئة لايران على الخدمات الجليلة التي قدمتها لمشروع الاحتلال. كما تجاهلا التعاون والتنسيق بينهما لانهاء المقاومة العراقية ، ونجد نموذجا عنهما في الاجتماعات العلنية التي تمت بينهما وخاصة في الاونة الاخيرة ، تحت عنوان تحقيق الامن والاستقرار في العراق ، اي انهاء المقاومة العراقية. كما اغمض الرجلان عيونهما عن ان العراق اصبح مقسما على ارض الواقع بفضل الاحتلال ودعمه للانفصاليين الاكراد. وهذا ما يفسر اشاعة المحتلين لمصطلح ملء الفراغ وترشيح الايرانيين لهذا الدور. وكأن شعب العراق سيرحل الى دول الجوار فور الانتهاء من مهمة التحرير. !!!!

ليس هناك امامنا من تفسير حول المبالغة الى هذه الدرجة المرعبة ، وبالذات الخطر الايراني محور حديثنا ، سوى ان الرجلين بترايوس وصاحبه ، ارادا من هذه الخدعة توجيه رسالة الى المقاومة العراقية ، مفادها ان الدورالايراني اصبح اشد خطر من الاحتلال الامريكي وان على المقاومة العراقية اما ان ترضى بدخول العملية السياسية للحد من هذا الخطر ، او تغيير اولوياتها بالتخلي ، ولو الى حين ، عن تركيز قتالها ضد قوات الاحتلال لتخفيف الضغط عنها والتقليل من خسائرها البشرية والمادية. ويدخل في هذا الاطار الحملة الاعلامية لعرب الردة وصحوتهم المفتعلة وتباكيهم على وحدة العراق وعروبته وهيمنة ايران عليه.
من السخف بالطبع تهوين الخطر الايراني ، فاهل مكة ادرى بشعابها وادرى بما فعله الايرانيون في العراق من جرائم واكثر علما بعداء ايران للعراق واهله وعملهم الدؤوب من اجل تقسيم العراق وتفتيته الى مقاطعات وتمزيق وحدة المجتمع وجعله نحل وطوائف. وبالتالي فالعراقيون اكثر حرصا على انهاء التواجد الايراني في العراق هم ومن والاهم . لكن كل ذلك لا يعطينا الحق وبالذات المقاومة العراقية ، من احداث اي تغيير في ترتيب اولويات المقاومة وتغليب الصراع الثانوي على الصراع الرئيسي ضد المحتل. فقد قيل منذ بداية العهد الاستعماري وفي كل مكان وزمان ، بان الاحتلال هو المولد لشرعية المقاومة ، وبالتالي فان الحلقة المركزية في عملية تحرير العراق ، هي تركيز القتال مع المحتل الامريكي باعتباره راس الحربة وقائد الاحتلال وقوته الرئيسية.

ولقد اكدت حروب التحرير على مبادئ عديدة في هذا الصدد. حيث العمليات العسكرية للمقاومة تنطلق بلا استثناء من مبدأ أساسي واحد ، ألا و هو السعي قدر الإمكان إلى المحافظة على القوة الذاتية و تحطيم قوة العدو وان لا يجري تشتيتها لاي سبب كان. اذ بدون تركيز هذه القوات يصبح من الصعب على المقاومة سحق قوة صغيرة من قوات الاحتلال ، ويعتبر هذا الفعل أحد مبادئ القتال في حرب العصابات ، فتجميع عدد كبير من الانتصارات الصغرى تشكل في مجموعها نصرا كبيرا. يضاف الى ذلك فإن هذا المبدأ يرتبط في حروب التحرير ارتباطا مباشرا بمبدئها السياسي الأساسي ، والمتمثل في حلقته المركزية بانهاء الاحتلال وطرده واستعادة استقلال البلد وحريته وسيادته الوطنية . وهذه لا تؤمن مقومات الصمود والمطاولة في القتال لتحقيق النصر النهائي فحسب ، وانما تساعد على امتلاك المبادرة و المرونة و التخطيط للعمليات الهجومية السريعة في الحرب الطويلة الأمد وكذلك العمليات ذات البعد الاستراتيجي.

بالمقابل فان تشتيت وتوزيع قوات المقاومة على عدة جبهات ، يمكن قوات الاحتلال من سهولة التعامل معها والقضاء عليها الواحدة تلو الاخرى. خاصة وان قوات المقاومة لازالت تفتقر الى مؤخرة او قواعد تستند اليها. وتركيز القوات أي تجميع الأجزاء في كل واحد ، تسهل عادة الحاق الخسائر بقوات الاحتلال ، اذا ما قررت شن هجمات واسعة ضد قوات المقاومة. كما تسهل بالمقابل تدمير بعض قوات الاحتلال حين تتخذ موقف الدفاع. ولا يعني ذلك تركيز القوات بالمطلق ، و إنما يعني تركيز القوات الرئيسية لاستخدامها في اتجاه عام ، في حين يترك في الاتجاهات الأخرى أو يرسل إليها قسم من القوات ، لغرض تقييد تحركات قوات الاحتلال و التشويش عليها أو القيام بأعمال النسف و التخريب ، أو للقيام بالحركات الجماهيرية. ناهيك ان تمركز القوات باتجاه الحلقة المركزية في الصراع ، يمهد الطريق على انشاء القواعد الثابتة التي تعد اهم شروط الانتصار النهائي. ان تقديم الصراع مع المحتل الامريكي على بقية حلقات الاحتلال ، لا يشبه الجدل حول البيضة والدجاجة وايهما اسبق ، بل يعتبر التمسك بهذا المبدا ، الطريق الوحيد لاضعاف قوات الاحتلال وزعزعة اركانها ، الامر الذي يؤدي بالضرورة الى اضعاف وزعزعة اعوانه وعملائه والمتعاونين معه ، عراقيين كانوا ام ايرانيين ام مرتزقة او موساد اسرائيلي ام حركات انفصالية.

ان ادارة فن الصراع ضد المحتلين واستخدام كافة الوسائل لتصب في مجرى الصراع الرئيسي وان لا مساومة او تنازل عنه او انزاله الى مرتبة الصراعات الاخرى مهما بلغت من الاهمية وتحت اي ذريعة كانت هي مهمة رئيسية ، واذا ما جرى التمسك بثوابت الصراع والالتزام بمبادئه وقوانينه والياته وترسيخ هذا التوجه في عقولنا وافكارنا والقيام بتعبئة شاملة حوله لقطع الطريق على العاب الحواة المحترفين ، فان المقاومة تستطيع ان تثبت اقدامها على طريق الانتصار النهائي . ولكن ليس هذا كل شيء فكما هو الاحتلال يقاتل على جبهتين عسكرية وسياسية ، فالمقاومة مطالبة بدورها ايلاء اهمية للجانب السياسي باعتباره جزء لا يتجزا من استراتيجية المقاومة العراقية وركن من اركان الصراع العام ضد المحتل. وفي هذا الصدد ، فان الحلقة المركزية للنشاط السياسي للمقاومة العراقية تتمثل في مقاطعة المحتل بكل صيغه السياسية والاقتصادية والقانونية والثقافية وعدم التعامل معه او مع من يقدم المساعدة له وخاصة الهيئات والمنظمات العربية مثل الجامعة العربية التي اصبحت هي ودولها جزء من مشروع الاحتلال ، او المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة ، التي تعد فيلقا عسكريا يقاتل الى جانب قوات الاحتلال. بل واعتبار كل هؤلاء اهدافا مشروعة للمقاومة العراقية.

تمسك بوش بتحقيق النصر المزعوم ولجوئه الى التضليل والخداع والاساليب الملتوية والاستخفاف بالعقول وتحويل الهزيمة الى نصر ، يعيد بشكل ماساوي قصة اسلافه من المستعمرين عبر عصور التاريخ المختلفة. فكل محتل ، كما ظهر ، قد لجا الى اساليب من هذا النوع ، حيث المحتل لايقبل الاعتراف بالهزيمة ويتخلى طواعية عن اهدافه مهما كانت متواضعة. والتاريخ مليء بالامثال فانسحاب الفرنسيين من الجزائر والامريكيين من فيتنام والروس من افغانستان لم يتحقق الا باستخدام كافة وسائل المقاومة ضد الاحتلال وفي المقدمة منها المقاومة المسلحة. واليوم نحن احوج ما نكون الى تشديد الخناق على قوات الاحتلال وان لا نمحنه اي فرصة للراحة او ترتيب اوراقه وترميم مشروعه العدواني.

لنقول جميعا لبوش وادارته ، لا تراهنوا على خداع المقاومة العراقية ولا خداع العراقيين مهما جادت به قريحة بترايوس وكروكر وقبلهما بيكر وهملتون ، فالشجرة الخبيثة لا تطرح الا ثمارا خبيثة ، واذا كنت مصرا على ان لا تبرح مكانك الا على اسنة الحراب ، فسيكون مصيرك مثل مصير نيكسون حين انسحب على اسنة حراب المقاومة الفيتنامية. اما حراب المقاومة العراقية فلقد اصبحت قريبة من عنق قواتك المحتلة ولا مفر من الهزيمة المنكرة وبدون الاحتفاظ بماء الوجه.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
البصرة البئر المكشوفة
شريفة الشملان
الراياض السعودية

قبيل دخول البريطانيين للبصرة كتبت مقالة (يا حافر البير) وبعد ذلك بتسعة أشهر الحقتها بمقالة (العراق والبئر) وها انا اعود مرة ثالثة لأكتب عن البريطانيين والبصرة والبئر التي حفروها، ثم غادروا، كخطوة اولى متجمعين في مطار البصرة - إن لم تخني الذاكرة كان على مقربة منه فندق جميل اسمه (فندق شط العرب) - لا أظنه يستوعب ضباطهم ناهيك عن الجنود .المهم إنهم يغادرون .
هذا هو الخبر الذي أصبح بائتا. ولكن:

السؤال الذي واجهت به نفسي ورحت أسجل مشاهداتي، لمَ لم نفرح جميعا بتلك الخطوة الانسحابية من البصرة .. لمَ لم تتم الاحتفالات في العراق أو على مستوى العالم العربي .؟

لمَ بدا الأمر وكأنه لا يعني احداً إلا من بعض المقالات هنا وهناك ؟.

هل تختلف البصرة عن بور سعيد أو الجزائر؟..

هل تختلف عن بيروت أو غيرها من المدن العربية. التي احتلت ثم تحررت.؟ ..

هل الذي اختلف هو الإنسان العربي؟ والزمن العربي؟

بدأ الأمر يأخذ شكلا غريبا. وهذا الشكل ينطوي على امور كثيرة وكلها تأخذنا لمآخذ جمة، وقد تتفرع إلى فروع كلها مذيبة للذات العربية والحس العربي والذاكرة العربية، خاصة إن تركت تستفحل ..من هذه الأمور :

أولا: إما أن الإنسان العربي فقد التفاعل مع المحيط. ووصل به الإحباط درجة من التبلد العاطفي والقومي .

ثانيا: إما أن هذا الإنسان معدم لدرجة الجوع الذي يفقد الفكر حيويته وتصبح اللقمة وجغمة الماء وظل يستر شتاءه ويقيه صيفه. أهم متطلباته ليبقى حيا، بينما طبقة صغيرة تلوذ بالترف عما سواه .

ثالثا: إن البئر التي حفرت في البصرة بقيت مكشوفة،. فإذا كان البريطانيون يخرجون من النافذة فالإيرانيون دخلوا من اوسع الأبواب. والعرب ممن جاوروا البصرة تبعد قلوبهم وتبعد خطاهم اميالا عنها بفعل عوامل كثيرة وحسابات لايستطيع عقل حسابها. وبالتالي لم يكن هناك جذب عربي للفراغ الذي تركته السلطة العراقية بعد انحلال الدولة.. وكان الجذب كله فارسياً. الذي ملأ الفراغ ودخل بعتاده وعدته ورجال رباهم على يده وربتهم معه نقود عربية.

رابعا: المثقفون واصحاب الأقلام ممن تعني لهم البصرة الكثير. من الحضارة العربية الإسلامية ودور العلم والأدب وعلوم اللغة من الصرف والنحو والشعر. بلغ الإحباط مبلغه منهم .. فالبصرة يخرج منها البريطانيون لكنها لم تعد لنا؟!

البصرة تذهب بعيدا يأخذها الطوفان منا، لابأس قبلها الأسكندرونة، وعربستان، وقبلها القدس، وقبلها مدن ومدن ..

يا بصرة لاتبكي فما يوجد من فرح لك أو البكاء عليك.. لابأس سنسمي شارعا البصرة وربما سنبقى نذكر صغارنا أن الخليفة عمر بن الخطاب قال (والله لو بغلة عثرت في ترعة من ترع البصرة لحاسبني الله عنها) لابأس سنسمي شارعا البصرة.. وستتبعها أسماء حتى لانجد ما يمكن أن نسميه. فيا بخلاء الجاحظ كم بخلنا على البصرة ..

اخيرا لم يحتفل العراق بقرب خروج البريطانيين فهو مكبل باحتلال امريكي وشعبه بين قتيل وجريح أو هومشروع لاجئ في دول جوار ..

واللهم لا عاصم اليوم من أمرك شيئا .
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
تصفيات بدون العراق
سعد الدوسري
الرياض السعودية
ارتفع ترتيب السعودية إلى المركز الرابع في قائمة الدول الأكثر عرضة للصداع بعد أن اشارت إحصاءات صحية إلى احتلال أربع دول خليجية المراتب الأولى بالتوالي على المستوى العربي. وكانت احصاءات عالمية أشارت إلى أن رؤوس الخليجيين تستضيف العدد الأكبر من أنواع الصداع. ووفقاً لرأي البروفسور حسين متولي استشاري الأمراض العصبية، فإن مملكة البحرين تحتل المرتبة الأولى عربياً في ارتفاع نسبة من يعانون من الصداع بين سكانها، تليها دولة الإمارات ثم عمان وفي المرتبة الرابعة تأتي المملكة العربية السعودية ".
انتبهوا. فهذا الخبر الذي نشره الزميل محمد الحيدر في جريدة الرياض، يقول: " ارتفع ترتيب السعودية " ، مما يدل أن أية دولة معرَّضة للصعود و الهبوط ، حسب العاصمة التي تستضيف "التصفيات النهائية للصداع"، و حسب قرارات رئيس الاتحاد العربي للصداع ، وحسب المدرب الذي سيضع الخطة، وحسب التصريحات التي سيصرحها للصحافة قبل بدء منافسات دوري الأربعة، والذي لم يفلح العراق في الوصول إليه، رغم كل الصراع السياسي والمذهبي والدموي الذي يعيشه .

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
خيبة أمل جديدة
حسين شبكشي
الشرقالاوسط بريطانيا

التقرير الذي طال انتظاره بخصوص الاحتلال الأمريكي للعراق تم اصداره، وقام كل من الجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية بالعراق، والسفير الأمريكي هناك رايان كروكر، بتقديم شهادتهما أمام لجنة مشكلة من الكونغرس الأمريكي، ولقد تمت «إدارة» هذه المناسبة من قبل الادارة الأمريكية بحرفية واضحة لتحقيق أفضل المكاسب الممكنة من هذه المناسبة، فلقد تم تحديد موعد الشهادة أمام الكونغرس ليكون قبيل الذكرى السادسة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الارهابية، وليكون تناول وسائل الاعلام المختلفة للشهادة في «نفس» يوم الذكرى الأليمة.

وقد تم الترويج المقنن لشخصية الجنرال ديفيد بترايوس وتقديمه «كأفضل جنرال أمريكي منذ 40 سنة» بحسب المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري السيناتور جون ماكين، صاحب السجل العسكري المهم، متقدما في هذا التصنيف على الكثير من القادة العسكريين المعاصرين أمثال نورمان شوارتسكوف، ووسلي كلارك، جون أبي زيد، مايرز، كولن باول وغيرهم، وهو أمر يصعب هضمه بسهولة، وبعد إدلائهما بشهادتيهما أمام الكونغرس قاما بظهور اعلامي محدد جدا على الشاشة الأكثر تعاطفا مع الحرب على العراق، وهي قناة فوكس، وهو ظهور انفرادي للمحطة، وكانت الاسئلة «مخففة» وشديدة التعاطف مع توجه الضيفين.

ولم يكن مفاجئا ما قاله الجنرال، فهو «حذر» من الانسحاب المبكر من العراق، والأخطار المترتبة على ذلك، ولكنه وفي محاولة لتطمين المعارضين للحرب أفاد بإمكانية سحب لواء من هناك في صيف 2008، ووصف أحد أقطاب الحزب الديمقراطي هذه الفكرة بأنها رشوة رخيصة لكسب التأييد لما طرح من أفكار.

في خطوة استباقية لافتة، قامت احدى المجموعات المعارضة للحرب وهي «مووف أون» بنشر إعلان ضخم في صحيفة «النيويورك تايمز» تحذر الجنرال بترايوس من «الكذب على الشعب الامريكي» في شهادته أمام الكونغرس.

واقع الأمر أن الاحتلال الأمريكي للعراق هو بضاعة غير قابلة للتسويق، والزبائن لم يعودوا مقتنعين بالشراء، ولكن الازمة تكمن في عدم وجود قيادة حقيقية بالحزب الديمقراطي قادرة على توحيد الجهود الكبيرة المعارضة للحرب، وربما يكون السفير الأمريكي رايان كروكر في لقائه مع محطة «فوكس» قد وضح مفهومه للنصر وتحقيق الأهداف وهو العمل الجاد تحقيق قانون النفط والمشاركة في الدخل! فلم يعد هناك «هم» نشر الديمقراطية في العراق أو احلال السلام فيه أو منع الحرب الاهلية وغيرها من الشعارات المؤقتة التي كانت تنطلق من الماكينة الاعلامية للقطاعات المؤيدة للحرب ولا تزال، ولكن أمريكا تشهد أصواتا متزايدة باتت غير مقتنعة بأسباب الحرب على العراق ولا الأدلة التي قدمت لأجل ذلك، وحتى التقرير الذي روجت له الادارة طويلا بأنه سيكون الدليل القوي على أنها تسير في الطريق السليم جاء غير مقنع ودليلا جديدا على فشلها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
في العراق نهدر عقولنا ومستقبلنا.. الصين لا تفعل ذلك
توماس فريدمان
نيويورك تايمز



شيء رائع أن يصل المرء بلدا لا يذكر العراق فيه أبدا. مع ذلك يكون هذا الشعور مغلفا بقدر من التوتر حينما يكون هذا البلد حاليا أكبر منافس للولايات المتحدة من الناحية الجغرافية والاقتصادية: إنه الصين.

كم يبدو جميلا أن يكون البلد قوة عظمى ومركزا في الوقت نفسه كل جهوده من أجل حل المشاكل المحلية؟

لكنني لست من دعاة الانعزالية فللولايات المتحدة خصوم حقيقيون بعكس الصين ولذلك علينا أن نوازن دورا يتعلق بالأمن العالمي في أماكن مثل الشرق الأوسط مع المتطلبات المحلية.

لكن هناك شيئا غير متوازن مع أميركا. ففي الوقت الذي قضت الصين السنوات الست الأخيرة وهي تتهيأ للألعاب الأولمبية، غرقنا نحن في الديون التي انفقناها على أجهزة آي بود و«القاعدة».

حاولنا بعد 11 سبتمبر أن نغير في قلب العالم العربي المسلم عن طريق محاولة إنشاء حكومة تقدمية في بغداد. وأنا مقتنع أن هناك منطقا استراتيجيا وأخلاقيا لتحقيق هذا الهدف. لكن الاستراتيجية فشلت لملايين الأسباب والآن حان الوقت للاعتراف بأن علينا أن نركز على معرفة الكيفية التي تمكننا من عزل انفسنا من حالة عدم الاستقرار في ذلك العالم عن طريق سياسة طاقة حقيقية كبداية وكيف نحمي مصالحنا الأمنية هناك بطرق أكثر نجاعة وكيفية العودة إلى تطوير بلدنا.

لكن الآن يجب أن يكون واضحا أن العراق في طريقه لأن يصبح شيئا آخر. فنحن لم يكن في حوزتنا عدد كاف من القوات كي نصوغ العراق وفق صورتنا. نحن ببساطة لن نتمكن من تكريس جنود ومصادر أميركية كثيرة في العراق والعراقيون سيتعلمون ذات يوم كيفية العيش معا من دون قمع صدام ومن دون حمايتنا لهم.

لذلك إما أن نحصل على مساعدة من أطراف أخرى في العراق أو ننسحب. وإذا كان الرئيس بوش ما زال مقتنعا أن بقاءنا هناك سيجعل المستقبل مختلفا للعراق فإنه بحاجة إلى طلب المساعدة من بعض الحلفاء لأن الشعب الأميركي سيكون عاجزا عن تحمل المسؤولية لوحده على رهان يرى أن هناك إمكانية لبناء شيء ذي قيمة في العراق.

ساعدت زيادة القوات الأميركية الأخيرة في تحقيق هدوء للعراق لأن أكثرية السنة أدركت أنها خسرت وأن كلا الطرفين المتطرفين: القريب من القاعدة والآخر القريب من الشيعة المتطرفين، هما أكثر خطورة عليها من الأميركيين الذين ظلوا يطلقون النار عليهم.

حالما نبدأ بالانسحاب سيبدأ العراقيون بحساب مصالحهم بشكل دقيق. وقد يقررون إنهم بحاجة إلى أنهار دم أخرى لكن الاحتمال الأكبر هو أنهم سيصلون إلى حالة التوازن.

أنا لم أذهب إلى داليان الصينية منذ ثلاث سنوات. وهي مدينة جميلة وتتمتع بأماكن فسيحة، وفيها ناطحات سحاب ومساحات خضراء وجامعات.

قال «جينبينغ أو» رئيس جامعة داليان إن تركيزه الجديد هو على بحوث الطاقة وان هناك 100 طالب يحضرون للدكتوراه عن موضوع مشاكل الطاقة، بينما لم يكن هناك إلا القليل في هذا المجال قبل سنوات قليلة.

وأنا استمع إليه أخذني عقلي إلى العراق حيث كنت قبل اسبوعين وحيث سمعت هذه القصة من ضابط أميركي في بغداد:

كانت وحدة الضابط في دورية حينما تعرض أفرادها إلى انفجار قنبلة مزروعة عند حافة طريق. ولحسن الحظ انفجرت القنبلة بشكل مبكر جدا ولم يصب أي شخص من الدورية. تمكن رجاله من القفز من خارج العربة المصفحة وتعقبوا سلك التفجير الممتد مسافة 1500 قدم في المنطقة. كانت هناك مروحية من نوع بلاك هوك في المنطقة فأنذرت الجنود الأميركيين بوجود شخص هارب على دراجة. وطلب الجنود المساعدة من الطائرة التي استخدمت شفراتها الدوارة الحادة في إسقاط المتمرد عن دراجته فتمكن الجنود من القبض عليه.

تلك الصورة لطائرة هليكوبتر تبلغ قيمتها 6 ملايين دولار وتمتلك أعلى أنواع التكنولوجيا مع طيار مدرب تدريبا عاليا تقوم بالنفخ على متمرد لتسقطه من دراجته تجسد الواقع الخالي من معنى لوضعنا في العراق. ولعل المؤرخ اللبناني الكبير كمال صليبي وضعها بصيغة أفضل حينما قال «على القوى العظمى ألا تتورط في السياسات الخاصة بالقبائل الصغيرة».

هذا هو وضعنا في العراق. نحن نهدر عقولنا. نحن نهدر شعبنا. نحن نهدر مستقبلنا. الصين لا تفعل ذلك.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
البحث عن أسباب الفشل العراقي

روجر أوين
الحياة
كتبت مقالاً منذ حوالي ثلاثة أشهر بحثت فيه منطق الطائفية في الوضع العراقي وعرضت في نهايته بعض التفاؤل حول أهمية القوى الساعية لإيجاد تسوية بين القادة السياسيين. وذكرت فوق كل شيء ضرورة إيجاد طريقة في ما بينهم للمشاركة في موارد البلد سلمياً، بشكل يضمن سيطرة الساسة على القادة والمجتمعات المحلية. ومنذ ذاك الوقت، تسنى لي إدراك الأحداث الحاصلة خارج بغداد بشكل أفضل، فراجعت حكمي مراجعة جذرية.

يحمل كل يوم أنباء جديدة عن العراق تظهر مدى وهن نفوذ القيادة المتمركزة في بغداد التي تتفوق عليها الميليشيات وسائر القوى. وتلخّص أسباب هذا التجاوز بعنوانين مترابطين: أولهما متعلق بتسليم السلطات البريطانية والأميركية النفوذ لبعض الأحزاب الطائفية التي فازت بغالبية الأصوات في انتخابات المحافظات في 2005، فيما قام البريطانيون بالتحديد، بتسليم النفوذ إلى أيّ حزب أو مجموعة أحزاب شيعية حصدت غالبية الأصوات في الانتخابات. وتكرر الأمر نفسه في المحافظات الشمالية كالموصل، وساهم في زيادة التوتر بين الطوائف في المدينة وفي المناطق المحيطة بها بالأخص أنّ السنّة الذين قاطعوا الانتخابات استثنوا أنفسهم من العملية السياسية الرسمية.

أما العنوان الثاني فيتعلق بالموارد الاقتصادية، كما كانت الحال في لبنان خلال الحرب الأهلية. فقد توزّعت هذه الموارد على المناطق مسهّلة على أمراء الحرب المحليين الحفاظ على ولاء الميليشيات والدوائر المحلية. ومن بين هذه الموارد بعض الممتلكات كأقسام الشرطة ومخازن الأسلحة، إضافة إلى الموارد الاقتصادية كأنابيب النفط أو حتى مصافي النفط في البصرة ومحطات الكهرباء الفرعية القادرة على تحويل مسار البضائع والموانئ والطرقات الأساسية حيث يمكن فرض الخوّات المالية على السيارات الآتية من الكويت في الجنوب أو عمان وسورية في الشرق، أو المتجهة إلى هذه المناطق. كما يمكن استخدام الطرقات لتهريب المخدرات أو الأسلحة أو الاثنين معاً. وبسبب سيطرة القادة المحليين على هذه الموارد، لم يعد من الضروري بالنسبة إليهم أن يعتمدوا على الطوائف الأخرى التي تعمل في قلب هذه الموارد حتى لو لم يقطعوا الصلة بها كلياً.

ظروف كهذه سببت دافعاً إضافياً لتفتيت اللحمة الطائفية. فمن ناحية، غالباً ما وقفت المجموعات الشيعية ضد بعضها البعض بسبب الصراع على الموارد، وهو ما شجعه السياسيون في الوسط، فيما سعت حكومة المالكي إلى استغلال قوى الشرطة المحلية التي يسيطر عليها حلفاؤها من «المجلس الاعلى للثورة الاسلامية» وتجنيدهم ضد ميليشيا «جيش المهدي» التابعة لمقتدى الصدر في بعض المناطق وضدّ حزب «الفضيلة» في المناطق الأخرى.

ومن ناحية ثانية، يوفر النظام القائم بشكل أساسي على الصراع حول الموارد المحلية حافزاً قوياً لكل العصابات والمافيات التي سعت لانتزاع الحصة الأوفر من المغانم، مما قوّض اللحمة الطائفية أكثر مقابل المصالح الضيّقة والابتزاز. وكانت هذه المجموعات تمارس النشاط نفسه خلال السنوات الأخيرة تحت العقوبات، قبل 2003.

وازدادت الأمور تعقيداً بسبب سهولة استدراج القوات الأميركية أو البريطانية في الصراع لمساندة إحدى القوى ضد غيرها، ولا سيما إذا زعمت إحدى القوى أنّ غيرها تحت سيطرة «القاعدة» أو الإيرانيين. في هذه الأثناء، تتجذّر صفة المصلحة في تعدّد الولاء الذي يصبح أكثر تأكيداً بوجود وعود لجزاء الدعم الانتخابي خيراً، فيما أصبح تنظيم انتخابات مقبلة غير مؤكد. والنتيجة النهائية: خليط عجيب من المجموعات والانتماءات المحلية التي لم تعد منقسمة إلى أحزاب طائفية محددة، فخرجت إدارتها عن سيطرة الحكومة المركزية أو القوى المحتلة أو حتى الإيرانيين، لأن كل هذه القوى لا تعرف عنها شيئاً، فضلاً عن عجزها عن الاشراف عليها.

ما هي تداعيات هذا الموضوع؟ يبدو أنّ السياسة الأميركية - البريطانية التي هدفت إلى بناء حكومة مركزية قائمة على اتفاق بين قادة الأحزاب الطائفية الكبرى قد فشلت بحسب تقديرات الاستخبارات الأميركية نفسها. فإذ حرمت هذه القوى من السيطرة على ناخبيها ودوائرها بسبب فشلها في إمدادهم بالموارد، أصبحت رهينة الصراعات بين بعضها البعض. ويمكن فعلاً ملاحظة هذا الواقع على الأرض حيث فرضت الفوضى القائمة في بغداد على فرق إعادة الإعمار الأميركية تسليم المشاريع الجديدة إلى أيّ فصيل كان يوحي بالثقة لتنفيذه. ومن شأن هذه النزاعات أن تزيد قوة وحدّة لدى ظهور جدول زمني لانسحاب الأميركيين أو إعادة انتشارهم.

وما يزيد الوضع سوءاً هو أنه في غياب الآليات المركزية لتسيير السياسات والفصل في الخلافات والسيطرة على الجيش الوطني المزعوم، يصبح من الأصعب على القوى الطائفية مقاومة استخدام نفوذها العسكري لإخضاع القوى الأخرى، ولا سيما إن ساندتها القوات الأميركية أو حتى الإيرانية، في حال قبلت. وفي ظل النزعة الحالية لأعضاء الأحزاب أو الميليشيات التي تغتال قادة الميليشيات الأخرى، سوف يبدو هذا السيناريو السبيل الوحيد للحفاظ على النفس.

إن كنت مصيباً في تحليلي، يكون الرئيس الأميركي جورج بوش محقاً في تقديره أنّ وجود قوة أميركية ضخمة في البلاد هو الضامن الوحيد لتماسكها. لكنّ هذه القوة لن تستطيع توحيد العراق بقيادة حكومة مركزية قوية لأن قوى التفرقة التي أطلقها الاحتلال أقوى بكثير. نتيجة لذلك، يواجه العراق وضعاً مماثلاً لوضع لبنان خلال الحرب الأهلية بين أواخر السبعينات والثمانينات أو وضع أفغانستان بعيد انسحاب الجيش الروسي في التسعينات، حيث يستمر حكم أمراء الحرب إلى حين يصبح أحدهم أو مجموعة منهم قادراً على تشكيل نظام جديد.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
المالكي والمنصب أولاً

عبدالزهرة الركابي
الراية قطر
..لم يعد نوري المالكي في نظر الإحتلال والجماعات المشاركة في العملية السياسية رجل المرحلة المطلوب، خصوصاً في ظل فشل وإخفاق خطط الأمن التي نُفذت منذ استلامه لمنصبه، ولهذا فليس من المستغرب أن يعمد الي شن الهجومات الكلامية بفعل يأسه وإحباطه، وبالتالي بات كل شيء متوقعاً من رجل مهزوم، ومتيقن أن طريقه يؤدي الي الهاوية، وهو من هذا الواقع يحاول الإمساك بسراب مقولة: الهجوم خير وسيلة للدفاع!.

ومن المعرفة الجيدة لكاتب السطور بنوري المالكي، فإن هذا الأخير لم يكن يحلم يوماً أن يتسيد الحكم في العراق حتي لو كان شكلياً مثلما هو حاصل الآن، بل إن حزبه الدعوة وعلي صعيد قياداته التأريخية لم يرد في خطابه الإستيلاء علي الحكم أو الوصول الي الحكم عن طريق الديمقراطية، مثلما أن المالكي لم يحلم يوماً بزعامة الحزب حتي لو يتم هذا الأمر في ظل احتلال العراق وبظروفه السائدة والتي استطاع المالكي من خلالها أن يضرب عصفورين بحجر واحد وهما: أن يكون رئيساً لحكومة العراق وبغض النظر عن شكليتها وشرعيتها، وأن يتسلم زعامة حزب الدعوة وهو الذي كان حريصاً علي عدم الظهور بمظهر المنافس لهذا القيادي أم ذاك في نشاط ودور الحزب، وفي هذا الجانب أذكر أن كاتب السطور توجه الي المالكي أثناء أحد اجتماعات المعارضة العراقية السابقة في دمشق خلال الربع الأول من عقد التسعينيات من القرن الفائت بغرض أخذ تصريح منه، لكنه أحالني الي زميله القيادي علي الأديب والقادم من إيران في خطوة منه للابتعاد عن الأضواء الإعلامية كي لا يثير حساسية الأديب.

ومن هذا، فإن المالكي الذي هرب من العراق في الثمانينيات الي إيران التي لم يجد ضالته فيها أو هو بالأحري لم يتعايش مع الأجواء التي كانت تخيم علي قيادة الحزب هناك، حيث انتقل الي سوريا ومكث فيها ما يقارب الثلاثة عقود كممثل لحزبه ومن اعتبار كونه عضواً في المكتب السياسي، واللافت أن حقبة المعارضة العراقية السابقة قد شهدت خطاباً متشدداً ومعادياً لأمريكا من قبل حزب الدعوة، ولم يتغير هذا الخطاب إلا بعد أن شارك حزب الدعوة في مؤتمر لندن للمعارضة الذي تبنته أمريكا والذي عُقد قبل بضعة شهور من احتلال العراق.

ويبدو أن مؤتمر لندن السالف الذكر قد أحدث هزة تغييرية في توجهات الحزب وقياداته الحالية، لاسيما بعدما تيقنت هذه القيادات أن الحزب لم يعد يملك قاعدة شعبية وأن كل ما تبقي له هو شريحة نخبوية تتمثل في كوادر الحزب من واقع أن مثل هذه القاعدة تحولت الي التيار الصدري وفق ما أفصحت عنه مراحل الاحتلال السائدة بفعل ظروف وعوامل لسنا بصدد التطرق إليها، وهو ما جعل قياداته تسارع الي دخول العراق تزامناً مع الاحتلال، في مسعي منهم لأخذ حصة من الحكم بأي شكل من الأشكال خصوصاً وإن الاحتلال كان في بداياته، بل إن حصول الحزب علي مقر له في منطقة تقع بالقرب من المطار في باديء الأمر ولربما يكون هذا المقر في قرية المكاسب التي تحولت الي مجمع سكني رئاسي لأسرة رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، يرجح الرأي القائل إن قيادة حزب الدعوة وصلت العراق من الخارج بطائرات أمريكية منذ بدء الاحتلال.

وإذا كان حزب الدعوة قبل الاحتلال يتوزع علي ثلاثة أجنحة في إيران وسوريا ولندن، فإن هذا الحزب بات الآن يتوزع علي مراكز قوي منذ أن انتزع نوري المالكي زعامة الحزب من ابراهيم الجعفري علي إثر تحالف جناح علي الأديب مع جناح المالكي، الأمر الذي أدي الي إبعاد الجعفري عن الزعامة وحلول المالكي محله، علي الرغم من أن الاثنين لا يشكلان زعامة تأريخية للحزب الذي ابتعد عنه الكثير من النخب والكوادر التي تشكل قيادات تأريخية علي صعيد الأسبقية والتراتبية الحزبية وإن كان بعضها ليس عراقياً.

من هذا استغل نوري المالكي ظروف حزبه الطائفي واضمحلال وانحسار قاعدته الشعبية، لينطلق من الفئوية قائمة الإئتلاف الموحد متناسياً أن أكبر تجمع أو تيار في هذه الفئوية وهو التيار الصدري لا يمكن تجاوزه وهو الذي أوصله أساساً لهذا المنصب، فما بالك في حالة الاستعداء التي وصلتها علاقة الطرفين بعدما وجه المالكي انتقادات مباشرة لهذا التيار واصفاً عناصره عناصر ميليشيا جيش المهدي بتوصيفات إجرامية تزامنت مع قيام الجيش الأمريكي بعمليات مفاجئة علي معقل هذه الميليشيا في مناطق الثورة والشعلة ببغداد وبعض محافظات الفرات الأوسط مثل مدينة الديوانية؟، ومن الواضح أن حالة الاستعداء هذه سوف تفعل فعلها السلبي في مستقبل المالكي علي صعيد الفئوية أو قائمة الإئتلاف، ومن هذا فهو يحاول في هذه المرحلة العودة الي مغازلة التيار الصدري من خلال توجيه الانتقادات الي بوش وأعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي من الذين طالبوا الإدارة الأمريكية بإقصاء المالكي، وهو نفس الأمر قام به المالكي عندما وجه انتقادات لوزير الخارجية الفرنسية بل وطالب الحكومة الفرنسية بتقديم اعتذار رسمي بعدما خرج الوزير الفرنسي عن اللياقة الدبلوماسية وفق تصريح المالكي، حيث دعا الوزير الفرنسي الي إقصاء المالكي عن سدة الحكم في تصريحاته لوسائل الإعلام، والواضح أن المالكي يعيش في حالة إيهام شخصي عندما راح يدعي في تصريحاته أنه يمثل حكومة بلد مستقل وجاءت عبر ممارسة ديمقراطية، وأن هؤلاء المطالبين بتغيير حكومته وإقصائه عن الحكم انعدمت عندهم اللياقة الدبلوماسية.

ومثلما أسلفنا، تظل مشكلة المالكي في هشاشة قاعدته الشعبية من واقع أن عملية تمريره الي المنصب جاءت باعتكاز علي آلية التيار الصدري الذي يحظي بقاعدة شعبية كبيرة في الفئوية، ومن جراء هذه الهشاشة التي تفاقمت باستعدائه للتيار الصدري عليه، كان الإيهام الشخصي ديدنه في هذه المرحلة التي تجسد الوضع الخانق الذي بات عليه، وهو من هذا الوضع يحاول التغطية بالقفز الي الشأن الخارجي من خلال جولته في الدول المجاورة للعراق تركيا وإيران وسوريا ، وكذلك من خلال افتعاله معارك دبلوماسية مع بلدان العالم وفقاً لطلبه من فرنسا تقديم اعتذار رسمي، بينما الداخل العراقي يشهد معارك سياسية وطائفية وإرهابية وعشائرية وحتي معارك بين الفئة الواحدة بعدما تم اغتيال محافظي الديوانية والسماوة اللذين هما من أتباع جماعة المجلس الأعلي، حيث توجه الاتهامات في هذا الجانب الي التيار الصدري الذي كان وما زال في محل صراع وتنافس مع المجلس الأعلي في الفئوية أو قائمة الإئتلاف الموحد، وقد جاءت أحداث كربلاء الأخيرة لترفع ورقة التوت عن تستر الميلشيات الفئوية في قائمة الإئتلاف الموحد بعدما أحدثت قتلاً ونهباً وحرقاً في مزارات كربلاء.

ولئن أصبح المالكي مكشوفاً من جراء امتعاض الأمريكيين منه وبغض النظر عن أسباب هذا الامتعاض هذا أولاً، وثانياً انحسار تأييده ودعمه في المتبقي من قائمة الإئتلاف علي إثر ابتعاده عن التيار الصدري مع العلم أن المجلس الأعلي لم يكن في يوم ما علي علاقة ود مع حزب الدعوة حتي لو تحالف أخيراً مع هذا الحزب ضمن ما يسمي التحالف الرباعي من واقع أن مرشح المجلس الأعلي عادل عبدالمهدي كان منافساً لمرشحي حزب الدعوة إبراهيم الجعفري نوري المالكي.

وثالثاً وصول المالكي بعلاقته مع جبهة التوافق العراقية الي حد القطيعة مع العلم أن هذه الجبهة تشكل عنواناً فئوياً كبيراً وهو ما يعني افتقاره الي الحنكة السياسية في منصب حتي لو كان شكلياً في ظل الاحتلال، ورابعاً علاقته السيئة مع الجماعات العلمانية التي تشارك بالعملية السياسية مثل جماعة إياد علاوي القائمة العراقية والتي هي الأخري سحبت وزراءها من حكومته، وخامساً وأخيراً عقده صفقة مع الأكراد ثمنها كركوك وذلك مقابل انضمامهم للتحالف الرباعي وقد اتضح هذا الأمر جلياً في أحد بنود هذا التحالف والذي أكد علي الإسراع في إنجاز مراحل تطبيق المادة 140 من الدستور.

واللافت ما إن غادر الرئيس الأمريكي العراق المحتل في زيارته المفاجئة والتي عدت محاولة استعراضية لرفع معنويات جنوده المنهارة علي إثر انسحاب القوات البريطانية من البصرة وانكفائها في قاعدتها الأخيرة مطار البصرة، أعلن موفق الربيعي مستشار الأمن القومي عن خطة أمنية جديدة أسماها العراق أولاً ، وقد رأي المراقبون في هذا الإعلان السمج نوعاً يائساً من هجومات الرمق الأخير التي باشرها المالكي في تصريحاته الأخيرة، بل إن أحد المعلقين قال متندراً: كان الأولي بالمالكي أن يوعز بتسميتها المنصب أولاً حتي يمكن هضمها.


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
رجل التاريخ

: إيان بوروما
الراية قطر
من المعروف عن الرئيس جورج دبليو بوش افتقاره إلي الفهم الجيد للتاريخ. إلا أن هذا لم يمنعه من استغلال التاريخ لتبرير السياسات التي ينتهجها اليوم. ففي كلمة ألقاها مؤخراً أمام قدامي المحاربين الأمريكيين في مدينة كانساس سيتي، دافع عن إصراره علي الاستمرار علي نفس المسار في العراق بالإشارة إلي العواقب التي نتجت عن الانسحاب الأمريكي من حرب فيتنام.

كما ذكر احتلال اليابان بعد العام 1945 والحرب الكورية باعتبارهما من قصص النجاح التي حققتها الجهود الأمريكية في نشر الحرية في آسيا ثم إلي العالم.

سارع المؤرخون، والديمقراطيون، وغيرهم من منتقدي بوش إلي إدانة هذا الحديث، وخاصة الإشارة إلي فيتنام، باعتباره حديثاً غير أمين، وغير دقيق، والمقصود منه خدمة أغراض ذاتية.

مع ذلك، يبدو أن بوش، في واقع الأمر، قد وقع بالصدفة علي قياس تاريخي صادق. مما لا شك فيه أن حرب فيتنام كانت مختلفة في كل الجوانب تقريباً عن الحرب في العراق. ذلك أن هوشي مِنّه لم يكن صدّام حسين.

وفي فيتنام لم تكن الولايات المتحدة تغزو بلداً ما، بل كانت تدافع عن نظام شمولي فاسد حليف لها ضد نظام شيوعي عدواني. إلا أن ما ذكره بوش بالتحديد هو أن انسحاب الولايات من الهند الصينية أسفر عن حمام دم في كمبوديا، وأعمال قمع واضطهاد وحشية في فيتنام. وكان يقصد ضمناً أن الانسحاب من العراق سوف يسفر عن حمام دم مشابه، أو ربما أسوأ.

ربما تكون هذه حقيقة شبه مؤكدة، إلا أن ما امتنع بوش عن ذكره هو أن المجازر الوحشية التي وقعت في جنوب شرق آسيا، والمجازر الوحشية التي قد تقع في العراق، ما كانت لتصبح واردة لولا الفوضي التي أحدثها تدخل الولايات المتحدة.

ولكن ماذا عن قصص النجاح الآسيوية، في اليابان، وكوريا، وأماكن أخري حظيت بالحماية الأمريكية؟ هل كان بوش مصيباً حين تباهي بالدور الأمريكي في منح هذه البلدان حريتها؟ اسمحوا لي هنا أن أقتبس من كلمته التي ألقاها علي قدامي المحاربين في كانساس سيتي: هل ينجح جيل اليوم من الأمريكيين في مقاومة إغراء الانسحاب، وهل نفعل في الشرق الأوسط ما فعله في آسيا قدامي المحاربين المتواجدين الآن في هذه القاعة؟ .

تُري ما هو الذي فعلته الولايات المتحدة في آسيا بالتحديد؟ لقد كانت السنوات الأولي من احتلال اليابان تشكل حقاً نجاحاً مذهلاً للديمقراطية. فبدلاً من مساعدة أصحاب المدرسة القديمة في اليابان في استعادة نظامهم الاستبدادي، بادرت إدارة الجنرال دوغلاس ماك آرثر إلي مساعدة الليبراليين اليابانيين في استرداد وتحسين المؤسسات الديمقراطية التي أقاموها قبل الحرب.

في ذلك الوقت حصلت النقابات التجارية علي المزيد من السلطات، ونالت المرأة حق التصويت، وتعززت الحريات المدنية، وأصبح الإمبراطور الياباني شبه المقدس أقرب إلي الأرض منه إلي السماء. الحقيقة أن الكثير من الفضل في هذه الإنجازات يعود إلي اليابانيين أنفسهم وإلي المثاليين الميالين إلي اليسار من أنصار الصفقة الجديدة في حكومة ماك آرثر، والذين ساندوا اليابانيين في جهودهم.

ولكن حين استسلمت الصين للشيوعيين من أتباع ماو، وحين حصلت كوريا الشمالية علي الدعم الصيني والسوفييتي في غزو الجنوب، توقفت المثالية الديمقراطية عن التقدم في اليابان، وأطلق سراح مجرمي الحرب السابقين من السجون، وتم تطهير الحُمْر (الشيوعيين)، ونالت الحكومات اليمينية تحت زعامة بعض مجرمي الحرب السابقين دعماً أمريكياً متحمساً.

وتشوهت الديمقراطية الوليدة بدلاً من أن تتغذي وتنمو، بتشجيع أمريكي نشط، حرصاً علي بقاء اليمين في السلطة وإبعاد اليسار قدر الإمكان.

من المؤكد أن كوريا الجنوبية تدين بكثير من الفضل إلي الأمريكيين. ولولا تدخل الأمم المتحدة في الحرب الكورية، تحت قيادة الولايات المتحدة، لكان كيم إل سونغ، القائد الأعظم، قد استولي علي كوريا الجنوبية، وما كانت لتنعم بالازدهار والحرية كما هي حالها الآن.

إلا أن ديمقراطية كوريا الجنوبية لم تكن منحة من الولايات المتحدة إلي الكوريين، بل ولم تكن موضع تشجيع من جانبها في كل الأحوال. فمنذ أواخر الأربعينيات وحتي أواخر الثمانينيات كانت الولايات المتحدة تجاري الحكام المستبدين المناهضين للشيوعية، بل وساندتهم بقوة في كثير من الأحيان، رغم لجوء هؤلاء الحكام إلي الانقلابات العنيفة وعمليات قمع المنشقين في استيلائهم علي السلطة وترسيخها لأنفسهم.

وتصدق نفس الحقائق علي ما جري في الفلبين، وتايوان، وإندونيسيا، وتايلاند، وبالطبع في الشرق الأوسط، حيث ما زالت الديمقراطية تحاول ترسيخ أقدامها وضرب جذورها في أرض صلبة. وطيلة سنوات الحرب الباردة كانت الولايات المتحدة حريصة علي محاباة القادة العسكريين الأقوياء والحكام المدنيين المستبدين باسم محاربة الشيوعية ولم تبخل بغالٍ أو رخيص في سبيل إضعاف اليسار، حتي ذلك النوع من اليسار الذي يُعَد يساراً ليبرالياً في الغرب الديمقراطي.

الحقيقة أن الحياة تحت حكم زعماء آسيا اليمينيين الأقوياء كانت بالنسبة لأغلب الناس أفضل كثيراً في الإجمال من الحياة تحت حكم ماو، وبول بوت، وكيم إل سونغ، أو حتي هوشي مِنّه. إلا أنه لأمر مثير للاشمئزاز أن نزعم أن المواطنين تحت حكم بارك تشونغ هي، أو فرديناند ماركوس، أو الجنرال سوهارتو كانوا أحراراً .

إلا أن الحقيقة المبهجة التي تتلخص في أن الكوريين والفلبينيين والتايلانديين والتايوانيين أصبحوا أحراراً في النهاية، أو علي الأقل أكثر حرية، فلا يرجع الفضل فيها كثيراً إلي الولايات المتحدة بقدر ما يرجع إلي الشعوب التي كافحت في سبيل الحصول علي حريتها.

لم تبادر حكومات الولايات المتحدة إلي مساندة الساسة الديمقراطيين والمتظاهرين في سيول أو تايبيه أو مانيلا، إلا في أواخر الثمانينيات حين أشرفت الإمبراطورية الشيوعية علي الانهيار. ورغم ذلك فإن أبطال الديمقراطية في هذه البلدان كانوا آسيويين وليسوا أمريكيين.

كان بوش مصيباً في زعمه أن شعوب الشرق الأوسط تتمني لو تنال ما ينعم به شعب كوريا الجنوبية من رخاء وحرية. إلا أن زعمه أن الحرب في العراق هي ببساطة مجرد استمرار للسياسات التي انتهجتها الولايات المتحدة في آسيا يتناقض مع الحقيقة تمام التناقض.

ففي آسيا، كما كانت الحال في الشرق الأوسط، قامت إستراتيجية الولايات المتحدة علي دعم الحكام المستبدين ضد الشيوعية، إلي أن تتمكن الشعوب من الإطاحة بهؤلاء الحكام. إلا أن الإستراتيجية المتبعة في الشرق الأوسط اليوم طائشة ومتطرفة: غزو دولة ذات سيادة وتخريب مؤسساتها، ثم انتظار الحرية كي تنمو وتترعرع في ظل هذه الظروف الرهيبة من الفوضي.

إن الخلط بين هاتين المغامرتين المختلفتين والتظاهر بأنهما نفس الشيء ليس مغالطة فحسب، بل إنه يشكل خطراً شديداً، ويؤدي إلي الإحباط العميق بين هؤلاء الذين ما زالوا ينظرون إلي الولايات المتحدة باعتبارها قوة تعمل من أجل الخير.

ليست هناك تعليقات: