Iraq News
























مواقع إخبارية

سي أن أن

بي بي سي

الجزيرة

البشير للأخبار

إسلام أون لاين



الصحف العربية

الوطن العربي

كل العرب

أخبار اليوم

الأهرام

الوطن

القدس العربي

الحياة

عكاظ

القبس

الجزيرة

البيان

العربية

الراية

الشرق الاوسط

أخبار العراق

IRAQ News




فضائيات



قناة طيبة

قناة الحكمة

قناة اقرأ

قناة الشرقية

قناة بغداد الفضائية

قناة البغدادية

قناة المجد

وكالات أنباء

وكالة أنباء الإمارات

وكالة الأنباء السعودية

المركـز الفلسطينـي

وكالة أنباء رويترز

وكالة الانباء العراقية


تواصل معنا من خلال الانضمام الى قائمتنا البريدية

ادخل بريدك الألكتروني وستصلك رسالة قم بالرد عليها

Reply

لمراسلتنا أو رفدنا بملاحظاتكم القيمة أو

للدعم الفني

راسل فريق العمل

إنظم للقائمة البريدية


اخي الكريم الان يمكنك كتابة تعليق وقراءة آخر عن ما ينشر في شبكة أخبار العراق من خلال مساهماتك في التعليقات اسفل الصفحة



Website Hit Counter
Free Hit Counters

الأربعاء، 25 يوليو 2007

الجزء الثاني من صحيفة العراق اللكترونية ليوم الأربعاء 24-7-2007


فجأة أنزلت الفضائية العراقية المحروسة على شريطها الإخباري عنوان »خبر عاجل«, فحبست أنفاسي مترقباً لذلك الخبر العاجل, فإذا به يقول: »إيران أهدت طائرة آرباص 300 للسيد رئيس الوزراء« هذا الخبر العاجل لجهاز الإعلام العراقي التعبان الذي يشرف عليه مجموعة من الذين لا علاقة حقيقية لهم بالعمل الإعلامي قدر علاقتهم بتجارة قطع الغيار والسكراب وبقية أصول الهمبكة والنفاق المتميز, أصابني بالإحباط لأنه يؤشر على مقدار وحجم التدهور الإعلامي, كما أنه مؤشر على حالة الضياع السياسي الحقيقية في العراق, فلا أدري السر الذي يجعل إيران تهدي طائرة مدنية بملايين الدولارات لمكتب رئيس الوزراء العراقي الذي هو رئيس وزراء لبلد اسمه جمهورية العراق وليس جمهورية الصومال, فالعراق ليس بلدا معوزا فقيرا كي تتصدق عليه إيران وغير إيران بهذه الهدية المسمومة التي ما أحسبها إلا بضاعتنا ردت إلينا مع كميات هائلة من الخبث السياسي الإيراني المتوارث, فجميعنا نتذكر أن النظام البعثي البائد وفي الساعات الأخيرة التي سبقت إندلاع حرب تحرير الكويت العام ,1991 كان قد هرب الطائرات العراقية المدنية والعسكرية لتكون أمانة ووديعة عند إيران لحمايتها من التدمير, وهي خطوة كانت في منتهى الغباء التكتيكي والستراتيجي لأن الطائرات صنعت للقتل والقتال وليست مجرد سيارات تاكسي تهرب عند المواجهة, ولكن منطق النظام البائد الغبي كان قد فرض نفسه على الأحداث ليفرز واقعا سياسيا مستحدثا استغلته السلطات الإيرانية لتقوم بمصادرة تلك الطائرات, بل ونكران وجودها أصلا تحت ذريعة أنها جزء من تعويضات الحرب العراقية - الإيرانية وأنها غير ملزمة بإعادة تلك الطائرات, وقتها صمت النظام العراقي المهزوم وقبل بتجرع كل كؤوس المذلة أمام خيار البقاء في السلطة ثم دار الزمن دورته وحققت الولايات المتحدة هدف إسقاط النظام العراقي لتأتي الجماعات المؤيدة لإيران وتتسلق هرم السلطة في العراق من خلال الانتخابات المسلوقة المعروفة, والتي جعلت من رجال النظام الإيراني السابقين بمثابة رجال وقادة العراق الجديد الذي يعيش في حالة تراجع مفجع وفظيع منذ أكثر من أربعة أعوام عجاف تهشمت فيها كل أواصر الوحدة الوطنية, وحل الخراب المبرمج وتسلل الفشل الذريع لكل مفاصل السلطة والحياة في العراق الذي تحول اليوم لواحد من أفشل الدول في العالم المعاصر, فلا خدمات حياتية ولا ماء ولا كهرباء ولا أي شيء خدمياً حقيقياً ولا أمناً ولا أماناً بل كل ما تحقق هو سرقة العراق بالجملة وبالتقسيط المريح وساد الموت والخراب بشكل تفوق على كل روايات التاريخ المرعبة, واليوم أمام فشل حكومة المالكي الذريع يكافئ النظام الإيراني تلك الحكومة بهدية الطائرة الآرباص التي لا أحسبها إلا هدية مسمومة, فهل حكومة العراق عاجزة عن توفير طائرة لرئاسة الوزارة, أليست موازنة العراق للعام الحالي قد بلغت أكثر من 41 بليون دولار, أين ذهبت تلك الموازنة, لكي تتسول الحكومة وتقبل بالصدقات من النظام الإيراني المتورط والمأزوم بمشكلاته الخطيرة, وكيف تقبل الحكومة العراقية تلك الهدية, وأطراف مسؤولة منها تتحدث عن تدخلات إيرانية سافرة ومرعبة في الشأن العراقي وهي تدخلات معروفة وبديهية لأن العراق يمثل اليوم خط الدفاع الأول للنظام الإيراني في أي مواجهة محتملة قادمة مع الغرب, كيف يرضى العراقيون بأن تتصدق إيران بطائرة على رئيس وزرائهم الذي ويا للمفارقة ترفض الكثير من دول المنطقة استقباله لفشله الذريع في حفظ أرواح العراقيين ولتفشي الروح الطائفية المريضة وفشله في الخروج والتملص من صفته الحزبية باعتباره أحد قادة حزب الدعوة الطائفي ليكون قائدا لكل العراقيين, ولماذا لحتفت الفضائية العراقية بتلك الهدية التي هي إهانة حقيقية للشعب العراقي في هذا الوقت العصيب الذي تتكاثر فيه سكاكين القتل الطائفية المدعومة من إيران تحديدا, ولماذا لا تقوم الحكومة العراقية الحالية بمفاتحة إيران حول الطائرات العراقية التي سرقتها إيران لأن تلك الطائرات ليست من أموال صدام ولا بقية أهله بل إنها أموال العراقيين الالعامة التي ينبغي على الحكومات العراقية متابعتها واستردادها والتفاوض حول مصيرها, والعراق ليس من البلدان المعدمة لكي يقبل هدايا الملابس والطائرات المستعملة, عيب والله وألف عيب, لقد أهدرت الدماء العراقية واليوم أهدرت الكرامة العراقية مع هذه الحكومة العاجزة في كل شيء, والخوف كل الخوف من أن تتعاطى الحكومة العراقية مع المطاليب التي طرحها قائد الإئتلاف العراقي عبد العزيز الحكيم قدسه الله والتي تتلخص في ضرورة تعويض النظام الإيراني بمبلغ 200 بليون دولار كثمن لخسائر الحرب التي شنها صدام, ليس بعيدا هذا الاحتمال, فحكومة الفشل التاريخي مستعدة لكل المفاجآت, فهل الطائرة الهدية الإيرانية رشوة إيرانية علنية للمالكي وحكومته, أم أنها إشارة أخرى من إشارات العار والذل والمهانة التي تحيق بالعراق.
البرلمان العراقي المحروس لن يناقش هذا الأمر طبعا لأنه مشغول بإجازته التي يحرص النواب الكرام على قضائها في الديار الأوروبية والأميركية, فكرامة العراق ليست من ضمن أولويات لصوص العراق الجديد.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
14
التكاليف غير المقبولة لحرب العراق * د.
عبدالله الخطيب
الدستور الاردن
زودني احد القراء بصورة من وثيقة اميركية امتدادا لما جاء في مقالتي السابقة حول تكاليف الحرب الاميركية القذرة في العراق وافغانستان والتقديرات التي سقتها في هذا المقال والتي تتجاوز الترليونات وليس كما هو حديث الادارة الاميركية عن 500 بليون دولار حتى تاريخه. وتذهب الوثيقة الى تأكيد ان هذه الحرب تكلف الميزانية الاميركية ربع مليون دولار كل دقيقة. وتكلف العراق بالمقابل مليون دولار في الدقيقة. وان متوسط كلفة ارسال الجندي الواحد ارتفعت الى 390 الف دولار سنويا.
وبالمقارنة يشير التقرير الذي قامت به لجنة الأبحاث في الكونغرس الى التكلفة المباشرة للحرب على العراق ستصل الى (135) بليون دولار ، وفي مجملها وآثارها على العراق فان هذا الرقم لا بد من أن يتحول الى عشرة اضعافه.
والجدلية التي يضعها التقرير ان الاموال تذهب هدراً وبدعاوى لا تصمد لمنطق الا ان المؤسف انه ما زال هناك في واشنطن وحتى في الكونغرس المحكوم بمن يدعون محاربتهم ودعوتهم للخروج من العراق ، من هو على استعداد لاستمرار هذه المهزلة طالما ان هؤلاء الذين يموتون ويقتلون في العراق ليسوا من أبناء أعضاء الكونغرس او من هم في سدة الحكم. والتقرير يشير الى ان الادارة الاميركية لا تستطيع احتمال كلفة التأمين الصحي الشامل هنا ، لكن الادارة إياها تستطيع وبموافقة الكونغرس انفاق ما يزيد عن عشرة مليارات دولار في الشهر كي يصاب الجنود باعاقات في بلد لا يرغب بوجودهم والتكلفة الكلية لحرب العراق يمكن ان تستخدم لتمويل الرعاية الصحية لكافة الاميركيين غير المشمولين بها.
ويأتي التقرير بمثل بسيط حيث يورد (تخيلوا لو أننا استثمرنا ما يعادل نفقات اسبوعين فقط مما تنفقه على الحرب في العراق لمحاربة الملاريا ، ومعالجة الاطفال المصابين بالحمى حول العالم ، وخفض وفيات الولادة بين النساء ، هذه المشاريع الانسانية يمكن ان تنقذ أعداداً هائلة من الأرواح وتساعد في الحفاظ على صورة اميركا في الخارج).
وبالطبع فان الرقم المالي بالنسبة للأميركان مهم للغاية ، الا ان الواضح ان هذه الحرب التي تشم رائحة البترول وراءها ما زالت تدفع بالادارة الاميركية الى مزيد من هذه الحرب على اعتبار ان الربح في النهاية قادم وانه سوف يتم تعويض تكاليف الحرب من عوائد البترول العراقية وخاصة ان العراق يمتلك المخزون العالمي الأكبر.
وينتهي التقرير الى العديد من النتائج ، الا ان أبرزها هو استطلاع للرأي العام أجري مؤخراً بين العراقيين ، الذين على رأي التقرير ، يعرفون بلادهم أكثر مما تعرفه الادارة الاميركية ، اظهر ان 21 بالمئة فقط يعتقدون ان وجود القوات الاميركية جعل الوضع الأمني في العراق افضل ، فيما يعتقد 69 بالمئة ان وجود هذه القوات يجعل الوضع الأمني أسوأ. كما أن ما نسبته 22 بالمئة فقط من أبناء العراق يدعمون وجود قوات في العراق. واذا ما كانت كل هذه الحقائق واضحة لأصحاب القرار في واشنطن فلماذا يبقى الجيش الاميركي في العراق ولماذا تستمر معاناة أبناء العراق وتبقى المنطقة على فوهة بركان. والواضح ان قضيتنا في هذه المنطقة التي قررنا أن نضعها في يد الرئيس المؤمن بوش أصبحت خارج اطار السيطرة ، وهي تقع ضمن اللامعقول الذي سوف يستمر طويلا ، كما هو واضح طالما ان القضايا الرئيسة لا تقاس الا بالدولار بعد أن تم تغييب كل القيم الانسانية المطلقة.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
15
إيران أميركا والجولة الثانية من الحوار
صافي الياسري
السياسة الكويت
في مقال سابق -وعلى عكس توقع الكثير من المحللين السياسيين, قلنا ان الطرفين الأميركي والإيراني إنما خططا منذ البدء لجولات أخرى قادمة تعقب الجولة الأولى, التي عقدت في بغداد, والتي لم يكن السيناريو الخاص بها, يكشف عن هذا التوقع أو يوحي به, بل على العكس كان يؤيد الرأي الذاهب الى ان الطرف الأميركي إنما كان يريد ان يبلغ الإيرانيين رسالة بطلباته وحسب, وهذا ما حصل فعلاً, لكننا المحنا الى ان الأمر ظاهرياً كذلك, فلعبة شد الحبل بين الطرفين, لايمكن ان تنتهي من جلسة واحدة, وان الجولة الأولى, كانت بالون اختبار, لمبدأ قبول الحوار فالنظام الإيراني منقسم الى معسكرين في هذا الشأن كما ذكرنا, الأول يرى فيه تنازلاً عن الايديولوجيا والآخر يرى فيه اعترافاً بدور إيران الاقليمي وانه نوع من التنازل من مشروع تفعيل الديمقراطية في إيران, ودعم التيارات الليبرالية وقوى التغيير فيها بالضد من النظام القائم, وآخر يرى فيه محاولة اخيرة لسحب البساط من تحت اقدام المدعين بان الإدارة الأميركية لم تبذل جهدها للحوار مع إيران, لانها تسعى الى تصعيد الامور باتجاه ضربة عسكرية لازبة, أي انها رؤية مضادها استنفاد الذرائع والاعذار وبالنسبة لكل الاطرف, فإن الجولة الثانية من الحوار, لابد لها ان تختلف عن الجولة الأولى, وليس بالضرورة ان تتقدم أو تتراجع, ولكن المهم ان تختلف, وسواء أرتفع مستوى التمثيل فيها بالنسبة للطرفين عن مركز السفير, أو بقي على ما هو عليه, فليس ثمة تغيير في النتائج, التى نرى مسبقاً, كما قلنا في تحليلنا السابق, انها لن تعدو ان تكون مجرد مراكمة خطوات جانبية وليست تقدمية, كما انها سوف لن تتضمن استعراضاً لاوراق أي من الطرفين في لعبة الحوار هذه, ولن يكشف أي منهما عما في جعبة تاركاً للطرف الآخر ان يدركها, ضرراً أو استنتاجاً وان يوصل رسائله عن خطوطه الحمر تلميحاً, وسوف لن يحدث أي تقارب على الاطلاق, لابشأن الاجندة المعلنة وهي الملف العراقي ولا بشأن الاجندات الآخرى ومنها الملف النووي الإيراني والوجود الاميركي في دول الخليج والتهديدات الاميركية والسعي الأميركي لتغيير النظام الإيراني وسبل تطمين احتياجات السوق النفطية العالمية أمام تصاعد اسعار البترول واحتمالات تجاوزها ال¯100دولار للبرميل على اعتاب الشتاء القادم, وتخوفات الترويكا الاوربية من انفراد اميركا بفرض نفوذها وحاجة النظام الإيراني الى تطمين روعه للبقاء في السلطة ومعاقبة المعارضة المتنامية, والمعاونة على حل ازماته الخارجية والداخلية, وتفاصيل آخرى كثيرة لامجال لاستعراضها هنا, فالعلاقات الاميركية الايرانية شائكة وعميقة الجذور ومعقدة تاريخياً وامتدادات واستحقاقات وتحديدات, هكذا يمكننا النفاذ الى جوهر مقالنا السابق في القول ان الحلقة الجديدة من الحوار بين الطرفين لن تكون بأي شكل من الاشكال بناء فوق بناء وإنما الى جنب بناء فهي امتداد افقي ليس الا, لا يقدم ولايؤخر, وكما قلنا فإن ساعة واشنطن تمضي اسرع من ساعة طهران, وبمعنى ادق ان تلاحق الاحداث, اميركياً اسرع منه تعجيلا, من تلاحق الاحداث ايرانياً, ما يدفع النظام بقوة وبزمن اسرع الى زاوية حرجة يضطر فيها لقبول ما يسميه السيئ بدلاً من الاسوأ, وكشف اوراقه, لتفرغ من تأثيرها اميركياً وهذا ما يدركه الطرف الاميركي ويلعب عليه, ويعرفه الطرف الايراني ويسير اليه مجدا في محاولة لتعطيل ضغطة زر التدمير الذاتي الذي سيحكم حتماً بضغطة بفعل اشتراطات ظرفية لايملك لها تغييراً, تقول كل المؤشرات انه سائر الى نقطتها.
وه¯ذا ما تدركه المعارضة الإيرانية, وتعرفه تفصيلياً وتعرف ان النظام الإيراني في الحالين القبول بالحوارفإنه يمضي مرتفعاً الى الهاوية, ورفضه فإنه سيرغم على التراجع, وعند بدء مسلسل التراجع فإنه لن يتوقف الا على عتبة النهاية, ولهذا فهي لن تصدع رأسها بالتعليق على مايجري وإنما تكتفي بالمراقبة والانتظار, وتفعيل نشاطها الداخلي والخارجي, سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياًلتقريب زمن الانهيار من أجل تحقيق تغيير ديمقراطي تهيئ الرأي العام العالمي كله بدأب وجد حازم لدعمه? وسنراقب نحن المتابعين مشاهد سيناريو الحوار وهي تنفيذ على الارض مع معرفتنا المسبقة بتفاصيلها بدءاً وختاماً


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
16
العراق.. مسؤولية عربية
عبد المنعم سعيد
الشرق الاوسط
وصلت إلى الولايات المتحدة في زيارة عمل فوجدت حديث تقسيم العراق شائعا بأكثر مما كان عليه الحال من كل المرات السابقة، بل بأكثر مما يمكن معرفته عند الوجود في العواصم العربية. فعندما تبدأ كل مراكز البحوث السياسية والاستراتيجية في أمريكا في الحديث عن الموضوع في شكل ندوات ومؤتمرات وبحوث منشورة وغير منشورة، سوف تعرف أن الموضوع قد أصبح مطروحا على الدوائر السياسية العليا وهي تحتاج إلى المشورة والمعرفة حول نتائج خطوة بعينها.
وعندما يكون الحديث فى الموضوع فى صيغة خيار واحد لم يعد هناك خيار آخر بعده ولا قبله للخلاص من المحنة الأمريكية فى العراق، فمعنى ذلك أن الخيار أصبح قريبا للغاية من دائرة القرار. وعندما يكون الحديث قائما على أن الإدارة الأمريكية قد بذلت أقصى ما في وسعها من أجل وحدة العراق ولكن العراقيين أنفسهم لا يريدون ذلك وأنهم لا يعتبرون أنفسهم عراقيين في المقام الأول أو حتى الثاني أو الثالث، بل انهم لا يريدون عراقا من الأصل، فمعنى ذلك أن التقسيم قد أصبح هو البديل للسياسة الحالية التي بدأ تنفيذها مع مطلع العام وتقوم على مزيج من استخدام القوة، ودعم الحكومة المركزية الحالية في العراق. وسواء كنت في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، أو في معهد بروكينغز، أو فى معهد ودرو ويلسون للعلاقات الدولية، فسوف تجد الحديث واحدا مهما تغيرت القوالب وتعددت الأساليب.
والقول هكذا منتشر بين كل مراكز البحوث بلا استثناء، خاصة في تلك الدائرة الواقعة حول العاصمة واشنطن، وهو قول قد يرى بعض العرب أنه لا جديد فيه طالما أن الولايات المتحدة وإسرائيل أيضا لا تريد خيرا بأهل المنطقة وتريد تقسيمها شيعا وأحزابا منذ وقت طويل. ولكن بغض النظر عن الآراء والنوايا فإن الضرورات الاستراتيجية للصعود الإيراني في المنطقة حتى الوصول إلى الحافة النووية، ومن ورائه أشكال مختلفة من الأصوليات الإسلامية، قد جعل وجود العراق موحدا ضرورة استراتيجية لموازنة هذه القوة الصاعدة. بل ان ذلك كان السبب الرئيسي وراء الإبقاء على نظام صدام حسين وعدم الإطاحة به إبان حرب تحرير الكويت، بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلق بالتكلفة ورغبات ومصالح الدول المجاورة والحليفة لواشنطن.
ولكن إدارة جورج بوش ارتبكت أخطاء فادحة ليس فقط عندما دخلت حربا لم يكن واجبا خوضها، ولا عندما أرادت دولة فيدرالية لم توفر لها مقوماتها الوحدوية. وعلى عكس ما هو شائع الآن في مراكز البحوث الأمريكية، فإن الفيدرالية التي حاولت أمريكا تطبيقها في العراق وإن اعترفت بالطبيعة التعددية للشعب العراقي، فإنها لم تضع الأسس التي تبقيه موحدا، لا من خلال الحفاظ على الأمن الذي يبقي الاختلاط السكاني، ولا من خلال خلق المؤسسات والآليات السياسية التي تكفل المساواة والتفاعل الوحدوي بين الأطراف العراقية. فالولايات المتحدة نفسها، والقائمة على 50 ولاية شبه مستقلة فى مؤسساتها التشريعية ولها الحق في حمل السلاح وحتى التمثيل الخارجي، فإنها أبقت الولايات موحدة من خلال اقتصاد واحد، وعملة واحدة، وحق انتقال مشروع بين الولايات، وحكومة فيدرالية ومجلس تشريعي يكفل المساواة ـ مجلس الشيوخ ـ وآخر ـ مجلس النواب ـ يكفل التنوع والتعبير عن الأعداد.
أيا من هذا لم يحدث في العراق، وتركت أمريكا حلفاءها الأكراد يتصرفون كما لو كانوا في دولة مستقلة، كما جعلت الديمقراطية العراقية ديمقراطية طائفية وليست شعبية، وفي النهاية عملت بالإهمال أو بالخطأ على وصول السلاح لكل من يريد حمله طالما أنه يدعي بالحق أو بالباطل أنه سوف يقاتل إلى جانبهم. وبالطبع من الممكن المضي قدما في لوم الأمريكيين حتى نهاية التاريخ، ولكن المشكلة أن هذا اللوم لن يحل من المعضلة العراقية أمرا، بينما تبقى على عاتق المنطقة شئنا أم بينا. ففي النهاية فإن الولايات المتحدة سوف تترك العراق مدحورة ومهزومة وفاقدة المصداقية كما حدث في فيتنام من قبل، ومن الجائز أن تكسب قوى دولية أخرى من الفشل الأمريكي، أو أن تعود أمريكا بما حباها الله من ثروة وتكنولوجيا وقدرة على التصحيح من خلال انتخابات حرة إلى سابق جبروتها مرة أخرى، ولكن كل ذلك يخصها، أما بالنسبة لنا فإن ذلك سوف يعني كارثة بلا حدود.
وأول الكوارث سوف تصب على الشعب العراقي نفسه، فالحرب الأهلية لن تكون استمرارا لما هو حاضر، بل ستكون أكثر ترويعا من كل ما سبق ولمن اقشعرت أعصابه من المذابح الحالية فإن عليه توفير أعصابه حتى المذابح المقبلة. وإذا كان الأكراد يعتقدون أنهم سوف يحصلون على دولة مستقلة نتيجة الخلاف والصراع الشيعي السني، فإنهم يتجاهلون تأثيرات هذا الصراع عليهم، بل وصوله في أشكاله الأصولية وغير الأصولية إلى داخلهم. ولا يقل أهمية عن ذلك ما سوف ينتج عن الفراغ الاستراتيجي الهائل الذي سوف تتركه الولايات المتحدة من تمدد إيراني من ناحية، وتمدد تركي تجد بشائره معلنة على كل حوائط الانتخابات التركية الراهنة.
وثاني الكوارث ناجمة من موقع العراق التاريخي في المنطقة، ومن دون الذهاب إلى عصور بعيدة، فإن العصور الحديثة جعلته واحدا من الركائز الأساسية في المنطقة، وعندما تنهار واحدة من هذه الركائز فإن نتائجها تقع على البقية الباقية، ليس فقط نتيجة رابطة العروبة والإسلام والجوار الجغرافي والروابط التاريخية المعروفة، وإنما أساسا للحفاظ على توازن القوى في المنطقة بما فيه من أبعاد عسكرية ومذهبية أيضا. وثالث الكوارث هو أن كل الجهود الحالية لتحديث الدولة العربية ووصولها إلى البر الديمقراطي، وقاعدة المواطنة سوف تنهار وتنتهي لأن الوطنية والخيانة سوف تتوزعان من الآن فصاعدا على أسس مذهبية ومن ورائها سوف تتدفق جماعات اللاجئين بين البلاد والأمم.
كل ذلك معروف وشائع، ولكنه لم يصل بعد لا إلى العناوين العراقية ولا العربية ولا إلى كل من يهمه الاستقرار في المنطقة ويعرف جيدا أنه إذا كانت الحرب الأهلية اللبنانية قد كلفت المنطقة ستة عشر عاما من الكرب والغم، فإن العراق سوف يكلفها ما هو أكثر أضعافا مضاعفة. وهناك قدر غير قليل من الشماتة في الولايات المتحدة من الثوريين العرب لأنهم غزوا بلدا عربيا، وقدرا آخر من الشماتة من غير الثوريين العرب لأنهم أضافوا موضوع الديمقراطية إلى غزو العراق فصار الأمريكيون مسؤولين عن جريمتين في جريمة واحدة. ولكن حجم الشماتة فى أمريكا مهما طال وكبر وتراكم لن يحل واحدة من المعضلات العربية في العراق، ولن يحل معضلة العراقيين أنفسهم إزاء أولادهم وأجيالهم القادمة.
وبالتأكيد فإن هناك من سيسأل: ما العمل في هذه المعضلة؟ وبالتأكيد أكثر فإن هذه مهمة أكبر من قدرة فرد، ولكن التسليم بأن قضية العراق هي قضية استراتيجية في المقام الأول، قد يكون مقدمة، ومعرفة أنه لا توجد دولة عربية يكون بمقدورها وحدها التعامل مع العواقب، سيكون خطوة أولى، والعلم أن الشماتة فى الولايات المتحدة ربما يكون لها قيمة لدى المؤرخين أو المشاركين في الانتخابات الأمريكية، لكنها لن تقدم أو تؤخر في فداحة ما يجري، سوف يكون خطوة ثانية، واليقين بأن وقت العمل الآن وليس غدا سوف يكون خطوة لا بديل لها.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
17
العراق دولة المستشارين
رشيد الخيون
الشرق الاوسط
لا غرو أن وظيفة المستشار، أو المُشاور، من الوظائف الهامة، فمنْ لسانه يؤخذ الرأي في سَوس البلاد والعباد. نقل ابن قتيبة (ت 276هـ) ما يجب فيمَن يُشاوَر: «لا تشاور صاحب حاجة، يريد قضاءها، ولا جائعاً، ولا حاقن بول»(عيون الأخبار). ولم يكن ابن قتيبة، ومن قبله من كُتاب الأدب المتنوع، على حق في النهي عن مشاورة: المعلمين، ورعاة الغنم، والحاكة، لصنف المهنة! بل لهم الحق إذا حملوها على محمل التخصص، فكيف للمشغول بتعليم الصبيان يُشاور بأمر الحرب وإدارة البلاد، وكذلك راعي الغنم، والحائك، وصاحب المطعم، وورشة تصليح السيارات مثلاً؟ لا بد للمستشار السياسي أن يكون جرب فن السياسة وتعمق فيه، ولا يكفيه ليكون مشاوراً الانتماء الحزبي. ولا يكفي أن يكون مشاوراً للإعلام مَنْ كتب مقالاً بجريدة، أو أذاع نشرة أخبار من راديو المعارضة. ولا يكفي للمشاور الثقافي أن يكون خطيباً بمسجد.
أصبحت وظيفة المشاور مكرمة يتكرم بها أهل السلطة على أصدقاء أو رفاق نضال في زمن المعارضة! فاق عدد المستشارين اللازم، أين ما تلفتَّ تتسلم كارتاً يُعرف صاحبه بمستشار في مجلس الوزراء، أو مستشار أقدم، أو المستشار السياسي، أو الاقتصادي. عدد من هؤلاء دبروا شهادات بطرق معروفة، وخلعوا ثياب المهن السابقة لارتداء حلة المشاور. وما هي أيام ويضمن راتب تقاعد الوظيفة الجديدة.
تبدو وظيفة المشاور، إذا كان يصاحبها مزاج صداقة ومودة حميمة مع صاحب الأمر، مغنماً لا يُفرط به، وهذا ما كان عليه المتكلم ثمامة بن أشرس (نحو 213هـ)، يقضي باسم الخليفة الصغيرة والكبيرة، ولما سأله الوزير في حضرة الخليفة عبد الله المأمون (ت 218هـ) عن معنى وجوده في دار الخلافة، وهو بلا وظيفة بائنة، رد عليه بالقول: «إن معناي في الدار والحاجة إليًّ بائنة... أشاوَر في مثلك هل تصلح لموضعك أم لا تصلح» (ابن طيفور، كتاب بغداد). وعندما أراده الخليفة وزيراً فضل الاستشارة، لأنها أدوم من الوزارة.
وليست هناك سلطة أكثر من سلطة المشاورين الإنكليز في أول تأسيس الدولة العراقية، حيث كان من شروط تشكيل الوزارة (1920) أن يعين لكل وزير مشاور، لا يقطع أمراً، ولا يكتب كتاباً من دونه. بل ولا يعرض الوزير أمور وزارته على مجلس الوزراء إلا عن طريقه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث). لذا أنشد الشاعر معروف الرصافي (ت 1945) في قوة المستشار وضعف الوزير: «أراك بحمام الوزارة نورةً.. وأما جناب المستشار فزرنيخُ».
وأكثر من هذا سار على ألسنة العراقيين للشيخ محمد باقر الشبيبي (ت 1960):«المستشار هو الذي شرب الطلا.. فعلام يا هذا الوزير تعربد». كانت المناسبة (1929) الاحتفاء بالثري الأمريكي جارلس كراين، مبعوث لجنة أمريكية لاستطلاع رأي الشعوب في تقرير المصير» (الهلالي، الشاعر الثائر). ويا سبحان مُقلب الأحوال كان العراقيون يشكون للأمريكان أمر احتلال الإنكليز، ويطلبون منهم المساعدة بالتحرر؟ ونقل لي نجل الشاعر، الحقوقي صادق الشبيبي، أن نوري السعيد (قُتل 1958) كان حاضراً الحفل، فأعاد الشاعر عجز البيت بالصيغة: «... فعلام يا نوري الوزير تعربد». إلا أن الرصافي والشبيبي لم يُعرضا لأذىً أو اغتيال! مثلما قُتل اليوم إعلاميون وشعراء أشاروا إلى زعيم حزب أو ميليشيا بمفردة ناقدة.
سكان المشاور، في عهود قديمة، يجمع بين وظيفة التنجيم والمشورة، فهو يشير بما يحسبه في الأبراج، وربما يتحمل المشاور والمنجم سليمان شاه (قُتل 656هـ) جزءا من إبعاد الحل السياسي بين الخليفة وهولاكو. نفهم ذلك من تحقيق الأخير مع سليمان شاه. قال: «لقد كُنت منجماً، ومطلعاً على أحوال السعد والنحس للبلاد. فكيف أنك لم تتنبأ بسوء مصيرك، ولم تنصح مخدومك (الخليفة) لكي يبادر إلينا عن طريق الصلح»؟ (جامع التواريخ). أحاذر من أمثال هذا الصنف من المشاورين، فالاستخارة، وهي ضرب من التنجيم، كانت وراء تعيين رئيس قسم من أقسام جامعة من الجامعات العراقية! فهل يستبعد أن لا يقدم المستشار السياسي أو الاقتصادي أو العسكري مشورته في المصالحة وعقد الاتفاقيات بلا أخذ الرأي من مسبحته؟!
على أي حال، أن من متطلبات الدبلوماسية، لبلد عريق مثل العراق، سجية لا يوطئها التعصب لمذهب أودين أو قومية! وإتقان لغات، وفهامة، وأساليب متحضرة في التعامل، لا يشغلها حجاب الموظفات، ومصافحة النساء، وتصميم المرافق الصحية، غربية أو شرقية كانت!



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
18
العودة الى الحوار
افتتاحية
المدينة السعودية
عودة الحوار الأمريكي الإيراني حول العراق يعتبر ظاهرة صحية رغم أن جولة الحوار الأولى التي انعقدت في 28 من مايو الماضي لم تؤد إلى تهدئة الوضع الأمني العراقي وإنما أدت – على العكس من ذلك- إلى زيادة هذا الوضع سوءًا . عدم تفاؤل البعض بجدوى الجولة الجديدة يأتي نتيجة طبيعية لتدهور الأوضاع الأمنية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة بالرغم من زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق وتصريحات رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن القوات المسلحة العراقية قادرة حاليا على تسلم المسؤولية كاملة في إدارة الملف الأمني في أي وقت ترغب فيه القوات الدولية بالانسحاب من العراق.
ما يدعو البعض إلى عدم التعويل كثيرًا على الجولة الثانية من المحادثات بين الجانبين عدم رفع مستوى الحوار إلى مستوى أعلى ، حيث لا يزال سفيرا البلدين في بغداد يترأسان وفدي بلديهما في الحوار إلى جانب مجيئه على إثر زيارة الرئيس الإيراني الثانية لدمشق مؤخرًا وما حملته من رسائل متشددة للإدارة الأمريكية.
أهمية جولة المحادثات الراهنة تكمن في أنها تأتي وسط تجدد الخلافات في الكونجرس حول موضوع جدولة الانسحاب الأمريكي من العراق، وفي الوقت الذي تدنت فيه شعبية الرئيس بوش إلى أدنى نسبة لها عند 33 في المئة وبما يؤكد على حاجة الإدارة الأمريكية إلى تحقيق انفراج أمني في العراق – أيا كان مستواه أو درجته- للخروج من المأزق الراهن . تبقى الحقيقة في أهمية إدراك كل من واشنطن وطهران بأن نجاح المحادثات يصب في مصلحتهما ، ذلك أن الفشل، جراء تمسك كل طرف برؤيته ، سوف يؤدي إلى زيادة حدة الاحتكاك بينهما، ليس فقط بشأن العراق، لكن أيضًا بشأن كافة الملفات الخلافية، فيما أن نجاح المحادثات سوف يؤدي إلى انفراج في كافة تلك الملفات بما في ذلك الملف النووي الإيراني والملف اللبناني.

ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
19
مبادرة اللحظات الأخيرة
محمد على باناجة
المدينة السعودية
لن تحقق السلام بين العرب واسرائيل أي إدارة أمريكية . لن يحققه إلا قوى السلام على الجانبين العربي والإسرائيلي ، وطالما أن هذه القوى خافتة وضعيفة فاحتمالاته ضئيلة .في الوقت الذي يبدو موقف الحزب الديموقراطي الأمريكي واضحا في دعوته للانسحاب من العراق بلا تردد ووفق جدول زمني قصير يكتنف موقف الحزب الجمهوري قدر لا بأس به من الغموض حيال التواجد الأمريكي في العراق . في جميع الأحوال الانسحاب واقع ، ربما في غضون عامين لا أكثر حتى لو فاز الجمهوريون في الانتخابات الرئاسية مادام للديموقراطيين أغلبية في الكونجرس ، رغم أن ليس من سلطات هذا الأخير اتخاذ قرار ببقاء أو رحيل القوات إلا أنه يستطيع عمليا أن يجعل بقاءها في العراق مستحيلا عن طريق حجب الموارد المالية اللازمة لبقائها هناك . لا احتمال أن يطول الاحتلال أكثر من سنتين إلا في حال سيطرة الجمهوريين على الإدارة والكونجرس معا كما كان الحال خلال فترة الولاية الأولى لهذه الإدارة ، ولو طال لن يطول كثيرا لأن نفس المجتمع الأمريكي على تحمل الأعمال العسكرية في الخارج قصير ، وميوله الى العزلة وتجنب الانغماسات المكلفة قوية ، واقع الأمر أن سياسات الانغماس في العالم الخارجي لم يمارسها الأمريكيون بتوسع إلا بعد الحرب العالمية الثانية ولم يؤمن بهذه السياسات سوى النخبة التي عانت وتعاني عنتا شديدا فى إقناع الرأي العام بها ، بدليل أن نغمة مضار العزلة تتجدد دوريا في كل موسم انتخابات .

لم تنتقد إدارة أمريكية بالحدة التي انتقدت بها الإدارة الحالية ، ولا حظيت سياسات إدارة بمقدار الجدل الذي دار حول سياساتها ، السبب سيطرة لون واحد من الأفكار عليها وعدم وجود حد أدنى من التوافق بين الحزبين حول السياسة الخارجية .. وبالنسبة لنا في الشرق الأوسط سنعاني أزمة مستمرة مع السياسة الإقليمية الأمريكية أياً كان نوع وتوجهات الإدارات في واشنطن ، لسبب رئيسى أنها لا تستطيع أن تعترف بمركزية دور المسألة الفلسطينية في أزمات المنطقة ، وإن اعترفت لن تستطيع أن تفرض الحل الذي يناسب العرب ، ولن تستطيع التقدم الى حل معقول ما لم تتحالف مع قوى السلام في اسرائيل وداخل اللوبي المؤيد لها في الولايات المتحدة ، وطالما بقيت هذه القوى ضعيفة وغير مؤثرة لن نرى جديدا على مسار التسوية . ولأمر ما (لعله صدفة ولعله غير ذلك) لا تنشط الإدارات الأمريكية في البحث عن تسوية إلا في الأيام الأخيرة من فترات ولايتها ! ، حدث ذلك على عهود نيكسون وكلنتون وبوش الأب وها هو يتكرر مع بوش الابن ، بحيث حتى لو نتج اختراق ما باتجاه التسوية لن يجد من يتابعه .. مبادرة سلام اللحظات الاخيرة هذه المرة لا فرصة ولو ضئيلة لها بعد انفصام شراكة فتح وحماس ، فليس كل وزر تأخر السلام واقع على الغير ، ثمة قدر غير معترف به أو قل غير متحدث عنه واقع على الجانب العربي ، الجميع ليسوا بأفضل حالاتهم الان ، واشنطن واسرائيل والعرب ، ولا أدرى إن كانت هذه الحال ستتحسن ، ما أعرفه أن التسويف لا يحل مشكلات وعادة يزيدها صعوبة .

مشكلة هذه المنطقة ليس فيما تفكر فيه اسرائيل أو أمريكا ، مشكلتها أنها لم تضع نفسها أبدا منذ انتهاء عصر الاحتلالات والانتدابات على الطريق الصحيح بعجزها عن تأسيس النظام الإقليمي المستقر ، وكلا التيارين السياسيين السائدين فيها القومي والديني لا يؤهلان لتأسيس مثل هذا النظام الإقليمي لأنهما ليسا على وفاق مع فكرة الدولة الوطنية . لهذه المنطقة قدرة (لا تحسد عليها) على تصدير المشاعر ، وعلى ترحيل تناقضاتها الى تناقضات مع الغير ، مع ضعف في الرؤية نتج عن الحساسية المفرطة تجاه حرية التعبير .. ولا بديل عملي للنظام الإقليمى إلا سياسات المحاور الإقليمية ، وهذه لم يطبقها أحد الى مداها الكامل عدا سوريا وإيران ، حيث استفاد المحور السوري الإيراني من قاعدة جماهيرية مهيئة لتقبل مقولة أن ثمة صراع أزلي (لا تسوية له) ومصيرى (إما نحن أو هم) مع الغرب ورأس حربته إسرائيل ، وهى مقولة صنعها الخطاب الإعلامي التكراري وجعلها من المسلمات .



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
20
النفخ في بوق الحرب الأهلية
عبد الجبار السامرائي
الزمان العراق
تداعي الخيرون في عشائر العراق لعقد ميثاق شرف بين العشائر من المكونين الرئيسين ،لمنع الاقتتال والتخندق المذهبي و الطائفي ، معربين عن رفضهم للتهجير القسري ،والرغبة في دوام التعايش المشترك والسلم الأهلي ، وصرحوا علي لسان زعمائهم الشرفاء ، ان الحرب الأهلية خط احمر ، وانها مرفوضة لأنها تخدم الأجنبي ، الذي يسعي لتاجيجها حتي يخلو له الجو فيتمكن من رقاب العراقيين علي حد سواء، فيسلبهم خيراتهم ومقدراتهم ، وحقهم في الحياة.ان قيام زعماء بعض العشائر العراقية بهذه الخطوة ،مؤشر علي وعي العراقيين واصالتهم ،فالكل اخوة، الرب واحد ، والقرآن واحد، والنبي واحد، والقبلة واحدة،والوطن واحد ،فلماذا نتحارب ؟ ولمصلحة من هذا الاحتراب؟ان التفجيرات التي تستهدف اليوم مكونات الشعب العراقي ليست من ثقافة العراقيين ولا من بنات افكارهم ، وانما هي من صنع الأجانب الذين لا يريدون لشعبنا غير الدمار والزوال من الخريطة البشرية. أكاد اجزم ان الهاونات التي تضرب ضاحية الأعظمية وكذلك ضاحية الكاظمية مثلا ،هي هاونات الغرباء الذين يتقاضون الثمن من أسيادهم الحاقدين علي الشعب العراقي ،بغية اذكاء نار الفتنة، وتحويل البلاد الي جهنم تحرق الأخضر واليابس .(والفتنة نائمة لعن الله من يوقظها ) كما يقول نبينا الأعظم.ان الاخيار في وطننا كثر والحمد لله،والعقلاء كثر أيضا، وما دام هؤلاء موجودين ،فان نار الفتنة الي انطفاء لا محالة . قال لقمان الحكيم لابنه ( يا بني ، كذب من قال الشر يطفيء الشر ، فان كان صادقا فليوقد نارين ، ثم ينظر ؛ هل تطفيء إحداهما الأخري ؟ وإنما يطفيء الشر الخير ، كما يطفيء الماء النار).ان تفشي العداوة والبغضاء بيننا كعراقيين تغذيها جهات أجنبية معروفة ، فلماذا لا نقف جميعا يدا واحدة،وصفا واحداً وقلبا واحدً ،لصد هذه الهجمة الشرسة؟إننا ان لم نقف الوقفة الصادقة لرأب الصدع فيما بيننا ، فسيشمت بنا الأعداء .والشاعر يقول:كل المصائب قد تمر علي الفتي فتهون غير شماتة الأعداءإعمار العراق .. الكذبة الكبريقبل احتلال العراق ،سمعنا ان الولايات المتحدة وحلفاءها سيعمرون العراق بعد تدميره وما ان احتلوا العراق حتي رصدوا المليارات من الدولارات وزعموا أنها مخصصة لحركة أعمار ما دمرته قوات الغزو والاحتلال.وبالفعل ،ورصدوا تلك المبالغ وقد شرعوا بـ( التعمير)لكنه ليس تعميرا للمؤسسات والمشاريع والمصانع والمعامل التي جعلوها حجرا فوق حجر ،وانما عمروا فقط السجون كسجن الناصرية الذي يعد اكبر سجن في المنطقة و(أبدعوا)في صب الحواجز الكونكريتية التي لا عد لها ولا حصر ، و(شيدوا)المعسكرات والقواعد التي تحمي جنودهم و (سرقوا)منا الشوارع لتامين انسيابية قطعاتهم الجرارة في طول البلاد وعرضها ،ولم يبالوا في الاختناقات المرورية التي نجمت عن احتكارهم لطرق المواصلات ،حتي ان التنقل داخل بغداد أصبح مجازفة وإهدارا للوقت ،وحرماناً للشعب من لقمة العيش. اما قطاع الخدمات في العراق فلم يشهد أي تحسن ملموس بعد الغزو ،فقد دمرت مصافي النفط ولم تعمر ، ودمر قطاع الكهرباء ، ما أدي الي تعطيل المصانع وورش العمل ، وأصيبت الحياة الاقتصادية بالشلل التام الذي لا مثيل له في تاريخ العراق .ان الولايات المتحدة الامريكية التي غزت العراق عنوة دون الرجوع الي الامم المتحدة والمجتمع الدولي ، وأعلنت عن نفسها (دولة احتلال) مطالبة برفع الحيف عن كاهل الشعب العراقي وذلك بتوفير الأمن المفقود والشروع بحركة الاعمار الواسعة لامتصاص البطالة التي أصبحت نسبتها في حدود 75%من العراقيين ، ونتيجة لذلك ،انتشرت أعمال العنف ، وتدهور الأمن ، وتحول الشعب المظلوم الي يتامي لا اب لهم ولا ام ، يفترشون الارض ويلتحفون السماء ،تفترسهم الفاقة ،وتهجم عليهم الامراض الفتاكة، وتحولت نسبة كبيرة منهم الي لاجئين داخل بلدهم وفي دول العالم الفقيرة والغنية علي حد سواء.واذا كانت الولايات المتحدة تريد اعمار العراق بصدق ،فما سبب استمرار التدمير الذي شمل العراق من اقصاه الي اقصاه؟هل للولايات المتحدة ثأر مع العراق والعراقيين ؟هل قام العراقيون بعبور الاطلسي لاجتياح دول الغرب حتي يعاقبوا هذا العقاب الجماعي؟وانت يا شعب العراق المحاصر المظلوم ،لقد ضربت اروع الامثلة في الصبر ،فثق ان الله لن يتخلي عنك. فيا ابن العراق الجريح:سبحان صبرك ،لا صبر يضارعه في النائبات ، ولا حلم يضاهيه سبحان طرفك ان فاضت محاجره تراقص الدمع جمرا من ماقيهسبحان روحك والالام تحرقها سبحان قلبك والاشجان تدميهصبرا ال عراق .. موعدكم الحرية وانقشاع الاحتلال.هل ستغزو تركيا شمالي العراق؟تعلن تركيا مراراً وتكراراً أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء ضم كركوك الي كردستان العراق ، وأعلنت غير مرة علي لسان كبار ساستها،ان كركوك خط احمر ،لا يمكن تخطيه من قبل الاكراد ،وإذا ضمت كركوك بعد الاستفتاء فأنها ستتدخل لحماية حقوق التركمان وشدد المسؤولون الأتراك علي ان كركوك الغنية بالنفط (30%من نفط العراق)إذا ما سلخت من العراق،فان ذلك يعد مقدمة للانفصال.ان مخاوف تركيا من ضم كركوك الي كردستان العراق ،تنطلق من رفضها لتكوين دولة كردستان الكبري التي يطمع الكرد في كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا الي تكوينها ،ولم ينف بعض الكرد رغبتهم في الاستقلال وهم يقولون ان المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الاولي (1914ـ 1918) ظلمهم حين وزع الأجزاء علي تركيا والعراق وسوريا وإيران ،فاصبحوا تابعين.السيد جلال طالباني قال : ( ان إمكانية تكوين دولة للاكراد في الوقت الحاضر غير قابل للتحقيق ، لعدم موافقة تركيا وإيران وسوريا).أما السيد مسعود البارزاني ، فيؤكد ان : (من حق الاكراد أقامة دولة) ويقول:( الدولة الكردية ليست حلماً بل هي واقع). بينما تقول تركيا من جهتها ان إقامة هذه الدولة يهدد أمنها القومي والوطني ،وأنها ستقاتل بلا هوادة للحيلولة دون قيام هذه الدولة .ولذلك ،هيأت (240 ألف) محارب وحشدتهم علي الحدود ،للانقضاض علي حزب العمال الكردي الذي يتخذ من شمالي العراق منطلقا للعمليات الحربية ضد الأتراك ،وان هذا الرقم قابل للازدياد اذا دعت الضرورة .أما بعض الكرد العراقيين ، فيقولون : لا مصلحة للاكراد في الانفصال عن العراق ، وإقامة دولة مستقلة ، لعدة أسباب ،أولها ان تركيا وإيران والعراق وسوريا سوف يحاصرونها ، فضلا عن أنها ستكون دولة مغلقة ،لعدم وجود إطلالة لها علي البحر ، فليس من الحكمة الانفصال ،والأفضل للكرد حكما ذاتيا يضمن حقوقهم في هذه الدول والعيش بسلام.أما المجتمع الدولي ، ولاسيما الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي ،فان موقفهم غير واضح بالنسبة لموضوع كركوك ،فهم يدعون ان تسوية هذه المسالة شان عراقي محض ، يحسم في الاستفتاء المرتقب ، بموجب نص المادة (140) من الدستور العراقي الجديد ، ولا ندري ما الذي يجري خلف الكواليس لهذه الدولة التي تتلاعب بمقدرات الشعوب .بينما يري فريق من المحللين السياسيين ان الدولة العظمي ، وزعيمة العالم ،أي الولايات المتحدة الامريكية ، لن تسمح في ضم كركوك الي كردستان العراق حرصا منها علي ديمومة صداقتها مع حليفتها التاريخية في الناتو (الاطلسي) (تركيا) وهي حليفة مهمة لا يمكن لامريكا الاستغناء عنها في المدي المنظور ، لأهميتها الاستراتيجية.أذن ، وبموجب هذه المعطيات ،نستطيع القول بان حلم الاكراد في ضم كركوك الي كردستان العراق ضرب من احلام اليقظة ولكن ،اذا ما اجري الاستفتاء بصددها في هذا العام او العام المقبل ، وتسني للكرد الظفر بها ، فان تركيا وإيران وسوريا سوف يهبون للاجهاز علي هذا المشروع ،وربما تتغير الخريطة السياسية والجغرافية للمنطقة ،لصالح تركيا ،خاصة إذا أعطتها الولايات المتحدة الامريكية الضوء الأخضر لاجتياح المنطقة ،وربما تتخطي تركيا الولايات المتحدة وتقوم بعمل عسكري واسع لاجهاض هذا المشروع ،وهو احتمال مرجح في الوقت الراهن.لذا ،ومن باب حرصنا علي سلامة كردستان العراق ،نقترح علي زعمائها غض النظر عن ضم كركوك ، والاكتفاء بمحافظاتها الثلاث (السليمانية واربيل ودهوك) وتجنيب الاخوة الكرد في هذه المحافظات ويلات حرب تتسبب لهم في نكبة كبري هم في غني عنها ،سواء في الحاضر او في المستقبل ، وعلي كرد العراق ان يقنعوا بما متاح لهم من حكم ذاتي والقناعة كنز لا يفني.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
21
" type="#_x0000_t75" o:spid="_x0000_i1025">"> عملية تسويق الجندي الامريكي : قناع طفل على وجه فرانكشتاين

بثينة الناصري
دورية العراق
في الاخبار ان الامريكان يبحثون عن افضل السبل لتسويق جنودهم على انهم رسل الخير والمحبة بين البشر . وكما يرتبط اسم كوكاكولا في الاذهان بالانتعاش ، وسيارات فولفو بالامان ، يجب التفكير بوسيلة تجعل صورة الجندي الامركي ترتبط بالحماية والحنان . بالضبط مثل ان تضع قناع جدتك على وجه ذئب قاتل ، او وجه طفل بريء على جذع فرانكشتاين.

ولكن سبق السيف العذل ولم تعد اشد الاصباغ ثباتا ، قادرة على تحويل الفظاعة والفظاظة الى وداعة. فقد رسم الامريكان لانفسهم – عبر افلامهم واساطيرهم والعابهم الكومبيوترية – صورة العضلات المنفوخة لابطال اقرب الى الالات منهم الى البشر مدججين بالاسلحة الفتاكة ولا يترددون في التدمير الساحق الماحق للعدو ، وافضل نموذج هو "المدمر" في افلام شوارتزنجر والذي بلغ من اعجاب الشعب الامريكي به حد انتخابه حاكما يمثلهم في كاليفورنيا بلاد هوليوود والخيال .

منذ 2003 اطلق العدو الاميركي على عشرات من عملياته الحربية اسماء تتراوح بين اسماء الزواحف الكريهة مثل العقرب والافعى او اسماء الحيوانات والطيور الكاسرة مثل النمر والنسر او اسماء المخلوقات الاسطورية مثل التنين والشبح او اسماء ادوات القتل مثل المطرقة والفأس والشاكوش والسيف والرصاصة او اسماء الظواهر الطبيعية ذات التدمير الهائل مثل الطوفان والاعصار والرعد والبرق والحريق أو اسماء طرق القتل مثل ضربة الشيطان والخنقة والقبضة واللذعة . واخيرا اوصاف القتلة: القاتل والسفاح والمدمر .. بالضبط مثل شخصياتهم الخارقة التي لا تحسن سوى القتل والتدمير في افلامهم الهوليوودية .

ومع ان الحرب هي الحرب ولكن بالمقارنة مع الاسماء التي قد يطلقها جيش عربي على عملياته الحربية حيث نجد اسماء مثل: الفتح والنصر المبين و النداء وتوكلنا على الله والعبور والقادسية وحطين واليرموك وغير ذلك ، فالجيش العربي يستخدم من الاسماء ما يفيد التفاؤل والاستعانة بالله او يطلق اسماء المواقع على الوقائع العسكرية ، أما الجيش الامريكي فإنه يستخدم كل مايفيد تدمير العدو ، وكل ما يفيد هيمنة الامريكي ووحشيته ولا انسانيته (فهو عقرب وهو تنين وهو شيطان وهو اعصار وهو شبح ) في التعامل مع الاخرين . في حين ان النصر ليس بالضرورة ان تدمر عدوك وانما ان تشل ارادته على مواصلة القتال .

يحضرني الان المقدمة الاعلانية لمسلسل (الجناح الغربي west wing) الامريكي وهو يصور مايجري داخل البيت الابيض ، حيث يظهر الممثل الذي يقوم بدور الرئيس الامريكي وهو يضرب بقبضته على مكتبه قائلا : لن نرد بهجوم مناسب وانما بهجوم كاسح مضاعف عدة مرات .

يقول روبرت فيسك في مقالة نشرت في شهر ايلول 2006 ان قسم الجندي الامريكي قد تم تغييره ، فبعد ان كان مرسوما بدقة ليمنع فظاعات مثلما حدثت في فيتنام وفيه يحلف الجندي على :

(انا جندي أمريكي

أنا عضو في جيش الولايات المتحدة الامريكية – حامي اعظم شعب على الارض. لأني فخور بالزي الذي ارتديه سوف اتصرف دائما بالطريقة التي تشرفني في الخدمة العسكرية والشعب الذي اقسمت على حمايته . لايهم أي ظروف اكون فيها لن افعل اي شيء سواء من اجل المتعة او الربح او السلامة الشخصية ، مما قد يشين الزي والوحدة والوطن الذي انتمي اليه . سوف استخدم كل الوسائل لدي ، وحتى خارج الخدمة ، لكبح رفاق الجيش من القيام بافعال مشينة لهم وللزي . انا فخور ببلادي وبعلمي . وسوف احاول ان اجعل اهل بلادي فخورين بالخدمة التي امثلها لأني جندي امريكي.)

الى القسم الجديد – على ايام بوش - الذي اصبح فيه الجندي ذو القيم، محاربا لا يهمه الا اداء المهمة ولا يقبل الهزيمة مهما كان الثمن :

( انا محارب وعضو في فريق واخدم شعب الولايات المتحدة واعيش قيم الجيش . سوف اضع دائما المهمة فوق ا لجميع. لن اقبل الهزيمة مطلقا .
ولن اهرب ولن اترك رفيق سقط . انا منضبط وقوي بدنيا وعقليا ومدرب ومحترف في مهامي القتالية والتدريب . واحافظ دائما على سلاحي ومعداتي ونفسي.
انا خبير وانا محترف . ومستعد للانتشار والاشتباك وتدمير عدو الولايات المتحدة في المعارك. انا حارس الحرية والطريقة الامريكية للحياة ."

ويقول فيسك ان والد احد الجنود في العراق كتب له بذلك مع التعليق "
" عقيدة المحارب لا تسمح بانهاء أي صراع الا بتدمير العدو تدميرا شاملا . فهو لايسمح بالهزيمة ولايسمح لأي شخص ابدا ان يوقف القتال وهذا ما يفسر حديث بوش عن "الحرب الطويلة " وهو لايقول شيئا حول تطبيق الاوامر او اطاعة القوانين او كبح الجماح. ولايقول شيئا عن الافعال المشينة .." وان مهمة الجيش الامريكي هو "تدمير العدو وليس هزيمته"

وفي الواقع هذه هي العقيدة العسكرية الامريكية : التدمير المفرط والانتقام البشع وصنع امثولة لتخويف الاخرين لئلا يفكروا في الوقوف بوجه العنجهية الامريكية، باستخدام احدث ابتكارات التكنولوجيا من اسلحة متفوقة. وتحدث المفارقة حين يكون "العدو" شعبا اعزل يعيش في قرى ومدن وقصبات ، وليس جيشا نظاميا ، ولهذا تصبح مدينة صغيرة مثل الفلوجة او مدينة وادعة مثل بعقوبة ميدان حرب عالمية ثالثة وتصبح منطقة عرب جبور وهي - جزء صغير من بغداد- قارة مناسبة للغزو مثل قارة افريقيا في اكبر عملية تضليل اعلامي شهدها التاريخ.

واليكم التفاصيل .

معركة بعقوبة التي اطلق عليها اسم (arrowhead ripper) وترجمها الاعلام – تواطؤا او جهلا – على انها (السهم الخارق) وصحيح الترجمة (عملية سفاح راس السهم) واروهيد (رأس السهم) هو اسم منطقة تقع في كاليفورنيا كانت موطن هنود سيرانو التي وصلها المبشرون (وهم مقدمات الاستعمار ) في عام 1776 وحين ثار الهنود ضدهم اقيمت فيهم المذابح ونشر بينهم في 1840 و1860 وباء الجدري فانخفض عددهم من 1500 الى 100 ثم بنى لهم الغزاة مستوطنة (معزل) في 1875 وبعد مائة سنة وحسب احصاء 1975 لم يزد هذا العدد عن 100 الا قليلا وفي احصاء عام 2000 كان عددهم 150 (تصوروا ان يعيش السكان الاصليون منذ تأسيس الولايات المتحدة حتى الان في معازل في حين ان منطقتهم بحيرة اروهيد اصبحت من المنتجعات الشهيرة التي يذهب اليها اغنياء امريكا لممارسة الرياضات والترفيه ) .

ولكن تسمية اروهيد للعدوان الامريكي على شعب ديالى والتي بدأت في 18 حزيران 2007 ، لا يحمل هذا المعنى المستقى من مذبحة الهنود الحمر فقط ولكنه ايضا يعكس معان تاريخية اخرى . فاسم العملية ذاته (سفاح رأس السهم) مقتبس بالنص من مصدرين اولهما كنية فريق القتال في اللواء سترايكر الثالث ، الفرقة مشاة الثانية التي كانت طليعة الهجوم فالاسم الذي يطلق على هذا الفريق القتالي هو (اروهيد) . اما (عملية السفاح) فمأخوذة من اسم هجوم كبير في الحرب الكورية اشتركت فيه فرقة المشاة الخامسة والعشرين مع فرقة المشاة الثانية نفسها ونتجت عنها تحرير سيئول من القوات الشيوعية. اذن لدينا هنا فرقة مجرمة اسمها اروهيد وعملية اكثر أجراما شاركت فيها الفرقة التي تنتمي اليها في الحرب الكورية.

اشترك في عملية بعقوبة 3 فرق و 3 الوية و3 كتائب و سرية واحدة
واشتركت الى جانب القوات البرية مروحيات مقاتلة من لواء الطيران الخامس والعشرين.

اسم العدوان على ديالى اذن يجمع بين (مذابح الهنود الحمر + اسم الفرقة المهاجمة والمستمد افتخارا من مذابح الهنود + اسم عملية ضد الشعب الكوري)

هل كان صدفة ان يقول بوش في خطاباته الاخيرة انه يريد وجودا امريكيا في العراق يشبه الوجود في كوريا ؟!

"عملية السفاح " عملية عسكرية خطط لها الجنرال ردجوي خلال الحرب الكورية وكان الهدف تدمير مايمكن تدميره من جيش التطوع الشعبي وجيش كوريا الشمالية وطردهما من سيئول ومدينتين محيطتين بها ولاحضار قوات الامم المتحدة الى الخط المتوازي 38. وقد جاءت العملية بعد (عملية القاتل) وهو هجوم لقوات الامم المتحدة انتهى في شباط 28 من اجل طرد القوات الشيوعية في شمال نهر هان .

اطلقت العملية في 7 مارس 1951 بعد اكبر عملية قصف مدفعي في الحرب الكورية . ورغم ان "العدو" تراجع ولكن لم يتم القضاء عليه لأن القوات الشيوعية كانت تتراجع قبل ان يحل بها الدمار . وفي نهاية مارس وصلت القوات الامريكية خط 38 واعتبرت هذا انتصارا.

اذن كل ما يرجوه جيش الاحتلال من عملية ديالى رغم كل التسميات المدمرة والفخمة ، هو هذا (الانتصار) الضئيل بتراجع "العدو" الى مكان آخر .

وفي نفس الوقت وفي استعراض آخر للقوة الجوفاء تحدث معركة عرب جبور . ويطلق عليها عملية مارن تورج .

والتسمية مستمدة من "عملية تورج" و هو الغزو البريطاني الامريكي لشمال افريقيا الفرنسية في الحرب العالمية الثانية خلال حملة شمال افريقية التي بدأت في 8 /11/1942 . وكان جنود من فرقة المشاة الثالثة قد حاربوا الى جانب زملائهم البريطانين وبخسارة قليلة تمكنوا من توفير مركز اضافي للحلفاء في شمال افريقيا .

وبدأت مارن تورج في جنوب بغداد في 16/6/2007 باسقاط 4 قنابل على مواقع مستهدفة لمنع "المتمردين" من دخول جنوب بغداد . هذه كانت بداية عملية هجوم كبيرة حيث دعمت الطائرات ثابتة الجناحين فريق قتال تابع للواء الثاني المكون من 1200 جندي والذين يتبعون فرقة المشاة الثالثة (نفس الفرقة في الحرب العالمية الثانية اعلاه) المكلفين بمهمة تأمين حزام الامان حول بغداد.

هدف العملية كما يقول الجيش الامريكي هو " هزيمة التمرد ومنع الملاذ للعدو ومنع عناصر ارهابية من التحرك من عرب الجبور الى بغداد".

وهي جزء من عملية اكبر اعلنها وزير الدفاع روبرت غيتس والجنرال ديفد بترايوس قائد قوات الاحتلال .

**

اذن جيش العدو الامريكي يعتبر كل حي من احياء العراق ميدانا يساوي قارة بمصطلحات الحرب العالمية الثانية ، فمنطقة عرب الجبور الريفية تساوي شمال افريقيا برمتها ، و لهذا تتطلب معركة مثل التي شارك فيها الجيش الامريكي والبريطاني لغزو تلك القارة . وبدلا من ضرب فرقاطات وغواصات العدو (النازي) ، دمر العدو الاميركي 17قارب صيد يستخدمه اهل عرب جبور فقطع رزقهم وقتل 4 اشخاص واعتقل 62 . هذه هي نتيجة هذه العملية (التاريخية) التي استمرت اربعة ايام و التي اصدر العدو بيانا عنها قال فيه دون خجل :

" ان قواته قتلت اربعة مسلحين واعتقلت 62 اخرين خلال عملية (تورج مارن) العسكرية بعد اربعة ايام من انطلاقها جنوب شرق بغداد.

وذكر بيان للجيش الامريكي وزع في حينه ان قواته تمكنت كذلك من تدمير 17 زورقا كان المتمردون يستخدمونها في عملياتهم المسلحة فضلا عن تدمير خمس عبوات ناسفة "

ياللمهزلة ! فقراء الصيادين يصبحون اهدافا لعملية بحجم عمليات الحرب العالمية الثانية ، ورجال المهام العتيدة يمرون على البيوت واحدا إثر واحد لاعتقال شباب في عمر حمل السلاح ، معلنين الانتصار على "الارهاب" .

بالضبط كما فعلوا قبل ايام حين استهدفوا سطح بيت عراقي ينام فيه اهله هربا من الحر وانقطاع الكهرباء ، فقنلوا الاسرة كلها ثم زعموا ان من كان على السطح هم ارهابيون اتخذوا نساء واطفالا رهائن .. والا كيف ولماذا يتواجد النساء والاطفال على السطح في ليلة صيف قائظ ؟


ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
22
سلسلة أطفال العراق... مستقبل العراق (3) الواقع الصحي وأطفال العراق
سعاد خبية

شبكة البصرة


أقرت اتفاقية حقوق الطفل في المادة (24) منها:
بحق الطفل في التمتع بأعلى مستو صحي يمكن بلوغه....(1)
والمقصود بالطفل هو الشخص الإنساني البالغ من العمر ثمانية عشرة عاما وذلك حسب ما أوردته اتفاقية حقوق الطفل في مادتها الأولى والتي كان العراق من أوائل الدول التي صادقت عليها المادة (1)"" لأغراض هذه الاتفاقية، يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.""
وقد عرف القانون العراقي الطفل بأنه الشخص الإنساني الذي لم يتجاوز السابعة عشرة عاما فقط

الوضع الصحي العام في مرحلة ما قبل الاحتلال
في تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية صدر في عام 1989 أشادت فيه المنظمة بالمستوى الصحي الجيد في دولة العراق واعتبرته من الدول المتقدمة في هذا الجانب ,
فقد كانت الميزانية المخصصة للرعاية الصحية في الفترة السابقة للحصار أي في 1989وماقبل , تبلغ (550) مليون دولار تشمل الإنفاق العام على جميع النواحي الصحية.
أما في الفترة اللاحقة لحرب الخليج الثانية والمتمثلة بفترة الحصار فبلغ إجمالي ما توفره مذكرة النفط مقابل الغذاء بما يخص مسألة الإنفاق الصحي الشامل في دولة العراق فهي (26) مليون دولار سنوياً فقط أي مقابل 550 مليون $كانت تصرف فيما سبق؟؟!!

المراكز الصحية العامة الموجودة في دولة العراق :
تعرضت المؤسسات الصحية العراقية إلى عملية إفقار منظم في جانب المعدات الطبية والعلاجات والأدوية البسيطة والأساسية خلال فترة الحصار وقد أشارت تقارير دولية كثيرة إلى هذا السلوك الدولي تجاه العراق, مما مهد لانهيارها بشكل كامل وسريع جدا بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003. لقد كان العراق في فترة العقدين الأخيرين ما قبل الحصار , يسير بخطوات واضحة على طريق تطوير واقعه الصحي عبر الاهتمام بالمستشفيات ,وتأهيل كوادر طبية متخصصة , واستقبال خبرات من مناطق مختلفة من العالم لرفد وتطوير واقعه الصحي ,فكانت المشافي تعج بالأطباء والممرضات من جنسيات مختلفة ,منهم العراقيين والعرب والغربيين والفيليبين والبنغال وووو....ينتشرون في المراكز الصحية والمستشفيات التي بلغ عددها في بغداد وحدها 78مستشفى , وكانت مجهزة بالمعدات الطبية المتطورة وبكافة المستلزمات الأخرى تأتيها من كافة دول العالم المتقدم لاستقبال المرضى والعناية بهم. كما تسارعت الخطى على طريق تأسيس معامل الأدوية المتطورة ومعامل إنتاج اللقاحات (معمل إنتاج مصل الحمى القلاعية والتي كانت تعتمد على إنتاجه حتى بعض الدول الغربية لسد حاجتها من هذا المصل ,هذا المعمل الذي تم إغلاقه من قبل لجان التفتيش كما أغلقت جميع معامل الأبحاث العلمية المتطورة الأخرى؟؟!!. ومن خلال زيارة خاصة لهذا المعمل أتاحتها ظروف ما قبل الاحتلال للباحثة تمت رؤية أنقاض هذا المعمل عن كثب,والحقيقة لايمكن نسيان ذلك الشعور الأليم لحظة رؤية هذا الصرح العلمي والصحي الكبير وقد تحول إلى أطلال دارسة تزورها الوفود للتأكد من سريان الحصار والإغلاق على تلك الصروح العلمية التي طورها العراق في المرحلة السابقة للحصار)(2)
وبالعودة للحديث عن وضع المراكز الصحية في فترة الحصار فقد تغير حالها كثيرا فالمشافي التي كانت تملأها رائحة الحياة والصحة والحداثة والنظافة(بحسب أطباء ومواطنين عراقيين) أصبحت شكل خارجي دون محتوى ,فالأبنية متصدعة لا تصل إليها إلا المياه الملوثة، الأدوات الطبية متهالكة يتم العمل بمعظمها دون تعقيم لا يوجد أَسِرة حديدية جيدة.. يحضر المريض ومعه سريره الخاص به أو فراشه إن أمكن له ذلك أو يشارك غيره في سرير واحد.. المصاعد والمكيفات معطلة، الأسقف والشبابيك تتدلى منها القاذورات، معظم المواد الطبية ثنائية الغرض ممنوعة بمقتضى العقوبات(القرار 1051)، فأجهزة القلب والرئة والأشعة، وحاضنات الأطفال الخدج، وعربات الإسعاف،كلها ممنوعة على العراقيين خشية الاستخدام المزدوج؟؟ّّ!!.. أما الأدوية مثل المضادات الحيوية والمسكنات وأدوية التخدير والعلاج الكيميائي وكثير من التطعيمات بل ومواد معامل التحاليل (التي قلت كفاءتها بنسبة 68.6% كما ذكر رمزي كلارك من "المركز الدولي للتأثير" في تقريره لسكرتير الأمم المتحدة في نوفمبر 99) فهي محظورة بقرار مجلس الأمن ""كي لا تتحول في العراق إلى أسلحة بيولوجية أو كيميائية ""، حتى الأدوية العادية المنقذة للحياة من محاليل الجفاف إلى الأنسولين..و السرنجات والقفازات عادة غير متواجدة وحسب الإمكان تغسل ويعاد استخدامها.(3)
مضافا إلى كل ذلك انقطاع الكهرباء المتواصل، وندرة المولدات مما أثر بشكل كبير على الرعاية الصحية في البلاد خاصة العمليات الجراحية التي انخفض عددها بنسبة 70% تبعاً لنفس المصدر السابق(3)، وهذه العمليات التي تجرى يُضطر الأطباء في بعض الأحيان إلى إجرائها بدون بنج، فكثيراً ما تسمع في أروقة هذه المستشفيات صرخات الألم الموجعة.
أما الأطباء والممرضات فرجع كلٌّ إلى بلاده. و الممرضة الآن هن أم الطفل المريض نفسه أو جدته أوو.. تحضر ومعها الطعام والمياه المغلية ويشرفون على أعمال التمريض الخفيفة.
وكثير مكن الأطباء الذين تَلقى الكثير منهم دراسته في أمريكا وبريطانيا.. رواتبهم لا تتعدى 2-4 دولار شهريًّا! ويشتركون في نُسخ متهالكة من الكتب الطبية القديمة.. فلا يوجد بحث علمي.. ولا إنترنت.. بل إن بعضهم يُضطر للعمل كسائق تاكسي مساء لتلبية الاحتياجات الأسرية، كما ذكر ريتشارد ماكدويل الصحفي في جريدة "جزيرة الأرض" عام 1998(4)

انتهاك حق الطفل العراقي في الصحة والرفاه والرعاية

الأمراض السارية والإصابات.
ارتفعت نسبة الإصابات المرضية بشكل عام بين الأطفال دون سن خمس سنوات من (37)حالة قبل الحصار إلى (254)حالة في كل ألف طفل في الفترة الممتدة بين (1990-2000)
وقد ظهرت لأول مرة في العراق أمراض مثل السعال الديكي والحصبة والكوليرا وشلل الأطفال والجرب وغيرها كالآتي:
شلل الأطفال عام 1998 بلغ 18 حالة بعدما سجلت حالتان عام 89 19
الكوليرا من لا شيء عام 1989 إلى 2560 في 1998
الجرب من لا شيء إلى 43,580 حالة في 1998
السعال الديكي زاد 3 - 4 مرات
الحصبة زادت 4 - 5 مرات (25.818 حالة)
الغدة النكفية زادت 3 - 7 مرات (35,881 حالة
الأميبيا زادت 5 - 13 مرات في عام 1989
التيفويدارتفع 9 - 10 مرات (19,825 حالة)(3)

وفيات الأطفال في فترة الحصار
ذكر تقرير لوزارة الصحة العراقية بتاريخ 2/8/2002م أن هناك ما يقارب (719 ـ 1.261) طفل ماتوا ما بين عامي 1990 ـ 1999م،
أي أن عـدد الوفيات بين الأطــفال بلغ مابين مليون إلى مليون ونصف طفل خلال 13 سنة وهي فترة الحصار كنتيجة لجهود الولايات المتحدة وحلفائها "لمُسَاعَدَتهم"" وقد حاولت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد جورج بوش الأب أن تبرر ذلك عندما سُئلت عن إن الأطفال الذين ماتوا في العراق خلال العقوباتِ هم أكثر مِنْ الأطفال الذين قُتِلوا في هيروشيما، أجابتْ:

}} نعتقد بأن النتيجة تستحق كل ذلك؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!{{

نعم النتيجة تستحق.فقد ارتفع معدل وفيات الأطفال بعد 95 إلى ستة أضعاف ماكان قبلها!!

أسباب ارتفاع نسبة الوفيات في فترة الحصار
ارتفعت نسبة الوفيات من الأطفال العراقيين في فترة الحصار نتيجة للتراجع العام والكبير في المستوى الصحي العام فقد ازدادت وتوسعت نسبة الأمراض المهلكة والمميتة كالتالي:
ازدادت نسبة الوفيات بسبب الإصابة بمرض (التهاب الكبد الفيروسي) بنسبة (45%)، وأصبحت الوفيات تشكل نسبة 100% للمصابين به
بالنسبة للأطفال دون سن الخامسة يعد السبب الرئيسي للوفاة هو الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والإسهال والقرحات والتهاب الأمعاء وسوء التغذية.وذلك خلال الفترة من 1990 ـ 2000
أما بالنسبة لوفيات المواليد الجدد فارتفعت نسبة وفياة المواليد من 40 وفاة من أصل ألف ولادة في العام 1989 إلى 108 وفاة من أصل ألف ولادة. عام1995 ذلك لعدم توافر الكثير من الضرورويات كالمعقمات وحليب الأطفال والماء النقي و حاضنات الأطفال الخدج وغيرها... وتسارع انتشار الأمراض المعدية و الأورام والتي كان بالإمكان معالجتها لو توافرت المواد المضادة للجراثيم أو لو أجريت العمليات الجراحية سريعاً.
أما الأطفال فوق الخامسة فالسبب الرئيسي للوفيات ضمن هذه الشريحة هو أمراض القلب وضغط الدم والسكري وأمراض الجهاز البولي والكبد والأورام.. ويصل تعداد الوفيات بين الأطفال من 5 إلى 6 آلاف طفل في الشهر الواحد ذلك حسب تقرير لليونسيف (6)
أما ارتفاع نسبة الوفيات في المستشفيات لعدم توفر العلاج والمعدات الطبية فتبلغ (30%) بين البالغين، و(70%) بين الأطفال. وكان العراق قد طلب خلال الفترة من 1997 ـ 2002م استيراد أغذية وأدوية ومعدات طبية بقيمة (35) مليار دولار، وصل منها فعلياً (23) مليار فقط، ورُفضت طلبات قيمتها (5) مليارات دولار وذكرت مصادر دولية إن مستوى العناية الطبية في العراق انخفض إلى أقل ما كان عليه قبل 1995.وفي حديث مع أحد العراقيين ممن كان على مقربة من المطبخ الصحي البائس في فترة الحصار ,فتحدث عن جهود وزارة الصحة العراقية في مسألة تأمين بعض الأجهزة الضرورية للحفاظ على الحياة وبعض الأدوية والمستلزمات الطبية والتي كانت ممنوعة بمقتضى ""القانون الدولي "" وذكر بألم الصعوبات البالغة والعراقيل الكبيرة التي كانت تقف أمام الوزارة بغية تأمين مستلزمات طبية تعد بسيطة في أماكن أخرى من العالم باستثناء دولة العراق!!. فقد تم تأمين شحنة من لقاح شلل الأطفال كانت قد تبرعت بها إحدى المنظمات الإنسانية للعراق وكما هو معلوم فإن لهذه اللقاحات فترة صلاحية محدودة تنتهي بعدها فعاليتها وكان من المفترض أن تدخل عبر ممر الأردن إلى العراق بعد فحصها من قبل اللجنة(661)التي تعطي إذن السماح بدخولها إلى العراق ()ونتيجة للإجراءات المعقدة والطويلة وللإهمال المتعمد أحيانا من قبل اللجنة والسلطات المختصة. فقد انتهت فترة صلاحيتها قبل الإفرج والسماح بدخولها إلى العراق. وقد أتلفت الكمية وحرم منها الأطفال وهي تساوي ملايين الدولارات وذلك أمام أنظار وانتظار الجميع.

ومن الشهادات العينية شهادة خاصة للباحثة من خلال زيارة ميدانية قامت بها لإحدى مشافي الأطفال في العراق وهي""مشفى صدام المركزي للأطفال"" بحي الإسكان قبيل الاحتلال بمدة قصيرة وكانت الصورة حقيقة تتحدث عن نفسها تسمعها أنظارنا الشاخصة إلى المأساة قبل آذاننا. وكان أكثر ما لفتني أثناء تلك الزيارة لقسمي الأطفال الخدج وقسم اللوكيميا ,هوالأطفال الخدج وهم في خيامهم المسماة حاضنات وهي لا تشبه الحاضنة إلا ببعض التفاصيل البسيطة فكانت مستهلكة قديمة معظمها انتهت فترت صلاحيتها منذ سنوات ترى داخل الحاضنة الواحدة طفلين أو ثلاثة أحيانا ولكن لا بديل.أما القسم الأكثر مأساوية فهو قسم الأطفال المصابين باللوكيميا فقد كان أكثر من مؤلم. فمن الناحية الشكلية كان المكان كئيبا فقيرا رمادي اللون وأنت تحتاج كناظر إلى المكان التركيز فيما حولك لتتأكد من أن هذا المكان يفترض أنه مصح للأطفال؟؟!! فلا ألوان ولا نظافة ولا أي مقوم إيجابي لمرفق صحي من المفترض أنه سيزرع الأمل ويجلب الصحة ويهب الحياة لزائريه وقد تحدث مدير قسم الأطفال في المستشفى الدكتور واثق ألحديثي عن افتقار المشفى حتى لأبسط الأدوية والمعدات الطبية وتحديدا أدوية علاج اللوكيميا على اختلافها بالرغم من الأعداد الكبيرة للمصابين كذلك الحاجة إلى عبوات الأكسجين النقي وقد رأينا في إحدى غرف المشفى طفل بحالة اختناق يحتاج إلى أوكسجين نقي وهو غير متوفر في المستشفى. بالرغم من أن العراق كان يمتلك عدة معامل لإنتاج وتعبئة الأكسجين النقي إلا أنها أغلقت كلها بعد الحصار. والحقيقة لا يزال صراخ طفل صغير يدوي في أذني وهو يطلق صرخات الاستغاثة والتوسل في أثناء إجراء عملية خياطة لجرح كبير في إحدى ساقيه دون تخدير للجرح, وقد ذكر أحد الأطباء أن كثير من العمليات تتم بدون تخدير"" وحدثنا أنه قد أجريت عملية قيصرية لسيدة حامل مؤخرا في مشفى التوليد بدون تخدير نظرا لسوء حالتها وعدم إمكانية الانتظار أكثر لما في ذلك من تهديد لحياتها وحياة جنينها "" أما عن هؤلاء الملائكة الصغار فكانت عيونهم مطفأة ونظراتهم باردة دون حياة تراهم متأكدين أن الرحلة قاربت على نهايتها فلا علاج فعلي لهم في هذا المصح وليس هناك أمل من خروجهم للعلاج في الخارج لعدم وجود الإمكانية المادية لذلك ولصعوبة الخروج من العراق.وقد أردف الطبيب متهكما : يوميا عندنا مغادر ((إلى المقبرة))فمن أين يمكن للفرحة أن ترفرف في هذا المكان؟؟.
الحقيقة اعتراني كمراقبة إحساس أشعرني بعجز إنساني مخزي عندما غمرتني إحدى الأمهات وبكت بحرقة وهي تسلم علي وتضمني وقد ظنت بأنني سأقدم عونا طبياً ما لطفلها الذي يحتضر أمامها جراء إصابته بنوع من السرطانات ولكني أخبرتها بأنني مجرد مراقبة لهذه المأساة أستطيع أن أطلق صوتي على الملا بتفاصيل المأساة وليس أكثر. وكم كان الموقف صعباومخزيا""للضمير الإنساني الذي شاركني جميع من كان يرافقني بأنه رآه راقدا على إحدى الأسرة في هذه المستشفى البائسة وهوفي حالة موت سريري معلن ""
وبالعودة إلى الموقف المخزي عندما قام أحد الأشخاص المتعاطفين الذين يرافقوني وقد أحب أن يرسم ولو بسمة صغيرة على شفاه ذلك الطفل فقام بتقدم لعبة له ولكن الطفل لم يعبأ حتى بالنظر إليها بل أدار وجه عنا وعنها وغرق في عالمه الكئيب الخاص. هذه مشاهداتي من داخل مشفى للأطفال في عراق الحصار الدولي اللإنساني.

الوضع الصحي فترة ما بعد الاحتلال
كان عدد مستشفيات العراق فترة ما قبل الاحتلال 217 مستشفى و 1394مركز صحيا و402 عيادة طبية ,كما بلغ عدد الأطباء الاختصاصين والممارسين 17532وبلغ عدد العاملين بمجال التمريض في القطر 25043 (7) هذه الأرقام اعتمدت إحصاء أعداد العاملين في فترة ما قبل الغزو, وقد اختلفت هذه الأرقام كلية منذ تاريخ 9\4\2003 تماشيا مع اختلاف الأحوال على الأرض فقد تم قصف وتدمير العديد من المستشفيات والمراكز الصحية وإزالتها بشكل كامل.وقد قتل عدد كبير من العاملين فيها إضافة إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين فيما بعد تماشيا مع القوانين الجديدة وتابعت خسائر القطاع الصحي البشرية ازديادها مع تفاقم تدهور الوضع الأمني وفي تقرير لصحيفة الاندبيندت في عددها الصادر يوم الجمعة 19 / 1/ 2007 ذكرت فيه بأن 50 % من مجموع الأطباء العراقيين تركوا العمل إما نتيجة استهدافهم بشكل متعمد وقتلهم أو وفاتهم نتيجة العمليات العسكرية أو هروبهم نتيجة أعمال التهجير أو التهديد ومنذ عام 2003، تعرض ما لا يقل عن 100 طبيب للقتل وتم اعتقال ما يزيد عن 250 طبيب من جميع أرجاء البلاد. (8) كل ذلك أمام مرأى ومسمع قوات الاحتلال وهو ما يعد خرقا لاتفاقيات جنيف التي تلزم قوات الاحتلال (الولايات المتحدة وبريطانياوحلفائهما) بصفتها قوات محتلة بحماية حياة المدنين وتأمين المراكز الصحية والعاملين فيها وحمايتهم ففي اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب
المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949المادة (2)التي تقول""...تنطبق الاتفاقية أيضا على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، "" وفصلت ذلك في المواد (18-19-20-فيما يتعلق بمسألة الحماية الواجبة للمستشفيات والموظفين المتخصصين لتشغيلها وإدارتها والعاملين الطبيين فيها
كما ورد تفصيل ذلك في المادة (8) من البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية
في فقراته(هه,و,ز,ج)والمتعلقة بحماية الوحدات الطبية وأفراد الخدمات الطبية والنقل الطبي ووسائط النقل الطبي والمركبات الطبية.. هذا وقد تحدثت التقارير عن مقتل 618موظفا ضمن ملاك وزارة الصحة العراقية حتى 2006 , وفي العام 2007 تم استهداف الكثير من موظفي القطاع الصحي نتيجة عمليات التطهير الطائفي وعمليات القتل العشوائي مما سبب فراغا كبيرا وتدهورا يضاف إلى الأسباب الآنفة الذكر. وقد مارست قوات الاحتلال سلوكيات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني وذلك باستهدافها المشافي والمراكز الصحية والعيادات الخاصة وسيارات الإسعاف (9)
فقد قامت هذه القوات باحتلال المشفى الرئيسي لمدينة الفلوجة واعتقال المرضى والأطباء فيه وقصف المستشفى الثاني في حي نزال لمرتين وقتلت عدد من الأطباء والعاملين والمرضى وتم تدمير جميع مخازن الأدوية والمعدات. و استهداف سيارات الإسعاف وضربها وجاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية. ذكرت فيه أن عشرين من الموظفين الطبيين وعشرات من المدنيين العراقيين الآخرين في الفلوجة قد قتلوا عندما ضرب صاروخ عيادة طبية في 9 نوفمبر/تشرين الثاني) (9)وذكر بيان لهيئة علماء المسلمين يحمل رقم 331 نشر على موقعها الإلكتروني
أن مستشفى الرمادي تعاني من نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى فضلاً عن هجرة الكوادر الطبية إلى خارج المدينة بسبب القصف العشوائي من الطائرات، 31\10\2006والمداهمات والاعتقالات العشوائية وحالات القنص
وتعاني المشافي العراقية عامة من نقص حاد في الأجهزة الطبية و المستلزمات والاحتياجات الأساسية والأدوية الضرورية ومن عراقيل مختلفة تحول دون السماح بدخولها وعن الدكتورة ميسان عبد الرحمن- طبيبة أطفال متخصصة في مستشفى الطفل التعليمي ببغداد- إن النظام الصحي في البلاد آخذ في التفتت. وأن استمراره يعود فقط إلى دعم كل من اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية. لكن هنا حاجة ملحّة إلى المزيد من الفعل في ظروف موت مئات الأطفال بسبب أمراض بسيطة يمكن معالجتها بسهولة في حالة توفر الأدوية المناسبة مثل الإسهال وذات الرئة (10).
ويمكن تبين جزء من الحالة العامة لوضع المشافي من خلال بعض نداء ات الاستغاثة وطلب العون التي توجه من قبل بعض المشافي والأفراد للمنظمات الإنسانية فقد وجهت المستشفيات العراقية في المنطقة الغربية من العراق نداء استغاثة نشره موقع الرابطة العراقية جاء فيه ((هناك غياب تام لأدوية الأمراض المزمنة، كارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والذبحة الصدرية والجلطة الدماغية. نرجو من الهيئات الإغاثية إيصال ما يستطيعون من هذه الأدوية بأقصى سرعة. تحذير" تسليم المواد الطبية إلى وزراة الصحة العراقية يعني سرقتها، نسقوا مع الرابطة العراقية لإيصال المواد إلى المستشفيات مباشرة "!))(11)

أما وضع مشافي المنطقة الجنوبية فقد قالت الناطقة باسم منظمة "أنقذوا الأطفال من الحرب" ماري فرنانديز في تقرير نشرته البي بي سي عرضه موقع أمان في 4\2006تصور فيه وضع مشافي مدينة البصرة إن مشافي مدينة البصرة تعاني نقصا في عدد من الأدوية الأساسية كما تعاني من نقص في أجهزة التنفس الخاصة بمساعدة المواليد الجدد على التنفس ونتيجة للنقص في عدد الممرضات تسمح المشافي لذوي المرضى بالاهتمام بهم أثناء وجودهم في المشفى. وقالت فرنانديز إن مشفى التوليد والأطفال لم يتلق أية أدوية خاصة بأمراض السرطان منذ ثلاث سنوات من وزارة الصحة العراقية.
ويقول الناطق باسم منظمة "حافظوا على حياة الأطفال" العراقية المستقلة خالد علاء حسن كلما طالب مسؤولوا المشفى الوزارة بتوفير هذه الأدوية يكون الرد لا توجد اعتماد ات
وفي احتجاج على هذه الأوضاع أعلن العاملون في جميع مستشفيات البصرة اعتصامهم ابتدءا من 12 / 3 ولغاية 1 / 4 / 2007 وذلك من أجل تنفيذ مطالبهم التي تتلخص بمنح كافة ذوي المهن الصحية والعاملون في مستشفيات البصرة بمخصصات الخطورة وكذلك شمول ذوي المهن الصحية بالدرجة الوظيفية التي أعطيت للإداريين و صرح السيد طارق زاير مسؤول نقابة ذوي المهن الصحية في مستشفى الفيحاء قائلاً: لقد نفد صبرنا بعد وعود كثيرة أعطيت لنا بأن مطالبينا ستنفذ وإحدى هذه الوعود مع الأسف من السيد رئيس الوزراء السابق الدكتور الجعفري.
وأضاف : أننا نعاني من أوضاع صعبة جداً بل فقد بعضنا حياته جراء الإصابة بالأمراض المعدية من المصابين الراقدين في مختلف مستشفيات البصرة.. إن رواتبنا محدودة جداً وكثير من العاملين على الملاك المؤقت لا يتم تثبيتهم على الملاك الدائم وتصادر حقوقهم بذلك وأكمل: ليس هناك قطع أراضي وليس هناك سلف ولا مخصصات نقل نحن باعتصامنا نطالب بحقنا ولا نريد أضرار أهلنا في بصرتنا الحبيبة(12).
وفي حديث لطبيب عراقي يعمل في المدينة الطبية في بغداد وهي تجمع للمستشفيات التعليمية الرئيسية في العراق
منذ عام كان لدينا 11 طبيبا متخصصا في وحدة المسالك البولية ونحو 40 طبيبا مقيما والآن لدينا ثلاثة أطباء متخصصون وما لا يزيد عن تسعة أطباء مقيمون فبسبب تعرضهم للكثير من الضغوط، فإنهم يتقدمون بطلبات للعمل في مستشفيات أخرى في مناطق أكثر أمنا إن وجدت أو يهاجروا إلى الدول المجاورة يوجد حراس على مداخل المشفى والمجمع السكني الخاص بالأطباء يحاولون حماية الأطباء إلا إننا نخشى أن يكون بعض أفراد الميليشيا من بينهم.
هذا لايعني أن جميع المستشفيات تعيش الحالة نفسها بل هناك تفاوت مابينها مرتبط بعوامل مناطقية وطائفية وحزبية ففي مدينة مثل بغداد يعتبر وضع المراكز الصحية مزريا فالمدينة مقسمة جغرافيا حسب التقسيم الطائفي والتوجه السياسي تحكمها ميلشيا وجماعات مسلحة وتعتبر سيطرت الحكومة ضعيفة وتتهم بأنها منحازة لبعض الجهات المسلحة وتشكل لها نوعا من الغطاء , أما قوات الاحتلال فهي لاتقوم إلا بما من شانه حماية وجودها دون أن تعبأ بحال العراقيين كبارا أو أطفالا مما كان له كبير الأثر السيئ على حالهم ففي بغداد تتركز معظم العمليات العسكرية والتفجيرات والمفخخات وحالات القتل والتصفيات مما يجعل الضغط على مستشفياتها كبيرا جدا دون أن تستطيع استيعابه لذلك فأعداد الجرحى في تزايد يومي وقد أصبح عمل المشافي مركزا في هذا الجانب وقد قال احد الأطباء العراقيين نضطر إلى استقبال الجرحى بأي أعدد حتى في ردهات المشفى وممراتهاوهذ كله مما يجعل عمل المشافي مقتصرا على الحالات الإسعافية ويغلق الباب أمام استقبال حالات مرضية أخرى مهما كانت أما العيادات الخارجية فمعظمها مغلقة لأسباب ورد تفنيدها ضمن السياق

إن تردي الوضع الأمني واستفحال الإنقسامات الطائفية وغياب هيبة الدولة ومرجعية القانون وتحكم ميليشيات حزبية وجماعات مسلحة بمجمل الوضع قد فاقم المشكلة بشكل مطرد
وقد تحدثت وسائل إعلام متعددة عن سوء أوضاع المشافي العراقية من الناحية الأمنية وإن كثيرا من المرضى يتعرضون دون تمييز كبارا و صغارا إلى القتل على يد ميليشيا طائفية تسيطر على معظم مشافي بغداد وقد اعتقلت القوات الأمريكية على إثر تلك الأحداث وكيل وزارة الصحة العراقي والذي يعتبر ممثل الحكومة لجهة الصحة بعد اتهامه بجرائم تتعلق بتصفية بعض المرضى على أسس طائفية وسياسية.إن هذا الحديث المطول عن تردي حال المشافي يجعلنا نتساءل عن مكان الطفل فيها وعن الإمكانيات المتاحة للاهتمام بصحته وعلاجه ضمن هذه المعمعة.وفي حديث خاص لأحد الإعلاميين العراقيين د. علي أن أحد أولاده أصيب أمام منزله في بغداد وقد خيطت جراحه وبعد شفاءه أراد إزالة الخيوط عن الجرح فتوجه إلى مشفى اليرموك وعندما بدأ طبيب بإزالتها دخلت المشفى أعداد كبيرة من المصابين القتلى والجرحى نتيجة انفجار سيارة مفخخة مما جعل الطبيب يترك الطفل ونصف الخيوط لم تنزع وكان الموقف لا يحتمل حتى أن يطلب والده من أحد في المشفى أن يتم العمل فأخذ ولده وغادر بصمت.
وفي مناطق أخرى غالبا جنوبية من التي تظهر واضحة عليها سيطرة أحزاب لها مكانتها في الحكومة الحالية فأوضاع المشافي فيها مختلفة تماما حتى أن بعضها مصاب بالتخمة الدوائية من كثرة ما يصل إليها من مخصصات وقد حدثني د.علي أنه زار مشفى في مدينة العمارة وكان يعاني من بعض الاضطراب في القولون فأعطاه الطبيب بطاقة مجانية وصف له فيها أربعة أدوية ليصرفها من صيدلية المشفى مجانا وهي أدوية معلوم أن أسعارها عالية وجميعها توصف لنفس الغرض أي أنها بدائل لبعضها يمكن الاكتفاء بواحد منها فقط
وعندما قال المريض لا احتاجها كلها رد الطبيب إذا لم تحتاجها ""ارمها!!"".مع العلم أم مناطق أخرى تفتقر إلى هذه الأدوية بصورة كبيرة
إن قسما كبيرا من مخصصات المشافي يذهب إلى مشافي خاصة أو عيادات خارجية أو تباع في السوق السوداء وإلا فكيف ويمكن رؤيتها بكل بساطة تباع الأرصفة مثل مواد التخدير وأكياس الدم ولقاحات الأطفال وعليها ختم وزارة الصحة العراقية وهي من مخصصات المشافي تحديدا
أما فيما يتعلق بالمساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية للمشافي العراقية والتي لم يبقى منها في العراق أي منظمة عاملة على الأرض بعد استهدافها بالتفجير أو استهداف العاملين فيها بالقتل أو الاختطاف ولكن قسما قليلا منها يعمل عن طريق مكاتبه في عمان أو بعض الدول المجاورة الأخرى ولكن يبقى عملها محدودا جدا كمنظمة اليونيسيف والهلال الأحمر الدولي التي تتعامل مع الهلال الأحمر العراقي ولها فروع في العديد من المحافظات ولكنها لا تستطيع وهذه الحال تقديم ما يكفي من الدعم لكل المحتاجين وخاصة من فئة الأطفال وهناك منظمات أخرى تقدم مساعدات وتدخلها عن طريق قوات الاحتلال أو الحكومة العراقية أو بعض الوجهاء أو شيوخ العشائر ولكن يبقى وصول مساعداتها مرتبط بمزاجية هذه الجهة أو تلك وبطريقة تعاملها كونه لا توجد أي رقابة لطريقة توزيع وإيصال هذه المساعدات.
فقد تحدثت مي الدفتري رئيسة مؤسسة جمعية العون الطبي لأطفال العراق، عن سوء تعامل قوات التحالف مع المساعدات الطبية التي أرسلتها الجمعية إلى مستشفيات العراق، وعن سوء الأوضاع الصحية في هذا البلد المعذب والمحتل. وأشارت إلى انه منذ نهاية الحرب في العراق أرسلت المؤسسة ثلاث دفعات من المساعدات الطبية لمستشفيات الأطفال. وقد تم تسليمها إلى المسؤول الطبي البريطاني في قوات التحالف وقد أعطى إيصالاً بتسلمها ثم أكد إتمام توزيعها على المستشفيات. وتبين لاحقاً أن الحقيقة كانت مخالفة لذلك. إذ أن عملية توزيع هذه المواد استغرقت شهرين مما أدى إلى فقدان كميات كبيرة من الأدوية وأدوات الجراحة والكراسي الطبية، وإن تقديرات الخسارة بلغت حوالي نصف الشحنة. ولما استفسرت عما جرى لم تتلق أي رد).إن سرد ذلك الواقع المرير لوضع المستشفيات العراقية والنقص الحاد في القوى الطبية البشرية سينعكس بشكل مدمر على الواقع الصحي للطفل العراقي

كما جددت المنظمة الدولية للصليب الأحمر نداءها إلى أطراف النزاع في العراق كافة، من أجل وضع حد للاستهداف المتعمد للمدنيين وحمايتهم، وحثت على احترام وحماية أفراد الخدمات والمرافق الطبية.
ومن الجدير بالذكر أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر موجودة في العراق منذ عام 1980, وللجنة حالياً تواجد ميداني في وسط وجنوبي وشمالي العراق. ما زالت ملتزمة بتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في البلاد بالرغم من تدهور الأوضاع الأمنية وانتشار العنف مما أثر بشكل بالغ على قدرتها على تأدية مهامها كاملة.

وقالت رباب الرفاعي الناطقة الإعلامية باسم المنظمة إن مساعدات الطوارئ التي تقدمها اللجنة الدولية لا يمكن أن تساعد إلا في تخفيف العبء الملقى على عاتق المرافق الصحية العراقية والعاملين في المجال الطبي.ولا تحل المشكلة بشكل حقيقي

وأضافت في بيان لها "تبدو بغداد وكأنها في حالة طوارئ دائمة مع الهجمات التي تحدث يومياً... إننا نبذل كل ما في وسعنا لمواجهة سيل المصابين بالوسائل المتوفرة لدينا، وتبقى الردهات الجراحية في المستشفيات دائماً مشغولة، فيما ظروف العمل صعبة للغاية".(13)

سوء التغذية
ظهر كنتيجة طبيعية للحصار وحرب العقوبات التي فرضت على الشعب العراقي ابتدءا من 1990وما سببه من كوارث على المستوى الصحي بالنسبة لأطفال العراق فقد ذكر تقرير لوزير العدل الأمريكي السابق أن مرض سوء التغذية يصيب واحدًا من كل أربعة أطفال في العراق تحت سن الخامسة، بل إن 90% من المواليد منذ عام 90 أقل من الوزن المطلوب.. وتبلغ نسبة وفيات المواليد في العراق بذلك أعلى نسبة وفيات مواليد في العالم.. ويرجع السبب أيضاً إلى وضع الأم الحامل الصحي والتي تعاني هي الأخرى من سوء التغذية وفقر الدم الحاد.
حالات سوء التغذية (فقدان الفيتامينات والبروتينات) فترة الحصار
حالة 96.859 1990
(بزيادة 9.8 مرات) 947.974 1991
(بزيادة 16.4 مرة) 1576.194 1994
(بزياده 19.7 مرة) 1910.308 199

وفي تقرير نشر في 13 سبتمبر/ أيلول ذكرت منظمة الأغذية والزراعة أن حصص الغذاء الموجودة -إلى جانب المشتريات الغذائية من الأسواق- قد حالت دون حدوث مزيد من التدهور في أوضاع التغذية، إلا أنها لا تكفي وحدها لإيقاف التدهور. وخلصت المنظمة إلى أن سوء التغذية الحاد الذي يعاني منه الأطفال دون سن الخامسة لم ينخفض إلا بدرجة طفيفة عن النسبة المسجلة عام 1995 وهي 12%. كما خلصت إلى أن 800 ألف طفل على الأقل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية بصورة مزمنة

أما في المرحلة التالية للاحتلال فيُعاني أطفال العراق من المستويات المخيفة نقص/ سوء التغذية، حسب المختصين. فبحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء مسح 2004ان 1.9 من أطفال العراق يعانون من سوء تغذية حاد أعلاها في القادسية 5.6وإن 5.6 منهم يعانون من سوء تغذية معتدل أعلاه في المناطق الجنوبية 6.7 وبخاصة في محافظة القادسية إذ يبلغ 11.6
وحسب وكالة الأمم المتحدة للأطفال- اليونيسيف UNICEF، إن واحداً من كل عشرة أطفال عراقيين دون الخامسة مصابون بفقدان الوزن، وأن واحداً من كل خمسة أطفال هم دون الطول الطبيعي لأعمارهم. وهذا يعني أن 4.5 مليون طفل في البلاد يُعانون من سوء التغذية.
لكن هذه الظاهرة تُجسّد جانباً من المشكلة فقط، حسب - موظف الارتباط في اليونيسيف- مركز دعم العراق- عمان ISCA. "الكثير من أطفال العراق يُعانون من (جوع خفي- نقص الفيتامينات والمعادن اللازمة لاستكمال بناء الجسم وتطوير بنية الطفل فيزيولوجياً وفكرياً."
ويصعب قياس النواقص، لكنها تؤدي بالطفل نحو مزيد من الرخاوة/ الضعف، وتُسهل احتمال إصابته بالمرض في مرحلة بداية دخوله المدرسة."الرضاعة الطبيعية في العراق منخفضة جداً بالمقارنة مع بقية دول المنطقة، وتشكل فقط 12%، وفق مسح سابق تم تنفيذه قبل عدة سنوات مما يدفع لاستخدام الغذاء البديل/ الرضاعة الصناعية، بما يؤدي إلى مخاطر إصابة الطفل بالأمراض مثل الإسهال وذات الرئة. وهذه الأمراض بدورها تُفاقم سوء التغذية. ويُشكل الإسهال خطراً رئيساً في غياب الماء النقي والوسائل الصحية
في 12 أيار (مايو) 2005 نشر تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أوضاع مأساوية يعيشها الطفل العراقي. 18% من الأطفال العراقيين يعانون من سوء التغذية، 8% من سوء التغذية الحاد 23% من سوء تغذية مزمن
. كانت مؤشرات التغذية تقليدياً الأكثر انخفاضاً- بحدود ثلاث مرات مقارنة بالمتوسط العام على مستوى البلاد- في المحافظات الأكثر فقراً جنوب العراق، وعموماً في المناطق الريفية، حسب اليونيسيف. وحالياً، وبسبب العنف، تُعاني هذه المناطق من الفقر على نحو أشد من السابق!..

4.5 مليون طفل يُعانون من نقص التغذية في العراق..!
أما فيما يعد من أسباب تفاقم هذه الظاهرة فيعتبر الفقر وانعدام الأمن والعنف والتهجير الإجباري لملايين العراقيين مما يمنع حصول هؤلاء المهجرين على الحصة الغذائية كما إن الأوضاع الأمنية السيئة والغير مستقرة تعيق كثيرا حصول سكان المناطق الساخنة في محافظات مثل بغداد، الأنبا ر، ديالى، ميسان والبصرة على رعاية صحية وقائية حيوية.وعلى حصصهم الغذائية الضرورية لصعوبة وصولها إلى مناطقهم وذلك"إما بسبب معيقات تتعلق بسلوكيات الاحتلال من سيطرات أو مناطق عسكرية مغلقة أو قناصة أو بسبب سلوكيات طائفية أو إجرامية بهدف السرقة والتخريب. تقول إحدى السيدات نحن مشرّدون وعلينا أن نغير عنواننا (بسبب انتشار العنف الطائفي) كل شهر، وهذا ما يجعل الأمر صعباً للحصول على حصتنا الغذائية. وكنتيجة لذلك، أطفالنا مرضى باستمرار ويعانون من سوء التغذية لأننا لا نملك نقوداً لشراء الطعام المناسب،" قالتها سميرة عبدالكريم- أم ثلاثة أطفال- أُجبرتْ على هجر دارها في اليرموك إلى ضاحية أخرى من العاصمة.وأضافت "فقدتُ أحدد أطفالي قبل شهر بسبب نقص التغذية. كان يبلغ فقط سنتين من العمر. لا أُريد أن أفقد طفلاً آخر وأملي أن نجد المساعدة لتجاوز هذه المعضلة.وحسب وكالة الأمم المتحدة للأطفال- اليونيسيف UNICEF، إن واحداً من كل عشرة أطفال دون الخامسة مصابون بفقدان الوزن، وأن واحداً من كل خمسة أطفال هم دون الطول الطبيعي لأعمارهم..
في تقرير رفعه جان زيغلر، مقرر الأمم المتحدة للحق بالغذاء، أمام الدورة السنوية لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حذَّر فيه من أن «وضع الحق بالغذاء في العراق مقلق جداً :وإن ما تم إثباته هو أنه في الفلوجة تم استعمال الحصار وحظر دخول المواد الغذائية وتدمير خزانات المياه كسلاح حرب». مما يعتبر «انتهاكاً واضحاً لمعاهدة جنيف
وكان قد أشار إلى أن «سوء التغذية لدى الأطفال العراقيين ما دون الخمس سنوات قد تضاعف منتقلاً من 4 % إلى 7،7% منذ سقوط نظام صدام حسين». مؤكداً أن «ربع الأطفال العراقيين يعانون من نقص حاد في الغذاء ونسبة الوفيات لدى الأطفال تزداد كل شهر»(14)
وحسب وكالة (إسوشيتدبرس) قام المسئول عن حقوق التغذية بالأمم المتحدة جين تسيجلر بتقديم تقرير عن الأوضاع الغذائية في العراق. وقد تضمن إدانة واضحة للاحتلال الأمريكي في العراق. وأشار إلى أن عدد الأطفال الذين كانوا يعانون الجوع قبيل الغزو قد وصل إلى ما يقرب من الضعف منذ دخول القوات الأمريكية والبريطانية إلى العراق. كما أكد أن نحو 7.7 في المئة من أطفال الشعب العراقي الأقل من خمس سنوات كانوا يعانون من نقص حاد في الوزن وسوء التغذية قبل الغزو الأمريكي، وأن هذه النسبة قفزت نحو 4 درجات أخرى لتصل إلى ما يقرب من 11.5 في المئة(15)
ويشير تقرير حكومي (2006)اعتمد على مسح شمل 22 ألف و 50 أسرة عراقية، في 98 منطقة في عموم البلاد، بأن واحد بين كل ثلاثة أطفال عراقيين، في مختلف المحافظات،يعاني من سوء التغذية.وأن الوضع أسوأ في المناطق البعيدة، حيث يعاني 33 % من الأطفال من مشاكل سوء التغذية، من قبيل بطء النمو ونقصان الوزن. وأظهرت النتائج الأولية لمسح الأمن الغذائي الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن نقص التغذية يهدد حياة طفل بين كل أربعة أطفال في العراق.وأوضح أن 25% من أطفال العراق، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 اشهر و 5 أعوام،يعانون في الوقت الحاضر من سوء التغذية المتمثل بالهزال والتقزم (سوء التغذية الحاد وسوء التغذية المزمن) ونقص الوزن عن المعدل الطبيعي، وأن هذه النسبة تتباين ضمن مناطق العراق. وأعرب ر وجر رايت- الممثل الخاص لليونيسيف في العراق عن أسفه العميق لما كشفته الدراسة، ونبه إلى أن سوء التغذية يعيق النمو العقلي ولإدراكي السليم للطفل، مما يتعذر علاجه.

وفي أحدث مسح في عام (2007) قامت به اليونيسيف ضمن برنامجها البحثي حول وضع النساء والأطفال بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء وبحسب اليونيسيف أن أطفال العراق لم يشهدوا أوضاعا أصعب من الأوضاع الحالية التي يعيشونها فالمقومات الأساسية لطفولة سعيدة أصبحت صعبة المنال وقد قال محمود عثمان معروف مدير إحصاء السليمانية في حديث له على محطة الشرقية بتاريخ 11/4/2007 ""إن هذا المسح الإحصائي الأول منذ 2002 وهو المسح الثالث على مستو العراق وهو مسح عنقودي متعدد الأغراض والمؤشرات على مستو الأسرة استهدف عينة من 18 ألف أسرة عراقية تناول خلالها شريحة النساء والأطفال وقد أطلقت المعلومات للأسف تراجع جميع المؤشرات وأطلقت مؤشرات سلبية جدا عن وضع الطفل بصورة خاصة ""وقال مهدي العلاق رئيس جهاز الإحصاء المركزي ""إن المؤشرات سلبية وخطرة للغاية وخاصة فيما يخص ارتفاع مؤشر سوء التغذية عند الأطفال وما يترتب عنه من وفيات وارتفاع كبير لأعداد حالات التقزم , وتراجع وضع التعليم والالتحاق المدرسي وتدني مستو الخدمات (الماء الصالح للشرب والصرف الصحي....... مسح 2006)

الأمراض السارية والإصابات
الحقيقة أعترف بأنني لم استطع الحصول على معلومات وأرقام دقيقة يمكن أن أستند إليها في تقريري عن هذا الجانب لغياب الجهة التي يمكن الركون إلى أرقامها وإحصاءاتها وذلك نتيجة لمجمل الأمور التي ذكرت سابقا وقد حاولت عن طريق أحد زملائي الصحفيين الناشطين في نفس المجال داخل العراق الوصول إلى بعض الأرقام من المشافي العراقية التي لازالت تعمل داخله وذلك بعد أن أذيع نبأ وفاة ثلاث أطفال نتيجة إصابتهم بمرض الكوليرة في النجف , وقد توجه زميلي إلى مشفى النجف وطلب مقابلة بعض الأطباء وعندما علموا بأمر هذا التقرير رفضوا إعطاء أي معلومات من داخل المشفى وطلبوا من زميلي "النجفي" المغادرة حفاظا على حياته؟ ولم يقولوا له سوى أن الطفل العراقي في أحسن حالاته اليوم ولا داعي للبحث وإضاعة الوقت في هذا الأمر الفرعي! (16)
يتبع ...
(4)-التلوث والانتشار الواسع لأمراض السرطان عند الأطفال العراقيين حالات من الواقع

نشر سابقا ضمن نفس السلسة :
(1)- جحيم الحرب وتأثيرها على الصحة النفسية والعقلية لأطفال العراق
(2) - القوانين الدولية "الإنسانية" والجريمة الكبرى بحق أطفال العراق


الهوامش
(1) -المادة 24 اتفاقية حقوق الطفل
1. تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي. وتبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لتضمن ألا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه.
2. تتابع الدول الأطراف إعمال هذا الحق كاملا وتتخذ، بوجه خاص، التدابير المناسبة من أجل:
(أ) خفض وفيات الرضع والأطفال،
(ب) كفالة توفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال مع التشديد على تطوير الرعاية الصحية الأولية،
(ج) مكافحة الأمراض وسوء التغذية حتى في إطار الرعاية الصحية الأولية، عن طريق أمور منها تطبيق التكنولوجيا المتاحة بسهولة وعن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية، آخذة في اعتبارها أخطار تلوث البيئة ومخاطره،
(د) كفالة الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولاة وبعدها،
(هـ) كفالة تزويد جميع قطاعات المجتمع، ولاسيما الوالدين والطفل، بالمعلومات الأساسية المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته، ومزايا الرضاعة الطبيعية، ومبادئ حفظ الصحة والإصحاح البيئي، والوقاية من الحوادث، وحصول هذه القطاعات على تعليم في هذه المجالات ومساعدتها في الاستفادة من هذه المعلومات،
(و) تطوير الرعاية الصحية الوقائية والإرشاد المقدم للوالدين، والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة.
3. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال.
4. تتعهد الدول الأطراف بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي من أجل التوصل بشكل تدريجي إلى الإعمال الكامل للحق المعترف به في هذه المادة. وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية في هذا الصدد.
(2)زيارة خاصة لوفود سورية تضامنية مؤلفة من منظمات مدنية أهلية وفنانين ومثقفين لمساندة الشعب العراقي في محنته أمام تهديدات الغزو تمت بتاريخ 5\3\2003حتى 14\3\2003قامت الوفود فيها بزيارة لبعض المشافي تحديدا لمشافي الأطفال للإطلاع على مأساة الطفولة العراقية عن كثب ورصد التأثير السلبي الإجرامي لحالة الحصار أللإنساني عليهم كما تم القيام بزيارة لمواقع مختلفة منها بعض المعامل المخبرية الصحية الصناعية والتي تم إغلاقها تنفيذا للقرارات الدولية كذلك زيارة مناطق شعبية فقيرة ورؤية النتائج الفعلية الحقيقية لهذا الحصار الظالم على الأرض والذي حول عددا كبيرا من الأطفال إلى متسولين يستجدون أي غريب تراه عيونهم الحزينة الجوعى البائسة كما تمت زيارة لملجأ العامرية والذي مثل بجدارة لا متناهية الجريمة العالمية المسكوت عنها تماما والتي كان ضحاياها عددا كبيرا من الأطفال والنساء الذين أزهقت أرواحهم بتواطؤ دولي عام.
(3) موقع إسلام أون لاين 31\3\2002
(3)إسلام أون لاين(الجدول عن رمزي كلارك من "المركز الدولي للتأثير" في تقريره لسكرتير الأمم المتحدة، نوفمبر 99)).
(6)موقع ملف العراق مأخوذ عن جريدة البيان \العراق ودورة الاستعمار \..تداعيات المشهد العراقي صورة من الداخل
للكاتب محمد صادق أمين
اللجنة 661وهي لجنة المتابعة التي تقوم بمراقبة وفحص جميع ما يدخل إلى العراق من سلع ومستوردات ومراقبة تنفيذ قرار المقاطعة والحظر الدولي
(7) (الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات \ باب إحصاءات وزارة الصحة الع
(8) - اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب
المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949
المادة (2) - علاوة على الأحكام التي تسري في وقت السلم، تنطبق هذه الاتفاقية في حالة الحرب المعلنة أو أي اشتباك مسلح آخر ينشب بين طرفين أو أكثر من الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يعترف أحدها بحالة الحرب.تنطبق الاتفاقية أيضا في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة.وإذا لم تكن إحدى دول النزاع طرفا في هذه الاتفاقية، فإن دول النزاع الأطراف فيها تبقي مع ذلك ملتزمة بها في علاقاتها المتبادلة. كما أنها تلتزم بالاتفاقية إزاء الدولة المذكورة إذا قبلت هذه الأخيرة أحكام الاتفاقية وطبقتها.
(9) --المادة (18) - لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات.على الدول الأطراف في أي نزاع أن تسلم جميع المستشفيات المدنية شهادات تثبت أنها مستشفيات ذات طابع مدني و



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
23
كيف نساعد العراق ليصبح فاعلاً من جديد؟
كيم هاولز
الحياة بريطانيا
لدى العراق الإمكانات اللازمة لكي يزدهر. فبداية، يقبع العراق على ما يمكن أن يكون ثالث أكبر مخزون نفطي في العالم. والعراقيون معروفون بذكائهم وقدرتهم على الابتكار والعمل بجد. وقد عزز نهرا دجلة والفرات على مر آلاف السنين وضع العراق باعتباره سلة الغذاء الزراعية بالنسبة للمنطقة ككل، ويشهد تاريخ العراق بأن تنوع الثقافات والطوائف فيه يمكن أن يكون مصدرا لإثرائه، لا سبباً لمعاناته.
كان العراق في نهاية السبعينيات من القرن الماضي قد بدأ يحقق ازدهارا كبيرا، فقد كان من أكثر دول المنطقة رخاء، وكانت النساء المتحررات يلعبن دورهن كاملا في القوة العاملة مع بداية نشوء نظام جيد للرعاية الاجتماعية، وبدت الفرص جيدة. لكن كانت تلك هي القمة التي وصلها العراق. حيث أن المغامرات التي خاضها صدام، من الحرب العراقية - الإيرانية، واجتياح الكويت، والقتل الجماعي للعراقيين الأكراد وغيرهم ممن عارضوه، وتحديه المطوَّل للمجتمع الدولي وتحكمه الوحشي بالموارد لخدمة غاياته الشخصية، أدت جميعها إلى تقهقر اقتصاد العراق عقوداً الى الوراء. ومع الإطاحة بصدام عام 2003 اجتمع طمعه وعدم كفاءته من جهة والعقوبات الدولية من جهة أخرى ليساهم كل ذلك في تهالك البنية التحتية، وتداعي الخدمات العامة، ووضع القيود على القطاع الخاص، والديون الهائلة التي ترتبت على الاقتصاد، وتدني مستويات المعيشة بدرجة قاسية بالنسبة لغالبية المواطنين العاديين. وكان العديد من المواطنين ممن يتمتعون بالمهارات قد هاجروا إلى خارج العراق آخذين معهم القدرة على إدارة اقتصاد سوق حديث.
وقد واجه من خلفوا صدام - سلطة الائتلاف المؤقتة في البداية ومن ثم الحكومات العراقية المتعاقبة - تحديات هائلة في محاولتهم إصلاح الأضرار التي تسبب بها صدام، وإتاحة الفرصة للعراق لاستغلال الميزات الكامنة لديه. لكن على الرغم من تلك التحديات تم تحقيق الكثير، بما في ذلك ما يلي:
* قيام بيئة يمكن من خلالها للنشاط الاقتصادي في القطاع الخاص أن يزدهر - وذلك عبر الإصلاح الدستوري والتنظيمات والمؤسسات الجديدة. وفي العراق اليوم عملة قوية ومستقرة وميزانية شفافة وموحدة. وقد شهد العام الجاري إقرار الحكومة الجديدة المنتخبة ديموقراطياً لأول قانون ميزانية على الإطلاق يتيح لجميع العراقيين قدراً أكبر من المحاسبة بشأن الإنفاق الحكومي.
* تحديد أخلاقيات العمل في القطاع الحكومي في بلد لم يكن فيه طوال عقود من الزمان أي مفهوم لكون الوزراء والموظفين الحكوميين يقدمون الخدمات للمواطنين، وإمكانية مساءلتهم على أدائهم. لا يمكن بناء هذه الأخلاقيات بين ليلة وضحاها، لكن أخلاقيات الشفافية والمحاسبة والخدمات العامة تعتبر أخلاقيات حيوية في قطاعات الإدارة الاقتصادية والمالية. وتعتبر التشريعات المتعلقة بالشفافية وسيادة القانون ومكافحة الفساد عناصر مهمة لتحقيق النجاح الاقتصادي، وقد ذهب تمويل كبير قدمته المملكة المتحدة نحو مشاريع ترمي الى تشجيع وجود أساس قوي للمؤسسات السليمة التي يمكن لقطاع الأعمال أن يزدهر على أساسها.
ولعبت المملكة المتحدة دورها كاملا في دعم الاقتصاد. فقد تعهدت الحكومة البريطانية حتى يومنا هذا بتقديم 744 مليون جنيه إسترليني لأغراض إعادة إعمار العراق. وكان رئيس الوزراء البريطاني الجديد، غوردون براون، قد أكد خلال زيارته الأخيرة إلى العراق على أهمية الدور الذي يلعبه الاقتصاد في تأمين مستقبل واعد لجميع العراقيين. كما أبدت دول وهيئات أخرى، بما فيها الدول المجاورة للعراق والأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، دعمها للعراق عبر التزاماتها بخفض الديون وكذلك دعمها للعقد الدولي مع العراق. كل ذلك يحدد أجندة إصلاح طموحة من قبل الحكومة العراقية - مدعومة من قبل المجتمع الدولي - والتي من شأن عناصرها الاقتصادية أن تساعد في عملية التحول من اقتصاد مركزي يخضع للسيطرة إلى اقتصاد سوق ديناميكي.
وقد نتج عن البيئة الجديدة بعض الاستجابة من القطاع الخاص. ومن بين الأمثلة على ذلك نمو عدد المشتركين في خدمة الهاتف الخليوي من الصفر إلى ما يربو على أحد عشر مليون مشترك، وذلك عبر الاستثمار الخاص في البنية التحتية للاتصالات، وتحرير التنظيمات. واصبحت أطباق استقبال البث عبر الأقمار الصناعية - التي كانت قبل الحرب تعتبر غير قانونية - موجودة الآن في كل مكان، كما تقدم التكنولوجيا الحديثة للأقمار الصناعية خدمات مهمة للمصارف وغيرها من قطاعات الأعمال.
لكن ما زال العراق بعيداً كل البعد عن استغلال ميزاته الاستغلال الأمثل. فالعائق الأساسي - بالطبع - هو الوضع الأمني السيئ الذي يحدّ من النشاط الاقتصادي ويعيق تجديد البنية التحتية. وتتيح العائدات النفطية للحكومة تسديد رواتب الموظفين والاستمرار بدعم المنتجات والخدمات اللازمة من الناحية الاجتماعية. لكن الاقتصاد الذي يفترض به أن ينمو نمواً سريعاً، ويقدم خدمات عامة رفيعة المستوى، ويخلق الوظائف ويحقق الرخاء لشعبه، يواجه صعوبات. فإمدادات المياه والكهرباء في أجزاء كبيرة من البلاد ما زالت غير كافية إلى حد كبير على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في هذا القطاع. وتنشأ عن هذا مشاكل كبيرة، خصوصا في فصل الصيف. والأسوأ من ذلك فإن نزوح المواطنين والهجرة على نطاق واسع يؤديان إلى تآكل فرص العراق بأن يتعافى.
هنالك الكثير من الجهود المثيرة للاهتمام - على الرغم من الصعوبات - لمساعدة العراق على أن يصبح فاعلاً من جديد. فقد أدت إدارة وموظفو شركة النفط الجنوبية في محافظة البصرة عملا رائعا - على الرغم من الوضع الأمني المتردي وانعدام الاستثمارات وقلة التكنولوجيا المتاحة - للإبقاء على استمرار الإنتاج وتدفق العائدات لأجل إعادة الإعمار.
حقول النفط هذه بحاجة ماسة للاستثمارات لخلق ثروة لصالح العراقيين كافة. وتقدم الشركات البريطانية المساعدة للعاملين في القطاع النفطي كي يتكون لديهم فهم أفضل لجيولوجية تلك الحقول النفطية، ولاستخدام التكنولوجيا الضرورية. كما تساعد الجهود التي تمولها المملكة المتحدة لتحسين إمدادات الكهرباء والمياه العذبة والصرف الصحي في تخفيف المشاكل في البنية التحتية التي تعيق العراق.
لكن على الرغم من أن الحكومة تعتمد حاليا على إيرادات النفط في 95 في المئة من إجمالي ميزانيتها، فإن الإنتاج العام للنفط يعتبر متدنيا. لهذا السبب فإن مشروع قانون الهيدروكربونات، بما في ذلك قانون مشاركة العائدات النفطية، الذي يخضع حالياً للنقاش لدى الحكومة العراقية يعتبر هاماً جداً، فهو سيوفر الإطار القانوني لإتاحة تطوير القطاع النفطي وتوفير استثمارات هناك حاجة ماسة إليها في هذا القطاع الحيوي. فهو سيوفر عائدات أكبر لإعادة الإعمار وسيساعد في زيادة قدرة العراق على توليد الكهرباء. وعلاوة على ذلك، فإن الاتفاق على توزيع العائدات النفطية سوف يساهم في تحقيق مصالحة وطنية أكبر بين جميع الأحزاب السياسية الأساسية في العراق.
إلا أن الدوامة التي يتسبب من خلالها انعدام الأمن باستمرار الركود الاقتصادي تجعل احتمال انخراط الشباب في العنف احتمالا أكثر ترجيحاً. والتحدي أمام المجتمع الدولي هو مساعدة العراق على الدخول في دائرة من الاعمال الايجابية لتحسين كل من الوضع الأمني والأداء الاقتصادي. يجب أن يكون تحسين الوضع الأمني هو الأولوية القصوى. فإذا تحقق ذلك فإنه سيؤدي لأن تتوفر الفرصة لنمو الثقة لدى قطاع الأعمال والمستثمرين الأجانب وكذلك - وفوق كل اعتبار - لدى الشعب العراقي. فمع الثقة يأتي تعافي الاقتصاد. وبمساعدة أصدقاء العراق وبالبناء على الإصلاحات التي جرت فعلياً، ستكون هناك على الأقل فرص جيدة لتوفير المرافق الملائمة وغيرها من الخدمات العامة، وتحقيق نمو مستدام وتحسين مستويات المعيشة لجميع أجزاء المجتمع العراقي. وبمجرد أن يشهد المواطنون بأنفسهم نمو الرخاء وبأن هناك مستقبلاً مشرقاً لأبنائهم، سوف تضمحل جاذبية العنف. وهذا ثمن يستحق الصمود من أجله.
* وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
24
مبادرة تدويل الأزمات الداخلية
داود الشريان
الحياة
استهل الرئيس الأميركي جورج بوش مبادرته بشأن استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل بالقول «ان العراق ليس وحده المسألة المحورية في الشرق الأوسط». ان تكون القضية الفلسطينية كما وصفها الرئيس فهذا ليس خبراً جديداً علينا، لكنه بالتأكيد جديد على الأوساط السياسية في أميركا وخارجها التي تعاملت مع رفض الإدارة الأميركية لهذه الحقيقة على مدى السنوات الأربع الماضية. فمع بداية الغزو الأميركي للعراق أصيبت هذه الإدارة بحساسية مفرطة تجاه حقيقة ان «القضية الفلسطينية هي محور الصراع في منطقة الشرق الأوسط»، إلى درجة أن السياسة الخارجية للبيت الأبيض أصبحت تتعامل مع كل قائل بمحورية القضية الفلسطينية بأنه يسوغ الإرهاب في أحسن الأحوال، وحاولت خلال الفترة الماضية خلق قناعة بأن ما يجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين أزمة حدود. لكنها اليوم تعترف بأن القضية الفلسطينية هي مفتاح الحل لأزمات المنطقة، فما الذي حدث؟ وهل يمكن النظر الى استهلال الرئيس الأميركي باعتباره محاولة لتحسين سمعته وتنفيذ وعده بالدولتين قبل رحيله؟
الصحوة الأميركية الجديدة فسرها بعضهم بأنها مجرد توظيف إعلامي لتحسين صورة الإدارة وتحويل الاهتمام عن ورطتها في العراق وإشغال الرأي العام الأميركي والدولي بالقضية الفلسطينية لبعض الوقت، وآخر نظر إلى التوجه الأميركي «الجديد» بأولوية ومركزية الصراع العربي - الإسرائيلي بأنه عرض جدي هدفه تهيئة الظروف الأمنية في المنطقة، وتحسين فرص صانع القرار في السياسة الأميركية لاتخاذ موقف من قضايا إعادة انتشار القوات الأميركية في العراق أو انسحابها، وتقسيم العراق، وثالث نظر إلى استهلال الرئيس الأميركي كاستجابة للمطالبة المتكررة من دول الاعتدال العربي بضرورة تحريك عملية السلام، فجاءت الاستجابة في هذا الوقت بالذات بسبب حاجة الإدارة لمساعدة هذه الدول على تحسين الوضع في العراق، خصوصاً ان تعاون دول الاعتدال العربي في دعم العملية السياسية في العراق أصابه فتور مقصود في الفترة الأخيرة لأسباب عديدة أهمها رفض واشنطن الاعتراف بأن ما يجري في العراق احتلال، وكما قال سياسي خليجي رفيع «أميركا تحتل العراق وتتصرف كدولة منقذة، ليتها تواجه الحقيقة، وتتصرف بطريقة امبريالية مكشوفة، ولو فعلت فربما تغير الأمر لمصلحة الجميع، فالسياسة الدولية لديها آليات محسومة للتعامل مع الاحتلال»، فضلاً عن ان دول الاعتدال تعتقد ان الإدارة الأميركية في العراق سمحت بتنامي التدخل الإيراني في الحياة السياسية والاجتماعية للعراقيين.
لاشك في ان التصريحات الإسرائيلية، التي سبقت ورافقت زيارة ممثل اللجنة الرباعية الدولية في الشرق الأوسط توني بلير، كشفت الى حد بعيد أهداف مؤتمر السلام ومبادرة بوش لتحريك المفاوضات، فنقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية حرص الدولة العبرية على «ان لا يحيد بلير عن التفويض الرسمي الممنوح له المتمثل في بناء مؤسسات السلطة»، ما يعني ان ما قيل من تفسيرات وتحليلات عن المبادرة الأميركية ليست هي المقصودة، حتى وان تحقق بعضها، فمن الواضح ان المبادرة الجديدة ليست بمعزل عن الوضع الفلسطيني الداخلي، فهي ستسعى الى تكريس تجاهل حركة «حماس»، وتدويل الخلافات الفلسطينية، والتعامل مع تحركات «حماس» بصفتها جزءاً من الاعمال الإرهابية في المنطقة، واتخاذ إجراءات اقتصادية وسياسية بغطاء دولي ضد المنتمين للحركة، فإذا سار المؤتمر بهذا التوجه، فإن الشعب الفلسطيني سيكون بانتظار عقوبات أشدّ وأقسى من تلك التي واجهها الشعب العراقي قبل الغزو، فضلاً عن أن هذا التوجه سيخلق أوضاعاً سياسية تزيد من العنف، وربما دخلت الأراضي الفلسطينية في حرب أهلية طاحنة، تفضي في النهاية الى معاودة تشكيل أو إخراج ما يسمى بـ «عملية السلام» وحسم مسألة ضمها لاستراتيجية ما يسمى «الحرب الأميركية على الإرهاب»، ولهذا فإن على الدول العربية ان تتريث، وتسارع الى حل الإشكالات الفلسطينية - الفلسطينية قبل الدخول في أي تحرك نحو مفاوضات السلام. فالدخول الى هذا المؤتمر بنصف الشرعية الفلسطينية، يتنافى مع استراتيجية توحيد تمثيل الشعب الفلسطيني التي تقرها الجامعة العربية، ناهيك عن ان التماهي مع تجاهل حركة «حماس» وما تمثله على الأرض يسوغ «عرقنة» الأراضي الفلسطينية، فالصورة، كما تعكسها التصريحات الأميركية، ان ثمة سلطة شرعية، وأخرى تدعم الإرهاب وخارجة على القانون، وهذا تفسير كاذب، وتحيز فج، رغم كل المآخذ على حركة «حماس» ورعونة تصرفاتها، فما جرى لا يختلف كثيراً عما شهدته دول مثل أوكرانيا وتركيا وغيرهما، ويمكن حله بقوانين اللعبة ذاتها، بعيداً عن تدويل الأزمات الداخلية، التي ستبدأ في فلسطين، لكن لا أحد يدري أين تنتهي.
ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
25
حروب امريكا
افتتاحية
الجزيرة السعودية

بدا لبعض الوقت وكأنَّ الولايات المتحدة بصدد إطلاق حرب أخرى، وهذه المرة في باكستان، وهو أمر أثار غضب حكومة إسلام أباد المثخنة بالجراح والمصاعب، فقد أدهش حكومة إسلام أباد إعلان أمريكي حول توجيه ضربات جوية في منطقة القبائل، باعتبار أن ذلك لو تم يمثل تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية.

وعلى الرغم من أن الحكومة الأمريكية تراجعت عن تصريحاتها، فإن الأثر الذي تركته ربما لا يزول بسهولة، خصوصاً أن إسلام أباد كانت ولا تزال من أقرب أعوان الولايات المتحدة في حربها التي تشنها في المنطقة المضطربة والمتمركزة خصوصاً على الحدود الباكستانية الأفغانية، حيث تفيد معلومات حديثة للمخابرات الأمريكية أن (القاعدة) تعيد تنظيم صفوفها.

وجاءت التصريحات الأمريكية في وقت تبدو فيه حكومة مشرف أكثر حاجة لابتعاد الآخرين من خطوطها الحمراء التي تمثل حدود السيادة والأمن الداخلي، فباكستان لم تطلب عوناً فيما تفعله، وتبدو مصممة على إنجاز مهامها بنفسها، وسيكون من المحبط لها أن تتدخل قوة أخرى دون إرادتها، فهي لا ترفض التعاون لكن تتطلع أن تكون لها الكلمة الأولى والقيادة فيما يتعلق بأمن أراضيها.. كما أنها الأكثر قدرة على التفريق بين الإرهابيين وبين المواطنين العاديين، بينما الطائرات التي تلقي بحممها من أعلى ربما أحرقت الجميع على الأرض دون فرز بينهم، وهذا سبب آخر للنقمة المتزايدة على الولايات المتحدة في المنطقة. فالغضب العارم من الحروب الدولية في المنطقة تزايد كثيراً في الآونة الأخيرة عندما تحولت الحرب على الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة إلى حرب ضد المدنيين، حيث يتم تسجيل عدة هجمات سقط فيها عشرات المدنيين برصاص قوات التحالف في أفغانستان المجاورة لباكستان، وتبرر قوات التحالف سقوط المدنيين بأنه أمر غير مقصود في حد ذاته، بل يأتي ذلك في سياق ملاحقة عناصر طالبان.. فالقوات الأجنبية لا تتردد في هدم منازل بأكملها على رؤوس ساكنيها لمجرد ملاحقة بضع عناصر من طالبان، ومع تواتر هذه العمليات وتكرارها بدأ الناس هناك يعتقدون أن الأمر سيان سواء حملوا البنادق أم لم يحملوها، فالنيران المكثفة تنهمر على الجميع، ولذلك فإن التقارير درجت على الإشارة إلى أن طالبان منهمكة في إعادة ترتيب تشكيلاتها واستعادة نفوذها، طالما أن كل الرصاص لا يصيبها، وذلك يتفق مع الاعتقاد السائد أن هذه الحروب التي تشنها الولايات المتحدة نجحت في توسيع نطاق الإرهاب بدلاً من القضاء عليه.

إن نماذج مما يحدث هناك تحدث بالفعل في العراق، حيث يسقط عشرات القتلى برصاص قوات التحالف خلال مطاردة المسلحين، ويخشى الباكستانيون أيضاً أن تكون بلادهم ساحة أخرى لهجمات لا تفرق بين الإرهابي والمناهض للإرهاب.



ت
عنوان المقالة او الافتتاحية
اسم الكاتب
مكان النشر
26
هذه بعض نتائج التبعية لأمريكا .. التخلف والهزيمة والحروب الأهلية
د سليمان صالح
الشرق قطر
التبعية أخطر تجليات الاستعمار الجديد ، فبعد أن انكسرت الموجة الاستعمارية الأوربية التي بدأت منذ بداية القرن التاسع عشر نتيجة مقاومة الشعوب وكفاحها لتحقيق الاستقلال اتجهت القوى الاستعمارية خاصة الولايات المتحدة إلى فرض الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي كبديل للاحتلال.

ولقد استطاعت الولايات المتحدة لفترة طويلة أن تخدع الكثير من الشعوب وتضللها فقد أتاحت لها أن تستمتع بمظاهر الاستقلال دون جوهرة وان تسيطر على عملية صنع القرار السياسي في هذه الدول وتتحكم فى اقتصادها وتعليمها وإعلامها وثقافتها في الوقت نفسه تظل للشعوب بعض مظاهر الاستقلال الزائف مثل العلم ومقعد في الأمم المتحدة.

أين الاستقلال!!
لو درسنا حاله الكثير من الدول ومن أهمها الدول العربية لأدركنا أن معظم تلك الدول لا تمتلك أراده سياسية ولا يملك قادتها القدرة على صنع القرارات بشكل مستقل.. انك تستطيع أن ترى بوضوح اليد الأمريكية في معظم القرارات التى تصدر عن الحكومات التى يتم تشكيلها بإرادة أمريكية.

ولا يمكن لأية دولة أن تدعي الاستقلال إذا لم تكن قادرة على اتخاذ قراراتها بحرية واختيار حكامها طبقا لإرادة شعوبها.. لو درسنا تشكيل معظم الحكومات في عالمنا البائس لوجدنا أزلام أمريكا الذين صنعتهم يحرسون مصالحها التى تتناقض مع مصالح الشعوب ولعرفنا كيف تتم صناعة القرارات داخل تلك الحكومات ولاستطعنا أن نفسر حالة التخلف والفقر والتعاسة التى تعيشها الكثير من الشعوب ولعرفنا أن الهزيمة نتيجة للتبعية، وان الحروب الأهلية يتم إشعالها في الدول الإسلامية لتبرير التدخل الأمريكي وان أمريكا تستخدم العملاء وتوفر لهم الظروف ليصبحوا حكاماً ليضعفوا الأمة وليثيروا النزاعات ذات الطابع العرقي والثقافي هناك الكثير من الإحداث التي لا يمكن تفسيرها إلا بأنها كانت صناعة أمريكية بواسطة العملاء الذين حولتهم الى حكام لذلك فإننا لابد أن نواجه التحدي بجرأة وتطور وشجاعة مفهوما جديدا للاستقلال، يقوم علي كسر كل أشكال التبعية والتحكم في إرادة الأمة وحق الشعوب في اختيار حكامها من الذين تتوافر فيهم القدرة على الحفاظ على الاستقلال، والانتماء لثقافة الأمة وحضارتها، والإخلاص للأمة والقدرة على الكفاح لتحقيق أهدافها الكبرى ومن أهمها الحفاظ على الوحدة والسيادة الوطنية والمصالح العليا.

الحاكم التابع لأمريكا
اتجهت أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الى صناعة حكام تابعين لها بشكل كامل ينفذون مصالحها مهما تعارضت تلك المصالح وتناقضت مع حقوق الشعوب وكرامتها وكان نموذج كرزاي أفغانستان هو النموذج المفضل لأمريكا، فهو مجرد موظف في الإدارة الأمريكية بدرجة حاكم، ويحمل اسماً مألوفاً للشعب، وينفذ أوامر المندوب السامي الأمريكي الذي يعتبر الحاكم الفعلي بدون مناقشة. أرادت أمريكا أن تفرض ذلك النموذج على الكثير من الشعوب الإسلامية، ومن المؤكد أنها نجحت في ذلك الى حد كبير. وهناك حكام أرادوا أن يزيدوا في التبعية على كرزاى، ويثبتوا أنهم أكثر أخلاقا لأمريكا من كرزاى حتى وان كانوا قد جاءوا قبلة، وأنهم الأقدر على تنفيذ أوامر أمريكا وتحقيق مصالحها.

لقد شهد العالم سباقاً بين حكام الدول على إثبات الولاء والطاعة والإخلاص لأمريكا باعتبار أن ذلك هو الطريق الوحيد للبقاء في الحكم، والتمتع بامتيازاته. وشهوة الحكم طاغية، والسلطة مفسدة، ولذلك ارتكب الكثير من الحكام جرائم يشيب لهولها الرضيع من أجل إرضاء أمريكا وإسقاط صدام حسين، وما تعرض له في الجزء الأخير من حياته اقنع الكثير من الحكام بأن إرضاء أمريكا بارتكاب الجرائم ضد شعوبهم بحجة مقاومة الإرهاب، والطاعة الكاملة لأمريكا هي الوسيلة الوحيدة لتجنب مصير صدام. ومن الواضح أن أمريكا قد استخدمت صدام لبث الخوف والرعب في نفوس الحكام وإجبارهم على الخضوع التام والتبعية الكاملة.

مشرف يكسب
لكن الذي فاز في السباق بجدارة وتفوق وإبداع هو برويز مشرف، فلا أحد يستطيع أن يزايد عليه، فلقد اثبت بشكل قاطع أنه الأكثر ولاء وطاعة لأمريكا.
لقد ثبت أن وصول مشرف لحكم باكستان هو أخطر الانتصارات التى حققتها أمريكا في العصر الحديث، وربما يكون أيضاً أخطر الانتصارات التي حققتها الهند. ومشرف جنرال جاء الى الحكم عن طريق انقلاب عسكري، وليس له اى شرعية، وأقام نظاماً ديكتاتورياً مستبداً عطل فيه المؤسسات الديمقراطية الباكستانية خاصة البرلمان والقضاء.. وهو يعرف تماماً أنه لايملك أية مؤهلات للحكم، وأن الشعب الباكستاني يكرهه لذلك استقوى مشرف على شعبة بقوة أمريكا وتخلى عن كل رموز السيادة الوطنية وحقوق شعب باكستان من أجل إثبات أخلاصة لأمريكا ومن المؤكد أن مشرف قد ساهم بشكل كبير في تسهيل احتلال أمريكا لأفغانستان، وفي قهر الشعب الباكستاني لمنعه من تقديم أية مساعده لطالبان.

ولقد استخدم مشرف الجيش الباكستاني لضرب مناطق القبائل بقسوة بحجة القضاء على الإرهاب، وأدى ذلك الى أن يعتبر قطاع كبير من شعب باكستان الجيش الباكستاني عدواً له.. وتلك أخطر النتائج التي حققها مشرف، وسوف يكون لها تأثير كبير علي مستقبل باكستان. العلاقة بين شعب باكستان وجيشه أصبحت سيئة، وهذا لايمكن أن يرضى جيش باكستان الذي سيدرك أن مشرف قد شوه صورة هذا الجيش، وحوله الى أداة لقهر الشعب. وهذا أكبر خطأ ارتكبه مشرف لأن الجيش الباكستاني سوف يضطر للانقلاب على مشرف لعادة تشكيل صورته كجيش وطني وظيفته أن يحمي استقلال بلاده.. إن وظيفة الجيش هي أن يقاتل ليحمي حدود دولته وسيادتها ضد الأعداء الخارجيين، ولذلك فإن استخدامه في قهر الشعب وضرب القوى الوطنية مغامرة خطيرة تزيد من الغضب داخل الشعب والجيش.

جيش للقهر الداخلي
وأمريكا استطاعت أن تحول الكثير من الجيوش إلى أدوات للقهر الداخلي في الكثير من دول العالم. لكن الأمر بالنسبة لباكستان خطير جداً، فالشعب الباكستاني يعتز بجيشه الذي يعتبره وسيلة الحماية ضد الخطر الهندي. باكستان تواجه عدواً على حدودها، والنار جاهزة للاشتعال في أى لحظة، فمشكلة كشمير قد تم تجميدها في عهد مشرف، لكنها مازالت مشكلة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع صراع باكستاني هندي في أية لحظة. وباكستان طورت قنبلتها النووية في مواجهة السلاح النووي الهندي، وهذا أدى إلى قدر من التوازن وتجميد الموقف، لكن جيش باكستان يضعف أمام الجيش الهندي بعد أن ساءت علاقات هذا الجيش بالشعب الباكستاني. وهذا يشكل خطراً على الأمن القومي لباكستان ويزيد الأطماع الهندية.

جريمة المسجد الأحمر
ولقد جاءت جريمة اقتحام المسجد الأحمر وقتل المتحصنين فيه لتزيد العلاقة سوءاً بين مشرف والجيش الباكستاني من ناحية والشعب الباكستاني من ناحية أخرى.
والمسجد الأحمر له أهمية تاريخية بالنسبة لشعب باكستان، ولقد كان السبب الرئيسي لجريمة اقتحامه هي أنه يقوم بدور مهم في التعليم الديني.
وأمريكا تخطط منذ زمن طويل للقضاء على المدارس الإسلامية في باكستان لأنها تشكل الثقافة الإسلامية، وتحافظ على الهوية الإسلامية لباكستان، كما أنها تشكل مصدراً لتأييد الشعب الباكستاني لطالبان.
ولقد لعبت تلك المدارس الإسلامية دوراً مهماً في إعداد المجاهدين للقتال ضد القوات السوفييتية، ثم ظهور طالبان كحركة سياسية إسلامية سيطرت على أفغانستان بعد ذلك. وكانت أمريكا تريد القضاء على هذه المدارس، فهي تعرف أنها لايمكن أن تستقر في أفغانستان، أو تسيطر على باكستان طالما ظلت هذه المدارس تعلم الآلاف من الشباب الثقافة الإسلامية. ولقد كان مشرف يؤجل عملية السيطرة على المسجد الأحمر لفترة طويلة، لكنه حسم أمره بعد أن نجح في طرد آلاف من الشباب الذين يدرسون في المدارس الإسلامية الباكستانية ونجح في السيطرة على الكثير من المدارس.

ومتابعة عملية الاقتحام التي اعتبرها مشرف نصراً، تشير الى إصرار مشرف على اقتحام المسجد دون إعطاء أية فرصة للمفاوضات أو التوصل إلى الحلول السلمية، كما إن المتحصنين داخل المسجد كانوا من الطلاب العزل وأساتذة المدارس الإسلامية التابعة للمسجد والمصلين لذلك فإن عملية الاقتحام هي جريمة بكل المقاييس، وسوف تشتعل نار الحرب الأهلية في باكستان، وتلك أخطر نتائج تبعية نظام مشرف لأمريكا. إن هذا النموذج يوضح خطورة التبعية لأمريكا، وأنها يمكن أن تصل الى حد إشعال الحرب الأهلية، وتحويل الجيش إلى وسيلة لقهر الشعب كما يحدث الآن في باكستان.

كما ان هذا النموذج يوضح إن التبعية يمكن إن تؤدي الى إسقاط النظام نفسه، فمن المؤكد أن استمرار نظام مشرف أصبح محمل شك، فالغضب الذي يجتاح شعب باكستان قد يتحول الى حرب أهلية، كما ان الجيش الباكستاني قد يجد نفسه قريباً مضطراً للقيام بانقلاب عسكري جديد ضد مشرف لإنقاذ البلاد من حرب أهلية. ولذلك فإن السحر قد ينقلب على الساحر، ومبالغة أي نظام في الخضوع لأمريكا والإخلاص لها قد تؤدى الى سقوط النظام.

بإرادة الشعب
النظام الذي يريد أن يحقق الاستقرار لابد أن يعتمد على إرادة شعبة؛ ويسعى لتحقيق الشرعية المستمدة من رضاء الشعب عن هذا النظام؛ لكن المبالغة فى التبعية تزيد حدة العداء بين النظام والشعب، وتدفع النظام لارتكاب الكثير من الجرائم لتحقيق مصالح أمريكا، ثم يسقط النظام مهما كانت قوته. إن عملاء أمريكا الذين يبالغون فى إرضائها قد يجرون عليها الكثير من المصائب والكوارث، فهم كالدبة التى تقتل صاحبها، وعملاء أمريكا من العراقيين زينوا لها احتلال العراق، وأغروها بشن العدوان على العراق، فصوروا لها أن العراقيين سوف يستقبلون الجنود الأمريكيين بالزهو والرقص الشرقي، وأمريكا تعانى الآن من الويلات والكوارث التى سببها لها عملاؤها، فالمقاومة العراقية قد لقنت أمريكا درسا قاسيا أهم مفرداته أن العملاء والتابعين والذين يبالغون فى إثبات الولاء قد يدفعون أمريكا الى كارثة. ففي العراق سوف تتعرض أمريكا لأكبر هزيمة فى تاريخها، وليس أمامها سوى الاعتراف بالهزيمة، وفى باكستان أيضا، فإن مبالغة مشرف فى إثبات تبعيته وإخلاصه لأمريكا بقهر الشعب الباكستاني، وتدمير المسجد الأحمر وقتل رجال القبائل سوف يؤدى الى انتشار الفوضى والحرب الأهلية فى باكستان وسيؤدى ذلك الى سقوط النظام وهذا ليس فى مصلحة أمريكا التى تتزايد الكراهية ضدها فى أفغانستان.

جريمة المسجد الأحمر لن تمر بسهولة ولكنها ستجر الكثير من المصائب.. ونظام مشرف يوشك أن ينهار، ولذلك سيلتحم شعب باكستان بطالبان ليعيد تشكيل المنطقة، وسيضطر الناتو الى سحب قواته من أفغانستان لكن ذلك يمكن أن يجر المنطقة الى حرب طويلة ومدمرة بين الهند وباكستان وسيشكل تاريخا جديدا للمنطقة.

وأمريكا سوف تدرك قريبا أن أتباعها وعملاءها قد ورطوها فى حروب طويلة ومدمرة وعرضوها للهزائم، وسوف تدرك أن العدو العاقل خير لها من الصديق التابع الجاهل وسوف تتزايد كراهية الشعوب لأمريكا لأن الشعوب تعرف أن التابعين العملاء يرتكبون جرائمهم إرضاء لأمريكا وبأوامر أمريكية

ليست هناك تعليقات: